دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العام للمفسر > منتدى المسار الثاني

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #8  
قديم 24 محرم 1445هـ/10-08-2023م, 11:04 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رولا بدوي مشاهدة المشاركة
الوقف والابتداء في قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}
علم الوقف و الابتداء: هو العلم الذي يبحث في معرفة ما يوقف عليه وما يبتدأ به من الكلام، ويلحق به أيضا ما يتعلق بكيفيات الوقف على الكلمة وكيفية الابتداء بها، وأهمية هذا العلم كبيرة إذ به يعرف تفسير القرآن وفهم كثير من معانيه، ولذلك روي عن كثير من السلف ما يؤكد أهمية معرفته والعناية به، (1)
قال علي رضي الله عنه: «الترتيل معرفة الوقوف وتجويد الحروف، [العزو؟]
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على النبي صلّى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها. [العزو؟]
وقال الهذلي [أبو القاسم الهذلي] : «هو حلية التلاوة وتحلية الدراية وزينة القارئ وبلاغة التالي وفهم المستمع وفخر العالم ... يعلم به الفرق بين المعنيين المختلفين ... والحكمين المتقاربين»(3)
قال النحاس: ذكر لي بعض أصحابنا عن أبي بكر بن مجاهد أنه كان يقول: لا يقوم بالتمام إلا نحوي عالم بالقراءات عالم بالتفسير عالم بالقصص وتلخيص بعضها من بعض، عالم باللغة التي نزل بها القرآن، وقال غيره: يحتاج صاحب علم التمام إلى المعرفة بأشياء من اختلاف الفقهاء في أحكام القرآن (4)
أحببت أن أبتدئ هذه الرسالة بهذه المقدمة حتى يتيبن أهمية هذا العلم و الحاجة إلى فهمه لتدبر آيات الله من خلاله، و أن الحديث في الوقف و الابتداء لهذه الآية يجعلنا نطوف بعلوم القرآن؛ كالقراءات و توجيهها و التفسير و مسائله؛ مسائل لغوية إعراب و معاني الكلمات و كلام المفسرين في توجيه المعنى العام للآية وفق كل ذلك، في منظومة بديعة من الأقوال تأخذ بلب من يجمع و بلب من يقرأ، تزيد الإيمان بإعجاز كلام الله و تعظيمه.
و نبدأ بحول الله و قوته و الله الموفق:
الأقوال في الوقف في الآية:
1- الوقف على "إلا الله".: و هو قول كلًا من أبي نهيك الأسدي، و عمر ابن عبد العزيز و مالك، و يفهم من كلام عائشة و ابن عباس رضي الله عنهما.
قول أبي نهيك أخرجه كلًا من ابن جرير و ابن أبي حاتم عنه قال: وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم } فيقول : إنكم تصلون هذه الآية وإنها مقطوعة { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا } .
في رواية ابن جرير (فانتهى علمهم إلى قولهم الذي قالوا .)
و في رواية ابن أبي حاتم : فَأثْنى عَلَيْهِمْ إلى قَوْلِهِ الَّذِينَ قالُوا: ﴿وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلا اللَّهُ﴾ ثُمَّ قالَ: ﴿والرّاسِخُونَ في العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ﴾
حكاه ابن عطية عن أبو نهيك الأسدي دون إسناد [ابن عطية مصدر ناقل ولا يلزمكِ العزو إليه مع توفر المصدر الأصلي، إلا إذا كان في كلامه مزيد فائدة تفيدكِ في تحرير المسألة]
قول عمر بن العزيز ؛
- أخرجه عبد حميد عن عمر بن عبد العزيز كما ذكر السيوطي في الدر المنثور و لم أصل إليه
- أخرجه كلًا من المنذر وابن جرير في تفسيرهما (وذكر السيوطي ذلك عنهم) عن طريق ابن دكين قال، حدثنا عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول:"والراسخون في العلم"، انتهى علم الراسخين في العلم بتأويل القرآن إلى أن قالوا،"آمنا به كلٌّ من عند ربنا".
- و حكاه ابن عطية عنه.
قول مالك أخرجه ابن جرير في تفسيره قال - حدثني يونس قال، أخبرنا أشهب، عن مالك في قوله:"وما يعلم تأويله إلا اللهّ"، قال: ثم ابتدأ فقال:"والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا"، وليس يعلمون تأويله.
- ذكر الأنباري [ابن الأنباري] في إيضاح الوقف و الابتداء: أنه قول أكثر أهل العلم، و قال أبو عمرو الداني في المكتفي: وهو قول أكثر أهل العلم من المفسرين والقراء والنحويين.
ما يؤيد القول الأول:
1- ما أخْرَجَه ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ قالَ: قَرَأْتُ عَلى عائِشَةَ هَؤُلاءِ الآياتِ، فَقالَتْ: كانَ رُسُوخُهم في العِلْمِ أنْ آمَنُوا بِمُحْكَمِهِ ومُتَشابِهِهِ، وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلّا اللَّهُ، ولَمْ يَعْلَمُوا تَأْوِيلَهُ.
2- القراءات:
أ‌. أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، ابن أبي داود في المصاحف، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ طاوُسٍ قالَ: كانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَقْرَؤُها: وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلّا اللَّهُ ويَقُولُ الرّاسِخُونَ في العِلْمِ آمَنّا بِهِ.
- ذكر السيوطي في الدر أن ابْنُ الأنْبارِيِّ أخرجه في كِتابِ ”الأضْدادِ“،و لم أصل إلى ذلك. [هل وصلتِ إلى تخريج هذا الأثر في مسند عبد بن حُميد؟]
- و ذكر أن ابْنُ أبِي داوُدَ أخرجه في ”المَصاحِفِ“ عَنِ الأعْمَشِ .
ب‌. حكى الفراء ٍ في معاني القرآن ،و ابن جرير في تفسيره و الأنباري في إيضاح الوقف و الابتداء؛أنّ في قراءة عبد اللّه بن مسعودٍ و أبي بن كعب : "إن تأويله إلّا عند اللّه والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به" .
- اعتبر أبو بكر الأنباري في إيضاح الوقف و الابتداء هذه القراءة تقوية للقول الأول و أطلق عليه مذهب العامة.
3- ما أخْرَجَه ابْنُ جَرِير و ابن أبي حاتم ٍ من طريق ع يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأعْلى عَنْ عُرْوَةَ قالَ: ﴿الرّاسِخُونَ في العِلْمِ﴾ [النساء: ١٦٢] لا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ ولَكِنَّهم يَقُولُونَ: آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِن عِنْدِ رَبِّنا.
- حكى عن عروة هذا القول ابن عطية في تفسيره.
4- المعنى المراد

- و اختار أبو عبدِ الله السَّجَاوَنْدِيُّ في كتابه علل الوقوف هذا القول و و صفه أنه الاصوب، و علله أن مذهب أهل السنة و الجماعة على أن شرط الإيمان بالقرآن هو العمل بمحكمه و التسليم لمتشابهه، و هذا ينافي القول الثاني بالوصل عني أن الراسخين يعلمون المتشابه كما يعلمه الله. [بيني المعنى الذي اختاره في المراد بالمحكم والمتشابه، لأنه استدرك ببيان جواز الوقف على (العلم) على القول بأن المتشابه هو ما خفي معناه على بعض الناس واتضح للعلماء، ثم رجح الأول]
و قال أن إعراب {والراسخون} مبتدأ، و أنه ثناء من الله عليهم بالإيمان [على التسليم] بأن الكل [من عند الله].
- ذكر الزركشي في كتابه الرهان في علوم القرآن أن الله تعبد عباده بما يعلمون من محكم الكتاب و بما لا يعلمون من متشابهه.
- و مما يؤيد هذا القول؛ أن الآية دلت على ذم متبعي المتشابه، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابتغاء الفتنة وابتغاء تَأْوِيلِهِ﴾ .
ووصفهم بالزيغ وابتغاء الفتنة، وعلى مدح الذين فوضوا العلم إلى الله وسلموا إليه، كما مدح الله المؤمنين بالغيب.
5- وما أخْرَجَه ابْنُ المُنْذِرِ، مِن طَرِيقِ الكَلْبِيِّ، عَنْ أبِي صالِحِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: تَفْسِيرُ القُرْآنِ عَلى أرْبَعَةِ وُجُوهٍ، تَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ العُلَماءُ، وتَفْسِيرٌ لا يُعْذَرُ النّاسُ بِجَهالَتِهِ مِن حَلالٍ أوْ حَرامٍ، وتَفْسِيرٌ تَعْرِفُهُ العَرَبُ بِلُغَتِها، وتَفْسِيرٌ لا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلّا اللَّهُ، مَنِ ادَّعى عَلِمَهُ فَهو كاذِبٌ. [هذا الإسناد إلى ابن عباس واه، لأن الكلبي متروك، ورواه ابن جرير من طريق سفيان عن أبي الزناد عن ابن عباس قال: " وجهٌ تعرفه العربُ من كلامها، وتفسير لَا يُعذر أحدٌ بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لَا يعلمه إلا الله تعالى ذكره" ]
6- و ما أخْرَجَه ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «”أُنْزِلَ القُرْآنُ عَلى سَبْعَةِ أحْرُفٍ؛ حَلالٍ وحَرامٍ لا يُعْذَرُ أحَدٌ بِالجَهالَةِ بِهِ، وتَفْسِيرٌ تُفَسِّرُهُ العَرَبُ، وتَفْسِيرٌ تُفَسِّرُهُ العُلَماءُ، ومُتَشابِهٌ لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ، ومَنِ ادَّعى عِلْمَهُ سِوى اللَّهِ فَهو كاذِبٌ“» . [لابد أن تذكري التخريج ليظهر لكِ ضعف هذا الحديث
قال ابن جرير: "حدثني يونس بن عبد الأعلى الصَّدَفي، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت عمرو بن الحارث يحدث، عن الكلبيّ، عن أبي صالح، مولى أمّ هانئ، عن عبد الله بن عباس: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنزل القرآن على أربعة أحرفٍ: ‌حلالٌ ‌وحرامٌ ‌لَا ‌يُعذَر ‌أحدٌ بالجهالة به، وتفسيرٌ تفسِّره العرب، وتفسيرٌ تفسِّره العلماء، ومتشابهٌ لَا يعلمه إلا الله تعالى ذكره، ومن ادَّعى علمه سوى الله تعالى ذكره فهو كاذب"

وكما سبق بيانه فإن إسناد الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس إسناد واه، لأن الكلبي متروك الحديث، وحتى ابن جرير قال في هذا الحديث: " وقد روى بنحو ما قلنا في ذلك أيضًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرٌ في إسناده نظر"]

7- و ما أخرجه ابن جرير في تفسيره عن ابن عباس أنه قال :"والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا"، نؤمن بالمحكم وندين به، ونؤمن بالمتشابه ولا ندين به، وهو من عند الله كله).)
8- و قوله حدثنا يحيى بن أبي طالب قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله:"والراسخون في العلم" يعملون به، يقولون: نعمل بالمحكم ونؤمن به، ونؤمن بالمتشابه ولا نعمل به، وكل من عند ربنا.
9- نوع الوقف :
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ و أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ :({والوقف على (وما يعلم تأويله إلا الله) تام لمن زعم أن «الراسخين في العلم» لم يعلموا تأويله.
10- الوجه الإعرابي:
ذكر ابن جرير في رفع الراسخين :
1- واو الاستئناف؛ فإنه يرفع"الراسخين في العلم" بالابتداء في قول البصريون، ويجعل خبره:"يقولون آمنا به"، قال به الفراء، و رد أن يكون الرفع باتباع الله.
2- في قول بعض الكوفيين، فبالعائد من ذكرهم في"يقولون"، و هو ما قاله أبوبكر ابن الأنباري، و بنى عليه أن الوقف عندهم لا يتم على العلم و لا يحسن، و ذلك لأنه لا يحسن الوقف على المرفوع دون الرافع؛ الراسخين و يقولون.
3- وفي قول بعضهم: بجملة الخبر عنهم، وهي:"يقولون.
قال الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن أن قول الله تعالى( يقولون آمنا) إعرابه متردد بين كونه حالًا َفضلة و خبرًا عمدة و رجح كونه خبر عمدة.
11- و ذكر السجاوندي في كتابه علل الوقوف في بيان رأيه في عدم جواز العطف على الله، سببان الأول منهما: أن التوكيد بالنفي في الابتداء، و الثاني : تخصيص اسم الله بالاستثناء يقتضي أنه مما لا يشاركه في علمه سواه، فلا يجوز العطف على قوله {إلا الله] كما على لا إله إلا الله.

2- القول الثاني: الوقف على "الراسخون في العلم" و هو قول مجاهد، و الربيع.
قول مجاهد:
-رواه عبد بن حميد في تفسيره عنه قال ( الراسخون في العلم يعلمون تأوله ) و يقولون آمنا به.
-و رواه كلًا من ابن جرير، و ابن أبي حاتم (في تفسيرهما)، أبو بكر الأنباري (في ايضاح الوقف والابتداء)، و أبوعمرو الداني (.في المكتفى) عن طريق المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: والراسخون في العلم" يعلمون تأويله، ويقولون:"آمنا به" [إسناد أبي بكر بن الأنباري وأبي عمرو الداني إلى مجاهد ليس من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد]
-ذكر ذلك عنهم السيوطي في الدر المنثور، و حكاه و ابن عطية وابن كثير عنه .
قول الربيع
-رواه ابن جرير في تفسيره قال حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه عنه به.
ما يؤيد القول هذا القول:
1- ما أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره: قال حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمانَ بْنِ الأشْعَثِ، ثَنا حَمُ بْنُ نُوحٍ، ثَنا أبُو مُعاذٍ، ثَنا أبُو مُصْلِحٍ، عَنِ الضَّحّاكِ: ﴿وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلا اللَّهُ والرّاسِخُونَ في العِلْمِ﴾ يَقُولُ: الرّاسِخُونَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ، لَوْ لَمْ يَعْلَمُوا تَأْوِيلَهُ لَمْ يَعْلَمُوا ناسِخَهُ مِن مَنسُوخِهِ، ولَمْ يَعْلَمُوا حَلالَهُ مِن حَرامِهِ، ولا مُحْكَمَهُ مِن مُتَشابِهِهِ.
2- و ما أخرجه في تفسيره أيضًا قال: حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير:"وما يعلم تأويله" الذي أراد، ما أراد، ("إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلّ من عند ربنا"، فكيف يختلف، وهو قولٌ واحدٌ من ربّ واحد؟(ثم ردّوا تأويل المتشابه على ما عرفوا من تأويل المحكمة التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد، فاتَّسق بقولهم الكتاب وصدق بعضه بعضًا، فنفذَت به الحجة، وظهر به العذر، وزاحَ به الباطل، ودُمغ به الكفر.(
3- ما عقب به ابن كثير بعد ذكره هذا القول وأن عليه كثير من المفسرين و أهل الأصول أنهم قالوا: الخطاب بما لا يفهم بعيدٌ.
4- وصف الراسخون : فلعلمهم بالمتشابه وصفوا بالرسوخ في العلم، قال ذلك مكي في مشكل إعراب القرآن ، و أن الراسخون عطف على الله.
5- رد مكي القراءة التي رويت عَن ابْن عَبَّاس (وَيَقُول الراسخون فِي الْعلم آمنا بِهِ)، لكونها تخالف المصحف، و تأولها إذا صحت ؛ مَا يُعلمهُ إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم وَيَقُولُونَ آمنا بِهِ ثمَّ أظهر الضَّمِير الَّذِي فِي يَقُولُونَ فَقَالَ وَيَقُول الراسخون.
و ممن ردها أيضَا أبو الحسن المجاشعي في كتاب النكت في القرآن الكريم، بعد أن ذكر أنه أبو محمد مكي بن أبي طالب المقرئ ( حدثه أن ابن عباس قرأ (وهو ما يعلم تأويلة إلا الله ويقول الراسخون في العلم يقولون آمنا به) .
و قد استبعدها لأمرين: الأول أنها مخالفة المصحف، و الثانية لتكرار اللفظ؛ لأن اللفظ الثاني يغني عن الأول. وموضع: (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) على هذا القول نصب على الحال.
6- و ذكر أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ في المكتفي أن من قال بذلك جماعة من أهل العلم، و على قولهم يكون الوقف على قوله: {والراسخون في العلم}، و ذكر ان السبب أن الراسخين نسق على اسم الله عز وجل.)[المكتفى: 194 - 197].
7- الوجه الإعرابي : الواو واو العطف ؛ عطف بـ"الراسخين" على اسم"الله"، فرفعهم بالعطف عليه. * * *الوقف على آمنا به.
ذكر ابن أبي بكر الأنباري اختيار السسجتاني و حجته في اختياره القول الأول، ثم رد عليه؛ الحجة الأولى للسجستاني أن الراسخين في موضع رفع، و الرد عليه أن من اختار القول الثاني أخرج الراسخين من موضع الابتداء و أدخلوهم في النسق فلا يلزمهم أن يدخلوا في المنسوق.
و حجته الثانية ، ـن أما تدخل على الأسماء المبتدئة و لا تدخل على المنسوقة، و استدل بأدلة، رد ابن الأنباري حجته بأن لو كان الموضع..
8- المعنى المراد:
مما قيل في سبب ترجيح العطف على الله ، أن الله لم يكلف العباد بما لا يعلمون، و أن الله لم ينزل شيئا من القرآن إلا لينتفع به العباد، و يكون لهم دليلًا على ما أراده من معنى، و من هذا يلزم أن لا يكون المتشابه مما يعلمه الله وحده، و أنه لا يجوز أن يقال أن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يعلم المتشابه، فإذا جاز أن يعرفه ، جاز للراسخين في العلم علمه، و يدلل على ذلك بقول ابن عباس أنه من الراسخين في العلم و أنه من القليل الذين يعلمون ؛ ذكر ذلك الزركشي في البرهان في علوم القرآن.
* و لبيان القول الذي يترجح نحتاج لمعرفة المراد بالمحكم و المتشابه في الآية:
الآيات المحكمات الاتي قد أحكمن باليبان و التفصيل و أبتت حجتهن و أدلتهن على ما كانت دليلا عليه من أحكام، لا لبس في فهمها، و المتشابه ما تَشابهت ألفاظه، واحتمل صَرْف صارفه في وجوه التأويلات باحتماله المعاني المختلفة، اختاره الفراء في معاني القرآن،و ابن جرير في تفسيره و النحاس في معاني القرآن، الجصاص في أحكام القرآن، و ابن عطية و ابن كثير..
- اختار ابن جرير القول الأول، أن الراسخين في العلم لا يعلمون المتشابه الذي ذكره الله عز و جل في الآية و الذي هو العلم بوقتَ قيام الساعة، وانقضاء مدة أكل محمد وأمته، وما هو كائن، و هو خاص بمن نزلت فيهم الآية، استند لقراءة أبي و ابن عباس و ابن مسعود.
- و لعل أحسن الأقوال و الله أعلم جواز القولين، فكما بين ابن عطية في تفسيره: أن الأمر أقرب منه للاتفاق للخلاف، و ذلك باعتبار المراد بالمحكم و المتشابه، فأصحاب القول الثاني معنى المحكم لديهم هو المتضح البين، و المتشابه على نوعين ما لا يعلمه إلا الله و ما يحتمل وجوه من التأويل يرجح أحدها بأدلته، و هذا الثاني مما يعلمه الراسخون بالعلم، فالله يعلم المتشابه على وجه الكمال و الاستيفاء، و الراسخون في العلم يعلمون جزء منه، و هذا يستنبط من الآية ؛ (َلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ) ، كما ربط الجصاص (في كتابه أحكام القرآن) بين الآيتين، فالآية تقتضي معرفتهم بما يشاء الله لهم من علمه.
و عليه فعطف الراسخون على الله يدخلهم في علم المتشابه لا على وجه الكمال، و هذا مما يقتضيه العقل، و يقتضيه رسوخهم في العلم، الذي يجعل عندهم زيادة علم عن غيرهم، فالراسخون في العلم يتميزون عن غيرهم بهذا العلم ، وعلى هذا قد يوجه ما قاله ابن عباس في الأثر: قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجهٌ تعرفه العرب من كلامها، وتفسيرٌ لا يُعْذر أحد بجهالته، وتفسيرٌ يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالى ذِكْره. "
و قال ابن عطية أيضًا: أن هذا القول يوافق فصيح العربية.
و هو قريب مما بينه الجصاص في كتابه أحكام القرآن.
و على ما سبق يكون المعنى بالوقف على العلم : لا يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم كل بقدره.
و قد ذكر ابن عطية حجة من قال بالوقف على الله، بُنى على أن المتشابه يحتمل وحده، و أن المتشابه إنما هو ما لا سبيل لأحد إلى علمه، و هو ما اختص الله بعلمه، و اختيار أصحاب هذا القول بسبب خوفهم أن يفهم المعنى أن الراسخون يعلمون المتشابه على وجه الكمال، فيكون قولهم بإخراج الراسخين من علم تأويله مقبول.
و الإعراب يحتمل الوجهين و المعنى يتقارب كما ذكر ابن عطية.
و قد عقب ابن كثير في تفسيره بعد ذكر القولين ، بذكر تفصيل بعض العلماء لها بما يفيد الجمع بينها، لكن بناء على معنى التأويل عند السلف:
1- التأويل بمعنى العلم بحقائق الأشياء، وهذا لا يعلمه الراسخون في العلم، لأنّ حقائق الأمور وكنهها لا يعلمه على الجليّة إلّا اللّه عزّ وجلّ.
2- الـتاويل بمعنى التفسير و البيان، و هذا مما يعلمه الراسخون في العلم، لأنّهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار، وإن لم يحيطوا علمًا بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه.
و قد ذكر الدكتور عبد اللطيف الخطيب في معجم القرأءات أن كثير من الأئمة جوز الأمرين .معجم القراءات: 1/445].
مما سبق و الله أعلم يكون القولان جائزين و مقبولين و فيهما معنى كمال المعنى.

المصادر:
1- مقدمات في علم القراءات، المؤلف: محمد أحمد مفلح القضاة، أحمد خالد شكرى، محمد خالد منصور (معاصر)
2- رواه الحاكم في المستدرك في كتاب الإيمان، باب كيف يتعلم القرآن (١: ٣٥) ورواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الصلاة، باب بيان أنه قيل يؤمهم أقرؤهم (٣: ١٧١).
3- الهذلي، الكامل في القراءات الخمسين، ورقة ٣٣/ ب.
4- النحّاس في كتابه القطع و الاسئتناف، باب ما يحتاج إليه من حقق النظر في التمام.
كتب التفسير:
ابن جرير، ابن أبي حاتم، ابن عطية، ابن كثير، الدر المنثور للسيوطي.
أحكام القرآن للجصاص
كتب معاني القرآن:
الفراء، الزجاج، النحاس، أبو الحسن المجاشعي في كتاب النكت في القرآن الكريم
علوم القرآن: كتاب البرهان في علوم القرآن للزركشي.
كتب القراءات:
ابن الأنباري ( إيضاح الوقف و الابتداء)، السجاوندي ( علل الوقوف).
عبد اللطيف الخطيب في معجم القرأءات: . [معجم القراءات: 1/445]


التقويم: أ+

أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

- تتبع الأقوال والأسانيد للتخريج ربما يأخذ وقتا طويلا، لكن سيفيدكِ كثيرًا على طول مسيرتك العلميةإن شاء الله، فاحرصي عليه، وأكثري التدرب عليه من خلال هذه الواجبات وغيرها.
- أحسنتِ تحرير المسألة، لكن وددت مع كل قول أن تبيني بصورة واضحة علاقة الوقف بالمراد بالتأويل في قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله}، والمراد بالمتشابه، لأن صحة كل وقف تعتمد على ما يعتقده القارئ من معنى الآية.
- انسبي الأقوال للعلماء بحسب ما اشتهروا به من أسماء وألقاب وكنى.
- طالما قمتِ بتخريج القول من المصادر الأصلية فلا حاجة لعزوه لمصدر ناقل إلا إذا كان في المصدر الناقل مزيد فائدة؛ كأن يكون فيه توضيح أو تعقيب على القول.

زادكِ الله إحسانا وتوفيقًا وسدادا.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:13 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir