معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   صفحات الدراسة (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=1007)
-   -   صفحة الطالبة هناء هلال محمد لدراسة أصول التفسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=23602)

هناء هلال محمد 20 رجب 1436هـ/8-05-2015م 01:10 PM

فهرسة أنواع النسخ في القرآن

معنى النسخ لغة
معنى النسخ اصطلاحا
- أنواع النسخ في القرآن
النوع الأول :
- ما نسخ خطه وحكمه
- أمثلة عليه
- حكمه
- طريقة نسخه
النوع الثاني :
- ما نسخ تلاوته وبقي حكمه
- حكمه : فيه قولان
- القول الأول
- القول الثاني
- السبب في نسخ تلاوة آية الرجم
- الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم
النوع الثالث :
- أمثلة عليه
- أقسام ما اورد المكثرون فيما نسخ حكمه وبقيت تلاوته :
1- قسم ليس من النسخ أو التخصيص في شيء
2- قسم هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ
3- قسم رفع ما كان عليه الأمر في الجاهلية أو في شرائع من قبلنا أو في أول الإسلام ولم ينزل في القرآن
- الحكمة من رفع الحكم وبقاء التلاوة
بيان كثرة ما نسخت تلاوته
حكم من جحد بما نسخت تلاوته
إجماع الصحابة على صنع عثمان في المصاحف وجمعه الناس على المصحف الإمام
الاستدلال بالآيات المنسوخ تلاوتها في التفسير
- أمثلة على ذلك
الاستدلال بالقراءات في التفسير
- أمثلة على التفسير من القراءات
تقسيم مكّي بن أبي طالب لأقسام النسخ في القرآن الكريم

تلخيص فهرسة أنواع النسخ في القرآن

معنى النسخ لغة :
الرفع للشيء
معنى النسخ اصطلاحا :
أن الناسخ يرفع حكم المنسوخ
أنواع المنسوخ في القرآن :
1- ما نسخ خطه وحكمه
2- ما نسخ خطه وبقي حكمه
3- ما نسخ حكمه وبقي خطه
ذكره ابن حزم الأندلسي ، وبن نصر المقري ، وأبو شامة المقدسي ، والسيوطي .
النوع الأول :
- ما نسخ خطه وحكمه
- أمثلة عليه :
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان مما أنزل من القرآن: "عشر رضعات معلومات يحرمن". ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن") رواه الشيخان .
قال الحافظ البيهقي: فالعشر مما نسخ رسمه وحكمه، والخمس مما نسخ رسمه بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوها رسما، وحكمها باق عندنا.
2- عن عمر قال : (إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها) رواه البخاري .
3- عن أنس بن مالك قال : (كنا نقرأ سورة تعدل سورة التوبة ما أحفظ منها إلا هذه الآية [لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا ولو أن له ثالثا لابتغى إليه رابعا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب) ، ذكره ابن حزم وابن نصر المقري.
4- عن ابن مسعود قال : (أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم آية أو قال سورة فحفظتها وكتبتها في مصحفي؛ فلمّا كان اللّيل رجعت إلى مضجعي فلم أرجع منها إلى شيء فغدوت إلى مصحفي فإذا الورقة بيضاء فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: (( يا ابن مسعود تلك رفعت البارحة )) ، ذكره ابن نصر المقري .
- حكمه :
ذكر الزركشي أن هذا النوع لا تجوز قراءته ولا العمل به .
- طريقة نسخه :
محو الآيات من الصدور :
1- عن أبي موسى قال : "كنا نقرأ سورة نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منه: يأيها الذين آمنوا لا تقولوا ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة" أخرجه مسلم .
2- وعن الزهري: أخبرني أبو أمامة بن سهل أن رهطا من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه أن رجلا قام في جوف الليل يريد أن يفتتح سورة كانت قد وعاها فلم يقدر منها على شيء إلا (بسم الله الرحمن الرحيم) فأتى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح ليسأله عن ذلك ثم جاء آخر حتى اجتمعوا فسأل بعضهم بعضا ما جمعهم؟
فأخبر بعضهم بعضا بشأن تلك السورة، ثم أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه خبرهم وسألوه عن السورة فسكت ساعة لا يرجع إليهم شيئا، ثم قال: نسخت البارحة؛ فنسخت من صدورهم ومن كل شيء كانت فيه.
3- وعن الزهري عن سالم عن أبيه قال: قرأ رجلان سورة أقرأهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانا يقرآن بها فقاما ذات ليلة يصليان فلم يقدرا منها على حرف فأصبحا غاديين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال: ((إنها مما نُسخ وأُنسي فالهوا عنها)) .
قال أبو بكر الرازي: نسخ الرسم والتلاوة إنما يكون بأن ينسيهم الله إياه ويرفعه من أوهامهم ويأمرهم بالإعراض عن تلاوته وكتبه في المصحف فيندرس على الأيام كسائر كتب الله القديمة التي ذكرها في كتابه في قوله: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى. صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} الآية [الأعلى: 18-19]، ولا يعرف اليوم منها شيء .
النوع الثاني :
ما نسخ تلاوته وبقي حكمه :
- حكمه
فيه قولان :
- القول الأول :
أنه قرآن يعمل به إذا تلقته الأمة بالقبول ، وهو قول : ابن حزم وابن نصر المقري والزركشي والسيوطي
حجتهم :
1- عن عمر (لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي) رواه البخاري .
2- عن أبي بن كعب قال : (كانت سورة الأحزاب توازي سورة النور فكان فيها، "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما") رواه ابن حبان في صحيحه .
3- عن ابن عمر قال: (لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله، قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر).
4- عن زر بن حبيش قال: قال لي أبي بن كعب: (كم كانت تعد سورة الأحزاب؟) قلنا: ثنتين وسبعين آية أو ثلاثاً وسبعين آية، فقال: (إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم). أخرجه الحاكم في صحيحه .
- القول الثاني :
حكاه القاضي أبو بكر في "الانتصار" وهو أن قوما أنكروا هذا النوع ، لأن الأخبار فيه أخبار آحاد ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيها.
وقد أنكر ابن ظفر في "الينبوع" عد هذا مما نسخ تلاوته، قال: لأن خبر الواحد لا يثبت القرآن ، وإنما هذا المنسأ لا النسخ، وهما مما يلتبسان والفرق بينهما أن المنسأ لفظه قد يعلم حكمه .
- السبب في نسخ تلاوة آية الرجم :
ذكر السيوطي في الإتقان :
1- التخفيف على الأمة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف وإن كان حكمها باقيا؛ لأنه أثقل الأحكام وأشدها وأغلظ الحدود وفيه الإشارة إلى ندب الستر.
2-قال ابن حجر : ولكون العمل على غير الظاهر من عمومها ، أخرج الحاكم من طريق كثير بن الصلت، قال عمر: لما نزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أكتبها؟ فكأنه كره ذلك، فقال عمر: ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ولم يحصن جلد، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم).
3- قال ابن حجر : السبب في رفع تلاوتها هو الاختلاف ، فقد أخرج ابن الضريس في "فضائل القرآن" عن يعلى بن حكيم عن زيد بن أسلم أن عمر خطب الناس، فقال: (لا تشكّوا في الرجم فإنه حق ولقد هممت أن أكتبه في المصحف فسألت أبي بن كعب فقال: أليس أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعت في صدري، وقلت: تستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر).
- الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم :
نقل الزركشي والسيوطي عن صاحب "الفنون" بأن الحكمة في ذلك : (ظهور مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به فيسرعون بأيسر شيء كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام والمنام أدنى طريق الوحي) .
النوع الثالث :
نسخ الحكم وبقاء التلاوة
- أمثلة عليه :
1- عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه : {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه) رواه البخاري .
2- قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} ] هي متقدمة في التلاوة ولكنها منسوخة بقوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البرهان في علوم القرآن].
3- قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} منسوخة بآية الأنفال وهي قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [البرهان في علوم القرآن].
4- قوله: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} الآية [البقرة: 190] قيل: منسوخ بقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البرهان في علوم القرآن].
5- وقوله: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} الآية [الأحقاف: 9] نسختها آيات القيامة والكتاب والحساب ). [البرهان في علوم القرآن]
6- قوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} الآية [النساء]، نسخها قوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} الآية [النور]
7- قوله تعالى: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} الآية [الأنفال: 65]، ثم نسخ ذلك قوله تعالى: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا} إلى قوله: {الصابرين} الآية [الأنفال: 66].
8- كان الجهاد ممنوعا في ابتداء الإسلام، وأمر بالصبر على أذى الكفار بقوله تعالى: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم} إلى قوله: {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور} الآية [آل عمران: 186].
ثم أذن الله – سبحانه وتعالى – في القتال للمسلمين إذا ابتدأهم الكفار بالقتال بقوله: {فإن قاتلوكم فاقتلوهم} الآية [البقرة: 191]،
ثم أباح الله القتال ابتداء لكن في غير الأشهر الحرم بقوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية [التوبة: 5].
ثم أمرهم من غير قيد بشرط ولا زمان بقوله: {واقتلوهم حيث وجدتموهم} الآية [النساء: 89].
- أقسام ما أورده المكثرون فيما نسخ حكمه وبقيت تلاوته :
ذكر الإمام السيوطي أن هذا النوع على الحقيقة قليل جدا وأما ما أورده المكثرون أقسام :
1- قسم ليس من النسخ أو التخصيص في شيء :
أمثلة :
- قوله تعالى: {ومما رزقناهم ينفقون} الآية [البقرة: 3]، و{أنفقوا مما رزقناكم} الآية [ البقرة: 254]، ونحو ذلك قالوا : إنه منسوخ بآية الزكاة
الرد على ذلك : الآية الأولى خبر في معرض الثناء عليهم بالإنفاق وهو من الأمور المندوبة وليس في الآية ما يدل على أنها نفقة واجبة غير الزكاة .
والآية الثانية يصلح حملها على الزكاة وقد فسرت بذلك .
- قوله تعالى: {أليس الله بأحكم الحاكمين} الآية [التين: 8]، قيل: إنها مما نسخ بآية السيف .
الرد على ذلك : أن الله تعالى أحكم الحاكمين أبدا لا يقبل هذا الكلام النسخ وإن كان معناه الأمر بالتفويض وترك المعاقبة.
- قوله : {وقولوا للناس حسنا} الآية [البقرة: 83]، عده بعضهم من المنسوخ بآية السيف.
الرد على ذلك : قال ابن الحصار: بأن الآية حكاية عما أخذه على بني إسرائيل من الميثاق فهو خبر لا نسخ فيه .
2- قسم هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ :
وقد أخطأ من أدخلها من المنسوخ
- كقوله: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا} الآية [العصر: 2-3]،
- وقوله : {والشعراء يتبعهم الغاوون إلا الذين آمنوا} الآية [الشعراء].
- {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره} الآية [البقرة: 109].
- قوله: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} الآية [البقرة: 221]، قيل: أنه نسخ بقوله: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب} الآية [المائدة: 5]، وإنما هو مخصوص به.
3- قسم رفع ما كان عليه الأمر في الجاهلية أو في شرائع من قبلنا أو في أول الإسلام ولم ينزل في القرآن :
كإبطال نكاح نساء الآباء ومشروعية القصاص والدية وحصر الطلاق في الثلاث وهذا إدخاله في قسم الناسخ قريب ولكن عدم إدخاله أقرب، وهو الذي رجحه مكي وغيره ووجهوه: بأن ذلك لو عد في الناسخ لعد جميع القرآن منه إذ كله أو أكثره رافع لما كان عليه الكفار وأهل الكتاب. [الإتقان في علوم القرآن]
- الحكمة في رفع الحكم وبقاء التلاوة :
ذكر الزركشي والسيوطي أن الحكمة في ذلك على وجهين :
1- أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه والعمل به فيتلى لكونه كلام الله فيثاب عليه فتركت التلاوة لهذه الحكمة.
2- أن النسخ غالبا يكون للتخفيف فأبقيت التلاوة تذكيرا للنعمة ورفع المشقة.
بيان كثرة ما نسخت تلاوته :
1- عن ابن عمر قال: (لا يقولن أحدكم: قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله؟ قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر منه)). [فضائل القرآن: 2/155]
2- عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: (كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلى الله عليه وسلم مائتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن)). [فضائل القرآن: 2/155]
3- عن زر بن حبيش، قال: قال لي أبي بن كعب: (يا زر، كأين تعد؟)، أو قال: (كأين تقرأ سورة الأحزاب؟).
قلت: اثنتين وسبعين آية، أو ثلاثا وسبعين آية. فقال: (إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم).
حكم من جحد بما نسخت تلاوته :
قال أبو عبيد : لم يجعل العلماء من جحده كافرا ، ويحكم بالكفر على الجاحد لهذا الذي بين اللوحين خاصة وهو ما ثبت في الإمام الذي نسخه عثمان بإجماع من المهاجرين والأنصار، وإسقاط لما سواه ثم أطبقت عليه الأمة، فلم يختلف في شيء منه، يعرفه جاهلهم كما يعرفه عالمهم، وتوارثه القرون بعضها عن بعض، وتتعلمه الولدان في المكتب .
إجماع الصحابة على صنع عثمان في المصاحف وجمعه الناس على المصحف الإمام :
قال أبوعبيد :
قال علي رضي الله عنه: (لو وليت المصاحف لصنعت فيها الذي صنع عثمان).
قال أبو مجلز: ألا تعجب من حمقهم؛ كان مما عابوا على عثمان تمزيقه المصاحف، ثم قبلوا ما نسخ.
وقال مصعب بن سعد: أدركت الناس حين فعل عثمان ما فعل، فما رأيت أحدا أنكر ذلك، يعني من المهاجرين والأنصار وأهل العلم.
الاستدلال بالآيات المنسوخ تلاوتها في التفسير
قال أبو عبيد :
استشهد أهل العلم بهذه االآيات على تأويل ما بين اللوحين ، وتكون دلائل على معرفة معانيه وعلم وجوهه ، فقد صارت مفسرة للقرآن ، وقد كان بعض التابعين يروى مثل هذا ، فكيف إذا روي عن كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
-أمثلة على ذلك :
1- قراءة حفصة وعائشة: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر).
2- قراءة ابن مسعود: (والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم).
3- قراءة أبي بن كعب: (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاءوا فيهن...).
4- قراءة سعد: (فإن كان له أخ أو أخت من أمه).
5- قراءة ابن عباس: (لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج).
6- قراءة جابر: (فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم).
الاستدلال بالقراءات في التفسير
يعتبر أيضا في التفسير وجه القراءة ، فلو تدبرت وجد فيها علم واسع لمن فهمه .
- أمثلة على التفسير من القراءات :
1- قراءة عبد الله: (يقضي بالحق) في قوله تعالى : (يقص الحق) .
2- قراءة أبي : (تنبئهم) في قوله تعالى : (أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم) .
تقسيم مكّي بن أبي طالب لأقسام النسخ في القرآن الكريم
1- ما رُفع رسمه بغير بدل منه ، وبقي حفظه وحكمه ، كآية الرجم.
2- ما رفع حكمه بحكم آية آخرى وكلاهما ثابت في المصحف وهذا الأكثر في المنسوخ ، كآية الزواني المنسوخة بالجلد في سورة النور .
3- ما فرض العمل به لعلة ثم زال العمل له لزوال العلة ، وبقي متلوا ثابتا في المصحف نحو قوله (وإن فاتكم شيء من أزواجكم
إلى الكفار} -الآية- وقوله تعالى: {وآتوهم ما أنفقوا واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا} وقوله: {فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا}.
4- ما رفع الله رسمه وحكمه وزال حفظه من القلوب ، وهذا يؤخذ فيه بأخبار الآحاد ، نحو ما روي عن أبي موسى أنه قال : نزلت سورةٌ نحو سورة براءة، ثم رفعت .
5- ما رُفع رسمه وزال حكمه ولم يرفع حفظه من القلوب ، ومنع الأجماع من تلاوته على أنه قرآن ، وهذا أيضا يؤخذ فيه بأخبار الآحاد ، كقول عائشة رضي الله عنها في العشر رضعات .
6- نسخ حكم ظاهر متلو ونسخ حكم ما فهم من متلوه ، نحو قوله: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى)، فهم من هذا الخطاب أن السكر في غير قرب الصلاة جائز فنسخ ذلك المفهوم قوله: (فاجتنبوه) إلى قوله: (فهل أنتم منتهون).
7- نسخ السنة بالقرآن المتلو ، نحو ما نسخ الله من فعل النبيّ وأصحابه مما كانوا عليه من الكلام في الصلاة، فنسخه الله بقوله: (وقوموا لله قانتين) ، ونحو استغفاره - صلى الله عليه وسلم- لعمه أبي طالب، فنسخه الله بقوله: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) .

أمل عبد الرحمن 21 رجب 1436هـ/9-05-2015م 10:37 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هناء هلال محمد (المشاركة 200387)
فهرسة أنواع النسخ في القرآن

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هناء هلال محمد (المشاركة 200387)

معنى النسخ لغة
معنى النسخ اصطلاحا
- أنواع النسخ في القرآن
النوع الأول :
- ما نسخ خطه وحكمه
- أمثلة عليه
- حكمه
- طريقة نسخه
النوع الثاني :
- ما نسخ تلاوته وبقي حكمه
- حكمه : فيه قولان
- القول الأول
- القول الثاني
- السبب في نسخ تلاوة آية الرجم
- الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم
النوع الثالث :
- أمثلة عليه
- أقسام ما اورد المكثرون فيما نسخ حكمه وبقيت تلاوته :
1- قسم ليس من النسخ أو التخصيص في شيء
2- قسم هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ
3- قسم رفع ما كان عليه الأمر في الجاهلية أو في شرائع من قبلنا أو في أول الإسلام ولم ينزل في القرآن
- الحكمة من رفع الحكم وبقاء التلاوة
بيان كثرة ما نسخت تلاوته
حكم من جحد بما نسخت تلاوته
إجماع الصحابة على صنع عثمان في المصاحف وجمعه الناس على المصحف الإمام
الاستدلال بالآيات المنسوخ تلاوتها في التفسير
- أمثلة على ذلك
الاستدلال بالقراءات في التفسير
- أمثلة على التفسير من القراءات
تقسيم مكّي بن أبي طالب لأقسام النسخ في القرآن الكريم

تلخيص فهرسة أنواع النسخ في القرآن

معنى النسخ لغة :
الرفع للشيء
معنى النسخ اصطلاحا :
أن الناسخ يرفع حكم المنسوخ
أنواع المنسوخ في القرآن :
1- ما نسخ خطه وحكمه
2- ما نسخ خطه وبقي حكمه
3- ما نسخ حكمه وبقي خطه
ذكره ابن حزم الأندلسي ، وبن نصر المقري ، وأبو شامة المقدسي ، والسيوطي .
النوع الأول :
- ما نسخ خطه وحكمه
- أمثلة عليه :
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان مما أنزل من القرآن: "عشر رضعات معلومات يحرمن". ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن") رواه الشيخان .
قال الحافظ البيهقي: فالعشر مما نسخ رسمه وحكمه، والخمس مما نسخ رسمه بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوها رسما، وحكمها باق عندنا.
2- عن عمر قال : (إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها) رواه البخاري . لكن آية الرجم مما نسخت تلاوته وبقي حكمه..
3- عن أنس بن مالك قال : (كنا نقرأ سورة تعدل سورة التوبة ما أحفظ منها إلا هذه الآية [لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا ولو أن له ثالثا لابتغى إليه رابعا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب) ، ذكره ابن حزم وابن نصر المقري.
4- عن ابن مسعود قال : (أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم آية أو قال سورة فحفظتها وكتبتها في مصحفي؛ فلمّا كان اللّيل رجعت إلى مضجعي فلم أرجع منها إلى شيء فغدوت إلى مصحفي فإذا الورقة بيضاء فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: (( يا ابن مسعود تلك رفعت البارحة )) ، ذكره ابن نصر المقري .
- حكمه :
ذكر الزركشي أن هذا النوع لا تجوز قراءته ولا العمل به . أين ذكر الزركشي هذا الكلام في النوع الأول؟
- طريقة نسخه :
محو الآيات من الصدور :
1- عن أبي موسى قال : "كنا نقرأ سورة نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منه: يأيها الذين آمنوا لا تقولوا ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة" أخرجه مسلم .
2- وعن الزهري: أخبرني أبو أمامة بن سهل أن رهطا من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه أن رجلا قام في جوف الليل يريد أن يفتتح سورة كانت قد وعاها فلم يقدر منها على شيء إلا (بسم الله الرحمن الرحيم) فأتى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح ليسأله عن ذلك ثم جاء آخر حتى اجتمعوا فسأل بعضهم بعضا ما جمعهم؟
فأخبر بعضهم بعضا بشأن تلك السورة، ثم أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه خبرهم وسألوه عن السورة فسكت ساعة لا يرجع إليهم شيئا، ثم قال: نسخت البارحة؛ فنسخت من صدورهم ومن كل شيء كانت فيه.
3- وعن الزهري عن سالم عن أبيه قال: قرأ رجلان سورة أقرأهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانا يقرآن بها فقاما ذات ليلة يصليان فلم يقدرا منها على حرف فأصبحا غاديين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال: ((إنها مما نُسخ وأُنسي فالهوا عنها)) .
قال أبو بكر الرازي: نسخ الرسم والتلاوة إنما يكون بأن ينسيهم الله إياه ويرفعه من أوهامهم ويأمرهم بالإعراض عن تلاوته وكتبه في المصحف فيندرس على الأيام كسائر كتب الله القديمة التي ذكرها في كتابه في قوله: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى. صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} الآية [الأعلى: 18-19]، ولا يعرف اليوم منها شيء .
النوع الثاني :
ما نسخ تلاوته وبقي حكمه :
- حكمه
فيه قولان :
- القول الأول :
أنه قرآن يعمل به إذا تلقته الأمة بالقبول ، وهو قول : ابن حزم وابن نصر المقري والزركشي والسيوطي يعمل به ولا يتلى
حجتهم :
1- عن عمر (لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي) رواه البخاري .
2- عن أبي بن كعب قال : (كانت سورة الأحزاب توازي سورة النور فكان فيها، "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما") رواه ابن حبان في صحيحه .
3- عن ابن عمر قال: (لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله، قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر).
4- عن زر بن حبيش قال: قال لي أبي بن كعب: (كم كانت تعد سورة الأحزاب؟) قلنا: ثنتين وسبعين آية أو ثلاثاً وسبعين آية، فقال: (إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم). أخرجه الحاكم في صحيحه .
- القول الثاني :
حكاه القاضي أبو بكر في "الانتصار" وهو أن قوما أنكروا هذا النوع ، لأن الأخبار فيه أخبار آحاد ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيها.
وقد أنكر ابن ظفر في "الينبوع" عد هذا مما نسخ تلاوته، قال: لأن خبر الواحد لا يثبت القرآن ، وإنما هذا المنسأ لا النسخ، وهما مما يلتبسان والفرق بينهما أن المنسأ لفظه قد يعلم حكمه .هذا القول إنما هو لبعض طوائف أهل البدع وليسوا من أهل السنة، لذا لا يعتبر كلامهم قولا أصلا، ويفصل الرد على من أنكر النسخ في مسألة مستقلة.
- السبب في نسخ تلاوة آية الرجم : الحكمة في .....
ولو فصلت نهاية الملخص يكون أفضل.
ذكر السيوطي في الإتقان :
1- التخفيف على الأمة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف وإن كان حكمها باقيا؛ لأنه أثقل الأحكام وأشدها وأغلظ الحدود وفيه الإشارة إلى ندب الستر.
2-قال ابن حجر : ولكون العمل على غير الظاهر من عمومها ، أخرج الحاكم من طريق كثير بن الصلت، قال عمر: لما نزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أكتبها؟ فكأنه كره ذلك، فقال عمر: ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ولم يحصن جلد، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم).
3- قال ابن حجر : السبب في رفع تلاوتها هو الاختلاف ، فقد أخرج ابن الضريس في "فضائل القرآن" عن يعلى بن حكيم عن زيد بن أسلم أن عمر خطب الناس، فقال: (لا تشكّوا في الرجم فإنه حق ولقد هممت أن أكتبه في المصحف فسألت أبي بن كعب فقال: أليس أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعت في صدري، وقلت: تستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر).
- الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم :
نقل الزركشي والسيوطي عن صاحب "الفنون" بأن الحكمة في ذلك : (ظهور مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به فيسرعون بأيسر شيء كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام والمنام أدنى طريق الوحي) .
النوع الثالث :
نسخ الحكم وبقاء التلاوة
- أمثلة عليه :
1- عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه : {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه) رواه البخاري .
2- قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} ] هي متقدمة في التلاوة ولكنها منسوخة بقوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البرهان في علوم القرآن].
3- قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} منسوخة بآية الأنفال وهي قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [البرهان في علوم القرآن].
4- قوله: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} الآية [البقرة: 190] قيل: منسوخ بقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البرهان في علوم القرآن].
5- وقوله: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} الآية [الأحقاف: 9] نسختها آيات القيامة والكتاب والحساب ). [البرهان في علوم القرآن]
6- قوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} الآية [النساء]، نسخها قوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} الآية [النور]
7- قوله تعالى: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} الآية [الأنفال: 65]، ثم نسخ ذلك قوله تعالى: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا} إلى قوله: {الصابرين} الآية [الأنفال: 66].
8- كان الجهاد ممنوعا في ابتداء الإسلام، وأمر بالصبر على أذى الكفار بقوله تعالى: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم} إلى قوله: {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور} الآية [آل عمران: 186].
ثم أذن الله – سبحانه وتعالى – في القتال للمسلمين إذا ابتدأهم الكفار بالقتال بقوله: {فإن قاتلوكم فاقتلوهم} الآية [البقرة: 191]،
ثم أباح الله القتال ابتداء لكن في غير الأشهر الحرم بقوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية [التوبة: 5].
ثم أمرهم من غير قيد بشرط ولا زمان بقوله: {واقتلوهم حيث وجدتموهم} الآية [النساء: 89].
وبعض الأمثلة المذكورة فيها مبالغة من حيث اعتبارها من المنسوخ، حيث توسع بعض العلماء المتقدمين كثيرا في مسألة النسخ.
- أقسام ما أورده المكثرون فيما نسخ حكمه وبقيت تلاوته :
ذكر الإمام السيوطي أن هذا النوع على الحقيقة قليل جدا وأما ما أورده المكثرون أقسام :
1- قسم ليس من النسخ أو التخصيص في شيء :
أمثلة :
- قوله تعالى: {ومما رزقناهم ينفقون} الآية [البقرة: 3]، و{أنفقوا مما رزقناكم} الآية [ البقرة: 254]، ونحو ذلك قالوا : إنه منسوخ بآية الزكاة
الرد على ذلك : الآية الأولى خبر في معرض الثناء عليهم بالإنفاق وهو من الأمور المندوبة وليس في الآية ما يدل على أنها نفقة واجبة غير الزكاة .
والآية الثانية يصلح حملها على الزكاة وقد فسرت بذلك .
- قوله تعالى: {أليس الله بأحكم الحاكمين} الآية [التين: 8]، قيل: إنها مما نسخ بآية السيف .
الرد على ذلك : أن الله تعالى أحكم الحاكمين أبدا لا يقبل هذا الكلام النسخ وإن كان معناه الأمر بالتفويض وترك المعاقبة.
- قوله : {وقولوا للناس حسنا} الآية [البقرة: 83]، عده بعضهم من المنسوخ بآية السيف.
الرد على ذلك : قال ابن الحصار: بأن الآية حكاية عما أخذه على بني إسرائيل من الميثاق فهو خبر لا نسخ فيه .
2- قسم هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ :
وقد أخطأ من أدخلها من المنسوخ
- كقوله: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا} الآية [العصر: 2-3]،
- وقوله : {والشعراء يتبعهم الغاوون إلا الذين آمنوا} الآية [الشعراء].
- {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره} الآية [البقرة: 109].
- قوله: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} الآية [البقرة: 221]، قيل: أنه نسخ بقوله: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب} الآية [المائدة: 5]، وإنما هو مخصوص به.
3- قسم رفع ما كان عليه الأمر في الجاهلية أو في شرائع من قبلنا أو في أول الإسلام ولم ينزل في القرآن :
كإبطال نكاح نساء الآباء ومشروعية القصاص والدية وحصر الطلاق في الثلاث وهذا إدخاله في قسم الناسخ قريب ولكن عدم إدخاله أقرب، وهو الذي رجحه مكي وغيره ووجهوه: بأن ذلك لو عد في الناسخ لعد جميع القرآن منه إذ كله أو أكثره رافع لما كان عليه الكفار وأهل الكتاب. [الإتقان في علوم القرآن]
- الحكمة في رفع الحكم وبقاء التلاوة :
ذكر الزركشي والسيوطي أن الحكمة في ذلك على وجهين :
1- أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه والعمل به فيتلى لكونه كلام الله فيثاب عليه فتركت التلاوة لهذه الحكمة.
2- أن النسخ غالبا يكون للتخفيف فأبقيت التلاوة تذكيرا للنعمة ورفع المشقة.
بيان كثرة ما نسخت تلاوته :
1- عن ابن عمر قال: (لا يقولن أحدكم: قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله؟ قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر منه)). [فضائل القرآن: 2/155]
2- عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: (كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلى الله عليه وسلم مائتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن)). [فضائل القرآن: 2/155]
3- عن زر بن حبيش، قال: قال لي أبي بن كعب: (يا زر، كأين تعد؟)، أو قال: (كأين تقرأ سورة الأحزاب؟).
قلت: اثنتين وسبعين آية، أو ثلاثا وسبعين آية. فقال: (إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم).
حكم من جحد بما نسخت تلاوته :
قال أبو عبيد : لم يجعل العلماء من جحده كافرا ، ويحكم بالكفر على الجاحد لهذا الذي بين اللوحين خاصة وهو ما ثبت في الإمام الذي نسخه عثمان بإجماع من المهاجرين والأنصار، وإسقاط لما سواه ثم أطبقت عليه الأمة، فلم يختلف في شيء منه، يعرفه جاهلهم كما يعرفه عالمهم، وتوارثه القرون بعضها عن بعض، وتتعلمه الولدان في المكتب .
إجماع الصحابة على صنع عثمان في المصاحف وجمعه الناس على المصحف الإمام :
قال أبوعبيد :
قال علي رضي الله عنه: (لو وليت المصاحف لصنعت فيها الذي صنع عثمان).
قال أبو مجلز: ألا تعجب من حمقهم؛ كان مما عابوا على عثمان تمزيقه المصاحف، ثم قبلوا ما نسخ.
وقال مصعب بن سعد: أدركت الناس حين فعل عثمان ما فعل، فما رأيت أحدا أنكر ذلك، يعني من المهاجرين والأنصار وأهل العلم.
الاستدلال بالآيات المنسوخ تلاوتها في التفسير
قال أبو عبيد :
استشهد أهل العلم بهذه االآيات على تأويل ما بين اللوحين ، وتكون دلائل على معرفة معانيه وعلم وجوهه ، فقد صارت مفسرة للقرآن ، وقد كان بعض التابعين يروى مثل هذا ، فكيف إذا روي عن كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
-أمثلة على ذلك :
1- قراءة حفصة وعائشة: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر).
2- قراءة ابن مسعود: (والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم).
3- قراءة أبي بن كعب: (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاءوا فيهن...).
4- قراءة سعد: (فإن كان له أخ أو أخت من أمه).
5- قراءة ابن عباس: (لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج).
6- قراءة جابر: (فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم).
الاستدلال بالقراءات في التفسير يعتبر بها أوجه القراءة
يعتبر أيضا في التفسير وجه القراءة ، فلو تدبرت وجد فيها علم واسع لمن فهمه .
- أمثلة على التفسير من القراءات :
1- قراءة عبد الله: (يقضي بالحق) في قوله تعالى : (يقص الحق) .
2- قراءة أبي : (تنبئهم) في قوله تعالى : (أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم) .
لو أخرت هذه المسألة المتعلقة بالتفسير والقراءات لنهاية الملخص لكان أحسن.
تقسيم مكّي بن أبي طالب لأقسام النسخ في القرآن الكريم
1- ما رُفع رسمه بغير بدل منه ، وبقي حفظه وحكمه ، كآية الرجم.
2- ما رفع حكمه بحكم آية آخرى وكلاهما ثابت في المصحف وهذا الأكثر في المنسوخ ، كآية الزواني المنسوخة بالجلد في سورة النور .
3- ما فرض العمل به لعلة ثم زال العمل له لزوال العلة ، وبقي متلوا ثابتا في المصحف نحو قوله (وإن فاتكم شيء من أزواجكم
إلى الكفار} -الآية- وقوله تعالى: {وآتوهم ما أنفقوا واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا} وقوله: {فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا}.
4- ما رفع الله رسمه وحكمه وزال حفظه من القلوب ، وهذا يؤخذ فيه بأخبار الآحاد ، نحو ما روي عن أبي موسى أنه قال : نزلت سورةٌ نحو سورة براءة، ثم رفعت .
5- ما رُفع رسمه وزال حكمه ولم يرفع حفظه من القلوب ، ومنع الأجماع من تلاوته على أنه قرآن ، وهذا أيضا يؤخذ فيه بأخبار الآحاد ، كقول عائشة رضي الله عنها في العشر رضعات .
6- نسخ حكم ظاهر متلو ونسخ حكم ما فهم من متلوه ، نحو قوله: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى)، فهم من هذا الخطاب أن السكر في غير قرب الصلاة جائز فنسخ ذلك المفهوم قوله: (فاجتنبوه) إلى قوله: (فهل أنتم منتهون).
7- نسخ السنة بالقرآن المتلو ، نحو ما نسخ الله من فعل النبيّ وأصحابه مما كانوا عليه من الكلام في الصلاة، فنسخه الله بقوله: (وقوموا لله قانتين) ، ونحو استغفاره - صلى الله عليه وسلم- لعمه أبي طالب، فنسخه الله بقوله: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين)
مع التنبيه أن المنسوخ من السنة وليس من القرآن، فهو ليس تابعا للتقسيم المذكور بل ربما ذكره مكي للفائدة.


أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك
بقيت مسائل يسيرة يمكنك التعرف عليها من خلال هذا الموضوع
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...527#post200527

التقييم :
أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 30 / 24
ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) : 20 / 18
ثالثاً: التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) : 20 / 18
رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) : 15 / 15
خامساً: العرض
(حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 15 / 15

= 90 %
وفقك الله

أمل عبد الرحمن 9 شعبان 1436هـ/27-05-2015م 10:57 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هناء هلال محمد (المشاركة 197681)
تلخيص رسالة ابن رجب الحنبلي
تفسير قوله تعالى : {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}
مقاصد الرسالة :
1- دلالة الآية على ثبوت الخشية للعلماء بالاتفاق
أ- دلالة {إنما} اللغوية .
ب- الأقوال في {ما} .
2 - دلالة الآية على نفي الخشية من غير العلماء .
أ- فائدة دخول {ما} الكافة على {إن} .
ب- الخلاف في إفادة {ما} على النفي :
- هل هو بطريق المنطوق أم المفهوم ؟
- أقسام من يقول بدلالة {ما} على النفي بطريق المفهوم .
- دلالة {ما} على النفي هل بطريق النص أم الظاهر ؟
ج- الخلاف في إفادة {ما} للحصر :
د- الرد على من قال أن {ما} لا تفيد الحصر ولا تثبت معنى زائد.
3- دلالة الآية على نفي العلم من غير أهل الخشية .
4- ثبوت الخشية لأفراد العلماء :
5- أقوال السلف في تفسير الآية .
6- بيان أن العلم يوجب الخشية ، وفقده يستلزم فقد الخشية .
7- علاقة العلم بالخشية .
8- أكمل وجوه العلم .
9- أنواع العلماء .
مسائل استطرادية :
1- أقوال العلماء في التائب هل يعود إلى ما كان عليه قبل المعصية ؟
2- هل يجزم بقبول التوبة إذا استكملت شروطها ؟
3- العقوبات التي تلحق من عفي عنه بغير أسباب مكفرة .
4- تبعات الذنوب وعواقبها .
5- تبعات الطاعات وثوابها .
6- دور العقل في التحسين والتقبيح .

تلخيص رسالة ابن رجب الحنبلي
تفسير قوله تعالى : {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}
مقاصد الرسالة :
1- دلالة الآية على ثبوت الخشية للعلماء بالاتفاق :
1- صيغة {إنما} تقتضي ثبوت المذكور بالاتفاق .
أ- دلالة {إنما} اللغوية :
الجمهور على أن {إن} تفيد التأكيد ، و{ما} فهي كافة .
ب- الأقوال في {ما} :
1- جمهور النحاة أنها زائدة تدخل على إن وأخواتها فتكفها عن العمل .
2- ذهب بعض الكوفيين وابن دستوريه درستويه إلى أن {ما} هنا اسم مبهم بمنزلة ضمير الشأن ، والجملة بعده مفسرة له .
3- ذهبت طائفة من الأصوليين إلى أن {ما} هنا نافية وتفيد الحصر ، وأن {إن} تفيد الإثبات ، و{ما} تفيد النفي ، ومن هؤلاء أبي علي الفارسي . نسب القول إليه لكنه ليس مراده على الحقيقة.
وهذا القول باطل باتفاق أهل المعرفة باللسان لأن {إن} تفيد توكيد الكلام نفيا كان أو إثباتا ، وما زائدة كافة لا نافية .
4- {ما} هنا بمعنى الذي ، والعلماء خبر والعائد مستتر في يخشى .
2 - دلالة الآية على نفي الخشية من (عن) غير العلماء .
أ- فائدة دخول {ما} الكافة على {إن} :
الجمهور على أن {ما} هي الكافة ، وإذا دخلت على {إن} تفيد الحصر ، وهو قول ابن عقيل والقاضي .
ب- الخلاف في إفادة {ما} على النفي :
اختلف أهل اللغة في دلالة ما على النفي .
- هل هو بطريق المنطوق أم المفهوم ؟
1- ذهبت طائفة إلى أنها تدل على النفي بالمنطوق كالاستثناء سواء.
2- وذهبت طائفة أنها تدل على النفي بالمفهوم .
- أقسام من يقول بدلالة {ما} على النفي بطريق المفهوم :
ومن قال بدلالتها على النفي بالمفهوم قسمان :
1- من يرى كون المفهوم حجة بالكلية كالحنفية .
2- من يراه حجة من الجملة ، ولكن ينفيه هنا لقيام الدليل عنده على أنه لا مفهوم لها .
- دلالة {ما} على النفي هل بطريق النص أم الظاهر ؟
1- ذهب بعضهم أنها تدل على الحصر ظاهرا ويحتمل التأكيد .
2- وذهب البعض على أنها تدل على النفي والإثبات كليهما بطريق النص .
ج- الخلاف في إفادة {ما} للحصر :
1- الأدلة على ورود {ما} لغير الحصر :
قوله تعالى : { {إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربّهم يتوكّلون} ، وقوله عليه الصلاة والسلام "إنما الربا في النسيئة" وغير ذلك .
2- الأدلة على أن أغلب موارد {ما} لا تكون للحصر :
مثل قوله تعالى : {إنما الله إله واحد} ، وقوله : {إنما أنا بشر مثلكم} ، وقوله : {إنما أنت منذر} .
والصواب: أنّها تدلّ على الحصر، ودلالتها عليه معلومٌ بالاضطرار من لغة العرب، كما يعلم من لغتهم بالاضطرار معاني حروف الشرط والاستفهام والنفي والنّهي وغير ذلك ولهذا يتوارد "إنّما" وحروف الشرط والاستفهام والنّفي الاستثناء كما في قوله تعالى: {إنّما تجزون ما كنتم تعملون} ، ولهذا كانت كلّها واردةً في سياق نفي الشرك وإبطال إلهية سوى اللّه سبحانه .
د- الرد على من قال أن {ما} الكافة أكثر ما تفيده قوة التوكيد ولا تثبت معنى زائد:
1- أن ما الكافة إذا دخلت على الحرف تثبت معنى زائدا مثل قول ابن مالك أنها إذا دخلت على الباء تفيد التقليل كقول الشاعر :
فالآن صرت لا تحيد جوابًا ....... بما قد يرى وأنت حطيب
وكذلك إذا دخلت على الكاف تفيد معنى التعليل كقوله تعالى : {واذكروه كما هداكم} .
2- قول : {إن} تفيد التوكيد ، و{ما} الزائدة تقوي التوكيد لا يمنع ذلك أنها تفيد الحصر الذي يخرج عن إفادة قوة معنى التوكيد .
3- استعمال {إن} المكفوفة في الحصر صار حقيقة عرفية ، فدلالة إنما على الحصر هو بطريق العرف والاستعمال وليس بأصل وضع اللغة .
3- دلالة الآية على نفي العلم من (عن) غير أهل الخشية :
1- فمن جهة الحصر أيضا فإنّ الحصر المعروف المطرد فهو حصر الأول في الثاني، وهو هاهنا حصر الخشية في العلماء، وأما حصر الثاني في الأول فقد ذكره الشيخ أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - وأنه قد يكون مرادًا أيضًا فيصير الحصر من الطرفين ويكونان متلازمين، ومثل ذلك كقوله: {إنّما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرّحمن بالغيب}
2- وكذلك الحصر في قوله: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء} فتقتضي أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالم، وتقتضي أيضًا أنّ العالم من يخشى اللّه .
4- ثبوت الخشية لأفراد العلماء :
اختلف السلف في ثبوت الخشية هل هي لجنس العلماء ، أم لأفراد العلماء ، والراجح أنها لكل فرد من العلماء من جهتين :
1- إن الحصر هنا من الطرفين ، حصر الأول في الثاني والثاني في الأول ، فكل من خشى الله فهو عالم ، وكل عالم هو يخشي الله ، ومن لا يخشى الله فليس بعالم .
2- قال ابن تيمية : أن المحصور مقتضى للمحصور فيه فهو عام ، فإن العلم بما أنذرت به الرسل يوجب الخوف .
5- أقوال السلف في تفسير الآية :
تنوعت أقوال السلف في تفسير الآية :
- عن ابن عباس قال: "يريد: إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزّتي وجلالي وسلطاني ".
- عن مجاهدٍ والشعبيّ: "العالم من خاف اللّه ".
- عن ابن مسعودٍ قال: "كفى بخشية اللّه علمًا وكفى بالاغترار باللّه جهلاً".
- ذكر ابن أبي الدنيا عن عطاءٍ الخراسانيّ في هذه الآية: "العلماء باللّه الذين يخافونه ".
- عن الربيع بن أنسٍ في هذه الآية قال: من لم يخش اللّه فليس بعالمٍ.
-عن الربيع عن أبي العالية في قوله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء} قال: "الحكمة الخشية فإنّ خشية اللّه رأس كلّ حكمةٍ".
- روى الدارميّ من طريق عكرمة عن ابن عباسٍ: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء} قال: "من خشي اللّه فهو عالمٌ ".
- عن يحيى بن جعدة، عن عليٍّ قال: "يا حملة العلم، اعملوا به فإنّما العالم من عمل بما علم فوافق علمه عمله، وسيكون أقوامٌ يحملون العلم ولا يجاوز تراقيهم، يخالف علمهم عملهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم.
6- بيان أن العلم يوجب الخشية ، وفقده يستلزم فقد الخشية :
1- أن العلم باللّه تعالى وما له من الأسماء والصفات كالكبرياء والعظمة والجبروت، والعزة وغير ذلك يوجب خشيته، وعدم ذلك يستلزم فقد هذه الخشية، وبهذا فسّر الآية ابن عباسٍ، فقال: "يريد إنما يخافني من علم جبروتي، وعزتي، وجلالي، وسلطاني "، ويشهد لهذا قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعلمكم باللّه وأشدّكم له خشيةً" وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا"
2- أن الغفلة تمنع الخشية ، وتوقع في المحظورات ، والغفلة ضد العلم ، والغفلة والشهوة أصل الشر ، لكن الشهوة لا توجب فعل السيئات إلا مع الجهل ، ومن هنا يُعلم معنى قول النبيًّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن "
3- أن تصور المخوف يوجب الهرب منه ، وتصور حقيقة المحبوب توجب طلبه ، فإذا لم يهرب من هذا ولم يطلب هذا دل ذلك على أن تصوره ليس تاما ، وفي الأثر المعروف عن الحسن وروي مرسلاً عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "العلم علمان، فعلم في القلب، فذاك العلم النافع، وعلمٌ على اللسان، فذاك حجة الله على ابن آدم ".
4- أن الجهل هو الذي جرأ العاصي على الوقوع في الكثير من الذنوب ، ولو كان عالما بحقيقة قبح الذنب لتركه خشية عقابه ، ولذا كان السلف على صحة التوبة من بعض الذنوب دون بعض خلافا للمعتزلة ، فأصل الخشية موجود لكنها غير تامة .
5- أصل ما يوقع الناس في السيئات الجهل وعدم العلم بأنها تضرهم ضررا راجحا ، أو ظن أنها تنفعهم نفعا راجحا ، ولهذا فإن الشيطان يزينها ويذكر محاسنها التي يظن أنها منافع لا مضار ، قال تعالى : {ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلّا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين} .
6- أن لذة الذنوب سريعة الانقضاء ، وعقوباتها أضعاف ذلك ، فلا يؤثر لذات الذنوب إلا من هو جاهل بحقيقة عواقبها .
7- ظن المقدم على مواقعة المحظور أنه سيحصل له لذته العاجلة ، ويتخلص من تبعته بأي سبب من الأسباب فينال اللذة ولا يلحق به الضرر ، وهذا من أعظم الجهل .
7- علاقة العلم بالخشية :
1- يستلزم الخشية العلم بالله بجلالة وعظمته ، وهو ما فسر به الآية جماعة من السلف .
2- أن الخشية تكون ملازمة للعلم بأوامر الله ونواهيهه وأحكامه وشرائعه .
3- بانتفاء العلم ينتفي الخشية ، لأن العلم له موجب ومقتضى يدل عليه .
8- أكمل وجوه العلم :
هو العلم بالله بجلاله وصفاته وعظمته ، والعلم بأوامر الله ونواهيهه وأحكامه وشرائعه ، وهو حالة الأنبياء والصديقين والعلماء الكُمّل .
9- أنواع العلماء :
1- فالعالم باللّه وبأوامر اللّه: الذي يخشى اللّه ويعلم الحدود والفرائض ، وهو أفضلهم .
2- العالم باللّه ليس بعالم بأمر اللّه: الذي يخشى اللّه ولا يعلم الحدود والفرائض.
3- العالم بأمر اللّه ليس بعالم باللّه: الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى اللّه عزّ وجلًّ.
مسائل استطرادية : هذه المسائل لا تعتبر استطرادات بل هي متصلة بمقاصد الآية.
1- أقوال العلماء في التائب : هل يعود إلى ما كان عليه قبل المعصية ؟
على قولين معروفين، والقول بأنه لا يمكن عوده إلى ما كان عليه قول أبي سليمان الدّرانيّ وغيره .
2- هل يجزم بقبول التوبة إذا استكملت شروطها ؟
على قولين: فالقاضي أبو بكر وغيره من المتكلمين على أنّه لا يجزم بذلك، ولكنّ أكثر أهل السنة والمعتزلة وغيرهم على أنه يقطع بقبولها
3- العقوبات التي تلحق من عفي عنه بغير أسباب مكفرة :
1- ما فاته من ثواب المحسنين كما قال تعالى: {أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون
2- ما يلحقه من الخجل والحياة من الله عند عرضه عليه وتقريره بأعماله كما في حديث أبي هريرة .
4- تبعات الذنوب وعواقبها :
إن المعاصي تغلق أبواب الجنة المعجلة، وتفتح أبواب الجحيم العاجلة من الهمّ والغمّ، والضيق والحزن والتكدر وقسوة القلب وظلمته وبعده عن الربّ - عزّ وجلّ - وعن مواهبه السّنيّة الخاصة بأهل التقوى.
5- تبعات الطاعات وثوابها :
إن في الطاعة من اللذة والسرور والابتهاج والطمأنينة وقرة العين أمر ثابتٌ بالنصوص المستفيضة وهو مشهودٌ محسوسٌ يدركه بالذوق والوجد من حصل له ولا يمكن التعبير بالكلام عن حقيقته، والآثار عن السلف والمشايخ العارفين في هذا الباب كثيرةٌ موجودةٌ حتّى كان بعض السلف يقول: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ".
6- دور العقل في التحسين والتقبيح .
على قولين : كأبي الحسن التميمي وأبي الخطاب على أنّ ذلك لا يجوز عقلاً أيضا ، وأما من قال بوقوع مثل ذلك شرعًا فقوله شاذٌ مردودٌ.
والصواب : ما أمر اللّه به عباده فهو عين صلاحهم وفلاحهم في دنياهم وآخرتهم ، فإنّ حقيقة العبد وخاصيته هي قلبه وروحه ولا صلاح له إلا بتألهه لإلهه الحقّ الذي لا إله إلا هو .
وكذلك ما حرّمه اللّه على عباده وهو عين فسادهم وضررهم في دينهم ودنياهم، ولهذا حرّم عليهم ما يصدّهم عن ذكره وعبادته كما حرم الخمر والميسر ، فلا دور للعقل في التحسين والتقبيح .


بارك الله فيك ونفع بك
وهذا نموذج للتلخيص للفائدة:

تلخيص رسالة في تفسير قوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}
لابن رجب الحنبلي رحمه الله.


عناصر الرسالة:

دلالة الآية على إثبات الخشية للعلماء
دلالة الآية على نفي الخشية عن غير العلماء
دلالة الآية على نفي العلم عن غير أهل الخشية
● الأقوال الواردة عن السلف في تفسير الآية.
● بيان أن العلم يوجب الخشية وأن فقده يستلزم فقد الخشية
● بيان أن فقد الخشية يستلزم فقد العلم
بيان العلم النافع الذي يوجب خشية الله تعالى.

● فوائد
• إثبات الخشية للعلماء يقتضي ثبوتها لكل واحد منهم
أصل العلم النافع العلم باللّه.
قابلية ما في القلب من التصديق والمعرفة للزيادة والنقصان هو ما كان عليه الصحابة والسلف من أهل السنة.
• صحة التوبة من بعض الذنوب دون بعضٍ هو الذي عليه السلف وأئمة السنة خلافًا لبعض المعتزلة.
• هل يمكن للتائب أن يعود إلى ما كان عليه قبل المعصية؟

• هل يجزم بقبول التوبة إذا استكملت شروطها؟

• هل يمحى الذنب من صحيفة العبد إذا تاب؟

ومن هذا قول الفضيل بن عياضٍ: "بالموقف واسوءتاه منك وإن عفوت ".
• هل يمحى الذنب من صحيفة العبد إذا تاب؟

• أمر الله للعباد إنما يكون بما فيه صلاحهم ونهيه إنما يكون عما فيه فسادهم.

فائدة في قوله تعالى: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (102)}.
• خلاصة القول في نوع "ما" الداخلة على "إنّ"
.
• خلاصة
القول في إفادة "إنّما" للحصر.


تلخيص المسائل الواردة في تفسير ابن رجب رحمه الله لقوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}.



● دلالة الآية على إثبات الخشية للعلماء
دلت الآية على إثبات الخشية للعلماء من صيغة "إنما" التي تقتضي تأكد ثبوت المذكور بالاتّفاق؛ لأنّ خصوصية "إن" إفادة التأكيد، وأمّا


● دلالة الآية على نفي الخشية عن غير العلماء
دلت الآية على نفي الخشية عن غير العلماء
من صيغة "إنّما" أيضا لأنّ "ما" الكافة إذا دخلت على "إنّ " أفادت الحصر وهو قول الجمهور.
"ما"فالجمهور على أنّها كافةٌ.
- واختلفوا في دلالتها على النفي هل هو بطريق المنطوق، أو بطريق المفهوم؟
فقال كثيرٌ من الحنابلة، كالقاضي في أحد قوليه وصاحب ابن المنّي والشيخ موفّق الدّين: إنّ دلالتها على النفي بالمنطوق كالاستثناء سواء وهو قول أبي حامد، وأبي الطيب من الشافعية، والجرجاني من الحنفية.
وذهبت طائفةٌ منهم كالقاضي في قوله الآخر وابن عقيلٍ والحلوانيإلى أنّ دلالتها على النفي بطريق المفهوم وهو قول كثيرٍ من الحنفية، والمتكلمين.
- واختلفوا أيضًا هل دلالتها على النفي بطريق النّص، أو الظاهر؟

فقالت طائفة: إنّما تدلّ على الحصر ظاهرًا، أو يحتمل التأكيد، وهذا الذي حكاه الآمديّ عن القاضي أبي بكرٍ، والغزاليّ، والهرّاسيّ، وغيرهم من الفقهاء وهو يشبه قول من يقول إنّ دلالتها بطريق المفهوم فإنّ أكثر دلالات المفهوم بطريق الظاهر لا النّص.
وظاهر كلام كثيرٍ من الحنابلة وغيرهم، أن دلالتها على النّفي والإثبات كليهما بطريق النّص لأنّهم جعلوا "إنّما" كالمستثنى والمستثنى منه سواء وعندهم أن الاستثناء من الإثبات نفيٌ ومن النفي إثباتٌ، نصًّا لا محلاً.

● دلالة الآية على نفي العلم عن غير أهل الخشية
دلت الآية على نفي العلم عن غير أهل الخشية، من جهة الحصر أيضا فإنّ الحصر المعروف المطرد فهو حصر الأول في الثاني، وهو هاهنا حصر الخشية في العلماء، وأما حصر الثاني في الأول فقد ذكره الشيخ أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - وأنه قد يكون مرادًا أيضًا فيصير الحصر من الطرفين ويكونان متلازمين، فيكون قوله: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء} يقتضي أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالم، ويقتضي أيضًا أنّ العالم من يخشى اللّه.

● الأقوال الواردة عن السلف في تفسير الآية
ما ورد عن السلف في تفسير الآية يوافق ما سبق من إثبات الخشية للعلماء ونفيها عن غيرهم ونفي العلم عن غير أهل الخشية.
- فعن ابن عباس قال: "يريد: إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزّتي وجلالي وسلطاني ".
- وعن مجاهدٍ والشعبيّ: "العالم من خاف اللّه ".
- وعن ابن مسعودٍ قال: "كفى بخشية اللّه علمًا وكفى بالاغترار باللّه جهلاً".
- وعن الربيع بن أنسٍ في هذه الآية قال: من لم يخش اللّه فليس بعالمٍ، ألا ترى أنّ داود قال: ذلك بأنّك جعلت العلم خشيتك، والحكمة والإيمان بك، وما علم من لم يخشك وما حكمة من لم يؤمن بك؟
- وعن الربيع عن أبي العالية في قوله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء}قال: "الحكمة الخشية فإنّ خشية اللّه رأس كلّ حكمةٍ".
- وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "لا يكون الرجل عالما حتّى لا يحسد من فوقه ولا يحقر من دونه، ولا يبتغي بعلمه ثمنًا".
وعن أبي حازمٍ نحوه.
- ومنه قول الحسن: "إنما الفقيه الزاهد في الدّنيا، الراغب في الآخرة، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربّه ".
- وعن عبيد اللّه بن عمر أنّ عمر بن الخطاب سأل عبد اللّه بن سلامٍ: "من أرباب ألعلم؟قال: الذين يعملون بما يعلمون ".
- وسئل الإمام أحمد عن معروفٍ، وقيل له: هل كان معه علمٌ؟فقال: "كان معه أصل العلم، خشية اللّه عزّ وجلّ ".
ويشهد لهذا قوله تعالى: {أمّن هو قانتٌ آناء اللّيل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون). وكذلك قوله تعالى: (إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ ثمّ يتوبون من قريبٍ}.
وقوله: {أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفورٌ رّحيمٌ}.
وقوله: {ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ ثمّ تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ (119)}.
- قال أبو العالية: "سألت أصحاب محمدٍ عن هذه الآية: {إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ ثمّ يتوبون من قريبٍ}
فقالوا: كلّ من عصى اللّه فهو جاهلٌ، وكلّ من تاب قبل الموت فقد تاب من قريبٍ ".
- وروي عن مجاهدٍ، والضحاك، قالا: "ليس من جهالته أن لا يعلم حلالاً ولا حرامًا، ولكن من جهالته حين دخل فيه ".

● بيان أن العلم يوجب الخشية وأن فقده يستلزم فقد الخشية.
وبيان ذلك من وجوه:
الوجه الأول:
أن العلم باللّه تعالى وما له من الأسماء والصفات كالكبرياء والعظمة والجبروت، والعزة وغير ذلك يوجب خشيته، وعدم ذلك يستلزم فقد هذه الخشية.
ولهذا فسّر الآية ابن عباسٍ، فقال: "يريد إنما يخافني من علم جبروتي، وعزتي، وجلالي، وسلطاني ".
ويشهد له قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعلمكم باللّه وأشدّكم له خشيةً"
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا"
وفي "المسند" وكتاب الترمذيّ وابن ماجة من حديث أبي ذرٍّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون إنّ السماء أطّت وحقّ لها أن تئطّ، ليس فيها موضع أربع أصابع إلا وملكٌ واضعٌ جبهته ساجدٌ للّه - عز وجلّ - واللّه لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عزّ وجلّ ".

وقال الترمذيّ: حسنٌ غريبٌ.

الوجه الثاني: أنّ العلم بتفاصيل أمر اللّه ونهيه، والتصديق الجازم بذلك وبما يترتب عليه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب، مع تيقن مراقبة اللّه واطّلاعه، ومشاهدته، ومقته لعاصيه وحضور الكرام الكاتبين، كلّ هذا يوجب الخشية، وفعل المأمور وترك المحظور.
وإنّما يمنع الخشية ويوجب الوقوع في المحظورات الغفلة عن استحضار هذه الأمور، والغفلة من أضداد العلم، والغفلة والشهوة أصل الشرّ، قال تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (28)}.

والشهوة وحدها، لا تستقلّ بفعل السيئات إلا مع الجهل، فإنّ صاحب الهوى لو استحضر هذه الأمور المذكورة وكانت موجودةً في ذكره، لأوجبت له الخشية القامعة لهواه، ولكنّ غفلته عنها مما يوجب نقص إيمانه الذي أصله التصديق الجازم المترتب على التصور التام،
ولهذا كان ذكر اللّه وتوحيده والثناء عليه يزيد الإيمان، والغفلة والإعراض عن ذلك يضعفه وينقصه، كما كان يقول من يقول من الصحابة: "اجلسوا بنا نؤمن ساعة".

الوجه الثالث: أنّ تصور حقيقة المخوف يوجب الهرب منه، وتصور حقيقة المحبوب توجب طلبه فإذا لم يهرب من هذا ولم يطلب هذا دلّ على أنًّ تصوره لذلك ليس تامًّا، وإن كان قد يصور الخبر عنه.
وتصور الخبر وتصديقه وحفظ حروفه غير تصوّر المخبر به فإذا أخبر بما هو محبوبٌ أو مكروهٌ له، ولم يكذّب الخبر بل عرف صدقه لكن قلبه مشغولٌ بأمور أخرى عن تصور ما أخبر به، فهذا لا يتحرك للهرب ولا للطلب، في الأثر المعروف عن الحسن وروي مرسلاً عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "العلم علمان، فعلم في القلب، فذاك العلم النافع، وعلمٌ على اللسان، فذاك حجة الله على ابن آدم ".

الوجه الرابع: أنّ كثيرًا من الذنوب قد يكون سبب وقوعه جهل فاعله بحقيقة قبحه وبغض اللّه له وتفاصيل الوعيد عليه وإن كان عالمًا بأصل تحريمه وقبحه لكنّه يكون جاهلاً بما ورد فيه من التغليظ والتشديد ونهاية القبح.
فيكون جهله بذلك هو الذي جرّأه عليه وأوقعه فيه، ولو كان عالمًا بحقيقة قبحه لأوجب ذلك العلم تركه خشيةً من عقابه.

الوجه الخامس: أنّ الله جعل في النفس حبًّا لما ينفعها وبغضًا لما يضرّها، فلا يفعل ما يجزم بأنه يضرّها ضررًا راجحًا، لذلك لا يقدم عاقل على فعل ما يضرّه مع علمه بما فيه من الضرر إلا لظنّه أنّ منفعته راجحة إمّا بأن يجزم بأن ضرره مرجوح، أو يظنّ أن خيره راجح.
فالزاني والسارق ونحوهما، لو حصل لهم جزم بإقامة الحدود عليهم من الرجم والقطع ونحو ذلك، لم يقدموا على ذلك، فإذا علم هذا فأصل ما يوقع الناس في السيئات الجهل وعدم العلم بأنها تضرهم ضررًا راجحًا، أو ظنّ أنها تنفعهم نفعًا راجحًا، وذلك كلّه جهل إما بسيط وإمّا مركب.
ومثال هذا ما جاء في قصة آدم أنه: {يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى (120) فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما}.

قال: {ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلّا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (20)}.
وقال تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ (36) وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون (37)}.
فالفاعل للذنب لو جزم بأنه يحصل له به الضرر الراجح لم يفعله، لكنه يزين له ما فيه من اللذة التي يظنّ أنها مصلحة، ولا يجزم بوقوع عقوبته، بل يرجو العفو بحسناتٍ أو توبةٍ أو بعفو الله ونحو ذلك، وهذا كله من اتباع الظن وما تهوى الأنفس، ولو كان له علم كامل لعرف به رجحان ضرر السيئة، فأوجب له ذلك الخشية المانعة له من مواقعتها.

الوجه السادس: وهو أن لذّات الذنوب لا نسبة لها إلى ما فيها من الآلام والمفاسد البتة فإنّ لذاتها سريعة الانقضاء وعقوباتها وآلامها أضعاف ذلك.
ولهذا قيل: "إن الصبر على المعاصي أهون من الصبر على عذاب اللّه، وقيل: "ربّ شهوة ساعة أورثت حزنًا طويلاً".
- ما في الذنوب من اللذات كما في الطعام الطيب المسموم من اللذة، فهي مغمورة بما فيه من المفسدة ومؤثر لذة الذنب كمؤثر لذة الطعام المسموم الذي فيه من السموم ما يمرض أو يقتل ومن هاهنا يعلم أنه لا يؤثر لذات الذنوب إلا من هو جاهل بحقيقة عواقبها.
-
المذنب قد لا يتمكن من التوبة، فإنّ من وقع في ذنبٍ تجرّأ عليه عمره وهان عليه خوض الذنوب وعسر عليه الخلاص منها ولهذا قيل: "من عقوبة الذنب: الذنب بعده ".
- إذا قدّر للمذنب أنه تاب منه فقد لا يتمكن من التوبة النصوح الخالصة التي تمحو أثره بالكلية.
- وإن قدّر أنه تمكن من ذلك، فلا يقاوم اللذة الحاصلة بالمعصية ما في التوبة النصوح المشتملة على النّدم والحزن والخوف والبكاء وتجشم الأعمال الصالحة؛ من الألم والمشقة، ولهذا قال الحسن: "ترك الذنب أيسر من طلب التوبة".
- يكفي المذنب ما فاته في حال اشتغاله بالذنوب من الأعمال الصالحة الّتي كان يمكنه تحصيل الدرجات بها.

- إن قدّر أنه عفي عنه من غير توبةٍ فإن كان ذلك بسبب أمرٍ مكفرٍ عنه كالمصائب الدنيوية، وفتنة القبر، وأهوال البرزخ، وأهوال الموقف، ونحو ذلك، فلا يستريب عاقلٌ أن ما في هذه الأمور من الآلام والشدائد أضعاف أضعاف ما حصل في المعصية من اللذة.

- إن عفي عنه بغير سببٍ من هذه الأسباب المكفرة ونحوها، فإنه لابّد أن يلحقه عقوبات كثيرة منها:
1: ما فاته من ثواب المحسنين، فإن اللّه تعالى وإن عفا عن المذنب فلا يجعله كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، كما قال تعالى: {أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون (21).

وقال: (أم نجعل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار (28)}.
2: ما يلحقه من الخجل والحياء من اللّه عز وجلّ عند عرضه عليه وتقريره بأعماله، وربما كان ذلك أصعب عليه من دخول النار ابتداءً.
كما جاء في الأحاديث والآثار كما روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب "الزهد" بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "يدني اللّه عزّ وجلّ العبد يوم القيامة، فيضع عليه كنفه، فيستره من الخلائق كلها، ويدفع إليه كتابه في ذلك الستر، فيقول: اقرأ يا ابن آدم كتابك، قال: فيمرّ بالحسنة، فيبيضّ لها وجهه ويسرّ بها قلبه قال: فيقول الله عز وجل: أتعرف يا عبدي؟
فيقول: نعم، يا رب أعرف، فيقول: إني قد قبلتها منك.
قال: فيخرّ للّه ساجدًا، قال: فيقول اللّه عزّ وجلّ: ارفع رأسك يا ابن آدم وعد في كتابك، قال: فيمرّ بالسيئة فيسود لها وجهه، ويوجل منها قلبه وترتعد منها فرائصه، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعمله غيره، قال: فيقول اللّه عزّ وجلّ: أتعرف يا عبدي؟
قال: فيقول: نعم، يا رب أعرف، قال: فيقول: إني قد غفرتها لك؟
قال: فلا يزال حسنةٌ تقبل فيسجد، وسيئةٌ تغفر فيسجد، فلا ترى الخلائق منه إلا السجود، قال: حتى تنادي الخلائق بعضها بعضًا: طوبى لهذا العبد الذي لم يعص اللّه قط، ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين اللّه عز وجل ".
ومما قد وقفه عليه وروي معنى ذلك عن أبي موسى، وعبد اللّه بن سلامٍ وغيرهما، ويشهد لهذا حديث عبد اللّه بن عمر الثابت في "الصحيح "- حديث النجوى - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان يوم القيامة دعا اللّه بعبده فيضع عليه كنفه فيقول: ألم تعمل يوم كذا وكذا ذنب كذا وكذا؟ فيقول: بلى يا ربّ، فيقول: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وغفرت ذلك لك اليوم " وهذا كلّه في حقّ من يريد اللّه أن يعفو عنه ويغفر له فما الظنّ بغيره؟

الوجه السابع: وهو أن المقدم على مواقعة المحظور إنما أوجب إقدامه عليه ما فيه من اللذة الحاصلة له به، فظنّ أنّه يحصل له لذته العاجلة، ورجى أن يتخلص من تبعته بسببٍ من الأسباب ولو بالعفو المجرد فينال به لذةً ولا يلحقه به مضرةٌ.
وهذا من أعظم الجهل، فإن الذنوب تتبعها ولابدّ من الهموم والآلام وضيق الصدر والنكد، وظلمة القلب، وقسوته أضعاف أضعاف ما فيها من اللذة، ويفوت بها من حلاوة الطاعات، وأنوار الإيمان، وسرور القلب ببهجة الحقائق والمعارف، ما لا يوازي الذرة منه جميع لذات الدنيا، فيحصل لصاحب المعصية العيشة الضنك، وتفوته الحياة الطيبة، فينعكس قصده بارتكاب المعصية، فإنّ اللّه ضمن لأهل الطاعة الحياة الطيبة، ولأهل المعصية العيشة الضنك، قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكًا}،
وقال: {وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون}
وقال في أهل الطاعة: {من عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينّه حياةً طيّبةً}.

● بيان أن فقد الخشية يستلزم فقد العلم
فقد الخشية يسلتزم فقد العلم وذلك لأن العلم له موجب ومقتضى وهو اتباعه والاهتداء به وضدّه الجهل، فإذا انتفت فائدته ومقتضاه، صار حاله كحاله عند عدمه وهو الجهل.وقد تقدّم أن الذنوب إنّما تقع عن جهالةٍ، وظهرت دلالة القرآن على ذلك وتفسير السلف له بذلك، فيلزم حينئذٍ أن ينتفي العلم ويثبت الجهل عند انتفاء فائدة العلم ومقتضاه وهو اتباعه. ومن هذا الباب قوله تعالى:{وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}، وقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤٌ شاتمه أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائمٌ " وهذا كما يوصف من لا ينتفع بسمعه وبصره وعقله في معرفة الحقّ والانقياد له بأنه أصم أبكم أعمى قال تعالى: {صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون}.

بيان العلم النافع الذي يوجب خشية الله تعالى.
العلم النافع علمان:
1: علم باللّه بجلاله وعظمته، وهو الذي فسر الآية به جماعةٌ من السلف.
2: علم بأوامر الله ونواهيه وأحكامه وشرائعه وأسرار دينه وشرعه وخلقه وقدره.
ولا تنافي بين هذا العلم والعلم باللّه؛ فإنّهما قد يجتمعان وقد ينفرد أحدهما عن الآخر، وأكمل الأحوال اجتماعهما جميعًا وهي حالة الأنبياء - عليهم السلام - وخواصّ الصديقين ومتى اجتمعا كانت الخشية حاصلةٌ من تلك الوجوه كلها، وإن انفرد أحدهما حصل من الخشية بحسب ما حصّل من ذلك العلم، والعلماء الكمّل أولو العلم في الحقيقة الذين جمعوا الأمرين.

وقد روى الثوريّ عن أبي حيّان التميمي سعيد بن حيّان عن رجلٍ قال: كان يقال: العلماء ثلاثةٌ: "فعالمٌ باللّه ليس عالمًا بأمر اللّه، وعالمٌ بأمر اللّه ليس عالمًا باللّه، وعالمٌ باللّه عالمٌ بأمر اللّه ".
فالعالم باللّه وبأوامر اللّه: الذي يخشى اللّه ويعلم الحدود والفرائض.
والعالم باللّه ليس بعالم بأمر اللّه: الذي يخشى اللّه ولا يعلم الحدود والفرائض.
والعالم بأمر اللّه ليس بعالم باللّه: الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى اللّه عزّ وجلًّ.

● فوائد
إثبات الخشية للعلماء يقتضي ثبوتها لكل واحد منهم.
قوله تعالى: {إنّما يخشى الله من عباده العلماء} يقتضي ثبوت الخشية لكل واحد من العلماء ولا يراد به جنس العلماء، وتقريره من جهتين:
الجهة الأولى: أن الحصر هاهنا من الطرفين، حصر الأول في الثاني وحصر الثاني في الأول، كما تقدّم بيانه، فحصر الخشية في العلماء يفيد أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالمٌ وإن لم يفد لمجرده أنّ كلّ عالم فهو يخشى اللّه وتفيد أنّ من لا يخشى فليس بعالم، وحصر العلماء في أهل الخشية يفيد أنّ كلّ عالم فهو خاشٍ، فاجتمع من مجموع الحصرين ثبوت الخشية لكلّ فردٍ من أفراد العلماء.
والجهة الثانية: أن المحصور هل هو مقتضٍ للمحصور فيه أو هو شرطٌ له؟
قال الشيخ أبو العباس - رحمه اللّه -: (وفي هذه الآية وأمثالها هو مقتضٍ فهو عامٌّ فإنّ العلم بما أنذرت به الرسل يوجب الخوف).
ومراده بالمقتضي – العلة المقتضية - وهي التي يتوقف تأثيرها على وجود شروط وانتفاء موانع كأسباب الوعد والوعيد ونحوهما فإنها مقتضياتٌ وهي عامةٌ، ومراده بالشرط ما يتوقف تأثير السبب عليه بعد وجود السبب وهو الذي يلزم من عدمه عدم المشروط ولا يلزم من وجوده وجود المشروط، كالإسلام بالنسبة إلى الحجّ.

والمانع بخلاف الشرط، وهو ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه الوجود وهذا الفرق بين السبب والشرط وعدم المانع إنّما يتم على قول من يجوّز تخصيص العلة وأما من لا يسمّي علةً إلا ما استلزم الحكم ولزم من وجودها وجوده على كلّ حال، فهؤلاء عندهم الشرط وعدم المانع من جملة أجزاء العلة، والمقصود هنا أنّ العلم إذا كان سببًا مقتضيًا للخشية كان ثبوت الخشية عامًا لجميع أفراد العلماء لا يتخلف إلا لوجود مانع ونحوه.


أصل العلم النافع العلم باللّه.
وبأسمائه وصفاته وأفعاله من قدره، وخلقه، والتفكير في عجائب آياته المسموعة المتلوة، وآياته المشاهدة المرئية من عجائب مصنوعاته، وحكم مبتدعاته ونحو ذلك مما يوجب خشيته وإجلاله، ويمنع من ارتكاب نهيه، والتفريط في أوامره.
ولهذا قال طائفةٌ من السلف لعمر بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة: "أعجب الأشياء قلبٌ عرف ربه ثم عصاه ".

وقال بشر بن الحارث: "لو يفكر الناس في عظمة اللّه لما عصوا اللّه ".

قابلية ما في القلب من التصديق والمعرفة للزيادة والنقصان هو الذي عليه الصحابة والسلف من أهل السنة.
ويؤيد ذلك ما كان يقوله بعض الصحابة: "اجلسوا بنا نؤمن ساعة".
وما جاء
في الأثر المشهور عن حماد بن سلمة عن أبي جعفرٍ الخطميّ عن جدّه عمير بن حبيبٍ وكان من الصحابة، قال: "الإيمان يزيد وينقص قيل: وما زيادته ونقصانه؟

قال: إذا ذكرنا اللّه ووحّدناه وسبّحناه، فتلك زيادته وإذا غفلنا ونسينا، فذلك نقصانه ".
وفي مسندي الإمام أحمد والبزار من حديث أبي هريرة أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "جدّدوا إيمانكم " قالوا: وكيف نجدد إيماننا يا رسول اللّه؟
قال: "قولوا: لا إله إلا اللّه ".
فالمؤمن يحتاج دائمًا كلّ وقتٍ إلى تحديد إيمانه وتقوية يقينه، وطلب الزيادة في معارفه، والحذر من أسباب الشكّ والريب والشبهة، ومن هنا يعلم معنى قول النبيًّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " فإنه لو كان مستحضرًا في تلك الحال لاطّلاع اللّه عليه ومقته له جمع ما توعّده اللّه به من العقاب المجمل والمفصل استحضارًا تامًّا لامتنع منه بعد ذلك وقوع هذا المحظور وإنما وقع فيما وقع فيه لضعف إيمانه ونقصه.

صحة التوبة من بعض الذنوب دون بعضٍ هو الذي عليه السلف وأئمة السنة خلافًا لبعض المعتزلة.
فإنّ أحد الذنبين قد يعلم قبحه فيتوب منه ويستهين بالآخر لجهله بقبحه وحقيقة مرتبته فلا يقلع عنه، ولذلك قد يقهره هواه ويغلبه في أحدهما دون الآخر فيقلع عما لم يغلبه هواه دون ما غلبه فيه هواه، ولا يقال لو كانت الخشية عنده موجودةً لأقلع عن الجميع، لأن أصل الخشية عنده موجودةٌ، ولكنها غير تامةٍ، وسبب نقصها إما نقص علمه، وإما غلبة هواه، فتبعّض توبته نشأ من كون المقتضي للتوبة من أحد الذنبين أقوى من المقتضي للتوبة من الآخر، أو كون المانع من التوبة من أحدهما أشدّ من المانع من الآخر.

• هل يمكن للتائب أن يعود إلى ما كان عليه قبل المعصية؟
اختلف الناس في ذلك على قولين، والقول بأنه لا يمكن عوده إلى ما كان عليه قول أبي سليمان الدّرانيّ وغيره.

• هل يجزم بقبول التوبة إذا استكملت شروطها؟
اختلف الناس في ذلك على قولين:فالقاضي أبو بكر وغيره من المتكلمين على أنّه لا يجزم بذلك.
و
أكثر أهل السنة والمعتزلة وغيرهم على أنه يقطع بقبولها.


• هل يمحى الذنب من صحيفة العبد إذا تاب؟
ورد في "مراسيل الحسن " عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أراد اللّه أن يستر على عبده يوم القيامة أراه ذنوبه فيما بينه وبينه ثمّ غفرها له ".
ولهذا كان أشهر القولين أنّ هذا الحكم عامٌّ في حقّ التائب وغيره، وقد ذكره أبو سليمان الدمشقيّ عن أكثر العلماء، واحتجّوا بعموم هذه الأحاديث مع قوله تعالى: {ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرة إلاّ أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرًا}.

وقد نقل ذلك صريحًا عن غير واحدٍ من السلف كالحسن البصريّ وبلال بن سعد - حكيم أهل الشام - كما روى ابن أبي الدنيا، وابن المنادي وغيرهما عن الحسن: "أنه سئل عن الرجل يذنب ثم يتوب هل يمحى من صحيفته؟ قال: لا، دون أن يوقفه عليه ثم يسأله عنه "
ثم في رواية ابن المنادي وغيره: "ثم بكى الحسن، وقال: لو لم تبك الأحياء من ذلك المقام لكان يحقّ لنا أن نبكي فنطيل البكاء".

وذكر ابن أبي الدنيا عن بعض السلف أنه قال: "ما يمرّ عليّ أشد من الحياء من اللّه عزّ وجلّ ".
وفي الأثر المعروف الذي رواه أبو نعيمٍ وغيره عن علقمة بن مرثدٍ: "أنّ الأسود بن يزيد لما احتضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟ قال: ما لي لا أجزع، ومن أحقّ بذلك مني؟واللّه لو أتيت بالمغفرة من اللّه عزّ وجلّ، لهمّني الحياء منه مما قد صنعته، إنّ الرجل ليكون بينه وبين الرجل الذنب الصغير فيعفو عنه فلا يزال مستحيًا منه ".
ومن هذا قول الفضيل بن عياضٍبالموقف: "واسوءتاه منك وإن عفوت ".

• أمر الله للعباد إنما يكون بما فيه صلاحهم ونهيه إنما يكون عما فيه فسادهم.

إن اللّه لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليه، ولا نهاهم عمّا نهاهم عنه بخلاً به، بل أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عمّا فيه فسادهم، وهذا هو الذي عليه المحققون من الفقهاء من الحنابلة وغيرهم، كالقاضي أبي يعلى وغيره.
وإن كان بينهم في جواز وقوع خلاف ذلك عقلاً نزاعٌ مبنيّ على أن العقل هل له مدخل في التحسين والتقبيح أم لا؟
وكثير منهم كأبي الحسن التميمي وأبي الخطاب على أنّ ذلك لا يجوز عقلاً أيضًا وأما من قال بوقوع مثل ذلك شرعًا فقوله شاذٌ مردودٌ.

والصواب: أنّ ما أمر اللّه به عباده فهو عين صلاحهم وفلاحهم في دنياهم وآخرتهم، فإنّ نفس الإيمان باللّه ومعرفته وتوحيده وعبادته ومحبته وإجلاله وخشيته وذكره وشكره؛ هو غذاء القلوب وقوتها وصلاحها وقوامها، فلا صلاح للنفوس، ولا قرة للعيون ولا طمأنينة، ولا نعيم للأرواح ولا لذة لها في الدنيا على الحقيقة، إلا بذلك، فحاجتها إلى ذلك أعظم من حاجة الأبدان إلى الطعام والشراب والنّفس، بكثيرٍ، فإنّ حقيقة العبد وخاصيته هي قلبه وروحه ولا صلاح له إلا بتألهه لإلهه الحقّ الذي لا إله إلا هو، ومتى فقد ذلك هلك وفسد، ولم يصلحه بعد ذلك شيء البتة، وكذلك ما حرّمه اللّه على عباده وهو عين فسادهم وضررهم في دينهم ودنياهم، ولهذا حرّم عليهم ما يصدّهم عن ذكره وعبادته كما حرم الخمر والميسر، وبين أنه يصدّ عن ذكره وعن الصلاة مع مفاسد أخر ذكرها فيهما، وكذلك سائر ما حرّمه اللّه فإنّ فيه مضرةً لعباده في دينهم ودنياهم وآخرتهم، كما ذكر ذلك السلف، وإذا تبيّن هذا وعلم أنّ صلاح العباد ومنافعهم ولذاتهم في امتثال ما أمرهم الله به، واجتناب ما نهاهم اللّه عنه تبيّن أن من طلب حصول اللذة والراحة من فعل المحظور أو ترك المأمور، فهو في غاية الجهل والحمق، وتبيّن أنّ كلّ من عصى اللّه هو جاهل، كما قاله السلف ودلّ عليه القرآن كما تقدم، ولهذا قال: {كتب عليكم القتال وهو كرهٌ لكم وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبّوا شيئًا وهو شرٌّ لكم واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون (216)}.
وقال: {ولو أنّهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرًا لهم وأشدّ تثبيتًا (66) وإذًا لآتيناهم من لدنّا أجرًا عظيمًا (67) ولهديناهم صراطًا مستقيمًا (68)}.

فائدة في قوله تعالى: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (102)}.
اختلف المفسرون في الجمع بين إثبات العلم ونفيه هاهنا.
1: قالت طائفة: الذين علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق، هم الشياطين الذين يعلّمون الناس السحر، والذين قيل فيهم: {لو كانوا يعلمون} هم الناس الذين يتعلمون.
قال ابن جرير: وهذا القول خطأٌ مخالفٌ لإجماع أهل التأويل على أنّ قوله: (ولقد علموا) عائدٌ على اليهود الذين اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان.
2: ذكر ابن جرير أنّ الذين علموا أنه لا خلاق لمن اشتراه هم اليهود، والذين قيل فيهم: لو كانوا يعلمون، هم الذين يتعلمون من الملكين، وكثيرًا ما يكون فيهم الجهال بأمر اللّه ووعده ووعيده.
وهذا أيضًا ضعيفٌ فإنّ الضمير فيهما عائدٌ إلى واحدٍ، وأيضًا فإن الملكين يقولان لمن يعلمانه: إنما نحن فتنة فلا تكفر، فقد أعلماه تحريمه وسوء عاقبته.

3: قالت طائفة: إنما نفى عنهم العلم بعدما أثبته لانتفاء ثمرته وفائدته، وهو العمل بموجبه ومقضتاه، فلمّا انتفى عنهم العمل بعلمهم جعلهم جهّالاً لا يعلمون، كما يقال: لا علم إلا ما نفع، وهذا حكاه ابن جريرٍ وغيره، وحكى الماوردي قولاً بمعناه، لكنه جعل العمل مضمرا، وتقديره لو كانوا يعملون بما يعلمون.
4: قيل: إنهم علموا أنّ من اشتراه فلا خلاق له، أي لا نصيب له في الآخرة من الثواب، لكنهم لم يعلموا أنه يستحق عليه العقاب مع حرمانه الثواب، وهذا حكاه الماورديّ وغيره.
وهو ضعيف أيضًا، فإنّ الضمير إن عاد إلى اليهود، فاليهود لا يخفى عليهم تحريم السحر واستحقاق صاحبه العقوبة، وإن عاد إلى الذين يتعلمون من الملكين فالملكان يقولان لهم: {إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر} والكفر لا يخفى على أحدٍ أن صاحبه يستحقّ العقوبة، وإن عاد إليهما، وهو الظاهر، فواضح، وأيضًا فإذا علموا أنّ من اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ فقد علموا أنه يستحقّ العقوبة، لأنّ الخلاق: النصيب من الخير، فإذا علم أنه ليس له نصيب في الخير بالكلية فقد علم أن له نصيبًا من الشرّ، لأنّ أهل التكليف في الآخرة لا يخلو واحد منهم عن أن يحصل له خير أو شرّ لا يمكن انتكاله عنهما جميعًا ألبتة.

5: قالت طائفة: علموا أنّ من اشتراه فلا خلاق له في الآخرة، لكنهم ظنّوا أنهم ينتفعون به في الدنيا، ولهذا اختاروه وتعوّضوا به عن بوار الآخرة وشروا به أنفسهم، وجهلوا أنه في الدنيا يضرّهم أيضًا ولا ينفعهم، فبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ذلك، وأنّهم إنما باعوا أنفسهم وحظّهم من الآخرة بما يضرّهم في الدنيا أيضًا ولا ينفعهم.
وهذا القول حكاه الماورديّ وغيره، وهو الصحيح، فإنّ اللّه تعالى قال: {ويتعلّمون ما يضرّهم ولا ينفعهم} أي هو في نفس الأمر يضرّهم ولا ينفعهم بحالٍ في الدنيا وفي الآخرة.

ولكنّهم لم يعلموا ذلك لأنهم لم يقدموا عليه إلا لظنّهم أنه ينفعهم في الدنيا.
ثم قال: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ} أي قد تيقّنوا أنّ صاحب السحر لا حظّ له في الآخرة، وإنما يختاره لما يرجو من نفعه في الدنيا، وقد يسمّون ذلك العقل المعيشي أي العقل الذي يعيش به الإنسان في الدنيا عيشةً طيبةً، قال اللّه تعالى: {ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون} أي: إن هذا الذي يعوضوا به عن ثواب الآخرة في الدنيا أمرٌ مذمومٌ مضر لا ينفع لو كانوا يعلمون ذلك ثم قال: {ولو أنّهم آمنوا واتّقوا لمثوبةٌ من عند اللّه خير لّو كانوا يعلمون} يعني: أنهم لو اختاروا الإيمان والتقوى بدل السّحر لكان اللّه يثيبهم على ذلك ما هو خير لهم مما طلبوه في الدنيا لو كانوا يعلمون، فيحصل لهم في الدنيا من ثواب الإيمان والتقوى من الخير الذي هو جلب المنفعة ودفع المضرّة ما هو أعظم مما يحصّلونه بالسّحر من خير الدنيا مع ما يدّخر لهم من الثواب في الآخرة.
والمقصود هنا:
أن كل من آثر معصية اللّه على طاعته ظانًّا أنه ينتفع بإيثار المعصية في الدنيا، فهو من جنس من آثر السحر - الذي ظنّ أنه ينفعه في الدنيا - على التقوى والإيمان، ولو اتّقى وآمن لكان خيرًا له وأرجى لحصول مقاصده ومطالبه ودفع مضارّه ومكروهاته.
ويشهد كذلك أيضًا ما في "مسند البزار" عن حذيفة قال: "قام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فدعا الناس فقال: "هلمّوا إليّ، فأقبلوا إليه فجلسوا"، فقال: "هذا رسول ربّ العالمين جبريل - عليه السلام. - نفث في روعي: أنّه لا تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها وإن أبطأ عليها، فاتقوا اللّه وأجملوا في الطلب ولا يحملنّكم استبطاء الرّزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإنّ الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته ".


• خلاصة القول في نوع "ما" الداخلة على "إنّ"
القول الأول: أنّها كافةٌ، وأن "ما" هي الزائدة التي تدخل على إنّ، وأنّ، وليت، ولعلّ، وكأن، فتكفها عن العمل، وهذا قول جمهور النحاة.
القول الثاني: أنّ "ما" مع هذه الحروف اسمٌ مبهمٌ بمنزلة ضمير الشأن في التفخيم والإبهام وفي أنّ الجملة بعده مفسرةٌ له ومخبرٌ بها عنه، وهو قول
بعض الكوفيين، وابن درستويه.
القول الثالث: أن "ما" هنا نافيةٌ واستدلّوا بذلك على إفادتها الحصر، وأنّ "إن" أفادت الإثبات في المذكور، و"ما" النفي فيما عداه وهو قول بعض الأصوليين وأهل البيان.
وهذا باطلٌ باتفاق أهل المعرفة باللسان فإنّ "إن" إنما تفيد توكيد الكلام إثباتًا كان أو نفيًا لا تفيد الإثبات.
و"ما" زائدةٌ كافة لا نافيةٌ وهي الداخلة على سائر أخوات إنّ: لكنّ وكأن وليت ولعلّ، وليست في دخولها على هذه الحروف نافيةً بالاتفاق فكذلك الداخلة على إنّ وأنّ.
-
نسب القول بأنها نافيةٌ إلى أبي علي الفارسي لقوله في كتاب "الشيرازيات ": إنّ العرب عاملوا "إنما" معاملة النفيّ و"إلا" في فصل الضمير لقوله: "وإنّما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي ".

وهذا لا يدل على أنّ "ما" نافيةٌ على ما لا يخفى وإنما مراده أنّهم أجروا "إنما" مجرى النفي و"إلاّ" في هذا الحكم لما فيها معنى النفي ولم يصرّح بأنّ النفي مستفادٌ من "ما" وحدها.
القول الرابع: أنه لا يمتنع أن يكون "ما" في هذه الآية بمعنى الذي والعلماء خبرٌ والعائد مستترٌ في يخشى.

وأطلقت "ما" على جماعة العقلاء كما في قوله تعالى: {أو ما ملكت أيمانكم} ، و {فانكحوا ما طاب لكم مّن النّساء}.

• خلاصة
القول في إفادة "إنّما" للحصر.
اختلف النحاة في ذلك على أقوال:
القول الأول: إذا دخلت "ما" الكافة على "إنّ " أفادت الحصر هذا هو الصحيح، وهو قول الجمهور.

القول الثاني: من خالف في إفادتها الحصر.
حجتهم في ذلك:
1- قالوا إنّ "إنّما" مركبةٌ من "إنّ " المؤكدة و"ما" الزائدة الكافة فيستفاد التوكيد من "إنّ " والزائد لا معنى له، وقد تفيد تقوية التوكيد كما في الباء الزائدة ونحوها، لكنها لا تحدث معنى زائدا.
2- وقالوا إن ورودها لغير الحصر كثيرٌ جدًّا كقوله تعالى: {إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربّهم يتوكّلون (2)}.
وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الرّبا في النسيئة". وقوله: "إنّما الشهر تسعٌ وعشرون " وغير ذلك من النصوص ويقال: "إنّما العالم زيد" ومثل هذا لو أريد به الحصر لكان هذا.
وقد يقال: إن أغلب مواردها لا تكون فيها للحصر فإنّ قوله تعالى: {إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ}، لا تفيد الحصر مطلقًا فإنّه سبحانه وتعالى له أسماءٌ وصفاتٌ كثيرةٌ غير توحّده بالإلهية، وكذلك قوله: {قل إنّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ أنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ}.
فإنّه لم ينحصر الوحي إليه في هذا وحده.
مناقشة أقوالهم:
- الصواب أن "إنما" تدلّ على الحصر في هذه الأمثلة، ودلالتها عليه معلومٌ بالاضطرار من لغة العرب، كما يعلم من لغتهم بالاضطرار معاني حروف الشرط والاستفهام والنفي والنّهي وغير ذلك، ولهذا يتوارد "إنّما" وحروف الشرط والاستفهام والنّفي الاستثناء كما في قوله تعالى: {إنّما تجزون ما كنتم تعملون} فإنه
كقوله: {وما تجزون إلا ما كنتم تعملون}،
وقوله: {إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ وقوله: {إنّما إلهكم اللّه الّذي لا إله إلاّ هو}فإنه كقوله: {وما من إلهٍ إلاّ اللّه}وقوله: {ما لكم من إلهٍ غيره}، ونحو ذلك، ولهذا كانت كلّها واردةً في سياق نفي الشرك وإبطال إلهية سوى اللّه سبحانه.

- وأما قولهم إنّ "ما" الكافة أكثر ما تفيده قوة التوكيد لا تثبت معنى زائدًا، يجاب عنه من وجوه:

أحدها: أنّ "ما" الكافة قد تثبت بدخولها على الحروف معنىً زائدًا.
وقد ذكر ابن مالك أنها إذا دخلت على الباء أحدثت معنى التقليل، كقول الشاعر:
فالآن صرت لا تحيد جوابًا ....... بما قد يرى وأنت حطيب
قال: وكذلك تحدث في "الكاف " معنى التعليل، في نحو قوله تعالى: (واذكروه كما هداكم) ، ولكن قد نوزع في ذلك وادّعى أنّ "الباء" و"الكاف " للسببية، وأنّ "الكاف " بمجردها تفيد التعليل.
والثاني: أن يقال: لا ريب أنّ "إنّ " تفيد توكيد الكلام، و"ما" الزائدة تقوّي هذا التوكيد وتثبت معنى الكلام فتفيد ثبوت ذلك المعنى المذكور في اللفظ خاصةً ثبوتًا لا يشاركه فيه غيره واختصاصه به، وهذا من نوع التوكيد والثبوت ليس معنىً آخر مغايرًا له وهو الحصر المدّعى ثبوته بدخول "ما" يخرج عن إفادة قوّة معنى التوكيد وليس ذلك بمنكرٍ إذ المستنكر ثبوت معنى آخر بدخول الحرف الزائد من غير جنس ما يفيده الحرف الأوّل.
الوجه الثالث: أنّ "إن" المكفوفة "بما" استعملت في الحصر فصارت حقيقةً عرفيّةً فيه، واللفظ يصير له بالاستعمال معنى غير ما كان يقتضيه أصل الوضع، وهكذا يقال في الاستثناء فإنه وإن كان في الأصل للإخراج من الحكم لكن صار حقيقة عرفيةً في مناقضة المستثنى فيه، وهذا شبية بنقل اللفظ عن المعنى الخاص إلى العام إذا صار حقيقة عرفيةً فيه لقولهم "لا أشرب له شربة ماءٍ" ونحو ذلك، ولنقل الأمثال السائرة ونحوها، وهذا الجواب ذكره أبو العباس ابن تيمية في بعض كلامه القديم وهو يقتضي أنّ دلالة "إنّما" على الحصر إنّما هو بطريق العرف والاستعمال لا بأصل وضع اللغة، وهو قولٌ حكاه غيره في المسألة.

القول الثالث:
من جعل "ما" موصولةً.
فتفيد الحصر من جهةٍ أخرى وهو أنّها إذا كانت موصولةً فتقدير الكلام "إن الذين يخشون الله هم العلماء" وهذا أيضًا يفيد الحصر" فإنّ الموصول يقتضي العموم لتعريفه، وإذا كان عامًّا لزم أن يكون خبره عامًّا أيضًا لئلا يكون الخبر أخصّ من المبتدأ، وهذا النوع من الحصر يسمّى ئحصر المبتدأ في الخبر، ومتى كان المبتدأ عامًّا فلا ريب إفادته الحصر.


التقييم:
- الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) 27/30
- الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) 20/20
- التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) 16/20
- الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) 15/15
- العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) 15/15

النسبة: 93/100
وفقك الله

هناء هلال محمد 3 رمضان 1436هـ/19-06-2015م 12:53 AM

إجابة محاضرة بلغة المفسر من علم الحديث

أهم المسائل التي وردت في المحاضرة :
1- مقدمات بين يدي الموضوع
- الفرق بين الإنشاء والخبر
- تعريف الإنشاء
- تعريف الخبر
2- القواعد التي وضعها المفسرون لتفسير القرآن الكريم
- أمثلة للتفاسير المسندة
3- سبب وضع المحدثين لعلوم الحديث
- فضيلة الإسناد في هذه الأمة
4 - تطبيق قواعد المحدثين على مرويات التفسير
- أهمية تطبيق قواعد المحدثين على مرويات التفسير
- متى نطبق قواعد المحدثين على مرويات التفسير
- ضوابط تطبيق قواعد المحدثين
- المبدأ في تطبيق قواعد المحدثين
- أسباب تساهل المحدثين في بعض الروايات
5- ضوابط التدبر في القرآن الكريم
6- مميزات ابن كثير رحمه الله في تفسيره
7- كيفية التعامل مع الإسرائيليات
- سبب تحديث عبدالله بن عمرو بالإسرائيليات
8- المقصود بعلم علل الحديث
- أسباب الضعف في الحديث
- كيفية التعامل مع الراوي الثقة الذي توهم في الرواية
- المقصود بالضعف في صفة الرواية
- المراد بلفظ الحُسن في المرويات القديمة
9- ما يحتاجه المفسر للتعامل مع كتاب الله
10- أنواع المراسيل
11- كيفية التعامل مع المراسيل
12- كيفية التعامل مع من وُثق في علم وضُعف في آخر

تفاصيل المسائل
1- مقدمات بين يدي الموضوع
- الفرق بين الإنشاء والخبر
- تعريف الإنشاء : الكلام الذي لا يحتاج إلى تثبت أو دليل على صحته.
- تعريف الخبر : هو ما يحتاج إلى ما يضبطه ويوضح صحته من كذبه .

2- القواعد التي وضعها المفسرون لتفسير القرآن الكريم
1- تفسير القرآن بالقرآن
2- تفسير القرآن بالسنة
3- تفسير القرآن بأقوال الصحابة ثم التابعين ثم بلغة العرب .
- أمثلة للتفاسير المسندة
تفسير عبد الرزاق ، ابن جرير ، ابن المنذر ، ابن أبي حاتم ، كذلك كتب التفسير في كتب المحدثين كصحيح البخاري ومسلم وغيرهما .

3- سبب وضع المحدثين لعلوم الحديث
وضع المحدثون قواعد علوم الحديث لتكون ضوابط لقبول الأخبار أو ردها .
- فضيلة الإسناد في هذه الأمة
الإسناد خصيصة من خصائص الأمة المحمدية ، فقد شرف الله سبحانه الأمة بهذا الإسناد الذي لم تحظى به أمة من الأمم .

4 - تطبيق قواعد المحدثين على مرويات التفسير
- أهمية تطبيق قواعد المحدثين على مرويات التفسير
لابد من النظر إلى ما ورد من مرويات عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين ، فإن وجدنا ما ورد صحيح النسبة إلى قائله فذاك غاية المطلوب ، حتى لا يكون هناك فوضى في تفسير كتاب الله ، ومما يدل على أهمية هذا ما نجده من مجهودات عظيمة بذلها العلماء في كتب العلل لإعلال بعض مرويات كتب التفسير .
- متى نطبق قواعد المحدثين على مرويات التفسير
ليس المقصود تطبيق قواعد المحدثين في كل شيء ، ولكن الأصل يبقى أصلا لا يمكن أن نحيد عنه ، وإنما يمكن أن يُتخفف فيه فيما يسع فيه التخفيف .
- ضوابط تطبيق قواعد المحدثين
1- إذا تضمنت الرواية حكما فلابد من تطبيق قواعد المحدثين.
2- إذا جاء في كتب التفسير مرويات تتعلق بأبواب الاعتقاد ، إما في أسماء الله سبحانه أو صفاته .
3- إذا تضمنت كتب التفسير بعض المرويات الإسرائيلية ، أو أحاديث تروى على أنها مرفوعة ، أو من أقوال الصحابة وهي ليست كذلك ، مثل ما ورد في تفسير قوله تعالى :{ببابل هاروت وماروت} .
- المبدأ في تطبيق قواعد المحدثين
لا يطلق القول : (لا تطبق قواعد المحدثين على مرويات التفسير) ، فإن أطلاقه هكذا يكون جزافا ، بل الأصل هو التطبيق ولكن يمكن أن يتسامح ويتساهل في قبول بعض الروايات .
مثل قبول رواية الضحاك عن ابن عباس ، ورواية جويبر عن الضحاك ، فإنها عبارة عن بيان لمعاني الآيات ولا تتضمن أحكاما .
- أسباب تساهل المحدثين في بعض الروايات
1- إذا كان الحديث يشمل حكما مقررا في أحاديث أخرى صحيحة ، فيعدونه من باب الترغيب والترهيب .
2- أن تكون الروايات من باب الفضائل ، كفضائل القرآن وفضائل الصحابة أو غيره .
3- إذا كانت الرواية تتعلق بما يندرج تحت لغة العرب فهذا أمر واسع.
وقد قال الإمام أحمد وسفيان وابن المبارك وغيرهم : إذا روينا في الحلال والحرام تشددنا ، وإذا روينا في الفضائل تساهلنا .

5- ضوابط التدبر في القرآن الكريم
1- أن يكون مبنيا على أساس سليم من لغة العرب ، ومن الأفهام السليمة .
2- لا يتعارض مع القواعد التي وضعها العلماء كقواعد الاعتقاد وأصول الفقة وقواعد المحدثين .
3- إذا أفضى التدبر إلى القول على الله بغير علم أو الإتيان بأقوال شنيعة ليس هناك ما يدل عليها فهذا مرفوض .

6- مميزات ابن كثير رحمه الله في تفسيره
تميز ابن كثير بأنه جمع بين الحديث وبين القدرة على التفسير ، فكان يطبق قواعد المحدثين على بعض الأحاديث والروايات التي فيها ما يستدعي تطبيقها .

7- كيفية التعامل مع الإسرائيليات
قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد" ، فما يوافق شرعنا صدقناه ، وما خالف شرعنا رفضناه وجذمنا بكذبه ولا يجوز لنا روايته إلا على سبيل الإنكار ، وأما ما لم يأت عليه دليل في الشرع توقفنا فيه ، ويجوز روايته من باب الاستئناس .
- سبب تحديث عبدالله بن عمرو بالإسرائيليات
كان ابن عمرو يحدث بذلك على أساس وضوح الضوابط الشرعية في عصره ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بما أنزلنا إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد" ، ولكن تنوقل ما ورد عنه من باب الخطأ من الرواه ، فبعضهم رفعه وبعضهم أوقفه عليه .

8- المقصود بعلم علل الحديث
هو علم وضع ونشأ لبيان أوهام الثقات .
- أسباب الضعف في الحديث
1- سقوط في الإسناد
2- طعن في الراوي : إما في عدالته ، أو ضبطه ، أو صفة روايته.
- كيفية التعامل مع الراوي الثقة الذي توهم في الرواية
نسلك معه المسلك الوسط ، كما فعل عبدالله بن المبارك ، فنبين الخطأ ونبين أنه لم يتعمد ، وإن كان صاحب ديانه فنبين ذلك .
- المقصود بالضعف في صفة الرواية
قد يكون الخطأ في الرواية ، وليس في الراوي نفسه ، فالراوي نفسه يكون ثقة ، ولكن قد تُكلم في حفظه في بعض رواياته ، ولا يكون هذا عن عمد منه ، ولكن يكون بأحد سببين :
1- إما على سبيل الوهم الذي لا يسلم منه بشر .
2- إما أن يكون الراوي قد دلَّس ، ولو لم يكن موصوفا بالتدليس ، أو تكون الرواية مما للراوي فيها هوى أو توافق بدعه عنده .
- المراد بلفظ الحُسن في المرويات القديمة
ليس المقصود بالفظ الحسن هنا ما أراده ابن الصلاح في تعريف الحديث الحسن ، وإنما يُطلق على بعض الأحاديث التي فيها ضعف ، وهذا الضعف يمكن أن يُتسامح فيه .

9- ما يحتاجه المفسر للتعامل مع كتاب الله
1- أن يعمد إلى الروايات فينظر لأحكام الأئمة عليها إن كانت صحيحة أو ضعيفة ، ما دام يمكن أن يكون محكوما عليها .
2- إن لم يجد للأئمة حكما عليها أخذ من علوم الحديث بالمقدار الذي يعينه على معرفة الحكم على الرواية .
3- كذلك يمكن الاستعانة بمن يمكن أن يخدمه من طلاب العلم المعروفين بالقدرة على الحكم على الأحاديث .

10- أنواع المراسيل
1- مراسيل كبار التابعين والمخضرمين منهم فهي مقبولة كسعيد بن المسيب .
2- مراسيل الأواسط من التابعين كالحسن البصري ، فيها تفصيل منها ما يُقبل ومنها ما لا يُقبل .
3- مراسيل صغار التابعين وهي رديئة .

11- كيفية التعامل مع المراسيل
1- المراسيل إما أنه يمكن أن تتقوى كما بين الإمام الشافعي رحمه الله فتقبل .
2- وإما أن تكون مراسيل هزيلة ، كمراسيل الزهري ومجاهد فيكون فيها شيء من النكارة ، ولا نعرف ما يدل على تقويتها فلا تقبل .

12- كيفية التعامل مع من وُثق في علم وضُعف في آخر
يعتمد عليه فيما وثق فيه ، وأما ما ضعف فيها فلا يعتمد عليه فيه .

أمل عبد الرحمن 15 رمضان 1436هـ/1-07-2015م 06:01 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هناء هلال محمد (المشاركة 208917)
إجابة محاضرة بلغة المفسر من علم الحديث

أهم المسائل التي وردت في المحاضرة :
1- مقدمات بين يدي الموضوع
- الفرق بين الإنشاء والخبر
- تعريف الإنشاء
- تعريف الخبر
2- القواعد التي وضعها المفسرون لتفسير القرآن الكريم
- أمثلة للتفاسير المسندة
3- سبب وضع المحدثين لعلوم الحديث
- فضيلة الإسناد في هذه الأمة
4 - تطبيق قواعد المحدثين على مرويات التفسير
- أهمية تطبيق قواعد المحدثين على مرويات التفسير
- متى نطبق قواعد المحدثين على مرويات التفسير
- ضوابط تطبيق قواعد المحدثين
- المبدأ في تطبيق قواعد المحدثين
- أسباب تساهل المحدثين في بعض الروايات
5- ضوابط التدبر في القرآن الكريم
6- مميزات ابن كثير رحمه الله في تفسيره
7- كيفية التعامل مع الإسرائيليات
- سبب تحديث عبدالله بن عمرو بالإسرائيليات
8- المقصود بعلم علل الحديث
- أسباب الضعف في الحديث
- كيفية التعامل مع الراوي الثقة الذي توهم في الرواية
- المقصود بالضعف في صفة الرواية
- المراد بلفظ الحُسن في المرويات القديمة
9- ما يحتاجه المفسر للتعامل مع كتاب الله
10- أنواع المراسيل
11- كيفية التعامل مع المراسيل
12- كيفية التعامل مع من وُثق في علم وضُعف في آخر

تفاصيل المسائل
1- مقدمات بين يدي الموضوع
- الفرق بين الإنشاء والخبر
- تعريف الإنشاء : الكلام الذي لا يحتاج إلى تثبت أو دليل على صحته.
- تعريف الخبر : هو ما يحتاج إلى ما يضبطه ويوضح صحته من كذبه .

2- القواعد التي وضعها المفسرون لتفسير القرآن الكريم
1- تفسير القرآن بالقرآن
2- تفسير القرآن بالسنة
3- تفسير القرآن بأقوال الصحابة ثم التابعين ثم بلغة العرب .
- أمثلة للتفاسير المسندة
تفسير عبد الرزاق ، ابن جرير ، ابن المنذر ، ابن أبي حاتم ، كذلك كتب التفسير في كتب المحدثين كصحيح البخاري ومسلم وغيرهما .

3- سبب وضع المحدثين لعلوم الحديث
وضع المحدثون قواعد علوم الحديث لتكون ضوابط لقبول الأخبار أو ردها .
- فضيلة الإسناد في هذه الأمة
الإسناد خصيصة من خصائص الأمة المحمدية ، فقد شرف الله سبحانه الأمة بهذا الإسناد الذي لم تحظى به أمة من الأمم .

4 - تطبيق قواعد المحدثين على مرويات التفسير
- أهمية تطبيق قواعد المحدثين على مرويات التفسير
لابد من النظر إلى ما ورد من مرويات عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين ، فإن وجدنا ما ورد صحيح النسبة إلى قائله فذاك غاية المطلوب ، حتى لا يكون هناك فوضى في تفسير كتاب الله ، ومما يدل على أهمية هذا ما نجده من مجهودات عظيمة بذلها العلماء في كتب العلل لإعلال بعض مرويات كتب التفسير .
- متى نطبق قواعد المحدثين على مرويات التفسير
ليس المقصود تطبيق قواعد المحدثين في كل شيء ، ولكن الأصل يبقى أصلا لا يمكن أن نحيد عنه ، وإنما يمكن أن يُتخفف فيه فيما يسع فيه التخفيف .
- ضوابط تطبيق قواعد المحدثين
1- إذا تضمنت الرواية حكما فلابد من تطبيق قواعد المحدثين.
2- إذا جاء في كتب التفسير مرويات تتعلق بأبواب الاعتقاد ، إما في أسماء الله سبحانه أو صفاته .
3- إذا تضمنت كتب التفسير بعض المرويات الإسرائيلية ، أو أحاديث تروى على أنها مرفوعة ، أو من أقوال الصحابة وهي ليست كذلك ، مثل ما ورد في تفسير قوله تعالى :{ببابل هاروت وماروت} .
- المبدأ في تطبيق قواعد المحدثين
لا يطلق القول : (لا تطبق قواعد المحدثين على مرويات التفسير) ، فإن أطلاقه هكذا يكون جزافا ، بل الأصل هو التطبيق ولكن يمكن أن يتسامح ويتساهل في قبول بعض الروايات .
مثل قبول رواية الضحاك عن ابن عباس ، ورواية جويبر عن الضحاك ، فإنها عبارة عن بيان لمعاني الآيات ولا تتضمن أحكاما .
- أسباب تساهل المحدثين في بعض الروايات
1- إذا كان الحديث يشمل حكما مقررا في أحاديث أخرى صحيحة ، فيعدونه من باب الترغيب والترهيب .
2- أن تكون الروايات من باب الفضائل ، كفضائل القرآن وفضائل الصحابة أو غيره .
3- إذا كانت الرواية تتعلق بما يندرج تحت لغة العرب فهذا أمر واسع.
وقد قال الإمام أحمد وسفيان وابن المبارك وغيرهم : إذا روينا في الحلال والحرام تشددنا ، وإذا روينا في الفضائل تساهلنا .

5- ضوابط التدبر في القرآن الكريم
1- أن يكون مبنيا على أساس سليم من لغة العرب ، ومن الأفهام السليمة .
2- لا يتعارض مع القواعد التي وضعها العلماء كقواعد الاعتقاد وأصول الفقة وقواعد المحدثين .
3- إذا أفضى التدبر إلى القول على الله بغير علم أو الإتيان بأقوال شنيعة ليس هناك ما يدل عليها فهذا مرفوض .

6- مميزات ابن كثير رحمه الله في تفسيره
تميز ابن كثير بأنه جمع بين الحديث وبين القدرة على التفسير ، فكان يطبق قواعد المحدثين على بعض الأحاديث والروايات التي فيها ما يستدعي تطبيقها .

7- كيفية التعامل مع الإسرائيليات
قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد" ، فما يوافق شرعنا صدقناه ، وما خالف شرعنا رفضناه وجذمنا بكذبه ولا يجوز لنا روايته إلا على سبيل الإنكار ، وأما ما لم يأت عليه دليل في الشرع توقفنا فيه ، ويجوز روايته من باب الاستئناس .
- سبب تحديث عبدالله بن عمرو بالإسرائيليات
كان ابن عمرو يحدث بذلك على أساس وضوح الضوابط الشرعية في عصره ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بما أنزلنا إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد" ، ولكن تنوقل ما ورد عنه من باب الخطأ من الرواه ، فبعضهم رفعه وبعضهم أوقفه عليه .

8- المقصود بعلم علل الحديث
هو علم وضع ونشأ لبيان أوهام الثقات .
- أسباب الضعف في الحديث
1- سقوط في الإسناد
2- طعن في الراوي : إما في عدالته ، أو ضبطه ، أو صفة روايته.
- كيفية التعامل مع الراوي الثقة الذي توهم في الرواية
نسلك معه المسلك الوسط ، كما فعل عبدالله بن المبارك ، فنبين الخطأ ونبين أنه لم يتعمد ، وإن كان صاحب ديانه فنبين ذلك .
- المقصود بالضعف في صفة الرواية
قد يكون الخطأ في الرواية ، وليس في الراوي نفسه ، فالراوي نفسه يكون ثقة ، ولكن قد تُكلم في حفظه في بعض رواياته ، ولا يكون هذا عن عمد منه ، ولكن يكون بأحد سببين :
1- إما على سبيل الوهم الذي لا يسلم منه بشر .
2- إما أن يكون الراوي قد دلَّس ، ولو لم يكن موصوفا بالتدليس ، أو تكون الرواية مما للراوي فيها هوى أو توافق بدعه عنده .
- المراد بلفظ الحُسن في المرويات القديمة
ليس المقصود بالفظ الحسن هنا ما أراده ابن الصلاح في تعريف الحديث الحسن ، وإنما يُطلق على بعض الأحاديث التي فيها ضعف ، وهذا الضعف يمكن أن يُتسامح فيه .

9- ما يحتاجه المفسر للتعامل مع كتاب الله
1- أن يعمد إلى الروايات فينظر لأحكام الأئمة عليها إن كانت صحيحة أو ضعيفة ، ما دام يمكن أن يكون محكوما عليها .
2- إن لم يجد للأئمة حكما عليها أخذ من علوم الحديث بالمقدار الذي يعينه على معرفة الحكم على الرواية .
3- كذلك يمكن الاستعانة بمن يمكن أن يخدمه من طلاب العلم المعروفين بالقدرة على الحكم على الأحاديث .

10- أنواع المراسيل
1- مراسيل كبار التابعين والمخضرمين منهم فهي مقبولة كسعيد بن المسيب .
2- مراسيل الأواسط من التابعين كالحسن البصري ، فيها تفصيل منها ما يُقبل ومنها ما لا يُقبل .
3- مراسيل صغار التابعين وهي رديئة .

11- كيفية التعامل مع المراسيل
1- المراسيل إما أنه يمكن أن تتقوى كما بين الإمام الشافعي رحمه الله فتقبل .
2- وإما أن تكون مراسيل هزيلة ، كمراسيل الزهري ومجاهد فيكون فيها شيء من النكارة ، ولا نعرف ما يدل على تقويتها فلا تقبل .

12- كيفية التعامل مع من وُثق في علم وضُعف في آخر
يعتمد عليه فيما وثق فيه ، وأما ما ضعف فيها فلا يعتمد عليه فيه .

ممتازة بارك الله فيك وزادك سدادا.
وينتبه إلى الجزئية الخاصّة بالتفريق بين الإنشاء والخبر، فنقول إن التفريق إنما هو من حيث الاحتياج إلى التثبت أي التأكد من صحة الكلام وصحة النسبة إلى قائله وليس من حيث تعريف كل منهما لأن ما ذكرتيه لا يعد تعريفا.
والإنشاء كما ذكر الشيخ حفظه الله هو ما ينشؤه الشخص من كلام من تلقاء نفسه أما الخبر فهو الكلام الذي ينقله عن غيره، فالأول لا نحتاج لطلب الدليل عليه ولا التثبت منه ويكون لقبوله معايير خاصّة، أما الثاني فنطلب الدليل على صحته وهو الموضوع الرئيس الذي تناولته المحاضرة الذي هو الحكم على صحة المرويات والأخبار المنقولة في التفسير.
وفاتتك بعض الفوائد المهمة والتي وردت في الإجابات على الأسئلة مثل ما يتعلق بالإسناد المعنعن وأسنايد القراءات وغيره مما هو مفيد الإلمام به.

التقييم:
- الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) 28/30
- الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) 20/20
- التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) 19/20
- الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) 15/15
- العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) 15/15

النسبة: 97/100
وفقك الله


الساعة الآن 06:48 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir