دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ربيع الأول 1430هـ/6-03-2009م, 10:56 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي 2: الصلح على الإنكار

( فصلٌ ) ومَن ادَّعَى عليه بعينٍ أو دَيْنٍ فسَكَتَ أو أَنْكَرَ وهو يَجْهَلُه ثم صالَحَ بمالٍ صَحَّ، وهو للمُدَّعِي بيعٌ يُرَدُّ مَعيبُه , ويُفْسَخُ الصلْحُ , ويُؤْخَذُ منه بشُفْعَةٍ، وللآخَرِ إبْراءٌ , فلا رَدَّ ولا شُفعةَ، وإن كَذَبَ أحدُهما لم يَصِحَّ في حَقِّه باطِنًا , وما أَخَذَه حرامٌ، ولا يَصِحُّ بعِوَضٍ عن سَرِقَةٍ وقَذْفٍ ولا حَقِّ شُفعةٍ وتَرْكِ شَهادةٍ، وتَسْقُطُ الشُّفعةُ والْحَدُّ.


  #2  
قديم 11 ربيع الأول 1430هـ/7-03-2009م, 01:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

....................

  #3  
قديم 11 ربيع الأول 1430هـ/7-03-2009م, 02:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فصلٌ

القسمُ الثانِي: صُلْحٌ على إنكارٍ. وقد ذَكَرَه بقَوْلِه: (ومَن ادُّعِيَ عليه بعَيْنٍ أو دَيْنٍ فسَكَتَ أو أَنْكَرَ وهو يَجْهَلُه)؛ أي: يَجْهَلُ ما ادُّعِيَ به عليه، (ثُمَّ صَالَحَ) عنه (بمالٍ) حَالٍّ أو مُؤَجَّلٍ (صَحَّ) الصُّلْحُ؛ لعُمومِ قَوْلِه عليه السَّلامُ: ((الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ إِلاَّ صُلْحاً حَرَّمَ حَلاَلاً أَوْ أَحَلَّ حَرَاماً)) رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ والتِّرْمِذِيُّ وقَالَ: حسنٌ صحيحٌ وصحَّحَه الحاكِمُ.

ومَن ادُّعِيَ عليه بوَدِيعَةٍ أو تَفريطٍ فيها أو قِرَاضٍ فأَنْكَرَ وصَالَحَ على مالٍ فهو جَائزٌ. ذَكَرَهُ في (الشَّرْحِ) وغَيْرِه. (وهو)؛ أي: صُلْحُ الإنكارِ (للمُدَّعِي بَيْعٌ؛ لأنَّه) يَعْتَقِدُه عِوَضاً عَن مَالِه فلَزِمَه حُكْمُ اعتِقَاِده (يَرُدُّ مَعِيبَه)؛ أي: مَعيبَ ما أَخَذَه مِن العِوَضِ، (ويَفْسَخُ الصُّلْحَ) كما لو اشتَرَى شَيْئاً فوَجَدَه مَعِيباً، (ويُؤْخَذُ مِنه) العِوَضُ إن كَانَ شِقْصاً (بشُفْعَةٍ)؛ لأنَّه بَيْعٌ، وإن صَالَحَ ببَعْضِ عَيْنِ المُدَّعَى به فهو فيه كمُنْكِرٍ، (و) الصُّلْحُ (للآخَرِ) المُنْكِرِ (إبراءٌ)؛ لأنَّه دَفَعَ المالَ افتداءً ليَمِينِه وإزالةً للضَّرَرِ عنه لا عِوَضاً عَن حَقٍّ يَعْتَقِدُه. (فلا رَدَّ) لما صَالَحَ عنه بعيبٍ يَجِدُه فيه، (ولا شُفْعَةَ) فيه لاعتِقَادِه أنَّه ليسَ بعِوَضٍ. (وإن كَذَبَ أحدُهما) في دَعْوَاه أو إنكارِه وعَلِمَ بكَذِبِ نَفْسِه (لم يَصِحَّ) الصُّلْحُ (في حَقِّه بَاطِناً)؛ لأنَّه عالمٌ بالحَقِّ قادرٌ على إيصالِه لمُسْتَحِقِّه غيرُ مُعتَقِدٍ أنَّهُ مُحِقٌّ. (وما أَخَذَه حَرَامٌ) عليه؛ لأنَّه أَكْلٌ للمالِ بالباطلِ، وإن صَالَحَ عَن المُنْكِرِ أَجْنَبِيٌّ بغيرِ إذنِه صَحَّ ولم يَرْجِعْ عليه. ويَصِحُّ الصلحُ عَن قِصَاصٍ وسُكْنَى دارٍ وعيبٍ بقليلٍ وكثيرٍ. (ولا يَصِحُّ) الصلحُ (بعِوَضٍ عَن حَدِّ سَرِقَةٍ وقَذْفٍ) أو غيرِهما؛ لأنَّه ليسَ بمالٍ ولا يَؤُولُ إليه. (ولا) عن (حَقِّ شُفْعَةٍ) أو خيارٍ؛ لأنَّهما لم يُشْرَعَا لاستفادةِ مَالٍ، وإنَّما شُرِعَ الخِيارُ للنَّظَرِ في الأحَظِّ ، والشُّفْعَةُ لإزالةِ الضررِ بالشَّرِكَةِ. (و) لا عن (تَرْكِ شهادةٍ) بحَقٍّ أو بَاطلٍ. (وتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ) إذا صَالَحَ عنها لرِضَاهُ بتَرْكِها ويَرُدُّ العِوَضَ. (و) كذا حُكْمُ (الحَدِّ) والخِيَارِ، وإن صَالَحَه على أن يُجْرِيَ على أَرْضِه أو سَطْحِه مَاءً مَعلوماً صَحَّ لدُعاءِ الحاجةِ إليه، فإن كَانَ بعِوَضٍ معَ بقاءِ مِلْكِه فإجارةٌ، وإلا فبَيْعٌ. ولا يُشْتَرَطُ في الإجارةِ هنا بيانُ المُدَّةِ للحاجةِ. ويَجُوزُ شِراءُ مَمَرٍّ في مِلْكِه، ومَوْضِعٍ في حائطٍ يَجْعَلُه بَاباً، أو بُقْعَةٍ يَحْفُرُها بِئْراً، وعُلُوِّ بيتٍ يَبْنِي عليه بُنْيَاناً مَوْصُوفاً، ويَصِحُّ فِعْلُه صُلْحاً أبداً، أو إجارةً مُدَّةً مَعْلُومةً.


  #4  
قديم 11 ربيع الأول 1430هـ/7-03-2009م, 02:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل ([1])

القسم الثاني صلح على إنكار([2]) وقد ذكره بقوله (ومن ادعي عليه بعين أو دين فسكت ([3]) أو أنكر وهو يجهله) أي يجهل ما ادعي به عليه ([4]) (ثم صالح) عنه (بمال) حال أو مؤجل (صح) الصلح ([5]) لعموم قوله عليه السلام ((الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحًا حرم حلالاً، أو أحل حرامًا)) رواه أبو داود، والترمذي وقال: حسن صحيح. وصححه الحاكم([6]).
ومن ادعي عليه بوديعة، أو تفريط فيها ([7]) أو قراض، فأنكر وصالح على مال، فهو جائز، ذكره في الشرح وغيره ([8]) (وهو) أي صلح الإنكار (للمدعي بيع)([9]) لأنه يعتقده عوضًا عن ماله، فلزمه حكم اعتقاده([10]) (يرد معيبه) أي معيب ما أخذه من العوض([11]) (ويفسخ الصلح) ([12]) كما لو اشترى شيئًا فوجده معيبًا([13]) (ويؤخذ منه) العوض إن كان شقصًا (بشفعة)، لأنه بيع([14]).
وإن صالحه ببعض عين المدعى به فهو فيه كمنكر([15]) (و) الصلح (للآخر) المنكر (إبراء) ([16]) لأنه دفع المال افتداءً ليمينه، وإزالة للضرر عنه ([17]) لا عوضًا عن حق يعتقده ([18]) (فلا رد) لما صالح عنه بعيب يجده فيه ([19]) (ولا شفعة) فيه لاعتقاده أنه ليس بعوض([20]).
(وإن كذب أحدهما) في دعواه ([21]) أو إنكاره، وعلم بكذب نفسه (لم يصح) الصلح (في حقه باطنًا) ([22]) لأنه عالم بالحق، قادر على إيصاله لمستحقه، غير معتقد أنه محق ([23]) (ما أخذه حرام) عليه لأنه أكل للمال بالباطل ([24]) وإن صالح عن المنكر أجنبي بغير إذنه صح ([25]).
ولم يرجع عليه([26]) ويصح الصلح عن قصاص ([27]) وسكنى دار، وعيب بقليل وكثير ([28]) (ولا يصح) الصلح (بعوض عن حد سرقة وقذف) أو غيرهما([29]) لأنه ليس بمال، ولا يؤول إليه ([30]).
(ولا) عن (حق شفعة) أو خيار، لأنهما لم يشرعا لاستفادة مال ([31]) وإنما شرع الخيار للنظر في الأَحظ([32]) والشفعة لإزالة الضرر بالشركة([33]) (ولا) عن (ترك شهادة) بحق أو باطل ([34]) (وتسقط الشفعة) إذا صالح عنها، لرضاه بتركها، ويرد العوض ([35]) (و) كذا حكم (الحد) والخيار ([36]) وإن صالحه على أن يجري على أرضه أو سطحه ماء معلومًا صح ([37]).
لدعاء الحاجة إليه ([38]) فإن كان بعوض مع بقاء ملكه فإجارة، وإلا فبيع ([39]) ولا يشترط في الإجارة هنا بيان المدة للحاجة ([40]) ويجوز شراء ممر في ملكه ([41]). وموضع في حائط يجعله بابًا ([42]) وبقعة يحفرها بئرًا ([43]) وعلو بيت يبني عليه بنيانًا موصوفًا([44])ويصح فعله صلحًا أبدًا ([45]) أو إجارة مدة معلومة ([46])


([1])أي في بيان القسم الثاني من قسمي الصلح على مال، وما يتعلق به.
([2])وهو صحيح عند جمهور العلماء، أبي حنيفة، ومالك، وأحمد، وغيرهم، على ما يأتي تفصيله.
([3])وهو يجهل المدعى عليه به، ثم يصالحه على مال، فيصح الصلح.
([4])فإن كان يعلمه وإنما ينكر لغرض، وجب عليه تسليم ما صولح به عليه كما يأتي.
([5])في قول أكثر أهل العلم، ولو كان غير معين.
([6])وأخرجه من حديث أنس وعائشة، وأحمد من حديث سليمان بن بلال، وكتب به عمر إلى أبي موسى، فصلح للاحتجاج به، وقال ابن القيم: قول من منع الصلح على الإنكار: إنه يتضمن المعاوضة عما لا تصح المعاوضة عليه، فجوابه أنه افتداء لنفسه من الدعوى واليمين، وتكليف إقامة البينة، وليس هذا مخالفًا لقواعد الشرع، بل حكمة الشرع، وأصوله، وقواعده، ومصالح المكلفين، تقتضي ذلك. اهـ. ولأن المدعي ملجأ إلى التأخير بتأخير حقه فصح له الصلح، حيث أنه يأخذه عوضًا عن حقه الذي يعتقد ثبوته، والمدعى عليه يعتقد أن لا حق عليه، وإنما يدفع ما يدفعه افتداء، كما يأتي، والشرع لا يمنع من ذلك.
([7]) أي في الوديعة، وكذا مضاربة فأنكر، واصطلحا صح.
([8])أي ومن ادعي عليه بقراض فأنكر ذلك، وصالح عن دعوى المدعي على مال، فالصلح جائز، ذكر معنى ذلك في الشرح الكبير، والمغني وغيرهما.
([9])له أحكام البيع إذا وقع الصلح على مال.
([10])أي ثبوت حقه، فهو كما لو اشتراه المدعي.
([11])أي يرد المدعي معيب ما أخذه من العوض، صلحا عما ادعاه، بعيب يجده في العوض، كما يرد المبيع بذلك.
([12])إن وقع على عينه، وإلا طالب ببدله.
([13])أي يرده بالعيب، ويفسخ البيع، فمثله المصالح به عما ادعاه.
([14])فيعطى أحكام البيع، لكونه أخذ الشقص عوضًا، فكما لو اشتراه.
([15])أي وإن صالح المدعي مدعى عليه ببعض العين المدعى بها، كنصف دار بيد آخر، فأنكره، وصالحه على ربعها مثلا، فالمدعي في الصلح المذكور كالمنكر المدعى عليه، فلا يؤخذ منه بشفعة، ولا يستحق لعيب شيئًا، لأنه يعتقد أنه أخذ بعض عين ماله، مسترجعًا له ممن هو عنده.
([16])أي والصلح على إنكار للآخر وهو المدعى عليه إبراء في حقه، لا بيع.
([17])وقطعا للخصومة، وصيانة لنفسه عن التبذل، وحضور مجلس الحاكم، فإن ذوي الأنفس الشريفة يصعب عليهم ذلك، ويرون دفع ضررها عنهم من أعظم المصالح، فصار المدفوع إبراء.
([18])أي حتى يثبت له حكم البيع، بل يعتقد أن لا حق عليه، وإنما دفع الشر عن نفسه بما بذله.
([19])يعني في مصالح عنه، لأنه لم يبذل العوض في مقابلته، وذلك بأن يكون بيد زيد دابة مثلا، فيديعها عمرو، فيصالحه عنها زيد، ثم بعد ما بذله عنها، وجد بها عيبًا، لم يملك زيد ردها إلى عمرو، وإن اختلفا في قدر الصلح، ولا بينة لواحد منهما بطل، وعادا إلى أصل الخصومة.
([20])أي ولا شفعة في مصالح عنه إن كان شقصا من عقار، لاعتقاد أنما دفعه ليس بعوض، لأنه يعتقده على ملكه لم يزل.
([21])كمن ادعى شيئًا يعلم أنه ليس له، فالصلح باطل في حقه في الباطن، لأن ما يأخذه أكل للمال بالباطل، لا عوض عن حق.
([22])أي وإن كذب أحدهما في إنكاره المدعى عليه به، وهو يعلم أنه عليه، وعلم بكذب نفسه في إنكاره، لم يصح الصلح في حقه باطنًا، لأنه إذا كان يعلم صدق المدعي وجحده، لينتقص حقه، أو يرضيه عنه بشيء، فهو هضم للحق، وأكل مال بالباطل.
([23])فلا يصح الصلح، لأن شرط صحة صلح الإنكار أن يعتقد المدعي حقيقة ما ادعاه، والمدعى عليه عكسه، وهذا حكم الباطن، وأما الظاهر لنا فهو الصحة، لأنا لا نعلم باطن الحال، إنما نبني الأمر على الظاهر، والظاهر من حال المسلمين الصحة.
([24])أي وما أخذه مدع عالم كذب نفسه مما صولح به، أو مدعى عليه ما انتقصه من الحق بجحده، فهو حرام عليه، لأنه أخذه بشرَّه وظلمه، لا عوضًا عن حق، فيكون حرامًا عليه، داخلاً تحت قوله{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} وغيرها، وكمن خوف رجلا بالقتل حتى أخذ ماله، قال أحمد: ولا يشهد له إن علم ظلمه.
([25]) أي الصلح، سواء كان المدعى به دينًا أو عينًا، ولو لم يذكر أن المنكر
وكله في الصلح عنه، لفعل علي وأبي قتادة، ولأنه قصد براءته، وقطع الخصومة عنه، أشبه ما لو قضى دينه، وبإذنه بطريق الأولى.
([26])لأنه أدى عنه ما لا يلزمه أداؤه، فكان متبرعًا، حيث لم يأذن له في الصلح، ولا في الأداء، ويرجع الأجنبي على المنكر بما دفعه من العوض، مع الإذن في الأداء أو الصلح، إن نوى الرجوع.
([27])أي ويصح الصلح عما ليس بمال مع إقرار وإنكار، كعن قصاص بدية، أو أقل منها، أو أكثر، لأن الحسن والحسين وسعيد بن العاص بذلوا للذي وجب له القصاص على هدبة بن خشرم سبع ديات، فأبى أن يقبلها، ولأن المال غير متعين، فلا يقع العوض في مقابلته، قال الشيخ: يصح عن دية الخطأ، وعن قيمة المتلف غير المثلي، بأكثر منها من جنسها.
([28])أي ويصح الصلح عن سكنى دار ونحوها، كأن يبيع زيد على عمرو داره، ويشترط سكناها سنة، فيصالحه عنها، ويصح الصلح عن عيب في المبيع أو عوضه، بقليل أو كثير، من نقد أو عرض، مؤجل أو حال، وفي المجرد: وإن لم يجز بيع ذلك، لأنه لقطع الخصومة.
([29])كزنا، وشرب ليطلقه، ولا يرفعه للسلطان، قال في الإنصاف: بلا نزاع.
([30])فلم يجز الاعتياض عنه، كسائر ما لا حق له فيه، وإنما شرع الحد في ذلك للزجر.
([31])فلم يصح الصلح عنهما بعوض بلا نزاع.
([32])أي فلم يصح الاعتياض عنه قولاً واحدًا.
([33])فإذا رضي بالعوض، تبينا أن لا ضرر، فلا استحقاق، فيبطل العوض لبطلان معوضه.
([34])أي ولا يصح الصلح عن ترك شهادة علية، بحق آدمي أو بحق لله تعالى، أو صالحه على أن لا يشهد عليه بالزور، أو صالحه ليشهد له بالزور، لم يصح الصلح بلا نزاع، لأنه صلح على حرام أو على تركه ولا يجوز الاعتياض عنه.
([35])أي تسقط في الأصح، لأنه ليس بمال، فهو كحد القذف، ويرد العوض لفساد الصلح.
([36]) أي أنهما يسقطان بطلب المصالحة، أما الخيار فحق له، سقط لرضاه بتركه، وأما حد القذف، فعلى القول بأنه حق له يسقط، وعلى أنه حق لله تعالى لا يسقط بصلح الآدمي.
([37])قال في الإنصاف: بلا نزاع أعلمه. لكن يشترط معرفة الذي يجري فيه من ملكه موضعًا وعرضا وطولا، إلى المحل، حتى يكون معلومًا، وعلى سطحه، إما بمشاهدة ما يزول عنه ماء المطر، وإما بمعرفة المساحة والموضع الذي يجري منه إلى السطح.
([38]) فأجيز الصلح بعوض معلوم، لأنه إما بيع، وإما إجارة، وكلاهما جائز.
([39])أي فإن كان الصلح بعوض مع بقاء الملك فإجارة، يشترط فيه ما يشترط في الإجارة، وإن لم يكن مع بقاء الملك فبيع، يشترط فيه ما يشترط في البيع.
([40])أي فيجوز العقد على المنفعة في موضع الحاجة غير مقدر مدة، وقال بعضهم: ليس بإجارة محضة، لعدم تقدير المدة، بل شبيه بالبيع، وقطع الموفق وغيره باشتراط تقدير المدة كسائر الإجارات، ولمستأجر ومستعير الصلح على ساقية محفورة، لا على إجراء ماء مطر على سطح، أو أرض، وقالوا: إن صالحه على سقي أرضه من نهره، أو من عينه مدة معينة لم يصح بعوض، ومال الموفق وغيره إلى جوازه، وصوبه في الإنصاف، وقال: عمل الناس عليه قديمًا وحديثًا.
([41])أي ملك غيره، دارا كان أو غيرها، ويعوض عنه، لأنه منفعة مباحة.
([42])أي ويصح شراء موضع معلوم، من حائط غيره يجعله بابا.
([43])أي ويصح شراء بقعة في أرض يحفرها بئرا، بشرط كون ذلك معلومًا، لأن ذلك نفع مقصود، فجاز بيعه كالدور.
([44])أي معلومًا، قال في الإنصاف: بلا نزاع. أو ليضع عليه خشبا موصوفًا، لأنه ملك للبائع، فجاز بيعه كالأرض.
([45])أي ويصح فعل ما تقدم صلحا مؤبدًا، وهو في معنى البيع، قال في الإنصاف: وعليه العمل في كل عصر ومصر.
([46])لأن ما جاز بيعه جازت إجارته، ويشترط فيها علم الأجرة، وإذا مضت بقي، وله أجرة المثل، ومتى زال فله إعادته، ويرجع بأجرة مدة زواله، وله الصلح على زواله، أو عدم عوده.



  #5  
قديم 1 جمادى الآخرة 1431هـ/14-05-2010م, 10:35 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

( فصلٌ ) (11) ومَن ادَّعَى عليه بعينٍ أو دَيْنٍ فسَكَتَ أو أَنْكَرَ وهو يَجْهَلُه(12) ثم صالَحَ بمالٍ صَحَّ(13)، وهو(14) للمُدَّعِي بيعٌ (15)يُرَدُّ مَعيبُه(16) , ويُفْسَخُ الصلْحُ (17), ويُؤْخَذُ منه بشُفْعَةٍ(18)، وللآخَرِ إبْراءٌ(19) , فلا رَدَّ ولا شُفعةَ(20)، وإن كَذَبَ أحدُهما لم يَصِحَّ في حَقِّه باطِنًا , وما أَخَذَه حرامٌ(21)، ولا يَصِحُّ بعِوَضٍ عن سَرِقَةٍ وقَذْفٍ(22) ولا حَقِّ شُفعةٍ(23) وتَرْكِ شَهادةٍ(24)، وتَسْقُطُ الشُّفعةُ والْحَدُّ(25).

(11) في بيان القسم الثاني من قسمي الصلح على مال وهو الصلح عن الإنكاروما يتعلق به .
(12) أي : يجهل ما ادعي به عليه .
(13) أي : الصلح لعموم قوله صلى الله عليه وسلم (( الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرم حلاًلا أو أحل حرامًا )) رواه أبو داود والترمذي وقال : حسن صحيح ، وصححه الحاكم .
(14) أي : صلح الإنكار .
(15) لأنه يعتقده عوضاً عن ماله فله أحكام البيع بالنسبة إليه .
(16) أي : معيب ما أخذه من العوض صلحاً عما ادعاه كما يرد المبيع بذلك .
(17) إذا رد المعيب ، كما يفسخ البيع إذا رد المعيب فيه .
(18) أي : إذا كان العوض تدخله الشفعة ، كالشقص فإنه يؤخذ من المصالح كمايؤخذ من المشتري بالشفعة .
(19) أي : وحكم الصلح في حق الطرف الآخر وهو المنكر أنه إبراء لا بيع ؛ لأنه دفع ا لمال افتداء للخصومة واليمين وإزالة للضرر عنه لا عوضاً عن حق يعتقده حتى يثبت له حكم البيع .
(20) أي : لا تترتب عليه أحكام البيع فلا يرد المعيب في المصالح عنه ولا شفعة فيه إن كان شقصًا من عقار لاعتقاده أنه ليس بعوض وإنما هو ملكه لم يزل .
(21) أي : إذا كذب أحد الطرفين في هذا الصلح فهو باطل في حقه فيما بينه وبين الله عز وجل وما أخذه من مال من الطرف الآخر بموجب هذا الصلح الذي هو كاذب فيه حرام ؛ لأنه أكل للمال بالباطل .
(22) أو غيرهما من الحدود ؛ لأنها ليست مالاً ولا تؤول إليه فلم يجز الاعتياض عنها .
(23) أي : لا صح الصلح بمال عن حق شفعة بأن يدفع مالاً لمن يستحق الشفعة ليترك الأخذ ﺑﻬا ؛ لأن الشفعة لإزالة الضرر بالشركة فإذا رضي بالعوض عنها علمنا أنه لاضرر عليه فلا يستحق الشفعة فلا يجوز له أخذ العوض بغير استحقاق .
(24) أي : لا يصح الصلح عن ترك شهادة عليه ؛ لأنه صلح على حرام .
(25) إذا صالح عنهما ؛ لأنه إذا صالح عن الشفعة تبين أنه لا ضرر عليه فلا شفعة له كما سبق قريباً , ويسقط الحد الذي هو حق للآدمي كحد القذف , وأما إذا كان حقاً لله تعالى فلا يسقط بالصلح على تركه .


  #6  
قديم 16 ربيع الثاني 1432هـ/21-03-2011م, 12:43 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَمن ادُّعِيَ عَلَيْهِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ فَسَكَتَ، أَوْ أَنْكَرَ وَهَوَ يَجْهَلُهُ ثُمَّ صَالَحَ بِمالٍ صَحَّ.
قوله: «فصل» هذا الفصل فيه الصلح على إنكار، وفيه بيان حقوق الجيران بعضهم على بعض، وإنما جعل الفقهاء ـ رحمهم الله ـ حقوق الجيران بعضهم على بعض في هذا الباب؛ لكثرة المصالحة بين الجيران في حقوقهم.
قوله: «ومن ادُّعي عليه بدين أو عين فسكت أو أنكر وهو يجهله ثم صالح بمال صح» أي: إذا ادعي عليه بدين أو عين، بأن قال شخص لآخر: أنا أطالبك بمائة ألف ريال، فسكت فلم يقر ولم ينكر، ثم صالح بمال عوضاً عن مائة ألف، فيصح، فإن أقر وصالح عنه بمال، فهو من باب الصلح على الإقرار وسبق.
وقوله: «أو أنكر» أي: أنكر المدعى عليه، قال: ليس في ذمتي لك شيء، ثم صالح بمال، فالمصالحة صحيحة.
وكذلك إذا ادُّعي عليه بعين، بأن قال شخص لآخر: هذا المسجل لي، فقال من بيده المسجل: لا، ليس لك، فهذا إنكار، ثم صالح عنه بمالٍ بأن تصالحا على أن يعطيه مائة ريال عن هذا المسجل، فهو صحيح؛ لأن الأصل الحل، ولقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل)) [(1)]؛ فإن مفهومه كل شرط في كتاب الله فهو حق، وقوله: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً)) [(2)]، وهذا لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً فيجوز.
وكذلك إذا جاء إليَّ شخص وقال: إن في ذمتك لي مائة درهم، فقلت: ليس لك عليَّ شيء، فإنكاري هذا قد يكون عن علم أو عن نسيان وقد يكون عن جهل، أي: إني لا أدري هل الذي يطلبني فلان أو فلان، فهذا جهل، فالمهم أنه ادعى علي وأنكرتُ إما عن علم أو جهل أو نسيان، مع ذلك قلت: ما دمت تدعي عليَّ بهذا وأنا لا أقر به، فلنجعل بيننا صلحاً، فأعطيك عن مائة الدرهم خمسين درهماً فيجوز وينفذ الصلح، ويلزم كل من الطرفين بما تم عليه الاتفاق، ولهذا قال المؤلف: «ثم صالح بمال صح» .
وقوله: «بمال» يشمل الحالَّ والمؤجل، ولو صالح بمنفعة بأن قال: أصالحك على أن تسكن داري شهراً، يجوز؛ لأن المنفعة المباحة مال.
ولكن هل يدخل هذا في باب الإبراء، أو في باب البيع؟ الجواب:
وَهُوَ للْمُدَّعِيِ بَيْعٌ، يَرُدُّ مَعِيبَهُ وَيَفْسَخُ الصُّلْحَ وَيُؤْخذُ مِنْهُ بِشُفْعَةٍ، وَللآخَرِ إِبْراءٌ فَلاَ رَدَّ وَلاَ شُفْعَةَ، وَإِنْ كَذَبَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّهِ بَاطَناً وَمَا أَخَذَهُ حَرَامٌ...
قوله: «وهو للمدعي بيع» فإذا ادعى عليه بأن هذا المسجل ملكه، فقال: ليس ملكك، ثم تصالحا على مال، فالمدعي الآن يعتقد أنه أدخل ملكه على هذا الشخص بعوض، فهذا الصلح صحيح، لكن هو للمدعي بيع؛ لأنه يعتقد أن ما ادعاه حق، وأن ملكه انتقل إلى الآخر بعوض، وهذا هو حقيقة البيع، فهو له بيع، وإذا كان له بيع فإنه:
«يرد معيبه ويفسخ الصلح، ويؤخذ منه بشفعة» لأنه بيع، فيعامل المدعي معاملة البائع تماماً أو المشتري، فالمهم أنه يكون في حقه بيعاً، ولنفرض أن هذا الذي ادعى المسجل، وأنكر من هو بيده، صالحه على راديو، أخذ الراديو ثم إنه وجد في الراديو عيباً فله أن يرده، فيقول: أنا أخذت الراديو، لكن تبين أن به عيباً، وأنا قد أخذته منك على أنه عوض عن ملكي، فأنا أعتبر نفسي بائعاً، فوجدت هذا العيب في هذا الراديو فلي أن أرده وأفسخ الصلح وأطالب بالمسجل؛ لأن الصلح في حقه هنا بيع، وإذا رده تبقى دعواه على ما هي عليه أولاً قبل الصلح.
وقوله: «ويؤخذ منه بشفعة» مثاله ادعيتُ على هذا الرجل أن البيت الذي يسكنه لي، فقال: ليس لك، وليس عندي بينة، ثم صالحني وقال: سأعطيك عوضاً وهو نصيبي في هذه الأرض، لي نصفها ولشريكي نصفها، فقبلت، فقام شريكه وأخذه مني بالشفعة فله الحق في ذلك؛ لأنه دخل ملكي على سبيل المعاوضة؛ لأني أعتقد أن البيت ملك لي، وأن هذا عوض عنه فيأخذه شريكه مني بالشفعة.
قوله: «وللآخر إبراء فلا رد» الآخر، أي: المدعى عليه، يعني المنكر، هو في حقه إبراء فلا رد ولا شفعة.
وقوله: «فلا رد» هذا الذي ادعي عليه أن المسجل للمدعي وأنكر ثم صالح براديو، وبعد ذلك وجد في المسجل عيباً، فإنه لا يرده على ذاك؛ لأنه لا يعتقد أنه ملكه من قِبَلِهِ، هذا المنكر يعتقد أنه ملكه من الأصل وأن ذاك ليس له به ملك، ولكنه أبرأه من المطالبة بما صالحه عليه من الراديو، فإن وجد المنكر في المسجل عيباً فإنه لا رد له؛ لأن هذا مقتضى الإقرار والإنكار، أنت حينما أنكرت أن هذا المسجل له تعتقد أنه ملكك، وأنك لم تملكه من قِبَلِهِ فكيف ترده عليه؟! فهو في حقك إبراء فلا رَدَّ لك.
قوله: «ولا شفعة» فلو قلتُ لرجل إن البيت الذي أنت فيه لي نصفه فقال: لا، ثم أخذت منه عوضاً عما ادعيت، فشريكه في هذا البيت لا يأخذ هذا الشقص الذي ادعيته بالشفعة؛ لأن هذا الشخص دخل على المنكر لا على سبيل المعاوضة لكن على سبيل الإبراء؛ لأنه لما أعطاني العوض أبرأته منه إبراءً.
قوله: «وإن كذب أحدهما لم يصح في حقه باطناً وما أخذه حرام» «أحدهما» أي: المدعى عليه أو المدعي، لم يصح في حقه باطناً، أي: فيما بينه وبين الله، أما ظاهراً فإنهما لو ترافعا إلى القاضي في المحكمة حكم بالصلح، لكن باطناً فيما بينه وبين الله، فالكاذب لا يصح الصلح في حقه، وعلى هذا فلا يصح أن يتصرف في العين التي أخذها وهو يعتقد أنها ليست له في الواقع؛ لأنه ادعاها كذباً، وما أخذه من العوض ـ سواء كان المدعي أو المدعى عليه ـ حرام لا يحل له؛ لأنه أخذه بغير حق.
مثال ذلك: رجل ادعى على رجل أن قطعة الأرض هذه له، وهي أرض مشتركة، فأنكر من بيده الأرض ثم اتفقا على الصلح، فأعطى المدعى عليه للمدعي مائة درهم، عوضاً عن الأرض، إن كان المدعي صادقاً، والمنكر ـ المدعى عليه ـ كاذباً، فالأرض حرام على المدعى عليه كالأرض المغصوبة تماماً، وإن كان بالعكس، المدعى عليه هو المحق والمدعي هو المبطل، فالعوض الذي أخذه عن الأرض وهو الدراهم تكون حراماً عليه، وهذا واضح ويتمشى مع القواعد الشرعية؛ لأن كلَّ من أخذ شيئاً بغير حق فهو حرام عليه؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: إنكم تختصمون إليَّ ولعلَّ بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له، وإنما أقضي بنحو ما أسمع، فمن اقتطعت له شيئاً من مال أخيه فإنما أقتطع له جمرة من النار فليستقل أو ليستكثر [(3)]، فجعل النبي صلّى الله عليه وسلّم هذا الحكم له جهتان، جهة الظاهر يحكم بحسب الظاهر، وجهة الباطن يعذب على حسب الباطل، لو كان الحكم الظاهر يقضي على الحكم الباطن، لكان إذا حكم لأخيه بشيء حسب الدعوى لا تكون قطعة من النار، لكنها إذا كانت دعوى باطلة كانت قطعة من النار.
وَلاَ يَصِحُّ بِعِوَضٍ عَنْ حَدِّ سَرِقَةٍ وَقَذْفٍ، وَلاَ حَقِّ شُفْعَةٍ وَلاَ تَرْكِ شَهَادَةٍ، وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ والحَدُّ.
قوله: «ولا يصح بعوض عن حد سرقة» لأن حد السرقة لله ـ عزّ وجل ـ فلا يمكن أن يأخذ المخلوق عوضاً عنه، وإذا بلغت الحدود السلطان فلا شفعة، وإنما مثل المؤلف بالسرقة؛ لأنها تتعلق بالآدمي، بدليل أن المسروق منه لو لم يطالب لم تقطع يد السارق، بدليل قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ لصفوان بن أمية ـ رضي الله عنه ـ: هلاَّ كان قبل أن تأتيني به [(4)].
وعلم من قوله: «عن حد سرقة» أنه يصح عن المال المسروق، فلو أن شخصاً سرق من آخر حليّاً، فضاع الحلي واعترف السارق به، ثم صالح عنه بعوض، فالصلح جائز ولا بأس به، لكن لو صالح عن حد السرقة فإنه لا يصح، فلو مُسِكَ السارق، وقال للذي أَمْسَكَهُ: دعني، وأعطيك عشرة آلاف ريال، ولا ترفعني للولاة، لا يصح فليس له ذلك، فإما أن يرفعه للولي، وإما أن يستر عليه ويدعه إن كان يرى أن المصلحة في ذلك، أما أن يأخذ عوضاً عن هذا فلا يجوز، ثم فيه مفسدة عظيمة، فكل واحد يُمْسَكُ على شيء يبذل عوضاً ويترك.
قوله: «وقذف» فلا يصح بعوض عن حد قذف، حد القذف للمخلوق لكنه فيه شائبة حق لله ـ عزّ وجل ـ، فلو قال المقذوف للقاذف: سأرفعك إلى ولي الأمر، فقال القاذف: لا ترفعني، أنا أعطيك عن حقك في القذف مائة ألف ولا ترفعني، فوافق فلا يجوز؛ لأن حد القذف لله ـ عزّ وجل ـ فإما أن ترفعه لولي الأمر أو تتركه، لا سيما على القول بأنه لا يشترط لإقامة حد القذف مطالبة المقذوف؛ لأن بعض أهل العلم يقول: لا يشترط في إقامة الحد مطالبة المقذوف؛ لأنه حق لله، حماية لأعراض المسلمين، ولهذا جاء في الآية الكريمة: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] ، فهو كقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] ، لكن على القول بأنه حق للمقذوف وأن للمقذوف إسقاطه، قالوا: إنه لا يصح بعوض؛ لأن هذا الحق ليس ماليّاً، ولا يقصد به المال فلا يصح بعوض، وهذا هو القول الأول.
والقول الثاني: أنه يصح بالعوض؛ لأن الذي سوف تسود صحيفته به هو المقذوف، فبدلاً من هذا، يقول: أعطني مائة ألف ريال، وأنا ـ إن شاء الله ـ سأدافع عن نفسي فيما يتعلق بالقذف، وهذا القول له وجهة نظر؛ لأنه حق لآدمي في الواقع، ولهذا لا يقام حد القذف إلا بمطالبة من المقذوف.
أما إذا قلنا: إنه حق محض لله، وأنه لا تشترط مطالبة المقذوف، فإنه لا يصح بعوض.
قوله: «ولا حق شفعة» حق الشفعة يتضح بالمثال: شخصان شريكان في أرض، فباع أحدهما نصيبه على ثالث، فالذي له الشفعة هو الشريك الذي لم يبع، فذهب المشتري إلى الشريك، وقال: أنت لك حق الشفعة، ولكن أنا سأعطيك عشرة آلاف ريال وأسقط حقك ففعل، يقول المؤلف: إنه لا يصح عن إسقاط الشفعة؛ لأن الشريك إما أن يأخذ بالشفعة وإما أن يدع ويتركها مجاناً بلا عوض.
القول الثاني: أنه يصح بعوض عن إسقاط حق الشفعة؛ لأن حق الشفعة يتعلق بالمال، فهو حق آدمي فالمشتري صالح الشفيع عن حق له فهو حق محض للآدمي، فإذا أسقط الآدمي حقه بعوض فلا بأس بذلك، وما المحظور؟! فإذا قال: أنا أعطيك كذا وتنازل عن المطالبة بالشفعة، فلا مانع وهو حق له، وهذا هو الصواب في هذه المسألة، أنه يصح أن يصالح عن حق الشفعة، وتسقط الشفعة.
قوله: «ولا ترك شهادة» أي: لو صالح إنساناً يشهد عليه بحق، وقال له: لا تقم الشهادة عليّ وأعطيك كذا وكذا.
مثاله: إنسان طلق زوجته في حضور شاهدين، ثم أنكر الطلاق، فقالت المرأة: عندي شهود، رجلان يشهدان، فذهب الزوج إلى الشاهدين، وقال: أنا سأعطي كل واحد منكما ألف ريال واتركا الشهادة، فهذا لا يجوز ولا إشكال فيه؛ لأن الله ـ عزّ وجل ـ يقول: {وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] ، ولا يصح بأي حال من الأحوال حتى لو فرضنا أن المسألة حق مالي لا زوجية، فإنه لا يجوز.
وهل يجوز أن يصالح إنساناً يشهد له بغير حق؟
مثاله: ادعى على زيد بأن عنده له ألف ريال، وليس عنده شهود، فذهب إلى رجلين وقال: اشهدا لي وأعطيكما كذا وكذا، فلا يجوز، وفي بعض البلاد يقولون: الشهادة مقننة على حسب الحق، فإذا كان حقّاً كبيراً فالشهادة بمائة ريال، أو صغيراً فبعشرة ريالات، فلا يجوز للإنسان أن يعطي شخصاً ليشهد له، فهذه شهادة زور من أكبر الكبائر.
قوله: «وتسقط الشفعة والحد» أي: حد القذف يسقط؛ لأن الرجل أسقطه، لكن لو قال: أنا أسقطته بعوض، فإما أن تعطوني العوض، وإلا فأنا أريد إقامة الحد على القاذف، نقول له: لا نعطيك عوضاً، ولا نقيم لك الحد؛ لأنك أسقطته.
وكذلك الشفعة؛ لأنه أسقطها، وليس له عوض؛ لأن العوض على ترك الشفعة غير صحيح.
والصحيح أنه كما قلنا: تجوز المصالحة بعوض عن إسقاط الشفعة.
وأما بالنسبة للقذف فتقدم حكم الصلح عنه، لكن للمقذوف أن يطالب بحقه إذا علم أن الصلح غير صحيح؛ لأنه أسقطه بناء على أن الصلح صحيح وأنه سيأخذ عوضاً عنه، فإذا لم يكن هناك عوض فلا يمكن أن يفوت حقه بالمطالبة بحد القاذف.



[1] سبق تخريجه ص(100).
[2] سبق تخريجه ص(227).
[3] أخرجه البخاري في الشهادات/ باب من أقام البينة بعد اليمين (2680)، ومسلم في الأقضية/ باب بيان أن حكم الحاكم لا يغير الباطن (1713) عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ.
[4] أخرجه أحمد (3/401)، وأبو داود في الحدود/ باب فيمن سرق من حرز (4394)، والنسائي في قطع السارق/ باب ما يكون حرزاً وما لا يكون (8/69)، وابن ماجه في الحدود/ باب من سرق من حرز (2595)، وصححه الحاكم (4/380) ووافقه الذهبي، وانظر: الإرواء (2317).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
2, الصلح

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir