دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 22 جمادى الآخرة 1441هـ/16-02-2020م, 06:17 AM
نانيس بكري نانيس بكري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 57
افتراضي

📝الدروس المستفادة من محنة الإمام أحمد بن حنبل
فى محنة الإمام أحمد دروس عظيمة مستفادة؛ منها ما يتعلق بإيمانه بربه، ومنها مايتعلق بإيمانه بسنة النبى صلى الله عليه وسلم، ومنها مايتعلق بخلقه، ومنها سنن كونية فى سير الظلمة مع أهل السنة، وفيما يلى بعض أمثلة لما سبق :

⏪ إيمانه بربه:
بلغ أحمد قول المأمون: " وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا دفعت عن أحمد وصاحبه حتى يقولا: القرآن مخلوق".
فبرك الإمام أحمد على ركبتيه ولحظ السماء بعينيه، ثم قال:
" سيدي غرّ هذا الفاجرَ حلمُك حتى تجرّأ على أوليائك بالضرب والقتل، اللهمّ فإن يكن القرآن كلاُمك غير مخلوق فاكفنا مؤونته" .
فما مضى ثلث الليل الأول حتى سمعوا صيحة وضجّة، وإذا رجاء الحُضاري قد أقبل فقال: (صدقت يا أبا عبد الله، القرآن كلام الله غير مخلوق، مات والله أمير المؤمنين).
وفيه استغاثة الإمام أحمد بربه؛ فلا مغيث سواه.

⏪خلق الإمام أحمد بن حنبل :
🔼 إيثاره:
قيل للإمام أحمد: إذا كان غداً فاحضر دار الأمير، يقصد إسحاق بن إبراهيم؛ فقال له عمّه: لو تواريت!
قال: "كيف أتوارى؟ إن تواريت لم آمن عليك وعلى ولدي وولدك والجيران، ويلقى الناس بسببي المكروه، ولكنّي أنظر ما يكون".
وفي ذلك تقديم الإمام مصلحة أهل بيته وجيرانه على نفسه.

🔼 صبره على الأذى وأخذه بالعزيمة:
قال ابن كثير:
" كان من الحاضرين من أجاب إلى القول بخلق القرآن مصانعة مكرها ؛ لأنهم كانوا يعزلون من لا يجيب عن وظائفه ، وإن كان له رزق على بيت المال قطع ، وإن كان مفتيا منع من الإفتاء ، وإن كان شيخ حديث ردع عن الإسماع والأداء ، ووقعت فتنة صماء، ومحنة شنعاء، وداهية دهياء.
فمن أجاب أطلق، ومن أبى حُبس وقُيّد؛ فلمّا كان بعد ذلك دعا بالقواريري وسجّادة فأجابا وخلّى عنهما.
فكان الإمام أحمد يعذرهما ويقول: " قد أعذرا وحُبِسَا وقُيِّدا، وقال الله عزّ وجل: {إلا من أكره وقلبه مطمئنّ بالإيمان} القَيْدُ كُرْه، والحَبْسُ كُرْه"

فصبر الإمام على صنوف الأذى، وترخص لإخوانه فى إجابتهما إلى القول بخلق القرآن، ولم يترخص لنفسه،وأخذ بالعزيمة.

وقال أبو بكر الأحول لأحمد بن حنبل: إن عرضت على السيف تجيب؟ قال: لا.

ودخل عليه في حبسه في الرقّة أبو العبّاس الرقي - وكان من كبار أهل الحديث- في ذلك البلد، ومعه بعض أهل الحديث؛ فجعلوا يذكّرونه ما يُروى في التقية من الأحاديث؛ فقال أحمد:
"وكيف تصنعون بحديث خبّاب: "إنّ من كان قبلكم كان يُنشر أحدهم بالمنشار، ثمّ لا يصدّه ذلك عن دينه ".
قال: فيئسنا منه.

ودخل عليه عمه إسحاق بن حنبل في السجن بصحبة الحاجب فقال له:
(يا أبا عبد الله قد أجاب أصحابُك، وقد أعذرتَ فيما بينك وبين الله، وقد أجاب أصحابك والقوم، وبقيت أنت في الحبس والضيق!!).
فقال: (يا عمّ! إذا أجاب العالِم تقيّةً والجاهل يجهل فمتى يتبيّن الحق؟!!).

قال أحمد: " لستُ أبالي بالحبس، ما هو ومنزلي إلا واحد، ولا قتلاً بالسيف؛ إنما أخاف فتنة السوط، وأخاف أن لا أصبر".
فسمعه بعض أهل الحبس وهو يقول ذلك؛ فقال: لا عليك يا أبا عبد الله؛ فما هو إلا سوط ثمّ لا تدري أين يقع الثاني؛ فكأنّه سُرّي عنه.

ولما عمد أهل الباطل إلى الترغيب والترهيب والتخذيل بذكر نماذج من تراجعوا، وترخصوا، وقالوا بقولهم بخلق القرآن؛ فكانوا يقولون للإمام : أصحابك يحيى وفلان وفلان، أليس قد أجابوا؟ فلم يجبهم، وعزم على احتمال الضرب والأذى.

⏪ صبره على العبادة والطاعة على كل أحواله :
🔼 حرصه على الصلاة فى قيده:
حبس الإمام فى محبس العامة فى بغداد سنتين، فكان معه جماعة كثيرة؛ فكان يصلى بهم والقيود فى يديه.
وقال :
"وحملت على دابّة والأقياد عليّ، وما معي أحد يمسكني؛ ظننتُ أنّي سأخرّ على وجهي من ثقل القيود، وسلّم الله؛ حتى انتهيت إلى الدار؛ فأدخلتُ إلى الدار في جوف الليل، وأغلق عليّ الباب، وأقعد عليه رجلان، وليس في البيت سراج، فقمت أصلّي ولا أعرف القبلة، فصليت فلما أصبحت فإذا أنا على القبلة".

وكان الإمام أحمد فى الخامسة والخمسين من عمره لما ضرب؛ فلما خرج من السجن كان يتداوى من أثر الضرب، وجعل أبو الصبح يضع له الدواء ويصنع له المراهم ويقول "قد رأيت مَن ضُرب الضرب العظيم، ما رأيت ضرباً مثل هذا؛ هذا ضرب التلف" حتى تعافى بعد أيام، ولم يزل يشهد الجمعة والجماعات مع المسلمين، ويحدّث ويفتي، حتى مات المعتصم.

🔼 حرصه على أن يطعم الحلال الطيب:
وجّه إليه اثنين من المعتزلة يناظرانه؛ فكانا معه حتى حضر الإفطار وجيء بالطعام؛ فأكلا ولم يأكل الإمام أحمد إلا ما يقيم به أوده، وجعل نفسه بمنزلة المضطر.
ولما ضرب جيء بسويق ليشرب وكان صائما ؛ فأبى، وقال: لا أفطر، ثم قال: (لي ولهم موقف بين يدي الله عزّ وجل).

🔼 ثباته فى السراء والضراء:
أمر المعتصم بإخلاء سبيل أحمد، وأمر بكسوته كسوة حسنة؛ فلما دخل داره خلع ماعليه من اللباس وأمر ببيعه.
فلم تكن فتنة السراء لتجعل الإمام يرجع عما هو فيه؛ بل أعرض عنها، ولازم ما كان عليه من الاشتغال بالحديث وتعليم الناس.

⏪ سلامة صدره وعفوه وصفحه:
عفا الإمام عن المعتصم، وعن كل من آذاه فى هذه المحنة إلا من كان صاحب بدعة.
وكان يقول "رأيت الله عزّ وجل يقول: {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالعفو في قضية مسطح.
ثم قال: العفو أفضل، وما ينفعك أن يعذّب أخوك المسلم بسببك، ولكن تعفو وتصفح عنه؛ فيغفر الله لك كما وعدك."

⏪ إيمانه بالسنة وتمسكه بها:
أُحضر الإمام إلى مجلس الخليفة وفيه القضاة وأهل الكلام من المعتزلة وزعيمهم بن أبى دؤاد والأمراء وقادة الجيوش، ثم جعلوا يتكلمون من هاهنا ومن هاهنا، وكان الإمام أحمد وحده والمعتزلة نحو خمسين؛ هذا يدلي بشبهة، وهذا يعترض على حجة، وهذا ينزع باستدلال لغوي، وهذا يورد رواية معلولة، وهذا يورد حجّة كلامية؛ فكان إذا ذكروا له شيئاً من الكتاب والسنة واللغة أجابهم وردّ عليهم خطأهم في الاستدلال.
وإذا أوردوا عليه شيئا من علم الكلام لم يجبهم، وقال: لا أدري ما هذا، إيتوني بشيء من الكتاب والسنة.
حتى ضجر منه ابن أبي دؤاد وقال له: وأنت لا تقول إلا ما في كتاب الله أو سنّة رسوله؟
فقال الإمام أحمد: وهل يقوم الإسلام إلا بالكتاب والسنة؟!!

⏪ بطانة السوء:
لما طالت المناظرة بين المعتزلة والإمام أحمد قال ابن أبي دؤاد:
"هو والله يا أمير المؤمنين ضالُّ مضلٌّ مبتدع، وهؤلاء قضاتك والفقهاء فسَلْهُم" يقصد جماعته من المعتزلة.
فقال لهم الخليفة: ما تقولون؟
فقالوا: يا أمير المؤمنين هو ضالٌّ مضلٌّ مبتدع.
قال الإمام أحمد: وما كان في القوم أرأف بي ولا أرحم من أبي إسحاق المعتصم ؛ فأمّا الباقون فأرادوا قتلي، وشاركوا فيه لو أطاعهم وأجابهم إلى ذلك.

فما زال أبو دؤاد ومن معه بالمعتصم حتى حملوه على ضرب الإمام أحمد، وكان المعتصم كارها لذلك.

ولما أراد الخليفة المعتصم أن يطلق سراح الإمام بعد الضرب؛ قال ابن أبي دؤاد معترضا:
"يا أمير المؤمنين احبسه؛ فإنّه فتنة، يا أمير المؤمنين إنّه ضالّ مضلّ، وإن أخليته فتنتَ به الناس".

وهكذا لا تزال بطانة السوء تحرض الخلفاء على مافيه موافقة أهوائهم، وظلم رعيتهم.

💫💫💫💫💫💫💫💫💫💫💫💫

📝إجابة السؤال الأول:

ملخّص عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن:
مما أجمع عليه أهل السنة ويجب اعتقاده فى القرآن:
- أن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.
- وأن القرآن حروفه ومعانيه من الله تعالى.
- وأنه كلام الله حقيقة لا كلام غيره، وكل حرف منه قد تكلم به الله حقيقة .
- وأنه بلسان عربى مبين.
- وأن جبريل سمع القرآن من الله ، وأن النبى صلى الله عليه وسلم سمع القرآن من جبريل، وأن الصحابة سمعوه من النبى صلى الله عليه وسلم، ثم نقل إلينا متواترا .
- وأن هذا الذى فى المصحف بين الدفتين هو القرآن محفوظ فى الصدور وفى السطور.
- وأن من ادعى أن القرآن مخلوق، أو ادعى وجود قرآن غيره فهو كافر بالله تعالى.

💫💫💫💫💫💫💫💫💫

📝إجابة السؤال الثانى:

بيان الفرق بين كل ممّا يلي:

أ) قول الكلابية وقول الأشاعرة في القرآن:
الكلابية يقولون القرآن (حكاية) عن كلام الله.
والأشاعرة يقولون القرآن(عبارة) عن كلام الله؛ لأن الحكاية تقتضى مماثلة المحكى، والعبارة تعبير عن المعنى بألفاظ وحروف .

ويتفق الأشاعرة والكلابية على إن القرآن غير مخلوق، ولكن ليس كلام الله حقيقة بألفاظه.
كلام الله هو المعنى النفسى القائم بالله عز وجل، وأنه قديم بقدمه تعالى، وأنه ليس بحرف ولا صوت، ولا يتعلق بالقدرة والمشيئة، ولا يتجزأ، ولا يتبعض، ولا يتفاضل.

ب) قول المعتزلة وقول الأشاعرة في القرآن:
المعتزلة يقولون: القرآن كلام الله مخلوق.
الأشاعرة يقولون: القرآن غير مخلوق، وليس هو كلام الله حقيقة، وإنما هو (عبارة) عبر بها جبريل عن المعنى النفسى القائم بالله عز وجل.

💫💫💫💫💫💫💫💫💫💫💫

📝 إجابة السؤال الثالث:

نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون:
أول من أحدث بدعة القول بخلق القرآن هو الجعد بن درهم، وقد قتله أمير العراق فى زمنه خالد بن عبد الله القسرى عام 124هـ يوم الأضحى.

ثم أخذ مقالته الجهم بن صفوان واشتهرت عنه ولم يكن له أتباع فى زمانه، وإنما بقيت مقالاته حتى تلقاها بعض أهل الكلام فطاروا بها، وفتحوا بها على الأمة أبوابا من الفتن العظيمة.

ولم يكن الجهم من أهل العلم، ولا كان له عناية بالحديث والآثار، وإنما كان رجلا قد أوتى ذكاء ولسانا بارعا، وتفننا فى الكلام وجدلا ومراء، وكان كاتبا لبعض الأمراء فى عصره فانتشرت مقالاته.

وكان مما أدخله على الأمة إنكار الأسماء والصفات، وإنكار علو الله، والقول بخلق القرآن، والجبر والإرجاء.

وقد كفره العلماء فى عصره، وقتله سالم بن الأحوز المازنى 128هـ

ثم ظهر بعدهما بمدة بشر بن غياث المريسى وكان فى أول أمره مشتغلا بالفقه، حتى عده بعضهم من كبار الفقهاء، وكان خطيبا مفوها، ونظر فى الكلام فغلب عليه، وجرد القول بخلق القرآن حتى كان عين الجهمية فى عصره وعالمهم؛ فمقته أهل العلم، وكفره عدة، ولم يدرك جهما؛ بل تلقى مقالاته من أتباعه.

وكان متخفيا زمن هارون الرشيد لما بلغه وعيده بقتله وأنه قال: "بلغنى أن بشر بن غياث يقول "القرآن مخلوق" لله على إن أظفرنى به لأقتلنه.
فلما مات هارون الرشيد؛ ظهر بشر ودعا إلى ضلالته.

فكان تحذير أهل السنة من بشر وأصحابه مستفيضا؛ حتى حذرهم كثير من طلاب العلم؛ لكنهم تسللوا إلى الولاة والحكام بما لهم من العناية بالكتابة والأدب والتفنن فى صياغة المكاتبات، وحفظ نوادر الأخبار، وكان هو وأبو الهذيل العلاف وأحمد بن أبى دؤاد رؤوس المعتزلة فى عهد المأمون؛ فزينوا له القول بخلق القرآن، وأن الدين لايتم إلا به .

وصل اللهم وسلم بارك على محمد وآله وصحبه

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 24 جمادى الآخرة 1441هـ/18-02-2020م, 11:42 PM
هيئة التصحيح 7 هيئة التصحيح 7 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 6,326
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نانيس بكري مشاهدة المشاركة
📝الدروس المستفادة من محنة الإمام أحمد بن حنبل
فى محنة الإمام أحمد دروس عظيمة مستفادة؛ منها ما يتعلق بإيمانه بربه، ومنها مايتعلق بإيمانه بسنة النبى صلى الله عليه وسلم، ومنها مايتعلق بخلقه، ومنها سنن كونية فى سير الظلمة مع أهل السنة، وفيما يلى بعض أمثلة لما سبق :

⏪ إيمانه بربه:
بلغ أحمد قول المأمون: " وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا دفعت عن أحمد وصاحبه حتى يقولا: القرآن مخلوق".
فبرك الإمام أحمد على ركبتيه ولحظ السماء بعينيه، ثم قال:
" سيدي غرّ هذا الفاجرَ حلمُك حتى تجرّأ على أوليائك بالضرب والقتل، اللهمّ فإن يكن القرآن كلاُمك غير مخلوق فاكفنا مؤونته" .
فما مضى ثلث الليل الأول حتى سمعوا صيحة وضجّة، وإذا رجاء الحُضاري قد أقبل فقال: (صدقت يا أبا عبد الله، القرآن كلام الله غير مخلوق، مات والله أمير المؤمنين).
وفيه استغاثة الإمام أحمد بربه؛ فلا مغيث سواه.

⏪خلق الإمام أحمد بن حنبل :
🔼 إيثاره:
قيل للإمام أحمد: إذا كان غداً فاحضر دار الأمير، يقصد إسحاق بن إبراهيم؛ فقال له عمّه: لو تواريت!
قال: "كيف أتوارى؟ إن تواريت لم آمن عليك وعلى ولدي وولدك والجيران، ويلقى الناس بسببي المكروه، ولكنّي أنظر ما يكون".
وفي ذلك تقديم الإمام مصلحة أهل بيته وجيرانه على نفسه.

🔼 صبره على الأذى وأخذه بالعزيمة:
قال ابن كثير:
" كان من الحاضرين من أجاب إلى القول بخلق القرآن مصانعة مكرها ؛ لأنهم كانوا يعزلون من لا يجيب عن وظائفه ، وإن كان له رزق على بيت المال قطع ، وإن كان مفتيا منع من الإفتاء ، وإن كان شيخ حديث ردع عن الإسماع والأداء ، ووقعت فتنة صماء، ومحنة شنعاء، وداهية دهياء.
فمن أجاب أطلق، ومن أبى حُبس وقُيّد؛ فلمّا كان بعد ذلك دعا بالقواريري وسجّادة فأجابا وخلّى عنهما.
فكان الإمام أحمد يعذرهما ويقول: " قد أعذرا وحُبِسَا وقُيِّدا، وقال الله عزّ وجل: {إلا من أكره وقلبه مطمئنّ بالإيمان} القَيْدُ كُرْه، والحَبْسُ كُرْه"

فصبر الإمام على صنوف الأذى، وترخص لإخوانه فى إجابتهما إلى القول بخلق القرآن، ولم يترخص لنفسه،وأخذ بالعزيمة.

وقال أبو بكر الأحول لأحمد بن حنبل: إن عرضت على السيف تجيب؟ قال: لا.

ودخل عليه في حبسه في الرقّة أبو العبّاس الرقي - وكان من كبار أهل الحديث- في ذلك البلد، ومعه بعض أهل الحديث؛ فجعلوا يذكّرونه ما يُروى في التقية من الأحاديث؛ فقال أحمد:
"وكيف تصنعون بحديث خبّاب: "إنّ من كان قبلكم كان يُنشر أحدهم بالمنشار، ثمّ لا يصدّه ذلك عن دينه ".
قال: فيئسنا منه.

ودخل عليه عمه إسحاق بن حنبل في السجن بصحبة الحاجب فقال له:
(يا أبا عبد الله قد أجاب أصحابُك، وقد أعذرتَ فيما بينك وبين الله، وقد أجاب أصحابك والقوم، وبقيت أنت في الحبس والضيق!!).
فقال: (يا عمّ! إذا أجاب العالِم تقيّةً والجاهل يجهل فمتى يتبيّن الحق؟!!).

قال أحمد: " لستُ أبالي بالحبس، ما هو ومنزلي إلا واحد، ولا قتلاً بالسيف؛ إنما أخاف فتنة السوط، وأخاف أن لا أصبر".
فسمعه بعض أهل الحبس وهو يقول ذلك؛ فقال: لا عليك يا أبا عبد الله؛ فما هو إلا سوط ثمّ لا تدري أين يقع الثاني؛ فكأنّه سُرّي عنه.

ولما عمد أهل الباطل إلى الترغيب والترهيب والتخذيل بذكر نماذج من تراجعوا، وترخصوا، وقالوا بقولهم بخلق القرآن؛ فكانوا يقولون للإمام : أصحابك يحيى وفلان وفلان، أليس قد أجابوا؟ فلم يجبهم، وعزم على احتمال الضرب والأذى.

⏪ صبره على العبادة والطاعة على كل أحواله :
🔼 حرصه على الصلاة فى قيده:
حبس الإمام فى محبس العامة فى بغداد سنتين، فكان معه جماعة كثيرة؛ فكان يصلى بهم والقيود فى يديه.
وقال :
"وحملت على دابّة والأقياد عليّ، وما معي أحد يمسكني؛ ظننتُ أنّي سأخرّ على وجهي من ثقل القيود، وسلّم الله؛ حتى انتهيت إلى الدار؛ فأدخلتُ إلى الدار في جوف الليل، وأغلق عليّ الباب، وأقعد عليه رجلان، وليس في البيت سراج، فقمت أصلّي ولا أعرف القبلة، فصليت فلما أصبحت فإذا أنا على القبلة".

وكان الإمام أحمد فى الخامسة والخمسين من عمره لما ضرب؛ فلما خرج من السجن كان يتداوى من أثر الضرب، وجعل أبو الصبح يضع له الدواء ويصنع له المراهم ويقول "قد رأيت مَن ضُرب الضرب العظيم، ما رأيت ضرباً مثل هذا؛ هذا ضرب التلف" حتى تعافى بعد أيام، ولم يزل يشهد الجمعة والجماعات مع المسلمين، ويحدّث ويفتي، حتى مات المعتصم.

🔼 حرصه على أن يطعم الحلال الطيب:
وجّه إليه اثنين من المعتزلة يناظرانه؛ فكانا معه حتى حضر الإفطار وجيء بالطعام؛ فأكلا ولم يأكل الإمام أحمد إلا ما يقيم به أوده، وجعل نفسه بمنزلة المضطر.
ولما ضرب جيء بسويق ليشرب وكان صائما ؛ فأبى، وقال: لا أفطر، ثم قال: (لي ولهم موقف بين يدي الله عزّ وجل).

🔼 ثباته فى السراء والضراء:
أمر المعتصم بإخلاء سبيل أحمد، وأمر بكسوته كسوة حسنة؛ فلما دخل داره خلع ماعليه من اللباس وأمر ببيعه.
فلم تكن فتنة السراء لتجعل الإمام يرجع عما هو فيه؛ بل أعرض عنها، ولازم ما كان عليه من الاشتغال بالحديث وتعليم الناس.

⏪ سلامة صدره وعفوه وصفحه:
عفا الإمام عن المعتصم، وعن كل من آذاه فى هذه المحنة إلا من كان صاحب بدعة.
وكان يقول "رأيت الله عزّ وجل يقول: {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالعفو في قضية مسطح.
ثم قال: العفو أفضل، وما ينفعك أن يعذّب أخوك المسلم بسببك، ولكن تعفو وتصفح عنه؛ فيغفر الله لك كما وعدك."

⏪ إيمانه بالسنة وتمسكه بها:
أُحضر الإمام إلى مجلس الخليفة وفيه القضاة وأهل الكلام من المعتزلة وزعيمهم بن أبى دؤاد والأمراء وقادة الجيوش، ثم جعلوا يتكلمون من هاهنا ومن هاهنا، وكان الإمام أحمد وحده والمعتزلة نحو خمسين؛ هذا يدلي بشبهة، وهذا يعترض على حجة، وهذا ينزع باستدلال لغوي، وهذا يورد رواية معلولة، وهذا يورد حجّة كلامية؛ فكان إذا ذكروا له شيئاً من الكتاب والسنة واللغة أجابهم وردّ عليهم خطأهم في الاستدلال.
وإذا أوردوا عليه شيئا من علم الكلام لم يجبهم، وقال: لا أدري ما هذا، إيتوني بشيء من الكتاب والسنة.
حتى ضجر منه ابن أبي دؤاد وقال له: وأنت لا تقول إلا ما في كتاب الله أو سنّة رسوله؟
فقال الإمام أحمد: وهل يقوم الإسلام إلا بالكتاب والسنة؟!!

⏪ بطانة السوء:
لما طالت المناظرة بين المعتزلة والإمام أحمد قال ابن أبي دؤاد:
"هو والله يا أمير المؤمنين ضالُّ مضلٌّ مبتدع، وهؤلاء قضاتك والفقهاء فسَلْهُم" يقصد جماعته من المعتزلة.
فقال لهم الخليفة: ما تقولون؟
فقالوا: يا أمير المؤمنين هو ضالٌّ مضلٌّ مبتدع.
قال الإمام أحمد: وما كان في القوم أرأف بي ولا أرحم من أبي إسحاق المعتصم ؛ فأمّا الباقون فأرادوا قتلي، وشاركوا فيه لو أطاعهم وأجابهم إلى ذلك.

فما زال أبو دؤاد ومن معه بالمعتصم حتى حملوه على ضرب الإمام أحمد، وكان المعتصم كارها لذلك.

ولما أراد الخليفة المعتصم أن يطلق سراح الإمام بعد الضرب؛ قال ابن أبي دؤاد معترضا:
"يا أمير المؤمنين احبسه؛ فإنّه فتنة، يا أمير المؤمنين إنّه ضالّ مضلّ، وإن أخليته فتنتَ به الناس".

وهكذا لا تزال بطانة السوء تحرض الخلفاء على مافيه موافقة أهوائهم، وظلم رعيتهم.

💫💫💫💫💫💫💫💫💫💫💫💫

📝إجابة السؤال الأول:

ملخّص عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن:
مما أجمع عليه أهل السنة ويجب اعتقاده فى القرآن:
- أن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.
- وأن القرآن حروفه ومعانيه من الله تعالى.
- وأنه كلام الله حقيقة لا كلام غيره، وكل حرف منه قد تكلم به الله حقيقة .
- وأنه بلسان عربى مبين.
- وأن جبريل سمع القرآن من الله ، وأن النبى صلى الله عليه وسلم سمع القرآن من جبريل، وأن الصحابة سمعوه من النبى صلى الله عليه وسلم، ثم نقل إلينا متواترا .
- وأن هذا الذى فى المصحف بين الدفتين هو القرآن محفوظ فى الصدور وفى السطور.
- وأن من ادعى أن القرآن مخلوق، أو ادعى وجود قرآن غيره فهو كافر بالله تعالى.

💫💫💫💫💫💫💫💫💫

📝إجابة السؤال الثانى:

بيان الفرق بين كل ممّا يلي:

أ) قول الكلابية وقول الأشاعرة في القرآن:
الكلابية يقولون القرآن (حكاية) عن كلام الله.
والأشاعرة يقولون القرآن(عبارة) عن كلام الله؛ لأن الحكاية تقتضى مماثلة المحكى، والعبارة تعبير عن المعنى بألفاظ وحروف .

ويتفق الأشاعرة والكلابية على إن القرآن غير مخلوق، ولكن ليس كلام الله حقيقة بألفاظه.
كلام الله هو المعنى النفسى القائم بالله عز وجل، وأنه قديم بقدمه تعالى، وأنه ليس بحرف ولا صوت، ولا يتعلق بالقدرة والمشيئة، ولا يتجزأ، ولا يتبعض، ولا يتفاضل.

ب) قول المعتزلة وقول الأشاعرة في القرآن:
المعتزلة يقولون: القرآن كلام الله مخلوق.
الأشاعرة يقولون: القرآن غير مخلوق، وليس هو كلام الله حقيقة، وإنما هو (عبارة) عبر بها جبريل عن المعنى النفسى القائم بالله عز وجل.

💫💫💫💫💫💫💫💫💫💫💫

📝 إجابة السؤال الثالث:

نشأة القول بخلق القرآن قبل عهد المأمون:
أول من أحدث بدعة القول بخلق القرآن هو الجعد بن درهم، وقد قتله أمير العراق فى زمنه خالد بن عبد الله القسرى عام 124هـ يوم الأضحى.

ثم أخذ مقالته الجهم بن صفوان واشتهرت عنه ولم يكن له أتباع فى زمانه، وإنما بقيت مقالاته حتى تلقاها بعض أهل الكلام فطاروا بها، وفتحوا بها على الأمة أبوابا من الفتن العظيمة.

ولم يكن الجهم من أهل العلم، ولا كان له عناية بالحديث والآثار، وإنما كان رجلا قد أوتى ذكاء ولسانا بارعا، وتفننا فى الكلام وجدلا ومراء، وكان كاتبا لبعض الأمراء فى عصره فانتشرت مقالاته.

وكان مما أدخله على الأمة إنكار الأسماء والصفات، وإنكار علو الله، والقول بخلق القرآن، والجبر والإرجاء.

وقد كفره العلماء فى عصره، وقتله سالم بن الأحوز المازنى 128هـ

ثم ظهر بعدهما بمدة بشر بن غياث المريسى وكان فى أول أمره مشتغلا بالفقه، حتى عده بعضهم من كبار الفقهاء، وكان خطيبا مفوها، ونظر فى الكلام فغلب عليه، وجرد القول بخلق القرآن حتى كان عين الجهمية فى عصره وعالمهم؛ فمقته أهل العلم، وكفره عدة، ولم يدرك جهما؛ بل تلقى مقالاته من أتباعه.

وكان متخفيا زمن هارون الرشيد لما بلغه وعيده بقتله وأنه قال: "بلغنى أن بشر بن غياث يقول "القرآن مخلوق" لله على إن أظفرنى به لأقتلنه.
فلما مات هارون الرشيد؛ ظهر بشر ودعا إلى ضلالته.

فكان تحذير أهل السنة من بشر وأصحابه مستفيضا؛ حتى حذرهم كثير من طلاب العلم؛ لكنهم تسللوا إلى الولاة والحكام بما لهم من العناية بالكتابة والأدب والتفنن فى صياغة المكاتبات، وحفظ نوادر الأخبار، وكان هو وأبو الهذيل العلاف وأحمد بن أبى دؤاد رؤوس المعتزلة فى عهد المأمون؛ فزينوا له القول بخلق القرآن، وأن الدين لايتم إلا به .

وصل اللهم وسلم بارك على محمد وآله وصحبه
ممتازة بارك الله فيك وزادك توفيقا وسدادا. أ
الخصم على التأخير.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثالث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir