وَمن التَّنازُعِ الْمَوْجُودِ عَنْهُمْ مَا يَكُونُ اللَّفْظُ فِيه مُحْتَمِلاً لِلأَمْرَينِ ، إِمَّا لِكَونِهِ مُشْتَرَكًا فِي اللُّغَةِ كَلَفْظِ : ( قَسْوَرَةٍ ) الَّذِي يُرَادُ بِهِ الرَّامِي ويُرادُ بِهِ الأَسَدُ ، وَلَفْظِ : (عَسْعَسَ ) الَّذِي يُرادُ بِهِ إِقْبالُ اللَّيْلِ وَإِدْبَارُهُ . وَإِمَّا لِكَوْنِهِ مُتَوَاطِئًا فِي الأَصْلِ ، لَكِنَّ المُرادَ بِهِ أَحَدُ النَّوعَيْنِ ، أَوْ أَحَدُ الشَّيئينِ ؛ كَالضَّمائرِ فِي قَوْلِهِ : ( ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ) [سُورَةُ النَّجْمِ : 8-9 ].
وكَلَفْظِِ :(وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ) [سُورَةُ الْفَجْرِ : 1-3]، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .
فَمِثْلُ هَذَا قَدْ يُرادُ بِهِ كُلُّ الْمَعَانِي الَّتِي قَالَهَا السَّلفُ ، وقَدْ لا يَجُوزُ ذَلِكَ .
فَالأَوَّلُ : إمَّا لِكَوْنِ الآيةِ نَزَلَتْ مَرَّتينِ فَأُرِيدَ بِهَا هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً ، وَإِمَّا لِكَوْنِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَعْنَيَاهُ ، إِذْ قَدْ جَوَّزَ ذَلِكَ أَكْثرُ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ والشَّافعيَّةِ والْحَنْبَلِيَّةِ ، وَكَثِيرٌ منْ أَهْلِ الكَلامِ ، وَإمَّا لِكَوْنِ اللَّفْظِِ مُتَوَاطِئًا فَيَكُُونُ عَامًّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِِيصِهِ مُوجِبٌ ، فَهَذَا النَّوْعُ إِذَا صَحَّ فِيهِ القَوْلانِ كَانَ من الصِّنْفِ الثَّانِي .