دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الأيمان

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الآخرة 1431هـ/25-05-2010م, 03:48 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي من أتى ما حلف عليه مكرهاً أو ناسياً، ومن أتى بعض ما حلف عليه

( فصلٌ ) وإن حَلَفَ لا يَفعلُ شيئًا ككلامِ زيدٍ ودخولِ دارٍ ونحوِه ففَعَلَه مُكْرَهًا لم يَحْنَثْ، وإن حَلَفَ على نفسِه أو غيرِه مِمَّن يَقْصِدُ مَنْعَه كالزوجةِ والولدِ , أن لا يَفعلَ شيئًا ففَعلَه ناسيًا أو جاهلاً حَنِثَ , في الطلاقِ والعَتاقِ فقطْ، أو على مَن لا يَمتنِعُ بيمينِه من سُلطانٍ وغيرِه ففَعَلَه حَنِثَ مُطْلَقًا، وإن فَعَلَ هو أو غيرُه ممن قَصَدَ مَنْعَه بعضَ ما حَلَفَ على كلِّه لم يَحْنَثْ ما لم تكنْ له نِيَّةٌ.

  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 03:37 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..........................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 03:37 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


فصلٌ
(وإنْ حَلَفَ لا يَفْعَلُ شيئاً؛ ككلامِ زيدٍ ودُخولِ دارٍ ونحوِهِ، ففَعَلَه مُكْرَهاً، لم يَحْنَثْ)؛ لأنَّ فِعْلَ المُكْرَهِ غيرُ منسوبٍ إليه، (وإنْ حَلَفَ على نفسِهِ أو غيرِه مِمَّن) يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ و (يَقْصِدُ مَنْعَه)؛ كالزوجةِ والولدِ أنْ لا يَفْعَلَ شيئاً، ففَعَلَه ناسياً أو جاهلاً، حَنِثَ في الطلاقِ والعَتَاقِ) بفتحِ العينِ (فقطْ)؛ أي: دونَ اليمينِ باللَّهِ تعالَى والنَّذْرِ والظِّهَارِ؛ لأنَّ الطلاقَ والعَتَاقَ حقُّ آدَمِيٍّ، فلم يُعْذَرْ فيه بالنسيانِ والجهلِ؛ كإتلافِ المالِ والجِنَايةِ، بخلافِ اليمينِ باللَّهِ تعالَى، وقد رُفِعَ عن هذه الأُمَّةِ الخَطَأُ والنسيانُ.
(و) إنْ حَلَفَ (على مَن لا يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ، من سلطانٍ أو غيرِهِ)؛ كأجنبِيٍّ؛ لا يفعَلُ شيئاً (ففَعَلَه، حَنِثَ) الحالِفُ (مُطْلَقاً)؛ أي: سواءً فَعَلَه المحلوفُ عليه عامداً أو ناسياً، عالِماً أو جاهِلاً، (وإنْ فَعَلَ هو)؛ أي: الحالِفُ لا يَفْعَلُ شيئاً، أو مَن لا يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ مِن سلطانٍ أو أجنبيٍّ، (أو غيرُهُ) أي: غيرُ ما ذَكَرَ (مِمَّن قَصَدَ مَنْعَه)؛ كزوجةٍ وولدٍ (بعضَ ما حَلَفَ على كُلِّه)؛ كما لو حَلَفَ لا يأكُلُ هذا الرغيفَ فأكَلَ بعضَه، (لم يَحْنَثْ)؛ لعدمِ وجودِ المحلوفِ عليه (ما لم تَكُنْ له نيَّةٌ) أو قرينةٌ؛ كما لو حَلَفَ لا يشرَبُ ماءً مِن هذا النهَرِ فشَرِبَ، فإنَّه يَحْنَثُ.

  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 03:38 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


فصل([1])

(وإن حلف لا يفعل شيئا، ككلام زيد([2]) ودخول دار ونحوه([3]) ففعله مكرها، لم يحنث)([4]) لأن فعل المكره، غير منسوب إليه([5]) (وإن حلف على نفسه، أو غيره ممن) يمتنع بيمينه و(يقصد منعه، كالزوجة والولد، أن لا يفعل شيئا، ففعله ناسيا أو جاهلا، حنث في الطلاق والعتاق) بفتح العين (فقط) أي دون اليمين بالله تعالى، والنذر والظهار، لأن الطلاق والعتاق حق آدمي، فلم يعذر فيه بالنسيان والجهل([6]).
كإتلاف المال والجناية([7]) بخلاف اليمين بالله تعالى، فإنها حق الله تعالى، وقد رفع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان([8]) (و) إن حلف (على من لا يمتنع بيمينه من سلطان وغيره) كالأجنبي لا يفعل شيئا (ففعله حنث) الحالف (مطلقا) سواء فعله المحلوف عليه، عامدا أو ناسيا، عالما أو جاهلا([9])


(وإن فعل هو) أي الحالف لا يفعل شيئًا، أو من لا يمتنع بيمينه، من سلطان أو أجنبي (أو غيره) أي غير من ذكر (ممن قصد منعه) كزوجة وولد (بعض ما حلف على كله)([10]) كما لو حلف لا يأكل هذا الرغيف، فأكل بعضه (لم يحنث) لعدم وجود المحلوف عليه (ما لم تكن له نية) أو قرينة كما لو حلف لا يشرب ماء هذا النهر، فشرب منه، فإنه يحنث([11]).


([1]) أي في حكم من فعل شيئا، ناسيا أو مكرها، أو فعل بعض المحلوف عليه، أو على من لا يمتنع بيمينه وغير ذلك.
([2]) ففعله مكرها، لم يحنث ولو حلف لا يعامل زيدا، فعامل وكيله، أو باعه حنث.
([3]) كقرية أو بستان أو حمام.
([4]) أي ففعل ما حلف على تركه، مكرها بضرب، أو أخذ مال يضره أو تهديد بقتل ونحوه، لم يحنث.
([5]) ويحنث بالاستدامة بعد الإكراه، أشبه ما لو دخل مختارا، ولو حلف لا يزوج ابنته، فزوجها الأبعد، أو الحاكم، حنث إن تسبب في التزويج، وإن لم يتسبب فلا، وإن كان المقصود أنها لا تتزوج، حنث بكل حال.
([6]) قـال الشيخ: إذا حلف على إنسـان قاصدا إكرامه، لا يحنث مطلقا إلا
إن كان قاصدا إلزامه، فإنه يحنث اهـ وأما إذا لم يقصد منعه، كما لو قال لزوجته، إن دخلت دار فلان، فأنت طالق، ولم يقصد منعها، وإنما قصد مجرد التعليق، فيقع الطلاق بدخولها، حيث كان، كمن لا يمتنع بيمينه.

([7]) أي: كما لا يعذر بإتلاف المال، على الآدمي، والجناية عليه بالنسيان والجهل، وقال الشيخ، وغيره: إذا حلف لا يفعل شيئا، ففعله ناسيا، أو جاهلا، بأنه المحلوف عليه، فلا حنث عليه، ولو في الطلاق والعتاق، وغيرهما، ويمينه باقية، نص عليه، ويدخل في ذلك من فعله متأولا، أو تقليدا لمن أفتاه، أو مقلدا لعالم ميت، مصيبا أو مخطئا.
قال: وقد ظن طائفة أنه إذا حلف بالطلاق، على أمر يعتقده، كما حلف، فتبين بخلافه، أنه يحنث، قولا واحدا، وهذا خطأ بل الخلاف في مذهب أحمد، ولو حلف على نفسه أو غيره، ليفعلن شيئا، فجهله أو نسيه، فلا حنث عليه، إذ لا فرق بين أن يتعذر المحلوف عليه، لعدم العلم، أو عدم القدرة.
([8]) قال تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وفي الحديث قال قد فعلت، وحديث «عفي عن أمتي الخطأ والنسيان».
([9]) لإمكان فعل المحلوف عليه.
([10]) لم يحنث، قال الشيخ: لأن ما لا يمكن التحرز منه، لا يراد، ولا تقع اليمين عليه.
([11]) قال ابن القيم: ومن الحيل الباطلة لو حلف لا يأكل هذا الرغيف أو لا يسكن في الدار هذه السنة، أو لا يأكل هذا الطعام، قالوا: يأكل الرغيف ويدع منه لقمة واحدة، ويسكن السنة كلها إلا يوما واحدا، ويأكل الطعام كله، إلا القدر اليسير منه، ولو أنه لقمة وهذه حيلة باطلة باردة.
ومتى فعل ذلك فقد أتى بحقيقة الحنث، وفعل نفس ما حلف عليه، ثم يلزم هذا المتحيل أن يجوز للمكلف، كل ما نهى الشارع عن جملته، فيفعله إلا القدر اليسير منه، فإن البر والحنث في الإيمان، نظير الطاعة والمعصية في الأمر والنهي، ولذلك لا يبرأ إلا بفعل المحلوف عليه جميعه، لا بفعل بعضه، كما لا يكون مطيعا إلا بفعله جميعه، ويحنث بفعل بعضه، كما يعصي بفعل بعضه.

  #5  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 11:38 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ
وَإِنْ حَلَفَ لاَ يَفْعَلُ شَيْئاً، كَكَلاَمِ زَيْدٍ، وَدُخُولِ دَارٍ وَنَحْوِهِ، فَفَعَلَهُ مُكْرَهاً لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَقْصُدُ مَنْعَهُ كَالزَّوْجَةِ، وَالْوَلَدِ، أَلاَّ يَفْعَلَ شَيْئاً، فَفَعَلَهُ نَاسِيَاً، أَوْ جَاهِلاً حَنِثَ فِي الطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ فَقَطْ.
قوله: «وإن حلف لا يفعل شيئاً، ككلام زيد، ودخول دار، ونحوه ففعله مكرهاً لم يحنث» قال: والله لا أدخل هذه الدار، فأكره على دخولها، سواء حُمل فأدخل، أو قيل له: ادخل، وإلا حبسناك، أو قتلناك، أو أخذنا مالك، أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يحنث؛ لأنه سبق أن من شروط وجوب الكفارة أن يحنث مختاراً، وهذا مبني على قول الله تعالى: {{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}} [النحل: 106] ، فإذا كان هذا الذي أُكره على الكفر ففعله أو قاله، وقلبه مطمئن بالإيمان لا يكفر، فكذلك هذا الذي أُكره على الحنث؛ لأن الحنث مبني على الإثم في الأصل، فإذا كان لا يأثم بالإكراه، فكذلك لا يحنث بالإكراه.
وقوله: «ودخول دار ونحوه» هذه أمثلة، مثل: حلف ألا يلبس ثوباً، حلف ألا يخرج إلى السوق، حلف ألا يذهب إلى المدرسة، وفُعل به هذا مكرهاً فلا حنث عليه، ولهذا قال: «لم يحنث».
قوله: «وإن حلف على نفسه أو غيره ممن يقصد منعه، كالزوجة والولد، ألا يفعل شيئاً، ففعله ناسياً، أو جاهلاً حنث في الطلاق والعتاق فقط» إذا حلف على نفسه ألا يفعل شيئاً، ففعله ناسياً أو جاهلاً فلا حنث عليه؛ لأنه لو فعل المحرم ناسياً أو جاهلاً فلا إثم عليه، فكذلك إذا فعل المحلوف عليه ناسياً أو جاهلاً فلا حنث عليه؛ لأن الحنث مبني على التأثيم، فمتى كان الإنسان يأثم في الحكم الشرعي حَنِثَ في اليمين، وإذا كان لا يأثم لم يحنث، فهذا رجل حلف على نفسه، قال: والله لا ألبس هذا الثوب، ثم جاء في الليل فلبسه وهو لا يدري أنه المحلوف عليه، فلا يحنث، فليس عليه كفارة؛ لأن من شروط وجوب الكفارة كما سبق أن يحنث عالماً ذاكراً مختاراً، وأصله قوله تعالى: {{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا}} [البقرة: 286] .
كذلك لو فعله ناسياً، كأن لبس الثوب الذي حلف أن لا يلبسه ناسياً أنه حلف، فإنه لا كفارة عليه ولم يحنث، والدليل قوله تعالى: {{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا}} والحنث مبني على التأثيم بالفعل، ولأن من شرط وجوب الكفارة أن يحنث عالماً ذاكراً مختاراً.
وإذا حلف على نفسه في طلاق، بأن قال: إن لبست هذا الثوب فزوجتي طالق، فهذا يمين، ثم لبسه ناسياً.
فعلى كلام المؤلف تطلق؛ لأنه قال: «حنث في الطلاق».
أو قال: إن فعلت كذا فعبدي حر، وقصده أن يلزم نفسه بعدم الفعل، فهذا يمين، ففعله ناسياً فالعبد يعتق.
وكذلك لو قال: إن لبست هذا الثوب فعبدي حر، فلبسه جاهلاً أنه الثوب الذي حلف عليه، فإنَّ العبد يعتق، وإن كان طلاقاً فالمرأة تطلق، يقولون: لأن هذا يتضمن حقاً لآدمي، وحقوق الآدميين لا تسقط لا بالجهل، ولا بالنسيان، وأما الإكراه ففيه تفصيل.
نقول: أما كون العتق حقاً للآدمي فهذا قد يُسلم؛ لأن العبد يحب أن يتحرر، ويعتق، ويسلم من الرق، لكن كون الطلاق حقاً لآدمي! فقد تقول المرأة: أنا لا أحب أن أطلق، وتبكي من الطلاق، ويكون الطلاق عندها أكره من كل شيء، فكيف نلزمه أن يفعل ما تكره؟! ولذلك كان القول الراجح أننا متى أجرينا الطلاق والعتاق مجرى اليمين صار لهما حكم اليمين، إذ كيف نجريهما مجرى اليمين في الكفارة، ثم لا نجريهما مُجرى اليمين في الحنث؟! فهذا تناقض، فالصواب أنه لا حنث عليه، لا في الطلاق، ولا في العتق، ولا في النذر ولا في اليمين، والمؤلف قد أسقطه لكن حكمه حكم اليمين، فلو قال: إن لبست هذا الثوب فزوجتي طالق، ثم لبسه ناسياً فلا حنث عليه، ولا تطلق الزوجة.
ولو قال: إن لبست هذا الثوب فعبدي حر، ثم لبسه ناسياً فالعبد لا يعتق؛ لأننا لما أجرينا هذا الأمر مجرى اليمين، فالواجب أن لا يحنث بالجهل والنسيان، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو رواية عن الإمام أحمد، قال شيخ الإسلام: إن رواتها عن الإمام أحمد كرواة التفرقة، يعني أن الإمام أحمد تساوت عنه الروايات في ذلك.
فإذا حلف على نفسه يميناً، وحلف على نفسه بالطلاق، وحلف على نفسه بالعتق، فالمذهب يفرقون بين اليمين والطلاق والعتق، فيما إذا فعل الشيء المحلوف عليه ناسياً، أو جاهلاً، فيقولون «في الطلاق والعتق»: يحنث، فيقع الطلاق والعتق، ويقولون في اليمين بالله: لا يحنث، والصحيح أنه لا فرق، وأنه لا يحنث فيهما، كما لا يحنث في اليمين؛ هذا إذا حلف على نفسه.
فإذا حلف على غيره ألا يفعل شيئاً بيمين، أو طلاق، أو عتق أو نذر فلا يخلو ذلك الغير من حالين:
الأولى: أن يكون المحلوف عليه ممن جرت العادة أن يمتنع بيمينه أي إذا حلف عليه بَرَّ بيمينه؛ لقرابة، أو زوجية، أو صداقة.
الثانية: أن يكون هذا الغير ممن لا يمتنع بيمينه، ولا يهتم بها وسيأتي.
فإذا كان هذا الغير ممن يمتنع بيمينه ويبر بها، ولا يخالفه بسبب قرابة أو زوجية أو صداقة، كأن حلف على زوجته ألا تفعل شيئاً ففعلته ناسيةً، أو جاهلةً، أو حلف على ولده، ابن أو بنت، ألا يفعل شيئاً، ففعله ناسياً أو جاهلاً، فهذا الغير حكمه حكم نفس الحالف، يعني كأنه نفسه، فإذا فعله ناسياً أو جاهلاً في اليمين بالله لم يحنث، وأما في العتق والطلاق فيحنث.
أمثلة:
قال لابنه: إن فعلت كذا فأمك طالق، ففعله الولد ناسياً، فهل تطلق؟ نعم، تطلق على المذهب.
قال لولده: إن فعلت كذا فعبدي حر، ففعله ناسياً، يحنث ويعتق العبد، كما لو كان ذلك في نفسه.
والصحيح أنه لا يحنث كما لو كان هذا يميناً بالله عزّ وجل.

وعَلَى مَنْ لاَ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ مِنْ سُلْطَانٍ وَغَيْرِهِ فَفَعَلَهُ حَنِثَ مُطْلَقاً،
وَإِنْ فَعَلَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ قَصَدَ مَنْعَهُ بَعْضَ مَا حَلَفَ عَلَى كُلِّهِ لَمْ يَحْنَثْ، مَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ.
قوله: «وعلى من لا يمتنع بيمينه من سلطان وغيره ففعله حنِثَ مُطلقاً» هذه هي الحال الثانية، أن يحلف على شخص لا يمتنع بيمينه، ولا يهتم بها، ولا يحاول أن يرضيه بالبر بيمينه، ففعل المحلوف عليه، فإنه يحنث مطلقاً.
وقوله: «مطلقاً» يقول العلماء: إذا قيل: مطلقاً فإن الإطلاق يفهم معناه مما سبق، أو مما لحق، وهنا نفهمه مما سبق، يعني حنث مطلقاً في اليمين، والطلاق، والعتق، عالماً، أو جاهلاً، ذاكراً، أو ناسياً، ولا فرق.
مثال ذلك: رأى إنسان في السوق واحداً يريد أن يحمل على رأسه حزمة علف، فقال: والله لا تحملها، وكل واحد منهما لا يعرف الآخر، ثم إن الرجل المحلوف عليه نسي فحملها، فيحنث الحالف؛ لأن الأصل أن هذا الحالف ليس له إلزام هذا المحلوف عليه، فيكون اليمين بمنزلة الشرط المحض، فمتى وجد الشرط وجد المشروط؛ لأن حقيقة الأمر أن اليمين تشبه الشرط، فإذا قال له: والله لا تحمله، وهو ممن لا يمتنع بيمينه ولا يهتم بها فحمله ناسياً، قلنا للحالف: عليك الحنث والكفارة؛ لأنه ليس لك حق الإلزام، فصار يمينك بمنزلة الشرط المحض، فإذا وجد الشرط وهو حمله هذا العلف وجد المشروط وهو الكفارة.
وظاهر كلام المؤلف أنه يحنث مطلقاً، سواء قصد الإلزام أو قصد الإكرام؛ لأنه أحياناً يقصد إكرامه، فيقول: والله ما تحمله أنا أحمله، فإذا حمله المحلوف عليه فإنه يحنث على المذهب، وإن كان قصدُه الإكرام.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه إذا قصد الإكرام فإنه لا يحنث بالمخالفة، بناءً على أن الحنث في اليمين مبني على الحنث في الحكم، وإذا قصد الإكرام وحصلت المخالفة، فإن المخالف لا يعد عاصياً؛ لأنه لم يقصد إلزامه، بل قصد إكرامه واحترامه، وهذا حصل بمجرد الحلف؛ لأن حلفه «أن لا يحمل» إكرام له، وقد حصل وظهر، ولأن أصل الحنث مبني على المخالفة في الحكم، فكما لا يكون عاصياً من خالف في باب الإكرام، لا يكون حانثاً من خالف في الإكرام في اليمين، واستدل لذلك بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما أمر أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ حين جاء وهو يصلي بالناس، وأراد أن يتأخر، فأمره أن يبقى، ولكنه تأخر[(151)]، فهل كان أبو بكر عاصياً في هذه الحال؟ لا، فهو لا يريد أن يعصي الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ بل يريد أن يعظم النبي صلّى الله عليه وسلّم وإن حلف على شخص لم تجر العادة أن يمتنع بيمينه لكونه لا سلطة عليه فإنه إذا فُعِل المحلوفُ عليه حنث الحالف، لأن من لا يمتنع باليمين لا يصح توجيه المنع إليه وأصل اليمين قد بنيت على المنع والحث أو التصديق أو التكذيب.
قوله: «وإن فعل هو أو غيره ممن قصد منعه بعض ما حلف على كله لم يحنث، ما لم تكن له نية» إذا فعل بعض ما حلف عليه فلا حنث عليه، قال: والله لا آكل هذا الرغيف، فأكل بعضه، لا يحنث؛ لأنه لم يأكل الرغيف، إلا إذا كان له نية، يعني لو نوى أن لا يذوقه، فأكل بعضه، فإنه يحنث؛ لأنه سبق في أول باب الأيمان أنه يرجع أولَ ما يرجع إلى نية الحالف، إذا احتملها اللفظ، وهنا يحتملها اللفظ، مثال ذلك: أعطاك رجلٌ رغيفاً، وقال: كل هذا الرغيف، فقلت: والله لا آكله، ونيتك أنك لا تذوقه، فحينئذ إذا أكلت منه قليلاً أو كثيراً حنثت.
كذلك إذا كان هناك قرينة تدل على أنه أراد البعض، فإنه يحنث، مثل أن يقول: والله لا أشرب ماء هذا النهر، فأخذ بكأس صغيرة وشرب، يحنث؛ لأن القرينة تدل على ذلك، ولا يمكن أن يريد بقوله: والله لا أشرب ماء هذا النهر، أنه يشرب كل ماء النهر! إذاً فالقرينة تدل على أنه لا يشرب منه، لا قليلاً ولا كثيراً.
ولو قال: والله لا أشرب هذه القربة، فصب منها كأساً وشرب لا يحنث؛ لأنه يمكن أن يشربها في أيام، بخلاف النهر فإنه لا يمكن أن يشربه، وعلى هذا فنقول: إذا كان له نية أنه لا يشرب أو لا يأكل الكل أو البعض فعلى نيته، وإذا كان هناك قرينة فعلى حسب القرينة.
قال: والله لا آكل خبز هذا البلد فأكل خبزة منه، فإنه يحنث؛ لأن القرينة تدل على ذلك؛ لأنه من المعلوم أنه لن يأكل خبز البلد كله! فالقرينة تدل على أن المعنى لا يأكل منه.
ولو قال: والله لا آكل خبز هذا الخباز، كذلك إذا أكل خبزة واحدة يحنث؛ لأن القرينة تدل على ذلك؛ لأنه عين هذا الخباز؛ لأنه ما يجيد الخَبْز، فيجعله نِيّاً، أو لا يجعل فيه ملحاً، أو ما أشبه ذلك من الأسباب التي جعلته يحلف أن لا يأكل خبزه.
قال: والله لآكلن هذا الرغيف، فأكل بعضه فإنه يحنث؛ لأنه يمكن أكله.
وهذه المسألة في الحقيقة فرع عما سبق، وهي أنه يرجع إلى نية الحالف إذا احتملها اللفظ، ثم إلى سبب اليمين، ثم إلى التعيين، ثم إلى ما يتناوله الاسم، فهذه أربع مراتب تنبني أيمان الحالفين كلها عليها.



[151] أخرجه البخاري في الأذان/ باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام... (684)، ومسلم في الصلاة/ باب تقديم الجماعة من يصلي بهم... (421) عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أبي, من

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:41 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir