دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #7  
قديم 5 شعبان 1443هـ/8-03-2022م, 11:44 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إنشاد راجح مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
توكلت على المولى القدير
منه التوفيق والمعونة والتأييد


الجزء الأول من فهرسة مقدمة ابن جرير الطبري رحمه الله

* خطبة المصنف:
- استهلال.
- تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
- القرآن المعجزة الباقية.
- خاتمة.
- التقديم للتفسير.

*
تأصيل عربية القرآن، وإعجازه في البيان:
- فضل البيان، وتفاوت الناس فيه.
- بيان القرآن المعجز.

- الاستدلال على عربية القرآن.

* القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم
- الآثار التي فهم منها وجود ألفاظ أعجمية في القرآن.
- موقف ابن جرير من القول بوجود ألفاظ أعجمية في القرآن الكريم.
- الرد على من استدل بأقوال السلف بنسبة بعض الألفاظ إلى غير العربية:
- تأويل ابن جرير قول القائل: (في القرآن من كل لسان).
- تقرير ابن جرير عربية القرآن.

* القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب
- الآثار الواردة في نزول القرآن على سبعة أحرف:
- بيان ما جاء من ألفاظ في آثار نزول القرآن على سبعة أحرف:
- معنى كلها شاف كاف.
- معنى: (الظهر والبطن، والحد والمطلع).
- بيان معنى قوله: (ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب، ولا ذكر عذاب برحمة)، وقوله: ( عليم حكيم غفور رحيم).
- بيان ما جاء في اختلاف الصحابة في القراءة، والنهي عن ذلك.
- بيان ما جاء من آثار في أن المراء في القرآن كفر.
- بيان خلاصة مما تقدم من مجموع الروايات والآثار.

- بيان المراد بالأحرف السبعة التي نزل بها القرآن:
- بيان ابن جرير لما في جاء في بأن الأحرف السبعة سبعة أوجه، كالحلال والحرام ونحوه:
- معنى كان الكتاب الأول نزل على حرف واحد، ونزل القرآن على سبعة أحرف.
- معنى إن الكتاب الأول نزل من باب واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب.
- أدلة ابن جرير على إبطال ما قيل أن الأحرف السبعة هى سبعة أوجه، كالحلال والحرام ونحوه.
- المراد بالأحرف السبعة عند ابن جرير رحمه الله.
- الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف.
- مسائل في الأحرف السبعة:

- مسألة: العلة التي أوجبت الثبات على حرف واحد من الأحرف السبعة.
- مسألة: مصير الأحرف الستة الأخرى التي نزل بها القرآن بعد جمع القرآن على حرف واحد.
- مسألة : بيان ترك الأحرف التي أقرأها الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته وأمرهم بها.
- مسألة : علاقة الاختلاف في شكل الكلمات بالأحرف السبعة.


* خطبة المصنف:
- استهلال:
- أتم ابن جرير رحمه الله تفسيره سنة ست وثلاثمائة، وقد برع في استهلاله.
- فبدأ بحمد الله عز وجل والثناء عليه
بوحدانيته وتفرده بعظيم صفاته، وتعدد الأدلة على ألوهيته وربوبيته التي بها ثبتت حجته، وقهر بعزته وسلطانه جميع خلقه، قال الله تعالى:(ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال).
- وأعظم أدلة الحق تعالى إرسال الرسل لإبطال حجة المعاندين المكذبين، قال الله تعالى: (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل).
- وأيد رسله بالمعجزات البينة والحجج البالغة، لئلا يتقول القائل منهم: (ما هذا إلابشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون * ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون).

- تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء:
- وقد خص الله الرسل بالفضل على سائر خلقه بالاصطفاء وبلاغ الرسالة، فجعلهم سفراء بينه وبين عباده، وفضل بعض رسله على بعض فمنهم من خصه بالتكليم ومنهم من أيده بروح القدس، ومنهم من أجرى على يديه الإبراء والإحياء.
- واختص الله عز وجل خاتم النبيين بالكرامة والفضل الأعظم، والحظ الأجزل في درجات النبوة ومن الأتباع والأصحاب، وبعثه بالدعوة التامة والرسالة العامة وحفظه وأيده حتى أظهر دينه، وأوضح سبيل الحق للمسترشدين، واضمحلت ظلمات البطلان.
- وبقيت رسالته تزيدها الأيام ائتلاقا وإشراقا، بخلاف ما سبق، فلم تندثر شمسها منذ أن انبلجت.
- فالحمد لله على ما شرفنا به من إيمان وكرمنا به من تصديق واتباع للنبي الكريم وخاتم المرسلين.


- القرآن المعجزة الباقية:
- أعظم منة على أمة الإسلام كتابها القويم، الذي اختصها الله به، وحفظه بحفظه.
- جعل الله عز وجل القرآن دليلا على حقيقة نبوة خاتم رسله، وأبان عن اختصاص أمته بالفضل والكرامة، وكان حجة بالغة على المخالفين، وفصل بين الحق والباطل، وأعجز العالمين على أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.
- فكان القرآن هدى وهداية لمن اتبعه، قال الله تعالى: (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم).
- وهو أحق ما صرفت إليه عناية العباد، فهو العلم بالله وبكلامه، وهو سلوك سبيل الرشاد.

- خاتمة
- الدعاء بإصابة صواب القول في محكمه ومتشابهه، وحلاله وحرامه، وعامه وخاصه، ومجمله ومفسره، وناسخه ومنسوخه، وظاهره وباطنه، وتأويل آية وتفسير مشكله.
- والتوفيق للاعتصام بمحكمه والثبات على التسليم بمتشابهه، وشكر نعم حفظه والعلم به.

- التقديم للتفسير:
- قدم ابن جرير رحمه الله لتفسيره بأنه كتابا مستوعبا لكل ما بالناس إليه الحاجة من علمه.
- جامعا كافيا عن غيره من الكتب.
- ناقلا للإجماع ومبيناً للاختلاف في تأويل آياته، مع توجيه الأقوال لكل حجة.
- مرجحا للصحيح منها بأوجز ما يكون وأخصره.

*تأصيل عربية القرآن، وإعجازه في البيان:
- فضل البيان، وتفاوت الناس فيه:
- من النعم العظيمة على العباد منحهم البيان الذي به الإفصاح عن مكنون الصدور وحاجات النفوس، والأعظم من ذلك هو توحيد الله وتسبيحه بالمنطق القويم.
- والناس تتفاوت في البيان بين خطيب مفوهٍ، ومن لا يكاد يبين.
- وأعلى الناس في ذلك رتبة من أوصلته بلاغته إلى التعبير عن حاجة نفسه، وبيانه عن مراده، وقربَته من سامعه.
-وقد ذكر الله عز وجل اختصاص أصحاب الرتب العالية في البيان بالفضل على من دونهم من البكم ومستعجمي اللسان، فقال الله تعالى: (أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين).

- بيان القرآن المعجز:
- وبيان القرآن الكريم قد بلغ من المنازل أعلاها، وجاوز ما يقدر عليه أفصح العرب بيانا.
- ولما كان بيان القرآن بهذا الوصف فقد صار حجة وبرهان على الرسالة وصدقها.
- وكما جرت سنة الله بتأييده لرسله بالمعجزات للدلالة على صدق رسالتهم، فقد جعل القرآن الكريم ببيانه المعجز دال على صدق نبيه صلى الله عليه وسلم، كما جعل لعيسى عليه السلام معجزة الإحياء والشفاء فأعجز طبَ زمانه.
- وأمام بيان القرآن عجز العباد على أن يأتوا بمثل بعضه، حتى أصحاب صناعة الخطب والبلاغة وأهل اللسان والمنطق أقروا بعجزهم إلا من كان فيهم مستكبرا فأفصح عن ضعف عقله بتكلفه ما تيقن من عدم قدرته عليه.
- وبذلك علم أن فضل بيان القرآن وكلام الله على بيان جميع الخلق، كفضل الله عز وجل على جميع خلقه.

- الاستدلال على عربية القرآن:

- ولما كان بيان القرآن بهذه المنزلة العظيمة والرتبة الرفيعة، استوجب أن يكون من له شارحا، ومبينا فيفهمه المخاطبون به.
- وما أرسل الله رسولا إلى قوم إلا بلسانهم ليفهموا عنه، قال الله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم).
- وقد أنزل الله عز وجل القرآن بلسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم العربي المبين، قال تعالى: (وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل بهالروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين).
-
وقد جعل الله مهمة بيان كلامه للرسول صلى الله عليه وسلم فقال تعالى مخاطبا له: (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون).
- وعلم من ذلك أن القرآن جاءت معانيه موافقة لمعاني كلام العرب، متسق ظاهره مع ظاهر كلامهم.
- وإن كان الأمر كذلك استوجب أن يكون في القرآن نظائر لما في كلام العرب من أساليب بيانية كالإيجاز والاختصار والإطالة والإكثار والتكرار والكناية والإظهار والإسرار والتقديم والتأخير ونحو ذلك.

* القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم
- تأصيل ابن جرير لعربية القرآن في الباب السابق أبان عن موقفه من القول بوجود ألفاظ أعجمية في القرآن الكريم، وهو محور هذا الباب، ولا يُنكر وقوع ألفاظ أعجمية في القرآن وهى أسماء الأعلام كاسم إبراهيم وهود، أما مدار الحديث هنا على الألفاظ التي هى من جنس المسميات التي تطلق ويراد بها معنى معين، وقد عرفت في لغة العرب ولغة غيرهم لفظا ومعنى.

- الآثار التي فهم منها وجود ألفاظ أعجمية في القرآن:
- ذكر ابن جرير بعضا مما استدل به القائلون بوجود ألفاظ أعجمية في القرآن الكريم مما رواه هو عن بعض السلف، ومن ذلك ما رواه ابن جرير:
- عن محمد بن حميد الرازي عن حكام بن سلم عن عنبسة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن أبي موسى في قول الله تعالى: (يؤتكم كفلين من رحمته)،
قالالكفلان: (ضعفان من الأجر، بلسان الحبشة.)
- وعن ابن حميد عن حكام عن عنبسة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباسفي قول الله تعالى: (إن ناشئة الليل) قال: بلسان الحبشة إذا قام الرجل من الليل قالوا: نشأ.
-
وعن ابن حميد عن حكام عن عنبسة عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة في قول الله تعالى: (يا جبال أوبي معه) قال: سبحي، بلسان الحبشة ؟
- وعن محمد بن خالد بن خداش الأزدي عن سلم ابن قتيبة عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله: (فرت من قسورة) قال: (هو بالعربية الأسد، وبالفارسية شار، وبالنبطية أريا، وبالحبشية قسورة.)
- وعن ابن حميد عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال: قالت قريش: لولا أنزل هذا القرآن أعجميا وعربيا؟ فأنزل الله تعالى ذكره: (ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء)فأنزل الله بعد هذه الآية في القرآن بكل لسان فمنه:(حجارة من سجيل)قال: (فارسية أعربت "سنك وكل".)
- وعن محمد بن بشار عن عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة قال: (في القرآن من كل لسان.)

- موقف ابن جرير من القول بوجود ألفاظ أعجمية في القرآن الكريم:
- ابن جرير كما تقدم أصّل لعربية القرآن، فهو ينكر وقوع ألفاظ أعجمية في القرآن.
- ولا ينكر وجود اتفاق بين بعض الألسن في بعض الألفاظ تتحد في معناها، كما وقع في الفارسية والعربية باشتراكهما في بعض الألفاظ كالدرهم والدينار والقرطاس وغير ذلك.
- واستنكر ابن جرير أن يقال بانتماء لفظة إلى لسان دون آخر دون دليل قطعي يفيد العلم بأصل اللفظة ومخرجها، والإتيان بدليل على ذلك متعذر.

- الرد على من استدل بأقوال السلف بنسبة بعض الألفاظ إلى غير العربية:
- يقال في ذلك أنه يجوز اشتراك اللفظة بين لسانين أو أكثر إذا كانت مستعملة في بيانها ومنطقها في تلك الألسن بنفس اللفظ والمعنى، لا أن ينسب أصلها للغة دون أخرى، فلا يقال مثلا أنها لفظة غير عربية وأُعربت.
- فيقال في اللفظة المشتركة أنها عربية حبشية مثلا، أي أنها تستعمل في لسان العرب وتستعمل في لسان الحبشة، والقول بأن اللفظة عربية لا ينفي حبشيتها وأن القول بأنها حبشية لا ينفي عربيتها.
- وهذا الأمر الذي تتوجه به أقوال السلف الذين قالوا في بعض ألفاظ القرآن بأنها حبشية أو نبطية أو غير ذلك من لغات أخرى، فنسبتها للغة لا يعني إبطال نسبتها إلى لغة أخرى.
- والأمر في اللغات مثله كما في وصف شيء بصفتين لا تنفي إحداهما الأخرى، كما يقال للأرض الواقعة بين سهل وجبل، أنها أرض سهلية جبلية، فهى موصوفة بكلا الوصفين، وإن اقتصر الوصف على أنها سهلية لم يكن ذلك نفيا كونها جبلية.
- ومن قاس اجتماع اللغات في لفظة أو ألفاظ، على اجتماع الأنساب فهو جاهل، فاجتماع الأنساب محصور في طرف دون آخر وليس ذلك في اللغات، فهذا قياس باطل.

- تأويل ابن جرير قول القائل: (في القرآن من كل لسان):
- وقول القائل أن: (في القرآن من كل لسان)، فتأوله ابن جرير: (أن فيه من كل لسان اتفق فيه لفظ العرب ولفظ غيرها من الأمم التي تنطق به).
- ومن الخطأ أن يفهم من هذا القول أن في القرآن من البيان ما ليس بعربي، ولا جائزة نسبته إلى لسان العرب.

- تقرير ابن جرير عربية القرآن:
- كما سبق واستدل ابن جرير على عربية القرآن في الباب الأول، فقد قرر هذا هنا بأمرين:
- أحدهما: بطلان أن يقع في القرآن لفظ غير عربي أو يكون بعض القرآن عربي وبعضه بلغة أخرى، وقد أخبر الله عز وجل أنه جعله قرآنا عربيا.
- تعليق:والتشكيك في عربية القرآن شبهة يحاول أن يدلف منها المشككون إلى إبطال القرآن وإبطال نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أحسن ابن جرير بقوله أنه غير ممتنع أن تشترك اللفظة بين اللغات لفظا ومعنى، ومن قال بانتسابها لقوم دون آخرين فليأت بدليل.
- الآخر: لا يعقل أن يخاطب العرب بالقرآن وقد حوى من لغات النبط والروم والحبشة وغيرها مما لا يعرفوه ولا يفهموه، فهذا ممتنع عقلا أن يخاطب قوم بلغة لا يعلمونها.

* القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب
- قد تقرر نزول القرآن بلغة العرب، لكن العرب مختلفو الألسن والمنطق، فبأي لغة من لغاتهم نزل؟
- سبيل معرفة ذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي جعل الله عز وجل بيان القرآن إليه.
- وقد ورد من الآثار ما يدل على نزول القرآن على سبعة أحرف.

- الآثار الواردة في نزول القرآن على سبعة أحرف:
- روى ابن جرير عن خلاد بن أسلم عن أنس بن عياض عن أبي حازم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أنزل القرآن على سبعة أحرف، فالمراء في القرآن كفر -ثلاث مرات- فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه).
- ومن طريقين عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنزل القرآن على سبعة أحرف، عليم حكيم، غفور رحيم).

-وعن يونس عن سفيان عن عمرو بن دينار، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنزل القرآن على سبعة أحرف، كلها شاف كاف).
-
وعن يونس عن ابن وهب عن سليمان بن بلال عن أبي عيسى بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، عن جده عبد الله بن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف، كل كاف شاف).
-وروى من طريقين عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل حرف منها ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع).

- ومن طريقين عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده فيزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف).قال ابن شهاب: (بلغني أن تلك السبعة الأحرف، إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا، لا يختلف في حلال ولا حرام).
- وعن ابن البرقي عن ابن أبي مريم عن نافع بن يزيد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(أقرأني جبريل القرآن على حرف، فاستزدته فزادني، ثم استزدته فزادني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف).
- ومن طرق عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن أم أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نزل القرآن على سبعة أحرف، أيها قرأت أصبت).
- وعن محمد بن مرزوق عن أبي الوليد عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس بن مالك عن عبادة بن الصامت عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنزل القرآن على سبعة أحرف).

- وعن عمرو بن عثمان العثماني عن ابن أبي أويس، قال: حدثنا أخي، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ولا حرج، ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب، ولا ذكر عذاب برحمة).

- ومما رواه ابن جرير عن أبي كريب عن زيد بن الحباب عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال جبريل: اقرأ القرآن على حرف. قال ميكائيل: استزده. فقال: على حرفين. حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف، ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب، كقولك: هلم وتعال).

- ومن طريقين عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله- ابن مسعود-: (إني قد سمعت القرأة، فوجدتهم متقاربين فاقرأوا كما علمتم، وإياكم والتنطع، فإنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال).

- وعن يعقوب بن إبراهيم عن ابن علية عن أيوب عن محمد، قال: (نبئت أن جبرائيل وميكائيل أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقال له جبرائيل: اقرأ القرآن على حرفين. فقال له ميكائيل: استزده. فقال: اقرأ القرآن على ثلاثة أحرف. فقال له ميكائيل: استزده. قال: حتى بلغ سبعة أحرف، قال محمد: لا تختلف في حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي، هو كقولك: تعال وهلم وأقبل). قال: وفي قراءتنا: (إن كانت إلا صيحة واحدة) في قراءة ابن مسعود (إن كانت إلا زقية واحدة).
- وعن يحيى بن داود الواسطي عن أبي أسامة عن الأعمش، قال: (قرأ أنس هذه الآية: (إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا) فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة، إنما هي: (وأقوم) فقال: أقوم وأصوب وأهيأ، واحد).

- بيان ما جاء من ألفاظ في آثار نزول القرآن على سبعة أحرف:
- معنى كلها شاف كاف:
- أي فيها الشفاء والكفاية، فيستشفي بمواعظه المؤمنون مما يعرض لهم من أدواء ووساوس وخطرات سوء، فتكفيهم وتغنيهم عن غيره.
-وقد قال الله تعالى: (
يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين).

- معنى: (الظهر والبطن، والحد والمطلع):
- قال ابن جرير أن الظهر معناها الظاهر في التلاوة، وأن البطن، هو ما بطن من تأويله.
- وأن لكل حرف حدا أي: أن لكل وجه من أوجهه السبعة حدا، حده الله لا يجوز تعديه، والمطلع أي: أن لكل حد من حدود الله التي حدها فيه -من حلال وحرام، وسائر شرائعه- مقدارا من ثواب الله وعقابه، يعاينه في الآخرة، ويطلع عليه ويلاقيه في القيامة.
** كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
(لو أن لي ما في الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع)، يعني بذلك ما يطلع عليه ويهجم عليه من أمر الله بعد وفاته
.

- بيان معنى قوله: (ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب، ولا ذكر عذاب برحمة)، وقوله: ( عليم حكيم غفور رحيم)
- في ذلك بيان عدم جواز تغيير ألفاظ القرآن، فقوله: (ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب، ولا ذكر عذاب برحمة)، أي لا تبدلوا آية الرحمة بآية عذاب، ولا آية عذاب بآية رحمة، فهذا يخل بالمعنى، كذلك قوله: (عليم حكيم، غفور رحيم) فالظاهر والله أعلم أنه لو أخطأ القارئ فيها أنه لا حرج عليه لأنها كلها من صفات الله عز وجل، ولا يفهم من ذلك الإقرار على ذلك أو جواز تعمده،، بل وجب عليه التصويب بما تواتر وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ، وسيأتي بيان أن الخلاف في القرآن كفر.
- وقد روى ابن جرير عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب: أن الذي ذكر الله تعالى ذكره
(إنما يعلمه بشر)
إنما افتتن أنه كان يكتب الوحي، فكان يملي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: سميع عليم، أو عزيز حكيم، أو غير ذلك من خواتم الآي، ثم يشتغل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الوحي، فيستفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: أعزيز حكيم، أو سميع عليم أو عزيز عليم؟ فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أي ذلك كتبت فهو كذلك) ففتنه ذلك، فقال: إن محمدا وكل ذلك إلي، فأكتب ما شئت. وهو الذي ذكر لي سعيد بن المسيب من الحروف السبعة.
- ولم أقف على صحة هذا الأثر، وإن صح فيحمل على ما تقدم بيانه.

- بيان ما جاء في اختلاف الصحابة في القراءة، والنهي عن ذلك:
- تبين مما تقدم من آثار نزول القرآن على سبعة أحرف، وقد وردت آثار أخرى تفيد بنزول القرآن على سبعة أحرف ووقوع اختلاف الصحابة في القراءة وتحاكمهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الآثار ما رواه ابن جرير:
- عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقع بينه وبين هشام بن حكيم اختلافا في القراءة في سورة الفرقان، واحتكم عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم قراءة عمر وقراءة هشام أقرهما كل على قرائته، فقال لكل منهما: (هكذا أنزلت)، وقال: (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منها).

- وعن أبي كريب محمد بن العلاء عن أبي بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن ابن مسعود، أن رجلان اختلفا في سورة، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فتغير وجهه، وقال: (اقرأوا كما علمتم -فلا أدري أبشيء أمر أم شيء ابتدعه من قبل نفسه- فإنما أهلك من كان قبلكم اختلافهم على أنبيائهم).
قال: (فقام كل رجل منا وهو لا يقرأ على قراءة صاحبه. نحو هذا ومعناه).

- وعن أحمد بن منيع عن يحيى بن سعيد الأموي عن الأعمش عن عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود: (تمارينا في سورة من القرآن، فقلنا: خمس وثلاثون أو ست وثلاثون آية. قال: فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدنا عليا يناجيه، قال: فقلنا: إنا اختلفنا في القراءة. قال: فاحمر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم"وقال: (إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم بينهم).قال: ثم أسر إلى علي شيئا، فقال لنا علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرأوا كما علمتم).
- وبنحوه عن سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي عن الأعمش.

- وعن أبي كريب عن يحيى بن آدم عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن فلان العبدي -قال أبو جعفر: ذهب عنى اسمه-، عن سليمان بن صرد، عن أبي بن كعب، أنه سمع قراءة من رجل فانطلق به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأقره على قرائته، وأقر أبي بن كعب على قرائته أيضا، فكأنما دخل الشك إلى أبي، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده على صدر أبي، وقال: (اللهم أذهب عن أُبيٍّ الشك)... ثم قال:(إن الملكين أتياني، فقال أحدهما اقرأ القرآن على حرف. وقال الآخر: زده. قال: فقلت: زدني. قال: اقرأه على حرفين. حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأ على سبعة أحرف).
- وبنحوه عن إسماعيل بن موسى السدي عن شريك عن أبي إسحاق عن سليمان بن صرد مرفوعا.

- وفي رواية أبي كريب من طرق عن حميد الطويل عن أنس بن مالك عن أبي قال: (ما حاك في صدري شيء منذ أسلمت، إلا أني قرأت آية، فقرأها رجل غير قراءتي، فقلت: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم". وقال الرجل: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: "أقرأتني آية كذا وكذا؟"قال: ((بلى)). قال الرجل: ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال(بلى، إن جبريل وميكائيل أتياني، فقعد جبريل عن يميني، وميكائيل عن يساري، فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف واحد. وقال ميكائيل: استزده، قال جبريل: اقرأ القرآن على حرفين. فقال ميكائيل: استزده. حتى بلغ ستة أو سبعة).
- والشك من أبي كريب ولم يشك ابن بشار، وفي حديثه: (حتى بلغ سبعة أحرف).

-وعن
أبي كريب عن عبيد الله بن موسى عن عيسى بن قرطاس عن زيد القصار عن زيد بن أرقم، قال: كنا معه في المسجد فحدثنا ساعة ثم قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أقرأني عبد الله بن مسعود سورة، أقرأنيها زيد وأقرأنيها أبي بن كعب، فاختلفت قراءتهم، فقراءة أيهم آخذ؟) قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وعلي إلى جنبه، فقال علي: (ليقرأ كل إنسان كما علم، كل حسن جميل).

- وعن عبيد الله بن محمد الفريابي عن عبد الله بن ميمون عن عبيد الله -يعني ابن عمر
- عن نافع عن ابن عمر قال:(سمع عمر بن الخطاب رجلا يقرأ القرآن، فسمع آية على غير ما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى به عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن هذا قرأ آية كذا وكذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنزل القرآن على سبعة أحرف، كلها شاف كاف).

- وعنأحمد بن منصور عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن حرب بن ثابت من بني سليم عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه، عن جده، قال: (قرأ رجل عند عمر بن الخطاب فغير عليه، فقال: لقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يغير علي. قال: فاختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ألم تقرئني آية كذا وكذا؟)قال: (بلى!)قال: (فوقع في صدر عمر شيء، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وجهه، قال: فضرب صدره)وقال: (ابعد شيطانا) -قالها ثلاثا- ثم قال: (يا عمر، إن القرآن كله صواب، ما لم تجعل رحمة عذابا أو عذابا رحمة).

- بيان ما جاء من آثار في أن المراء في القرآن كفر:
- وتقدم أيضا في بيان شأن نزول القرآن على سبعة أحرف، النهي عن الاختلاف فيه، وأنه الخلاف فيه كفر، ومما روي من آثار أيضا:
-ما رواه ابن جرير عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن سليمان بن بلال عن يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي جهيم الأنصاري، أن رجلان اختلفا في آية، وكل يقول بتلقيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقال: (إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن المراء فيه كفر).
- وعن ابن حميد عن جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن عبد الله، قال: (من كفر بحرف من القرآن، أو بآية منه، فقد كفر به كله.)
- وعن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن هشام بن سعد عن علي بن أبي علي عن زبيد عن علقمة النخعي قال: لما خرج عبد الله بن مسعود من الكوفة اجتمع إليه أصحابه فودعهم، ثم قال: (لا تنازعوا في القرآن، فإنه لا يختلف ولا يتلاشى، ولا يتفه لكثرة الرد. وإن شريعة الإسلام وحدوده وفرائضه فيه واحدة، ولو كان شيء من الحرفين ينهى عن شيء يأمر به الآخر، كان ذلك الاختلاف. ولكنه جامع ذلك كله، لا تختلف فيه الحدود ولا الفرائض، ولا شيء من شرائع الإسلام. ولقد رأيتنا نتنازع فيه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأمرنا فنقرأ عليه، فيخبرنا أن كلنا محسن. ولو أعلم أحدا أعلم بما أنزل الله على رسوله مني لطلبته، حتى أزداد علمه إلى علمي. ولقد قرأت من لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة، وقد كنت علمت أنه يعرض عليه القرآن في كل رمضان، حتى كان عام قبض، فعرض عليه مرتين، فكان إذا فرغ أقرأ عليه فيخبرني أني محسن. فمن قرأ على قراءتي فلا يدعنها رغبة عنها، ومن قرأ على شيء من هذه الحروف فلا يدعنه رغبة عنه، فإنه من جحد بآية جحد به كله).

- وعن يعقوب عن ابن علية عن شعيب - يعني ابن الحبحاب – قال: (كان أبو العالية إذا قرأ عنده رجل لم يقل): (ليس كما تقرأ) وإنما يقول: (أما أنا فأقرأ كذا وكذا) قال: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي، فقال: (أرى صاحبك قد سمع: (أن من كفر بحرف منه فقد كفر به كله).

- بيان خلاصة مما تقدم من مجموع الروايات والآثار:
- إفادة نزول القرآن على سبعة أحرف.
- أنها منزلة من عند الله عز وجل، وليست باجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: (هكذا أنزلت).
- التخيير في القراءة بأي منها لقوله صلى الله عليه وسلم: (فاقرأوا ما تيسر منها).
- إقرار كل صحابي على القراءة التي قرأ بها مما علمه النبي صلى الله عليه وسلم.
وإصابة الحق بأي قراءة منها قرأ القارئ، وأن كلها شاف كاف.
- نهي النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة عن الاختلاف في القراءة، وأن الاختلاف سبيل الهلكة.
- المراء في القرآن كفر، ومن كفر بحرف من القرآن فقد كفر به كله.


- بيان المراد بالأحرف السبعة التي نزل بها القرآن:
- ورد عن بعض سلف الأمة وخلفها أقوالا في أن المراد بالأحرف السبعة، الأمر والزجر، والترغيب والترهيب، والقصص ونحو ذلك، وقد روى ابن جرير في ذلك آثارا:
- فعن أبي كريب
عن ابن فضيل عن إسماعيل بن أبي خالد من خبر أبي بن كعب الذي ذكر فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف، من سبعة أبواب من الجنة).

- وعن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن حيوة بن شريح عن عقيل بن خالد عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا).

- وعن محمد بن بشار عن عباد بن زكريا،عن عوف عن أبي قلابة، قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنزل القرآن على سبعة أحرف، أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل وقصص ومثل). وهو مرسل.


- وروي عن ابن مسعود خلاف ذلك، فعن أبي كريب عن المحاربي عن الأحوص بن حكيم عن ضمرة بن حبيب عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود، قال: (إن الله أنزل القرآن على خمسة أحرف: حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال. فأحل الحلال، وحرم الحرام، واعمل بالمحكم، وآمن بالمتشابه، واعتبر بالأمثال).

- بيان ابن جرير لما في جاء في بأن الأحرف السبعة سبعة أوجه، كالحلال والحرام ونحوه:
- اختلفت ألفاظ الروايات في هذا الخبر، وقال ابن جرير أن مدار هذه الروايات على معان متقاربة، لأن القول بأن فلان مقيم على باب من أبواب هذا الأمر أو وجه من وجوه هذا الأمر أو على حرف من هذا الأمر سواء.
- فالروايات التي جاء فيها: (سبعة أبواب)، والروايات التي فيها: (سبعة أحرف)، معناها متفق، وقد استدل لذلك بإظهار ترادف كلمتي (وجه) و(حرف)، ففي قول الله تعالى: (ومن الناس من يعبد الله على حرف)،أخبر الله عز وجل أن قوما عبدوه على وجه من وجوه العبادة، وهو المراد بـ (على حرف)،أي أنهم عبدوه على وجه الشك لا على اليقين.
- والروايات على اختلاف ألفاظها دالة على الفضيلة والكرامة التي خص الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم وأمته.

- وقال ابن جرير أنهم عنوا أن القرآن نزل على سبعة أوجه، وأن الأبواب السبعة من الجنة هى المعاني التي فيها، وهى: باب الأمر، وباب النهي، وباب الحلال، وباب الحرام، وباب الإيمان بالمحكم، وباب التسليم للمتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، وباب الاعتبار بأمثال القرآن والاتعاظ بمواعظ، فإذا عمل العامل بتلك المعاني، وانتهى إلى حدودها المنتهي، استوجب به الجنة، وذلك موافق لما قاله المتقدمون، وفيما يأتي بيانه:

- معنى كان الكتاب الأول نزل على حرف واحد، ونزل القرآن على سبعة أحرف:
- أنزل الله الكتب على رسله، وجميعها إنما أنزلت على لسان واحد، ونزل القرآن على ألسن سبعة.
- ومتى قرأ القارئ لتلك الكتب على غير اللسان التي نزل بها اعتبر ذلك ترجمة وتفسيرا لا تلاوة لما أنزله الله عليه.
- ومتى قرأ القارئ القرآن بأي لسان من تلك الألسن التي بها نزل اعتبر تاليا لا مترجما ولا مفسرا.
- فإن تحول عن تلك الألسن السبعة في القرآن عد ذلك ترجمة إن أصاب معناه ولم يُحوره.

- معنى إن الكتاب الأول نزل من باب واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب:
- تأول ابن جرير نزول الكتاب الأول من باب واحد أي من باب واحد من أبواب الجنة.
- فالكتب قبل القرآن خلت من الحدود والأحكام والحلال والحرام، فكل كتاب اشتمل على معنى من تلك المعاني التي حواها القرآن الكريم، فالزبور اشتمل على التذكير والمواعظ، والإنجيل فيه تمجيد ومحامد وحض على الصفح والإعراض.

- والمتعبدون لله بأحد تلك الكتب سبيلهم للتقرب منه سبحانه، وبلوغ جنته ذلك الوجه الوحد الذي نزل به كتابهم.
- أما الأوجه السبعة التي نزل بها القرآن، فكل وجه منها نزل من باب من أبواب الجنة السبعة.
- والعامل بكل وجه من أوجهه السبعة، عامل على باب من أبواب الجنة، وطالب من قبله الفوز بها.

- أدلة ابن جرير على إبطال ما قيل أن الأحرف السبعة هى سبعة أوجه، كالحلال والحرام ونحوه:
- الأول: أوضح دليل هو نفي الله عز وجل وجود الاختلاف في الأحكام في القرآن، قال الله تعالى: (
أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا).
- الثاني:
ما روي عن عمر بن الخطاب، وعن ابن مسعود، وعن أبي بن كعب وغيرهم من روايات ثابتة أن الاختلاف الذي وقع بين الصحابة في القراءة كان اختلافا في التلاوة واللفظ لا اختلافا في المعنى.
- الثالث: كذلك إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لكل من قرأ أمامه من المختلفين في القراءة، ولو كان الاختلاف في الحلال والحرام والأمر والنهي لصوب أحدهم وأقره، وأبطل قول الآخر، ولم يفعل، ولو فعل لناقض ذلك قول الله تعالى بعدم وجود الاختلاف في القرآن.
- الرابع: أمر كل قارئ منهم أن يلزم قراءته، فيه دليل على إقرار الاختلاف في القراءة، ولم يتطرق إلى المعنى.
- الخامس: تماري الصحابة واختلافهم كان في اللفظ لا في المعنى، والذي ظهر من الروايات أنهم اختلفوا عند السماع من بعضهم بعضا.
- السادس: يمتنع أن يقضي النبي صلى الله عليه وسلم بحكمين مختلفين في وقت واحد، فلا يحل لقارئ حكما، ويحرمه لآخر.
- السابع: ما
روي عن ابن مسعود، فعن محمد بن المثنى عن أبي داود عن شعبة عن أبي إسحاق، عمن سمع ابن مسعود يقول: (من قرأ منكم على حرف فلا يتحولن، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله لأتيته).
- وعن ابن المثنى عن عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن عبد الرحمن بن عابس عن رجل من أصحاب عبد الله، عن عبد الله بن مسعود، قال: (من قرأ القرآن على حرف فلا يتحولن منه إلى غيره).
- وإن كان في الأثر مجهول إلا أنه يعضد ما جاء من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم كل صحابي ما قرأ.
-ولا يستقيم أن يكون المراد هو أن من قرأ من الأمر والنهي فلا يتحول منه إلى قراءة الوعد والوعيد.
- فالمعني من كلام ابن مسعود، أنه رحمة من الله بعباده أن يقرأ كلٌ بحرفه أي بقرائته التي علم ولا يتحول عنها إلى غيرها رغبة عنها.
- والرغبة عن قراءة أنزلت من عند الله كفر، ومن كفر ببعض القرآن فقد كفر به كله.
- الثامن: أن المتأول للسبعة أحرف أنها السبعة أوجه من الأمر والنهي، وأوّل على ذلك ما ورد من آثار عن بعض السلف كمجاهد وسعيد بن جبير وغيرهم من قراءة بخمسة أحرف أو حرفين أو ثلاثة، فمنشأه عدم الدراية بمكانتهم ومعرفتهم بآي القرآن.
** ومن تلك الآثار، ما رواه ابن جرير عن محمد بن حميد الرازي عن حكام عن عنبسة عن ليث عن مجاهد: (أنه كان يقرأ القرآن على خمسة أحرف).
** وعن ابن حميد عن حكام عن عنبسة عن سالم: (أن سعيد بن جبير كان يقرأ القرآن على حرفين).
** وعن ابن حميد عن جرير عن مغيرة، قال: (كان يزيد بن الوليد يقرأ القرآن على ثلاثة أحرف).
- التاسع: ما رواه ابن جرير عن أحمد بن حازم الغفاري عن أبي نعيم عن أبي خلدة عن أبي العالية، قال: (قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل خمس رجل، فاختلفوا في اللغة، فرضي قراءتهم كلهم، فكان بنو تميم أعرب القوم).

- المراد بالأحرف السبعة عند ابن جرير رحمه الله:
- يراد بالأحرف السبعة سبعة ألسن من ألسن العرب، واللسان واللغة بمعنى واحد، فالأحرف السبعة هى لغات سبع من لغات العرب.
- وألسن العرب أكثر من سبعة مما يعجز عن إحصائه، فالقرآن نزل ببعض ألسن العرب.
- وقرر ابن جرير أن اختلاف الأحرف السبعة إنما هو اختلاف ألفاظ، كالقول: هلم وتعال، باتفاق المعاني، لا باختلاف معان موجبة اختلاف أحكام، وما ذُكر من آثار فيه الكفاية عن الإعادة.
- ولا يفهم من ذلك أن الأحرف السبعة متفرقة في سور القرآن ويستدل على فساد ذلك آثار اختلاف الصحابة واحتكامهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
- ولا أن الحرف في كتاب الله مقروء بسبع لغات، فذلك لم يعد موجودا الآن بعد جمع المصحف في عهد عثمان رضي اله عنه على حرف واحد.

- الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف:
- أحد هذه الحكم هو التخفيف والتيسير على الأمة.
- وهذا مستخلص مما رواه ابن جرير عن أبي كريب عن حسين بن علي وأبي أسامة عن زائدة عن عاصم عن زر عن أبي قال:
لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء فقال: (إني بعثت إلى أمة أميين، منهم الغلام والخادم والشيخ العاسي والعجوز)، فقال جبريل: (فليقرأوا القرآن على سبعة أحرف).ولفظ الحديث لأبي أسامة.
- وعن محمد بن عبد الأعلى الصنعاني عن المعتمر بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن سيار أبي الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أن رجلان اختصما في آية وكل يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه، واختلف معهما أبي، فاحتكموا جميعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لكل منهم لما سمع قرأته: (أصبت)، فدخل من الشك لأبي، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وجهه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة وقال:(إنه أتاني آت من ربي فقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد. فقلت: رب خفف عن أمتي. قال: ثم جاء الثانية فقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد. فقلت: رب خفف عن أمتي. قال: ثم جاء الثالثة فقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد. فقلت: رب خفف عن أمتي. قال: ثم جاءني الرابعة فقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة. قال: قلت: رب اغفر لأمتي، رب اغفر لأمتي، واختبأت الثالثة شفاعة لأمتي، حتى إن إبراهيم خليل الرحمن ليرغب فيها).
- ومن طرق عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه. وما في معناه.

- وعن أبي كريب عن محمد بن فضيل عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن جده عن أبي بن كعب، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب خفف عن أمتي. قال: اقرأه على حرفين. فقلت: رب خفف عن أمتي. فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب من الجنة، كلها شاف كاف).

- ومن طرق عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار فأتاه جبريل فقال: (إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف واحد. قال: فقال: (أسأل الله مغفرته ومعافاته - أو قال: ومعافاته ومغفرته - سل الله لهم التخفيف، فإنهم لا يطيقون ذلك) ، فكرر ذلك حتى رجع فقال في الأخيرة: (إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منها بحرف فهو كما قرأ.)

- وفي رواية : ثم جاءه الرابعة فقال: (إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا).

- مسائل في الأحرف السبعة:
- مسألة: العلة التي أوجبت الثبات على حرف واحد من الأحرف السبعة:
- أورد ابن جرير آثارا فيها بيان تلك العلة، وهى خشية وقوع الاختلاف بين المسلمين، وإشفاقا عليهم، وحذار الردة من بعضهم بتكفير بعضهم بعضا، وتكذيب بعض الأحرف التي لم يعلموا عنها.
- وقد تقدم بيان نهي النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة عن الاختلاف في القرآن، وبيان أن المراء في القرآن كفر، فكان جمعهم على حرف واحد، وقبلت الأمة بذلك.

- روى ابن جرير من طريقين عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه زيد، أثرا في ذلك خلاصته أن أبا بكر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وقتل كثير من حفظة القرآن في اليمامة رأى جمع القرآن، بعد إشارة من عمر بن الخطاب، فجمع القرآن في صحيفة واحدة بتكليف زيد بن ثابت في ذلك.
- ولما كان عهد عثمان، ورأى حذيفة اختلاف المسلمين في القراءة وتنازعهم في ذلك أثناء غزوة أرمينية، وكان الحضور من أهل الشام والعراق، فأهل الشام كانوا على قراءة أبي بن كعب، وأهل العراق كانوا على قراءة ابن مسعود، فصار يكفر بعضهم بعضا.
- فأمر عثمان زيد بكتابة المصحف مع أبان بن سعيد بن العاص، وأمرهما بالرجوع إليه فيما اختلفا فيه، فلما رجعا إليه في لفظ (التابوت) فكتبت بلسان قريش، وحين أرادوا أن يكتبوا قول الله تعالى:
(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ..) الآية، فوجودها عند رجل أنصاري يدعى خزيمة بن ثابت، وكذلك رجعوا إلى رجل أنصاري آخر يدعى خزيمة وجدوا عنده قول الله تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم) إلى آخر السورة.
- ثم عرض عثمان المصحف الذي جمعه على الصحيفة التي جمعها أبو بكر وكانت عند حفصة، فلم يختلفا في شيء، فطابت نفس عثمان، وأمر الناس أن يكتبوا المصاحف.

- وعن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن أنس بن مالك الأنصاري: أنه اجتمع لغزوة أذربيجان وإرمينية أهل الشام وأهل العراق، فتذاكروا القرآن، فاختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة. فركب حذيفة بن اليمان - لما رأى اختلافهم في القرآن - إلى عثمان، فقال: (إن الناس قد اختلفوا في القرآن، حتى إني والله لأخشى أن يصيبهم مثل ما أصاب اليهود والنصارى من الاختلاف). قال: ففزع لذلك فزعا شديدا، فأرسل إلى حفصة فاستخرج الصحف التي كان أبو بكر أمر زيدا بجمعها، فنسخ منها مصاحف، فبعث بها إلى الآفاق
.

- وعن يعقوب بن إبراهيم عن ابن علية عن أيوب عن أبي قلابة، قال: (
لما كان في خلافة عثمان، جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون، حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين) - قال أيوب: فلا أعلمه إلا قال-: حتى كفر بعضهم بقراءة بعض. فبلغ ذلك عثمان، فقام خطيبا فقال: (أنتم عندي تختلفون فيه وتلحنون، فمن نأى عني من أهل الأمصار أشد فيه اختلافا وأشد لحنا. اجتمعوا يا أصحاب محمد، فاكتبوا للناس إماما). ...) وفيه: (فلما فرغ من المصحف، كتب عثمان إلى أهل الأمصار: (إني قد صنعت كذا وكذا، ومحوت ما عندي، فامحوا ما عندكم).

- مسألة: مصير الأحرف الستة الأخرى التي نزل بها القرآن بعد جمع القرآن على حرف واحد:
- تقدم بيان جمع عثمان القرآن على حرف واحد لائتلاف الأمة، وعدم اختلافها.
- فأما الأحرف الستة الأخرى فهى لم تنسخ فترفع، ولم تضيعها الأمة، لأن الأمة مأمورة بحفظ القرآن، والقراءة والحفظ بأي حرف من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن هو حفظ للقرآن.
- والقراءة بحرف واحد مثله كمن له أن يكفر عن حنثه في يمينه من كفارات ثلاث فاختار واحدة، فيكون مصيبا للحكم.
- فالأمة خيرت في حفظ القرآن وقراءته، فاختارت حرف واحد والثبات عليه.
- والأحرف الستة الأخرى درست من الأمة وعفت آثارها، ولا يقرأ أحد بها الآن، مع عدم إبطالها أو إنكارها. [وهذا اختيار ابن جرير الطبري، وما رجحه ابن تيمية -رحمهما الله- أن القراءات السبعة هي بعض الأحرف السبعة]

- مسألة : بيان ترك الأحرف التي أقرأها الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته وأمرهم بها:
- فإن أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بالقراءة لم يكن أمر إيجاب وفرض، بل كان كان أمر إباحة ورخصة.
- ولو كان فرضا ما جاز لهم أن يتركوا حرفا من الأحرف السبعة.
- وقد اقتضت مصلحة الأمة اختيار حرف منها والثبات عليه.

- مسألة : علاقة الاختلاف في شكل الكلمات بالأحرف السبعة:
- والمراد به اختلاف القراءة رفع والجر والنصب، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة.
- الاختلاف في القراءة على هذا المعنى، ليس مما يتعلق بالأحرف السبعة، وهذا الاختلاف لا يوجب المراء باتفاق علماء الأمة.

- مسألة: بيان الألسن التي نزل بها القرآن من ألسن العرب:
- أما الألسن الستة التي نزلت القراءة بها فلا حاجة لمعرفتها، وقد عفت واندرست.
- وقد قيل أن خمسة أحرف من السبعة هى لهوازن، واثنين منها لقريش وخزاعة. وهو مروي عن ابن عباس.
- ولا يصح الاحتجاج بذلك المروي لأن الراوي هو الكلبي عن أبي صالح، ومن روى عنه أن لسانين منها لقريش وخزاعة هو قتادة، وقتادة لم يلق ابن عباس ولم يسمع منه.
- حتى أن ابن جرير في نقله لرواية قتادة لم يسم من سمع هو نفسه عنه، قال: (حدثني بذلك بعض أصحابنا).
- وفي رواية أخرى روى ابن جرير عمن لم يسمه عن صالح بن نصر عن شعبة عن قتادة عن أبي الأسود الدئلي، قال
: (نزل القرآن بلسان الكعبين: كعب بن عمرو وكعب بن لؤي).قال خالد بن سلمة لسعد بن إبراهيم: (ألا تعجب من هذا الأعمى! يزعم أن القرآن نزل بلسان الكعبين؛ وإنما نزل بلسان قريش! )
- وقال ابن جرير: والعجز من هوازن: سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف.

الحمد لله رب العالمين









بسم الله الرحمن الرحيم
توكلت على الحي الذي لا يموت

الجزء الثاني من فهرسة مقدمة ابن جرير الطبري رحمه الله

* بيان وجوه مطالب تأويل القرآن:
- تأويل جميع القرآن على أوجه ثلاثة:
- الوجه الأول: ما اختص الله نفسه الكريمة بعلمه.
- الوجه الثاني: ما يعرف تأويله ببيان النبي صلى الله عليه وسلم.
- الوجه الثالث: ما كان علمه عند أهل اللسان العربي.

* التفسير بالرأي، حكمه وأدلته، وبيان سبيل سلوك الاجتهاد في التفسير:
- حكم التفسير بالرأي.
- أدلة النهي عن القول في القرآن بالرأي.
- تورع السلف عن القول بالرأي في القرآن.
- سبيل إصابة الحق في تأويل القرآن.

* أهمية علم التفسير وطريقة السلف في تلقيه وذكر بعض مفسري السلف وأحوالهم.
- أهمية علم التفسير وحصول التدبر.
- طريقة السلف في تلقي القرآن.
- مكانة السلف في علم التفسير:
- ما جاء في علم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بالتفسير.
- ما جاء في علم عبد الله بن عباس رضي الله عنه بالتفسير.
- ما جاء في علم مجاهد بن جبر رحمه الله بالتفسير.
- مسائل في بعض رواة التفسير:
- ما جاء في رواية الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنه.
- ما جاء مذموما علمه بالتفسير.

* ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن
- أثر عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم لم يفسر إلا القليل اليسير من القرآن:
- رد ابن جرير على ما احتج به من أثر عائشة رضي الله عنها وآثار السلف.

* القول في تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه:
- أسماء التنزيل:
1. القرآن.
2. الفرقان.
3. الكتاب.
4. الذكر.
- أسماء سور القرآن:
- ما جاء في تسمية بعض سور القرآن مجموعة.
- الآثار التي ورد فيها تسميتها.
- تسمية السورة بهذا الاسم.
- تسمية الآية بهذا الاسم.

* القول في تأويل أسماء فاتحة الكتاب:
- أسماء الفاتحة، وبيان سبب التسمية:
1. فاتحة الكتاب.
2. أم القرآن.
3. السبع المثاني.




* بيان وجوه مطالب تأويل القرآن:
- ذكر ابن جرير وجوه يؤخذ منها تفسير القرآن الكريم، ومستنده في ذلك ما رواه عن ابن عباس، فعن محمد بن بشار عن مؤمل عن سفيان عن أبي الزناد عن ابن عباس، قال: (التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله).

- تأويل جميع القرآن على أوجه ثلاثة
:
- الوجه الأول: ما اختص الله نفسه الكريمة بعلمه:

- وهذا الوجه لا سبيل للوصول إلى تأويله، ومنه وقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسى عليه السلام، ووقت طلوع الشمس من مغربها، وما أشبه ذلك.
- قال الله تعالى: (يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
- وما جاء من كلام النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الوجه يبين عن عدم علمه بأوقات تلك الأحداث، لكنه ذكر أشراط تلك الوقائع وأدلتها.
- ويستدل لعدم علمه صلى الله عليه وسلم بأوقات الوقوع، بقوله صلى الله عليه وسلم: (إن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيجه، وإن يخرج بعدي، فالله خليفتي عليكم).
- وهذا الحديث بروايات عند مسلم وأحمد.

- الوجه الثاني: ما يعرف تأويله ببيان النبي صلى الله عليه وسلم:
- وهذا الوجه هو ما خص الله بعلم تأويله نبيه صلى الله عليه وسلم دون سائر أمته، ولا سبيل للعباد لتأويل ذلك الوجه إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم لهم.
- قال الله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون)، وقال تعالى: (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون)، وقال تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب).
- وهذا البيان فيه تأويل جميع وجوه الأمر والنهي، والأحكام والحدود والفرائض، وما كان للعباد فيه حاجة.
- وهذا النوع لا يجوز لأحد القول فيه بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح الثابت عنه.

- الوجه الثالث: ما كان علمه عند أهل اللسان العربي:
- وهذا الوجه هو ما ذكره ابن عباس بقوله: (وجه تعرفه العرب من كلامها).
-
فيكون العالم باللسان العربي على علم بإعرابه، ومسميات الأسماء اللازمة غير المشترك فيها، والموصوفات بصفاتها الخاصة دون الواجب من أحكامها وصفاتها وهيئاتها مما خص الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعلمه وبيانه.
- ومثال ذلك أن يعلم معنى الإفساد والإصلاح في قول الله تعالى: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)، فالإفساد هو ما ينبغي تركه لمضرته، والإصلاح هو ما ينبغي فعله لمنفعته، ولا يضر الجهل بوجوه معاني الإفساد والإصلاح.

- أما الوجه الرابع الذي جاء في أثر ابن عباس: وهو (وجه لا يُعذر أحد بجهالته) فلم يذكره ابن جرير نظرا لوضوحه، فهو مما لا يسع أحد الجهل به، وهذا الذي يعيه السامع ويعقله ذو اللب.
- وقد روى ابن جرير عن يونس بن عبد الأعلى الصدفي عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن الكلبي عن أبي صالح عن مولى أم هانئ عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أنزل القرآن على أربعة أحرف: حلال وحرام لا يعذر أحد بالجهالة به، وتفسير تفسره العرب، وتفسير تفسره العلماء، ومتشابه لا يعلمه إلا الله، ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب).

- وقال ابن جرير أن في إسناده نظر.

* التفسير بالرأي، حكمه وأدلته، وبيان سبيل سلوك الاجتهاد في التفسير:
- حكم التفسير بالرأي:
- والمراد بالرأي هنا هو الرأي المذموم، وهو المراد به عند الإطلاق، وهو الذي اصطلح عليه المتقدمون.
- قال ابن جرير أن تأويل القرآن الذي لا يعلم من طريق النبي صلى الله عليه وسلم أو ما نُص على دلالته عليه فلا يجوز لأحد أن يقول فيه برأيه.
- والمخطئ والمصيب في هذا التأويل سواء، فالمصيب إصابته من طريق التخرص والظن لا من الطريق الصحيح لبلوغ التأويل.
- ويستدل لهذا بما رواه ابن جرير عن العباس بن عبد العظيم العبري عن حبان بن هلال عن سهيل أخي حزم عن أبي عمران الجوني عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ).

- أدلة النهي عن القول في القرآن بالرأي:
- حرم الله عز وجل على عباده أن يقولوا في كتابه بغير علم، قال تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون).
- ومن الآثار التي رواها ابن جرير في ذلك:
- ما رواه من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار).
** وفي رواية: (أو بما لا يعلم)، في رواية: (بغير علم).
- وعن محمد بن حميد عن الحكم بن بشير عن عمرو بن قيس الملائي عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)
- وعن ابن حميد عن جرير عن ليث عن بكر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (من تكلم في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار).
- وعبد الأعلى منكر الحديث، لكن الأثر ثبت من روايات أخرى.

- تورع السلف عن القول بالرأي في القرآن:
- وكان السلف خاصة الصحابة يتورعون عن القول في القرآن برأيهم، مع كمال علمهم، وأجره على اجتهادهم، وذلك من تعظيمهم كتاب الله.
- وقد روى ابن جرير من طريقين عن أبي معمر قال: قال أبو بكر الصديق: (أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في القرآن ما لا أعلم
!).
- وفي رواية: (في كتاب الله برأيي أو بما لا أعلم).

- سبيل إصابة الحق في تأويل القرآن:
- ولما ذكرنا ما يتعلق بالرأي المذموم، فقد يقول قائل فما السبيل إلى إصابة الحق في التأويل، وقد علم أن التأويل لا يكون إلا من طرق، فما طريق الوصول إلى ما لم يعلم تأويله.
- وجواب ذلك أن يعرف بالرجوع إلى ما فسر به الرسول صلى الله عليه وسلم من جهة النقل المستفيض، أو مما كان من جهة العدول الأثبات عنه مما لم يكن فيه النقل المستفيض.
- أو إلى ما صحت دلالته مما كان مدركا من جهة اللسان، وأقيم عليه البرهان مما عرف من أشعار العرب ومشهور كلامهم.
- ولا يخرج المتأول عن تفسير الصحابة والتابعين وأئمة السلف وعلماء الأمة.
- وتكون معرفة مصيب الحق في هذا التأويل بالحجة الأوضح.

* أهمية علم التفسير وطريقة السلف في تلقيه وذكر بعض مفسري السلف وأحوالهم.
- أهمية علم التفسير وحصول التدبر:
- حث الله عز وجل على الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ والبينات، قال الله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب)، وقال تعالى: (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون * قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون).
-
والاعتبار لا يكون إلا بتدبر القرآن، وتدبر القرآن لا يكون إلا بمعرفة تأويله، فعُلم أن تفسير القرآن هو سبيل التدبر.
- وفي حاجة الناس للعلم بالتفسير روى ابن جرير عن أبي كريب عن ابن يمان عن أشعث بن إسحاق عن جعفر، عن سعيد بن جبير، قال: (من قرأ القرآن ثم لم يفسره، كان كالأعجمي أو كالأعرابي)
.
- وقد جرت العادة على أن الاعتبار يكون بما فُهم معناه، فلا يمكن أن يقال لغير العالم بلغة العرب اعتبر بما في قصيدة من قصائد العرب من أمثال ومواعظ إلا أن يفهم أولا كلام العرب ويعلم معانيه، ثم يتدبر ويتعظ ويعتبر.
- ويخرج من ذلك ما استأثر الله بعلمه وتاويله، فلا سبيل للوصول لتأويله، ولا يدخل مما يعتبر به من جهة الأحكام والشرائع.

- طريقة السلف في تلقي القرآن:
- وكانت عادة السلف كما ظهر مما روي من آثار مكثهم في السورة يتعلمونها أوقاتا طويلة، وذلك لتعلم المعنى والعمل بها.
- روى ابن جرير عن محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي عن أبيه عن الحسين بن واقد عن الأعمش، عن شقيق عن ابن مسعود، قال: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن
.)
-
وعن ابن حميد عن جري عن عطاء عن أبي عبد الرحمن، قال: (حدثنا الذين كانوا يقرئوننا: أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا).

- مكانة السلف في علم التفسير:
- روى ابن جرير بسنده آثار تدل على مكانة السلف في علم التفسير، ومنهم من كان محمودا علمه بالتفسير،
وممن علم عنه ذلك عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

- ما جاء في علم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بالتفسير:
- فعن أبي كريب عن جابر بن نوح عن الأعمش عن مسلم عن مسروق، قال: قال عبد الله: (والذي لا إله غيره، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت؟ وأين نزلت؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته).
- وعن يحيى بن إبراهيم المسعودي عن أبيه عن أبيه عن جده عن الأعمش عن مسلم، عن مسروق، قال:
(كان عبد الله يقرأ علينا السورة، ثم يحدثنا فيها ويفسرها عامة النهار
.)

- ما جاء في علم عبد الله بن عباس رضي الله عنه بالتفسير:
-
روى ابن جرير عن أبي السائب سلم بن جنادة عن أبي معاوية عن الأعمش عن شقيق قال: (استعمل علي ابن عباس على الحج، قال: فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور، فجعل يفسرها.)
-
وعن محمد بن بشار عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: (قرأ ابن عباس سورة البقرة، فجعل يفسرها، فقال رجل: لو سمعت هذا الديلم لأسلمت.)
- وعن أبي كريب عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش، قال: (قال أبو وائل: ولي ابن عباس الموسم؛ فخطبهم، فقرأ على المنبر سورة النور، والله لو سمعها الترك لأسلموا.) فقيل له: حدثنا به عن عاصم؟ فسكت.
-وعن أبي كريب عن ابن إدريس عن الأعمش، عن شقيق، قال:
(شهدت ابن عباس وولى الموسم، فقرأ سورة النور على المنبر، وفسرها، لو سمعت الروم لأسلمت!).
- وروى ابن جرير من طرق عن ابن مسعود قال: (نعم ترجمان القرآن ابن عباس).

- ما جاء في علم مجاهد بن جبر رحمه الله بالتفسير:
- عن أبي كريب عن طلق بن غنام،عن عثمان المكي عن ابن أبي مليكة قال: (رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، فيقول له ابن عباس: "اكتب"، قال: (حتى سأله عن التفسير كله)
-
ومن طريق محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد، قال:
(عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها.)
** وفيه منقبة لابن عباس أيضا.، فكان أحد معلمي مجاهد.
-
وعن عبيد الله بن يوسف الجبيري عن أبي بكر الحنفي عن سفيان الثوري قال: (إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.)

- مسائل في بعض رواة التفسير:
- ما جاء في رواية الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنه:
- وأورد بن جرير آثار دلت على عدم سماع الضحاك من ابن عباس، وهذا يفيد في التحقق من صحة ما نسب إلى ابن عباس من طريق الضحاك.
- روى ابن جرير عن محمد بن المثنى عن سليمان أبي داود عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة، قال:
(لم يلق الضحاك ابن عباس، وإنما لقي سعيد بن جبير بالري، فأخذ عنه التفسير).
- وعن ابن المثنى عن أبي داود عن شعبة عن مشاش، قال: ( قلت للضحاك: سمعت من ابن عباس شيئا؟ قال: لا.)
- فرواية الضحاك عن ابن عباس أسقط منها سعيد بن جبير.

- ما جاء مذموما علمه بالتفسير:
- ذكر ابن جرير بعضا ممن ذُم علمهم بالتفسير مثل أبي صالح باذان، والكلبي، والسدي وروى في ذلك آثارا:
- فعن أبي كريب عن ابن إدريس عن زكريا، قال: كان الشعبي يمر بأبي صالح باذان، فيأخذ بأذنه فيعركها ويقول: (تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن
! )
- وعن عبد الله بن أحمد بن شبويه عن علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (والله يقضي بالحق) قال: قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة (إن الله هو السميع البصير) قال الحسين: فقلت للأعمش: حدثني به الكلبي، إلا أنه قال: ((إن الله قادر أن يجزى بالسيئة السيئة وبالحسنة عشرا، فقال الأعمش: (لو أن الذي عند الكلبي عندي ما خرج مني إلا بخفير)).
- وعن ابن البرقي عن عمرو بن أبي سلمة عن سعيد بن بشير عن قتادة، قال:
(ما بقي أحدا يجري مع الكلبي في التفسير في عنان).
-
وعن سليمان بن عبد الجبار عن علي بن حكيم الأودي عن عبد الله بن بكير عن صالح بن مسلم، قال: ((مر الشعبي على السدي وهو يفسر، فقال: (لأن يضرب على استك بالطبل، خير لك من مجلسك هذا)).
-
وعن سليمان بن عبد الجبار عن علي بن حكيم عن شريك عن سلم بن عبد الرحمن النخعي، قال: (كنت مع إبراهيم، فرأى السدي، فقال: (أما إنه يفسر تفسير القوم)).


* ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن

- أثر عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم لم يفسر إلا القليل اليسير من القرآن:
- روى ابن جرير من طريقين عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: (ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل).
- وقد احتُج على ابن جرير بهذا الأثر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد أي اليسير القليل من القرآن.
- وقد روي عن السلف ما يفهم منه إحجامهم عن القول في القرآن، وقد يعضد ذلك المروي ما يؤخذ من أثر عائشة من وجه، ومما رواه ابن جرير من تلك الآثار:
- ما رواه عن أحمد بن عبدة الضبي عن حماد بن زيد عن عبيد الله بن عمر، قال: (لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع)
.
- وما رواه من طرق عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: (
لا أقول في القرآن شيئا)، وفي رواية: ( كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن).
- وما رواه من طريق محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني، قال ابن سيرين: (سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: ذهب الذين كانوا يعلمون فيم أنزل القرآن، فاتق الله وعليك بالسداد)، وفي رواية: ( عليك بالسداد، فقد ذهب الذين علموا فيم أنزل القرآن.)
- ومارواه عن يعقوب
عن ابن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة: أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها.
-
وما رواه عن يعقوب عن ابن علية عن مهدي بن ميمون عن الوليد بن مسلم، قال: (جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله، فسأله عن آية من القرآن، فقال له: أحرج عليك إن كنت مسلما، لما قمت عنى - أو قال: أن تجالسني).
- وما رواه عن محمد بن المثنى عن محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال: (سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن، فقال: لا تسألني عن القرآن، وسل من يزعم أنه لا يخفى عليه شيء منه- يعني عكرمة.)
- وما رواه عن العباس بن الوليد عن أبيه عن عبد الله بن شوذب عن يزيد بن أبي يزيد، قال: (كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع).
-
وما رواه عن ابن المثنى عن سعيد بن عامر عن شعبة عن عبد الله بن أبي السفر، قال: (قال الشعبي: والله ما من آية إلا قد سألت عنها، ولكنها الرواية عن الله تعالى.)
-
وما رواه عن يعقوب بن إبراهيم عن ابن علية، عن صالح -يعني ابن مسلم- قال: (حدثني رجل، عن الشعبي، قال: ثلاث لا أقول فيهن حتى أموت: القرآن، والروح، والرأي).

- رد ابن جرير على ما احتج به من أثر عائشة رضي الله عنها وآثار السلف:
- رد ابن جرير على ما جاء في أثر عائشة رضي الله عنها أن في إسناده علة، ففيه جعفر بن محمد الزبيري وهو ممن لا يعرف في أهل الآثار، فلا يجوز الاحتجاج به.

- ومع ذلك فلو فُرض صحة الإسناد فقد بين ابن جرير تأويله من وجهين:
- أما الأول: أن في الأثر توكيد أن من تأويل القرآن ما لا يعلم إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أجمل في القرآن من أمر ونهي وحلال وحرام وحدود وفرائض بينه النبي صلى الله عليه وسلم، لحاجة العباد إليه، وبيان النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا ببيان من عند الله، أعلمه لنبيه صلى الله عليه وسلم بوحيه إليه سواء كان بجبيريل أو بغيره، وبيان النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الوجه لا شك أنه لآي ذوات عدد.

- وأما الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين للعباد ما احتاجوا لتأويله ممتثلا أمر ربه، كما قال الله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون).
- ولا يصح أن يفهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفسر من القرآن إلا القليل من آيه واليسير من حروفه، بل أن النبي صلى الله عليه وسلم مأمور بالبلاغ ومن بلاغه بيان معاني كتاب الله للناس لا أن يترك لهم بيان ما أنزل إليهم.
- ويؤيده صحة الخبر عن عبد الله بن مسعود بقيله: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن.

-وأما ما ورد من آثار عن إحجام السلف عن القول في القرآن لا يحمل على عدم علمهم بالتفسير، بل هو إحجام يحذر منه عدم بلوغ أداء ما كلف من إصابة صواب القول، لا أن التأويل محجوب عن علماء الأمة وغير موجود فيهم، فهم في هذا كمن يحجم عن الفتيا في النوازل والحوادث إحجام خائف عدم بلوغه مرتبة اجتهاد العلماء، لا إحجام جاحد أن يكون لله حكم موجود بين أظهر عباده، فالسلف يقرون بإكمال الدين قبل قبض النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الله عز وجل قد بين له في كل نازلة وحادثة حكما موجودا بنص أو دلالة.

* القول في تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه:
- أسماء التنزيل:
- سمى الله عز وجل التنزيل أربعة أسماء وهى:
1. القرآن:
- قال الله تعالى: (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين)، وقال تعالى: (إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون).

- معنى القرآن:
- اختلف المفسرون في تأويل معنى القرآن، وذكر ابن جرير قولان عن السلف.

- القول الأول: أن القرآن من التلاوة والقراءة، وهو قول ابن عباس.
- والقرآن مصدر من (قرأت القرآن)،كقول القائل: الغفران من غفر الله لك.
- واستدل ابن جرير بما رواه عن يحيى بن عثمان بن صالح السهمي عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: (فإذا قرأناه) يقول: بيناه، (فاتبع قرآنه) يقول: اعمل به
.
** ومعنى قول ابن عباس هذا: فإذا بيناه بالقراءة، فاعمل بما بيناه لك بالقراءة.
- ويؤكد صحة تأويل حديث ابن عباس هذا، ما رواه ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال: (
إن علينا جمعه وقرآنه) قال: أن نقرئك فلا تنسى (فإذا قرأناه) عليك (فاتبع قرآنه) يقول: إذا تلي عليك فاتبع ما فيه.
** وورد فيه التصريح عن ابن عباس أن معنى (القرآن) عنده القراءة، وإنه مصدر من قول القائل: قرأت.


- القول الثاني: من الجمع والضم والتأليف، وهو قول قتادة.
- وهو من قول القائل: قرأت الشيء إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض.
- ويدل على معنى الجمع والضم ما قاله عمرو بن كلثوم التغلبي:

تريك إذا دخلت على خلاء وقد أمنت عيون الكاشحينا
ذراعى عيطــل أدمــــاء بكــــر هجان اللون لم تقرأ جنينا
يعني بقوله: (لم تقرأ جنينا)، لم تضمم رحما على ولد.

- وروى ابن جرير عن بشر بن معاذ العقدي عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى: (إن علينا جمعه وقرآنه) يقول
: حفظه وتأليفه، (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) يقول: اتبع حلاله، واجتنب حرامه.
-
وبمثله رواه عن محمد بن عبد الأعلى الصنعاني عن محمد بن ثور عن معمر عن قتادة.

- اختيار ابن جرير لأصل معنى (القرآن) وتوجيه ذلك:
- وذهب ابن جرير إلى اختيار قول ابن عباس مع قوله أن كلا القولين له وجه صحيح في اللغة، إنما اختار قول ابن عباس وهو بمعنى التلاوة والقراءة، وذلك للآتي:
- أن الله عز وجل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم باتباع ما أوحي إليه، كما قال تعالى:
(فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) ولم يرخص له في ترك ذلك إلى وقت تأليف القرآن، ولو كان معنى (فاتبع قرآنه): فاتبع ما ألفنا لك، فلم يلزمه فرض (اقرأ باسم ربك الذي خلق) ولا فرض (يا أيها المدثر * قم فأنذر) قبل أن يؤلف إلى ذلك غيره من القرآن، ولا يقال بذلك.
- وإذ صح أن حكم كل آية من آي القرآن كان لازما النبي صلى الله عليه وسلم اتباعه والعمل به، مؤلفة إلى غيرها أم لا، صح تأويل ابن عباس الذي عُني به في قول الله تعالى:
(فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) فإذا بيناه لك بقراءتنا، فاتبع ما بيناه لك بقراءتنا.
- ويشهد لهذا بقول الشاعر:

ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
** يعني به قائله: تسبيحا وقراءة.

- فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يسمى (قرآنا) بمعنى القراءة، وإنما هو مقروء؟
قيل: كما جاز أن يسمى المكتوب (كتابا)، بمعنى: كتاب الكاتب، كما قال الشاعر في صفة طلاق كتابه كتبه لامرأته:

تؤمل رجعة منى وفيها كتاب مثل ما لصق الغراء
** يريد: طلاقا مكتوبا، فجعل "المكتوب" كتابا.

2. الفرقان:
- قال الله تعالى: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا).
-
أصل كلمة الفرقان لغةً، قال ابن جرير: (الفرق بين الشيئين والفصل بينهما. وقد يكون ذلك بقضاء، واستنقاذ، وإظهار حجة، ونصر وغير ذلك من المعاني المفرقة بين المحق والمبطل). ا.هــ.
- سبب إطلاق لفظ (الفرقان) على القرآن:
- سمي القرآن فرقانا لفصله بحججه وأدلته وحدود فرائضه وسائر معاني حكمه- بين المحق والمبطل، وفرقانه بينهما: بنصره المحق، وتخذيله المبطل، حكما وقضاء
.

- أقوال السلف في معنى الفرقان:
- وتأول أهل التفسير معنى (فرقان) بألفاظ مختلفة، هى في المعاني مؤتلفة، فمما ذكر:
1. (النجاة)، وهو قول عكرمة والسدي وغيرهما.
- رواه ابن جرير عن ابن حميد عن حكم بن سلم عن عنبسة عن عن جابر عن عكرمة به.
- ورواه عن محمد بن الحسين عن أحمد بن المفضل عن أسباط عن السدي به، وهو قول جماعة غيرهما
.

2. ( المخرج)، وهو قول ابن عباس ومجاهد.
- رواه ابن جرير عن يحيى بن عثمان بن صالح عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح،عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس به.

- ورواه ابن جرير عن ابن حميد عن حكام عن عنبسة عن جابر عن مجاهد به.

3. (الفرق بين الحق والباطل)، قول مجاهد في تفسير قول الله تعالى:
(يوم الفرقان) في الأنفال.
- رواه ابن جرير عن محمد بن عمرو الباهلي عن أبي عاصم عن عيسى بن ميمون عن ابن أبي نجيح
عن مجاهد به.

- قال ابن جرير:
(وكل هذه التأويلات في معنى "الفرقان" -على اختلاف ألفاظها- متقاربات المعاني. وذلك أن من جعل له مخرج من أمر كان فيه، فقد جعل له ذلك المخرج منه نجاة. وكذلك إذا نجي منه، فقد نصر على من بغاه فيه سوءا، وفرق بينه به وبين باغيه السوء. فجميع ما روينا -عمن روينا عنه- في معنى "الفرقان"، قول صحيح المعنى، لاتفاق معاني ألفاظهم في ذلك.) ا.هــ.

3. الكتاب:
- قال الله تعالى:
(الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما).
- الكتاب مصدر من (كتبت كتابا)، كما تقول: قمت قياما، وحسبت الشيء حسابا.
- والكتاب
: هو خط الكاتب حروف الكتاب المعجم مجموعة ومفترقة.
- وسمي القرآن كتابا لأنه مكتوب، ويدل عليه قول الشاعر:

.............................. وفيها كتاب مثل ما لصق الغراء
يعني به مكتوبا.

4. الذكر:
- قال الله تعالى:
(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
- معنى اسم الذكر:
- اسم (الذكر) محتمل لمعنيين:
- أحدهما: أنه ذكر من الله عز وجل، ذكر به عباده، فعرفهم فيه حدوده وفرائضه، وسائر ما أودعه من حكمه.
- والآخر: أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به وصدق بما فيه، كما قال الله تعالى:
(وإنه لذكر لك ولقومك) يعني به أنه شرف له ولقومه
.

- أسماء سور القرآن:

- ما جاء في تسمية بعض سور القرآن مجموعة:
- بعض سور القرآن تميزت بوصف جامع لها، فاشتركت في تسميتها لمجموع تلك السور، مثل السبع الطوال، والمئين، والمثاني، والمفصل.

- الآثار التي ورد فيها تسميتها:
- روى ابن جرير من طريقين عن عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعطيت مكان التوراة السبع الطول، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل).
- وفي الرواية الثانية: قال: (أعطاني ربي مكان التوراة السبع الطول، ومكان الإنجيل المثاني، ومكان الزبور المئين، وفضلني بالمفصل).

- وروى عن يعقوب بن إبراهيم عن حدثنا ابن علية عن خالد الحذاء عن أبي قلابة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعطيت السبع الطول مكان التوراة، وأعطيت المثاني مكان الزبور، وأعطيت المئين مكان الإنجيل، وفضلت بالمفصل). وهو مرسل.
** قال خالد: كانوا يسمون المفصل: العربي. قال خالد: قال بعضهم: ليس في العربي سجدة
.
-
وعن محمد بن حميد عن حكام بن سلم عن عمرو بن أبي قيس عن عاصم عن المسيب عن ابن مسعود قال: (الطول كالتوراة، والمئون كالإنجيل، والمثاني كالزبور، وسائر القرآن بعد فضل على الكتب).

- المراد بالسبع الطوال، وسبب تسميتها:
- قال ابن جرير: (والسبع الطول: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس،) فيما رواه عن يعقوب بن إبراهيم عن هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير به.
- وإنما سميت السور السبع الطول، لطولها على سائر سور القرآن
.
- وروي عن ابن عباس قول موافق لقول سعيد، فمن طريق عوف عن يزيد الفارسي عن ابن عباس: قال:
قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطرا: (بسم الله الرحمن الرحيم)، ووضعتموها في السبع الطول؟ ما حملكم على ذلك؟ قال عثمان: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا ببعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا. وكانت الأنفال من أوائل ما أنزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها. فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطر: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتها في السبع الطول).
- وفي هذا الأثر أن عثمان لم يكن تبين له أن الأنفال وبراءة من السبع الطول، ويصرح عن ابن عباس أنه لم يكن يرى ذلك منها.

- المراد بالمئين وسبب تسميتها:
- المئون هي ما كان من سور القرآن عدد آيه مائة آية، أو تزيد عليها شيئا أو تنقص منها شيئا يسيرا.

- المراد بالمثاني وسبب تسميتها:
- والمثاني وصف مشترك للقرآن كله، ولبعض سور القرآن ولسورة الفاتحة، وسيأتي تفصيل ما يتعلق سبب تسمية الفاتحة بإذن الله.
- فأما المراد بالمثاني الذي هو وصف لبعض سور القرآن، فإنها ما ثنى المئين فتلاها، وكان المئون لها أوائل، وكان المثاني لها ثواني.
- وقيل القرآن كله مثاني. وهذا قول عن جماعة يكثر تعدادهم، كما ذكر ابن جرير.
** سبب تسمية بعض السور بالمثاني:
- قيل: لتثنية الله جل ذكره فيها الأمثال والخبر والعبر، وهو قول ابن عباس، رواه ابن جرير عن أبي كريب عن ابن يمان عن سفيان عن عبد الله بن عثمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
.
- وقيل: إنما سميت مثاني لأنها ثنيت فيها الفرائض والحدود. وهو قول سعيد بن جبير، رواه ابن جرير عن محمد بن بشار عن محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير
.

- سبب تسمية المفصل: سميت بذلك لكثرة الفصول التي بين سورها بـ (بسم الله الرحمن الرحيم).
- ومما قال الشعراء في أسماء السور:

حلفت بالسبع اللواتي طولت
وبمئين بعدها قد أمئيت
وبمثان ثنيت فكررت
وبالطواسين التي قد ثلثت
وبالحواميم اللواتي سبعت
وبالمفصل اللواتي فصلت

- تسمية السورة بهذا الاسم:
- السورة: كل سورة من سور القرآن تسمى سورة، وتجمع سورا، مثل خطبة وخطب.
- قيل أن السورة من السورة التي هى البناء، وقيل من السؤرة أي القطعة.
- فأما السورة- بغير همز- المنزلة من منازل الارتفاع، ومنه سور المدينة الذي يحيط بها، وهو مرتفعا.
- ويدل عليه قول نابغة بني ذبيان
:

ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
** يعني بذلك: أن الله أعطاه منزلة من منازل الشرف التي قصرت عنها منازل الملوك.
- لكن سورة المدينة تجمع على أسوار، وسورة القرآن تجمع على سور. ، ولا يعد خطأ في القياس.
- قال العجاج في جمع السورة من البناء:
فرب ذي سرادق محجور
سرت إليه في أعالي السور

- فأما السؤرة: في لغة من يهمزها، فهى القطعة التي قد أفضلت من القرآن عما سواها وأبقيت.
- وسبب ذلك أن السؤر هو البقية التي تبقى بعد الأخذ من الشيء، كما يقال الفضلة من الشراب، سؤرا.
- ويدل علي قول ومن ذلك قول أعشى بني ثعلبة، يصف امرأة فارقته فأبقت في قلبه من وجدها بقية
:

فبانت وقد أسأرت في الفؤاد صدعا على نأيها مستطيرا
** وقال الأعشى في مثل ذلك:
بانت وقد أسأرت في النفس حاجتها بعد ائتلاف وخير الود ما نفعا

- تسمية الآية بهذا الاسم:
- فإما أن تكون آية بمعنى علامة، يعرف بها تمام ما قبلها وابتداؤها كقول الشاعر:
ألكنى إليها عمرك الله يا فتى = بآية ما جاءت إلينا تهاديا
- وهو كقول الله تعالى: (ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك)
- وإما أن تكون بمعنى القصة، فالآيات قصصا، قصة تتلو قصة بفصول ووصول.
كما قال كعب بن زهير بن أبي سلمى
:

ألا أبلغا هذا المعرض آية أيقظان قال القول إذ قال أم حلم
يعني بقوله "آية": رسالة مني وخبرا عني.

* القول في تأويل أسماء فاتحة الكتاب:
- صح الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بيان تسمية الفاتحة، فيما رواه ابن جرير عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني).

- أسماء الفاتحة، وبيان سبب التسمية:
1. فاتحة الكتاب:
-
وسمي بذلك لأنها يفتتح بكتابتها المصحف، وتتفتح بها الصلوات، فهى فواتح لما يتلوها من سور القرآن والقراءة.
2. أم القرآن:
-
وسميت بذلك لتقدمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخر ما سواها خلفها في القراءة والكتابة.
- وهو شبيه بمعنى فاتحة الكتاب.
- والعرب تقول أما لكل جامع أمرا له توابع، أو مقدم الأمر الذي له توابع ، كما يقال أم الرأس، للجلدة التي تجمع الدماغ، ومنه تسمية أم القرى، وراية الجيش التي يجتمع تحتها الجيش أما.
ومن ذلك قول ذي الرمة، يصف راية معقودة على قناة يجتمع تحتها هو وصحبه
:

وأسمر قوام إذا نام صحبتي = خفيف الثياب لا تواري له أزرا
على رأسه أم لنا نقتدي بها = جماع أمور لا نعاصي لها أمرا
إذا نزلت قيل انزلوا وإذا غدت = غدت ذات برزيق تخال بها فخرا

3. السبع المثاني:
- وصفها بالسبع:
- فإنها سبع آيات، لا خلاف بين الجميع من القراء والعلماء في ذلك
.
- وإنما اختلفوا في الآي التي صارت بها سبع آيات، فقال معظم أهل الكوفة أن البسملة آية من آياتها، وهو مروي عن جماعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين.
- ومعظم أهل المدينة ومتفقهيهم على أن الآية السابعة: ( أنعمت عليهم).
- وبين ابن جرير الصواب في ذلك بإيجاز في كتابه: (اللطيف في أحكام شرائع الإسلام) ، وببسط في كتابه: (الأكبر في أحكام شرائع الإسلام).

- وصفها بأنها مثاني:
- قيل لأنها تثنى قراءتها في كل صلاة تطوع ومكتوبة. وكذلك كان الحسن البصري يتأول ذلك
.
** فيما رواه ابن جرير عن يعقوب بن إبراهيم عن ابن علية عن أبي رجاء عن الحسن قال في قول الله تعالى: (
ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) قال: هي فاتحة الكتاب. ثم سئل عنها وأنا أسمع فقرأها: (الحمد لله رب العالمين) حتى أتى على آخرها، فقال: تثنى في كل قراءة - أو قال - في كل صلاة. الشك من أبي جعفر.
- ومعنى ذلك فيما قاله أبو النجم العجلي بقوله:

الحمد لله الذي عافاني
وكل خير بعده أعطاني
من القرآن ومن المثاني

وكذلك قول الراجز الآخر الذي يقول:
نشدتكم بمنزل الفرقان
أم الكتاب السبع من مثاني
ثنين من آي من القرآن
والسبع سبع الطول الدواني


الحمد لله رب العالمين


التقويم: أ+

أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السادس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir