دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 رجب 1443هـ/27-02-2022م, 10:51 AM
إيمان جلال إيمان جلال غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 380
افتراضي

مجلس أداء التطبيق الثالث من تطبيقات مهارات التخريج

خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1: قول زر بن حبيش: (الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
التخريج:

رواه ابن جرير (من عدة طرق) والفراء عن عاصم ابن أبي النجود عنه رحمه الله مثله ومقارب له.
ورواه عبد بن حميد عنه رحمه الله بلفظ مقارب له كما ورد في الدر المنثور للسيوطي.

التوجيه:
نستطيع التوجيه بالرجوع إلى القراءات التي جاءت بها كلمة "ضنين".
فقد ورد في كلمة "ضنين" قراءتان، هما:
القراءة الأولى: ضنين.
قرأ بها نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والاعمش وشيبة وأبو جعفر.
ذكرها في باب القراءات كلا من: أبو بكر أحمد بن موسى، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأبو عمرو عثمان بن سعيد الداني، وابن الجزري، وأبو القاسم يوسف بن علي المغربي، ونسبها علم الدين السخاوي لأبيّ، وشعلة، وقال أبو شامة الدمشقي أنها الأولى لأنها هكذا كتبت في المصاحف، والسمنودي، وأحمد بن محمد الدمياطي، والصفاقسي، وعبد اللطيف الخطيب.
كما ذكرها كلا من: ابن وهب، وعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، والبخاري، وابن جرير، وذكره عبد الرحمن بن الحسن من تفسير مجاهد.

القراءة الثانية: ظنين.
قرأ بها ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ومكي والزعفراني وزيد ورويس والحضرمي.
ذكرها في باب القراءات كلا من: أبو بكر أحمد بن موسى، وأبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران، والجرجاني، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأبو عمرو عثمان بن سعيد، وابن الجزري، واختاره أبو القاسم يوسف بن علي المغربي، وابن الباذش، والشاطبي، ونسبها علم الدين السخاوي لابن مسعود وابن عباس، ومحمد بن أحمد الموصلي، وقال أبو شامة الدمشقي: بأنها اختيار أبي عبيد، وعبد الفتاح القاضي، والسمنودي، وابن الجزري، وأحمد بن محمد الدمياطي، والصفاقسي، وعبد اللطيف الخطيب.
كما ذكرها كلا من: ابن وهب، وعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، والبخاري، وابن جرير.
والمعنى على كل قراءة:
- معنى ضنين: بخيل، من ضنّ يضن أي بخل، فضنين بخيل.
و (على) على هذه القراءة بمعنى الباء كما ذكره أبو شامة الدمشقي وغيره من أهل العلم،
حيث قال: وذلك ثابت لغة، وأن سبب العدول عن (الباء) إلى (على) هو لاستقامة معناها على القراءتين، أو كراهة لتكرار الباء لو قيل: بالغيب بضنين.
ومعنى الآية: أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يبخل بما أوحي إليه أن يعلمه، أو يكتم بعضه فلا يبلغه، فوصفه تعالى بذلك لحرصه على الهداية وتشميره في تبليغ الرسالة امتثالا لأمر الله، ولا يتوقف هذا الوصف على رميهم إياه بالبخل بما عُلم.

- معنى ظنين: من الظّنّة، أي التهمة، متهم (على أحد الأقوال التي سأسردها في تحرير المسألة بإذن الله في الأسفل).
ومعنى الآية: أي أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بمتهم على ما لديه من علم الغيب.

ومما سبق نلحظ أن قول زر بن حبيش مطابق للمعنى اللغوي على القراءتين.

تحرير المسألة في معنى "ضنين":
• على القراءة الأولى "ضنين"، فإن معناها جاء على قولين لأهل العلم، وهو:
القول الأول: بخيل. رواه ابن وهب (عن سفيان)، وعبد الرزاق (عن إبراهيم)، والبخاري، وابن جرير (عن زر وعن إبراهيم وعن مجاهد وعن قتادة وعن سفيان وعن ابن زيد)، مجاهد (كما نقله عبد الرحمن الهمذاني)، كما ذكر السيوطي في الدر المنثور [بأن ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه قد رووه عن (ابن عباس) من طرق، وأن عبد بن حميد قد رواه (عن مجاهد وعن عكرمة وعن قتادة) وابن المنذر قد رواه (عن مجاهد وعن ابن الزهري)، وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر (عن إبراهيم النخعي)، وعبد بن حميد (عن زر)]. وذكره ابن عطية، وابن كثير.
كما ذكره الفراء، وأبو عبيدة، والأخفش البلخي، وعبد الله بن يحيى بن المبارك، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة، والزجاج، وغلام ثعلب، ومكي بن أبي طالب، وأبو عبيدة.

القول الثاني: الكتمان. رواه ابن جرير (عن ابن زيد).
وهو لازم البخل.

• على القراءة الثانية (ظنين)، فإن معناها جاء على قولين لأهل العلم، هي:
القول الأول: متهم. رواه ابن وهب (عن سفيان)، وعبد الرزاق (عن إبراهيم)، والبخاري، وابن جرير (عن ابن عباس وعن زر وعن سعيد بن جبير وعن إبراهيم وعن الضحاك)، وذكر السيوطي في الدر المنثور أن ممن رواه [سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه (عن ابن مسعود وعن إبراهيم النخعي)، وعبد بن حميد وابن مردويه (عن ابن عباس)، وعبد بن حميد (عن زر)]. وذكره ابن عطية، وابن كثير.
كما ذكره الفراء، وأبو عبيدة، والأخفش البلخي، وعبد الله بن يحيى بن المبارك، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة، والزجاج، وغلام ثعلب، ومكي بن أبي طالب، وسيبويه.

القول الثاني: ضعيف. رواه ابن جرير (عن أهل العربية)، فتقول العرب عن الرجل الضعيف هو ظنون.
والمعنى: أنه ليس على الغيب بضعيف، ولكنه محتمل له مطيق.
كما ذكره الفراء.
الأدلة والشواهد:
تقول العرب: رجل ظنون أي ضعيف. ذكره ابن جرير والفراء.

التوجيه:
تصح القراءة بكلا القراءتين، وكل المعاني المذكورة أعلاه تصح، ولكن القول بأنه (ضعيف) فهو محتمل وليس بالقوي.
قال علم الدين السخاوي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهما فيما روي.
والرسول صلى الله عليه وسلم متحقق به كلا الوصفين: فهو أمين ناصح للأمة، لا يبخل عليها بالعلم الذي أوحاه الله إليه، وغير متهم بالكذب على الله، فما هو على ما يخبر به من المغيب عنكم، كيف لا؟ وهو الصادق الأمين.
وعليه، فلا ترجيح بين القراءتين بل نجمع بينهما لثبوتهما تواترا، واحتمال معنى الآية لكلا المعنيين.
أدلة كل من رجح قولا على الآخر:
فقد رجح ابن جرير قراءة (الضاد)، وذلك لاتفاق خطوط المصاحف عليه وإن اختلفت قراءتهم به.
ومثله قال أبو شامة الدمشقي.
قال الفراء: (وقرأ عاصم وأهل الحجاز وزيد بن ثابت (بضنين) وهو حسن، يقول: يأتيه غيب السماء، وهو منفوس فيه فلا يضن به عنكم، فلو كان مكان: على ـ عن ـ صلح أو الباء كما تقول: ما هو بضنين بالغيب).

بينما اختار أبو عبيدة القراءة بالظاء، وذلك لأن قريشا لم يبخّلوه فيُحتاج إلى أنه ينفى عنه ذلك البخل، وإنما كان المشركون يكذبون به، فأخبرهم تعالى بأنه ليس بمتهم على الغيب.
قال الفراء: (والذين قالوا: بظنين. احتجوا بأن على تقوّي قولهم، كما تقول: ما أنت على فلان بمتهم، وتقول: ما هو على الغيب بظنين: بضعيف، يقول: هو محتمل له).

والرد على كلا الترجيحين السابقين يكون:
بأن المعنى في كلا القراءتين صحيح، حيث وصفه تعالى بذلك لحرصه على التبليغ وقيامه بما أمر به، ولا يتوقف نفي البخل عنه على رميهم إياه به.
فلا يجوز نفي أي من القراءتين طالما ثبت تواترهما، واحتمال الآية لكلا المعنيين.
فتصح الأقوال كلها في القراءتين.

2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
التخريج:

رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من عدة طرق عن داود بن أبي هند عنه رحمه الله بألفاظ متقاربة.
التوجيه:
يمكننا تقسيم الآية إلى ثلاثة أقسام، لكل منها مسألة خاصة بها، هي:
المسألة الأولى: المراد ب "الذين كفروا بعد إيمانهم".
فقد ذكر أبو العالية أنهم اليهود والنصارى، وهذا حق وصدق، وهو مثال على الذين كفروا بعد إيمانهم ببعض أنبيائهم، أو بجميعهم ولكنهم كفروا ببعض الأنبياء، ككفر اليهود والنصارى بالنبي صلى الله عليه وسلم، وككفر اليهود بعيسى وبالإنجيل.
فقد قال تعالى: "إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين".
وقال تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام".
وقال تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه".
وروى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار). صحيح مسلم.
فتخصيص أبي العالية للذين كفروا بأنهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، مبني على نصوص ثابتة صحيحة.

المسألة الثانية: متعلق الزيادة بالكفر "ثم ازدادوا كفراً".
فسر أبو العالية "ثم ازدادوا كفرا" بذنوب أصابوها، وهذا حق وواقع منهم، فاليهود والنصارى كانوا ولازالوا غير مؤمنين بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهم مقترفون للآثام والذنوب لبعدهم عن دين الحق، فما زالوا بازدياد بالكفر، وهل بعد الكفر ذنب؟

المسألة الثالثة: علة عدم قبول توبتهم "لن تقبل توبتهم".
فسرها أبو العالية: فهم يتوبون منها في كفرهم.
من المعلوم بالضرورة من ديننا أن الإسلام هو شرط لقبول العمل، ومن بعد الإسلام فإن شرطي قبول أي عمل بالإسلام هو: الإخلاص لله، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يتحقق إلا إن كان صاحب العمل مسلما. والتوبة هي من العمل الصالح التي لابد لقبولها أن يتحقق فيها كلا الشرطين السابقين بالإضافة لشروط أخرى لن أذكرها الآن، وسأكتفي بالشاهد. وعليه، فإن تاب أهل الكتاب من ذنوب اقترفوها وهم لازالوا على الكفر، فلن يتقبل منهم. وقد قال تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم على رفعة شأنه: "ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك" فالشرك والكفر من أسباب حبوط أي عمل ومنها التوبة، ولذلك قال تعالى في الآية: "لن تقبل توبتهم"، نعم كونها لم تأت من مسلم، ثم ختم تعالى الآية: "وأولئك هم الضالون"، الذين ضلوا سبيل الحق، وهي العلة في عدم قبول توبتهم.
فيكون تفسير أبي العالية رحمه الله له شواهد في الشرع فهو صحيح، ويكون من باب التفسير بلازم المعنى، فالقول يشمل كل كافر من أهل الكتاب سواء يهودي أو نصراني، فهم طالما بقوا على كفرهم فهم بازدياد من الذنوب، مهما تابوا منها أو قاموا بأي عمل صالح، فلن يقبل منهم طالما أن القاعدة ليست الإسلام، ولو أسلموا وتابوا من الشرك لقبل منهم.

تحرير المسألة: وهي معنى الآية:
سأقسم الآية إلى عدة مسائل:
• المراد ب "الذين كفروا"
جاء عن أهل التفسير عدة أقوال بالذين كفروا، يمكن اختصارها إلى أربعة أقوال، هي:
القول الأول: الذين كفروا من أهل الكتاب من اليهود والنصارى (لكفرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم). رواه ابن جرير (عن الحسن)، ورواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن أبي العالية)،
القول الثاني: اليهود (لكفرهم بالإنجيل وبعيسى عليه السلام). رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن قتادة). كما ذكر السيوطي في الدر المنثور أن عبد بن حميد قد رواه (عن قتادة). وذكره ابن عطية.
واختار ابن جرير القول بأنهم اليهود، لكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد مبعثه بعد أن كانوا قد آمنوا به قبل مبعثه الذي أخبرهم عنه كتابهم التوراة، ثم ازدادوا كفرا بما أصابوا من الذنوب في كفرهم ومقامهم على ضلالتهم، فلن تقبل توبتهم حتى يتوبوا من كفرهم ويدخلوا في الإسلام ويؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالفرقان.
وعلل ابن جرير اختياره هذا لمناسبته للسياق قبلها وبعدها والذي يتناول الحديث عن اليهود عليهم لعائن الله.

القول الثالث: اليهود والنصارى والمجوس. رواه ابن جرير (عن أبي العالية).
القول الرابع: الذين كفروا. رواه ابن جرير (عن مجاهد).
القول الخامس: قوم أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا. أخرجه البزار (عن ابن عباس) كما جاء في الدر المنثور للسيوطي، وقال السيوطي: وهذا خطأ من البزار. ذكره ابن عطية، وقال عنه ابن كثير أن إسناده جيد.
وذكره الزجاج والنحاس.
واختار ابن جرير القول الثاني، أنهم اليهود، وليس من أسلم ثم كفر ثم أسلم ثم كفر كونه لم يذكره تعالى في سياق الآية.
وسيأتي تفصيله أدناه في التوجيه.

• متعلق "من بعد إيمانهم"
القول الأول: إيمانهم ببعض الأنبياء المبعوثين قبل محمد صلى الله عليه وسلم. رواه ابن جرير (عن الحسن وعن قتادة وعن عطاء). وذكره ابن عطية.
القول الثاني: إيمانهم بأنبيائهم جميعا. رواه ابن جرير (عن أبي العالية وعن ابن جريج).
القول الثالث: إيمانهم بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه. رواه ابن جرير (عن أبي العالية). وذكره ابن عطية.
وسيأتي تفصيل توجيه الأقوال أدناه.

• متعلق زيادة الكفر
القول الأول: بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالفرقان. رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن قتادة). ورواه عبد بن حميد عن قتادة كما جاء في الدر المنثور للسيوطي. وذكره ابن عطية.
القول الثاني: زيادة الذنوب. رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن أبي العالية). ورواه عبد بن حميد (عن أبي العالية) كما جاء في الدر المنثور للسيوطي. وذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الثالث: بقاؤهم على الكفر حتى الموت. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن مجاهد وعن السدي). ورواه عبد بن حميد (عن مجاهد) كما جاء في الدر المنثور للسيوطي. وذكره ابن عطية.
واختار ابن جرير القول الثاني، وسيأتي تفصيله أدناه في التوجيه.

• متعلق توبتهم
القول الأول: ساعة الاحتضار عند الموت. رواها عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم (عن قتادة)، ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن الحسن وعن عطاء). وذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الثاني: توبتهم من ذنوبهم. رواه ابن جرير (عن رفيع)، ورواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن أبي العالية)، ورواه عبد بن حميد (عن أبي العالية) كما جاء في الدر المنثور للسيوطي. وذكره ابن عطية.
وأجازه النحاس لغة.
القول الثالث: إيمانهم الأول بأنبيائهم. رواه ابن جرير (عن ابن جريج).
القول الرابع: سموا اعتناقهم لدين كفر آخر أنه توبة. ذكره النحاس.

واختار ابن جرير القول الثاني، كون ذنوبهم التي لازالوا يقترفونها من الزيادة على الكفر التي لن يقبلها الله والتي قال تعالى عنها" لن تقبل توبتهم"، ونفى أن يكون المقصود هو توبتهم من كفرهم لحظة الموت، لأنها مقبولة مادامت أرواحهم لازالت في أجسادهم، كما نفى القول الثالث، لأن الله لم يصف القوم بأنهم كانوا مؤمنين ثم كفروا وارتدوا ثم آمنوا ثم كفروا، وإنما وصفهم بكفر بعد إيمان، وأن القرآن يؤول على ما كان موجودا في ظاهر التلاوة إذا لم تكن حجة تدل على باطن خاص أولى من غيره وإن أمكن توجيهه إلى غيره.
وسيأتي تفصيله أدناه في التوجيه.

• علة عدم قبول توبتهم
القول الأول: لإقامتهم على الكفر والضلال وموتهم عليه. رواه ابن جرير (عن أبي العالية وعن مجاهد وعن السدي)، ورواه ابن أبي حاتم (عن أبي العالية). وذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الثاني: لانحرافهم من كفر إلى كفر آخر، فالتوبة لا تقبل إلا إذا تابوا للإسلام. ذكره النحاس.

التوجيه:
يحتمل معنى "الذين كفروا" وصف كل كافر سواء يهوديا أو نصرانيا أو مرتدا، فكلهم داخل في معنى الآية.
o و "بعد إيمانهم" سواء آمن بنبيه أو ببعض الأنبياء، أو بالنبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للمرتد.
o "ثم ازدادوا كفرا" تشمل كل معنى فيه زيادة بالكفر: كالكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو إصرارهم على الكفر حتى الموت، أو الاستمرار في المعاصي والذنوب مع تحقق الكفر فيهم.
o " لن تقبل توبتهم"، والعلة في عدم قبول توبتهم مع أن الله قد وعد بقبول التوبة عن عباده، قال تعالى: "وهو الذي يقبل التوبة عن عباده"، فالله لا يقول أقبل ولا أقبل لشيء واحد، حاشا وكلا، بل هو سبحانه يقبل حتى توبة الكافر ما لم يغرغر، قال تعالى: "إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم"، فالكافر إن أسلم وحسن إسلامه وتاب وأصلح فالله يقبله منه، ولكن العلة في عدم قبول توبتهم:
- لكفرهم، فقد منع كفرهم من قبول توبتهم من الذنوب التي اقترفوها، فالله لا يقبل عمل الكافر ما أقام على شركه وضلاله، ويدخل فيه المرتد، فرجوعه عن الإسلام أدخله في الكفر الذي لن يقبل معه أي عمل صالح يعمله ومنها التوبة من أي ذنب يقترفه، ولن ينفعه إيمانه السابق كونه خرج من الدين، ودليلها ختم الآية، قال تعالى: "وأولئك هم الضالون". يدل على أنهم لو حققوا التوبة لم يتحقق فيهم وصف الضلال.
- لإصرارهم على الكفر حتى الغرغرة والمعاينة، فهم لم يتوبوا من كفرهم حتى إذا حضرهم الموت قالوا آمنا، فعندها لن تقبل توبتهم، وهذا مطابق للحكم الشرعي الوارد في النصوص التالية:
قال تعالى: "وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن".
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر). رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.
- جزاء لجريمتهم ونكايتهم في الدين، فهؤلاء ختم الله عليهم بالكفر، وهم الذين أشار إليهم بقوله كيف يهدي اللّه قوماً [آل عمران: 86] فأخبر عنهم أنهم لا تكون لهم توبة فيتصور قبولها، فلا يوفقهم تعالى لتوبة بل يمدهم في طغيانهم يعمهون.



3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
رواه عبد الرزاق وابن جرير (من عدة طرق) وسفيان الثوري (من طريق أبي بكير - وهو مورق أو مرزوق مولى الشعبي كما ذكر ابن حبان في الثقات – عنه) مثله.

وبلفظ الرفيق الصالح:
رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (من طريق أبي نعيم بن دكين عن سفيان الثوري عن أبي بكير عنه) مثله.
ورواه ابن جرير (من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أبي بكير عنه) مثله.
وقال البيهقي في الشعب: وَرُوِّينَا َعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي رِوَايَةٍ كَذَلِكَ.

أما عن غير سعيد بن جبير، فممن رواه بلفظ مثله أو مقارب له يحمل ذات المعنى:
رواه ابن جرير (عن ابن عباس، وعن مجاهد، وعن عكرمة، وعن قتادة، والسدي، والضحاك).
ورواه ابن المنذر (عن ابن عباس، وعن عكرمة، وعن مجاهد، وعن أبي عبيدة، وعن زيد بن أسلم).
ورواه ابن أبي حاتم (عن مجاهد، وعن عكرمة، وعن قتادة، وعن زيد بن أسلم).
ورواه البيهقي في الشعب (عن ابن عباس، وعن مجاهد، وعن قتادة، وعن الكلبي، وعن مقاتل بن حيان، وعن مقاتل بن سليمان).

التوجيه:
قال ابن منظور في لسان العرب: الرفيق هو الصاحب، ورافَق الرجلَ: صاحَبَه. ورَفِيقُك: الَّذِي يُرافِقُك، وَقِيلَ: هُوَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ خَاصَّةً، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ مِثْلُ الصَّدِيق. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. وتَرافَق الْقَوْمُ وارْتفَقُوا: صَارُوا رُفَقاء. والرُّفاقةُ والرُّفْقةُ والرِّفْقة وَاحِدٌ: الْجَمَاعَةُ المُترافِقون فِي السَّفَرِ.
وقال ابن منظور في اللسان كذلك: ‌الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ: شِقُّ الإِنْسانِ وَغَيْرِهِ. تَقُولُ: قعَدْتُ إِلَى جَنْب فُلَانٍ وَإِلَى جانِبه.
وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ: يَعْنِي الَّذِي يَقْرُبُ مِنْكَ ويكونُ إِلَى جَنْبِك. وَكَذَلِكَ جارُ الجُنُبِ أَي اللَّازِقُ بِكَ إِلَى جَنْبِك. وَقِيلَ: الصاحِبُ بالجَنْبِ صاحِبُك فِي السَّفَر

فمن المعنى اللغوي نرى أن تفسير سعيد بن جبير رحمه الله لـ "الصاحب بالجنب" هو مطابق للمعنى اللغوي". فيكون تفسير سعيد بن جبير من باب التفسير بالمثال.
وقد حثنا تعالى في الآية على الإحسان للوالدين وللأرحام واليتامى والمساكين والجار ذي الرحم والجار من غير الرحم والرفيق في السفر والزوجة، والضيف، والمسافر الذي انقطعت فيه السبل وإلى ملكة الأيمان.

تحرير مسألة معنى الصاحب بالجنب:
جاء عن أهل التفسير عدة أقوال في معناها يمكن اختصارها إلى ثمانية أقوال، هي:
القول الأول: الرفيق في السفر. رواه عبد الرزاق، والثوري (عن سعيد بن جبير) [كما ذكر النهدي في تفسيره]، وابن جرير (عن ابن عباس، وعن سعيد بن جبير، وعن مجاهد، وعن قتادة، وعن السدي، وعن سعيد بن جبير، وعن الضحاك)، ورواه ابن المنذر (عن مجاهد، وعن أبي عبيدة) ورواه ابن أبي حاتم (عن مجاهد وعن عكرمة وعن قتادة). وذكره البيهقي في الشعب.
وعبد الله بن يحيى بن المبارك، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة، والزجاج، والنحاس، ومكي بن أبي طالب.
وذكره ابن عطية.

القول الثاني: الرفيق الصالح. رواه ابن جرير (عن علي وعبد الله)، ورواه ابن المنذر (عن سعيد بن جبير). وذكره البيهقي.
وذكره ابن كثير.

القول الثالث: المرأة. رواه عبد الرزاق (عن إبراهيم)، والثوري (عن ابن مسعود وعن أبي الهيثم) [كما ذكر النهدي في تفسيره]، وسعيد بن منصور (عن إبراهيم)، ورواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن علي وعبد الله، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعن إبراهيم)، ورواه ابن المنذر (عن الحسن) ورواه ابن المنذر وابن أبي حاتم (عن سعيد بن جبير). وذكره البيهقي في الشعب، والهيثمي في المجمع.
وذكره النحاس، وغلام ثعلب، ومكي بن أبي طالب.
وذكره ابن عطية، وابن كثير.

القول الرابع: جليسك في الحضر وصاحبك في السفر. رواه ابن وهب، ورواه عبد الرزاق عن (سعيد بن جبير)، ورواه ابن المنذر وابن أبي حاتم (عن زيد بن أسلم).
وذكره ابن كثير.

القول الخامس: الذي معك في المنزل. رواه ابن جرير (عن ابن عباس).

القول السادس: رفيقك الذي يرافقك (الرفيق). رواه ابن المنذر (عن ابن عباس وعكرمة)، ورواه ابن أبي حاتم (عن ابن عباس).
وذكره الفراء.
القول السابع: الجار الملاصق. ذكره غلام ثعلب.
القول الثامن: هو الرجل يعتريك ويلم بك لتنفعه. ذكره ابن عطية.

التوجيه:
جميع الأقوال يحتملها اللفظ، فديننا الحنيف يدعونا إلى الإحسان إلى كل ما جاء في الأقوال المذكورة أعلاه.
قال تعالى: "وأحسنوا، إن الله يحب المحسنين".
عن شداد بن أوس رضي الله عنه أنه قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء). صحيح مسلم [1955]
ولذلك: فالإسلام يحثنا على الإحسان إلى كل من نجالسهم، في سفر أو في حضر، في المنزل وخارج المنزل، ذوي الرحم والأباعد، فهذه هي اخلاق المسلمين.


4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
التخريج:
رواه ابن جرير من طريق ابن جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد عنه مثله.
التوجيه:
الأثر سندا كما ذكره ابن جرير هو:
قال ابن جريجٍ: وأخبرني عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ قال: صلّيت الصّبح مع سعيد بن المسيّب، فلمّا سلّم الإمام ابتدر النّاس القاصّ، فقال سعيدٌ: ما أسرعهم إلى هذا المجلس، قال مجاهدٌ: فقلت: يتأوّلون ما قال اللّه تعالى، قال: وما قال؟ قلت: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}، قال: وفي هذا ذا؟ إنّما ذاك في الصّلاة الّتي انصرفنا عنها الآن، إنّما ذاك في الصّلاة.

وأصح ما قيل في سبب نزول الآية – كما جاء في الاستيعاب في بيان الأسباب للهلالي -: ما رواه سعد بن أبي وقاص حين قال: فيّ نزلت: {وَلَا تَطْرُدِ. . .}؛ قال: نزلت في ستة: أنا وابن مسعود منهم، وكان المشركون قالوا له: تدني هؤلاء. وفي رواية: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في ستة نفر، فقال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اطرد هؤلاء؛ لا يجترؤون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله ما شاء أن يقع، فحدث نفسه؛ فأنزل الله: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)} (1). [صحيح]. أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 1878 رقم 2413)، والنسائي في "الكبرى" (5/ 72، 73 رقم 8264، 8266)، و"التفسير" (1/ 469، 470 رقم 183) وغيرهما كثير. وفي رواية لابن ماجه (2/ رقم 4128)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 145) تسمية الستة وهم: ابن مسعود وسعد وصهيب وعمار والمقداد وبلال، وفي سنده قيس بن الربيع؛ قال الحافظ: "صدوق، تغيّر لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به"

وفي قوله تعالى: "يدعون ربهم بالغداة والعشي"، فمصطلح الصلاة لغة: هو الدعاء. وقد فسر السعدي قوله تعالى: "وصلّ عليهم، إن صلاتك سكن لهم"، أي ادع لهم.
فيكون تفسير سعيد بن المسيب صحيح لغة، وله شواهد في أقوال المفسرين أدناه، وأن الله ينهى نبيه صلوات الله وسلامه عليه أن يطرد ضعفة المؤمنين الذين يصلّون بالغداة والعشي يريدون وجهه، استجابة لكبراء قريش الذين أنفوا أن يجالسوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو معهم. وهو محتمل في سبب النزول المذكور أعلاه، والذي عبّر فيه الصحابي سعد بن أبي وقاص من أنهم مجتمعون يدنون من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو متحقق في صلوات الجماعة، مكتوبة كانت أو نافلة.
ولكن الخلاف وقع بين المفسرين في ماهية تلك الصلاة على أقوال، سأذكرها أدناه.

تحرير المسألة: وهي المراد ب "دعاء المؤمنين بالغداة والعشي"
جاء عن أهل التفسير عدة أقوال فيها على عشرة أقوال، هي:
القول الأول: صلاة الصلوات الخمس المكتوبة. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن ابن عباس، وعن إبراهيم، وعن مجاهد)، ورواه ابن جرير (عن الضحاك، وعن عبد الرحمن بن أبي عمرة). وذكر السيوطي في الدر المنثور أن ابن المنذر رواه (عن ابن عباس). وذكره ابن عطية، وابن كثير.

القول الثاني: الصلوات في جماعة. رواه ابن جرير (عن الحسن). وذكره ابن عطية.

القول الثالث: صلاة الصبح والعصر. رواه ابن جرير (عن مجاهد، وعن قتادة)، ورواه ابن أبي حاتم (عن مجاهد، وعن الضحاك). وذكره ابن عطية.

القول الرابع: صلاة الصبح والعشاء. رواه ابن أبي حاتم (عن عمرو بن شعيب).

القول الخامس: الصلاة. رواه ابن جرير (إبراهيم، وعن مجاهد، وعن سعيد بن المسيب، وعن عامر، وعن عبد الرحمن).

القول السادس: الصلاة في الصف الأول. رواه ابن جرير (عن ابن عباس). وذكره ابن عطية.

القول السابع: ذكر الله. رواه سعيد بن منصور وابن جرير (عن إبراهيم)، رواه ابن جرير (عن منصور، وعن إبراهيم). ذكره البيهقي في دلائل النبوة، وذكر السيوطي أن ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبا الشيخ قد أخرجوه (عن إبراهيم). وذكره ابن عطية.

القول الثامن: الدعاء. ذكره ابن عطية.

القول التاسع: قراءة القرآن وتعلمه. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن أبي جعفر). وذكره البيهقي في دلائل النبوة. وذكره ابن عطية.

القول العاشر: العبادة. رواه ابن جرير (عن الضحاك)، ورواه ابن أبي حاتم (عن ابن عباس، وعن إبراهيم). وذكره ابن عطية، وابن كثير.

التوجيه:
نلحظ من الأقوال السابقة أن من نهى الله نبيه صلى الله عليه وسلم عن طرده، هم الصحابة العابدين لله: في صلاة، أو ذكر - وأعلى الذكر هو تلاوة القرآن – أو دعاء.
والدعاء في الشرع قسمان:
- دعاء مسألة. وهي سؤال الله من خيري الدنيا والآخرة.
- دعاء عبادة. قال تعالى: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين". فسمى الله الدعاء في نفس الآية عبادة.
فالمعنى يشمل كل الأقوال السابقة، فالداعي ربه هو عابد، والعبادة تشتمل على الذكر وقراءة القرآن والصلاة.
وكما قال ابن جرير: إنّ اللّه -تعالى- نهى نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أن يطرد قومًا كانوا يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ، والدّعاء للّه يكون بذكره وتمجيده والثّناء عليه قولاً وكلامًا، وقد يكون بالعمل له بالجوارح الأعمال الّتي كان عليهم فرضها وغيرها من النّوافل الّتي ترضي، والعامل له عابده بما هو عاملٌ له، وقد يجوز أن يكون القوم كانوا جامعين هذه المعاني كلّها، فوصفهم اللّه بذلك بأنّهم يدعونه بالغداة والعشيّ. ولا قول أولى بذلك بالصّحّة من وصف القوم بما وصفهم اللّه به من أنّهم كانوا يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ فيعمّون بالصّفة الّتي وصفهم بها ربّهم ولا يخصّون منها بشيءٍ دون شيءٍ. فلا تقص يا نبي الله من يدعون ربهم: فيسألون عفوه ومغفرته لصالح أعمالهم، وأداء ما ألزمهم من فرائضه، ونوافل تطوعهم، وذكرهم إياه بألسنتهم بالغداة والعشي، يلتمسون بذلك القربة إلى الله، والدنو من رضاه.
قال ابن عطية: وقوله تعالى: "بالغداة والعشي" عبارة عن استمرار الفعل، وأن الزمن معمور به.
فجميع أقوال الصلوات يحتملها المعنى، لقوله تعالى: "بالغداة والعشي" بالإضافة لباقي العبادات الواردة في الأقوال.

5. قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: (هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
وردت "سوء الحساب في آيتين، هما:
- قال تعالى: " لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ". الرعد [18].
- قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ". الرعد [21].


وقد ورد قول إبراهيم النخعي عند أهل التفسير في تفسيرهم للآيتين.

التخريج:
بذات اللفظ (هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء):
رواه ابن وهب وابن جرير (من طريقين) والخطيب البغدادي (في تاريخ دمشق) من طريق فرقد السبخي عنه مثله.
ورواه سعيد بن منصور وأبو الشيخ من طريق فرقد السبخي عنه مثله، كما جاء في الدر المنثور للسيوطي.

• وبلفظ آخر عن إبراهيم النخعي (أن يأخذ عبده بالحق):
رواه سعيد بن منصور من طريق سعيد عن خلف بن خليفة عن رجل عنه مثله.

التوجيه:
في سورة الرعد، ذكر تعالى الآيتين:
- الأولى: في ذم أهل النار وعقوبة لهم على ما فرطوا في جنب الله، أن الله سيحاسبهم حسابا عسيرا شديدا. ودليله، قوله تعالى: "وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله، فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا". قال ابن جرير في تفسير العذاب الشديد: حسابا استقصينا فيه عليهم، لم نعف لهم فيه عن شيء، ولم نتجاوز فيه عنهم.
- والثانية: في الثناء على أهل الجنة، أنهم كانوا في الدنيا يخافون لقاء الله يوم الحساب فلا يتجرؤون على المعاصي أو يقصرون في شيء أمرهم الله به خوفا من العقاب ورجاء الثواب.
وقد جاء في الحديث:
o روت عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليسَ أحَدٌ يُحاسَبُ إلَّا هَلَكَ قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أليسَ اللَّهُ يقولُ: حِسابًا يَسِيرًا؟ قالَ: ذاكِ العَرْضُ، ولَكِنْ مَن نُوقِشَ الحِسابَ هَلَكَ). وفي رواية: مَن نُوقِشَ الحِسابَ هَلَكَ. صحيح مسلم [2876].
o أخرج ابن حبان في صحيحه، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: بَيْنَا نحنُ مع عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ نطُوفُ بالبيتِ إذ عارَضه رجُلٌ فقال: يا ابنَ عُمَرَ كيف سمِعْتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يذكُرُ النَّجوى فقال: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ : ( يدنو المُؤمِنُ مِن ربِّه يومَ القيامةِ حتَّى يضَعَ عليه كتِفَه ثمَّ يُقرِّرُه بذُنوبِه فيقولُ : هل تعرِفُ ؟ فيقولُ: ربِّ أعرِفُ حتَّى إذا بلَغ ما شاء اللهُ أنْ يبلُغَ قال: فإنِّي قد ستَرْتُها عليكَ في الدُّنيا وأنا أغفِرُها لكَ اليومَ ثمَّ يُعطَى صحيفةَ حسَناتِه وأمَّا الكافِرُ والمُنافِقُ فيُنادَى على رؤوسِ الأشهادِ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]
o قال تعالى: "والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون"
قال السعدي في تفسيرها: هم الذين يعطون من أنفسهم ما أمروا به، ما آتوا من كل ما يقدرون عليه: من صلاة وزكاة وحج وصدقة وغير ذلك، ومع هذا قلوبهم خائفة عند عرض أعمالها عليه، والوقوف بين يديه، أن تكون أعمالهم غير منجية من عذاب الله، لعلمهم بربهم، وما يستحقه من أصناف العبادات.
فالمعنى الذي ذكره إبراهيم النخعي مطابق لمعنى النصوص الصحيحة الثابتة، وهو لازم معنى سوء الحساب، فللكافر سوء الحساب الذي يناقش فيه ويستقصى كل فعل أو قول قام به، والمؤمنين يخافون سوء الحساب يوم القيامة، فيدفعهم هذا إلى العمل، فكان جزاؤهم الحساب اليسير الذي يعرض الله فيه على المؤمن عمله دون أن يناقشه فيه كما في الحديث أعلاه.

تحرير المسألة وهي المراد ب"سوء الحساب":
جاء عن أهل التفسير عدة أقوال في معناها، يمكن اختصارها إلى سبعة أقوال، هي:
القول الأول: أن لا يتجاوز له عن شيء. رواه سعيد بن منصور وابن جرير (عن فرقد السبخي).
وذكره مكي بن أبي طالب [في الهداية] (عن شهر بن حوشب).

القول الثاني: أن يأخذ عبده بالحق. رواه سعيد بن منصور (عن إبراهيم النخعي)،

القول الثالث: أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر منه شيء. رواه ابن وهب وابن جرير والخطيب البغدادي [في تاريخ دمشق] (عن إبراهيم النخعي). ورواه ابن المنذر (عن إبراهيم النخعي) كما في الدر المنثور للسيوطي.
كما رواه ابن المنذر وأبو الشيخ (عن الحسن) كما في الدر المنثور للسيوطي.
وذكره الزجاج.

القول الرابع: المناقشة في الأعمال. أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة (في مصنفه) وابن جرير وابن أبي حاتم (عن أبي الجوزاء). كما رواه ابن المنذر وأبو الشيخ (عن أبي الجوزاء) كما في الدر المنثور للسيوطي. ذكره ابن عطية وابن كثير.
ذكره الزجاج، وذكره مكي بن أبي طالب [في الهداية] (عن ابن عباس).
ذكره الزجاج بشيء من الشرح فقال: أن يستقصى عليه حسابه، ولا يتجاوز له عن شيء من سيئاته
الأدلة والشواهد:
روت عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليسَ أحَدٌ يُحاسَبُ إلَّا هَلَكَ قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أليسَ اللَّهُ يقولُ: حِسابًا يَسِيرًا؟ قالَ: ذاكِ العَرْضُ، ولَكِنْ مَن نُوقِشَ الحِسابَ هَلَكَ). وفي رواية: مَن نُوقِشَ الحِسابَ هَلَكَ. صحيح مسلم [2876].

القول الخامس: ألا تقبل منهم حسنة، ولا يتجاوز لهم عن سيئة، وأن كفرهم أحبط أعمالهم. ذكره الزجاج.
الأدلة والشواهد:
ذكر الزجاج قوله تعالى: "الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم".
القول السادس: الذي لا جواز فيه. رواه ابن جرير (عن ابن زيد).

القول السابع: شدة الحساب. أخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ (عن سعيد بن جبير) كما في الدر المنثور للسيوطي

التوجيه:
مما سبق نلحظ تقارب الأقوال من بعضها في المعنى: فالمناقشة على الأعمال تعني تقصيها، ومحاسبتهم على النقير والقطمير، والجليل والحقير (كما ذكر ابن كثير)، وهو من شدة الحساب.
• فالكفار -كما في الآية [18] من سورة الرعد:
سيحابهم الله بعدله، فلن تقبل منهم حسنة، وسيحاسبون على كل سيئة اقترفوها، فلا نجاة ولا جواز لهم بعدها، وهذا ما قررته الأدلة الثابتة الصحيحة في الكتاب والسنة:
- قال تعالى: "الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم".
لأن الكفر محبط للعمل كما ذكر الزجاج.

• والمؤمنون – كما في الآية [21] من سورة الرعد:
يحذرون مناقشة الله إياهم في الحساب، لعلمهم أن من نوقش الحساب فقد عذب، فيعلمون أنهم بعدها قد لا يصفح لهم عن ذنب، فهم لرهبتهم ذلك جادون في طاعته، محافظون على حدوده (كما ذكر ابن جرير).
فكان جزاؤهم عن عاملهم الله بفضله، فكان حسابهم حسابا يسيرا، إنما هو العرض المذكور في الحديث أعلاه، فالله يقررهم بذنوبهم ثم يغفرها لهم.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 5 شعبان 1443هـ/8-03-2022م, 05:24 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيمان جلال مشاهدة المشاركة
مجلس أداء التطبيق الثالث من تطبيقات مهارات التخريج

خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1: قول زر بن حبيش: (الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).
التخريج:

رواه ابن جرير (من عدة طرق) والفراء عن عاصم ابن أبي النجود عنه رحمه الله مثله ومقارب له.
ورواه عبد بن حميد عنه رحمه الله بلفظ مقارب له كما ورد في الدر المنثور للسيوطي.

التوجيه:
نستطيع التوجيه بالرجوع إلى القراءات التي جاءت بها كلمة "ضنين".
فقد ورد في كلمة "ضنين" قراءتان، هما:
القراءة الأولى: ضنين.
قرأ بها نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والاعمش وشيبة وأبو جعفر.
ذكرها في باب القراءات كلا من: أبو بكر أحمد بن موسى، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأبو عمرو عثمان بن سعيد الداني، وابن الجزري، وأبو القاسم يوسف بن علي المغربي، ونسبها علم الدين السخاوي لأبيّ، وشعلة، وقال أبو شامة الدمشقي أنها الأولى لأنها هكذا كتبت في المصاحف، والسمنودي، وأحمد بن محمد الدمياطي، والصفاقسي، وعبد اللطيف الخطيب.
كما ذكرها كلا من: ابن وهب، وعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، والبخاري، وابن جرير، وذكره عبد الرحمن بن الحسن من تفسير مجاهد.

القراءة الثانية: ظنين.
قرأ بها ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ومكي والزعفراني وزيد ورويس والحضرمي.
ذكرها في باب القراءات كلا من: أبو بكر أحمد بن موسى، وأبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران، والجرجاني، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأبو عمرو عثمان بن سعيد، وابن الجزري، واختاره أبو القاسم يوسف بن علي المغربي، وابن الباذش، والشاطبي، ونسبها علم الدين السخاوي لابن مسعود وابن عباس، ومحمد بن أحمد الموصلي، وقال أبو شامة الدمشقي: بأنها اختيار أبي عبيد، وعبد الفتاح القاضي، والسمنودي، وابن الجزري، وأحمد بن محمد الدمياطي، والصفاقسي، وعبد اللطيف الخطيب.
كما ذكرها كلا من: ابن وهب، وعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، والبخاري، وابن جرير.
والمعنى على كل قراءة:
- معنى ضنين: بخيل، من ضنّ يضن أي بخل، فضنين بخيل.
و (على) على هذه القراءة بمعنى الباء كما ذكره أبو شامة الدمشقي وغيره من أهل العلم،
حيث قال: وذلك ثابت لغة، وأن سبب العدول عن (الباء) إلى (على) هو لاستقامة معناها على القراءتين، أو كراهة لتكرار الباء لو قيل: بالغيب بضنين.
ومعنى الآية: أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يبخل بما أوحي إليه أن يعلمه، أو يكتم بعضه فلا يبلغه، فوصفه تعالى بذلك لحرصه على الهداية وتشميره في تبليغ الرسالة امتثالا لأمر الله، ولا يتوقف هذا الوصف على رميهم إياه بالبخل بما عُلم.

- معنى ظنين: من الظّنّة، أي التهمة، متهم (على أحد الأقوال التي سأسردها في تحرير المسألة بإذن الله في الأسفل).
ومعنى الآية: أي أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بمتهم على ما لديه من علم الغيب.

ومما سبق نلحظ أن قول زر بن حبيش مطابق للمعنى اللغوي على القراءتين.

تحرير المسألة في معنى "ضنين":
• على القراءة الأولى "ضنين"، فإن معناها جاء على قولين لأهل العلم، وهو:
القول الأول: بخيل. رواه ابن وهب (عن سفيان)، وعبد الرزاق (عن إبراهيم)، والبخاري، وابن جرير (عن زر وعن إبراهيم وعن مجاهد وعن قتادة وعن سفيان وعن ابن زيد)، مجاهد (كما نقله عبد الرحمن الهمذاني)، كما ذكر السيوطي في الدر المنثور [بأن ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه قد رووه عن (ابن عباس) من طرق، وأن عبد بن حميد قد رواه (عن مجاهد وعن عكرمة وعن قتادة) وابن المنذر قد رواه (عن مجاهد وعن ابن الزهري)، وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر (عن إبراهيم النخعي)، وعبد بن حميد (عن زر)]. وذكره ابن عطية، وابن كثير. [كما ذكرتُ لكِ من قبل فإن هذه الطريقة تشتت القارئ، وهي الخلط بين التخريج وعزو القول، والأولى عزو القول لقائليه أولا، ثم تخريج قول كل منهم ولو باختصار أي بذكر من خرج القول من الأئمة عنهم.
عبد الرحمن الهمذاني ذكرنا من قبل أنه راوي كتب، وأنه روى تفسير آدم بن أبي إياس الذي اشتُهر بتفسير مجاهد، وعند التخريج نقول: رواه آدم بن أبي إياس]

كما ذكره الفراء، وأبو عبيدة، والأخفش البلخي، وعبد الله بن يحيى بن المبارك، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة، والزجاج، وغلام ثعلب، ومكي بن أبي طالب، وأبو عبيدة.

القول الثاني: الكتمان. رواه ابن جرير (عن ابن زيد).
وهو لازم البخل.

• على القراءة الثانية (ظنين)، فإن معناها جاء على قولين لأهل العلم، هي:
القول الأول: متهم. رواه ابن وهب (عن سفيان)، وعبد الرزاق (عن إبراهيم)، والبخاري، وابن جرير (عن ابن عباس وعن زر وعن سعيد بن جبير وعن إبراهيم وعن الضحاك)، وذكر السيوطي في الدر المنثور أن ممن رواه [سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه (عن ابن مسعود وعن إبراهيم النخعي)، وعبد بن حميد وابن مردويه (عن ابن عباس)، وعبد بن حميد (عن زر)]. وذكره ابن عطية، وابن كثير.
كما ذكره الفراء، وأبو عبيدة، والأخفش البلخي، وعبد الله بن يحيى بن المبارك، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة، والزجاج، وغلام ثعلب، ومكي بن أبي طالب، وسيبويه.

القول الثاني: ضعيف. رواه ابن جرير (عن أهل العربية)، فتقول العرب عن الرجل الضعيف هو ظنون.
والمعنى: أنه ليس على الغيب بضعيف، ولكنه محتمل له مطيق.
كما ذكره الفراء.
الأدلة والشواهد:
تقول العرب: رجل ظنون أي ضعيف. ذكره ابن جرير والفراء.

التوجيه:
تصح القراءة بكلا القراءتين، وكل المعاني المذكورة أعلاه تصح، ولكن القول بأنه (ضعيف) فهو محتمل وليس بالقوي.
قال علم الدين السخاوي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهما فيما روي.
والرسول صلى الله عليه وسلم متحقق به كلا الوصفين: فهو أمين ناصح للأمة، لا يبخل عليها بالعلم الذي أوحاه الله إليه، وغير متهم بالكذب على الله، فما هو على ما يخبر به من المغيب عنكم، كيف لا؟ وهو الصادق الأمين.
وعليه، فلا ترجيح بين القراءتين بل نجمع بينهما لثبوتهما تواترا، واحتمال معنى الآية لكلا المعنيين.
أدلة كل من رجح قولا على الآخر:
فقد رجح ابن جرير قراءة (الضاد)، وذلك لاتفاق خطوط المصاحف عليه وإن اختلفت قراءتهم به.
ومثله قال أبو شامة الدمشقي.
قال الفراء: (وقرأ عاصم وأهل الحجاز وزيد بن ثابت (بضنين) وهو حسن، يقول: يأتيه غيب السماء، وهو منفوس فيه فلا يضن به عنكم، فلو كان مكان: على ـ عن ـ صلح أو الباء كما تقول: ما هو بضنين بالغيب).

بينما اختار أبو عبيدة القراءة بالظاء، وذلك لأن قريشا لم يبخّلوه فيُحتاج إلى أنه ينفى عنه ذلك البخل، وإنما كان المشركون يكذبون به، فأخبرهم تعالى بأنه ليس بمتهم على الغيب.
قال الفراء: (والذين قالوا: بظنين. احتجوا بأن على تقوّي قولهم، كما تقول: ما أنت على فلان بمتهم، وتقول: ما هو على الغيب بظنين: بضعيف، يقول: هو محتمل له).

والرد على كلا الترجيحين السابقين يكون:
بأن المعنى في كلا القراءتين صحيح، حيث وصفه تعالى بذلك لحرصه على التبليغ وقيامه بما أمر به، ولا يتوقف نفي البخل عنه على رميهم إياه به.
فلا يجوز نفي أي من القراءتين طالما ثبت تواترهما، واحتمال الآية لكلا المعنيين.
فتصح الأقوال كلها في القراءتين.
[أحسنتِ بارك الله فيكِ، وراجعي التعليق على الاخت هنادي أعلاه، أعني ما يتعلق بالاعتذار للمتقدمين في ترجيحهم]





2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
التخريج:

رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من عدة طرق عن داود بن أبي هند عنه رحمه الله بألفاظ متقاربة. [وفي بعضها إجمال وفي بعضها بيان]
التوجيه:
يمكننا تقسيم الآية إلى ثلاثة أقسام، لكل منها مسألة خاصة بها، هي:
المسألة الأولى: المراد ب "الذين كفروا بعد إيمانهم".
فقد ذكر أبو العالية أنهم اليهود والنصارى، وهذا حق وصدق، وهو مثال على الذين كفروا بعد إيمانهم ببعض أنبيائهم، أو بجميعهم ولكنهم كفروا ببعض الأنبياء، ككفر اليهود والنصارى بالنبي صلى الله عليه وسلم، وككفر اليهود بعيسى وبالإنجيل.
فقد قال تعالى: "إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين".
وقال تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام".
وقال تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه".
وروى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار). صحيح مسلم.
فتخصيص أبي العالية للذين كفروا بأنهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، مبني على نصوص ثابتة صحيحة.

المسألة الثانية: متعلق الزيادة بالكفر "ثم ازدادوا كفراً".
فسر أبو العالية "ثم ازدادوا كفرا" بذنوب أصابوها، وهذا حق وواقع منهم، فاليهود والنصارى كانوا ولازالوا غير مؤمنين بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهم مقترفون للآثام والذنوب لبعدهم عن دين الحق، فما زالوا بازدياد بالكفر، وهل بعد الكفر ذنب؟

المسألة الثالثة: علة عدم قبول توبتهم "لن تقبل توبتهم".
فسرها أبو العالية: فهم يتوبون منها في كفرهم.
من المعلوم بالضرورة من ديننا أن الإسلام هو شرط لقبول العمل، ومن بعد الإسلام فإن شرطي قبول أي عمل بالإسلام هو: الإخلاص لله، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يتحقق إلا إن كان صاحب العمل مسلما. والتوبة هي من العمل الصالح التي لابد لقبولها أن يتحقق فيها كلا الشرطين السابقين بالإضافة لشروط أخرى لن أذكرها الآن، وسأكتفي بالشاهد. وعليه، فإن تاب أهل الكتاب من ذنوب اقترفوها وهم لازالوا على الكفر، فلن يتقبل منهم. وقد قال تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم على رفعة شأنه: "ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك" فالشرك والكفر من أسباب حبوط أي عمل ومنها التوبة، ولذلك قال تعالى في الآية: "لن تقبل توبتهم"، نعم كونها لم تأت من مسلم، ثم ختم تعالى الآية: "وأولئك هم الضالون"، الذين ضلوا سبيل الحق، وهي العلة في عدم قبول توبتهم.
فيكون تفسير أبي العالية رحمه الله له شواهد في الشرع فهو صحيح، ويكون من باب التفسير بلازم المعنى، فالقول يشمل كل كافر من أهل الكتاب سواء يهودي أو نصراني، فهم طالما بقوا على كفرهم فهم بازدياد من الذنوب، مهما تابوا منها أو قاموا بأي عمل صالح، فلن يقبل منهم طالما أن القاعدة ليست الإسلام، ولو أسلموا وتابوا من الشرك لقبل منهم. [كان من الممكن دمج ما سبق مع التحرير التالي، كأحد الأقوال في هذه المسألة]

تحرير المسألة: وهي معنى الآية:
سأقسم الآية إلى عدة مسائل:
• المراد ب "الذين كفروا"
جاء عن أهل التفسير عدة أقوال بالذين كفروا، يمكن اختصارها إلى أربعة أقوال، هي:
القول الأول: الذين كفروا من أهل الكتاب من اليهود والنصارى (لكفرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم). رواه ابن جرير (عن الحسن)، ورواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن أبي العالية)،
القول الثاني: اليهود (لكفرهم بالإنجيل وبعيسى عليه السلام). رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن قتادة). كما ذكر السيوطي في الدر المنثور أن عبد بن حميد قد رواه (عن قتادة). وذكره ابن عطية.
واختار ابن جرير القول بأنهم اليهود، لكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد مبعثه بعد أن كانوا قد آمنوا به قبل مبعثه الذي أخبرهم عنه كتابهم التوراة، ثم ازدادوا كفرا بما أصابوا من الذنوب في كفرهم ومقامهم على ضلالتهم، فلن تقبل توبتهم حتى يتوبوا من كفرهم ويدخلوا في الإسلام ويؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالفرقان.
وعلل ابن جرير اختياره هذا لمناسبته للسياق قبلها وبعدها والذي يتناول الحديث عن اليهود عليهم لعائن الله.

القول الثالث: اليهود والنصارى والمجوس. رواه ابن جرير (عن أبي العالية).
القول الرابع: الذين كفروا. رواه ابن جرير (عن مجاهد).
القول الخامس: قوم أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا. أخرجه البزار (عن ابن عباس) كما جاء في الدر المنثور للسيوطي، وقال السيوطي: وهذا خطأ من البزار. ذكره ابن عطية، وقال عنه ابن كثير أن إسناده جيد.
وذكره الزجاج والنحاس.
واختار ابن جرير القول الثاني، أنهم اليهود، وليس من أسلم ثم كفر ثم أسلم ثم كفر كونه لم يذكره تعالى في سياق الآية.
وسيأتي تفصيله أدناه في التوجيه.

• متعلق "من بعد إيمانهم"
القول الأول: إيمانهم ببعض الأنبياء المبعوثين قبل محمد صلى الله عليه وسلم. رواه ابن جرير (عن الحسن وعن قتادة وعن عطاء). وذكره ابن عطية.
القول الثاني: إيمانهم بأنبيائهم جميعا. رواه ابن جرير (عن أبي العالية وعن ابن جريج).
القول الثالث: إيمانهم بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه. رواه ابن جرير (عن أبي العالية). وذكره ابن عطية.
وسيأتي تفصيل توجيه الأقوال أدناه.
[وعلى القول بأنهم قوم أسلموا ثم ارتدوا، قيل بأن المقصود بالإيمان والتوبة هنا وهو إيمانهم الأول قبل الردة]
• متعلق زيادة الكفر
القول الأول: بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالفرقان. رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن قتادة). ورواه عبد بن حميد عن قتادة كما جاء في الدر المنثور للسيوطي. وذكره ابن عطية.
القول الثاني: زيادة الذنوب. رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن أبي العالية). ورواه عبد بن حميد (عن أبي العالية) كما جاء في الدر المنثور للسيوطي. وذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الثالث: بقاؤهم على الكفر حتى الموت. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن مجاهد وعن السدي). ورواه عبد بن حميد (عن مجاهد) كما جاء في الدر المنثور للسيوطي. وذكره ابن عطية.
واختار ابن جرير القول الثاني، وسيأتي تفصيله أدناه في التوجيه.

• متعلق توبتهم
القول الأول: ساعة الاحتضار عند الموت. رواها عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم (عن قتادة)، ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن الحسن وعن عطاء). وذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الثاني: توبتهم من ذنوبهم. رواه ابن جرير (عن رفيع)، ورواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن أبي العالية)، ورواه عبد بن حميد (عن أبي العالية) كما جاء في الدر المنثور للسيوطي. وذكره ابن عطية.
وأجازه النحاس لغة.
القول الثالث: إيمانهم الأول بأنبيائهم. رواه ابن جرير (عن ابن جريج).
القول الرابع: سموا اعتناقهم لدين كفر آخر أنه توبة. ذكره النحاس.

واختار ابن جرير القول الثاني، كون ذنوبهم التي لازالوا يقترفونها من الزيادة على الكفر التي لن يقبلها الله والتي قال تعالى عنها" لن تقبل توبتهم"، ونفى أن يكون المقصود هو توبتهم من كفرهم لحظة الموت، لأنها مقبولة مادامت أرواحهم لازالت في أجسادهم، كما نفى القول الثالث، لأن الله لم يصف القوم بأنهم كانوا مؤمنين ثم كفروا وارتدوا ثم آمنوا ثم كفروا، وإنما وصفهم بكفر بعد إيمان، وأن القرآن يؤول على ما كان موجودا في ظاهر التلاوة إذا لم تكن حجة تدل على باطن خاص أولى من غيره وإن أمكن توجيهه إلى غيره.
وسيأتي تفصيله أدناه في التوجيه.

• علة عدم قبول توبتهم
القول الأول: لإقامتهم على الكفر والضلال وموتهم عليه. رواه ابن جرير (عن أبي العالية وعن مجاهد وعن السدي)، ورواه ابن أبي حاتم (عن أبي العالية). وذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الثاني: لانحرافهم من كفر إلى كفر آخر، فالتوبة لا تقبل إلا إذا تابوا للإسلام. ذكره النحاس.

التوجيه:
يحتمل معنى "الذين كفروا" وصف كل كافر سواء يهوديا أو نصرانيا أو مرتدا، فكلهم داخل في معنى الآية.
O و "بعد إيمانهم" سواء آمن بنبيه أو ببعض الأنبياء، أو بالنبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للمرتد.
O "ثم ازدادوا كفرا" تشمل كل معنى فيه زيادة بالكفر: كالكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو إصرارهم على الكفر حتى الموت، أو الاستمرار في المعاصي والذنوب مع تحقق الكفر فيهم.
O " لن تقبل توبتهم"، والعلة في عدم قبول توبتهم مع أن الله قد وعد بقبول التوبة عن عباده، قال تعالى: "وهو الذي يقبل التوبة عن عباده"، فالله لا يقول أقبل ولا أقبل لشيء واحد، حاشا وكلا، بل هو سبحانه يقبل حتى توبة الكافر ما لم يغرغر، قال تعالى: "إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم"، فالكافر إن أسلم وحسن إسلامه وتاب وأصلح فالله يقبله منه، ولكن العلة في عدم قبول توبتهم:
- لكفرهم، فقد منع كفرهم من قبول توبتهم من الذنوب التي اقترفوها، فالله لا يقبل عمل الكافر ما أقام على شركه وضلاله، ويدخل فيه المرتد، فرجوعه عن الإسلام أدخله في الكفر الذي لن يقبل معه أي عمل صالح يعمله ومنها التوبة من أي ذنب يقترفه، ولن ينفعه إيمانه السابق كونه خرج من الدين، ودليلها ختم الآية، قال تعالى: "وأولئك هم الضالون". يدل على أنهم لو حققوا التوبة لم يتحقق فيهم وصف الضلال.
- لإصرارهم على الكفر حتى الغرغرة والمعاينة، فهم لم يتوبوا من كفرهم حتى إذا حضرهم الموت قالوا آمنا، فعندها لن تقبل توبتهم، وهذا مطابق للحكم الشرعي الوارد في النصوص التالية:
قال تعالى: "وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن".
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر). رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.
- جزاء لجريمتهم ونكايتهم في الدين، فهؤلاء ختم الله عليهم بالكفر، وهم الذين أشار إليهم بقوله كيف يهدي اللّه قوماً [آل عمران: 86] فأخبر عنهم أنهم لا تكون لهم توبة فيتصور قبولها، فلا يوفقهم تعالى لتوبة بل يمدهم في طغيانهم يعمهون.



3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
رواه عبد الرزاق وابن جرير (من عدة طرق) وسفيان الثوري (من طريق أبي بكير - وهو مورق أو مرزوق مولى الشعبي كما ذكر ابن حبان في الثقات – عنه) مثله.

وبلفظ الرفيق الصالح:
رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (من طريق أبي نعيم بن دكين عن سفيان الثوري عن أبي بكير عنه) مثله. [أحسنتِ]
ورواه ابن جرير (من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أبي بكير عنه) مثله.
وقال البيهقي في الشعب: وَرُوِّينَا َعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي رِوَايَةٍ كَذَلِكَ.

أما عن غير سعيد بن جبير، فممن رواه بلفظ مثله أو مقارب له يحمل ذات المعنى:
رواه ابن جرير (عن ابن عباس، وعن مجاهد، وعن عكرمة، وعن قتادة، والسدي، والضحاك).
ورواه ابن المنذر (عن ابن عباس، وعن عكرمة، وعن مجاهد، وعن أبي عبيدة، وعن زيد بن أسلم).
ورواه ابن أبي حاتم (عن مجاهد، وعن عكرمة، وعن قتادة، وعن زيد بن أسلم).
ورواه البيهقي في الشعب (عن ابن عباس، وعن مجاهد، وعن قتادة، وعن الكلبي، وعن مقاتل بن حيان، وعن مقاتل بن سليمان).

التوجيه:
قال ابن منظور في لسان العرب: الرفيق هو الصاحب، ورافَق الرجلَ: صاحَبَه. ورَفِيقُك: الَّذِي يُرافِقُك، وَقِيلَ: هُوَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ خَاصَّةً، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ مِثْلُ الصَّدِيق. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. وتَرافَق الْقَوْمُ وارْتفَقُوا: صَارُوا رُفَقاء. والرُّفاقةُ والرُّفْقةُ والرِّفْقة وَاحِدٌ: الْجَمَاعَةُ المُترافِقون فِي السَّفَرِ.
وقال ابن منظور في اللسان كذلك: ‌الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ: شِقُّ الإِنْسانِ وَغَيْرِهِ. تَقُولُ: قعَدْتُ إِلَى جَنْب فُلَانٍ وَإِلَى جانِبه.
وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ: يَعْنِي الَّذِي يَقْرُبُ مِنْكَ ويكونُ إِلَى جَنْبِك. وَكَذَلِكَ جارُ الجُنُبِ أَي اللَّازِقُ بِكَ إِلَى جَنْبِك. وَقِيلَ: الصاحِبُ بالجَنْبِ صاحِبُك فِي السَّفَر

فمن المعنى اللغوي نرى أن تفسير سعيد بن جبير رحمه الله لـ "الصاحب بالجنب" هو مطابق للمعنى اللغوي". فيكون تفسير سعيد بن جبير من باب التفسير بالمثال.
وقد حثنا تعالى في الآية على الإحسان للوالدين وللأرحام واليتامى والمساكين والجار ذي الرحم والجار من غير الرحم والرفيق في السفر والزوجة، والضيف، والمسافر الذي انقطعت فيه السبل وإلى ملكة الأيمان.

تحرير مسألة معنى الصاحب بالجنب:
جاء عن أهل التفسير عدة أقوال في معناها يمكن اختصارها إلى ثمانية أقوال، هي:
القول الأول: الرفيق في السفر. رواه عبد الرزاق، والثوري (عن سعيد بن جبير) [كما ذكر النهدي في تفسيره]، وابن جرير (عن ابن عباس، وعن سعيد بن جبير، وعن مجاهد، وعن قتادة، وعن السدي، وعن سعيد بن جبير، وعن الضحاك)، ورواه ابن المنذر (عن مجاهد، وعن أبي عبيدة) ورواه ابن أبي حاتم (عن مجاهد وعن عكرمة وعن قتادة). وذكره البيهقي في الشعب.
وعبد الله بن يحيى بن المبارك، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة، والزجاج، والنحاس، ومكي بن أبي طالب.
وذكره ابن عطية.

القول الثاني: الرفيق الصالح. رواه ابن جرير (عن علي وعبد الله)، ورواه ابن المنذر (عن سعيد بن جبير). وذكره البيهقي.
وذكره ابن كثير.

القول الثالث: المرأة. رواه عبد الرزاق (عن إبراهيم)، والثوري (عن ابن مسعود وعن أبي الهيثم) [كما ذكر النهدي في تفسيره]، وسعيد بن منصور (عن إبراهيم)، ورواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن علي وعبد الله، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعن إبراهيم)، ورواه ابن المنذر (عن الحسن) ورواه ابن المنذر وابن أبي حاتم (عن سعيد بن جبير). وذكره البيهقي في الشعب، والهيثمي في المجمع.
وذكره النحاس، وغلام ثعلب، ومكي بن أبي طالب.
وذكره ابن عطية، وابن كثير.

القول الرابع: جليسك في الحضر وصاحبك في السفر. رواه ابن وهب، ورواه عبد الرزاق عن (سعيد بن جبير)، ورواه ابن المنذر وابن أبي حاتم (عن زيد بن أسلم).
وذكره ابن كثير.

القول الخامس: الذي معك في المنزل. رواه ابن جرير (عن ابن عباس).

القول السادس: رفيقك الذي يرافقك (الرفيق). رواه ابن المنذر (عن ابن عباس وعكرمة)، ورواه ابن أبي حاتم (عن ابن عباس).
وذكره الفراء.
القول السابع: الجار الملاصق. ذكره غلام ثعلب.
القول الثامن: هو الرجل يعتريك ويلم بك لتنفعه. ذكره ابن عطية.


[يمكنكِ أن تجمعي القول بان المراد بالصاحب بالجنب أنه الرفيق في قول واحد، ثم اذكري تحته الخلاف في القيد الذي قُيد به ]

التوجيه:
جميع الأقوال يحتملها اللفظ، فديننا الحنيف يدعونا إلى الإحسان إلى كل ما جاء في الأقوال المذكورة أعلاه.
قال تعالى: "وأحسنوا، إن الله يحب المحسنين".
عن شداد بن أوس رضي الله عنه أنه قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء). صحيح مسلم [1955]
ولذلك: فالإسلام يحثنا على الإحسان إلى كل من نجالسهم، في سفر أو في حضر، في المنزل وخارج المنزل، ذوي الرحم والأباعد، فهذه هي اخلاق المسلمين.


4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
التخريج:
رواه ابن جرير من طريق ابن جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد عنه مثله.
التوجيه:
الأثر سندا كما ذكره ابن جرير هو:
قال ابن جريجٍ: وأخبرني عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ قال: صلّيت الصّبح مع سعيد بن المسيّب، فلمّا سلّم الإمام ابتدر النّاس القاصّ، فقال سعيدٌ: ما أسرعهم إلى هذا المجلس، قال مجاهدٌ: فقلت: يتأوّلون ما قال اللّه تعالى، قال: وما قال؟ قلت: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}، قال: وفي هذا ذا؟ إنّما ذاك في الصّلاة الّتي انصرفنا عنها الآن، إنّما ذاك في الصّلاة.
[هذا الإسناد تابع لأثر قبله، يشترك فيه ابن جريج، لذا بدأ ابن جرير هنا بابن جريج]
وأصح ما قيل في سبب نزول الآية – كما جاء في الاستيعاب في بيان الأسباب للهلالي -: ما رواه سعد بن أبي وقاص حين قال: فيّ نزلت: {وَلَا تَطْرُدِ. . .}؛ قال: نزلت في ستة: أنا وابن مسعود منهم، وكان المشركون قالوا له: تدني هؤلاء. وفي رواية: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في ستة نفر، فقال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اطرد هؤلاء؛ لا يجترؤون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله ما شاء أن يقع، فحدث نفسه؛ فأنزل الله: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)} (1). [صحيح]. أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 1878 رقم 2413)، والنسائي في "الكبرى" (5/ 72، 73 رقم 8264، 8266)، و"التفسير" (1/ 469، 470 رقم 183) وغيرهما كثير. وفي رواية لابن ماجه (2/ رقم 4128)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص 145) تسمية الستة وهم: ابن مسعود وسعد وصهيب وعمار والمقداد وبلال، وفي سنده قيس بن الربيع؛ قال الحافظ: "صدوق، تغيّر لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به"

وفي قوله تعالى: "يدعون ربهم بالغداة والعشي"، فمصطلح الصلاة لغة: هو الدعاء. وقد فسر السعدي قوله تعالى: "وصلّ عليهم، إن صلاتك سكن لهم"، أي ادع لهم.
فيكون تفسير سعيد بن المسيب صحيح لغة، وله شواهد في أقوال المفسرين أدناه، وأن الله ينهى نبيه صلوات الله وسلامه عليه أن يطرد ضعفة المؤمنين الذين يصلّون بالغداة والعشي يريدون وجهه، استجابة لكبراء قريش الذين أنفوا أن يجالسوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو معهم. وهو محتمل في سبب النزول المذكور أعلاه، والذي عبّر فيه الصحابي سعد بن أبي وقاص من أنهم مجتمعون يدنون من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو متحقق في صلوات الجماعة، مكتوبة كانت أو نافلة.
ولكن الخلاف وقع بين المفسرين في ماهية تلك الصلاة على أقوال، سأذكرها أدناه.

تحرير المسألة: وهي المراد ب "دعاء المؤمنين بالغداة والعشي"
جاء عن أهل التفسير عدة أقوال فيها على عشرة أقوال، هي:
القول الأول: صلاة الصلوات الخمس المكتوبة. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن ابن عباس، وعن إبراهيم، وعن مجاهد)، ورواه ابن جرير (عن الضحاك، وعن عبد الرحمن بن أبي عمرة). وذكر السيوطي في الدر المنثور أن ابن المنذر رواه (عن ابن عباس). وذكره ابن عطية، وابن كثير.

القول الثاني: الصلوات في جماعة. رواه ابن جرير (عن الحسن). وذكره ابن عطية.

القول الثالث: صلاة الصبح والعصر. رواه ابن جرير (عن مجاهد، وعن قتادة)، ورواه ابن أبي حاتم (عن مجاهد، وعن الضحاك). وذكره ابن عطية.

القول الرابع: صلاة الصبح والعشاء. رواه ابن أبي حاتم (عن عمرو بن شعيب).

القول الخامس: الصلاة. رواه ابن جرير (إبراهيم، وعن مجاهد، وعن سعيد بن المسيب، وعن عامر، وعن عبد الرحمن).

القول السادس: الصلاة في الصف الأول. رواه ابن جرير (عن ابن عباس). وذكره ابن عطية.


[القول بأن المقصود بالدعاء الصلاة ثم يندرج تحته مسألة فرعية هل هذه الصلاة معينة أو أريد بها العموم]
القول السابع: ذكر الله. رواه سعيد بن منصور وابن جرير (عن إبراهيم)، رواه ابن جرير (عن منصور، وعن إبراهيم). ذكره البيهقي في دلائل النبوة، وذكر السيوطي أن ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبا الشيخ قد أخرجوه (عن إبراهيم). وذكره ابن عطية.

القول الثامن: الدعاء. ذكره ابن عطية.

القول التاسع: قراءة القرآن وتعلمه. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن أبي جعفر). وذكره البيهقي في دلائل النبوة. وذكره ابن عطية.

القول العاشر: العبادة. رواه ابن جرير (عن الضحاك)، ورواه ابن أبي حاتم (عن ابن عباس، وعن إبراهيم). وذكره ابن عطية، وابن كثير.

التوجيه:
نلحظ من الأقوال السابقة أن من نهى الله نبيه صلى الله عليه وسلم عن طرده، هم الصحابة العابدين لله: في صلاة، أو ذكر - وأعلى الذكر هو تلاوة القرآن – أو دعاء.
والدعاء في الشرع قسمان:
- دعاء مسألة. وهي سؤال الله من خيري الدنيا والآخرة.
- دعاء عبادة. قال تعالى: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين". فسمى الله الدعاء في نفس الآية عبادة.
فالمعنى يشمل كل الأقوال السابقة، فالداعي ربه هو عابد، والعبادة تشتمل على الذكر وقراءة القرآن والصلاة.
وكما قال ابن جرير: إنّ اللّه -تعالى- نهى نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أن يطرد قومًا كانوا يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ، والدّعاء للّه يكون بذكره وتمجيده والثّناء عليه قولاً وكلامًا، وقد يكون بالعمل له بالجوارح الأعمال الّتي كان عليهم فرضها وغيرها من النّوافل الّتي ترضي، والعامل له عابده بما هو عاملٌ له، وقد يجوز أن يكون القوم كانوا جامعين هذه المعاني كلّها، فوصفهم اللّه بذلك بأنّهم يدعونه بالغداة والعشيّ. ولا قول أولى بذلك بالصّحّة من وصف القوم بما وصفهم اللّه به من أنّهم كانوا يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ فيعمّون بالصّفة الّتي وصفهم بها ربّهم ولا يخصّون منها بشيءٍ دون شيءٍ. فلا تقص يا نبي الله من يدعون ربهم: فيسألون عفوه ومغفرته لصالح أعمالهم، وأداء ما ألزمهم من فرائضه، ونوافل تطوعهم، وذكرهم إياه بألسنتهم بالغداة والعشي، يلتمسون بذلك القربة إلى الله، والدنو من رضاه.
قال ابن عطية: وقوله تعالى: "بالغداة والعشي" عبارة عن استمرار الفعل، وأن الزمن معمور به.
فجميع أقوال الصلوات يحتملها المعنى، لقوله تعالى: "بالغداة والعشي" بالإضافة لباقي العبادات الواردة في الأقوال.

5. قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: (هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
وردت "سوء الحساب في آيتين، هما:
- قال تعالى: " لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ". الرعد [18].
- قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ". الرعد [21].


وقد ورد قول إبراهيم النخعي عند أهل التفسير في تفسيرهم للآيتين.

التخريج:
بذات اللفظ (هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء):
رواه ابن وهب وابن جرير (من طريقين) والخطيب البغدادي (في تاريخ دمشق) من طريق فرقد السبخي عنه مثله. [تاريخ بغداد]
ورواه سعيد بن منصور وأبو الشيخ من طريق فرقد السبخي عنه مثله، كما جاء في الدر المنثور للسيوطي.
لا
• وبلفظ آخر عن إبراهيم النخعي (أن يأخذ عبده بالحق):
رواه سعيد بن منصور من طريق سعيد عن خلف بن خليفة عن رجل عنه مثله.

التوجيه:
في سورة الرعد، ذكر تعالى الآيتين:
- الأولى: في ذم أهل النار وعقوبة لهم على ما فرطوا في جنب الله، أن الله سيحاسبهم حسابا عسيرا شديدا. ودليله، قوله تعالى: "وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله، فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا". قال ابن جرير في تفسير العذاب الشديد: حسابا استقصينا فيه عليهم، لم نعف لهم فيه عن شيء، ولم نتجاوز فيه عنهم.
- والثانية: في الثناء على أهل الجنة، أنهم كانوا في الدنيا يخافون لقاء الله يوم الحساب فلا يتجرؤون على المعاصي أو يقصرون في شيء أمرهم الله به خوفا من العقاب ورجاء الثواب.
وقد جاء في الحديث:
O روت عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليسَ أحَدٌ يُحاسَبُ إلَّا هَلَكَ قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أليسَ اللَّهُ يقولُ: حِسابًا يَسِيرًا؟ قالَ: ذاكِ العَرْضُ، ولَكِنْ مَن نُوقِشَ الحِسابَ هَلَكَ). وفي رواية: مَن نُوقِشَ الحِسابَ هَلَكَ. صحيح مسلم [2876].
O أخرج ابن حبان في صحيحه، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: بَيْنَا نحنُ مع عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ نطُوفُ بالبيتِ إذ عارَضه رجُلٌ فقال: يا ابنَ عُمَرَ كيف سمِعْتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يذكُرُ النَّجوى فقال: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ : ( يدنو المُؤمِنُ مِن ربِّه يومَ القيامةِ حتَّى يضَعَ عليه كتِفَه ثمَّ يُقرِّرُه بذُنوبِه فيقولُ : هل تعرِفُ ؟ فيقولُ: ربِّ أعرِفُ حتَّى إذا بلَغ ما شاء اللهُ أنْ يبلُغَ قال: فإنِّي قد ستَرْتُها عليكَ في الدُّنيا وأنا أغفِرُها لكَ اليومَ ثمَّ يُعطَى صحيفةَ حسَناتِه وأمَّا الكافِرُ والمُنافِقُ فيُنادَى على رؤوسِ الأشهادِ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]
o قال تعالى: "والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون"
قال السعدي في تفسيرها: هم الذين يعطون من أنفسهم ما أمروا به، ما آتوا من كل ما يقدرون عليه: من صلاة وزكاة وحج وصدقة وغير ذلك، ومع هذا قلوبهم خائفة عند عرض أعمالها عليه، والوقوف بين يديه، أن تكون أعمالهم غير منجية من عذاب الله، لعلمهم بربهم، وما يستحقه من أصناف العبادات.
فالمعنى الذي ذكره إبراهيم النخعي مطابق لمعنى النصوص الصحيحة الثابتة، وهو لازم معنى سوء الحساب، فللكافر سوء الحساب الذي يناقش فيه ويستقصى كل فعل أو قول قام به، والمؤمنين يخافون سوء الحساب يوم القيامة، فيدفعهم هذا إلى العمل، فكان جزاؤهم الحساب اليسير الذي يعرض الله فيه على المؤمن عمله دون أن يناقشه فيه كما في الحديث أعلاه.

تحرير المسألة وهي المراد ب"سوء الحساب":
جاء عن أهل التفسير عدة أقوال في معناها، يمكن اختصارها إلى سبعة أقوال، هي:
القول الأول: أن لا يتجاوز له عن شيء. رواه سعيد بن منصور وابن جرير (عن فرقد السبخي).
وذكره مكي بن أبي طالب [في الهداية] (عن شهر بن حوشب).

القول الثاني: أن يأخذ عبده بالحق. رواه سعيد بن منصور (عن إبراهيم النخعي)،

القول الثالث: أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر منه شيء. رواه ابن وهب وابن جرير والخطيب البغدادي [في تاريخ دمشق] (عن إبراهيم النخعي). ورواه ابن المنذر (عن إبراهيم النخعي) كما في الدر المنثور للسيوطي.
كما رواه ابن المنذر وأبو الشيخ (عن الحسن) كما في الدر المنثور للسيوطي.
وذكره الزجاج.

القول الرابع: المناقشة في الأعمال. أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة (في مصنفه) وابن جرير وابن أبي حاتم (عن أبي الجوزاء). كما رواه ابن المنذر وأبو الشيخ (عن أبي الجوزاء) كما في الدر المنثور للسيوطي. ذكره ابن عطية وابن كثير.
ذكره الزجاج، وذكره مكي بن أبي طالب [في الهداية] (عن ابن عباس).
ذكره الزجاج بشيء من الشرح فقال: أن يستقصى عليه حسابه، ولا يتجاوز له عن شيء من سيئاته
الأدلة والشواهد:
روت عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليسَ أحَدٌ يُحاسَبُ إلَّا هَلَكَ قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أليسَ اللَّهُ يقولُ: حِسابًا يَسِيرًا؟ قالَ: ذاكِ العَرْضُ، ولَكِنْ مَن نُوقِشَ الحِسابَ هَلَكَ). وفي رواية: مَن نُوقِشَ الحِسابَ هَلَكَ. صحيح مسلم [2876].

القول الخامس: ألا تقبل منهم حسنة، ولا يتجاوز لهم عن سيئة، وأن كفرهم أحبط أعمالهم. ذكره الزجاج.
الأدلة والشواهد:
ذكر الزجاج قوله تعالى: "الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم".
القول السادس: الذي لا جواز فيه. رواه ابن جرير (عن ابن زيد).
[وهو بمعنى قول إبراهيم النخعي]
القول السابع: شدة الحساب. أخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ (عن سعيد بن جبير) كما في الدر المنثور للسيوطي [

التوجيه:
مما سبق نلحظ تقارب الأقوال من بعضها في المعنى: فالمناقشة على الأعمال تعني تقصيها، ومحاسبتهم على النقير والقطمير، والجليل والحقير (كما ذكر ابن كثير)، وهو من شدة الحساب.
• فالكفار -كما في الآية [18] من سورة الرعد:
سيحابهم الله بعدله، فلن تقبل منهم حسنة، وسيحاسبون على كل سيئة اقترفوها، فلا نجاة ولا جواز لهم بعدها، وهذا ما قررته الأدلة الثابتة الصحيحة في الكتاب والسنة:
- قال تعالى: "الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم".
لأن الكفر محبط للعمل كما ذكر الزجاج.

• والمؤمنون – كما في الآية [21] من سورة الرعد:
يحذرون مناقشة الله إياهم في الحساب، لعلمهم أن من نوقش الحساب فقد عذب، فيعلمون أنهم بعدها قد لا يصفح لهم عن ذنب، فهم لرهبتهم ذلك جادون في طاعته، محافظون على حدوده (كما ذكر ابن جرير).
فكان جزاؤهم عن عاملهم الله بفضله، فكان حسابهم حسابا يسيرا، إنما هو العرض المذكور في الحديث أعلاه، فالله يقررهم بذنوبهم ثم يغفرها لهم.


التقويم: أ+

أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12 شعبان 1443هـ/15-03-2022م, 03:51 AM
سعاد مختار سعاد مختار غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 307
افتراضي

خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:


1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).


🔶 التخريج
رواه الطبري في تفسيره بأسانيد كلها من طريق سفيان عن عاصم عن زر
وجاءت زيادةواختلاف في هذا المتن :
- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ عاصِمٍ، عنْ زِرٍّ: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ)، قالَ: الغَيْبُ القرآنُ، وفي قِرَاءَتِنَا (بِظَنِينٍ): مُتَّهَمٍ.
🔶 القراءات
جاء في كتاب ( السبعة في القراءات ) لأبي بكر التميمي البغدادي قوله :
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي { بطنين } بالظاء
وقرأ عاصم ونافع وابن عامر وحمزة { بضنين } بالضاد
قرأ ( بالضاد ) كل من ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم ، و كان ابن مسعود يقرأها( بالظاء ) كما جاء في الدر المنثور
وكلا القراءتين متواترة ، ذكر هذا ابن حجر وغيره (وأخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ في الأفرادِ والحَاكِمُ وصحَّحه وابنُ مَرْدُويَهْ, والخطيبُ في تاريخِه عن عائشةَ, أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ كانَ يَقْرَؤُها: (وَمَا هُوَ عَلَى الغَيْبِ بِظَنِينٍ) بالظَّاءِ) ذكره في الدر المنثور
🔶 تحرير القول
🔸الظنين - من الظنة وهي التهمة أي : المتهم : قول ابن عباس و زر بن حبيش وإبراهيم وسعيد بن جبير والضحاك وابن ابي حاتم كما جاء عنهم في التفا سير كتفسير الطبري وَعَبَد الرزاق وقاله ابن كثير في تفسيره وغيره
وقال الفراء والمبرد من أهل اللغة ، الظنين : الظعيف ، قال الطبري : فيكون تأويله على هذا الوجه : وماهو على الغيب بضعيف ، وعقب قائلاً ، ان معناه محتمل
🔸الضنين : البخيل ، قاله ابن عباس وإبراهيم ومجاهد وزر وابن زيد وسفيان ، ذكره عنهم ابن جرير الطبري في تفسيره
وعن قتادة وعكرمة ذكره القرطبي في تفسيره
🔶 الدراسة والتوجيه
يقول بان جرير الطبري أنه لما كانت خطوط ال مصاحف ، بالضاد كان الاولى ان يقرأ بهذا الحرف ( ضنين )
فيكون المعنى حينها : ومحمد ببخيل فيما أمر به من التعليم والتبليغ من الوحي وأمر الغيب ، كما هو حال الكهنة. ومن في شاكلتهم لا يخبرون إلا بالعطية والحلوان
ورجح ابو عبيدة ( اللغوي ) قراءة الظاء وهو حرف الصحابي عبد الله بن مسعود في مصحفه ، وعلل ترجيحه بأن قريشاً كذبته صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ولم تنعته بالبخل والضن بما عنده
------------------------




⚫ 2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
🔷 التخريج
أخرجه الطبري بأسانيد في تفسيره وابن أبي حاتم بسنده في تفسيره ، كلاهما من طريق دَاوُدَ ابن أبي هند عن أبي العالية مع الاختلاف في بعض الألفاظ والاتفاق في المعنى
وفي زيادة في رواية أخرجها الطبري بسنده :
حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، قال: سألت أبا العالية عن هذه الآية: {إنّ الّذين كفروا بعد إيمانهم ثمّ ازدادوا كفرًا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضّالّون} قال: هم اليهود والنّصارى ( والمجوس ) أصابوا ذنوبًا في كفرهم فأرادوا أن يتوبوا منها، ولن يتوبوا من الكفر، ألا ترى أنّه يقول: {وأولئك هم الضّالّون}
🔷تحرير القول
🔹القول الأول
هم اليهود والنصارى - هو قول أبو العالية ، قال : كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد أيمانهم بنعته وصفته ثم ازدادوا كفرا بإقامتهم على الكفر
🔹القول الثاني
نزلت في اليهود خاصة - قال هذا قتاد وعطاء الخرساني والحسن ، نزلت في اليهود كفروا بعيسى والأنجيل ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، ذكر ه الطبري ، والقرطبي والبغوي
وعطاء الخرساني والحسن وقتادة
🔹القول الثالث
نزلت في قوم أسلموا ثم ارتدوا وازدادوا كفرا حتى الممات - ذكر هذا ابن كثير في تفسيره واستشهد له بحديث الحافظ البزار عن ابن عباس : إِنَّ أَنَّ قَوْمًا أَسْلَمُوا ثُمَّ ارْتَدُّوا، ثُمَّ أَسْلَمُوا ثُمَّ ارْتَدُّوا، فَأَرْسَلُوا إِلَى قَوْمِهِمْ يَسْأَلُونَ لَهُمْ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ﴾
وقيل نزلت في أصحاب الحارث بن سويد لما رجع ألى الإسلام وبَقى من بقى منهم على الكفر وقالوا نتربص بمحمد ريب المنون وإن أردنا الرجعة لمكة أظهرنا التوبة ، ذكرهذا القول عدد من المفسرين ،منهم القرطبي والزمخشري والبغوي وقطرب وابن الجوزي في زاد المسير ، وذكر الثعلبي في تفسيره عن مجاهد أنه قال: نزلت في رجل من بني عمرو بن عوف كفر بعد إيمانه ولحق بالروم فتنصر
🔹القول الرابع
نزلت في جميع الكفار أشركوا بعد إقرارهم بأن الله خالقهم ثم ازدادوا كفرا ، أي أقاموا على كفرهم -ذكره عّن مجاهد البغوي في تفسيره
🔷الدراسة والتوجيه
يرى الطبري رحمه الله أن الصواب من القول في المراد بالذين كفروا في هذه الآية ، هم اليهود على وجه الخصوص ويستدل على صواب اختياره ، بأن سياق الآيات قبلها وبعدها كانت في يهود ، بينما أطلق ابن كثير المعنى فيمن كفر بعد إيمانه ثم ازداد كفرا حتى الوفاة واستدل لقوله هذا بمماثلة هذه الآية لقوله تعالى :
﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ [قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا](2) ﴾ [النساء:18] . و يرى البقاعي في نظم الدرر أنهم قوم كفروا. ولم يتوبوا. ثم ازدادوا كفرا فطبع على قلوبهم فلا توفق للتوبة النصوح الصادقة ، فعلى افتراض أنهم تابوا لن تقبل هذه التوبة الظاهرة . وعليه جاء المراد بقوله تعالى : { لن تقبل توبتهم } والله التواب يقبل توبة كل تائب ، على أقوال :
🔹أنها توبة غير صادقة ، كما قال البقاعي في نظم الدرر
🔹هم اليهود والنصار ى ،يتوبون من ذنوب ، وهم مقيمون على كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فلا تقبل توبتهم
قاله أبو العالية وغيره
🔹كل من كفر وازداد كفرا بمضيه في كفره حتى أدركه الموت والمعاينة
🔹هم قوم آمنوا بأنبيائهم ثم كفروا فلم يكن ينفعهم إيمانهم السابق وقد استمروا على الكفر ،قاله ابن جريج ،ذكره عنه الطبري في تفسيره
--------------------------


3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
🔷التخريج
أخرجه الطبري بأسانيد في تفسيره وكذارواه عبد الرزا ق الصنعاني في تفسيره ، كلاهما من طريق الثوري عن أبي بكير عن سعيد


🔷 تحرير القول
🔹القول الأول
الرفيق في السفر - هذا قول سعيد بن جبير ووابن عباس وزيد بن أسلم ، قال: هو جليسة في الحضر وصاحبك في السفر ،ذكره عنه ابن وهب في الجامع في علوم القرآن ،
وهو قول مجاهد وعكرمة والسدي والضحاك و عن على وَعَبَد الله رضي الله عنهما : الرفيق الصالح ، ذكر هذا عنهم جميعا الطبري في تفسيره
🔹القول الثاني


- إمرأة الرجل - هذا قول إبراهيم النخعي ، ذكره عبد الرزاق في تفسيره وسعيد بن منصور في سننه والطبري في تفسيره
وعن على وَعَبَد الله وابن عباس وابن أبي ليلى ،ذكره عنهم الطبري في تفسيره
🔹القول الثالث
الذي يلزمك و يصحبك رجاء نفعك - قال ابن عباس : الملازم ، قال ابن زيد : من يرجو خيرك ونفعك وذكره الطبري في تفسيره وذكر هذا القول القرطبي عن ابن جريج في تفسيره
🔷 الدراسة والتوجيه
رجح ابن جرير رحمه الله تعالى أن المراد بالصاحب بالجنب. ، كل من ذكر في الأقوال. السابقة ، واستدل له بأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تُوجب حق الصاحب على صاحبه ، وان في معنى الجنب ، أن يكون منه قريبا مرافقا ، في أي وضع كان ، في حضر أو سفر او نكاح او رفقة ابتغاء تحصيل النفع وما في بابه ، لان الله تعالى امرنا بالإحسان إليهم جميعا ، وقوله هذا صائب ، قد قال مثله غيره من المفسرين ، مثل القرطبي الذى عقب قائلا: وقد تتناول الآية الجميع والله اعلم ، وهو أيضا قول البقاعي الذي يرى : أنه المخالط في أمر من الامور الموجبة لامتداد العشرة معه ، وهو مفاد قول السعدي في تفسيره وبن عاشور في التحرير والتنوير .
وأوجب الزمخشري التفريق بالنطق
------------------------__


⚫ 4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
🔶 التخريج
اخرجه الطبري بأسانيد في تفسيره وَعَبَد الرزاق في تفسيره كلاهما من طريق الثوري عن أبي بكير عن سعيد
🔶 تحرير القول
🔸القول الأول
الصلاة المكتوبة - هو ابن عباس و سعيد بن المسيب وقول ثان لإبراهيم ومجاهد والحسن ، ذكره الطبري في تفسيره وذكره عبد الرزاق في تفسيره عن إبراهيم النخعي
هناك من أطلق فقال الصلوات الخمس وهناك من خصّ بعضها ،ففي رواية عن مجاهد وقتادة أن المراد بالدعاء هنا : صلاة الصبح وصلاة العصر
ذكره ابن أبي حاتم والطبري وغيرهم
وذكر الثعلبي في تفسيره عن الحسن ان المراد بالمعنى: هي الصلوات في الجماعات والمساجد
وقيل هي الصلوات التى كانت في مكة قَالَ الْحَسَنُ: ركعتين غدوة وركعتين عشية قبل ان تفرض الخمس المكتوبات ، ذكره عنه ابن زمنين وابن عطية في تفسيرهما
🔸القول الثاني
الذكر - أي ذكرهم الله عزوجل ، قاله إبراهيم ومنصور ، ذكره الطبري في تفسيره والبغوي وغيرهم
🔸القول الثالث
تعلمهم القرآن وقراءته - قاله أبو جعفر ، ذكره الطبري في تفسيره
🔸القول الرابع
العبادة - عبادتهم إياه وفعل الطاعات كلها ، قاله الضحاك ، قال : يدعون ، يعبدون
ذكره الطبري في تفسيره
🔸القول الخامس
العبادة - عبادتهم إياه وفعل الطاعات كلها ، قاله الضحاك ، قال : يدعون ، يعبدون
ذكره الطبري والغوي في تفسيريهما


🔶 الدراسة والتوجيه
قال ابن جرير رحمه الله بعد ان ذكر اوجه المعاني في المراد بالدعاء في قوله تعالى { يدعون ربهم }
قال : ان دعائهم لربهم هو على معنى دعاء العبادة والإتيان بالطاعات ، على اختلافها وشمولها ذكرا وتلاوة للقرآن وتعبدا وتقربا بالفرائض والصلوات المكتوبة وغيرها ، وهو على معنى الدعاء على صفة التوسل والطلب والمسألة ، وكلامه هذا رحمه الله أولى بالصواب في المعنى المراد ،فيكون تعدد الاقوال فيها من قبيل المثال واختلاف التنوع لا الحصر ، وهذا وجه من وجوه التفسير مشهور ومعهود في كلام السلف .
-----------------------------


⚫ 5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
🔷 التخريج
رواه الطبري في تفسيره بأسانيده وابن وهب في الجامع لعلوم القرآن ، كلاهما من طريق فرقد عن إبراهيم


🔷تحرير القول
🔹القول الأول
يحاسب العبد بذنبه كله ، لايغفرله منه شيء
قول إبراهيم النخعي ، وابن زيد ، ذكره الطبري في تفسيره


🔹القول الثاني
الاستقصاء - المناقشة -
قاله الطبري في تفسيره وذكره عن أبي الجوزاء وهو قول مكي بن طالب في تفسيره والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ، وابن عطية في تفسيره
🔷 الدراسة والتوجيه
لايكون ترك العفو والمواخذة بكل ذنب إلا لمن أوقف واستقصيت سيئاته ونوقش الحساب ، فكما جاء في الحديث عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : من نوقش الحساب عذب
فتكون بهذا المعنى الأقوال السابقة داخلة في المراد شارحة لمقصوده .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 شوال 1443هـ/26-05-2022م, 01:16 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعاد مختار مشاهدة المشاركة
خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:


1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).


🔶 التخريج
رواه الطبري في تفسيره بأسانيد كلها من طريق سفيان عن عاصم عن زر
وجاءت زيادةواختلاف في هذا المتن :
- حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ عاصِمٍ، عنْ زِرٍّ: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ)، قالَ: الغَيْبُ القرآنُ، وفي قِرَاءَتِنَا (بِظَنِينٍ): مُتَّهَمٍ.
🔶 القراءات
جاء في كتاب ( السبعة في القراءات ) لأبي بكر التميمي البغدادي قوله :
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي { بطنين } بالظاء
وقرأ عاصم ونافع وابن عامر وحمزة { بضنين } بالضاد
قرأ ( بالضاد ) كل من ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم ، و كان ابن مسعود يقرأها( بالظاء ) كما جاء في الدر المنثور
وكلا القراءتين متواترة ، ذكر هذا ابن حجر وغيره (وأخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ في الأفرادِ والحَاكِمُ وصحَّحه وابنُ مَرْدُويَهْ, والخطيبُ في تاريخِه عن عائشةَ, أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ كانَ يَقْرَؤُها: (وَمَا هُوَ عَلَى الغَيْبِ بِظَنِينٍ) بالظَّاءِ) ذكره في الدر المنثور
🔶 تحرير القول
🔸الظنين - من الظنة وهي التهمة أي : المتهم : قول ابن عباس و زر بن حبيش وإبراهيم وسعيد بن جبير والضحاك وابن ابي حاتم كما جاء عنهم في التفا سير كتفسير الطبري وَعَبَد الرزاق وقاله ابن كثير في تفسيره وغيره
وقال الفراء والمبرد من أهل اللغة ، الظنين : الظعيف ، قال الطبري : فيكون تأويله على هذا الوجه : وماهو على الغيب بضعيف ، وعقب قائلاً ، ان معناه محتمل
🔸الضنين : البخيل ، قاله ابن عباس وإبراهيم ومجاهد وزر وابن زيد وسفيان ، ذكره عنهم ابن جرير الطبري في تفسيره
وعن قتادة وعكرمة ذكره القرطبي في تفسيره
🔶 الدراسة والتوجيه
يقول بان جرير الطبري أنه لما كانت خطوط ال مصاحف ، بالضاد كان الاولى ان يقرأ بهذا الحرف ( ضنين )
فيكون المعنى حينها : ومحمد ببخيل فيما أمر به من التعليم والتبليغ من الوحي وأمر الغيب ، كما هو حال الكهنة. ومن في شاكلتهم لا يخبرون إلا بالعطية والحلوان
ورجح ابو عبيدة ( اللغوي ) قراءة الظاء وهو حرف الصحابي عبد الله بن مسعود في مصحفه ، وعلل ترجيحه بأن قريشاً كذبته صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ولم تنعته بالبخل والضن بما عنده

[إذا توفر في القراءة شروط صحتها، فلا ترجيح بين القراءات الصحيحة، بل يكون الخلاف فيها من قبيل خلاف التنوع.
ويُعتذر للمفسرين المتقدمين بأن التأليف في القراءات وبيان أسانيدها لم يكن قد استقر في عهدهم وإلا إذا ثبت لابن جرير - رحمه الله - تواتر القراءة ما ردّها.
وبالنسبة لمخالفة شرط رسم المصحف فأغنى عنه تواتر الرواية
فإذا تبين لك ذلك، فعند دراسة توجيه القراءات التي تؤدي إلى اختلاف المعنى، يحسن النظر إلى معنى الآية بعد الجمع بين القراءات.
وفي هذه الآية - بمجموع القراءتين - نفى الله عن نبيه صلى الله عليه وسلم أي قصور في تبليغ الرسالة؛ البخل بل هو حريص على التبليغ، والاتهام بل هو عدلٌ، والضعف عن تحمل أعباء الرسالة، وبمفهوم الآية فهو صلى الله عليه وسلم قد أدى الأمانة وبلغ الرسالة كاملة ونصح الأمة]

------------------------




⚫ 2: قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).
🔷 التخريج
أخرجه الطبري بأسانيد في تفسيره وابن أبي حاتم بسنده في تفسيره ، كلاهما من طريق دَاوُدَ ابن أبي هند عن أبي العالية مع الاختلاف في بعض الألفاظ والاتفاق في المعنى
وفي زيادة في رواية أخرجها الطبري بسنده :
حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، قال: سألت أبا العالية عن هذه الآية: {إنّ الّذين كفروا بعد إيمانهم ثمّ ازدادوا كفرًا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضّالّون} قال: هم اليهود والنّصارى ( والمجوس ) أصابوا ذنوبًا في كفرهم فأرادوا أن يتوبوا منها، ولن يتوبوا من الكفر، ألا ترى أنّه يقول: {وأولئك هم الضّالّون}
🔷تحرير القول
🔹القول الأول
هم اليهود والنصارى - هو قول أبو العالية ، قال : كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد أيمانهم بنعته وصفته ثم ازدادوا كفرا بإقامتهم على الكفر
🔹القول الثاني
نزلت في اليهود خاصة - قال هذا قتاد وعطاء الخرساني والحسن ، نزلت في اليهود كفروا بعيسى والأنجيل ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، ذكر ه الطبري ، والقرطبي والبغوي [يكتفى بالمصدر الأصلي، وإذا كان البري رواه بإسناده إلى قائله، نقول: رواه الطبري]
وعطاء الخرساني والحسن وقتادة
🔹القول الثالث
نزلت في قوم أسلموا ثم ارتدوا وازدادوا كفرا حتى الممات - ذكر هذا ابن كثير في تفسيره واستشهد له بحديث الحافظ البزار عن ابن عباس : إِنَّ أَنَّ قَوْمًا أَسْلَمُوا ثُمَّ ارْتَدُّوا، ثُمَّ أَسْلَمُوا ثُمَّ ارْتَدُّوا، فَأَرْسَلُوا إِلَى قَوْمِهِمْ يَسْأَلُونَ لَهُمْ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ﴾
وقيل نزلت في أصحاب الحارث بن سويد لما رجع ألى الإسلام وبَقى من بقى منهم على الكفر وقالوا نتربص بمحمد ريب المنون وإن أردنا الرجعة لمكة أظهرنا التوبة ، ذكرهذا القول عدد من المفسرين ،منهم القرطبي والزمخشري والبغوي وقطرب وابن الجوزي في زاد المسير ، وذكر الثعلبي في تفسيره عن مجاهد أنه قال: نزلت في رجل من بني عمرو بن عوف كفر بعد إيمانه ولحق بالروم فتنصر
🔹القول الرابع
نزلت في جميع الكفار أشركوا بعد إقرارهم بأن الله خالقهم ثم ازدادوا كفرا ، أي أقاموا على كفرهم -ذكره عّن مجاهد البغوي في تفسيره
🔷الدراسة والتوجيه
يرى الطبري رحمه الله أن الصواب من القول في المراد بالذين كفروا في هذه الآية ، هم اليهود على وجه الخصوص ويستدل على صواب اختياره ، بأن سياق الآيات قبلها وبعدها كانت في يهود ، بينما أطلق ابن كثير المعنى فيمن كفر بعد إيمانه ثم ازداد كفرا حتى الوفاة واستدل لقوله هذا بمماثلة هذه الآية لقوله تعالى :
﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ [قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا](2) ﴾ [النساء:18] . و يرى البقاعي في نظم الدرر أنهم قوم كفروا. ولم يتوبوا. ثم ازدادوا كفرا فطبع على قلوبهم فلا توفق للتوبة النصوح الصادقة ، فعلى افتراض أنهم تابوا لن تقبل هذه التوبة الظاهرة . وعليه جاء المراد بقوله تعالى : { لن تقبل توبتهم } والله التواب يقبل توبة كل تائب ، على أقوال : [وهذا هو أصل المسألة محل البحث والتي نريد بيان أقوالها وعزوها لقائليها من السلف ثم دراستها وترجيح القول فيها، ويفيد للوصول إليها بيان عدة مسائل
الأولى: المراد بالذين كفروا
الثانية: المراد بإيمانهم
الثالثة: معنى زيادة كفرهم ]

🔹أنها توبة غير صادقة ، كما قال البقاعي في نظم الدرر
🔹هم اليهود والنصار ى ،يتوبون من ذنوب ، وهم مقيمون على كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فلا تقبل توبتهم
قاله أبو العالية وغيره
🔹كل من كفر وازداد كفرا بمضيه في كفره حتى أدركه الموت والمعاينة [العزو]
🔹هم قوم آمنوا بأنبيائهم ثم كفروا فلم يكن ينفعهم إيمانهم السابق وقد استمروا على الكفر ،قاله ابن جريج ،ذكره عنه الطبري في تفسيره
--------------------------


3: قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
🔷التخريج
أخرجه الطبري بأسانيد في تفسيره وكذارواه عبد الرزا ق الصنعاني في تفسيره ، كلاهما من طريق الثوري عن أبي بكير عن سعيد


🔷 تحرير القول
🔹القول الأول
الرفيق في السفر - هذا قول سعيد بن جبير ووابن عباس وزيد بن أسلم ، قال: هو جليسة في الحضر وصاحبك في السفر ،ذكره عنه ابن وهب في الجامع في علوم القرآن ،
وهو قول مجاهد وعكرمة والسدي والضحاك و عن على وَعَبَد الله رضي الله عنهما : الرفيق الصالح ، ذكر هذا عنهم جميعا الطبري في تفسيره
🔹القول الثاني


- إمرأة الرجل - هذا قول إبراهيم النخعي ، ذكره عبد الرزاق في تفسيره وسعيد بن منصور في سننه والطبري في تفسيره
وعن على وَعَبَد الله وابن عباس وابن أبي ليلى ،ذكره عنهم الطبري في تفسيره
🔹القول الثالث
الذي يلزمك و يصحبك رجاء نفعك - قال ابن عباس : الملازم ، قال ابن زيد : من يرجو خيرك ونفعك وذكره الطبري في تفسيره وذكر هذا القول القرطبي عن ابن جريج في تفسيره
🔷 الدراسة والتوجيه
رجح ابن جرير رحمه الله تعالى أن المراد بالصاحب بالجنب. ، كل من ذكر في الأقوال. السابقة ، واستدل له بأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تُوجب حق الصاحب على صاحبه ، وان في معنى الجنب ، أن يكون منه قريبا مرافقا ، في أي وضع كان ، في حضر أو سفر او نكاح او رفقة ابتغاء تحصيل النفع وما في بابه ، لان الله تعالى امرنا بالإحسان إليهم جميعا ، وقوله هذا صائب ، قد قال مثله غيره من المفسرين ، مثل القرطبي الذى عقب قائلا: وقد تتناول الآية الجميع والله اعلم ، وهو أيضا قول البقاعي الذي يرى : أنه المخالط في أمر من الامور الموجبة لامتداد العشرة معه ، وهو مفاد قول السعدي في تفسيره وبن عاشور في التحرير والتنوير .
وأوجب الزمخشري التفريق بالنطق
------------------------__


⚫ 4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
🔶 التخريج
اخرجه الطبري بأسانيد في تفسيره وَعَبَد الرزاق في تفسيره كلاهما من طريق الثوري عن أبي بكير عن سعيد [هذا هو تخريج القول السابق!]
🔶 تحرير القول
🔸القول الأول
الصلاة المكتوبة - هو ابن عباس و سعيد بن المسيب وقول ثان لإبراهيم ومجاهد والحسن ، ذكره الطبري في تفسيره وذكره عبد الرزاق في تفسيره عن إبراهيم النخعي
هناك من أطلق فقال الصلوات الخمس وهناك من خصّ بعضها ،ففي رواية عن مجاهد وقتادة أن المراد بالدعاء هنا : صلاة الصبح وصلاة العصر
ذكره ابن أبي حاتم والطبري وغيرهم
وذكر الثعلبي في تفسيره عن الحسن ان المراد بالمعنى: هي الصلوات في الجماعات والمساجد
وقيل هي الصلوات التى كانت في مكة قَالَ الْحَسَنُ: ركعتين غدوة وركعتين عشية قبل ان تفرض الخمس المكتوبات ، ذكره عنه ابن زمنين وابن عطية في تفسيرهما
🔸القول الثاني
الذكر - أي ذكرهم الله عزوجل ، قاله إبراهيم ومنصور ، ذكره الطبري في تفسيره والبغوي وغيرهم
🔸القول الثالث
تعلمهم القرآن وقراءته - قاله أبو جعفر ، ذكره الطبري في تفسيره
🔸القول الرابع
العبادة - عبادتهم إياه وفعل الطاعات كلها ، قاله الضحاك ، قال : يدعون ، يعبدون
ذكره الطبري في تفسيره
🔸القول الخامس
العبادة - عبادتهم إياه وفعل الطاعات كلها ، قاله الضحاك ، قال : يدعون ، يعبدون
ذكره الطبري والغوي في تفسيريهما


🔶 الدراسة والتوجيه
قال ابن جرير رحمه الله بعد ان ذكر اوجه المعاني في المراد بالدعاء في قوله تعالى { يدعون ربهم }
قال : ان دعائهم لربهم هو على معنى دعاء العبادة والإتيان بالطاعات ، على اختلافها وشمولها ذكرا وتلاوة للقرآن وتعبدا وتقربا بالفرائض والصلوات المكتوبة وغيرها ، وهو على معنى الدعاء على صفة التوسل والطلب والمسألة ، وكلامه هذا رحمه الله أولى بالصواب في المعنى المراد ،فيكون تعدد الاقوال فيها من قبيل المثال واختلاف التنوع لا الحصر ، وهذا وجه من وجوه التفسير مشهور ومعهود في كلام السلف .
-----------------------------


⚫ 5: قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).
🔷 التخريج
رواه الطبري في تفسيره بأسانيده وابن وهب في الجامع لعلوم القرآن ، كلاهما من طريق فرقد عن إبراهيم


🔷تحرير القول
🔹القول الأول
يحاسب العبد بذنبه كله ، لايغفرله منه شيء
قول إبراهيم النخعي ، وابن زيد ، ذكره الطبري في تفسيره


🔹القول الثاني
الاستقصاء - المناقشة -
قاله الطبري في تفسيره وذكره عن أبي الجوزاء وهو قول مكي بن طالب في تفسيره والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ، وابن عطية في تفسيره
🔷 الدراسة والتوجيه
لايكون ترك العفو والمواخذة بكل ذنب إلا لمن أوقف واستقصيت سيئاته ونوقش الحساب ، فكما جاء في الحديث عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : من نوقش الحساب عذب
فتكون بهذا المعنى الأقوال السابقة داخلة في المراد شارحة لمقصوده .
التقويم: ب

بارك الله فيكِ، ونفع بكِ.

- لعلكِ أديتِ التطبيق على عجل، فكان سببا في كثرة الأخطاء الإملائية، فأرجو مراعتها وتصحيحها في أصلك العلمي.

- فرقي بين قولنا (ذكره) و (رواه)؛ فيغلب استعمال الأول للمصادر الناقلة، والثاني لمن روى القول بإسناده لقائله (المصادر الأصلية)
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir