دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثامن

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #3  
قديم 19 شوال 1440هـ/22-06-2019م, 11:48 PM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي الطالب ماهر غازي القسي

اسم المؤلف قالَ مُحَمَّدُ الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت:1393هـ)
اسم الكتاب
ستحرير المعنى السديد، وتنوير العقل الجديد، من تفسير الكتاب المجيد واختصرت هذا الاسم باسم "التحرير والتنوير من التفسير"

المقدمة الأولى
صفات القرآن

- دستور الأمة فأنزل القرآن قانونا عاما معصوما،
- معجزة الله الخالدة وأعجز بعجائبه فظهرت يوما فيوما،
- وجعله مصدقا لما بين يديه ومهيمنا، وما فرط فيه من شيء يعظ مسيئا ويعد محسنا، كما أنزله على أفضل رسول فبشر بأن لهم قدم صدق، فبه أصبح الرسول الأمي سيد الحكماء المربين، وبه شرح صدره إذ قال: {إنك على الحق المبين}، فلم يزل كتابه مشعا نيرا، محفوظا من لدنه أن يترك فيكون مبدلا ومغيرا.
- الجامع لمصالح الدنيا والدين، وموثق شديد العرى من الحق المتين، والحاوي لكليات العلوم ومعاقد استنباطها،

طريقة القرآن في بيان مراده
إن معاني القرآن ومقاصده ذات أفانين كثيرة بعيدة المدى مترامية الأطراف موزعة على آياته فالأحكام مبينة في آيات الأحكام، والآداب في آياتها، والقصص في مواقعها، وربما اشتملت الآية الواحدة على فنين من ذلك أو أكثر

طرائق العلماء في تأليف التفسير
- رجل معتكف فيما شاده الأقدمون .
- وآخر آخذ بمعوله في هدم ما مضت عليه القرون، وفي كلتا الحالتين ضر كثير
- فإنك لا تجد الكثير منها إلا عالة على كلام سابق بحيث لا حظ لمؤلفه إلا الجمع على تفاوت بين اختصار وتطويل.

أهم التفاسير في نظر المؤلف
إن أهم التفاسير تفسير "الكشاف"
و"المحرر الوجيز" لابن عطية
و"مفاتيح الغيب" لفخر الدين الرازي، "
وتفسير البيضاوي" الملخص من "الكشاف" ومن "مفاتيح الغيب" بتحقيق بديع،
و"تفسير الشهاب الآلوسي"،
وما كتبه الطيبي والقزويني والقطب والتفتزاني على "الكشاف"،
وما كتبه الخفاجي على "تفسير البيضاوي"،
و"تفسير أبي السعود"،
و"تفسير القرطبي"
والموجود من "تفسير الشيخ محمد بن عرفة التونسي" من تقييد تلميذه الأبي وهو بكونه تعليقا على "تفسير ابن عطية" أشبه منه بالتفسير لذلك لا يأتي على جميع آي القرآن و"تفاسير الأحكام"،
و"تفسير الإمام محمد ابن جرير الطبري"،
وكتاب "درة التنزيل" المنسوب لفخر الدين الرازي، وربما ينسب للراغب الأصفهاني. ولقصد الاختصار أعرض عن العزو إليها،

سبب إحجام المؤلف عن التأليف
-خوف عد اعطاء الأمر حقه , واتقاء الأخطاء التي ستحصل أثناء التأليف
- بسبب ما وكل إليه من وظيفة القضاء
- وبعد ذلك تم إعفاءه من مهنة القضاء إلى مهنة الإفتاء حتى يسر الله له التأليف

تميز المؤلف في التأليف
- اختارالمؤلف طريقة بين الاستمداد ممن سبقه مع التحقيق والتنقيح والزيادة عليها
- فجعل حقا عليه أن يبدي في تفسير القرآن نكتا لم أر من سبقني إليها، وأن يقف موقف الحكم بين طوائف المفسرين تارة لها وآونة عليها
- يريد فيه بيان نكت من العلم وكليات من التشريع، وتفاصيل من مكارم الأخلاق،
- وقد ميز ما يفتح الله له من فهم في معاني كتابه وما أجلبه من المسائل العلمية، مما لا يذكره المفسرون .

اهتمام المؤلف في تسيره في وجوه عدة
- ببيان وجوه الإعجاز
- ونكت البلاغة العربية
- وأساليب الاستعمال
- و تناسب اتصال الآي بعضها ببعض، وقد اهتم به فخر الدين الرازي، وألف فيه برهان الدين البقاعي
- وبين ما أحيط بالسورة من أغراضها
- وتبيين معاني المفردات في اللغة العربية بضبط وتحقيق مما خلت عن ضبط كثير منه قواميس اللغة.
- وبذل الجهد في الكشف عن نكت من معاني القرآن وإعجازه خلت عنها التفاسير

المقدمة الأولى
في التفسير والتأويل وكون التفسير علما

تعريف التفسير لغة
من فسر بالتشديد والفسر الإبانة والكشف لمدلول كلام أو لفظ بكلام آخر هو أوضح لمعنى المفسر عند السامع،

تعريف التفسير اصطلاحاً
هو اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن وما يستفاد منها باختصار أو توسع.

وموضوع التفسير:
ألفاظ القرآن من حيث البحث عن معانيه، وما يستنبط منه

المراد بالعلم
إما أن يراد به نفس الإدراك
وإما أن يراد به الملكة المسماة بالعقل
وإما أن يراد به التصديق الجازم وهو مقابل الجهل
وإما أن يراد بالعلم المسائل المعلومات وهي مطلوبات خبرية يبرهن عليها في ذلك العلم وهي قضايا كلية،

هل يعد التفسير علما
هذا وفي عد التفسير علما تسامح لأن ما يبحث فيه هذا العلم إنما هو تصورات جزئية وليس قضايا كلية

ولكنهم عدوا تفسير ألفاظ القرآن علما مستقلا أراهم فعلوا ذلك لواحد من وجوه ستة:
الأول: أن مباحثه لكونها تؤدي إلى استنباط علوم كثيرة وقواعد كلية، نزلت منزلة القواعد الكلية لأنها مبدأ لها
والثاني : إن اشتراط كون مسائل العلم قضايا كلية يبرهن عليها في العلم خاص بالعلوم المعقولة، أما العلوم الشرعية والأدبية فلا يشترط فيها ذلك
والثالث: التعاريف اللفظية تصديقات على رأي بعض المحققين فهي تؤول إلى قضايا
الرابع: إن علم التفسير لا يخلو من قواعد كلية في أثنائه مثل تقرير قواعد النسخ وقواعد التأويل
الخامس: أن حق التفسير أن يشتمل على بيان أصول التشريع وكلياته
السادس وهو الفصل: أن التفسير كان أول ما اشتغل به علماء الإسلام قبل الاشتغال بتدوين بقية العلوم . وكان يحصل من مزاولته والدربة فيه لصاحبه ملكة يدرك بها أساليب القرآن ودقائق نظمه، فمن أجل ذلك سمي علما.

معلومات متفرقة عن التفسير
-هل التفسير من أصول العلوم

ويظهر أن هذا العلم إن أخذ من حيث إنه بيان وتفسير لمراد الله من كلامه كان معدودا من أصول العلوم الشرعية
وإن أخذ من حيث ما فيه من بيان مكي ومدني، وناسخ ومنسوخ،وغيرهما كان معدودا في متممات العلوم الشرعية
- التفسير أول العلوم الإسلامية ظهورا، و اشتهر فيه بعض الصحابة علي وابن عباس وهما أكثر الصحابة قولا في التفسير، وكثر الخوض فيه، حين دخل في الإسلام من لم يكن عربي السجية، فلزم التصدي لبيان معاني القرآن لهم، وشاع عن التابعين وأشهرهم في ذلك مجاهد وابن جبير
وهو أيضا أشرف العلوم الإسلامية ورأسها على التحقيق.
- وأما تصنيفه فأول من صنف فيه عبد الملك بن جريج المكي المتوفى سنة 149 هـ
- التفاسير المنسوبة لابن عباس : منها أوهى الروايات ( محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ) , وأصحها رواية علي بن أبي طلحة،

أنواع التفاسير
التفسير بالمأثور : فمنهم من سلك مسلك نقل ما يؤثر عن السلف , ومنه تفسير الطبري .
التفسير بالرأي : ومنهم من سلك مسلك النظر كأبي إسحاق الزجاج
أهم الكتب التي ألفت ف التفسير وكانت منهاجا لما بعدها من المؤلفات
الكشاف للزمخشري ومنحى البلاغة والعربية فيه أخص
المحرر الوجيز لابن عطية ومنحى الشريعة فيه أغلب

معنى التأويل وهل هو التفسير نفسه ؟
- وجماع القول في ذلك أن من العلماء من جعلهما متساويين , اللغة والآثار تشهد لهذا القول
- ومنهم من جعل التفسير للمعنى الظاهر والتأويل للمتشابه،
- ومنهم من قال: التأويل صرف اللفظ عن ظاهر معناه إلى معنى آخر محتمل لدليل فيكون هنا بالمعنى الأصولي

المقدمة الثانية
في استمداد علم التفسير

- استمداد العلم : هو توقف العلم على معلومات سابق وجودها على وجود العلم .
- ليس كل ما يذكر في العلم يكون من مدده بل ممكن مما يكون من مسائل علوم أخرى .
- لا تنحصر الإمدادات ولا تنضبط بل هو متفاوت حسب توسع المفسر .
- فاستمداد علم التفسير للمفسر العربي والمولد، من المجموع الملتئم من علم العربية وعلم الآثار، ومن أخبار العرب وأصول الفقه قيل وعلم الكلام وعلم القراءات.

وأما العلوم التي استمد منها التفسير علومه فهي :
أولا : العربية : فهي معرفة مقاصد العرب من كلامهم وأدب لغتهم سواء حصلت تلك المعرفة، بالسجية والسليقة ، أم حصلت بالتلقي والتعلم
- إن القرآن كلام عربي فكانت قواعد العربية طريقا لفهم معانيه
- ونعني بقواعد العربية مجموع علوم اللسان العربي، وهي: متن اللغة، والتصريف، والنحو، والمعاني، والبيان. ومن وراء ذلك استعمال العرب
- ولعلمي البيان والمعاني مزيد اختصاص بعلم التفسير لأنهما وسيلة لإظهار خصائص البلاغة القرآنية، وهذان العلمان يسميان في القديم علم دلائل الإعجاز .
- وعلم البلاغة به يحصل انكشاف بعض المعاني واطمئنان النفس لها، وبه يترجح أحد الاحتمالين على الآخر في معاني القرآن .
- وأشار إلى سعة معاني كلام الله سبحانه لأن المقصود من التفسير هو معرفة جميع مراد الله من قرآنه ولأن المعاني غير منحصرة كان ذلك باعثا على بذل غاية الجهد

ثانيا : استعمال العرب : فهو التملي من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وأمثالهم وعوائدهم ومحادثاتهم .
- والذوق : هو كيفية للنفس بها تدرك الخواص والمزايا التي للكلام البليغ
- و لإيجاد الذوق أو تكميله لم يكن غنى للمفسر في بعض المواضع من الاستشهاد ببيت من الشعر، أو بشيء من كلام العرب
- ويدخل في مادة الاستعمال العربي ما يؤثر عن بعض السلف في فهم معاني بعض الآيات على قوانين استعمالهم

ثالثاً : الآثار : فالمعني بها،
- ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، من بيان المراد من بعض القرآن في مواضع الإشكال والإجمال،
- وما نقل عن الصحابة الذين شاهدوا نزول الوحي
-وتشمل الآثار إجماع الأمة على تفسير معنى، إذ لا يكون إلا عن مستند
- ومعنى كون أسباب النزول من مادة التفسير، أنها تعين على تفسير المراد، وليس المراد أن لفظ الآية يقصر عليها؛ لأن سبب النزول لا يخصص

العلوم التي لاتعد من استمداد علم التفسير
أولاً : القراءات :
- فلا يحتاج إليها إلا في حين الاستدلال بالقراءة على تفسير غيرها، وإنما يكون في معنى الترجيح لأحد المعاني القائمة من الآية أو لاستظهار على المعنى .
- وبذلك يظهر أن القراءة لا تعد تفسيرا من حيث هي طريق في أداء ألفاظ القرآن، بل من حيث أنها شاهد لغوي فرجعت إلى علم اللغة.

ثانياً : أما أخبار العرب فهي من جملة أدبهم. فهي يستعان بها على فهم ما أوجزه القرآن في سوقها لأن القرآن إنما يذكر القصص والأخبار للموعظة والاعتبار

ثالثاً :أصول الفقه : كون بعض مخرجاته مادة للتفسير، وذلك من جهتين:
- إحداهما أن علم الأصول قد أودعت فيه مسائل كثيرة هي من طرق استعمال كلام العرب وفهم موارد اللغة أهمل التنبيه عليها علماء العربية مثل مسائل الفحوى ومفهوم المخالفة
- الثانية أن علم الأصول يضبط قواعد الاستنباط ويفصح عنها فهو آلة للمفسر في استنباط المعاني الشرعية من آياتها.

رابعاً : علم الكلام : لايعتبر علم الكلام من مادة التفسير لأن كون القرآن كلام الله قد تقرر عند سلف الأمة قبل علم الكلام، ولا أثر له في التفسير

خامساً : الفقه لا يتعبر من مادة علم التفسير، لعدم توقف فهم القرآن، على مسائل الفقه، وإنما يحتاج المفسر إلى مسائل الفقه، عند قصد التوسع في تفسيره،

سادساً : لا يعتبر من مادة التفسير ما يلي :
- الآثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير آيات، ولا ما يروى عن الصحابة في ذلك لأن ذلك من التفسير لا من مدده،
- ولا يعد أيضا من استمداد التفسير ما في بعض آي القرآن من معنى يفسر بعضا آخر منها، لأن ذلك من قبيل حمل بعض الكلام على بعض،

المقدمة الثالثة
في صحة التفسير بغير المأثور ومعنى التفسير بالرأي ونحوه


- تحريم التكلم في القرآن بغير علم
- جواز التفسير لأهل العلم
- لوكان التفسير مقصورا على العربية فقط لكان التفسير قليل جدا , والواقع بخلافه
- لا يصح أن يكون كل ما قاله الصحابة في التفسير مسموعا من النبي صلى الله عليه وسلم لوجهين:
أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه من التفسير إلا تفسير آيات قليلة
الثاني أنهم اختلفوا في التفسير على وجوه مختلفة لا يمكن الجمع بينها. وسماع جميعها من رسول الله محال، ولو كان بعضها مسموعا لترك الآخر، أي لو كان بعضها مسموعا لقال قائله: إنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إليه من خالفه، فتبين على القطع أن كل مفسر قال في معنى الآية بما ظهر له باستنباطه.

- آداب قراءة القرآن أن التفهم مع قلة القراءة أفضل من كثرة القراءة بلا تفهم،
- ومن موانع الفهم أن يكون قد قرأ تفسيرا واعتقد أن لا معنى لكلمات القرآن إلا ما تناوله النقل
- وهل استنباط الأحكام التشريعية من القرآن في خلال القرون الثلاثة الأولى من قرون الإسلام إلا من قبيل التفسير لآيات القرآن بما لم يسبق تفسيرها به قبل ذلك
- شرط التفسير الصحيح أن يكون مطابقا للفظ من حيث الاستعمال، سليما من التكلف عريا من التعسف .

خطورة التفسير دون مايلي
- مستند من نقل صحيح عن أساطين المفسرين
- أو إبداء تفسير أو تأويل من قائله إذا كان القائل توفرت فيه شروط الضلاعة في العلوم التي سبق ذكرها في المقدمة الثانية.
- الجواب عن الشبهة التي نشأت من الآثار المروية في التحذير من تفسير القرآن بالرأي فمرجعه إلى أحد خمسة وجوه:
أولها: أن المراد بالرأي هو القول عن مجرد خاطر دون استناد إلى نظر في أدلة العربية ومقاصد الشريعة وتصاريفها، وما لا بد منه من علوم القرآن , وإلا فإن الله تعالى ما تعبدنا في مثل هذا إلا ببذل الوسع مع ظن الإصابة.
ثانيها: أن لا يتدبر القرآن حق تدبره فيفسره بما يخطر له من بادئ الرأي دون إحاطة بجوانب الآية ومواد التفسير مقتصرا على بعض الأدلة دون بعض
ثالثها: أن يكون له ميل إلى نزعة أو مذهب أو نحلة فيتأول القرآن على وفق رأيه ويصرفه عن المراد ويرغمه على تحمله ما لا يساعد عليه المعنى المتعارف
رابعها: أن يفسر القرآن برأي مستند إلى ما يقتضيه اللفظ ثم يزعم أن ذلك هو المراد دون غيره لما في ذلك من التضييق على المتأولين.
خامسها: أن يكون القصد من التحذير أخذ الحيطة في التدبر والتأويل ونبذ التسرع إلى ذلك، والحق أن الله ما كلفنا في غير أصول الاعتقاد بأكثر من حصول الظن المستند إلى الأدلة والأدلة متنوعة على حسب أنواع المستند فيه

الرد على من حصر التفسير بالمأثور
- فإن أرادوا به ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من تفسير بعض آيات فإذا التزموا هذا الظن بهم فقد ضيقوا سعة معاني القرآن وغلطوا سلفهم فيما تأولوه، إذ لا ملجأ لهم من الاعتراف بأن أئمة المسلمين من الصحابة فمن بعدهم لم يقصروا أنفسهم على أن يرووا ما بلغهم من تفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- وقد سأل عمر بن الخطاب أهل العلم عن معاني آيات كثيرة ولم يشترط عليهم أن يرووا له ما بلغهم في تفسيرها عن النبي صلى الله عليه وسلم،
- وإن أرادوا بالمأثور ما روي عن النبي وعن الصحابة خاصة لم يغن عن أهل التفسير فتيلا، لأن أكثر الصحابة لا يؤثر عنهم في التفسير إلا شيء قليل و ابن عباس فكان أكثر ما يروى عنه قولا برأيه على تفاوت بين رواته.
- وإن أرادوا بالمأثور ما كان مرويا قبل تدوين التفاسير الأول مثل ما يروى عن أصحاب ابن عباس وأصحاب ابن مسعود،
إذ لا محيص لهم من الاعتراف بأن التابعين قالوا أقوالا في معاني القرآن لم يسندوها ولا ادعوا أنها محذوفة الأسانيد،
وقد اختلفت أقوالهم في معاني آيات كثيرة اختلافا ينبئ إنباء واضحا بأنهم إنما تأولوا تلك الآيات من أفهامهم كما يعلمه من له علم بأقوالهم،

التفسير بالهوى
- صرفوا ألفاظ القرآن عن ظواهرها بما سموه الباطن
- فالباطن لا ضبط له بل تتعارض فيه الخواطر فيمكن تنزيل الآية على وجوه شتى
-فإن قلت فما روي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا)) فإنه لم يصح
- وعن ابن عباس أنه قال: إن للقرآن ظهرا وبطنا. فتتمة كلامه فظهره التلاوة وبطنه التأويل

مناقشة إشارات الصوفية في القرآن
- أما ما يتكلم به أهل الإشارات من الصوفية يعنون أن الآية تصلح للتمثل بها في الغرض المتكلم فيه، ولعلماء الحق فيها رأيان: فالغزالي يراها مقبولة وابن العربي يرى أنها باطلة مردودة
وعندي إن هذه الإشارات لا تعدو واحدا من ثلاثة أنحاء:
الأول ما كان يجري فيه معنى الآية مجرى التمثيل لحال شبيه
الثاني: ما كان من نحو التفاؤل فقد يكون للكلمة معنى يسبق من صورتها إلى السمع هو غير معناها المراد وذلك من باب انصراف ذهن السامع إلى ما هو المهم عنده
الثالث: عبر ومواعظ وشأن أهل النفوس اليقظى أن ينتفعوا من كل شيء ويأخذوا الحكمة حيث وجدوها
- فنسبة الإشارة إلى لفظ القرآن مجازية لأنها إنما تشير لمن استعدت عقولهم وتدبرهم في حال من الأحوال الثلاثة ولا ينتفع بها غير أولئك،
- وليس من الإشارة ما يعرف في الأصول بدلالة الإشارة، وفحوى الخطاب وغر ذلك مما يذكره العلماء , لأن جميع هذا مما قامت فيه الدلالة العرفية مقام الوضعية واتحدت في إدراكه أفهام أهل العربية فكان من المدلولات التبعية.
قال في الكشاف: وكم من آية أنزلت في شأن الكافرين وفيها أوفر نصيب للمؤمنين تدبرا لها واعتبارا بموردها. يعني أنها في شأن الكافرين من دلالة العبارة وفي شأن المؤمنين من دلالة الإشارة.

المقدمة الرابعة
فيما يحق أن يكون غرض المفسر

- يجب معرفة غاية المفسر من التفسير، بعد معرفة مقاصد القرآن الأصلية
- وحتى نعلم عند مطالعة التفاسير مقادير اتصال ما تشتمل عليه، بالغاية التي يرمي إليها المفسر فتزنوا بذلك مقدار ما أوفى به من المقصد، ومقدار ما تجاوزه،
- هل يمكن الاطلاع على مراد الله
سواء قلنا إنه يمكن الاطلاع على تمام مراد الله تعالى وهو قول المعتزلة , أو قلنا إن الاطلاع على تمام مراد الله تعالى غير ممكن
وهو خلاف لا طائل تحته إذ القصد هو الإمكان الوقوعي لا العقلي، فلا مانع من التكليف باستقصاء البحث عنه بحسب الطاقة ومبلغ العلم مع تعذر الاطلاع على تمامه.

حكمة نزول القرآن باللسان العربي
= منها كون لسانهم أفصح الألسن وأسهلها انتشارا، وأكثرها تحملا للمعاني مع إيجاز لفظه،
= ولتكون الأمة المتلقية للتشريع والناشرة له أمة قد سلمت من أفن الرأي عند المجادلة،واقلها رفاهية
= وليس المراد من خطاب العرب بالقرآن أن يكون التشريع قاصرا عليهم

مقاصد القرآن الأصلية
الأول: إصلاح الاعتقاد وتعليم العقد الصحيح.
الثاني: تهذيب الأخلاق قال تعالى {وإنك لعلى خلق عظيم}.
الثالث: التشريع وهو الأحكام خاصة وعامة.
الرابع: سياسة الأمة و القصد منه صلاح الأمة وحفظ نظامها
الخامس: القصص وأخبار الأمم السالفة للتأسي بصالح أحوالهم
السادس: التعليم بما يناسب حالة عصر المخاطبين،
السابع: المواعظ والإنذار والتحذير والتبشير
الثامن: الإعجاز بالقرآن ليكون آية دالة على صدق الرسول

غرض المفسر هو :

- بيان ما يصل إليه أو
- ما يقصده من مراد الله تعالى في كتابه بأتم بيان يحتمله المعنى ولا يأباه اللفظ من كل ما يوضح المراد من مقاصد القرآن،
- أو ما يتوقف عليه فهمه أكمل فهم،
- أو يخدم المقصد تفصيلا وتفريعا
- أو لتوقع مكابرة من معاند أو جاهل،

فعلى المفسر أن
- يعرف على الإجمال مقاصد القرآن مما جاء لأجله،
-ويعرف اصطلاحه في إطلاق الألفاظ، وللتنزيل اصطلاح وعادات

فطرائق المفسرين للقرآن ثلاث
الأولى : إما الاقتصار على الظاهر من المعنى الأصلي للتركيب مع بيانه وإيضاحه وهذا هو الأصل.
الثانية : وإما استنباط معان من وراء الظاهر تقتضيها دلالة اللفظ أو المقام ولا يجافيها الاستعمال ولا مقصد القرآن، قد فرع العلماء وفصلوا في الأحكام،
الثالثة : وإما أن يجلب المسائل ويبسطها , تجلب مسائل علمية من علوم لها مناسبة بمقصد الآية
- إما على أن بعضها يومئ إليه معنى الآية ولو بتلويح ما , مثل علوم الاقتصاد والمواريث
- وإما على وجه التوفيق بين المعنى القرآني وبين المسائل الصحيحة من العلم حيث يمكن الجمع.
- وإما على وجه الاسترواح من الآية
وللعلماء في سلوك هذه الطريقة الثالثة على الإجمال آراء:
- فأما جماعة منهم فيرون من الحسن التوفيق بين العلوم غير الدينية وآلاتها وبين المعاني القرآنية .
- وأما جماعة أخرى فيرون أنه لا يجوز تحميل القرآن مالا يحتمل

- فالذين يرون التوافق بين العلوم وبين القرآن يقولون (معاني القرآن تطابق الحقائق )
الضابط : ( وكل ما كان من الحقيقة في علم من العلوم وكانت الآية لها اعتلاق بذلك فالحقيقة العلمية مرادة بمقدار ما بلغت إليه أفهام البشر وبمقدار ما ستبلغ إليه ) .
وذلك يختلف باختلاف المقامات ويبنى :
=على توفر الفهم،
=وشرطه أن لا يخرج عما يصلح له اللفظ عربية،
=ولا يبعد عن الظاهر إلا بدليل،
=ولا يكون تكلفا بينا
=ولا خروجا عن المعنى الأصلي حتى لا يكون في ذلك كتفاسير الباطنية.

- وأما جماعة أخرى فيرون أنه لا يجوز تحميل القرآن مالا يحتمل , وهذا مبني على ما أسسه من كون القرآن لما كان خطابا للأميين وهم العرب فإنما يعتمد في مسلك فهمه وإفهامه على مقدرتهم وطاقتهم، وأن الشريعة أمية.
الرد عليه : وهو أساس واه لوجوه ستة:
الأول أن ما بناه عليه يقتضي أن القرآن لم يقصد منه انتقال العرب من حال إلى حال وهذا باطل
الثاني أن مقاصد القرآن راجعة إلى عموم الدعوة فلا بد أن يكون فيه ما يصلح لأن تتناوله أفهام من يأتي من الناس في عصور انتشار العلوم في الأمة.
الثالث أن السلف قالوا: إن القرآن لا تنقضي عجائبه
الرابع أن من تمام إعجازه أن يتضمن من المعاني مع إيجاز لفظه ما لم تف به الأسفار المتكاثرة.
الخامس أن مقدار أفهام المخاطبين به ابتداء لا يقضي إلا أن يكون المعنى الأصلي مفهوما لديهم فأما مازاد على المعاني الأساسية فقد يتهيأ لفهمه أقوام، وتحجب عنه أقوام،
السادس أن عدم تكلم السلف عليها إن كان فيما ليس راجعا إلى مقاصده فنحن نساعد عليه، وإن كان فيما يرجع إليها فلا نسلم وقوفهم فيها عند ظواهر الآيات بل قد بينوا وفصلوا وفرعوا في علوم عنوا بها، ولا يمنعنا ذلك أن نقفي على آثارهم في علوم أخرى راجعة لخدمة المقاصد القرآنية

رأي المؤلف في المسألة
وأنا أقول: إن علاقة العلوم بالقرآن على أربع مراتب:
الأولى: علوم تضمنها القرآن كأخبار الأنبياء والأمم، وتهذيب الأخلاق والفقه والتشريع والاعتقاد والأصول والعربية والبلاغة.
الثانية: علوم تزيد المفسر علما كالحكمة والهيئة وخواص المخلوقات.
الثالثة: علوم أشار إليها أو جاءت مؤيدة له كعلم طبقات الأرض والطب والمنطق.
الرابعة: علوم لا علاقة لها به إما لبطلانها كالزجر والعيافة والميثولوجيا، وإما لأنها لا تعين على خدمته كعلم العروض والقوافي.

المقدمة الخامسة
في أسباب النزول

تعريف أسباب النزول : وهي حوادث يروى أن آيات من القرآن نزلت لأجلها لبيان حكمها أو لحكايتها أو إنكارها أو نحو ذلك، إن سبب النزول لا يخصص
- إن من أسباب النزول ما ليس المفسر بغنى عن علمه لأن فيها بيان مجمل أو إيضاح خفي وموجز،
- ومنها ما يكون وحده تفسيرا. ومنها ما يدل المفسر على طلب الأدلة التي بها تأويل الآية أو نحو ذلك.
- ومنها ما ينبه المفسر إلى إدراك خصوصيات بلاغية تتبع مقتضى المقامات فإن من أسباب النزول ما يعين على تصوير مقام الكلام
- ومن العلماء فريق مولع بها ومكثر منها , وهم غير معذروين في نقل الروايات الضعيفة
فإن القرآن جاء هاديا إلى ما به صلاح الأمة في أصناف الصلاح فلا يتوقف نزوله على حدوث الحوادث الداعية إلى تشريع الأحكام.

أقسام أسباب النززول
الأول: هو المقصود من الآية يتوقف فهم المراد منها على علمه فلابد من البحث عنه للمفسر، وهذا منه تفسير مبهمات القرآن
والثاني: هو حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام وصور تلك الحوادث لا تبين مجملا ولا تخالف مدلول الآية بوجه تخصيص أو تعميم أو تقييد، ولكنها إذا ذكرت أمثالها وجدت مساوية لمدلولات الآيات النازلة عند حدوثها،
والثالث: هو حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها
والرابع: هو حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات،
والخامس: قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات

هذا وإن القرآن كتاب جاء لهدي أمة والتشريع لها، وهذا الهدي
= قد يكون واردا قبل الحاجة،
= وقد يكون مخاطبا به قوم على وجه الزجر أو الثناء أو غيرهما،
= وقد يكون مخاطبا به جميع من يصلح لخطابه، وهو في جميع ذلك قد جاء بكليات تشريعية وتهذيبية،
والحكمة في ذلك
= أن يكون وعي الأمة لدينها سهلا عليها،
= وليمكن تواتر الدين، وليكون لعلماء الأمة مزية الاستنباط،
- فكما لا يجوز حمل كلماته على خصوصيات جزئية لأن ذلك يبطل مراد الله،
- كذلك لا يجوز تعميم ما قصد منه الخصوص ولا إطلاق ما قصد منه التقييد؛
- لأن ذلك قد يفضي إلى التخليط في المراد أو إلى إبطاله من أصله،
وثمة فائدة أخرى عظيمة لأسباب النزول
- وهي أن في نزول القرآن عند حدوث حوادث دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال، وهي إحدى طريقتين لبلغاء العرب في أقوالهم،
- فنزوله على حوادث يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين.

المقدمة السادسة
في القراءات

- علم القراءات علم منفصل عن علم التفسير له تعلق ببعض المعاني واختلافها
- له أئمته المختصين به وقد أشبعوه بحثا وفيه غنى عن زيادة شرح وتفصيل .
- وهي الروايات العشر للقراء وهم، نافع بن أبي نعيم المدني، وعبد الله بن كثير المكي، وأبو عمرو المازني البصري وعبد الله بن عامر الدمشقي، وعاصم بن أبي النجود الكوفي، وحمزة بن حبيب الكوفي، والكسائي علي بن حمزة الكوفي، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني، وخلف البزار بزاي فألف فراء مهملة الكوفي .

المراد بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم المرادفة للقراءات العشر

- تذكر بعض كتب التفسير والسنن لفظ ( قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ) وحكمها مايلي
- لا يجوز لغير من سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم القراءة بها لأنها غير متواترة النقل
- قد اصطلح المفسرون على أن يطلقوا عليها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها غير منتسبة إلى أحد من أئمة الرواية في القراءات .
- ما كان ينبغي إطلاق وصف قراءة النبي عليها لأنه يوهم من ليسوا من أهل الفهم الصحيح أن غيرها لم يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يرجع إلى تبجح أصحاب الرواية بمروياتهم.

شروط القراءة الصحيحة :
- غير المتواترة وأما المتواترة فهيي صحيحة وغنية عن هذه الشروط
- اتفق العلماء أن كل قراءة وافقت وجها في العربية , ووافقت خط المصحف أي مصحف عثمان , وصح سند راويها؛ فهي قراءة صحيحة لا يجوز ردها
- والمراد بموافقة خط المصحف موافقة أحد المصاحف الأئمة التي وجه بها عثمان بن عفان إلى أمصار الإسلام , والاختلاف اليسير بينها هو اختلاف ناشئ عن القراءة بوجهين فلا ينافي التواتر إذ لا تعارض

هل تتعلق القراءة بالتفسير :

الحالة الأولى : هي التي لا تعلق لها بالتفسير . وهي اختلاف القراء في وجوه النطق بالحروف والحركات
- ومزية القراءات من هذه الجهة عائدة إلى أنها حفظت على أبناء العربية ما لم يحفظه غيرها وهو تحديد كيفيات نطق العرب بالحروف في مخارجها وصفاتها وبيان اختلاف العرب في لهجات النطق
- وفيها أيضا سعة من بيان وجوه الإعراب في العربية، فهي لذلك مادة كبرى لعلوم اللغة العربية.

وأما الحالة الثانية: هي التي تتعلق بالتفسير
- هي اختلاف القراء في حروف الكلمات وكذلك اختلاف الحركات الذي يختلف معه معنى الفعل
- لأن ثبوت أحد اللفظين في قراءة قد يبين المراد من نظيره في القراءة الأخرى، أو يثير معنى غيره،
- و لأن اختلاف القراءات في ألفاظ القرآن يكثر المعاني في الآية الواحدة
- ومزية هذه الجهة كثرة معاني القرآن تكثيرا , فلا مانع أن تأتي ألفاظ القرآن على ما تحتمل وجوه القراءات , وهذا نظير التضمين في استعمال العرب، ونظير التورية والتوجيه في البديع، ونظير مستتبعات التراكيب في علم المعاني، وهو من زيادة ملاءمة بلاغة القرآن
- و على المفسر أن يبين اختلاف القراءات المتواترة لأن في اختلافها توفيرا لمعاني الآية غالبا فيقوم تعدد القراءات مقام تعدد كلمات القرآن.

ومن أدلة القراءات
- حديث هشام وعمر رضي الله عنهما وفيه قال رسول الله: ((كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه)) اهـ.
- وفي الحديث إشكال، وللعلماء في معناه أقوال يرجع إلى اعتبارين: أحدهما اعتبار الحديث منسوخا والآخر اعتباره محكما.
- فأما الذين اعتبروا الحديث منسوخا
= قالوا كان ذلك رخصة في صدر الإسلام أباح الله للعرب أن يقرأوا القرآن بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها،
= ثم نسخ ذلك بحمل الناس على لغة قريش لأنها التي بها نزل القرآن وزال العذر لكثرة الحفظ وتيسير الكتابة،
= واستدلوا على ذلك بقول عمر: إن القرآن نزل بلسان قريش،
= وبقول عثمان لكتاب المصاحف فإذا اختلفتم في حرف فاكتبوه بلغة قريش فإنما نزل بلسانهم، يريد أن لسان قريش هو الغالب على القرآن، أو أراد أنه نزل بما نطقوا به من لغتهم وما غلب على لغتهم من لغات القبائل إذ كان عكاظ بأرض قريش وكانت مكة مهبط القبائل كلها.

معنى الرخصة بسبعة أحرف
ثلاثة أقوال:
- الأول أن المراد بالأحرف الكلمات المترادفة للمعنى الواحد، أي أنزل بتخيير قارئه أن يقرأه باللفظ الذي يحضره من المرادفات تسهيلا عليهم حتى يحيطوا بالمعنى. وعلى هذا الجواب فقيل المراد بالسبعة حقيقة العدد وهو قول الجمهور
فيكون تحديدا للرخصة بأن لا يتجاوز سبعة مرادفات أو سبع لهجات أي من سبع لغات , و اللغات السبع، هي من عموم لغات العرب واختلفوا في تحديد القبائل المرادة
- القول الثاني: أن العدد غير مراد به حقيقته، بل هو كناية عن التعدد والتوسع، وكذلك المرادفات ولو من لغة واحدة
- القول الثالث: أن المراد التوسعة في نحو {كان الله سميعا عليما} أن يقرأ عليما حكيما ما لم يخرج عن المناسبة

وأما الذين اعتبروا الحديث محكما غير منسوخ فقد ذهبوا في تأويله مذاهب:
الأول : أن المراد من الأحرف أنواع أغراض القرآن أو أنواع دلالته , ولا يخفى أن كل ذلك لا يناسب سياق الحديث على اختلاف رواياته من قصد التوسعة والرخصة.
الثاني : أن المراد أنه أنزل مشتملا على سبع لغات من لغات العرب مبثوثة في آيات القرآن لكن لا على تخيير القارئ، وهذا لا يلاقي مساق الحديث من التوسعة، ولا يستقيم من جهة العدد لأن المحققين ذكروا أن في القرآن كلمات كثيرة من لغات قبائل العرب .
الثالث : أن المراد من الأحرف لهجات العرب في كيفيات النطق , على معنى أن ذلك رخصة للعرب مع المحافظة على كلمات القرآن، وهذا أحسن الأجوبة لمن تقدمنا،

تأويل حديث هشام عند ابن عاشور
- بأن لا يكون مرويا بالمعنى مع إخلال بالمقصود أنه يحتمل أن يرجع إلى ترتيب آي السور ، فتكون تلك رخصة لهم في أن يحفظوا سور القرآن بدون تعيين ترتيب الآيات من السورة، وبعد ذلك أجمع الصحابة في عهد أبي بكر على ذلك لعلمهم بزوال موجب الرخصة.

اشتباه القراءات السبع بالأحرف السبع
- وأجمع العلماء على خلافه كما قال أبو شامة: فإن انحصار القراءات في سبع لم يدل عليه دليل , وخاصة عندما أضافوا لها ثلاث قراءات أخرى
- ولكنه أمر حصل إما بدون قصد أو بقصد التيمن بعدد السبعة أو بقصد إيهام أن هذه السبعة هي المرادة من الحديث تنويها بشأنها بين العامة .

مراتب القراءات الصحيحة والترجيح بينها
الرأي الأول : اتفق الأئمة على أن القراءات التي لا تخالف الألفاظ التي كتبت في مصحف عثمان هي متواترة
- وإن اختلفت في وجوه الأداء وكيفيات النطق ومعنى ذلك أن تواترها تبع لتواتر صورة كتابة المصحف،
- وما كان نطقه صالحا لرسم المصحف واختلف فيه فهو مقبول، وما هو بمتواتر لأن وجود الاختلاف فيه مناف لدعوى التواتر،
- ولما قرأ المسلمون بهذه القراءات من عصر الصحابة ولم يغير عليهم، فقد صارت متواترة على التخيير، وإن كانت أسانيدها المعينة آحادا،
- وليس المراد ما يتوهمه بعض القراء من أن القراءات كلها بما فيها من طرائق أصحابها ورواياتهم متواترة وكيف وقد ذكروا أسانيدهم فيها فكانت أسانيد أحاد،
الرأي الثاني :
- وقد جزم ابن العربي، وابن عبد السلام التونسي، وأبو العباس بن إدريس فقيه بجاية من المالكية، والأبياري من الشافعية بأنها غير متواترة،
- وهو الحق لأن تلك الأسانيد لا تقتضي إلا أن فلانا قرأ كذا وأن فلانا قرأ بخلافه، وأما اللفظ المقروء فغير محتاج إلى تلك الأسانيد لأنه ثبت بالتواتر كما علمت آنفا، وإن اختلفت كيفيات النطق بحروفه فضلا عن كيفيات أدائه.
الرأي الثالث :
- هي متواترة عند القراء وليست متواترة عند عموم الأمة،
- وهذا توسط بين إمام الحرمين والأبياري، ووافق إمام الحرمين ابن سلامة الأنصاري من المالكية.

أسانيد القراءات العشر :
- وتنتهي أسانيد القراءات العشر إلى ثمانية من الصحابة وهم: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله من مسعود، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري،
- فبعضها ينتهي إلى جميع الثمانية وبعضها إلى بعضهم وتفصيل ذلك في علم القرآن.
شؤ
ترجيح القراءات
إن القراءات العشر الصحيحة المتواترة قد تتفاوت بما يشتمل عليه بعضها من خصوصيات البلاغة أو الفصاحة أو كثرة المعاني أو الشهرة، وهو تمايز متقارب .
- علماً بان التفاوت لا يكون في الإعجاز لأن الإعجاز في القرآن هو مطابقة الكلام لجميع مقتضى الحال، وهو لا يقبل التفاوت
- والإعجاز لا يلزم أن يتحقق في كل آية من آي القرآن لأن التحدي إنما وقع بسورة مثل سور القرآن

فإن قلت هل يفضي ترجيح بعض القراءات على بعض إلى أن تكون الراجحة أبلغ من المرجوحة ؟
- ولم يكن حمل أحد القراءتين على الأخرى متعينا ولا مرجحا، ألا ترى أنه قد يكون قراءتان في لفظ واحد لكل منهما توجيه يخالف الآخر
- ويجوز مع ذلك أن يكون بعض الكلام المعجز مشتملا على لطائف وخصوصيات تتعلق بوجوه الحسن كالجناس والمبالغة، أو تتعلق بزيادة الفصاحة، أو بالتفنن
- و كثير من العلماء كان لا يرى مانعا من ترجيح قراءة على غيرها، لكونها أظهر من جهة الإعراب، وأصح في النقل، وأيسر في اللفظ فلا ينكر ذلك،
- وقل أن يكسب التفاوت في البلاغة وغيرها إحدى القراءات في تلك الآية رجحانا .
- على أنه يجوز أن تكون إحدى القراءات نشأت عن ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم للقارئ أن يقرأ بالمرادف تيسيرا على الناس , فتروى تلك القراءة للخلف فيكون تمييز غيرها عليها بسبب أن المتميزة هي البالغة غاية البلاغة وأن الأخرى توسعة ورخصة، ولا يعكر ذلك على كونها أيضا بالغة الطرف الأعلى من البلاغة وهو ما يقرب من حد الإعجاز.

وجوه الإعراب في القرآن
- وجوه الإعراب في القرآن فأكثرها متواتر إلا ما ساغ فيه إعرابان مع اتحاد المعاني
- وأما ما خالف الوجوه الصحيحة في العربية ففيه نظر قوي لأنا لا ثقة لنا بانحصار فصيح كلام العرب فيما صار إلى نحاة البصرة والكوفة،
- وبهذا نبطل كثيرا مما زيفه الزمخشري من القراءات المتواترة بعلة أنها جرت على وجوه ضعيفة في العربية لا سيما ما كان منه في قراءة مشهورة
- ولو سلمنا أن ذلك وجه مرجوح، فهو لا يعدو أن يكون من الاختلاف في كيفية النطق التي لا تناكد التواتر

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الأول

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir