الدرس التاسع: علماء الكوفة في القرون الفاضلة [ طبقة التابعين ]

[عبد العزيز الداخل]

25: أبو عمرو سعد بن إياس الشيباني(ت:95هـ تقريباً)
من المخضرمين المعمّرين، ولد قبل الهجرة بخمس وعشرين سنة، وسمع ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يرعى إبلاً لأهله بكاظمة قرب البصرة في العراق، ثم شهد القادسية وهو ابن أربعين سنة، ولزم ابن مسعود، وكان ممن يقرئ القرآن في المسجد الأعظم في الكوفة.

[عبد العزيز الداخل]

26: سعيد بن جبير بن هشام الأسدي(ت:95هـ)
العالم الفقيه المفسّر؛ مفتي أهل الكوفة، وتلميذ ابن عباس النجيب، ولد سنة 46هـ، وكان من موالي بني أسد.
أخذ جلّ علمه عن ابن عباس وابن عمر وأخذ عن غيرهما من الصحابة وكبار التابعين، وكان حافظاً فَهِماً، وكان يسائل ابن عباس، ويحسن فهم مسائل العلم؛ فاعتنى به ابن عباس، وحدّثه فأكثر؛ حتى قال له: (لقد حفظت عني علماً كثيراً).
وروي من طرق عنه أنه كان يختم كلّ ليلتين من بعد مقتل الحسين إلا أن يكون مريضاً أو مسافراً.
خرج مع ابن الأشعث على الحجاج بن يوسف، ولما هزموا في وقعة الجماجم سنة 83هـ هرب إلى مكّة، وتخفّى ثنتي عشرة سنة، وكان مع ذلك يحجّ ويفتي ويحدّث؛ إلى أن وشى به رجل إلى أمير مكّة خالد بن عبد الله القسري؛ فقيّده، وبعث به إلى الحجاج؛ فقتله سنة 95هـ.

[عبد العزيز الداخل]

27: أبو مالك غزوان الغفاري (ت: 95 هـ تقريباً).
من ثقات التابعين أخذ التفسير عن ابن عباس، وعرف به؛ وروى عن البراء بن عازب وعبد الرحمن بن أبزى وغيرهم.
وهو ثقة عالم بالتفسير إلا أنّه دون طبقة مجاهد وسعيد بن جبير في العلم وكثرة الرواية عن ابن عباس، وله أقوال في التفسير رواها عنه ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما.

[عبد العزيز الداخل]

28: إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي(ت:96هـ)
الإمام الفقيه المفسّر، مفتي أهل الكوفة، وإمام أهل السنة في زمانه.
تفقّه على أصحاب عبد الله بن مسعود منهم خالاه الأسود وعبد الرحمن ابنا يزيد النخعي، ومسروق بن الأجدع، وعلقمة بن قيس، وأبو معمر الأزدي، وغيرهم، وحمل عنهم علماً كثيراً، كان يحفظه في صدره، ويعيه قلبه.
روي عنه أنه قال: ما كتبت شيئاً قط.
وقال: (قلَّ ما كتب إنسان كتابا إلا اتكل عليه، وقلَّ ما طلب إنسان علماً إلا آتاه الله منه ما يكفيه).
أوذي في زمان الحجاج فتخفّى حتى كان لا يشهد الجمع والأعياد، ولمّا بلغه موت الحجاج سجد، ومات إبراهيم بعد الحجاج بأربعة أشهر أو خمسة.

[عبد العزيز الداخل]

29: قيس بن أبي حازم الأحمسي البجلي(ت:98هـ)
من كبار التابعين بالكوفة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه فمات النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق، وروى عن أبيه عوف بن الحارث البجلي رضي الله عنه وله صحبة، وروى عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وأبي هريرة، وجرير البجلي وغيرهم، وقدم مع خالد بن الوليد إلى العراق وشهد معه مشاهده في العراق قبل القادسية، ثم سار معه إلى الشام وشهد اليرموك، ثم نزل الكوفة، وكان إمام مسجد البجليين وكانوا ذا عددٍ في العراق.
- قال يحيى بن آدم: حدثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: كنّا رُبْعَ الناس يوم القادسية، فأعطانا عمر رُبعَ السواد، فأخذناه ثلاث سنين، ثم وفد جرير إلى عمر بعد ذلك، فقال: (أما والله لولا أني قاسم مسئول لكنتم على ما قسم لكم، فأرى أن ترده على المسلمين، ففعل، وأجازه بثمانين دينارا). رواه الخطيب البغدادي.
وسواد العراق هي الضياع وأراضي الزراعة التي افتتحها المسلمون في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عنوة؛ فوقفها عمر على المسلمين، ولم يقسمها بين المجاهدين لئلا تضيق الأرض على من بعدهم من المسلمين، وجعل غلّتها في بيت مال المسلمين.
وسمّيت بالسواد لكثرة نخلها المدهامّ من شدة اخضراره.
قال ياقوت الحموي: (وحدّ السواد من حديثة الموصل طولاً إلى عبّادان، ومن العُذيب بالقادسيّة إلى حلوان عرضاً؛ فيكون طوله مائة وستين فرسخاً).
ثمّ ذكر أنّ عرض السواد ثمانين فرسخاً.
والفرسخ ثلاثة أميال، وهي نحو 5,6 كلم فيكون عرض السواد نحو 452كلم، وطوله نحو: 890كلم.
عمّر قيس حتى جاوز المئة، وتوفي في آخر خلافة سليمان بن عبد الملك.
روى عنه إسماعيل بن أبي خالد البجلي فأكثر.
- قال النسائي: (ليس أحد من كبار التابعين أحسن رواية عن الصحابة من ثلاثة: قيس بن أبي حازم، وأبي عثمان النهدي، وجبير بن نفير). ذكره أبو الحجاج المزي.

[عبد العزيز الداخل]

30: أبو الضحى مسلم بن صبيح القرشي(ت:100هـ)
مولى آل سعيد بن العاص القرشي؛ يُنسب إليهم بالولاء، وعرف بكنيته "أبي الضحى"، روى عن ابن عمر وابن عباس والنعمان بن بشير وغيرهم، وأخذ عن مسروق وعلقمة وأبي عبد الرحمن السلمي وغيرهم.
وأكثر ما يرويه في التفسير عن مسروق، وعامّة ما أخرج له البخاري ومسلم في صحيحيهما ما رواه عن مسروق، ولم يخرجا من غير هذا الطريق إلا نزراً يسيراً.
قال ابن سعد: (كان ثقة كثير الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات).
وأمّا أقواله في التفسير ففيها بعض ما فيه نظر.

[عبد العزيز الداخل]

31: يحيى بن وثاب الأسدي(ت: 103هـ )
مولى بني أسد، وكان مقرئ أهل الكوفة في زمانه، قرأ على عبيد بن نضلة، وعرض على علقمة والأسود وعبيدة ومسروق وزر وأبي عبد الرحمن السلمي.
وروى عن ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وغيرهم، وتفقه بأصحاب عبد الله ابن مسعود منهم الأسود وعلقمة ومسروق.
وكان إذا صلى تعرف في وجه الكآبة.
- قال وكيع عن الأعمش قال: (كان يحيى بن وثاب إذا كان في الصلاة كأنه يخاطب رجلا). رواه ابن سعد.
- وقال حميد بن عبد الرحمن: حدثنا أبي، عن الأعمش قال: (كان يحيى إذا قضى صلاته، مكث مليا، تعرف فيه كآبة الصلاة). ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء.
- وقال يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش قال: «كان يحيى بن وثاب من أحسن الناس قراءة، وربما اشتهيت أن أقبل رأسه من حسن قراءته، وكان إذا قرأ لا يسمع في المسجد حركة، وكأن ليس في المسجد أحد» رواه أبو الشيخ الأصبهاني.

[عبد العزيز الداخل]

32: أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي(ت:104هـ)
رأس أهل العلم في زمانه، ولد سنة فتح جلولاء في خلافة عمر بن الخطاب، وكان ذكيّا حافظاً فهماً عاقلاً، سمع من جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطوّف في البلدان يصحبهم، ويتتبع أخبارهم وسيرهم، ومرويّاتهم حتى حفظ من ذلك شيئاً كثيراً، وكان من أروى الناس للسير والمغازي، وأعلمهم باختلاف الصحابة في الفقه.
- قال سفيان بن عيينة: (كان في الناس ثلاثة بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والثوري في زمانه). رواه الخطيب البغدادي.
وكان على كثرة علمه وجودة فهمه؛ لا يجد غضاضة من أن يقول لا أدري، إذا سُئل عما لا يعلم، وكان يكره مسائل أهل الرأي.
- قال الصلت بن بهرام: (ما رأيت رجلا بلغ مبلغ الشعبي أكثر قول "لا أدري" منه).رواه ابن سعد.
وكان صاحب منطق حسن، وحجّة حاضرة، وبصيرة ومعرفة؛ حتى كان بعض الأمراء ينتدبونه للأمور المهمّة.
وكانت فيه دعابة مشهورة، وله طرائف يتداولها أهل الأدب، وربّما زيد عليها ما لا يصح عنه.
خرج مع القراء في فتنة ابن الأشعث لما خرجوا على الحجاج، ثم اختفى مدّة، ثمّ عاد إلى الحجاج، وتلطّف له في الاعتذار فقبل عذره.
مات فجأة سنة 104هـ.

[عبد العزيز الداخل]

33: أبو بردة بن أبي موسى الأشعري(ت:104هـ)
من فقهاء الكوفة الكبار، ومحدثيهم. وقد ولي القضاء بها بعد شريح حتى عزله الحجاج بن يوسف.
روى عن أبيه وعن علي بن أبي طالب والزبير بن العوام، وابن عمر، وغيرهم من الصحابة.
- قال المدائني: (أبو بردة بن أبي موسى ولد وأبوه على البصرة فاسترضع له بالبادية فجاءوا به وعليه بردة فكناه أبا بردة واسمه عامر بن عبد الله بن قيس). رواه ابن عساكر.
- وقال معمر عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه قال: (أرسلني أبي إلى عبد الله بن سلام أتعلم منه). رواه ابن سعد.
وفد على معاوية فأكرمه.

[عبد العزيز الداخل]

34: طلحة بن مصرف بن عمرو اليامي(ت: 112ه).
قارئ أهل الكوفة في زمانه، ولما كثر الناس عليه ذهب إلى الأعمش؛ فقرأ عليه وهو أكبر من الأعمش لئلا يصدّره الناس في القراءة.
خرج مع القراء على الحجاج، وشهد وقعة الجماجم ولم يقاتل، ثم ندم على شهودها.

[عبد العزيز الداخل]

35: أبو السفر سعيد بن يحمد الهمداني(ت:113هـ)
وقيل: ابن أحمد، الثوري الهمداني، من ثور همدان.
روى عن عبد الله بن عمرو، وابن عباس، وابن عمر، وناجية بن كعب، والبراء بن عازب وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.
وروى عنه أبو إسحاق السبيعي، وشعبة، وسفيان، ومالك بن مغول، وغيرهم.
وهو ثقة صدوق.

[عبد العزيز الداخل]

36: الحكم بن عتيبة الكندي (ت: 115هـ)
مولى كندة، وهو تابعي كوفي، من الأئمة الأعلام، روى عن أبي جحيفة السُّوائي رضي الله عنه، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى وشريح القاضي وغيرهم.
وكان من كبار أصحاب إبراهيم النخعي، وهو أحد رواة تفسير مجاهد، وروى مسائل في التفسير عن سعيد بن جبير، وله أقوال تروى عنه في كتب التفسير المسندة.
- قال الوليد بن مسلم: حدثني الأوزاعي قال: قال لي يحيى بن أبي كثير ونحن بمنى: لقيت الحكم بن عتيبة؟ قلت: نعم. قال: «ما بين لابتيها أحد أفقه منه» رواه ابن الجعد في مسنده.
- وقال أبو داود الحفري، عن أبي إسرائيل، عن مجاهد بن رومي قال: «ما كنت أعرف فضل الحكم إلا إذا اجتمع علماء الناس في مسجد منى، نظرت إليهم عيالا عليه». رواه ابن الجعد.

ويشتبه اسمه بالحكم بن عتيبة بن النهاس العجلي، تولّى القضاء بالكوفة، وهو مجهول الحال،لم يعرف برواية الحديث، وقد خلط بينهما غير واحد.
- قال أبو الحجاج المزي: (مولي عدي بن عدي الكندي، ويقال: مولى امرأة من كندة، وليس بالحكم بن عتيبة بن النهاس العجلي الذي كان قاضياً بالكوفة؛ فإنّ ذاك لم يرو عنه شيء من الحديث).

[عبد العزيز الداخل]

37: عمرو بن مرة بن عبد الله المرادي(ت:116هـ)
من الأعلام الحفاظ، وكان ثقة ثبتاً، روى عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، وعن سعيد بن المسيب، ومرة الطيب، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وغيرهم.
- قال شعبة: (ما رأيت عمرو بن مرة يصلي صلاة قط، فظننت أنه ينصرف حتى يغفر له).
أخذ عليه الإرجاء، وقد ذهب بصره.

[عبد العزيز الداخل]

38: محارب بن دثار بن كردوس السدوسي(ت:116هـ)
قاضي الكوفة في زمن خالد القسري، وكان من أفرس الناس، ثقة ثبت في الحديث.
روى عن ابن عمر وجابر بن عبد الله وعبد الله بن يزيد الخطمي، وغيرهم.
- قال سفيان الثوري: (رأيت محارب بن دثار في زاوية لمسجد يقضي بين الناس). رواه يعقوب بن سفيان.
- وقال أبو الصهباء التيمي: جئت فإذا محارب بن دثار قائم يصلي، فلما رآني أخف الصلاة، ثم جلس في مجلس القضاء، ثم بعث إليَّ أمخاصم أو مسلّم أو حاجة؟
قلت: لا بل مسلّم. فذهب الرسول فأخبره ثم أتاني فقال لي قم.
قال: فسلمت عليه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اللهم إنك تعلم أني لم أجلس هذا المجلس الذي ابتليتني به وقدرته علي إلا وأنا أكرهه وأبغضه فاكفني شر عواقبه.
قال: ثم أخرج خرقة نظيفة فوضعها على وجهه فلم يزل يبكي حتى قمت.
قال أبو الصهباء: (فبكيت ما شاء الله). رواه يعقوب بن سفيان.

[عبد العزيز الداخل]

39: حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار الأسدي(ت:119هـ)
ويقال: قيس بن هند، مولى بني أسد، فقيه أهل الكوفة في زمانه مع حماد بن أبي سليمان، إلا أنه أقدم سماعاً وأوعى للحديث، سمع ابن عباس وابن عمر وأنساً، وأبا عبد الرحمن السلمي وأبا وائل وسعيد بن جبير.
وروى عنه الأعمش والثوري وشعبة وغيرهم.
وكان ثقة صدوقاً كريماً سخيّاً عابداً يطيل السجود كثيراً.
- قال حفص بن غياث: (رأيت حبيب بن أبي ثابت رجلا طويلا أعور).رواه ابن سعد.
- قال أبو حذيفة النهدي: حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: (طلبت العلم وما لي فيه نية ثم رزق الله النية). رواه ابن سعد.
- وقال أبو بكر بن عياش: رأيت حبيب بن أبي ثابت ساجدا، فلو رأيته قلت: ميت؛ يعني من طول السجود، رحمه الله.
- وقال أحمد بن يونس عن أبي بكر بن عياش قال: (كان بالكوفة ثلاثة ليس لهم رابع: حبيب بن أبي ثابت والحكم وحماد؛ فكان هؤلاء الثلاثة أصحاب الفتيا، وهم المشهورون، وما كان بالكوفة أحد إلا يذل لحبيب). رواه ابن سعد وابن أبي حاتم.

[عبد العزيز الداخل]

40: حماد بن أبي سليمان الكوفي(ت:120هـ)
أبو إسماعيل، واسم أبي سليمان مسلم، وهو مولى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وأصله من أصبهان.
روى عن أنس وزيد بن وهب وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي، وغيرهم.
وكان من خاصة أصحاب إبراهيم النخعي وأكثرهم مسائلة له، ولما مات إبراهيم جلس الحكم وأصحابه إلى حماد.
وكان كريماً جواداً كثير الإنفاق والصدقات، صدوق اللسان فقيهاً مناظراً إلا أنه ضعيف الحفظ للأحاديث والآثار.
أخذ عليه الإرجاء، فقد كان رأس مرجئة الفقهاء في الكوفة، وهو شيخ أبي حنيفة الذي تفقّه به ولزمه نحو ثمانية عشر عاماً.
- قال أبو حاتم الرازي: (هو صدوق، ولا يحتج بحديثه، هو مستقيم في الفقه، وإذا جاء الآثار شوش).
- قال مغيرة بن مقسم: قلت لإبراهيم: إن حماداً قد قعد يفتي.
قال: (وما يمنعه أن يفتي وقد سألني هو وحده عما لم تسألوني كلكم عن عشره).

[عبد العزيز الداخل]

41: القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي(ت:120هـ)
روى عن جابر بن سمرة، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأرسل عن جدّه، وروى عن جماعة من التابعين، وكان ثقة متثبّتاً كثير الحديث.
وُلّيَ القضاء بالكوفة، فكان لا يأخذ على القضاء أجراً.
- قال سفيان بن عيينة: قلت لمسعر: من رأيت أشد تثبتا في الحديث؟
قال: (القاسم بن عبد الرحمن، وعمرو بن دينار).

[عبد العزيز الداخل]

42: سلمة بن كهيل التنعي الحضرمي(ت:121هـ)
ولد سنة سبع وأربعين، ورأى عبد الله بن عمر، وزيد بن أرقم ، وروى عن جندب البجلي، وأبي جحيفة السوائي رضي الله عنهم.
وكان حافظاً عالماً ثبتاً كثير الحديث، من حفاظ أهل الكوفة المعدودين.

[عبد العزيز الداخل]

43: زبيد بن الحارث بن عبد الكريم اليامي(ت:122هـ)
عالم عابد ورع، وكان ثقة قليل الحديث، روى عن مرة الهمداني وأبي الأحوص وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي والشعبي وغيرهم، وروى عنه سفيان الثوري وشعبة ومنصور بن المعتمر.
روي عنه أنه كان إذا كانت ليلة مطيرة طاف على عجائز الحي ويقول: ألكم في السوق حاجة؟
- قال يونس بن محمد المؤدب: أخبرني زياد، قال: كان زبيد الأيامي مؤذن مسجده، فكان يقول للصبيان: يا صبيان، تعالوا صلوا، أهب لكم الجوز.
قال: فكانوا يجيئون ويصلون، ثم يحوطون حوله، فقلنا له: ما تصنع بهذا؟
قال: وما علي؟ أشتري لهم جوزا بخمسة دراهم ويتعودون الصلاة "
له أخبار عجيبة في الزهد والورع وصنائع المعروف، وكانت تذكر عنه كرامات.

[عبد العزيز الداخل]

44: المنهال بن عمرو الأسدي (ت:125 هـ تقريباً)
قارئ حسن الصوت، قرأ القرآن على سعيد بن جبير، وروى عنه في التفسير كثيراً، وروى عن زرّ بن حبيش وغيرهما، وهو ثقة إن شاء الله، أخرج له البخاري في صحيحه، ووثقه يحيى بن معين والنسائي، وتكلّم فيه آخرون بما لا يتحقق به الجرح.

[عبد العزيز الداخل]

45: أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمْداني(ت:127هـ)
من حفاظ الأمة، وأوعية العلم الكبار، ولد سنة 33هـ، ورأى عليّ بن أبي طالب يخطب يوم الجمعة في مسجد الكوفة، ورأى بعض أمهات المؤمنين وهو صغير، وكان كثير المجالسة لرافع بن خديج رضي الله عنه، وروى عن غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.
وكان أصحاب ابن مسعود يسمونه عمرو القارئ، وكان حافظاً عابداً حسن الحديث، وكان بعد ما كبر لا يكاد يستوى قائماً حتى يعتمد على رجُلين؛ فإذا اعتدل قرأ بألف آية قائماً.
وقال في كبره: (قد كبرت وضعفت ما أصوم إلا ثلاثة أيام من الشهر والاثنين والخميس وشهور الحرم).
تزوج امرأة الحارث الأعور، وقرأ كتبه.

[عبد العزيز الداخل]

46: أبو حصين عثمان بن عاصم الأسدي(ت:127هـ)
القارئ الفقيه والحافظ المحدّث، أقرأ في مسجد الكوفة خمسين سنة، وكان من كبار الحفاظ في الكوفة، عابداً زاهداً، كثير الصلاة.
روى عن أنس وجابر بن سمرة، وزيد بن أرقم، وعبد الله بن الزبير، وأبي سعيد الخدري، وعبيدة السلماني، وشريح القاضي، وأبي عبد الرحمن السلمي، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، والشعبي، ومجاهد، وعكرمة، وغيرهم.
وكان من خاصة أصحاب الشعبي وأفقههم، ولما سئل الشعبي: بمن تأمرنا؟ أي بعدك، قال: ما أنا بعالم، ولا أترك عالماً، وإن أبا حصين رجل صالح.
- قال حماد بن زاذان: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: (حفاظ الكوفة أربعة: أبو حصين، ومنصور، وعمرو بن مرة، وسلمة بن كهيل). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال أبو شهاب الحناط: سمعت أبا حصين يقول: (إنَّ أحدهم ليفتي في المسألة ولو وردت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر). رواه ابن عساكر.
مات بعد أبي إسحاق السبيعي قريباً منه.

[عبد العزيز الداخل]

47: إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدّي (ت:127هـ)
تابعي كوفيّ، رأى سعد بن أبي وقاص والحسن بن علي وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبا سعيد الخدري، وأبا هريرة وأنس بن مالك، وغيرهم.
وكان يقصّ بسدّة باب الجامع في الكوفة فلقّب بالسدّي، وقد اختلف فيه الأئمة النقاد فضعفه يحيى بن معين، ووثقه الإمام أحمد، وأخرج له مسلم في صحيحه.
وكانت أكثر عنايته بالتفسير، وله تفسير كبير جمعه من طريق أبي مالك الغفاري، وأبي صالح مولى أم هانئ، كلاهما عن ابن عباس، من طريق ومرة الهمداني عن ابن مسعود، ومما رواه عن ناس من الصحابة لم يسمّهم ولم يبيّن الرواية عنهم هل هي متصلة أو بواسطة.

[عبد العزيز الداخل]

48: عاصم بن أبي النجود بهدلة الأسدي(ت:128هـ)
مولى بني أسد، إمام القراء في الكوفة، قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش، وكان صاحب فصاحة في المنطق، وصوت حسن.
وكان كثير الصلاة معلقاً قلبه بالمساجد، لا يكاد يرى مسجداً إلا انصرف للصلاة فيه ولها عن حاجته.
- قال أبو بكر بن عياش:(لما هلك أبو عبد الرحمن جلس عاصم يقرئ الناس، وكان عاصم أحسن الناس صوتا بالقرآن).
- قال الذهبي: (فأما في القراءة فثبت إمام، وأما في الحديث فحسن الحديث).
- قال الأصمعي: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود قال: (همّان لا بدَّ للمؤمن منهما: هم المعاش وهم المعاد). رواه أبو نعيم في الحلية.
قرأ عليه: الأعمش، وأبو بكر بن عياش ، وحفص بن سليمان، والمفضل بن محمد الضبي وغيرهم.

[عبد العزيز الداخل]

49: منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي(ت:132هـ)
أبو عتّاب، من الحفاظ الكبار، والعبّاد الزهّاد، ثقة ثبت كثير الحديث، روى عن زيد بن وهب، وأبي وائل شقيق بن سلمة، وإبراهيم النخعي، ومجاهد، وغيرهم.
- قال سفيان بن عيينة: قال لي سفيان الثوري: (رأيت منصورا وعبد الكريم الجزري وأيوب السختياني وعمرو بن دينار؟ هؤلاء الأعين الذين لا شك فيهم). رواه ابن أبي حاتم.
- قال عبد الرحمن بن مهدي: (لم يكن بالكوفة أحفظ من منصور). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل.
- وقال يحيى بن سعيد القطان: (كان من أثبت الناس) رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال علي بن المديني: سمعت سفيان بن عيينة، وذكر منصور بن المعتمر فقال: (قد كان عمش من البكاء كانت له خرقة ينشف بها الدموع من عينيه). رواه ابن سعد.