10/1158- وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا يَغْرَمُ السَّارِقُ إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ)). رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ مُنْكَرٌ.
(وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يَغْرَمُ السَّارِقُ إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَقَالَ أبو حَاتِمٌ: هُوَ مُنْكَرٌ).
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالْمِسْوَرُ لَمْ يُدْرِكْ جَدَّهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا مُرْسَلٌ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَذَكَرَ لَهُ عِلَّةً أُخْرَى.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ الْمَسْرُوقَةَ إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِ السَّارِقِ لَمْ يَغْرَمْهَا بَعْدَ أَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ، سَوَاءٌ أَتْلَفَهَا قَبْلَ الْقَطْعِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتِ الْهَادَوِيَّةُ، وَرَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ عَلَى مَذْهَبِهِ تَعْلِيلُ ذَلِكَ بِأَنَّ اجْتِمَاعَ حَقَّيْنِ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ مُخَالِفٌ لِلأُصُولِ، فَصَارَ الْقَطْعُ عِوَضاً مِن الْغُرْمِ؛ وَلِذَلِكَ إذَا ثَنَّى السَّرِقَةَ فيمَا قُطِعَ بِهِ لَمْ يُقْطَعْ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَآخَرُونَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، إلَى أَنَّهُ يَغْرَمُ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ)). وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا لا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ مَعَ مَا قِيلَ فِيهِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}، وَ((لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ))، وَلأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي السَّرِقَةِ حَقَّانِ: حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَحَقٌّ لِلآدَمِيِّ، فَاقْتَضَى كُلُّ واحِدٍ مُوجِبَهُ، وَلأَنَّهُ قَامَ الإِجْمَاعُ أَنَّهُ إذَا كَانَ المَالُ مَوْجُوداً بِعَيْنِهِ أُخِذَ مِنْهُ، فَيَكُونُ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي ضَمَانِهِ؛ قِيَاساً عَلَى سَائِرِ الأَمْوَالِ الْوَاجِبَةِ.
وَقَوْلُهُ: اجْتِمَاعُ الْحَقَّيْنِ مُخَالِفٌ لِلأُصُولِ، دَعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لأنَّ الْحَقَّيْنِ مُخْتَلِفَانِ؛ فالْقَطْعُ بِحِكْمَةِ الزَّجْرِ، وَالتَّغْرِيمُ تَفْوِيتُ حَقِّ الآدَمِيِّ كَمَا فِي الْغَصْبِ، وَلا يَخْفَى قُوَّةُ هَذَا الْقَوْلِ.