دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #4  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 07:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: العام لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر.
ش: فهم من تصدير تعريف العام باللفظ أنه من عوارض الألفاظ، والمراد لفظ واحد للاحتراز عن الألفاظ المتعددة الدالة على أشياء متعددة.
وخرج بقوله: (يستغرق) المطلق، فإنه لا يدل على شيء من الأفراد أصلاً، والنكرة في سياق الإثبات مفردة كانت أو مثناة أو مجموعة أو عدداً، فإنها إنما تتناول الأفراد على سبيل البدل.
واحترز بقوله: (الصالح له) عما لا يصلح فعدم استغراق (ما) لمن يعقل، إنما هو لعدم صلاحيتها له، أي: عدم صدقها عليه، لا لكونها غير عامة.
وخرج بقوله: (من غير حصر) أسماء العدد، فإنها متناولة للصالح لها، لكن مع الحصر، وهذا مبني على أنها ليست عامة، وهو المعروف، وبه صرح ابن الحاجب هنا، ومقتضى كلامه في الاستثناء أنها عامة، وتبعه المصنف هناك، وزاد البيضاوي وغيره في هذا التعريف: (بوضع واحد) ليخرج المشترك إذا أريد به معنياه، فإنه مستغرق لما يصلح له لكن بوضعين لا بوضع واحد، فتناوله لهما ليس من العموم ولم يحتج المصنف لذكره، فإن تناول المشترك لمعنييه ليس من الشمول الوضعي بل بحسب الإرادة أو الاحتياط، لكن نقل الآمدي عن الشافعي والقاضي أن حمله على معنييه من باب العموم، وإذا كان كذلك فلا يؤتى بلفظ يخرجه، والله أعلم.
ص: والصحيح دخول النادرة وغير المقصودة تحته، وأنه قد يكون مجازاً، وأنه من عوارض الألفاظ، قيل: والمعاني، وقيل به في الذهني ويقال للمعنى: أعم،ـ وللفظ: عام.
ش: فيه مسائل: الأولى: الصحيح أن الصورة النادرة تدخل في العموم.
وقال الشارح: زعم المصنف أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي حكى فيه خلافاً، ولم أجده في كتبه، وإنما يوجد في كلام الأصوليين اضطراب فيه يمكن أن يؤخذ منه الخلاف، وكذا في كلام الفقهاء، ولهذا اختلفوا في المسابقة على الفيل على وجهين.
أصحهما: نعم، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((لا سبق إلا في خف أو حافر)).
والثاني: لا، لأنه نادر عند المخاطبين بالحديث، وقال الغزالي في (البسيط): لو أوصى برأس من رقيقه جاز دفع الخنثى، وذكر صاحب (التقريب) وجهاً: أنه لا يجزئ، لأنه نادر لا يخطر بالبال، وهو بعيد، لأن العموم يتناوله.
قال الشارح أيضا: وينبغي أن يكون الخلاف فيما ظهر اندراجه في اللفظ، فإن لم يظهر وساعده المعنى فلم أرهم تعرضوا له، وينبغي أن يجري فيه خلاف أصحابنا في بيع الأب مال ولده من نفسه وبالعكس، هل يثبت فيه خيار المجلس؟ وجهان.
والأصح: الثبوت، وإنما خص المتبايعين بالذكر آخراً للكلام على الغالب المعتاد، فلو قال المصنف: (والصحيح دخول النادرة تحت العموم ولو بالمعنى) لشمل، هذه الصورة، انتهى.
الثانية: الصحيح دخول الصورة التي ليست مقصودة في العموم، فإن اللفظ متناول لها، ولا انضباط للمقاصد، وممن حكى الخلاف في ذلك القاضي عبد الوهاب، ويوجد في كلام أصحابنا، ولهذا قال في (البسيط) بعد حكاية الخلاف فيما لو وكله بشراء عبد فاشترى من يعتق على الموكل: وصار الخلاف التعلق بالعموم والالتفات إلى المقصود.
قال المصنف: وليست غير المقصود هي النادرة، كما توهم بعضهم، بل النادرة هي التي لا تخطر غالباً ببال المتكلم، لندرة وقوعها، وغير المقصودة قد تكون مما يخطر بالبال ولو غالباً، وميل الحنابلة إلى عدم الدخول.
الثالثة: الصحيح أن المجاز كالحقيقة في أنه قد يكون عاماً فلم ينقل عن أحد من أئمة اللغة أن الألف واللام أو النكرة في سياق النفي أو غيرهما من صيغ العموم لا يفيد العموم إلا في الحقيقة، وخالف فيه بعض الحنفية، فزعم أن المجاز لا يعم بصيغته، لأنه على خلاف الأصل، فيقتصر به على الضرورة، ورد بأن المجاز ليس خاصاً بمجال الضرورات، بل هو عند قوم غالب على اللغات، واستدل على أن العام قد يكون مجازاً بقوله عليه الصلاة والسلام: ((الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أحل فيه الكلام)) فإن الاستثناء معيار العموم، فدل على تعميم كون الطواف صلاة وكون الطواف صلاة مجاز.
تنبيهان:
أحدهما: قال الشارح: ظهر بهذا أن العبارة مقلوبة، والصواب أن يقال: وأن المجاز يدخل العموم، فإن صورة المسألة أن يشتمل المجاز على السبب المقتضي للعموم من الألف واللام وغيرها، والمحل قابل للعموم، ولهذا ذكر صاحب (البديع) هذه المسألة في بحث المجاز لا في العموم.
ثانيهما: قال الشارح أيضاً: ظن المصنف في (الموانع) أن هذه مسألة المقتضى، وليس كذلك، فإن المقتضى لم يشتمل على دليل العموم، لأنه ليس بملفوظ، وإنما يقدر لأجل صحة الملفوظ فيقتصر على القدر الضروري، بخلاف المجاز المشتمل على أداة العموم، فإنه إذا لم يحملعلى العموم يلزم منه إلغاء دليل العموم، انتهى.
الرابعة: لا خلاف أن العموم من عوارض الألفاظ، وليس المراد وصف اللفظ به مجرداً عن المعنى، بل باعتبار معناه الشامل للكثرة، وعطف المصنف ذلك على ما عبر فيه بالأصح يقتضي خلافاً فيه.
قال الشارح: وينبغي أن يجعل استئنافاً لا عطفاً على ما قبله.
قلت: يمكن أنه أراد من عوارض الألفاظ فقط، فيرجع التصحيح إلى تضعيف القول بأنه من عوارض المعاني أيضاً، لا إلى كونه من عوارض الألفاظ، ولذلك عقبه بقوله: (قيل والمعاني) والذاهبون إليه اختلفوا في أن عروضه للمعاني هل هو حقيقة أو مجاز؟ فقال بعضهم: حقيقة، فكما صح في الألفاظ شمول أمر لمتعدد صح في المعاني شمول معنى لمعاني متعددة بالحقيقة فيهما.
وقال القاضي عبد الوهاب: مراد قائله حمل الكلام على عموم الخطاب، وإن لم يكن هناك صيغة تعمها كقوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة} أن نفس الميتة وعينها لما لم يصح تناول التحريم لها عممنا بالتحريم جميع التصرف فيها من الأكل والبيع واللبس وسائر أنواع الانتفاع، وإن لم يكن للأحكام ذكر في التحريم لا بعموم ولا بخصوص.
وقال آخرون: بل هو مجاز، لأنه لا يتصور انتظامها تحت لفظ واحد إلا إذا اختلفت في أنفسها، وإذا اختلفت تدافعت، وقولهم: عمهم الخصب والرخاء متعدد، فإن ما خص هذه البقعة غير ما خص الأخرى، وعزاه الصفي الهندي للجمهور، والظاهر أن الذي حكاه المصنف هو الأول، فإنه لو أراد الثاني لكان الراجح عنده أنه ليس من عوارض الألفاظ لا حقيقة ولا مجازاً، ولما حكاه الشارح قال: إنه أبعد الأقوال بل في ثبوته نظر.
وفي المسألة قول رابع وهو: أنه من عوارض المعاني الكلية الذهنية، فإن المعنى الذهني واحد متناول لأمور كثيرة بخلاف المعاني الخارجية، لأن كل موجود في الخارج متخصص بمحل وحال مخصوص لا يوجد في غيره، فيستحيل شموله لمتعدد، وهذا بحث للصفي الهندي.
تنبيه
ليس المراد المعاني التابعة للألفاظ، فإنه لا خلاف في عمومها، لأن لفظها عام، وإنما المراد المعاني المستقلة كالمقتضى والمفهوم.
الخامسة: يقال في اصطلاح أهل الأصول للمعنى: أعم وأخص، وللفظ: عام وخاص.
قال القرافي: ووجه المناسبة أن صيغة (أفعل) تدل على الزيادة والرجحان والمعاني أعم من الألفاظ فخصت بصيغة أفعل التفضيل، ومنهم من يقول فيها عام وخاص أيضاً.
ص: ومدلوله كلية، أي محكوم فيه على كل فرد مطابقة، إثباتاً أو سلبا، لا كل ولا كلي.
ش: مدلول العموم كلية، أي: محكوم فيه على كل فرد فرد، بحيث لا يبقى فرد، فقوله تعالى: {اقتلوا المشركين} تنزل منزلة قوله: (اقتلوا زيداً المشرك وعمراً المشرك) وهكذا، حتى لا يبقى فرد منهم إلا تناوله اللفظ، وهذا مثل قولنا: كل رجل يشبعه رغيفان، أي كل واحد على انفراده، وليست دلالته من باب الكل وهو الحكم على المجموع من حيث هو كأسماء العدد، ومنه: كل رجل يحمل الصخرة، أي المجموع.
لا كل واحد، ولا من باب الكلي، وهو ما اشترك في مفهومه كثيرون كالحيوان والإنسان، فإنه صادق على جميع أفراده، ويقابل الكلية الجزئية، والكل الجزء، والكلي الجزئي.
وأشار المصنف بقوله: (مطابقة) إلى الرد على القرافي في إنكاره ذلك، موجهاً له بأن دلالة المطابقة دلالة اللفظ على مسماه بكماله، ولفظ العموم لم يوضع لزيد فقط حتى تكون دلالته عليه بالمطابقة وقد أجاب عن ذلك الأصفهاني في شرح (المحصول) بأن قوله: اقتلوا المشركين في قوة جملة من القضايا لما قررناه من تناوله لكل فرد فرد، فاللفظ لا يدل على قتل زيد المشرك لخصوص كونه زيداً، بل لعموم كونه فرداً من تلك القضايا، والذي في ضمن ذلك المجموع دال عليه مطابقة، وقال: فافهم ما ذكرناه فإنه من دقيق الكلام، وليس هو من دلالة التضمن.
وأشار بقوله: (إثباتاً أو سلباً) إلى أن صيغة العموم قد تكون في الإثبات نحو قوله: {فاقتلوا المشركين} وقد تكون في السلب نحو: لا تقتلوا مسلماً، وكلاهما كلية، وأما سلب العموم نحو: ما كل عدد زوجاً، فليس من العموم في شيء، فإنه لا يرتفع فيه الحكم عن كل فرد فرد، إذ يلزم عليه أن لا يكون في العدد زوج، فقط ظهر بذلك أن تنبيه الشارح هنا غير محتاج إليه، والله أعلم.



المجلد الثاني


ص: ودلالته على أصل المعنى قطعية، وهو عن الشافعي – رحمه الله – وعلى كل فرد بخصوصه ظنية وهو عن الشافعية، وعن الحنفية قطعية.
ش: دلالة العام على أصل المعنى قطعية بلا خلاف، فلا معنى لتخصيص الشافعي بحكاية ذلك عنه، وأما دلالته على كل فرد بخصوصه بحيث يستغرق الأفراد ففيه مذهبان:
أحدهما: وبه قال الشافعية: أنها ظنية.
ثانيهما: أنها قطعية، وعزاه المصنف للحنفية، أي: أكثرهم فقد ذهب أبو منصور الماتريدي ومن تبعه من مشايخ سمرقند إلى أنها ظنية، ونقل الإبياري في (شرح البرهان) القطع عن المعتزلة وقال إمام الحرمين: الذي صح عندي من مذهب الشافعي أن الصيغة العامة لو صح تجردها عن القرائن لكانت نصا في الاستغراق فإنما التردد فيما عدا الأقل من جهة عدم القطع بانتفاء القرائن المخصصة. انتهي.
وعبارة المصنف توهم خلافه.
واعلم أن محل الخلاف في التجرد عن القرائن فإن اقترن به ما يدل على التعميم فدلالته على الأفراد قطعية بلا خلاف نحو قوله تعالى: {والله بكل شيء عليم}، {لله ما في السماوات وما في الأرض}، {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} وإن اقترن به ما يدل على أن المحل غير قابل للتعميم فهو كالمجمل يجب التوقف فيه إلى ظهور المراد منه نحو قوله تعالى: {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة}.
ص: وعموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال والأزمنة والبقاع وعليه الشيخ الإمام.
ش: العام في الأشخاص عام في الأحوال والأزمنة والبقاع، وحكاه المصنف عن والده، وصرح به من المتقدمين أبو المظفر السمعاني في (القواطع) وقال جماعة من المتأخرين: بل هو مطلق باعتبار الأحوال والأزمنة والبقاع، فقوله: {فاقتلوا المشركين} يتناول كل مشرك لكن لا يعم الأحوال حتى يقبل في حال الذمة والهدنة و لا خصوص المكان، حتى يدل على المشركين في أرض الهند مثلا، ولا الزمان حتى يدل على القتل يوم الأحد مثلا.
وقد أشاع هذا الكلام القرافي وظن أنه يلزم من هذه القاعدة أنه لا يعمل بعام في هذه الأزمنة، لأنه قد عمل بها في زمن ما، والمطلق يكتفى بالعمل به في صورة، ورد ذلك الشيخ تقي الدين في (شرح العمدة) وقال: تجب المحافظة على ما تقتضيه صيغة العموم في كل ذات، فإن كان المطلق مما لا يقتضي العمل به مرة مخالفة لمقتضى صيغة العموم اكتفينا في العمل به مرة واحدة، وإن كان العمل به مرة واحدة مما يخالف مقتضى صيغة العموم قلنا بالعموم، محافظة على مقتضى صيغته، لا من حيث إن المطلق يعم، فإذا قال: من دخل داري فأعطه درهما، لم يجز حرمان الداخلين آخر النهار، لأنه مطلق في الزمان لما يلزم عليه من إخراج بعض الأشخاص بغير تخصيص ذكر ذلك في الكلام على حديث أبي أيوب لما قدم الشام فوجد مراحيض قد بنيت قبل القبلة، وكان أبو أيوب من أهل اللسان والشرع، وقد استعمل قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا تستقبلوا ولا تستدبروا)) عاما في الأماكن، وهو مطلق فيها، وعلى ما قال هؤلاء لا يلزم منه العموم، وعلى ما قلناه نعم، لأنه إذا خرج عنه بعض الأماكن خالف صيغة العموم في النهي عن الاستقبال والاستدبار.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
العام

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:37 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir