دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 ربيع الأول 1441هـ/24-11-2019م, 10:10 PM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج
المجموعة الثانية:

( 1 )
قول مجاهد: ( وأيّدناه بروح القدس) : القدس هو الله.
وردت أقوال عن السلف بأن المراد ب( روح القدس) هو جبريل عليه السلام، وقد ثبت ذلك بالأدلة من القرآن وصحيح السنة، وقد تنوعت أقوال السلف في المراد ب ( القدس)، وهى:

القول الأول: المطهر، وقيل: الطهر، روي عن ابن عباس.
رواه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن سعد عن آبائه، وهذا إسناد ضعيف.

القول الثاني: البركة، روي عن السدي.
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عمرو بن حماد عن أسباط عن السدي.
وطريق أسباط ضعيف وليس بحجة.

القول الثالث: ( الله) ومن المفسرين من عبر بلفظ ( الرب).
قاله كعب، ومجاهد، والربيع بن أنس، وهو مروي عن أبي جعفر، وابن زيد.
أما قول كعب فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن كعب قال: الله القدس.

أما قول ابن زيد فرواه يونس عن ابن وهب عن ابن زيد، قال: القدس: الله.
وقد احتج ابن زيد في هذا بقول كعب: ( الله: القدس)، وقرأ قول الله تعالى: (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس)، قال: القدس والقدوس، واحد.

أما قول مجاهد فرواه عبد الله بن وهب عن الحارث عن غالب بن عبيد الله عن مجاهد قال: القدس هو الله، وبمثله رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي حذيفة عن شبل عن ابن أبي نجيح عنه به.
وغالب بن عبيد الله وابن أبي نجيح من أصحاب مجاهد يرويان عنه إلا أن غالب من طبقة الضعفاء، وابن أبي نجيح ثقة.

أما قول الربيع بن أنس فرواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي عن عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس قال: القدس هو الرب تبارك وتعالى.

وأما ما روي عن أبي جعفر، فرواه ابن جرير عن عمار عن ابن أبي جعفر عن أبيه قال: القدس: هو الرب. وهذا إسناد منقطع، وقد قال ابن جرير ( حُدثت) ولم يذكر الرواي الذي بينه وبين عمار.

فلما ثبت أن روح القدس هو جبريل عليه السلام، فإن وصف جبريل بالروح تكلم فيه العلماء فقالوا أن تسمية جبريل بالروح لأنه كان بتكوين الله له روحا من عنده من غير ولادة والد له، فسماه روحا، لما لم تتضمنه أصلاب الفحولة ولا اشتملته أرحام الطوامث، وإضافته إلى القدس يُحمل على وجهين، فالقدس لغة الطهارة، والطهر، فإضافة الروح إلى القدس للدلالة على طهر تلك الروح فهى بتكوين الله،
وكما أن من أسماء الله القدوس وهو صيغة مبالغة من (القدس)،فيحتمل إضافة الروح إلى القدس على هذا القول من باب إضافة الملك إلى المالك، نحو(عباد الله)، و(أرض الله) من باب إضافة الخالق إلى المخلوق، وقد ذكر ابن كثير أن القرطبي حكى عن مجاهد والحسن أنهما قالا: القدس: هو الله تعالى، ، وروحه : جبريل.

والله تعالى أعلم.


( 2 ) قول الحسن البصري: (أكالون للسحت) : أكالون للرشى).

تنوعت أقوال السلف في المراد ب( السحت) في قول الله تعالى: ( أكالون للسحت)، وممن ورد عنهم أقوالا في المسألة: عمر، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمر، ومسروق، والضحاك وإبراهيم النخعي، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وابن زيد، وابن هبيرة وغيرهم.

أما قول عمر
فرواه ابن جرير عن أبي السائب عن أبي معاوية عن الأعمش عن خثيمة عن عمر قال: بابان من السحت : الرشا ومهر الزانية.

أما قول علي بن أبي طالب فرواه ابن جرير عن هناد عن ابن مطيع عن حماد بن سلمة عن عطاء الخراساني عن ضمرة عن علي أنه قال: في كسب الحجام ومهر البغيّ، وثمن الكلب، والاستجْعَال في القضية، وحلوان الكاهن، وعسب الفحل، والرشوة في الحكم، وثمن الخمر، وثمن الميتة: من السحت.

أما قول ابن مسعود

فرواه سعيد بن منصور عن سعيد عن حماد بن يحيى الأبح عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال: الرشوة في الحكم كفر، وهى بين الناس سحت.
ورواه سعيد بن منصور وابن جرير من طرق عن سالم بن أبي الجعد عن مسروق عنه.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن سفيان عن عاصم عن زر عنه.

ورواه ابن جرير عن القاسم عن الحسين عن هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل عن علقمة عنه.
ورواه ابن جرير من طرق عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن ابن مسعود قال: الرشوة.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن مسروق عنه.
ورواه ابن جرير عن سفيان بن وكيع وواصل بن عبد الأعلى قالا حدثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل، عن سالم بن أبي الجعد قال: قيل لعبد الله: ما السحت؟ قال: الرشوة. قالوا: في الحكم؟ قال: ذاك الكفر.

وهذا الإسناد فيه سقوط للرواي بين سالم بن أبي الجعد وابن مسعود، ولكن ما ورد من أدلة أخرى عن ابن مسعود تصح بها نسبة القول إليه، فمسروق، وعلقمة، وزر بن حبيش، وأبو الأحوص ممن يروي عن ابن مسعود ثقات رواياتهم عنه مقبولة فيستغنى برواياتهم عن الروايات الضعيفة.


أما قول ابن عباس فقد روى سعيد بن منصور عن سعيد عن إسماعيل بن عياش عن حبيب بن صالح عن ابن عباس قال: الرّشوة في الحكم سحت، ومهر البغيّ، وثمن الكلب، وثمن القرد، وثمن الخنزير، وثمن الخمر، وثمن الميتة، وثمن الدّم، وعسب الفحل، وأجر النّائحة والمغنّية، وأجر الكاهن، (وأجر الساحر)، وأجر القائف، وثمن جلود السّباع، وثمن جلود الميتة، فإذا دبغت فلا بأس بها، وأجر صور التّماثيل، وهديّة الشّفاعة، (وجعيلة الغرق).

ورواه ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن أحمد الدّشتكيّ عن أبيه عن أبيه عن إبراهيم الصّائغ عن يزيد النّحويّ عن عكرمة أن ابن عباس قال: أن الرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: رشوة الحكّام حرامٌ، وهي السّحت الّذي ذكر اللّه في كتابه.
رواه ابن جرير عن محمد بن سعد عن أبيه عن عمه عن ابيه عن أبيه عنه، وهذا إسناد ضعيف.

أما قول أبي هريرة فرواه ابن جرير من طريق وكيع عن طلحة عن أبي هريرة قال: مهر البغي سحت، وعسب الفحل سحت، وكسب الحجام سحت، وثمن الكلب سحت.
ورواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن منصور المروزي عن النضر بن شهيل عن حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن مهر البغ وثمن الكلب والسنور وكسب الحجام من السحت.

أما قول عبد الله بن عمر فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن عبد الرحمن بن أبي الموال، عن عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كُلُّ لحم أنبَته السُّحت فالنار أولى به. قيل: يا رسول الله، وما السحت؟ قال: الرشوة في الحكم.،
والحديث صححه الألباني كما جاء في الترمذي


أما قول مسروق
فرواه سعيد بن منصور وابن أبي حاتم من طريق خلف بن خليفة عن منصور بن زاذان عن الحكم عن أبي وائل عن مسروق قال: إذا قبل القاضي الهديّة أكل السّحت، وإذا قبل الرّشوة بلغت به الكفر.

أما قول مجاهد فرواه ابن جرير عن محمد بن عمرو عن أبي عاصم عن عيسى عن ابن نجيح عن مجاهد قال: الرشوة في الحكم وهم يهود.
ورواه ابن أبي حاتم وعبد الرحمن بن الحسن الهمذاني من طريق ورقاء عن ابن نجيح عنه.
وابن أبي نجيح ثقة يروي عن مجاهد.

فأما قول الحسن فرواه عبد الله بن وهب عن أشهل عن قرة بن خالد عن الحسن قال: أكالون الرشى.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن أبي عقيل عن الحسن قال: تلك الحكام سمعوا كذبة وأكلوة رشوة، وعند ابن أبي حاتم بلفظ قريب.
وقرة بن خالد ثقة يروي عن الحسن.

أما قول قتادة فرواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: الرشا.
ورواه ابن جرير عن بشر بن معاذ عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عنه قال: يقبلون الرشى.
ورواه ابن جرير عن الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر عنه.

أما قول زيد فرواه ابن وهب عن ابن زيد عن أبيه قال: السحت الحرام كله والرشوة من السحت.
ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن ابن زيد قال: الرشوة في الحكم.

أما قول إبراهيم فرواه ابن جرير عن سفيان عن أبيه عن سفيان عن منصور عنه.
أما قول الضحاك فرواه ابن جرير عن ابن وكيع عن أبي خالد الأحمر عن جويبر عنه.
أما قول السدي
فرواه ابن جرير عن محمد بن الحسين عن أحمد بن المفضل عن أسباط عنه.
أما قول أنس بن مالك فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن الحكم بن عبد الله عن أنس بن مالك أنه قال له:
إذا انقلبت إلى أبيك فقل له: إيّاك والرّشوة فإنّها سحتٌ.
( وأبو الحكم بن عبد الله كان على شرط المدينة).
أما قول ابن هبيرة السبائي
رواه ابن جرير عن هناد عن ابن فضيل عن يحيى بن سعيد عن عبد الله عنه.

خلاصة المسألة:
وحاصل الأقوال أن السحت هو كل مال أو كسب لا يحل، أو أُخذ بلا استحقاق، والأقوال التي وردت عن السلف من باب التفسير بالمثال، فمنهم من نص على أن السحت: الرشوة، ومنهم من قال أنه: الرشوة في الحكم، ومن قال: الرشوة في الدين، وأكل أموال الناس بالباطل، وغيرها مما لا يحل أخذه من مال، أو كان كسبا من حرام، ليشمل السحت الرشوة وغيرها فلا يقتصر على المال فقط، وهذه الأقوال جاءت عن جماعة من الصحابة والتابعين.

وأما تسمية المال الحرام سحتا، فالسحت لغة : يقال سحت الشيء إذا استؤصل، ويقال سحت الله الكافر بعذاب إذا استأصله، ويقال المال السحت: كل حرام يلزم آكله العار، وسمي سحتا لأنه لا بقاء له، وقال ابن جرير أن أصل السحت كَلَبُ الجوع، فيقال فلان مسحوت المعدة إذا كان لا يرى إلا جائعا، والرشوة يقال لها السحت، تشبيها بذلك لأن المسترشي شره لما يأخذه،كحال مسحوت المعدة وشراهته للطعام.
وقد صح عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة : يا كعب بن عجرة (إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به).رواه أحمد.
وجاء في معرض القوال الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به) قيل: يا رسول الله، وما السحت؟ قال: الرشوة في الحكم.

وروى ابن أبي حاتم عن يونس بن عبد الأعلى عن سفيان بن عيينة عن هارون بن زياب عن كنانة بن نعيمٍ عن قبيصة بن مخارقٍ أنّه تحمّل بحمالةٍ فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: نؤدّيها عنك ونخرجها من نعم الصّدقة أو إبل الصّدقة، فقال :
يا قبيصة، إنّ المسألة قد حرّمت إلا في ثلاثٍ: رجلٌ تحمّل بحمالةٍ فحلّت له المسألة حتّى يؤدّيها ثمّ يمسك، ورجلٌ أصابته حاجة فاجتاحت ماله فحلّت له المسألة حتّى يصب قوامًا من عيشٍ أو سدادًا من عيشٍ ثمّ يمسك، وما سوى ذلك من المسألة فهو سحتٌ.


ويعضد القول بأن المراد بالسحت هنا الرشوة دون غيرها مما ذكر، السياق الذي يصف حال اليهود وتعاملهم بالرشى واستمراء أكل أموال الناس بالباطل.

( 3 )
قول عكرمة في تفسير قول الله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها).

جاء في قول الله تعالى : {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قولان في معنى (والأرحام):

القول الأول: الرجل يسأل بالله وبالرحم.
قاله إبراهيم النخعي، ومجاهد، والحسن فيما ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية وابن كثير وابن الجوزي والماوردي.

أما قول إبراهيم فرواه سفيان وابن جرير من طرق عن منصور عنه.
ورواه ابن جرير من طرق عن هشيم عن مغيرة عنه.
ورواه ابن جرير عن المثنى عن الحماني عن شريك عن منصور أو مغيرة عنه.
وأما قول مجاهد فرواه سفيان وابن أبي جرير من طريق ابن أبي نجيح عنه.
وأما قول الحسن فرواه ابن جرير عن المثنى عن سويد عن ابن المبارك عن معمر عنه.


القول الثاني: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، فاتقوا الله فيها وصلوها كما أمر.
قاله ابن عباس، والضحاك، ومجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والسدي والربيع بن أنس وابن زيد، فيما ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم وابن كثير وابن عطية وابن الجوزي والماوردي.


أما قول ابن عباس فرواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: اتقوا الله في الأرحام فصلوها.
ورواه ابن جرير عن المثنى عن إسحاق عن عبد الرحمن بن أبي حماد أن ابن عباس كان يقرأ: ( والأرحام) يقول : اتقوا الله لا تقطعوها، وبنحوه رواه ابن جرير عن أبي جعفر الخزاز عن جويبر عن الضحاك أن ابن عباس قال به.
ورواه ابن جرير عن القاسم عن الحسين عن حجاج عن ابن جريج عن ابن عباس قال: اتقوا الأرحام.

ورواه الحاكم في مستدركه عن أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني عن إسحاق بن إبراهيم بن عباد عن عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، { واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام} قال: إنّ الرّحم لتقطع، وإنّ النّعمة لتكفر، وإنّ اللّه إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شيءٌ أبدًا ثمّ قرأ {لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما ألّفت بين قلوبهم} قال: وقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «الرّحم شجنةٌ من الرّحمن، وإنّها تجيء يوم القيامة تتكلّم بلسانٍ طلقٍ ذلقٍ فمن أشارت إليه بوصلٍ، وصله اللّه، ومن أشارت إليه بقطعٍ قطعه اللّه».
وقال الحاكم هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه بهذه السّياقة
").

أما المروي عن الضحاك فرواه ابن جرير عن المثنى عن إسحاق عن أبي زهير عن جويبر عنه به، وقال ابن أبي حاتم أنه رُوي عن الضحاك أنه قال: لا تقطعوها.

أما قول مجاهد فرواه ابن جرير من طريق شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.
وابن أبي نجيح ثقة يكثر من الرواية عن مجاهد، وشبل من تلاميذ ابن أبي نجيح ويروي عنه.

أما قول عكرمة فرواه سفيان وابن جرير من طريق خصيف عن عكرمة: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.
وخصيف من أهل الصلاح والصدق وقد يكون في روايته ضعف أو اضطراب إلا أنها معتبرة في التفسير إذا سلمت من النكارة والمخالفة.

أما ما رواه الحسن فرواه عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر عنه.
ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن هشيم عن منصور عن الحسن قال: واتقوه في الأرحام.
ومعمر ثقة، روى عن الحسن في التفسير مرويات كثيرة جدا، قد قال ابن أبي حاتم أنه لم يسمع من الحسن وبينهما رجل ويقال أنه عمرو بن عبيد.
ومنصور ثقة مكثر في النقل عن الحسن وروايته مقبولة.

أما قول قتادة فرواه عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر عن قتادة قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله وصلوا الأرحام.
فرواه ابن جرير من طريق يزيد عن سعيد عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
اتّقوا اللّه وصلوا الأرحام، فإنّه أبقى لكم في الدّنيا، وخيرٌ لكم في الآخرة.
ومعمر وسعيد من أشهر من يروي عن قتادة، وهذا الذي قاله قتادة مرسلا.

أما قول السدي فرواه ابن جرير عن محمد بن الحسين عن أحمد بن المفضل عن أسباط عنه.
وأسباط هو رواي لكتاب تفسير السدي فيقبل منه باعتباره ناقل.
أما قول الربيع فرواه ابن جرير من طريق ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع.
أما قول ابن زيد فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عنه.

توجيه الأقوال:
أما القول الأول وهو : الرجل يسأل بالله وبالرحم.
وقد قرأ بخفض الميم في (الأرحام) الحسن وقتادة والأعمش وحمزة، عطفا على (به)، والمعنى: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامِ، وبهذا فسرها مجاهد والحسن وإبراهيم النخعي.
وهذا المعنى خطّأه ابن جرير والزجاج وابن عطية وغيرهم من جهات:
فمن جهة العربية: فإن خفض (الأرحام) عطفا على ضمير غير فصيح من كلام العرب، بل هو من المستقبح الردئ، وإن كان جائزا في الشعر للضرورة، وقال أبو علي: (هو ضعيف في القياس، قليل في الاستعمال، فترك الأخذ به أحسن).
ومن جهة الدين: وهو عدم جواز الحلف بغير الله، واستدل الزجاج بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تحلفوا بآبائكم)، وذهب الفراء إلى نحوه، فيما ذكره ابن الجوزي في تفسيره.
واستدل ابن عطية بالحديث الصحيح: ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)، ومن ذلك يُردُ تقرير التساؤل بها.
وعلل ابن الأنباري قراءة حمزة أنه أراد الخبر عن الأمر القديم الواقع في الجاهلية من الحلف بالأرحام، وقال ابن عطية أنه لا فائدة في ذكر أن الأرحام يُتساءل بها فهذا نقص من فصاحة الكلام، فلابد أن تُذكر ( الأرحام) لفائدة مستقلة أكثر من الإخبار عن كونها مما يُتساءل به.
وقال البعض أن الأرحام مخفوضة من قبيل قسم الله بها،
والمقسم عليه قوله تعالى: ( إن الله كن عليكم رقيبا) ، وقال ابن عطية: وهذا الكام يأباه نظم الكلام وسرده وإن كان المعنى يخرجه).


أما القول الثاني وهو: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، فاتقوا الله فيها وصلوها كما أمر.
وهو المعنى الأولى في الآية، وقد قرأ الجمهور على نصب الميم في (الأرحام)، وقال ابن عطية أن النصب كونه مفعولا لفعل تقديره ( واتقوا).
ودلالة صحة هذا القول:
أولا صحة الأقوال الواردة عن السلف وثبوتها عنهم:
فقد ورد عن ابن عباس فيما ذكره الحاكم قولا تثبت صحته ما جعل ما روي عنه من رويات أخرى مقبولا لاتفاقه في المعنى، وبنحو هذا القول قال عدد من السلف على تنوع الألفاظ، وقد نقل الثقات من الرواة أقوالهم، وقد بينت ذلك في معرض تخريج الأقوال.

ثانيا من جهة اللغة والإعراب:
فقد قال ابن جرير أن (الأرحام) تكون على هذا التفسير منصوبة والمعنى: اتقوا الأرحام أن تقطعوها، بخلاف الخفض الذي سبق وبينت رده من المفسرين وأهل اللغة.

ثالثا من جهة السياق:
فقد علل الماوردي ترجيح هذا القول بالاستدلال بالسياق فقال: (لأن الله قصد بأول السورة حين أخبرهم أنهم من نفس واحدة أن يتواصلوا ويعلموا أنهم إخوة إن بعدوا).


والأمر بصلة الرحم وتحريم قطعها جاءت به الأدلة من القرآن والسنة، ومن ذلك:

قول الله تعالى: (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) ، قال ابن جرير: (والذي رَغب اللهُ في وَصْله وذمّ على قطعه في هذه الآية: الرحم)، وهذه الآية جاءت في وصف المنافقين الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، وهذا على وجه الذم فكل ما أمر الله به يؤتى بحسبه إما واجبا وإما مستحبا، وقد قرن قطع الرحم مع الإفساد في الأرض كما قال تعالى: ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأض وتقطعوا أرحامكم)، وهذا على وجه الذم لمن قطع الرحم.
وجاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الرحم شَجْنَة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته، وم قطعك قطعته) رواه البخاري في صحيحه.

ما ذكره عبد الله بن سلام أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ).
أخرجه الحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

الحمد لله رب العالمين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 ربيع الثاني 1441هـ/5-12-2019م, 03:43 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إنشاد راجح مشاهدة المشاركة

بسم الله الرحمن الرحيم

مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج
المجموعة الثانية:

( 1 ) قول مجاهد: ( وأيّدناه بروح القدس) : القدس هو الله.
وردت أقوال عن السلف بأن المراد ب( روح القدس) هو جبريل عليه السلام، وقد ثبت ذلك بالأدلة من القرآن وصحيح السنة، وقد تنوعت أقوال السلف في المراد ب ( القدس)، وهى:

القول الأول: المطهر، وقيل: الطهر، روي عن ابن عباس.
رواه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن سعد عن آبائه، وهذا إسناد ضعيف.

القول الثاني: البركة، روي عن السدي.
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عمرو بن حماد عن أسباط عن السدي.
وطريق أسباط ضعيف وليس بحجة.

القول الثالث: ( الله) ومن المفسرين من عبر بلفظ ( الرب).
قاله كعب، ومجاهد، والربيع بن أنس، وهو مروي عن أبي جعفر، وابن زيد.
أما قول كعب فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن كعب قال: الله القدس.

أما قول ابن زيد فرواه يونس عن ابن وهب عن ابن زيد، قال: القدس: الله.
وقد احتج ابن زيد في هذا بقول كعب: ( الله: القدس)، وقرأ قول الله تعالى: (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس)، قال: القدس والقدوس، واحد.

أما قول مجاهد فرواه عبد الله بن وهب عن الحارث عن غالب بن عبيد الله عن مجاهد قال: القدس هو الله، وبمثله رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي حذيفة عن شبل عن ابن أبي نجيح عنه به.
وغالب بن عبيد الله وابن أبي نجيح من أصحاب مجاهد يرويان عنه إلا أن غالب من طبقة الضعفاء، وابن أبي نجيح ثقة.

أما قول الربيع بن أنس فرواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي عن عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس قال: القدس هو الرب تبارك وتعالى.
[وأبو جعفر الرازي مختلف فيه، قال ابن حبان كان ممن يتفرد بالمناكير عن المشاهير، كما في سير أعلام النبلاء]
وأما ما روي عن أبي جعفر، فرواه ابن جرير عن عمار عن ابن أبي جعفر عن أبيه قال: القدس: هو الرب. وهذا إسناد منقطع، وقد قال ابن جرير ( حُدثت) ولم يذكر الرواي الذي بينه وبين عمار.

فلما ثبت أن روح القدس هو جبريل عليه السلام، فإن وصف جبريل بالروح تكلم فيه العلماء فقالوا أن تسمية جبريل بالروح لأنه كان بتكوين الله له روحا من عنده من غير ولادة والد له، فسماه روحا، لما لم تتضمنه أصلاب الفحولة ولا اشتملته أرحام الطوامث، وإضافته إلى القدس يُحمل على وجهين، فالقدس لغة الطهارة، والطهر، فإضافة الروح إلى القدس للدلالة على طهر تلك الروح فهى بتكوين الله،
وكما أن من أسماء الله القدوس وهو صيغة مبالغة من (القدس)،فيحتمل إضافة الروح إلى القدس على هذا القول من باب إضافة الملك إلى المالك، نحو(عباد الله)، و(أرض الله) من باب إضافة الخالق إلى المخلوق[ المخلوق إلى الخالق]، وقد ذكر ابن كثير أن القرطبي حكى عن مجاهد والحسن أنهما قالا: القدس: هو الله تعالى، ، وروحه : جبريل.
والله تعالى أعلم.

[ها هنا أكثر من نقطة للتعليق عليها:
أولا: أحسنتِ التفريق بين المراد بروح القدس، وبين المراد بالقدس، ولكن ينبغي كذلك التفريق بين المراد بالقدس ومعناها.
وقيل في المراد بالقدس أنه اسم من أسماء الله تعالى، وقيل أنه من باب إضافة الموصوف إلى صفته فالقدس هنا من صفات " الروح ".
ثانيًا: أسماء الله تعالى توقيفية؛ فحتى نقول بأن هذا اسم لله تعالى فلابد أن يرد في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم صراحة.
ثالثًا: قد أحسنتِ بيان أن غالب ضعيف، فلا يقبل منه هذه الرواية التي فيها إثبات اسم لله تعالى، وبالنسبة لإسناد ابن أبي نجيح عن مجاهد على افتراض صحته فلا يُقبل أيضًا لما أوردته في النقطة الثانية.
قال ابن تيمية في مقدمة التفسير : " فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض "
وفي موضع آخر : "وقال شعبة بن الحجاج وغيرُه: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة في التفسير؟! يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح، أما إذا اجتمعوا على الشيء فلا يُرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدَهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة العرب أو أقوال الصحابة في ذلك".
ولم يثبت في القرآن أو السنة، أن القدس اسم من أسماء الله تعالى.
وراجعي التعليق العام على تطبيقكِ أدناه]


( 2 ) قول الحسن البصري: (أكالون للسحت) : أكالون للرشى).

تنوعت أقوال السلف في المراد ب( السحت) في قول الله تعالى: ( أكالون للسحت)، وممن ورد عنهم أقوالا في المسألة: عمر، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمر، ومسروق، والضحاك وإبراهيم النخعي، ومجاهد، والحسن، وقتادة، وابن زيد، وابن هبيرة وغيرهم.
[كان الأفضل تصنيفها على الأقوال ومن ثم عزوها لقائليها]
أما قول عمر فرواه ابن جرير عن أبي السائب عن أبي معاوية عن الأعمش عن خثيمة [خيثمة] عن عمر قال: بابان من السحت : الرشا ومهر الزانية.

أما قول علي بن أبي طالب فرواه ابن جرير عن هناد عن ابن مطيع عن حماد بن سلمة عن عطاء الخراساني عن ضمرة عن علي أنه قال: في كسب الحجام ومهر البغيّ، وثمن الكلب، والاستجْعَال في القضية، وحلوان الكاهن، وعسب الفحل، والرشوة في الحكم، وثمن الخمر، وثمن الميتة: من السحت.

أما قول ابن مسعود
فرواه سعيد بن منصور عن سعيد عن حماد بن يحيى الأبح عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال: الرشوة في الحكم كفر، وهى بين الناس سحت.
ورواه سعيد بن منصور وابن جرير من طرق عن سالم بن أبي الجعد عن مسروق عنه.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن سفيان عن عاصم عن زر عنه.
ورواه ابن جرير عن القاسم عن الحسين عن هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل عن علقمة عنه.
ورواه ابن جرير من طرق عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن ابن مسعود قال: الرشوة.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن مسروق عنه.
ورواه ابن جرير عن سفيان بن وكيع وواصل بن عبد الأعلى قالا حدثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل، عن سالم بن أبي الجعد قال: قيل لعبد الله: ما السحت؟ قال: الرشوة. قالوا: في الحكم؟ قال: ذاك الكفر.

وهذا الإسناد فيه سقوط للرواي بين سالم بن أبي الجعد وابن مسعود، ولكن ما ورد من أدلة أخرى عن ابن مسعود تصح بها نسبة القول إليه، فمسروق، وعلقمة، وزر بن حبيش، وأبو الأحوص ممن يروي عن ابن مسعود ثقات رواياتهم عنه مقبولة فيستغنى برواياتهم عن الروايات الضعيفة.


أما قول ابن عباس فقد روى سعيد بن منصور عن سعيد عن إسماعيل بن عياش عن حبيب بن صالح عن ابن عباس قال: الرّشوة في الحكم سحت، ومهر البغيّ، وثمن الكلب، وثمن القرد، وثمن الخنزير، وثمن الخمر، وثمن الميتة، وثمن الدّم، وعسب الفحل، وأجر النّائحة والمغنّية، وأجر الكاهن، (وأجر الساحر)، وأجر القائف، وثمن جلود السّباع، وثمن جلود الميتة، فإذا دبغت فلا بأس بها، وأجر صور التّماثيل، وهديّة الشّفاعة، (وجعيلة الغرق).

ورواه ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن أحمد الدّشتكيّ عن أبيه عن أبيه عن إبراهيم الصّائغ عن يزيد النّحويّ عن عكرمة أن ابن عباس قال: أن الرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: رشوة الحكّام حرامٌ، وهي السّحت الّذي ذكر اللّه في كتابه.
رواه ابن جرير عن محمد بن سعد عن أبيه عن عمه عن ابيه عن أبيه عنه، وهذا إسناد ضعيف.

أما قول أبي هريرة فرواه ابن جرير من طريق وكيع عن طلحة عن أبي هريرة قال: مهر البغي سحت، وعسب الفحل سحت، وكسب الحجام سحت، وثمن الكلب سحت.
ورواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن منصور المروزي عن النضر بن شهيل عن حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن مهر البغ وثمن الكلب والسنور وكسب الحجام من السحت.

أما قول عبد الله بن عمر فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن عبد الرحمن بن أبي الموال، عن عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كُلُّ لحم أنبَته السُّحت فالنار أولى به. قيل: يا رسول الله، وما السحت؟ قال: الرشوة في الحكم.،
والحديث صححه الألباني كما جاء في الترمذي [؟؟؟؟]

أما قول مسروق فرواه سعيد بن منصور وابن أبي حاتم من طريق خلف بن خليفة عن منصور بن زاذان عن الحكم عن أبي وائل عن مسروق قال: إذا قبل القاضي الهديّة أكل السّحت، وإذا قبل الرّشوة بلغت به الكفر.

أما قول مجاهد فرواه ابن جرير عن محمد بن عمرو عن أبي عاصم عن عيسى عن ابن نجيح عن مجاهد قال: الرشوة في الحكم وهم يهود.
ورواه ابن أبي حاتم وعبد الرحمن بن الحسن الهمذاني من طريق ورقاء عن ابن نجيح عنه.
وابن أبي نجيح ثقة يروي عن مجاهد.

فأما قول الحسن فرواه عبد الله بن وهب عن أشهل عن قرة بن خالد عن الحسن قال: أكالون الرشى.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن أبي عقيل عن الحسن قال: تلك الحكام سمعوا كذبة وأكلوة رشوة، وعند ابن أبي حاتم بلفظ قريب.
وقرة بن خالد ثقة يروي عن الحسن.

أما قول قتادة فرواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: الرشا.
ورواه ابن جرير عن بشر بن معاذ عن يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عنه قال: يقبلون الرشى.
ورواه ابن جرير عن الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر عنه.

أما قول زيد فرواه ابن وهب عن ابن زيد عن أبيه قال: السحت الحرام كله والرشوة من السحت.
ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن ابن زيد قال: الرشوة في الحكم.

أما قول إبراهيم فرواه ابن جرير عن سفيان عن أبيه عن سفيان عن منصور عنه.
أما قول الضحاك فرواه ابن جرير عن ابن وكيع عن أبي خالد الأحمر عن جويبر عنه.
أما قول السدي فرواه ابن جرير عن محمد بن الحسين عن أحمد بن المفضل عن أسباط عنه.
أما قول أنس بن مالك فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن الحكم بن عبد الله عن أنس بن مالك أنه قال له: إذا انقلبت إلى أبيك فقل له: إيّاك والرّشوة فإنّها سحتٌ.
( وأبو الحكم بن عبد الله كان على شرط المدينة).
أما قول ابن هبيرة السبائي
رواه ابن جرير عن هناد عن ابن فضيل عن يحيى بن سعيد عن عبد الله عنه.

خلاصة المسألة:
وحاصل الأقوال أن السحت هو كل مال أو كسب لا يحل، أو أُخذ بلا استحقاق، والأقوال التي وردت عن السلف من باب التفسير بالمثال، فمنهم من نص على أن السحت: الرشوة، ومنهم من قال أنه: الرشوة في الحكم، ومن قال: الرشوة في الدين، وأكل أموال الناس بالباطل، وغيرها مما لا يحل أخذه من مال، أو كان كسبا من حرام، ليشمل السحت الرشوة وغيرها فلا يقتصر على المال فقط، وهذه الأقوال جاءت عن جماعة من الصحابة والتابعين.

وأما تسمية المال الحرام سحتا، فالسحت لغة : يقال سحت الشيء إذا استؤصل، ويقال سحت الله الكافر بعذاب إذا استأصله، ويقال المال السحت: كل حرام يلزم آكله العار، وسمي سحتا لأنه لا بقاء له، وقال ابن جرير أن أصل السحت كَلَبُ الجوع، فيقال فلان مسحوت المعدة إذا كان لا يرى إلا جائعا، والرشوة يقال لها السحت، تشبيها بذلك لأن المسترشي شره لما يأخذه،كحال مسحوت المعدة وشراهته للطعام.
وقد صح عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة : يا كعب بن عجرة (إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به).رواه أحمد.
وجاء في معرض القوال الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به) قيل: يا رسول الله، وما السحت؟ قال: الرشوة في الحكم.

وروى ابن أبي حاتم عن يونس بن عبد الأعلى عن سفيان بن عيينة عن هارون بن زياب عن كنانة بن نعيمٍ عن قبيصة بن مخارقٍ أنّه تحمّل بحمالةٍ فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: نؤدّيها عنك ونخرجها من نعم الصّدقة أو إبل الصّدقة، فقال :
يا قبيصة، إنّ المسألة قد حرّمت إلا في ثلاثٍ: رجلٌ تحمّل بحمالةٍ فحلّت له المسألة حتّى يؤدّيها ثمّ يمسك، ورجلٌ أصابته حاجة فاجتاحت ماله فحلّت له المسألة حتّى يصب قوامًا من عيشٍ أو سدادًا من عيشٍ ثمّ يمسك، وما سوى ذلك من المسألة فهو سحتٌ.


ويعضد القول بأن المراد بالسحت هنا الرشوة دون غيرها مما ذكر، السياق الذي يصف حال اليهود وتعاملهم بالرشى واستمراء أكل أموال الناس بالباطل.

( 3 ) قول عكرمة في تفسير قول الله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها).

جاء في قول الله تعالى : {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قولان في معنى (والأرحام):

القول الأول: الرجل يسأل بالله وبالرحم.
قاله إبراهيم النخعي، ومجاهد، والحسن فيما ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية وابن كثير وابن الجوزي والماوردي.

أما قول إبراهيم فرواه سفيان وابن جرير من طرق عن منصور عنه.
ورواه ابن جرير من طرق عن هشيم عن مغيرة عنه.
ورواه ابن جرير عن المثنى عن الحماني عن شريك عن منصور أو مغيرة عنه.
وأما قول مجاهد فرواه سفيان وابن أبي جرير من طريق ابن أبي نجيح عنه.
وأما قول الحسن فرواه ابن جرير عن المثنى عن سويد عن ابن المبارك عن معمر عنه.


القول الثاني: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، فاتقوا الله فيها وصلوها كما أمر.
قاله ابن عباس، والضحاك، ومجاهد، وعكرمة، والحسن، وقتادة، والسدي والربيع بن أنس وابن زيد، فيما ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم وابن كثير وابن عطية وابن الجوزي والماوردي.


أما قول ابن عباس فرواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: اتقوا الله في الأرحام فصلوها.
ورواه ابن جرير عن المثنى عن إسحاق عن عبد الرحمن بن أبي حماد أن ابن عباس كان يقرأ: ( والأرحام) يقول : اتقوا الله لا تقطعوها، وبنحوه رواه ابن جرير عن أبي جعفر الخزاز عن جويبر عن الضحاك أن ابن عباس قال به.
ورواه ابن جرير عن القاسم عن الحسين عن حجاج عن ابن جريج عن ابن عباس قال: اتقوا الأرحام.

ورواه الحاكم في مستدركه عن أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني عن إسحاق بن إبراهيم بن عباد عن عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما ، { واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام} قال: إنّ الرّحم لتقطع، وإنّ النّعمة لتكفر، وإنّ اللّه إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شيءٌ أبدًا ثمّ قرأ {لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما ألّفت بين قلوبهم} قال: وقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «الرّحم شجنةٌ من الرّحمن، وإنّها تجيء يوم القيامة تتكلّم بلسانٍ طلقٍ ذلقٍ فمن أشارت إليه بوصلٍ، وصله اللّه، ومن أشارت إليه بقطعٍ قطعه اللّه».
وقال الحاكم هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه بهذه السّياقة").

أما المروي عن الضحاك فرواه ابن جرير عن المثنى عن إسحاق عن أبي زهير عن جويبر عنه به، وقال ابن أبي حاتم أنه رُوي عن الضحاك أنه قال: لا تقطعوها.

أما قول مجاهد فرواه ابن جرير من طريق شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.
وابن أبي نجيح ثقة يكثر من الرواية عن مجاهد، وشبل من تلاميذ ابن أبي نجيح ويروي عنه.

أما قول عكرمة فرواه سفيان وابن جرير من طريق خصيف عن عكرمة: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.
وخصيف من أهل الصلاح والصدق وقد يكون في روايته ضعف أو اضطراب إلا أنها معتبرة في التفسير إذا سلمت من النكارة والمخالفة.

أما ما رواه الحسن فرواه عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر عنه.
ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن هشيم عن منصور عن الحسن قال: واتقوه في الأرحام.
ومعمر ثقة، روى عن الحسن في التفسير مرويات كثيرة جدا، قد قال ابن أبي حاتم أنه لم يسمع من الحسن وبينهما رجل ويقال أنه عمرو بن عبيد.
ومنصور ثقة مكثر في النقل عن الحسن وروايته مقبولة.

أما قول قتادة فرواه عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر عن قتادة قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله وصلوا الأرحام.
فرواه ابن جرير من طريق يزيد عن سعيد عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :اتّقوا اللّه وصلوا الأرحام، فإنّه أبقى لكم في الدّنيا، وخيرٌ لكم في الآخرة.
ومعمر وسعيد من أشهر من يروي عن قتادة، وهذا الذي قاله قتادة مرسلا.

أما قول السدي فرواه ابن جرير عن محمد بن الحسين عن أحمد بن المفضل عن أسباط عنه.
وأسباط هو رواي لكتاب تفسير السدي فيقبل منه باعتباره ناقل.
أما قول الربيع فرواه ابن جرير من طريق ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع.
أما قول ابن زيد فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عنه.

توجيه الأقوال:
أما القول الأول وهو : الرجل يسأل بالله وبالرحم.
وقد قرأ بخفض الميم في (الأرحام) الحسن وقتادة والأعمش وحمزة، عطفا على (به)، والمعنى: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحامِ، وبهذا فسرها مجاهد والحسن وإبراهيم النخعي.
وهذا المعنى خطّأه ابن جرير والزجاج وابن عطية وغيرهم من جهات:
فمن جهة العربية: فإن خفض (الأرحام) عطفا على ضمير غير فصيح من كلام العرب، بل هو من المستقبح الردئ، وإن كان جائزا في الشعر للضرورة، وقال أبو علي: (هو ضعيف في القياس، قليل في الاستعمال، فترك الأخذ به أحسن).
ومن جهة الدين: وهو عدم جواز الحلف بغير الله، واستدل الزجاج بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تحلفوا بآبائكم)، وذهب الفراء إلى نحوه، فيما ذكره ابن الجوزي في تفسيره.
واستدل ابن عطية بالحديث الصحيح: ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)، ومن ذلك يُردُ تقرير التساؤل بها.
وعلل ابن الأنباري قراءة حمزة أنه أراد الخبر عن الأمر القديم الواقع في الجاهلية من الحلف بالأرحام، وقال ابن عطية أنه لا فائدة في ذكر أن الأرحام يُتساءل بها فهذا نقص من فصاحة الكلام، فلابد أن تُذكر ( الأرحام) لفائدة مستقلة أكثر من الإخبار عن كونها مما يُتساءل به.
وقال البعض أن الأرحام مخفوضة من قبيل قسم الله بها، والمقسم عليه قوله تعالى: ( إن الله كن [كان] عليكم رقيبا) ، وقال ابن عطية: وهذا الكام يأباه نظم الكلام وسرده وإن كان المعنى يخرجه).


أما القول الثاني وهو: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، فاتقوا الله فيها وصلوها كما أمر.
وهو المعنى الأولى في الآية، وقد قرأ الجمهور على نصب الميم في (الأرحام)، وقال ابن عطية أن النصب كونه مفعولا لفعل تقديره ( واتقوا).
ودلالة صحة هذا القول:
أولا صحة الأقوال الواردة عن السلف وثبوتها عنهم:
فقد ورد عن ابن عباس فيما ذكره الحاكم قولا تثبت صحته ما جعل ما روي عنه من رويات أخرى مقبولا لاتفاقه في المعنى، وبنحو هذا القول قال عدد من السلف على تنوع الألفاظ، وقد نقل الثقات من الرواة أقوالهم، وقد بينت ذلك في معرض تخريج الأقوال.

ثانيا من جهة اللغة والإعراب:
فقد قال ابن جرير أن (الأرحام) تكون على هذا التفسير منصوبة والمعنى: اتقوا الأرحام أن تقطعوها، بخلاف الخفض الذي سبق وبينت رده من المفسرين وأهل اللغة.

ثالثا من جهة السياق:
فقد علل الماوردي ترجيح هذا القول بالاستدلال بالسياق فقال: (لأن الله قصد بأول السورة حين أخبرهم أنهم من نفس واحدة أن يتواصلوا ويعلموا أنهم إخوة إن بعدوا).


والأمر بصلة الرحم وتحريم قطعها جاءت به الأدلة من القرآن والسنة، ومن ذلك:
قول الله تعالى: (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) ، قال ابن جرير: (والذي رَغب اللهُ في وَصْله وذمّ على قطعه في هذه الآية: الرحم)، وهذه الآية جاءت في وصف المنافقين الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، وهذا على وجه الذم فكل ما أمر الله به يؤتى بحسبه إما واجبا وإما مستحبا، وقد قرن قطع الرحم مع الإفساد في الأرض كما قال تعالى: ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأض وتقطعوا أرحامكم)، وهذا على وجه الذم لمن قطع الرحم.
وجاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الرحم شَجْنَة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته، وم قطعك قطعته) رواه البخاري في صحيحه.
ما ذكره عبد الله بن سلام أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ).
أخرجه الحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

الحمد لله رب العالمين

[القراءة الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم - مقدمة على أقوال أهل اللغة، وقراءة " والأرحامِ" بالخفض من القراءات الصحيحة، وكل قراءة صحيحة لها توجيهها ويبحث عنها في كتب توجيه القراءات القراءات.]
التعليقات العامة:
أشكر لكِ جهدكِ في أداء هذا التطبيق لكن للتوضيح:
* التخريج:
- لم يُطلب تخريج جميع الأقوال، ولكن يُكتفى بتخريج القول المطلوب في رأس السؤال فقط، وبقية الأقوال يكتفى بعزوها لقائليها من السلف؛ وهذا العزو بالطبع يكون بعد الاطلاع على المصادر الأصيلة وليس نقلا عن مصدر ناقل.
فإن أردتم زيادة فيمكن ذكر من أخرج القول من الأئمة، مثلا: رواه فلان وفلان ..، دون بيان الطرق.
- أقول هذا حتى لا يشق الأمر عليكم وتستصعبونه فيؤدي إلى الفتور والانقطاع، خاصة مع تتابع التطبيقات بإذن الله، أما إن كان لكم همة لذلك فلا بأس.
- اتبعتِ طريقة سرد الإسناد كاملا في تخريج الآثار التي لم يتوفر لكِ فيها إلا إسناد واحد، وهي طريقة صحيحة، لكن أؤكد على أن هناك طريقة أجود تدرسونها في دورات قادمة بإذن الله وهي ذكر إسناد النسخة التفسيرية، وحتى ذلك الحين لا بأس بطريقتكِ.
* الحكم على الآثار:
- لا يلزمكِ في هذه التطبيقات الحكم على الآثار، إلا فيما درستيه، وكان واضحًا قبوله أو رده، أو توفر لكِ حكم عالم على تصحيح الأثر أو تضعيفه، ولابد من ذكر مصدر التصحيح أو التضعيف..
- الطالب يؤاخذ فقط بما درسه في سير أعلام المفسرين أو في دورات سابقة، مثلا رواية غالب ابن عبيد الله عن مجاهد.
- أسانيد التفسير دورة مستقلة تدرسونها بإذن الله، ولبعض الأسانيد علل قد لا تتضح لكِ، والدورات هنا متتابعة كل منها يهدف لتنمية مهارة معينة تُبنى على ما قبلها، وهذه الدورة مبنية على إتقان دورة المهارات المتقدمة في التفسير كما سبق الإشارة في التعليقات العامة أعلاه.
وحتى لا يصعب عليكم الأمر فيكفي الاعتناء بتحقيق هدف كل دورة دون التعجل بما سيكون في دورات مستقبلية بإذن الله.
وأضرب لكِ مثالا:
- في أثناء إجابتكِ ورد الكلام عن رواية أسباط عن السدي، وتجدين هنا تفصيلا لها، وفي الختام بيانًا لما يقبل وما لا يقبل:
http://jamharah.net/showthread.php?p=146873

التقويم: أ
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 ربيع الثاني 1441هـ/8-12-2019م, 11:37 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالكريم الشملان مشاهدة المشاركة
مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج
المجموعة الثالثة :

القول الأول :
قول الشعبي في تفسير قوله تعالى " تتخذون منه سكرا" السكر: النبيذ ، النحل 67.
أولًا: تخريج الأقوال :
- أخرجه عن الشعبي: الطبري في تفسيره ( 246/17) من طريق [قال حدثني] داود الواسطي ثنا أبو أسامة قال أبو روق ، ثنى قال : قلت للشعبي أرأيت قوله تعالى " تتخذون منه سكرا" قال " النبيذ و الخل ....".
- ومن طريق أحمد قال ثنا أبو أحمد قال : ثنا مندل عن أبي روق عن الشعبي .. قال : كانوا يصنعون من النبيذ ...،
- ومن طريق ابن وكيع قال ثنا أبو أسامة وأحمد بن بشير عن مجالد عن الشعبي قال : السكر النبيذ .
- وذكره ابن عطية في تفسيره (405/3) ونسبه إلى الشعبي. [لست بحاجة للنقل من مصدر ناقل، وقد وجدت أصل القول في مصدر مسند]
ثانيا : وبيان حال القول أنه قول تابعي ثقة عرف بالفقه والعناية بالأثر ، كما عرف بالتفسير فله مكانه في زمانه ،كما قرر ذلك ثله من العلماء في عصره ، وأخرج الأثر الطبري من عدة طرق ونسبه إلى الشعبي.

ثالثًا : ذكر الأقوال وتوجيهها :
روى عبدالرحمن بسنده عن مجاهد " سكر" قال : السكر الخمر قبل تحريمها .." تفسير مجاهد ( ت / 104ه) ( 423/1).
- قال مقاتل : يعني بالسكر : ماحرم من الشراب مما يسكرون من ثمره، يعني: النخيل والأعناب ، نسختها الآية التي في المائدة [يعنى قوله تعالى " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه" ،المائدة 90 (تفسير مقاتل ت/ 150ه ) (476/2).
- روى سفيان عن الأسود بسنده عن ابن عباس في قوله " سكرا" ،قال : ماحرم من ثمرتها".
- وروى سفيان بسنده عن سعيد بن جبير ،قال : السكر : الحرام " ( تفسير سفيان النوري ت / 161ه ( 156/1).
- وفي تفسير يحيى بن سلام ( ت /200) ذكر همام وعثمان عن قتادة قال : نزلت قبل تحريم الخمر ،
تفسير يحيى بن سلام ( 73/1)
- قال التستري(ت/ 283هـ ) في تفسيره هذه الآية نسخت بآيه الخمر ، كذا قال إبراهيم والشعبي قال سهيل : السكر عندي مايسكر النفس في الدنيا ، ولا تؤمن عاقبته في الآخرة ،تفسير التستري ( 91/1).

ثالثا :توجيه الأقوال :
والخلاصة أن في المعنى قولان لأهل التفسير :
القول الأول : وهو قول ابن عباس و ابن مسعود وابن عمرو وسعيد بن جبير وأيوب وإبراهيم والحسن ومجاهد ( تفسير الثعلبي ( 28/6) :أنه الخمر قبل أن تحرم ، لأن هذه الآية مكية ، وتحريم الخمر نزل بالمدينة ، ومبنى هذا القول على أن السكر يطلق على مايذهب العقل ، ومما يؤخذ من النخيل والعنب عصير الخمر الذي يذهب العقول ، وذلك قبل نزول آيه التحريم في سورة المائدة " إنما الخمر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه " .
القول الثاني :
وهو أبوعبيدة والزجاج ، أن معنى السكر : الطعم : وأنشدوا :
جعلت أعراض الكرام سكرا ، أي: جعلت دمهم طعمًا لك ( معاني القرآن ( 209/3) للزجاج وقيل : هو مشتق من السكر : أي : مايسد الجوع ، مشتق من سكرت النهر إذا سددته ( الهداية ( 4033/6) ومبنى هذا القول أن من إطلاقات السكر عن العرب : الطعم ، أي كل مايطعم أو يشرب ،فيكون مما يؤخذ من النخيل والأعناب ذلك الطعام فتكون الآيه ثابتة غير منسوخه على بابها ، وعليه يبنى قول الشعبي أن المراد بالآية : النبيذ،وهو من المشروبات التي لا تذهب العقل ،ومما هو معروف عند العرب .

رابعًا: الترجيح :
وقد رجح الطبري (ت/310ه) في تفسيره ( 247/17) قول الشعبي ، وأن الآيه غير منسوخه ، بل حكمها ثابت ،
وعلل الطبري ذلك بقوله :" وذلك أن السكر في كلام العرب على أحد أوجه أربعة : أحدهما : ماأسكر من الشراب ، والثاني :ما طعم من الطعام ، والثالث : السكون ،الرابع: المصدر من سكر ..سكرا ، ووجه الطبري اختياره وترجيحه بأن القول غير منسوخ بل حكم ثابت ، إذ كان المنسوخ هو مانفى حكمه الناسخ ، ومالايجوز اجتماع الحكم به وناسخه، ولم يكن في حكم الله تعالى ذكره بتحريم الخمر دليل على أن السكر الذي هو غير الخمر ،وغير مايسكر من الشراب حرام ، إذ كان السكر أحد معانيه عند العرب ، ومن نزل بلسانه القرآن هو كل ماطعم ، ولم يكن مع ذلك إذ لم يكن في نفس التنزيل دليل على أنه منسوخ ، أو ورد بأنه منسوخ خبر من الرسول ، ولا أجمعت عليه الأمة ، فوجب القول بما قلنا من أن معنى السكر في هذا الموضع : هو كل ما حل شرابه ،مما يتخذ من ثمر النخل والكرم ، وفسد أن يكون معناه الخمر أو مايسكر من الشراب وخرج من أن يكون معناه السكر نفسه ، إذ كان السكر ليس مما يتخذ من النخل والكرم ،ومن أن يكون بمعنى السكون،
وقال مكي في الهداية (4032/6) والذي عليه أهل النظر أن هذا لا يجوز نسخه ،لأنه خبر ، وليس بأمر فينسح ،وإنما نزلت هذه الآية قبل أن تحرم الخمر ، أخبرنا الله بذلك ، فلم يأمرنا بشربها ، إنما هو خبر عما أنعم عليهم به انتهى ،
كما تعقب ابن عطية في تفسيره ( 405/3) من قال بالنسخ بأن في مقاله درك ، لأن النسخ إنما يكون في حكم مستقر مشروع ،
قال أبوجعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ (486/2) الحق في هذا أنه خبر لا يجوز فيه النسخ ،ولكن يتكلم العلماء بشئ فيتأول عليهم ما هو غلط ،لأن قول قتادة ونسخت ،يعني :الخمر ،أي : نسخت إباحتها،
فيكون قول الشعبي مندرج تحت هذا التحقيق وأن الآية ثابتة لم تنسخ ،وأن النبيذ هو مما يشربه العرب ولا يذهب العقل ،حسب استعمالاتهم في القول.


القول الثاني :
قول محمد بن سيرين " السابقون الأولون " ،التوبة: 100.
الذين صلوا القبلتين :
أولًا : تخريج القول :
أخرجه عن محمد بن سيرين :الطبري في تفسيره (437/14) من طريق المثنى ،قال :حدثنا عمرو بن عون ،قال أخبرنا هشيم عن بعض أصحابه عن قتادة عن سعيد بن المسيب و أشعث عن ابن سيرين .
ومن طريق ابن بشار قال :حدثنا معاذ بن معاذ قال حدثنا ابن عون عن محمد ...،
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 1768/6) عن ابن سيرين وغيره .
وذكره عنه : مكي في الهداية ( 3107/4) ،وابن عطية في تفسيره (75/3)
ثانيا : بيان حالها:
هذا القول للتابعي الجليل محمد بن سيرين ،أخرجه الطبري في تفسيره من طريق المثنى وفيه جهالة " "بعض أصحابه " ،وكذا أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ،وذكره مكي وابن عطية، وغيرهما ،وهو أحد أقوال ثلاثة في مسألة تحديد السابقين الأولين "
ثالثًا :
توجيه الأقوال : ورد في المعنى عده أقوال :
1-الذين صلوا القبلتين : وهو قول قتادة ، ومحمد بن سيرين وأبو موسى الأشعري و سعيد بن المسيب ، والحسن والشعبي ،تفسير عبدالرزاق (161/2) ،وابن أبي حاتم .(1868/6) .
ومبنى هذا القول على أن من المهاجرين والأنصار ،أي :ومن الأنصار ،وهم أهل بيعة العقبة أولًا ،وكانوا سبعة نفر ، وأهل العقبة الثانية وكانوا سبعين ، ذكره ابن عطية في تفسيره (494/5) ، أي أن مبنى هذا القول يبين أن السابقين من الأنصار هم الذين سبقوا قومهم بالإيمان ، وهم أهل العقبتين الأولى والثانية ، ذكره ابن عاشور في تفسيره ( 17/11) فهذا القول يخص الأنصار .
2-الذين بايعوا الرسول بيعه الرضوان ،أو أدركوا ،أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (1868/6) عن عامر وابن سيرين ،ومبنى هذا القول في تحديد المده التي عندها ينتهي وصف السابقين من المهاجرين والأنصار معًا لمن أدرك بيعة الرضوان ، ذكره ابن عاشور في تفسيره ( 17/11) ،
-وهو قول عامر والشعبي " تفسير الثعلبي (83/5) والشافعي ، وكانت البيعة في الحديبيه ( تفسير البغوي ( 381/2) .
3- الذين شهدوا بدرا ، وهو قول عطاء بن أبي رباح ، ( تفسير البغوي 381/2) وتفسير ابن عطية (75/3) ومبنى هذا القول على أن من شهد بدرا هو في تحديد المدة التي عندها ينتهي وصف السابقين من المهاجرين والأنصار معًا ،قاله ابن عاشور في تفسيره (17/11).

رابعًا: الترجيح :
رجح الطبري في تفسيره ( 434/14) القول بالعموم ، وأن المراد : الذين سبقوا الناس أولًا إلى الإيمان بالله ورسوله من المهاجرين الذين هجروا قومهم وعشيرتهم ، وفارقوا منازلهم وأوطانهم ،والأنصار الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه من أهل الكفر بالله ورسوله .
وذكر مكي في الهداية (3106/4) " والذين سبقوا إلى الإيمان "،
ومال إلى ذلك ابن عطية في تفسيره ( 75/3) ،قال :ولو قال قائل إن السابقين الأولين هم جميع من هاجر إلى أن انقطعت الهجرة لكان قول يقتضيه اللفظ ، وتكون من لبيان الجنس ،ونقل عن الرازي " والصحيح عندي أنهم السابقون في الهجرة والنصرة ،لأن في لفظ السابقين إجمالًا ،ووصفهم بالمهاجرين والأنصار يوجب صرف ذلك إلى ما اتصف به ،وهي الهجرة والنصرة ، والسبق الى الهجرة صفة عظيمة من حيث كونها شاقة على النفس ومخالفة للطبع".
وفصل ابن العربي في أحكام القرآن أنواع السبق إنما يكون في ثلاثة أشياء ،الصفة وهو الإيمان والزمان والمكان وأفضل هذه الوجوه سبق الصفات،
واستظهر أبو حيان في البحر المحيط (5/494)أن السبق هو إلى الإسلام والإيمان ،كما نقل عن الرازي أنهم السابقون في الهجرة والنصرة.
ورجح ابن عاشور في تفسيره (11/17)أن المقصود بالسبق :السبق إلى الإيمان ،لأن سياق الآيات قبلها في تمييز أحوال المؤمنين الخالصين والكفار الصرحاء والكفار المنافقين ،فتعين أن يراد الذين سبقوا غيرهم من صنفهم،


القول الثالث :
قول عطاء بن أبي رباح " التفث : حلق الشعر وقطع الأظفار،
أولًا : تخريج القول :
أخرجه يحيى بن سلام من طريق حماد عن قيس بن سعد عن عطاء ،
وأخرجه الطبري في تفسيره (612/18) من طريق هثيم قال أخبرنا عبدالملك عن عطاء عن ابن عباس به ،
ثانيا ؛
بيان حالها : أن هذا قول عطاء بن أبي رباح :
أخرجه الطبري في تفسيره من طريق هثيم بسنده عن عطاء عن ابن عباس ،
ثالثًا :
توجيه الأقوال : اختلف علماء التفسير في ذلك على قولين :
1- حلق الشعر والعانة وقص الشارب والأظافر ،وهو قول مجاهد وعطاء وقتادة وابن عباس وعكرمة ومحمد بن كعب ومالك و هو معنى قول الحسن " ذا التقشف ، تقشف الإحرام ورمي الحمار ...
ومبنى هذا القول أنه صورة قضاء التفث لغة ، كما قرره ابن العربي في أحكام القرآن ( 1283/3) .
2- مناسك الحج :
أخرجه عن ابن عباس :
ابن أبي حاتم في تفسيره (2489/8) ،وهو قول ابن عمر ، تفسير الطبري ( 612/18) ،ونقل الثعلبي في تفسيره ( 19/7) القول عن ابن عباس .
ومبنى هذا القول على أنه حقيقة التفث الشريعة ، فإذا نحر الحاج أو المعتمر هديه وحق رأسه وأزال وسخه ، وتطهر وتنقى ، ولبس الثياب ، فيقضي تفثه، ذكره ابن العربي في أحكام القرأن (1283/3).

رابعًا : الترجيح :
قال الزجاج عن معنى التفث : كأنه الخروج من الإحرام إلى الإحلال( 424/3) ،
وذكر الثعلبي في تفسيره ( 20/7) وأصل التفث في اللغه : الوسخ ، تقول للرجل تستقذره :ما أتفثك ،أي ما أوسخك وأقذرك ،
وقال البغوي في تفسيره ( 336/3) " ..فقضاء التفث : إزالة هذه الأشياء ، ليقضوا تفثهم ،أي : ليزيلوا أدرانهم ،
وبين ابن عطية في تفسيره ( 119/4) أن التفث هو مايصنعه المحرم عند حله من تقصير شعر وحلقه وإزالة شعث ونحوه من إقامة الخمس من الفطرة ،حسب الحديث وفي ضمن ذلك قضاءجميع مناسكه إذ لا يقضى التفث إلا بعد ذلك ،
وأجد أن الإمام ابن عاشور في تفسيره ( 249/17) يلتفت إلى دلالة معاني الحروف في اختياره للقول الثالث من الأقوال الآنفة ، وله وجاهه في ذلك ، فيقول :" وعندي أن فعل ليقضوا ينادى على أن التفث عمل من أعمال الحج وليس وسخا ظفرا ولا شعرا، ويؤيده ماروي عن ابن عمر وابن ابي عباس آنفًا ، وأن موقع " ثم " في عطف جملة الأمر على ماقبلها، ينادي على معنى التراخي الرتبي فيقتضي أن المعطوف ب " ثم " أهم مما ذكر قبلها ، فإن أعمال الحج هي المهم في الإتيان إلى مكة ،فلا جرم أن التفت هو من مناسك الحج ،وهذا الذي درج عليه الحريري في قوله في المقامة المكية :
فلما قضيت بعون الله التفث
واستبحت الطيب والرفث،انتهى،
كما أن دلالة كلمة قضاء تنصرف إلى أعمال مشروعة محددة ،وليس إلى إزالة أوساخ وأقذار.
تعليق عام:
- أرجو مراجعة التعليقات العامة على الأخت إنشاد راجح في المشاركة السابقة، والتعليقات العامة هنا:
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...47&postcount=8
ويضاف عليهم:
- الاجتهاد في صياغة توجيه الأقوال وبيان الراجح أو وجه الجمع بين الأقوال بأسلوبك، دون النقل عن المفسرين، إلا فيما تقتضيه الحاجة وبعد الصياغة بأسلوبك، خاصة وأنك تنقل في بعض الأحيان ترجيحات مختلفة عن المفسرين فلا يظهر اختيارك وشخصيتك في التحرير.
- أحيانًا يكون لديك خطأ في فهم أقوال العلماء والخلط بين أقوالهم، مثال لذلك خلطك بين قول الزجاج وأبي عبيدة ( التفصيل أدناه )، والأمر يحتاج للدقة في قراءة أقوالهم، وربما تجد في أقوال من نقل عنهم، شرح لأقوالهم.
مثلا قول الزجاج، نقله عنه أبو جعفر النحاس في معاني القرآن وفي نقله توضيح له.

تصحيح التطبيق الأول:
- الرواية التي جاءت في رأس السؤال: " السكر: النبيذ"، دون أي زيادة أخرى، وتخريجها: رواه ابن جرير الطبري في تفسيره من طريق مجالد عن الشعبي، ثم نذكر بقية الروايات التي وردت عن الشعبي مع ذكر نصها.
- السبب في التفريق هو أن الرواية " محل البحث " مشكلة، لأن النبيذ منه ما يسكر ومنه ما لا يسكر، وسُمي النبيذ من " النبذ " أي إلقاء الثمار في شراب فينقع مدة ثم يُشرب، فإذا طالت هذه المدة لدرجة معينة وصل إلى حد الإسكار، ويحرم حينئذ، أما قبل ذلك فلا.
- الحكم على الآثار لا يكون من خلال معرفة حال القائل فقط، وإنما يُنظر للإسناد كاملا، وفي هذه الدورة لا يؤاخذ الطالب إلا بما درسه، مثلا طبقات الرواة عن المفسرين.
- عزو الأقوال يكون من خلال الاطلاع لمصدر أصيل، وليس ناقلا.
مثال: القول الأول نقلت العزو من تفسير الثعلبي، والصواب نقله من التفاسير المسندة، ولا يلزمك تخريج جميع الأقوال، فقط القول المطلوب في رأس السؤال.
- القول الثاني نسبته لأبي عبيدة والزجاج، وهذا غير صحيح، فالزجاج اعترض على أبي عبيدة ولم يوافقه.
أبو عبيدة احتج ببيت الشعر " جعلت أعراض الكرام سكرًا " وقال أي: طعمًا.
ومعنى كلام الزجاج أن البيت فيها حجة على أن " سَكر " بمعنى خمرًا، لأن المراد جعلوا يتخمرون بأعراض الكرام.
- القول بالنسخ ينبغي أن يفصل عن تحديد المراد بكلمة " سكرًا " لأن القائلين به " فرقة " ممن قالوا بأن السَّكر هو الخمر.
ومكي بن أبي طالب وابن عطية لم يرجحا بأن السّكر هو الطعم، بل على العكس.
مكي بن أبي طالب قدم القول بأنه الخمر ونقل قول أبي عبيدة.
وابن عطية قدّم تحرير المسألة بقوله: " السّكر ما يسكر، هذا هو المشهور في اللغة"
وإنما بينوا أنه حتى على القول بأن المراد به الخمر، فالآية غير منسوخة لأن توجيه هذا القول أنها جاءت على سبيل الإخبار، وأنها نزلت قبل تحريم الخمر.

تصحيح التطبيق الثاني:
التخريج:
- قول ابن سيرين أخرجه أبو نعيم أيضًا في معرفة الصحابة وهذا إسناده، قال:
7 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ أَشْعَثُ أَخْبَرَنَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «هُمُ الَّذِينَ صَلَّوُا الْقِبْلَتَيْنِ»
فيكون التخريج:
رواه ابن جرير الطبري وأبو نعيم في معرفة الصحابة من طريق هشيم عن أشعث عن ابن سيرين.
- رواية ابن جرير الطبري عن ابن عون عن ابن سيرين فيها زيادة " المهاجرون الأولون "
- وابن أبي حاتم ذكر قول ابن سيرين من دون إسناد.
- عامر هو الشعبي " عامر بن شراحيل الشعبي "
* تحرير الأقوال:
جميع ما ذكرت يدخل تحت القول بأنهم بعض المهاجرين والأنصار مع الاختلاف في تحديد درجة السبق وهذا على القول بأن " من " في قوله تعالى: {من المهاجرين والأنصار} تبعيضية، ذكر ذلك محمد عبد الخالق عضيمة في دراسات لأسلوب القرآن الكريم، ويكون المراد بالذين اتبعوهم بإحسان هم سائر الصحابة والتابعين.
وهناك قول آخر بأن " من " بيانية ويكون المراد بالسابقين الأولين جميع المهاجرين والأنصار، وهذا القول مروي عن محمد بن كعب القرظي، ويكون " الذين اتبعوهم بإحسان " هم التابعين، ومن بعدهم بشرط " الإحسان ".
كذلك تحديد كون الصفة مقيدة أو كاشفة.
ويوضحه قول الشيخ عبد العزيز الداخل التالي:
اقتباس:
الصحيح أنّ من بيانية على القولين [أي القول بأنهم جميع الصحابة، أو القول بتخصيص بعضهم] ، لكن هل السابقون الأولون هم جميع المهاجرين والأنصار أو بعضهم ؟ هذه مسألة تعرف ببيان المراد بالصفة هل هي كاشفة أو مقيّدة؟
فإذا قيل بأنها كاشفة فجميع المهاجرين والأنصار سابقون أولون، وهذا صحيح باعتبار سائر الأمة، ويكون معنى {والذين اتبعوهم} أي اتبعوا الصحابة من المهاجرين والأنصار.
وعلى القول بأنها صفة مقيّدة فالسابقون الأولون هم أئمة المهاجرين والأنصار الذين سبقوا إلى الإسلام ثم تذكر الأقوال في تعيينهم بالوصف
والقولان صحيحان لا تعارض بينهما؛ فالصحابة بالنسبة لسائر الأمة سابقون أولون، وبالنسبة لبعضهم البعض فمنهم سابق ومنهم لاحق
تصحيح التطبيق الثالث:

التخريج:
رواية الطبري فيها زيادة عن القدر الموجود في رأس السؤال.
وأما قول عطاء: " التفث: حلق الشعر وقطع الأظفار ".
بهذا القدر فقط، فقد رواه يحيى بن سلام البصري في تفسير القرآن قال: حدّثنا حمّادٌ، عن قيس بن سعدٍ، عن عطاءٍ قال: التّفث: حلق الشّعر وقطع الأظفار.

التقويم:
ب
بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir