دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 ذو القعدة 1429هـ/28-11-2008م, 04:16 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الإيمان بأشراط الساعة

ونُؤْمِنُ بأَشْرَاطِ الساعةِ:

  #2  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 08:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات على الطحاوية لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز

[لا يوجد تعليق للشيخ]

  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 08:27 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التعليقات المختصرة للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان

(1) ونُؤْمِنُ بأَشْرَاطِ الساعةِ:



(1) الأشراطُ: جمع شَرَطٍ، وهو العلامةُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الشُّرْطِيُّ: شُرْطِيًّا؛ لوجودِ العلامةِ عليهِ.
وأشراطُ الساعةِ: علامَاتُهَا الدالَّةُ على قُرْبِ وُقُوعِهَا، قَالَ سُبْحَانَهُ: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} (محمد: 18) فَقَوْلُهُ: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ} أي: يَنْتَظِرُونَ، وقولُهُ: {بَغْتَةً} أي: لا يَعْلَمُ وَقْتَهَا إِلاَّ اللَّهُ، قَالَ سُبْحَانَهُ: {ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً} (الأعراف: 187)، وقَالَ جبريلُ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ قَالَ: مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ؟ قَالَ: أَخْبِرْنِي عَن أَمَارَاتِهَا، قَالَ: (أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ العُّرَاةَ رُعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ).
وقد ذَكَرَ العلماءُ أنَّ أشراطَ الساعةِ على ثلاثةِ أقسامٍ:
القسمُ الأَوَّلُ: العلاماتُ الصغرى، وهذه حَصَلَتْ وَانْقَضَتْ.
القسمُ الثاني: العلاماتُ الوُسْطَى، هذه ما تَزَالُ تَحْدُثُ مثلَ ما حَدَثَ في زَمَانِنَا مِن تَقَدُّمِ الصناعاتِ والاتصالاتِ، واستخراجِ الكنوزِ من الأَرْضِ، وتَقَارُبِ البُلْدَانِ، حتى كَأَنَّ العالَمَ قريةٌ واحدةٌ، واجتماعِ اليهودِ في فِلْسْطِينَ انْتِظَارًا للدَّجَّالِ، وتَوْطِئَةً للملاحمِ التي سَتَقُومُ هناكَ.
القسمُ الثالثُ: العلاماتُ الكُبْرَى، مِن خروجِ الدَّجَّالِ، ونُزُولِ عيسى عليهِ الصلاةُ والسلامُ، وخُرُوجِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، وخُرُوجِ الدَّابَّةِ، ثم طُلُوعِ الشمسِ مِن مَغْرِبِهَا، فهذهِ إذا حَصَلَ أَحَدُهَا تَتَابَعَت البَقِيَّةُ.


  #4  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 10:58 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي


قوله: ( ونؤمن بأشراط الساعة: من خروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها، وخروج دابة الأرض من موضعها ).

ش: عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة [ تبوك ]، وهو في قبة [ من ] أدم، فقال: اعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية إثنا عشر ألفاً. وروي راية، بالراء والغين، وهما بمعنى. رواه البخاري و أبو داود و ابن ماجه و الطبراني. وعن حذيفة بن أسيد، قال: اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر الساعة، فقال: ما تذاكرون ؟ قالوا: نذكر الساعة، فقال: إنها لن تقوم حتى ترون [قبلها] عشر آيات، [فذكر]: الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم. رواه مسلم،

  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 04:46 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية لمعالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)


القارئ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا والحاضرين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى:
ونؤمن بأشراط الساعة , من خروج الدجال , ونزول عيسى ابن مريم u من السماء، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها , وخروج دابة الأرض من موضعها، ولا نصدق كاهنًا ولا عرافًا، ولا من يدعي شيئًا يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

الشيخ: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..,
قال العلامة الطحاوي رحمه الله تعالى , وأجزل له الثواب: "ونؤمن بأشراط الساعة من خروج الدجال ونزول عيسى ابن مريم u من السماء، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها وخروج دابة الأرض من موضعها" , يريد رحمه الله تعالى أن ما جاء في القرآن الكريم , وفي سنة النبي r من ذكر أمورٍ غيبية تكون قريبًا من الساعة، أو تكون من أشراطها , فإنها داخلة في الإيمان.. في أركان الإيمان , ويجب الإيمان بها.
ودخولها في أركان الإيمان من جهتين:

الجهة الأولى: أنها غيب , والإيمان كله إيمان بالغيب الذي أخبر به الله Y، أو أخبر به نبيه r.

والجهة الثانية: أن من أركان الإيمان الإيمان باليوم الآخر، ومقدمات اليوم الآخر وأشراط الساعة التي ثبتت في كتاب الله وفي سنة محمدٍ r، فإن الإيمان بها واجب إذا بلغ المسلم الخبر في ذلك، فيجب عليه التصديق بالغيب والإيمان به، وقد خص الله جل وعلا أهل الإيمان بصفة الإيمان بالغيب , فهي أولى وأُولى صفات المؤمنين، كما قال Y: ] الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ [.

فالإيمان بالغيب يدخل فيه جميع أركان الإيمان؛ لأن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، هذا كله إيمان بالغيب.

ويريد أيضًا رحمه الله بإيراد هذه الجملة مخالفة عدد من الطوائف الضالة , الذين لا يؤمنون بما يخالف ما دلهم عليه عقلهم؛ فإن طوائف أنكرت وجود الدجال، وطوائف أنكرت نزول عيسى ابن مريم u , وطوائف أنكرت طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة، ونحو ذلك مما ليس مألوفًا لهم ولا يدخل في السنن، فنفوه لأجل ذلك.
وأهل السنة باب الغيب عندهم باب واحد، فما صح عن رسول الله r فإنه يجب الإيمان به.
وهذه الجملة تحتها مباحث ومسائل:

المسألة الأولى:
في تعريف الأشراط، الأشراط جمع شرط، والشرط هو العلامة التي تفرق الشيء وتميزه عن غيره، والأشراط أشراط الساعة المقصود بها الآيات والعلامات التي تدل على قرب قيام الساعة، إما دنوًّا فتكون أشراطا كبرى، وإما دلالة على القرب فتكون من جملة الأشراط الصغرى، وقد جاء ذكر كلمة الأشراط في القرآن الكريم في سورة محمد، قال جل وعلا: ] فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا [، وأفادت الآية فائدتين:

الأولى: أن الساعة لها أشراط وعلامات.

والفائدة الثانية: أن أشراط الساعة قد وقعت في وقت تنزل القرآن على محمد عليه الصلاة والسلام.
وهذا يعني أن من الأشراط ما يكون بعيدًا عن وقوع الساعة، ومنها ما يكون قريبا من وقوع الساعة، ومن الأحاديث في ذلك أن النبي r لما تذاكروا عنده الساعة قال: ((إنها لن تكون حتى تروا قبلها عشر آيات))، فدل ذلك على أن ثمة أشراط قريبة منها، سماها النبي r آيات، والآيات جمع آية وهي ما يدل دلالةً واضحة ظاهرةً على المراد وعلى الشيء بحيث لا يكون فيه لبس.

المسألة الثانية:
أشراط الساعة قسمها العلماء إلى قسمين:
إلى أشراط كبرى وإلى أشراط صغرى.
ومن أهل العلم من قسمها إلى ثلاثة أقسام:
أشراط صغرى ووسطى وكبرى.
والأول هو المعتمد , والثاني اصطلاح تفسيري، ولكن ليس ثم ما يدل عليه من وجود الوسطى، وإن كانت موجودة وداخلةً في الصغرى.

أما تعريف الأشراط الصغرى: فهي ما دل الدليل على أنه من علامات قرب الساعة، وليس من العشر آيات التي جاءت في الحديث أنها تكون بين يدي الساعة , فهي حصلت الأشراط الصغرى في زمن النبي r ولا تزال تحصل وتحصل إلى بدء الأشراط الكبرى. فيأتي تفصيل الأشراط الصغرى والكبرى إن شاء الله، فمن أهل العلم من جعل الأشراط الصغرى كما ذكرت لك ما قرب من عهد النبي r فهي صغرى، وما بعد من عهده فهي وسطى إلى حدوث الأشراط الكبرى، والأول هو المعتمد في بابه.

المسألة الثالثة:
الأشراط الصغرى كثيرة جدًا ومتنوعة , ولا يدل كون الحدث من أشراط الساعة على مدحه أو ذمه، بل هي آيات ودلائل على القرب، فتارة تكون ممدوحة غاية المدح , منها بعثة محمد r، وانشقاق القمر باعتباره آية لمحمدٍ عليه الصلاة والسلام، ومنها فتح بيت المقدس.
وقد تكون مذمومة محرمةً أو مكروهة، أو تكون واقعة كونية فيها ابتلاء أو عقوبة للعباد.
والمقصود من ذلك أن ما جاء في الدليل أنه من آيات أو أشراط الساعة فلا يدل كونه من أشراط الساعة على أنه ممدوح أو مذموم إلا بدليلٍ آخر , أو بحقيقة الأمر.

وأشراط الساعة الصغرى كثيرة جدًا جدًا، فمما يشار إليه فيها ما جاء في الحديث الذي رواه البخاري وغيره، حديث عوف بن مالك أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((اعدد ستًا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأكل فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال...)) إلى آخر الحديث , ومنها مما حدث , هذه حدثت قريبًا من عهده عليه الصلاة والسلام، ومنها مما حدث بعيدًا عن عهده عليه الصلاة والسلام , النار التي خرجت من المدينة في القرن السابع الهجري، في نحو سنة أربع وخمسين وستمائة، فقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من الحجاز أو من المدينة تضيء لها أعناق الإبل ببصرى)) , منها ما يكون قريبًا من الأشراط الكبرى.

وأشراط الساعة الصغرى والكبرى ألفت فيها مؤلفات كثيرة , في جمعها وجمع الأحاديث التي جاءت في ذكر أشراط الساعة، وهي من العلم النافع الذي يدل على صدق النبي r فيما أخبر به؛ لأنه ولا شك أخبر عن أمر غيبي لم يحدث، وكان خبره صدقًا ويقينًا، فهذه الأخبار التي فيها أنه بين يدي الساعة يكون كذا , أو لا تقوم الساعة حتى يكون كذا، أو من أشراط الساعة كذا أو اعدد بين يدي الساعة كذا، هذه كلها تدل على صدقه عليه الصلاة والسلام.
ثم أيضًا تدل على أن الساعة آتيةٌ لا ريب فيها؛ لأن النبي r أخبر بحدوث هذه الأمور وحدوثها حصل، وكان حقا كما أخبر به عليه الصلاة والسلام , لهذا كان التحديث بأشراط الساعة الصغرى والكبرى وذكرها مما يقوي اليقين ويقوي الإيمان، وهو من دلائل نبوة محمدٍ عليه الصلاة والسلام.

المسألة الرابعة:
الأشراط الكبرى، الأشراط الكبرى يُعنى بها العلامات والآيات التي تكون قريبةً من الساعة بحيث إذا حدثت، فإن يوم القيامة قريب جدًا جداً، وسميت كبرى؛ لأنها آيات عظيمة، تحدث ليس في حسبان العباد أن تحدث، ولم يكن لها دليل قبلها أو لها ما يشابهها , وهذه الأشراط الكبرى عشرة كما جاءت في الأحاديث، ولكنها جاءت في عدة أحاديث غير مرتبة، يعني من جهة الوقوع.

وهنا ذكر الطحاوي رحمه الله في هذه الجملة، ذكر أربعة من أشراط الساعة، ذكر خروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم، وطلوع الشمس من مغربها , وخروج الدابة , وهذه أربعة من عشرة أشراط، وهو إنما ذكر هنا الأشراط الكبرى؛ لأنها هي العظيمة , وهي الآيات الكبيرة التي يجب الإيمان بها , وهذه العشرة هي:
خروج الدجال.. وهي مرتبة الحدوث كما أسوقها، أول ما يحدث خروج الدجال.
ثم نزول عيسى ابن مريم u من السماء.
ثم خروج يأجوج ومأجوج.
ثم ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق , وخسف بالمغرب , وخسف بجزيرة العرب.
ثم طلوع الشمس من مغربها.
ثم خروج الدابة على الناس ضحى.
ثم الدخان.
ثم خروج النار التي تحشر الناس إلى أرض المحشر.
وفي ترتيب الدخان، هل هو قبل طلوع الشمس من مغربها، أو هو بعد طلوع الشمس , فيه خلاف بين أهل العلم، والأظهر هو ما ذكرت لك من الترتيب.

أما الآية الأولى الكبرى: وهي التي نص عليها هنا وهي خروج الدجال، فالدجال جاءت النصوص الكثيرة بخروجه، وأنه سيخرج من محبس هو فيه إذا أذن الله جل وعلا بخروجه، وأنه بشر من جنس البشر، لكنه أعور العين كأن عينه عنبة طافية، أو عنبة طافئة، مكتوب بين عينيه (ك ف ر) ثلاثة حروف يقرأها كل مؤمن، يعني كافر، يعطيه الله جل وعلا من القدرة ما تحار معه الألباب , فيقول للناس: إني ربكم , فيكون معه جنة ومعه نار، وتكون فتنته تستمر في الأرض أربعين، وتكون فتنته أعظم فتنة حدثت في الأرض؛ لأنه يدّعي أنه رب العالمين , وأن معه جنة وأن معه نار , وأنه يحيي الموتى، فيأتي في ذلك , وتحرم عليه مكة والمدينة , والملائكة تحرسها.

ويخرج إليه شاب فيقول له: أنا ربك , فيقول له: أنت الدجال الذي أخبرنا به رسول الله r , فيقول للناس: أنا أقتل هذا ثم أحييه، فيقتله ثم يحييه فيقول: قد ازددت الآن بك علمًا , يعني أنك الدجال. وهذا من خيرة الناس على وجه الأرض، أو خير الناس على وجه الأرض في زمانه.
والدجال لا يخرج حتى لا يذكر في الأرض، وما من نبي إلا حذر أمته فتنة المسيح الدجال، ولهذا كان من المتأكدات على المؤمن في كل صلاة قبل السلام أن يستعيذ بالله من أربع، ومنها فتنة المسيح الدجال.

وأخبار المسيح الدجال والأحاديث التي جاءت فيه كثيرة متنوعة معروفة في كتب السنة وفي كتب من ألف في أشراط الساعة، لكن ننبه في هذا على عدة أمور:

الأول: أن المسيح الدجال لم يكن حيا في عهده عليه الصلاة والسلام، والأحاديث التي جاء فيها أنه حي , وأنه رئي إما في المدينة كقصة ابن صايد وابن صياد، أو في حبسه في جزيرة خرج إليها بعض الصحابة فرأوه فقصوا ذلك على رسول الله r، كل هذا لا يدل على أنه كان في ذلك الزمن , وأنه يبقى إلى وقت خروجه، وإنما في قصة الجزيرة , في قصة الرجل المحبوس وسؤاله عن النبي r الحديث الذي رواه مسلم المعروف، من العلماء من حكم عليه بالشذوذ ومنهم من قال: خرج آيةً جعله الله آية للدلالة على صدق رسول الله r، وليس مستمر الحياة.

والمقصود من هذا أن الدجال بشر يخلقه الله جل وعلا في وقتٍ من الأوقات، ثم يأذن بخروجه من مكان هو فيه على ما يشاء ربنا Y , وخروج الدجال يكون بعد خروج المهدي، والمهدي ليس من أشراط الساعة الكبرى، وإنما يكون قريبًا من خروج الدجال، والمهدي سمي مهديًا؛ لأن الله جل وعلا يهديه ويصلحه في ليلة، كما جاء في الحديث الصحيح أنه يذهب إلى مكة في حين اختلافٍ من الناس , يعني أن الناس لا أمير لهم ولا إمام ولا جماعة , فيعود بالبيت فيخرج إلى الحرم، يعني إلى مكة , فيلوذ بالكعبة، ثم يأتيه الناس فيأمرونه بالخروج ويبايعونه.

وقوله عليه الصلاة والسلام: ((يصلحه الله في ليلة)) اختلف العلماء في هل معناه أنه يصلحه في أمر دينه، ولم يكن صالحًا؟ أو أنه يصلحه لأمر الولاية وإمارة الناس. والأظهر هو الثاني، أنه يصلحه الله في ليلة لإمارة الناس ولقيادتهم، وهو من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب، واسمه كاسم محمد عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبدالله، وجاء في الأحاديث صفاته , وبلغت الأحاديث التي فيها ذكر المهدي بأسانيد صحيحة وحسان وضعاف، أكثر من أربعين حديثًا، ولهذا قال طائفة من أهل العلم: إن أحاديث المهدي تبلغ مبلغ الوتر المعنوي , يعني الذي في جملته لا في أفراده، يدل على أن المهدي سيكون في آخر الزمان قرب خروج الدجال.
وفي قصة المهدي أنه حين... سقط... يصيح صائح: إن الدجال خلفكم في أهليكم وأولادكم أو أموالكم , فينقسم الناس في القصة المعروفة التي لا مجال لسردها لطولها.

المقصود أنه في أثناء ولاية المهدي وغزوه وجهاده وانتشار الخيرات في وقته، يخرج الدجال فتعظم فتنته، ثم ينزل عيسى u، وهو حي الآن، ينزل من السماء في دمشق عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، والنبي عليه الصلاة والسلام كما روى ابن ماجه وغيره، أنه ينزل عند المنارة البيضاء في شرقي دمشق، وهذه المنارة، ثم يدرك الدجال في باب لوت فيقتله هناك، وأصله في مسلم، وهذا عند، قبل وجود المنارة، وقبل بناء المسجد الأموي والمنارة البيضاء الآن معروفة في دمشق، فما أصدق رسول الله r! وما أعظم ما بينه لأمته عليه الصلاة والسلام!

إذا نزل عيسى ابن مريم... سقط... ثاني الآيات , ثاني أشراط الساعة، نزول عيسى ابن مريم، والله جل وعلا دل على نزوله في القرآن بقوله جل وعلا: ] وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً[، وقد جاء في الصحيح أن أبا هريرة t قال: قال رسول الله r: ((يوشك أن ينزل فيكم عيسى ابن مريم حكماً عدلاً مقسطًا, فيكسر الصليب ويقتل الخنزير , ويضع الجزية، ويفيض المال في عهده أو في وقته حتى لا يقبله أحد، ويؤمن به أهل الكتاب))، قال أبوهريرة t: واقرأوا إن شئتم: ] وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً [.

وقوله هنا: ] وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ [، المقصود به قبل موت الكتابي , أو قبل موت عيسى ابن مريم من أهل العلم من قال بالأقوال أنه قبل موت الكتابي سيؤمن بعيسى ابن مريم، وأكثر أهل العلم وأهل التفسير على أن المقصود به قبل موته، يعني قبل موت عيسى ابن مريم؛ لأن سياق الآية والآيات قبلها يدل على ذلك، وظاهرها أيضًا وهو قوله: ] وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ [، يعني بعيسى ابن مريم u , ] قَبْلَ مَوْتِهِ [ يعني موت عيسى أيضًا ابن مريم u.

وهذا في معنى الآية التي في سورة الزخرف وهي قوله Y في ذكر عيسى: ] وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا [، وفي القراءة الأخرى: {وأنه لعَلَمٌ للساعة}، والعَلَم هو العلامة والشرط، "عَلَم للساعة" يعني شرط من أشراط الساعة , وهو الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة واتفق عليه... سقط... حتى إن أبا هريرة t إذا ساق ذلك قال لمن يروي له هذا الحديث: فإذا رأيت عيسى ابن مريم فأقرئه مني السلام , ويرويها من بعده لمن بعده , يقول: فإذا رأيت عيسى ابن مريم فأقرئه مني السلام , وهذا من شدة إيمانهم وتصديقهم بعيسى u الذي، وبنبينا r الذي لا ينطق عن الهوى , إن هو إلا وحي يوحى.

عيسى u يمكث ما شاء الله في الأرض أن يمكث، ثم يموت ثم يُصلى عليه , ويخرج في عهده u في عهد عيسى يأجوج ومأجوج، وقد جاء ذكرهم في القرآن في سورتين، في سورة الكهف وفي سورة الأنبياء، قال جل وعلا: ] حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ [، يعني الساعة , وفي سورة الكهف: ] إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً [ الآية الآيات، فدلت الآيتين.. فدلت الآيتان على مسألتين:

الأولى: أن يأجوج ومأجوج موجودان اليوم، وموجودان قبل ذلك، فهما قبيلان، أو قبيلتان، أو شعبان كبيران يعظم أمرهما عند قيام الساعة.

والفائدة الثانية: أنهم يأتون من كل حدب، قال في آية الأنبياء: ] وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ [، والحدب هو الجهة , وينسلون هذا من النسلان، وهو السير ليلاً، وهم يأتون من كل جهة , فربما مروا على البحيرة العظيمة فشربوا ماءها… إلى آخره , فخروج يأجوج ومأجوج في عهد عيسى u هذا من آيات الساعة الكبرى، ثم يدعو عليهم عيسى u فيموتون، ثم تنتن الأرض التي هم فيها بنتن أجسادهم، فيأمر الله جل وعلا ريحاً، أو طيوراً بحملهم في البحر.

الرابع من الآيات والخامس والسادس ثلاثة خسوف، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وهذه الخسوف الثلاثة خسوف عظيمة , لم يسبق أن حدث مثلها، الزلازل وخسوف الأرض تحدث في الأرض , وهي من آيات الله Y، يبتلي بها ويعذب بها، ولكنها آيات عند قرب قيام الساعة، لم يحدث لها مثيل، فهي غير مألوفة، خسوف عظيمة كبيرة تكون في الشرق وفي الغرب وفي جزيرة العرب.

والخسف معروف، أنه ذهاب الأرض إلى أسفلها، يعني ذهاب علو الأرض إلى أسفلها.. وطلوع الشمس من مغربها جاء ذكره في القرآن وكذلك في السنة الصحيحة، كما في قوله جل وعلا: ] يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً [ , والتوبة لا تزال مقبولة من العبد ما لم تطلع الشمس من مغربها، وطلوع الشمس من مغربها حق وصدق وهي آية غير مألوفة؛ لأن المألوف أن الشمس تطلع من الشرق، ثم تغرب في الغرب، فكونها تعود من حيث جاءت , أو من حيث غربت تعود من الغرب إلى الشرق، هذه آية عظيمة غير مألوفة تجعل الناس جميعًا يؤمنون , ولهذا إذا طلعت الشمس من مغربها فإن الناس يؤمنون , لكن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا، فيبقى بعد طلوع الشمس من مغربها الناس فيهم المؤمنون الذين آمنوا قبل ذلك، قبل طلوع الشمس من مغربها، وفيهم المنافقون والكافرون والمشركون.
ثم تخرج الدابة، والدابة حيوان عظيم الخلقة , يعطيه الله جل وعلا القدرة على وسم الناس، كما قال جل وعلا في آخر سورة النمل: ] وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ [، ] وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم [، يعني بقيام الساعة وطلوع الشمس من مغربها ] أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ [ , قال جل وعلا: ] تُكَلِّمُهُمْ [، وفي قراءة أخرى: ] تَكْلِمُهم أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ [ و ] إِنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ [، يعني بفتح الهمزة من أن، وكسرها ,
وقوله {تكلمهم} و {تكْلمهم} قراءتان صحيحتان تدلان على معنيين مختلفين، أما المعنى الأول فإنها تكلم وتحدث الناس وهي آية، والعادة في الحيوان أنه لا يكلم الناس فهي تكلم الناس لغاتهم، وبما يفهمون عنها.

والعلامة الثانية فيها أنها تَكْلم الناس بمعنى أنها تسم الناس، والوسم سماه الله جل وعلا هنا كلْمًا؛ لأنه يكون معه كلْم الجلد والتأثير في الجلد، كما يحصل في وسم الدواب فإنه لابد فيه من جرحٍ فيها أو من أثرٍ فيها، فتسم الناس هذا مؤمن وهذا كافر، وهذه هي الآية الثامنة.
ثم بعد ذلك تأتي , وليست من الآيات، تأتي ريح، ريح يرسلها الله جل وعلا خفيفة في ليلة فتقبض أرواح أهل الإيمان، أو يموت معها أهل الإيمان، فيبقى أهل الكفر والنفاق والشرك يتهارجون في الأرض كتهارج الحمر، فلا يقال في الأرض الله الله. كما جاء في الصحيح، يعني لا يقال في الأرض: اتق الله اتق الله، أو اذكر الله اذكر الله.

ثم يكون الدخان، والدخان حصل مرة في.. كما في سورة الدخان، ولكنه ليس بالآية العظيمة كالدخان الذي يحصل قرب قيام الساعة، فذاك دخان يغشى الناس من أولهم إلى آخرهم في الأرض كلها، ويشتد معه الخطب والأمر , ومن أهل العلم من قال: إن الآية في سورة الدخان المقصود بها ما هو في قيام الساعة , يعني قرب قيام الساعة، وفي الأحاديث أن.. والسنة أن الدخان حصل في المسلمين، يعني رآه المسلمون والمشركون في مكة، وهذا غير هذا , وآخرها نار تخرج من جنوب الجزيرة، من قعر عدن، يعني يبدأ خروجها من هذا الموطن، ثم تنتشر في الأرض فتحيط بالناس , تحشرهم إلى أرض المحشر، تبيت معهم وتقيل معهم.
وهذا أيضًا آية أن ناراً، آية عظيمة، أن نارًا تتحرك تمشي وتقف مع الناس ومع خوفهم، حتى تحشر الناس إلى أرض المحشر.
ثم بعد ذلك يحصل النفخ في الصور النفخة الأولى، نفخة الفزع، ثم يكون أربعون , ثم بعد ذلك تكون نفخة، يعني نفخة الفزع والصعق , ثم بعد ذلك أربعون، فتكون نفخة البعث، أعاننا الله جل وعلا على كربات يوم القيامة وغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا.

المسألة الخامسة:
الناس في ما كتبوا من أهل العلم في أشراط الساعة ما بين مصيب مدقق، وما بين متساهل، ولهذا المؤلفات في هذا الباب كثيرة جدًا، ويعني ما بين كتب مؤلفة مستقلة، وما بين شروحٍ في كتب مطولة، لكن ينبغي لطالب العلم أن يتحرز في هذا الأمر؛ وذلك لأن أشراط الساعة أمر غيبي، والأمور الغيبية يجب أن يسلم لها إذا صح فيها الدليل، إذا كان الدليل من كتاب الله جل وعلا , أو كان الدليل مما صح من كلام النبي r، وفيها ما في جنس أخبار الغيب؛ لأنه لا يتعرض لها بمجاز ولا بما ينفي حقيقتها ولا بالتأويل الذي يصرفها عن ظواهرها، فباب التأويل والمجاز مرفوض في مسائل الغيب جميعًا، أو رد هذه الآيات بالعقلانيات، وأن العقل يحيل مثل هذا، هذا كله مردود.

ولهذا تجد في الكتب المؤلفة والشروح ربما ما يصرف الأحاديث عن ظاهرها، والواجب هو التسليم لها , وهذا يدخل في مقتضى الشهادة للنبي r... سقط... لأن من مقتضى الشهادة، ومعناها تصديقه عليه الصلاة والسلام فيما أخبر، كل ما أخبر به من أمور الغيب ومن قصص السالفين ومما لم تدركه، فيجب التصديق به والإيمان بذلك؛ لأنه عليه الصلاة والسلام يبلغ عن ربه Y وتقدست أسماؤه.
والناس في مسائل أشراط الساعة , كما ذكرت لك في أول الكلام , منهم من يتأولها وينفي ما لا يدل عليه العقل، ويأخذ بما دل عليه العقل، ومنهم من يتأول بعضًا , ومنهم من يؤمن بها على ظاهرها كما جاءت؛ لأنها أمور غيبية , وهذا هو الذي ينبغي , لهذا تجد مثلاً أن في نزول عيسى u والمهدي إذا ذهب ويعني جاهد، أنه يكون مثلاً بالسيف وبالخيل، والسيف والخيل قال فيها عليه الصلاة والسلام: ((إني لأعرف أو لأعلم أسماء خيلهم ولون.. وألوانها))، أو كما جاء عنه عليه الصلاة والسلام , وهذا تأكيد للحقيقة.

وكذلك أشراط الساعة الأخرى , مثل خروج الدجال , وأن يسمع به الناس، فمن الناس من قال: إن الدجال مثلاً يركب الطائرة , مما ألف في هذا الباب، يركب الطائرة، وأنه يسمع الناس بخبره عن طريق كذا وكذا من الآلات التي هي موجودة الآن، وهذا مما لا يصلح أن يثبت ولا أن ينفى، بل الواجب في مثل هذا التسليم للخبر؛ لأنه إثباته فيه , إثبات أن هذه الأشياء ستبقى إلى خروجه، وهذا ما ليس لنا به علم، والنفي أيضًا نفيٌ بما لم ندرك علمه، والواجب في هذا التسليم، وألا يخوض الناس في عقلياتٍ تنفي ظاهر الأدلة، فنؤمن بها كما جاءت ولا ندخل فيها كما ذكرت بتأويل أو بمجازٍ يصرفها عن ظواهرها.

المسألة السادسة:
عيسى ابن مريم u إذا نزل فإنه ينزل تابعًا لشريعة محمدٍ عليه الصلاة والسلام؛ لأنه ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام وجب على من يكون حيًّا أن يؤمن به، ولهذا عيسى u إذا نزل وكان الإمام يصلي بالناس، أو يريد الصلاة فيأتي يتأخر ليتقدم عيسى u فيقول عيسى u: لا، إمامكم منكم تكرمة الله لهذه الأمة , وهذا فيه الدلالة من أول وهلة، من أول لحظة على أنه تابعٌ لمحمدٍ عليه الصلاة والسلام وليس رسولاً متجددًا، يعني كما كان قبل بعثة محمدٍ عليه الصلاة والسلام.
ولهذا إذا نزل u فإنه يكون حاكمًا بكتاب الله جل وعلا وبسنة رسوله r , وينطبق في حده u، ينطبق في حده أنه صحابي أيضًا؛ لأنه رأى النبي r ليلة المعراج حيًّا، وينزل بعد ذلك متبعًا له ويموت على اتباعه لمحمدٍ عليه الصلاة والسلام , وهذا ينطبق عليه حد الصحابي أنه من لقي النبي r ساعةً مؤمنًا به ومات على ذلك.

ولهذا بعض أهل العلم ربما ألغز فقال: من رجلٌ من أمة محمدٍ عليه الصلاة والسلام هو أفضل من أبي بكرٍ بالإجماع؟
ربما ألغز بعض أهل العلم , وليس من الألغاز السائرة يعني المشهورة، من رجلٌ من أمة محمدٍ r هو أفضل من أبي بكرٍ بالإجماع؟ والجواب أنه عيسى u؛ لأنه تفضيله.. لأنه رسول ومن أولي العزم من الرسل , وهو من أتباع محمدٍ عليه الصلاة والسلام بعد نزوله , فبعد أن ينزل هو يخاطب ويحكم في الأرض بشريعة الإسلام؛ لأن شريعة الإسلام ناسخةٌ لما قبلها من الشرائع.

المسألة السابعة:
أشراط الساعة ربما حلا لبعض الناس أن ينزلها على الواقع الذي يعيش فيه دون تحقيق في انطباقها على ما ذكر , لهذا ألف من ألف من المعاصرين في أن هذه العلامة أو هذا الشرط هو كذا بعينه، وهذا مما لا يتجاسر العلماء عليه، بل يتحرون فيه أتم التحري؛ فإن تطبيق الواقع على أنه هو ما أخبر به النبي r هذا يحتاج إلى علم؛ لأنه إخبار بما تؤول أحاديثه عليه الصلاة والسلام , وهذا يحتاج إلى علم، والله جل وعلا يقول: ] هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ [، يعني ما تؤول إليه حقائق أخباره.
وهذا ربما لم يظهر لكل أحد، يعني الآية في يوم القيامة، لكن انتظار التأويل، يعني ما تؤول إليه حقائق الأخبار، بعضها ظاهر مثل بعثة النبي r , انشقاق القمر، موت النبي r، الموتان يعني الطاعون الذي حصل في طاعون عمواس في سنة ثمانية عشر من الهجرة، ونحو ذلك مثل النار التي خرجت من المدينة، لكن في بعضها يكون ثم اشتباه، هل هو منطبق أو ليس بمنطبق؟ هل هو تمت أو يعني هذا الصفات منطبقة أو ليست كذلك؟

ولهذا كما ذكرت لك في أول الكلام، أن أشراط الساعة إيرادها من الشارع إنما هو لأمرين؛ لأجل الإيمان بها، ثم لتكون دلالة من دلائل نبوة محمدٍ r، فوجود الأحاديث أو ذكر الشيء من أشراط الساعة لا يقتضي مدحًا ولا ذمًا، ولا نستفيد منه حكماً شرعيًا، مثلاً حديث: ((لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد))، وكما في حديث عمر المشهور في قصة جبريل: ((قال: أخبرني عن الساعة , قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل , قال: فأخبرني عن أشراطها , قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان))، منهم من طبق أن تلد الأمة ربتها على عصرٍ من العصور، أو على وضع من الأوضاع، ومنهم من طبق الحفاة العراة العالة رعاء الشاة على وقتٍ من الأوقات.

ومثلما جاء من نطق الحديد، ((مثل وأن تحدث المرأة عذبة سوطه))، ومثل ((نهى أن يتباهى الناس))، أو من ((لا تقوم الساعة - الحديث (اللي) في السنن - لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد))، هل هذا يقتضي ذم هذا الفعل؟ أو لا يقتضي يعني ذماً ولا مدحًا؟
يعني هل يحكم عليه بالكراهة لأجل هذا الحديث؟
المعتمد عند أهل العلم أن مثل هذه الأحاديث لم ترد للأحكام الشرعية، وإنما وردت للإخبار بها؛ لتكون دليلاً على نبوته عليه الصلاة والسلام , ولابتلاء الناس بالإيمان بخبره عليه الصلاة والسلام حتى يظهر المسلّم له عليه الصلاة والسلام من غير المسلّم.
لهذا احذر من التطبيق، تطبيقها , وخاصة فيما يشتبه , قد مرت أزمات ومرت فتن ومرت أشياء , من الناس من طبق، فأخطأ في ذلك، وهو ربما بنى على تطبيقه أشياء من التصرفات أو الآراء أو الأحوال، فأخطأ في ذلك خطأً بليغًا , وظهر بيان خطئه.
لهذا ما المقصود من إيراد أهل السنة والجماعة الإيمان بأشراط الساعة وذكر أشراط الساعة وتقسيمات ذلك؟ ليس المقصود منه التطبيق، وإنما المقصود منه ما ذكرت لك من الأمرين العظيمين:

الأول: دلالة من دلالات نبوة النبي r , فيدخل ذكر أشراط الساعة في دلائل النبوة.

والأمر الثاني: أن يبتلى الناس بالإيمان بها، كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام.
نكتفي بهذا القدر، وعلى العموم مباحث أشراط الساعة كثيرة، وألفت فيها عدة مؤلفات يمكن أن ترجعوا إليها للمزيد، حتى الشارح ابن أبي العز رحمه الله اقتضب جدًا في شرحه , فاقتصر على إيراد الأحاديث الواردة في هذا الباب. نجيب على بعض الأسئلة:
ردا على سؤال غير مسموع: من أفضلها كتابه "النهاية" للحافظ ابن كثير؛ لأنه محرر ومن الكتب المعاصرة، كتاب "أشراط الساعة" ليوسف الوابل وكذلك كتاب "إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة" للشيخ العلامة محمود بن عبدالله التويجري رحمه الله تعالى، ونحو هذه الكتب.

سؤال: هل إيمان أهل الكتاب بعيسى u إيمانٌ ينفعهم، أو إيمان إقرار لا ينفع؟
جـ إذا نزل فكسر الصليب ووضع.. وقتل الخنزير ووضع الجزية، فآمن به أهل الكتاب واتبعوه، يعني اتبعوا ما أمر به من شريعة الإسلام، فإنه ينفعهم، أما إذا آمنوا به، يعني إيمانًا بنزوله لا بما جاء به وإلى ما دعى إليه، فهذا لا ينفع؛ يعني هذه المسألة ترجع إلى الأصول العامة.

ردا على سؤال غير مسموع: هذا مثل هذا , هل هذا في زمن عيسى؟ أم في غيره؟ الحديث هذا صحيح كما هو معلوم، لكن هل هو في زمن عيسى أم في غيره؟ (إحنا) ما نحدد، يعني ربما يكون قبل ذلك ثم تحدث فتنة، وربما المقصود منه بعض البيوت، لا كل بيوت الأرض.

سؤال: ما رأيكم في القول بأن قوله: ] فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا [ على نحو قوله تعالى: ] أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ [؟

جواب: إذا كان المراد بقوله: ] فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا [ الأشراط الكبرى فهو على نحو قوله: ] أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ [، يعني قرب المجيء ودنا، ] أَتَى أَمْرُ اللَّهِ [ يعني بقيام الساعة , ] فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ [ يعني قرب جدًا، و ] فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا [ إذا كان المقصود الأشراط الكبرى، يعني فسرت الأشراط بالأشراط الكبرى فيكون جاء بمعنى قرب ودنا مجيئها مثل: ] أَتَى أَمْرُ اللَّهِ [، هذا صحيح، لكن التخصيص بأن الأشراط هنا هي الأشراط الكبرى دون الصغرى يحتاج إلى دليل.
والنبي r في حديث جبريل جاء ذكر أشراط الساعة وفسرها بالأشراط الصغرى: ((قال أخبرني عن الساعة , ثم قال له: أخبرني عن أشراطها , قال: أن تلد الأمة ربتها...)) إلى آخره كما ذكرت لك آنفًا وهذه من الأشراط الصغرى.
إذًا حمل آية سورة محمد u على الأشراط الكبرى دون الصغرى يحتاج إلى دليل، والأمران وشمول الآية للأمرين أولى.
[كلام ليس له فائدة علمية]
سؤال: إن المسيح الدجال لم يكن حيًّا في زمن النبي r , ألا يعارض هذا شك النبي r في ابن صياد، هل هو المسيح الدجال أم لا؟ وكذلك إقسام بعض..؟
جواب: المسألة معروفة من جهة البحث، لكن فيه في قصة ابن صائد أنه لما ذهب إليه عمر.. لما ذهب إليه النبي عليه الصلاة والسلام ليراه قال: ((ما ترى؟)) ثم قال له: إني أرى الدخ , ولم يكمل , فقال له عليه الصلاة والسلام: ((اخسأ فلن تعد قدرك))؛ لأنه علم أنه كاهن.
لهذا الأظهر فيه أنه كاهن صفته كانت مقاربة للصفة، لكن الدجال أمره يختلف , وابن صائد مات، مات ودفن بإجماع الناس في ذلك الزمان.

سؤال: أين يوجد يأجوج ومأجوج؟
جواب: لا أعلم.

سؤال: ما علاقة ابن الصياد بالدجال؟ وهل رأى الصحابة ابن صائد؟
جواب: نعم ابن صياد أو ابن صائد كان موجودًا في المدينة، وظهر عليه بعض العلامات وخشي أن يكون الدجال، لكن من المعلوم أن الدجال لا يخرج من المدينة، الدجال يخرج من مكانٍ هو فيها محبوس، وهذا الرجل مات ودفن... إلى آخره، فالقول: إنه هو , أن الدجال هو ابن صائد , ليس، الصحابة شكوا ثم تبيّن لهم هذا الأمر، ومن أقسم على أن ابن صياد هو الدجال، هذا بحسب ظنه، أو أن المقصود أنه دجال من الدجاجلة.

سؤال: ما رأيكم فيمن قال: إن يأجوج ومأجوج هم شعوب الصين؟
جواب: هذا محتمل، لكن ما فيه ما يدل على الجزم به؛ لأن بعض الصفات التي وردت منطبقة عليهم، في أشكالهم، لكن بعض الصفات بأنهم قصيرو القامة جدًا وبعض الصفات، قد ما تنطبق من كل جهة، والتحديد ما الذي يفيد فيه؟ يعني كانوا شعوب الصين أو شعوب أخرى أو ناس يكثرون في قرب زمن خروج عيسى u يكثرون جدًا ويتناسلون ثم يذهبون للناس، يعني ما الذي يختلف من ذلك؟

ويأجوج ومأجوج مثلما ذكرنا لك سابقًا هم موجودون، من زمن الأنبياء قبل ] إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ [، وأنهم يخرجون في زمن , فهم شعبان، أو قبيلان، أو قبيلتان كبيرتان موجودة، لكن ما المقصود بها؟ قد يكون الصين وقد يكون غير ذلك، أنا ما أعلم؛ لأن ما عندي ما يحدد ذلك بدليل.

سؤال: ورد حديث فيه التردد بين خروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها، أيهما أول خروجًا، فما الجواب عنه؟
جواب: يعني الحديث الذي في صحيح مسلم بأنها إذا خرجت إحداهما، كانت الأخرى تليها، وهذا الحديث إذا كان فيه التردد فإن الأحاديث الأخرى دلت على أن خروج الدابة تكون على الناس ضحى، ضحى , أما طلوع الشمس الطلوع ما يكون بعد الضحى، الطلوع يكون وقت الطلوع , يعني في أول إدبار الليل وإقبال الصباح , في الصحيح أن طلوع الشمس من مغربها أول ثم بعد ذلك خروج الدابة، وهذا يقتضيه أيضًا المعنى؛ لأن طلوع الشمس من مغربها، هذا (خلاص) فاصلة الإيمان، يعني من لم يؤمن من قبل لا ينفعه إيمانه، ثم الدابة لتسم الناس وتكْلِمَهُم.

سؤال: ألا يكون مفرد أشراط هو شَرَط؟ أما شرط فجمعه شروط؟
جواب: هذا صحيح، لكن هو يصح شرْطٌ وشَرَط، وهذا كثير يعني الشرْط وشَرط في المفرد يتبادلان، يعني من حيث القياس ومن حيث النقل، مثل نهْر ونَهَر وسمْع وسَمَع، وفي القرآن في القراءات في كثير تناوب بين فَعْلٌ وفَعَل في المفرد الذي جمعه أفعال، فالنهر {وكان بينهما نَهْرًا} وفي القراءة الأخرى: {كان بينهما نَهَرًا} (اللي) هو قراءتنا , وجمع النهر أنهار وأنهر.
فالمسألة صحيحة، شَرْط وشَرَط ولا يعني استعمال الشرط فيما ذكر أنه، المقصود أنها صحيحة شَرْط وشَرَط كلها.
يعني الأسئلة (اللي) تحتاج إلى، يعني البحث فيها معروف ما لها داع لسؤالها، هذه مسألة عن كفر التكذيب والجحود وأنه نسبت إلى بعض العلماء... إلى آخره، هذه البحث فيها معروف.

سؤال: كيف تكون أطوار حياة الدجال الأولى؟
جواب: الله أعلم , والله يعيذنا من فتنته.

ردا على سؤال غير مسموع: هم حذروا من الفتنة وخوفوا الناس من الفتنة، من فتنة المسيح الدجال , وبالمناسبة ما ذكرت المسيح الدجال والمسيح عيسى ابن مريم، اشتركا في اسم المسيح، والمعنى مختلف، المسيح في الدجال فعيل بمعنى مفعول، يعني لأنه ممسوح، ممسوح العين اليسرى , وعينه الأخرى كأنها عنبة طافية، يعني بارزة، فمسيح بمعنى ممسوح، يعني إحدى العينين غير موجودة أعور.

وأما المسيح عيسى ابن مريم u فهو مسيح بمعنى ماسح فاعل؛ لأنه كان إذا مسح على مريضٍ أو من يشتكي أبرأه الله جل وعلا كما جاء في القرآن في سورة آل عمران والمائدة: ] وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي [ , في بعض الكتب يقولون: المسيخ , (ولا) لا؟ ما أدري أنا ما عرفت (إيش) أصلها، المسيخ بمعنى ممسوخ؟ هل هو ممسوخ هو؟ هل جاء في الأحاديث ممسوخ أو مسيخ؟ أنا ما أعلم يعني فيها، لكن الأحاديث كلها (اللي) في السنن، (اللي) في الصحيح والسنن وكلها المسيح المسيح بالحاء لا بالخاء.

سؤال: يقول: حبذا لو أبنت لي معنى - هذا آخر سؤال - قول بعض العلماء: إن القدرة لا تتعلق بالمستحيل، بل لا تتعلق القدرة إلا بالممكن بخلاف العلم , وهل هذا القول صحيح؟
جواب: يحتاج تأمل، ما أستحضر يعني لكن كأنها من كلمات الأشاعرة، القدرة لا تتعلق بالمستحيل، بل تتعلق القدرة بالممكن، القدرة قدرة الله جل وعلا تتعلق بكل شيء كما هو نص القرآن: ] واللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قدير[، ] إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [، ] وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً [، ونحو ذلك.
فالقدرة متعلقة بكل شيء، وكل شيء هذه تشمل ما أذن الله جل وعلا بوقوعه وما لم يأذن بوقوعه , أما تعلقها بالممكن من قال: تتعلق بالممكن , فالممكن وقوعًا أو الممكن إذنًا، فهذا الكلام فيه صلة بكلام الأشاعرة والماتريدية ونحوهم ممن يعلقون القدرة بما يشاؤه الله جل وعلا وما يأذن به.
والقرآن فيه الرد على هذا القول من جهتين:

الأولى: في عموم كل شيء في الآيات التي ذكرت لك.

والثانية: في آية سورة الأنعام في قوله: ] قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً [.
قال جل وعلا: ] هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ [، هل حصل هذا العذاب من الفوق، من فوق؟ قال عليه الصلاة والسلام لما قرأها: ((أعوذ بوجهك))، ] أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ [ قال: ((أعوذ بوجهك))، ] أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً [، قال: ((هذه أهون)).
وهذه وقعت كما في الحديث الثاني أن النبي r سأل ربه ثلاثًا فأعطاه اثنتين ومنعه واحدة، فهناك أشياء كما في نص الآية الله جل وعلا قادرٌ عليها ولم يأذن بوقوعها، فهي من جهة الوقوع ما دام أن لم يأذن الله جل وعلا بها ولم تقع، لكن تعلقت بها قدرته.
فإذًا دلت الآية على أن قدرته جل وعلا متعلقة بكل شيء , بما شاء أن يقع وبما لم يشأ أن يقع، وهذا هو قول أهل السنة خلافًا لقول الآخرين، [كلام ليس له فائدة علمية] وفقكم الله لما فيه رضاه , [كلام ليس له فائدة علمية].

مجـلـس جـديـد

بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد..,
فأسأل الله جل وعلا أن يصلني وإياكم برحمته , وأن يتقبل منا قليل طاعته، وأن يبارك لنا في أعمالنا وأقوالنا وأعمارنا؛ إنه جواد كريم. ثم نجيب عن بعض الأسئلة بفاتحة هذا الدرس:

سؤال: آمل التكرم بإعادة شرح "الواسطية" بعد الانتهاء من الطحاوية؛ لأن غالب الطلبة لم يحضروا شرحكم , وكثيرة إحالتكم على الواسطية، (غير مسموع) إعادة شرحه خير؟
جواب: هذا يحتاج إلى يعني تأمل، لكن ما أظن في النية ذلك؛ لأن إن مشينا على عددٍ من الكتب والرغبة أن تبقى مسجلة في الأشرطة، لينتفع منها الناس، فالابتداء بكتبٍ جديدة أولى لتبقى محفوظةً في الأشرطة , ويمكن طالب العلم أن يرجع إلى الشرح، موجود ليستفيد مما هو موجود، إن شاء الله؛ لأن فيه كتاب "مسائل الجاهلية" لإمام الدعوة شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ما أكملناه، وعدد من الإخوة اختاروا إكماله أو نأخذ عددًا من الكتب اثنين، ثلاثة معه؛ (علشان) يصير الدرس متنوع، ما بعد قررنا، إن شاء الله يكون خيرا.

سؤال: تعلمون كثرة الكلام حول استعمال الرجال للدفوف، وتسرع البعض بالتحريم، نرجو منكم تبيين الحكم؟
جواب: استعمال الدف للرجال العلماء اختلفوا فيه على عدة أقوال:
فمنهم من رأى المنع والنهي عن ذلك؛ لأنه إنما أبيح للنساء في العرس وليالي الفرح، وأما الرجال فهم باقون على أصل المنع. وهذا ذهب إليه جمع من أهل العلم في ذلك، واستدلوا له؛ بأن امرأة كانت تضرب الدف عند رسول الله r , فلما دخل عمر ألقت الدف تحتها وجلست عليه فقال عليه الصلاة والسلام: ((لا يا عمر إن الشيطان يفرق منك))، استدلوا بقوله: ((إن الشيطان يفرق منك)) بأن هذا من عمل الشيطان , والأصل في أعمال الشيطان أنها محرمة.

والقول الثاني: أنه يباح الدف للرجال , ويستدل أهل هذا القول بعدة أدلة؛ منها أن النبي r أقر الضرب بالدف بين يديه، وأتته امرأة فقالت: يا رسول الله , إني نذرت إن رجعت سالماً أن أضرب على رأسك بالدف، فقال: ((أوفي بنذرك)) فدل على أن الضرب بالدف واستماع الرجل له ليس بمحرم؛ لأنه قال: ((أوفي بنذرك)) ولا نذر في معصية الله جل وعلا. هذا الحديث رواه أبو داود وغيره بإسناد جيد. واستدل له أيضاً ببعض أعمال السلف.

والكلام في المسألة راجع إلى بعض الأحوال، كالفرح بعرسٍ أو بعيدٍ أو في حربٍ أو في افتخارٍ ونحوهما، هل يباح مطلقاً أم في هذه الصور التي جاء في الدليل ما هو من جنسها؟ العلماء مختلفون في ذلك، والمسألة تحتاج إلى تحرير، مزيد تحرير، وكثير من علمائنا يمنعون منها لسد الذريعة في ذلك.

سؤال: هل هذا يا سر.. عمار، يعني يقول r لعمار: ((تقتلك الفئة الباغية))، هل هذا معناه أن فرقة معاوية وأتباعه، فرقة باغية؟
جواب: قول النبي عليه الصلاة والسلام لعمار بن ياسر: ((تقتلك الفئة الباغية)) هذا حديث صحيح، وأهل العلم يستدلون به على أن الحق مع علي t وأصحابه، وأن معاوية t ومن معه، أنهم كانوا متأولين , وبغوا على علي t , وإنما فعلوا ذلك باجتهاد كما هو معلوم.
ولهذا لما قيل لمعاوية هذا الحديث: إن عماراً تقتله الفئة الباغية. قال: إنما قتله الذين أخرجوه، يعني ما قتلناه، قتله الذين أخرجوه في أمر ليس بحق، فتأول حتى الحديث وجعل عليا t ومن معه هم الذين بغوا على أولياء دم عثمان t.
والصواب في ذلك هو ما عليه معتقد أهل السنة والجماعة من الترضي عن الجميع , واعتقاد أن الصواب والحق مع عليا t وأصحابه، وأن معاوية t بغى على علي فيما ذهب إليه، وأنه لم يكن أيضاً هذا، يعني كل ما حصل باختيار معاوية t بل كان ثم من يفسد بين الفئتين وهم الخوارج , قاتلهم الله.
المقصود من ذلك أن محبة الجميع فرض، ومعاوية t كاتب وحي النبي r ولا يجوز التنقص منه، وولايته كانت من خير الولايات، يعني هو خير ملكٍ ملك؛ لأنه صحابي , وأقام الجهاد واجتمعت عليه الأمة في وقته، وعليٌ t من هذه الجهة لم تجتمع عليه الأمة، فلذلك حصل من الخير ومراغمة الأعداء وقتال أعداء الله وجهاد المشركين، وسعة انتشار الإسلام في وقت معاوية ما لم يحصل في خلافة علي t.

فلهذا الله أعلم بمواقع حكمته وقدره، ولكن علي t هو المصيب وهو الحق وهو الخليفة الراشد , وهو رابع الخلفاء, رابع المبشرين بالجنة، وهو أفضل وأعلى مقاماً من معاوية رضي الله عنهم جميعاً بلا شك، ولكن معاوية كان في ذلك متأولاً وكان في عهده من الخير ما يحمد له.

سؤال: ما رأيكم بموسى الموسوي، قرأت له ردوداً عن الإمامية، وقيل: إنه شيعي؟
جواب: هذا أحد، موسى الموسوي أحد الإمامية الرافضة، نقم على الخميني دعوته في ولاية الفقيه وفي بعض أمور السياسة فرحل إلى أمريكا , وأنشأ له هناك داراً ومركزاً , وألف بعض الكتب باللغة الإنجليزية والبعض باللغة العربية، وبعض كتبه كـ (الشيعة والتصحيح)، (الشيعة والتشيع)، (يا شيعة العالم استيقظوا) ونحو هذه الكتب مفيدة في الرد على الشيعة وبيان أن منهم من يرد عليهم من كتبهم , وأنهم متناقضون , وأن الحق ليس معهم , وأن عندهم من التناقض وعندهم من مخالفة ما عليه أكابرهم المتقدمون، ما يدل على فساد ما ذهبوا إليه، فكتبه مفيدة في باب.

لكن هو يذهب إلى شيء يجب أن تنتبه إليه , وهو أن الشيعة حق , وأن التشيع حق , وأن الجعفرية حق، وأنه لا يجوز أن يتعدى على التشيع من حيث هو , وأن السنة والشيعة فرقتان من فرق الإسلام لا ينبغي أن يكون بينهما كبير فرق، ومع هذا فهو رد على الشيعة في مواضع كثيرة , مثلاً أذكر له في كتابه (الشيعة والتصحيح) ذكر عدة مسائل منها مسألة العصمة، مسألة ترك صلاة الجمعة، وزواج المتعة.
وأيضاً ذكر في مسألة مهمة عقد لها باباً سماه: "الشيعة ومراقد الأئمة" ومراقد الأئمة وذكر في هذا نقداً واضحاً وتضليلاً للذين يقدسون الأئمة , ويتجهون إلى مراقدهم بالحج، يعني إلى قبورهم.

وقال حتى في صدر هذا الباب - إن صح حفظي - يقول: يحلو في أول أسطر منه يحلو لبعض الفئات أن تجعل معظمهم مقدساً , ويجعلون عليه خلعاً من صفات الإله، كما فعل الناس من المسلمين بمعظميهم، فلدى السنة معظمون خلعوا عليهم من صفات الإله وجعلوا يذهبون إليهم بالذبائح والنذور والطلبات والاستغاثات، وللشيعة أيضاً مقدسون ومعظمون خلعوا عليهم من صفات الإله، ولم ينجو - هذه عبارته - ولم ينجو...
الشيخ: نقم على الخميني دعوته في ولاية الفقيه وفي بعض أمور السياسة فرحل إلى أمريكا , وأنشأ له هناك داراً ومركزاً , وألف بعض الكتب باللغة الإنجليزية والبعض باللغة العربية , وبعض كتبه كـ (الشيعة والتصحيح) , (الشيعة والتشيع) , (يا شيعة العالم استيقظوا) ونحو هذه الكتب مفيدة في الرد على الشيعة وبيان أن منهم من يرد عليهم من كتبهم , وأنهم متناقضون , وأن الحق ليس معهم , وأن عندهم من التناقض وعندهم من مخالفة ما عليه أكابرهم المتقدمون , ما يدل على فساد ما ذهبوا إليه , فكتبه مفيدة في باب.

لكن هو يذهب إلى شيء يجب أن تنتبه إليه , وهو أن الشيعة حق , وأن التشيع حق , وأن الجعفرية حق , وأنه لا يجوز أن يتعدى على التشيع من حيث هو , وأن السنة والشيعة فرقتان من فرق الإسلام لا ينبغي أن يكون بينهما كبير فرق , ومع هذا فهو رد على الشيعة في مواضع كثيرة , مثلاً أذكر له في كتابه (الشيعة والتصحيح) ذكر عدة مسائل منها مسألة العصمة , مسألة ترك صلاة الجمعة , وزواج المتعة.
وأيضاً ذكر في مسألة مهمة عقد لها باباً سماه: "الشيعة ومراقد الأئمة" ومراقد الأئمة , وذكر في هذا نقداً واضحاً وتضليلاً للذين يقدسون الأئمة , ويتجهون إلى مراقدهم بالحج , يعني إلى قبورهم.

وقال حتى في صدر هذا الباب إن صح حفظي يقول: يحلو - في أول أسطر منه - يحلو لبعض الفئات أن تجعل معظمهم مقدساً , ويجعلون عليه خلعاً من صفات الإله , كما فعل الناس من المسلمين بمعظميهم , فلدى السنة معظمون خلعوا عليهم من صفات الإله وجعلوا يذهبون إليهم بالذبائح والنذور والطلبات والاستغاثات , وللشيعة أيضاً مقدسون ومعظمون خلعوا عليهم من صفات الإله , ولم ينج - هذه عبارته - ولم ينج من هذا التخريف إلا الطائفة الموسومة بالسلفية.

فعلى العموم عنده ما عنده , وكتبه تستفيد منها , يستفيد منها طالب العلم في بعض الأمور , وخاصة في مسألة متى بدأ القول بالعصمة؟ متى بدأ الانحراف , انحراف الشيعة عن أقوال الأوائل؟ أرخها في كتبه تأريخاً جيداً , وبيّن أن بداية الانحراف كانت في أوائل المئة الرابعة , بدأ القول بالعصمة وبدأ الانحراف عن طريقة أئمتهم الأولين , فيرد عليهم من كلام بعضهم.

سؤال: اختلف العلماء والمفسرون في القول عن حقيقة تأويل كذبات إبراهيم u , فما الأقوال المرجحة في ذلك؟
جواب: ما أدري (إيش) معنى تأويل كذبات إبراهيم , يعني اختلف المفسرون في تأويل الكذبات في الحديث , ماذا يعني بها؟ على كل حال الكذبات التي ذكرت في الحديث هي معروفة: ((ثلاث كذبات كلها في ذات الله: قوله: إني سقيم , وقوله: هذا ربي , وقوله لزوجه سارة: هذه أختي)) وكان متأولاً في ذلك وصادقاً , وهذه فيها مصلحة؛ فهو خشي أن تجعل من الكذب باعتبار الظاهر لا باعتبار الباطن.

سؤال: الأرض متى تزكى؟ هل يكون ذلك إذا عرضها للبيع كلفظ الحديث؟ ـ إيش ـ أم إذا نوى أن تكون هذه الأرض مثلاً استثماراً تجاريا؟
جواب: الأرض إذا ملكها المسلم بفعله بنية التجارة , ثم أعدها للبيع , فإنه حينئذٍ فيها الزكاة , فتزكى زكاة عروض تجارة , تقوم بعد حولٍ من ملكها , ملك تجارة , وإعدادها للبيع تُقَوَّم وتزكى قيمتها إذا كانت عنده , وإذا لم تكن القيمة يعني الزكاة عنده , يعني يمكنه أن يخرج مما عنده فإنه ينتظر حتى يبيعها , ثم يخرج زكاتها.
والأصل في ذلك عند العلماء حديث سمرة الذي رواه أبو داود وغيره , أنه قال:كنا نؤمر أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع. وهذا الحديث رواه أبو داود وإسناده فيه مجاهيل , ولكن قال بعض أهل العلم: إن إسناده مقارَب أو مقارِب , بفتح الراء أو كسرها؛ وهذا لأجل لأنها نسخة رويت بها , روي بها عدد من الأحاديث وليس حديثاً واحداً , والنسخ ربما اغتفر فيها العلماء على اعتبار أنها وجادة تتناقل بالإسناد ما لا يغتفر في التحديث.

والصحيح أن إسناده ضعيف , ولكنه مأخوذ به؛ لدلالة عددٍ من الأحاديث على زكاة عروض التجارة , منها ما رواه الحاكم بإسناد جيد , أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((وفي البز صدقته)) والبز هو القماش الذي يبيعه التاجر , ومنها ما رواه البخاري في صحيحه وغيره لما منع ابن جميل وخالد الزكاة والعباس , قال عليه الصلاة والسلام: ((أما ابن جميل فما نقم إلا أن كان فقيراً ثم أغناه الله من فضله , وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً؛ فإنه احتبس أسيافه وأدرعه في سبيل الله , وأما العباس فهي علي ومثلها))؛ لأنه تقدم بصدقة سنتين.

والشاهد منه على زكاة عروض التجارة قوله في شأن خالد t: ((إنه احتبس أسيافه وأدرعه)) وهم نقموا على خالد أنه لم يخرج الصدقة من الأسياف والأدرع , والنبي r اعتذر له لا بأن زكاة عروض التجارة ليست بواجبة , ولكن بأنه أوقفها , وإذا كان أوقفها فقد خرجت من ملكه , فحينئذٍ تكون ملكاً للمسلمين أو للمجاهدين , فحينئذٍ لا زكاة فيها.
فالصحيح الذي عليه جمهور العلماء للأدلة التي ذكرت , وللأصول العامة أن عروض التجارة فيها الزكاة بشرطين:

الشرط الأول: أن يملكها بفعله.
والثاني: أن ينوي بها التجارة من حين ملكه إياها.

ولعلماء الفقه تفاصيل في إذا حولها , يعني من نية التجارة إلى نية السكنى , ثم عاد وما شابه ذلك , لكن فيما ذكرنا ما هو كافٍ في هذا المقصود.
أما إذا الأرض ملكها ليبني عليها عمارة , أو مسكناً , كعمارة للتأجير أو ليسكن فيها , أو بنى له بيتاً ليسكن أو ليأجره - هذه لا زكاة فيها , الزكاة أن ينوي بها التجارة في نفسه , يعني عروض التجارة , ينوي بها الربح , (وإيش) معنى التجارة؟ معناها الربح , يعني يشتريها , يعني أنه يشتريها ليطلب بها الزيادة , هذا داخل في أصل المال أنه مال قابل للنماء... إلى آخره.
ومن أهل العلم ممن يقولون بزكاة عروض التجارة , من يقول: لا تجب زكاة العروض إلا في الأموال المدارة , وهو قول الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى , وهو مذهب المالكية , فيجعلون الأموال الجامدة غير المتحركة لا زكاة فيها , وأما الزكاة في حق من يملك الأموال المدارة , بمعنى تاجر عقار يبيع ويشتري , يبيع ويشتري , تاجر أسهم يبيع ويشتري , واحد عنده محل دائماً يغير , يدير المال , فهذا هو الذي يقدره في وقت من السنة ويزكيه؛ لأنه مدير وليس كل أحدٍ يعتبر مديراً عندهم.
لكن ظاهر الأدلة أن عروض التجارة تجب إذا كانت للتجارة , سواءً أكان مديراً , وهذا له اختبار بأساس المال؛ لأن هذا المال الذي اشترى به هذه الأرض هو قابل للنماء , فشراؤه للأرض هذه للتجارة , أو لعمارة , للتجارة , أو لشيء للتجارة , هذه هو يطلب فيها النماء , استمرار النماء , وما كان كذلك فهو داخل تحت الأصل في وجوب الزكاة في الأموال التي تقبل النماء , وخرج من نحو قوله: ((ليس على المسلم في فرسه ولا عبده ولا داره صدقة))؛ لأنه ليس معدا للنماء. والله أعلم. نكتفي بهذا القدر.

سؤال: ثبت أن الله تعالى خط التوراة لموسى بيده , فهل ثبت أن الله تعالى ناوله التوراة بيده من يده؟
جواب: ما أعلم ذلك , وضابط القرآن لا يدل عليه.

سؤال: يقول: أدرس في إحدى الثانويات , وعندنا مدرس ينصح باستماع أشرطة الدكتور/ طارق السويدان لجميع الطلاب , ويأتي بها إلى المدرسة لبيعها بأسعار مخفضة , ما رأيكم في هذا؟ نرجو الإجابة؛ لأهميته والاختلاف فيها.
جواب: لا يطلق القول في الأشرطة , أشرطة الأخ المذكور , يطلق القول بردها جميعاً أو قبولها جميعاً , منها ما هو حسن ومنها ما عليه فيه ملاحظات , وهو ليس بطالب علم يحسن مواضع الخلاف ومواضع العقيدة , وإنما أراد أن يبسط قصص الأنبياء ويبسط السير بأسلوب ينفع الناشئة , فاجتهد في ذلك , فما أخطأ فيه فيجب الانتباه لذلك وحذفه من الشريط, أو بيان ذلك له ليصحح ذلك , ولا يطلق القول بأنها كلها نافعة أو كلها غير نافعة , بل ينبغي النظر فيما اشتملت عليه.
وبعض الإخوة ذكر لي أنه فيما مضى جاء هنا لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله , وأنه نبهه على بعض الأشياء , وأنه صححها في الأشرطة الجديدة , ما أدري عن صدق هذا الكلام أو يعني عن دقته.
المقصود أن بعضها إذا كانت نافعة فيراجع قبل , ثم بعد ذلك لا بأس من نشره , وإذا كان فيها خطأ , أو غلط في العقيدة , أو تساهل مع أهل الفرق الضالة أو نحو ذلك فهذا لا يجوز التساهل فيه. اقرأ.

  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 12:16 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


الإيمان بأشراط الساعة
قال المصنف رحمه الله: [ونؤمن بأشراط الساعة من خروج الدجال ونزول عيسى بن مريم عليه السلام من السماء، ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها، وخروج دابة الأرض من موضعها] . أشراط الساعة: هي مقدماتها التي تقع قبل وقوعها، والمشهور في كلام المتأخرين من أهل العلم أنهم يقسمون هذه الأشراط إلى الكبرى والصغرى، وإن كان بينهم نزاع في تحديد الكبرى، وأكثرهم يقولون: إن الكبرى هي العشر التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة بن أسيد الذي رواه مسلم وغيره، قال: (اطلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نتذاكر، قال: فما تذاكرون؟ قلنا: الساعة. قال: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات فذكر: الدخان والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاث خسوف، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نارٌ تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم) ، فهذه الآيات العشر، وقد ذكر المصنف جملة منها، هي المشهورة عند كثير من أهل العلم بالآيات الكبرى، أو بالأشراط الكبرى، وإن كان هذا التقسيم لم يرد في النصوص أصلاً. وهذه الأمة المحمدية جاءت بين يدي الساعة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح، أنه قال: (بعثت أنا والساعة كهاتين) وجاء عند الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بعثت أنا والساعة نستبق، كادت أن تسبقني فسبقتها)، فإذا كان كذلك، علم أن هذه الأمة بين يدي الساعة، وعليه؛ فما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم مقدمة لها فإنه يسمى آية لها، أو شرطاً من اشتراطها، وأما تسميتها بالكبرى والصغرى فهذه من الأسماء الإضافية، فيراد بالكبرى ما بين يدي الساعة قريب منها، وهذا مما لا إشكال فيه، وهذا استنبطه أهل العلم من دلالات النصوص، فالنبي صلى الله عليه وسلم مع أنه ذكر أنه بعث بين يدي الساعة، إلا أنه كان يخصص بعض الآيات بنوع من التخصيص، وهذا كمثل حديث حذيفة بن أسيد لما قال: (إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات) ، فذكر آيات مقاربة لقيام الساعة. فهذا التقسيم، وهو أن أشراطها تنقسم إلى صغرى وكبرى، لا ينبغي إنكاره، كما فعل بعض الباحثين والمعاصرين، كما لا ينبغي الالتفات إليه كثيراً، فهو نوع من التقسيم العلمي إذا فسر بمراد صحيح فلا إشكال فيه، فمن تركه ولم يستعمله؛ فلأن النصوص لم تستعمله على هذا الوجه، ومن استعمله، فلكونه ظاهراً من طرفٍ من نصوص السنة أن هناك آيات لها اختصاص، كهذه الآيات العشر، ولا شك أن بعض الآيات كنزول عيسى بن مريم، لا يمكن أن يقارن ببعض الآيات التي وقعت من سنوات مضت، وعن هذا قيل بهذا التقسيم بالصغرى والكبرى. ......

عدم جواز تحديد وقت الساعة
وقوله صلى الله عليه وسلم: (بعثت أنا والساعة نستبق)، الساعة تعرب على أنها: مفعول معه، وهذا دليل على المعية والمقارنة بين النبوة وبين الساعة، وقد تكلم بعض العلماء على أن الساعة لا يعلم وقتها إلا الله سبحانه وتعالى، وهذا صريح في القرآن وفي كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فإن بعض العلماء في القرن التاسع ونحوه تكلم عن قيام الساعة، ولم يحددوها، وإنما تكلموا في قربها، وأنها قد تكون في قرنهم، أو في آخر قرنهم.. إلخ، والحق أن التحديد للمسائل الخبرية، سواء كان تحديداً للساعة، أو ما هو دون ذلك، كبعض الملاحم، والقتال الذي يكون مع اليهود أو غير ذلك؛ تحديد هذه الأمور بوقت معين وزمن معين وسنة معينة، لا شك أنه لا يجوز. ولا شك أنه من الافتيات على الغيب، سواء استعمل لهذا التحديد بعض الاستقراءات من الآثار التي جاءت عن بعض أهل الكتاب أو غيرهم، أو ما يقع فيه بعض الناس -وهو أشد- من اعتبار هذه الأمور بالمنامات، فيفسرون بعض الرؤى بأنها هذه تدل على أنه سيقع القتال بين المسلمين واليهود في تاريخ كذا وكذا، وأن هذه هي الفتنة أو الملحمة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن هذا بدعةٌ لا أصل لها، بل يجب في هذه الأمور أن يؤمن بما حدث به الرسول صلى الله عليه وسلم، فضلاً عما جاء في كتاب الله، وأما مرسى هذه الأمور ووقتها وزمنها، فإن ذلك إلى الله سبحانه وتعالى لا ينبغي التكلف بالبحث عنه. ......

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإيمان, بأشراط

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir