القَذْفُ لُغَةً: الرَّمْيُ بالشَّيْءِ، وهوَ شَرْعاً: الرَّمْيُ بوَطْءٍ مُحَرَّمٍ يُوجِبُ الحَدَّ علَى المَقْذُوفِ.
1/1145 - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ وَتَلا الْقُرْآنَ، فَلَمَّا نَزَلَ أَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ فَضُرِبُوا الْحَدَّ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالأَرْبَعَةُ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الْبُخَارِيُّ.
(عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ وَتَلا الْقُرْآنَ) مِنْ قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} إلَى آخِرِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ آيَةً عَلَى إحْدَى الرِّوَايَاتِ فِي الْعَدَدِ.
(فَلَمَّا نَزَلَ أَمَرَ بِرَجُلَيْنِ): هُمَا حَسَّانُ وَمِسْطَحٌ، (وَامْرَأَةٍ): هِيَ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، (فَضُرِبُوا الْحَدَّ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالأَرْبَعَةُ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الْبُخَارِيُّ).
فِي الْحَدِيثِ ثُبُوتُ حَدِّ الْقَذْفِ، وَهُوَ ثَابِتٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الآيَةَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُت الْقَذْفُ لِعَائِشَةَ إلاَّ مِن الثَّلاثَةِ الْمَذْكُورِينَ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، وَلَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ جَلَدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ الْقَذْفِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَيِّمِ، وَعَدَّ أَعْذَاراً فِي تَرْكِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَدِّهِ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الإِكْلِيلِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْقَذَفَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ، أنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْلِدْ أَحَداً مِن الْقَذَفَةِ لِعَائِشَةَ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا يَثْبُتُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ؛ فَقَدْ رُدَّ قَوْلُهُ بِأَنَّهُ ثَبَتَ مَا يُوجِبُهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَحَدُّ الْقَاذِفِ يَثْبُتُ بِعَدَمِ ثُبُوتِ مَا قَذَفُوا بِهِ، وَلا يَحْتَاجُ فِي إثْبَاتِهِ إلَى بَيِّنَةٍ.
قُلْتُ: وَلا يَخْفَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يُعَيِّنْ أَحَداً مِن الْقَذَفَةِ، وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ مَا ثَبَتَ فِي تَفْسِيرِ الآيَاتِ؛ فَإِنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، وَأَنَّ مِسْطَحاً مِن الْقَذَفَةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِنُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} الآيَةَ.