دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الحدود

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 محرم 1430هـ/20-01-2009م, 08:25 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب حد الزاني (3/11) [مشروعية الرجم]


وعنْ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّهُ خَطَبَ فقالَ: إنَّ اللَّهَ بعَثَ مُحَمَّدًا بالحقِّ، وأَنْزَلَ عليهِ الكتابَ، فكانَ فيما أَنْزَلَ اللَّهُ عليهِ آيَةُ الرَّجْمِ قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وعَقَلْنَاها، فرَجَمَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورَجَمْنا بعدَهُ، فأَخْشَى إنْ طَالَ بالنَّاسِ زَمَانٌ أنْ يقولَ قَائِلٌ: ما نَجِدُ الرَّجْمَ في كتابِ اللَّهِ، فيَضِلُّوا بتَرْكِ فريضةٍ أَنْزَلَها اللَّهُ، وإنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ في كِتابِ اللَّهِ على مَنْ زَنَى إذا أَحْصَنَ مِن الرجالِ والنساءِ إذا قامَتِ الْبَيِّنَةُ أوْ كانَ الْحَبَلُ أو الاعترافُ. مُتَّفَقٌ عليهِ.

  #2  
قديم 24 محرم 1430هـ/20-01-2009م, 10:32 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


5/1134 - وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ، وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ زَنَى إذَا أَحْصَنَ مِن الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إذَا قَامَت الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ، أَو الاعْتِرَافُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ، وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَى مَنْ زَنَى إذَا أَحْصَنَ مِن الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إذَا قَامَت الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ): بِفَتْحِ الحَاءِ الْمُهْمَلَةِ والبَاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ، (أَو الاعْتِرَافُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
زَادَ الإِسْمَاعِيلِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ: أَو الاعْتِرَافُ، وَقَدْ قَرَأْنَاهَا: (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ)، وَبَيَّنَ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مَحَلَّهَا مِن السُّورَةِ، وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي سُورَةِ الأَحْزَابِ؛ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُوَطَّأُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَن ابْنِ الْمُسَيِّبِ.
وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ: (إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، وَفِي رِوَايَةٍ: " لَوْلا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا بِيَدِي".
وَهَذَا الْقِسْمُ مِنْ نَسْخِ التِّلاوَةِ مَعَ بَقَاءِ الْحُكْمِ، وَقَدْ عَدَّهُ الأُصُولِيُّونَ قِسْماً مِنْ أَقْسَامِ النَّسْخِ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا إذَا وُجِدَت الْمَرْأَةُ الْخَالِيَةُ مِن الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ حُبْلَى، وَلَمْ تُذْكَرْ شُبْهَةٌ، أَنَّهُ يَثْبُتُ الْحَدُّ بِالْحَبَلِ، وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ.
وَقَالَت الْهَادَوِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: إنَّهُ لا يَثْبُتُ الْحَدُّ، إلاَّ بِبَيِّنَةٍ أَو اعْتِرَافٍ؛ لأَنَّ الْحُدُودَ تَسْقُطُ بِالشُّبُهَاتِ. وَاسْتَدَلَّ الأَوَّلُونَ بِأَنَّهُ قَالَهُ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الإِجْمَاعِ. قُلْتُ: لا يَخْفَى أَنَّ الدَّلِيلَ هُوَ الإِجْمَاعُ، لا مَا يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ.

  #3  
قديم 24 محرم 1430هـ/20-01-2009م, 10:32 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


1052 - وَعَنْ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ أَنَّهُ خَطَبَ فقالَ: إنَّ اللهَ بعَثَ مُحَمَّداً بالحقِّ، وأَنْزَلَ عَلَيْهِ الكتابَ، فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ آيةُ الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ، فيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ، وإنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ فِي كِتابِ اللهِ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِن الرجالِ والنساءِ، إِذَا قامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ، أَو الاعْتِرَافُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- آيَةُ الرَّجْمِ: بالرَّفْعِ، اسْمُ (كَانَ) وَخَبَرُهَا الظَّرْفُ.
وآيةُ الرَّجْمِ هِيَ: (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ نَكَالاً مِن اللَّهِ، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
- أَحْصَنَ: مَادَّةُ (حَصَنَ) تَدُلُّ عَلَى الْمَنَاعَةِ، فَيُقَالُ: مَكَانٌ حَصِينٌ؛ أَيْ: مَنِيعٌ، وَأَحْصَنَ الرَّجُلُ: إِذَا وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْ (أَحْصَنَ) مُحْصِنٌ، بِكَسْرِ الصادِ، وَأَمَّا فَتْحُهَا فَاسْمُ مَفْعُولٍ، وَالمَرْأَةُ المُصَانَةُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ: مُحْصَنَةٌ، بِفَتْحِ الصادِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَالمَرْأَةُ سُمِّيَتْ: مُحْصَنَةً فِي الْقُرْآنِ فِي أَرْبَعِ صِفَاتٍ: بالإسلامِ، والعَفَافِ، والتَّزْوِيجِ، والحُرِّيَّةِ.
- وَعَيْنَاهَا: وَعَى الْحَدِيثَ يَعِيهِ وَعْياً: حَفِظَهُ وَجَمَعَهُ.
- عَقَلْنَاهَا: عَقَلَ الشَّيْءَ عَقْلاً: فَهِمَهُ وَتَدَبَّرَهُ.
- فَرِيضَةٍ: بِوَزْنِ فَعِيلَةٍ، قَالَ فِي (النهايةِ): (أَصْلُ الفَرْضِ: الْقَطْعُ، وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ فَرْضٍ مَشْرُوعٍ مِنْ فرائضِ اللَّهِ تَعَالَى).
- البَيِّنَةُ: مَا أَبَانَ الْحَقَّ وَأَظْهَرَهُ مِنَ الأَدِلَّةِ.
- الْحَبَلُ: يُقَالُ: حَبِلَتِ الْمَرْأَةُ حَبَلاً؛ أَيْ: حَمَلَتْ، فَهِيَ حُبْلَى، والحَبَلُ بِفَتْحَتَيْنِ: هُوَ الحَمْلُ.


مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- فَاحِشَةُ الزِّنَا مِن الكبائرِ؛ لقولِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً}. [الإسراء: 32] وَكَانَ حَدُّهُ فِي أَوَّلَ الحبسَ فِي الْبَيْتِ؛ لقولِهِ تَعَالَى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ}. [النساء: 15] الآيَةَ.ثُمَّ نُسِخَ بِحَدِيثِ عُبَادَةَ الَّذِي فِي الْبَابِ، وَنَسْخُ الْقُرْآنِ بالسُّنَّةِ جَائِزٌ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لأَنَّ الْكُلَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَإِنِ اخْتَلَفَ طَرِيقُهُ.
2- أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِهِ، فَكَانَ نَصُّهَا: (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ، نَكَالاً مِن اللَّهِ وَاللَّهُ عزيزٌ حَكِيمٌ).
فأميرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً بالحقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا، وَوَعَيْنَاهَا، وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ).
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ: (إِنَّ آيَةَ الرَّجْمِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً، فَنُسِخَتْ تِلاوَتُهَا، وَبَقِيَ حُكْمُهَا مَعْمُولاً بِهِ).
3- الرَّجْمُ لا يَكُونُ إِلاَّ فِي حَقِّ المُحْصَنِ، وَالمُحْصَنُ هُوَ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ – وَلَوْ ذِمِّيَّةً – فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فِي قُبُلِهَا، وَالزَّوْجَانِ مُكَلَّفَانِ حُرَّانِ، فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشروطِ فَلا إِحْصَانَ لواحدٍ مِنْهُمَا.
4- أَمَّا الرَّجْمُ: فَهُوَ الرَّمْيُ بالحجارةِ حَتَّى يَمُوتَ المرجومُ.
5- ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَدِلَّةَ ثُبُوتِ الزِّنَا ثَلاثَةٌ:
الأَوَّلُ: أَنْ يُقِرَّ بِهِ الزَّانِي المُكَلَّفُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا فِي الصحيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مَاعِزٍ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ قَالَ: ((اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ)).
وَأَنْ يُصَرِّحَ بِحَقِيقَةِ وَطْءٍ؛ لِتَزُولَ الشُّبْهَةُ، وألاَّ يَنْزِعَ عَنْ إِقْرَارِهِ حَتَّى يَتِمَّ عَلَيْهِ الحدُّ، فَلَوْ رَجَعَ عَنْ إقرارِهِ قَبْلَ رَجْمِهِ، قُبِلَ رُجُوعُهُ، وَكُفَّ عَنْهُ.
الثَّانِي: أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عُدُولٍ، فَيَصِفُونَ الزِّنَا بِإِيلاجِ ذَكَرِ الرَّجُلِ الزَّانِي فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ المَزْنِيِّ بِهَا.
الثالثُ: أَنْ تَحْبَلَ الْمَرْأَةُ الَّتِي لا زَوْجَ لَهَا وَلا سَيِّدَ، فَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ الْبَابِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَن الإمامِ أَحْمَدَ، اخْتَارَهَا شيخُ الإِسْلامِ، وَقَالَ: (هُوَ المأثورُ عَن الخلفاءِ الراشدِينَ، والأَشْبَهُ بِأُصُولِ الشريعةِ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَإِنَّ الاحتمالاتِ البَارِزَةَ لا يُلْتَفَتُ إِلَيْهَا).
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: (وَحَكَمَ عُمَرُ بِرَجْمِ الحاملِ بِلا زَوْجٍ وَلا سَيِّدٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ؛ اعْتِمَاداً عَلَى القرينةِ الظاهرةِ).
أَمَّا مَذْهَبُ الأَئِمَّةِ الثلاثةِ: أَبُو حَنِيفَةَ، والشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ فَلا حَدَّ عَلَيْهَا؛ لأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَنْ وَطْءٍ أَوْ شُبْهَةٍ، ولأنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ حَامِلٍ فَادَّعَتْ أَنَّهَا مُكْرَهَةٌ، فَقَالَ: خَلِّ سَبِيلَهَا، وَرُفِعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ أُخْرَى، فَقَالَتْ: إِنَّهَا امْرَأَةٌ ثَقِيلَةٌ، فَلَمْ تَسْتَيْقِظْ حَتَّى فَرَغَ. وَقَدْ دَرَأَ عَنْهَا الحَدَّ.
وَرُوِيَ عَن ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ قَالُوا: (إِذَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ الحدُّ، فَادْرَأْ مَا اسْتَطَعْتَ).
قَالَ المُوَفَّقُ بْنُ قُدَامَةَ: (لا خِلافَ أَنَّ الحدَّ يُدْرَأُ بالشُّبُهَاتِ). وَهِيَ مُتَحَقِّقَةٌ هُنَا، وَهَذَا الْقَوْلُ أَرْجَحُ مِنَ الأَوَّلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
6- فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّجْمَ وَقَعَ فِي عهدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا صَحَّ فِي أحاديثَ أُخَرَ.
7- كَمَا يَدُلُّ عَلَى خَشْيَةِ السَّلَفِ عَلَى أحكامِ اللَّهِ وَفَرَائِضِهِ أَنْ تُنْسَى وَتُهْمَلَ بِتَرْكِ الْعَمَلِ بِهَا، كَمَا وَقَعَ الآنَ فِي بُلْدَانِ الْمُسْلِمِينَ، مِنَ الإعراضِ عَنْ أحكامِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى حُكْمِ الطَّاغُوتِ.
8- أَنَّ الأحكامَ الشرعيَّةَ لَيْسَتْ مَحْصُورَةً فِي الْقُرْآنِ الكريمِ، بَلْ قَدْ أُعْطِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ مِنَ الحكمةِ، فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ كُلِّهِ فَكُلُّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى.
خِلافُ الْعُلَمَاءِ:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ مَنْ زَنَا بِذَاتِ مَحْرَمٍ عَلَيْهِ:
فَذَهَبَ الأَئِمَّةُ الثلاثةُ: مَالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ إِلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ غَيْرِهِ مِن الزُّنَاةِ فِي غَيْرِ المحارمِ، يُجْلَدُ البِكْرُ وَيُغَرَّبُ، وَيُرْجَمُ الثَّيِّبُ.
وَذَلِكَ لعمومِ الآيَةِ والخَبَرِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ.
والروايةُ الأُخْرَى عَن الإمامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يُقْتَلُ مُطْلَقاً، سَوَاءٌ كَانَ بِكْراً أَوْ ثَيِّباً، وَهِيَ مِنْ مُفْرَدَاتِ المذهبِ.
قَالَ فِي (شَرْحِ المُفْرَدَاتِ): إِذَا وَطِئَ امْرَأَةً مِنْ مَحَارِمِه المُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ: أُمِّهِ، أَوْ أُخْتِهِ بِعَقْدِ نِكَاحٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فَحَدُّهُ القَتْلُ فِي رِوَايَةٍ، وبهذا قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وإسحاقُ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ؛لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: (لَقِيتُ خَالِي وَمَعَهُ رَايَةٌ، فَقُلْتُ: إِلَى أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَآخُذَ مَالَهُ).
وَلِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ والحاكمُ وَأَحْمَدُ وغيرُهُم عَن ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ فَاقْتُلُوهُ)).
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْهُ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.وَقَالَ الألبانيُّ: ضَعِيفٌ.
وَذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ إِلَى أَنَّ مَنْ وَطِئَ امْرَأَةَ أَبِيهِ بِعَقْدٍ أَوْ بِغَيْرِ عَقْدٍ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ؛ لحديثِ الْبَرَاءِ الَّذِي سَاقَهُ ابْنُ حَزْمٍ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ، وَصَحَّحَ بَعْضَهَا، أَمَّا مَنْ عَدَاهَا مِن المَحَارِمِ، فَحُكْمُ الزِّنَا فِيهَا وَالعَقْدِ عَلَيْهَا كَغَيْرِهَا فِي الحدِّ.
وحديثُ البراءِ جَاءَ بِطُرُقٍ بَعْضُ رِجَالِهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، قَالَ المُنْذِرِيُّ: اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِلافاً كَثِيراً، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ بِي عَمِّي. وَرُوِيَ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ بِي خَالِي أَبُو بُرْدَةَ. والحديثُ إِذَا اخْتَلَفَ فَهُوَ شُبْهَةٌ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بالشُّبُهَاتِ، فالأرجحُ مَذْهَبُ الجمهورِ: أَنَّ حَدَّ الزَّانِي بِذَوَاتِ المحرمِ هُوَ حَدُّ الزَّانِي بِغَيْرِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, حد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir