دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الحدود

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 محرم 1430هـ/20-01-2009م, 08:30 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب حد الزاني (5/11) [إقامة الحد كفارة لذنب صاحبه]


وعنْ عِمرانَ بنِ حُصينٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ امرأةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهيَ حُبْلَى مِن الزِّنَا فقالَتْ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، أَصَبْتُ حَدًّا فأَقِمْهُ عَلَيَّ. فَدَعَا نبيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيَّهَا فقالَ: ((أَحْسِنْ إِلَيْهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَائْتِنِي بِهَا)). ففَعَلَ، فأَمَرَ بها فَشُكَّتْ علَيْهَا ثِيَابُها، ثمَّ أَمَرَ بها فَرُجِمَتْ، ثمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. فقالَ عمرُ: أَتُصَلِّي عَلَيْهَا يا نَبِيَّ اللَّهِ وقدْ زَنَتْ؟! فقالَ: ((لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدَتْ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ؟)) رواهُ مسلمٌ.
وعنْ جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: رَجَمَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ، ورَجلًا مِن اليهودِ وامرأةً. رواهُ مسلمٌ.
وقِصَّةُ رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ في (الصحيحَيْنِ) منْ حديثِ ابنِ عُمَرَ.

  #2  
قديم 24 محرم 1430هـ/20-01-2009م, 10:34 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


8/1137 - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حُبْلَى مِن الزِّنَا، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ. فَدَعَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيَّهَا، فَقَالَ: ((أَحْسِنْ إِلَيْهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا))، فَفَعَلَ. فَأَمَرَ بِهَا فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. فَقَالَ عُمَرُ: أَتُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ؟! فَقَالَ: ((لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى؟!)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ) هِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِالْغَامِدِيَّةِ، (أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حُبْلَى مِن الزِّنَى، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ. فَدَعَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيَّهَا فَقَالَ: أَحْسِنْ إِلَيْهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا. فَفَعَلَ، فَأَمَرَ بِهَا فَشُكَّتْ): مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ؛ أَيْ: شُدَّتْ.
(عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. فَقَالَ عُمَرُ: تُصَلِّي عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ؟ فَقَالَ: لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعالَى؟!. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
ظَاهِرُ قَوْلِهِ: ((فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا)) فَفَعَلَ، أَنَّهُ وَقَعَ الرَّجْمُ عَقِيبَ الْوَضْعِ، إلاَّ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لمُسْلِمٍ، أَنَّهَا رُجِمَتْ بَعْدَ أَنْ فَطَمَتْ وَلَدَهَا وَأَتَتْ بِهِ وَفِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ. فَفِي رِوَايَةِ الْكِتَابِ طَيٌّ وَاخْتِصَارٌ.
قَالَ النَّوَوِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: ظَاهِرُهُمَا الاخْتِلافُ؛ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ رَجْمَهَا كَانَ بَعْدَ فِطَامِهِ وَأَكْلِهِ الْخُبْزَ، وَالأُولَى أَنَّ رَجْمَهَا عَقِيبَ الْوِلادَةِ.
فَيَجِبُ تَأْوِيلُ الأُولَى وَحَمْلُهَا عَلَى وَفْقِ الثَّانِيَةِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الأُولَى: قَامَ رَجُلٌ مِن الأَنْصَارِ فَقَالَ: إِلَى رَضَاعِهِ، إنَّمَا قَالَهُ بَعْدَ الْفِطَامِ، وَأَرَادَ بِرَضَاعِهِ كَفَالَتَهُ وَتَرْبِيَتَهُ، وَسَمَّاهُ رَضَاعاً مَجَازاً، انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الرَّجْمِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلامُ فِيهِ، وَأَمَّا شَدُّ ثِيَابِهَا عَلَيْهَا فَلأَجْلِ أَنْ لا تُكْشَفَ عِنْدَ اضْطِرَابِهَا مِنْ مَسِّ الْحِجَارَةِ.
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُرْجَمُ قَاعِدَةً، وَالرَّجُلَ قَائِماً، إلاَّ عِنْدَ مَالِكٍ فَقَالَ: قَاعِداً، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ الإِمَامُ بَيْنَهُمَا.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ علَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى الْمَرْأَةِ بِنَفْسِهِ إنْ صَحَّت الرِّوَايَةُ، فَصَلَّى للْبِنَاءِ لِلْمَعْلُومِ، إلاَّ أَنَّهُ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: إنَّهَا بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِ اللاَّمِ، قَالَ: وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي دَاوُدَ.
وَفِي رِوَايَةٍ لأَبِي دَاوُدَ: فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ لِمُسْلِمٍ بِفَتْحِ الصَّادِ وَفَتْحِ اللاَّمِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ عُمَرَ: " تُصَلِّي عَلَيْهَا" " أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاشَرَ الصَّلاةَ بِنَفْسِهِ، فيُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الأَكْثَرِ لِمُسْلِمٍ.
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ "صَلَّى" أَمَرَ بِأَنْ يُصَلَّى ويُصَلِّي؛ أيْ: تَأْمُرُوا، وَأَنَّهُ أَسْنَدَ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنَّهُ الآمِرُ، خِلافُ الظَّاهِرِ؛ فَإِنَّ الأَصْلَ الْحَقِيقَةُ.
وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ؛ فقدْ صَلَّى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا، أَوْ أَمَرَ بِالصَّلاةِ، فَالْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ الصَّلاةِ عَلَى الْمَرْجُومِ يُصَادِمُ النَّصَّ، إلاَّ أَنْ تُخَصَّ الْكَرَاهَةُ بِمَنْ رُجِمَ بِغَيْرِ الإِقْرَارِ؛ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَمْ يَتُبْ، فَهَذَا يَتَنَزَّلُ عَلَى الْخِلافِ فِي الصَّلاةِ عَلَى الْفُسَّاقِ، وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ، وَلا دَلِيلَ مَعَ الْمَانِعِ عَن الصَّلاةِ عَلَيْهِمْ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ لا تُسْقِطُ الْحَدَّ، وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْجُمْهُورِ.
وَالْخِلافُ فِي حَدِّ الْمُحَارِبِ إذَا تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ}.


9/1138 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا قَالَ: رَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ، وَرَجُلاً مِن الْيَهُودِ وَامْرَأَةً. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقِصَّةُ الْيَهُودِيَّيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
(وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ): يُرِيدُ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ، (وَرَجُلاً مِن الْيَهُودِ وَامْرَأَةً): يُرِيدُ الْجُهَنِيَّةَ، (رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقِصَّةُ الْيَهُودِيَّيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ).
أَمَّا حَدِيثُ مَاعِزٍ وَالْجُهَنِيَّةِ فَتَقَدَّمَا.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْكَافِرِ الذمِّيِّ إذَا زَنَى، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَمُعْظَمُ الْحَنَفِيَّةِ إلَى اشْتِرَاطِ الإِسْلامِ، وَأَنَّهُ شَرْطٌ لِلإِحْصَانِ الْمُوجِبِ لِلرَّجْمِ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، وَرُدَّ قَوْلُهُ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَحْمَدَ لا يَشْتَرِطَانِ ذَلِكَ، وَدَلِيلُهُمَا وُقُوعُ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ زَنَيَا كَانَا قَدْ أَحْصَنَا، وَقَدْ أَجَابَ مَن اشْتَرَطَ الإِسْلامَ عَنْ هذا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا رَجَمَهُمَا بِحُكْمِ التَّوْرَاةِ، وَلَيْسَ مِنْ حُكْمِ الإِسْلامِ فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ تَنْفِيذِ الْحُكْمِ عَلَيْهِمَا بِمَا فِي كِتَابِهِمَا؛ فَإِنَّ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ عَلَى الْمُحْصَنِ وَعَلَى غَيْرِهِ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إنَّمَا رَجَمَهُمَا لإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمَا بِمَا لا يَراهُ فِي شَرْعِهِ مَعَ قَوْلِهِ: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}، وَمِنْ ثَمَّ اسْتَدْعَى شُهُودَهُمْ؛ لِتَقُومَ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ. وَرَدَّهُ الْخَطَّابِيُّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}، وَإِنَّمَا جَاءَهُ الْقَوْمُ سَائِلِينَ الْحُكْمَ عِنْدَهُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ، فَنَبَّهَهُمْ عَلَى مَا كَتَمُوهُ مِنْ حُكْمِ التَّوْرَاةِ، وَلا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الإِسْلامِ عِنْدَهُ مُخَالِفاً لِذَلِكَ؛ لأَنَّهُ لا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالْمَنْسُوخِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ بِالنَّاسِخِ، انْتَهَى.
قُلْتُ: وَلا يَخْفَى احْتِمَالُ الْقِصَّةِ لِلأَمْرَيْنِ، وَالْقَوْلُ الأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِهِ، وَفِيهِ خِلافٌ مَعْرُوفٌ، وَقَدْ دَلَّت الْقِصَّةُ عَلَى صِحَّةِ نِكاحِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لأَنَّ ثُبُوتَ الإِحْصَانِ فَرْعُ ثُبُوتِ صِحَّتِهِ، وَأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعةِ، كَذَا قِيلَ.
قُلْتُ: أَمَّا الْخِطَابُ بِفُرُوعِ الشَّرِيعةِ، فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى أَنَّهُ حَكَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرْعِهِ، لا بِمَا فِي التَّوْرَاةِ عَلَى أَحَدِ الاحْتِمَالَيْنِ.

  #3  
قديم 24 محرم 1430هـ/20-01-2009م, 10:35 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


1055 - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ أَنَّ امرأةً مِن جُهَيْنَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَا،فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ. فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيَّهَا، فقالَ: ((أَحْسِنْ إِلَيْهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَائْتِنِي بِهَا)). فَفَعَلَ،فَأَمَرَ بِهَا فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَتُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللهِ وَقَدْ زَنَتْ؟! فقالَ: ((لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدَتْ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى؟!)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
جُهَيْنَةَ: قَبِيلَةُ جُهَيْنَةَ بْنِ زَيْدٍ قَبَائِلُ كَثِيرَةٌ مِنْ قُضَاعَةَ مِن الْقَبَائِلِ القَحْطَانِيَّةِ، مَنَازِلُهُم كَانَتْ وَلا زَالَتْ عَلَى سَاحِلِ البحرِ الأحمرِ، وَهِيَ مِن الجزءِ الغَرْبِيِّ مِن المَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ، وَعَاصِمَةُ حَاضِرَتِهِمْ بَلْدَةُ أَمْلَجَ، بَلْدَةٌ سَاحِلِيَّةٌ غَرْبَ الْمَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ.
حُبْلَى: الحاملُ فِي بَطْنِهَا جَنِينُهَا، جَمْعُهَا: حَبَالَى.
فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا: بِضَمِّ الشِّينِ، مَبْنِيٌّ للمجهولِ؛ أَيْ: شُدَّتْ وَرُبِطَتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا؛ لِئَلاَّ تَنْكَشِفَ.
لَوَسِعَتْهُمْ: يُقَالُ: وَسِعَ يَسَعُ سَعَةً؛ بِمَعْنَى: أَحَاطَتْ بِهِمْ وَشَمِلَتْهُمْ.
جَادَتْ: مِنْ جَادَ يَجُودُ جُوداً، وَجَادَتْ بِنَفْسِهَا؛ أَيْ: بَذَلَتْهَا، وَسَمَحَتْ بِهَا.
1056 - وَعَنْ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: رَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ وَرَجُلاً مِن اليهودِ وَامْرَأَتَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقِصَّةُ رَجْمِ اليَهُودِيَّيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ:
1- ثُبُوتُ حُكْمِ رَجْمِ الزَّانِي المُحْصَنِ؛ بِأَنْ يُرْجَمَ بالحجارةِ حَتَّى يَمُوتَ.
2- أَنَّ اعْتِرَافَ العاقلِ مَرَّةً يُثْبِتُ حُكْمَ الحدِّ عَلَيْهِ.
3- ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْحُكْمَ يَثْبُتُ بالاعترافِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَوْ لَمْ يُكَرِّرْهُ أَرْبَعاً، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
4- وَيُشْتَرَطُ فِي اسْتِيفَاءِ الحدِّ أَنْ يُؤْمَنَ الحَيْفُ، فَلا يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الحدُّ، فَإِذَا وَجَبَ الحدُّ عَلَى امرأةٍ حَامِلٍ أَوْ حَائِلٍ فَحَمَلَتْ، لَمْ تُرْجَمْ حَتَّى تَضَعَ الوَلَدَ، وَتَسْقِيَهُ اللِّبَأَ؛ لأَنَّ رَجْمَ الحاملِ يَتَعَدَّى إِلَى الجَنِينِ، فَصَارَ الحدُّ فِيهِ قَتْلٌ لِغَيْرِهَا، وَهُوَ حَرَامٌ؛إِذْ هُوَ جِنَايَةٌ عَلَى بَرِيءٍ.
5- مَشْرُوعِيَّةُ شَدِّ ثِيَابِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا عِنْدَ إِرَادَةِ تَنْفِيذِ الحدِّ عَلَيْهَا؛ خَشْيَةَ أَنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهَا.
6- وُجُوبُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَقْتُولِ حَدًّا وَجَوَازُهَا مِن الإمامِ كَبَقِيَّةِ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَيْسَتِ الشهادةُ تُسْقِطُ الصَّلاةَ عَنْهَا، وَلَيْسَتْ مِنَ العُصَاةِ الَّذِينَ يُرْدَعُ غَيْرُهُم بِتَرْكِ الصَّلاةِ عَلَيْهِمْ، وَهُمَا: الغَالُّ وَقَاتِلُ نَفْسِهِ.
7- إِقَامَةُ الحَدِّ كَفَّارَةٌ لِذَنْبِ صَاحِبِهِ، وَهُوَ إجماعُ الْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَظَّمَ أَمْرَ هَذِهِ التَّائِبَةِ، بِأَنَّهَا لَوْ قُسِّمَتْ تَوْبَتُهَا عَلَى سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَلَعَلَّ العددَ غَيْرُ مُرَادٍ، وَأَنَّ ميدانَ تَوْبَتِهَا أَوْسَعُ مِنْ هَذَا العددِ.
8- قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّ الأفضلَ لِمَنْ أَتَى ذَنْباً أَنْ يَتُوبَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَجْعَلَهَا تَوْبَةً نَصُوحاً، وَيُكْثِرَ مِنَ الطَّاعَاتِ وَفِعْلِ الخَيْرَاتِ، وَيَبْتَعِدَ عَنْ أَمْكِنَةِ الشَّرِّ وَقُرَنَاءِ السُّوءِ.
أَمَّا اعْتِرَافُ هَذِهِ الصَّحَابِيَّةِ فَهُوَ غَضَبٌ شَدِيدٌ عَلَى نَفْسِهَا الَّتِي أَمَرَتْهَا بالسوءِ، وَرَغْبَةٌ فِي سُرْعَةِ تَكْفِيرِ ذَنْبِهَا، فَهَذَا هُوَ الَّذِي حَمَلَهَا عَلَى اعْتِرَافِهَا، وَتَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا لِتَطْهِيرِهَا بالحَدِّ.
9- أَنَّ إِثْمَ الْمَعْصِيَةِ يَسْقُطُ بالتوبةِ النَّصُوحِ، وَهُوَ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ، فالتائبُ مِن الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ.
خِلافُ الْعُلَمَاءِ:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ يُشْتَرَطُ لثبوتِ حدِّ الزِّنَا تَكْرَارُ الاعترافِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَمْ يَكْفِي الاعترافُ مَرَّةً وَاحِدَةً؟
فَذَهَبَ إِلَى الأَوَّلِ: الإِمَامَانِ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وجمهورُ الْعُلَمَاءِ، مُسْتَدِلِّينَ عَلَى ذَلِكَ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادَاهُ: إِنِّي زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ)).
وَذَهَبَ الإِمَامَانِ: مَالِكٌ والشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ إِلَى أَنَّهُ يَكْفِي لإقامةِ الحدِّ إقرارٌ وَاحِدٌ؛ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا)). فَغَدَا عَلَيْهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَتْ. ولحديثِ الْبَابِ الَّذِي مَعَنَا فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الجُهَنِيَّةِ.
وَبِنَاءً عَلَى خطورةِ الأَمْرِ، وَأَنَّ الحدودَ تُدْرَأُ بالشُّبُهَاتِ، وَإِعْرَاضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُعْتَرِفِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَإِمْهَالِهِم المَرَّةَ، فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى قُوَّةِ الْقَوْلِ باشتراطِ الإقرارِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَمُرَاعَاةُ الْخِلافِ لا تَخْلُو مِنْ زِيَادَةِ فَائِدَةٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ الإِسْلامِ للإِحْصَانِ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ رقمُ (1056).
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ إِلَى أَنَّ الإِسْلامَ شَرْطٌ فِي الإِحْصَانِ، وَأَجَابَا عَنْ هَذِهِ القِصَّةِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا رَجَمَ اليَهُودِيَّيْنِ بِحُكْمِ التَّوْرَاةِ.
والقولُ الأَوَّلُ أَصَحُّ، فالتوراةُ إِنَّمَا نَشَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛لِيُقِيمَ عَلَيْهِم الْحُجَّةَ مِنْ كِتَابِهِم، وإلاَّ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَحْكُمُ إِلاَّ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, حد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir