دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ربيع الأول 1430هـ/6-03-2009م, 09:37 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي 2: ذكر الجنس والنوع

( الثاني ): ذِكْرُ الجنْسِ والنوعِ وكلِّ وَصْفٍ يَخْتَلِفُ به الثَّمَنُ ظاهرًا وحَدَاثَتُه وقِدَمُه، ولا يَصِحُّ شَرْطُ الْأَرْدَأِ أو الأَجْوَدِ, بل جَيِّدٌ ورَديءٌ , فإنْ جاءَ بما شَرَطَ أو أَجْوَدَ منه من نوعِه ولو قُبِلَ مَحَلُّه ولا ضَرَرَ في قَبْضِه -لَزِمَه أَخْذُه.


  #2  
قديم 11 ربيع الأول 1430هـ/7-03-2009م, 12:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.......................

  #3  
قديم 11 ربيع الأول 1430هـ/7-03-2009م, 12:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

الشرطُ (الثانِي: ذِكْرُ الجِنْسِ والنَّوْعِ)؛ أي: جنسِ المُسَلَّمِ فيه ونَوْعِه، (وكُلِّ وَصْفٍ يَخْتَلِفُ به)؛ أي: بسَبَبِه (الثَّمَنُ) اختِلافاً (ظاهِراً) كلَوْنِه وقَدْرِه وبَلَدِه (وحَدَاثَتِه وقِدَمِه) ولا يَجِبُ استقصاءُ كُلِّ الصفاتِ؛ لأنَّه قد يَتَعَذَّرُ، ولا ما لا يَخْتَلِفُ به الثَّمَنُ لعدمِ الاحتياجِ إليه. (ولا يَصِحُّ شَرْطُ المُتعاقِدَيْنِ الأرْدَأَ أو الأَجْوَدَ)؛ لأنَّه لا يَنْحَصِرُ؛ إذ ما مِن رَديءٍ أو جَيِّدٍ إلا ويَحْتَمِلُ وُجُودَ أَرْدَأَ أو أَجْوَدَ مِنه. (بل) يَصِحُّ شرطُ (جَيِّدٍ ورَدِيءٍ)، ويُجْزِئُ ما صَدَقَ عليه أنَّه جَيِّدٌ أو رَدِيءٌ فيَنْزِلُ الوَصْفُ على أَقَلِّ دَرَجَةٍ. (فإن جَاءَ) المُسَلَّمُ إليه (بما شَرَطَ) للمُسَلِّمِ لَزِمَه أَخْذُه، (أو) جَاءَه بـ (أَجْوَدَ مِنه)؛ أي: مِنَ المُسَلَّمِ فيه (مِن نَوْعِه ولو قبلَ مَحَلِّه)؛ أي: حُلُولِه. (ولا ضَرَرَ في قَبْضِه؛ لَزِمَه أَخْذُه)؛ لأنَّه جَاءَه بما تَنَاوَلَه العَقْدُ وزِيَادَةٍ تَنْفَعُه. وإن جَاءَه بدونِ ما وَصَفَ أو بغَيْرِ نَوْعِه مِن جِنْسِه؛ فله أَخْذُه، ولا يَلْزَمُه. وإن جَاءَ بجِنْسٍ آخَرَ لم يَجُزْ له قَبُولُه. وإن قَبَضَ المُسَلَّمَ فيه فوَجَدَ به عَيْباً فله رَدُّه وإِمْسَاكُه معَ الأرْشِ.


  #4  
قديم 11 ربيع الأول 1430هـ/7-03-2009م, 12:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

الشرط (الثاني ذكر الجنس، والنوع) أي جنس المسلم فيه نوعه([1]).
(وكل وصف يختلف به) أي بسببه (الثمن) اختلافًا (ظاهرًا) ([2])، كلونه، وقدره وبلده ([3]) (وحداثته وقدمه) ([4]) ولا يجب استقصاء كل الصفات، لأنه قد يتعذر ([5]) ولا ما لا يختلف به الثمن، لعدم الاحتياج إليه ([6]).
(ولا يصح شرط) المتعاقدين (الأردأ أو الأجود) لأنه لا ينحصر ([7]) إذ ما من رديء أو جيد إلا ويحتمل وجود أردأ أو أجود منه([8]) (بل) يصح شرط (جيد ورديء)([9]) ويجزئ ما يصدق عليه أنه جيد أو رديء ([10]) فينزل الوصف على أقل درجة([11]) (فإن جاء) المسلم إليه (بما شرط) للمسلم، لزمه أخذه ([12]) (أو) جاءه بـ (ـأجود منه) أي من المسلم فيه (من نوعه ([13]).
(ولو قبل محله) أي حلوله (ولا ضرر في قبضه، لزمه أخذه) ([14]) لأنه جاءه بما تناوله العقد، وزيادة تنفعه ([15]) وإن جاءه بدون ما وصف ([16]) أو بغير نوعه من جنسه، فله أخذه ولا يلزمه ([17]) وإن جاءه بجنس آخر لم يجز له قبوله ([18]).
وإن قبض المسلم فيه فوجد به عيبًا فله رده ([19]) وإمساكه مع الأَرش([20])



([1])باتفاق أهل العلم، وكذا الجودة والرداءة، فإنه لا بد من ذلك في كل مسلم فيه، قال الشيخ وغيره: يذكر جنسه كالحب مثلاً، ونوعه كالسلموني مثلاً، وذكر النوع مستلزم لذكر الجنس.
([2])لأن المسلم فيه عوض في الذمة فلا بد من العلم به كالثمن، ولأن العلم بالمبيع شرط في البيع، وطريقه الرؤية أو الوصف، والرؤية متعذرة هنا، فتعين الوصف.
([3])فيذكر لونه إن اختلف، كأحمر أو أبيض، ويذكر قدره ككبار مثلاً، متطاول، أو مدور، ويذكر بلده، أي الثمر أو الحب، فيقول: من بلد كذا. بشرط أن تبعد الآفة فيها.
([4])فيقول: حديث أو قديم، وإن أطلق العتيق، ولم يقيده بعام أو أكثر، أجزأ أي عتيق كان، ما لم يكن متغيرًا، ويذكر سن حيوان، وغيره مما يميز به مختلفه، فيقول: ذكرًا وسمينًا أو معلوفًا، وكبيرًا، أو ضدها، ويذكر في عسل جنسه كنحل، أو قصب، وبلده، وزمنه ولونه، وفي سمن نوعه، كسمن بقر، ولونه كأصفر، ويذكر في اللبن النوع، والمرعى، وفي ثوب النوع، والبلد، واللون، والطول، والعرض، والخشونة، والصفاقة، وضدها، وفي غزل كاغدًا ونحو ذلك، وسائر ما يجوز فيه السلم بما يختلف به.
([5])وقد ينتهي الحال فيها إلى أمر يتعذر التسليم فيه، فيكتفي بالأوصاف الظاهرة، التي يختلف بها الثمن ظاهرًا، ولو استقصى، حتى انتهى إلى حال يندر وجود المسلم فيه بتلك الأوصاف، بطل السلم.
([6])أي ولا يجب ذكر وصف لا يختلف به الثمن اختلافًا ظاهرًا، لعدم الاحتياج إلى ذلك الوصف.
([7])أي الأردأ، لأن أفعل التفضيل لا ينضبط، ولتعذر الوصول إلى الأجود، وإن قدر عليه كان نادرًا.
([8])أي فلا يصح اشتراط الأردإ أو الأجود، وقال الموفق في الأردإ: يحتمل أن يصح، لأنه يقدر على تسلم ما هو خير منه، فإنه لا يسلم شيئًا إلا كان خيرًا مما شرطه، فلا يعجز إذًا عن تسليم ما يجب قبوله، بخلاف الأجود.
([9])أي بل يصح للمسلم شرط جيد من تمر أو حب، أو غيرهما مما يصح السلم فيه بلا نزاع، وشرط رديء حال العقد، لإمكان الحصول عليه.
([10])عرفًا، وإن وجد أجود منه أو أردأ.
([11])أي في الجودة أو الرداءة.
([12])كالمبيع المعين، سواء تضرر بقبضه أولا، لأن على المسلم إليه ضررًا في بقائه في يده، فإن امتنع قيل: إما أن تقبض حقك أو تبرئ منه، وكذا لو أحضره بعد محل الوجوب، فهو كما لو أحضر المبيع بعد تفرقهما.
([13])لزمه قبوله، لأنه أتى بما تناوله العقد، وزيادة تنفعه ولا تضره، قاله الشارح، وصاحب المبدع، وغيرهما.
([14]) وذلك كالحديد، فإنه يستوي قديمه وحديثه، وكالزيت، والعسل، ما لم يكن في قبضه ضرر لخوف، ولا يحمل مؤنة، فعليه قبضه.
([15])حيث أنه جاءه بأجود منه، وعجل تسليمه، وإن كان في قبضه قبل المحل ضرر، إما لكونه مما يتغير، كالفاكهة والأطعمة كلها، أو كان قديمه دون حديثه، كالحبوب ونحو ذلك، لم يلزم المسلم قبوله، لأن له غرضًا في تأخيره، بأن يحتاج إلى أكله أو طعامه في ذلك الوقت، وكذا الحيوان، لأنه لا يأمن تلفه، وكذا إن كان يحتاج في حفظه إلى مؤنة، كالقطن ونحوه، أو كان الوقت مخوفًا، يخشى على ما يقبضه، فلا يلزمه قبضه قبل محل أجله.
([16])أي من العوض حال العقد، فله أخذه، لأن الحق له، وقد رضي بدونه، ولا يلزمه أخذ دون ما وصف له.
([17])كتمر معقلي فجاء ببرني، وكمعز عن ضأن، وجواميس عن بقر، لأنهما كالشيء الواحد، ولا يلزمه أخذه، ولو أجود منه، لأن العقد تناول ما وصفاه على شرطهما، ولا يجبر على إسقاط حقه، والنوع صفة، فأشبه مالوفات غيره من الصفات.
([18])لأنه صرفه إلى غيره وهو ممنوع، لما رواه أبو داود وغيره «من أسلم في شيء، فلا يصرفه إلى غيره» وللدارقطني «فلا يأخذ إلا ما أسلف فيه» بخلاف القرض، أو ثمن المبيع، فإنه يجوز أن يعتاض عنه بغير جنسه، بشرط قبضه في المجلس.
([19])كسائر المبيعات، وله المطالبة بالبدل، كالمبيع المعيب إذا كان غير عالم بعيبه.
([20])كمبيع غير سلم على ما تقدم، ويجوز لمسلم إليه أخذ عوض زيادة قدر دفعه كما لو أسلم إليه في قفيز، فجاءه بقفيزين، لا أخذ عوض جودة أو رداءة، لعدم إفراد الجودة أو الرداءة بالبيع.


  #5  
قديم 27 جمادى الأولى 1431هـ/10-05-2010م, 10:04 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

( الثاني ) (14): ذِكْرُ الجنْسِ والنوعِ(15) وكلِّ وَصْفٍ يَخْتَلِفُ به الثَّمَنُ ظاهرًا (16)وحَدَاثَتُه وقِدَمُه(17)، ولا يَصِحُّ شَرْطُ الْأَرْدَأِ أو الأَجْوَدِ(18), بل جَيِّدٌ ورَديءٌ(19) , فإنْ جاءَ بما شَرَطَ أو أَجْوَدَ منه من نوعِه ولو قُبِلَ مَحَلُّه ولا ضَرَرَ في قَبْضِه -لَزِمَه أَخْذُه(20).

(14) أي : من شروط صحة السلم .
(15) أي : جنس المسلم فيه ونوعه ، فيذكر جنسه كالبر مثلاً ونوعه كاللقيمي , وذكر النوع يستلزم ذكر الجنس .
(16) كلونه وقدره وبلده ؛ لأن المسلم فيه عوض في الذمة فلا بد من العلم به كالثمن ، ولأن الرؤية متعذرة فتعين الوصف .
(17) فيقول من النوع القديم أو من النوع الحديث .
(18) لأنه لا ينضبط بذلك إذ ما من جيد أو رديء إلا ويحتمل وجود ما هو أجود أو أردأ منه .
(19) ويجزئ ما ينطبق عليه هذا الوصف ويترل على الأقل درجة .
(20) لأنه جاءه بما يتناوله العقد وزيادة تنفعه ، فإن كان في قبضه قبل حلوله ضرر كالخوف عليه لم يلزمه أخذه .



  #6  
قديم 16 ربيع الثاني 1432هـ/21-03-2011م, 11:17 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

الثَّانِي: ذِكْرُ الجِنْسِ والنَّوْعِ وَكُلِّ وَصْفٍ يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ ظَاهِرَاً وَحَدَاثَتِهِ وقِدَمِهِ
قوله: «الثاني» أي: من شروط السلم.
قوله: «ذكر الجنس والنوع» لا بد من معرفة الفرق بين هذه الأمور الثلاثة: الجنس والنوع والواحد بالعين.
الجنس: ما له اسم خاص يشمل أنواعاً.
والنوع: واحد الجنس.
والواحد بالعين: واحد النوع.
فالحب: جنس، والبر: نوع، وزنبيل من البر: واحد بالعين.
ففي السلم لا بد من أن نذكر الجنس والنوع، فإذا أسلمت إليك في بر وقلت: هذه مائة ريال بمائة صاع بر توفيني إياه بعد سنة، فإن ذلك لا يكفي؛ لأنك لم تذكر الجنس، بل لا بد أن تقول: أسلمت إليك مائة ريال بمائة صاع حب بر، حَبٌّ: هذا جنس، وبر: هذا نوع، فلا بد أن تقول هكذا، فإن قلت: بمائة صاع بر لا يصح، هذا ما ذهب إليه المؤلف وهو قول ضعيف.
والصواب : أنه لا يشترط ذكر الجنس؛ لأن ذكر النوع كاف، إذ أن مَنْ ذكر النوع فقد ذكر الجنس؛ لأن النوع أخص، والأخص يدخل في الأعم، فلا حاجة من ذكر الأعم، وهذا القول هو الراجح، بل هو ظاهر المذهب؛ لأن صاحب المنتهى ـ وهو العمدة في مذهب الإمام أحمد عند المتأخرين ـ لم يذكر ذكر الجنس، وعلى هذا فإذا قلت: أسلمت إليك مائة ريال بمائة صاع بر فلا بأس، لكن هذا البر يحتاج إلى ذكر نوع أخص؛ لأن البر في الواقع أنواع كما أن التمر أنواع، فنذكر النوع فنقول: بر حنطة، أو بر معية، أو بر لقيمي، كما هو معروف من هذه الأنواع في القصيم، وبناء على ذلك نقول: هل لا بد من ذكر الجنس الأعلى ثم الأوسط ثم النوع؟ أو نكتفي بالجنس الأوسط؟
الجواب: الثاني، وعلى هذا فلا يحتاج أن نقول: حب؛ لأن هذا هو الجنس الأعلى، فإذا قال: أسلمت إليك مائة ريال بمائة صاع حنطة، فإنه يكفي على القول الذي رجحناه.
بهذا نعرف أن الجنس قد يكون نوعاً باعتبار ما فوقه، ففي المثال الذي ذكرناه حَبٌّ جنس أعلى، بُرٌّ جنس أدنى، حنطة نوع، فالمقصود ذكر الجنس الأدنى، يعني أقرب جنس للنوع هو الواجب ذكره، وأما الأعلى فلا حاجة لذكره.
فمثلاً: أسلمت إليك في بهيمة الأنعام، وأنواعها ثلاثة: إبل، وبقر، وغنم.
بهيمة الأنعام جنس، ثم الإبل جنس أدنى، ثم كونها بخاتي ـ ذات سنامين ـ أو ذات سنام، أو ما أشبه ذلك، هذا نوع.
والغنم جنس، وكونها ضأناً أو ماعزاً نوع، قد يقال: إنه ربما ينشأ من هذه الأنواع أنواع أخرى، فقد يكون الماعز ـ أيضاً ـ أنواعاً، والمهم أنه لا بد أن تذكر الجنس الأدنى، والنوع الذي يليه وهو أخص شيء.
والصواب الذي لا شك فيه أنه يُكتفى بذكر أخص شيء. فمثلاً عندما نريد أن نسلم في تمر، فعلى كلام المؤلف لا بد أن نقول: تمر سكري، أي: أسلمت إليك مائة ريال بمائة صاع تمر سكري.
والصحيح أنه يكفي أن نقول: أسلمت إليك مائة ريال بمائة صاع سكري؛ لأنك إذا ذكرت النوع لزم منه ذكر الجنس.
قوله: «وكل وصف يختلف به الثمن ظاهراً» فمثلاً إذا كان ذا ألوان فتقول: أبيض، أو أحمر، أو أسود، وكذلك ـ أيضاً ـ إذا كان النسج في الثياب مختلفاً، يذكر الوصف الذي يختلف به الثمن اختلافاً ظاهراً، أما الاختلاف اليسير فإنه يعفى عنه؛ لأنه قل أن ينضبط الموصوف على وجه لا اختلاف فيه إطلاقاً، ولهذا قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: كل سلم يختلف لا بد؛ لأنه مهما كان الإنسان في دقة الوصف لا يمكن أن يدرك كل الأوصاف، فمثلاً نسلم في سيارة فنحتاج إلى ذكر اللون؛ لأن الثمن يختلف به، ونذكر الموديل (الطراز)؛ لأن الثمن يختلف به، وهل هي غمارة أو غمارتان؟
ومما لا يختلف فيه الثمن ـ مثلاً ـ المسجل، فالسيارات تختلف فيه كأن يكون في بعض السيارات بالوسط، وفي البعض الآخر إلى جانب السائق، وكذلك يكون الحال في الساعة، بعضها يكون ـ مثلاً ـ فوق، وبعضها يكون أسفل، وبعضها يكون مائلاً للجانب الأيمن، وبعضها مائلاً إلى الجانب الأيسر، فهذه الأوصاف لا نذكرها؛ لأنها ليست ذات أهمية، ولا يرفع الإنسان بها رأساً، وكذلك بقية الأوصاف التي لا يختلف بها الثمن اختلافاً ظاهراً فإنه لا يجب ذكرها؛ لأن الإحاطة بها متعسرة.
قوله: «وحداثته وقدمه» يعني لا بد أن يذكر أنه جديد أو أنه قديم وهذا حق لا بد منه؛ لأن الثمن يختلف اختلافاً ظاهراً بين الجديد والقديم، فلا بد أن نقول في التمر؛ من تمر هذا العام، أو من تمر العام الماضي؛ لأنه يختلف اختلافاً ظاهراً، لكن كيف يكون من تمر العام الماضي؟!
الجواب: بأن يكون عنده مجبناً ـ يعني مكنوزاً في التنك ـ ويكون عنده قديم من العام الماضي، إذاً لا بد أن يذكر أنه جديد أو قديم.
ولا بد أن تذكر جودته ورداءته؛ لأن الجودة والرداءة يختلف بها الثمن اختلافاً ظاهراً.

وَلاَ يَصِحُّ شَرْطُ الأرْدَأ وَالأجْوَدِ بَلْ جَيِّدٌ وَرَديءٌ، فَإنْ جَاءَ بِمَا شَرَطَ أو أجْوَدَ منه مِنْ نَوْعِهِ وَلَوْ قَبْلَ مَحِلِّهِ وَلاَ ضرَرَ فِي قَبْضِهِ لَزِمَهُ أخْذُهُ.
قوله: «ولا يصح شرط الأردأ والأجود» أي: لو قال: من أجود ما يكون أو أردأ ما يكون، يقولون: إنه لا يصح.
مثاله: أسلمت إليك مائة ريال بمائة صاع حنطة أجود ما يكون، يقول المؤلف: لا يصح؛ لأنه ما من جيد إلا ويوجد أجود منه، وأجود ما يكون في هذا البلد قد يكون أردأ ما يكون في البلد الآخر، فماذا نعمل وهو يقول: أجود ما يكون؟! ثم حتى أجود ما يكون في البلد، قد يكون ما عرض في السوق أجود ما يكون في السوق، لكن في البيوت ما هو أجود منه، فاشتراط الأجود لا يصح.
والأردأ كذلك؛ لأنه ما من رديء إلا ويوجد أردأ منه، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء على ثلاثة أقوال:
القول الأول: ما قاله المؤلف أنه لا يصح شرط الأردأ ولا الأجود[(1)]؛ والعلة هي أنه ما من جيد إلا ويوجد أجود منه، والأردأ نفس الشيء فما من رديء إلا ويوجد أردأ منه، إذاً فهذه الصفة لا يمكن تحقيقها، فلما لم يمكن تحقيقها صار كالذي لا يمكن انضباط صفاته كالجواهر وغيرها.
القول الثاني: يصح شرط الأردأ دون الأجود بأن يشترطه المسلم إليه، فإذا اشترط البائع الذي هو المسلم إليه أنه أردأ ما يكون ورضي المسلم، وقال: نجري العقد على أردأ ما يكون صحَّ، وهذا هو القول الصحيح؛ لأنه إذا قال: أردأ، وقال: هذا أردأ ما يكون، وقبل المسلم فالحق له، إذ أن المسلم لا يمكن أن يقول للمسلم إليه: اذهب فابحث عن أردأ من هذا، وإلا لا أقبل، وحتى لو أمكن أن يقول هكذا فقد قال الفقهاء ـ رحمهم الله ـ: لو جاء إليه بأجود من حقه لزمه القبول، وإذا كان كذلك فأي مانع يمنع من صحة هذا الشرط؟ مع أن هذا الشرط في نظري حسب الواقع لا يقع؛ لأن المسلم إليه لا يقول: أردأ ما يكون، بل سيقول: سأبيعك طعاماً ليس بأجود شيء.
القول الثالث: أنه يصح شرط الأردأ أو الأجود ويحمل على ما يكون في سوق البلد، أي أجود ما يكون في السوق وأردأ ما يكون في السوق، وهذا معروف عند أهل العرف، والاختلاف الذي يمكن أن يقع فيه اختلاف لا يضر؛ لأنه ما من سلم إلا ويختلف كما قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ.
فالمسألة فيها ثلاثة أقوال أقطعها للنزاع وأقربها للصواب هو الثاني، الذي هو شرط الأردأ دون شرط الأجود؛ لأن شرط الأردأ لو أراد المسلم أن يلزم المسلم إليه بطلب ما هو أردأ فإنه لا يلزمه حتى على المذهب، وإذا كان لا يلزمه فما المانع؟!
قوله: «بل جيد ورديء» أي: يصح أن يقول: جيد أو يقول: رديء.
ولو قال قائل: إن كلمة «جيد ورديء» قد تكون أشد جهالة من الأجود والأردأ؛ لأن المسلم إذا جاءه المسلم إليه بما عقدا عليه البيع، قال: هذا ليس بجيد هذا رديء، وذاك يقول: جيد فيحصل النزاع لكن مع ذلك قالوا: إن هذا يصح؛ لأن هذه الأوصاف يمكن الإحاطة بها، وإذا اختلفا في كونه جيداً أو رديئاً يرجع إلى أهل الخبرة في ذلك.
قوله: «فإن جاء بما شرط» يعني من جيد أو رديء.
«إن جاء» الفاعل يعود على المسلم إليه، وقوله: «بما شَرَط» أي: المسلم، لزمه أخذه.
قوله: «أو أجود منه من نوعه» يعني كان المشروط عليه تمراً وسطاً، فَحَلَّ الأجل وجاء المسلم إليه بتمر جيد، فقال المسلم: بيني وبينك تمر وسط والآن جئتني بجيد فأنا لا أقبل، فهنا يقول المؤلف: يلزمه القبول.
فإذا قال المسلم: كيف تجبرونني أن أقبل هبة بدون رضاي؟
قلنا: إن هذا المسلم إليه لم يأت إليك بعين زائدة، يعني ليس الذي عليه مائة صاع جاء بمائتين إنما جاء بزيادةِ وصفٍ، فالمشروط عليه وسط فجاء بجيد، فلم يأت بأكثر مما وجب عليه، وهذا عبارة عن هبة وصف فيلزمك قبوله، كما قلنا بأن المُبْرأ لا يشترط رضاه، إذاً يلزمه.
وقوله: «من نوعه» أي: بأجود منه من نوعه، فلو كان الإسلام في سكري وأتى إليه ببرحي، والبرحي أكثر قيمة من السكري فهل يلزمه قبوله؟
الجواب: لا يلزمه؛ لأنه ليس من نوعه، فهنا ليس الاختلاف اختلاف صفة بل اختلاف ذات؛ لأنه أتى بنوع آخر فهنا لا يلزمه، وإذا أتى بغير جنسه ـ مثلاً ـ كان الإسلام في بر، ثم أتى إليه بتمر فهذا لا يجوز.
إذن الأقسام ثلاثة:
الأول : إذا أتى بأجود منه من نوعه لزمه القبول.
الثاني : إذا أتى بأجود منه من جنسه لم يلزمه القبول، لكن يجوز له القبول.
الثالث : إذا أتى بغير جنسه حرم القبول.
الأمثلة:
الأول : أسلم إليه في سكري فجاء بسكري أجود، يلزمه القبول.
الثاني : أسلم إليه في سكري فجاء إليه ببرحي لا يلزمه القبول، ولكن يجوز له القبول.
الثالث : أسلم إليه في تمر سكري وجاء إليه ببر، فلا يجوز القبول، حتى لو رضي؛ والسبب قالوا: إنه إذا أخذ عنه بدلاً من غير الجنس صار ذلك بيعاً، وبيع المسلم فيه لا يصح قبل قبضه وهذا على قاعدة المذهب وسيأتي.
أما القسم الأول: فإننا نرى أنه لا يلزمه قبوله إذا جاء بأجود من نوعه؛ لأن ذلك قد يُفضي إلى منَّة عليه في المستقبل، فيقول: أنا لا أريد أن أتحمل قبول الطيب عن الرَديء؛ لأني أعرف هذا الرجل، غداً يقطع رقبتي في المجالس، فيقول: أنا أوفيته بأحسن من حقه وهذا جزائي، فأنا أحسن إليه وأعطيه أحسن من حقه ثم هو يسيء إلي! وهذا واقع؛ لأن كثيراً من الناس الآن يبطلون صدقاتهم بالمن والأذى، ولذلك يقول المسلِم: أنا أريد أن يعطيني حقي ولا أريد غيره.
فنرى أنه لا يلزمه إلا إذا علم أن هذا الرجل لا يمكن أن يمن عليه في المستقبل بذلك، فربما نقول: يلزمه؛ لأن هذا من باب التيسير على أخيك؛ لأنه إذا قال: أنا لا أقبل هذا، فسيذهب يبيعه في السوق، ثم يشتري له حسب شرطه، وقد يحصل بهذا تعب، وقد تحصل فيه ـ أيضاً ـ أجور تربو على الفرق بين الجيد والوسط، فإذا لم يكن عليه ضرر بالمنة لزمه الأخذ وإلا لم يلزمه.
وأما القسم الثالث: فنرى ـ أيضاً ـ أنه إذا جاءه بشيء من غير جنسه ورضي الآخر فإنه لا بأس به، مثل أن يقول: هذه مائة صاع من البر بمائة صاع تمر سكري ورضي المسلم إليه، فنرى أنه لا بأس بهذا؛ لأن البر والتمر ليس بينهما ربا فضل، وهنا إذا أحضره هو وسلمه إياه انتفى ربا النسيئة، فأي محظور في هذا؟ فليس فيه ربا ولا ظلم ولا غرر.
فنحن نخالف الآن المؤلف في مسألتين:
الأولى: وجوب قبول الجيد عن الوسط من النوع.
الثانية: جواز أخذ غير الجنس إذا أحضره وصار القبض قبل التفرق؛ لأنه لا يتضمن رباً ولا ظلماً ولا غرراً.
قوله: «ولو قبل محله ولا ضرر في قبضه لزمه أخذه» محِله بكسر الحاء بمعنى حلول، ومحَل بفتح الحاء بمعنى موضع أي: مكان، يعني: ولو قبل حلوله، فإذا قدرنا أنه يحل في رمضان وجاء إليه في رجب، لزمه قبوله، لكن اشترط المؤلف شرطاً وهو ألا يكون عليه ضرر في قبضه، والذي عليه الضرر هو المسلم، فإن كان عليه ضرر مثل أن يسلم إليه بتمر، أي: أعطاه دراهم على أن يأتيه بتمر في رمضان وجاءه بالتمر في رجب، فهنا جاء به قبل محله، فقال المسلم: لا أقبله، وقال المسلم إليه: تقبله؛ لأن هذا ثبت في ذمتي والتأجيل إرفاق بي، وأنا مسقط لهذا الإرفاق فلا بد أن تأخذه.
فقال المسلم: التمر الآن يملأ السوق، والتمر يكون رائجاً في رمضان، حيث يحتاج الناس إلى التمر في الإفطار، فالآن السعر نازل فعلي ضرر، ففي هذه الحال للمسلم أن يمتنع من قبضه؛ لأن عليه ضرراً.
وكذلك لو حدث خوف في البلد قبل حلول أجله، ـ مثلاً ـ حلول الأجل في رمضان، وحدث خوف في البلد في رجب، فجاء المسلم إليه بما أسلم فيه، فقال المسلم: أنا لا أقبله، البلد الآن مخوف وأخشى أن يُسطَى عليه ويؤخذ، فلا أقبله إلا في رمضان، فهل يلزم بقبضه؟
الجواب: لا؛ لأن عليه ضرراً، إذاً إذا جاء المسلم إليه بما وقع عليه العقد قبل حلوله لزم المُسلِمَ قبولُه، إلا أن يكون عليه ضرر في قبضه، فلا يلزمه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((لا ضرر ولا ضرار)) [(2)].
وما هي العلة في وجوب القبول؟
الجواب: العلة: أن التأجيل إرفاق بالمسلم إليه، فإذا أسقط حقه من الإرفاق وقال: أنت جعلت الأجل إلى رمضان رفقاً بي، والآن أنا حصلت ما أسلمت إلي فيه فخذه، فهنا يلزم ذاك قبوله إذا لم يكن هناك ضرر؛ لأن في ذلك مصلحتين، مصلحة للمسلم ومصلحة للمسلم إليه، أما المسلم إليه فمصلحته تخلصه من هذا الدين وإبراء ذمته منه، وأما المسلم فلأنه عُجل له حقه، وما من أحد يعجل له حقه إلا كانت المصلحة له.



[1] وهو المذهب.
[2] سبق تخريجه ص(37).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
2, ذكر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir