دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير اللغوي > معاني القرآن للزجاج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 شوال 1431هـ/30-09-2010م, 11:44 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي المعاني الواردة في سورة الأحقاف

سورة الأحقاف
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله عزّ وجلّ: (ما خلقنا السّماوات والأرض وما بينهما إلّا بالحقّ وأجل مسمّى والّذين كفروا عمّا أنذروا معرضون (3)
جاء في التفسير: ما خلقناهما إلّا للحقّ، أي لإقامة الحق، وتكون على معنى ما قامت السماوات والأرض إلا بالحق.
وقوله بعقب هذا:
(والّذين كفروا عمّا أنذروا معرضون).
أي أعرضوا بعد أن قام لهم الدليل بخلق الله السماوات والأرض، وما بينهما ثم دعاهم إلى الدليل لهم على بطلان عبادة ما يعبدون من الأوثان فقال:
(قل أرأيتم ما تدعون من دون اللّه أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السّماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين (4)
ويقرأ أريتم بغير ألف.
(ما تدعون من دون اللّه)
ما تدعونه إلها من دون اللّه.
(أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السّماوات).
أي في خلق السّماوات، أي فلذلك أشركتموهم في عبادة الله عزّ وجلّ.
[معاني القرآن: 4/437]
(ائتوني بكتاب من قبل هذا).
أي ايتوني بكتاب أنزل فيه برهان ما تدّعون.
(أو أثرة من علم)
ويقرأ (أو أثارة من علم)، وقرئت أو أثرة من علم - بإسكان الثاء - ومعناها؛ إذا قال: أثارة على معنى علامة من علم، ويجوز أن يكون على معنى بقية من علم، ويجوز أن يكون على معنى ما يؤثر من العلم.
وقوله عزّ وجلّ: (ومن أضلّ ممّن يدعو من دون اللّه من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون (5)
أي من أضل ممن عبد غير اللّه.
وجميع ما خلق اللّه دليل على وحدانيّته فمن أضل ممن عبد حجرا لا يستجيب له.
وقال و (من) وقال و (وهم) وهو لغير ما يعقل، لأن الذين عبدوها أجروها مجرى ما يميز فخوطبوا على مخاطباتهم كما قالوا: (ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى)
ولو كانت " ما " لكان جيدا كما قال: (لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر).
وقوله عزّ وجلّ: (وإذا حشر النّاس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين (6)
أي كانت الأصنام كافرة بعبادتهم إياها، تقول ما دعوهم إلى عبادتنا.
وقوله عزّ وجلّ: (قل إن افتريته فلا تملكون لي من اللّه شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرّحيم (8)
[معاني القرآن: 4/438]
أي فلستم تملكون من اللّه شيئا، أي اللّه أملك بعباده.
(كفى به شهيدا بيني وبينكم)
أي كفى هو شهيدا.
و(به) في موضع رفع.
وقوله في هذا الموضع:
(وهو الغفور الرّحيم)
معناه أنه من أتى من الكبائر العظام ما أتيتم به من الافتراء على اللّه جلّ وعزّ وعلا - ثم تاب فإن الله غفور رحيم له.
وقوله: (قل ما كنت بدعا من الرّسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتّبع إلّا ما يوحى إليّ وما أنا إلّا نذير مبين (9)
أي ما كنت أول من أرسل. قد أرسل قبلي رسل كثيرون.
وقوله عزّ وجلّ: (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتّبع إلّا ما يوحى إليّ) كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - رأى في منامه أنه سيصير إلى أرض ذات نخل وشجر، وقد شكا أصحابه الشدة التي نالتهم فلما أعلمهم أنه سيصير إلى أرض ذات نخل وشجر، وتأخّر ذلك استبطأوا ما قال عليه السلام، فأعلمهم أن الذي يتبعه ما يوحى إليه، إن أمر بقتال أو انتقال، وكان ذلك الأمر وحيا فهو متّبعه، ورؤيا الأنبياء عليهم السلام وحي.
وقوله: (قل أرأيتم إن كان من عند اللّه وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين (10)
جاء في التفسير أن عبد اللّه بن سلام صار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قآمن به، وقال له: سل اليهود عني فإنهم سيزكونني عندك ويخبرونك بمكاني من العلم، فسالهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه من قبل أن يعلموا أنه قد آمن. فأخبروا عنه بأنه أعلمهم بالتوراة وبمذهبهم، وأنه عالم ابن عالم ابن عالم.
قآمن بحضرتهم وشهد أن محمدا رسول اللّه فقالوا بعد إيمانه أنت شرّنا وابن شرّنا.
قال: ألم
[معاني القرآن: 4/439]
يأتكم في التوراة عن موسى عليه السلام: إذا رأيتم محمدا فأقرئوه السلام مني وآمنوا به، وأقبل يقفهم من التوراة على أمكنة فيها ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفته، وهم يستكبرون ويجحدون ويتعمدون ستر ذلك بأيديهم.
وجواب: (إن كان من عند اللّه وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم) أتؤمنون.
ثم أعلم أن هؤلاء المعاندين خاصة لا يؤمنون، فقال: (إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين).
أي قد جعل جزاءهم على كفرهم بعدما تبين لهم الهدى مدّهم في الضلالة.
وقيل في تفسير قوله: (وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله)
على مثل شهادة عبد اللّه بن سلام.
والأجود - واللّه أعلم - أن يكون (على مثله) على مثل شهادة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: (وقال الّذين كفروا للّذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم (11)
جاء في التفسير أنه لما أسلمت جهينة ومزينة وأسلم وغفار، قالت بنو عامر وغطفان وأسد وأشجع: لو كان ما دخل فيه هؤلاء من الذين خيرا ما سبقونا إليه، ونحن أعز منهم، وإنما هؤلاء رعاة البهم.
وقوله عزّ وجلّ: (ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدّق لسانا عربيّا لينذر الّذين ظلموا وبشرى للمحسنين (12)
(إماما) منصوب على الحال وقوله: (ورحمة) عطف عليه.
(وهذا كتاب مصدّق لسانا عربيّا).
[معاني القرآن: 4/440]
المعنى واللّه أعلم، وهو مصدق لما بين يديه لسانا عربيّا، لما جاء بعد هذا الموضع.
(قالوا يا قومنا إنّا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدّقا لما بين يديه يهدي إلى الحقّ).
وحذف (له) ههنا أعني من قوله (وهذا كتاب مصدّق) لأن قبله (ومن قبله)
كتاب موسى، فالمعنى وهذا كتاب مصدّق له، أي مصدّق التوراة و(لسانا عربيّا) منصوبان على الحال.
المعنى مصدق لما بين يديه عربيّا، وذكر (لسانا) توكيدا.
كما تقول جاءني زيد رجلا صالحا، تريد: جاءني زيد صالحا.
وتذكر رجلا توكيدا، وفيه وجه آخر، على معنى وهذا كتاب مصدق لسانا عربيّا. المعنى مصدق النبي عليه السلام، فيكون المعنى مصدق ذا لسان عربى.
وقوله: (لينذر الّذين ظلموا)
ويقرأ (لتنذر الّذين ظلموا).
(وبشرى للمحسنين)
الأجود أن يكون (بشرى) في موضع رفع، المعنى وهو بشرى للمحسنين، ويجوز أن يكون بشرى في موضع نصب على معنى لينذر الذين ظلموا ويبشر المحسنين بشرى.
وقوله عزّ وجلّ: (إنّ الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون (13)
[معاني القرآن: 4/441]
معنى (ثم استقاموا) أي أقاموا على توحيد اللّه وشريعة نبيه عليه السلام.
وقوله عزّ وجلّ: (ووصّينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمّه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتّى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة قال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذرّيّتي إنّي تبت إليك وإنّي من المسلمين (15)
(ووصّينا الإنسان بوالديه حسنا)
وتقرأ (إحسانا)، وكلتاهما جيّد، ونصب (إحسانا) على المصدر، لأن معنى وصيناه بوالديه أمرناه بأن يحسن إليهما (إحسانا).
وقوله عزّ وجلّ: (حملته أمّه كرها)
و (كرها)، وقد قرئ بهما جميعا.
المعنى حملته أمه على مشقّة ووضعته على مشقّة.
وقوله: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)
وقد قرئت (وفصله ثلاثون شهرا). ومعنى فصاله فطامه.
وأقل ما يكون الحمل لستة أشهر.
والاختيار (وفصاله)، لأن الذي جاء في الحديث: إلا رضاع بعد الفصال " يعني بعد الفطام.
وقوله: (حتّى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة)
جاء في التفسير أن الأشد ثلاث وثلاثون سنة، وقيل الأشد ثماني عشرة سنة، وقيل الأشد بلوغ الحلم، والأكثر أن يكون ثلاثا وثلاثين، لأن الوقت الذي يكمل فيه الإنسان في بدنه وقوته واستحكام شبابه أن يبلغ بضعا وثلاثين سنة، وكذلك في تمييزه.
وقوله: (وأصلح لي في ذرّيّتي).
معناه اجعل ذرّيّتي صالحين.
وقوله: أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيّئاتهم في أصحاب الجنّة وعد الصّدق الّذي كانوا يوعدون (16)
(أولئك الّذين يتقبّل عنهم أحسن ما عملوا).
ويجوز (أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن ما عملوا).
فالقراءة (يتقبّل) و (نتقبّل)
وكذلك يتجاوز ونتجاوز، ويتقبّل جائز، ولا أعلم أحدا قرأ بها.
[معاني القرآن: 4/442]
وقوله: (وعد الصّدق الّذي كانوا يوعدون).
هذا منصوب لأنه مصدر مؤكد لما قبله، لأن قوله: أولئك الذين نتقئل عنهم أحسن ما عملوا. بمعنى الوعد، لأنه قد وعدهم الله القبول.
فوعد الصّدق توكيد لذلك.
وقوله تعالى: (والّذي قال لوالديه أفّ لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان اللّه ويلك آمن إنّ وعد اللّه حقّ فيقول ما هذا إلّا أساطير الأوّلين (17)
(أفّ لكما)
وقد قرئت (أفّ لكما) (أفّ لكما) وقد فسرنا ذلك في سورة بني إسرائيل.
وقوله: (أتعدانني أن أخرج).
ويقرأ (أن أخرج) ويجوز أتعداني بالإدغام، وإن شئت أظهرت النونين.
وإن شئت أسكنت الياء، وإن شئت فتحتها.
وقد رويت عن بعضهم أتعدانني - بالفتح. وذلك لحن لا وجه له، فلا تقرأنّ به، لأن فتح نون الاثنين خطأ، وإن حكي ذلك في شذوذ، فلا تحمل القراءة على الشذوذ.
ويروى أن قوله في الآية التي قبل هذه إلى قولك له: (أولئك الذين نتقبل عنهم) نزلت في أبي بكر رحمة اللّه عليه.
فأما قوله: (والّذي قال لوالديه أفّ لكما).
فقال بعضهم: إنها نزلت في عبد الرحمن قبل إسلامه، وهذا يبطله.
قوله: (أولئك الّذين حقّ عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجنّ والإنس إنّهم كانوا خاسرين (18)
[معاني القرآن: 4/443]
فأعلم اللّه أن هؤلاء قد حقت عليهم كلمة العذاب، وإذا أعلم بذلك فقد أعلم أنهم لا يؤمنون، وعبد الرحمن مؤمن، ومن أفاضل المؤمنين.
وسرواتهم.
والتفسير الصحيح أنها نزلت في الكافر العاق.
وقوله عزّ وجلّ: (ولكلّ درجات ممّا عملوا وليوفّيهم أعمالهم وهم لا يظلمون (19)
(وليوفّيهم)
(ولنوفّيهم) جميعا، بالنون والياء.
وقوله: (ويوم يعرض الّذين كفروا على النّار أذهبتم طيّباتكم في حياتكم الدّنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحقّ وبما كنتم تفسقون (20)
أكثر القراءة الفتح في النون والتفخيم في النار، وأكثر كلام العرب على إمالة الألف إلى الكسر، وبها يقرأ أبو عمرو (على النّار) يختار الكسر في الرّاء، لأن الراء عندهم حرف مكرر، فكان كسرته كسرتان.
وقوله عزّ وجلّ: (أذهبتم طيّباتكم)
بغير ألف الاستفهام، ويقرأ (أأذهبتم) - بهمزتين محققتين، وبهمزتين الثانية منهما مخففة، وهذه الألف للتوبيخ، التوبيخ إن شئت أثبت فيه الألف، وإن شئت حذفتها، كما تقول: " يا فلان أحدثت ما لا يحل لك جنيت على نفسك " إذا وبّختة.
وإن شئت: أأخذت ما لا يحل لك، أجنيت على نفسك.
وقوله عزّ وجلّ: (فاليوم تجزون عذاب الهون)
معناه الهوان.
وقوله - عز وجل -: (واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النّذر من بين يديه ومن خلفه ألّا تعبدوا إلّا اللّه إنّي أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (21)
(الأحقاف) رمال مستطيلة مرتفعة كالدكّاوات، وكانت هذه الأحقاف منازل عاد.
[معاني القرآن: 4/444]
وقوله: (وقد خلت النّذر من بين يديه ومن خلفه ألّا تعبدوا إلّا اللّه)
أي قد أنذروا بالعذاب إن عبدوا غير اللّه فيما تقدّم قبل إنذار هود.
وعلى لسان هود عليه السلام.
(إنّي أخاف عليكم عذاب يوم عظيم (21) قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقين (22)
أي لتصرفنا عنها بالإفك والكذب..
(فأتنا بما تعدنا) أي اثتنا بالعذاب الذي نعدنا، (إن كنت من الصّادقين)
(قال إنّما العلم عند اللّه وأبلّغكم ما أرسلت به ولكنّي أراكم قوما تجهلون (23)
أي هو يعلم متى يأتيكم العذاب
(وأبلّغكم ما أرسلت به) إليكم.
ويقرأ بالتخفيف وأبلغكم.
(ولكنّي أراكم قوما تجهلون)
أي أدّلّكم على الرّشاد وأنتم تصدّون وتعبدون آلهة لا تنفع ولا تضر.
وقوله: (فلمّا رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم (24)
أي فلما رأوا السحاب الذي نشأت منه الريح التي عذبوا بها قد عرضت في السماء، قالوا الذي وعدتنا به سحاب فيه الغيث والحياة والمطر.
فقال اللّه عزّ وجلّ: (بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم).
وقرأ بعضهم: " قل بل هو ما استعجلتم ".
وكانت الريح من شدتها ترفع الراعي مع غنمه، فأهلك اللّه قوم عاد بتلك الريح.
وقوله: (ممطرنا) لفظه لفظ معرفة، وهو صفة للنكرة، المعنى عارض ممطر إيّانا، إلا أن إيّانا لا يفصل ههنا.
وقوله: (فأصبحوا لا يرى إلّا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين (25)
[معاني القرآن: 4/445]
في هذا خمسة أوجه:
أجودها في العربية والقراءة، (لا يرى إلّا مساكنهم)
مساكنهم)، وتأويله لا يرى شيء إلّا مساكنهم لأنّهم قد أهلكوا.
ويجوز فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم فيكون المعنى لا ترى أشخاص إلا مساكنهم.
ويقرأ فأصبحوا ترى مساكنهم، أي لا ترى شيئا إلا مساكنهم.
وفيها وجهان بحذف الألف، فأصبحوا لا يرى إلا مسكنهم، ومسكنهم، ويجوز فأصبحوا لا ترى إلا مسكنهم.
يقال: سكن يسكن مسكنا ومسكنا.
وقوله عزّ وجلّ: (كذلك نجزي القوم المجرمين)
المعنى مثل ذلك نجزي القوم المجرمين أي بالعذاب.
وقوله: (ولقد مكّنّاهم فيما إن مكّنّاكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات اللّه وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون (26)
(ولقد مكّنّاهم فيما إن مكّنّاكم فيه)
(إن) ههنا في معنى " ما " و (إن) في النفي مع " ما " التي في معنى الّذي أحسن في اللفظ من " ما "، ألا ترى أنك لو قلت رغبت فيما ما رغبت فيه لكان الأحسن أن تقول: قد رغبت فيما إن رغبت فيه، تريد في الذي ما رغبت فيه، لاختلاف اللفظين.
وقوله عزّ وجل: (بل ضلّوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون (28)
أي دعاؤهم آلهتهم هو إفكهم، ويقرأ (أفكهم) بمعنى وذلك كذبهم وكفرهم، والأفك والأفك مثل النجس والنجس ويقرأ أفكهم، أي ذلك جعلهم ضلالا كافرين، أي صرفهم عن الحق، ويقرأ آفكهم أي جعلهم يأفكون، كما تقول: ذلك أكفرهم وأضلهم.
وقوله عزّ وجلّ: (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجنّ يستمعون القرآن فلمّا حضروه قالوا أنصتوا فلمّا قضي ولّوا إلى قومهم منذرين (29)
[معاني القرآن: 4/446]
أي قال بعضهم لبعض صه، ومعنى صه اسكت، ويقال إنهم كانوا تسعة نفر أو سبعة نفر، وكان فيهم زوبعة.
(فلمّا قضي ولّوا إلى قومهم منذرين)
أي فلما تلى عليهم القرآن حتى فرع منه، (ولّوا إلى قومهم منذرين)
ويقرأ (فلما قضاه).
(قالوا يا قومنا إنّا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدّقا لما بين يديه يهدي إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم (30)
أي يصدّق جميع الكتب التي تقدمته والأنبياء الذين أتوا بها.
وفي هذا دليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى الإنس والجنّ.
وقوله عزّ وجلّ (أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض ولم يعي بخلقهنّ بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنّه على كلّ شيء قدير (33)
دخلت الباء في خبر (إنّ) بدخول (أولم) في أول الكلام، ولو قلت:
ظننت أن زيدا بقائم لم يجز، ولو قلت: ما - ظننت أن زيدا بقائم جاز بدخول ما، ودخول أن إنما هو توكيد للكلام فكأنّه في تقدير أليس اللّه بقادر على أن يحيي الموتى فيما ترون وفيما تعلمونه.
وقد قرئت يقدر على أن يحيي الموتى، والأولى هي القراءة التي عليها أكثر القراء. وهذه جائزة أيضا.
وقوله عزّ وجلّ: (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرّسل ولا تستعجل لهم كأنّهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلّا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلّا القوم الفاسقون (35)
جاء في التفسير أن أولي العزم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد.
صلوات الله عليهم أجمعين.
[معاني القرآن: 4/447]
قوله: (لم يلبثوا إلّا ساعة من نهار بلاغ).
الرفع على معنى ذلك بلاغ.
والنصب في العربية جيد بالغ. إلا أنه يخالف المصحف، وبلاغا على معنى يبلغون بلاغا كما قال: (كتاب اللّه عليكم) منصوب على معنى:
(حرمت عليكم أمّهاتكم)، تأويله: كتب اللّه ذلك كتابا..
وقوله عزّ وجلّ: (فهل يهلك إلّا القوم الفاسقون).
تأويله أنه لا يهلك مع رحمة اللّه وتفضله إلا القوم الفاسقون ولو قرئت " فهل يهلك إلّا القوم الفاسقون " كان وجها.
ولا أعلم أحدا قرأ بها.
وما في الرجاء لرحمة اللّه شيء أقوى من هذه الآية.
وهي قوله: (فهل يهلك إلّا القوم الفاسقون).
[معاني القرآن: 4/448]


التوقيع :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المعاني, الواردة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir