دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م, 11:03 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي من يعذر بترك الجمعة والجماعة

( فصلٌ ) ويُعْذَرُ بتَرْكِ جُمُعَةٍ وجماعةٍ مريضٌ ومدافِعٌ أحدَ الأَخْبَثَيْنِ ، ومَن بِحَضْرَةِ طعامٍ مُحتاجٌ إليه ، وخائِفٌ من ضَياعِ مالِه أو فَواتِه أو ضَرَرٍ فيه ، أو موتِ قَريبِه أو على نفسِه من ضَررٍ أو سُلطانٍ أو مُلازَمَةِ غَريمٍ ولا شيءَ معه ، أو من فواتِ رُفْقَةٍ ، أو غَلَبَةِ نُعاسٍ ، أو أَذًى بِمَطَرٍ أو وَحْلٍ ، وبِريحٍ باردةٍ شديدةٍ في ليلةٍ مُظلِمَةٍ.


  #2  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 07:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.....................

  #3  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 07:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فَصْلٌ
في الأَعْذَارِ المُسْقِطَةِ للجُمُعَةِ والجَمَاعَةِ
(ويُعْذَرُ بتَرْكِ جُمُعَةٍ وجَمَاعَةٍ مَرِيضٌ)؛ لأنَّهُ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ لَمَّا مَرِضَ تَخَلَّفَ عَن المَسْجِدِ وقالَ: ((مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ)). مُتَّفَقٌ عليه.
وكذا خَائِفٌ حُدُوثَ مَرَضٍ، وتَلْزَمُ الجُمُعَةُ دُونَ الجَمَاعَةِ مَن لم يَتَضَرَّرْ بإِتْيَانِهَا رَاكِباً أو مَحْمُولاً. (و) يُعْذَرُ بتَرْكِهِمَا (مُدَافِعُ أَحَدِ الأَخْبَثَيْنِ)؛ البَوْلِ والغَائِطِ. (ومَن بحَضْرَةِ طَعَامٍ), هو (مُحْتَاجٌ إليه)، ويَأْكُلُ حتَّى يَشْبَعَ؛ لخَبَرِ أَنَسٍ في الصَّحِيحَيْنِ.
(و) يُعْذَرُ بتَرْكِهِمَا (خَائِفٌ مِن ضَيَاعِ مَالِه أو فَوَاتِه أو ضَرَرٍ فيهِ)؛ كمَن يَخَافُ على مَالِه مِن لِصٍّ أو نَحْوِه، أو له خُبْزٌ في تَنُّورٍ يَخَافُ عليهِ فَسَاداً، أو له ضَالَّةٌ أو آبِقٌ يَرْجُو وُجُودَهُ إِذنْ، أو يَخَافُ فَوْتَهُ إن تَرَكَهُ- ولو مُسْتَأْجَراً- لحِفْظِ بُسْتَانٍ أو مَالٍ, أو يَتَضَرَّرُ في مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا.
(أو) كانَ يَخَافُ بحُضُورِه الجُمُعَةَ أو الجَمَاعَةَ (مَوْتَ قَرِيبِه) أو رَفِيقِه, أولم يَكُنْ مَن يُمَرِّضُهُمَا غَيْرُه، أو خافَ على أَهْلِه أو وَلَدِه، (أو) كانَ يَخَافُ (على نَفْسِه مِن ضَرَرٍ) كسَبُعٍ, (أو) مِن (سُلْطَانٍ) يَأْخُذُه, (أو مُلازَمَةِ غَرِيمٍ, ولا شَيْءَ معَهُ) يَدْفَعُه بهِ؛ لأنَّ حَبْسَ المُعْسِرِ ظُلْمٌ، وكذا إنْ خَافَ مُطَالَبَةً بالمُؤَجَّلِ قَبْلَ أَجَلِه، فإنْ كانَ حَالاًّ وقَدَرَ على وَفَائِهِ, لم يُعْذَرْ، (أو) كانَ يَخَافُ بحُضُورِهِمَا؛ أي: الجُمُعَةِ والجَمَاعَةِ (مِن فَوَاتِ رُفْقَتِه) بسَفَرٍ مُبَاحٍ, سَوَاءٌ أَنْشَأَهُ أو استَدَامَهُ، (أو) حَصَلَ له (غَلَبَةُ نُعَاسٍ) يَخَافُ به فَوْتَ الصَّلاةِ في الوَقْتِ أو معَ الإمامِ، (أو) حصَلَ له (أَذًى بمَطَرٍ ووَحَلٍ) بفَتْحِ الحَاءِ، وتَسْكِينُهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ، وكذا ثَلْجٌ وجَلِيدٌ وبَرْدٌ, (وبرِيحٍ بَارِدَةٍ شَدِيدَةٍ في لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ)؛ لقَوْلِ ابنِ عُمَرَ: (كَانَ النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ يُنَادِي مُنَادِيهِ فِي اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ أو المَطِيرَةِ: صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ). رواهُ ابنُ مَاجَهْ بإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وكذا تَطْوِيلُ إمامٍ ومَن عليهِ قَوَدٌ يَرْجُو العَفْوَ عَنْهُ, لا مَن عليه حَدٌّ، ولا إن كانَ في طَرِيقِه أو المَسْجِدِ مُنْكَرٌ, ويُنْكِرُه بحَسَبِه، وإذا طَرَأَ بَعْضُ الأعذارِ في الصَّلاةِ, أَتَمَّهَا خَفِيفَةً إن أَمْكَنَ, وإلاَّ خرَجَ مِنْهَا، قالَهُ في (المُبْدِعِ)، قالَ: والمَأْمُومُ يُفَارِقُ إِمَامَهُ أو يَخْرُجُ مِنْهَا.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 07:16 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل


في الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة([1])(ويعذر بترك جمعة وجماعة مريض) ([2]) لأنه صلى الله عليه وسلم لما مرض تخلف عن المسجد، وقال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس» متفق عليه([3]) وكذا خائف حدوث مرض([4]).وتلزم الجمعة دون الجماعة من لم يتضرر بإتيانها، راكبا أو محمولا([5]) (و) يعذر بتركها (مدافع أحد الأخبثين) البول والغائط([6]) (ومن بحضرة طعام) هو (محتاج إليه) ([7]) ويأكل حتى يشبع([8]) لخبر أنس في الصحيحين([9]).(و) يعذر بتركهما (خائف من ضياع ماله أو فواته أو ضرر فيه)([10]) كمن يخاف على ماله من لص ونحوه([11]) أو له خبز في تنور يخاف عليه فسادا([12]) أو له ضالة أو آبق يرجو وجوده إذا([13]) أو يخاف فوته إن تركه([14]).ولو مستأجرا لحفظ بستان أو مال([15]) أو ينضر في معيشة يحتاجها([16]) (أو) كان يخاف بحضوره الجمعة أو الجماعة (موت قريبه) أو رفيقه([17]) أو لم يكن من يمرضهما غيره([18]).أو يخاف على أهله أو ولده([19]) (أو) كان يخاف (على نفسه من ضرر) كسبع([20]) (أو) من (سلطان) يأخذه([21]) (أو) من ملازمة غريم ولا شيء معه يدفعه به([22]) لأن حبس المعسر ظلم([23]) وكذا إن خاف مطالبته بالمؤجل قبل أجله([24]) فإن كان حالا وقدر على وفائه لم يعذر([25]) (أو) كان يخاف بحضورهما (من فوات رفقته) بسفر مباح([26]).سواء أنشأه أو استدامه([27]) (أو) حصل له (غلبة نعاس) يخاف به فوت الصلاة في الوقت، أو مع الإمام([28]) (أو) حصل له (أذى بمطر ووحل) بفتح الحاء، وتسكينها لغة رديئة([29]) وكذا ثلج وجليد وبرد([30]) (وبريح باردة شديدة في ليلة مظلمة)([31]).لقول ابن عمر: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة الباردة أو المطيرة «صلوا في رحالكم» رواه ابن ماجه بإسناد صحيح([32]) وكذا تطويل إمام([33]) ومن عليه قود يرجو العفو عنه([34]).لا من عليه حد([35]) ولا إن كان في طريقه أو المسجد منكر([36]) وينكره بحسبه([37]) وإذا طرأ بعض الأعذار في الصلاة أتمها خفيفة إن أمكن([38]) وإلا خرج منها، قاله في المبدع([39]) قال: والمأموم يفارق إمامه أو يخرج منها([40]).



([1]) أي المبيحة لتركها، وقال أبو الدرداء: من فقه الرجل إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ.

([2]) قال في الإنصاف وغيره: بلا نزاع، وقال ابن المنذر: لا أعلم خلافا بين أهل العلم أن للمريض أن يتخلف عن الجماعات من أجل المرض، والمرض فساد المزاج، واضطراب الطبيعة، بعد صفائها واعتدالها، وضده الصحة، قال النووي: ضبطوا المرض الذي يشق معه القصد، كمشقة المشي في المطر.

([3]) ففيه دليل على جواز تخلف المريض، وفي آخره: فخرج متوكئا فمن بلغ إل تلك الحالة لا يستحب له الخروج للجماعة، إلا إذا وجد من يتوكأ عليه وقوله: «لأتوهما ولو حبوا»، على المبالغة، وقال: «من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له إلا من عذر»، قالوا: وما العذر؟ قال: «خوف أو مرض»، رواه أبو داود بإسناد صحيح.

([4]) لأنه في معنى المريض، أو خائف زيادته، أو تباطؤه لأنه مرض لما روى أبو داود عن ابن عباس مرفوعا، أنه فسر العذر بالخوف والمرض، ما لم يكونا في المسجد، فتلزمهما الجمعة والجماعة، لعدم المشقة، ويعذر ممنوع من فعلها، كالمحبوس، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها.

([5]) لعدم تكررها، دون الجماعة فتعظم المشقة والمنة، لتكررها، ولأن الجمعة لا بدل لها، إذا فاتت، وكذا لو تبرع من يركبه ويحمله، أو يقود أعمى في الجمعة لزمتهما، وهذا في غير المريض ككبر ونحوه، وأما المريض فيعذر مطلقا ونحو ذلك غلبة سمن مفرط للخبر.

([6]) كأن حصره بول ونحوه، أو تضرر بحبسه، وكذا ريح وفاقا، لأن ذلك يمنعه من إكمال الصلاة، والخشوع فيها، وتقدم قوله: «لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان».

([7]) قال في الإنصاف: بلا نزاع، والمراد إذا قدم إليه ليأكل ومثله تائق لجماع.

([8]) على الصحيح من المذهب، وقيل: ما تسكن به نفسه.

([9]) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قدم العشاء فابدءوا به، قبل أن تصلوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم»، ولخبر ابن عمر: «إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء،ولا يعجل حتى يفرغ منه»، وفي لفظ: «حتى يقضي حاجته منه»، وهو محمول على العموم، نظرا إلى العلة، وهي التشويش المفضي إلى ترك الخشوع، فذكر المغرب لا يقتضي حصرا فيها، وتقدم: «حديث لا صلاة بحضرة طعام»، وفي الصحيحين: «أنه دعي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، وهو يحتز من كتف شاة، فقام وصلى»، ولعل المراد مع عدم الحاجة، جمعا بين الأخبار، ولأن العلة تشوف النفس إلى الطعام، فينبغي أن يدور الحكم مع علته وجودا وعدما، وأن لا يعمد إلى هذه الأمور، وإنما تجوز إذا وقعت اتفاقا بل ينبغي اجتنابه إذا كان يقع كثيرا، ولا يرخص في غير ترك الجماعة، فأما الوقت فلا يرخص بذلك في تفويته، عند جمهور أهل العلم ونص عليه أحمد وغيره.

([10]) لأن المشقة اللاحقة بذلك أعظم من بل الثياب بالمطر الذي هو عذر بالاتفاق قال المجد: والأفضل فعل ذلك، وترك الجمعة والجماعة، قال في الإنصاف، وهذا المذهب في ذلك كله، ولو تعمد سبب ضرر المال، وضياع بفتح الضاد أي فقد ماله وصار مهملا.

([11]) كذئب فيخاف على غلة يبادرها، وأنعام لا حافظ لها غيره ونحوه، واللص بكسر اللام وتثلث، جمعه لصوص، هو السارق، مأخوذ من اللص وهو فعل الشيء في ستر.

([12]) أو طبيخ على نار ونحوه أو أطلق الماء على زرعه أو بستانه ويخاف إن تركه فسد، أو يخاف عدم إنبات بذره، وكنحو جراد لو اشتغل عنه بالجماعة.

([13]) كأن دل عليه بمكان، وخاف إن لم يمض إليه سريعا انتقل إلى غيره.

([14]) أي في تلك الحال، كمن قدم به من سفر إن لم يقف لأخذه أخفاه أو ضاع، وقال ابن عقيل: خوف فوت المال عذر في ترك الجمعة إن لم يتعمد سببه بل حصل اتفاقا، وقال المجد: الأفضل ترك ما يرجو وجوده ويصلي الجمعة والجماعة، لأن ما عند الله خير وأبقى، وربما لا ينفعه حذره، وهذا والله أعلم ما لم يتشوش خاطره فإن لب الصلاة الخشوع.

([15]) يخاف عليه الضياع إن ذهب وتركه، وهذا إذا كان وقع صدفة، أو لا بد منه، أما إذا كان يعلم ذلك وله بد منه فلا ينبغي تعمده، وترك ما أوجب الله عليه من حضور الجماعة، ويسعى في وجود مؤونة لا تمنعه الجماعة، وألحق بذلك العريان إذا لم يجد سترة، أو لم يجد إلا ما يستر عورته فقط في غير جماعة عراة، وذكر غير واحد إن لم يجد ما تختل مروءته بتركه من اللباس، لأن عليه مشقة بتركه.

([16]) بأن عاقه حضور جمعة أو جماعة عن فعل ما هو محتاج لأجرته، كما لو كانت أجرته بقدر كفايته، أو هو وعياله، أو ثمنه، أو تحصيل تملك مال يحتاج إليه.

([17]) أي حصول موت قريبه في غيبته عنه، بلا نزاع، وكذا صديقه أو مملوكه أو شيخه، وإن كان له من يمرضه، لأنه يشق عليه فراقه، فيتشوش خشوعه، أو يأنس به المريض، لأن تأنيسه أهم.

([18]) أي يتولى تمريضهما لأن ابن عمر استصرخ على سعيد بن زيد، وهو يتجمر للجمعة فأتاه بالعقيق، وترك الجمعة، رواه البخاري، قال في الشرح: ولا نعلم في ذلك خلافا، وكذا أجنبي ليس له من يمرضه، ومرضه يمرضه تمريضا، قام بمداوته ومعاناته والمراد هنا: معاناته.

([19]) من نحو لص، فيعذر بترك الجمعة والجماعة، وخوفه على أهله لانفرادهم في البيت ونحوه من الفساق لا يكون عذرا في سقوط الجماعة بالكلية بل يلزمه فعلها مهما أمكن، والسعي في الحصول على حضور الجماعة في المساجد.

([20]) أو سيل أو نحو ذلك مما يؤذيه في نفسه فيعذر.

([21]) يعني ظلما، وكذا نائب سلطان يخاف من أخذه ظلما.

([22]) لأن ملازمته لا تجوز، وملازمته تعلقه به، ودوامه معه، ولزمته ألزمه تعلقت به، ودمت معه، ولزمت به كذلك، والغريم: الذي عليه الدين، وقد يكون الذي له، والمراد هنا الأول.

([23]) لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}.

([24]) أي ويعذر المدين إن خاف مطالبة من له الدين، ما لم يكن حالا وقدر على وفائه.

([25]) للنص لأنه ظالم.

([26]) فيعذر، حيث حصل له الضرر ولو ساعة، ورفقته، بضم الراء وكسرها الذين يرافقهم في السفر.

([27]) أي السفر، بأن ابتدأ منشئا له، أو كان مستمرا فيه مستديما له، لأن عليه في ذلك ضررا.

([28]) كمن طرأ عليه نعاس، وخشي إن انتظر الإمام أو الجماعة يغلبه النوم، فتفوته الصلاة في الوقت، أو مع الإمام، فيعذر بتركها وفي المبدع وغيره، ويعذر فيهما بخوف بطلان وضوئه بانتظارها، والصبر والتجلد على دفع النعاس، ويصلي معهم أفضل لما فيه من نيل فضيلة الجماعة، وقطع به في الوجيز والمذهب والمحرر، وذلك ما لم يصل به التجلد والصبر إلى ذهاب الخشوع المطلوب فيها.

([29]) قال الجوهري وغيره، وقدمه في المصباح والقاموس، واستدرك عليه، وهو الطين الرقيق ترتطم فيه الدواب، جمعه أو حال ووحول.

([30]) وحر، لمشقة الحركة فيها، إذا كان خارجا عما ألفوه، والثلج ينزل من السحاب على شكل أبراد، صفائح منتظمة وتنضم بعضها إلى بعض، حتى تكون على هيئة النجوم الصغيرة، والقطعة منه ثلجة، والجليد الضريب والسقيط، وينزل من السماء فيجمد على الأرض، والبرد بفتحتين شيء ينزل من السحاب، يشبه الحصا، يعرف بحب الغمام.

([31]) الريح الهوى إذا هب، وتقييده بالشديدة على خلاف المذهب، قال في الإقناع، ولو لم تكن الريح شديدة، وقال في الإنصاف، والوجه الثاني يكفي كونها باردة فقط، وهو المذهب واشترط المصنف أيضا أن تكون الليلة مظلمة وهو المذهب وعليه الجمهور، ولم يذكر بعض الأصحاب «مظلمة» وهو ظاهر النص.

([32]) وهو في الصحيحين وغيرهما بلفظ: «أو ذات مطر في السفر»، وفي الصحيحين عن ابن عباس، أنه قال لمؤذنه في يوم مطير، زاد مسلم، في يوم جمعة إذا قلت: أشهد أن محمدا رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة، ولكن قل: صلوا في رحالكم، فكأن الناس استنكروا ذلك، فقال: فعله من هو خير مني يعني النبي صلى الله عليه وسلم وإني كرهت أن أخرجكم في الطين والدحض والثلج والجليد والبرد كذلك، وكذا الريح الباردة عذر. وقال النووي: البرد الشديد عذر في الليل والنهار، وشدة الحر عذر في الظهر والثلج عذر إن بل الثوب، وذكر أبو المعالي أن كل ما أذهب الخشوع كالحر المزعج عذرا ولهذا جعله الأصحاب كالبرد في المنع من الحكم والإفتاء والتدريس قال والزلزلة عذر، لانها نوع خوف قال ابن عقيل: ومن له عروس تجلى عليه، قال أبو المعالي: ثم لو قلنا: ينبغي مع هذه الأعذار: إذا أذهبت الخشوع، وجلبت السهر فتركه أفضل، وقال بعض الأصحاب: فعل جميع الرخص أفضل من تركها.

([33]) لما تقدم من فعل الرجل الذي انفرد عن معاذ لتطويله ولم ينكر عليه.

([34]) ولو على مال ومثله حد قذف.

([35]) أي لله تعالى كزنا وشرب خمر، فلا يعذر به، لأن الحدود لا تدخلها المصالحة، بخلاف القصاص.

([36]) أي فلا يعذر، لأن المقصود، الذي هو الصلاة في الجماعة لنفسه لا قضاء لحق غيره.

([37]) أي بحسب استطاعته للخبر، ويبدأ بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه.

([38]) لقصة معاذ رضي الله عنه.

([39]) أي وإن لم يمكنه أن يتمها خفيفة خرج منها، وهو مذهب الشافعي وغيره، لقصة معاذ، فإن فيه جواز خروج المأموم من الصلاة لعذر، كما قاله الحافظ وغيره.

([40]) فإن صلى ركعة فأكثر من جمعة أتمها جمعة، وإلا ظهرا، وقال في الروضة بعد أن ذكر أعذار الجمعة والجماعة، لأن من شروط صحة الصلاة أن يعي أفعالها ويعقلها، وهذه الأشياء تمنع ذلك، فإن زالت فعلها على كمال خشوعها، وفعلها مع كمال خشوعها بعد فوت الجماعة، أولى من فعلها مع الجماعة بدون كمال خشوعها. وتقدم كراهة من أكل بصلا ونحوه، وظاهر كلامهم يعذر بترك الجمعة والجماعة لا تحيلا فلا تسقط.
ويحرم لما في الصحيحين عن أنس «من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا ولا يصلي معنا»، ولهما عن ابن عمر، «فلا يأت المسجد».ولمسلم «فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم»، وفيهما أن عمر خطب
وقال عن البصل والثوم: لا أراهما إلا خبيثتين، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل، أمر به فأخرج إلى البقيع.
قال الشيخ: والنهي عام في كل مسجد، عند عامة العلماء، وقد ورد من غير وجه، قال في الفروع: ويتوجه مثله كل من به رائحة كريهة، ويكره حضوره مسجدا أو جماعه مطلقا، وحكاه النووي عن العلماء، لما فيه من الإيذاء، وإن أمكنه إزالة الرائحة بمعالجة وغسل فلا عذر له، والنهي عن حضور المسجد لا عن الأكل فهي حلال بإجماع من يعتد به، وقال زكريا: ومن الأعذار كل مشوش للخشوع، مع سعة الوقت، وأكل منتن ومن ببدنه أو ثوبه ريح خبيثة، وإن عذر كذي بخر أو صنان مستحكم، ما لم يسهل عليه إزالته، ومن كان أكله لعذر، ما لم يأكله بقصد إسقاط الجمعة والجماعة، وإلا لزم إزالته مهما أمكن، ولا تسقط عنه، والمراد سقوط الإثم على قول الفرض، أو الكراهة على قول السنة، لا حصول الأفضلية.


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 03:47 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَيُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةِ وَجَمَاعَةٍ مَرِيضٌ، وَمُدَافِع أَحَدَ الأَخْبَثَيْنِ،..........
قوله: «فصل» هذا الفصلُ عَقَدَه المؤلِّفُ لبيان الأعذارِ التي تُسقِطُ الجمعةَ والجماعة، وهو مبنيٌّ على قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] . ومِن القواعدِ المشهورة: المشقةُ تجلبُ التيسير، ولا شَكَّ أنَّ الجمعةَ أوكد بكثير مِن الجماعة لإجماعِ المسلمين على أنَّها فَرْضُ عَين؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] .
أما الجماعةُ فإنَّه سَبَقَ الخِلافُ فيها، وأنَّ القولَ الرَّاجحَ أنَّها فَرْضُ عَين، لكن آكديتها ليست كآكدية صلاة الجُمُعة، ومع ذلك تسقط هاتان الصَّلاتان للعُذر. والأعذار أنواع:
قوله: «يعذر بترك جمعة وجماعة مريض» هذا نوعٌ مِن الأعذارِ.
والمراد به: المَرض الذي يَلحق المريضَ منه مشقَّة لو ذَهَبَ يصلِّي وهذا هو النَّوعُ الأول.
ودليله:
1 ـ قول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] .
2 ـ وقوله: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286] .
3 ـ وقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [الفتح: 17] .
4 ـ وقول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم» .
5 ـ وأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم: «لما مَرِضَ تخلَّف عن الجماعةِ»مع أن بيته كان إلى جَنْبِ المسجد.
6 ـ وقولُ ابن مسعود رضي الله عنه: «لقد رَأيتُنا وما يتخلَّفُ عن الصَّلاةِ إلا منافقٌ قد عُلِمَ نفاقُهُ أو مريضٌ...»فكلُّ هذه الأدلَّةِ تدلُّ على أنَّ المريضَ يسقطُ عنه وجوبُ الجُمعةِ والجَماعةِ.
قوله: «ومدافع أحد الأخبثين» هذا نوعٌ ثان يُعذر فيه بتركِ الجُمعة والجَماعة.
و«مدافع» تَدلُّ على أنَّ الإِنسانَ يتكلَّفُ دَفْعَ أحد الأخبثين.
والأخبثان: هما البولُ والغائطُ، ويَلحقُ بهما الرِّيحُ؛ لأنَّ بعضَ النَّاسِ يكون عنده غَازات تنفخُ بَطنَه وتَشُقُّ عليه جداً، وقد يكون أشقَّ عليه مِن احتباسِ البولِ والغائطِ، والدَّليل على ذلك ما يلي:
1 ـ قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاةَ بحضرةِ طعامٍ، ولا وهو يدافعه الأخبثان» والنَّفيُ هنا بمعنى النَّهي، أي: لا تصلُّوا بحضرةِ طعامٍ ولا حـالَ مدافعةِ الأخبثين.
2 ـ أنَّ المدافعةَ تقتضي انشغالَ القلبِ عن الصَّلاةِ، وهذا خَلَلٌ في نَفْسِ العبادةِ، وتَرْكُ الجماعةِ خَلَلٌ في أمْرٍ خارجٍ عن العبادة، لأنَّ الجماعةَ واجبةٌ للصَّلاةِ، والمحافظةُ على ما يتعلَّقُ بذات العبادةِ أَولى مِن المحافظةِ على ما يتعلَّقُ بأمْرٍ خارجٍ عنها، فلهذا نقول: المحافظةُ على أَداءِ الصَّلاةِ بطمأنينة وحضورِ قلبٍ أولى مِن حضورِ الجماعةِ أو الجُمعة.
3 ـ أنَّ احتباسَ هذين الأخبثين مع المدافعة يَضرُّ البدنَ ضرراً بيِّناً؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى جَعَلَ خروجَ هذين الأخبثين راحةً للإِنسان، فإذا حبسهما صار في هذا مخالفةً للطبيعة التي خُلِقَ الإِنسانُ عليها، وهذه قاعدة طبية: أنَّ كُلَّ ما خالفَ الطَّبيعة فإنَّه ينعكس بالضَّررِ على البَدنِ، ومِن ثَمَّ يتبيَّنُ أضرارُ الحُبوب التي تستعمِلُها النِّساءُ مِن أجل حَبْسِ الحيضِ، فإنَّ ضررَها ظاهرٌ جدَّاً، وقد شَهِدَ به الأطباءُ.

وَمَنْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ، وَخَائِف مِنْ ضَيَاع مَالِهِ، أَوْ فَوَاتِهِ، أَوْ ضَرَرٍ فِيهِ،....
قوله: «ومن بحضرة طعام محتاج إليه» هذا نوعٌ ثالثٌ فيُعذر بتَرْكِ جُمُعَةٍ وجماعةٍ مَن كان بحضْرَةِ طعامٍ، أي: حَضَرَ عنده طعامٌ وهو محتاجٌ إليه، لكن بشرط أن يكون متمكِّناً مِن تناولِه.
مثاله: رَجُلٌ جائعٌ حَضَرَ عنده الطَّعامُ وهو يسمعُ الإِقامةَ، فهو بين أمرين: إنْ ذهبَ إلى المسجدِ انشغل قلبُه بالطَّعامِ لجوعِه، وإنْ أكَلَ اطمأنَّ وانسدَّ جوعُه، فنقول: كُلْ ولا حَرَجَ، وقد قال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا قُدِّمَ العشاءُ فابْدَؤُا به قبل أن تصلُّوا صلاة المغرب»فأمرنا بأنْ نبدأ به.
وكان ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما يَسمعُ قراءةَ الإِمام وهو يتعشَّى. مع أنَّ ابنَ عُمرَ رضي الله عنهما مِن أشدِّ النَّاسِ تمسُّكاً بالسُّنَّةِ.
إذاً؛ إذا حَضَرَ العشاءُ فتعشَّ ولو أُقيمت الصَّلاةُ.
وهل الأكلُ بمقدارِ ما تنكسِرُ نهمتُك، أو لك أنْ تشبعَ؟
نقول: لك أنْ تشبعَ؛ لأنَّ الرُّخصةَ عامَّةٌ «إذا قُدِّمَ العَشاءُ فابدؤوا به قبل أن تصلُّوا صلاةَ المغرب».
ويُشترط أنْ يتمكَّنَ مِن تناولِه، فإنْ لم يتمكَّن بأنْ كان صائماً وحَضَرَ طعامُ الإِفطارِ، وأُذِّنَ لصلاةِ العصرِ وهو بحاجةٍ إلى الأكلِ فليس له أنْ يؤخِّرَ صلاةَ العصر حتى يُفطرَ ويأكلَ؛ لأنَّ هذا الطَّعامَ ممنوعٌ منه شرعاً، حتى لو اشتهى الطَّعامَ شهوةً قويَّةً.
ولا بُدَّ أيضاً مِن قيد آخر، وهو أنْ لا يجعلَ ذلك عادةً بحيث لا يُقَدَّم العشاءُ إلا إذا قاربت إقامةُ الصَّلاةِ، لأنه إذا اتَّخذَ هذا عادةً فقد تَعمَّدَ أن يَدَعَ الصَّلاةَ، لكن إذا حصلَ هذا بغير اتِّخاذِه عادةً فإنه يبدأ بالطَّعامِ الذي حَضَرَ، سواءٌ كان عشاء أم غداء.
قوله: «وخائف من ضياع ماله، أو فواته، أو ضرر فيه» هذا نوعٌ رابعٌ مما يُعذر فيه بتَرْكِ الجُمعةِ والجماعةِ، أي: إذا كان عنده مال يَخشى إذا ذَهَبَ عنه أن يُسرقَ، أو معه دابةٌ يَخشى لو ذهبَ للصَّلاةِ أن تنفلتَ الدَّابةُ وتضيع، فهو في هذه الحال معذورٌ في تَرْكِ الجُمُعةِ والجَماعةِ؛ لأنَّه لو ذَهَبَ وصَلَّى فإن قلبَه سيكون منشغلاً بهذا المال الذي يَخافُ ضياعه.
وكذلك إذا كان يَخشى مِن فواتِه بأن يكون قد أضاعَ دابَّته، وقيل له: إنَّ دابَّتك في المكان الفلاني؛ وحضرتِ الصَّلاةُ، وخَشيَ إنْ ذهب يُصلِّي الجُمعةَ أو الجماعةَ أنْ تذهبَ الدَّابةُ عن المكان الذي قيل إنَّها فيه، فهذا خائفٌ مِن فواتِه، فله أنْ يتركَ الصَّلاةَ، ويذهب إلى مالِه ليدرِكَه.
ومِن ذلك أيضاً: لو كان يخشى مِن ضَررٍ فيه، كإنسان وَضَعَ الخُبزَ بالتنورِ، فأُقيمت الصَّلاةُ، فإنْ ذهبَ يُصلِّي احترقَ الخبزُ؛ فله أن يَدَعَ صلاةَ الجماعة مِن أجلِ أن لا يفوتَ مالُه بالاحتراق.
والعِلَّةُ: انشغالُ القلبِ، لكن يُؤمرُ الخَبَّازُ أن يلاحظ وقت الإِقامةِ، فلا يدخل الخبزَ في التنور حينئذٍ.
وظاهرُ كلامِ المؤلِّفِ: أنَّه لا فَرْقَ بين المالِ الخطير والمال الصَّغيرِ الذي لا يُعتبر شيئاً؛ لأنه أطلق فقال: «مِن ضياع ماله» وقد يُقال: إنَّه يُفرَّقُ بين المالِ الخطير الذي له شأن، وبين المال القليل في صلاة الجُمعةِ خاصَّة؛ لأنَّ صلاةَ الجُمعة إذا فاتت فيها الجماعةُ لا تُعادُ وإنَّما يُصلَّى بدلها ظُهراً، وغير الجُمعةِ إذا فاتت فيها الجماعةُ يصلِّيها كما هي.

أَوْ مَوْتِ قَرِيبِهِ، أَوْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ضَرَرٍ، أَوْ سُلْطَانٍ، أَوْ مُلاَزَمَةِ غَرِيمٍ وَلاَ شَيْءَ مَعَهُ،...............
قوله: «أو موت قريبه» هذا نوعٌ خامسٌ مما يُعذرُ فيه بتَرْكِ الجُمُعةِ والجَماعةِ، أنْ يخشى مِن موتِ قريبِه وهو غيرُ حاضرٍ، أي: أنَّه في سياق الموتِ فيخشى أن يموت وهو غيرُ حاضرٍ وأحبَّ أنْ يبقى عندَه ليلقِّنه الشَّهادةَ، وما أشبه ذلك، فهذا عُذر.
قوله: «أو على نفسه من ضرر» هذا نوعٌ سادسٌ مما يُعذرُ فيه بتَرِكِ الجُمُعةِ والجَماعةِ، وهو: أن يَخشى على نفسِه مِن الأمور التي ذكرها المؤلِّفِ، مِن ضَررٍ بأن كان عند بيتِه كلبٌ عقورٌ، وخَافَ إنْ خَرَجَ أنْ يعقِره الكلبُ، فله أنْ يصلِّيَ في بيتِه ولا حَرَجَ عليه.
وكذلك لو فُرِضَ أن في طريقِه إلى المسجدِ ما يضرُّه، مثل: ألا يكون عنده حِذاء، والطريقُ كلُّه شوكٌ أو كله قِطعُ زُجاجٍ، فهذا يضرُّه، فهو معذورٌ بتَرْكِ الجَماعة والجُمُعة.
وكذلك لو كان فيه جُروح وخاف على نفسِه مِن رائحةٍ يزيدُ بها جرحُه فإنَّه يُعذرُ بتَرْكِ الجمعة والجماعة.
وقوله: «أو سلطان» يعني: إِذا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ سُلْطَانٍ مثل: أنْ يطلبَه ويبحث عنه أميرٌ ظالمٌ له، وخافَ إن خَرَجَ أن يمسكَه ويحبسَه أو يغرِّمه مالاً أو يؤذيه، أو ما أشبه ذلك، ففي هذه الحال يُعذرُ بتَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ؛ لأنَّ في ذلك ضرراً عليه، أما إذا كان السلطانُ يأخذُه بحقٍّ فليس له أن يتخلَّفَ عن الجماعةِ ولا الجُمُعةِ، لأنَّه إذا تخلَّفَ أسقط حقّين: حَقَّ الله في الجماعةِ والجُمُعةِ، والحَقَّ الذي يطلبه به السلطانُ.
قوله: «أو ملازمة غريم ولا شيء معه» هذا نوعٌ سابعٌ مما يُعذرُ فيه بتَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ: بأن كان له غريمٌ يطالبُه ويلازِمُه، وليس عنده فلوسٌ، فهذا عُذْرٌ؛ وذلك لما يلحَقَه مِن الأذيَّةِ لملازمةِ الغريمِ له، فإنْ كان معه شيءٌ يستطيع أن يوفي به فليس له الحَقُّ في تَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ؛ لأنَّه إذا تركهما في هذه الحال أسقطَ حَقَّين: حَقَّ اللهِ في الجماعة والجُمُعةِ، وحَقَّ الآدميِّ في الوفاءِ.
مسألة: إذا كان عليه دينٌ مؤجَّلٌ، لكن غريمه لازَمه فهل له أن يتخلَّفَ؟
الجواب: ينظر؛ فإن كانت السُّلطةُ قويةٌ بحيث لو اشتكاه على السُّلطة لمنعته منه، فهو غيرُ معذورٍ؛ لأنَّ له الحَقُّ أن يُقدِّمَ الشَّكوى إلى السُّلطةِ، أما إذا كانت السُّلطةُ ليست قويةً، أو أنها تحابي الرَّجُلَ فلا تمنعه مِن ملازمةِ غريمه، فهذا عُذرٌ بلا شَكٍّ.

أَوْ مِنْ فَوَاتِ رُفْقَةٍ، أَوْ غَلَبَةِ نُعَاسٍ، أَوْ أَذًى بِمَطَرٍ، أَوْ وَحَلٍ وَبِرِيْحٍ بَارِدَةٍ شَدِيدَةٍ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ.
قوله: «أو من فوات رفقة» هذا نوعٌ ثامنٌ من أعذار تَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ، إذا كان يخشى من فوات الرُّفْقةِ وهذا عُذْرٌ لوجهين:
الوجه الأول: أنه يفوت مقصده من الرفقة إذا انتظر الصَّلاةَ مع الجماعةِ أو الجُمعةِ.
الوجه الثاني: أنه ينشغلُ قلبُه كثيراً، إذا سَمِعَ رفقته يتهيَّأون للسير وهو يُصلِّي فإنه يقلَقُ كثيراً، فإذا خِفْتَ فواتَ الرُّفقةِ فإنك معذورٌ بتَرْكِ الجُمُعةِ والجماعة، ولا فَرْقَ بين أن يكون السَّفرُ سفرَ طاعةٍ أو سفراً مباحاً، وسفر الطاعة كالسفر لعُمرةٍ أو حَجٍّ أو طلب عِلمٍ، والمباح كالسَّفر للتجارة ونحوها.
قوله: «أو غلبة نعاس» هذا نوعٌ تاسعٌ من أعذارِ تَرْكِ الجُمُعةِ والجماعة؛ إذا غلبه النُّعاسُ فإنه يُعذرُ بتَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ. مثال ذلك: رجل متعبٌ بسبب عَمَلٍ أو سَفَرٍ فأخذه النُّعاسُ فهو بين أمرين:
إما أن يذهبَ ويصلِّي مع الجماعةِ، وهو في غَلَبَةِ النُّعاسِ لا يدري ما يقول.
وإما أن ينامَ حتى يأخذَ ما يزولُ به النُّعاسُ ثم يُصلِّي براحةٍ.
فنقول: افعلْ الثاني؛ لأنك معذورٌ.
قوله: «أو أذى بمطر أو وحل» هذا نوعٌ عاشرٌ مِن أعذارِ تَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ.
فإذا خافَ الأذى بمطرٍ أو وَحْلٍ، أي: إذا كانت السَّماءُ تمطرُ، وإذا خَرَجَ للجُمُعةِ أو الجماعةِ تأذَّى بالمطرِ فهو معذورٌ.
والأذيَّة بالمطرِ أن يتأذَّى في بَلِّ ثيابه أو ببرودة الجَوِّ، أو ما أشبه ذلك، وكذلك لو خاف التأذِّي بوَحْلٍ، وكان النَّاسُ في الأول يعانون مِن الوحلِ؛ لأن الأسواقَ طين تربصُ مع المطر فيحصُلُ فيها الوَحْلُ والزَّلَقُ، فيتعبُ الإِنسانُ في الحضور إلى المسجدِ، فإذا حصلَ هذا فهو معذورٌ، وأما في وقتنا الحاضرِ فإن الوَحْلَ لا يحصُل به تأذٍّ لأنَّ الأسواقَ مزفَّتة، وليس فيها طين، وغاية ما هنالك أن تجدَ في بعض المواضع المنخفضة مطراً متجمِّعاً، وهذا لا يتأذَّى به الإِنسانُ لا بثيابه ولا بقدميه، فالعُذرُ في مثل هذه الحال إنما يكون بنزولِ المطرِ فإذا توقَّفَ المطرُ فلا عُذر، لكن في بعض القُرى التي لم تُزفَّت يكون العُذرُ موجوداً، ولهذا كان منادي الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم ينادي في الليلةِ الباردةِ أو المطيرة: ألا صَلُّوا في الرِّحالِ».
وفُهِمَ مِن قوله: «أو أذًى بمطرٍ» أنه إذا لم يتأذَّ به بأن كان مطراً خفيفاً فإنَّه لا عُذر له، بل يجب عليه الحضورُ، وما أصابه مِن المشقَّةِ اليسيرةِ فإنه يُثابُ عليها.
قوله: «وبريح باردة شديدة في ليلة مظلمة» هذا نوعٌ حادي عشر مِن أعذارِ تَرْكِ الجُمُعةِ والجماعة، وهو الرِّيحُ، بشروط:
الأول: أن تكون الرِّيحُ باردةً؛ لأنَّ الرِّيحَ السَّاخنةَ ليس فيها أذًى ولا مشقَّة، والرِّياحُ الباردةُ بالنسبة لنا في هذه المنطقة هي التي تأتي مِن الشمالِ، لأننا نحن الآن إلى القُطبِ الشّمالي أقربُ منَّا إلى القُطبِ الجنوبي، وفي الجهة الجنوبية مِن الأرض تكون الرياحُ الباردةُ هي التي تأتي مِن الجنوبِ.
الثاني: كونها شديدةً؛ لأنَّ الرِّيحَ الخفيفةَ لا مشقَّةَ فيها ولا أذًى، ولو كانت باردةً، فإذا كانت الرِّياحُ باردةً وشديدةً فهي عُذرٌ بلا شَكٍّ؛ لأنَّها تؤلم أشدَّ مِن ألم المطرِ.
الثالث: أن تكونَ في ليلةٍ مظلمةٍ: وهذا الشرطُ ليس عليه دليلٌ؛ لأنَّ الحديثَ الذي استدلُّوا به وهو حديثُ ابنِ عُمر «في الليلةِ الباردةِ أو المطيرةِ»ليس فيه اشتراطُ أن تكونَ الليلةُ مظلمةً، ولأنَّه لا أثرَ للظُّلمةِ أو النور في هذا الأمر، فالظُّلمةُ لا تزيد مِن برودة الجَوِّ، والصَّحو لا يزيد مِن سخونةِ الجو في الليل.
فالصحيح: أنه إذا وُجِدت ريحٌ باردةٌ شديدةٌ تشُقُّ على النَّاسِ فإنَّه عُذر في تَرْكِ الجُمُعةِ والجَماعة، وهو أَولى مِن العُذرِ للتأذِّي مِن المطر، ويَعرفُ ذلك مَن قاساه، ومع هذا فإن المشقَّة في البردِ يلحقُها مشقَّةٌ أخرى، وهي: أنَّ الغالبَ في البردِ كثرة نزولِ البولِ فيتعب الإِنسانُ منه، فإذا توضَّأ شَقَّ عليه الوُضُوءُ مع البرودةِ، ولا سيَّما في الزَّمنِ السَّابقِ فليس هناك سخَّانات تُسخِّنُ الماء، وأحياناً يكون الماءُ شديدَ البرودةِ جداً، فلهذا نقول: ما دامت العِلَّةُ هي المشقَّة، فإن المشقَّة تحصُل في الرِّيح الباردةِ الشديدةِ، أما الرِّيحُ الخفيفةُ العاديةُ أو الساخنةُ فليس فيها مشقة.
تنبيه: قوله: «في ليلة مظلمة» لا يتأتَّى هذا الشَّرط في الجُمُعةِ، وهو يؤيّد ما ذكرناه مِن عدم اشتراط الليلةِ المظلمةِ. والله أعلم.
مسألة: هل يُعذرُ الإِنسانُ بتطويل الإِمامِ؟
الجواب: يُعذرُ بتطويلِ الإِمامِ إذا كان طولاً زائداً عن السُّنَّةِ.
ودليل ذلك: أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يوبِّخ الرَّجُلَ الذي انصرفَ مِن صلاتِه حين شَرَعَ معاذٌ في سورة البقرةِ، بل وَبَّخَ معاذاً»، وإذا لم يوجد مسجدٌ آخر سَقَطَ عنه وجوبُ الجَماعة.
مسألة: هل يُعذرُ بسرعة الإِمام؟
الجواب: أنَّ هذا مِن بابِ أَولى أن يكون عُذراً مِن تطويلِ الإِمامِ، فإذا كان إمامُ المسجدِ يُسْرِعُ إسراعاً لا يتمكَّنُ به الإِنسانُ مِن فِعْلِ الواجبِ، فإنَّه معذورٌ بتَرْكِ الجماعةِ في هذا المسجدِ، لكن؛ إن وُجِدَ مسجدٌ آخرٌ تُقامُ فيه الجماعةُ وجبت عليه الجماعةُ في المسجدِ الثاني.
مسألة: إذا كان الإِمامُ فاسقاً بحَلْقِ لحيتِه، أو شُرْبِ الدُّخَّان، أو إسبالِ ثوب، فهل هذا عُذر في تَرْكِ الجماعةِ؟
الجواب: إنْ قلنا بأنَّ الصَّلاةَ خلفَه لا تَصِحُّ كما هو المذهب فهو عُذرٌ، وأما إذا قلنا بصحَّةِ الصَّلاةِ خلفَه ـ وهو الصَّحيح ـ فإنَّ ذلك ليس بعُذرٍ؛ لأنَّ الصَّلاةَ خلفَه تَصِحُّ وأنت مأمورٌ بحضورِ الجماعةِ.
مسألة: إذا كان الإِنسانُ مجرماً، وخافَ إن خَرَجَ أن تمسِكَه الشرطةُ، فهل هو عُذرٌ؟
الجواب: ليس بعُذرٍ؛ لأنَّه حَقٌّ عليه، أما إذا كان مظلوماً فإنَّه عُذرٌ.
مسألة: إذا كان في طريقِه إلى المسجدِ منكراتٌ كتبرُّجِ النِّساءِ، وشُرْبِ الخَمْر، وشُرْبِ الدُّخَّان، وما أشبه ذلك، فهل هذا عُذر؟
الجواب: ليس بعذر فيخرجُ، وينهى عن المنكرِ ما استطاع، فإن انتهى النَّاسُ فله ولهم، وإن لم ينتهوا فله وعليهم.
مسألة: إذا طرأت هذه الأعذارُ في أثناءِ الصَّلاةِ، فمثلاً: في أثناءِ الصَّلاةِ أصابه مدافعةُ الأخبثين؛ فله أنْ ينفردَ ويتمَّ صلاتَه إلا إذا كان لا يستفيدُ بانفرادِه شيئاً، بمعنى أن الإِمام يخفِّفُ تخفيفاً بقَدْرِ الواجبِ، ففي هذه الحال لو انفردَ لم يستفدْ شيئاً؛ إذ لا يمكن أن يخفِّفَ أكثر مِن تخفيفِ الإِمامِ.
وهل له أن يقطعَ الصَّلاة؟
الجواب: نعم، له أنْ يقطعَ الصَّلاةَ؛ إذا كان لا يمكنه أن يكمِلها على الوجه المطلوبِ منه، إلا إذا كان لا يستفيدُ مِن قطعِها شيئاً؛ فإنه لا يقطعها، مثاله: لو سمعَ الغريمَ يدعوه في أثناءِ الصَّلاةِ، ففي هذه الحال لو انصرفَ لأمسكَه، فلا يستفيد بقطعِ الصَّلاةِ شيئاً؛ فلا يقطعها.
مسألة: هل هذه الأعذارُ عُذرٌ في إخراج الصَّلاةِ عن وقتِها؟
الجواب: ليست عُذراً، فعلى الإِنسان أن يصلِّيها في الوقت على أيِّ حالٍ كانت، إلا أنَّ بعضَ أهلِ العِلم قال: إنَّ مدافعةَ الأخبثين عُذرٌ في إخراجِ الصَّلاةِ عن وقتِها؛ وذلك لأنَّ حَبْسَ الأخبثينِ، يكون به ضررٌ على الإِنسانِ، وبعضُ النَّاسِ أيضاً يَحسُّ إذا حبس الأخبثين، ولا سيما البول بخفقان شديدٍ في القلب فيخشى على نفسه منه، ولكننا نقول: إذا كانت هذه الأعذارُ في الصَّلاة الأُولى التي تُجمع لما بعدَها، فإن هذه الأعذار تُبيحُ الجَمْعَ، وهذه فائدةٌ مهمَّةٌ، فالأعذارُ التي تُبيحُ تَرْكَ الجُمُعةِ والجَماعةِ تُبيحُ الجَمْعَ. وحينئذٍ إذا حصلت لك في وقتِ الصَّلاةِ الأُولى فتنوي الجَمْعَ، وتؤخِّرُ الصَّلاةَ إلى وقتِ الثانيةِ؛ لعمومِ حديث عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما «جَمَعَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم في المدينةِ بين الظُّهرِ والعصرِ، وبين المغربِ والعشاءِ مِن غير خوفٍ ولا مطرٍ، قالوا: ماذا أرادَ بذلك؟ قال: أرادَ أن لا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ» أي: أنْ لا يَلحقها الحَرَجُ في تَرْكِ الجَمْعِ.
مسألة: الآكلُ للبصلِ؛ هل يُعذرُ بتَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ؟
وهل يجوزُ له أنْ يأكلَ البصلَ أم لا؟
الجواب: إنْ قَصَدَ بأكلِ البصلِ أنْ لا يُصلِّيَ مع الجماعةِ فهذا حرامٌ ويأثمُ بتَرْكِ الجمعة والجماعة، أما إذا قَصَدَ بأكلِهِ البصلَ التمتُّعَ به وأنَّه يشتهيه، فليس بحرامٍ، كالمسافر في رمضان إذا قصد بالسَّفَرِ الفِطْر حَرُمَ عليه السَّفَرُ والفِطر، وإنْ قَصَدَ السَّفَرَ لغرضٍ غيرِ ذلك فله الفِطْر.
وأما بالنسبة لحضُورِه المسجدَ؛ فلا يحضُرُ، لا لأنه معذورٌ، بل دفعاً لأذيَّتِهِ؛ لأنَّه يؤذي الملائكةَ وبني آدم.
أما الأعذارُ التي ذكرها المؤلِّفُ فهي أعذارٌ تُسوِّغُ للإِنسانِ أن يَدَعَ الجُمُعةَ والجماعةَ؛ لأنَّه متَّصفٌ بما يُعذرُ به أمامَ الله، أما مَن أكلَ بصلاً أو ثوماً فلا نقولُ إنَّه معذورٌ بتَرْكِ الجُمُعةِ والجماعة، ولكن لا يحضُر دفعاً لأذيته، فهنا فَرْقٌ بين هذا وهذا، لأن هذا المعذورَ يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ كاملاً إذا كان مِن عادتِه أن يصلِّي مع الجماعةِ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا مَرِضَ العبدُ أو سافرَ كُتِبَ له مثلُ ما كان يعملُ صحيحاً مقيماً»أما آكلُ البصلِ والثُّومِ فلا يُكتب له أجرُ الجماعةِ؛ لأننا إنما قلنا له لا تحضر دفعاً للأذية؛ كما قال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ الملائكةَ تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم».
مسألة: إذا كان فيه بَخْرٌ، أي: رائحةٌ منتنةٌ في الفَمِ، أو في الأنفِ أو غيرهما تؤذي المصلِّين، فإنَّه لا يحضرُ دفعاً لأذيَّتِه، لكن هذا ليس كآكلِ البصلِ؛ لأنَّ آكلَ البصلِ فَعَلَ ما يتأذَّى به النَّاسُ باختيارِه، وهذا ليس باختيارِه، وقد نقول: إنَّ هذا الرَّجُلَ يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ؛ لأنَّه تخلَّفَ بغير اختيارِه فهو معذورٌ. وقد نقول: إنه لا يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ؛ لكنه لا يأثمُ، كما أنَّ الحائضَ تتركُ الصَّلاةَ بأمره اللهِ ومع ذلك لا يُكتب لها أجرُ الصَّلاةِ فإنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم جَعَلَ تَرْكَها للصَّلاةِ نقصاً في دينِها.
مسألة: مَن شَرِبَ دُخَّاناً وفيه رائحةٌ مزعجةٌ تؤذي النَّاسَ، فإنَّه لا يَحِلُّ له أنْ يؤذيهم، وهذا لعلَّه يكون فيه فائدةٌ، وهي أنَّ هذا الرَّجُلَ الذي يشربُ الدُّخَّانَ لما رأى نفسَه محروماً مِن صلاةِ الجماعةِ يكون سبباً في توبته منه وهذه مصلحة.
مسألة: مَن فيه جروحٌ منتنةٌ، وهذا في الزَّمنِ الماضي؛ لعدم وجودِ المستشفيات، فله أن يتخلَّفَ عن الجُمُعةِ والجَماعةِ، ولكن لا نقول: إنه عُذرٌ كعُذرٍ المريض وشبهه، إلا إذا كان يتأخَّرُ عن صلاةِ الجماعةِ خوفاً مِن ازديادِ ألمِ الجُرحِ، لأنَّ الرَّوائحَ أحياناً تؤثِّرُ على الجُروحِ وتزيدها وَجَعاً، فهذا يكون معذوراً، ويدخل في قسم المريض.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, يعذر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:44 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir