3: تفسير قول الله تعالى: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13)} الإنسان.
تفسير قوله تعالى: (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا(11)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {فوقاهم اللّه شرّ ذلك اليوم ولقّاهم نضرةً وسرورًا} وهذا من باب التّجانس البليغ(فائدة لغوية) ، {فوقاهم اللّه شرّ ذلك اليوم} أي: آمنهم ممّا خافوا منه(معنى فوقاهم..)، {ولقّاهم نضرةً} أي: في وجوههم(متعلق النضرة)، {وسرورًا} أي: في قلوبهم(متعلق السرور). قاله الحسن البصريّ، وقتادة، وأبو العالية، والرّبيع بن أنسٍ. وهذه كقوله تعالى: {وجوهٌ يومئذٍ مسفرةٌ (38) ضاحكةٌ مستبشرةٌ} [عبس: 38، 39](تفسير بالقرآن). وذلك أنّ القلب إذا سرّ استنار الوجه(العلاقة بين النضرة والسرور)، قال كعب بن مالكٍ في حديثه الطّويل: وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا سرّ، استنار وجهه حتّى كأنّه قطعة قمر وقالت عائشة: دخل عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مسرورًا تبرق أسارير وجهه. الحديث)(الاستدلال على المعنى بحديث نبوي). [تفسير القرآن العظيم: 8/289-290]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} فلا يَحْزُنُهُمُ الفزَعُ الأَكْبَرُ، وتَتَلَقَّاهُمُ الملائكةُ {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ](متعلق فوقاهم)
{وَلَقَّاهُمْ}؛ أي: أَكْرَمَهم وأَعْطَاهُم (معنى لقاهم) {نَضْرَةً} في وُجوهِهم(متعلق النضرة)، {وَسُرُوراً} في قُلوبِهم(متعلق السرور)، فجَمَعَ لهم بينَ نَعيمِ الظاهرِ والباطنِ (العلاقة بين النضرة والسرور)). [تيسير الكريم الرحمن: 901]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (11-{فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} أيْ: دفَعَ عنهم شَرَّهُ بسببِ خَوْفِهم منه وإطعامِهم لوَجْهِه(معنى فوقاهم)+(علة الوقاية).
{وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً} أَعطاهُم بَدَلَ العُبوسِ في الكفارِ نَضرةً في الوُجوهِ وسُروراً في القلوبِ(معنى لقاهم)+ متعلق النضرة والسرور). والنَّضْرَةُ البَياضُ والنقاءُ في وُجوهِهِم مِن أَثَرِ النِّعْمَةِ(معنى النضرة). [زبدة التفسير: 579].
متعلق النضرة ومتعلق السرور. ك . س. ش.
العلاقة بين النضرة والسرور. س. ك.
فوقاهم ، ولقاهم. تجانس بليغ. ك
تفسير قوله تعالى: (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا(12).
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وجزاهم بما صبروا} أي: بسبب صبرهم أعطاهم ونوّلهم وبوّأهم (علة الجزاء){جنّةً وحريرًا} أي: منزلًا رحبًا، وعيشًا رغدًا ولباسًا حسنًا (وصف الجنة)
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة هشام بن سليمان الدّاراني قال: قرئ على أبي سليمان الدّارانيّ سورة: {هل أتى على الإنسان} فلمّا بلغ القارئ إلى قوله: {وجزاهم بما صبروا جنّةً وحريرًا} قال بما صبروا على ترك الشّهوات في الدّنيا، ثمّ أنشد:
كم قتيل بشهوةٍ وأسيرٌ = أفٍّ من مشتهي خلاف الجميل
شهوات الإنسان تورثه الذّل = وتلقيه في البلاء الطّويل)(بيان متعلق الصبر+ استشهاد باللغة). [تفسير القرآن العظيم: 8/290].
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا} (هم مرجع الضمير) على طاعةِ اللَّهِ، فعَمِلُوا ما أَمْكَنَهم منها، وعن مَعَاصِي اللَّهِ فتَرَكُوها، وعلى أقدارِ اللَّهِ الْمُؤْلِمَةِ، فلم يَتَسَخَّطُوها (متعلق الصبر) {جَنَّةً} جامعةً لكلِّ نَعيمٍ، سالمةً مِن كلِّ مُكَدِّرٍ ومُنَغِّصٍ(صفة بالجنة)، {وَحَرِيراً} كما قالَ تعالى: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ](تفسير بالقرآن).
ولعَلَّ اللَّهَ إنَّما خَصَّ الحريرَ؛ لأنه لِباسُهم الظاهرُ، الدالُّ على حالِ صاحبِه(علة تخصيص الحرير)). [تيسير الكريم الرحمن: 901]
تفسير قوله تعالى: (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا(13)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({متّكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسًا ولا زمهريرًا (13) ودانيةً عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلا].
يخبر تعالى عن أهل الجنّة وما هم فيه من النّعيم المقيم، وما أسبغ عليهم من الفضل العميم(معنى الإجمالي للآية) فقال: {متّكئين فيها على الأرائك} وقد تقدّم الكلام على ذلك في سورة "الصّافّات"، وذكر الخلاف في الاتّكاء: هل هو الاضطجاع، أو التّمرفق، أو التّربّع أو التّمكّن في الجلوس(الخلاف في معنى الإتكاء)؟ وأنّ الأرائك هي السّرر تحت الحجال(معنى الأرائك).
وقوله: {لا يرون فيها شمسًا ولا زمهريرًا} أي: ليس عندهم حرّ مزعجٌ(المراد بالشمس)، ولا بردٌ مؤلمٌ(المراد بالزمهرير)، بل هي مزاجٌ واحدٌ دائمٌ سرمديّ، {لا يبغون عنها حولا}(وصف مزاج الجنة) [الكهف: 108] ). [تفسير القرآن العظيم: 8/290]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ}، الاتِّكاءُ: التَّمَكُّنُ مِن الجلوسِ، في حالِ الرَّفاهِيَةِ والطُّمأنينةِ والراحةِ(معنى الإتكاء)، والأرائكُ هي السُّرُرُ التي عليها اللِّباسُ الْمُزَيَّنُ(معنى الأرائك)]
{لاَ يَرَوْنَ فِيهَا}؛ أي: في الجنَّةِ(مرجع الضمير)، {شَمْساً} يَضُرُّهم حَرُّها ، {وَلاَ زَمْهَرِيراً}؛ أي: برْداً شَديداً(معنى زمهريرا)، بل جَميعُ أوقاتِهم في ظِلٍّ ظليلٍ، لا حَرَّ ولا برْدَ، بحيثُ تَلْتَذُّ به الأجسادُ ولا تَتألَّمُ مِن حَرٍّ ولا بَرْدٍ(علة خلو الجنة من الشمس والزمهرير). [تيسير الكريم الرحمن: 901]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : -{مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} جَزَاهم (مرجع الضمير) جَنَّةً مُتَّكِئِينَ فيها على الأَسِرَّةِ التي عليها الكِلَلُ(معنى الأرائك)، {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} لا يَرَوْنَ في الجنَّةِ حَرَّ الشمسِ ولا بَرْدَ الزَّمْهَريرِ(علة عدم وجود الشمس والزمهرير)). [زبدة التفسير: 579]
مرجع الضمير" لايرون فيها" . س. ش.
المراد بالشمس والمراد بالزمهرير. ك. س
علة عدم وجود الشمس والزمهرير. س. ش.