دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأسيس في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 جمادى الآخرة 1438هـ/16-03-2017م, 07:56 PM
هبة الديب هبة الديب غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,274
افتراضي مسودة عمل.

رسالة تفسيرية
في قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)
فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209)هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210)}.

تقديم مجموعة الزهراوين:
(فاطمة الزهراء أحمد،هبة الديب ميسر ياسين)


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)
}


يخاطب المولى عز وجل في هذه الآية الكريمة عباده المؤمنين ويأمرهم بما يصلح حالهم في دنياهم وآخرتهم ، وينجيهم من كيد عدوهم المبين.

وجاء في سبب نزولها روايتين :

الأولى هي قول ابن عباس: «نزلت الآية في أهل الكتاب»، والمعنى يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى ادخلوا في الإسلام بمحمد كافة، ورجح هذا القول ابن كثير .

والثانية :هي قول عكرمة أنّها نزلت في نفرٍ ممّن أسلم من اليهود وغيرهم، كعبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة وأسد بن عبيد وطائفةٍ استأذنوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في أن يسبتوا، وأن يقوموا بالتّوراة ليلًا. فأمرهم اللّه بإقامة شعائر الإسلام والاشتغال بها عمّا عداها.وعلق على هذا ابن كثير رحمه الله فقال : وفي ذكر عبد اللّه بن سلامٍ مع هؤلاء نظرٌ، إذ يبعد أن يستأذن في إقامة السّبت، وهو مع تمام إيمانه يتحقّق نسخه ورفعه وبطلانه، والتّعويض عنه بأعياد الإسلام.ذكر هذا ابن كثير .


" يأيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كافة "
-
 المخاطب في هذه الآية:

المخاطب فيها سيكون على حسب حمل اللفظ ،فإذا قلنا أن معنى السلم هو الإسلام، فالمخاطبون هم:جميع المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويكون المعنى هو : أمرهم بالثبوت فيه والزيادة من التزام حدوده، وبذلك يشمل كافة المؤمنين وجميع أجزاء الشرع، فتكون الحال من شيئين، وذلك جائز، نحو قوله تعالى: فأتت به قومها تحمله [مريم: 27]، إلى غير ذلك من الأمثلة.


2- أن يكون : المخاطب من آمن بالنبي من بني إسرائيل كعبد الله بن سلام وغيره». وذلك أنهم ذهبوا إلى تعظيم يوم السبت وكرهوا لحم الجمل وأرادوا استعمال شيء من أحكام التوراة وخلط ذلك بالإسلام فنزلت هذه الآية فيهم، فكافة على هذا لإجزاء الشرع فقط. قاله عكرمة ،وذكره ابن عطية .

- 
القراءات في السلم :
وردت قراءات في السِلم ، فقرأ ابن كثير ونافع والكسائي «السلم» بفتح السين، وقرأ الباقون بكسرها في هذا الموضع، فقيل: هما بمعنى واحد، يقعان للإسلام وللمسالمة.
وقال أبو عمرو بن العلاء: «السّلم بكسر السين الإسلام، وبالفتح المسالمة»، وأنكر المبرد هذه التفرقة، ورجح الطبري حمل اللفظة على معنى الإسلام.
ويقال: السّلم، والسّلم، والسّلم، وقد قرئ به:{ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام}.

- وفِي المراد بالسلم أقوال :

1- ما جاء عن العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وطاوسٍ، والضّحّاك، وعكرمة، وقتادة، والسّدّي، وابن زيدٍ، في قوله: {ادخلوا في السّلم} يعني: الإسلام .

2- وقال الضّحّاك، عن ابن عباس، وأبو العالية، والربيع بن أنس: {ادخلوا في السّلم} يعني: الطّاعة.
3- وقال قتادة أيضًا: الموادعة.
و الدخولُ نقيض الخروج، ويستعمل ذلك في المكان والزمان، ويقال: دخل مكان كذا؛ قال تعالى: ﴿ ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ ﴾ [البقرة: 58]، ﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 32][1].

- 
ومعنى الدخول في السلم على قولين :

1- من يرى أنه الإسلام :
فيجوزأن يكون معنى ادخلوا في السلم أي:ادخلوا في السلم كله، أي: في جميع شرائعه.
وقيل :ادخلوا في شرائع دين محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم ولا تدعوا منها شيئًا وحسبكم بالإيمان بالتّوراة وما فيها.

2-وأما من يراها المسالمة فيقول: أمرهم بالدخول في أن يعطوا الجزية، .
ورجح الطبري حمل اللفظة على معنى الإسلام، لأن المؤمنين لم يؤمروا قط بالانتداب إلى الدخول في المسالمة، وإنما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجنح للسلم إذا جنحوا لها، وأما أن يبتدىء بها فلا.كما ذكر ذلك ابن كثير .
ومعنى كافة والمراد بها :
كافة : نعت لمصدر محذوف، كأن الكلام: دخله كافة، فلما حذف المنعوت بقي النعت حالا. 
و المراد بها :الجماعة التي تكف مخالفها.كما ذكر ابن عطية رحمه الله.


" ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "


(خطوات}جمع خطوة، وفيها ثلاث لغات:
خطوات، وخطوات، وخطوات. 
وجاءت الألف واللام في الشّيطان للجنس، فاللفظ يشمل جميع الشياطين .
والمراد بالنهي عن اتباع الشيطان : 
العمل بالطاعة واجتناب آثاره ونزغاته ، واتباعه يكون بترك شيىء من شرائع الإسلام وأوامره وإتيان نواهيه وزواجره .
والعدو يقع على الواحد والاثنين والجميع، ومبينٌ يحتمل أن يكون بمعنى أبان عداوته وأن يكون بمعنى بان في نفسه أنه عدو، وذلك لأن العرب تقول: بان الأمر وأبان بمعنى واحد). كما ذكر ابن عطية .


- مناسبة وصف الشيطان بأنه مبين :

لأنه عدو ظاهر العداوة . قال مطرّف: أغشّ عباد اللّه لعبيد اللّه الشيطان.ذكره ابن كثير.

- 
ولهذه الآية فوائد جليلة منها :


⁃
إرشاد الله عباده للدخول في دينه واتباع شرائعه وهديه

.
⁃
الأمر بالاجتماع على طاعة الله والالتزام بجماعة المؤمنين.


⁃
التحذير من اتباع خطوات الشيطان ،وبيان أن له خطوات وبذلك يستدرج العبد للوقوع في حباله.


⁃
بيان أن الشيطان عدو ظاهر بانت عداوته لبني ءادم ،وأنه لا يريد منهم إلا الزيغ والضلال.

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209)}
لما بيّن تعالى الأدلة على عظمته واستحقاقه للتوحيد ،وذكر نماذج من أصناف الناسن وحذّر من اتباع طريق الشيطان بإيضاح الطريق الصحيح السليم لهم،بيّن أنّ هناك أمر محتمل وقوعه حيث قال جل وعلا:
{فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ}.

- معنى الزلل في اللغة :

الزلل من زلّ يزلّ زلا وزللا جميعا، ومزلّة، وزل - في الطين ليلا،وأصله الزلَق :أي اضطراب القدَم وتحركها في الموضع المقصود إثباتها به،و تستعمل هذه اللفظة في الاعتقادات والآراء وغير ذلك،وهو حاصل قول الزجاج وابن عطية وابن عاشور.
ولها في القراءات وجهان:
1: بفتح اللام «زللتم» وهي قراءة جمهور من الناس.
2: بكسر اللام «زللتم» قرأها أبو السمال.

- المراد بالزلل .
فـي تأويـل قوله:{ فإنْ زَلَلْتُـمْ} قولان:
1: أي :ضللتم ؛ذكره السدي عن أسباط عن عمرو عن موسى بن هارون ؛ذكر ذلك الطبري.
2: أي : الشرك؛ وهو قول ابن عباس وذكره الطبري.
و المعنى إن تنحيتم وأخطأتم وضللتم عن القصد والشرائع اللذان هما الحق الذي أنزل من عند الله تعالى فاعلموا أنّ الله عزيز حكيم .

- بلاغة التعبير بقوله زللتم :
ذكر ابن عاشور وجه البلاغة في استعمال لفظة الزلل فبيّن أنّه اسُتعمل مجازا في الضُّر الناشىء عن اتباع الشيطان، وهو من باب بناء التمثيل على التمثيل؛ فقال:( لما شبهت هيئة من يعمل بوسوسة الشيطان بهيئة الماشي على أثر غيره شبه ما يعتريه من الضر في ذلك المشي بزلل الرجل في المشي في الطريق المزلقة، وقد استفيد من ذلك أن ما يأمر به الشيطان هو أيضاً بمنزلة الطريق المزلقة على طريق المكنية وقوله: {زللتم} تخييل وهو تمثيلية فهو من التخييل الذي كان مجازاً والمجاز هنا في مركبه.) اهـ.

وأما المجيء بالشرط (إن) في قوله تعالى:{ فإن زللتم }فله احتمالين:
1:إما لندرة حصول هذا الزلل من الذين آمنوا .
2:أو لعدم رغبة المتكلم في حصوله وذلك إن كان الخطاب لمن آمن بظاهره دون قلبه.

-المراد بالبينات.
قال تعالى:{فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ}،أي ظهرت لكم الأدلة والمعجزات،فالمراد بالبينات هنا على قولين بحسب المخاطب في الآية :
* القول الأول: محمد وآياته ومعجزاته بما فيها القرآن؛ إذا كان الخطاب أولا لجماعة المؤمنين .قاله السّدي وابن جريج .
* القول الثاني: ما ورد في شرائع أهل الكتاب من الإعلام بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم والتعريف به؛وهذا إن كان الخطاب لأهل الكتاب. ذكر هذه الأقوال الطبري و ابن عطية .
وبما أنّ الآية عامة لكل من شمله اسم الإيـمان، فلا وجه لـخصوص بعض بها دون بعض كما بيّنه الطبري ؛فالمراد شامل للمعنيين.

أضاف ابن عاشور حول هذه الآية ما نقله الفخر عن «تفسير القاضي عبد الجبار» فقال:[دلالة لاية على أن المؤاخذة بالذنب لا تحصل إلاّ بعد البيان، وأن المؤاخذة تكون بعد حصول البينات لا بعد حصول اليقين من المكلف، لأنه غير معذور في عدم حصول اليقين إن كانت الأدلة كافية.] اهـ.

- مناسبة ختم الآية بقوله تعالى:{ فاعلموا أنّ الله عزيز حكيم }.

أشار البقاعي في تفسيره نظم الدرر مناسبة رائعة لختام هذه الآية ؛حيث بيّن أنّ الخوف حاملاً قويا على لزوم طريق السلامة،فكان من المناسب قوله جلّ وعلا: {فاعلموا}وذلك لأن العلم أعون شيء على المقاصد التي يسعى لها العبد .

ومن صور البلاغة في قوله تعالى:{فاعلموا}ما ذكره ابن عاشور أنّه (تنزيلاً لعلمهم منزلة العدم؛ لعدم جريهم على ما يقتضيه من المبادرة إلى الدخول في الدين أو لمخالفة أحكام الدين أو من الامتعاض بالصلح الذي عقده الرسول)اهـ.

ثم أخبر تعالى أنّ من عدل عن الطريق الحق الذي أوضحه لعباده فإنه تعالى عزيز في انتقامه ممن خالفه فلايعجزه شيء ولا يعجزونه لأن العزة صفة مقتضية للقدرة؛وهو تعالى حكيم في أفعاله وشرائعه،أي محكم فيما يعاقبكم به لزللكم.
قال أبو العالية وقتادة والرّبيع بن أنسٍ: عزيزٌ في نقمته، حكيمٌ في أمره.
وقال محمّد بن إسحاق: العزيز في نصره ممّن كفر به إذا شاء، الحكيم في عذره وحجّته إلى عباده.ذكر ذلك ابن كثير
حكى النقاش ما يناسب ختام هذه الآية ؛أن كعب الأحبار لما أسلم كان يتعلم القرآن، فأقرأه الذي كان يعلمه: فاعلموا أن الله غفور رحيم، فقال كعب: إني لأستنكر أن يكون هكذا، ومر بهما رجل، فقال كعب: كيف تقرأ هذه الآية؟، فقرأ الرجل: فاعلموا أنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ، فقال كعب: هكذا ينبغي).
ومثل ذلك ما ذكره الطيبي عن الأصمعي قال كنت أقرأ: والسارق والسارقةُ فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله غفور رحيم، ويجنبي أعرابي فقال كلامُ مَنْ هذا؟ قلت كلامُ الله، قال: ليس هذا كلامُ الله فانتبهتُ فقرأت { والله عزيز حكيم } [المائدة: 38] فقال أصبتَ هذا كلام الله فقلت أتقرأ القرآن؟ قال لا قلت من أين علمت؟ قال يا هذا عزّ فحكم فقطعَ ولو غفر ورحم لما قطع.

- من فوائد هذه الآية:
- لو ترك الناس لعقولهم لفسدت الأرض ولكن من رحمة الله أن أرسل لعباده البينة لتكون حجة عليهم،{فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات}.
- العلم بأسماء الله وما تضمنته من صفات وتدبرها في سياق الآيات دافع قوي للعمل ،لأنّ العلم وحده لا يكفي دون عمل .{فاعلموا أنّ الله عزيو حكيم}.
- {فاعلموا} فيه من الوعيد الشديد على من زلّ بعد ما جاءته البينات .


•••••••••••••••••••••••••••••••••••
تفسير قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210)}
-قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ} :

المخاطب في الآية هو النبي صلى الله عليه.
و(هل )من حروف الابتداء كأما والغرض منها هو التهديد .ذكره ابن عطية وابن كثير
ومعنى (ينظرون ):ينتظرون والمراد هؤلاء الذين يزلونذكره ابن عطية

في تفسير قوله تعالى { إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ }عدة أقوال وهي:

1-قول أهل اللغة بأن الله سيأتيهم بما وعدهم من العذاب،والوعيد والحساب كما قال: {فأتاهم اللّه من حيث لم يحتسبوا} أي: آتاهم بخذلانه إياهم.
2-أن يأتيهم حكم الله وأمره ونهيه وعقابه إياهم، وأن هذا التوعد هو بما يقع في الدنيا،قاله ابن جريج وغيره
3-أن الله سيأتي يوم القيامة، لفصل القضاء بين الأوّلين والآخرين، فيجزي كلّ عاملٍ بعمله، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ، اومما يؤيد هذا القول قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربّك أو يأتي بعض آيات ربّك يوم يأتي بعض آيات ربّك} الآية [الأنعام: 158].كما يؤيده حديث الإمام أبو جعفر بن جرير حديث الصّور عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. : "أنّ النّاس إذا اهتمّوا لموقفهم في العرصات تشفّعوا إلى ربّهم بالأنبياء واحدًا واحدًا، من آدم فمن بعده، فكلّهم يحيد عنها حتّى ينتهوا إلى محمّدٍ، صلوات اللّه وسلامه عليه، فإذا جاؤوا إليه قال: أنا لها، أنا لها. فيذهب فيسجد للّه تحت العرش، ويشفع عند اللّه في أن يأتي لفصل القضاء بين العباد، فيشفّعه اللّه، ويأتي في ظلل من الغمام بعد ما تنشقّ السّماء الدّنيا، وينزل من فيها من الملائكة، ثمّ الثّانية، ثمّ الثّالثة إلى السّابعة، وينزل حملة العرش والكروبيّون، قال: وينزل الجبّار، عزّ وجلّ، في ظلل من الغمام والملائكة، ولهم زجل من تسبيحهم يقولون: سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ربّ العرش ذي الجبروت سبحان الحيّ الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، سبّوح قدّوسٌ، ربّ الملائكة والرّوح، قدّوسٌ قدّوسٌ، سبحان ربّنا الأعلى، سبحان ذي السّلطان والعظمة، سبحانه أبدًا أبدًا".
وقال أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن أبي العالية أن الملائكة يجيئون في ظللٍ من الغمام، واللّه تعالى يجيء فيما يشاء .ذكره ابن كثير

-معنى قوله تعالى :{فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ}:
{ظلل} :جمع ظلّة. وهي ما أظل من فوق،وقال عكرمة: ظللٍ طاقات ذكره ابن عطية
وقرأ قتادة والضحاك «في ظلال»،ذكره ابن عطية
الغمام فيها أقوال متماثلة فهو أرق السحاب وأصفاه وأحسنه، وهو الذي ظلل به بنو اسرائيل ذكره ابن عطية وقال النقاش: «هو ضباب أبيض»، وفي قراءة ابن مسعود «إلا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام»، وقال زهير بن محمّدٍ، : ظللٌ من الغمام، منظومٌ من الياقوت مكلّل بالجوهر والزبرجد.وقال مجاهدٍ أنه غير السّحاب، ولم يكن قطّ إلّا لبني إسرائيل في تيههم حين تاهوا.كما ذكر ابن عطية

-أما الملائكة فيها قراءتان: فمن قرأها بالضم فالمعنى ينظرون إلا أن يأتيهم اللّه والملائكة، ومن قرأها بالكسر فالمعنى هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام وظلل من الملائكة، والرفع هو المشهور المختار عند أهل اللغة في القراءة كما ذكر الزجاجوالوعيد بالملائكة هو بإتيانهم عند الموت ذكره ابن عطية

-معنى قوله تعالى : (وقضي الأمر ):
أي وقع الجزاء وعذب أهل العصيان .وفرغ لهم ما كانوا يوعدون.ابن عطية وابن كثير
وقرأمعاذ بن جبل «وقضاء الأمر»، وقرأ يحيى بن يعمر «وقضى الأمور» بالجمع، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي «ترجع» على بناء الفعل للفاعل، وقرأ الباقون «ترجع» على بنائه للمفعول، ذكره ابن عطية.

-سبب تخصيص رجوع الأمور يوم القيامة وهي راجعة إليه تعالى قبل وبعد:

1-الإعلام في أمر الحساب والثواب والعقاب، أي إليه تصيرون فيعذب من يشاء ويرحم من يشاء.ذكره الزجاج.
2-أن الملوك تفقد ماكانت تت
متع به من بعض أمر في الدنيا فيزول في هذا اليوم ويعود الأمر كله لله .ذكره ابن عطية.

- هذا والله تعالى وأعلم -


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24 جمادى الآخرة 1438هـ/22-03-2017م, 06:11 PM
هبة الديب هبة الديب غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,274
افتراضي

🔵 من أحكام الطّلاق في سورة البقرة 🔵

إعداد مجموعة الزهراوين
(فاطمة الزهراءأحمد،ميسر ياسين، هبة الديب)



بِسْم الله الرحمن الرحيم 
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، القائل " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله " فقد كان عليه الصلاة والسلام القدوة والأسوة الحسنة في التعامل مع النساء خصوصا زوجاته أمهات المؤمنين ،فكان لهن بمثابة الأب الرحيم والأخ الشفيق والزوج الحبيب ، وذلك طاعة منه لأمر الخالق الرحيم إذ يقول :" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " ،وقوله : " و أخذن منكم ميثاقا غليظا"، فجعل الله عز وجل ميثاق الزواج ميثاقا غليظا ،وأمر ألا يستهان به ، وفِي بعض الأحيان تمر عاصفة على الحياة الزوجية ،ويشاء الله عز وجل أن ينفصل عراها وتنقطع أوصالها ،وفِي هذه الحال جعل لنا آدابا يجب احترامها وأحكاما يجب تطبيقها ونهانا عن تجاوزها ،وهي إما الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان ،حتى تبقى حياتنا قائمة على الإحسان والفضل فيما بيننا ولا يجد الشيطان سبيلا إلينا ، وسنتناول في هاتين الآيتين الكريمتين بعضا من هذه الأحكام والآداب والاخلاق الكريمة .

قَالَ تعالى : {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروف أو سرّحوهنّ بمعروف ولا تمسكوهنّ ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوا واذكروا نعمت اللّه عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتّقوا اللّه واعلموا أنّ اللّه بكلّ شيء عليم}.( البقرة 231)

مجموعة من الأحكام والوصايا في حال الطلاق الرجعي أمر الشارع الحكيم الزوج العمل بها حيث قال جلّ وعلا :{وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ }في حال حصل الطلاق منك أيها الزوج،وبلغت المرأة أجلها ؛أي قاربت بلوغه وذلك بدلالة السياق على المعنى، فلو كان المعنى انقضائه فلا خيار للزوج بعد ذلك في الإمساك، وقد بيّن ذلك في موضع آخر من كتاب الله دل عليه بقوله ذلك:{وبعولتهنّ أحق بردهنّ في ذلك} البقرة /228، فذلك إشارة لزمن العدّة .
وقد وقّت الله تعالى مواقيت للنساء كل بحسب حالها:فإن كانت من أهل الأقراء فقد وقّت الله تعالى لها ثلاثة أقراء، وإن كانت من أهل الأشهر ،وقّت الله تعالى لها إنقضاء الشهور، و الأجل في كلام العرب يطلق
على المدة التي يمهل إليها الشخص في حدوث حادث معين، ومنه قوله:{ أيما الأجلين قضيت }.

فإذا
شارفت عدتها من الطلاق الرجعي على الانقضاء،ولَم يبق منها إلا قدرا يسيرا،جاء الأمر بالإحسان في اتخاذ القرار،فوُضع الزوج أمام خيارين في هذه الحالة : الخيار الأول:إما أن يعيدها إلى عصمة نكاحه بمعروف، وأراد به أن يشهد على رجعتها، وينوي عشرتها بالمعروف،وهو ما جاء في قوله تعالى :{
فأمسكوهنّ بمعروف }، فالإمساك بالشيء إبقاؤه والتعلق به، والمراد إبقائها في عصمته.
الخيار الثاني للزوج:
في قوله تعالى:{ أو سرّحوهنّ بمعروف } ،ذكر ابن أبي حاتم ماجاء عن يزيد بن أبي حبيب أنّ التسريح في كتاب الله هو الطلاق،وقوله بمعروف:أي بطاعة الله إذا اغتسلت من حيضتها الثالثة، قاله مقاتل وعلي بن الحسين وذكره ابن أبي حاتم.
فيتركها حتّى تنقضي عدتها، ثم يخرجها من منزله بالتي هي أحسن، من غير شقاق ولا مخاصمة ولا تقابح، ويوفيها تمام حقها الملزم عليه من مهر ونفقة ومتعة.

🔵 مناسبة تقيد التسريح بالمعروف في هذا الموضع:
تطرق ابن عاشور في تفسيره لهذه المسألة ، فقارن بين هذا الموضع وهو قوله تعالى :{أو سرحوهنّ بمعروف}، والموضع السابق { أو تسريح بإحسان} ،

فقيّد هذا الموضع بالمعروف، والموضع السابق قيّده بالإحسان؛مشيرا إلى احتمالين:
( الاحتمال الأول:
أن الإحسان المذكور هنالك، هو عين المعروف الذي يعرض للتسريح، فلما تقدم ذكره لم يُحتج هنا إلى الفرق بين قيده وقيد الإمساك.

الاحتمال الثاني: أن إعادة أحوال الإمساك والتسريح هنا ليبنى عليه النهي عن المضارة، والذي تخاف مضارته بمنزلة بعيدة عن أن يطلب منه الإحسان، فطلب منه الحق، وهو المعروف الذي عدم المضارة من فروعه، سواء في الإمساك أو في التسريح، ومضارة كل بما يناسبه).اهـ

🔵 التصريح بالنهي عن المضارة .
وقوله تعالى :
{ولا تمسكوهنّ ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه}كان لهذه الآية سبب نزول ذكره ابن أبي حاتم بسنده عن ابن عبّاس:كان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها قبل انقضاء عدتها ثم يطلقها فيفعل بها ذلك يضارها ويعضلها، فأنزل الله الآية{ولا تمسكوهنّ ضرارا لتعتدوا }البقرة/ 231، وبه قال مجاهدٌ، ومسروقٌ، والحسن، وقتادة، والضّحّاك، والرّبيع، ومقاتل بن حيّان وغير واحدٍ،وذكره ابن كثير.
وروي عن الضحاك والربيع بن أنس:(راجعها رجاء أن تختلع منه بمالها ) ذكره ابن أبي حاتم.

فعلة الخطاب هو نهي الرجل أن يطول العدة على المرأة مضارّة منه لها، بأن يرتجع قرب انقضائها ثم يطلق بعد ذلك،
فطلب منه أن يتركها حتى تنقضي عدتها وتكون أملك لنفسها حينئذ فتقرر الرجعة إليه أم لا .

🔵 الوعيد لمن خالف أمر الله تعالى .
توعّد الله تعالى من يخالف أمره بأنه سيتعرض للعذاب، {ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه}،الظلم في اللغة :وضع الشيء في غير محلّه، وظلمه لنفسه أن عرّضها للعذاب، وكذلك بظلمه لزوجته، فاختلّ بسوء فعله حال بيته وعشرته لزوجته .

🔵 في قوله تعالى: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوا }.
ذكر ابن كثير عن أبي حاتم ماجاء في هذه الآية من قول الحسن، وقتادة، وعطاءٌ الخراسانيّ، والرّبيع، ومقاتل بن حيّان: هو الرّجل يطلّق ويقول: كنت لاعبًا أو يعتق أو ينكح ويقول: كنت لاعبًا. فأنزل اللّه: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} فألزم اللّه بذلك
.
وعن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: طلّق رجلٌ امرأته وهو يلعب، لا يريد الطّلاق؛ فأنزل اللّه: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} فألزمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الطّلاق.

وعن عبادة بن الصّامت، في قول اللّه تعالى: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} قال: كان الرّجل على عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول للرّجل زوّجتك ابنتي ثمّ يقول: كنت لاعبًا. ويقول: قد أعتقت، ويقول: كنت لاعبًا فأنزل اللّه: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ثلاث من قالهنّ لاعبًا أو غير لاعبٍ، فهنّ جائزات عليه: الطلاق، والعتاق، والنكاح".
آيات الله : ما في القرآن من شرائع المراجعة التي بيّن لكم من دلالاته وعلاماته في أمر الطلاق .
الهزء من هزأ أي سخر ولعب ويُراد به الاستخفاف وعدم الرعاية.

وخلاصة المراد في قوله تعالى: " ولا تتخذوا آيات الله هزوا" كما ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره؛ قولان:

1-
هو الرّجل يطلّق ويقول: كنت لاعبًا أو يعتق أو ينكح ويقول: كنت لاعبًا. فأنزل اللّه: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} فألزم اللّه بذلك.قاله الحسن، وقتادة، وعطاءٌ الخراسانيّ، والرّبيع، ومقاتل بن حيّان كما ذكر ابن كثير عن ابن حاتم.
- وعن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: طلّق رجلٌ امرأته وهو يلعب، لا يريد الطّلاق؛ فأنزل اللّه: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} فألزمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الطّلاق.

-
عن عبادة بن الصّامت، في قول اللّه تعالى: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} قال: كان الرّجل على عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول للرّجل زوّجتك ابنتي ثمّ يقول: كنت لاعبًا. ويقول: قد أعتقت، ويقول: كنت لاعبًا فأنزل اللّه: {ولا تتّخذوا آيات اللّه هزوًا} فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ثلاث من قالهنّ لاعبًا أو غير لاعبٍ، فهنّ جائزات عليه: الطلاق، والعتاق، والنكاح".
-
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ثلاثٌ جدّهنّ جدٌّ، وهزلهنّ جدٌّ: النّكاح، والطّلاق، والرّجعة".رواه أبي داوود والترمذي وابن ماجه. وقال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ.


2- إمساك الزوجة في عدتها بقصد الإضرار.
(عن أبي الضحى، مسروق، مثله، يعني قوله: {ولا تمسكوهن ضرارا} قال: أن يطلقها حتى إذا كادت أن تنقضي عدتها راجعها ولا يريد إمساكها ويحبسها لذلك، ويريد الإضرار. فذلك الذي يضار، وذلك الذي يتخذ آيات الله هزوا) ذكره ابن أبي حاتم.

🔵 التذكير بنعمة الإسلام .
{واذكروا نعمت اللّه عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتّقوا اللّه واعلموا أنّ اللّه بكلّ شيء عليم}.
يذكّر الله تعالى عباده بما أنعم عليهم بعد إذ كانوا في الجاهلية بما أرسل إليهم من رسول وأنزل معه من الكتاب والحكمة؛والحمة السّنة فهي الشارحة للقرآن والمفسّرة له، (يعظكم به)
أي فيه أمره ونهيه وتوعده لمن خالف أمره، وفيه من الوعظ ما تلين به القلوب.

ثم دعى جلّ وعلا للتقوى فيما أمر ونهى؛ ونبّه على أمر عظيم بقوله :{ واعلموا أنّ الله بكل شيء عليم } عالم بكل ما تعملونه ظاهره وباطنه، فناسب ختم الآية ب
صفة العليم لأنها تقتضي العلم بما تقدم من الأفعال التي ظاهرها خلاف النية فيها، كالمحلل والمرتجع مضارة، فهو لا يخفى عليه شيءٌ من أموركم السّرّيّة والجهريّة، وسيجازيكم على ذلك كله.

*&*&*&*&*&*&*&*&*&*&*&* *&*&*&*&*&*&*&*&*&*&*&*

لم تكن عناية الله تعالى مقتصرة على ال
نهي عن الضرار في العصمة وما بعدها في العدة، بل أتبعه تعالى بالنهي عن المضارة فيما بعد الفراق وبيّن أحكامه.
قال تعالى :{وإذا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)}.

كان في سبب نزول هذه الآية أنّ رجلا كان له أخت قد تزوجت من ابن عم لها ثم طلقها وبعد انقضاء عدتها أراد خطبتها مرة أخرى فمنعها أخوها، فنزلت الآية، وقد اختلف في هذا الرجل على أقوال ذكرها ابن جرير.
-القول الأول: أنه معقل بن يسار:
عن الـحسن، عن معقل بن يسار، قال: كانت أخته تـحت رجل فطلقها ثم خلا عنها حتـى إذا انقضت عدتها خطبها، فحَمِيَ معقل من ذلك أَنَفـاً وقال: خلا عنها وهو يقدر علـيها فحال بـينه وبـينها. فأنزل الله تعالـى ذكره: {وَإذَا طَلّقْتُـمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أجَلَهُنّ فَلا تَعْضُلُوهُنّ أنْ يَنْكِحْنَ أزْواجَهُنّ إذَا تَراضَوْا بَـيْنَهُمْ بـالـمَعْرُوفِ}. وكذلك روي عن مجاهد وقتادة وعكرمة وغيرهم كما ذكر ابن جرير بأسانيد متنوعة.

- القول الثاني: أنها نزلت في جابر بن عبدالله لأنصاري.
عن السدي:{ وَإذَا طَلّقْتُـمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أجَلَهُنّ فَلا تَعْضُلُوهُنّ أنْ يَنْكِحْنَ أزْواجَهُنّ إذَا تَراضَوْا بَـيْنَهُمْ بـالـمَعْرُوفِ}. قال: نزلت فـي جابر بن عبد الله الأنصاري، وكانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطلـيقة، فـانقضت عدتها، ثم رجع يريد رجعتها، فأما جابر فقال: طلقت ابنة عمنا ثم تريد أن تنكحها الثانـية وكانت الـمرأة تريد زوجها قد راضته، فنزلت هذه الآية.


- القول الثالث:أنها نزلت دلالة علـى نهي الرجل عن مضارّة ولـيته من النساء، يعضلها عن النكاح:

عن ابن عبـاس قوله:{ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أنْ يَنْكِحْنَ أزْوَاجَهُنَّ} فهذا فـي الرجل يطلق امرأته تطلـيقة أو تطلـيقتـين فتنقضي عدّتها، يبدو له فـي تزويجها وأن يراجعها، وتريد الـمرأة، فـيـمنعها أولـياؤها من ذلك، فنهى الله سبحانه أن يـمنعوها.
وهذا القول رجّحه ابن جرير ، وقال أنه يجوز أن تكون الآية قد نزلت في أمر معقل بن يسار وأخته أو في أمر جابر بن عبدالله وابنة عمّه لدلالة الآية على ما ذكره .
{وإذا طَلَّقْتُمُ النّساء}: مفهوم الخطاب للأزواج .

🔵المراد ببلوغ الأجل في سياق الآية .
قال تعالى: {
فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}،يختلف المراد ببلوغ الأجل عما سبق،ففي الآية السابقة كان المراد اقتراب انتهاء العدّة،أما في هذه الآية يعني انقضائها .

وقوله تعالى:{فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ}
🔵معنى العضل لغة.
العضل من عضِل يعضَلُ، أو عضَل يعضُل على اختلاف لغتها بين أحياء العرب ؛ والعضل هو التضييق والتعسير، ومنه تقول العرب عضلت الدجاجة، فهي معضل، أي إذا احتبس بيضها ولم يخرج ، ويقال أيضاً عضلت الناقة فهي معضل إذا احتبس ما في بطنها والداء العضال العسير البرء ،وأضاف ابن جرير قول عمر رحمة الله علـيه: «وقد أعضل به أهل العراق، لا يرضون عن وال، ولا يرضى عنهم وال»، ومعناه حمله على أمر شديد لا يطيق القيام به .
ويقال: داء عُضال، وهو الداء الذي لا يطاق علاجه لضيقه عن العلاج، وتـجاوزه حدّ الأدواء التـي يكون لها علاج.
قال ذي الرمة:
ولَـمْ أقْذِفْ لـمُؤْمِنَةٍ حَصَانٍ بإذْنِ اللَّهِ مُوجِبَةً عُضَالا.
والمراد به في الآية التضييق على الزوجة في عودتها لزوجها .

اختلف في المخاطب في قوله تعالى :{فلا تعضلوهنّ} على أقوال :
1: هم الأولياء ،ذكره الطبري والزجاج وابن كثير.

وعللّ الزجاج على ذلك:(أنّ المطلّقة التي تراجع إنما هي مالكة بضعها إلا أن الولي لا بد منه)اهـ.
فالمعنى أي تمنعوهنّ وتحبسوهنّ من أن ينكحن أزواجهنّ،ذكر هذا القول الزجاج وابن كثير في تفسيرهما.
2: وقيل خطاب للمؤمنين ومنهم الأولياء والأزواج وقيل؛ الأزواج الذين كنّ في عصمتهم ،ذكر هذا القول ابن عطية .
وسبب
القول بأن الخطاب للأزواج يدخل في المراد ،هو أنهم يضاروهنّ بإرجاعهن، لمنعهن عن نكاح غيرهم.وهذا القول ذكره ابن عطية.
والقول بأنّ المخاطب الوليّ أظهر لدلالة السياق .


{ بالمعروف}أي بمهر وشهود جديدين إذا تراضوا فيما بينهما .


{ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ}
ذلك:
أي قبول الولي رد وليته إلى زوجها إذا تراضوا بينهم بالمعروف.قاله الزجاج وابن عطية وابن كثير .
وفي مرجع اسم الإشارة ذلك قولان:

١- أن الخطاب لجميع المسلمين لأن اسمي الإشارة ذلك وذلكم يستخدمان لمخاطبة الجميع، فالجميع لفظه لفظ واحد ، ذكره الزجاج .
٢-أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ثم رجوع إلى خطاب الجماعة في قوله :{ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ}
والوعظ:اهزاز النفس وبمثابة الوعيد لمن خالف الأمر ،فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر يأتمر ويتعظ إيمانا بشرع الله تعالى ومخافة وعيده.

{ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }.
ذلكم:
أي ترك العضل واتّباعكم شرع اللّه في ردّ الموليات إلى أزواجهنّ،{أزكى لكم وأطهر} :أي أطيب للنفس وللقلوب وأطهر للعرض والدين ،لأنّه تعالى عِلم ما فيه الصلاح لكم في عاجلكم وآجلكم، وما في من المصالح في الأوامر والنواهي لا تدركونها ولا تعلمون الخير في أفعالكم وذلك بسبب العلاقات التي تكون بين الأزواج، وربما لم يعلمها الولي فيؤدي العضل إلى الفساد والمخالطة على ما لا ينبغي .وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

🔵 الأحكام الفقهية المستنبطة من الآية :
o يحل العقد بعد انقضاء عدة البائن بينونة كبرى .{فبلغن أجلهنّ}.
o وجود الولي شرط للنكاح مع أن المطلقة هي مالكة بضعها إلا أنه لا بد من وليها.{فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ }،وكما جاء في الحديث: لا تزوّج المرأة المرأة، ولا تزوّج المرأة نفسها، فإنّ الزّانية هي الّتي تزوّج نفسها. وفي الأثر الآخر: لا نكاح إلّا بوليٍّ مرشدٍ، وشاهدي عدلٍ أنّ المرأة لا تملك أن تزوّج نفسها، كما قاله التّرمذيّ وابن جريرٍ عند هذه الآية، خلاف قول أبي حنيفة إن الولي ليس من شروط النكاح،ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير،ولو أنّ المرأة تملك نفسها حينئذ لم يكن للعضل معنى .
o الرضا شرط من شروط عقد النكاح :{إذا تراضوا}.
o يُحرم على الولي منع موليته إذا رضيت بالعودة بزوجها السابق. قوله: {إذا تراضوا بينهم بالمعروف} .
o المفهوم من قوله تعالى
{إذا تراضوا بينهم بالمعروف} يحق للولي أن يمنع وليته من العودة لزوجها،إذا رأى أن المراجعة ستعود إلى دخل وفساد نصحا لها .



____________________
قائمة المصادر والمراجع:
تفسير ابن أبي حاتم.
تفسير الطبري.
تفسير الزجاج.
تفسير ابن عطية.
تفسير ابن كثير .
تفسير ابن عاشور .
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي .


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir