دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > الرسالة التدمرية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 08:45 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الكلام في الصفات من باب الخبر، والكلام في الشرع والقدر من باب الطلب

فَالْكَلاَمُ فِي بَابِ التَّوْحِيدِ وَالصِّفَاتِ هُوَ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ الدَّائِرِ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَالْكَلاَمُ فِي الشَّرْعِ وَالْقَدَرِ هُوَ مِنْ بَابِ الطَّلَبِ وَالْإِرَادَةِ الدَّائِرِ بَيْنَ الْإِرَادَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَبَيْنَ الْكَرَاهَةِ وَالْبُغْضِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا.
وَالْإِنْسَانُ يَجِدُ فِي نَفْسِهِ الْفَرْقَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ، وَبَيْنَ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ، وَالْحَضِّ وَالْمَنْعِ، حَتَّى إِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا النَّوْعِ وَبَيْنَ النَّوْعِ الْآخَرِ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَصْنَافِ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْعِلْمِ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ، وَكَمَا ذَكَرَهُ الْمُقَسِّمُونَ لِلْكَلاَمِ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالنَّحْوِ وَالْبَيَانِ، فَذَكَرُوا أَنَّ الْكَلاَمَ نَوْعَانِ: خَبَرٌ، وَإِنْشَاءٌ، وَالْخَبَرُ دَائِرٌ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَالْإِنْشَاءُ: أَمْرٌ، أَوْ نَهْيٌ، أَوْ إِبَاحَةٌ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلاَ بُدَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يُثْبِتَ لِلَّهِ مَا يَجِبُ إِثْبَاتُهُ لَهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَيَنْفِي عَنْهُ مَا يَجِبُ نَفْيُهُ عَنْهُ مِمَّا يُضَادُّ هَذِهِ الْحَالَ. وَلاَ بُدَّ لَهُ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ أَنْ يُثْبِتَ خَلْقَهُ وَأَمْرَه، فَيُؤْمِنُ بِخَلْقِهِ الْمُتَضَمِّنِ كَمَالَ قُدْرَتِهِ، وَعُمُومَ مَشِيئَتِه، وَيُثْبِتُ أَمْرَهُ الْمُتَضَمِّنَ بَيَانَ مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ مِنَ القَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَيُؤْمِنُ بِشَرْعِهِ وَقَدَرِهِ إيمانًا خَالِيًا مِنَ الزَّلَلِ.
وَهَذَا يَتَضَمَّنُ التَّوْحِيدَ فِي عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَهُوَ التَّوْحِيدُ فِي الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ وَالْعَمَلِ، وَالْأَوَّلُ يَتَضَمَّنُ التَّوْحِيدَ فِي الْعِلْمِ وَالْقَوْلِ، كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ سُورَةُ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )، وَدَلَّتْ عَلَى الْآخَرِ سُورَةُ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) وَهُمَا سُورَتَا الْإِخْلاَصِ، وَبِهِمَا كَانَ يَقْرَأُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.


  #2  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 06:32 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تقريب التدمرية للشيخ: محمد بن صالح العثيمين


تقريبُ التدمريَّةِ
’’ فصـــلٌ ’’

الكلامُ في التَّوحيدِ والصِّفاتِ وفي الشَّرْعِ والقدرِ

الكلامُ في التَّوحيدِ والصِّفاتِ منْ بابِ الخبرِ، الدائرِ بينَ النَّفيِ والإثباتِ منْ قِبَلِ المُتَكَلِّمِ، المقابَلِ بالتصْديقِ أو التكذيبِ منْ قِبَلِ المخاطَبِ لأنَّهُ خبرٌ عما يَجبُ للهِ تعالى منَ التَّوحيدِ وكمالِ الصِّفاتِ، وعما يَستحيلُ عليهِ منَ الشِّرْكِ والنَّقْصِ ومماثَلةِ المخْلوقاتِ.
مثالُ
ذلكَ قوله تعالى: (اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ)([1]). ففي قولهِ: (لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ) إثباتُ التَّوْحيدِ، وفي قولِهِ (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) إثباتُ كمالِ الصِّفاتِ، وفي قولهِ (لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ) نفيُ النَّقائِصِ عَنِ اللهِ المتضمِّنِ لإِثباتِ الكمالاتِ.

وأمَّا الكلامُ في الشَّرْعِ والقدَرِ فهوَ منْ بابِ الطَّلَبِ، الدائِرِ بينَ الأمرِ والنَّهيِ منْ قِبَلِ المُتكلِّمِ، المقابَلِ بالطَّاعةِ أوِ المعصِيَةِ منْ قِبَلِ المُخاطَبِ، لأنَّ المطلوبَ إمَّا محبوبٌ للهِ ورسولِهِ فيكونُ مأموراً بِهِ، وإما مكروهٌ للهِ ورسولِهِ فيكونُ منهيًّا عنْهُ.
مثالُ ذلكَ قولُهُ تَعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)(2)
. ففي قولِهِ (اعْبُدُوا اللَّهَ) الأمرُ بعبادَةِ اللهِ، وفي قولِهِ (وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) النَّهْيُ عنِ الإِشراكِ بِهِ.

والفرقُ بينَ الخبرِ والطَّلَبِ في حقيقتيْهِمَا وحكمَيْهِمَا معلومٌ، فالواجبُ على العِبادِ إزاءَ خبرِ اللهِ ورسولِهِ: التصديقُ والإيمانُ بِهِ على ما أرادَ اللهُ ورسولُهُ تصديقاً لا تكذيبَ معهُ، وإيماناً لا كفْرَ معهُ، ويَقيناً لا شكَّ معهُ لقولِهِ تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً)([3]).
والواجبُ على العِبادِ إزاءَ الطَّلَبِ: امتثالُهُ على الوجْهِ الذيِ أرادَ اللهُ ورسولُهُ منْ غيرِ غُلوٍّ ولاَ تقصيرٍ، فيَقومونَ بالمأمورِ ويَجتنبونَ المحظورَ لقولِهِ تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لاَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)([4]).


1-سورة البقرة، الآية:255

2- سورة النساء، الآية: 36

3-سورة النساء، الآية: 136.

4-سورة الأنفال، الآية: 20.



  #3  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 06:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح مقاصد المصطلحات العلمية للشيخ: محمد بن عبد الرحمن الخميس


(2) (قَالَ) شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ:
"فالكلامُ في بابِ التوحيدِ والصفاتِ هو في بابِ الخبرِ الدائرِ بينَ النَّفْيِ والإثباتِ"

الشرحُ:
أَقُولُ: مَعْنَاهُ: أنَّ صفاتِ اللَّهِ تَعَالَى نَوْعَانِ:

الأَوَّلُ: صِفَاتٌ سَلْبِيَّةٌ:
وهي صفاتٌ تَسْلُبُ النقائصَ والعيوبَ عن اللَّهِ تَعَالَى مع إثباتِ أَضْدَادِهَا الكاملةِ.
نحوَ: { لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ}
فَاللَّهُ تَعَالَى لا يَعْتَرِيهِ نَوْمٌ لِكَمَالِ قَيُّومِيَّتِهِ.

الثاني: صفاتٌ ثُبُوتِيَّةٌ:
وهي صفاتٌ تُثْبِتُ للهِ تَعَالَى الكمالَ المُطْلَقَ
نحوَ: "الحياةِ والسمعِ والبصرِ والقدرةِ والعلمِ ونَحْوِهَا"

(3) (قَالَ) شَيْخُ الْإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ:
".. هوَ مِن بابِ الخبرِ.."

الشرحُ:
مَعْنَاهُ أنَّ نُصُوصَ الشرعِ نوعانِ:

الأَوَّلُ: هو خَبَرٌ عن اللَّهِ تَعَالَى بِذِكْرِ صفاتِهِ وأفعالِهِ وأسمائِهِ، وخبرٌ عن الرسلِ والكُتُبِ وأمورِ الآخِرَةِ.
وهذا النوعُ من بابِ العقائدِ،؛ لأَنَّهُ إخبارٌ إمَّا إِثْبَاتًا نحوَ: اللَّهُ تَعَالَى فوقَ عَرْشِهِ عالٍ على خلقِهِ، واللَّهُ على العرشِ اسْتَوَى، وهذا من بابِ الإيجابيَّاتِ.
وإمَّا نَفْيًا نحوَ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.
فهوَ خبرٌ ولكنْ فيهِ نَفْيُ المِثْلِيَّةِ عن اللَّهِ تَعَالَى.
وهذا النوعُ يُسَمَّى أَيْضًا العِلْمِيَّاتِ؛ لأَنَّهُ من قَبِيلِ العلمِ دُونَ العملِ؛ لأَنَّ الأخبارَ عِلْمٌ.

الثَّانِي: هو إِنشاءٌ: وهو أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَلَيْسَ طَلَبًا. نحو { أَقِيمُوا الصَّلاَةَ }، { وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا }
وهذا النوعُ يُسَمَّى أَيْضًا العَمَلِيَّاتِ وَالْأَحْكَامَ

(4) (قَالَ) شَيْخُ الْإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ:
"والكلامُ في الشرعِ والقَدَرِ هو مِن بابِ الطلبِ والإرادةِ"

الشرحُ:
مَعْنَاهُ أنَّ الشرعَ مُشْتَمِلٌ على أَمْرٍ ونَهْيٍ وإباحةٍ، وهي مِن بابِ الطلبِ والإِنشاءِ.
والمرادُ من الشرعِ هَهُنَا الأحكامُ العَمَلِيَّةُ.
نحوَ { أَقِيُموا الصَّلاَةَ }، { وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ }
وكذلكَ هذهِ الأحكامُ مِن بابِ الإرادةِ الدائرةِ بينَ المَحَبَّةِ والكراهِيَةِ، فالأوامرُ كُلُّهَا من بابِ المحبَّةِ، والنواهي كُلُّهَا مِن بابِ الكراهيَةِ.

(5) (قَالَ) شَيْخُ الْإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ:
"... وأمَّا الكلامُ في القدرِ":

الشرحُ:
فَقَدْ صَرَّحَ شَيْخُ الْإِسْلاَمِ في كلامِهِ هذا بأنَّهُ من بابِ الطلبِ والإرادةِ:
ولكنْ أَقُولُ: إِنَّ هذا يَحْتَاجُ إلى تفصيلٍ:
وهو أنَّ القدرَ لهُ جهتانِ؛ جهةُ الإخبارِ، وجهةُ الإرادةِ.
فالقدرُ من جهةِ الإخبارِ – هو مِن بابِ الخبرِ نَفْيًا أو إِثْبَاتًا، فإذا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَدَّرَ كذا وكذا – أو أَنَّهُ ليس بكذا، فهوَ من بابِ الخبرِ.

وأمَّا نَفْسُ القَدَرِ – فَهُوَ من بابِ الإرادةِ.
فاللَّهُ تَعَالَى قد أَرَادَ أشياءَ وَأَحَبَّهَا فَقَدَّرَهَا كَوْنًا وأَرَادَهَا شَرْعًا.
وأرادَ أشياءَ لم يُحِبَّهَا فَقَدَّرَهَا كَوْنًا, ولم يُرِدْهَا شَرْعًا.

(6) (قَالَ) شَيْخُ الْإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَرَحِمَهُ اللَّهُ:
(وهوَ التوحيدُ في القصدِ والإرادةِ والعملِ، والأَوَّلُ يَتَضَمَّنُ التوحيدَ في العلمِ والقولِ)


الشرحُ:
مَعْنَاهُ أَنَّ التوحيدَ نَوْعَانِ:
توحيدُ العبادةِ والأُلُوهِيَّةِ وهو توحيدُ اللَّهِ تَعَالَى بأفعالِ العبدِ، فالعبدُ لا يَعْبُدُ إِلاَّ اللَّهَ, ولا يُعَبَّدُ إِلاَّ لَهُ.
فالعبدُ لا يَقْصِدُ بأفعالِهِ إِلاَّ اللَّهَ – عَزَّ وَجَلَّ – ولا يُرِيدُ بأعمالِهِ إِلاَّ اللَّهَ تَعَالَى، فهذا النوعُ مِن التوحيدِ يَتَضَمَّنُ القصدَ والعملَ والإرادةَ.
وهوَ توحيدٌ عَمَلِيٌّ فِعْلِيٌّ قَوْلِيٌّ مَالِيٌّ بَدَنِيٌّ قَصْدِيٌّ إِرَادِيٌّ

والنوعُ الآخَرُ: هو توحيدُ الصفاتِ.
فهوَ عِلْمٌ واعتقادٌ بأنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُتَّصِفٌ بالصفاتِ الكماليَّةِ التامَّةِ، ومُنَزَّهٌ عن العيوبِ والنقائِصِ
فهذا التوحيدُ عِلْمِيٌّ اعْتِقَادِيٌّ خَبَرِيٌّ
وهوَ توحيدٌ قَوْلِيٌّ أَيْضًا؛ لأَنَّهُ لا بُدَّ فيهِ من القولِ باللسانِ مع الاعتقادِ بالجَنَانِ.
ومِن هذهِ الناحيةِ دَخَلَ القولُ في النوعِ الأَوَّلِ أَيْضًا؛ لأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى بأسمائِهِ وصفاتِهِ نَوْعٌ من القولِ، وهو عبادةٌ في الوقتِ نفسِهِ.
فهذهِ اصطلاحاتٌ ولِكُلِّ مصطلحٍ وجهٌ وتَوْجِيهٌ، ثم الاعتقادُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُسْتَحِقٌّ للعبادةِ، يَدْخُلُ في النوعِ الثاني من التوحيدِ.
لأَنَّ هذا مِن بابِ العملِ والقولِ والإخبارِ، وعبادةُ اللَّهِ تَعَالَى بِتَوْحِيدِ الصفاتِ تَدْخُلُ في النوعِ الأَوَّلِ من التوحيدِ وهو توحيدُ الألوهيَّةِ وتوحيدُ العملِ والإرادةِ.


  #4  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 06:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التحفة المهدية للشيخ: فالح بن مهدي الدوسري


قولُهُ:
فالكلامُ في بابِ (التوحيدِ والصفاتِ) هو مِن بابِ الخبرِ الدائرِ بينَ النَّفْيِ والإثباتِ، (والكلامُ في الشرْعِ والقَدَرِ) هو من بابِ الطلبِ والإرادةِ، الدائرِ بينَ الإرادةِ والمَحَبَّةِ، وبينَ الكَرَاهَةِ والبُغْضِ نَفْياً وإثباتاً، والإنسانُ يَجِدُ في نفسِهِ الفَرْقَ بينَ النفيِ والإثباتِ، والتصديقِ والتكذيبِ، وبينَ الحُبِّ والبُغْضِ، والحَضِّ والمَنْعِ، حتى إنَّ الفَرْقَ بينَ هذا النوعِ وبينَ النوعِ الآخَرِ معروفٌ عندَ العامَّةِ والخاصَّةِ، وعندَ أصنافِ المتكلمينَ في العلمِ، كما ذَكَرَ ذلك الفقهاءُ في كتابِ الأيمانِ، وكما ذَكَرَهِ المُقسِّمونَ للكلامِ، مِن أهلِ النَّظَرِ، والنحْوِ، والبيانِ، فذكَروا أنَّ الكلامَ نوعانِ: خبرٌ وإنشاءٌ، والخبرُ دائرٌ بينَ النَّفْيِ والإثباتِ، والإنشاءُ أَمْرٌ، أو نَهْيٌ، أو إِبَاحَةٌ.

الشرحُ:
(الخبرُ) معناهُ: الكلامُ المُخْبَرُ بهِ كَمَا في قولِهم: الخبرُ هو الكلامُ المُحْتَمِلُ للصدقِ والكذبِ، فالخبرُ هو ما يَحْتَمِلُ الصدقَ والكذبَ لذاتِهِ، ويجوزُ أنْ يُثْبَتَ, كما يَجُوزُ عليه أن يُنْفَى مع قَطْعِ النَّظَرِ عن قائلِهِ، وذَكَرَ المؤلِّفُ أنَّ التوحيدَ الطلبيَّ الإراديَّ مُنْقَسِمٌ إلى مطلوبٍ مُرَادٍ، وإلى ممنوعٍ مُبْغَضٍ.

وقولُهُ في الأولِ: (نَفْيًا وإثباتاً) معناهُ: أنَّ منهُ ما يَثْبُتُ كإثباتِ أنَّ اللهَ الخالقُ الرازقُ الموصوفُ بصفاتِ الكمالِ، ومنهُ ما يُنْفَى كَنَفْيِ الشريكِ لهُ والمِثْلِ والكُفْؤِ.

وقولُهُ: (كما ذَكَرَهُ الفقهاءُ في كتابِ الأيمانِ) يعني: عندَ ذِكْرِهِمْ أنَّ اليمينَ لاَ بُدَّ أنْ تكونَ على مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ, فلا تَنْعَقِدُ على مَاضٍ كاذِباً عالِماً بهِ، وهي الغَمُوسُ، أو ظَانًّا صِدْقَ نَفْسِهِ، فَيَتَبَيَّنُ بخلافِهِ، ومعناهُ في الثاني أنَّ منهُ ما هو مُثْبَتٌ كالأوامرِ، فهي مرادٌ مطلوبٌ فِعْلُهَا، ومَنْفِيٌّ كالنواهِي، فَفِعْلُهَا مَكْرُوهٌ مُبْغَضٌ مَمْنُوعٌ.
وَذَكَرَ أنَّ الفرقَ بين الإثباتِ والنفيِ، والتصديقِ والتكذيبِ، وبينَ المَحْبُوبِ المرادِ، وبينَ المكروهِ المُبْغَضِ، معروفٌ لدَى كلِّ أحدٍ، مُسْتَقِرٌّ في الفِطَرِ، وقد نَصَّ على ذلكَ الفقهاءُ، والأصوليونَ، والباحثونَ في قواعدِ اللغةِ العربيَّةِ والبلاغةِ؛ فإنَّ صِحَّةَ هذا التقسيمِ اللفظيِّ تابعٌ لصِحَّةِ انقسامِ المَدْلُولِ المَعْنَوِيِّ؛ فإنَّ هذه حقائقُ ثابتةٌ في نفسِهَا؛ مَعْقُولَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ، يُمَيِّزُ العقلُ بينها، ويحكُمُ بِصِحَّةِ أقسامِهَا.

فالمقصودُ أنَّ معانيَ الكلامِ: إمَّا طَلَبٌ، والطلبُ أَمْرٌ ونَهْيٌ, وهو الإنشاءُ,وَإِمَّا خَبَرٌ وهو ما يَصِحُّ إثباتُهُ كما يَصِحُّ نفيُهُ لذاتِهِ، فَمِن الطلبيِّ الإراديِّ توحيدُ (الشرْعِ والقَدَرِ)، فمنهُ ما هو مطلوبٌ مرادٌ محبوبٌ كالتوحيدِ وسائرِ الطاعاتِ، ومنهُ ما هو مُبْغَضٌ ممنوعٌ كالشِّرْكِ والمَعَاصِي. ومِن الخَبَرِيِّ (توحيدُ الرُّبُوبِيَّةِ والأسماءِ والصفاتِ)، فمنهُ ما يُثْبَتُ, كأوصافِ الكَمَالِ ونُعُوتِ الجلالِ، ومنهُ ما يُنْفَى كنَفْيِ النَّقْصِ والعيوبِ والشريكِ والمَثِيلِ.

قولُهُ:
وإذا كانَ كذلكَ، فلاَ بُدَّ للعبدِ أنْ يُثْبِتَ للهِ ما يَجِبُ إثباتُهُ لهُ من صفاتِ الكمالِ، ويَنْفِيَ عنهُ ما يَجِبُ نَفْيُهُ عندَ ما يُضَادُّ هذه الحالَ، ولاَ بُدَّ لهُ في أحكامِهِ مِن أنْ يُثْبِتَ خَلْقَهُ وأمْرَهُ، فَيُؤْمِنَ بِخَلْقِهِ المُتَضَمِّنِ كَمَالَ قُدْرَتِهِ، وعُمُومَ مَشِيئَتِهِ، وَيُثْبِتَ أمْرَهُ المُتَضَمِّنَ بيانَ ما يُحِبُّهُ ويَرْضَاهُ، مِن القولِ والعملِ، ويُؤْمِنَ بشرعِهِ وقَدَرِهِ إيماناً خالِياً من الزَّلَلِ.

الشرْحُ
يقولُ المؤلِّفُ: وإذا كانَ الخبرُ مُنْقَسِماً إلى مَنْفِيٍّ ومُثْبَتٍ، والطلبُ إلى محبوبٍ مُرَادٍ ومُبْغَضٍ ممنوعٍ، فَيَجِبُ في بابِ الصفاتِ أنْ يُثْبِتَ للهِ مِن الأسماءِ الحُسْنَى، والصفاتِ الكاملةِ العُلْيَا، ما وَصَفَ بهِ نَفْسَهُ، وما وَصَفَهُ بهِ رسولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا أنَّهُ يَجِبُ نَفْيُ النَّقَائِصِ والعيوبِ عن اللهِ سبحانَهُ.
وسيأتي شَرْحُ هذه الجملةِ إنْ شاءَ اللهُ تعالى؛ إذِ الكلامُ على هذا الأصلِ هو جُلُّ موضوعِ هذه الرسالةِ.

وأمَّا الأصلُ الثاني: وهو (توحيدُ الشَّرْعِ والقَدَرِ) فَيَجِبُ أنْ يُثْبِتَ للهِ, ويُسَلِّمَ لهُ ما شَرَعَهُ من أحكامٍ، وَيُؤْمِنَ بِقَدَرِهِ السابقِ؛ فإنَّ الإيمانَ بالقَدَرِ مُرْتَبِطٌ بامتثالِ الشرْعِ، وامتثالَ الشَّرْعِ مُرْتَبِطٌ بالإيمانِ بالقَدَرِ، وانْفِكَاكَ أحَدِهِمَا مِن الآخرِ مُحَالٌ؛ فإنَّ الإقرارَ بالقدَرِ مع الاحتجاجِ بهِ على الشرْعِ ومحاربتِهِ بهِ مُخَاصَمَةٌ للهِ تعالى في أمْرِهِ وشرْعِهِ، وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، وثوابِهِ وعقابِهِ، وطَعْنٌ في حِكْمَتِهِ وعَدْلِهِ، وانْتِقَادٌ عليهِ في إرسالِ الرُّسُلِ، وإنزالِ الكُتُبِ،ونسبةُ أحْكَمِ الحاكمينَ وأَعْدَلِ العادلينَ إلى العَبَثِ والظُّلْمِ في ذلكَ كلِّهِ، وكذلكَ الانقيادُ للشرعِ مع نَفْيِ القَدَرِ وإخراجِ أفعالِ العبادِ عن قدرةِ البَارِي، وَجَعْلِهِمْ مُسْتَقِلِّينَ مُسْتَغْنِينَ عنهُ؛ طَعْنٌ في رُبُوبِيَّةِ المَعْبُودِ وَمَلَكُوتِهِ، ونسبَتُهُ إلى العَجْزِ، فالإيمانُ بالقَدَرِ خيرِهِ وشرِّهِ هو نظامُ التوحيدِ، كما أنَّ الإتيانَ بالأسبابِ التي تُوَصِّلُ إلى خيرِهِ، وتَحْجِزُ عن شَرِّهِ، واستعانةَ اللهِ عليهما (هو نظامُ الشَّرْعِ), ولا يَنْتَظِمُ أمْرُ الدينِ, ولاَ يَسْتَقِيمُ إلاَّ لِمَنْ آمَنَ بالقدرِ, وامْتَثَلَ الشرعَ، كما قَرَّرَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإيمانَ بالقدرِ، ثم قالَ لَمَّا قِيلَ لَهُ: أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا, وَنَدَعُ العَمَلَ؟ قَالَ: ( لاَ، اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ).

فمن نَفَى القدرَ, وزَعَمَ مُنَافَاتَهُ للشرعِ فقدْ عَطَّلَ اللهَ عن علمِهِ وقدرتِهِ ومعانِي رُبُوبِيَّتِهِ، وجَعَلَ العبدَ مُسْتَقِلاّ بأفعالِهِ، خالِقًا لَهَا، فَأَثْبَتَ خَالِقًا آخَرَ مع اللهِ تعالى، بلْ أَثْبَتَ أنَّ جميعَ المخلوقينَ خالقونَ، ومَن أَثْبَتَهُ مُحْتَجًّا بهِ على الشرعِ مُحَارِباً لهُ بهِ، نافِياً عن العبدِ قدرتَهَ التي مَنَحَهُ اللهُ تعالى إيَّاهَا وأَمَرَهُ ونَهَاهُ، فقدْ نَسَبَ اللهَ تعالى إلى الظُّلْمِ، وإلى العَبَثِ، إلى مَا لاَ يَلِيقُ بهِ، فالمؤمنونَ حَقًّا يؤمنونَ (بالقدرِ خيرِهِ وشرِّهِ) وأنَّ اللهَ تعالى خَالِقٌ ذلكَ كُلَّهُ، لا خَالقَ غيرُهُ، ولا رَبَّ سِوَاهٌ، ويَنْقَادُونَ للشرعِ أمْرِهِ وَنَهْيِهِ، ويُصَدِّقُونَ خَبَرَ الكتابِ والرسولِ, ويُحَكِّمُونَهُ في أَنْفُسِهِمْ سِرًّا وَجَهْراً, وَهَذا هو الإيمانُ الخالِي مِن الزَّلَلِ.

قولُهُ:
وهذا يَتَضَمَّنُ (التوحيدَ في عبادتِهِ) وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وهو التوحيدُ في القَصْدِ والإرادةِ والعَمَلِ، والأوَّلُ يَتَضَمَّنُ (التوحيدَ في العلمِ والقولِ), كما دَلَّ على ذلكَ سُورَةُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَدَلَّ على الآخَرِ سورةُ {قُلْ يا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} وَهُمَا سُورَتَا الإخلاصِ، وبِهِمَا كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بعدَ الفاتحةِ في رَكْعَتَي الفَجْرِ، ورَكَعْتَيِ الطَّوَافِ،وغيرِ ذلكَ.

الشرْحُ:
الإشارةُ في قولِهِ: (وهذا) راجعةٌ إلى توحيدِ الشرْعِ والقَدَرِ، وكما يُسَمَّى ذلكَ يُسَمَّى أيضاً التوحيدَ الطَّلَبيَّ والإراديَّ، وتوحيدَ العبادةِ، وتوحيدَ الأُلوهيَّةِ، والتوحيدَ الفعليَّ نسبةً إلى أفعالِ العبادِ، وتوحيدَ القصدِ والعملِ، فهذه كُلُّهَا ألقابٌ لهذا النوعِ، وقولُهُ: (والأوَّلُ) يعني (توحيدَ الرُبُوبِيَّةِ والأسماءِ والصفاتِ) السابقَ ذِكْرُهُ في كلامِهِ رَحِمَهُ اللهُ، ويُسَمَّى هذا النوعُ التوحيدَ العِلْمِيَّ القَوْلِيَّ، والعِلْمِيَّ الخَبَرِيَّ، وتوحيدَ الرُّبُوبِيَّةِ، والأسماءِ والصفاتِ، وتوحيدَ المعرفةِ والإثباتِ.
والإشارةُ في قولِهِ: (كما دَلَّ على ذلِكَ) رَاجِعَةٌ إلى (تَوَحُّدِ الرُّبُوبِيَّةِ، والأسماءِ والصفاتِ).

وقولُهُ: (وَدَلَّ على الآخَرِ) يَعْنِي (وهو توحيدُ العبادَةِ).

وقولُهُ: (وَهُمَا سُورَتَا الإخلاصِ) الضميرُ راجِعٌ إلى سورةِ:{قُلْ هوَ اللهُ أَحَدٌ} وسورةِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَسُمِّيَتَا سُورَتَيِ الإخلاصِ؛ لأنَّ في سورةِ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} وَصْفَ اللهِ سبحانَهُ بالوحدانيَّةِ، والصَّمَدِيَّةِ، ونَفْيَ الْكُفْؤِ عَنْهُ وَالمِثْلِ، فاسْمُهُ الأحدُ دَلَّ على أنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لجميعِ صفاتِ الكمالِ وَحْدَهُ، وسورةُ{قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} فيها إيجابُ عبادتِهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ، والتَّبَرِّي من عبادةِ كلِّ ما سِوَاهُ، وأمَّا مِن حيثُ الدلالةُ (فَقُلْ يا أَيُّهَا الكَافِرُونَ) مُتَضَمِّنَةٌ للتوحيدِ العَمَلِيِّ الإراديِّ، وهو (إخلاصُ الدينِ للهِ بالقَصْدِ والإرادَةِ) وأمَّا سورةُ {قُلْ هوَ اللهُ أَحَدٌ} فَمُتَضَمِّنَةٌ لِلتَّوْحِيدِ القوليِّ العِلْمِيِّ, كما ثَبَتَ في الصحيحينِ, عن عائشةَ (رَضِيَ اللهُ عنها), أنَّ رجلاً كانَ يَقْرَأُ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} في صلاتِهِ، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( سَلُوهُ لِمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ؟ ) فقالَ: لأنَّهَا صِفَةُ الرحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا. فَقالَ: ( أَخْبِرُوهُ أنَّ اللهَ يُحِبُّهُ ).
فـ(قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ) اشْتَمَلَتْ على التوحيدِ العَمَليِّ نَصًّا؛ وهي دالةٌ على العمليِّ لُزُومًا و {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} اشْتَمَلَتْ على التوحيدِ القوليِّ نَصًّا، وهي دالةٌ علىالتوحيدِ العَمَليِّ لُزُوماً.

ولا يَتِمُّ أَحَدُ التوحيدَيْنِ إلا بالآخَرِ، والظاهرُ أنَّ السِّرَّ في قراءتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سورةَ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} وسورةَ {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} في رَكْعَتَيِ الطوافِ؛ أنَّهُ لِاسْتِحْضَارِ عَظَمَةِ اللهِ، وإشعارِ القلبِ أنَّ الطوافَ بالكعبةِ ليسَ عبادةً لها، وإنَّمَا هو عبادةٌ للهِ الأحَدِ الصَّمَدِ الذي لا يَسْتَحِقُّ العبادةَ سواهُ، وإنَّمَا الطوافُ كسائرِ العباداتِ امْتِثَالاً لأمرِ اللهِ وشرعِهِ، على حَدِّ قَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا قَبَّلَ الحَجَرَ الأسودَ: (واللهِ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ ولاَ تَنْفَعُ، وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ).

وقولُهُ: (وغيرِ ذلكَ) يَعْنِي: كالمغربِ والوِتْرِ؛ فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يقرأُ بهما في ذلكَ؛ لأنَّ المغربَ خاتمةُ النهارِ، والوترَ خاتمةُ عَمَلِهِ بالليلِ، كما كانَ يقرأُ بهما فى الفَجْرِ؛ ليكونَ أوَّلُ نَهَارِهِ توحيداً.



  #5  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 06:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التوضيحات الأثرية للشيخ: فخر الدين بن الزبير المحسِّي


توضيحُ الأصلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَدورُ عليهما الرسالةُ
قولُه: ( فالكلامُ في بابِ التوحيدِ والصِّفاتِ هوَ منْ بابِ الخبَرِ الدائرِ بينَ النفيِ والإثباتِ، والكلامُ في الشرْعِ والقدَرِ هوَ منْ بابِ الطَّلَبِ والإرادةِ الدائرِ بينَ الإرادةِ والْمَحَبَّةِ، وبينَ الكَرَاهَةِ والبُغْضِ، نَفْيًا وإِثباتًا ) .

التوضيحُ

يَذْكُرُ شيخُ الإسلامِ مُقَدِّمَةً حولَ الأصلَيْنِ اللَّذَيْنِ هما موضوعُ الرسالةِ، فيَقولُ:
أوَّلاً: إنَّ الكلامَ في الأصْلِ الأوَّلِ، وهوَ التوحيدُ والصِّفاتُ، منْ بابِ الْخَبَرِ.
ويَقْصِدُ بالتوحيدِ هنا الربوبيَّةَ، فيكونُ قدْ جَمَعَ في هذا الأصْلِ بينَ توحيدِ الربوبيَّةِ وتوحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ.
ويَقْصِدُ بالخبَرِ ما احْتَمَلَ الصدْقَ والكَذِبَ لِذَاتِه بِقَطْعِ النظَرِ عمَّنْ أُضِيفَ إليه، فإذا أُضِيفَ إلى اللَّهِ ورسولِه قُطِعَ بصِدْقِه.
والمقصودُ أنَّ هذا الأصْلَ أخبارٌ، إمَّا أنْ تَأْتِيَ بالإثباتِ كقولِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }، أوْ بالنَّفْيِ كقولِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } .

ثانيًا: والكلامُ في الأصْلِ الثاني، وهوَ الشرْعُ والقَدَرُ، منْ بابِ الطلَبِ والإرادةِ.
ويَقْصِدُ بالشرْعِ الأحكامَ الشرعيَّةَ، وهوَ توحيدُ الْأُلوهيَّةِ؛لأنَّهُ إفرادُ اللَّهِ بالعِبادةِ على وَفْقِ ما شَرَعَ.
ورَبَطَ شيخُ الإسلامِ بينَ الشرْعِ والقَدَرِ للتَّلاَزُمِ بينَهما، فمَنْ أَقَرَّ بالشَّرْعِ وأَنْكَرَ القَدَرَ فقدْ طَعَنَ في ربوبيَّةِ اللَّهِ ومَلَكُوتِه، ونَسَبَهُ إلى الْعَجْزِ، ومَنْ أَقَرَّ بالقَدَرِ وأَنْكَرَ الشرْعَ فقدْ طَعَنَ في حِكْمَةِ اللَّهِ وعَدْلِه.

وقولُه: ( مِنْ بابِ الطلَبِ والإرادةِ )، أيْ: أنَّ الكلامَ في الشرْعِ منْ بابِ الطلَبِ؛ فإنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُخَاطِبُ عِبادَهُ بالشرْعِ، فإمَّا أنْ يَنْهَاهُمْ، وإمَّا أنْ يَأْمُرَهُم، وهذا هوَ الطلَبُ؛ الأوامرُ والنواهِي. فإنْ أَمَرَهُمْ بأمْرٍ شَرْعِيٍّ دَلَّ ذلكَ على إرادتِه وحُبِّهِ للمأمورِ بهِ، وإنْ نَهَاهُمْ دَلَّ ذلكَ على بُغْضِه وكُرْهِه لِلْمَنْهِيِّ عنه، فالأَمْرُ فيهِ إثباتٌ، والنَّهْيُ فيهِ نَفْيٌ.

ملحوظةٌ: والذي يَظْهَرُ لي أنَّ القَدَرَ ليسَ منْ بابِ الطلَبِ، وإنَّما هوَ منْ بابِ الْخَبَرِ، فهوَ منْ مباحثِ الإيمانِ. وإنَّما أَدْخَلَهُ شيخُ الإسلامِ معَ الشرْعِ لسَبَبَيْنِ:

أوَّلُهما: للتَّلاَزُمِ بينَ الشرْعِ والقَدَرِ كما سَبَقَ.

ثانيهما: لأنَّ القَدَرَ دائرٌ بينَ الإرادةِ والْمَحَبَّةِ، والكَرَاهِيَةِ والبُغْضِ، فيَتَّفِقُ معَ الشرْعِ منْ هذا الوجْهِ، واللَّهُ تعالى أَعْلَمُ.

الفَرْقُ بينَ الْخَبَرِ والطَّلَبِ
قولُه: ( الإنسانُ يَجِدُ في نفسِه الْفَرْقَ بينَ النفْيِ والإثباتِ والتصديقِ والتكذيبِ، وبينَ الحُبِّ والبُغْضِ والْحَضِّ والْمَنْعِ، حتَّى إنَّ الفَرْقَ بينَ هذا النوعِ وبينَ النوعِ الآخَرِ معروفٌ عندَ العامَّةِ والخاصَّةِ، مَعروفٌ عندَ أَصنافِ الْمُتَكَلِّمِينَ في العِلْمِ، كما ذَكَرَ ذلكَ الفُقَهَاءُ في كتابِ الأَيْمانِ، وكما ذَكَرَه الْمُقَسِّمُونَ للكلامِ منْ أهْلِ النظَرِ والنَّحْوِ والبَيانِ، فذَكَرُوا أنَّ الكلامَ نوعانِ: خبرٌ وإنشاءٌ، والخبَرُ دائرٌ بينَ النَّفْيِ والإثباتِ، والإنشاءُ: أمْرٌ أوْ نَهْيٌ أوْ إِباحَةٌ ).

التوضيحُ

إنَّ الإنسانَ يَعْلَمُ في نفسِه ويَشْعُرُ بالفَرْقِ بينَ النَّفْيِ والإثباتِ والتصديقِ والتكذيبِ الداخِلِينَ على الخبَرِ، وبينَ الْحُبِّ والبُغْضِ والْحَضِّ والْمَنْعِ الدَّاخِلِينَ على الأوامِرِ والنواهِي، وهيَ الطَّلَبُ. والخبَرُ تارةً يكونُ نَفْيًا وتَارةً إثباتًا، وتارةً يكونُ صِدْقًا وتَارةً كَذِبًا. والطَّلَبُ تَارةً يكونُ أَمْرًا وتَارةً نَهْيًا، وتَارةً يكونُ مَحْبُوبًا وتَارةً مَبغوضًا. وهذا الفَرْقُ مَعلومٌ عندَ عامَّةِ الناسِ وعندَ الْمُتَخَصِّصِينَ في أصنافِ العلومِ، ومِنْ أَمْثِلَتِهِمْ:

أوَّلاً: الفُقَهَاءُ: فإنَّهُم يَذْكُرُونَ الْخَبَرَ والطلَبَ والإنشاءَ عندَ كلامِهم عن الأَيْمانِ، فيقولونَ: اليمينُ قِسمانِ:

1- يمينٌ على مُسْتَقْبَلٍ، وهذا إنشاءٌ لا يَدْخُلُه الصدْقُ والكَذِبُ، وهيَ التي تُسَمَّى بالْمُنْعَقِدَةِ، وتَدْخُلُها الكفَّارَةُ معَ الْحِنْثِ.

2- يمينٌ على خَبَرٍ في الماضي، فإنْ كانتْ كاذبةً سُمِّيَتْ بالغَمُوسِ ولم تَدْخُلْهَا الكَفَّارَةُ.

ثانيًا: أهْلُ النَّظَرِ من الْمُتَكَلِّمِينَ والْأُصُولِيِّينَ: يَذْكُرُونَ أَقْسَامَ الكلامِ وأنَّهُ خَبَرٌ وإنشاءٌ، وهوَ الأمْرُ والنَّهْيُ والإباحةُ عندَ كلامِهم عنْ دَلالاتِ الألفاظِ.

ثالثًا: علماءُ النحوِ والبيانِ: فمَثَلاً يُعَدُّ الفعْلُ الماضي منْ بابِ الْخَبَرِ، والأمْرُ منْ بابِ الإنشاءِ.
وعندَ البيانِيِّينَ يَدْخُلُ هذا التقسيمُ في عِلْمِ المعاني كما قالَ الناظِمُ:

ما لمْ يَكُنْ مُحْتَمِلاً للصِّدْقِ = والكَذِبِ الإنشاءُ ككُنْ بالْحَقِّ

الواجبُ تُجَاهَ الْأَصْلَيْنِ
قولُه: ( وإذا كانَ كذلكَ فلا بُدَّ للعَبْدِ أنْ يُثْبِتَ ما يَجِبُ إثباتُه لهُ منْ صفاتِ الكمالِ، ويَنْفِيَ عنهُ ما يَجِبُ نفيُه عنه مِمَّا يُضَادُّ هذهِ الحالَ. ولا بُدَّ في أحكامِه منْ أنْ يُثْبِتَ خَلْقَه وأَمْرَه، فيُؤْمِنَ بخَلْقِه الْمُتَضَمِّنِ كمالَ قُدْرَتِه وعمومَ مشيئتِه، ويُثْبِتَ أمْرَهُ الْمُتَضَمِّنَ بيانَ ما يُحِبُّه ويَرضاهُ من القولِ والعمَلِ، ويُؤْمِنَ بشَرْعِه وقَدَرِه إيمانًا خاليًا من الزَّلَلِ ).

التوضيحُ

فإنْ كانَ الخبَرُ مُنْقَسِمًا إلى نَفْيٍ وإثباتٍ، والطلَبُ إلى محبوبٍ مأمورٍ بهِ ومَبغوضٍ مَنْهِيٍّ عنْهُ، فالواجبُ على العَبْدِ تُجاهَهُما ما يَلِي:

أوَّلاً: تُجاهَ الأخبارِ: أنْ يُثْبِتَ للَّهِ ما يَجِبُ إثباتُه لهُ من الكَمَالِ، ويَنْفِيَ عنهُ ما يَجِبُ نفيُه عنهُ مِمَّا يُنَافِي هذهِ الحالَ، أي الكمالَ على وَفْقِ ما دَلَّتْ عليهِ النصوصُ.

ثانيًا: تُجاهَ الأحكامِ: أنْ يُثْبِتَ خَلْقَهُ وأَمْرَه. فإثباتُ خَلْقِه هوَ الإيمانُ بالقدَرِ المتضَمِّنِ كمالَ قُدْرَتِه وعمومَ مشيئتِه، وإثباتُ أمْرِه هوَ الإيمانُ بالشرْعِ الْمُتَضَمِّنِ بيانَ ما يُحِبُّه اللَّهُ ويَبْغَضُه من الأقوالِ والأعمالِ.

قولُه: ( لا بُدَّ لهُ في أحكامِه )، تعبيرُ شيخِ الإسلامِ عن الشرْعِ والقَدَرِ بلفظِ الأحكامِ تعبيرٌ في غايةِ الدِّقَّةِ والإحكامِ، وبيانُ ذلكَ أنَّ الأحكامَ نوعانِ:

1- أحكامٌ شَرْعِيَّةٌ: كما في قولِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} .

2- أحكامٌ كَوْنِيَّةٌ: كما في قولِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ }.

فالأحكامُ الكونيَّةُ هيَ خَلْقُه وتقديرُه، وهوَ القَدَرُ. والأحكامُ الشرعيَّةُ هيَ أمْرُه ونَهْيُه، وهيَ الشرْعُ. وقدْ جَمَعَهُمَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في قولِه: { أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}، فالخلْقُ: القَدَرُ، والأمْرُ: الشرْعُ . فتَدَبَّرْ هذا الاستنباطَ العجيبَ منْ هذا الإمامِ اللبيبِ .

تَضَمُّنُ الْأَصْلَيْنِ لأنواعِ التوحيدِ
قولُه: ( وهذا يَتَضَمَّنُ التوحيدَ في عِبادتِه وَحْدَهُ لا شريكَ لهُ، وهوَ التوحيدُ في القَصْدِ والإرادةِ والعَمَلِ، والأوَّلُ يَتَضَمَّنُ التوحيدَ في العِلْمِ والقوْلِ كما دَلَّتْ على ذلكَ سورةُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، ودَلَّتْ على الآخَرِ سورةُ { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وهما سُورَتَا الإخلاصِ، وبهما كانَ يَقْرَأُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدَ الفاتحةِ في رَكْعَتَي الفجْرِ ورَكْعَتَي الطوافِ وغيرِ ذلكَ ).

التوضيحُ
قولهُ ( وهذا ): اسمُ إشارةٍ يَعودُ إلى أقْرَبِ مذكورٍ، وهوَ الأصْلُ الثاني، أي الشرْعُ والقدَرُ، فإنَّهُ يَتَضَمَّنُ عِبادَتَهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لهُ وهذا توحيدُ الأُلُوهِيَّةِ، ولهُ أسماءٌ منها:

1- توحيدُ القَصْدِ والإرادةِ: لأنَّ اللَّهَ يُقْصَدُ ويُرَادُ.
2- التوحيدُ العَمَلِيُّ: لأنَّهُ يَتَضَمَّنُ أعمالَ العِبادِ.
3- توحيدُ العِبادةِ: لإنَّهُ إفرادُ اللَّهِ بالعِبادةِ.
4- التوحيدُ الطَّلَبِيُّ الإراديُّ: لأنَّ نصوصَهُ منْ قَبِيلِ الطَّلَبِ.
5- بالإضافةِ إلى توحيدِ الأُلُوهِيَّةِ: بمعنى العُبوديَّةِ للَّهِ.

قولُه ( والأوَّلُ ): أي الأصْلُ الأوَّلُ، وهوَ التوحيدُ والصفاتُ، يَتَضَمَّنُ العِلْمَ والقوْلَ، ولهُ أسماءٌ منها:

1- توحيدُ المعرِفَةِ والإثباتِ: أيْ معرفةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وإثباتِ ما أَثْبَتَهُ لنفسِه.
2- التوحيدُ الاعتقاديُّ: وهذا في مُقابِلِ التوحيدِ العَمَلِيِّ.
3- التوحيدُ العِلْمِيُّ الْخَبَرِيُّ: باعتبارِ أنَّهُ منْ بابِ الْخَبَرِ.

وعلى هذهِ القِسمةِ فالتوحيدُ نوعانِ:

1- توحيدُ الطلَبِ والقصْدِ: وهوَ الذي تَتَضَمَّنُهُ سورةُ الكافرونَ؛ لأنَّ فيها ذِكْرَ العِبادةِ وإخلاصِها للَّهِ.
2- توحيدُ المعرِفَةِ والإثباتِ: وهوَ الذي تَتَضَمَّنُهُ سورةُ الإخلاصِ؛ ففيها كلامٌ عن اللَّهِ وصِفاتِه.

ومَنْ قالَ: إنَّ التوحيدَ ثلاثةُ أقسامٍ، يَجْعَلُ الْمَعرفةَ والإثباتَ نَوْعَيْنِ: رُبوبيَّةٌ وأسماءٌ وصفاتٌ . وتُسَمَّى سُورَتَا الكافرونَ والإخلاصِ بسُورَتَي الإخلاصِ؛ لأنَّهما أَخْلَصَتَا التوحيدَ بجميعِ أنواعِه .

ولأهمِّيَّتِهما فقدْ كانَ يَقْرَأُ بهما النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدَ الفاتحةِ في مَوَاضِعَ، وهيَ:
أوَّلاً: رَكْعَتَا الفجْرِ .
ثانيًا: رَكْعَتَا الطَّوَافِ .
ثالثًا: الوِتْرُ .
رابعًا: الرَّكعتانِ بعدَ الْمَغْرِبِ .
الْخُلاصَةُ

من خلالِ هذهِ الفِقْراتِ الأخيرةِ نَخْرُجُ بفُروقَاتٍ بينَ الأصلينِ نُوَضِّحُهُما في الشكْلِ التالي:
الأصلُ الثاني
الأصلُ الأوَّلُ
أوجهُ الفَرْقِ
الشرْعُ والقدَرُ .
التوحيدُ والصفاتُ
1- موضـوعُــه
الطلَبُ الدائرُ بينَ الْمَحَبَّةِ والبُغْضِ والأمْرِ والنهيِ .
الخبَرُ الدائرُ بينَ النفيِ والإثباتِ
2- نوعُ الكلامِ فيه
إثباتُ خَلْقِه الْمُتَضَمِّنِ لقُدْرَتِه ومشيئتِه، وأمْرِه الْمُتَضَمِّنِ لِمَا يُحِبُّه ويَبْغَضُه .
إثباتُ ما أَثْبَتَهُ اللَّهُ لنفسِه ونَفْيُ ما نَفَاهُ عنْ نفسِه
3- الواجـبُ فيه
يَتَضَمَّنُ توحيدَ الأُلُوهِيَّةِ.
يتضمَّنُ الربوبيَّةَ والأسماءَ والصفاتِ
4- تَضَمُّنُه للتوحيدِ
(هنا جدول يحتاج أن يدرج كصورة)
خُلاَصَةُ ما في الْمُقَدِّمَةِ

1- العَلاقةُ بينَ الحمْدِ والشكْرِ عَلاقةُ عُمومٍ وخُصوصٍ منْ وَجْهٍ.
2- الهدايةُ نوعانِ: هِدايةُ دَلالةٍ وإرشادٍ، وهدايةُ توفيقٍ وإلهامٍ.
3- شروطُ كلمةِ التوحيدِ ثمانيةٌ:

(أ) العلْمُ (ب) اليقينُ (ج) الإخلاصُ (د) الصِّدْقُ
(هـ) الْمَحَبَّةُ (و) الانقيادُ (ز) القَبولُ (ح) الكُفْرُ بالطاغوتِ.

4- الصلاةُ على النبيِّ هيَ الثَّناءُ عليهِ في الْمَلأَِ الأَعْلَى.
5- اشْتَمَلَتْ خُطبةُ الحاجةِ على أَقسامِ التوحيدِ وإثباتِ القَدَرِ والرسالةِ.
6- لتأليفِ الرسالةِ سَبَبَانِ: (أ) أَهَمِيَّةُ السائلِ. (ب) أَهَمِّيَّةُ الْمَسْئُولِ عنهُ.
7- موضوعُ الرسالةِ في أَصْلَيْنِ: (أ) التوحيدُ والصفاتُ (ب) الشرْعُ والْقَدَرُ
8- الفرْقُ بينَ الْأَصْلَيْنِ:
أنَّ التوحيدَ والصفاتِ منْ بابِ الخبَرِ، والواجبَ فيهِ إثباتُ ما أَثْبَتَهُ اللَّهُ لنَفْسِهِ، ونَفْيُ ما نَفَاهُ عنْ نفسِه، وهوَ مُتَضَمِّنٌ لتوحيدِ الربوبيَّةِ والأسماءِ والصِّفاتِ.

أمَّا الشرْعُ والقَدَرُ فمِنْ بابِ الطلَبِ، والواجِبُ فيهِ إثباتُ خَلْقِه وأَمْرِه، وهوَ مُتَضَمِّنٌ لتوحيدِ الألوهيَّةِ.

9- تَضَمَّنَتْ سورةُ الإخلاصِ توحيدَ المعرِفَةِ والإثباتِ، وسورةُ الكافرونَ توحيدَ الطلَبِ والقصْدِ، فأَخْلَصَتَا نَوْعَي التوحيدِ؛ ولذلكَ سُمِّيَتَا بِسُورَتَي الإخلاصِ.



الْمُنَاقَشَةُ

1- ما معنى الحمْدِ والشكْرِ، وما العَلاقةُ بَيْنَهما؟
2- ما الحكمَةُ منْ وُرودِ الأفعالِ بالجمْعِ، والشَّهادةِ بالإفرادِ، في خُطبةِ الحاجةِ؟
3- اذكُرْ أنواعَ الْهِدايةِ، معَ بيانِ الفَرْقِ بينَهما.
4- اذكُرْ شروطَ (لا إلهَ إلَّا اللَّهُ)، معَ الأَدِلَّةِ .
5- اذكُرْ ما اشْتَمَلَتْ عليهِ خُطبةُ الحاجةِ منْ أصولِ الدِّينِ .
6- ما موضوعُ الرسالةِ التَّدْمُرِيَّةِ؟ ولمَ سُمِّيَتْ بذلكَ؟
7- ما سببُ تأليفِ شيخِ الإسلامِ للرسالةِ؟
8- بَيِّنْ أهَمِّيَّةَ الرسالةِ التَّدْمُرِيَّةِ .
9- وضِّح الفُروقاتِ بينَ الْأَصْلَيْنِ اللَّذَيْنِ تقومُ عليهما هذهِ الرسالةُ .
10- لماذا سُمِّيَتْ سُورَتَا الإخلاصِ والكافرونَ بِسُورَتَي الإخلاصِ؟



الأصْلُ الأوَّلُ

الكلامُ في التوحيدِ والصِّفاتِ

ويَشْتَمِلُ على:

1- مقَدِّمَةِ الأصْلِ الأوَّلِ: وفيها:

* طريقةُ السلَفِ .

* طريقةُ الْمُخَالِفِينَ.

2-الأصْلِ الأوَّلِ: ( القولُ في بعضِ الصِّفاتِ كالقولِ في البعضِ ) .
3- الأصْلِ الثاني: ( القولُ في الصِّفاتِ كالقولِ في الذاتِ ) .
4- الْمَثَلِ الأوَّلِ: ( الجنَّةُ ) .
5- الْمَثَلِ الثاني: ( الرُّوحُ ) .
6- الخاتِمَةِ الجامعةِ لسبْعِ قواعِدَ نافعةٍ:
القاعدةُ الأُولَـى: صفاتُ اللَّهِ نَفْيٌ وإثباتٌ.
القاعدةُ الثانيـةُ: حُكْمُ ما يُضافُ إلى اللَّهِ من الأسماءِ والصِّفاتِ.
القاعدةُ الثالثـةُ: مَعْنى ظاهِرِ النصوصِ، وحُكْمُ القَوْلِ بأنَّهُ مُرادٌ أوْ غيرُ مُرادٍ.
القاعدةُ الرابعـةُ: الْمَحاذيرُ التي يَقَعُ فيها مَنْ يَتَوَهَّمُ التمثيلَ في الصفاتِ ثمَّ يَنْفِيهَا.
القاعدةُ الخامسةُ: إِنَّا نَعْلَمُ ما أَخْبَرَ اللَّهُ بهِ من الغَيْبِيَّاتِ منْ وجهٍ دونَ وجهٍ.
القاعدةُ السادسةُ: الضابِطُ الذي يُعْرَفُ بهِ ما يَجوزُ للَّهِ وما لا يَجوزُ لهُ نَفيًا وإثباتًا.
القاعدةُ السابعـةُ: دَلالةُ العَقْلِ على كثيرٍ مِمَّا دَلَّ عليهِ السمْعُ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الكلام, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir