دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 02:51 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي مجلس أداء التطبيق الثامن (المثال الثاني) من تطبيقات دورة مهارات التفسير

مجلس أداء التطبيق الثامن (المثال الثاني) من تطبيقات دورة مهارات التفسير
- الدرس التاسع: تحرير مسائل التفسير



تنبيه:
- نرجو مراجعة تصحيح التطبيق الخامس، واستدراك الملحوظات قبل أداء هذا التطبيق.
وفقكم الله.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 صفر 1440هـ/29-10-2018م, 03:02 PM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

اختلف العلماء في معنى الحفدة في قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة} (النحل 72) على أربعة أقوال:

القول الأول: الأعوان والخدم، وهو قول ابن عباس والحسن البصري ومجاهد وقتادة وعكرمة وطاووس وأبي مالك الأنصاري.

أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن وهب بن حبيبٍ الأسديّ، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ، سئل عن قوله: {بنين وحفدةً} قال: "من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشّاعر:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكفّهنّ أزمّة الأجمال"
وأما قول الحسن:
فقد رواه عبدالرزاق الصنعاني في تفسيره: عن ابن التيمي عن أبيه عن الحسن قال الحفدة الخدم
ورواه ابن جرير بقوله: حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن منصورٍ، عن الحسن، قال: "هم الخدم"
وأما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير من طرق كثيرة منها: ما رواه أيضا عبدالرحمن بن الحسن الهمذاني كلاهما من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بنين وحفدة يعني أنصارا وأعوانا وخدما.
وأما قول عكرمة فقد رواه ابن جرير من طرق كثيرة منها:
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدّام ".
- حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن حازم بن إبراهيم البجليّ، عن سماكٍ، عن عكرمة، قال: قال: " الحفدة: الخدّام "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن سلاّم بن سليمٍ، وقيسٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة قال: " هم الخدم ".
وأما قول طاووس فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا زمعة، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال: "الحفدة: الخدم ".
وأما قول أبي مالك فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: " الحفدة، قال: الأعوان "

وهذا القول هو أصل المعنى اللغوي للحفد كما قال أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث: (في حديث عمر رضي الله عنه في قنوت الفجر قوله: وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.
قوله: نحفد، أصل الحفد الخدمة والعمل، يقال: حفد يحفد حفدا وقال الأخطل: حفد الولائد حولهن وأسلمت بــأكـــفـــهـــن أزمــــــــــــة الأجــــــمــــــال
أراد خدمهن الولائد
وقال الشاعر: كــلــفـــت مـجـهـولــهــا نــــوقــــا يــمــانــيــة إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وأما المعروف في كلامهم فإن الحفد هو الخدمة، فقوله: نسعى ونحفد، هو من ذاك، يقول: إنا نعبدك ونسعى في طلب رضاك)
وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: (وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه
يقال في دعاء الوتر: وإليك نسعى ونحفد)
وقال أبو عبيد الهروي في الغريبين في القرآن والحديث: (وفي صفته صلى الله عليه وسلم (محفود محشود) فالمحفود: الذي يخدمه أصحابه ويعظمونه ويسرعون في طاعته ويقال: حفدت وأحفدت لغتان إذا خدمت ويقال: حافد وحفد مثل: خادم، وخدم وحافد، وحفدة مثل: كافر، وكفرة.
وحفد البعير إذا قارب خطوة. وفي حديث عمر ذكر له عثمان للخلافة فقال: (أخشى حفده) أي: حفوفه في مرضات أقاربه).
ولهذا القول شواهد من كلام المتقدمين:
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الحفَدُ عِنْدَ الْعَرَبِ الأَعوان، فَكُلُّ مِنْ عَمِلَ عَمَلًا أَطاع فِيهِ وَسَارَعَ فَهُوَ حَافِدٌ.
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ الْحَفَدَةُ الأَعوان.
ومن قال بهذا القول من المفسرين لأن العطف للتغاير، فيكون الحفد غير البنين، كما ذكر القسطلاني في إرشاد الساري.

القول الثاني: الولد وولد الولد، وهو قول ابن عباس وعكرمة وابن زيد والضحاك، ونسبه يحيى بن سلام إلى الحسن.
أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم - فيما نقله عنه ابن حجر في التغليق - كلاهما من طريق شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وحفدةً} قال: "هم الولد، وولد الولد"، وصصح هذا الإسناد ابن حجر في فتح الباري، وله طرق أخرى عند ابن جرير.
وأما قول عكرمة فقد رواه عبدالرزاق في تفسيره عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله تعالى بنين وحفدة قال الحفدة من يخدمك من ولدك وولد ولدك.
وأما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} قال: "الحفدة: الخدم من ولد الرّجل هم ولده، وهم يخدمونه، قال: وليس تكون العبيد من الأزواج، كيف يكون من زوجي عبدٌ؟ إنّما الحفدة: ولد الرّجل وخدمه "
وأما قول الضحاك فقد رواه ابن جرير في قوله: حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بنين وحفدةً} يعني: "ولد الرّجل يحفدونه ويخدمونه، وكانت العرب إنّما تخدمهم أولادهم الذّكور"

وعقب عليه الطيبي في حاشيته على الكشاف بقوله: "وذلك أن خدمتهم أصدق"
والطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير بقوله: "وَأُطْلِقَ عَلَى ابْنِ الِابْنِ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ أَنْ يَخْدِمَ جَدَّهُ لِضَعْفِ الْجَدِّ بِسَبَبِ الْكِبَرِ"
وابن عطية بقوله: "وهذا يستقيم على أن تكون الواو عاطفة صفة لهم، كما لو قال جعلنا لهم بنين وأعواناً أي وهم لهم أعوان، فكأنه قال: وهم حفدة"
وهو اختيار السمين الحلبي، فيكون معطوف على بنين بقيد كونه من الأزواج، وهو من باب عطف الصفاتِ لشيء واحد، أي: جَعَلَ لكم بنينَ خَدَماً،
وهو ترجيح ابن العربي أيضا كما نقل القرطبي، فيكون تقدير الآية على هذا: وجعل لكم من أزواجكم بنين ومن البنين حفدة.

القول الثالث: الأختان أو الأصهار، وهو قول عبدالله بن مسعود وابن عباس ومجاهد وأبي الضّحى وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير.

أما قول ابن مسعود فقد رواه ابن جرير من طرق كثيرة:
- منها ما صححه الحاكم في مستدركه وكلاهما من طريق أبو معاوية، قال: حدّثنا أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرٍو، عن ابن حبيشٍ، عن عبد اللّه: {بنين وحفدةً} قال: " الأختان "
- ومنها ما رواه عبدالرزاق كلاهما من طريق ابن عيينة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله بن مسعود أتدري ما الحفدة يا زر قال قلت نعم هم حفاد الرجل من ولده وولد ولده قال لا هم الأصهار، وعلق عليه الهيثمي في المجمع بأن عاصم بن أبي النّجود حسن الحديث وفيه ضعفٌ، وبقيّة رجاله رجال الصّحيح.
وأما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير من طريقين: من طريق عليّ بن أبي طلحة ومن طريق عكرمة:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " الأختان "
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وحفدةً} قال: " الأصهار "
وأما قول مجاهد فقد رواه مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ في جزء تفسير مسلم بن خالد قال: ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {بنين وحفدةً} قال: الحفدة: الأَخْتان.
وأما قول أبي الضحى فقد رواه ابن جرير: حدّثنا ابن بشّارٍ، وأحمد بن الوليد القرشيّ، وابن وكيعٍ، وسوّار بن عبد اللّه العنبريّ، ومحمّد بن خالد بن خداشٍ، والحسن بن خلفٍ الواسطيّ، قالوا: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، قال: " الحفدة: الأختان ".
وأما قول إبراهيم فقد رواه ابن جرير:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الأختان "

- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الختن "
وأما قول سعيد فقد رواه ابن جرير: حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الأختان "

وعلى هذا القول تكون حفدة منصوب بـ جعل مقدرة، كما ذكر السمين الحلبي: (وإنما احتيج إلى تقدير «جَعَلَ» لأنَّ «جَعَلَ» الأولى مقيدةٌ بالأزواج، والأعوانُ والأصهارُ ليسوا من الأزواج)
فيكون معنى الآية على هذا القول كما قال السمعاني في تفسيره: (وَجعل لكم من أزواجكم بَنِينَ وَبَنَات تزوجونهم؛ فَيحصل لكم بسببهم الْأخْتَان والأصهار).


وهي في كلام العرب كما قيل:
فلو أنَّ نفسي طاوَعَتْني لأصبحَتْ ... لها حَفَدٌ ممَّا يُعَدُّ كثيرُ
ولكنها نَفسٌ عليَّ أَبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لإِصهارِ اللِّئامِ قَذْوْرُ


وقد نقل النحاس الخلاف في تعريف الختن والصهر كما يلي:
(فقال محمد بن الحسن الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه والصهر من كان من قبل المرأة نحو أبيها وعمتها وخالها،
وقال ابن الأعرابي ضد هذا في الأختان والأصهار،
وقال الأصمعي الختن من كان من قبل المرأة مثل أبيها وأخيها وما أشبههما والأصهار منهما جميعا يقال أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر،
وقول عبد الله بن مسعود هم الأختان يحتمل المعنيين جميعا يجوز أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبه من أقربائها)


القول الرابع: هم بنو امرأة الرّجل من غيره، وهو قول ابن عباس، ونسبه الثعلبي في تفسيره إلى ابن زيد من غير إسناد، ونسبه ابن منظور في لسان العرب إلى الضحاك من غير إسناد.
أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} يقول: "بنو امرأة الرّجل ليسوا منه"
ويشهد لهذا القول ما ذكره ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن من أنها بمعنى عياله في لغة قريش.

الدراسة:
أن جميع الأقوال داخلة في معنى الحفد، فيمكن القول بها جميعا، كما نقل غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: (كل من أسرع في حاجتك، فهو حافد، قرابة كان أو غير قرابة)، وهو ترجيح ابن جرير بإشارته أن الخدمة قد تكون من الأولاد والخدم والأصهار، والنعمة حاصلة بهذا كله، واختار ذلك ابن حجر في فتح الباري بتعقيبه على قول الطبري: (وهذا أجمع الأقوال).

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 ربيع الأول 1440هـ/11-11-2018م, 02:14 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
Arrow

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيثم محمد مشاهدة المشاركة
اختلف العلماء في معنى الحفدة في قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة} (النحل 72) على أربعة أقوال:

القول الأول: الأعوان والخدم، وهو قول ابن عباس والحسن البصري ومجاهد وقتادة وعكرمة وطاووس وأبي مالك الأنصاري.

أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن وهب بن حبيبٍ الأسديّ، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ، سئل عن قوله: {بنين وحفدةً} قال: "من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشّاعر:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكفّهنّ أزمّة الأجمال"
وأما قول الحسن:
فقد رواه عبدالرزاق الصنعاني في تفسيره: عن ابن التيمي عن أبيه عن الحسن قال الحفدة الخدم
ورواه ابن جرير بقوله: حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن منصورٍ، عن الحسن، قال: "هم الخدم"
وأما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير من طرق كثيرة منها: ما رواه أيضا عبدالرحمن بن الحسن الهمذاني كلاهما من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بنين وحفدة يعني أنصارا وأعوانا وخدما.
وأما قول عكرمة فقد رواه ابن جرير من طرق كثيرة منها:
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدّام ".
- حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن حازم بن إبراهيم البجليّ، عن سماكٍ، عن عكرمة، قال: قال: " الحفدة: الخدّام "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن سلاّم بن سليمٍ، وقيسٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة قال: " هم الخدم ".
[ هنا الراوي الذي تدور عليه هذه الأسانيد الثلاثة " سماك "، وأصل الإسناد " سماك عن عكرمة " ]
وأما قول طاووس فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا زمعة، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال: "الحفدة: الخدم ".
وأما قول أبي مالك فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: " الحفدة، قال: الأعوان "
[ بعض من ذكرت خصص الخدمة من الأولاد، راجع بعض الروايات عن عكرمة ومجاهد؛ فيتنبه لذلك ]
وهذا القول هو أصل المعنى اللغوي للحفد كما قال أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث: (في حديث عمر رضي الله عنه في قنوت الفجر قوله: وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.
قوله: نحفد، أصل الحفد الخدمة والعمل، يقال: حفد يحفد حفدا وقال الأخطل: حفد الولائد حولهن وأسلمت بــأكـــفـــهـــن أزمــــــــــــة الأجــــــمــــــال
أراد خدمهن الولائد
وقال الشاعر: كــلــفـــت مـجـهـولــهــا نــــوقــــا يــمــانــيــة إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وأما المعروف في كلامهم فإن الحفد هو الخدمة، فقوله: نسعى ونحفد، هو من ذاك، يقول: إنا نعبدك ونسعى في طلب رضاك)
وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: (وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه
يقال في دعاء الوتر: وإليك نسعى ونحفد)
وقال أبو عبيد الهروي في الغريبين في القرآن والحديث: (وفي صفته صلى الله عليه وسلم (محفود محشود) فالمحفود: الذي يخدمه أصحابه ويعظمونه ويسرعون في طاعته ويقال: حفدت وأحفدت لغتان إذا خدمت ويقال: حافد وحفد مثل: خادم، وخدم وحافد، وحفدة مثل: كافر، وكفرة.
وحفد البعير إذا قارب خطوة. وفي حديث عمر ذكر له عثمان للخلافة فقال: (أخشى حفده) أي: حفوفه في مرضات أقاربه).
ولهذا القول شواهد من كلام المتقدمين:
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الحفَدُ عِنْدَ الْعَرَبِ الأَعوان، فَكُلُّ مِنْ عَمِلَ عَمَلًا أَطاع فِيهِ وَسَارَعَ فَهُوَ حَافِدٌ.
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ الْحَفَدَةُ الأَعوان.
ومن قال بهذا القول من المفسرين لأن العطف للتغاير، فيكون الحفد غير البنين، كما ذكر القسطلاني في إرشاد الساري.
[ ويكون الإشكال هنا كيف يكون من الأزواج حفدة بمعنى الخدم والأعوان؛ فمن قال أنها الخدم والأعوان من الأولاد؛ فهو ظاهر، ومن قال الخدم والأعوان عمومًا قدّر " جعل " فيكون المعنى وجعل لكم من أزواجكم بنين، وجعل لكم حفدة ]

القول الثاني: الولد وولد الولد، وهو قول ابن عباس وعكرمة وابن زيد والضحاك، ونسبه يحيى بن سلام إلى الحسن.
أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم - فيما نقله عنه ابن حجر في التغليق - كلاهما من طريق شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وحفدةً} قال: "هم الولد، وولد الولد"، وصصح هذا الإسناد ابن حجر في فتح الباري، وله طرق أخرى عند ابن جرير.
وأما قول عكرمة فقد رواه عبدالرزاق في تفسيره عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله تعالى بنين وحفدة قال الحفدة من يخدمك من ولدك وولد ولدك.
وأما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} قال: "الحفدة: الخدم من ولد الرّجل هم ولده، وهم يخدمونه، قال: وليس تكون العبيد من الأزواج، كيف يكون من زوجي عبدٌ؟ إنّما الحفدة: ولد الرّجل وخدمه "
وأما قول الضحاك فقد رواه ابن جرير في قوله: حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بنين وحفدةً} يعني: "ولد الرّجل يحفدونه ويخدمونه، وكانت العرب إنّما تخدمهم أولادهم الذّكور"

وعقب عليه الطيبي في حاشيته على الكشاف بقوله: "وذلك أن خدمتهم أصدق"
والطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير بقوله: "وَأُطْلِقَ عَلَى ابْنِ الِابْنِ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ أَنْ يَخْدِمَ جَدَّهُ لِضَعْفِ الْجَدِّ بِسَبَبِ الْكِبَرِ"
وابن عطية بقوله: "وهذا يستقيم على أن تكون الواو عاطفة صفة لهم، كما لو قال جعلنا لهم بنين وأعواناً أي وهم لهم أعوان، فكأنه قال: وهم حفدة"
وهو اختيار السمين الحلبي، فيكون معطوف على بنين بقيد كونه من الأزواج، وهو من باب عطف الصفاتِ لشيء واحد، أي: جَعَلَ لكم بنينَ خَدَماً،
وهو ترجيح ابن العربي أيضا كما نقل القرطبي، فيكون تقدير الآية على هذا: وجعل لكم من أزواجكم بنين ومن البنين حفدة.

القول الثالث: الأختان أو الأصهار، وهو قول عبدالله بن مسعود وابن عباس ومجاهد وأبي الضّحى وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير.

أما قول ابن مسعود فقد رواه ابن جرير من طرق كثيرة:
- منها ما صححه الحاكم في مستدركه وكلاهما من طريق أبو معاوية، قال: حدّثنا أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرٍو، عن ابن حبيشٍ، عن عبد اللّه: {بنين وحفدةً} قال: " الأختان "
- ومنها ما رواه عبدالرزاق كلاهما من طريق ابن عيينة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله بن مسعود أتدري ما الحفدة يا زر قال قلت نعم هم حفاد الرجل من ولده وولد ولده قال لا هم الأصهار، وعلق عليه الهيثمي في المجمع بأن عاصم بن أبي النّجود حسن الحديث وفيه ضعفٌ، وبقيّة رجاله رجال الصّحيح.
وأما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير من طريقين: من طريق عليّ بن أبي طلحة ومن طريق عكرمة:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " الأختان "
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وحفدةً} قال: " الأصهار "
وأما قول مجاهد فقد رواه مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ في جزء تفسير مسلم بن خالد قال: ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {بنين وحفدةً} قال: الحفدة: الأَخْتان.
وأما قول أبي الضحى فقد رواه ابن جرير: حدّثنا ابن بشّارٍ، وأحمد بن الوليد القرشيّ، وابن وكيعٍ، وسوّار بن عبد اللّه العنبريّ، ومحمّد بن خالد بن خداشٍ، والحسن بن خلفٍ الواسطيّ، قالوا: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، قال: " الحفدة: الأختان ".
وأما قول إبراهيم فقد رواه ابن جرير:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الأختان "

- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الختن "
وأما قول سعيد فقد رواه ابن جرير: حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الأختان "

وعلى هذا القول تكون حفدة منصوب بـ جعل مقدرة، كما ذكر السمين الحلبي: (وإنما احتيج إلى تقدير «جَعَلَ» لأنَّ «جَعَلَ» الأولى مقيدةٌ بالأزواج، والأعوانُ والأصهارُ ليسوا من الأزواج)
فيكون معنى الآية على هذا القول كما قال السمعاني في تفسيره: (وَجعل لكم من أزواجكم بَنِينَ وَبَنَات تزوجونهم؛ فَيحصل لكم بسببهم الْأخْتَان والأصهار).


وهي في كلام العرب كما قيل:
فلو أنَّ نفسي طاوَعَتْني لأصبحَتْ ... لها حَفَدٌ ممَّا يُعَدُّ كثيرُ
ولكنها نَفسٌ عليَّ أَبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لإِصهارِ اللِّئامِ قَذْوْرُ


وقد نقل النحاس الخلاف في تعريف الختن والصهر كما يلي:
(فقال محمد بن الحسن الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه والصهر من كان من قبل المرأة نحو أبيها وعمتها وخالها،
وقال ابن الأعرابي ضد هذا في الأختان والأصهار،
وقال الأصمعي الختن من كان من قبل المرأة مثل أبيها وأخيها وما أشبههما والأصهار منهما جميعا يقال أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر،
وقول عبد الله بن مسعود هم الأختان يحتمل المعنيين جميعا يجوز أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبه من أقربائها)


القول الرابع: هم بنو امرأة الرّجل من غيره، وهو قول ابن عباس، ونسبه الثعلبي في تفسيره إلى ابن زيد من غير إسناد، ونسبه ابن منظور في لسان العرب إلى الضحاك من غير إسناد.
أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} يقول: "بنو امرأة الرّجل ليسوا منه"
ويشهد لهذا القول ما ذكره ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن من أنها بمعنى عياله في لغة قريش.

الدراسة:
أن جميع الأقوال داخلة في معنى الحفد، فيمكن القول بها جميعا، كما نقل غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: (كل من أسرع في حاجتك، فهو حافد، قرابة كان أو غير قرابة)، وهو ترجيح ابن جرير بإشارته أن الخدمة قد تكون من الأولاد والخدم والأصهار، والنعمة حاصلة بهذا كله، واختار ذلك ابن حجر في فتح الباري بتعقيبه على قول الطبري: (وهذا أجمع الأقوال).

التقويم: أ+
أحسنت وتميزت، بارك الله فيك، ونفع بك.
أرجو مراجعة الملحوظات أثناء الاقتباس، ويمكنك دراسة أقوال العلماء جيدًا واستخراج ما بها من حجج، ثم التعبير عنها بأسلوبك لئلا تكثر النسخ عنهم وتظهر شخصيتك أكثر في التحرير.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 ربيع الثاني 1440هـ/16-12-2018م, 08:39 PM
رقية إبراهيم عبد البديع رقية إبراهيم عبد البديع غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 312
افتراضي

تحرير القول في معنى الحفدة:
في المسألة عدة أقوال:
القول الأول: أنهم الأعوان والخدم. قاله مالك والحسن وابن عباس وعكرمة.
التخريج:
أما قول مالك فرواه ابن وهب المصري، وأما قول الحسن فرواه عبد الرزاق الصنعاني عن ابن التيمي عن أبيه عنه، وأما قول ابن عباس فرواه الطبري من طريق أبي حمزة ومن طريق عكرمة عنه، وأما قول عكرمة فرواه الطبري بسنده عن سماكٍ وعن حصين وعن الحكم بن أبان، عن عكرمة.
القول الثاني: من يخدمك من ولدك وولد ولدك. قاله عكرمة، وقال ابن عباس: من ولد الرجل، وقال مجاهد: " ابنه وخادمه "، وقال ابن زيد: " الحفدة: الخدم من ولد الرّجل هم ولده، وهم يخدمونه، قال: وليس تكون العبيد من الأزواج، كيف يكون من زوجي عبدٌ؟ إنّما الحفدة: ولد الرّجل وخدمه "، وعن الضحاك قريبا منه.
التخريج:
أما قول عكرمة فرواه عبد الرزاق الصنعاني، وأما قول ابن عباس فرواه البخاري، و وصله الطّبريّ من طريق سعيد بن جبيرٍ، وأخرجه ابن أبي حاتم بسنده عن أبي بشر عن سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عبّاس، ورواه الطّبريّ من طريق سعيد بن جبير عن ابن عبّاس في قوله: {بنين وحفدة} قال: الولد وولد الولد
وأخرج الطبري بسنده ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " بنوك حين يحفدونك، ويرفدونك، ويعينونك، ويخدمونك "
وهناك قولٌ أخرجه من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ قال الحفدة والأصهار
وأما قول مجاهد فرواه الطبري بأسانيد من طريق ابن أبي نجيح عنه بألفاظ متقاربة.
وأما قول ابن زيد فأخرجه الطبري عن يونس عن ابن وهب عنه.
وأما قول الضحاك فأخرجه الطبري عن الحسين بن الفرج، عن أبي معاذٍ، عن عبيد بن سليمان عنه.
القول الثالث: هم الأصهار. قول ابن مسعود، وابن عباس، وأبو الضحى، وإبراهيم، وسعيد ابن جبير
التخريج:
أما قول ابن مسعود فرواه عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن زر بن حبيش عن ابن مسعود، وأخرجه الطبري عن عاصم عن ورقاء عنه، وعن عاصم عن زر بن حبيش عنه، وأخرجه ابن حجر عن ابن عباس من طريق عكرمة
وأما قول ابن عباس فأخرجه الطبري بسنده عن عكرمة وعلي عن ابن عباس
وأما قول أبي الضحى فأخرجه الطبري عن ابن بشّارٍ، وأحمد بن الوليد القرشيّ، وابن وكيعٍ، وسوّار بن عبد اللّه العنبريّ، ومحمّد بن خالد بن خداشٍ، والحسن بن خلفٍ الواسطيّ، قالوا: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى.
وأما قول إبراهيم فأخرجه الطبري عن ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن المغيرة، عن إبراهيم، وعن جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم.
وأما قول سعيد ابن جبير فأخرجه الطبري عن أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ
القول الرابع: هم بنو امرأة الرّجل. مروي عن ابن عباس
التخريج:
أخرجه الطبري من طريق العوفيّ عن ابن عباس
القول الخامس: الحفدة البنون وبنو البنين ومن أعانك من أهلٍ أو خادمٍ فقد حفدك. مروي عن الحسن
التخريج:
أما قول الحسن فأخرجه الطبري من طريق محمد بن خالد بسنده عن الحسن



الدراسة:
يتبين لنا أن أجمع الأقوال هو القول الأخير، فهو شامل لجميع أقوال السلف، فالآية تحتملها جميعا؛ إذ إن حمل اللفظ على عمومه أولى، حيث لم يوجد دليل على التخصيص.
قال ابن حجر: "وهذا أجمع الأقوال وبه تجتمع وأشار إلى ذلك الطّبريّ وأصل الحفد مداركة الخطو والإسراع في المشي فأطلق على من يسعى في خدمة الشّخص ذلك"
قال الطبري: "والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّ اللّه تعالى أخبر عباده معرّفهم نعمه عليهم، فيما جعل لهم من الأزواج والبنين، فقال تعالى: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} فأعلمهم أنّه جعل لهم من أزواجهم بنين وحفدةً، والحفدة في كلام العرب: جمع حافدٍ، كما الكذبة: جمع كاذبٍ، والفسقة: جمع فاسقٍ، والحافد في كلامهم: هو المتخفّف في الخدمة والعمل، والحفد: خفّة الرجل العمل، يقال: مرّ البعير يحفد حفدانًا: إذا مرّ يسرع في سيره ومنه، قولهم: " إليك نسعى ونحفد ": أي نسرع إلى العمل بطاعتك، يقال منه: حفد له يحفد حفدًا وحفودًا وحفدانًا، ومنه قول الرّاعي:
كلّفت مجهولها نوقًا يمانيةً = إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وإذ كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنّهم المسرعون في خدمة الرّجل المتخفّفون فيها، وكان اللّه تعالى ذكره أخبرنا أنّ ممّا أنعم به علينا أن جعل لنا حفدةً تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الّذين يصلحون للخدمة منّا ومن غيرنا، وأختاننا الّذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا، وخدمنا من مماليكنا، إذا كانوا يحفدوننا فيستحقّون اسم حفدةً، ولم يكن اللّه تعالى دلّ بظاهر تنزيله ولا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ولا بحجّة عقلٍ، على أنّه عنى بذلك نوعًا من الحفدة دون نوعٍ منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا، لم يكن لنا أن نوجّه ذلك إلى خاصٍّ من الحفدة دون عامٍ، إلاّ ما اجمعت الأمّة عليه أنّه غير داخلٍ فيهم.
وإذا كان ذلك كذلك فلكلّ الأقوال الّتي ذكرنا عمّن ذكرنا وجهٌ في الصّحّة، ومخرجٌ في التّأويل، وإن كان أولى بالصّواب من القول ما اخترنا لما بيّنّا من الدّليل"
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
"وهذه الفرق التي ذكرت أقوالها إنما بنت على أن كل أحد جعل له من أزواجه بنين وحفدة، وهذا إنما هو في الغالب وعظم الناس، ويحتمل عندي أن قوله: {من أزواجكم} إنما هو على العموم والاشتراك، أي: من أزواج البشر جعل الله لهم البنين، ومنهم جعل الخدمة، فمن لم يكن له زوجة فقد جعل الله له حفدة وحصل تلك النعمة، وأولئك الحفدة هم من الأزواج، وهكذا تترتب النعمة التي تشمل جميع العالم، وتستقيم لفظة "الحفدة" على مجراها في اللغة، إذ البشر بجملتهم لا يستغني أحد منهم عن حفدة. وقالت فرقة: الحفدة هم البنون."
وقال ابن كثير: "فمن جعل {وحفدةً} متعلّقًا بأزواجكم فلا بدّ أن يكون المراد الأولاد، وأولاد الأولاد، والأصها ر؛ لأنّهم أزواج البنات، وأولاد الزّوجة، وكما قال الشّعبيّ والضّحّاك، فإنّهم غالبًا يكونون تحت كنف الرّجل وفي حجره وفي خدمته. وقد يكون هذا هو المراد من قوله [عليه الصّلاة] والسّلام في حديث بصرة بن أكثم: "والولد عبدٌ لك" رواه أبو داود.
وأمّا من جعل الحفدة هم الخدم فعنده أنّه معطوفٌ على قوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} أي: وجعل لكم الأزواج والأولاد"

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 4 جمادى الآخرة 1440هـ/9-02-2019م, 02:53 PM
عائشة إبراهيم الزبيري عائشة إبراهيم الزبيري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 328
افتراضي

تحرير معنى "ضريع" في قول الله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}

اختلف العلماء في معنى (ضريع) على أقوال:
القول الأول: أن الضريع نبت يقال له الشبرق، وهو قول الجمهور قال به عكرمة ومجاهد وقتادة وشريك بن عبد الله وابن زيد، والخليل بن أحمد، والفراء، وأبو عبيدة، وأبو عبيد القاسم، والحسن السكري، وابن قتيبة الدينوري، ومعمر بن مثنى، ونقل عن أبو حنيفة الدينوري، وقال به كذلك الزجّاج، والأنباري، والسجستاني، وغلام ثعلب، وأبو منصور الأزهري، والفارابي، ابن فارس، ومكي بن أبي طالب، والزمخشري، والطيبي، وابن حيان الأندلسي، والزبيدي، وابن عاشور.
وقد روي هذا القول عن ابن عباس.
وذكره ابن جرير الطبري وهو قوله الذي صدر به المسألة، وذكره الثعلبي ومكي بن طالب والماوردي والجوزي والقرطبي ورجحه، وذكره ابن دريد الأزدي، وابن سيده، والراغب الأصفهاني، وابن منظور، والسمين الحلبي،

التخريج:
-أما قول عكرمة فقد رواه ابن جرير من طريق محمد بن سليمان عن عبد الرحمن الأصفهاني عن عكرمة، وقد اختلف في محمد بن سليمان بين قولهم أنه صدوق وبين تضعيفه، وقد رواه ابن جرير من طريق آخر فيه رجل مجهول من عبد قيس.
-أما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وقد رواه من طريق آخر وهو طريق ليث عن مجاهد وهو ضعيف لضعف ليث.
-أما قول قتادة فقد رواه ابن جرير من طريق ابن ثور عن معمر عن قتادة.
-وأما قول شريك بن عبد الله فقد رواه ابن جرير من طريق محمد بن عبيد.
-وأما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير من طريق يونس عن وهب عن ابن زيد.
-أما ما روي عن ابن عباس فقد رواه ابن جرير من طريق محمد بن سعد العوفي وعائلته الضعفاء.

والشبرق هو نبت ذو شوك إذا كان رطباً فهو شبرق وإذا جفّ ويبس كان ضريع كما يسميه أهل الحجاز، ومنهم من سّمي يابس الضريع بالشبرق عكس ما سبق.
وَهُوَ مرعى سوء، لَا تعقد عَلَيْهِ السَّائِمَة شحما وَلَا لَحْمًا، وَإِن لم تُفَارِقهُ إِلَى غَيره ساءت حَالهَا، وقيل أنه إذا جفّ تبتعد عنه الأبل بعدما كانت ترعاه وهو رطب لأنه سم قاتل، كما قال أبو ذئيب:
رَعَى الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى إِذَا ذَوَى ... وَصَارَ ضَرِيعًا بَانَ عَنْهُ النَّحَائِصُ
وكذلك قال ابن عيزارة الهذليّ وهو يذكر إبلاً وسوء مرعاها:
وحبسن في هزم الضّريع فكلّها ... حدباء دامية اليدين حرود
فالضريع بالنسبة للكفار في النار كما هي بالنسبة للسائمة تأكل ما لا يشبعها ولا يقوي جسدها، أو أن حالهم كحال من قوته الضريع من الجوع.
والضريع من الضَّرَع والضارع، الذي إما بمعنى الضعيف، أو بمعنى الهزيل النحيف، فهو نحيف وهزيل في نفسه، ويلحق هذا الوصف من اكله، ومنه قول النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في ولدي جعفر بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنهم-:«ما لي أراهما ضارعين». يريد هزيلين، فهو ضريع مضرع من فعيل مفعل، أي: مضعف للبدن مهزل، وهو كقول عمرو بن معديكرب:
أمن ريحانة الدّاعي السّميع ....... يؤرّقني وأصحابي هجوع
يريد المسمع.
ومنهم من يقول بأن الضريع هو العوسج الرطب، وإذا يبس سميّ عوسجاً، وقد قال ابن قتيبة الدينوري في غريب الحديث: (وَقَالَ الهذلى أَيْضا: من الطَّوِيل
.. ترى الْقَوْم صرعى جثوَة أضجعوا مَعًا ... كَأَن بِأَيْدِيهِم حَوَاشِي شبرق ...
وَفِي الشبرق حمرَة فَشبه الدَّم بِهِ.)، وهذا الوصف للشبرق بأن فيه حمرة ينطبق على العوسج، فلعل الشبرق والعوسج اسمان لنبت واحد.
ومنهم من يسميه العرفج أو الخلة، وجميعها أسماء لنباتات لها نفس الوصف من الجفاف واحتوائها على الشوك.
وهناك من عمّم وقال بأنه يبيس كل شجر كما نقل عن ابن عباد، فقد قال: (يَبيسُ كلِّ شَجرَةٍ، وخَصَّه بعضُهُم بيبيسِ العَرْفَجِ والخُلَّةِ.) فهو جعل العموم هو الأصل، وجعل تفسير التابعين له بالشبرق من باب التفسير بالمثال على قوله، وأما على القول بالتخصيص فيكون المراد هذا النوع من النبات خصوصاً.


القول الثاني: أن الضريع هو وصف لحال من يأكله من الذلة والهوان، فيضرع ويذل من يأكله، فيكون مُشْتَقًّا مِنَ الضَّارِعِ، وَهُوَ الذَّلِيلُ، أَيْ ذُو ضَرَاعَةٍ، فمَنْ شَرِبَهُ ذَلِيلٌ تَلْحَقُهُ ضَرَاعَةٌ، ويقال أضرعته أي: ذللته، قال بهذا القول أبو جعفر النحاس، وذكره مكي بن طالب، والقرطبي، وذُكر عن الحسن.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنَ الضَّارِعِ، وَهُوَ الذَّلِيلُ، أَيْ ذُو ضَرَاعَةٍ، أَيْ مَنْ شَرِبَهُ ذَلِيلٌ تَلْحَقُهُ ضَرَاعَةٌ
قال السمين الحلبي: (وقيل: نبتٌ يُشبه العَوْسَج. والضَّراعةُ: الذِّلَّةُ والاستكانةُ مِنْ ذلك.)

التخريج:
-أما ما ذكر عن الحسن ذكره مكي بن أبي طالب عن الحسن البصري ولم أجد من أسنده له بل وقد نقل الثعلبي عن عمرو بن عبيد أن الحسن لم يقل شيئاً في الضريع إلا أنه قال: هو بعض ما أخفى الله من العذاب، والله أعلم.

ولعل هذا القول هو كتفسير لسبب تسمية الضريع بهذا الاسم، فإما يكون سبب التسمية لأنه ضعيف وهزيل ويلحق من اقتات به هذا الوصف، فهو ضعف معنوي كما ذكرت في القول الأول، وإما يكون سبب التسمية لأنه يلحق من اقتات عليه الذلة الهوان، وهو الضعف المعنوي، ولا مانع من الجمع بين القولين، فالضريع ضعيف يضعف ويسبب الذلة والهوان لمن أكله؛ لأنه لا يسمن ولا يغني من جوع، فيضطر آكله إلى أن يذل ويهان بسبب طلبه للطعام الذي يسمن ويغني من جوع ممن يملكه، كما قال تعالى: (وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) (الأعراف:50).


القول الثالث: هُوَ طَعَامٌ يَضْرَعُونَ عِنْدَهُ وَيَذِلُّونَ، وَيَتَضَرَّعُونَ مِنْهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، طَلَبًا لِلْخَلَاصِ مِنْهُ، قال بهذا القول ابن كيسان، وابن بحر، وذكره الثعلبي ومكي بن طالب والجوزي والقرطبي.
قال الثعلبي: (وقال ابن كيسان: هو طعام يضرعون منه ويذلّون ويتضرّعون إلى الله سبحانه، وعلى هذا التأويل يكون المعنى المضرّع)

التخريج:
-أما قول ابن كيسان فقد ذكره الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان.
-أما قول ابن بحر فقد ذكره مكي بن أبي طالب في النكت والعيون.

فَسُمِّيَ الضريع بِذَلِكَ، لِأَنَّ آكِلَهُ يَضْرَعُ فِي أَنْ يُعْفَى مِنْهُ ومن تناوله؛ لِكَرَاهَتِهِ وَخُشُونَتِهِ، فهو يريد الفكاك من هذا الطعام فيتضرع إلى الله ليتخلص منه، ولكن ليس لهم إلا هذا الطعام، كما قال تعالى: (ليس لهم طعام إلا من ضريع)، فهي من ضَرَعَ الرجل أي: ضعف وذلّ واستكان. ولعل من ذلك أيضاً سمي القدر ضريع إذا حان أوانه، فكأن غليانه تلوي واستغاثة كما يتلوى ويستغيث من يأكل الضريع بسبب سوئه.
وفي هذا القول قرب شديد بالقول الثاني، فهم عندما يذلون ويهانون إنما ذلك بسبب تضرعهم وطلبهم الخلاص والفكاك من هذا الطعام، والله أعلم.


القول الرابع: أنه الْمُضَارَعَةَ الْمُشَابَهَةُ، فهم اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ فَظَنُّوهُ كَغَيْرِهِ مِنَ النَّبْتِ النَّافِعِ، فَوَجَدُوهُ لَا يُسْمِنُ، فهو من المضارعة أي: الذي يضارع الشيء كأنه مثله وشبهه، وهذا القول ذكره ابن عطية والقرطبي.
قال ابن عطية: (وقيل: ضريعٌ: فعيلٌ من المضارعة، أي: لأنه يشبه المرعى الجيّد، ويضارعه في الظاهر، وليس به)
قال ابن منظور: (وَالنَّحْوِيُّونَ يَقُولُونَ لِلْفِعْلِ المستَقْبَلِ مُضارِعٌ لِمُشَاكَلَتِهِ الأَسماء فِيمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الإِعراب. والمُضارِعُ مِنَ الأَفعال: مَا أَشبه الأَسماء وَهُوَ الْفِعْلُ الْآتِي وَالْحَاضِرُ)

ويؤيد هذا القول قول المفسّرون أنه لمّا نزلت هذه الآية قال المشركون: إنّ إبلنا لتسمن على الضريع، فأنزل الله سبحانه: لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ، فهو مخالف لما ألفتموه وعرفتموه من المراعي الجيدة وإن شابهه في الظاهر.
وذكر الثعلبي أن الإبل ترعاه ما دام رطبا، فإذا يبس فلا يأكله شيء، ورطبه يسمّى شبرقا لا ضريعاً، وهنا ذكر الضريع اليابس الذي لا يرعاه الإبل.
ومن ذلك سمي الفعل الدال على الحاضر والاستقبال مضارع، لأنه يشبه الاسم فيما يلحقه من الاعراب، خلافاً للفعل الماضي والأمر اللذان يبنيان ولا يعربان.


القول الخامس: هو شي يَرْمِي بِهِ الْبَحْرُ، يُسَمَّى الضَّرِيعَ، قال بهذا القول ابن سيده، وابن منظور، وقد روي عن ابن عباس، ونسب للخليل بن أحمد ولم أقف عليه في كتابه العين، وذكره ابن درير الأزدي، وابن حيان الأندلسي، والسمين الحلبي، وابن عطية، والقرطبي، والراغب الأصفهاني، والفيروزآبادي، وعبد الله اليزيدي.

التخريج:
-أما ما روي عن ابن عباس فقد ذكره أبو إسحاق النيسابوري في الكشف والبيان أنه رواه عطاء عن ابن عباس.
وذكره القرطبي أنه رواه الضحاك عن ابن عباس، ولم أقف على سنده كاملاً.
-أما ما نسب للخليل فقد نسبه إليه أثير الدين الأندلسي، والسمين الحلبي، والقرطبي.

وقد وصف هذا بأنه نبات أخضر منتن خفيف يرمي به البحر وله جوف، وهو مِنْ أَقْوَاتِ الانعام لَا النَّاسِ، فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الْإِبِلُ لَمْ تَشْبَعْ، وَهَلَكَتْ هَزْلًا.
فهذا القول مشترك مع القول الأول في أنه نبت، وأنه إذا أكلت منه الدواب هلكت هزلاً، فهو ضريع مضرع أي: مهزل مضعف للبدن كما في القول الأول، ولكن القول الأول هو من نباتات الأرض، وأما في هذا القول فهو من نباتات البحر.


القول السادس:
الضريع هو الجلدة أو القشرة التي على العظم تحت اللحم من الضلع، وقد نسب هذا القول لليث،
وذكره أبو منصور الأزهري، وابن عطية، وابن سيده، وابن منظور، والفيروزآبادي، والزبيدي.
قال ابن منظور: (والضَّرِيعُ: القِشْرُ الَّذِي عَلَى الْعَظْمِ تَحْتَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هُوَ جِلْدٌ عَلَى الضِّلَعِ)
قال ابن عطية: (ولا أعرف من تأوّل الآية بهذا.)

التخريج:
أما ما نسب لليث فقد نسبه إليه أبو منصور الأزهري، والزبيدي.

وهذا القول لعل المراد منه أنهم يأكلون ما يذوب منهم بسبب حرارة النار، فجلود أصحاب النار تذوب وتذهب ثم تعود مرة أخرى ليذوقوا العذاب ويشعروا به دائماً، فإن للجلد إحساس فإذا احترق لدرجة معينة فقد الإحساس، لذلك تعاد جلودهم مرة أخرى، كما في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) (النساء:56)، فتكون هذه الجلود المذابة وما ينزل منها من صديد ودماء وغيرها من أمور منتنة هي طعامهم، كما جاء في تفسير المراد من الغسلين في قوله تعالى: (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَّا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ) (الحاقة:35-37)، والله أعلم.

وجميع هذه الأقوال تعود لباب الضاد والراء والعين (ض ر ع)، فهم في الأصل متفقون، وهناك من جمع بين الأقوال اعتماداً على أن الضاد والراء والعين تدل على لين في الشيء، فتضرع الرجل فيه لين، وضعف الرجل في جسده وذلّه في نفسه فيه لين، وفي الباب أيضاً ضرع الشاة الذي سميّ كذلك لما فيه لين، والجلدة التي تحت اللحم فيها لين أيضاً، وقد قيل بأن المضارعة أي: المشابهة بين شيئين، قد اشتقت من الضرع فكأنهما قد ارتضعا من ضرع واحد، وقد قال ابن فارس بأن الذي شذ عن ها الباب قول الجمهور أنه نبت فهو يابس ولكن يمكن حمله على هذا الباب فنقول بان بأن ذلك لضعفه إذ كان لا يسمن ولا يغني من جوع.
ولعل أصح الأقوال قول الجمهور بأنه نبات الشبرق، وتدخل فيه بعض الأقوال الأخرى كما ذكرت سابقاً، فهو ضعيف مضعف للبدن، وضعف بدنهم يقودهم إلى التضرع والتذلل، وهذا الضريع الذي في النار مخالف وغير مشابه لما في الأرض، إنما سميّ باسم مشابه لما في الأرض ليدلنا الله سبحانه وتعالى على الغائب عنده بالحاضر عندنا، فالأسماء متفقة الدلالة والمعاني مختلفة، كما ذكر معمر بن مثنى، والله تعالى أعلم.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22 جمادى الآخرة 1440هـ/27-02-2019م, 10:49 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عائشة إبراهيم الزبيري مشاهدة المشاركة
تحرير معنى "ضريع" في قول الله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}

اختلف العلماء في معنى (ضريع) على أقوال:
القول الأول: أن الضريع نبت يقال له الشبرق، وهو قول الجمهور قال به عكرمة ومجاهد وقتادة وشريك بن عبد الله وابن زيد، والخليل بن أحمد، والفراء، وأبو عبيدة، وأبو عبيد القاسم، والحسن السكري، وابن قتيبة الدينوري، ومعمر بن مثنى، ونقل عن أبو [أبي] حنيفة الدينوري، وقال به كذلك الزجّاج، والأنباري، والسجستاني [من السجستاني؟ هذا لقب يشترك فيه أكثر من عالم فينبغي ذكر الاسم أو الكنية معه] ، وغلام ثعلب، وأبو منصور الأزهري، والفارابي، ابن فارس، ومكي بن أبي طالب، والزمخشري، والطيبي، وابن حيان الأندلسي [وأبي حيان] ، والزبيدي، وابن عاشور.
وقد روي هذا القول عن ابن عباس.
وذكره ابن جرير الطبري وهو قوله الذي صدر به المسألة، وذكره الثعلبي ومكي بن طالب[تكرر ذكره] والماوردي والجوزي [وابن الجوزي] والقرطبي ورجحه، وذكره ابن دريد الأزدي، وابن سيده، والراغب الأصفهاني، وابن منظور، والسمين الحلبي،

التخريج:
-أما قول عكرمة فقد رواه ابن جرير من طريق محمد بن سليمان عن عبد الرحمن الأصفهاني عن عكرمة، وقد اختلف في محمد بن سليمان بين قولهم أنه صدوق وبين تضعيفه، وقد رواه ابن جرير من طريق آخر فيه رجل مجهول من عبد قيس.
-أما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وقد رواه من طريق آخر وهو طريق ليث عن مجاهد وهو ضعيف لضعف ليث.
-أما قول قتادة فقد رواه ابن جرير من طريق ابن ثور عن معمر عن قتادة.
-وأما قول شريك بن عبد الله فقد رواه ابن جرير من طريق محمد بن عبيد [عن شريك به].
-وأما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير من طريق يونس عن وهب عن ابن زيد.
-أما ما روي عن ابن عباس فقد رواه ابن جرير من طريق محمد بن سعد العوفي وعائلته الضعفاء.
[مخرج الأثر ليس شرطًا أن يكون ما يسبق منتهى الإسناد براو أو اثنين؛ وإنما يحدد بتتبع الأسانيد.
مثلا قول مجاهد: من طريق سفيان عن ليث عن مجاهد، وفق الأسانيد التي أوردها ابن جرير فقط؛ مخرجالأثر هو سفيان]

والشبرق هو نبت ذو شوك إذا كان رطباً فهو شبرق وإذا جفّ ويبس كان ضريع كما يسميه أهل الحجاز، ومنهم من سّمي يابس الضريع بالشبرق عكس ما سبق.
وَهُوَ مرعى سوء، لَا تعقد عَلَيْهِ السَّائِمَة شحما وَلَا لَحْمًا، وَإِن لم تُفَارِقهُ إِلَى غَيره ساءت حَالهَا، وقيل أنه إذا جفّ تبتعد عنه الأبل بعدما كانت ترعاه وهو رطب لأنه سم قاتل، كما قال أبو ذئيب:
رَعَى الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى إِذَا ذَوَى ... وَصَارَ ضَرِيعًا بَانَ عَنْهُ النَّحَائِصُ
وكذلك قال ابن عيزارة الهذليّ وهو يذكر إبلاً وسوء مرعاها:
وحبسن في هزم الضّريع فكلّها ... حدباء دامية اليدين حرود
فالضريع بالنسبة للكفار في النار كما هي بالنسبة للسائمة تأكل ما لا يشبعها ولا يقوي جسدها، أو أن حالهم كحال من قوته الضريع من الجوع.
والضريع من الضَّرَع والضارع، الذي إما بمعنى الضعيف، أو بمعنى الهزيل النحيف، فهو نحيف وهزيل في نفسه، ويلحق هذا الوصف من اكله، ومنه قول النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في ولدي جعفر بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنهم-:«ما لي أراهما ضارعين». يريد هزيلين، فهو ضريع مضرع من فعيل مفعل، أي: مضعف للبدن مهزل، وهو كقول عمرو بن معديكرب:
أمن ريحانة الدّاعي السّميع ....... يؤرّقني وأصحابي هجوع
يريد المسمع.
ومنهم من يقول بأن الضريع هو العوسج الرطب، وإذا يبس سميّ عوسجاً، وقد قال ابن قتيبة الدينوري في غريب الحديث: (وَقَالَ الهذلى أَيْضا: من الطَّوِيل
.. ترى الْقَوْم صرعى جثوَة أضجعوا مَعًا ... كَأَن بِأَيْدِيهِم حَوَاشِي شبرق ...
وَفِي الشبرق حمرَة فَشبه الدَّم بِهِ.)، وهذا الوصف للشبرق بأن فيه حمرة ينطبق على العوسج، فلعل الشبرق والعوسج اسمان لنبت واحد.
ومنهم من يسميه العرفج أو الخلة، وجميعها أسماء لنباتات لها نفس الوصف من الجفاف واحتوائها على الشوك.
وهناك من عمّم وقال بأنه يبيس كل شجر كما نقل عن ابن عباد، فقد قال: (يَبيسُ كلِّ شَجرَةٍ، وخَصَّه بعضُهُم بيبيسِ العَرْفَجِ والخُلَّةِ.) فهو جعل العموم هو الأصل، وجعل تفسير التابعين له بالشبرق من باب التفسير بالمثال على قوله، وأما على القول بالتخصيص فيكون المراد هذا النوع من النبات خصوصاً.


القول الثاني: أن الضريع هو وصف لحال من يأكله من الذلة والهوان، فيضرع ويذل من يأكله، فيكون مُشْتَقًّا مِنَ الضَّارِعِ، وَهُوَ الذَّلِيلُ، أَيْ ذُو ضَرَاعَةٍ، فمَنْ شَرِبَهُ ذَلِيلٌ تَلْحَقُهُ ضَرَاعَةٌ، ويقال أضرعته أي: ذللته، قال بهذا القول أبو جعفر النحاس، وذكره مكي بن طالب، والقرطبي، وذُكر عن الحسن.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنَ الضَّارِعِ، وَهُوَ الذَّلِيلُ، أَيْ ذُو ضَرَاعَةٍ، أَيْ مَنْ شَرِبَهُ ذَلِيلٌ تَلْحَقُهُ ضَرَاعَةٌ
قال السمين الحلبي: (وقيل: نبتٌ يُشبه العَوْسَج. والضَّراعةُ: الذِّلَّةُ والاستكانةُ مِنْ ذلك.)

التخريج:
-أما ما ذكر عن الحسن ذكره مكي بن أبي طالب عن الحسن البصري ولم أجد من أسنده له بل وقد نقل الثعلبي عن عمرو بن عبيد أن الحسن لم يقل شيئاً في الضريع إلا أنه قال: هو بعض ما أخفى الله من العذاب، والله أعلم.
[إذا كان القول مذكورًا في مصدر ناقل ولم يذكر إسناده، فلست بحاجة لتكرار العزو وإنما يكفي أن تقولي أعلاه مثلا: " وهو مروي عن الحسن كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب؛ وقلت " مروي" دون "قاله" لأننا لا نجزم بصحة نسبة هذا القول إلى الحسن]
ولعل هذا القول هو كتفسير لسبب تسمية الضريع بهذا الاسم، فإما يكون سبب التسمية لأنه ضعيف وهزيل ويلحق من اقتات به هذا الوصف، فهو ضعف معنوي كما ذكرت في القول الأول، وإما يكون سبب التسمية لأنه يلحق من اقتات عليه الذلة الهوان، وهو الضعف المعنوي، ولا مانع من الجمع بين القولين، فالضريع ضعيف يضعف ويسبب الذلة والهوان لمن أكله؛ لأنه لا يسمن ولا يغني من جوع، فيضطر آكله إلى أن يذل ويهان بسبب طلبه للطعام الذي يسمن ويغني من جوع ممن يملكه، كما قال تعالى: (وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) (الأعراف:50).
[الأولى أن يكون عنوان هذا الكلام: طعام يصيب صاحبه بالضعف والذل؛ لأن المراد بالضريع هنا هو هذا الطعام الذي لم يحددوا ماهيته، وإنما سبب تسميته بالضريع هو وصف الحال الذي يصيب آكله]

القول الثالث: هُوَ طَعَامٌ يَضْرَعُونَ عِنْدَهُ وَيَذِلُّونَ، وَيَتَضَرَّعُونَ مِنْهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، طَلَبًا لِلْخَلَاصِ مِنْهُ، قال بهذا القول ابن كيسان، وابن بحر، وذكره الثعلبي ومكي بن طالب والجوزي [وابن الجوزي] والقرطبي.
قال الثعلبي: (وقال ابن كيسان: هو طعام يضرعون منه ويذلّون ويتضرّعون إلى الله سبحانه، وعلى هذا التأويل يكون المعنى المضرّع)

التخريج:
-أما قول ابن كيسان فقد ذكره الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان.[قاله ابن كيسان كما نقله عنه الثعلبي في تفسيره]
-أما قول ابن بحر فقد ذكره مكي بن أبي طالب في النكت والعيون.
فَسُمِّيَ الضريع بِذَلِكَ، لِأَنَّ آكِلَهُ يَضْرَعُ فِي أَنْ يُعْفَى مِنْهُ ومن تناوله؛ لِكَرَاهَتِهِ وَخُشُونَتِهِ، فهو يريد الفكاك من هذا الطعام فيتضرع إلى الله ليتخلص منه، ولكن ليس لهم إلا هذا الطعام، كما قال تعالى: (ليس لهم طعام إلا من ضريع)، فهي من ضَرَعَ الرجل أي: ضعف وذلّ واستكان. ولعل من ذلك أيضاً سمي القدر ضريع إذا حان أوانه، فكأن غليانه تلوي واستغاثة كما يتلوى ويستغيث من يأكل الضريع بسبب سوئه.
وفي هذا القول قرب شديد بالقول الثاني، فهم عندما يذلون ويهانون إنما ذلك بسبب تضرعهم وطلبهم الخلاص والفكاك من هذا الطعام، والله أعلم.


القول الرابع: أنه الْمُضَارَعَةَ الْمُشَابَهَةُ، فهم اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ فَظَنُّوهُ كَغَيْرِهِ مِنَ النَّبْتِ النَّافِعِ، فَوَجَدُوهُ لَا يُسْمِنُ، فهو من المضارعة أي: الذي يضارع الشيء كأنه مثله وشبهه، وهذا القول ذكره ابن عطية والقرطبي.
قال ابن عطية: (وقيل: ضريعٌ: فعيلٌ من المضارعة، أي: لأنه يشبه المرعى الجيّد، ويضارعه في الظاهر، وليس به)
قال ابن منظور: (وَالنَّحْوِيُّونَ يَقُولُونَ لِلْفِعْلِ المستَقْبَلِ مُضارِعٌ لِمُشَاكَلَتِهِ الأَسماء فِيمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الإِعراب. والمُضارِعُ مِنَ الأَفعال: مَا أَشبه الأَسماء وَهُوَ الْفِعْلُ الْآتِي وَالْحَاضِرُ)

ويؤيد هذا القول قول المفسّرون أنه لمّا نزلت هذه الآية قال المشركون: إنّ إبلنا لتسمن على الضريع، فأنزل الله سبحانه: لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ، فهو مخالف لما ألفتموه وعرفتموه من المراعي الجيدة وإن شابهه في الظاهر.
وذكر الثعلبي أن الإبل ترعاه ما دام رطبا، فإذا يبس فلا يأكله شيء، ورطبه يسمّى شبرقا لا ضريعاً، وهنا ذكر الضريع اليابس الذي لا يرعاه الإبل.
ومن ذلك سمي الفعل الدال على الحاضر والاستقبال مضارع، لأنه يشبه الاسم فيما يلحقه من الاعراب، خلافاً للفعل الماضي والأمر اللذان يبنيان ولا يعربان.


القول الخامس: هو شي يَرْمِي بِهِ الْبَحْرُ، يُسَمَّى الضَّرِيعَ، قال بهذا القول ابن سيده، وابن منظور، وقد روي عن ابن عباس، ونسب للخليل بن أحمد ولم أقف عليه في كتابه العين، وذكره ابن درير الأزدي، وابن [وأبو] حيان الأندلسي، والسمين الحلبي، وابن عطية، والقرطبي، والراغب الأصفهاني، والفيروزآبادي، وعبد الله اليزيدي.

التخريج:
-أما ما روي عن ابن عباس فقد ذكره أبو إسحاق النيسابوري في الكشف والبيان أنه رواه عطاء عن ابن عباس.
وذكره القرطبي أنه رواه الضحاك عن ابن عباس، ولم أقف على سنده كاملاً.
-أما ما نسب للخليل فقد نسبه إليه أثير الدين الأندلسي، والسمين الحلبي، والقرطبي.

وقد وصف هذا بأنه نبات أخضر منتن خفيف يرمي به البحر وله جوف، وهو مِنْ أَقْوَاتِ الانعام لَا النَّاسِ، فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الْإِبِلُ لَمْ تَشْبَعْ، وَهَلَكَتْ هَزْلًا.
فهذا القول مشترك مع القول الأول في أنه نبت، وأنه إذا أكلت منه الدواب هلكت هزلاً، فهو ضريع مضرع أي: مهزل مضعف للبدن كما في القول الأول، ولكن القول الأول هو من نباتات الأرض، وأما في هذا القول فهو من نباتات البحر.


القول السادس:
الضريع هو الجلدة أو القشرة التي على العظم تحت اللحم من الضلع، وقد نسب هذا القول لليث،
وذكره أبو منصور الأزهري، وابن عطية، وابن سيده، وابن منظور، والفيروزآبادي، والزبيدي.
قال ابن منظور: (والضَّرِيعُ: القِشْرُ الَّذِي عَلَى الْعَظْمِ تَحْتَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هُوَ جِلْدٌ عَلَى الضِّلَعِ)
قال ابن عطية: (ولا أعرف من تأوّل الآية بهذا.)

التخريج:
أما ما نسب لليث فقد نسبه إليه أبو منصور الأزهري، والزبيدي.

وهذا القول لعل المراد منه أنهم يأكلون ما يذوب منهم بسبب حرارة النار، فجلود أصحاب النار تذوب وتذهب ثم تعود مرة أخرى ليذوقوا العذاب ويشعروا به دائماً، فإن للجلد إحساس فإذا احترق لدرجة معينة فقد الإحساس، لذلك تعاد جلودهم مرة أخرى، كما في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) (النساء:56)، فتكون هذه الجلود المذابة وما ينزل منها من صديد ودماء وغيرها من أمور منتنة هي طعامهم، كما جاء في تفسير المراد من الغسلين في قوله تعالى: (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَّا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ) (الحاقة:35-37)، والله أعلم.

وجميع هذه الأقوال تعود لباب الضاد والراء والعين (ض ر ع)، فهم في الأصل متفقون، وهناك من جمع بين الأقوال اعتماداً على أن الضاد والراء والعين تدل على لين في الشيء، فتضرع الرجل فيه لين، وضعف الرجل في جسده وذلّه في نفسه فيه لين، وفي الباب أيضاً ضرع الشاة الذي سميّ كذلك لما فيه لين، والجلدة التي تحت اللحم فيها لين أيضاً، وقد قيل بأن المضارعة أي: المشابهة بين شيئين، قد اشتقت من الضرع فكأنهما قد ارتضعا من ضرع واحد، وقد قال ابن فارس بأن الذي شذ عن ها الباب قول الجمهور أنه نبت فهو يابس ولكن يمكن حمله على هذا الباب فنقول بان بأن ذلك لضعفه إذ كان لا يسمن ولا يغني من جوع.
ولعل أصح الأقوال قول الجمهور بأنه نبات الشبرق، وتدخل فيه بعض الأقوال الأخرى كما ذكرت سابقاً، فهو ضعيف مضعف للبدن، وضعف بدنهم يقودهم إلى التضرع والتذلل، وهذا الضريع الذي في النار مخالف وغير مشابه لما في الأرض، إنما سميّ باسم مشابه لما في الأرض ليدلنا الله سبحانه وتعالى على الغائب عنده بالحاضر عندنا، فالأسماء متفقة الدلالة والمعاني مختلفة، كما ذكر معمر بن مثنى، والله تعالى أعلم.
بارك الله فيكِ أختي الفاضلة ونفع بكِ.
الملحوظة الرئيسة على تطبيقك هي خلطكِ بين مسألتين:
الأولى: المراد بالضريع؛ فيدخل فيه الشبرق وطعام يرمى في البحر وشجرة في النار والحجارة والزقوم، وكما رأيتِ منها ما فاتكِ، وقد ذُكر بعضها في مصادر مسندة مثل تفسير ابن جرير الطبري، والبعض الآخر في مصادر ناقلة كتفسير ابن كثير.
والثانية: وجه تسمية هذه الأشياء (الأقوال المختلفة) بالضريع؛ فيدخل فيه ما يجدونه من الذل أو ما يجدونه من الضعف ونحو ذلك.

وأرجو مراجعة الملحوظات باللون الأحمر داخل الاقتباس.

التقويم: ج+
خُصمت نصف درجة للتأخير.
وفقكِ الله وسددكِ.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 27 جمادى الآخرة 1440هـ/4-03-2019م, 09:24 PM
عائشة إبراهيم الزبيري عائشة إبراهيم الزبيري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 328
افتراضي

حقاً كنت متحيرة في بادئ الأمر بين هل يعتبر القول بأنه الشبرق من المراد بالضريع أم من المعنى اللغوي، وقد اطلعت بعض طلاب العلم بالأمر لإرشادي للصواب، وقد قيل لي بأنه من المعنى اللغوي وقد كان من الأمر في نفسي شيئاً، فلما قرأت تعليقكم جزاكم الله خيراً تبين لي وتوضح وزال التحير، جزاكم الله خيراً، وما ذلك إلا لقلة علمنا والله المستعان، فأرجوا أن يتم مراعاتنا في محاولتنا الأولى، وجزاكم الله خيراً.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 رجب 1441هـ/27-02-2020م, 12:10 AM
سها حطب سها حطب غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي

معنى "ضريع" في قول الله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}

اختلف العلماء في معنى (ضريع) على أقوال:
القول الأول: أنها شجرة تسميها قريش الشبرق، كثيرة الشوك، وإذا يبس في الصيف فهو ضريع:
وهو قول لابن عباس وقول عكرمة ومجاهد وقتادة وشريك وعطاء، وأبي زكريا يحيي الفراء وأبي عبيدة معمر وأبو عبيد القاسم بن سلام وابن قتيبة، والزجاج وابن جرير، والأنباري ومحمد بن عُزير السجستاني، والفارابي، والأصفهاني، والكرماني، والزمخشري، وابن الهائم،وابن عاشور.
وذكره الماوردي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والسيوطي في ضمن عدة أقوال.
وقال القرطبي عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ.
- أما قول ابن عباس فقد رواه بن جرير عن محمد بن سعد، عن أبيه، عن عمه، عن أبيه،عن جده، عنه.
- أما قول عكرمة فقد رواه بن جرير عنمحمد بن عُبيد المحاربيّ، عن عباد بن يعقوب الأسديّ، عن محمد بن سليمان، عن عبد الرحمن الأصبهانيّ عنه.
ورواه بن جرير عن يعقوب، عن إسماعيل بن عُلَية، عن أبي رجاء، عن نجدة، رجل من عبد القيس، عنه.
- وأما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير من طرق عن، عن سفيان، عن ليث عنه
ورواه بن جرير من طرق عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
- وأما قول قتادة فقد رواه ابن جرير عنابن عبد الأعلى، عن ابن ثور، عن معمر، عنه.
- وأما قول شريك فرواه بن جرير عن محمد بن عبيد،عنه.
- وذكره مكي بن أبي طالب عن عطاء.
- وذكره ابن كثير عن ابن الجوزاء، وروي عنه قول قريب من هذا القول، وهو ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن عَفَّانُ عن سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عن عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ عن ابن الجوزاء قوله الضريع السلم، وهو الشوك.

القول الثاني: الزقوم
- رواه بن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وذكره ابن كثير والسيوطي.
- وذكره مكي بن أبي طالب والقرطبي عن الحسن.
- وذكره ابن عطية كأول قول في تفسير الآية، وقال:
(لأن الله تعالى قد أخبر في هذه الآية أن الكفار لا طعام لهم إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ، وقد أخبر أن الزقوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أن الضريع الزقوم).
وقال بعد أن ذكر الأقوال الأخرى : (وأهل هذه الأقاويل يقولون الزقوم لطائفة، والضريع لطائفة والغسلين لطائفة).

القول الثالث: أنه شجر من نار
وهو قول ابن زيد، وقول لابن عباس، وذكره ابن جرير ومكي بن أبي طالب والماورديوابن كثير والسيوطي وابن عاشور من ضمن أقوال أخرى.
- أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير عنعليّ،عن أبي صالح، عن معاوية، عن عليّ عنه.
- وأما قول بن زيد فقد رواه ابن جرير عن يونس، عن ابن وهب عنه.
قال الثعلبي : وقد روي عن ابن عبّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّا من النار»وذكره ابن عطية والسيوطي.

القول الرابع: أنها الحجارة
وهو قول سعيد بن جبير ومروي عن عكرمة، ذكره مكي بن أبي طالب والماوردي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والسيوطي من ضمن أقوال أخرى.
- رواه بن جرير عن أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن جعفر، عن سعيد بن جبير.

القول الخامس: أنه النوى المحرق
- ذكره الماوردي من ضمن أقوال وقال حكاه يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب.

القول السادس: هو نبت يطرحه البحر المالح، يسمّيه أهل اليمن الضريع
- وهو مروي عن ابن عباس ذكره الثعلبي عن عطاء عنه وذكره القرطبي عن الضحاك عنه.
- وهو قول ابن منظور وذكره ابن عطية بدون نسبة.

القول السابع: هو بعض ما أخفى الله من العذاب
- ذكره الثعلبي عن عمرو بن عبيد عن الحسن وذكره القرطبي عنه.
- وذكره ابن عطية بدون نسبة.

القول الثامن: وادي في جهنم
ذكره مكي بن أبي طالب وابن عطية والقرطبي بدون نسبة.

القول التاسع: الجلدة التي على العظم تحت اللحم
ذكره ابو منصور عن الليث ، وذكره ابن عطية وقال: ولا أعرف من تأول الآية بهذا.

القول العاشر: نبات العشرق
قال به أبي سعيد الحسن السكري، وأبي بشر اليمان البنديجي.
وذكره ابن عطية بدون نسبة.

القول الحادي عشر: نبات كالعوسج
ذكره ابو منصور عن ثعلب عن ابن الإعرابي، وذكره ابن عطية عن الزجاج.

القول الثاني عشر: نبات العرفج
وهو قول ابي عمرو إسحاق بن مرار الشيباني، ذكره ابن عطية عن بعض اللغويين ولم يسمهم.

وأما في سبب تسميته بالضريع

فقيل سمي ضريعا بمعنى مضرع أي مضعف للبدن مهزل.

ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في ولد جعفر بن أبي طالب: «ما لي أراهما ضارعين» ؟ يريد هزيلين

ذكره أبو منصور وأحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازيوابن عطية.
وقيل ضريع من الْمُضَارَعَةَ أي الْمُشَابَهَةُ:

فهو طعام يشتبه عليهم فيظنوه كغيره من النبات النافع ، ذكره ابن عطية والقرطبي.
أو أن الضريع بمعنى المضروع ، أي الذي يضرعون عنده طلباً للخلاص منه
- ذكره مكي بن أبي طالب والكرماني عن الحسن.
- وذكره الماوردي عن ابن حجر .
- وذكره الثعلبي والقرطبي عن ابن كيسان.



الدراسة:


أكثر علماء التفسير واللغة على القول الأول، وذكره ابن جرير بصيغة الجزم ورجحه القرطبي وقال: (عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ) ولعله هو الصواب فالله تعالى خاطب العرب وضرب لهم الأمثال بما هو مشاهد عندهم.

- أما القول بأنه الزقوم فقد رجحه ابن عطية وعلل ذلك بقوله: (لأن الله تعالى قد أخبر في هذه الآية أن الكفار لا طعام لهم إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ، وقد أخبر أن الزقوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أن الضريع الزقوم)، وقال بعد أن ذكر الأقوال الأخرى : (وأهل هذه الأقاويل يقولون الزقوم لطائفة، والضريع لطائفة والغسلين لطائفة)، فلا يمتنع أن يكون الزقوم نبت والضريع نبت آخر.

- وأما القول أنه شجر من نار فلا يعارض أنه الشبرق، فإن كل ما في النار وهو من نار.

- وأما القول بأنه حجارة فقد رواه ابن جرير عن سعيد بن جبير فهو محتمل.

- أما الأقوال الأخرى فقد رويت بغير أسانيد ولم يذكرها جل أهل اللغة في كتبهم فيبعد أن تكون معنى اللفظة، والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 رجب 1441هـ/7-03-2020م, 12:03 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سها حطب مشاهدة المشاركة
معنى "ضريع" في قول الله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}

اختلف العلماء في معنى (ضريع) على أقوال:
القول الأول: أنها شجرة تسميها قريش الشبرق، كثيرة الشوك، وإذا يبس في الصيف فهو ضريع:
وهو قول [مروي عن ابن عباس] لابن عباس وقول عكرمة ومجاهد وقتادة وشريك وعطاء، وأبي زكريا يحيي الفراء وأبي عبيدة معمر وأبو عبيد القاسم بن سلام وابن قتيبة، والزجاج وابن جرير، والأنباري ومحمد بن عُزير السجستاني، والفارابي، والأصفهاني، والكرماني، والزمخشري، وابن الهائم،وابن عاشور.
[الترتيب يكون بحسب تاريخ الوفاة]
وذكره الماوردي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والسيوطي في ضمن عدة أقوال.
[لا حاجة للنقل عن المصادر الناقلة، طالما ذكرتِ الأقوال من مصادرها الأصيلة، إلا أن تنقلي ترجيحات المفسرين
مثلا ورجحه فلان وفلان في تفسيره]

وقال القرطبي عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ.
- أما قول ابن عباس فقد رواه بن جرير عن محمد بن سعد، عن أبيه، عن عمه، عن أبيه،عن جده، عنه.
- أما قول عكرمة فقد رواه بن جرير عنمحمد بن عُبيد المحاربيّ، عن عباد بن يعقوب الأسديّ، عن محمد بن سليمان، عن عبد الرحمن الأصبهانيّ عنه.
ورواه بن جرير عن يعقوب، عن إسماعيل بن عُلَية، عن أبي رجاء، عن نجدة، رجل من عبد القيس، عنه.
- وأما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير من طرق عن، عن سفيان، عن ليث عنه
ورواه بن جرير من طرق عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
- وأما قول قتادة فقد رواه ابن جرير عنابن عبد الأعلى، عن ابن ثور، عن معمر، عنه.
[رواه عبد الرزاق وابن جرير الطبري من طريق معمر عنه]
- وأما قول شريك فرواه بن جرير عن محمد بن عبيد،عنه.
- وذكره مكي بن أبي طالب عن عطاء.
- وذكره ابن كثير عن ابن الجوزاء، وروي عنه قول قريب من هذا القول، وهو ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن عَفَّانُ عن سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عن عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ عن ابن الجوزاء قوله الضريع السلم، وهو الشوك. [لا حاجة لذكر نقل ابن كثير وقد توفر لكِ الأثر بإسناده في مصنف ابن أبي شيبة]

القول الثاني: الزقوم
- رواه بن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وذكره ابن كثير والسيوطي.
[رواه عبد بن حميد وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور للسيوطي، أما ابن كثير فإن ذكر القول دون نسبته لمصدر أصيل فلسنا بحاجة للنقل عنه]
- وذكره مكي بن أبي طالب والقرطبي عن الحسن.
- وذكره ابن عطية كأول قول في تفسير الآية، وقال:
(لأن الله تعالى قد أخبر في هذه الآية أن الكفار لا طعام لهم إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ، وقد أخبر أن الزقوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أن الضريع الزقوم).
وقال بعد أن ذكر الأقوال الأخرى : (وأهل هذه الأقاويل يقولون الزقوم لطائفة، والضريع لطائفة والغسلين لطائفة).

القول الثالث: أنه شجر من نار
وهو قول ابن زيد، وقول لابن عباس، وذكره ابن جرير ومكي بن أبي طالب [في أي كتاب؟] والماورديوابن كثير والسيوطي وابن عاشور من ضمن أقوال أخرى.
- أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير عنعليّ،عن أبي صالح، عن معاوية، عن عليّ عنه.
- وأما قول بن زيد فقد رواه ابن جرير عن يونس، عن ابن وهب عنه.
قال الثعلبي : وقد روي عن ابن عبّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّا من النار»وذكره ابن عطية والسيوطي.

القول الرابع: أنها الحجارة
وهو قول سعيد بن جبير ومروي عن عكرمة، ذكره مكي بن أبي طالب [في أي كتاب؟] والماوردي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والسيوطي من ضمن أقوال أخرى.
- رواه بن جرير عن أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن جعفر، عن سعيد بن جبير.

القول الخامس: أنه النوى المحرق
- ذكره الماوردي من ضمن أقوال وقال حكاه يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب.

القول السادس: هو نبت يطرحه البحر المالح، يسمّيه أهل اليمن الضريع
- وهو مروي عن ابن عباس ذكره الثعلبي عن عطاء عنه وذكره القرطبي عن الضحاك عنه.
- وهو قول ابن منظور وذكره ابن عطية بدون نسبة.

القول السابع: هو بعض ما أخفى الله من العذاب
- ذكره الثعلبي عن عمرو بن عبيد عن الحسن وذكره القرطبي عنه.
- وذكره ابن عطية بدون نسبة.

القول الثامن: وادي في جهنم
ذكره مكي بن أبي طالب وابن عطية والقرطبي بدون نسبة.

القول التاسع: الجلدة التي على العظم تحت اللحم
ذكره ابو منصور عن الليث ، وذكره ابن عطية وقال: ولا أعرف من تأول الآية بهذا.

القول العاشر: نبات العشرق
قال به أبي [أبو] سعيد الحسن السكري، وأبي بشر اليمان البنديجي.
وذكره ابن عطية بدون نسبة.

القول الحادي عشر: نبات كالعوسج
ذكره ابو منصور عن ثعلب عن ابن الإعرابي، وذكره ابن عطية عن الزجاج.

القول الثاني عشر: نبات العرفج
وهو قول ابي عمرو إسحاق بن مرار الشيباني، ذكره ابن عطية عن بعض اللغويين ولم يسمهم.

وأما في سبب تسميته بالضريع

فقيل سمي ضريعا بمعنى مضرع أي مضعف للبدن مهزل.

ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في ولد جعفر بن أبي طالب: «ما لي أراهما ضارعين» ؟ يريد هزيلين [تخريج هذا الحديث]

ذكره أبو منصور وأحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازيوابن عطية.
وقيل ضريع من الْمُضَارَعَةَ أي الْمُشَابَهَةُ:

فهو طعام يشتبه عليهم فيظنوه كغيره من النبات النافع ، ذكره ابن عطية والقرطبي.
أو أن الضريع بمعنى المضروع ، أي الذي يضرعون عنده طلباً للخلاص منه
- ذكره مكي بن أبي طالب والكرماني عن الحسن.
- وذكره الماوردي عن ابن حجر .
- وذكره الثعلبي والقرطبي عن ابن كيسان.



الدراسة:


أكثر علماء التفسير واللغة على القول الأول، وذكره ابن جرير بصيغة الجزم ورجحه القرطبي وقال: (عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ) ولعله هو الصواب فالله تعالى خاطب العرب وضرب لهم الأمثال بما هو مشاهد عندهم.

- أما القول بأنه الزقوم فقد رجحه ابن عطية وعلل ذلك بقوله: [ذكر هذا تعليلا للقول، وليس في كلامه دليلا على ترجيحه] (لأن الله تعالى قد أخبر في هذه الآية أن الكفار لا طعام لهم إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ، وقد أخبر أن الزقوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أن الضريع الزقوم)، وقال بعد أن ذكر الأقوال الأخرى : (وأهل هذه الأقاويل يقولون الزقوم لطائفة، والضريع لطائفة والغسلين لطائفة)، فلا يمتنع أن يكون الزقوم نبت والضريع نبت آخر.

- وأما القول أنه شجر من نار فلا يعارض أنه الشبرق، فإن كل ما في النار وهو من نار.

- وأما القول بأنه حجارة فقد رواه ابن جرير عن سعيد بن جبير فهو محتمل.

- أما الأقوال الأخرى فقد رويت بغير أسانيد ولم يذكرها جل أهل اللغة في كتبهم فيبعد أن تكون معنى اللفظة، والله أعلم. [بل بعضها منسوب لأهل اللغة، وقد ذكرتِ ذلك في تحريركِ أعلاه]

بارك الله فيك ونفع بكِ.
أرجو الاعتناء بهذه الملحوظات العامة:
- إذا نُسب القول إلى أحد من أهل السلف، نذكر تخريجه من المصادر الأصلية المسندة، ولا حاجة لتكرار عزوه للمصادر الناقلة.
- المصادر البديلة مثل الدر المنثور للسيوطي نعزو إليه بالطريقة التي وضحتها لكِ أعلاه أثناء الاقتباس.
- المصادر الناقلة التي تعتني بالتحرير العلمي نستفيد منها في دراسة الأقوال وتوجيهها أو معرفة علل الأقوال، ولا نعتمد عليها في نسبة الأقوال للسلف.
- إذا تعددت كتب المؤلف، ولم يشتهر أي منها، نذكر المصدر الذي ذكر فيه القول، مثال: مكي بن أبي طالب، اشتهر له ثلاثة كتب: العمدة، والمشكل، والهداية؛ وكلها من مظان بحث هذه المسألة، لأن المسألة تفسيرية لغوية متعلقة بمعاني المفردات؛ فنبحث في كتب غريب القرآن والتفاسير التي تعتني بمعاني القرآن، لذا وجب تحديد المصدر الذي ذُكر فيه القول.
التقويم: ب
وفقكِ الله وسددكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir