دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > الدعوة بالقرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ربيع الثاني 1445هـ/7-11-2023م, 01:37 AM
صفاء الكنيدري صفاء الكنيدري غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 728
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
خلاصة الرسالة في بيان معنى الآية الكريمة:
{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ۖ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ }

في هذه الآية الكريمة بيان أن دخول الجنة لن يُنال بالدعاوى الباطلة والهمم الواهية، بل لا بد من سنة الابتلاء بعد إقامة الحجة بإرسال الرسل وإنزال الكتب، ليميز الله الخبيث من الطيب والصادق من الكاذب، مع بيان أن عاقبة هذا البلاء حُسنى لمن صبر واصطبر وجاهد في الله حق جهاده.

{أم حسبتم} أفاد حرف (أم) في هذه الآية معنيين:
-الأول: بمعنى (بل) وهي هنا بمعنى الإضراب الانتقالي.
-والثاني: بمعنى الاستفهام.
-فيكون المعنى: بل أحسبتم أن تدخلوا الجنة دون أن تُصابوا بمثل ما أصاب من كان قبلكم من الأمم!
-ومعنى الإضراب الانتقالي: الانتقال في الكلام من غرض إلى غرض مع عدم إبطال الغرض الأول بل تقريره.
فكان الغرض الذي انتقلت منه الآيات الانتقال من غرض تقرير سنة الله بإرسال الرسل وإنزال الكتب وانقسام الناس إلى مؤمن وكافر، إلى بيان سنته بابتلاء عباده ليتبين حقيقة الصادق من غيره.

-والتناسب بين هذه الآية والتي قبلها ظاهر:
فبما أن الحجة قد قامت عليكم بإرسال الرسل وإنزال الكتب فلا بد من التمحيص والابتلاء ليُظهر الله حقيقة ما في القلوب من الصدق والكذب وهذا هو محض الابتلاء فمن يصبر ويثبت!
-والغرض من الاستفهام في قوله: {أم حسبتم} التقرير؛ أي: لنقر بهذه الحقيقة، حقيقة الابتلاء المتوقع حصوله، لنتهيأ له.
والذي دل على حصول البلاء قوله تعالى: {ولمّا يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم} فإن نفي الفعل بالأداة (لمّا) يفيد نفيه في الزمان الماضي إلى زمان التكلم، لكن يتوقع حصوله في المستقبل.

-ثم بين الله تعالى صفة الابتلاءات للأمم السابقة بقوله:{مستهم البأساء والضراء وزلزلوا}
-فالمس: يطلق على كل ما ينال الإنسان من أذى.
-والبأساء: اسم لكل بؤس.
-والضر: اسم لكل ضر.
فيدخل في معنى البأساء شدة الفقر والجوع، ويدخل أيضاً معنى الحرب والمشقة، ويدخل في الضراء معنى المرض والبلاء عموماً.
-والتعبير باسم الجنس الدال على العموم يُفيد تنوع ما أصابهم من أنواع البأس والبؤس والضر.
ثم عطف على ذلك فعل: (وزلزلوا) أي: خوفوا وأرهبوا كما قال قتيبة في غريب القرآن.
وجائز أن يكون الخوف بسبب أي نوع أصابهم من البأساء والضراء.
وروي عن ابن عباس: "وزلزلوا بالفتن وأذى الناس إياهم"
-ولفظ الزلزلة يُفيد تكرر حدوث الفعل
قال الزجاج: معنى (وزلزلوا) أي: خوفوا وحركوا بما يؤذي.
وأصل الزلزلة في اللغة: من زل الشيء عن مكانه، فإذا قلت: زلزلة. فتأويله: كررت زلزلته من مكانه، والمعنى: أن يكرر عليهم التحريك والتخويف.

-فلما اشتد البلاء عليهم وتوالت الكُرُبات جاء السؤال{متى نصر الله} وهذا السؤال والطلب كما أنه يشعر بشدة البلاء فإنه مع ذلك دل دلالة واضحة على قوة يقينهم بأن نصر الله آت لا محالة؛ بدليل أنهم طلبوا النصر من الله لا من غيره!

والفعل يقول ورد فيه قراءتان:
الأولى: قراءة الرفع، {حتى يقولُ} وهي قراءة نافع والمعنى أنه إخبار عن أمم سابقة، اشتد بهم البلاء حتى قال رسولهم والذين آمنوا معه متى نصر الله، ويفيد هذا الإخبار أن علينا التأسي بهم.
والثانية: قراءة النصب، {حتى يقولَ} وهي قراءة الجمهور.
-ونصب الفعل بـ (حتى) أفاد معنيين:
الأول: تطاول أمد البلاء وتكرره مع كل أمة وكل رسول، وفيه دليل على سنة الابتلاء ليتبين الصادق من الكاذب.
والثاني: الدلالة على غاية البلاء، أي يستمر إلى أن يقول الرسول والذين آمنوا معه (متى نصر الله)

-ثم ختم الآية بقوله تعالى:{ألا إن نصر الله قريب} وعدٌ من الله والله لا يُخلف الميعاد.
وقد جاء النصر مفتتحاً بـ {ألا} التي تفيد التنبيه والتأكيد، ومؤكداً كذلك بـ {إن} وجاء في جملة اسمية {نصر الله قريب} دلالة على تحقيقه وثبوته، ألا يكفي وعد الله لتثبت القلوب؟! بلى-وربي- إنه لكافٍ.

-فدلت الآيتان على:
1- سنة الله أن لا يترك الخلق دون بيان الحق لهم، بإرسال الرسل وإنزال الكتب؛ لتقوم عليهم الحجة، كما قال تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}
2-كل من ادعى الإيمان لا بد أن يُبتلى ليتبين حقيقة صدقه من كذبه فلا يدخل الجنة أحد إلا بعد ابتلائه.

-وسنة الابتلاء جاءت عامة لا يستثنى منها أحد، فمن اتبع هدى الله تعالى فيما أصابه من البلاء واتقى الله وصبر أثابه الله من النعيم المعجل في الدنيا زيادة في الطاعات وهدى وسداداً في الفتن وثباتاً على الحق وطمأنينة في القلب ثم هو موعود بالنصر {ألا إن نصر الله قريب}

وأسباب دفع البلاء تختلف باختلاف البلاء:
-فمجاهدة الفقر بطلب الرزق والصبر عليه.
-ومجاهدة المرض بطلب الدواء مع الصبر على الألم.
-ومجاهدة العدو بحسب نوعه وطبيعة ما يحارب به:
-فمن ذلك الجهاد بالكلمة بتعلم الدين ونشره والصبر على الأذى فيه.
-ومجاهدة العدو المحارب بمحاربته على التفصيل المذكور في أحكام الجهاد.
-ومجاهدة الفتن المختلفة بالاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والثبات عليهما.

دلالة الآية على هدى الله عز وجل الذي ينبغي اتباعه في الابتلاء:
1-بيان أن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هي المرجع عند كل بلاء.
2-معرفة حقيقة الدنيا وأنها دار بلاء من أكبر ما يعين على الصبر وحبس النفس عن التسخط.
3-توجيه النظر للغايات والتعلق بها، فمن عرف أن غاية البلاء الثبات والفوز بالجنة هان عليه ما يلقى في سبيل ذلك.
4-التأسي بالصابرين الثابتين الموقنين بالله تعالى.
5-معرفة أن الواجب أمام كل بلاء الصبر والثبات ثم الجهاد بحسب طبيعة البلاء.
6-اليقين بالله تعالى وتعلق القلب به وحده.
7-البشارة بأن نصر الله قريب وأنه آت لا محالة.

أفكار الرسالة تدور على أربعة محاور:
-الأول: الابتلاء.
-والثاني: الصبر.
-والثالث: الثبات.
-والرابع: الفرج وتحقق النصر.

فالابتلاء سنة من سنن الله تعالى قد سنها لحكمة بالغة ليختبر فيها قلوب عباده الصادقين ويمحص ما في صدورهم، وسنن الابتلاء متنوعة وأشدها ما كان في دين المرء وإيمانه فمن عرف حقيقة هذا الأمر هيأ نفسه لتوقع حصوله واستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.

والصبر هو رأس الإيمان ودلالة الفوز والفلاح فمن صبر ظفر والله يحب الصابرين فمن عرف حقيقة الدنيا وأنها دار بلاء واختبار أعد العدة وشد الهمة وتزود بزاد التقوى لعلمه أن عاقبة صبره حُسنى وأن ما ينتظره في دار النعيم خيرٌ وأبقى.

وأما الثبات فهو سر النجاح وعلامة الفوز والنجاة ومن تأمل سير الصالحين وشدة خوفهم من هذا الأمر العظيم سعى سعيا حثيثا لطلب أسبابه ونأى كل العبد عن أسباب خسرانه وسأل ربه العون في إصلاح شأنه وحاله وامتلأ قلبه افتقارا وذلا لربه أن يعينه ويثبته على صراطه المستقيم حتى يلقاه وهو راض عنه.
والثبات هو أحد صور النصر؛ فمن مات ثابتا على الحق فقد انتصر إذ لم يهزمه أعداءه بتحقيق غايتهم فيه، ثم هو موعود بالجنة.

الفرج وتحقق النصر وانتظار الفرج عبادة عظيمة تبعث في النفس التفاؤل وتريح النفس من التفكير في مجريات الأمور فيمتلأ القلب تفويضا وتوكلا على الله عز وجل الذي بيده مفاتيح الفرج (ألا إن نصر الله قريب) (فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا) ولن يغلب عسر يسرين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
رسالة, في


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir