12/1160 – وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، لَمَّا أَمَرَ بِقَطْعِ الَّذِي سَرَقَ رِدَاءَهُ، فَشَفَعَ فِيهِ: ((هَلاَّ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ؟)) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْجَارُودِ وَالْحَاكِمُ.
(وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ، لَمَّا أَمَرَ بِقَطْعِ الَّذِي سَرَقَ رِدَاءَهُ، فَشَفَعَ فِيهِ: هَلاَّ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ؟ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْجَارُودِ وَالْحَاكِمُ).
الْحَدِيثُ أَخْرَجُوهُ مِنْ طُرُقٍ؛ مِنْهَا: عَنْ طَاوُسٍ عَنْ صَفْوَانَ، وَرَجَّحَهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ: إنَّ سَمَاعَ طَاوُسٍ مِنْ صَفْوَانَ مُمْكِنٌ؛ لأَنَّهُ أَدْرَكَ عُثْمَانَ، وَقَالَ: أَدْرَكْتُ سَبْعِينَ شَيْخاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلِلْحَدِيثِ قِصَّةٌ.
أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: بَيْنَمَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ مُضْطَجِعٌ بِالْبَطْحَاءِ؛ إِذْ جَاءَ إنْسَانٌ فَأَخَذَ بُرْدَةً مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ، فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْفُو وَأَتَجَاوَزُ، فَقَالَ: ((فَهَلاَّ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ؟)) وَلَهُ أَلْفَاظٌ، فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَفِي أُخْرَى: فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ نَائِماً.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِيمَا كَانَ مَالِكُهُ حَافِظاً لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُغْلَقاً عَلَيْهِ فِي مَكَانٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رِدَاءُ صَفْوَانَ كَانَ مُحَرَّزاً بِاضْطِجَاعِهِ عَلَيْهِ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، قَالَ فِي نِهَايَةِ الْمُجْتَهِدِ: وَإِذَا تَوَسَّدَ النَّائِمُ شَيْئاً، فَتَوَسُّدُهُ حِرْزٌ لَهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي رِدَاءِ صَفْوَانَ، قَالَ فِي الْكَنْزِ لِلْحَنَفِيَّةِ: وَمَنْ سَرَقَ مِن الْمَسْجِدِ مَتَاعاً، وَرَبُّهُ ومَالِكُهُ عِنْدَهُ، يُقْطَعُ؛ لأنَّهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّزٍ بِالْحَائِطِ؛ لأَنَّ الْمَسْجِدَ مَا بُنِيَ لإِحْرَازِ الأَمْوَالِ، فَلَمْ يَكُن الْمَالُ مُحَرَّزاً بِالْمَكَانِ، انْتَهَى.
وَتَقَدَّمَ الْخِلافُ فِي الْحِرْزِ، وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِشَرْطِيَّتِهِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالإِمَامُ يَحْيَى: إنَّ لِكُلِّ مَالٍ حِرْزاً يَخُصُّهُ، فَحِرْزُ الْمَاشِيَةِ لَيْسَ حِرْزَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
وَقَالَ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ: مَا أُحْرِزَ فِيهِ مَالٌ فَهُوَ حِرْزٌ لِغَيْرِهِ؛ إذ الْحِرْزُ مَا وُضِعَ لِمَنْعِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ أَلاَّ يَخْرُجَ، وَمَا كَانَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِحِرْزٍ، لا لُغَةً وَلا شَرْعاً، وَكَذَلِكَ قَالُوا: الْمَسْجِدُ وَالْكَعْبَةُ حِرْزَانِ لآلاتِهِمَا ولِكِسْوَتِهِمَا.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَبْرِ، هَلْ هُوَ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ، فَيُقْطَعُ آخِذُهُ، أَوْ لَيْسَ بِحِرْزٍ؟
فَذَهَبَ إلَى أَنَّ النَّبَّاشَ سَارِقٌ جَمَاعَةٌ مِن السَّلَفِ وَالْهَادِي وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ، وَقَالُوا: يُقْطَعُ؛ لأَنَّهُ أَخَذَ الْمَالَ خُفْيَةً مِنْ حِرْزٍ لَهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عليهِ السَّلامُ وَعَائِشَةَ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لا يُقْطَعُ النَّبَّاشُ؛ لأَنَّ الْقَبْرَ لَيْسَ بِحِرْزٍ.
وَفِي الْمَنَارِ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا صُعُوبَةٌ؛ لأَنَّ حُرْمَةَ الْمَيِّتِ كَحُرْمَةِ الْحَيِّ، لَكِنَّ حُرْمَةَ يَدِ السَّارِقِ كَذَلِكَ الأَصْلُ مَنْعُهَا، وَلَمْ يَدْخُل النَّبَّاشُ تَحْتَ السَّارِقِ لُغَةً، وَالْقِيَاسُ الشَّرْعِيُّ غَيْرُ وَاضِحٍ، وَإِذَا تَوَقَّفْنَا امْتَنَعَ الْقَطْعُ، انْتَهَى.
وَاخْتُلِفَ فِي السَّارِقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّهُ لا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَمرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ. وَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِن الْغَنِيمَةِ وَالْخُمُسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا، قَالُوا: لأَنَّهُ قَدْ يُشَارِكُ فِيهَا بِالرَّضْخِ أَوْ مِن الْخُمُسِ.