وَكَمَا أَنَّهُمْ يَسْتَشْهِدُونَ وَيَعْتَبِرُونَ بِحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ سُوءُ حِفْظٍ ؛ فَإنَّهُم أَيْضًا يُضَعِّفُونَ مِنْ حَدِيثِ الثِّقةِ الصَّدُوقِ الضَّابِطِ أَشْيَاءَ تَبَيَّنَ لَهُمْ غَلَطُهُ فِيهَا بِأُمُورٍ يَسْتَدِِلُّونَ بِهَا ، وَيُسَمُّونَ هَذَا عِلْمَ عِلَلِ الحدِيثِ ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ عُلُومِهِمْ بِحَيْثُ يَكُونُ الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ ثِقَةٌ ضَابِطٌ وَغَلَطََ فِيهِ ، وَغَلَطُهُ فِيهِ عُرِف ، إمَّا بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ ، كَمَا عَرَفُوا أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلاَلٌ . وَأَنَّهُ صَلَّى فِي البَيْتِ رَكْعَتَينِ ، وَجَعَلُوا رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ لِتَزَوُّجِهَا حَرَامًا ، وَلِكَوْنِهِ لَمْ يُصَلِّ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ الغَلَطُ .
وَكَذَلِكَ أَنَّهُ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ ، وَعَلِمُوا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ : إنَّهُ اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ الغلَطُ .
وَعَلِمُوا أنَّهُ تَمَتَّعَ ، وَهُوَ آمِنٌ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ ، وَأَنَّ قَوْلَ عُثْمَانَ لِعَلِيٍّ : كُنَّا يَوْمَئِذٍ خَائِفِينَ ، ممَّا وَقَعَ فيهِ الغلَطُ .
وَأَنَّ مَا وَقَعَ في بَعْضِ طُرُقِ البُخَاريِّ : " أَنَّ النَّارَ لاَ تَمْتَلِئُ حَتَّى يُنْشِِئَ اللهُ لَهَا خَلْقًا آخَرَ " مِمََّّا وَقَعَ فِيهِ الغَلَطُ ، وَهَذَا كثيرٌ .