دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير اللغوي > معاني القرآن للزجاج

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 شوال 1431هـ/30-09-2010م, 06:17 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي المعاني الواردة في سورة الإسراء

سورة الإسراء
من الاية 1 الى الاية 51
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله - عزّ وجلّ - (سبحان الّذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الّذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنّه هو السّميع البصير (1)
(سبحان) منصوب على المصدر، المعنى: أسبح الله تسبيحا.
ومعنى سبحان اللّه في اللغة تنزيه اللّه عن السوء، وكذلك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: (أسرى بعبده ليلا).
معناه سير عبده، يقال أسريت وسريت إذا سرت ليلا، وقد جاءت اللغتان في القرآن، قال اللّه جلّ وعزّ: (واللّيل إذا يسر) هذا من سريت ومعنى يسري يمضي.
أسرى اللّه سبحانه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من المسجد الحرام وهو مكة، والحرم كله مسجد، فأسرى الله به في ليلة واحدة من المسجد الحرام من مكة إلى بيت المقدس وهو قوله - جلّ وعزّ: (إلى المسجد الأقصا الّذي باركنا حوله).
أجرى اللّه حول بيت المقدس الأنهار وأنبت الثمار، فذلك معنى باركنا حوله.
[معاني القرآن: 3/225]
(لنريه من آياتنا).
أي لنري محمدا.
فأراه الله في تلك الليلة من الأنبياء، وآياتهم ما أخبر به في غد تلك الليلة أهل مكة فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن لنا في طريق الشام إبلا فأخبرنا خبرها، فخبّرهم بخبرها، فقالوا فمتى تقدم الإبل علينا، فأخبرهم أنها تقدم في يوم سمّاه لهم مع شروق الشمس، وأنه تقدمها جمل أورق، فخرجوا في ذلك اليوم، فقال قائل: هذه الشمس قد أشرقت، وقال آخر فهذه الإبل قد أقبلت يقدمها جمل أورق كما قال محمد - صلى الله عليه وسلم - فلم يؤمنوا بعد ذلك.
وقوله: (وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألّا تتّخذوا من دوني وكيلا (2)
أي دللناهم به على الهدى.
(ألّا تتّخذوا من دوني وكيلا).
أي لا تتوكلوا على غيري ولا تتخذوا من دوني ربّا.
وقوله: (ذرّيّة من حملنا مع نوح إنّه كان عبدا شكورا (3)
القراءة بنصب (ذرّيّة). وقرأ بعضهم (ذرّيّة) - بكسر الذال - والضم أكثر.
وذرّية فعليّة من الذر، وهي منصوبة على النداء، كذا أكثر الأقوال المعنى: يا ذرّيّة من حملنا مع نوح.
وإنما ذكروا بنعم اللّه عندهم أنه أنجى أبناءهم من الغرق بأنهم حملوا مع نوح. ويجوز النصب على معنى ألا تتخذوا (ذرّيّة) من حملنا مع نوح من دوني وكيلا، فيكون الفعل، تعدى إلى الذريّة وإلى الوكيل، تقول: اتخذت زيدا وكيلا، ويجوز (ألّا تتّخذوا من دوني وكيلا) على معنى:
(وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألّا تتّخذوا من دوني وكيلا (2) ذرّيّة من حملنا مع نوح).
ويجوز الرفع في (ذرّيّة) على البدل من الواو، والمعنى (ألّا تتّخذوا من دوني وكيلا) أي لا تتخذوا من دوني وكيلا (ذرّيّة)، ولا تقرأنّ بها إلا أن تثبت بها
[معاني القرآن: 3/226]
رواية صحيحة، فإن القراءة سنة لا يجوز أن تخالف بما يجوز في العربية.
وقوله: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدنّ في الأرض مرّتين ولتعلنّ علوّا كبيرا (4)
معناه أعلمناهم في الكتاب، وأوحينا إليهم، ومثل ذلك قوله: (وقضينا إليه ذلك الأمر أنّ دابر هؤلاء مقطوع مصبحين).
ومعناه وأوحينا إليه.
وقوله: (فقضاهنّ سبع سماوات في يومين) معناه خلقهن وفرغ منهن، ومثل هذا في الشعر قوله:
وعليهما مسرودتان قضاهما... داود أو صنع السّوابغ تبّع
معناه عملهما.
وجملة هذا الباب أن كل ما عمل عملا محكما فقد قضي، وإنما قيل للحاكم قاض لأنه إذا أمر أمرا لم يردّ أمره، فالقضاء قطع الأشياء عن إحكام.
والمعنى إنا أوحينا إليهم لتفسدنّ في الأرض ولتعلنّ علوّا كبيرا، معناه لتعظمن ولتبغنّ، لأنه يقال لكل متجبّر قد علا وتعظّم.
وقوله: (فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الدّيار وكان وعدا مفعولا (5)
المعنى فإذا جاء وعد أولى المرتين.
(بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد).
يروى أنه بعث عليهم بختنصر.
(فجاسوا خلال الدّيار).
أي فطافوا في خلال الديار ينظرون هل بقي أحد لم يقتلوه، والجوس طلب الشيء باستقصاء.
[معاني القرآن: 3/227]
وقوله: (ثمّ رددنا لكم الكرّة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا (6)
أي رددنا لكم الدولة.
(وجعلناكم أكثر نفيرا).
أي جعلناكم أكثر منهم نصّارا، ويجوز أن يكون نفيرا جمع نفر كما يقال: العبيد والكليب والضّئين والمعيز.
و (نفيرا) منصوب على التمييز.
وقوله: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أوّل مرّة وليتبّروا ما علوا تتبيرا (7)
(فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم).
وتقرأ (ليسوء وجوهكم)
المعنى فإن جاء وعد الآخرة ليسوء الوعد وجوهكم.
ومن قرأ (ليسوءوا) فالمعنى ليسوء هؤلاء القوم وجوهكم.
وقد قرئت (لنسوء وجوهكم) - بالنون الخفيفة - ومعناه ليسوء الوعد وجوهكم، والوقف عليها ليسوءا. والأجود ليسوء بغير نون، وليسوءوا. ويجوز: ليسوء وجوهكم، ويكون الفعل للوعد على الأمر، ولا تقرأ به، ويجوز لنسوء بالنون في موضع الياء. وقوله: (وليتبّروا ما علوا تتبيرا).
معناه ليدمّروا، ويقال لكل شيء منكسر من الزّجاج والحديد والذّهب تبر، ومعنى (ما علوا) أي ليدمّروا في حال علوّهم عليكم.
وقوله: (عسى ربّكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنّم للكافرين حصيرا (8)
(وجعلنا جهنّم للكافرين حصيرا)
معناه حبسا، أخذ من قوله: حصرت الرّجل إذا حبسته فهو محصور وهذا حصيره أي محبسه، والحصير المنسوج إنما سمي حصيرا لأنه حصرت
[معاني القرآن: 3/228]
طاقاته بعضها مع بعض. والجنب يقال له الحصير لأن بعض الأضلاع محصور مع بعض.
وقوله: (إنّ هذا القرآن يهدي للّتي هي أقوم ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصّالحات أنّ لهم أجرا كبيرا (9)
أي للحال التي هي أقوم الحالات، وهي توحيد اللّه - عزّ وجلّ – أي شهادة أن لا إله إلا اللّه والإيمان برسله، والعمل بطاعته، وهذه صفة الحال التي هي أقوم الحالات.
وقوله: (ويدع الإنسان بالشّرّ دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا (11)
المعنى أن الإنسان ربّما دعا على نفسه وولده وأهله بالشر غضبا كما يدعو لنفسه بالخير، وهذا لم يعرّ منه بشر.
ويروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع إلى سودة بنت زمعة أسيرا، فأقبل يئن باللّيل، فقالت له: ما بالك تئن فشكا ألم القيد والأسر.
فأرخت من كتافه، فلما نامت أخرج يده وهرب، فلما أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا به فأعلم شأنه، فقال اللهم اقطع يديها، فرفعت سودة يديها تتوقع الاستجابة، وأن يقطع الله يديها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - وإني سألت الله أن يجعل دعائي ولعنتي على من لا يستحق من أهلي رحمة، فقولوا لها لأني بشر أغضب كما يغضب البشر لتردد سودة يديها. فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن الإنسان خلق عجولا، فهذا يطلق عليه جملة البشر من آدم إلى آخر ولده.
والإنسان ههنا في معنى الناس.
[معاني القرآن: 3/229]
وقوله: (وجعلنا اللّيل والنّهار آيتين فمحونا آية اللّيل وجعلنا آية النّهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربّكم ولتعلموا عدد السّنين والحساب وكلّ شيء فصّلناه تفصيلا (12)
أي علامتين يدلان على أن خالقهما واحد ليس كمثله شيء وتدلان على عدد السنين والحساب.
(فمحونا آية اللّيل).
أي جعلنا آية الليل دليلة عليه بظلمته.
(وجعلنا آية النّهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربّكم).
أي جعلناها تضيء لكم لتبصروا كيف تصرّفون في أعمالكم
(ولتعلموا عدد السّنين والحساب).
ويروى أن القمر كان في ضياء الشمس فمحا اللّه ضياءه
بالسواد الذي جعل فيه.
(وكلّ شيء فصّلناه تفصيلا).
أي بيّناه تبيينا لا يلتبس معه بغيره، والاختيار النّصب في. " كلّ ".
المعنى في النصب: لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين، وفصلنا كل شيء تفصيلا.
و (كلّ) منصوب بفعل مضمر الذي ظهر يفسّره، وهو (فصلناه)
ويجوز (وكلّ شيء فصلناه تفصيلا).
وكذلك النصب والرفع في قوله: (وكلّ إنسان ألزمناه طائره في عنقه) إلا إني لا أعلم أحدا قرأ بالرفع.
وجاء في التفسير: طائره، أي خيره وشرّه، وهو - واللّه أعلم - ما يتطيّر من مثله من شيء عمله كما قال (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة)، وكما يقال للإنسان إثمي في عنقك، وإنما يقال للشيء اللازم له: هذا في عنق الإنسان، أي لزومه له كلزوم القلادة له من بين ما يلبس في العنق.
(ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا (13)
[معاني القرآن: 3/230]
وفي هذه أربعة أوجه: وتخرج له، ويخرج له، أي ويخرج اللّه له.
ويخرج له. أي ويخرج عمله له يوم القيامة كتابا، وكذلك يخرج له عمله يوم القيامة.
(كتابا يلقاه منشورا) منصوب على الحال.
وقوله: (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا (14)
(بنفسك) في موضع رفع، وإن كان مجرورا بالباء، ولو كان في غير القرآن جاز.. كفى بنفسك اليوم حسيبة، والمعنى كفت نفسك حسيبة، أي إذا كنت تشهد على نفسك فكفاك بهذا.
و(حسيبا) منصوب على التمييز.
وقوله: (من اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فإنّما يضلّ عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا (15)
(ولا تزر وازرة وزر أخرى)
يقال: وزر يزر فهو وازر وزرا، ووزرا، وزرة، ومعناه أثم يأثم إثما.
وفي تأويل هذه الآية وجهان: أحدهما أن الآثم والمذنب، لا يؤخذ بذنبه غيره، والوجه الثاني أنه لا ينبغي للإنسان أن يعمل بالإثم لأن غيره عمله كما قالت الكفار: (إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مهتدون).
وقوله: (وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا).
أي حتى نبين ما به نعذب، وما من أجله ندخل الجنة.
وقوله: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمّرناها تدميرا (16)
تقرأ أمرنا مخففة على تقدير فعلنا، وتقرأ آمرنا مترفيها على تقدير أفعلنا.
ويقرأ أمّرنا - بتشديد الميم -، فأما من قرأ بالتخفيف فهو من الأمر، المعنى أمرناهم بالطاعة ففسقوا.
فإن قال قائل: ألست تقول: أمرت زيدا فضرب عمرا، فالمعنى أنك أمرته أن يضرب عمرا فضربه، فهذا اللفظ لا يدل على
[معاني القرآن: 3/231]
غير الضرب، ومثل قوله: أمرنا مترفيها ففسقوا فيها. من الكلام: أمرتك فعصيتني.
فقد علم أن المعصية مخالفة الأمر، وكذلك الفسق مخالفة أمر اللّه جل ثناؤه.
وقد قيل: إنّما معنى أمرنا مترفيها كثّرنا مترفيها، والدليل علي هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " خير المال سكّة مأبورة ومهرة مأمورة ".
أي مكثرة، والعرب تقول قد أمر بنو فلان إذا كثروا.
قال الشاعر:
إن يغبطو يهبطوا وإن أمروا... يوما يصيروا للهلك والنّفد
ويروى بالنقد - بالقاف - ومن قرأ آمرنا فتأويله أكثرنا، والكثرة ههنا يصلح أن يكون شيئين، أحدهما أن يكثر عدد المترفين، والآخر أن تكثر جدتهم ويسارهم.
ومن قرأ أمّرنا بالتشديد، فمعناه سلّطنا مترفيها أي جعلنا لهم إمرة وسلطانا.
[معاني القرآن: 3/232]
وقوله: (وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربّك بذنوب عباده خبيرا بصيرا (17)
أي أهلكنا عددا كبيرا من القرون، بأنواع العذاب، نحو قوم لوط وعاد وثمود ومن ذكر اسمه وقرونا بين ذلك كثيرا.
وموضع (كم) النصب بقوله (أهلكنا).
وقوله: (من كان يريد العاجلة عجّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثمّ جعلنا له جهنّم يصلاها مذموما مدحورا (18)
أي من كان يريد العاجلة بعمله، أي الدنيا، عجل اللّه لمن أراد أن يعجل له ما يشاء اللّه، أي ليس ما يشاء هو، وما يشاء بمعنى ما نشاء.
ويجوز أن يكون المضمر في نشاء " من "، المعنى عجلنا للعبد ما يشتهيه، إذا أراد اللّه ذلك.
وقوله: (ثمّ جعلنا له جهنّم).
لأنه لم يرد اللّه بعمله
(يصلاها مذموما).
ومذءوما في معنى واحد.
(مدحورا).
أي مباعدا من رحمة اللّه. يقال: دحرته أدحره دحرا ودحورا إذا باعدته عنك.
ثم أعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن يعطي المسلم والكافر وأنّ يرزقهما جميعا
فقال:
(كلّا نمدّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربّك وما كان عطاء ربّك محظورا (20)
أي نمدّ المؤمنين والكافرين من عطاء ربّك.
وقوله سبحانه: (وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحسانا إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23)
معناه أمر ربّك
[معاني القرآن: 3/233]
وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحسانا إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23)
(وبالوالدين إحسانا).
أي أمر أن يحسنوا بالوالدين
(إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما).
ترفع (أحدهما) بـ (يبلغنّ)، و (كلاهما) عطف عليه.
ويقرأ: (يبلغانّ عندك الكبر)، ويكون أحدهما أو كلاهما بدل من الألف.
وقوله: (فلا تقل لهما أفّ).
في قوله (أفّ) سبع لغات: الكسر بغير تنوين، والكسر بتنوين، والضم بغير تنوين، وبتنوين، وكذلك الفتح بتنوين، وبغير تنوين، وفيها لغة أخرى سابعة لا يجوز أن يقرأ بها، وهي " أفيّ " بالياء، فأمّا الكسر فلالتقاء السّاكنين، وأف غير متمكن بمنزلة الأصوات، فإذا لم تنوّن فهي معرفة، وإذا نون فهو نكرة بمنزلة غاق وغاق في الأصوات، والفتح لالتقاء السّاكنين أيضا، والفتح مع التضعيف حسن لخفة الفتحة وثقل التضعيف والضم، لأن قبله مضموما - حسن أيضا، والتنوين فيه كله على جهة النكرة.
والمعنى: لا تقل لهما كلاما تتبرم فيه بهما، ومعنى أفّ النتن، وقيل إن أف وسخ الأظفار، والتّف الشيء الحقير نحو وسخ الأذان أو الشظية تؤخذ من الأرض.
ومعنى الآية: لا تقل لهما ما فيه أذى بتبرم، أي إذا كبرا، أو أسنّا فينبغي أن تتولى من خدمتهما مثل الذي توليا من القيام بشأنك وبخدمتك، ولا تنهرهما بمعنى: لا تنتهرهما، أي لا تكلمهما ضجرا صائحا في أوجههما.
يقال نهرته أنهره نهرا، وانتهرته أنتهره انتهارا، بمعنى واحد.
وقوله: (واخفض لهما جناح الذّلّ من الرّحمة وقل ربّ ارحمهما كما ربّياني صغيرا (24)
[معاني القرآن: 3/234]
وتقرأ الذّل - بكسر الذّال - ومعنى (اخفضن لهما جناح الذل).
أي ألن لهما جانبك متذلّلا لهما، من مبالغتك في الرحمة لهما.
ويقال: رجل ذليل بين الذلّ، وقد ذل يذلّ ذلا، ودابّة ذلول. بين الذل، ويجوز أن جميعا في الإنسان.
وقوله: (ربّكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنّه كان للأوّابين غفورا (25)
الأواب بمعنى التواب، والراجع إلى الله في كل ما أمر به، المقلع عن جميع ما نهى عنه، يقال قد آب يؤوب أوبا إذا رجع.
وقوله: (وآت ذا القربى حقّه والمسكين وابن السّبيل ولا تبذّر تبذيرا (26)
(ولا تبذّر تبذيرا).
معناه لا تسرف، وقيل: التبذير النفقة في غير طاعة اللّه، وقيل كانت الجاهلية تنحر الإبل وتبذّر الأموال، تطلب بذلك الفخر والسمعة وتذكر ذلك في أشعارها، فأمر اللّه - عزّ وجلّ - بالنفقة في وجوههما فيما يقرّب منه ويزلف عنده.
وقوله: (إنّ المبذّرين كانوا إخوان الشّياطين وكان الشّيطان لربّه كفورا (27)
أي يفعلون ما يسول لهم الشيطان.
وقوله: (وإمّا تعرضنّ عنهم ابتغاء رحمة من ربّك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا (28)
(عنهم) هذه الهاء والميم يرجعان على ذي القربى والمسكين وابن السبيل، (وإمّا تعرضنّ عنهم)، أي وإن أعرضت عنهم، ابتغاء رحمة من ربّك ترجوها، أي لطلب رزق من ربك ترجوه (فقل لهم قولا ميسورا).
(ابتغاء) منصوب لأنه مفعول له، المعنى: وإن أعرضت عنهم لابتغاء رحمة من ربّك.
وروي أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سئل وليس عنده ما يعطى أمسك انتظار الرزق يأتي من اللّه - جلّ وعز - كأنّه يكره الردّ، فلما نزلت هذه الآية: (فقل لهم قولا ميسورا).
كان عليه السلام إذا سئل فلم يكن عنده ما يعطي قال: يرزقنا
[معاني القرآن: 3/235]
اللّه وإياكم من فضله.
فتأويل قوله: (ميسورا) واللّه أعلم أنه يكسر عليهم فقرهم بدعائه لهم.
وقوله: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كلّ البسط فتقعد ملوما محسورا (29)
معناه لا تبخل ولا تسرف.
(فتقعد) منصوب على جواب النهي، و (محسورا) أي قد بالغت في الحمل على نفسك وحالك حتى تصير بمنزلة من قد حسر.
والحسير والمحسور الذي قد بلغ الغاية في التعب والإعياء.
قوله: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإيّاكم إنّ قتلهم كان خطئا كبيرا (31)
(خشية إملاق) منصوب لأنه مفعول له، والإملاق الفقر، يقال أملق يملق إملاقا.
وكانوا يدفنون البنات إذا ولدن لهم خوفا من الفقر، فضمن اللّه - عزّ وجل - لهم رزقهم، فقال: (نحن نرزقهم وإيّاكم).
وهي الموءودة، كانوا يدفنون الابنة إذا ولدت حيّة.
وقوله: (إنّ قتلهم كان خطئا كبيرا)، وتقرأ خطا كبيرا.
فمن قال خطئا: بالكسر فمعناه إثما كثيرا، يقال قد خطئ الرجل يخطأ خطئا: أثم يأثم إثما (وخطأ كبيرا) له تأويلان أحدهما معناه إن قتلهم كان غير صواب يقال: قد أخطأ يخطئ إخطاء، وخطأ، والخطأ الاسم من هذا لا المصدر، ويكون الخطأ من خطئ يخطأ خطأ إذا لم يصب مثل لجج يلجج
قال الشاعر:
والناس يلحون الأمير إذا هم... خطئوا الصواب ولا يلام المرشد
[معاني القرآن: 3/236]
وقوله: (ولا تقربوا الزّنا إنّه كان فاحشة وساء سبيلا (32)
أي وساء الزنا سبيلا. و (سبيلا) منصوب على التمييز.
وقوله: (ولا تقتلوا النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليّه سلطانا فلا يسرف في القتل إنّه كان منصورا (33)
حرّم اللّه قتل المؤمن إلّا أن يرتدّ بعد إيمانه، أو يقتل مؤمنا متعمّدا، أو يزني بعد إحصان.
كذلك قال قتادة في تفسير هذه الآية.
(ومن قتل مظلوما).
أي من غير أن يأتي بواحدة من هذه الثلاث.
(فقد جعلنا لوليّه سلطانا).
الأجود إدغام الدال في الجيم، والإظهار جيّد بالغ، لأنّ الجيم من وسط اللسان، والدال من طرف اللسان، والإدغام جائز لأنّ حروف وسط اللسان قد تقرب من حروف طرف اللسان.
ووليه الذي بينه وبينه قرابة توجب المطالبة بدمه..
فإن لم يكن له ولي فالسلطان وليه.
و " سلطانا " أي حجة.
وقوله: (فلا يسرف في القتل).
القراءة الجزم على النهي، ويقرأ بالياء والتاء جميعا، وتقرأ فلا يسرف بالرفع. والإسراف في القتل قد اختلف فيه.
فقال أكثر الناس: الإسراف أن يقتل الوليّ غير قاتل صاحبه.
وقيل: الإسراف أن يقتل هو القاتل دون السّلطان، وكانت العرب إذا قتل منها السيد وكان قاتله خسيسا لم يرضوا بأن يقتل قاتله وربما لم يرضوا أن يقتل واحد بواحد حتى تقتل جماعة بواحد.
وقوله: (إنّه كان منصورا).
[معاني القرآن: 3/237]
أي أن القتيل إذا قتل بغير حق فهو منصور في الدنيا والآخرة، فأما نصرته في الدنيا فقتل قاتله، وأما في الآخرة فإجزال الثواب له، ويخلّد قاتله في النّار، ومن قرأ فلا يسرف - في القتل - بالرفع - فالمعنى أن وليّه ليس بمسرف في القتل إذا قتل قاتله ولم يقبل الدية.
وقوله: (ولا تقربوا مال اليتيم إلّا بالّتي هي أحسن حتّى يبلغ أشدّه وأوفوا بالعهد إنّ العهد كان مسئولا (34)
أي لا تذخروا من ماله، ولا تأكلوا - إذا أقمتم عليه إلا ما يسكن الجوعة، ولا تكتسوا إلّا ما ستر العورة، ولا تقربوه إلا بالإصلاح للمال حتى يبلغ أشده.
وأشده أن يبلغ النكاح، وقيل: أشده أن يأتي له ثماني عشرة سنة.
وبلوغ أشده هو الاحتلام، وأن يكون مع ذلك غير ذي عاهة في عقل وأن يكون حازما في ماله.
وقوله: (وأوفوا بالعهد إنّ العهد كان مسئولا).
قال بعضهم: لا أدري ما العهد، والعهد كل ما عوهد اللّه عليه، وكل ما بين العباد من المواثيق فهي عهود.
وكذلك قوله:، (وأوفوا بعهد اللّه إذا عاهدتم).
وقوله: (وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا (35)
(وزنوا بالقسطاس المستقيم).
والقسطاس جميعا - بالضم - والكسر - قيل: القسطاس هو القرسطون وقيل القفان، والقسطاس ميزان العدل، أي ميزان كان من موازين الدراهم أو غيرها.
[معاني القرآن: 3/238]
وقوله: (ذلك خير وأحسن تأويلا).
معنى (وأحسن تأويلا) أن الوفاء أحسن من النقصان، ويجوز أن يكون المعنى أحسن ما يؤول إليه أمر صاحب الوفاء.
وقوله: (ولا تقف ما ليس لك به علم إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسئولا (36)
أي لا تقولن في شيء بما لا تعلم.
فإذا نهي النّبي - صلى الله عليه وسلم - مع جكمته وعلمه وتوفيق اللّه إيّاه - أن يقول بما لا يعلم، فكيف سائر أمّته والمسرفين على أنفسهم.
يقال قفوت الشيء أقفوه قفوا إذا اتبعت أثره، فالتأويل لا تتبعن لسانك من القول ما ليس لك به علم، وكذلك من جميع العقل.
(إنّ السّمع والبصر والفؤاد) شواهد عليك.
قال الله عزّ وجلّ (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون).
فالجوارح شواهد على ابن آدم بعمله.
ويقرأ.. (ولا تقف ما ليس لك به علم) بإسكان الفاء وضم القاف، من قاف يقوف - وكأنه مقلوب من قفا يقفو، لأن المعنى واحد.
وقوله: (كلّ أولئك كان عنه مسئولا).
فقال (مسئولا)، وقال: (كان)، لأن " كل " في لفظ الواحد؛ فقال (أولئك) لغير الناس، لأن كل جمع أشرت إليه من الناس وغيرهم ومن الموات فلفظه (أولئك)
قال جرير:
[معاني القرآن: 3/239]
ذم المنازل بعد منزلة اللوى... والعيش بعد أولئك الأيّام
وقوله: (ولا تمش في الأرض مرحا إنّك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا (37)
ويقرأ مرحا - بكسر الراء -، وزعم الأخفش أن مرحا أجود من مرحا.
لأن مرحا اسم الفاعل. وهذا - أعني المصدر - جيد بالغ، وكلاهما في الجودة سواء، غير أنّ المصدر أوكد في الاستعمال تقول: جاء زيد ركضا، وجاء زيد راكضا، فركضا أوكد في الاستعمال لأن ركضا يدلّ على توكيد الفعل.
ومرحا - بفتح الراء أكثر في القراءة.
وتأويل الآية: ولا تمش في الأرض مختالا ولا فخورا.
(إنّك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا).
قالوا: معنى (تخرق الأرض) تقطع الأرض، وقيل تثقب الأرض.
والتأويل أن قدرتك لا تبلغ هذا المبلغ، فيكون ذلك وصلة إلى الاختيال.
(كلّ ذلك كان سيّئه عند ربّك مكروها (38)
سيئه في معنى خطيئة، وكان أبو عمرو لا يقرأ (سيّئه)، ويقرأ (سيئة)، وهذا غلط، لأن في الأقاصيص سيئا وغير سيئ وذلك أن فيها (وقل لهما قولا كريما (23) واخفض لهما جناح الذّلّ من الرّحمة)
وفيها: (وآت ذا القربى حقّه والمسكين وابن السّبيل).
و (وأوفوا بالعهد)، (ولا تقربوا مال اليتيم إلّا بالّتي هي أحسن)، أي اقربوه بالتي هي أحسن.
ففيما جرى من الآيات سيئ وحسن، فسيئه بلا تنوين أحسن من سيئة
[معاني القرآن: 3/240]
ههنا. ومن قرأ سيئة جعل " كلا " إحاطة بالمنهي عنه فقط، المعنى كل ما نهى الله عنه كان سيئة.
وقوله: (ذلك ممّا أوحى إليك ربّك من الحكمة ولا تجعل مع اللّه إلها آخر فتلقى في جهنّم ملوما مدحورا (39)
(فتلقى في جهنّم ملوما مدحورا).
أي مباعدا من رحمة اللّه.
وقوله: (أفأصفاكم ربّكم بالبنين واتّخذ من الملائكة إناثا إنّكم لتقولون قولا عظيما (40)
كانت الكفرة من العرب تزعم أنّ الملائكة بنات اللّه، فوبخوا، وقيل لهم: (أفأصفاكم ربّكم بالبنين)، أي أختار لكم ربّكم صفوة الشيء وأخذ من الملائكة غير الصفوة.
وقوله: (ولقد صرّفنا في هذا القرآن ليذّكّروا وما يزيدهم إلّا نفورا (41)
أي بينا.
(وما يزيدهم إلّا نفورا).
أي ما يزيدهم التبيين إلا نفورا، كما قال اللّه - عزّ وجلّ -: (وننزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظّالمين إلّا خسارا (82).
(قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا (42)
فمن قرأ (كما تقولون) فعلى مخاطبة القائلين (إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا).
أي لتقربوا إلى ذي العرش، كما قال: (أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب).
وقال بعضهم: (إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا)
أي لكانوا مضادّين له يطلبون الانفراد بالربوبية.
[معاني القرآن: 3/241]
والقول الأول عليه المفسرون.
وقوله: (تسبّح له السّماوات السّبع والأرض ومن فيهنّ وإن من شيء إلّا يسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنّه كان حليما غفورا (44)
قيل إن كل ما خلق اللّه يسبح بحمده وإن صرير السقف وصرير الباب من التسبيح للّه عزّ وجلّ.
ويكون - على هذا - الخطاب للمشركين وحدهم من قوله: (ولكن لا تفقهون تسبيحهم).
وجائز أن يكون تسبيح هذه الأشياء ممّا علم اللّه به، لا يفقه منه إلا ما علّمنا.
وقال قوم: (وإن من شيء إلّا يسبّح بحمده) أي ما من شيء إلا وفيه دليل أن الله خالقه، وأن خالقه حكيم مبرأ من الأسواء (ولكن لا تفقهون تسبيحهم).
أي ولكنكم أيها الكفار لا تفقهون أثر الصنعة في هذه المخلوقات.
وهذا ليس بشيء لأن الذين خوطبوا بهذا كانوا مقرّين بأن الله خالقهم وخالق السّماوات والأرض ومن فيهن، فكيف يجهلون الخلقة وهم عارفون بها.
وقوله: (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا (45)
قال أهل اللغة معنى (مستورا) ههنا في موضع ساتر،، تأويل الحجاب - واللّه أعلم - الطبع الذي على قلوبهم.
ويدل على ذلك قوله: (وجعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه).
والأكنة جمع كنان وهو ما ستر.
[معاني القرآن: 3/242]
ومعنى (أن يفقهوه) كراهة (أن يفقهوه) وقيل معناه ألا يفقهوه والمعنيان واحد، غير أن كراهة أجود في العربيّة.
وقيل: (جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا)
الحجاب منع اللّه إياهم من النبي - عليه السلام - ويجوز أن يكون (مستورا) على غير معنى ساتر، فيكون الحجاب ما لا يرونه ولا يعلمونه من الطبع على قلوبهم.
(وجعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفورا (46)
(وفي آذانهم وقرا).
الوقر ثقل السمع، والوقر أن يحمل الإنسان وقره
وقوله: (ولّوا على أدبارهم نفورا).
(نفورا) يحتمل مذهبين:
أحدهما المصدر. المعنى: ولّوا نافرين نفورا
ويجوز أن يكون (نفورا) جمع نافر، فيكون نافر ونفور، مثل شاهد وشهود.
وقوله: (نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظّالمون إن تتّبعون إلّا رجلا مسحورا (47)
(نجوى) في معنى المصدر، أي وإذ هم ذوو نجوى، والنجوى اسم للمصدر، وكانوا يستمعون من النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقولون بينهم: هو ساحر وهو مسحور وما أشبه ذلك من القول.
وقال أهل اللغة في قوله: (إلّا رجلا مسحورا) قولين:
أحدهما أن مسحورا ذو سحر، والسحر الرنّة، وقالوا: إن تتبعون إلا من له سحر بشر مثلكم يأكل الطعام.
قال لبيد:
فإن تسألينا فيم نحن فإننا... عصافير من هذا الأنام المسحّر
[معاني القرآن: 3/243]
وقالوا: مسحورا أي قد سحر وأزيل عن حدّ الاستواء
(وقالوا أإذا كنّا عظاما ورفاتا أإنّا لمبعوثون خلقا جديدا (49)
الرّفات التراب، والرفات أيضا كل شيء حطم وكسر، وكل ما كان من هذا النحو فهو مبني على فعال، نحو الفتات والحطام والرفات والتراب.
وقوله: (خلقا جديدا)، في معنى مجدّد.
وقوله: (قل كونوا حجارة أو حديدا (50) أو خلقا ممّا يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الّذي فطركم أوّل مرّة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا (51)
أكثر ما جاء في التفسير في قوله: (أو خلقا ممّا يكبر في صدوركم)
إن هذا الخلق هو الموت، وقيل خلقا مما يكبر في صدوركم نحو السّماوات والأرض والجبال.
ومعنى هذه الآية فيه لطف وغموض، لأن القائل يقول: كيف يقال لهم كونوا حجارة أو حديدا وهم لا يستطيعون ذلك؟ فالجواب في ذلك أنهم كانوا يقرون أن اللّه جل ثناؤه خالقهم، وينكرون أن الله يعيدهم خلقا آخر، فقيل لهم استشعروا أنكم لو خلقتم من حجارة أو حديد لأماتكم اللّه ثم أحياكم، لأن القدرة التي بها أنشأكم - وأنتم مقرون أنه أنشأكم بتلك القدرة - بها يعيدكم، ولو كنتم حجارة أو حديدا، أو كنتم الموت الذي هو أكبر الأشياء في صدوركم.
وقوله: (فسيقولون من يعيدنا قل الّذي فطركم أوّل مرّة فسينغضون إليك رءوسهم).
أي فسيحركون رؤوسهم تحريك من يبطل الشيء ويستبطئه.
(ويقولون متى هو).
[معاني القرآن: 3/244]
يقال أنغضت رأسي إذا حركته أنغضه إنغاضا، ونغضت السّن تنغض نغضا، ونغض برأسه ينغض نغضا إذا حركه.
قال العجاج:
أسكّ نغضا لا يني مستهدجا


التوقيع :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المعاني, الواردة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:33 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir