دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير اللغوي > معاني القرآن للزجاج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 شوال 1431هـ/1-10-2010م, 04:19 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي المعاني الواردة في سورة القمر

سورة القمر
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
(اقتربت السّاعة وانشقّ القمر (1)
أجمع المفسرون، - وروينا عن أهل العلم الموثوق بهم - أن القمر انشق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال أبو إسحاق: وزعم قوم عندوا عن القصد وما عليه أهل العلم: أنّ تأويله أن القمر ينشق يوم القيامة، والأمر بين في اللفظ وإجماع أهل العلم لأن قوله: (وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمرّ (2)
فكيف يكون هذا في القيامة.
قال أبو إسحاق: وجميع ما أملم عليكم في هذا ما حدثني به إسماعيل ابن إسحاق قال حدثنا محمد بن المنهال، قال حدثنا يزيد بن زريع قال ثنا شعبة عن قتادة - عن أنس أن أهل مكة سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - آية فأراهم القمر مرتين انشقاقه، وكان يذكر هذا الحديث عند هذه الآية: (اقتربت السّاعة وانشقّ القمر).
حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال ثنا مسدد، قال ثنا يحيى عن شعبة عن قتادة عن أنس قال: انشق القمر فرقين.
[معاني القرآن: 5/81]
ثنا نصر بن علي قال ثنا حرمي بن عمارة، قال ثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: انشق القمر على عهد رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -.
حدثنا إسماعيل قال ثنا محمد بن عيد قال ثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة عن أنس قال: سأل أهل مكة النبي - صلى الله عليه وسلم - آية فانشق القمر بمكة مرتين، فقال: (اقتربت السّاعة وانشقّ القمر (1) وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمرّ (2).
يعني ذاهب.
ثنا إسماعيل قال ثنا نصر قال ثنا أبو أحمد قال ثنا إسرائيل عن سماك عن إبراهيم عن الأسود عن عبد اللّه قال: انشق القمر فأبصرت الجبل بين فرجتي القمر.
ثنا إسماعيل قال ثنا نصر قال حدثني أبي قال أخبرنا إسرائيل عن سماك عن إبراهيم عن الأسود عن عبد اللّه في قوله: (اقتربت السّاعة وانشقّ القمر)
قال: انشق القمر حتى رأيت الجبل بين فلقتي القمر.
ثنا إسماعيل قال ثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن عبد اللّه قال: انشق القمر ونحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعنى حتى ذهبت فرقة منه خلف الجبل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اشهدوا.
ثنا إسماعيل قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى عن شعبة وسفيان عن الأعمش وعن إبراهيم عن أبي معمر عن أبي مسعود قال: انشق القمر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فرقتين فرقة فوق الجبل وفرقة دونه.
فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم – اشهدوا ثنا إسماعيل قال ثنا مسعود قال ثنا يحيى عن شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر مثله.
ثنا إسماعيل قال ثنا علي بن عبد اللّه قال ثنا سفيان قال أخبرنا ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن أبي معمر عن عبد اللّه: انشق القمر على عهد
[معاني القرآن: 5/82]
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شقتين، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشهدوا اشهدوا.
ثنا إسماعيل قال قال علي وحدثنا به مرة أخرى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله بن مسعود: انشق القمر شقتين حتى رأيناه.
فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشهدوا.
ثنا إسماعيل قال ثنا محمد بن أبي بكر قال ثنا محمد بن كثير عن سليمان يعني ابن كثير عن حصين عن محمد بن جبير عن أبيه، قال: انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرقتين على هذا الجبل وعلى هذا الجبل فقال الناس: سحرنا محمد، فقال رجل: إن سحركم فلم يسحر الناس كلّهم.
وحدثنا إسماعيل قال ثنا محمد بن أبي بكر قال ثنا زهير بن إسحاق عن داود عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: ثلاث قد ذكرهن الله في القرآن قد تقضين: (اقتربت السّاعة وانشقّ القمر).
فقد انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شقتين حتى رآه الناس.
ثنا إسماعيل قال ثنا نصر بن علي قال ثنا عبد الأعلى قال ثنا داود بن أبي هند عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (اقتربت السّاعة وانشقّ القمر).
قال: قد مضى قبل الهجرة وانشق القمر حتى - رأوا شقتيه.
حدثنا إسماعيل قال ثنا علي بن عبد الله قال: ثنا سفيان قال قال عمرو عن عكرمة قال انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال المشركون سحر القمر سحر القمر، فأنزل اللّه - عزّ وجلّ -: (اقتربت السّاعة وانشقّ القمر (1) وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمرّ (2).
حدثنا إسماعيل قال ثنا محمد بن أبي بكر قال ثنا الضحاك بن مخلد عن ابن جريج عن عمرو عن عكرمة: انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فقال
[معاني القرآن: 5/83]
المشركون: سحر القمر، سحر القمر، فنزلت: (اقتربت السّاعة وانشقّ القمر (1) وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمرّ (2).
حدثنا إسماعيل قال ثنا عارم بن الفضل وسليمان بن حرب قالا: ثنا حماد ابن زيد عن عكرمة عن عطار بن السائب عن أبي عبد الرحمن السّلّمي قال: انطلقت مع أبي يوم الجمعة فخطبنا حذيفة - وقال سليمان في حديثه: فخطب حذيفة وهو بالمدائن فتلا: ((اقتربت السّاعة وانشقّ القمر)، ثم قال: ألا إن الساعة قد اقتربت وإن القمر قد انشق، إلا وإن المضمار اليوم والسباق غدا، قال سليمان في حديثه: فقلت لأبي يا أبتاه ترسل الخيل غدا وقال عارم في حديثه: فقلت لأبي يستبق الناس غدا، فلما كانت الجمعة التي تليها خطبنا فتلا: ((اقتربت السّاعة وانشقّ القمر)، فقال: ألا إن الساعة قد اقتربت وإن القمر قد انشقّ على عهد نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ألا وإن المضمار اليوم والسباق غدا، والغاية النار والسابق من سبق إلى الجنّة.
حدثنا إسماعيل قال: ثنا حجاج بن المنهال قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن عبد اللّه بن حبيب، قال: كنا بالمدائن فجئنا إلى الجمعة فخطبنا حذيفة فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن الله تبارك وتعالى يقول: (اقتربت السّاعة وانشقّ القمر)، ألا إنّ اليوم المضمار وغدا السباق، ألا وإن الغاية النّار، فلما كانت الجمعة الأخرى خطبنا فحمد اللّه وأثنى عليه قال فقال مثل قوله، وقال: السابق من سبق إلى الجنة.
ثنا إسماعيل ثنا علي قال ثنا سفيان عن سليمان، وقطر عن مسلم عن مسروق عن عبد الله قال: مضى اللزام ومضت البطشة ومضى الدخان ومضى الروم
حدثنا إسماعيل قال ثنا عبد الله بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن زيد
[معاني القرآن: 5/84]
ابن أسلم في قول اللّه عزّ وجلّ: ((اقتربت السّاعة وانشقّ القمر)
قال ابن زيد: انشق القمر في زمان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فكان يرى نصفه على قعيقعان والنصف الآخر على أبي قيس.
وقوله عزّ وجلّ: (وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمرّ (2)
أي ذاهب وقيل دائم.
وقوله عزّ وجلّ: (وكذّبوا واتّبعوا أهواءهم وكلّ أمر مستقرّ (3)
تأويله أنه يستقر لأهل النار عملهم ولأهل الجنة عملهم.
وقوله عزّ وجلّ : (ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر (4)
يعنى من أخبار من قد سلف، قبلهم فأهلكوا بتكذيبهم ما فيه مزدجر، أي ما فيه منتهى، تقول: نهيته فانتهى وزجرته فازدجر.
والأصل فازتجر بالتاء، ولكن التاء إذا وقعت بعد زاي أبدلت دالا نحو مزدان أصله مزتان، وكذلك مزتجر.
وإنما أبدلت دالا لأن التاء حرف مهموس والزاي حرف مجهور فأبدل من التاء من مكانها حرف مجهور، وهو دال، فهذا لا يفهمه إلا من أحكم كل العربية، وهذا في آخر كتاب سيبويه، والذي ينبغي أن يقال للمتعلم إذا بنيت افتعل أو مفتعل مما أوله زاي فاقلب التاء دالا، نحو ازدجر ومزدجر.
وقال عزّ وجلّ: (حكمة بالغة فما تغن النّذر (5)
رفعت (حكمة) بدلا من " ما ".
المعنى ولقد جاءهم حكمة بالغة.
وإن شئت رفعت حكمة بإضمار (هو) المعني هو حكمة بالغة.
وقوله: (فما تغن النّذر).
" ما " جائز أن يكون في لفظ الاستفهام، ومعناها التوبيخ، فيكون المعنى فأي شيء تغني النّذر، ويكون موضعها نصبا بـ (تغن).
ويجوز أن يكون نفيا على معنى فليست تغني النذر.
[معاني القرآن: 5/85]
وقوله: (فتولّ عنهم يوم يدع الدّاع إلى شيء نكر (6)
وقف التمام (فتولّ عنهم).
وقوله (إلى شيء نكر) إلى ما كانوا ينكرونه من البعث، فتول عنهم يوم كذا في الآية.
و (يوم) منصوب بقوله (يخرجون من الأجداث).
فأمّا حذف الواو من (يدعو) في الكتاب فلأنها تحذف في اللفظ لالتقاء السّاكنين، وهما الواو من (يدعو) واللام من (الداعي)، فأجريت في الكتاب على ما يلفظ بها، وأما الداعي فإثبات الياء فيه أجود.
وقد يجوز حذفها لأن - الكسرة تدل عليها.
وقوله عزّ وجلّ: (خشّعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنّهم جراد منتشر (7)
منصوب على الحال.
المعنى يخرجون من الأجداث خشعا أبصارهم.
وقرئت (خاشعا أبصارهم).
وقرأ ابن مسعود (خاشعة أبصارهم).
ولك في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد نحو خاشعا أبصارهم، ولك التوحيد والتأنيث - لتأنيث الجماعة - خاشعة أبصارهم.
ولك الجمع نحو خشعا أبصارهم.
تقول: مررت بشبّان حسن أوجههم، وحسان أوجههم، وحسنة أوجههم، قال الشاعر:
وشباب حسن أوجههم... من إياد بن نزار بن معدّ
- وقوله عزّ وجلّ: (مهطعين إلى الدّاع يقول الكافرون هذا يوم عسر (8)
منصوب أيضا على - الحال.
المعنى يخرجون خشعا أبصارهم مهطعين.
ومعنى (مهطعين) ناظرين لا يقلعون أبصارهم.
وقوله: (كذّبت قبلهم قوم نوح فكذّبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر (9)
أي كذبت قوم نوح نوحا قبل قومك يا محمد.
(وقالوا مجنون وازدجر).
وقالوا هو مجنون كما قال قومك يا محمد لك - صلى الله عليه وسلم - وعليهم أجمعين
[معاني القرآن: 5/86]
وازدجر، زجر بالشتم.
وقد بيّنّا ما في مزدجر في انقلاب التاء دالا وأصل هذا وازتجر.
وقوله: (فدعا ربّه أنّي مغلوب فانتصر (10)
والقراءة (أنّي) بفتح الألف وقرأ عيسى بن عمر النحوي (إنّي) – بكسر الألف - وفسر سيبويه (إنّي) بالكسر فقال على إرادة القول على معنى فدعا ربّه فقال إنّي مغلوب.
قال: ومثله: (والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى).
المعنى، قالوا ما نعبدهم إلا لقربونا.
ومن فتح - وهو الوجه - فالمعنى دعا ربّه بأنّي مغلوب.
وقوله: (ففتحنا أبواب السّماء بماء منهمر (11)
المعنى فأجبنا دعاءه فنصرناه، وبيّن النصر الذي نصر به فقال: (ففتحنا أبواب السّماء بماء منهمر).
ينصبّ انصبابا شديدا.
(وفجّرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر (12)
هذا أكثر القراءة (عيونا) بالضم.
وقد رويت (عيونا) - بكسر العين - وهي رديئة في العربية.
وقوله عزّ وجلّ: (فالتقى الماء على أمر قد قدر).
يعني ماء السماء والأرض ولم يقل فالتقى الماءان، ولو كان ذلك لكان جائزا، إلا أن الماء اسم يجمع ماء الأرض وماء السماء.
ومعنى (على أمر قد قدر) أي قد قدر في اللوح المحفوظ.
وقيل قد قدر أي كان قدر ماء السماء كقدر ماء الأرض.
(وحملناه على ذات ألواح ودسر (13)
المعنى على سفينة ذات ألواح.
والدّسر اسم المسامير والشّرط التي
[معاني القرآن: 5/87]
تشدّ بها الألواح، وكل شيء نحو السّمر أو إدخال شيء في شيء بقوّة وشدة قهر فهو دسر، يقال: دسرت المسمار أدسره وأدسره.
والدّسر: واحدها دسار، نحو حمار، وحمر.
وقوله: (تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر (14)
أي فعلنا ذلك جزاء لنوح وأصحابه، أي - نجيناه ومن آمن معه، وأغرقنا من كذّب به جزاء لما صنع به.
وقوله: (تجري بأعيننا)
أي تجري بمرأى منا وحفظ.
قوله عز وجلّ: (ولقد تركناها آية فهل من مدّكر (15)
أي تركنا هذه الفعلة وأمر سفينة نوح، آية أي علامة ليعتبر بها.
(فهل من مدّكر).
القراءة بالدال غير المعجمة، وأصله مذتكر بالذال والتاء، ولكن التاء أبدل منها الدال، والذال من موضع التاء، وهي أشبه بالدال من التاء فأدغمت الذال في الدال، فهذا هو الوجه، أعني القراءة بالدال - غير معجمة - وقد قال بعض العرب (مذّكر) بالذال معجمة، فأدغم الثاني في الأول وهذا ليس بالوجه إنما الوجه إدغام الأول في الثاني.
وقوله عزّ وجلّ: (ولقد يسّرنا القرآن للذّكر فهل من مدّكر (17)
المعنى سهّلنا، وقيل: إنّ كتب أهل الأديان نحو التوراة والإنجيل إنما
يتلوها أهلها نظرا، ولا يكادون يحفظون كتبهم من أولها إلى آخرها كما يحفظ القرآن.
وقوله عزّ وجلّ: (إنّا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمرّ (19)
صرصر شديدة البرد.
[معاني القرآن: 5/88]
(في يوم نحس مستمرّ).
يعني نحس مشؤوم، مستمر أي دائم الشؤم، وقيل في يوم أربعاء في آخر الشهر لا يدور.
وقوله عزّ وجلّ: (تنزع النّاس كأنّهم أعجاز نخل منقعر (20)
" كأنّهم " ههنا في موضع الحال.
والمعنى تنزع الناس مشبهين النخل المنقعر، فالمنقعر المقطوع من أصوله، وكانت الريح تكبّهم على وجوههم.
وقوله: (منقعر) النخل يذكّر ويؤنث، يقال: هذا نخل، وهذه نخل فمنقعر على من قال: هذا نخل، ومن قال: هذه نخل.
فمثل قوله تعالى (أعجاز نخل خاوية).
وقوله عزّ وجلّ: (كذّبت ثمود بالنّذر (23)
النّذر جمع نذير.
(فقالوا أبشرا منّا واحدا نتّبعه إنّا إذا لفي ضلال وسعر (24)
(بشرا) منصوب بفعل مضمر الذي ظهر يفسره، المعنى أنتبع بشرا.
وقوله عزّ وجلّ: (إنّا إذا لفي ضلال وسعر).
معناه إنا إذا لفي ضلال وجنون، يقال: ناقة مسعورة إذا كان بها جنون.
ويجوز أن يكون على معنى إن اتبعناه فنحن في ضلال وفي عذاب.
وقوله: (بل هو كذّاب أشر (25)
(أشر) بمعنى بطر، يقال: (أشر يأشر أشرا فهو (أشر، مثل بطر يبطر بطرا فهو بطر.
وقوله عزّ وجلّ: (إنّا مرسلو النّاقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر (27)
(فتنة) منصوب مفعول له، المعنى إنا مرسلو النّاقة لنفتنهم، أي لنختبرهم.
[معاني القرآن: 5/89]
وقوله عزّ وجلّ: (ونبّئهم أنّ الماء قسمة بينهم كلّ شرب محتضر (28)
أي الماء قسمة بين الناقة وبين ثمود لها يوم ولهم يوم، وهذا معناه كل شرب محتضر، يحضر القوم الشرب يوما، وتحضر الناقة يوما.
(فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر (29)
وكان يقال له أحمر ثمود، وأحيمر ثمود، والعرب تغلط فتجعل أحمر عاد فنضرب به المثل في الشؤم، قال زهير يصف حربا:
فتنتج لكم غلمان أشأم كلّهم... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم
ومعنى (فتعاطى فعقر) فتعاطى عقر الناقة فعقر فبلغ ما أراد.
وقوله تعالى: (إنّا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر (31)
بكسر الظاء، ويقرأ المححتظر بفتح الظاء، والهشيم ما يبس من الورق وتكسّر وتحطّم، أي فكانوا كالهشيم الذي يجمعه صاحب الحظيرة، أي قد بلغ الغاية في الجفاف، حتى بلغ إلى أن يجمع ليوقد.
ومن قرأ (المحتظر) - بفتح الظاء - فهو اسم للحظيرة.
المعنى كهشيم المكان الذي يحتظر فيه الهشيم.
ومن قرأ (المحتظر). - بكسر الظاء نسبة إلى الذي يجمع الهشيم من الحطب في الحظيرة، فإن ذلك المحتظر، لأنه فاعل.
وقوله تعالى: (إلّا آل لوط نجّيناهم بسحر (34)
" سحر " إذا كان نكرة يراد به سحرا من الأسحار انصرف، تقول: أتيت زيدا سحرا من الأسحار، فإذا أردت سحر يومك قلت أتيته لسحر يا هذا وأتيته سحر يا هذا.
وقوله تعالى: (نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر (35)
منصوب مفعول له.
المعنى نجيناهم للإنعام عليهم.
ولو قرئت " نعمة من عندنا " كان وجها، ويكون المعنى تلك
[معاني القرآن: 5/90]
نعمة من عندنا، وإنجاؤنا إياهم نعمة من عندنا.
قال أبو إسحاق: ولكني لا أعلم أحدا قرأ بها، فلا تقرأنّ بها إلّا أن تثبت رواية صحيحة.
قال مشايخنا من أهل العلم: القراءة سنّة متّبعة، ولا يرون أن يقرأ أحد بما يجوز في العربية إذا لم تثبت رواية صحيحة.
وقوله عزّ وجلّ: (ولقد صبّحهم بكرة عذاب مستقرّ (38)
بكرة وغدوة إذا كانتا نكرتين نونتا وصرفتا، وإذا أردت بهما بكرة يومك وغداة يومك لم تصرفهما، فـ (بكرة) ههنا نكرة، ولو كانت قرئت بكرة عذاب مستقر، وقرئت " نجيناهم بسحر نعمة من عندنا " كانتا جائزتين في العربية.
يكون المعنى بكرة يومهم، وسحر يومهم، ولكن النكرة والصرف أجود في هذه الآية، ولم تثبت رواية في أنه كان في يوم كذا من شهر كذا.
وقوله تعالى: (ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر (37)
راود قوم لوط لوطا عن ضيفه، وهم الملائكة، فأمر اللّه - عزّ وجلّ جبريل فسفق أعينهم بجناحيه سفقة، فأذهبها وطمسها، فبقوا في البيت عميا حيارى.
وقوله عزّ. وجلّ: (أكفّاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزّبر (43)
أي أكفاركم يا معشر العرب، ومن أرسل إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - (خير من أولائكم)
أي الكفار الذين ذكرنا أقاصيصهم وإهلاكهم.
(أم لكم براءة في الزّبر).
أي أم أتاكم في الكتب أنكم مبرّأون ممّا يوجب عداءكم.
(أم يقولون نحن جميع منتصر (44)
والمعنى بل أيقولون نحن جميع منتصر، فيدلون بقوة واجتماع عليك،
[معاني القرآن: 5/91]
ثم أعلم اللّه - عزّ وجلّ - أنه يهلكهم في الجهة التي يقدرون الغلبة منها فقال:
(سيهزم الجمع ويولّون الدّبر (45)
فأعلم الله عزّ وجلّ - نبيّه - عليه السلام - أنه يظهره عليهم ويجعل كلمته العليا، فقال: (سيهزم الجمع ويولّون الدّبر).
فكانت هذه الهزيمة يوم بدر.
ثم قال عزّ وجلّ: (بل السّاعة موعدهم والسّاعة أدهى وأمرّ (46)
أي ليس ما نزل بهم من القتل في يوم بدر والأسر بمخفف عنهم من عذاب الآخرة شيئا، فقال: (والسّاعة أدهى وأمرّ).
أي أشدّ، وكل داهية فمعناها الأمر الشديد الذي لا يهتدى لدوائه.
ومعنى (وأمرّ) أشد مرارة من القتل والأسر.
وقوله: (إنّ المجرمين في ضلال وسعر (47)
في التفسير إن هذه الآية نزلت في القدريّة.
وقوله تعالى: (يوم يسحبون في النّار على وجوههم ذوقوا مسّ سقر (48)
المعنى يقال لهم: (ذوقوا مسّ سقر).
(إنّا كلّ شيء خلقناه بقدر (49)
أي كل ما خلقنا فمقدور مكتوب في اللوح المحفوظ قبل وقوعه.
ونصب " كلّ شيء " بفعل مضمر، المعنى إنا خلقنا كل شيء خلقناه بقدر.
ويدل على هذا
(وكلّ شيء فعلوه في الزّبر (52) وكلّ صغير وكبير مستطر (53)
(مستطر) مفعول من السطر، المعنى كل صغير من الذنوب وكبير مستطر مكتوب على فاعليه قبل أن يفعلوه، ومكتوب لهم وعليهم إذا فعلوه ليجازوا على أفعالهم.
وقوله: (سيهزم الجمع ويولّون الدّبر).
المعنى ويولّون الأدبار، كما قال: (وإن يقاتلوكم يولّوكم الأدبار ثمّ لا
[معاني القرآن: 5/92]
ينصرون).
وكذا المعنى في قوله: (إنّ المتّقين في جنّات ونهر (54)
المعنى في جنات وأنهار والاسم الواحد يدل على الجميع فيجتزأ به من الجميع.
وأنشد سيبويه والخليل:
بها جيف الحسرى فأمّا عظامها... فبيض وأمّا جلدها فصليب
يريدون وأما جلودها.
وأنشد:
في حلقكم عظم وقد شجينا
المعنى في حلوقكم عظام، وكما قال:
كلوا في بعض بطنكم تعفّوا... فإنّ زمانكم زمن خميص
المعنى كلوا في بعض بطونكم.
[معاني القرآن: 5/93]


التوقيع :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المعاني, الواردة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir