دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 06:32 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي أسماء لازمت النداء

أسماءٌ لازَمَت النداءَ

وفُلُ بعضَ ما يُخَصُّ بالنِّدَا = لُؤْمَانُ نَوْمَانُ كذا واطَّرَدَا
في سَبِّ الُانْثَى وَزْنُ يا خَبَاثِ = والأمرُ هكذا مِن الثُّلاثِي
وشاعَ في سَبِّ الذُّكورِ فُعَلُ = ولا تَقِسْ وَجُرَّ في الشِّعْرِ فُلُ


  #2  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 04:38 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


أسماءٌ لاَزَمَتِ النداءَ
وفُلُ بعضُ ما يُخَصُّ بالنِّدَا = لُؤْمَانُ نَوْمَانُ كذا واطَّرَدَا ([1])
في سَبِّ الانْثُى وَزْنُ يا خَبَاثِ = والأمرُ هكذا مِن الثلاثِي ([2])
وشاعَ في سَبِّ الذُّكورِ فُعَلُ = ولا تَقِسْ وَجُرَّ في الشعْرِ فُلُ ([3])


مِن الأسماءِ ما لا يُستعمَلُ إلا في النداءِ، نحوُ: "يا فُلُ"؛ أيْ: يا رَجُلُ، و"يا لُؤْمَانُ" للعظيمِ اللؤمِ، و"يا نَوْمَانُ" للكثيرِ النومِ، وهو مَسموعٌ، وأَشارَ بقولِه: (واطَّرَدَا في سَبِّ الانثَى) إلى أنه يَنقاسُ في النداءِ استعمالُ فَعَالِ مَبْنِيًّا على الكسِْر في ذمِّ الأُنثَى وسَبِّهَا مِن كُلِّ فعْلٍ ثُلاثيٍّ، نحوُ: "يا خَبَاثِ ويا فَسَاقِ ويا لَكَاعِ"([4]).
وكذلك يَنقاسُ استعمالُ فَعَالِ مَبْنِيًّا على الكسْرِ مِن كلِّ فعْلٍ ثُلاثيٍّ للدَّلالَةِ على الأمْرِ، نحوُ: "نَزَالِ وضَرَابِ وقَتَالِ"؛ أيْ: "انْزِلْ واضرِبْ واقتُلْ"، وكثَرُ استعمالُ فُعَل في النداءِ خاصَّةً مَقصوداً به سَبُّ الذُّكورِ، نحوُ: "يا فُسَقُ، ويا غُدَرُ ويا لُكَعُ"، ولا يَنقاسُ ذلك، وأَشارَ بقولِه: (وجُرَّ في الشعْرِ فُلُ) إلى أنَّ بعْضَ الأسماءِ المخصوصةِ بالنداءِ قد تُستعمَلُ في الشِّعْرِ في غيرِ النداءِ؛ كقولِه:

313- تَضِلُّ منهُ إِبِلِي بالْهَوْجَلِ = في لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاناً عن فُلِ ([5])



([1]) (وفُلُ) مُبتدأٌ، (بعضُ) خبَرُ المبتَدَأِ، وبعضُ مُضافٌ و(ما) اسمٌ موصولٌ: مُضافٌ إليه، (يُخَصُّ) فعْلٌ مضارِعٌ مبنيٌّ للمجهولِ، ونائبُ الفاعِلِ ضميرٌ مُستَتِرٌ فيه جوازاً تَقديرُه هو يَعودُ إلى ما الموصولةِ، والجملةُ لا محلَّ لها صِلَةٌ، (بالنِّدَا) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بقولِه: (يُخَصُّ)، (لُؤمانُ) مُبتدأٌ، (نَوْمَانُ) معطوفٌ عليه بعاطِفٍ مُقَدَّرٍ، (كذا) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرُ المبتَدَأِ، (واطَّرَدَا) الواوُ حرْفُ عطْفٍ أو للاستئنافِ، اطَّرَدَ: فعْلٌ ماضٍ، والألِفُ للإطلاقِ.

([2]) (في سَبِّ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ باطَّرَدَ في البيتِ السابقِ، وسَبِّ مُضافٌ و(الأنثى) مُضافٌ إليه، (وَزْنُ) فاعِلُ اطَّرَدَ، ووَزْنُ مُضافٌ و(يا خَبَاثِ) مُضافٌ إليه على الحكايةِ، (والأمْرُ) مُبتدأٌ، (هكذا) الجارُّ والمجرورُ مُتَعلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرُ المبتَدَأِ، (مِن الثُّلاَثِي) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بمحذوفٍ حالٌ مِن الضميرِ المستَكِنِّ في الخبَرِ.

([3]) (وشاعَ) فعْلٌ ماضٍ، (في سَبِّ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بشاعَ، وسبِّ مُضافٌ والذكورِ مُضافٌ إليه، (فُعَلُ) فاعِلُ شاعَ، (ولا) ناهِيَةٌ، (تَقِسْ) فعْلٌ مضارِعٌ مجزومٌ بلا الناهِيَةِ، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ فيه وُجوباً تَقديرُه أنتَ، (وجُرَّ) فعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمجهولِ، (في الشعْرِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بِجُرَّ، (فُلُ) نائبُ فاعِلٍ لـ (جُرَّ).

([4]) وقد وَرَدَ (لَكَاعِ) سَبًّا للأُنثى، وظاهِرُه أنه غيرُ مُستَعْمَلٍ في النداءِ، وذلك في قولِ الْحُطَيْئَةِ، ويُقالُ: هو لأبي الغريبِ النَّصْرِيِّ:

أُطَوِّفُ ما أُطَوِّفُ ثُمَّ آوِي = إلى بيتٍ قَعِيدَتُهُ لَكَاعِ

والعلماءُ يُخَرِّجُونَه على تَقديرِ قولٍ محذوفٍ؛ أيْ: بَيْتٍ قَعِيدَتُه مَقولٌ لها: يا لَكَاعِ.

([5]) 313 - البيتُ لأبي النَّجْمِ العِجْلِيِّ، مِن أُرْجُوزَةٍ طويلةٍ وَصَفَ فيها أشياءَ كثيرةً.
اللُّغَةُ: (لَجَّةٍ) – بفتْحِ اللامِ وتشديدِ الجيمِ – الْجَلَبَةُ واختلاطُ الأصواتِ في الحرْبِ.
المعنى: شَبَّهَ تَزَاحُمَ الإبِلِ ومُدافَعَةَ بعْضِها بعْضاً، بقَوْمٍ شيوخٍ في لَجَّةٍ وشَرٍّ يَدفَعُ بعضُهم بعْضاً، فيُقالُ: أَمْسِكْ فُلاناً عن فُلانٍ؛ أي: احْجُزْ بينَهم، وخَصَّ الشيوخَ؛ لأنَّ الشُّبَّانَ فيهم التسَرُّعُ إلى القتالِ، وقَبْلَ بيتِ الشاهِدِ قولُه:

تُثيرُ أَيْدِيهَا عَجَاجَ القَسْطَلِ = إذ عُصِبَتْ بالعَطَنِ الْمُغَرْبَلِ

تَدَافُعَ الشِّيبِ ولم تُقَتَّلِ

اللُّغَةُ: القَسْطَلُ: الغُبارُ، والعَجاجُ: ما ارْتَفَع منه، وعُصِبَتِ: اجتَمَعَتْ، والعَطَنُ: مَبْرَكُ الإبِلِ عندَ الماءِ لِتَشْرَبَ عَلَلاً بعْدَ نَهَلٍ، والْمُغَرْبَلُ: الْمَنخولُ، وقد أَرادَ تُرابَ العَطَنِ، وتَدَافُعُ الشِّيبِ: مَصدَرٌ تَشبيهيٌّ مَنصوبٌ بعامِلٍ محذوفٍ؛ أي: اجتَمَعَتْ وتَدافَعَتْ تَدَافُعاً كتَدافُعِ الشِّيبِ.
الإعرابُ: (في لَجَّةٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بقولِه: (تَدَافُعَ) في البيتِ الذي قَبْلَ بيتِ الشاهِدِ، (أَمْسِكْ) فعْلُ أمْرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه وُجوباً تَقديرُه أنتَ، والجملةُ مقولٌ لقوْلٍ محذوفٍ؛ أيْ: يُقالُ فيها: أَمْسِكْ... إلخ، (فُلاناً) مفعولٌ به لأَمْسِكْ، (عن فُلِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بأَمْسِكْ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (عن فُلِ)؛ حيثُ استَعْمَلَ (فُلِ) في غيرِ النداءِ وجَرَّهُ بالحرْفِ، وذلك ضَرورةٌ؛ لأنَّ مِن حقِّ استعمالِ هذا اللفْظِ أَلاَّ يَقَعَ إلاَّ مُنادًى، إلاَّ إذَا ادَّعَيْنَا أنَّ (فُلِ) هنا مُقْتَطَعٌ مِن فُلانٍ بحذْفِ النونِ والألِفِ، بقَرينَةِ قولِه قبْلَ ذلك: (أَمْسِكْ فُلاناً)، فكأنَّه قالَ: أَمْسِكْ فُلاناً عن فُلانٍ.
وبيانُ هذا أنَّ لفْظَ (فُلانٍ) لا يَخْتَصُّ بالنداءِ، بل يَقَعُ في جميعِ مَوَاقِعِ الإعرابِ، وأنَّ الذي يَخْتَصُّ بالنداءِ هو (فُلِ) الذي أَصْلُه "فُلو" فحُذِفَتْ لامُه اعتِبَاطاً – أيْ: لغيرِ علَّةٍ صَرفِيَّةٍ – كما حُذِفَتْ لامُ يَدٍ ودَمٍ.
وقد ادَّعَى جَماعةٌ مِن العُلماءِ أنَّ الذي في البيتِ مِن الأوَّلِ، وأنَّ الشاعِرَ رَخَّمَهُ في غيرِ النداءِ ضرورةً؛ بحذْفِ النونِ ثم بحذْفِ الألِفِ، وإنْ لم تَكُنْ مَسبوقةً بثلاثةِ أَحْرُفٍ، ففيه ضَرورتانِ:
ونَظيرُه قولُ لَبيدٍ:
دَرَسَ الْمَنَا بِمُتَالِعٍ فَأَبَانِ = فتَقَادَمَتْ فالحبْسِ فالسُّوبَانِ

أَرادَ (دَرَسَ الْمَنَازِلُ)، فحَذَفَ حَرفينِ مِن الكلِمَةِ معَ أنَّ ما قَبلَ الأخيرِ ليسَ حرْفَ لِينٍ.

  #3  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 04:40 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


هذا بابٌ في ذِكْرِ أسماءٍ لاَزَمَتِ النِّدَاءَ
منها (فُلُ) و(فُلَةُ) بمعنى رَجُلٍ وامرأةٍ، وقالَ ابنُ مالِكٍ وجماعةٌ بمعنى زَيْدٍ وهِنْدٍ ونحوِهما، وهو وَهْمٌ، وإنما ذلك بمعنَى فُلانٍ وفُلانةٍ([1])، وأمَّا قَوْلُه:
444- فِي لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاَناً عَنْ فُلِ([2])
فقالَ ابنُ مَالِكٍ: هو فُلُ الخاصُّ بالنداءِ اسْتُعْمِلَ مجروراً للضرورةِ، والصوابُ أنَّ أصلَ هذا (فلانٌ)، وأنه حُذِفَ منه الألفُ والنونُ للضرورةِ؛ كقولِهِ:
445- دَرَسَ الْمَنَا بِمُتَالِعٍ فَأَبَانِ([3])
أي: دَرَسَ المنازِلُ.
ومنها: (لُؤْمَانُ) بضمِّ أَوَّلِهِ وهمزةٍ ساكنةٍ ثانيةٍ بمعنى كثيرِ اللُّؤْمِ، و(نَوْمَانُ) بفتحِ أَوَّلِهِ وواوٍ ساكنةٍ ثانيةٍ بمعنى كثيرِ النومِ، وفُعَلُ كَغُدَرَ وفُسَقَ سَبًّا للمذكَّرِ، واختارَ ابنُ عُصْفُورٍ كَوْنَهُ قِيَاسِيًّا، وابنُ مالِكٍ كَوْنَهُ سَمَاعِيًّا، وفَعَالِ كفَسَاقِ وخَبَاثِ سَبًّا للمؤنَّثِ، وأمَّا قولُه:
446- إلى بَيْتٍ قَعِيدَتُهُ لَكَاعِ([4])
فاسْتَعْمَلَهُ خَبَراً ضَرُورةً، ويَنْقَاسُ هذا، وفَعَالِ بمعنى الأمرِ كنَزَالِ، مِن كلِّ فعلٍ ثلاثيٍّ تامٍّ مُتَصَرِّفٍ، فخَرَجَ نحوُ: دَحْرَجَ وكانَ ونِعْمَ وبِئْسَ، والمُبَرِّدُ لا يَقِيسُ فيهما.


([1]) اخْتَلَفَ النُّحَاةُ في (فُلِ وفُلَةِ) المستعمليْنِ في النداءِ؛ فذَهَبَ سِيبَوَيْهِ وجَمْهَرَةُ البَصْرِيِّينَ إلى أنهما كَلِمَتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ عن فُلانٍ وفُلانةَ، وأصلُ فُلِ عندَ هؤلاء فُلِي بياءٍ بَعْدَ اللامِ فحُذِفَتِ اللامُ اعْتِبَاطاً؛ أي: لغيرِ عِلَّةٍ تَصْرِيفِيَّةٍ، كما حُذِفَتْ لامُ (يَدٍ) وأصلُها ياءٌ، ولامُ (أَبٍ) و(أخٍ) و(غَدٍ) وأصلُها واوٌ في الثلاثةِ، فإذا أَرَدْتَ تَصْغِيرَ (فُلِ) على هذا القولِ قُلْتَ: (فُلِيٌّ) بتشديدِ الياءِ، كما تُصَغِّرُ يَداً على (يُدَيَّةٍ) بِرَدِّ اللامِ المحذوفةِ.
وذَهَبَ الكُوفِيُّونَ إلى أنَّ أصلَ (فُلِ) فُلانٌ، وأصلَ (فُلَةِ) (فُلانةُ)، ثمَّ رُخِّمَ كلٌّ مِنهما بحذفِ آخرِه، وهو النونُ، وحَذْفِ الألفِ التي قبلَ الآخِرِ، فصارا (فُلَ وفُلَةَ) فإذا صُغِّرَتْ فُلُ على هذا القولِ قُلْتَ: (فُلَيِّنٌ).
وهذا كلامٌ غيرُ مُسْتَقِيمٍ، مِن عِدَّةِ أَوْجُهٍ، الأَوَّلُ: أنه لا يُرَخَّمُ بحَذْفِ حرفِ اللِّينِ الذي قبلَ آخِرِ الكَلِمَةِ، إلاَّ إذا تَقَدَّمَ على حرفِ اللِّينِ ثلاثةُ أحرفٍ، وفي الكلمتيْنِ لم يَتَقَدَّمْ على الألفِ إلا حرفانِ.
وثانيهما: أنه لا وَجْهَ لقولِهِم في التأنيثِ: فُلَةُ.
والثالثُ: أنه لا وَجْهَ لتخصيصِه بالنداءِ معَ أنَّ أَصْلَه – وهو فلانٌ وفلانةُ – غيرُ مُخْتَصٍّ بالنداءِ.
ومعَ أنَّ مَذْهَبَ الكُوفِيِّينَ ضَعِيفٌ – في ذاتِه – للأسبابِ التي ذَكَرْنَاهَا يَصِحُّ أَنْ يكونَ هو أصلَ كلامِ ابنِ مَالِكٍ، فلا يكونُ قولُه وَهْماً.

([2]) 444-هذا الشاهِدُ مِن كلامِ أبي النَّجْمِ العِجْلِيِّ صاحِبِ الشاهِدِ السابِقِ، مِن أُرْجُوزَةٍ له يَصِفُ فيها بعضَ أشياءَ، وما ذَكَرَه المؤلِّفُ ههنا بيتٌ مِن مشطورِ الرَّجَزِ، وقبلَه قولُه:
* تَضِلُّ مِنْهُ إِبِلِي بِالْهَوْجَلِ*
اللغةُ: اللَّجَةُ – بفتحِ اللامِ – الجَلَبَةُ، واختلاطُ الأصواتِ في الحربِ.
الإعرابُ: (في) حَرْفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ على السكونِ لا مَحَلَّ له من الإعرابِ، (لَجَّةٍ) مجرورٌ بفي، وعلامةُ جَرِّه الكسرةُ الظاهرةُ، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بقولِهِ: تَضِلُّ في البيتِ الذي أَنْشَدْنَاهُ، (أَمْسِكْ) فعلُ أمرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تقديرُه أنتَ، (فُلاناً) مفعولٌ به لأَمْسِكْ، منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ، (عن) حرفُ جَرٍّ مَبْنِيٌّ على السكونِ لا مَحَلَّ له من الإعرابِ، (فُلِ) مجرورٌ بعن، وعلامةُ جَرِّهِ الكسرةُ الظاهرةُ، وجملةُ أَمْسِكْ من فعلِ الأمرِ، وفاعِلِه المُسْتَتِرِ فيه وُجُوباً ومفعولِه وما تَعَلَّقَ به في مَحَلِّ نَصْبِ مَقُولٌ لِقَوْلٍ محذوفٍ يَقَعُ نَعْتاً لِلَجَّةٍ، وتقديرُ الكلامِ: في لَجَّةٍ مَقُولٌ في شَأْنِها: أَمْسِكْ فلاناً عن فلانٍ.
الشاهدُ فيه: قولُه: (عَنْ فُلِ)؛ حيثُ اسْتَعْمَلَ فيه كَلِمَةَ (فُلِ) في غيرِ النداءِ، فجَرَّها بحرفِ الجرِّ، وهذا هو الذي ذَكَرَه ابنُ مَالِكٍ، ومن العلماءِ مَن ذَكَرَ أنَّ الذي في البيتِ أَصْلُه (فُلانٍ)، فرَخَّمَه بحذفِ النونِ والألفِ في غيرِ النداءِ ضرورةً؛ كما في بيتِ الشاهدِ الآتي، وأمَّا فُلُ الخاصُّ بالنداءِ فأَصْلُه (فُلِي) فحُذِفَتْ لامُه كما حُذِفَتْ لامُ يَدٍ ودَمٍ، ولا يُسْتَعْمَلُ إلاَّ محذوفَ اللامِ.

([3]) 445-هذا الشاهِدُ مِن كلامِ لَبِيدِ بنِ رَبِيعَةَ العامِرِيِّ، وله نَظَائِرُ في شواهدِ سِيبَوَيْهِ (1/8 وما بعدَها)، وما ذَكَرَه المؤلِّفُ ههنا صدرُ بيتٍ مِن الكاملِ، وعَجُزُهُ قولُه:
*فَتَقَادَمَتْ بِالْحَبْسِ فالسُّوبَانِ*
اللغةُ: (الْمَنَا) أرادَ المنازِلَ، فَرَخَّمَ في غيرِ النداءِ، والمَنَازِلُ: جَمْعُ مَنْزِلٍ، وهو مكانُ النُّزُولِ، (مَتَالِعُ) هو وأَبَانُ والحَبْسُ والسُّوبَانُ: أسماءُ أماكِنَ مُعَيَّنَةٍ، ودُرُوسُ المَنَازِلِ: عَفَاؤُها وانْمِحَاؤُها.
الإعرابُ: (دَرَسَ) فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على الفتحِ لا مَحَلَّ له من الإعرابِ، (الْمَنَا) فاعلٌ مرفوعٌ بِضَمَّةٍ ظاهرةٍ على الحرفِ المحذوفِ لأجلِ التَّرْخِيمِ، أو مرفوعٌ بضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ على الألفِ مَنَعَ مِن ظُهُورِها التَّعَذُّرُ، وهذا بناءً على اعتبارِ حَقِيقَةِ الكَلِمَةِ أو حَالَتِها الراهِنَةِ، (بِمُتَالِعٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٌ من المنازِلِ، (فأَبَانِ) الفاءُ حرفُ عطفٍ، وأبانِ: معطوفٌ على مُتَالِعٍ، (فَتَقَادَمَتِ) الفاءُ حَرْفُ عطفٍ مَبْنِيٌّ على الفتحِ لا مَحَلَّّ له من الإعرابِ، تَقَادَمَ: فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على الفتحِ لا مَحَلَّ له من الإعرابِ، والتاءُ حَرْفٌ دالٌّ على تأنيثِ المسنَدِ إليه، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جَوَازاً تقديرُه هي يعودُ إلى المنازِلِ، (بِالْحَبْسِ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ حالٌ مِن فاعِلِ تَقَادَمَ، (فالسُّوبَانِ) الفاءُ حرفُ عطفٍ، السُّوبَانِ: معطوفٌ على الحَبْسِ، مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ.
الشاهدُ فيه: قولُه: (الْمَنَا)؛ فإنَّ كثيراً مِن العلماءِ قَدْ ذَكَرُوا أنَّ أَصْلَه (المَنَازِلُ)، فرَخَّمَهُ في غيرِ النداءِ ضرورةً بحذفِ حرفيْنِ منه، وذَهَبَ غيرُ واحدٍ مِن العلماءِ إلى أنه لا تَرْخِيمَ فيه، وأنَّ المَنَا بمعنى المُحَاذِي، وكأنَّ الشاعرَ قد قالَ: عَفَا المكانُ المُحَاذِي لِمُتَالِعٍ فأبانَ. وقد ذَكَرَ ذلك واسْتَشْهَدَ لِصِحَّةِ قولِ الأكثرينَ وللقولِ الثاني أبو عُبَيْدٍ البَكْرِيُّ في كتابِه: (اللآلِي شَرْحُ أمالي القَالِي) (انظر ج1 ص14).
ونظيرُه على ما جاءَ به المؤلِّفُ من أجلِه قولُ عَلْقَمَةَ الفَحْلِ:
كأنَّ إِبْرِيقَهُمْ ظَبْيٌ عَلَى شَرَفٍ = مُفَدَّمٌ بِسَبَا الكَتَّانِ مَلْثُومُ
أرادَ: بسبائِبِ الكَتَّانِ. فحَذَفَ حرفيْنِ مِن آخِرِ الكَلِمَةِ كما فَعَلَ لَبِيدٌ.

([4]) 446-اشْتَهَرَتْ نِسْبَةُ هذا الشاهدِ إلى الحُطَيْئَةِ، لكِنْ نَسَبَه ابنُ السِّكِّيتِ في كِتَابِ الألفاظِ (ص73)، وتَبِعَه التِّبْرِيزِيُّ إلى أبي الغَرِيبِ النَّصْرِيِّ، وما ذَكَرَه المؤلِّفُ هنا عَجُزُ بَيْتٍ مِن الوافِرِ، وصَدْرُه قولُه:
*أَطُوفُ مَا أَطُوفُ ثُمَّ آوِي*
اللغةُ: (أَطُوفُ) مضارعٌ من التطويفِ، وهو بمعنى أَجُولُ وأَدُورُ، والصيغةُ تَدُلُّ على كثرةِ الطوافِ في الأرضِ، ووَقَعَ عندَ ابنِ السِّكِّيتِ والتِّبْرِيزِيِّ، (أَطُودُ) بالدالِ المهملةِ مكانَ الفاءِ، وهو بمعنى أَطُوفُ، (آوِي) مضارِعُ (أَوَى فلانٌ إلى مَنْزِلِهِ يَأْوِي)، مثلُ رَمَى يَرْمِي، وذلك إذا رَجَعَ إليه، (قَعِيدَتُهُ) قَعِيدَةُ البيتِ – بفتحِ القافِ – المرأةُ، أُطْلِقَ عليها ذلكَ لِكَوْنِها تُلازِمُ القُعُودَ في البيتِ، (لَكَاعِ) بفتحِ أَوَّلِهِ وثَانِيهِ، بِزِنَةِ حَذَامِ وقَطَامِ ونَحْوِهِمَا: لَئِيمَةٌ، ومِثْلُه اللَّكِيعَةُ.
المعنى: هَجَا زَوْجَتَه ووَصَفَها بأنها لَئِيمَةٌ دَنِيئَةٌ، ووَصَفَ أنه يُكْثِرُ التَّطوَافِ في الأرضِ؛ رَغْبَةً في تَحْصِيلِ قُوتِهِ وقُوتِ عِيَالِهِ، ثمَّ يعودُ إلى مَنْزِلٍ لا يَجِدُ فيه أسبابَ الراحةِ؛ لأنَّ المرأةَ التي تُقِيمُ فيه دَنِيئَةٌ.
الإعرابُ: (أَطُوفُ) فعلٌ مضارِعٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تقديرُه أنا، (ما) مَصْدَرِيَّةٌ، (أَطُوفُ) فعلٌ مضارِعٌ فاعلُه مُسْتَتِرٌ فيه كَسَابِقِه، (ثُمَّ) حرفُ عَطْفٍ، (آوِي) فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ بِضَمَّةٍ مُقَدَّرَةٍ على الياءِ مَنَعَ مِن ظُهُورِهَا الثِّقَلُ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تقديرُه أنا، (إلى) حرفُ جَرٍّ، (بَيْتٍ) مجرورٌ بإلى، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بقولِهِ: آوِي، (قَعِيدَتُهُ) قَعِيدَةُ: مبتدأٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وهو مُضافٌ وضميرُ الغائبِ العائدِ إلى البيتِ مضافٌ إليه، (لَكَاعِ) ظَاهِرُه أنه خَبَرُ المبتدأِ مَبْنِيٌّ على الكسرِ في مَحَلِّ رفعٍ، وجملةُ المبتدأِ والخبرِ في مَحَلِّ صِفَةٍ لِبَيْتٍ، وبهذا الظاهِرِ تَمَسَّكَ بعضُ النُّحَاةِ، فاسْتَشْهَدَ به لِمَا سَنَذْكُرُه، وسَنَذْكُرُ في بيانِ الاستشهادِ وَجْهاً آخَرَ فيه.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (لَكَاعِ) حَيْثُ اسْتَعْمَلَهُ خَبَراً لِلمُبْتَدَأِ ضرورةً، ومِن الناسِ مَن يُقَدِّرُهُ مَقُولاً لِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ، والتقديرُ: قَعِيدَتُه مقولٌ لها: يا لَكَاعِ، فلا يكونُ حينَئذٍ قد خَرَجَ عن أصلِهِ.
وقد عَثَرْتُ في مُسْنَدِ الإمامِ أحمدَ بنِ حَنْبَلٍ على حديثٍ فيه اسْتِعْمَالُ (لَكَاعِ) مفعولاً به، وذلك في قولِ سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ سَيِّدِ الأنصارِ (ج4 ص6): (ولكنِّي قَدْ تَعَجَّبْتُ، أني لو وَجَدْتُ لَكَاعاً قد تَفَخَّذَهَا رَجُلٌ. الحديثَ).



  #4  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 04:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


أسْمَاءٌ لازَمَتِ النداءَ

595- و"فُلُ" بعَضُ مَا يُخَصُّ بالنِّدَا = "لُؤْ مَانُ، نَوْمَانُ" كَذَا واطَّرَدَا
(وَفُلُ بعضُ مَا يُخَصُّ بالندَا) أيْ: لا يستعملُ في غيرِ النِّدَاءِ ويُقَالُ للمؤنثةِ: يَا فُلَةُ واخْتُلِفَ فيهِمَا، فمذهبُ سِيْبَوَيْهَ أنَّهُمَا كِنَايَتَانِ عَنْ نَكِرَتَيْنِ، فـ "فُلُ" كِنايةٌ عنْ رَجُلٍ، و"فُلَّةُ" كنايةٌ عنِ امرَأَةٍ، ومذهبُ الكوفيينَ أنَّ أصلَهُمَا: فُلَانٌ وفُلانةٌ فَرُخِّمَا، وَرَدَّهُ الناظمُ بأنَّهُ لو كانَ مُرَخَّمًا لقيْلَ فيهِ "فُلَا" وَلَمَّا قيلَ في التأنيثِ "فُلَة" وذَهَبَ الشَّلُوْبِيْنُ وابْنُ عُصْفُوْرٍ وصاحبُ البَسِيْطِ إلى أَنَّ "فُلُ" و"فُلَةُ" كنايةٌ عن العَلَمِ نحوَ: "زيدٍ" و"هِنْدٍ" بمعنى فُلَانٍ وفُلَانَةٍ، وعلى ذلكَ مَشَى الناظمُ وولدُهُ، قَالَ الناظمُ فِي (شَرْحِ التَّسْهِيْلِ) وغيرِهِ، إِنَّ "يَا فُلُ" بِمَعْنَى "يَا فُلَانُ" و"يَا فُلَةُ" بمعنى "يَا فُلانَةُ" قَالَ: وهُمَا الأصلُ، فلا يُسْتَعْمَلانِ مَنْقُوصَيْنِ في غيرِ نِدَاءٍ إلَّا في ضرورةٍ، فقدْ وافقَ الكوفيينَ فِي أنَّهُمَا كنايةٌ عَنِ العَلَمِ، وأنَّ أصْلَهُمَا فلانٌ وفلانةٌ، وخالَفَهُم في التَّرْخِيْمِ، ورَدَّهُ بالوجهينِ السابقينِ، و"لُؤْمَانُ" بالهمزِ وضَمِّ اللامِ، و"مَلأمُ" و"مَلأمَان" بمعنى عظيمِ اللُّؤْمِ، و(نَوْمَانُ) بفتحِ النونِ بمعنَى كثيرِ النَّومِ (كَذَا) أيْ مِمَّا يَخْتَصُّ بالنداءِ.
تنبيهانِ: الأوَّلُ: الأكثرُ فِي بِنَاءِ "مَفْعَلَانِ" نحوَ: "مَلْأَمَان" أنْ يَأتِيَ في الذَّمِّ، وقدْ جَاءَ في المَدْحِ نحوَ: "يَا مَكْرَمَانُ" حَكَاهُ سيبَوَيْهُ والأخْفَشُ، و"يَا مَطْيَبَانُ" وزَعَمَ ابْنُ السِّيدِ أنَّهُ يختصُّ بالذَّمِّ، وأنَّ "مَكْرَمَان" تَصْحِيْفُ "مَكْذَبَان" وليسَ بِشَيءٍ.
الثانِي: قَالَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ): إنَّ هذِهِ الصفاتِ مقصورةٌ على السَّمَاعِ بإِجْمَاعٍِ وَتَبِعَهُ وَلَدُهُ، وهو صحيحٌ في غيرِ "مَفْعَلَان" فَإِنَّ فيهِ خِلافًا أَجَازَ بعضُهُمْ القياسَ عليهِ، فتقولُ: "يَا مَخْبَثَان" وفِي الأُنْثَى "يَا مَخْبَثَانَةُ".
596- فِي سَبِّ الأُنْثَى وَزْنُ "يَا خَبَاث" = والأمْرُ هَكَذَا مِنَ الثلاثِي
(واطَّرَدَا فِي سَبِّ الأُنْثَى وَزْنُ) "يَا فَعَالِ" نحوَ: "يَا خَبَاثِ) "يَا لَكَاعِ" "يَا فَسَاقِ"، وأمَّا قولُهُ [مِنَ الوَافِرِ]:
898- أُطَوِّفُ مَا أُطَوِّفُ ثُمَّ آوِي = إلَى بَيْتٍ قَعِيْدَتُهُ لَكَاعِ
فضرورةٌ (والأمرُ هكَذَا) أيْ: واسْمُ فِعْلِ الأمرِ مُطَّرِدٌ (مِنَ الثلاثِي) عِنْدَ سِيْبَويهَ نحوَ: "نَزَالِ" و"تَرَاكِ" مِنْ "نَزَلَ" و"تَرَكَ"
تنبيهانِ: الأوَّلُ: أهْمَلَ الناظمُ مِنْ شروطِ القياسِ عَلَى هَذَا النوعِ أربعةَ شروطٍ؛ الأولُ: أنْ يكونَ مُجَرَّدًا فَأَمَّا غيرُ المجردِ فلا يُقَالُ مِنهُ إلا مَا سُمِعَ، نحوَ: "دَرَاكِ" مِنْ "أَدْرَكَ"، الثانِي أنْ يكونَ "تَامًّا" فلا يُبْنَى مِنْ ناقِصٍ، الثالثُ: أنْ يكونَ مُتَصَرِّفًا، الرابعُ: أنْ يكونَ كاملَ التصرُّفِ فلا يُبْنَي مِنْ "يَدَعُ" و"يَذَرُ".
الثانِي: ادَّعىَ سيِبْوَيْهُ سَمَاعَهُ مِنْ غيرِ الثلاثِيِّ شُذُوذًا كـ "قَرْقَار" مِنْ "قَرْقَرَ" في قَوْلِهِ [مِنَ الرَّجَزِ]:
899- حَتَّى إِذَا كَانَ عَلَى مُطَارِ = يُمْنَاهُ واليُسْرَى عَلَى الثَّرْثَارِ
قالتْ لهُ رِيْحُ الصَّبَا قَرْقَاْرِ
وعَرْعَارِ مِنْ "عَرْعَرَ" في قولِهِ [مِنَ الكَامِلِ]:
900- مُتَكَنِّفِيٍ جَنْبَيْ عُكَاظَ كِلَيْهِمَا = يَدْعُوا وَلِيْدُهُمُ بِهَا عَرْعَارِ
وقاسَ عليهِ الأخْفَشُ، وَرَدَّ المُبَرِّدُ علَى سِيْبَويْهَ سَمَاعَ اسْم الفعلِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ، وذَهَبَ إِلَى أَنَّ "قَرْقَارِ" و"عَرْعَارِ" حِكَايَةُ صَوْتٍ، وَحَكَاهُ عَنِ الْمَازِنِيِّ، وَحَكَى المَازِنِيُّ عنِ الأصْمَعِيِّ عَنْ أبي عَمْرٍو مِثْلَهُ، والصحيحُ َما قَالَهُ سِيْبَويهُ، لأنَّهُ لو كانَ حِكَايَةَ صَوْتٍ لكَانَ الصَّوْتُ الثانِي مِثْلَ الأوَّلِ، نحوَ "غَاق غَاق" فَلَمَّا قَالَ: "عَرْعَارِ" و"قَرْقَارِ" فخالَفَ لفظُ الأوَّلِ لفظَ الثانِي عُلِمَ أنَّهُ محمولٌ عَلَى "عَرْعَرَ" و"قَرْقَرَ".
597- وَشَاعَ فِي سَبِّ الذُّكُوْرِ فُعَلُ = وَلا تَقِسْ، وَجُرَّ فِي الشِّعْرِ "فُلُ"
(وشَاعَ فِي سَبِّ الذُّكُوْرِ) يَا (فُعَلُ) نحوَ قولِهِمْ: "يَا فُسَقُ" "يَا لُكَعُ" "يَا غُدَرُ" "يَا خُبَثُ" (ولا تَقِسْ) عليهِ بلْ طَرِيْقَةُ السَّمَاعِ، واختارِ ابنُ عُصْفُوْرٍ كَوْنَهُ قِيَاسًا، ونُسِبَ لِسِيْبَويْهَ.
(وجُرَّ فِي الشِّعْرِ فُلُ) قاَلَ الرَّاجِزُ:
901- فِي لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلَانًا عَنْ فُلُ
والصوابُ أَنَّ أصلَ هَذَا "فُلَانٌ" وأنَّهُ حُذِفَ منهُ الألفُ والنونُ للضرورةِ، كقولِهِ [مِنَ الكاملِ]:
902- دَرَسَ المَنَا بِمُتَالِعٍ فَأَبَانِ = فَتَقَادَمَتْ بِالحَبْسِ والسُّوْبَانِ
أي: دَرَسَ المنازلُ، وليسَ هو "فُلُ" المُخْتَصَّ بالنداءِ، إذْ معْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ علَى الصحيحِ، كمَا مَرَّ أنَّ المُخْتَصَّ بالنداءِ كنايةٌ عنِ اسْمِ الجنسِ، وفلانٌ كنايةٌ عنْ عَلَمٍ، ومادَتُهُمَا، مُختلفةٌ، فالمُخْتَصُّ مادَتُهُ (ف ل ي) فَلَوْ صغَّرْتَهُ قُلْتَ (فُلَيُّ)، وهذَا مَادُّتُه (ف ل ن) فَلَوْ صغَّرْتَهُ قلتَ: "فُلَيْنٌ", وقدْ تَقَدَّمَ بيانُ مَا ذهبَ إليهِ المصَنِّفُ.
خَاتِمَةٌ
ُيقَالُ فِي نِداءِ المجْهُولِ والمجهولةِ: "يَا هَنُ" و"يَا هَنَةُ" وفِي التثنيةِ والجمعِ "يَا هَنَان" و"يَا هَنَتَانِ" و"يَا هَنُوْنَ", و"يَا هَنَات" وقدْ يَلِي أواخرَهُنَّ مَا يَلِي آخرَ المندوبِ نحوَ: "يَا هَنَاهُ", و"يَا هَنْتَاهُ", بِضَمِّ الهَاءِ وكسرِهَا، فِي التثنيةِ والجمعِ "يَا هَنَانَيْه"، و"يَا هَنَتَانِيْه" و"يَا هَنُونَاه" و"يَا هَنَاتُوه" واللهُ أعلمُ.

  #5  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 04:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


أسْمَاءٌ لازَمَت النِّدَاءَ
تَقْسِيمُ الأسماءِ المُلازِمَةِ للنِّدَاءِ
595- وَفُلُ بَعْضُ مَا يُخَصُّ بِالنِّدَا = لُؤْمَانُ نَوْمَانُ كَذَا وَاطَّرَدَا
596- فِي سَبِّ الاُنْثَى وَزْنُ يَا خَبَاثِ = وَالأْمْرُ هكَذَا مِن الثُّلاثِي
597- وَشَاعَ فِي سَبِّ الذُّكُورِ فُعَلُ = وَلا تَقِسْ وَجُرَّ فِي الشِّعْرِ فُلُ
مِن الأسماءِ ما لا يُستعمَلُ إلاَّ مُنَادًى، وهوَ ثلاثةُ أقسامٍ:
الأوَّلُ سَمَاعِيٌّ باتِّفاقٍ، وهوَ أربعةُ ألفاظٍ:
1- فُلُ: بمعنى رَجُلٍ.
2- فُلَةُ: بمعنى امرأةٍ.
3- لُؤْمَانُ: بمعنى كثيرِ اللُّؤْمِ والدَّناءَةِ.
4- نَوْمانُ: بمعنى كثيرِ النومِ.
القِسمُ الثاني: قِياسيٌّ باتِّفاقٍ، وهوَ الوصْفُ الذي على وَزْنِ (فَعَالِ) بمعنى: فَاعِلَةٍ أوْ فَعِيلَةٍ، لِسَبِّ الأُنْثَى وذَمِّها. ويُصاغُ مِنْ كلِّ فعْلٍ ثُلاثيٍّ تامٍّ مُجَرَّدٍ مُتَصَرِّفٍ تَصَرُّفاً كامِلاً؛ نحوُ: يا خَبَاثِ، ويا غَدَارِ، ويا سَرَاقِ، بمعنى: خَبيثةٍ وغَادرةٍ وسارقةٍ. فـ(خَبَاثِ): مُنَادًى مَبنيٌّ على ضَمٍّ مُقَدِّرٍ مَنَعَ مِنْ ظُهورِهِ كَسرةُ البِناءِ الأصليِّ في مَحَلِّ نَصْبٍ.
وكذلكَ يُقاسُ استعمالُ [فَعَالِ] مَبنيًّا على الكسْرِ بالشروطِ السابقةِ للدَّلالةِ على الأمْرِ؛ نحوُ: نَزَالِ بمعنى: انْزِلْ، وشَرَابِ بمعنى: اشْرَبْ.
القِسْمُ الثالثُ: مُخْتَلَفٌ فيهِ، وهوَ الوصْفُ الذي على وَزْنِ [فُعَلَ] لِسَبِّ الذكورِ؛ نحوُ: غُدَرَ بمعنى: غَادِرٍ، وفُسَقَ بمعنى: فاسِقٍ. والأَرْجَحُ في هذهِ الصِّيغَةِ أنَّها قِياسيَّةٌ بشَرْطِ دَلالةِ أصْلِها على السَّبِّ؛ لأنَّ ذلكَ شَائِعٌ في كلامِ العربِ.
وهذا مَعْنَى قولِهِ: (وَفُلُ بَعْضُ ما يُخَصُّ بالنِّدَا.. إلخ)؛ أيْ: أنَّ لَفْظَةَ (فُلُ) مِن الأسماءِ الخاصَّةِ بالنداءِ، وكذا (لُؤْمَانُ ونَوْمَانُ). واطَّرَدَ في سَبِّ الأُنْثَى (يَا خَبَاثُ) وما كانَ على وَزْنِها. ولَمَّا قالَ: (واطَّرَدَا) دَلَّ على أنَّ ذلكَ قِياسيٌّ، وما قَبْلَهُ سَماعِيٌّ. ثمَّ ذَكَرَ أَنَّ هذا الوزْنَ، وهوَ (فَعَالِ)، مُطَّرِدٌ في الأَمْرِ، والمُرَادُ اسمُ فعْلِ الأمرِ.
ثمَّ قَرَّرَ أنَّ نِداءَ ما كانَ على وَزْنِ (فُعَلَ) خَاصًّا بِسَبِّ المذكَّرِ أنَّهُ أمْرٌ شائعٌ، ومعَ هذا نَهَى عن القياسِ عليهِ. وهذا فيهِ نَظَرٌ؛ فإنَّ الشيوعَ في كلامِ العرَبِ الفصيحِ يُبِيحُ القياسَ كما تَقَدَّمَ. ثمَّ بَيَّنَ أنَّ لَفظةَ (فُلُ) المُلازِمَةَ للنداءِ يَجوزُ جَرُّها في الشِّعْرِ للضرورةِ، وهوَ يُشيرُ بذلكَ إلى قَولِ الراجِزِ:
في لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاناً عنْ فُلِ
فإنَّ الشاعِرَ استعمَلَ (فُلُ) في غيرِ النداءِ، وجَرَّهُ بالحرْفِ، وذلكَ ضَرورةٌ. وهذا قولُ ابنِ مالِكٍ. وقالَ ابنُ هِشامٍ: الصَّوَابُ أنَّ أَصْلَ هذا: (فُلانٌ)، وأنَّهُ حُذِفَ منهُ الألِفُ والنونُ للضَّرُورةِ. اهـ.
وهذا الحذْفُ للترخيمِ كما سيأتي إنْ شاءَ اللَّهُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لازمت, أسماء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir