الإمام عبد الحميد بن باديس
رائد النهضة الإسلامية في الجزائر
إسمه ونسبه:
عبد الحميد بن محمد المصطفى بن مكي بن باديس الصنهاجي ،
وينتهي نسبه إلى المعز بن باديس مؤسس الدولة الصنهاجية الأولى التي خلفت الأغلبية على مملكة القيروان.
والده: محمد المصطفى بن مكي بن باديس ،صاحب مكانة مرموقة وشهرة واسعة.
أمه: السيدة زهيرة بنت علي الأكحل بن جلول. [ تفسير ابن باديس،١] [ الصلاة على النبي ][ تفسير ابن باديس،٢][التفسير والمفسرون] [آثار ابن باديس ][معجم أعلام الجزائر]
مولده ونشأته:
ولد عبد الحميد ابن باديس في مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري يوم الأربعاء ١٠ ربيع الثاني سنة ١٣٠٨هـ الموافق ٤/١٢/١٨٨٩م.
نشأ بأسرة معروفة بالعلم والثراء والجاه.
تزوج و رزق بولد ولكنه مات صغيرا ولم يرزق غيره من الأبناء. [ تفسير ابن باديس،١] [ الصلاة على النبي ][ تفسير ابن باديس،٢][التفسير والمفسرون] [آثار ابن باديس ][معجم أعلام الجزائر]
شيوخه:
حفظ ابن باديس القرآن قبل أن يتم الثالثة عشر من العمر على يد الشيخ المداسي.
أخذ مبادئ العلوم الشرعية والعربية على الشيخ حمدان الونيسي.
وكذلك من شيوخه : الشيخ محمد النخيلي ،والشيخ الطاهر بن عاشور ،والشيخ محمد بن القضي ،والشيخ محمد الصادق النيفر،والشيخ بلحسن النجار، والشيخ أحمد الهندي ،والعلامة محمد بخيت المطيعي،والشيخ أبو الفضل الجيزاوي.[ تفسير ابن باديس،١] [ الصلاة على النبي ][ تفسير ابن باديس،٢][التفسير والمفسرون]
تلاميذه:
من تلاميذ الأمام :أحمد بوشمال ، كان عضد الأمام المفسر وصفيه وكاتبه المؤتمن على أسراره ، وهو الذي تصدي لنشر تفسير ابن باديس في كتاب مستقل بعد أن جرده من مجلة الشهاب التي كان ينشر فيها فواتح من تفسير الإمام التي كان يسميها مجالس التذكير.
ومن تلاميذه أيضا الأستاذ محمد الصالح رمضان ، و الشيخ امبارك الميلي ، والشيخ الفضيل الورثلاني، و الأستاذ موسى الأحمدي ، والأستاذ الهادي السنوسي ، والأستاذ محمد بن الصالح عتيق ، والأستاذ باعزيز بن عمر ، والأستاذ محمد الصالح رمضان .[ تفسير ابن باديس،١] [ الصلاة على النبي ][ تفسير ابن باديس،٢][التفسير والمفسرون]
أقوال العلماء فيه:
قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي فيه : " باني النهضتين العلمية والفكرية بالجزائر ، و واضع أسسها على صخرة الحق ، وقائد زحوفها المغيرة إلى الغيات العليا، وإمام الحركة السلفية ، ومنشئ مجلة [ الشهاب ] مرآة الإصلاح وسيف المصلحين، ومربي جيلين كاملين على الهداية القرآنية والهدي المحمدي وعلى التفكير الصحيح، ومحي دروس العلم بدروسه الحية ، ومفسر كلام الله على الطريقة السلفية في مجالس انتظمت ربع قرن ، وغارس بذور الوطنية الصحيحة ، وملقن مباديه ، عالم البيان وفارس المنابر ، الأستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس ".[ تفسير ابن باديس،١] [ الصلاة على النبي ]
و قال الشيخ الميلي : " الأستاذ العظيم والمرشد الحكيم ،عدتنا العلمية و عمدتنا الإصلاحية ".
وقال الشيخ الطيب العقبي : " المصلح الفذ ، والعلامة الذي ما أنجبت الجزائر منذ أحقاب مثله إلا قليلا " .[ تفسير ابن باديس،١] [ الصلاة على النبي ]
وقال الشيخ توفيق شاهين : " وهو مفسر ممتاز له استقلالية في الفهم والرأي ، يقرأ التفاسير ثم يجعل من عقله مصفاة لها ، فلا يخرج منها إلا ما صح ونفع ولاءم العصر، مع حسن عرض ، واستنباط واع ، واستنتاج للعبرة ، وحث على السنة، و إخماد لبدعة ، في أسلوب عصري ، وتطويل غير ممل وأيجاز غير مخل".[التفسير والمفسرون]
طلبه للعلم :
حفظ القرآن الشيخ عبد الحميد بن باديس القرآن قبل أن يتم الثالثة عشر من العمر ، ثم تلقى مبادئ العلوم الشرعية والعربة على الشيخ حمدان الونسي.
سافر إلي تونس ليلتحق بجامع الزيتونة بتونس ، فتتلمذ على خيرة علمائه كالشيخ محمد النخيلي والشيخ الطاهر بن عاشور وغيرهما ، وتخرج منه بشهادة التطويع [العالمية] عام ١٩١١م .
أجازه الشيخ بخيت من كبار علماء الأزهر بشهادة العالمية من الأزهر الشريف.[ تفسير ابن باديس،١] [ الصلاة على النبي ][ تفسير ابن باديس،٢][التفسير والمفسرون]
نبذة من أخباره:
يعتبر الإمام عبد الحميد بن باديس من كبار رجال الإصلاح والتجديد في الإسلام، والزعيم الروحي لحرب التحرير الجزائرية .
كان ابن باديس مناظرا مفحما ، ومربيا بناءا ، ومؤمنا متحمسا، ومجتهدا يرجع إلي أصول الإيمان الذهبية،
وهو كذلك وطني مؤمن تصدى عام ١٩٣٦م لزعيم سياسي نشر مقالا عنوانه [أنا فرنسا ] فرد عليه ردا حاميا قويا .
وكان شديد الحملات على الإستعمار ، وحاولت الحكومة الفرنسية في الجزائر إغراءه بتوليه رئاسة الأمور الدنية فامتنع، وضطهد وأوذي، وقاطعه إخوة له كانوا من الموظفين ، وقاومه أبوه ، وهو مستمر في جهاده .
باشر الإمام التعليم بالجامع الأخضر بمدينة قسنطينة ، وفيه أتم تفسير القرآن تدريسا في ربع قرن ، كما أتم شرح كتاب [الموطأ] للإمام مالك بن أنس رحمه الله تدريسا أيضا.
أصدر عدة جرائد من أشهرها [المنتقد]و[الشهاب ]و[السنة ]و[الشريعة]و[الصراط]و[البصائر] كلها لتبليغ الدعة السلفية .
كان من مؤسسي [جمعية العلماء المسلمين الجزائرين] في سنة ١٩٣١م وانتخب رئيسا لها.
أسس بمؤازرة أخوانه المصلحين المساجد والمدارس الحرة، والنوادي العلمية في شتى أنحاء الجزائر.
فشلت محاولة اغتياله ليلا بعد انصرافه من المسجد وعفا عن المجرم.[ تفسير ابن باديس،١] [ الصلاة على النبي ][ تفسير ابن باديس،٢][التفسير والمفسرون][آثار ابن باديس ][معجم أعلام الجزائر]
آثاره :
١: من أشرف آثار الإمام عبد الحميد بن باديس مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير، وهو العنوان الذي كان يضعه الإماملما كان يكتبه من تفسير بعض الآيات القرآنية الجامعة، ويجعله فواتح لأعداد مجلة الشهاب.
٢: من هدي النبوة أو مجالس التذكير من كلام البشير النذير صلى الله عليه وسلم .
٣:رجال السلف ونساؤه
٤: القصص الهادف
٥:العقائد القرآنية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية
٦: مبادئ الأصول
٧:رسالة جواب سؤال عن مقال
٨: التأفين لمنكرالتأبين .[ تفسير ابن باديس،١] [ الصلاة على النبي ][ تفسير ابن باديس،٢]
نماذج من تفسيره :
إن منهج ابن باديس في تفسير القرآن ومعرفة معانيه هو منهج الراسخين في العلم من أئمة السلف الذين لا يرتاب في كمال علمهم ، و أئمة الخلف الذين درجوا على هديهم.
و يتلخص هذ المنهج في تفسيرهم القرآن بالقرآن والسنة الصحيحة، و إلا فبأقوال الصحابة رضوان الله عليهم ، وإلا فبأقوال التابعين رحمهم الله ، و إلا فبلغة العرب التي نزل بها الوحي، وقد سار الإمام ابن باديس على هذ النهج الصحيح في تفسيره،وطبقه أحسن تطبيق .
ومن نماذج تفسيره :
١: تفسير قوله تعالى : { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَةً وَ سَلَاماً } سورة الفرقان ،آية ٧٥
يقول تحت عنوان: ( بيان القرآن للقرآن )
في هذه الآية أنهم يلقون تحية وسلاما ، و قد بين من يتلقاهم بذلك في قوله تعالى : { وَ قَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } سورة الزمر ، آية ٧٣ فالملائكة هم الذين يتلقونهم بالسلام والدعاء لهم بالطيب ، وهو مما يدخل في التحية ، لأن من طيبهم طيب حياتهم.
٢: تفسير قوله تعالى : { إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} سورة الإسراء ، آية ٧٨
يقول تحت عنوان : ( تفسير نبوي )
أخرج البخاري -رحمه الله تعالى في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه - قال : (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا ، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر )). ثم يقول أبو هريرة : فاقرؤوا إن شئتم : { إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} سورة الإسراء ، آية٧٨
فاستشهد أبو هريرة بآية على الحديث ليبين أنه مفسر لها ، و أن صلاة الفجر مشهودة تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.
وجاء عند أحمد عن ابن مسعود مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم .[ تفسير ابن باديس،١] [ الصلاة على النبي ]
وفاته :
توفي الشيخ الجليل عبد الحميد ابن باديس بعد حياة حافلة بجلائل الأعمال. توفي مساء الثلاثاء ٨ ربيع الأول سنة ١٣٥٩هـ الموافق ١٦/٤/١٩٤٠م ، إثر مرض قصير لم يطل، وحامت الأقاويل حول موته : فقيل : أنه مات مسموما ، وقيل : بل كان موته طبيعيا.
وهكذا موت العظماء. وبكته الجزائر كلها ، وخرجت الجزائر تشيعه إلى مثواه الأخير رغم ظروف الحياة القائمة.
دفن في روضة أسرته ، بحي الشهداء قرب مقبرة قسنطينة شرقي الجزائر .
رحمة الله عليه، وجزاه عن الإسلام وأهله خير الجزاء، و أسكنه فسيح جناته. [ تفسير ابن باديس،١] [ الصلاة على النبي ][ تفسير ابن باديس،٢][التفسير والمفسرون] [آثار ابن باديس ][معجم أعلام الجزائر]
المراجع
١: [ تفسير ابن باديس،١] مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير، الطبعة الأولى، ( ص ١١،١٢،١٣،١٤،٢٢،٢٣،٣٥،٣٦،٣٧،٣٨ )
تحقيق : أبو عبد الرحمن محمود
دار النشر : دار الرشيد للكتاب والقرآن الكريم ، الجزائر.
٢ : [ الصلاة على النبي ] الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ،( ص٢٥،٢٦،٢٧،٢٨،٢٩،٣٠)
للإمام عبد الحميد بن باديس
تحقيق : أبو عبد الرحمن محمود
دار النشر : مكتبة ابن باديس أو مكتبة الغرباء الأثرياء
٣ : [ تفسير ابن باديس،٢] في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير، ( ص ٥،٦،٧،١٠،١٤،١٥)
جمع وترتيب : د. توفيق محمد شاهين و محمد الصالح رمضان
علق عليه وخرج آياته وأحاديثه : أحمد شمس الدين
دار النشر : مكتبة الكتب العلمية ، بيروت لبنان
٤ : [التفسير والمفسرون] التفسير والمفسرون في غرب أفريقيا ، ( ص ٢٢٢-٢٢٣ )
تأليف : محمد بن رزق بن طهروني
دار النشر : دار ابن الجوزي
٥ : [آثار ابن باديس ] آثار ابن باديس ،المجلد الأول ، ( ص ١٠ )
المؤلف : د. عمار الطالبي
دار النشر: الشركة الجزائرية
٦ : [معجم أعلام الجزائر] معجم أعلام الجزائر ، ( ص ٢٨ )
تأليف: عادل نويهضي
دار النشر : مؤسسة نويهضي الثقافية للتأليف والترجمة والنشر، بيروت لبنان
أسأل الله التوفيق