الدرس السابع: علماء مكة المكرمة في القرون الفاضلة [ طبقة تابعي التابعين ]

[عبد العزيز الداخل]

لمحات من التاريخ العلمي للطائف في القرون الفاضلة

والطائف قريب من مكة، وقد كان أميرها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص الثقفي ثم نقله عمر إلى البحرين ثم استقر في البصرة.
وكان عثمان قد استخلف على الطائف أخاه الحكم بن أبي العاص الثقفي، ثم ولّى عمر الطائف سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه.
وكان من أهل الطائف: أبو عبيد الثقفي رضي الله عنه، وهو والد صفية امرأة عبد الله بن عمر، ووالد المختار بن أبي عبيد الذي يُعرف بالكذاب.
وكان أبو عبيد رجلاً صالحاً ومجاهداً بطلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أمير الجيش الذي قاتل الفرس قبل وقعة القادسية في معركة الجسر، ويقال: جسر أبي عبيد؛ نسبة إليه، لأنه نصب على النهر جسراً يعبر منه المسلمون لملاقاة الفرس، وقد استشهد في تلك المعركة.
ومن أهل الطائف: عروة بن مسعود الثقفي وهو من بني سعد بن عوف، وأمه سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي، أسلم في أوّل سنة تسع للهجرة، ثم رجع إلى قومه ليدعوهم إلى الإسلام؛ فآذوه فحلم عنهم؛ وائتمروا به، فلما كان الفجر خرج فأذن للصلاة؛ فخرجوا عليه من كل ناحية ورماه رجل منهم فأصاب أكحله، وكادت ثقيف تقتتل فيما بينها بسببه؛ فتصدّق بدمه على قاتله ليصلح بينهم، وأوصى أن يدفن مع شهداء غزوة الطائف مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد نزل الطائف من الصحابة: أبو رزين لقيط بن عامر العقيلي، وعبد الله بن عمرو بن العاص انتقل إليها في آخر حياته، وابن عباس انتقل إليها في آخر حياته وتوفي فيها، رضي الله عنهم.

ثم كان بعدهم جماعة من التابعين منهم:

- محمد بن الحنفية انتقل إلى رضوى قرب الطائف.
- ووكيع بن عدس العقيلي وهو ابن أخي لقيط بن عامر.
- وعبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الجشمي، ويقال له: ابن أم الحكم، وهي بنت أبي سفيان بن حرب، وقد ولي الكوفة ومصر في زمن خاله معاوية.
- وعمرو بن أوس الثقفي.

- وعمرو بن الشريد الثقفي.

- ويعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي.
- وعمرو بن شعيب السهمي.
وغيرهم

1: عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي(ت:118هـ)
روى عن زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنهما، وروى عن أبيه وسعيد بن المسيب، وطاووس بن كيسان، وعطاء بن أبي رباح، وسليمان بن يسار، وغيرهم.
وروى عنه عطاء بن أبي رباح، وقتادة، وعمرو بن دينار، وابن جريج، والزهري، ومكحول، وأيوب، وابن إسحاق، وابن لهيعة، وغيرهم كثير.
وكان رجلاً صالحاً صدوقاً، حسن الخصال، لكنه ابتلي بآفتين: تساهله في الرواية عن الضعفاء، وتدليس بعض الرواة عنه؛ فدخل فيما يروى عنه أحاديث ضعيفة كثيرة.
- قال أيوب بن سويد الرملي عن الأوزاعي قال: (ما رأيت قرشياً أكمل من عمرو بن شعيب). رواه ابن عدي.
- قال أبو عمرو بن العلاء: (كان قتادة وعمرو بن شعيب لايعاب عليهما شيء إلا أنهما كانا لا يسمعان شيئاً إلا حدثا به). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- قال البخاري: (رأيت أحمد بن حنبل، وعليّ بن عبد الله، والحميدي، وإسحاق بن إبراهيم يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه).

- وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: (سألت علياً [ ابن المديني ] عن عمرو بن شعيب؛ فقال ما روى عنه أيوب وابن جريج فذلك كله صحيح، وما روى عمرو عن أبيه عن جده؛ فذلك كتاب وَجَدَه؛ فهو ضعيف).

- وقال الحسن بن سفيان عن إسحاق بن راهويه قال: (إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ثقة، فهو كأيوب عن نافع، عن ابن عمر).
- وقال أبو داود السجستاني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: (أصحاب الحديث إذا شاؤوا احتجوا بعمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وإذا شاؤوا تركوه).
قلت: ليس هذا منهم على سبيل التشهّي، وإنما لتمييزهم ما هو حديثه مما ليس من حديثه.
- قال أبو عبد الله الذهبي: (كان ينزل الطائف).
- قال ابن حبان (مات عمرو بن شعيب بالطائف سنة ثمان عشرة ومائة).