دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الآخرة 1439هـ/22-02-2018م, 02:04 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس العاشر: مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية

مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية الأندلسي


س: استخلص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي، ثم لخّص بأسلوبك ما قيل في كل مسألة.


تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 9 جمادى الآخرة 1439هـ/24-02-2018م, 10:22 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

مقدمة تفسير ابن عطية

س: استخلص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي، ثم لخّص بأسلوبك ما قيل في كل مسألة.
وردت مقدمة ابن عطية في عشرة أبواب ، لكل باب منها مسائله المتعلقة به ، وقد أوردت ما استخرجته من هذه المسائل تحت كل باب ولخصت تحت كل مسألة حسب فهمي لها

🔹 خطبة التفسير
المسائل :
بدء الخطبة بالحمد والتسليم
بدأ ابن عطية تفسيره بحمد الله والثناء عليه بما يليق به من أوصاف العزة والقدرة ، والثناء عليه بما من به على الأمة من جعلها أمة وسطا ، ثم إنزاله كتابه ليكون لها شرعة ومنهاجا وحجة أقامها على الناس وإعجازا تحدى به الثقلين إلى يوم القيامة
ثم أردف الحمد بالتسليم على رسول الله صلى الله عليه والسلام تسليما يليق به عليه الصلاة والسلام

🔸 والبدء بحمد الله والثناء على رسوله هو مما سن للمؤمنين البدء به عند كل خطبة ، وهو ما درج عليه السلف في كل خطب ومقدمات كتبهم ، وقد تفننوا في ذلك فجعل كل منهم يقدم من الحمد والثناء ما يناسب ما هو بصدده وما له تعلق بالعلم الذي يبحثه ، فتعرف العلم الذي تعرض له مما أورده من ألفاظ الحمد والثناء وما ذكر به من النعم .

طلبه للعلم في مختلف ميادينه
ذكر ابن عطية طلبه العلم من مختلف أنواع العلوم وأنه أخذ من كل علم بطرف ، وأنه أنفق في طلبه عمره كله ، وأنه بعد ما حصله من العلم وما أنفق فيه وقته وجهده رأى أن من زكاة علمه أن يختار علما يتبحر فيه ويستنفذ فيه ما تبقى من عمره دراسة وبحثا وتأليفا

ذكر بعض ما يقتضيه طلب العلم
ذكر ابن عطية أن طلب العلم يتطلب من طالبه بذلا لأمور كثيرة :
1- أنه ينبغي لطالب العلم الاجتهاد في الطلب وألا يدع من وسعه وجهده إلا ويبذله في طلبه
2- أن من اختار طريق العلم فقد هجر النوم إلا ما يحصل له به القوة ، وقد كان كذلك سلفنا رحمهم الله حيث كان أحدهم ينفق ليله تنقيح المسائل وبحثها ، بل قد يكون نائما فتخطر له الخطرة في نومه فيسرج سراجه ليكتبها لئلا تفوته
3- أن طالب العلم ينبغي له أن يصبر على طلبه وما يلاقي فيه من صعوبات وعقبات ، فقد يضطر للسفر أو الوقوف على أبواب العلماء التماسا لما عندهم من علم ..
4- ينبغي لطالب العلم أن يزكي علمه بتبليغه وأدائه لغيره
5- مما يقوي الطلب الاختصاص بعلم معين فيلم به شتات أفكاره وجهده ويقوي فيه عزمه فيبرع فيه .

سبب اختياره لعلم التفسير ليتبحر فيه
ذكر ابن عطية أنه لما قلب العلوم وجد أن أنفعها له في آخرته علم التفسير ؛ وذلك لأسباب ذكر منها :
1- تعلقه بأشرف الكتب وأعظمها ، فهذا يجعل العلم بكتاب الله وتفسيره من أشرف العلوم وأعظمها نفعها
2- لأن العلم بتفسير كتاب الله أعظم قربة إلى الله تعالى
3- أقرب إلى صلاح النيات وخلوصها من الشوائب ، فلا يزال كتاب الله يذكر العامل به والباحث فيه كلما سها وغفل ، فهو ليس من علوم الدنيا حتى يشد إليها ويدعو لها .
4- اختار التفسير رجاء أن يغفر الله له به إذ أنفق عمره في تفسير كتابه .

لم ألف ابن عطية كتابه في التفسير
لأنه وجد في علم التفسير فوائد ونكت تغلب قوة الحفظ ، وأن الذاكرة تنوء بحملها وحفظها ، وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتقييد العلم بالكتابة ، فحرص على تدوين علمه وتقييد حفظه بالكتابة ، ثم لينقل خلاصة علمه ومجهوده وفكره لمن بعده فيستفيدوا منه .

مقصده في تفسيره
- قصد في تفسيره أن يكون جامعا وجيزا محرر حوى خلاصة علمه في التفسير ، بما تحتمله اللغة من معان وما أورده السلف والعلماء من الأقوال فيه ، وحرص على إيجازه دون تطويل ممل ولا اختصار مخل

منهجه في التفسير
- الإيجاز والاقتصار على ما بتعلق بالآية دون تشعب وتطويل
- لم يكثر من القصص واكتفى بما لا تفسر الآية إلا به
- أثبت أقوال العلماء فيما نسب إليهم من أقوال في التفسير
- التزم ما تحتمله العربية في التفسير
- ابتعد عن تفسير أهل الباطن والقول بالألغاز والرموز
- نبه على ما قد يستخدمه بعض الملاحدة من الفاظ لتفسير غاياتهم ومآربهم
- سرد التفسير متتبعا الألفاظ ، وبين التفسير حسب رتبة الألفاظ في الآية من حكم أو نحو أو لغة أو معنى أو قراءة
فأورد جميع القراءات مستعملها وشاذها
وبين المعاني وجميع ما تحتمله الألفاظ
وحرص على حذف الفضول
- أودعه خلاصة علمه في التفسير وسائر العلم التي تخدمه فكان ثمرة جهده وعمره .

🔹باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به
أورد ابن عطية في هذا الباب أحاديث ، وقد صنفت مسائلها حسبما ظهر لي ووضعت تحت كل مسألة ما أورده من أحاديث وقد علقت على بعضها إذا شعرت فائدة ذلك :
🔸 بعض ما ورد في فضائل القرآن :
التمسك بالقرآن نجاة من الفتن :
ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أن آخر الزمان ستكون فيه فتن كقطع الليل المظلم ، وأن في هذه الفتن يحتار المرء ولا يثبته فيها إلا تثبيت الله له بتمسكه بكتابه وعمله بما فيه ، وأوصى الأمة بذلك مرارا : أن تعتصم بكتاب الله عند أي اختلاف أو فتنة ، ولذلك قرن سبحانه بين الاعتصام بالقرآن ونبذ التفرق ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )
ومما ورد في ذلك :
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)).

- و روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض: ((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين إنه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم كتاب الله سبب بينكم وبينه طرفه بيده وطرفه بأيديكم فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر فلا تسبعوهم فتهلكوا)).

أن فيه علم الأولين والآخرين
- بين رسول الله أن من أراد علم الأولين والآخرين يجده في القرآن ، وفليثور القرآن أي يبحث فيه ويستقصي معانيه

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)).

- وأن فيه من العلوم والأمور ما يطب به القلب
وقال ابن مسعود: مل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا: يا رسول الله حدثنا فأنزل الله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} الآية [الزمر: 23] ثم ملوا ملة أخرى فقالوا قص علينا يا رسول الله فأنزل الله تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [يوسف: 3].

أن في تلاوة القرآن وتعاهده أجرا عظيما
عظم رسول الله ما أعد الله من أجر لتالي القرآن ، فجعل الأجر فيه على تلاوة كل حرف من حروفه ، كما بين أن الأجر فيه على قدر المشقة فيه ...
- فقال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)).

- ثم بين أن أجر تلاوة القرآن يناله من يتعاهد القرآن سواء كان ممن يتتعتع فيه وهو عليه شاق أم من المهرة به كل حسب مشقته
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)).

- وحدث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن)).

- وكذلك ورد في فضل تلاوة سورة البقرة
وقال قوم من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم: ((فلعله قرأ سورة البقرة)) فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم قرأت سورة البقرة.

- وكذلك ما روي من حديث أنس بن النضر حين جالت فرسه وهو يقرأ سورة البقرة لتنزل النلائكة وحضورها قراءته .

- وهذا ابن مسعود رضي الله عنه لا يحب أن يشغله شيء عن تلاوة القرآن
فقد قيل له : إنك لتقل الصوم فقال إنه يشغلني عن قراءة القرآن وقراءة القرآن أحب إلي منه.

القرآن كتاب لا يمل منه على كثرة ترداده
أورد ابن عطية ما سئل به جعفر الصادق من أن القرآن لا يمل منه مع ترداده فبين أن ذلك
1- لأنه ذكر للأولين والآخرين ، وأنه كما كان لهم هداية فهو لمن بعدهم كذلك وهو كما كان حجة للسابقين فهو حجة للآخرين كذلك
2- لأن القرآن لا تنقضي عجائبه ، فكلما تلاه المرء وجد الجديد من المعاني والهدايات
3- أن قصصه تكررت ليكون لكل من قرأه هداية وعبرة منها بحسب ما تيسر له

ما أوتي أحد خيرا من القرآن
- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم الله))
- وقال عبد الله بن عمرو بن العاص من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه

القرآن شفيع لصاحبه وحجة له
- قال عليه السلام: ((ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك)).

- وروى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)).

أفضل العبادة والأدب القرآن ، وهو ميراث الأمة
- قال عليه السلام: ((أفضل عبادة أمتي القرآن))
- وقال عبد الله بن مسعود إن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه وإن أدب الله القرآن.
- ومر أعرابي على عبد الله بن مسعود وعنده قوم يقرؤون القرآن فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقال له ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد صلى الله عليه وسلم.

أشرف الأمة حملة القرآن
ولشرف كتاب الله وعظم مكانته شرف الله حملته فبين رسول أن أشراف الأمة هم حملة القرآن :
فقد روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أشراف أمتي حملة القرآن)).

البيت الخالي من القرآن أصفر البيوت
ورد عن رسول الله أن القلب الذي لا يقرأ فيه القرآن كالبيت الخرب ، فإذا كان هذا حال القلب ، فحال البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن صفر أي خال من الخير
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن أصفر البيوت بيت صفر من كتاب الله))

تعلم القرآن وتعليمه
وروى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)).

المغفرة بالقرآن :
أكرم الله هذه الأمة ومن عليها بأبواب من الخير والرحمة والمغفرة لم تكن للأمم قبلها ، فقد بين في كتابه أن الأمة التي أورثت هذا الكتاب كلها في فضل كبير من الله ، فقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} [فاطر: 32].فقال سابقكم سابق ومقتصدكم ناج وظالمكم مغفور له ...
فكم من رحمة الله إذ جعل الظالم لنفسه بتقصيره في فضل كبير من الله ومغفرة بهذا الكتاب الذي أورثه للأمة .

- وذكر أبو عمرو الداني عن علي الأثرم قال: كنت أتكلم في الكسائي وأقع فيه ؛ فرأيته في النوم وعليه ثياب بيض ووجهه كالقمر فقلت يا أبا الحسن ما فعل الله بك فقال غفر لي بالقرآن.

الوصية بالقرآن
أوصى رسول الله أمته بالتمسك بالقرآن وتعاهده خصوصا زمن الفتن كما مر ، وكانت من آخر وصاياه في حجة الوداع ، ومشى على ذلك صحابته رضوان الله عليهم فكانوا يوصون بالقرآن :
- قال عقبة بن عامر عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: ((عليكم بالقرآن)).

- وقال رجل لعبد الله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه.

- وقال رجل لأبي الدرداء: إن إخوانا لك من أهل الكوفة يقرئونك السلام ويأمرونك أن توصيهم فقال أقرئهم السلام ومرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة ويجنبهم الجور والحزونة.

- وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: إن من أشراط الساعة أن يبسط القول ويخزن الفعل ويرفع الأشرار ويوضع الأخيار وأن تقرأ المثناة على رؤوس الناس لا تغير قيل: وما المثناة؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله قيل له فكيف بما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أخذتموه: عمن تأمنونه على نفسه ودينه فاعقلوه وعليكم بالقرآن فتعلموه وعلموه أبناءكم فإنكم عنه تسألون وبه تجزون وكفى به واعظا لمن عقل

أثر تلاوة القرآن على تاليه
ولما كان رسول الله بين الأجر الذي يناله تالي القرآن ، بين كذلك من افضل التالين له :
- روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أحسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)).
فترتب على تلاوته انفعال القلب والجوارح وتحركها بالقرآن ، لا مجرد عد الصفحات والكلمات . فهذا أحسن الناس قراءة ؛ من مانت قرءته يترتب عليها خشية لله .

- ويروى أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب.

- وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع} [الطور: 7] فأن أنة عيد منها عشرين يوما

العمل بالقرآن
ذكر ابن عطية من الآثار التي تدل على أن المراد من التلاوة ليس مجرد تلاوة الحروف وإقامتها ، وإنما التدبر والفهم والعمل ، ولذلك نهي عن هذ التلاوة ودعي إلى التدبر والفهم :
- وقال عليه السلام: ((اقرؤوا القرآن قبل أن يجيء قوم يقيمونه كما يقام القدح ويضيعون معانيه يتعجلون أجره ولا يتأجلونه)).

- وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به.

- وقال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار.

- وقال ابن عطية في قوله تعالى{ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} [القمر: 17، 22، 23، 40].
وقال تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} [المزمل: 5] أي علم معانيه والعمل به والقيام بحقوقه ثقيل فمال الناس إلى الميسر وتركوا الثقيل وهو المطلوب منهم.

- وقيل ليوسف بن أسباط: بأي شيء تدعو إذا ختمت القرآن قال: أستغفر الله من تلاوتي لأني إذا ختمته وتذكرت ما فيه من الأعمال خشيت المقت فأعدل إلى الاستغفار والتسبيح.

- وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء قال فلما ختمته أردت الرجوع من أوله فقال لي: اتخذت القراءة علي عملا اذهب فاقرأه على الله تعالى في ليلك وانظر ماذا يفهمك منه فاعمل به.

🔹باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه
أهمية العربية لفهم القرآن
أنزل الله كتابه بلسان عربي مبين ، ولذلك كان أساس فهمه معرفة العربية وعلومها ، وقد كان صحابة رسول الله والتابعون بعدهم حريصون على تفسير غريب القرآن بما تعرفه العرب من كلامها
ولذلك روى ابن عباس أن رجلا سأل رسول الله أي علم القرآن أفضل فقال : (عربيته ، فالتمسوها في الشعر )
و روي عن ابن عباس في مناظرته للازرق لما سأله عن بعض غريب ألفاظ القرآن هل تعرفه العرب فكانت إجابته من لغة العرب وديوانها وهو الشعر

وكذلك فإن أكثر البدع لما دخلت الأمة دخلتها من جهة العجم لعدم فهمهم كتاب الله على وجهه كما فهمته العرب
- قال الحسن :،أهلكتهم العجمة ، يقرأ أحدهم الآية فيعيا بوجوهها حتى يفتري على الله فيها

تفسير القرآن حكمة وعلم
فقد فسر السلف قوله تعالى ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ) أن الحكمة القرآن والفقه فيه وهو قول قتادة ،
وأن الحكمة الفهم في القرآن قاله ابو العالية ، وغيرهما أن الحكمة تفسير القرآن
وكلها أقوال متقاربة في أن الحكمة التي من أوتيها أوتي خيرا كثير هي تفسير القرآن وفهمه
ولذلك فقد مدح علي بن أبي طالب جابر بن عبد الله ووصفه بالعلم لأنه يعلم تفسير ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد )
وكذلك فقد كانوا يرحلون في تفسير آية ويطلبونها عند من يظن فيه علمها

ذم القارئ الذي لا يفهم ما يقرأ
الأصل في تلاوة القرآن فهمه وتدبره ، ومن تلاه حروفا دون أن يعيه ويفهم مقصوده فقد أضاع خيرا كثيرا ، وأضاع الغرض الذي من أجله يتلو وهو التدبر والفهم اللذان يقودان إلى العمل
لذلك حذر الصحابة من أقوام يجيئون يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يهذونه كهذ الشعر ، وجعلهم إياس بن معاوية كأناس في ظلمة بين أيديهم أعظم رسائل لكن لا يدرون ما فيها ، ومن عنده علم تفسيره هو كالمصباح لهؤلاء يعينهم على فهم هذه الرسائل

بل إن القراءة دون فهم قد تؤدي إلى الفرية على الله وتجر إلى القول في كتاب الله بالرأي المجرد بلا دليل ولا علم ولا اجتهاد ...

الحث على فهم القرآن وتثويره
ومن ذلك فقد كان الحث والحض على تعلم القرآن وفهمه
- فكان ابن عباس يبدأ مجلسه بالقرآن ثم تفسيره ثم الحديث ،
- وقال الحسن أنه يحب أن يعلم أي آية فيم أنزلت
- وكان ابن مسعود يقول عن نفسه أنه ما نزلت آية من كتاب الله إلا وهو يعلم أين نزلت وفيمن نزلت

وكانوا يعظمون من يعلم تفسير القرآن ويدنونه
- وقصة عمر مع ابن عباس في ذلك معروفة إذ مان يدنيه من مجلسه ويجلسه مع الأشياخ مع حداثة سنه ؛ فلما قالوا له في ذلك دعاهم معه وسألهم عن تفسير سورة العصر ، ففسرها القوم بمعانيها وفسرها ابن عباس بمقصدها وغايتها وأنها نعي لنفس رسول الله صلى الله عليه وسلم وإبلاغ له بدنو أجله

🔹باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين
تعظيم التفسير
ولأن تفسير القرآن متعلق بكلام الله تعالى ، ولأنه بيان لمعاني كلامه سبحانه فقد كان صحابة رسول الله والتابعين بعده يعظمون القول في التفسير ، فلا يفسر أحدهم الآية إلا إن كان قد علم وجهها حقا ،
- وقد روي عن عائشة أن رسول الله لم يفسر ما لا سبيل له إلا بتوقيف من الله إلا بالوحي ، فهو وهو رسول لم يقل في التفسير برأيه
- وكذلك روي عن أبي بكر أنه كان يقول أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن قلت في كتاب الله بما لا أعلم
- وكان يقولون عن التفسير أنه الرواية عن الله فلا يجرأون عليه بغير علم

ذم التفسير بالرأي المجرد
وقد ذم من يقول في القرآن برأيه المجرد بلا دليل ولا علم
قال صلى الله عليه وسلم ( من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ )
ولذلك كان ابن عباس يقول أنه لا ينبغي لمن لا يعرف مكي القرآن ومدنيه وحضريه وسفريه وناسخه ومنسوخه وأسباب نزوله وإعرابه وأوجه قراءته وغيرها من علوم القرآن أن من لا يعرفها لا ينبغي له أن يتكلم بشيء في كتاب الله لأنه بذلك ليس أهلا للتفسير والقول فيه ، ولأن من لا يعلم علوم القرآن التي بها يفهم فلا بد سيكون قوله فيه بالرأي المجرد الذي غالبا ما يكون تابعا للهوى منشئا للبدع وقول الباطل .

🔸من برع في التفسير من الصحابة
ذكر من برع من صحابة رسول الله جماعة أخذ منهم التفسير منهم :
- علي بن أبي طالب رضي الله عنه
- وابن عباس رضي الله عنه حبر الأمة وترجمان القرآن والذي دعا له رسول الله بالفقه وعلم التأويل

- وقد أثنى ابن عباس على علي فقال أن ما أخذه من التفسير فهو من علي
- كذلك أثنى علي وابن مسعود على ابن عباس
- فكان ابن مسعود يقول : نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس
- وقال عنه علي : كأنما ينظر للغيب من ستر رقيق

كما كان من مفسري الصحابة :
- وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه
- وأبي بن كعب
- وزيد بن ثابت
- عبد الله بن عمرو بن العاص

وتفسير الصحابة حجة على من بعدهم مقدم على غيره
إذا صحت النسبة إليهم

🔸 من عرف عنه التفسير من التابعين
وأما من التابعين فقد برز من تلاميذ الصحابة جهابذة عرفوا بالتفسير عنهم
منهم:
- مجاهد الذي قرأ القرآن على ابن عباس أكثر من عشرين مرة يوقفه عند كل آية يسأله عنها ، ولذلك قالوا : إذا أتاك التفسير من مجاهد فحسبك به
- وعكرمة والضحاك وسعيد بن جبير عن ابن عباس
- ومن مفسري التابعين كذلك الحسن بن أبي الحسن وعلقمة النخعي وقتادة بن دعامة السدوسي وغيرهم

🔸بعض من ألف في التفسير :
ممن ألف في التفسير عبد الرزاق الصنعاني ، والبخاري والمفضل ، وعلي بن أبي طلحة
ومن المبرزين في التفسير :
- الزجاج ، وأبو علي الفارسي
- وابن جرير الطبري الذي تميز بجودة تفسيره وإسناده
ومن المفسرين كذلك : النقاش والنحاس وإن كان قد تكلم في تفسيريهما
- وكذلك مكي بن أبي طالب والمهدوي وغيرهم كثير
ولا زال علم التفسير بفضل الله ينال من الأمة أعظم مجهوداتها ، ولا زال يبرز في كل عصر من المفسرين من يعتنون بكتاب الله ويضيفون إلى المكتبة التفسيرية ما يزيدها غنى وثراء

🔹 باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه))
ما ورد في المراد بالسبعة أحرف التي نزل عليها القرآن
اختلف في المراد بالسبعة أحرف ، وذكرت في تفسير ذلك أقوال عديدة ، والاختلاف في معناها لم يكن في فهم الصحابة لها ، فصحابة رسول الله كانوا قد علموا معناها حتى لم يرد عنهم سؤال عن معناها ولم يرو أي بيان لها لاتضاحها عندهم ، وإنما نشأ الاختلاف في المعنى بعد ظهور القراءات واختيارات أوجه قراءتها وظهرت المصنفات في القرءات والتأليف في علوم القرآن ، وأحاديث السبعة أحرف مما تواتر من الأحاديث فكان لا بد من استقصاء معناها ومحاولة فهمها واستنباط العلاقة بين هذه الأحرف وأوجه القراءات والاختلافات بينها ، ثم العلاقة بينها وبين ما فعله عثمان في جمعه للمصحف ونسخه على نسخ وحرق ما سواها مما خالفها

🔺وقد ورد في معناها أقوال :
1- قيل هي السبعة أوجه للكلمة بما يحمل معناها من ألفاظ مترادفة كتعال وهلم وأقبل وإلي وجئ وأقرب ونحوي ، وكاللغات في أف ... وضعف هذا القول ابن عطية

2- قيل هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في الحلال والحرام ... قال ابن عطية وهو قول محتمل

3- وقيل هي معاني كتاب الله : أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال . وضعفه ابن عطية لأسباب :
أ- لأن هذه لا تسمى أحرفا
ب- أن الأحرف السبعة قد حصل فيها توسعة على البشر والتوسعة حصلت في الألفاظ لا في المعاني ولا في تغيير الحكم من حلال إلى حرام أو العكس

- وقد ذكر ابن عطية قول الباقلاني في الحديث الذي ورد فيه ذكر ذلك (( إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه)).فبين الباقلاني أن الحرف هنا بمعنى الجهة والطريقة لا بمعنى الأحرف التي فيها التوسعة .

4- أن هذه الأحرف هي وجوه الاختلاف في القراءات التي لا يخرج حدود الخلاف عنها وهي :
- منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ} وأطهرَ.
- ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد} وباعَد.
- ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل (ننشرها) و{ننشزها}.
- ومنها ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5] و(كالصوف المنفوش)
- ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلح منضود} [الواقعة: 29] و(طلع منضود)
- ومنها بالتقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19] و(سكرة الحق بالموت).
- ومنها بالزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة أنثى).
وهو قول الباقلاني

5- أنها سبعة أوجه من أسماء الله تعالى ، كان قد وسع للناس في قراءة أي اسم مكان ذلك ثم نسخ ومنع فلا يجوز لأحد أن يبدل اسما من أسماء الله مكان غيره
وهو قول الباقلاني كذلك في تفسيره لحديث أبي حيث قال له صلى الله عليه وسلم :
(( يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)).
ولكنه ذكر أن هذه السبعة ليست هي الوجوه والطرائق ولا القراءات التي وسع على الناس بها

6- أن السبعة أحرف هي سبع لغات من لغات العرب
وضعف الباقلاني هذا القول واحتج على ذلك ب:
أ. أن عمر بن الخطاب وحكيم بن هشام قرشيان وحصل بينهما الاختلاف على القراءة ، وكذلك كانت قراءة أبي وابن مسعود بينها اختلافات وكلهم لغتهم واحدة
وأن التوسعة إنما حصلت من جهة أوجه القراءة لا من جهة لغتها ، ولذلك كان يقال حرف أبي وحرف ابن مسعود لاختلاف أوجه قراءتهم ،

🔺وخلص الباقلاني إلى القول بأن معنى أن القرآن منزل على سبعة أحرف : أي على سبعة أحرف من اللغات والإعراب وتغيير الأسماء والصور ؛ وهو متفرق في كتاب الله كله ليس مجتمعا في حرف واحد أو سورة واحدة

- وفي ذلك يتبين رد الباقلاني لما أورده من قول عن بعضهم أن معنى حديث الأحرف السبعة أن كل كلمة حصل فيها الاختلاف في القراءة لا بد أن يكون على سبعة أوجه ، وتعرف بعض الوجوه بمجيء الخبر بها ولا تعرف بعضها إذا لم يأت بها خبر
وكذلك قول من قال أن الحديث يتضمن في معناها أنه لو كانت هناك كلمة واحدة أو كلمتان تقرآن على سبعة أوجه تم معنى الحديث ...

الراجح في المراد بالأحرف السبعة وأدلته
- رجح ابن عطية وغيره أن المراد بالأحرف السبعة هي سبع لغات من لغات العرب نزل القرآن عليها ، وأن الاختلاف في اللغات مؤد بالضرورة ليس فقط إلى اختلاف اللفظ ومرادفها بل قد يؤدي اختلاف لغات القبائل إلى اختلاف وجوه الإعراب أو وجوه التصريف كما يقال في ( ضعف بفتح الضاد وضمها أنها لغة ، وكذلك البُخْل والبَخَل )

- وبين أن ذلك لا يعني أن كل حرف من هذه السبعة نزل به القرآن كاملا بحيث تقرأ القبيلة القرآن بلغتها فلا يدخل عليها من لغة غيرها شيء فيه، وإنما هو بمجموعه حوى هذه اللغات ، فنجد من آياته تارة بلغة قريش وتارة بلغة كنانة وتارة بلغة هذيل وتارة بلغة قيس وهكذا

- ورد على الباقلاني تضعيفه لهذا القول ، وقال أن النتيجة التي وصل إليها الباقلاني بقوله : ونقول بالجملة : إن القرآن منزل على سبعة أحرف من اللغات والإعراب وتغيير الأسماء والصور ؛ وهو متفرق في كتاب الله كله ليس مجتمعا في حرف واحد أو سورة واحدة
أن هذه النتيجة إنما هي مستفادة من كون الأحرف السبعة هي هذه اللغات

- وبين أن الاختلاف في لغات العرب ليس من قبيل الاختلاف بين لغة وأخرى غريبة عنها كالعربية والأعجمية مثلا ، وإنما التباين بين لغات العرب يسير ، فتستعمل كل قبيلة في ذات المعنى ألفاظا مختلفة ( كالمدية والسكين ) مثلا . لكن الكلام كله عربي وكله كلامهم .
فالصحابة الذين وردت الأحاديث فيهم وهم عمر وحكيم وهما قرشيان وأبي وهو من الأنصار ، وابن مسعود وهو من هذيل لم تكن لغتهم بمعنى لهجتهم واحدة وإنما كانت لغتهم فيها اختلافات في بعض الأمور ومن هذا النحو حصل الاختلاف في القرآن ، وهم جميعهم عرب .

- ثم رد الاعتراض على هذا القول بأن من اختلف من الصحابة كانوا من نفس القبيلة كاختلاف عمر وحكيم وهما قرشيان ، بأن الاختلاف بينهما ليس لأن عمر سمع من حكيم ما ليس قرشيا مثلا ، وإنما لأنه سمع منه غير ما أقرأه رسول الله وهذا وحي وقرآن لا يغير فيه ولا يبدل ، ولذلك أمسكه عمر بتلابيبه وقال من أقرأك هذا ، قال رسول الله ، قال كذبت ، قد أقرأنيها رسول الله بغير الوجه الذي قرأت
فالاختلاف والاعتراض كان على القراءة بغير ما يعرفه الصحابي مما سمعه من رسول الله .

🔸ما ورد في تحديد القبائل التي نزل القرآن بلغتها
ذكر ابن عطية أنه قد اختلف في تحديد القبائل التي قيل إن القرآن نزل بلغتها ، وأنهم رجحوا ما جاور منشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومما خلص إليه :
- أن أصل ذلك وقاعدته قريشا لأن رسول الله قرشي ، ثم بنو سعد بن بكر لاسترضاعه عندهم ونشأته فيهم ، ثم اكتسب لسانه وهو يخالط كنانة وهذيلا وثقيفا وخزاعة وأسد وضبة وألفافها لقربهم من مكة وترددهم عليها ، ثم تميما وقيسا وما انضاف إليهم من قبائل العرب .

- وذكر قول ثابت بن القاسم أن القرءان نزل علي لغة قبائل مضر فكان من هذه الأحرف لقريش ومنها لكنانة ولأسد ولهذيل ولتميم ولضبة وألفافها ولقيس فهذه سبعة قبائل تشمل مضر كلها نزل القرآن عليها فمرة بلغة هذه القبيلة ومرة بلغة تلك بحسب الأفصح والأجود .

وتحته مسائل تتعلق بهذه القبائل :
سبب سلامة لسان هذه القبائل وفصاحتها عن غيرها
أما ما ورد من سلامة لسان مضر واعتبارهم أفصح العرب فلذلك سبب رئيس :
أن هذه القبائل سلمت لغتها من دخول العجمة عليها ومخالطتهم لغير اللسان الفصيح فهي في وسط جزيرة العرب في الحجاز ونجد وتهامة فلم تطرقها الأمم

أما غيرها من القبائل فقد أفسدت الخلطة لسانها وأدخلت فيه شيئا من العجمة :
- فاليمن وجنوب الجزيرة أفسدت فصاحة أهله مخالطة الحبشة والهنود
( مع أن القاسم بن سلام والمبرد ذكرا أن القرآن نزل بلغة العرب نجدها ويمنها )
وبين ابن عطية أن ذلك وارد فيما استعملته عرب الحجاز من لغة اليمن كالعرم والفتاح بمعنى الحكم أو القاضي ، أما ما انفردت فيه لغة اليمن كالزخيخ والقلوب فليس من القرآن منه شيء
- وأما ما والى العراق من الجزيرة وهي بلاد ربيعة وشرقي الجزيرة فخالطوا الفرس والنبط ونصارى الحيرة فأفسد ذلك ألسنتهم
- وأما ما يلي الشام من شمال جزيرة العرب فأفسدتها خلطتهم الروم وبني إسرائيل

وأما غرب الجزيرة فيسكنها بعض قبلئل هذيل وبعضها غير مسكون .

فقبائل مضر المذكورة بقيت بعيدة عن هذه الخلطة للعجم فحفظ لها لسانها العربي وسلم لها
وذكر رسول الله أن من أسباب فصاحته أنه قرشي ( أنا أفصح العرب بيد أني من قريش )

مما يستدل به على فصاحة القبائل التي تقع في وسط الجزيرة ويرجح نزول القرآن بلغتها
مما يدل على فصاحة هذه القبائل أنه لما برز علماء أهل البصرة والكوفة وبدأوا في التأليف والطلب لعلم اللغة قصدوا هذه القبائل من الحجاز ، ولم يقصد أي منهم الشام أو اليمن أو العراق لفساد ألسنتهم بالخلطة ، كما أنهم لم يأخذوا من مكة والمدينة والطائف لكثرة مخالطتهم بسبي الفتوحات

بعض ما ورد في القرآن على غير لسان قريش
مما ورد في القرآن على غير لغة قريش :
1- فطر : فمعناها عند غير قريش ابتدأ خلق الشيء وعمله ، ولذلك قال ابن عباس أنه لم يفهم معناها إلا عندما اختصم إليه رجلان في بئر فقال كل منهما أنا فطرتها ، قال ابن عباس : ففهمت حينئذ معنى ( فاطر السموات والأرض )
2- فتح : وتأتي بمعنى حاكم وقاضى ، وأهل اليمن يسمون القاضي فتاحا
وقد قال ابن عباس ما كنت أدري معنى (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ) حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها : تعال أفاتحك .
3- تخوف : روي عن عمر أنه ما كان يفهم ( أو يأخذهم على تخوف ) حتى قال له فتى إن أبي يتخوفني حقي ، فكبر عندها وفهم أن معناها : تخوف : تنقص
4- وكذلك باسقات . وغيرها من الألفاظ

🔸 ما الذي وقعت فيه الإباحة في ( فاقرؤوا ما تيسر منه )
ما وقع فيه الإباحة بقوله صلى الله عليه وسلم بعد أن بين أن القرآن نزل على سبعة أحرف ( فاقرؤوا ما تيسر منه )
هو ما نزل به القرآن من تلك الاختلافات بين القراءات الناتجة من اختلاف لغات العرب ، فكان ينزل القرآن تارة بهذه وتارة بتلك
ولذلك لما اختلف عمر وحكيم قال رسول الله لكل منهما : هكذا أنزلت
وكذلك قوله : هكذا أقرأني جبريل
فكان يقرئ كل واحد من أصحابه بلغة مما أنزل

ولذلك وقع في قلب ( أبي ) الشك لما قال له رسول الله هكذا أنزلت ، لنزولها مختلفة الألفاظ بما أوقع في قلبه الشك إذ قد يغير أحد كلمة مكان أخرى بذلك ؛ فأزال له رسول الله ذلك وبين له أن القرآن نزل على سبعة أحرف و ذلك توسعة على الناس فكل يقرأ بما تيسر له ... وكل نزل به وحي

- ولذلك قرأ أنس ( إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ) قرأها وأصوب قيلا ، فلما قيل له هي أقوم ، قال : اقوم وأهيأ وأصوب واحد ، أي أنه بكل لفظة منها نزل وحي .
- وليس معنى الإباحة والتيسير أن من شاء أن يغير لفظا من كتاب الله بمرادفه من عند نفسه جاز له ذلك ، لأن ذلك يجعل فيه تغييرا واختلافا كثيرا ويخرجه عن إعجازه وحفظه والله تكفل بحفظه وصانه عن العبث به .

🔸ما ورد في جمع عثمان للقرآن :
وتحت هذا البند مسائل :
سبب جمع القرآن زمن عثمان
لما توسعت الفتوحات الإسلامية انتشر صحابة رسول الله في الآفاق ونشر كل منهم معه ما تلقاه من رسول الله من قراءته للقرآن ، فأقرأ ابن مسعود في الكوفة بحرفه ، وأبو موسى الأشعري في البصرة بحرفه ، وأبي وزيد في المدينة ، وأبو الدرداء في الشام ؛ وكان بين قراءاتهم اختلافات ، وهم وهم صحابة رسول الله كانوا قد فهموا أصل هذا الاختلاف والرخصة في نزول الأحرف السبعة والقراءة بها توسعة وتيسيرا على الناس
فلما جاءت الأمم الداخلة في الإسلام تلقى كل منهم القرآن عن صحابي من صحابة رسول الله كل في بلده ، ثم إنه التقى أهل الشام والعراق في فتح أرمينية ، وقرأ كل منهم القرءان فكفر بعضهم بعضا وأنكر كل فريق منهم قراءة الآخر فأسرع حذيفة بن اليمان لعثمان عند عودته وقال له أدرك الأمة قبل أن تختلف على كتابها اختلاف اليهود والنصارى ، وبين له ما رآه من تكفير المسلمين بعضهم بعضا ، وضرورة جمع قراءتهم على قراءة لا اختلاف فيها ولا تفرق .

كيف كان هذا الجمع
- انتدب عثمان لهذا الجمع نخبة من الصحابة الفصحاء البلغاء وجعل فيهم زيد بن ثابت لكونه من كتبة الوحي وشهد العرضة الأخيرة ، ثم هو الذي جمع المصحف زمن أبي بكر ، وجعل معه جماعة من القرشيين
- طلب منهم أن يجمعوا القراءة على رسم واحد ، وأن ما اختلفوا فيه مع زيد يكتبوه على لسان قريش لأنه إنما نزل القرآن بلغتهم
- جمعوا القرآن في هذا المصحف باختيار أفصح اللغات مما نزل به القرآن بوجوه ولغات فاختاروا في كل موضع أفصح ما نزل فيه ، وكان الاختيار من بين السبع لغات فلم يقتصر على حرف واحد دون غيره ، ولا جمع الأحرف السبعة كلها ، وإنما تخير فيه ، وبقيت مواضع فيه مما يحتمل رسم المصحف لعدم النقط والشكل قراءتها بأكثر من وجه بقيت على توسعتها
- حمل الناس على اعتماد هذا المصحف بعدما أرسل إلى كل مصر من الأمصار نسخة منه ، وترك مل ما عداه سدا لذريعة الاختلاف والاقتتال .
- كان ما ترك اختياره ولم يثبت في مصحف عثمان هي ألفاظ معانيها موجودة فيما أثبتوه على أكمل وجه وأتمه
فهذا الجمع لم ينقص من الشريعة شيئا كما يحاول بعض الطاعنين الطعن فيه

حرق ما خالف المصاحف المرسلة للأمصار
أمر عثمان بحرق كل ما سوى المصاحف المرسلة إلى الأمصار مما كان مع الصحابة أو بين أيدي الناس قبل الجمع ، إذ كان قبل الجمع قد عزم على مل من عنده شيء من كتاب الله إلا أتاه به ، فلما تم الجمع واستوثق مما جمعه أمر بغيره فحرق ، وسلم الجميع ما عندهم من نسخ المصاحف إلا ابن مسعود رضي الله عنه ، وقال ابن عطية أن مصحفه ترك معه لكن تركت القراءة به لمخالفته رسم مصحف عثمان ، ولاحتوائه التفسير بجانب القرآن مما قد يخلط على الناس فيتوهمون التفسير قرآنا .
والراجح أن ابن مسعود روجع في أمر المصحف فسلم مصحفه ورجع إلى ما اجتمعت عليه الأمة .

كيف كان هذا الجمع حلا لاختلاف الأمة
كان هذا الجمع سدا لباب الاختلاف في الأمة ، وأجمعت الأمة عليه ، فلم يقبل القراءة بعد هذا الجمع إلا بما وافق رسم المصحف ، فصار للناس مرجع يرجعون عليه يحسم مادة الخلاف .

كيف نشأت القراءات السبع
لما كان التابعون قد تلقوا القرءان من صحابة رسول الله وعلموه لمن بعدهم ، وكان كل منهم قد حفظ عن الصحابي ما أقرأه به ، فلما جمع القرآن على رسم واحد زمن عثمان تتبع القراء قراءتهم فما وافق خط المصحف استمروا فيه على ما كانوا يقرأون ، خصوصا أن المصحف كان غير منقوط ولا مشكول فتحتمل الكلمات المتشابههة في الرسم باختلاف النقط أكثر من لفظ ك( ننشزها ؛ ننشرها )، فكلاهما أنزل وقرئ به ، وكلاهما يحتمله رسم مصحف عثمان فقرئ بكليهما ، وما خالف خط المصحف تركوه إلى رسم المصحف ، وبمثل ذلك تخير القراء الذين تلقوا عن الصحابة قراءاتهم من بين ما قرأوا به على الصحابة مما يوافق رسم المصحف حتى استقرت القراءات على ما بين أيدينا وصار كل ما خالفها شاذا .

حكم القراءة بالشاذ
لا يصلى بها لأنه لم يحصل عليها إجماع وتركت القراءة بها .

🔹باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره
🔸جمع القرآن زمن أبي بكر :
وتحت هذا البند مسائل :
سبب جمع القرآن زمن أبي بكر
جمع القرآن زمن أبي لما استحر القتل بالقراء يوم القيامة ، ولم يكن القرآن مجموعا في مصحف واحد ، فخشي عليه عمر من الضياع بموت حفاظه كأبي وزيد وابن مسعود

الغاية من جمع أبي بكر للقرآن
فكانت الغاية من جمع أبي بكر هو جمع ما تفرق من كتاب الله من صدور الرجال ومما كتب عليه من الألواح واللخاف والحجارة في مصحف واحد ليكون مرجعا في حفظه ولئلا يكون الاعتماد على الحفاظ

إلى من وكل الجمع
وقد وكل أبو بكر هذا الجمع لزيد بن ثابت لأنه كما قال عنه شاب فذلك أرجى لقوته وصبره على الجمع ، عاقل فعقله يخوله للاضطلاع بهذه المهمة العظيمة ، أمين لا يتهم ، ولكونه كان يكتب الوحي لرسول الله وكان ممن شهد العرضة الأخيرة عليه صلى الله عليه وسلم ، فتتبعه من صدور الرجال ومن العسب واللخاف والألواح فجمعه غير مرتب السور في مصحف ، وكان لا يكتب الآية إلا بشاهدين يشهدان على سماعها أو كتابتها من رسول الله

ما ورد في الآية آخر الأحزاب وآية براءة في الجمع
وقد ذكر زيد أنه أثناء تتبعه للقرآن فقد آية من آخر براءة وجدها عند أبي خزيمة الأنصاري ، وقيل أن معنى ذلك أن الآية كانت محفوظة في صدور الصحابة لكنه كان يشترط كتابتها أيضا زمن رسول الله فوجدها مكتوبة عنده
وأما ما روي في آية الأحزاب ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) فكان في جمع عثمان ، ووجدها عند خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله شهادته بشهادتين

أين كانت الصحف التي جمعت زمن أبي بكر
كانت الصحف التي جمعها زيد عند أبي بكر ثم عند عمر زمن خلافته ثم انتقلت إلى ابنته حفصة حتى أخذها منها عثمان ليكتب المصحف عليها وإعادها لها وبقيت عندها حتى أحرقت زمن عبد الملك بن مروان

بقاء القراءة بالأحرف السبعة بعد جمع أبي بكر
لأن الجمع زمن أبي بكر كان غرضه جمع القرآن مكتوبا مجموعا في صحف بين دفتين ، فلم يكن فيما كتب تقييد لكيفية القراءة به ضمن الأحرف السبعة ، ولذلك في زمن أبي بكر كان لكثير من الصحابة مصاحفهم الخاصة كأبي وابن مسعود وزيد وغيرهم ، وكان يقرأ كل منهم كما قرأ على رسول الله ، فبقي الناس بعد جمع أبي بكر يقرأون بالأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ، ولم يكن مصحف أبي بكر خاصا بحرف منها كما لم يتتبع الأحرف كلها لتكتب فيه ، وإنما كما سبق كان غرضه الجمع في صحف مع بقاء الكيفيات التي يقرأ بها بين الناس .

🔸 جمع القرآن زمن عثمان
وتحته مسائل :
الغرض من جمع عثمان
كان الغرض من جمع القرآن زمن عثمان هو جمع الناس على رسم واحد وحسم مادة الاختلاف في القراءة ، ( فيقرأ بما صح مما وافق الرسم ويترك كل ما خالفه) ؛ إذ كان بعضهم يكفر بعضا في قراءتهم للقرآن للاختلاف بينهم في الأحرف التي حصل فيها التوسعة والتيسير على الأمة ، وكان ذلك بعد غزو أرمينية وأذربيجان وبإشارة من حذيفة بن اليمان كما ورد في الباب السابق

من الموكلون بالجمع زمن عثمان
وكل عثمان بالجمع زيد بن ثابت من الأنصار
وجماعة من القرشيين : قيل هم : سعيد بن العاص ، وابن الزبير ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام
وقيل أبان بن سعيد بن العاص وزيد فقط ، وهو ضعيف
واختلف فيمن كان يملي ومن كان يكتب ، فقيل كان يملي سعيد ويكتب زيد وقيل العكس

الكتابة بلغة قريش عند الاختلاف
وأمر عثمان زيدا والرهط القرشيين أن إذا اختلفوا في الكتابة في شيء فليكتبوه بلسان قريش لأن القرآن نزل بلسانهم
فاختلفوا في التابوت ، فقال القرشيون بالتاء ، وقال زيد بالهاء فكتبوه بالتاء

دور مصحف ابي بكر في هذا الجمع
قيل كان مصحف أبي بكر كالمرجع للتثبت في هذا الجمع ، وقيل أنه بعد الفراغ من الجمع زمن عثمان عرض ما جمع على مصحف أبي بكر للاستيثاق من كتابته
وبعد أن اطمئن للنسخة الأصل نسخت مصاحف وأرسلت للأمصار لتكون مرجعا يقرأ الناس عليها

ما حل بمصاحف الصحابة السابقة للجمع
أمر عثمان بحرق جميع نسخ الصحابة والمصاحف السابقة للجمع بحيث لا يبقى بين يدي الناس ما يقرأ منه القرآن إلا هذه المصاحف التي أرسل بها وما نسخ عنها موافقا لرسمها

🔸 ترتيب الآيات والسور : وتحتها مسائل :
ترتيب السور هل هو توقيف أم اجتهاد
قيل أن بعض السور كالسبع الطوال والحواميم والمفصل كان مرتبا زمن النبي صلى الله عليه وسلم لورود الآثار في ذلك وأن رسول الله كان يقرأ بها مرتبة
وأما غير ذلك فقد اجتهد زيد والكتبة في ترتيبها بإشراف من عثمان رضي الله عنه

ترتيب الآي في السور
وأما الآي في السور فكانت بتوقيف من جبريل عليه السلام إذ كان ينزل بالآية فينادي رسول الله في الكتبة أن ضعوا هذه الآية بين الآية التي فيها كذا والآية كذا من سورة كذا
فيضعونها على ما رتب لهم

البسملة أوائل السور
وكذلك البسملة كانت بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك لم تكتب أول براءة لأن النبي لم يأمر بكتابتها أولها

🔸 شكل المصحف ونقطه
- روي أن عبد المالك بن مروان أمر الحجاج بذلك فانتدب لذلك الحسن ويحيى بن يعمر
- وقيل إن أول من نقطه أبو الأسود الدؤلي بأمر من زياد بن أبيه
- وقيل أن نصر بن عاصم هو أول من نقط المصحف ، وكان يقال له نصر الحروف

🔸تحزيب المصحف ووضع الأعشار فيه
وأما تحزيب المصحف فكان زمن الحجاج
ووضع الأعشار زمن المأمون وقيل بل زمن الحجاج

- أول من كتب في القراءات
قبل هو يحيى بن يعمر بعد نقطه المصحف كتب كتابه في القراءات جمع فيه ما روي من اختلاف الناس فيما وافق الخط
ثمرألف ابن مجاهد كتابه القراءات السبع .

🔹 باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق
🔸 هل ورد في القرآن لفظ غير عربي
قال الله في محكم تنزيله ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا ) وقال ( بلسان عربي مبين )
ومن المعلوم أن القرآن نزل بأعلى وأفصح درجات العربية
لكن هناك بعض الألفاظ اختلف في عربيتها
وبناء عليه اختلفوا هل في كتاب الله ألفاظ أعجمية فيكون عربيا بمجمله لا بكل كلماته على التفصيل ، أم أنه عربي بكل كلمة وأن دعوى وجود ألفاظ أعجمية غير صحيح

- فقال الطبري وغيره أنه ليس في القرآن لفظة إلا وهي عربية صريحة ، وبهذا القول فال الشافعي وشدد على من خالفه
وقال الطبري أن أي أمثلة لألفاظ تنسب لغير العربية إنما هي مما اتفقت فيه اللغتان ، فتكلم العرب والفرس بلفظ واحد مثلا ، أو العرب والحبشة

- وقال أبو عبيدة وغيره أن في القرآن من كل لغة

🔺والتحقيق في ذلك يقال :
كلام الله بلسان عربي مبين ، فليس فيه لفظة إلا وتفهم العرب معناها ولا تحتاج فيها استعانة بلغة أخرى لتفهمها
أما ما ورد من ألفاظ قيل أن أصلها أعجمي فهي ألفاظ اكتسبتها العرب العاربة من اختلاطها بغيرها من العجم وغيرت بعض حروفها بالتخفيف وإزالة الثقل واستخدمتها حتى جرت مجرى الفصيح فصارت كالكلمات عربية الأصل في الاستخدام ودرجها على ألسنة العرب بينهم في أشعارهم ومحاوراتهم

ما ورد في بعض الألفاظ أنها أعجمية
من الألفاظ التي قيل أنها أعجمية :
- ناشئة قيل أصلها حبشي ومعناه قام من الليل كما قال ابن عباس
- الكفل في ( يؤتكم كفلين من رحمته ) قال أبو موسى الأشعري الكفلان الضعفان من الأجر بلسان الحبشة
- والقسورة الأسد بلسان الحبشة كما قال ابن عباس
- وغيرها كالقرطاس والإستبرق

كيف يكون اللفظ عربيا من جهة وأعجميا من جهة أخرى
قال الطبري أن ما في القرآن من الألفاظ التي يقال أن أصولها أعجمية هي منا تشابهت وتواردت به اللغتان فالتقتا في نفس الكلمة والمعنى
وضعف ابن عطية هذا القول وبين أن ما كان بين لغتين من هذا الجنس فلا بد أن تكون إحدى اللغتين أصل للكلمة والأخرى فرع استعملتها حتى صارت من كلماتها لا تختلف عنها فظن أنها أصل لها
وعلى هذا المبدأ فسر فكرة وجود ألفاظ في القرآن يقال أن أصولها أعجمية
فقال هي أعجمية في أصل ورودها ونشأتها لكنها عربية بعد تعريبها ودرجها على اللسان العربي حتى صارت جزءا منه
ذلك أن العرب العاربة الذين نزل القرآن بلغتهم كان لهم خلطة بالعجم في رحلة الشتاء والصيف وتجارتهم وأسفارهم كسفر مسافر بن أبي عمرو بن أمية إلى الشام ، وعمر بن الخطاب ، وكسفر عمارة بن الوليد وعمرو بن العاص إلى الحبشة ، والأعشى إلى الحيرة
فأخذت العرب من أسفارها واختلاطها ذلك بعض الألفاظ غيرت فيها بالتخفيف أو بتغيير بعض الحروف بما يزيل عجمتها ويناسب اللسان العربي ثم استخدمتها استخدامها لكلماتها حتى صارت من لسانها ، قد يجهالها عربي لجهله لغة غيره ابتداء كما قال ابن عباس أنه لم يدر ما ( فاطر ) حتى سمع اثنان يختصمان في بئر يقول كل منهما للآخر أنا فطرتها أي ابتدأت حفرها

وبهذا يتضح أن مثل هذه الألفاظ أعجمية بأصل وضعها
ثم إنها عربت حتى صارت عرفا ولغة محكية مع اللسان العربي .

🔹 نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن
بم وقع الإعجاز في القرآن
اختلف العلماء في ما الذي وقع فيه الإعجاز والتحدي في القرآن :
1- وقع الإعجاز بالكلام القديم الذي هو صفة الذات ، وأن ما تحدي به العرب من الإتيان بمثله هو مما لا يطاق أن يأتوا بمثله فبان عجزهم بذلك
2- وقيل أن التحدي إنما كان من جهة الأنباء الصادقة الواردة في كتاب الله وما ورد فيه من غيوب لا تعلم إلا بوحي
وعلى القولين فالعجز عن الإتيان بمثله عجز حقيقي ، أي لو حاول أي شخص الإتيان بشيء منه عجز عن ذلك من جهة فصاحته ونظمه فلا يقدر بشر عليه، ومن حيث أخباره وغيوبه فلا يعلمها بشر إلا بمعلم لما سبق وبوحي لما سيأتي من غيوب .
وهو قول أهل الإيمان

تحدي فصحاء العرب بالقرآن وعجزهم عن معارضته
قال تعالى ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم )؛ وقد أنزل الله كتابه ( بلسان عربي مبين ) وكانت العرب وقتها قد بلغت أعلى درجات الفصاحة وأبلغها ، وكانت اللغة مادة مجالسها وأسواق شعرها وسجالاتها ومناظراتها
فلما كانوا قد وصلوا إلى هذه الفصاحة جاءهم التحدي من جنس ما برعوا فيه
أي أنتم تقولون أنكم أرباب اللغة والفصاحة ، وهذا الكتاب بلغتكم ومن جنس ما تتكلمون به ، فإن استطعتم أعملوا كل ما أوتيتم من ملكات في اللغة وقوة في الفصاحة وأتوا بمثل رصانته وفصاحة لفظه وإحكام رصفه ونظمه ، فلما قلبوه على وجوهه وكانوا يعرفون الشعر وكلام الكهان والسحرة عرفوا أن هذا القول ليس بشيء من ذلك ، وأن نظمه يفوق ذلك كله ولا يقدر عليه بشر ، وأن من جاء به إليهم هو نبي يوحى إليه به ...
فكان من وجد فيه كما وجد الوليد بن المغيرة ( إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه مثمر وأسفله مغدق وإنه يعلو ولا يعلى عليه )

لم كان القرآن معجزا في نظمه وفصاحة ألفاظه
إعجاز القرآن في نظمه وصحة معانيه وفصاحة ألفاظه وبراعة رصفها ونظمها إنما جاء لكونه كلام الله تعالى الذي أحاط بكل شيء علما ، فالله أحاط بالكلام كله علما ، كما أنه يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن كيف سيكون لو كان ، وهو تعالى لا يعجزه شيء ، فكان كلامه سبحانه على هذه الدرجة من الإحاطة والعلم والشمول ، بحيث اشتملت على أعلى ما يستطيعه لسان العرب من الفصاحة فبلغ بها الذروة ، حتى إن آياته وسوره صارت أساسا في دراسة علوم اللغة المختلفة وقاعدة يبنى عليها وتستنبط منها القواعد
ويعلم من نظمه أي لفظة تصلح أن تلي الأخرى ، وأي لفظ
يؤدي المعنى بأعظم بيان
أما البشر فمهما بلغت بهم الفصاحة والبيان فإنهم عاجزون لنقص علمهم وإحاطتهم ، ولذلك نجد الواحد يكتب كتابا فكلما نظر فيه بدل وغير وصحح ونقح وحذف وأضاف ، وليس من ذلك شيء في كتاب الله تعالى

بطلان قول من قال أن الإعجاز كان بصرف العرب عن محاولة معارضة القرآن
مما سبق من بيان سبب إعجاز القرآن في نظمه ، ومما ورد وعلم من تأثر العرب به عند سماعهم له
كالوليد بن المغيرة عندما قال لقومه : لقد عرفت الشعر وسمعت كلام الكهان والسحرة وليس في هذا الكلام شيء منه
وكعتبة بن ربيعة عندما سمع من رسول الله فرجع إلى قومه قد تغير فقالوا لقد جاءكم بغير الوجه الذي ذهب به ، وذلك لتأثره بكلام الله ويقينه بعد سماعه أنه ليس بقول بشر
وكذلك ما ورد عن أبي سفيان وصاحبيه حين كانوا يخرجون ليلا مستترين يسمعون رسول الله وهو يصلي بالقرآن فيتواعدون كل ليلة ألا يعودوا ، لكن ما سمعوه وما وقع في نفوسهم منه كان يسدهم لسماعه مرات
ولذلك تواصوا فيما بينهم( لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) فهم لما سمعوه تيقنوا أنه يفوق قدرة البشر ، وأنه ليس بإمكانهم وهم أفصح العرب الإتيان بشيء مثله ، فلم يجدوا إلا الصد عنه والتشويش عليه عنادا وكفرا .
وبهذا وغيره يعلم أن من قال أن العرب كانت قادرة على الإتيان بمثله لكنها صرفت عن ذلك فقوله باطل ، بل هم أنفسهم قد علموا عجزهم عن الإتيان بمثله فما تجرأوا على ذلك ، بل إن كثيرا منهم أقر أنه ليس بكلام بشر وأنه فوق قدرتهم ، لكنه بقي على كفره عصبية أو حمية أو عنادا أو تمسكا بما كان عليه الأسلاف

بلاغة القرآن وبراعة رصف ألفاظه
إن من أعظم ما يشد قارئ القرآن العالم بالعربية بلاغته وجمال عبارته وحسن نظمه وسبكه ، حتى أنه كما قيل : لو أزيلت لفظة من كتاب الله من مكانها ثم أدير لسان العرب على الإتيان بكلمة تسد مسدها ما وجد أفصح منها
وإن بلاغته مما ألف فيه كثيرا واعتمد أساسا للبلاغة ، بل واعتمدها الجرجاني أساسا لكتابه في البلاغة وجاء منه بما يسمى في البلاغة بنظرية النظم

قيام الحجة على العرب بالقرآن
وبذلك يتبين أن الحجة قامت على العرب بكتاب الله وبان عجزهم عن الإتبان بشيء منه ، فلما جاءهم التحدي على أن يأتوا بسورة من مثله ميز الفصحاء وأرباب اللغة أنه ليس بكلام بشر وأنه ليس بالشعر ولا السحر ولا الكهانة ،
وأنه يعلو غيره من الكلام ولا يعلى عليه
فمن اتبع هواه وأخذته الحمية والعزة بإثمه أبى الإيمان عنادا
ومن استمع نداء الفطرة والإيمان وسمح لآيات القرآن أن تلامس روحه آمن به
وكان بين هذين الفريقين قتال ودم حتى استقر الأمر للإسلام في جزيرة العرب
فلما دانت العرب بالإسلام وهم أرباب اللغة علم غيرهم أن هذاالدين هو الحق ، وأنه إن كان أهل اللغة التي نزل بها القرآن أقروا له بالإعجاز وهم من هم في اللغة والعلم بدهاليزها فلم يبق لأحد بعدهم أن ينسب شيئا من البشرية أو الضعف إليه

- معجزات الأنبياء كانت من جنس ما برع به أقوامهم
جاء تحدي العرب لما برعوا فيه من اللغة ، فقد كان التفاخر بالشعر مادة ندواتهم ومجالسهم ، وكان الفصيح فيهم مهيبا ، ولذلك جاءت المهجزة من جنس ما برعوا به
وكذلك من قبلهم
فمعجزة موسى عليه السلام كانت بالسحر لأن قوم فرعون كانوا قد بلغوا الذروة فيه
ومعجزة عيسى عليه السلام كانت في الطب وشفاء المرضى لأن قومه كانوا قد بلغوا قمة ما وصلت اليه البشرية وقتهم في الطب
فكانت معجزة كل نبي من جنس ما برع به قومه

🔹 باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى
استخدام المفسرين لأفعال تسند إلى الله بلا توقيف
بين ابن عطية أن المتعرض لتفسير كلام الله تعالى لكثرة تداوله الكلام ورغبة منه في إيجاز العبارة بما وضح معناها وبان قصده فيها وغلب على العرب استخدامها قد يتجوز فينسب أفعالا إلى الله لم يرد فيها توقيف ، كنسبته الحكاية إليه مثل قولهم : حكى الله على لسان ابنت عمران مثلا ، أو خاطب الله عباده ، أو بين الله لهم كذا ، وهي طريقة في التعبير مستعملة في لسان العرب ودرج عليها المفسرون والفقهاء كما أورد ابن عطية
واعتذر باستخدامه لمثل تلك الأفعال التي قد يقتضيها الإيجاز ويقتضيها كلام المفسرين من قبله ومن سيأتي بعده، وليس القصد منها إلا الإيجاز ودرج الاستعمال وكونه مفهوم المعنى والإسناد ، وأن هذا الاستخدام ليس على تقرير هذه الصفة له سبحانه ، بل هي في سياق الكلام كما مر .

عدم جواز إسناد أفعال إلى الله إلا ما ورد فيها نص أو توقيف
الأصل في أسماء الله تعالى وصفاته وأفعاله التوقيف ، فلا يسمى سبحانه إلا باسم سمى به نفسه في كتابه أو أخبرنا به رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يوصف بصفة في ذاته أو أفعاله إلا بما وصف في كتابه أو وصفه به نبيه
فجاء مثلا في الأحاديث أن الله عجب من فلان ، أو ضحك من فلان ، أو نسبة الغضب والمقت والحب والكره له سبحانه
وكلها أفعال تنسب إلى الله في سياقاتها التي وردت فيها ، فلا تنسب هكذا مطلقة ...
فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في وضع القبول للعبد في الأرض ( إن الله يحب فلانا فأحبوه )
وفي حديث الولي ما ورد في بعض رواياته (وما ترددت في شيء ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته )
فهذا هو الأصل الذي عليه سلف الأمة ، وذلك من احترازهم أن ينسب إلى الله ما لا يليق به مما لم ينسبه هو أو نبيه لنفسه

استخدام العرب أشياء في ذكر الله اختصار ومجازا
أورد ابن عطية بعض الأمثلة مما استخدمته العرب في هذا الباب من إسناد أفعال إلى الله ليس على سبيل الصفة وإنما في سياق الكلام مما درجت عليه الألسن ويحمل على مجاز كلامها ، ومن ذلك :
- قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم (فاغفر فداء لك ما اقتفينا).
- وقول أم سلمة فعزم الله لي في الحديث في موت أبي سلمة وإبدال الله لها منه رسول الله.
- ومن ذلك قولهم الله يدري كذا وكذا، والدراية إنما هي التأتي للعلم بالشيء حتى يتيسر ذلك.
- وقد أنشد بعض البغداديين: لا همَّ إن كنت الذي بعهدي = ولم تغيرك الأمور بعدي
- وقد قال العجاج: فارتاح ربي وأراد رحمتي
- وقال الآخر: قد يصبح الله إمام الساري
- وقال الآخر: وإن الله ذاق عقول تيم = فلما راء خفتها قلاها
ومن هذا الاستعمال الذي يبنى الباب عليه قول سعد بن معاذ: عرق الله وجهك في النار يقول هذا للرامي الذي رماه وقال: خذها وأنا ابن العرقة.

🔹 باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية
▪ المسائل :
🔸ما ورد في بعض أسماء القرآن ومعانيها
مما ورد في أسماء القرآن :
القرآن ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم )
الكتاب ( تلك آيات الكتاب )
الفرقان ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده )
الذكر ( وهذا ذكر مبارك أنزلناه )

بيان معنى اسم القرآن
القرآن مصدر للفعل قرأ
وقيل قرأ أي تلا : قراءة وقرآنا
وقيل قرأ أي جمع وألف قولا : قرءا
ومنه تفسير قتادة ل( إن علينا جمعه وقرءانه ) أي تأليفه

والأقوى هو الأول من التلاوة
ومنه قول حسان : يقطع الليل تسبيحا وقرآنا : أي تلاوة للقرآن وقراءة له
مع احتمال الثاني لأن القرآن جمع الآي والسور

معنى الكتاب
مصدر كتب : أي جمع
ومنه سميت كتيبة لاجتماعها

لم سمي القرآن فرقانا
الفرقان مصدر فرق يفرق فرقا وفرقانا ، وسمي القرآن بذلك : لأنه فرق بين الحق والباطل ؛ والمؤمن والكافر

لم سمي القرآن ذكرا
الذكر من التذكير
وسمي به القرآن :
- لتذكيره الناس بإلههم وآخرتهم وما هم في غفلة منه ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر )
- لأن فيه ذكر الأمم الماضية وما كان بينهم وبين أنبيائهم
- لأنه ذكر وشرف لرسول الله وأمته ( وإنه لذكر لك ولقومك ) وشرف لحملته

🔸ما ورد في معنى السورة
من يهمز السورة ومن لا يهمزها
قرئت السورة بالهمز ( سؤرة )؛ وبغير الهمز ( سورة )
فمن يهمزها : تميم كلها وغيرهم
ومن لا يهمزها : قريش ومن جاورها من القبائل كهذيل وسعد بن بكر وكنانة

معنى السورة بالهمز:
من قرأ السورة بالهمز ( سؤرة ) فمعناها مأخوذ من سؤر الإناء أي بقيته
فيقال : أسأر إذا أبقى
فالقطعة من القرآن سؤرة أي كالبقية من الشيء

معنى السورة بلا همز
ومن قرأها بلا همز ( سورة )
- قيل أنها تحمل معنى السؤر مع تسهيل همزتها
- وقيل أنها من سور البناء ، فالسورة هي القطعة منه
- وقيل أنها تطلق على الرتبة الرفيعة من المجد والملك

جمع سور القرآن وسور البناء
تجمع السورة من القرآن على : سُوَر بفتح الواو
وتجمع السورة من البناء على : سور بسكون الواو

لم سميت القطعة من القرآن سورة
قيل لأن السورة هي القطعة من القرآن ، ويكتمل البناء ببناء قطعه قطعة بعد قطعة ، وكذلك القرآن يكتمل باكتمال سوره واجتماعها

🔸ما ورد في الآية
معنى الآية
1- الآية في اللغة العلامة
2- وقيل الآية الجماعة ، ومنه جاء القوم بآيتهم أي بجماعتهم

لم سميت الجملة التامة من القرآن آية
1- على معنى العلامة :
- فلأن الجملة التامة من القرآن ( الآية ) كانت دالة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ودالة على أنها من عند الله ، وعلى عجز العرب وغيرهم على الإتيان بها كانت آية وعلامة
- وقيل لأن الآية علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها

2- على معنى الجماعة :
فلأن الآية جملة تامة ومجموعة من الكلمات فهي جماعة من الكلام

الأوجه في صرف كلمة آية
ورد في صرف كلمة آية أقوال :
1- قال سيبويه أنها على وزن ( فَعَلة ) بفتح الفاء والعين ، وبالتالي أصلها ( أيية ) بفتح الياءين
قلبت الياء الأولى ألفها لانفتاحها وفتح ما قبلها فصارت ( ءاية )
2- وقال الكسائي أنها على وزن ( فاعلة ) وجعل أصلها ( آيية ) حذفت الياء الأولى تخفيفا لئلا يحصل إدغام ثم تثقيل كما في ( دابة )
وقال مكي : بل أدغمت الياءان فصارت ( آيّة ) ك( دابة ) ثم خففت لثقلها
3- وقيل وزنها ( فعلة ) بسكون العين ، فهي ( أيْية ) ؛ أبدلت ياؤها الأولى ألفا لثقل الإدغام وهو قول الفراء .
4- وقيل هي على ( فعِلة ) بكسر العين ( أيِية ) أبدلت الياء الأولى ألفا لثقل كسرها .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 جمادى الآخرة 1439هـ/26-02-2018م, 06:21 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

خطبة تفسير ابن عطية

· الحمد على الله عزوجل و الثناء عليه
· الثناء على القران
· الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم والثناء عليه
· أخذه لكل فن من العلوم
بين رحمه الله تعالى أنه قد أخذ من كل فنون العلم واجتهد في طلبه وسعي في تحصليه بما أتاه الله من قوة .
وبين أنه لا يتم تحصيل العلم إلا بالسهر والاجتهاد شدة الصبر عليه وترك النوم والكسل.
· وجوب تخصص في علم من العلوم
وفي بيان المنهج في التحصيل العلم قرر رحمه الله أن الطالب عليه أن يطلب من كل علم كل فنو يضبط أصوله و يفهمه ثم بعدها يمكن له التخصص في علم من العلوم ..يستنفذ وسعه فيه يتعمق فيه يضبط أصوله ويحكم فصوله ..حتى يكون مرجعا في ذلك للعلم من بعده
· سبب توجهه لعلم التفسير .
لما أراد الشيخ أن يتخصص في فن الفنون.. فكر في أي فن ينتخب..فاختار لعلم التفسير لسببين
1-تطبيقا لقاعدة شرف العلم على قدر شرف المعلوم..فعلم أن أشرف معلوم هو ما تعلق بكتاب الله عزوجل ..وأن علم التفسير هو أشرف العلوم. فجمع نفسه على تحصيله و التعمق فيه.
2- لما لعلم التفسير من فضائل
إذ هو أعظم العلوم تقريبا إلى الله وتخليصا للنية وحضا على الصالحات
ونهيا عن الباطل
وأعظم سببا لتحريم صاحبه على النار لشغل لسانه بقران وتعمير فكره بمعانيه ؛ وانشغال كل وقته بكلام الله عزوجل
·
· سبب تأليف كتابه في التفسير
لما رام الشيخ طلب علم التفسير و اشتغل به وجد أن فوائده كثيرة عظيمة جليلة القدر ثقيلة المعنى يعجز الذهن على حفظها كلها
فأيقن قول القائل " قيد العلم بالكتابة" فعزم نفسه على كتابه ما ظهر له من فوائد.وما يحصل له من مناظرات فقد أن يكون جامعا مناعا وسماه المحرر الوجيز
· منهجه في التفسير
من منهجه في التفسير
-قصد أن يكون تفسيره جامعا مناعا لهذا سماع المحرر الوجيز
-لا يذكر من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به
-ينسب الأقوال إلى أصحابها بدون سند اكتفاء بما ذكره من أهل الإسناد كالطبري وغيره
-وقف موقف الرفض من تفسير أهل الإلحاد وتفسير أهل الباطن فخلا كتابه من تفسيرهم ؛ وإن صدر شيء من ذلك من أهل العلم الذين يحسن الظن به نبه عليه؛ ولعل يحملها محملا حسنا ويجعل لها توجيها لائقا بمنزل القائل به
-وفي منهجه لعرض تفسير الآية...أنه يفسر الآية لفظة لفظة حسب ترتيبها في الآية...ويذكر لكل لفظة ما فيها من معاني و أحكام ولغات وقراءات ولما يكملها يفسر اللفظ الموالى..وهكذا حتى ينتهي من الآية كلها..وبين رحمه أن ذلك أجمع للفكر غير مفرق للنظر و لا مشتت للذهن
- ومن منهجه أن يذكر جميع القراءات الموجودة المستعمل و الشاذ دون تفريقا بينها
- ومن منهجه أنه يبين جميع ما تحتمله الألفاظ من معاني
- ومن منهجه الإيجاز وحذف فضول القول.
- أنه استغفر جهده في ذلك بحسب ما انتهى إليه علمه .
· المفسرون قدوة له
بين رحمه الله تعالى قبل الشروع في تفسيره سيذكر مقدمة قد قدم لها أكثر المفسرون..لكونها يجب أن تكون راسخة في ذهن الناظر في علم التفسير

باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به

الآثار الواردة في بيان فضل القران.
- القران منجى من الفتن
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)).
-القران هو العروة الوثقى
قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256، لقمان: 22]. قال: هي القرآن.

-القران مورث للعلم
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)).

-عظم أجر تلاوة القران
وقال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)).
-وحدث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن)).

-
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)).

القران وصية الله لعباده ورسوله لأمته ووصية الصالحين
وروي عنه عليه السلام أنه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض: ((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين إنه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم كتاب الله سبب بينكم وبينه طرفه بيده وطرفه بأيديكم فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر فلا تسبعوهم فتهلكوا)).

وقال عقبة بن عامر عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال:
((عليكم بالقرآن)).

وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: إن من أشراط الساعة أن يبسط القول ويخزن الفعل ويرفع الأشرار ويوضع الأخيار وأن تقرأ المثناة على رؤوس الناس لا تغير قيل: وما المثناة؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله قيل له فكيف بما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال ما أخذتموه: عمن تأمنونه على نفسه ودينه فاعقلوه وعليكم بالقرآن فتعلموه وعلموه أبناءكم فإنكم عنه تسألون وبه تجزون وكفى به واعظا لمن عقل.

وقال رجل لأبي الدرداء: إن إخوانا لك من أهل الكوفة يقرئونك السلام ويأمرونك أن توصيهم فقال أقرئهم السلام ومرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة ويجنبهم الجور والحزونة.

القران لا يمل من تلاوته
وقيل لجعفر بن محمد الصادق: لم صار الشعر والخطب يمل ما أعيد منها والقرآن لا يمل؟ فقال: لأن القرآن حجة على أهل الدهر الثاني كما هو حجة على أهل الدهر الأول فكل طائفة تتلقاه غضا جديدا ولأن كل امرئ في نفسه متى أعاده وفكر فيه تلقى منه في كل مرة علوما غضة وليس هذا كله في الشعر والخطب

القران يسير في تدبره وفهمه
وقيل لمحمد بن سعيد: ما هذا الترديد للقصص في القرآن فقال ليكون لمن قرأ ما تيسر منه حظ في الاعتبار.
القران أعظم نعمة أوتيها العبد

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم الله))
القران أفضل شفيع
وقال عليه السلام: ((ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك)).
وروى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)).

القران أفضل العبادة
وقال عليه السلام: ((أفضل عبادة أمتي القرآن)).
النبوة أدرجت لقارئ القران
وقال عبد الله بن عمرو بن العاصي من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه.
حامل القران من أشرف وأفضل الناس
وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أشراف أمتي حملة القرآن)).
أفضل الناس من تعلم القران وعلمه
وروى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)).


ومرت امرأة على عيسى ابن مريم عليه السلام فقال طوبى لبطن حملك ولثديين رضعت منهما فقال عيسى: طوبى لمن قرأ كتاب الله واتبع ما فيه.
البيت الذي لا يتلى فيه القران صفر
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن أصفر البيوت بيت صفر من كتاب الله)).
القران أحسن الحديث وأحسن القصص
وقال ابن مسعود: مل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا: يا رسول الله حدثنا فأنزل الله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} الآية [الزمر: 23] ثم ملوا ملة أخرى فقالوا قص علينا يا رسول الله فأنزل الله تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [يوسف: 3].

القران مؤدبة الله
وقال عبد الله بن مسعود إن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه وإن أدب الله القرآن.
القران ميراث النبوة
ومر أعرابي على عبد الله بن مسعود وعنده قوم يقرؤون القرآن فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقال له ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد صلى الله عليه وسلم.
القران داع للإيمان
وقال محمد بن كعب القرظي في قول تعالى: {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان} [آل عمران: 193] قال: هو القرآن ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم .
القران هو فضل من الله ورحمة
وقال بعض العلماء في تفسير قول تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته} [يونس: 58] قال: الإسلام والقرآن.
محبة السلف لتلاوة القران
وقيل لعبد الله بن مسعود: إنك لتقل الصوم فقال إنه يشغلني عن قراءة القرآن وقراءة القرآن أحب إلي منه.
تنزل الملائكة عن تلاوة القران
وقال قوم من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم: ((فلعله قرأ سورة البقرة)) فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم قرأت سورة البقرة.
وفي هذا المعنى حديث صحيح عن أسيد بن حضير في تنزل الملائكة في الظلة لصوته بقراءة سورة البقرة.
القران سبيل للمغفرة
وذكر أبو عمرو الداني عن علي الأثرم قال: كنت أتكلم في الكسائي وأقع فيه فرأيته في النوم وعليه ثياب بيض ووجهه كالقمر فقلت يا أبا الحسن ما فعل الله بك فقال غفر لي بالقرآن.

القران مورث للخشية
وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أحسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)).

الآثار الواردة في بيان العمل والاعتصام به.
حسن الإصغاء
وقال رجل لعبد الله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه.
حسن تلاوة القران
وقال عليه السلام: ((اقرؤوا القرآن قبل أن يجيء قوم يقيمونه كما يقام القدح ويضيعون معانيه يتعجلون أجره ولا يتأجلونه))..

ويروى أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب.

وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع} [الطور: 7] فأن أنة عيد منها عشرين يوما

تدبر القران والعمل به نهج السلف الصالح
وقال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار.
وجوب العمل بالقران.والتحذير من الاكتفاء بمجرد التلاوة
وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به.
وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء قال فلما ختمته أردت الرجوع من أوله فقال لي: اتخذت القراءة علي عملا اذهب فاقرأه على الله تعالى في ليلك وانظر ماذا يفهمك منه فاعمل به
.

القران يسير في تلاوته ثقيل بالعمل به
قال القاضي عبد الحق رضي الله عنه قال الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}
وقال تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} أي علم معانيه والعمل به والقيام بحقوقه ثقيل فمال الناس إلى الميسر وتركوا الثقيل وهو المطلوب منهم.
بما يختم تلاوة القران
وقيل ليوسف بن أسباط: بأي شيء تدعو إذا ختمت القرآن قال: أستغفر الله من تلاوتي لأني إذا ختمته وتذكرت ما فيه من الأعمال خشيت المقت فأعدل إلى الاستغفار والتسبيح.


باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه

قصد المؤلف في هذا الباب لبيان عربية القران؛ وأن أفضل علومه إعرابه ومعني إعراب القران أي إظهار عربيته من جهة لفظه ومعناه؛ وثمرته ذلك وهو الظفر بالحكمة التي كانت نتيجة لفهم معاني القران.؛ وكذا بيان فضله أهله الذين أوتوا فهما دقيقا و عميقا لمعانيه على ما تقتيضه اللغة العربية ؛ وأن من أعجزه فهم معاني القران إنما أوتي ذلك من عجمته

إعراب القران أفضل علومه
روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عربيته فالتمسوها في الشعر))..

وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)).
إعراب القران وبيان معاينه أصل فهم الشريعة
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه إعراب القرآن أصل في الشريعة لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع.
فهم معاني القران طريق لنيل الحكمة
وقال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} [البقرة: 269] قال الحكمة: الفهم في القرآن وقال قتادة الحكمة: القرآن والفقه فيه وقال غيره: الحكمة تفسير القرآن.
فضل من فقه معاني القران .
وذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه جابر بن عبد الله فوصفه بالعلم فقال له رجل: جعلت فداك تصف جابرا بالعلم وأنت أنت فقال: إنه كان يعرف تفسير قول تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} [القصص: 197
].
وقال الشعبي رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها.

وجوب فهم معاني القران
وقال إياس بن معاوية مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب.

وقال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر.

محبة الله لعباده أن يفهموا القران
وقال مجاهد: أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل.

وقال الحسن: والله ما أنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها0
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة)).
العجمة قاضية على فهم معاني القران
وقال الحسن: أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها
. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه.
عناية السلف في تعليم الناس معاني القران
وكان ابن عباس يبدأ في مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث.



باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين

بين رحمه الله تعالى في هذا الباب ما ورد من كلام السلف في تفسير القران..وما الذي فسروه من كتاب الله وما الذي توقفوا فيه ابتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ؛ ثم سردا لأقوال من بعده من الصاحبة والتابعين ؛ ثم بين معنى التفسير بالرأي وحكمه ؛ ثم ختم الباب بذكر طبقات المفسرين من السلف إلى العصور المتأخرة.
تفسير النبي صلى الله عليه وسلم
استهل المصنف هذا الباب بحديث عائشة
الدال أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفسر القران إلا أيا قليلة علمهن جبريل
روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل.

وقد تأول ابن عطية ذلك بأن المراد بتلك الآيات ما كان متعلقا بالمغيبات؛ لأن علم المغيبات لا يستقل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بمعرفته إلا بتعليم الله إياه ؛ أو تفسير مجمله لأنه أعلم الأمة بالقران فعليه نزل

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ومعنى هذا الحديث في مغيبات القرآن وتفسير مجمله ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به كوقت قيام الساعة ونحوه ومنها ما يستقرأ من ألفاظه كعدد النفخات في الصور وكرتبة خلق السموات والأرض.

التفسير بالرأي وحكمه
من فسر القران بالرأي فهو مخطئ و إن أصاب الحق ؛ لأنه قد أخطا الطريق فلم يأت التفسير من بابه

ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)).
معنى التفسير بالرأي
بين ابن عطية معنى تفسير بالرأي وهو أن تكلم الرجل في كتب الله بدون أدوات علمية مسبقة عنده؛كعلوم اللغة وعلم الأصول و معرفة أقوال المفسرين ؛ بل يتكلم في كتاب بمجرد النظر و الاجتهاد المحض..أما من تكلم في كتاب الله بما تقتضيه اللغة العربية و علم الأصول و بما قاله سلف الأمة فلا يعد هذا مفسرا للقران برأيه

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء أو اقتضته قوانين العلوم كالنحو والأصول وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته والنحاة نحوه والفقهاء معانيه ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه.
مسلك التابعين في التفسير القران
أشار في هذا الباب إلى مسلكين كانا عند التابعين من حيث تفسير القران فمنهم من كان يتحرج في تفسير القران ؛ ويتوقف فيه احتياطا كسعيد بن المسيب وعامر الشعبي؛ وبالمقابل كان جلة منهم يفسرون القران ويتكلمون في معانيه
قال ابن عطية
وكان جلة من السلف كسعيد بن المسيب وعامر الشعبي وغيرهما يعظمون تفسير القرآن ويتوقفون عنه تورعا واحتياطا لأنفسهم مع إدراكهم وتقدمهم وكان جلة من السلف كثير عددهم يفسرونه وهم أبقوا على المسلمين في ذلك رضي الله عنهم.
طبقات المفسرين
شرع المصنف بسرد طبقات المفسرين بدأ من طبقة الصاحبة ثم طبقة التابعين ثم من أتى بعدهم
طبقة الصحابة
-أكثر من تصدر للتفسير من طبقة الصحابة على ابن أبي طالب
-ويتلوه ابن عباس الذي تجرد للأمر وكمله وتتبعه وتبعه العلماء .
والمحفوظ عن ابن عباس في ذلك أكثر من المحفوظ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

بيان فضل ابن عباس
وقال ابن عباس ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب.
وكان علي بن أبي طالب يثني على تفسير ابن عباس ويحث على الأخذ عنه.
وكان عبد الله بن مسعود يقول: نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم فقهه في الدين)) وحسبك بهذه الدعوة.

وقال عنه علي بن أبي طالب: ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق

ويتلو ابن عباس
ويتلوه عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص وكل ما أخذ عن الصحابة فحسن متقدم ومن المبرزين

طبقة التابعين
الحسن بن أبي الحسن
مجاهد وسعيد بن جبير من تلاميذ ابن عباس
قرأ مجاهد على ابن عباس قراءة تفهم ووقوف عند كل آية
- وعلقمة
. تلميذ ابن مسعود
-ويتلوهم عكرمة
-والضحاك بن مزاحم وإن كان لم يلق ابن عباس وإنما أخذ عن ابن جبير.
-وأما السدي رحمه الله فكان عامر الشعبي يطعن عليه وعلى أبي صالح لأنه كان يراهما مقصرين في النظر
طبقات من جاء بعدهم من المفسرين
ذكر بعض المفسرين المتأخرين فصدرهم
عبد الرزاق والمفضل وعلي بن أبي طلحة والبخاري وغيرهم.
فضل تفسير ابن جرير الطبري
ثم إن محمد بن جرير الطبري رحمه الله جمع على الناس أشتات التفسير وقرب البعيد وشفى في الإسناد.
المفسرون المتأخرون

ومن المبرزين في المتأخرين أبو إسحاق الزجاج وأبو علي الفارسي فإن كلامهما منخول.
انتقاد بعض التفاسير

- وأما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس فكثيرا ما استدرك الناس عليهما وعلى سننهما مكي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبو العباس المهدوي رحمه الله متقن التأليف وكلهم مجتهد مأجور رحمهم الله ونضر وجوههم.

باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه))


مذاهب العلماء في معنى الأحرف السبعة
اختلف الناس في معنى هذا الحديث اختلافا شديدا ورد في ذلك أقوال
القول الأول:
-الحروف السبعة هي فيما يتفق أن يقال على سبعة أوجه فما دونها كتعال وأقبل وإلي ونحوي وقصدي واقرب وجئ وكاللغات التي في أف وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة قال ابن عطية وهذا قول ضعيف.
القول الثاني
-قال ابن شهاب في كتاب مسلم: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام.
قال ابن عطية: وهذا كلام محتمل.
القول الثالث:
-وقيل أن المراد بالسبعة الأحرف معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال.
وضعفه ابن عطية ورده لأمرين
أولا: لأن هذه لا تسمى أحرفا
الثاني: الإجماع حاصل أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا في تحليل حرام ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة.
القول الرابع
الأحرف السبعة هي سبعة أوجه من وجوه اختلاف القراءات . وهو قول السرقسطي و الباقلاني
قال الباقلاني : تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة
-منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ} وأطهرَ.
-ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد} وباعَد.
-ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل (ننشرها) و{ننشزها}.
-ومنها ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5] و(كالصوف المنفوش)
- ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلح منضود} [الواقعة: 29] و(طلع منضود)
-ومنها بالتقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19] و(سكرة الحق بالموت).
-ومنها بالزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة أنثى).
القول الخامس
سبعة أوجه من أسماء الله تعالى.
دليل هذا القول
ما ورد عن أبي ابن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)).

أسند ثابت بن قاسم نحو هذا الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر من كلام ابن مسعود نحوه.
قال ابن عطية إن ثبتت الرواية فالمراد به سبعة أوجه من أسماء الله تعالى..ويكون هذا كان كان مطلقا ثم نسخ فلا يجوز للناس أن يبدلوا اسما لله في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالفه.
القول السادس
المراد بسبعة أحرف سبع لغات مختلفة؛
وقد أبطل هذا القول الباقلاني إلا أن يريد الوجوه المختلفة التي تستعمل في القصة الواحدة وما يدل على بطلان هذا القول
الدليل على ذلك أن لغة عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وهشام بن حكيم وابن مسعود واحدة وقراءتهم مختلفة وخرجوا بها إلى المناكرة.
ترجيح ابن عطية
ذهب ابن عطية أن المراد بالأحرف السبع سبع لغات من لغات العرب التي سلمت لغتها من الدخيل ومن واللحن .وهي التي انتهى إليها الفصاحة..وبين ابن عطية سبب سلامة هذه سبع اللغات من اللحن والدخيل هو كونها في وسط جزيرة العرب في الحجاز ونجد وتهامة فلم تطرقها الأمم..بخلاف ما كان على جواب الجزيرة سواء من جهة الشرق أو الغرب أو الجنوب أو الشمال فقد أفسدها مخالطة الأمم المجاور لها..
وسبع اللغات هي:...: قريش ؛ لكنانة ؛لأسد ؛ لهذيل ؛ لتميم ؛ضبة وألفافها ؛ لقيس
وعليه يكون القران فيه عبارات سبع قبائل بلغة جملتها نزل القرآن فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش ومرة بعبارة هذيل ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظة ..
دليله
مما استدل عليه ابن عطية ما جاء من الآثار تدل على بعض القرشيين لم يفهموا بعض الألفاظ الموجودة في القران حتى سمعوا معناه من غيرهم من القبائل
-فكلمة (فطر) معناها عند غير قريش ابتدأ خلق الشيء وعمله فجاءت في القرآن فلم تتجه لابن عباس حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها قال ابن عباس: ففهمت حينئذ موقع قول تعالى: {فاطر السماوات والأرض} [فاطر: 1، الزمر 46].

- كلمة افتح
وقال ابن عباس أيضا ما كنت أدري معنى قوله: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} [الأعراف: 89]. حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك أي: أحاكمك.

-وكذلك قال عمر بن الخطاب وكان لا يفهم معنى قول تعالى: {أو يأخذهم على تخوف} [النحل: 47] فوقف به فتى فقال: إن أبي يتخوفني حقي فقال عمر: الله أكبر {أو يأخذهم على تخوف} أي: على تنقص لهم.
.هل سبعة أحرف مفرقة في القران أم كل لفظ نزل بسبعة أحرف
قال القاضي: وزعم قوم أن كل كلمة تختلف القراءة فيها فإنها على سبعة أوجه وإلا بطل معنى الحديث.
قالوا: وتعرف بعض الوجوه بمجيء الخبر به ولا نعرف بعضها إذا لم يأت به خبر.
قال: وقال قوم ظاهر الحديث يوجب أن يوجد في القرآن كلمة أو كلمتان تقرآن على سبعة أوجه فإذا حصل ذلك تم معنى الحديث.

معنى اقرؤوا ما تيسر منه..
الذي هو واضح وبين أن ليس معناه أن كل واحد من الصحابة يقرأ القران بغير توقيف وله أن يبدل مكان اللفظة اللفظة من تلقاء نفسه
.لا .لأنه لو كان كذلك لذهب إعجاز القران... بل معنى الحديث أن الرخصة في القراءة على سبعة أحرف كانت للنبي صلى الله عليه وسلم فكان يقرء كل واحد حسب ما تلقاه عن جبريل عليه الصلاة والسلام.فيقرء هذا حرفا ويقرء الأخر حرفا آخر...ومما يدل على ذلك ما حصل من خلاف بين عمر و هشام بن حكيم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لكل واحد هكذا أقرأني جبريل ..وهذا دليل واضح أنه أقرأه.. مرة بهذا ومرة بهذا.. هذا هو المعنى الصحيح للحديث أن كل واحد يقرأ بما تعلم وكل قراءة مروية عن رسول الله وإلا فلو كان هذا لأحد من الناس أن يضعه لبطل معنى قول الله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9].


باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره

جمع القران في زمن النوبة
بين في هذا الباب أن القران في زمن النبي صلى الله عليه و سلم كان مجموعا محفوظا في صدور الرجال كما أنه كان مجموعا مفرقا مكتوبا في الصحف و اللخاف و جريد النخل .
جمع القران في عهد أبي بكر وسبب
وبقيت الأمة وقتا من الزمن يعتمدون المحفوظ؛ ولما كانت معركة اليمامة في عهد أبي بكر الصديق استحر القتل في القراء؛ أفزع ذلك الأمر عمر الخطاب فأشار على أبى بكر الصديق أن يجمع القران خشية ضياعه بموت القراء؛ فندبا على ذلك زيد ابن ثابت إلى جمعه في صحف غير مرتب السور؛وكانت الصحف عند أبي بكر الصديق ولما توفي كانت عند عمر ولما مات أصبحت عند ابنته حفصة
وكانت آخر أية جمعت أواخر سورة براءة وجدت مع أبى خزيمة الأنصاري .
وبقى الحال على ما هو عليه ؛كل صحابي يقرأ ويُقرئ بما تعلم وكل؛ومن كان له مصحف خاص به يقرأ منه كما عُلم ؛ وكان الأحرف السبعة باقية في اختلاف قراءتهم ؛ وانتشرت قراءة كل صحابي في الأمصار
جمع القران في عهد عثمان وسبب ذلك
وفي عهد عثمان رضي الله عنه وقعت عزوة أرمينية؛ فكان مما وقع في تلك الغزوة شدة اختلاف القراء في القران ؛ حتى أصبح كل واحد يكذب قراءة أخيه ويبدعها ويبطلها حتى كاد يكون قتالا بينهم .فلما أدرك حذيفة ابن اليمان خطورة الأمر ولى فزعا إلى عثمان ابن عفان وأخبره بالأمر و أشار عليه أن يدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتابها كما اختلفت الأمة السابقة في كتابها؛ فعزم عثمان على جمع القران وانتدب إلى ذلك زيد ابن ثابت وقرن معه ثلاثة ذكرهم البخاري والترمذي وغيرهم .سعيد بن العاص؛ وعبد الرحمان بن الحارث بن هشام؛ وعبد الله بن الزبير .
وقد وهم من ظن أن الذي قرن معه أبان بن سعيد بن العاص ؛لأن أبان متقدم الموت؛ على زمن عثمان بكثير فقد مات سنة بالشام سنة 13 هـ في غزوة أجانيد .

وقد عمد عثمان إلى الصحف التي كانت عند حفصة فكانت إماما له ومرجعا فنسخ منها نسخا .
ومن منهج عثمان في كتابة المصاحف أنه قال لزيد ابن ثابت ومن معه إذا اختلفت في شيء فاكتبوه بلسان قريش فإن القران نزل بلسان القرش.. فطبق أولئك الأخيار ذلك المنهج فلما اختلفوا لفظة في التابوت و التابوه؛ فقرأها زيد بن ثابت بالهاء والقرشيون بالتاء ؛فأثبتوها بالتاء في المصاحف
وبعد نسخ المصاحف أرسلها عثمان إلى الأمصار وترك مصحف في المدينة؛ وأمر بإحراق سواها من المصاحف.

ترتيب السور
تضمن هذا البند القول في ترتيب الآيات و السور
أما ما يخص ترتيب الآيات فكان بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم وكذا وضع البسملة في أوائل كل سورة..عدا سورة براءة فقد وقع الخلاف بين أهل العلم في سبب عدم وجوب البسملة فيها على أقوال من بينها ما ذكره مكي القيسى أن ذلك راجع لعدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بوضع البسملة في أولها فتركت بلا بسملة
أما ترتيب سورة المصحف على حسب ما موجود عند الآن فقد وقع فيه خلاف بين أهل العلم هل كان بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم أم كان باجتهاد من الصحابة
فذهب الباقلاني و مكي القيسي أن ترتيب سور المصحف كان باجتهاد من الصحابة.
وتعقب ابن عطية هذا القول ؛بأنه ليس كل السور تم ترتيبها وقت جمع القران وكتابته ؛لأن هناك أثار و روايات يدل ظاهرها أن بعض السور كان مرتبا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
.مثل السبع الطوال والحواميم و المفصل وأسند في قوله هذا على بعض ظواهر الآثار .
أما ما لم يرد فيه نص ولم نعلم هل كان مرتبا في زمن النبي أم لم يكن مرتبا ؛فهذا الذي دخله الاجتهاد ورتب وقت جمع المصحف وكتابته
تنقيط المصحف وتشكيله
تضمن هذا البند بيان بدايات تشكيل المصحف وتنقيطه

فقد حصل خلاف من أول من نقط المصحف
-قيل أن أول من نقطه أبو الأسود الدؤلي قاله الزبيدي في كتاب الطبقات بإسناد إلى المبرد ؛ و زاد أبو الفرج الأصفهاني أن ذاك كان بأمر من زياد بن أبي سفيان.
- وذكر الجاحط في كتاب الأمصار أن أول من قام بذلك نصر بن عاصم وكان يقال له نصر الحروف.
- وقيل أن أول من قام بذلك الحسن ويحي بن يعمر بأمر من والي العراق الحجاج الذي وكل إليه هذه المهمة عبد الله بن مروان.
فاجتهد في ذلك الحجاج وزاد في تحزيبه
وضع الأعشار فيه
أما أول من وضع الأعشار فقيل قيل أن المأمون العباسي أمر بذلك وقيل إن: الحجاج فعل ذلك.حسب ما هو موجود في التواريخ. والمراد بالتعشير هو أن يضع على علامة بعد كل عشر آيات وكان فيه فائدة للضبط والحفظ
وقد وجد من السلف من أنكر الإضافة على عمل الصحابة و الإدخال في المصحف ما لم يكن فيه من تنقيط و تعشير وتخميس كما نقل ذلك عن قتادة قال الداني عن قتادة أنه قال: بدؤوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا وهذا كالإنكار.
أول من كتب في القراءات
ذكر ابن عطية أن أول من كتب في علم القراءات هو يحي بن يعمر بواسط فجمع اختلاف الناس في القراءات ما يوافق الخط
ثم مشى الناس على ذلك زمنا حتى ألف ابن مجاهد كتابه السبعة.

باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق

أراد المصنف أن يبين في هذا الباب هل في القران كلمات أعجمية ؛أم أنه كله عربي فنقل اختلاف العلماء في ذلك
-فذهب أبو عبيد القاسم بن سلام إلى أن القران فيه من كل لغة
-أما الطبري فذهب إلى أن القران كله عربي فليس فيه لفظة أعجمية ؛ وأما ما قيل في بعض الألفاظ أنها أعجمية ليست عربية فوجهها الطبري أن ذلك من باب اتفاق اللغات ؛فتكلمت بها العرب والفرس أو الحبشة بلفظ واحد. واستند في مقولته تلك إلى أقوال السلف
مثل ذلك قول تعالى: {إن ناشئة الليل} [المزمل: 6] قال ابن عباس: نشأ بلغة الحبشة قام من الليل.
ومنه قول تعالى: {يؤتكم كفلين من رحمته} [الحديد: 28]. قال أبو موسى الأشعري كفلان ضعفان من الأجر بلسان الحبشة وكذلك قال ابن عباس في القسورة إنها الأسد بلغة الحبشة إلى غير هذا من الأمثلة..
وقد رد ابن عطية قول الطبري واستبعده وان وجد ألفاظ هي من باب اتفاق اللغة فهو قليل شاذ؛ و حجته في ذلك أنه لابد أن أحد اللغات أصل والآخر فرع .لأن دلالة العقل و المنطق تدل أنه لابد أن تكون أحد اللغات نشأت قبل الأخرى فتكون الثانية متولدة عن الأولى... وعليه فالذي يقال في الألفاظ الأعجمية الموجود في القران هذا مما دخل إلى لغة العرب فاستعربته العرب و استعملته في لسانها و أشعارها وأجرته مجرى العربي الصريح وإن كان أصله أعجمي وهذا الذي ذهب إلي ابن عطية عمدته في ذلك ما علم في تاريخ العرب أنهم كانوا يسافرون إلى البلاد الأعجمية للتجارة وغيرها من الأسباب كما ثبتت رحلتي قريش و ما ثبت من سفر مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس إلى الشام وسفر عمر بن الخطاب وكسفر عمرو بن العاصي وعمارة بن الوليد إلى أرض الحبشة وكسفر الأعشى إلى الحيرة وصحبته لنصاراها مع كونه حجة في اللغة فعلقت العرببهذا كله ألفاظا أعجمية غيرت بعضها بالنقص من حروفها وجرت إلى تخفيف ثقل العجمة واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الصريح ووقع بها البيان وعلى هذا الحد نزل بها القرآن فإن جهلها عربي ما فكجهله الصريح بما في لغة غيره كما لم يعرف ابن عباس معنى فاطر إلى غير ذلك فحقيقة العبارة عن هذه الألفاظ أنها في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه.

نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن
بما كان أعجاز القران
بين في هذا البند بما كان إعجاز القران.وخلاف العلماء في ذلك.
القول الأول
مناط الإعجاز بالكلام القديم بالنفس. فهذا الذي كلفت به العرب وكلفت وحيث لا يمكن إدراكه فقد كلفت بما لايطاق فوقع به الإعجاز ..وهو مذهب بعض الأشاعرة .ومؤدى كلامهم هذا مبني ومترتب على عقيدتهم الفاسدة في كلام الله عزوجل إذ هم يعتقدون أن الله لا يتكلم بحرف ولا بصوت والذي أنزل علي محمد هو عبارة عن كلام الله عزوجل القائم بالنفس
- القول الثاني
قيل أن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة.
وقد رد ابن عطية على القولين السابقين أن هذا يصلح لمن آمن بالشريعة أما الكافر فلا يكون ذلك مظهرا لإعجاز القران ..
القول الثالث
وهو ما ذهب إليه ابن عطية أن الإعجاز والتحدي حصل بنظم القران وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه؛ .ونسب هذا القول إلى الجمهور والحذاق و قال :هو الصحيح في نفسه...
.1-دليله في ذلك أن العرب كلهم مؤمنهم وكافرهم لم يمكنهم قط أن ينكروا أن رصف القرآن ونظمه وفصاحته متلقى من قبل محمد صلى الله عليه وسلم
فإذا تحديت إلى ذلك وعجزت فيه علم كل فصيح ضرورة أن هذا نبي يأتي بما ليس في قدرة البشر الإتيان به إلا أن يخص الله تعالى من يشاء من عباده.
ووجه إعجازه هذا الترتيب البديع لرصف ألفاظ القران ترتيبها.
فألفاظه مرتبة ترتيبا محكما .فكل لفظة لا يصلح أن يأتي بعدها إلا اللفظة التي جاءت بعدها وهي التي بها ينتظم الكلام ويتضح المعنى فلو قدر حذف لفظة من القران وبحث عن ما ينوب عنها من كل كلام أهل اللغة فما وجد إلا اللفظة التي كانت فيه...فلما كان الأمر كذلك علم جليا أن هذا ليس من كلام البشر بل من كلام حكيم خبير أحاط بكل شيء علما بما في ذلك الكلام ..وأيضا.ظهر ضرورة عجز البشر عن الإتيان بمثله لما علم بالطبع والعقل اتصاف البشر بالنقص وطرو النسيان والغفلة والسهو عليهم وعدم إحاطتهم بجميع الكلام والألفاظ واللغات والمعاني.
..ومما يبين قصور البشر عن الإتيان بمثل القران أن الفصيح منهم يكتب قصيدة فلا يزال غير ويبدل من كلامها بما يظهر له أو بما استجد عنده من علم..وهذا كله بعدما استفرغ جهده وقوته في كتابها...بخلاف كلام الله لا يمكن أبدا تغيير لفظة مكان لفظة ولا حرفا مكان حرف..
2-ومن الأدلة على ذلك
أن فطحاء العرب وفصحائهم كانوا يفرقون بين كلام الشعراء و بين كلام الله عزوجل فكان عندهم تمييز وتذوق ومعرفة لما يقدرون عليه وما لا يقدرون عليه وهذا مثل ما حصل من ميز الجارية نفس الأعشى وميز الفرزدق نفس جرير من نفس ذي الرمة ونظر الأعرابي في قوله عز فحكم فقطع.
صور إعجاز العرب عن الإتيان بمثل القران
ومن الصور التي يظهر جليا إعجاز العرب عن الإتيان بمثل القران ما حصل من محاول بعضهم بالإتيان بمثله فعجز و اظهر عجزه
فلما نزل قوله تعالى : {فأتوا بسورة من مثله} [البقرة: 23] قال: كل فصيح في نفسه وما بال هذا الكلام حتى لا آتي بمثله فلما تأمله وتدبره ميز منه ما ميز الوليد بن المغيرة حين قال: والله ما هو بالشعر ولا هو بالكهانة ولا بالجنون وعرف كل فصيح بينه وبين نفسه أنه لا يقدر بشر على مثله فصح عنده أنه من عند الله تعالى
الرد على من قال بالصرفة
ذهب النظام إلى القول بالصرفة وهو أن العرب قادرون على الإتيان بمثل القران لكن صرفوا عن ذلك ..قال ابن عطية .... فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة وبهذا النظر يبطل قول من قال إن العرب كان من قدرتها أن تأتي بمثل القرآن فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم صرفوا عن ذلك وعجزوا عنه.
موقف العرب من معجزة القران
لما عجزت العرب عن رفع التحدي والإتيان بمثل القران انقسم الناس قسمين منهم من آمن بالقران وأذعن وعلم أنه من عند الله عزوجل ومنهم من حسد وجحد وأعلنها حربا على محمد صلى الله عليه وسلم وقبل بسفك الدماء على الإيمان..
وحيث العرب قبلت بالقتل و سفك الدماء وقدمته على الإتيان بمثل القران ومعارضته به وهم أهل فصاحة وبلاغة وأهل مظنة للمعارضة علم ضرورة عقيلة على عجزها ...وقامت الحجة عليها..ولم يمت النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد أقُيمت الحجة على جميع العرب
.
المعجزة تأتي على جنس ما برع به القوم
بين المصنف أن المعجزة الأنبياء تأتي على الوجه الشهير فيما برع به قوم ذلك النبي فبذلك تقوم الحجة عليهم .
فمعجزة موسى بالسحرة وقد كأن السحر في مدة موسى قد انتهى إلى غايته؛ ومعجزة عيسى بالأطباء وكذلك الطب في زمن عيسى بلغ غايته
ومعجزة محمد في القران وكان قومه أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة
بل بلغت الفصاحة فيهم غايتها.

باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق

هذا الباب جعله المصنف كتقديم اعتذرا له ولمن سبقه من المفسرين في استخدام بعض الألفاظ أثناء تفسيرهم التي قد يكون فيها شيء من سوء أدب مع الله
وجه ذلك .:
أن من أساليب العرب الإيجاز والاختصار..وقصد المفسر إلى هذا الأسلوب قد يؤدي به إلى أن يقول عبارة قد يكون فيها سوء أدب على الله كأن ينسب ويسند إلى الله فعلا لا دليل عليه..
كقولهم .... خاطب الله بهذه الآية المؤمنين وشرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون وحكى الله تعالى عن أم موسى أنها قالت: {قصيه} ووقف الله ذرية آدم على ربوبيته بقوله: {ألست بربكم} [الأعراف: 172] ونحو هذا من إسناد أفعال إلى الله تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع.
بين المصنف أن الذي يعاب على مثل هذا الأسلوب هو نسبة هذة الصفات لله عزوجل ... وأما إذا استعمل ذلك في سياق الكلام والمراد منه حكت الآية أو اللفظ فذلك استعمال عربي شائع وعليه مشى الناس.
اعتذار
بين ابن عطية أنه سعى جاهدا في صيانة تفسيره من تلك العبارات؛ و إن وقع شيء فهو على سبيل السهو الغفلة فيطلب الصفح و التجاوز عنه.
سبب وجود مثل هذه العبارات في كلام العرب.
بين المصنف أن سبب وجود مثل هذه العبرات التي قد يظن فيها سوء أدب مع الله هو من بسبب استعمال العرب للمجاز في كلامها وخطابتها وأشعارها....وعليه يجب حمل كلام العرب الذي ورد على مثل هذا الاستعمال
و أورد أمثلة على ذلك

من ذلك قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم (فاغفر فداء لك ما اقتفينا).
وقول أم سلمة فعزم الله لي في الحديث في موت أبي سلمة وإبدال الله لها منه رسول الله.
ومن ذلك قولهم الله يدري كذا وكذا، والدراية إنما هي التأتي للعلم بالشيء حتى يتيسر ذلك.

وقد أنشد بعض البغداديين: [الرجز]
لا همَّ إن كنت الذي بعهدي = ولم تغيرك الأمور بعدي
وقد قال العجاج: فارتاح ربي وأراد رحمتي
وقال الآخر: قد يصبح الله أمام الساري
وقال الآخر:
يا فقعسى لم أكلته لمه = لو خافك الله عليه حرمه
وقال أوس:
أبني لبينى لا أحبكم = وجد الإله بكم كما أجد
وقال الآخر:
وإن الله ذاق عقول تيم = فلما راء خفتها قلاها
ومن هذا الاستعمال الذي يبنى الباب عليه قول سعد بن معاذ: عرق الله وجهك في النار يقول هذا للرامي الذي رماه وقال: خذها وأنا ابن العرقة.
.
وقد وجب من أنكر مثل هذا الاستعمال ..وقال لعل يكون من خطأ الأعراب وهو أبو علي الفارسي ..قال رحمه الله تعالى :
قال أبو علي واحتج بعض أهل النظر على جواز هذا الإطلاق بقول الشاعر الجوهري:
لا همَّ لا أدري وأنت الداري
قال أبو علي: وهذا لا ثبت فيه لأنه يجوز أن يكون من غلط الإعراب.
لكن ابن عطية لم يترض هذا من أبي علي الفارسي...لأن الشواهد عن العرب كثيرا جدا في مثل هذا الاستعمال ..وهو من باب المجاز..وأسلوب معروف عند العرب...وعلى فرض القول أن ذلك من غلط الأعرابي .فلا يمكن أن ينحسب الغلط على جميعهم أو أكثرهم

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وكذلك أقول إن الطريقة كلها عربية لا يثبت للنظر المنخول شيء منها.

باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية

ضمن هذا الباب معاني أسماء القران ومعنى السور ة ومعنى الآية

أولا معاني أسماء القران

1- الاسم الأول القران
أورد له معنيان
-بمعنى التأليف..من قولهم قرأ الرجل بمعنى جمع وألف
ودليل هذا القول
ما ورد من كلام السلف
-قال قتادة: القرآن معناه التأليف قرأ الرجل إذا جمع وألف قولا.. وبهذا فسر قتادة قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17] أي تأليفه
ومن كلام العرب
- قال الشاعر عمرو بن كلثوم: [الوافي]
ذراعي بكرة أدماء بكر = هجان اللون لم تقرأ جنينا
أي لم تجمع في بطنها ولدا فهو أفره لها.
-بمعنى تلا..من قولهم قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرءانا وقراءة..وحكى أو زيد الانصاري و قرءا
-دليله
قول حسان
ومنه قول حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه: [البسيط]
ضحوا بأشمط عنوان السجود به = يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
أي: قراءة
و هذا القول الذي رجحه ابن عطية أن القرآن مصدر من قرأ إذا تلا.
الاسم الثاني الكتاب
الكتاب..مصدر من كتب يكتب كتابا. بمعنى جمع
ومنه قيل كتيبة لاجتماعها ومنه قول الشاعر: (واكتبها بأسيار) أي: اجمعها.
الاسم الثالث الفرقان
هو مصدر من فرق يفرق فرقا و فرقانا.....ووجه تسمية القران بالفرقان لأنه يفرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر فرقانا.
الاسم الرابع الذكر
ووجه تسمية القران بالذكر

1- لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم
2-وقيل: سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء
3- وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به.
ثانيا معنى لفظ السورة
يرجع معنى السورة إلى أحد أصلين

1- .من قولهم أسأر يسأر سؤرا سؤرة.. بالهمزة ..وهي لغة تميم كلها وغيرهم.. فإنهم يهمزون فيقولون سؤر وسؤرة

والمعنى السؤر البقية من الشيء والقطعة منه
يقال:....أَسْأَرَ منه شيئاً : أَبْقَى

ومنه سؤر الشراب ؛ وسؤر الهرة
ومنه قول ابن عباس
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا أُحِبُّ أَنْ أُوثِرَ بِسُؤْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَلَى نَفْسِي أَحَدًا..
ومنه قول الأعشى وهو ميمون بن قيس: [المتقارب]
فبانت وقد أسأرت في الفؤاد = صدعا على نأيها مستطيرا
أي: أبقت فيه.
2- أنها من سور يسور سورا و سورة ؛.. بغير همز وهي لغة قريش كلها ومن جاورها من قبائل العرب كهذيل وسعد بن بكر وكنانة يقولون سورة بغير همز
والمعنى إما على تخفيف الهمزة و تكون بنفس المعنى الأول.
وإما
هي على معنى السور..أي شبهت بسور البناء ...
بمعنى القطعة أي أن سورة قطعة من القران
كما أن سور البناء قطعة منه لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة وكل قطعة منها سورة.

وجمع سورة القرآن سور بفتح الواو وجمع سورة البناء سور بسكونها.


وجه تسمية السورة من القران سورة
أن ذلك راجع إلى سببين
1-لكون السورة قطعة من القران ..
قال أبو عبيدة: إنما اختلفا في هذا فكأن سور القرآن هي قطعة بعد قطعة حتى كمل منها القرآن.
2-وقيل لعلو منزلتها ورفعة مكانتها كما أن السور مرتفع .......
قال ابن عطية

ويقال أيضا للرتبة الرفيعة من المجد والملك سورة ومنه قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر: [الطويل]
ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب
فكأن الرتبة انبنت حتى كملت.
ثالثا معنى الآية


- معنى الآية لغة : العلامة

ومنه قول الأسير الموصي إلى قومه باللغز: (بآية ما أكلت معكم حيسا).
وجه تسمية الآية القرآنية آية
قيل في ذلك أقوال
-لأنها علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى –
- وقيل سميت آية لما كانت جملة وجماعة كلام كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا
- وقيل لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها سميت آية

وزن كلامة آية
- عند سيبويه هي فعلة بفتح العين أصلها أيية تحركت الياء الأولى وما قبلها مفتوح فجاءت آية.

-وقال الكسائي أصل آية آيية على وزن فاعلة حذفت الياء الأولى مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام ما لزم في دابة.
وقال مكي في تعليل هذا الوجه سكنت الأولى وأدغمت فجاءت آية على وزن دابة ثم سهلت الياء المثقلة

-وقيل: أصلها أية على وزن فعلة بسكون العين أبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف قاله الفراء وحكاه أبو علي عن سيبويه في ترجمة {وكأين من نبي} [آل عمران: 146
].

-وقال بعض الكوفيين أصلها أيية على وزن فعلة بكسر العين أبدلت الياء الأولى ألفا لثقل الكسر عليها وانفتاح ما قبلها.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 جمادى الآخرة 1439هـ/4-03-2018م, 11:15 PM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية الأندلسي


س: استخلص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي، ثم لخّص بأسلوبك ما قيل في كل مسألة.

قدم ابن عطية رحمه الله لتفسيره بمقدمة قيمة نافعة بين فيها منهجهه في كتابه وذكر فيها مسائل تتعلق بعلوم القرآن ومسائل تتعلق بالتفسير وبدأها بخطبة ثم ذكر تسعة أبواب تحت كل باب موضوع تتفرع منه جملة من المسائل وهذه الأبواب هي:
المقدمة : خطبة تفسير ابن عطية.
الباب الأول :
باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به.
الباب الثاني:
باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه.
الباب الثالث:
باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين.
الباب الرابع :
باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)).
الباب الخامس:
باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره.
الباب السادس:
باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق.
الباب السابع :
نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن.
الباب الثامن :
باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى.
الباب التاسع :
باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية


تلخيص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي
المقدمة : خطبة تفسير ابن عطية:
المسائل التي اشتملت عليها الخطبة :
- حمد الله والثناء عليه :
بدأ ابن عطية خطبته بالثناء على الله لما له من جميل الأسماء والأوصاف وأثنى عليه لنعمه الكثيرة المتوالية وأثنى عليه لأنه أنزل القرآن العظيم وشرع الدين القويم
- إرشاد وتوجيه :
أرشد ابن عطية في مقدمته إلى أمور ضمنها تجربته ورحلته مع كتاب الله وذكر فيها المراحل التي مر بها والأشواط التي قطعها مع كتاب الله وهي كالآتي:
* الوصية بأن يأخذ طالب العلم من كل فن طرفا
*الوصية بالجد والإجتهاد وترك النوم والصبر على الطلب
*الوصية بصرف العمر والأوقات في طلب العلم حتى يدمن على الطلب
*بين ابن عطية أنه ينبغي لطالب العلم بعد مرحلة الإطلاع على العلوم أن يختار لنفسه علما ً يتقن أصوله وفصوله ويلخص مسائله حتى يتمكن منه .
- تيقن ابن عطية أن علم التفسير أعظم العلوم تقريبا إلى الله تعالى وتخليصا للنيات وحضا على الصالحات فاختاره ليتبحر فيه وأقبل عليه .
*قرر ابن عطية أن يكتب في التفسير لما بلغ باعاً في التفسير وذكر وصية
النبي صلى الله عليه وسلم: ((قيدوا العلم بالكتاب))
الأسباب التي أختار من أجلها ابن عطية علم التفسير :
ذكر ابن عطية أنه أختار لنفسه علم كتاب الله لأمور منها:
- شرف العلم بشرف المعلوم وعليه فعلم التفسير أشرف العلوم لتعلقه بكلام الله تعالى
- لأن وجد علم الكتاب علما عظيماً راسخا كالجبال تسطع منه الأنوار
-لأنه استقل بالسنة والفرض
- نزل به أمين السماء إلى أمين الأرض
-لأنه العلم الذي جعل للشرع قواما واستعمل سائر المعارف خداما منه تأخذ مبادئها وبه تعتبر نواشئها
منهج ابن عطية في تفسيره :
- قصد ابن عطية أن يكون تفسيره جامعا وجيزا محررا فلم يذكر من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به
- اثبات أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم على ما تلقى السلف الصالح رضوان الله عليهم كتاب الله من مقاصده العربية السليمة
- الرد على الملحدين في التفسير والتنبيه على أقوالهم
- تتبع الألفاظ
- إيراد جميع القراءات مستعملها وشاذها
- تبيين جميع المعاني وجميع محتملات
- الإيجاز وحذف فضول القول
ختم ابن عطية الخطبة بكلمات رقيقة رجا فيها أن يكون عمله لوجه الله الكريم خالصاً وبين أنه شغل خواطره عمر زمانه بهذا العلم وأعتذر من التقصير .
الباب الأول :
باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به.
المسائل التي اشتمل عليها الباب الأول:
الآثار المروية في بيان فضل القرآن المجيد والاعتصام به :
أولاً:الآثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم :
ذكر ابن عطية جملة من الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم منها:
-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)).
- قال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)).
- روي عنه عليه السلام أنه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض: ((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين إنه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم كتاب الله سبب بينكم وبينه طرفه بيده وطرفه بأيديكم فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر فلا تسبعوهم فتهلكوا)).
-روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم الله))
-قال عليه السلام: ((ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك)).
-حدث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن)).
-قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)).
-روى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)).
ثانياً:الآثار المروية عن السلف
ذكر ابن عطية جملة من الأحاديث المروية السلف منها:

- قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256، لقمان: 22]. قال: هي القرآن
- وقال عبد الله بن عمرو بن العاصي من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه0
- وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أشراف أمتي حملة القرآن)).
- وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} [فاطر: 32].
فقال سابقكم سابق ومقتصدكم ناج وظالمكم مغفور له وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن أصفر البيوت بيت صفر من كتاب الله))0
-وقال عبد الله بن مسعود إن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه وإن أدب الله القرآن.
-مر أعرابي على عبد الله بن مسعود وعنده قوم يقرؤون القرآن فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقال له ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد صلى الله عليه وسلم.
-وقيل لعبد الله بن مسعود: إنك لتقل الصوم فقال إنه يشغلني عن قراءة القرآن وقراءة القرآن أحب إلي منه.
-وقال رجل لعبد الله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه.
-يروى أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب.
-روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع} [الطور: 7] فأن أنة عيد منها عشرين يوما وقال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار.
الباب الثاني:
باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه.
المسائل التي اشتمل عليها الباب الثاني:
فضل تفسير القرآن الكريم :
ذكر ابن عطية جملة من الآثار التي تبين فضل علم التفسير فذكر أن المراد بالحكمة في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} الفهم في القرآن،وبين تفضيل الصحابة لمن يعلم التفسير فعلي بن أبي طالب وصف جابر بالعلم لعلمه بتفسير آية ،ومسروق يرحل للبصرة والشام من أجل تفسير آية وابن عباس يبدأ في مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه والآثار كثيرة .
أهمية اعراب القرآن الكريم :
- ذكر ابن عطية حديث النبيصلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)
- ثم بين أن إعراب القرآن أصل في الشريعة لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع
- وذكر قول الحسن : أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها.
ليبين أهمية الإعراب وان التفريط فيه سبب للقول على الله بغير علم
الباب الثالث:
باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين:
المسائل التي اشتمل عليها الباب الثالث:
الكلام في تفسير القرآن الكريم :
أورد فيه أثر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل.
ثم بين أن معنى هذا الحديث في مغيبات القرآن وتفسير مجمله ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به كوقت قيام الساعة ونحوه ومنها ما يستقرأ من ألفاظه كعدد النفخات في الصور وكرتبة خلق السموات والأرض.
والغرض من هذا الكلام التحرز من التفسير إلا لمن عنده علم .
التحذير من الجرأة في تفسير القرآن الكريم :
ذكر حديث الرسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)).
ومعناه أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء أو اقتضته قوانين العلوم كالنحو والأصول وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته والنحاة نحوه والفقهاء معانيه ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر
تعظيم السلف لعلم التفسير وذكر أحوالهم معه:
كان السلف يعظمون الكلام في التفسير
- فمنهم من توقف عن التفسير تورعا واحتياطاً كسعيد بن المسيب وعامر الشعبي
- ومنهم من فسره عن علم كعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن العباس رضي الله عنهما وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص ومن التابعين الحسن بن أبي الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعلقمة.
ذكر مراتب بعض المفسرين :
-السدي وأبي صالح : كان عامر الشعبي يطعن عليهما لأنه كان يراهما مقصرين في النظر
-عبد الرزاق والمفضل وعلي بن أبي طلحة والبخاري : من العدول
- محمد بن جرير الطبري رحمه الله :جمع على الناس أشتات التفسير وقرب البعيد وشفى في الإسناد.
-أبو إسحاق الزجاج وأبو علي الفارسي :من المبرزين في المتأخرين
- أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس :فكثيرا ما استدرك الناس عليهما وعلى سننهما مكي بن أبي طالب رضي الله عنه
-أبو العباس المهدوي رحمه الله :متقن التأليف
ختم كلامه بقوله : (وكلهم مجتهد مأجور رحمهم الله ونضر وجوههم)
الباب الرابع :
باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)).
المسائل التي اشتمل عليها الباب الرابع:
المراد بالأحرف السبعة :
أقوال العلماء في المراد بالأحرف السبعة :
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه))
اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على أقوال :
· الحروف السبعة هي فيما يتفق أن يقال على سبعة أوجه فما دونها
مثال: تعال وأقبل وإلي ونحوي وقصدي واقرب وجئ وكاللغات التي في أف وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة
علق عليه ابن عطية بقوله : وهذا قول ضعيف.
· قال ابن شهاب في كتاب مسلم: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام.
علق عليه القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وهذا كلام محتمل.
· الأحرف السبعة هي معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال.
علق عليه ابن عطية بقوله :وهذا أيضا ضعيف لأن :
1- هذه لا تسمى أحرفا
2- الإجماع أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا في تحليل حرام ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة.

· المراد بالأحرف السبعة وجوه الاختلاف في القراءة وهي سبعة حكى هذا القول صاحب الدلائل عن بعض العلماء وقد حكى نحوه القاضي أبو بكر بن الطيب وهي :
1- منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ} وأطهرَ.
2- منها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد} وباعَد.
3- منها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل (ننشرها) و{ننشزها}.
4- منها ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5] و(كالصوف المنفوش)
5- منها ما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلح منضود} [الواقعة: 29] و(طلع منضود)
6- منها بالتقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19] و(سكرة الحق بالموت).
7- منها بالزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة أنثى).
· ذكر القاضي أبو بكر بن الطيب في معنى هذه السبعة الأحرف حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه)).
قال القاضي أبو محمد فهذا تفسير منه صلى الله عليه وسلم للأحرف السبعة ولكن ليست هذه التي أجاز لهم القراءة بها على اختلافها وإنما الحرف في هذه بمعنى الجهة والطريقة.
· هي سبعة أوجه من أسماء الله تعالى
ذكر القاضي أن أبيا رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)).

· قال القاضي: وزعم قوم أن كل كلمة تختلف القراءة فيها فإنها على سبعة أوجه وإلا بطل معنى الحديث.
· قال قوم ظاهر الحديث يوجب أن يوجد في القرآن كلمة أو كلمتان تقرآن على سبعة أوجه فإذا حصل ذلك تم معنى الحديث.
· قال القاضي أبو بكر بن الطيب: وقد زعم قوم أن معنى الحديث أنه نزل على سبع لغات مختلفات وهذا باطل إلا أن يريد الوجوه المختلفة التي تستعمل في القصة الواحدة
· وأستدل على ذلك
بأن لغة عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وهشام بن حكيم وابن مسعود واحدة وقراءتهم مختلفة وخرجوا بها إلى المناكرة.
ترجيح القاضي القاضي أبي بكر وبيناه للمراد بالأحرف السبعة :
فأما الأحرف السبعة التي صوب رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءة بجميعها وهي التي راجع فيها فزاده وسهل عليه لعلمه تعالى بما هم عليه من اختلافهم في اللغات فلها سبعة أوجه وسبع قراءات مختلفات وطرائق يقرأ بها على اختلافها في جميع القرآن أو معظمه حسبما تقتضيه العبارة في قوله: ((أنزل القرآن)) فإنما يريد به الجميع أو المعظم فجائز أن يقرأ بهذه الوجوه على اختلافها ويدل على ذلك قول الناس: حرف أبي وحرف ابن مسعود
ونقول في الجملة: ان القرآن منزل على سبعة أحرف من اللغات والإعراب وتغيير الأسماء والصور وإن ذلك مفترق في كتاب الله ليس بموجود في حرف واحد وسورة واحدة يقطع على اجتماع ذلك فيها.
مناقشة القاضي أبو محمد عبد الحق للقاضي أبي بكر :
بين القاضي أبو محمد عبد الحق أن استدلال القاضي أبي بكر بأن لغة عمر وأبي وهشام وابن مسعود واحدة فيه نظر لأن ما استعملته قريش في عبارتها ومنهم عمر وهشام وما استعملته الأنصار ومنهم أبي وما استعملته هذيل ومنهم ابن مسعود قد يختلف ومن ذلك النحو من الاختلاف هو الاختلاف في كتاب الله سبحانه فليست لغتهم واحدة في كل شيء
فكأن القاضي رحمه الله إنما أبطل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قصد في قوله: ((على سبعة أحرف)) عد اللغات التي تختلف بجملتها وأن تكون سبعا متباينة لسبع قبائل تقرأ كل قبيلة القرآن كله بحرفها ولا تدخل عليها لغة غيرها بل قصد النبي عليه السلام عنده عد الوجوه والطرائق المختلفة في كتاب الله مرة من جهة لغة ومرة من جهة إعراب وغير ذلك ولا مرية أن هذه الوجوه والطرائق إنما اختلفت لاختلاف في العبارات بين الجملة التي نزل القرآن بلسانها وذلك يقال فيه اختلاف لغات.
وخلاصة الكلام أن معنى الحديث المذكور أنه أنزل على سبع لغات لسبع قبائل انبث فيه من كل لغة منها وهذا القول هو المتقرر من كلام القاضي رضي الله عنه .


تعيين القبائل العربية التي تنسب اليها اللغات السبع :
ينظر في تعيينهم إلى القطر ومن جاور منشأ النبي صلى الله عليه وسلم
فيكون الأصل قريش ثم بنو سعد بن بكر لأن النبي عليه السلام قرشي واسترضع في بني سعد ونشأ فيهم ثم ترعرع وعقت تمائمه وهو يخالط في اللسان كنانة وهذيلا وثقيفا وخزاعة وأسدا وضبة وألفافها لقربهم من مكة وتكرارهم عليها ثم بعد هذه تميما وقيسا ومن انضاف إليهم وسط جزيرة العرب
قال ثابت بن قاسم: لو قلنا من هذه الأحرف لقريش ومنها لكنانة ومنها لأسد ومنها لهذيل ومنها لتميم ومنها لضبة وألفافها ومنها لقيس لكان قد أتى على قبائل مضر في مراتب سبعة تستوعي اللغات التي نزل بها القرآن.
وهذه القبائل انتهت إليها الفصاحة وسلمت لغاتها من الدخيل ولم تطرقها الأمم وأما ماحولها تأثر بكلام العجم بسبب الخلطة مع الحبشة والفرس والنبط ونصارى الحيرة والروم وغيرهم .
ذكر بعض الأدلة الدالة على أن المراد بالأحرف السبعة اللغات التي تكلم بها العرب :
- (فطر) معناها عند غير قريش ابتدأ خلق الشيء وعمله فجاءت في القرآن فلم تتجه لابن عباس حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها قال ابن عباس: ففهمت حينئذ موقع قول تعالى: {فاطر السماوات والأرض} [فاطر: 1، الزمر 46].
-قال ابن عباس : ما كنت أدري معنى قوله: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} [الأعراف: 89]. حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك أي: أحاكمك.
-قال عمر بن الخطاب وكان لا يفهم معنى قول تعالى: {أو يأخذهم على تخوف} [النحل: 47] فوقف به فتى فقال: إن أبي يتخوفني حقي فقال عمر: الله أكبر {أو يأخذهم على تخوف} أي: على تنقص لهم.
الأحرف السبعة مقيدة بما جاء به جبريل من عند الله :
أباح الله تعالى لنبيه هذه الحروف السبعة وعارضه بها جبريل في عرضاته على الوجه الذي فيه الإعجاز وجودة الوصف ولم تقع الإباحة في قوله عليه السلام: ((فاقرؤوا ما تيسر منه)) بأن يكون كل واحد من الصحابة إذا أراد أن يبدل اللفظة من بعض هذه اللغات جعلها من تلقاء نفسهةولو كان هذا لذهب إعجاز القرآن وكان معرضا أن يبدل
وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف))0
جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان وأثره في الأحرف السبعة :
انتشرت الأحرف السبعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وافترق الصحابة في البلدان ووقع بين أهل الشام والعراق خلاف بسبب اختلاف القراءة وتنبه لذلك حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وأخبر عثمان بن عفان حتى يتدارك الأمر قبل أن تختلف الأمة كما أختلفت اليهود والنصارى فتجرد للأمر واستناب الكفاة العلماء الفصحاء في أن يكتبوا القرآن ويجعلوا ما اختلفت القراءة فيه على أشهر الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفصح اللغات وقال لهم: "إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش"
فجمع الناس على مصحف واحد سدا للذريعة وتغليبا لمصلحة الألفة وأمر بحرق ماسواها وقرأ القراء في الأمصار بما وافق رسم المصحف من الأحرف السبعة
وأستقر الامرعلى قراءة السبعة وبها يصلى لأنها ثبتت بالإجماع وأما شاذ القراءات فلا يصلى به وذلك لأنه لم يجمع الناس عليه .
الباب الخامس:
باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره
المسائل التي اشتمل عليها الباب الخامس:
الجمع الأول للقرآن وذكر سببه :
جمع بعض الصحابة القرآن في صدورهم في عهد الرسول الله صلى الله عليه وسلم و كتب الناس منه في صحف وفي جريد وفي خزف وغير ذلك فكان مكتوباً مفرقاً
سبب الجمع :
لما استحر القتل بالقراء يوم اليمامة أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن مخافة أن يموت أشياخ القراءة كأبي وزيد وابن مسعود فيذهب فندبا إلى ذلك زيد بن ثابت فجمعه غير مرتب السور .
الجمع الثاني للقرآن وذكر سببه :
قرأ الصحابة القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم على الأحرف السبعة ونشروه بين الناس ومع الفتوحات حصل خلاف ونزاع بينهم بسبب اختلاف القراءة فلما قدم حذيفة من غزوة أرمينية أخبر عثمان فأمر عثمان بن عفان زيد بن ثابت بجمعه ومعه ثلاثة من قريش سعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير وأمرهم في حال الإختلاف أن يكتبوا بلسان قريش ثم نسخ عثمان منه نسخا ووجه بها إلى الآفاق وأمر بما سواها من المصاحف أن تحرق
ترتيب سور القرآن هل هو توقيفي أم اجتهادي:
القول الأول:
ترتيب السور اجتهادي من عند زيد ومن كان معه مع مشاركة من عثمان رضي الله عنه ذكره القاضي أبو بكر بن الطيب
القول الثاني :
ترتيب السور توقيفي من النبي صلى الله عليه وسلم ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة ذكره مكي رحمه الله في تفسير سورة براءة
القول الثالث:
السبع الطول والحواميم والمفصل كان مرتبا في زمن النبي عليه السلام وكان في السور ما لم يرتب فذلك هو الذي رتب وقت الكتب ذكر القاضي أن هذا القول هو ظاهر الآثار
شكل المصحف ونقطه وتحزيبه :
نقط المصحف :
قيل: زياد بن أبي سفيان أمر أبا الأسود بنقط المصاحف ذكره أبو الفرج .
قيل: نصر بن عاصم أول من نقط المصاحف ذكره الجاحظ في كتاب الأمصار
قيل: أبو الأسود الدؤلي ذكره الزبيدي في كتاب الطبقات
قيل: ابن سيرين كان له مصحف نقطه له يحيى بن يعمر.
شكل المصحف ونقطه :
أمر عبد الملك بن مروان الحجاج بواسط به وزاد تحزيبه وأمر وهو والي العراق الحسن ويحيى بن يعمر بذلك
وضع الأعشار :
قيل :المأمون العباسي أمر بذلك
وقيل إن: الحجاج فعل ذلك.

*أنكر ماسبق أبو عمرو الداني ونقل قول قتادة أنه قال: بدؤوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا .
الباب السادس:
باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق.
هل في كتاب الله كلمات أعجمية :
اختلف العلماء في هذه المسألة
القول الأول:
إن في كتاب الله تعالى من كل لغة ذكره أبو عبيدة وغيره
القول الثاني:
أن القرآن ليس فيه لفظة إلا وهي عربية صريحة وأن الأمثلة والحروف التي تنسب إلى سائر اللغات إنما اتفق فيها أن تواردت اللغتان فتكلمت بها العرب والفرس أو الحبشة ذكره الطبري وغيره
علق القاضي أبومحمد على الطبري بقوله :ما ذهب إليه الطبري من أن اللغتين اتفقتا في لفظة فذلك بعيد بل إحداهما أصل والأخرى فرع في الأكثر لأنا لا ندفع أيضا جواز الاتفاق قليلا شاذا.
القول الثالث:
القرآن نزل بلسان عربي مبين فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب وتوجد فيه بعض الألفاظ هي في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه ذكره القاضي أبو محمد .
الباب السابع :
نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن.
تحديد وجه الإعجاز في القرآن
اختلف العلماء في إعجاز القرآن بم هو؟
القول الأول:
التحدي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات وإن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وفيه وقع عجزها
القول الثاني:
التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة.
ترجيح ابن عطية :
التحدي إنما وقع بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه وعلى هذا القول الجمهور والحذاق وهو الصحيح وذلك لسعة علم الله واحاطته علما بالكلام فجاءت كل كلمة في أنسب مكان وجاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة وقامت الحجة على العالم لأنهم كانوا أرباب الفصاحة كما قامت الحجة في معجزة عيسى بالأطباء وفي معجزة موسى بالسحرة .
الباب الثامن :
اسناد المفسر أفعال إلى الله تعالى لم يأت اسنادها بتوقيف من الشرع :
عندما يفسر المفسر القرآن ويوجز في العبارة يسوقه ذلك إلى أن يسند أفعال إلى الله
لم يأت اسنادها بتوقيف من الشرع
أمثلة :
-خاطب الله بهذه الآية المؤمنين
-شرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون
-حكى الله تعالى عن أم موسى أنها قالت: {قصيه}
-وقف الله ذرية آدم على ربوبيته بقوله: {ألست بربكم} [الأعراف: 172]
مواقف العلماء من اسناد المفسر أفعال إلى الله تعالى لم يأت اسنادها بتوقيف من الشرع :
- من العلماء من أستعمل هذه الطريقة فقد استعملها أبو المعالي في الإرشاد وبعض المفسرين والمحدثين والفقهاء
- من العلماء من يرى أنه لا يجوز أن يقال حكى الله ولا ما جرى مجراه كبعض الأصوليين
- ذكر القاضي أبو محمد عبد الحق أنه قد يستعمل في سياق الكلام والمراد منه حكت الآية أو اللفظ فذلك استعمال عربي شائع وعليه مشى الناس وهو يحاول التحفظ منه وأعتذر إذا وقع منه ذلك وأنا أتحفظ منه في هذا التعليق جهدي لكني قدمت هذا الباب لما عسى أن أقع فيه نادرا واعتذارا عما وقع فيه المفسرون من ذلك.

أمثلة على استعمال العرب أشياء في ذكر الله تعالى تنحمل على المجاز:
- قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم (فاغفر فداء لك ما اقتفينا).
-قول أم سلمة فعزم الله لي في الحديث في موت أبي سلمة وإبدال الله لها منه رسول الله.
- قال العجاج: فارتاح ربي وأراد رحمتي
وقال الآخر: قد يصبح الله إمام الساري
الباب التاسع :
باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية
أسماء القرآن وبيان معانيها :
-القرآن :
المعنى :
القول الأول:
- القرآن مصدر من قولك: قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرآنا وقراءة وحكى أبو زيد الأنصاري وقرءا
القول الثاني:
قال قتادة: القرآن معناه التأليف قرأ الرجل إذا جمع وألف قولا وبهذا فسر قتادة قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17] أي تأليفه
الراجح:
القول الأول أقوى إن القرآن مصدر من قرأ إذا تلا ومنه قول حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به = يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
أي: قراءة
الكتاب:
المعنى :مصدر من كتب إذا جمع ومنه قيل كتيبة لاجتماعها ومنه قول الشاعر: (واكتبها بأسيار) أي: اجمعها.
الفرقان:
المعنى : مصدر لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر فرقا وفرقانا

الذكر:
المعنى : سمي به لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم
وقيل: سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء
وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به
بيان معنى السورة :
- معنى سورة بغير همز (وهي لغة قريش ومن جاورها كهذيل وسعد بن بكر وكنانة )
· منهم من يراها بمعنى القطعة من الشئ
· ومنهم من يراها مشبهة بسورة البناء أي القطعة منه لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة وكل قطعة منها سورة
· ويقال أيضا للرتبة الرفيعة من المجد والملك سورة ومنه قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر: [الطويل]
ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب
- معنى سؤرة بالهمز (وهي لغة تميم )
البقية من الشيء والقطعة منه التي هي سؤر وسؤرة من أسأر إذا أبقى ومنه سؤر الشراب ومنه قول الأعشى وهو ميمون بن قيس: [المتقارب]
فبانت وقد أسأرت في الفؤاد = صدعا على نأيها مستطيرا
معنى الآية ووجه تسميتها بذلك:
وأما الآية فهي العلامة في كلام العرب ومنه قول الأسير الموصي إلى قومه باللغز: (بآية ما أكلت معكم حيسا).
ووجه تسميتها بذلك أن الجملة التامة من القرآن علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى بها سميت آية
وقيل سميت آية لما كانت جملة وجماعة كلام كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا
وقيل لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها سميت آية
أصل كلمة آية :
- عند سيبويه :
وزن آية فعلة بفتح العين أصلها أيية تحركت الياء الأولى وما قبلها مفتوح فجاءت آية.
- عند الكسائي :
أصل آية آيية على وزن فاعلة حذفت الياء الأولى مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام ما لزم في دابة.
- عند الفراء وحكي عن سيبويه :
أصلها أية على وزن فعلة بسكون العين أبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف
- عند بعض الكوفيين :
أصلها أيية على وزن فعلة بكسر العين أبدلت الياء الأولى ألفا لثقل الكسر عليها وانفتاح ما قبلها.
ملاحظة :
أعتذر أشد الاعتذار عن التأخير لظروف خارجة عن إرادتي


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29 جمادى الآخرة 1439هـ/16-03-2018م, 02:23 AM
سها حطب سها حطب غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي

س: استخلص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي، ثم لخّص بأسلوبك ما قيل في كل مسألة.

1- مقدمة :
- البسملة والحمدلة والثناء على الله الذي أنزل الشرع والقرآن والصلاة والسلام على نبيه وآله صلى الله عليه وسلم.

· من المنهجية في طلب العلم:
- الحرص على تحصيل الأصول في كل علم.
- ثم التخصص في علم منها يوليها جل وقته وجهده.

· سبب اختيار ابن عطية رحمه الله لعلم التفسير :
لأن علم كتاب الله من أشرف العلوم على الإطلاق ومنه تنطلق بقية العلوم، وهو أعظم العلوم تقريبا إلى الله تعالى، وأرجاها بركة وثوابا.

· كثرة الفوائد والمعاني في تفسير القرآن :
قال تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} قال المفسرون أي علم معانيه والعمل بها، فتغلب قوة الحفظ، ويلزم تدوينها.

· منهج ابن عطية رحمه الله في تفسيره:
- قصد فيه أن يكون جامعا مجيزا محررا.
- الابتعاد عن سرد القصص إلا ما تنفك الآية إلا به.
- نسبة أقوال العلماء إليهم.
- اعتماد ما تلقاه السلف رضي الله عنهم من المقاصد العربية السليمة من إلحاد أهل القول بالرموز وأهل القول بعلم الباطن وغيرهم.
- تحري الدقة في الألفاظ والتعليق على ما يشكل منها.
- إيراد جميع القراءات المستعملة والشاذة.
- تبيين المعاني وجميع محتملات الألفاظ .

2- فضل القرآن :
· القرآن نجاة من الفتن:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)).
- وروي عنه عليه السلام أنه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض: ((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين إنه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم كتاب الله سبب بينكم وبينه طرفه بيده وطرفه بأيديكم فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر فلا تسبعوهم فتهلكوا)).

· الحث على النهل من علوم القرآن والاعتبار به:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)).
- وقال ابن مسعود: مل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا: يا رسول الله حدثنا فأنزل الله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} الآية [الزمر: 23] ثم ملوا ملة أخرى فقالوا قص علينا يا رسول الله فأنزل الله تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [يوسف: 3].
- وقال رجل لعبد الله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه.
- قيل لجعفر بن محمد الصادق: لم صار الشعر والخطب يمل ما أعيد منها والقرآن لا يمل؟ فقال: لأن القرآن حجة على أهل الدهر الثاني كما هو حجة على أهل الدهر الأول فكل طائفة تتلقاه غضا جديدا ولأن كل امرئ في نفسه متى أعاده وفكر فيه تلقى منه في كل مرة علوما غضة وليس هذا كله في الشعر والخطب


· ثواب تلاوة القرآن وحفظه والعمل به:
- قال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)).
- وقال عليه السلام: ((أفضل عبادة أمتي القرآن))
- حدث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن)).
- وروى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)).
- وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)).
- وروى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)).
- قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256، لقمان: 22]. قال: هي القرآن.
- وقال عبد الله بن عمرو بن العاصي من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه.
- ومر أعرابي على عبد الله بن مسعود وعنده قوم يقرؤون القرآن فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقال له ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد صلى الله عليه وسلم.
- قال محمد بن كعب القرظي في قول تعالى: {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان} [آل عمران: 193] قال: هو القرآن ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعض العلماء في تفسير قول تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته} [يونس: 58] قال: الإسلام والقرآن.
- ذكر أبو عمرو الداني عن علي الأثرم قال: كنت أتكلم في الكسائي وأقع فيه فرأيته في النوم وعليه ثياب بيض ووجهه كالقمر فقلت يا أبا الحسن ما فعل الله بك فقال غفر لي بالقرآن.

· ذم هجر القرآن وهجر العمل به:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن أصفر البيوت بيت صفر من كتاب الله))
- وقال عليه السلام: ((اقرؤوا القرآن قبل أن يجيء قوم يقيمونه كما يقام القدح ويضيعون معانيه يتعجلون أجره ولا يتأجلونه)).
- وقال: ((ألا إن أصفر البيوت بيت صفر من كتاب الله))
- وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: إن من أشراط الساعة أن يبسط القول ويخزن الفعل ويرفع الأشرار ويوضع الأخيار وأن تقرأ المثناة على رؤوس الناس لا تغير قيل: وما المثناة؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله قيل له فكيف بما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أخذتموه: عمن تأمنونه على نفسه ودينه فاعقلوه وعليكم بالقرآن فتعلموه وعلموه أبناءكم فإنكم عنه تسألون وبه تجزون وكفى به واعظا لمن عقل.
- وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به.
- وقال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار.
- وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء قال فلما ختمته أردت الرجوع من أوله فقال لي: اتخذت القراءة علي عملا اذهب فاقرأه على الله تعالى في ليلك وانظر ماذا يفهمك منه فاعمل به.


3- علم تفسير القرآن:

· فضل تفسير القرآن وإعرابه:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة)).
- وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)).
- قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه إعراب القرآن أصل في الشريعة لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع.
- وقال مجاهد: أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل.
- وقال الحسن: والله ما أنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها
- وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه.


· تبجيل الصحابة والسلف لعلم تفسير القرآن:
- وذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه جابر بن عبد الله فوصفه بالعلم فقال له رجل: جعلت فداك تصف جابرا بالعلم وأنت أنت فقال: إنه كان يعرف تفسير قول تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} [القصص: 197].
- وقال الشعبي رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها.


· ذم الجهل بمعاني القرآن:
- وقال إياس بن معاوية مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب.
- وقال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر.

· أهمية العلم باللغة العربية في تفسير القرآن:
- روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عربيته فالتمسوها في الشعر)).
- وقال الحسن: أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها.


· التحذير من الجرأة على تفسير كلام الله
- روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ومعنى هذا الحديث في مغيبات القرآن وتفسير مجمله ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به كوقت قيام الساعة ونحوه ومنها ما يستقرأ من ألفاظه كعدد النفخات في الصور وكرتبة خلق السموات والأرض.
- ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)).
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء أو اقتضته قوانين العلوم كالنحو والأصول وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته والنحاة نحوه والفقهاء معانيه ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه.
- وكان جلة من السلف كسعيد بن المسيب وعامر الشعبي وغيرهما يعظمون تفسير القرآن ويتوقفون عنه تورعا واحتياطا لأنفسهم مع إدراكهم وتقدمهم وكان جلة من السلف كثير عددهم يفسرونه وهم أبقوا على المسلمين في ذلك رضي الله عنهم.

· المفسرون من الصحابة رضي الله عنهم:
- علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان يثني على تفسير ابن عباس ويحث على الأخذ عنه.
- ويتلوه عبد الله بن العباس رضي الله عنهما وهو تجرد للأمر وكمله وتتبعه
وقال ابن عباس ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي والمحفوظ عنه في ذلك أكثر من المحفوظ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
- وكان عبد الله بن مسعود يقول: نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم فقهه في الدين)) وحسبك بهذه الدعوة.
- ويتلوه عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص.

· المفسرون من التابعين رضي الله عنهم:
- الحسن بن أبي الحسن
- مجاهد قرأ على ابن عباس قراءة تفهم ووقوف عند كل آية
- سعيد بن جبير
- علقمة.
- عكرمة
- والضحاك بن مزاحم وإن كان لم يلق ابن عباس وإنما أخذ عن ابن جبير.
- أما السدي رحمه الله فكان عامر الشعبي يطعن عليه وعلى أبي صالح لأنه كان يراهما مقصرين في النظر

· المفسرون من المتأخرين رضي الله عنهم:
- كعبد الرزاق
- المفضل
- علي بن أبي طلحة
- البخاري
- محمد بن جرير الطبري رحمه الله : جمع على الناس أشتات التفسير وقرب البعيد وشفى في الإسناد
- أبو إسحاق الزجاج
- أبو علي الفارسي
- وأما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس ومكي بن أبي طالب وأبو العباس المهدوي فكثيرا ما استدرك الناس عليهم وكلهم مجتهد مأجور رحمهم الله ونضر وجوههم.


4- الأحرف السبعة:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه))


· الأقوال في معنى هذا الحديث :
القول الأول: ذهب فريق من العلماء إلى أن تلك الحروف السبعة هي فيما يتفق أن يقال على سبعة أوجه فما دونها كتعال وأقبل وإلي ونحوي وقصدي واقرب وجئ وكاللغات التي في أف وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة وهذا قول ضعيف.

القول الثاني : قول ابن شهاب في كتاب مسلم: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام، وهذا كلام محتمل.

القول الثالث: قال فريق من العلماء: إن المراد بالسبعة الأحرف معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال.وهذا أيضا ضعيف لأن هذه لا تسمى أحرفا وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا في تحليل حرام.
ذكر القاضي أبو بكر بن الطيب حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه)).
قال القاضي أبو محمد فهذا تفسير منه صلى الله عليه وسلم للأحرف السبعة ولكن ليست هذه التي أجاز لهم القراءة بها على اختلافها وإنما الحرف في هذه بمعنى الجهة والطريقة ومنه قول تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} [الحج: 11]

القول الرابع : حكى صاحب الدلائل عن بعض العلماء وقد حكى نحوه القاضي أبو بكر بن الطيب قال: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة منها
1- ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ} وأطهرَ.
2- ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد} وباعَد.
3- ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل (ننشرها) و{ننشزها}.
4- ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5] و(كالصوف المنفوش)
5- ما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلح منضود} [الواقعة: 29] و(طلع منضود)
6- ومنها بالتقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19] و(سكرة الحق بالموت).
7- ومنها بالزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة أنثى).

القول الخامس:
وذكر القاضي أيضا أن أبيا رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)).
قال القاضي ابن الطيب: وهذه أيضا سبعة غير السبعة التي هي وجوه وطرائق وغير السبعة التي هي قراءات ووسع فيها وإنما هي سبعة أوجه من أسماء الله تعالى.
وإذا ثبتت هذه الرواية حمل على أن هذا كان مطلقا ثم نسخ فلا يجوز للناس أن يبدلوا اسما لله في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالفه.

القول السادس: أنه نزل على سبع لغات مختلفات، ورجحه ابن عطية وقال:
- (فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) أي فيه عبارات سبع قبائل بلغة جملتها نزل القرآن فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش ومرة بعبارة هذيل ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظة ألا ترى أن (فطر) معناها عند غير قريش ابتدأ خلق الشيء وعمله فجاءت في القرآن فلم تتجه لابن عباس حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها قال ابن عباس: ففهمت حينئذ موقع قول تعالى: {فاطر السماوات والأرض} [فاطر: 1، الزمر 46].
وقال أيضا ما كنت أدري معنى قوله: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} [الأعراف: 89]. حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك أي: أحاكمك.
وكذلك قال عمر بن الخطاب وكان لا يفهم معنى قول تعالى: {أو يأخذهم على تخوف} [النحل: 47] فوقف به فتى فقال: إن أبي يتخوفني حقي فقال عمر: الله أكبر {أو يأخذهم على تخوف} أي: على تنقص لهم.)

- اعترض القاضي أبو بكر بن الطيب على هذا القول بأن لغة عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وهشام بن حكيم وابن مسعود واحدة وقراءتهم مختلفة وخرجوا بها إلى المناكرة. وقال إن القرآن منزل على سبعة أحرف من اللغات والإعراب وتغيير الأسماء والصور وإن ذلك مفترق في كتاب الله.
- قال بن عطية : (أن المذهب الصحيح الذي قرره إنما صح وترتب من جهة اختلاف لغات العرب)
- ورد ابن عطية اعتراض القاضي بأن لغة عمر وأبي وهشام وابن مسعود واحدة فيه نظر لأن ما استعملته قريش في عبارتها ومنهم عمر وهشام وما استعملته الأنصار ومنهم أبي وما استعملته هذيل ومنهم ابن مسعود قد يختلف ومن ذلك النحو من الاختلاف هو الاختلاف في كتاب الله سبحانه فليست لغتهم واحدة في كل شيء وأيضا فلو كانت لغتهم واحدة بأن نفرضهم جميعا من قبيلة واحدة لما كان اختلافهم حجة على من قال: إن القرآن أنزل على سبع لغات لأن مناكرتهم لم تكن لأن المنكر سمع ما ليس في لغته فأنكره وإنما كانت لأنه سمع خلاف ما أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم وعساه قد أقرأه ما ليس من لغته واستعمال قبيلته.
- ووجه كلامه أنه أرداد ابطال القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم قصد في قوله: ((على سبعة أحرف)) عد اللغات التي تختلف بجملتها وأن تكون سبعا متباينة لسبع قبائل تقرأ كل قبيلة القرآن كله بحرفها ولا تدخل عليها لغة غيرها.
- بل قصد النبي عليه السلام عند القاضي ابي بكر عد الوجوه والطرائق المختلفة في كتاب الله مرة من جهة لغة ومرة من جهة إعراب وغير ذلك ولا مرية أن هذه الوجوه والطرائق إنما اختلفت لاختلاف في العبارات بين الجملة التي نزل القرآن بلسانها وذلك يقال فيه اختلاف لغات.
- قال ابن عطية والحديث يشمل القصدين معا.
- ومال كثير من أهل العلم كأبي عبيد وغيره إلى أن معنى الحديث المذكور أنه أنزل على سبع لغات لسبع قبائل .

· ذكر هذه القبائل :
- قريش ثم بنو سعد بن بكر لأن النبي عليه السلام قرشي واسترضع في بني سعد ثم ترعرع وهو يخالط في اللسان كنانة وهذيلا وثقيفا وخزاعة وأسدا وضبة وألفافها لقربهم من مكة ثم بعد هذه تميما وقيسا ومن انضاف إليهم وسط جزيرة العرب فلما بعثه الله تعالى ويسر عليه أمر الأحرف أنزل عليه القرآن بلغة هذه الجملة المذكورة . وقال بمثله : ثابت بن قاسم
- تتميز هذه القبائل الفصاحة وسلمت لغاتها من الدخيل لأنها في وسط جزيرة العرب في الحجاز ونجد وتهامة فلم تطرقها الأمم .
- فأما اليمن وهي جنوبي الجزيرة فأفسدت كلام عربه خلطة الحبشة والهنود على أن أبا عبيد القاسم بن سلام وأبا العباس المبرد قد ذكرا أن عرب اليمن من القبائل التي نزل القرآن بلسانها.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق: وذلك عندي إنما هو فيما استعملته عرب الحجاز من لغة اليمن كالعرم والفتاح، فأما ما انفردوا به كالزخيخ والقلوبي ونحوه فليس في كتاب الله منه شيء.
- وأما ما والى العراق من جزيرة العرب وهي بلاد ربيعة وشرقي الجزيرة فأفسدت لغتها مخالطة الفرس والنبط ونصارى الحيرة وغير ذلك.
- وأما الذي يلي الشام وهو شمالي الجزيرة وهي بلاد آل جفنة وابن الرافلة وغيرهم فأفسدها مخالطة الروم وكثير من بني إسرائيل.
- وأما غربي الجزيرة فهي جبال تسكن بعضها هذيل وغيرهم وأكثرها غير معمور.
- ويقوي هذا المنزع أنه لما تجرد أهل البصرة والكوفة لحفظ لسان العرب وكتب لغتها لم يأخذوا إلا عن هذه القبائل الوسيطة المذكورة ومن كان معها وتجنبوا اليمن والعراق والشام فلم يكتب عنهم حرف واحد.

· معنى إباحة القراءة بهذه الأحرف؟
- أباح الله تعالى لنبيه هذه الحروف السبعة كما عارضه بها جبريل في عرضاته على الوجه الذي فيه الإعجاز.
- ولم تقع الإباحة بأن يكون كل واحد من الصحابة إذا أراد أن يبدل اللفظة من بعض هذه اللغات جعلها من تلقاء نفسه، ولو كان هذا لذهب إعجاز القرآن وكان معرضا أن يبدل هذا ولبطل معنى قول الله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
- ودليل هذا قوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب وهشام بن حكيم لما اختلفا على قراءة سورة الفرقان: ((هكذا أقرأني جبريل)) .
- وعلى هذا يحمل قول أنس بن مالك حين قرأ (إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا) فقيل له: إنما تقرأ: {وأقوم} فقال أنس: (أصوب وأقوم وأهيأ واحد)، فإنما معنى هذا أنها مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم.

· شروط صحة القراءة بهذه الأحرف السبعة:
- أن تروى عن النبي عليه السلام .

· هل تقرأ كل كلمات القرآن على سبعة أوجه ؟
فيه قولان:
الأول : أن كل كلمة تختلف القراءة فيها فإنها على سبعة أوجه وإلا بطل معنى الحديث.
وقالوا: وتعرف بعض الوجوه بمجيء الخبر به ولا نعرف بعضها إذا لم يأت به خبر.
الثاني: أن ظاهر الحديث يوجب أن يوجد في القرآن كلمة أو كلمتان تقرآن على سبعة أوجه فإذا حصل ذلك تم معنى الحديث.

· جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
كان القرآن في مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقا في صدور الرجال وقد كتب الناس منه في صحف وفي جريد وظرر وفي لخاف وفي خزف وغير ذلك.

· جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه.
- استحر القتل بالقراء يوم اليمامة فأشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن مخافة أن يموت أشياخ القراءة كأبي وزيد وابن مسعود فيذهب
- ندبا إلى ذلك زيد بن ثابت فجمعه غير مرتب السور بعد تعب شديد منه رضي الله عنه.
- وروي أن في هذا الجمع سقطت الآية من آخر براءة حتى وجدها عند خزيمة بن ثابت ، وحكى الطبري أنه إنما سقطت له في الجمع الأخير والأول أصح وهو الذي حكى البخاري إلا أنه قال فيه مع أبي خزيمة الأنصاري وقال إن في الجمع الثاني فقد زيد آية من سورة الأحزاب: {من المؤمنين رجال} [الأحزاب: 33] فوجدها مع خزيمة بن ثابت
- مصير صحف أبي بكر:
- بقيت الصحف عند أبي بكر ثم عند عمر بن الخطاب بعده ثم عند حفصة بنته في خلافة عثمان.

· جمع عثمان بن عفان المسلمين على مصحف واحد.
- انتشرت الأحرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وافترق الصحابة في البلدان وجاء الخلف وقرأ القرآن كثير من غير العرب وقع بين أهل الشام والعراق ما ذكر حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وذلك أنهم لما اجتمعوا في غزوة أرمينية فقرأت كل طائفة بما روي لها فاختلفوا وتنازعوا حتى قال بعضهم لبعض: أنا كافر بما تقرأ به فأشفق حذيفة مما رأى منهم
- فلما قدم حذيفة إلى عثمان بن عفان قال: أدرك هذه الأمة قبل أن تهلك قال: فيماذا؟ قال: في كتاب الله ،إني أخشى عليهم أن يختلفوا في كتابهم كما اختلفت اليهود والنصارى قال عثمان رضي الله عنه: أفعل
- من تولى الجمع من الصحابة :
وأمر زيد بن ثابت بجمعه وقرن بزيد فيما ذكر البخاري ثلاثة من قريش سعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير.
- وقال الطبري فيما روي إنه قرن بزيد أبان بن سعيد بن العاصي وحده وهذا ضعيف.
_ كيفية الجمع:
- قال الطبري إن الصحف التي كانت عند حفصة جعلت إماما في هذا الجمع الأخير
- أمرهم عثمان رضي الله عنه أن يجعلوا ما اختلفت القراءة فيه على أشهر الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفصح اللغات وقال لهم: "إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش".
اختلفوا في التابوه والتابوت قرأه زيد بن ثابت بالهاء والقرشيون بالتاء فأثبته بالتاء.
- فكتبوا في القرآن من كل اللغات السبع مرة من هذه ومرة من هذه وذلك مقيد بأن الجميع مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقرئ عليه .
- نسخ عثمان منه نسخا ووجه بها إلى الآفاق وأمر بما سواها من المصاحف أن تحرق أو تخرق وتروى بالحاء غير منقوطة وتروى بالخاء على معنى ثم تدفن، ورواية الحاء غير منقوطة أحسن.
- ترتيب الآيات والسور في المصحف العثماني:
- قال القاضي أبو بكر بن الطيب وترتيب السور اليوم هو من تلقاء زيد ومن كان معه مع مشاركة من عثمان رضي الله عنه في ذلك وقد ذكر ذلك مكي رحمه الله في تفسير سورة براءة
- وذكر مكي أن ترتيب الآيات في السور ووضع البسملة في الأوائل هو من النبي صلى الله عليه وسلم ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة هذا أحد ما قيل في .
- وظاهر الآثار أن السبع الطول والحواميم والمفصل كان مرتبا في زمن النبي عليه السلام وكان في السور ما لم يرتب فذلك هو الذي رتب وقت الكتب
- صفة المصحف العثماني:كان المصحف غير مشكول ولا منقوط
- موقف ابن مسعود رضي الله عنه.
- أبى رضي الله عنه أن يزال مصحفه فترك ولكن أبى العلماء قراءته سدا للذريعة ولأنه روي أنه كتب فيه أشياء على جهة التفسير فظنها قوم من التلاوة فتخلط الأمر فيه ولم يسقط فيما ترك معنى من معاني القرآن لأن المعنى جزء من الشريعة وإنما تركت ألفاظ معانيها موجودة في الذي أثبت.

· انتشار القراءات في الناس:
ثم أن القراء في الأمصار تتبعوا ما روي لهم من اختلافات لاسيما فيما وافق خط المصحف فقرؤوا بذلك حسب اجتهاداتهم فلذلك ترتب أمر القراء السبعة وغيرهم رحمهم الله ومضت الأعصار والأمصار على قراءة السبعة وبها يصلى لأنها ثبتت بالإجماع.

· حكم القراءات الشاذة:
- لا يصلى بها لأنه لم يجمع الناس عليه
- و المروي منه عن الصحابة رضي الله عنهم وعن علماء التابعين لا يعتقد فيه إلا أنهم رووه.
- وأما ما يؤثر عن أبي السمال ومن قاربه فلا يوثق به وإنما أذكره في هذا الكتاب لئلا يجهل

· شكل المصحف ونقطه
- أمر به عبد الملك بن مروان الحجاج فجد فيه وزاد تحزيبه وأمر الحسن ويحيى بن يعمر بذلك.
- وأسند الزبيدي في كتاب الطبقات إلى المبرد أن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي وذكر أيضا أن ابن سيرين كان له مصحف نقطه له يحيى بن يعمر.
- وذكر أبو الفرج أن زياد بن أبي سفيان أمر أبا الأسود بنقط المصاحف.
- وذكر الجاحظ في كتاب الأمصار أن نصر بن عاصم أول من نقط المصاحف وكان يقال له: نصر الحروف.
- وأما وضع الأعشار : أمر المأمون العباسي بذلك وقيل إن: الحجاج فعل ذلك.
- وذكر أبو عمرو الداني عن قتادة أنه قال: بدؤوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا وهذا كالإنكار.

· أول التأليف في القراءات:
- وألف إثر ذلك كتاب في القراءات جمع فيه ما روي من اختلاف الناس فيما وافق الخط ومشى الناس على ذلك زمانا طويلا إلى أن ألف ابن مجاهد كتابه في القراءات.


5- الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق:
اختلف الناس في هذه المسألة
1- فقال أبو عبيدة وغيره: إن في كتاب الله تعالى من كل لغة، ورده ابن عطية وقال: إن القاعدة والعقيدة هي أن القرآن نزل بلسان عربي مبين فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب فلا تفهمها إلا من لسان آخر.
2- وذهب الطبري وغيره إلى أن القرآن ليس فيه لفظة إلا وهي عربية صريحة وأن الأمثلة والحروف التي تنسب إلى سائر اللغات إنما اتفق فيها أن تواردت اللغتان فتكلمت بها العرب والفرس أو الحبشة بلفظ واحد وذلك مثل قول تعالى: {إن ناشئة الليل} [المزمل: 6] قال ابن عباس: نشأ بلغة الحبشة قام من الليل، وضعفه ابن عطية وقال هذا لا قع إلا في النادر والغالب أن احدهما أصل والأخرى فرع.
3- قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: هذه الألفاظ في الأصل أعجمية عرفها العرب من أسفارهم واستعملتها وعربتها فهي عربية بهذا الوجه.


6- إعجاز القرآن
· اختلف الناس في إعجاز القرآن بم هو؟
1- فقال قوم: إن التحدي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات وإن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وفيه وقع عجزها.
2- وقال قوم: إن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة.
- وهذان القولان إنما يرى العجز فيهما من قد تقررت الشريعة ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم في نفسه.
3- وأما من هو في ظلمة كفره فإنما يقع التحدي بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه
وكفار العرب لم يمكنهم قط أن ينكروا أن رصف القرآن ونظمه وفصاحته متلقى من قبل محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا هو القول الذي عليه الجمهور .

· هل كان في قدرة أحد أن يأتي بمثل القرآن ؟
- الإتيان بمثل القرآن لم يكن قط في قدرة أحد من المخلوقين ويظهر لك قصور البشر في أن الفصيح منهم يصنع خطبة أو قصيدة يستفرغ فيها جهده ثم لا يزال ينقحها حولا كاملا ثم تعطى لآخر نظيره فيأخذها بقريحة جامة فيبدل فيها وينقح ثم لا تزال كذلك فيها مواضع للنظر والبدل كتاب الله لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم يوجد

· قيام الحجة بالقرآن على العرب وعلى غيرهم
- لما جاء محمد صلى الله عليه وسلم به وقال: {فأتوا بسورة من مثله} [البقرة: 23] قال: كل فصيح في نفسه وما بال هذا الكلام حتى لا آتي بمثله، فلما تأمله عرف بينه وبين نفسه أنه لا يقدر بشر على مثلهـ فصح عنده أنه من عند الله، كما قال الوليد بن المغيرة: والله ما هو بالشعر ولا هو بالكهانة ولا بالجنون.
- وقامت الحجة على العالم بالعرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة فلم يفعلوا كما قامت الحجة في معجزة عيسى بالأطباء وفي معجزة موسى بالسحرة فإن الله تعالى إنما جعل معجزات الأنبياء بالوجه الشهير أبرع ما يكون في زمنه.

7- باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى
- الألفاظ مثل : ( خاطب الله بهذه الآية المؤمنين..) و ( شرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون ..) و (حكى الله تعالى عن أم موسى ..) و (وقف الله ذرية آدم على ربوبيته بقوله:...) ونحو هذا من إسناد أفعال إلى الله تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع.

· الأقوال فيها:
- استعملها المفسرون والمحدثون والفقهاء واستعملها أبو المعالي في الإرشاد .
- وذكر بعض الأصوليين أنه لا يجوز أن يقال حكى الله ولا ما جرى مجراه.
قال ابن عطية: وهذا على تقرير هذه الصفة له وثبوتها مستعملة كسائر أوصافه تبارك وتعالى، وأما إذا استعمل ذلك في سياق الكلام والمراد منه حكت الآية أو اللفظ فذلك استعمال عربي شائع وعليه مشى الناس.

· من أمثلة ما استعمله العرب من ذلك :
- قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم (فاغفر فداء لك ما اقتفينا).
- وقول أم سلمة فعزم الله لي في الحديث في موت أبي سلمة وإبدال الله لها منه رسول الله.
- قول سعد بن معاذ: عرق الله وجهك في النار يقول هذا للرامي الذي رماه وقال: خذها وأنا ابن العرقة.

· منهج ابن عطية رحمه الله في استعمال هذه الكلمات في تفسيره :
التحفظ منه ما استطاع.


8- أسماء القرآن ومعنى السورة والآية:
· أسماء القرآن:
- هو القرآن: مصدر من قولك: قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرآنا وقراءة وحكى أبو زيد الأنصاري وقرءا
وقال قتادة: القرآن معناه التأليف قرأ الرجل إذا جمع وألف قولا وبهذا فسر قتادة قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17] أي تأليفه وهذا نحو قول الشاعر عمرو بن كلثوم: [الوافي]
ذراعي بكرة أدماء بكر = هجان اللون لم تقرأ جنينا
أي لم تجمع في بطنها ولدا فهو أفره لها
والقول الأول أقوى إن القرآن مصدر من قرأ إذا تلا ومنه قول حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به = يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
أي: قراءة
- وهو الكتاب: مصدر من كتب إذا جمع ومنه قيل كتيبة لاجتماعها ومنه قول الشاعر: (واكتبها بأسيار) أي: اجمعها.
- وهو الفرقان: وأما الفرقان أيضا فهو مصدر لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر فرقا وفرقانا
- وهو الذكر: وأما الذكر فسمي به لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم وقيل: سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به

· معنى السورة:
- تميم كلها وغيرهم أيضا يهمزون فيقولون سؤر وسؤرة: وتعنى كالبقية من الشيء والقطعة منه.
ومنه سؤر الشراب ومنه قول الأعشى وهو ميمون بن قيس: [المتقارب]
فبانت وقد أسأرت في الفؤاد = صدعا على نأيها مستطيرا
أي: أبقت فيه.
- قريش ومن جاورها من قبائل العرب كهذيل وسعد بن بكر وكنانة يقولون سورة بغير همز ، أما معناها عندهم:
1- فمنهم من يراها من المعنى المتقدم إلا أنها سهلت همزتها
2- ومنهم من يراها مشبهة بسورة البناء أي القطعة منه لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة وكل قطعة منها سورة
3- ويقال أيضا للرتبة الرفيعة من المجد والملك سورة ومنه قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر: [الطويل]
ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب
فكأن الرتبة انبنت حتى كملت.

· معنى الآية:
العلامة في كلام العرب ومنه قول الأسير الموصي إلى قومه باللغز: (بآية ما أكلت معكم حيسا).

· سبب تسميتها بآية :
- لأن الجملة التامة من القرآن علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى بها
- وقيل سميت آية لما كانت جملة وجماعة كلام كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا
- وقيل لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها سميت آية.

· تصريف كلمة آية:
- ووزن آية عند سيبويه فعلة بفتح العين أصلها أيية تحركت الياء الأولى وما قبلها مفتوح فجاءت آية.
- وقال الكسائي أصل آية آيية على وزن فاعلة حذفت الياء الأولى مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام ما لزم في دابة.
- وقال مكي في تعليل هذا الوجه سكنت الأولى وأدغمت فجاءت آية على وزن دابة ثم سهلت الياء المثقلة.
- وقال الفراء: أصلها أية على وزن فعلة بسكون العين أبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف، وحكاه أبو علي عن سيبويه .
- وقال بعض الكوفيين أصلها أيية على وزن فعلة بكسر العين أبدلت الياء الأولى ألفا لثقل الكسر عليها وانفتاح ما قبلها.

والحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2 رجب 1439هـ/18-03-2018م, 08:20 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية

هناء محمد علي: أ+
أحسنتِ، وتميزتِ بارك الله فيكِ.
- في المشتهرين من التابعين بالتفسير: الضحاك لم يلق ابن عباس- رضي الله عنهما-، وإنما أخذ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
- في الأحرف السبعة : قول: " هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في الحلال والحرام " هذا تعليق عام على ما قبله وليس قولا مستقلا.
- تحت مسألة " كيف نشأت القراءات السبع " وقولكِ : " فصار كل ما خالفها شاذا "، إن كان مرجه الضمير في " خالفها " إلى القراءات السبع فالعبارة غير صحيحة، وللقراءة الشاذة ضابط في تعريفها، لكن لا يصح القول بأن ما خالف القراءات السبع شاذ.

عقيلة زيان: أ
أحسنتِ، وتميزتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- قولكِ " القران مورث للخشية " هو كذلك، لكن الأثر الوارد تحته في صفة تلاوة القرآن، وأنّ أحسنها ما كان أثر الخشية ظاهرًا على القارئ.
- في الأحرف السبعة : القول الثاني مما ذكرتِ، كلام عام أورده ابن عطية بعد القول الأول وليس قولا مستقلا، أن الأحرف المختلفة للكلمة الواحدة لا تؤدي إلى اختلاف في الحكم من حيث الحلال والحرام.
- تصحيح لغوي في مبحث جمع القرآن " جمع القرآن في زمن النبوة " كُتبت " النوبة"، وفي الرسالة عمومًا بعض الأخطاء الإملائية أرجو مراجعة الرسالة جيدًا قبل اعتمادها.
- تصحيح : باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى ، هذه المسألة حررتيها لكن جعلتِ عنوانها : " باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق" ولعله سهو منكِ.
- خُصمت نصف درجة للتأخير.



منى محمد مدني: ب+
أحسنتِ، وتميزتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- من المهم استخلاص المسائل من الآثار والأحاديث الواردة وعدم الاكتفاء بسردها تحت عنوان عام، مثلا:" ما ورد في فضل القرآن "
مثال :
شفاعة القرآن في أهله يوم القيامة
وروى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)).

- مراتب بعض المفسرين:
الأولى أن تبدأيها بالمفسرين من الصحابة ثم التابعين ثم من بدأ التدوين ... وبيان درجة كل مرتبة منهم وليس مجرد سرد الأسماء.
- في الأحرف السبعة أورد ابن عطية : [ قال ابن شهاب في كتاب مسلم: " بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام".
قال ابن عطية: وهذا كلام محتمل.]
وهذا تعليق عام على ما قبله وليس قولا مستقلا في المراد بالأحرف السبعة، والمعنى أن تلك الأحرف قد تكون في كلمة واحدة ولكن لا يتغير معناها من حلال إلى حرام أو العكس.
وحددي من " القاضي " المقصود، فقد ورد في التفسير " القاضي أبو محمد " وهو ابن عطية نفسه، أو القاضي ابن الطيب الباقلاني ، خاصة وأن في تحرير هذه المسألة عرض لقوليهما.
- الأقوال في ترتيب السور ثلاثة كما ذكرتِ، لكن قولكِ في القول الثاني : " ترتيب السور توقيفي من النبي صلى الله عليه وسلم ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة"
مرجع الإشارة " ذلك " يوحي كلامكِ أنه إلى السور، ولكن سياق الكلام في مقدمة ابن عطية أنه في وضع البسملة في أوائل السور أنها أيضًا توقيفية.
- يسر الله أمركِ وفرج كربكِ.


سها حطب: أ
- في الأحرف السبعة أورد ابن عطية : [ قال ابن شهاب في كتاب مسلم: " بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام".
قال ابن عطية: وهذا كلام محتمل.]
وهذا تعليق عام على ما قبله وليس قولا مستقلا في المراد بالأحرف السبعة، والمعنى أن تلك الأحرف قد تكون في كلمة واحدة ولكن لا يتغير معناها من حلال إلى حرام أو العكس.
وحددي من " القاضي " المقصود في القول الخامس، فقد ورد في التفسير " القاضي أبو محمد " وهو ابن عطية نفسه، أو القاضي ابن الطيب الباقلاني ، خاصة وأن في تحرير هذه المسألة عرض لقوليهما.
- اختصر ابن عطية في بيان شروط صحة القراءة وقد اتضحت لكم من دراسة المرشد الوجيز.
· هل تقرأ كل كلمات القرآن على سبعة أوجه ؟
والصواب أنه لا يشترط ذلك وإنما الأحرف السبعة مفرقة في القرآن.
- يفضل فصل مسألة ترتيب السور عن مسألة ترتيب الآيات.
- خُصمت نصف درجة للتأخير.

ووفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 6 رجب 1439هـ/22-03-2018م, 11:23 PM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

خطبة الكتاب
التعريف بصاحب الكتاب :
هو الإمام الفقيه القاضي أبو محمد عبد الحق ابن الفقيه الإمام الحافظ أبي بكر غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن عبد الرؤوف بن تمام بن عبد الله بن تمام بن عطية بن خالد بن عطية وهو الداخل إلى الأندلس ابن خالد بن خفاف بن أسلم بن مكرم المحاربي من ولد زيد بن محارب بن خصفة بن قيس عيلان من أهل غرناطة رحمه الله .

حمد الله والثناء عليه :
بدأ المؤلف بحمد الله والثناء عليه بنعمه الظاهرة والباطنة وتفرده بالأسماء الحسنى والصفات العلى ، وما من به علينا من الإيجاد والإمداد والمعرفة والهداية بإنزال القرآن العظيم المعجز الذي هو حبل النجاة والذي أرسل به أشرف الخلق أجمعين وصاحب المقام المحمود نبينا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .

غرض المؤلف من تأليف الكتاب :
اختيار أشرف العلوم الشرعية وهو علم كتاب الله فيضبط فيه أصوله ويتتبع أعماقه ويخلص ما هو منه أو يؤول إليه ويخرج ما ليس منه ويدفع الاعتراضات عليه ليكون كالحصن لأهل هذا العلم ومرجعا لهم .

سبب اختيار المؤلف لعلم التفسير تحديد ليؤلف فيه .
لأنه أشرف العلوم فشرف العلم من شرف المعلوم ولا أشرف من كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين ديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم الذي نزل به أمين السماء على أمين الأرض ، وأن من تمسك به نجا وخلصت نيته والتزم الحق وانتهي عن الباطل .

طريقة المؤلف وعمله في الكتاب :
  • علق ما تخيل له في المناظرة من علم التفسير .
  • رتب معانيه وبينها وجمعها وحررها ، وذكر جميع المعاني الذي وجدها محتملة .
  • لم يذكر من القصص إلا ما له تعلق بالآية .
  • أثبت أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم على منهج السلف في التلقي بعيدا عن أقوال الباطنية والملحدين في كلام الله تعالى .
  • عنايته بما في الآية من الأحكام أو اللغة أو النحو أو القراءات من خلال تتبعه للألفاظ دون تشتيت للقارئ أو تشعيب لفكره .
  • إيراد جميع القراءات مستعملها وشاذها .
  • كل ذلك في غاية من الإيجاز وترك فضول القول وزائده .
  • ذكر فيه كثير من علم التفسير وما حضر له من الخواطر وقد تعب فيه وجد واجتهد لأن هذا العلم الثري يستلزم تصريف جميع العلوم والوقوف عليها .

باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به

فضل القرآن في نفسه .
أنه نجاة من الفتن .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)).

أنه العروة الوثقى وحبل الله المتين :
  • قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256، لقمان: 22]. قال: هي القرآن.
  • وروي عنه عليه السلام أنه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض: ((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين إنه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم كتاب الله سبب بينكم وبينه طرفه بيده وطرفه بأيديكم فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر فلا تسبعوهم فتهلكوا)).
أفضل شفيع :
  • ((ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك)).
أفضل العبادات المستحبة .
  • وقال عليه السلام: ((أفضل عبادة أمتي القرآن))0
  • وقيل لعبد الله بن مسعود: إنك لتقل الصوم فقال إنه يشغلني عن قراءة القرآن وقراءة القرآن أحب إلي منه
أن به علم الأولين وعلم الآخرين .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)).
أحسن الحديث وأحسن القصص.
وقال ابن مسعود: مل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا: يا رسول الله حدثنا فأنزل الله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} الآية [الزمر: 23] ثم ملوا ملة أخرى فقالوا قص علينا يا رسول الله فأنزل الله تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [يوسف: 3]
وصية رسول الله وصحابته :
  • قال عقبة بن عامر عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: ((عليكم بالقرآن)).
  • وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: إن من أشراط الساعة أن يبسط القول ويخزن الفعل ويرفع الأشرار ويوضع الأخيار وأن تقرأ المثناة على رؤوس الناس لا تغير قيل: وما المثناة؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله قيل له فكيف بما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أخذتموه: عمن تأمنونه على نفسه ودينه فاعقلوه وعليكم بالقرآن فتعلموه وعلموه أبناءكم فإنكم عنه تسألون وبه تجزون وكفى به واعظا لمن عقل.
  • وقال رجل لأبي الدرداء: إن إخوانا لك من أهل الكوفة يقرئونك السلام ويأمرونك أن توصيهم فقال أقرئهم السلام ومرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة ويجنبهم الجور والحزونة.
  • وقال رجل لعبد الله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه.

فضل القرآن من حيث كثرة أجور تلاوته .
  • قال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)).
  • وحدث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن)).

فضل القرآن بما يناله العبد من الرفعة والمكانة والعلم .
  • روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أشراف أمتي حملة القرآن)).
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} [فاطر: 32].
فقال سابقكم سابق ومقتصدكم ناج وظالمكم مغفور له وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن أصفر البيوت بيت صفر من كتاب الله))0
  • وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)).
  • وروى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)).
  • وقال عبد الله بن مسعود إن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه وإن أدب الله القرآن.
  • ومر أعرابي على عبد الله بن مسعود وعنده قوم يقرؤون القرآن فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقال له ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد صلى الله عليه وسلم.
  • ومرت امرأة على عيسى ابن مريم عليه السلام فقال طوبى لبطن حملك ولثديين رضعت منهما فقال عيسى: طوبى لمن قرأ كتاب الله واتبع ما فيه.
  • وقال محمد بن كعب القرظي في قول تعالى: {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان} [آل عمران: 193] قال: هو القرآن ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعض العلماء في تفسير قول تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته} [يونس: 58] قال: الإسلام والقرآن.
  • وقال قوم من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم: ((فلعله قرأ سورة البقرة)) فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم قرأت سورة البقرة.
وفي هذا المعنى حديث صحيح عن أسيد بن حضير في تنزل الملائكة في الظلة لصوته بقراءة سورة البقرة.
  • وذكر أبو عمرو الداني عن علي الأثرم قال: كنت أتكلم في الكسائي وأقع فيه فرأيته في النوم وعليه ثياب بيض ووجهه كالقمر فقلت يا أبا الحسن ما فعل الله بك فقال غفر لي بالقرآن.
لا يمل صاحبه بل وينهل منه في كل مرة يكرره فيها.
  • قيل لجعفر بن محمد الصادق: لم صار الشعر والخطب يمل ما أعيد منها والقرآن لا يمل؟ فقال: لأن القرآن حجة على أهل الدهر الثاني كما هو حجة على أهل الدهر الأول فكل طائفة تتلقاه غضا جديدا ولأن كل امرئ في نفسه متى أعاده وفكر فيه تلقى منه في كل مرة علوما غضة وليس هذا كله في الشعر والخطب
  • وقيل لمحمد بن سعيد: ما هذا الترديد للقصص في القرآن فقال ليكون لمن قرأ ما تيسر منه حظ في الاعتبار .
قراءته أفضل ما أوتي العبد
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم الله)) وقال عليه السلام:
وقال عبد الله بن عمرو بن العاصي من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه0

الحض على التدبر والتحذير من مجرد القراءة دون الفهم والخشية والعمل .

  • قال تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} [المزمل: 5] أي علم معانيه والعمل به والقيام بحقوقه ثقيل فمال الناس إلى الميسر وتركوا الثقيل وهو المطلوب منهم.
  • وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أحسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى))
  • وقال عليه السلام: ((اقرؤوا القرآن قبل أن يجيء قوم يقيمونه كما يقام القدح ويضيعون معانيه يتعجلون أجره ولا يتأجلونه)).
  • ويروى أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب.
  • وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به.

باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه


فضل إعراب القرآن والنظر في غرائبه والمحافظة على لغته :
  • روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عربيته فالتمسوها في الشعر)).
  • وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)).
  • وقال الحسن: أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها.
فضل تفسير القرآن :
  • قال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} [البقرة: 269] قال الحكمة: الفهم في القرآن وقال قتادة الحكمة: القرآن والفقه فيه وقال غيره: الحكمة تفسير القرآن.
  • وقال إياس بن معاوية مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب.
  • وقال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر.
  • وقال مجاهد: أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل.
  • وقال الحسن: والله ما أنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها0
  • وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة)).
  • وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه.
  • وكان ابن عباس يبدأ في مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث.
تبجيل الصحابة لعالم التفسير من بينهم :
  • ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه جابر بن عبد الله فوصفه بالعلم فقال له رجل: جعلت فداك تصف جابرا بالعلم وأنت أنت فقال: إنه كان يعرف تفسير قول تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} [القصص: 197].
بذل الصحابة وتقديرهم لأهمية التفسير :
وقال الشعبي رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها.



باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين
عدم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور الغيبية إلا بوحي .
  • روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل" فلم يتكلم النبي في الأمور الغيبية كقيام الساعة وعدد النفخات في الصور والجنة والنار إلا بتوقيف من الله تعالى .

التحذير من تفسير القرآن بمجرد الرأي.
روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)).
فلا يجوز تفسير القرآن بالرأي المجرد القائم على الهوى الخالي عن القواعد العلمية اللغوية والأصول التفسيرية وإن أصاب صاحبه فيما وصل إليه.

تورع بعض السلف عن التكلم في التفسير .
فكان منهم من يتورع عن التكلم في التفسير لعظم شأنه رغم تقدمهم وسعة علمهم ، ومنهم سعيد بن المسيب وعامر الشعبي .

مراتب المفسرين .
ممن تصدر علم التفسير وكان مؤيداً فيه من الصحابة ؛
  • على رضي الله عنه وقد أخذ عنه ابن عباس رضي الله عنه ، وكان عليا يثني على ابن عباس ويوصي بالأخذ عنه .
  • ابن عباس رضي الله عنه ، وقد تجرد لأمر التفسير واعتنى به وتبعه عليه علماء كثر من التابعين ، وقد قال عنه عبد الله بن مسعود: نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم فقهه في الدين)) وحسبك بهذه الدعوة .
ومن التابعين :
  • مجاهد فقد قرأ على ابن عباس قراءة تفهم ووقوف عند كل آية .
  • عكرمة
  • والضحاك بن مزاحم وإن كان لم يلق ابن عباس وإنما أخذ عن ابن جبير.
  • السدي رحمه الله فكان عامر الشعبي يطعن عليه وعلى أبي صالح لأنه كان يراهما مقصرين في النظر
ثم حمل تفسير كتاب الله تعالى عدول كل خلف.
التأليف في التفسير
  • وممن ألف في التفسير :
  • عبد الرزاق ، والمفضل ، وعلي بن أبي طلحة ، والبخاري وغيرهم، ثم إن محمد بن جرير الطبري رحمه الله جمع على الناس أشتات التفسير وقرب البعيد وشفى في الإسناد.
  • ومن المبرزين في المتأخرين
أبو إسحاق الزجاج ، وأبو علي الفارسي ، وأما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس فكثيرا ما استدرك الناس عليهما ، وعلى سننهما مكي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبو العباس المهدوي رحمه الله متقن التأليف وكلهم مجتهد مأجور رحمهم الله .


باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه))

اختلف الناس في بالمراد بالسبعة أحرف في الحديث على أقوال :

القول الأول : أن تلك الحروف السبعة هي فيما يتفق أن يقال على سبعة أوجه فما دونها كتعال وأقبل وإلي ونحوي وقصدي واقرب وجئ وكاللغات التي في أف وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة ، وقد ضعفه ابن عطية .

القول الثاني : أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام وهو قول ابن شهاب في كتاب مسلم ، واحتمله ابن عطية .

القول الثالث : إن المراد بالسبعة الأحرف معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال ، وقد ضعفه ابن عطية معللا بسببين :
1- أن هذه لا تسمى أحرفا .
2- الإجماع أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا في تحليل حرام ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة.

القول الرابع : ان وجوه الاختلاف في القراءة سبعة منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ} وأطهرَ.
ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد} وباعَد.
ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل (ننشرها) و{ننشزها}.
ومنها ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5] و(كالصوف المنفوش) ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلح منضود} [الواقعة: 29] و(طلع منضود) ومنها بالتقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19] و(سكرة الحق بالموت).
ومنها بالزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة أنثى).

القول الخامس : أنه ورد معنى هذه السبعة الأحرف حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه)). وذكره القاضي أبو بكر بن الطيب .
وقد رد ابن عطية هذا القول معللا بأن هذا تفسير منه صلى الله عليه وسلم للأحرف السبعة ولكن ليست هذه التي أجاز لهم القراءة بها على اختلافها وإنما الحرف في هذه بمعنى الجهة والطريقة ومنه قول تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} [الحج: 11] أي على وجه وطريقة هي ريب وشك فكذلك معنى هذا الحديث على سبع طرائق من تحليل وتحريم وغير ذلك.

القول السادس : أنه ورد معنى هذه السبعة في حديث أبي رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)).
وقد علق ابن الطيب عليى هذا القول بأن :هذه أيضا سبعة غير السبعة التي هي وجوه وطرائق وغير السبعة التي هي قراءات ووسع فيها وإنما هي سبعة أوجه من أسماء الله تعالى.
وقد قال فيها ابن عطية : إذا ثبتت هذه الرواية حمل على أن هذا كان مطلقا ثم نسخ فلا يجوز للناس أن يبدلوا اسما لله في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالفه.

القول السابع : أن معنى الحديث أنه نزل على سبع لغات مختلفات قاله ابن الطيب وأبطله ، واستدل بأن لغة عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وهشام بن حكيم وابن مسعود واحدة وقراءتهم مختلفة وخرجوا بها إلى المناكرة.وإن القرآن منزل على سبعة أحرف من اللغات والإعراب وتغيير الأسماء والصور وإن ذلك مفترق في كتاب الله ليس بموجود في حرف واحد وسورة واحدة يقطع على اجتماع ذلك فيها.
وقد عقب ابن عطية على إبطال ابن الطيب لهذا القول من نواح :
  • أن لغة عمر وأبي وهشام وابن مسعود ليست واحدة من كل الوجوه لأنهم من قبائل مختلفة .
  • أن انكارهم ما كان على سماعهم لغة غير لغتهم وإنما لسماعهم قراءة لم يقرأها عليهم النبي وإن لم تكن في لغتهم .
  • إنما أبطل القاضي أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قصد في قوله: ((على سبعة أحرف)) عد اللغات التي تختلف بجملتها وأن تكون سبعا متباينة لسبع قبائل تقرأ كل قبيلة القرآن كله بحرفها ولا تدخل عليها لغة غيرها بل قصد النبي عليه السلام عنده عد الوجوه والطرائق المختلفة .

القول الثامن : معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) أي فيه عبارات سبع قبائل بلغة جملتها نزل القرآن فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش ومرة بعبارة هذيل ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظة…. وهو الذي اختاره ابن عطية ، واستدل له بما روي عن عمر بن الخطاب وكان لا يفهم معنى قول تعالى: {أو يأخذهم على تخوف} [النحل: 47] فوقف به فتى فقال: إن أبي يتخوفني حقي فقال عمر: الله أكبر {أو يأخذهم على تخوف} أي: على تنقص لهم.

شرط القراءة بهذه الوجوه جميعا :
والجائز القراءة بكل هذه الوجوه بشرط ورودها عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لأحد أن يرقرأ بما يترائى له من المعاني وإن كانت في لغة قومه وإلا فهذا ينافي قوله تعالى :{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}

فتنة الافتراق في القرآن وجمع المصحف على حرف واحد :
لما انتشرت هذه الأوجه والأحرف عن النبي صلى الله عليه وسلم وتفرق المسلمون في البلدان أنكر بعضهم قراءة بعض وكفر بها خشية أن تكون من عند نفسه فأشار حذيفة ابن اليمان على أمير المؤمنين عثمان بن عفان وقتها أن يدرك هذه الأمة قبل أن تختلف على كتابها اختلاف اليهود والنصاري فاستجاب أمير المؤمنين وكلف علماء هذه الأمة وأعلمهم بكتاب الله من كتاب الوحي بجمع المصحف على حرف واحد وقال لهم: "إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش" أي إذا اختلفتم فيما روي ، ثم نسخت عدة نسخت من هذا المصحف وتم تفريقها في الأمصار وأمر بحرق ما عدا هذا المصحف العثماني .

مصحف ابن مسعود :
أبى ابن مسعود حرق مصحفه الذي عرضه على النبي صلى الله عليه وسلم في الموافق للعرضة الأخيرة ولكن الناس أعرضت عنه سدا للذريعة من جانب ، ولأنه كان يكتب فيه شيئا من التفسير فخشي أن يختلط التفسير بالآيات .

تتبع القراء القراءات في الأمصار :
تتبع القراء هذه القراءات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحتمله الرسم العثماني ثم ترتب أم القراء السبعة وقراءاتهم بما ثبت بالإجماع .

حكم القراءات الشاذة :
لا يصلى بها لأنها لم يجمع عليها الناس ، أما ماروي عن الصحابة والتابعين وإن ثبت عنهم روايته إلا أن علماء المسلمين أعرضوا عنه امتثالا لسنة عثمان رضي الله عنه في الأمر بالاجتماع على مصحف واحد .

عدم تشكيل المصحف ولا نقطه .
كان المصحف وقتها غير مشكول ولا منقوط مما أدي إلى بعض الخلافات والمنازعات .


باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره

جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
كان القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم متفرقا في صدور الرجال ومكتوبا في الصحف وفي جريد وظرر وفي لخاف وفي خزف وغير ذلك .

جمع القرآن زمن أبو بكر رضي الله عنه
لما استحر القتل بالقراء يوم اليمامة أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن مخافة أن يموت أشياخ القراء كأبي وزيد وابن مسعود فيذهب فكلفا بذلك زيد بن ثابت فجمعه غير مرتب السور بعد تعب شديد منه رضي الله عنه.

تناقل الصحف حتى عهد عثمان رضي الله عنه
بقيت الصحف التي جمعت عند أبي بكر ثم عند عمر بن الخطاب بعده ثم عند حفصة بنته في خلافة عثمان انتشار الصحف وانتشرت في خلال ذلك صحف في الآفاق كتبت عن الصحابة كمصحف ابن مسعود وما كتب عن الصحابة بالشام ومصحف أبي وغير ذلك وكان في ذلك اختلاف حسب السبعة الأحرف التي أنزل القرآن عليها.


جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه
سبق التكلم في مناسبة هذا الجمع والحاجة إليه في الباب السابق عند الكلام عن فتنة الافتراق في القرآن .

الصحابة المكلفون بالجمع
أمر عثمان زيد بن ثابت بجمعه وقرن بزيد فيما ذكر البخاري ثلاثة من قريش سعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير وكذلك ذكر الترمذي وغيرهما.
وقال الطبري فيما روي إنه قرن بزيد أبان بن سعيد بن العاصي وحده وهذا ضعيف.

المرجعية في الجمع عند الاختلاف
قال الطبري إن الصحف التي كانت عند حفصة جعلت إماما في هذا الجمع الأخير وروي أن عثمان رضي الله عنه قال لهم: إذا اختلفتم في شيء فاجعلوه بلغة قريش فاختلفوا في التابوه والتابوت قرأه زيد بن ثابت بالهاء والقرشيون بالتاء فأثبته بالتاء وكتب المصحف على ما هو عليه غابر الدهر ونسخ عثمان منه نسخا ووجه بها إلى الآفاق وأمر بما سواها من المصاحف أن تحرق أو تخرق وتروى بالحاء غير منقوطة وتروى بالخاء على معنى ثم تدفن، ورواية الحاء غير منقوطة أحسن.

ترتيب السور
قال بن الطيب أن ترتيب السور اليوم هو من تلقاء زيد ومن كان معه مع مشاركة من عثمان رضي الله عنه في ذلك وقد ذكر ذلك مكي رحمه الله في تفسير سورة براءة.

ترتيب الآيات ووضع البسملة
ذكر مكي أن ترتيب الآيات في السور ووضع البسملة في الأوائل هو من النبي صلى الله عليه وسلم ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة وهذا أحد ما قيل في براءة.
وظاهر الآثار أن السبع الطول والحواميم والمفصل كان مرتبا في زمن النبي عليه السلام وكان في السور ما لم يرتب فذلك هو الذي رتب وقت الكتب.

شكل المصحف ونقطه
ذكر في أول من قام بنقط المصحف عدة أقوال :
1- روي أن عبد الملك بن مروان أمر به وعمله فتجرد لذلك الحجاج بواسط وجد فيه وزاد تحزيبه وأمر وهو والي العراق الحسن ويحيى بن يعمر بذلك وألف إثر ذلك بواسط كتاب في القراءات جمع فيه ما روي من اختلاف الناس فيما وافق الخط ومشى الناس على ذلك زمانا طويلا إلى أن ألف ابن مجاهد كتابه في القراءات.
2- وأسند الزبيدي في كتاب الطبقات إلى المبرد أن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي
3- وذكر أيضا أن ابن سيرين كان له مصحف نقطه له يحيى بن يعمر.
4- وذكر أبو الفرج أن زياد بن أبي سفيان أمر أبا الأسود بنقط المصاحف.
5- وذكر الجاحظ في كتاب الأمصار أن نصر بن عاصم أول من نقط المصاحف وكان يقال له: نصر الحروف.


وضع الأعشار
أمر المأمون العباسي أمر بذلك وقيل إن: الحجاج فعل ذلك.
وذكر أبو عمرو الداني عن قتادة أنه قال: بدؤوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا .


باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق

اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال :
القول الأول : إن في كتاب الله تعالى من كل لغة …. ذكره أبو عبيدة
القول الثاني : أن القرآن ليس فيه لفظة إلا وهي عربية صريحة وأن الأمثلة والحروف التي تنسب إلى سائر اللغات إنما اتفق فيها أن تواردت اللغتان فتكلمت بها العرب والفرس أو الحبشة بلفظ واحد ..ذكره الطبري
ومن أمثلة ذلك :
  • قول تعالى: {إن ناشئة الليل} [المزمل: 6] قال ابن عباس: نشأ بلغة الحبشة قام من الليل .
  • قول تعالى: {يؤتكم كفلين من رحمته} [الحديد: 28]. قال أبو موسى الأشعري كفلان ضعفان من الأجر بلسان الحبشة .
  • وكذلك قال ابن عباس في القسورة إنها الأسد بلغة الحبشة ….إلى غير هذا من الأمثلة.
ورد ابن عطية على هذا القول بأن ذلك بعيد بل إحداهما أصل والأخرى فرع في الأكثر لأنا لا ندفع أيضا جواز الاتفاق قليلا شاذ .

  • وقد ذكر بن عطية أن القرآن نزل بلسان عربي مبين وليس فيه أية ألفاظ تخرج عن لسان العرب ، أما عن الألفاظ التي تبدو غير عربية فقد كانت بسبب مخالطة العرب بغيرهم في أسفارهم وصحبتهم للعجم ، فقد كونت ألفاظا من الألفاظ الأعجمية مع تخفيف ثقلها والنقص لبعض حروفها ، ثم استعملتها في محاوراتها وأشعارها التي جرت مجرى الكلام العربي الفصيح ولذلك وردت في كتاب الله فإن جهلها عربي ما فكجهله الصريح بما في لغة غيره كما لم يعرف ابن عباس معنى فاطر.

  • فالحقيقة أن هذه الألفاظ في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه وما ذهب إليه الطبري من أن اللغتين اتفقتا في لفظة فذلك بعيد بل إحداهما أصل والأخرى فرع في الأكثر لأنا لا ندفع أيضا جواز الاتفاق قليلا شاذا .


نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن

اختلف العلماء في أي شيء كان إعجاز القرآن على أقوال:
القول الأول : إن التحدي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات وإن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وفيه وقع عجزها .

القول الثاني : إن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة.

وقد رد ابن عطية بأن هذين القولين يكون الإعجاز فيهما من تقررت لديه الشريعة والنبوة أما الكفار فيكون الإعجاز والتحدي لهم رصف القرآن ونظمه وفصاحته متلقى من قبل محمد صلى الله عليه وسلم .

وجه إعجاز القرآن
جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة ، فقد أحاط بكل شيء علما وأحاط بالكلام كله علما فإذا ترتبت اللفظة من القرآن علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولى وتبين المعنى بعد المعنى ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره والبشر معهم الجهل والنسيان والذهول ومعلوم ضرورة أن بشرا لم يكن أبداً محيطا
ومن هذا المنطلق يبطل قول من قال إن العرب كان من قدرتها أن تأتي بمثل القرآن فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم صرفوا عن ذلك وعجزوا عنه.
والصحيح أن القرآن لم يكن أبدا في مقدرة أحد من الخلق الإتيان بمثله .


تحدي الله الخلق بالإتيان بسورة من مثله
فحينما تحدى الله الخلق بالإتيان بسورة من مثله كان العرب أرباب الفصاحة ، وقد لاح لبعض الكفار أنه يستطيع ذلك فعكف على سماعه وتدبره ، فمنهم من آمن به لعلمه أنه لا يكون إلا من عند الله وأنه ما بقول بشر ، ومنهم من عاند وحسد وحقد مثل أبي جهل وأمثاله ، ففر إلى القتال ورضي بسفك الدم عجزا عن المعارضة حتى أظهر الله دينه .

معجزة القرآن جاءت في صميم ما تميز به العرب من الفصاحة
وقامت الحجة على العالم بالعرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة كما قامت الحجة في معجزة عيسى بالأطباء وفي معجزة موسى بالسحرة فإن الله تعالى إنما جعل معجزات الأنبياء بالوجه الشهير أبرع ما يكون في زمن النبي الذي أراد إظهاره فكأن السحر في مدة موسى قد انتهى إلى غايته وكذلك الطب في زمن عيسى والفصاحة في مدة محمد عليهم الصلاة والسلام.



باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى

اعتذر ابن عطية في هذا الباب عن ما صدر وورد عن بعض المفسرين من حمل كلام الله تعالى ومراده على ما ظهر منه من إيجاز ، وذكر أن العرب استعملت أشياء في ذكر الله تعالى تنحمل على مجاز كلامها .
فمن ذلك : - قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم (فاغفر فداء لك ما اقتفينا).
  • وقول أم سلمة فعزم الله لي في الحديث في موت أبي سلمة وإبدال الله لها منه رسول الله.




باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية

أسماء القرآن
سمي القرآن بــ: القرآن ، الكتاب ، الفرقان ، الذكر .
  • القرآن
ذكر في معنى القرآن قولان :

الأول : أنه مصدر من قولك: قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرآنا وقراءة وحكى أبو زيد الأنصاري وقرءا

الثاني : أنه بمعنى التأليف ، قرأ الرجل إذا جمع وألف قولا .
وبهذا فسر قتادة قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17] أي تأليفه .
وهذا نحو قول الشاعر عمرو بن كلثوم: [الوافي]
ذراعي بكرة أدماء بكر = هجان اللون لم تقرأ جنينا
أي لم تجمع في بطنها ولدا فهو أفره لها .

وقد رجح ابن عطية القول الأول واستدل له بقول حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه: [البسيط]
ضحوا بأشمط عنوان السجود به = يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
أي: قراءة

  • الكتاب
معنى الكتاب : مصدر من كتب إذا جمع ومنه قيل كتيبة لاجتماعها ومنه قول الشاعر: (واكتبها بأسيار) أي: اجمعها.

  • الفرقان : مصدر لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر فرقا وفرقانا.

  • الذكر:
ذكر في سبب التسمية به أقوال :
الأول : سمي به لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم.
الثاني : أنه سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء .
الثالث :أنه سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به .

  • ذكر السورة
اختلف معنى السورة حسب نطقها في كلام العرب :
  • فقريشا كلها ومن جاورها من قبائل العرب كهذيل وسعد بن بكر وكنانة يقولون سورة بغير همز .
فمنهم من يراها من المعنى المتقدم إلا أنها سهلت همزتها ومنهم من يراها مشبهة بسورة البناء أي القطعة منه لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة وكل قطعة منها سورة وجمع سورة القرآن سور بفتح الواو وجمع سورة البناء سور بسكونها
قال أبو عبيدة: إنما اختلفا في هذا فكأن سور القرآن هي قطعة بعد قطعة حتى كمل منها القرآن.
ويقال أيضا للرتبة الرفيعة من المجد والملك سورة ومنه قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر: [الطويل]
ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب
فكأن الرتبة انبنت حتى كملت.

  • وتميم كلها وغيرهم أيضا يهمزون فيقولون سؤر وسؤرة
فهي عنده كالبقية من الشيء والقطعة منه التي هي سؤر وسؤرة من أسأر إذا أبقى ومنه سؤر الشراب ومنه قول الأعشى وهو ميمون بن قيس: [المتقارب]
فبانت وقد أسأرت في الفؤاد = صدعا على نأيها مستطيرا
أي: أبقت فيه.

  • الآية
تصريف كلمة الآية
- وزن آية عند سيبويه فعلة بفتح العين أصلها أيية تحركت الياء الأولى وما قبلها مفتوح فجاءت آية.
- وقال الكسائي أصل آية آيية على وزن فاعلة حذفت الياء الأولى مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام ما لزم في دابة.
- وقال مكي في تعليل هذا الوجه سكنت الأولى وأدغمت فجاءت آية على وزن دابة ثم سهلت الياء المثقلة
- وقيل: أصلها أية على وزن فعلة بسكون العين أبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف قاله الفراء وحكاه أبو علي عن سيبويه في ترجمة {وكأين من نبي} [آل عمران: 146].

- وقال بعض الكوفيين أصلها أيية على وزن فعلة بكسر العين أبدلت الياء الأولى ألفا لثقل الكسر عليها وانفتاح ما قبلها.

معنى آية :
هي العلامة في كلام العرب ومنه قول الأسير الموصي إلى قومه باللغز: (بآية ما أكلت معكم حيسا).
سبب تسميتها :
ذكر فيه 3 أقوال :
الأول : لما كانت الجملة التامة من القرآن علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى بها سميت آية
الثاني : لما كانت جملة وجماعة كلام كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا .

الثالث : لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها .



رد مع اقتباس
  #8  
قديم 7 رجب 1439هـ/23-03-2018م, 02:04 AM
ندى علي ندى علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 311
افتراضي

المقدمة: و شملت الثناء على الله ورسوله وبيان شرف القران ثم ذكر منهجه في الكتاب.
وخلاصة ما ذكر من المنهج:
محاولة الجمع مع الإيجاز .
الاكتفاء بماله صلة بالآية من القصص.
بيان أقوال العلماء مع نسبتها إلى قائليها والتنبيه على ما وقع في بعضها من إلحاد .
إيراد جميع القراءات الصحيحة منها والشاذة ..

بيان فضل القرآن
ذكر عدة فضائل منها :
أن الاعتصام به منج من الفتن واستدل له بقول رسول الله صلى اللهعليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسولالله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهوفصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبلالله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ بهالأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمهسبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)).
وأنه هو العروة الوثقى واستدل له بقول قالأنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256، لقمان: 22]. قال: هي القرآن.
وأن فيه علم الأولين والآخرين واستدل له بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولينوالآخرين فليثور القرآن)).
أن الحرف منه بعشر حسنات قال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإنالله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللامحرف والميم حرف)).
أن علومه لا تفنى وأنه لا يمل : قيل لجعفر بن محمد الصادق: لم صار الشعروالخطب يمل ما أعيد منها والقرآن لا يمل؟ فقال: لأن القرآن حجة على أهل الدهرالثاني كما هو حجة على أهل الدهر الأول فكل طائفة تتلقاه غضا جديدا ولأن كل امرئ فينفسهمتى أعاده وفكر فيه تلقى منه في كل مرة علوما غضة وليس هذا كله في الشعروالخطب
أنه أفضل شفيع يوم القيامة : روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم الله)) وقالعليه السلام: ((ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك)).
أفضل العبادات قال عليهالسلام: ((أفضل عبادة أمتي القرآن))0
أن حملة القرآن أشرف أمته صلى الله عليه وسلم روىابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أشراف أمتي حملةالقرآن)).
أن من يتعاهده وهو شديد عليه له أجران ومن كان خفيفا عليه كان مع السفرة قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه لهأجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)).
أن أحسن الحديث قال ابن مسعود: ملأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا: يا رسول الله حدثنا فأنزل الله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} الآية [الزمر: 23] ثم ملوا ملة أخرى فقالوا قص علينا يا رسول الله فأنزل الله تعالى: {نحننقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [يوسف: 3].
أفضل الناس من تعلم القران وعلمه روى عثمان بن عفانرضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآنوعلمه)).
أنه ميراث النبي صلى الله عليه وسلم : مر أعرابي على عبد الله بن مسعود وعنده قوم يقرؤون القرآن فقال: مايصنع هؤلاء؟ فقال له ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد صلى الله عليه وسلم.
أنه فضل من الله ورحمة ورد في تفسير قول تعالى: {قل بفضلالله وبرحمته} [يونس: 58] قال: الإسلام والقرآن.
أحب لابن مسعود من الصيام : قيل لعبد الله بن مسعود: إنكلتقل الصوم فقال إنه يشغلني عن قراءة القرآن وقراءة القرآن أحب إلي منه.
تتنزل الملائكة عند سماعه : قالقوم من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزلداره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم: ((فلعله قرأ سورة البقرة)) فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم قرأت سورة البقرة.
وفي هذا المعنى حديث صحيح عن أسيدبن حضير في تنزل الملائكة في الظلة لصوته بقراءة سورة البقرة.
سبب لغفران الذنوب : ذكر أبو عمروالداني عن علي الأثرم قال: كنت أتكلم في الكسائي وأقع فيه فرأيته في النوم وعليهثياب بيض ووجهه كالقمر فقلت يا أبا الحسن ما فعل الله بك فقال غفر ليبالقرآن.
وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده: قال عقبة بن عامر عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجةالوداع فقال: ((عليكم بالقرآن)).
وقال رجل لعبدالله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه.

بيان فضل إعراب القرآن:
إعراب القرآن أصل من أصول الشريعة لأنه لا تفهم معانيه إلا به دل على ذلك:
ما روى ابن عباس أنرجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى اللهعليه وسلم: ((عربيته فالتمسوها في الشعر)).
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسواغرائبه فإن الله يحب أن يعرب)).
وقالالقاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه إعراب القرآن أصل في الشريعة لأن بذلك تقوممعانيه التي هي الشرع.

بيان فضل علم التفسير:
أن فهم القرآن من الحكمة : قال أبو العاليةفي تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} [البقرة: 269] قالالحكمة: الفهم في القرآن وقال قتادة الحكمة: القرآن والفقه فيه وقال غيره: الحكمةتفسير القرآن.
أن العالم بالتفسير ذو مكانة عند السلف : ذكر علي بن أبي طالب رضيالله عنه جابر بن عبد الله فوصفه بالعلم فقال له رجل: جعلت فداك تصف جابرا بالعلموأنت أنت فقال: إنه كان يعرف تفسير قول تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلىمعاد} [القصص: 197].
أن السلف كانوا يرحلون طلبا للتفسير لفضله :وقال الشعبي رحلمسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام فتجهز ورحلإليه حتى علم تفسيرها.
وقال إياس بنمعاوية مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهمليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرفالتفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب.
أن الصحابة ذموا من لا يعلم التفسير : قال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذالشعر.
نيل محبة الله : وقال مجاهد: أحب الخلق إلى اللهأعلمهم بما أنزل. وقال الحسن: والله ماأنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها0
تعليق الفقه الكامل على العلم بالتفسير : قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه الرجل كلالفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة)).
عدم العلم بالتفسير واللغة يوقع في الافتراء على الله والعياذ بالله : وقال الحسن: أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيىبوجوهها حتى يفتري على الله فيها.
مقدم على العلوم الأخرى : وكانابن عباس يبدأ في مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث.

النهي عن الجرأة في التفسير دون علم :
ورد النهي عن تفسير كلام الله بغير علم وبغير اعتماد على الأصول أما ما كان بالاجتهاد مع اتباع لأصول العلوم فلا تدخل في النهي .
ومما جاء في النهي عن ذلك: ما روىأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقدأخطأ)).
وقد تورع عن التفسير كثير من السلف كسعيد بنالمسيب وعامر الشعبي تعظيما لأمر التفسير واحتياطا لدينهم.
مراتب المفسرين:
من الصحابة : وعلى رأسهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثم عبد اللهبنالعباس رضي الله عنهما وقد أخذ ابن عباس كثيرا من التفسير عن علي بن أبي طالب .
ثم يتلوهما عبد الله بنمسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص .
ومن أبرز التابعين : الحسن بن أبي الحسن ومجاهد وسعيد بن جبيروعلقمة ويتلوهم عكرمة والضحاك بن مزاحم والسدي رحمهالله
ثم ألف في التفسير جماعة من الناس: كعبد الرزاق والمفضل وعلي بنأبي طلحة والبخاري وغيرهم.
ثم ألف من بعدهم : محمدبن جرير الطبري رحمه الله واعتنى بالإسناد .
ومن أبرز المتأخرين : أبوإسحاق الزجاج وأبو علي الفارسي وأبو بكر النقاش وأبو جعفرالنحاس و مكي بن أبي طالب رضي الله عنهوأبو العباس المهدوي رحمهم الله أجمعين
وقد استدرك على بعضهم ووصف بعضهم بالتقصير إلا أن كلهم مجتهد مأجور بإذن الله .

معنى الأحرف السبعة :
اختلفوا في معناها على أقوال :
قيل : هيفيما يتفق أن يقال على سبعة أوجه فما دونها كتعال وأقبل وإلي ونحوي وقصدي واقرب وجئوكاللغات التي في أف وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة .
وقيل : هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولاحرام. روي عن ابن الشهاب.
وقيل : معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعدووعيد وقصص ومجادلة وأمثال. وضعفه ابن عطية بقوله "هذه لا تسمى أحرفا وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا فيتحليل حرام ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة"
وقيل : ما تتغيرحركته دون معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ} وأطهرَ. وما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد} وباعَد. و ما تبقىصورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل (ننشرها) و{ننشزها}. و ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: {كالعهنالمنفوش} [القارعة: 5] و(كالصوف المنفوش) وما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلحمنضود} [الواقعة: 29] و(طلع منضود) وما يتغير بالتقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرةالموت بالحق} [ق: 19] و(سكرة الحق بالموت).وما تغير بالزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجةأنثى). حكاه صاحب الدلائل عن بعض العلماء و حكى نحوه أبو بكر بن الطيب .
وقيل : نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال واستدلوا بماورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن هذا القرآن منسبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلالهوحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه)). روي عن الباقلاني
وقيل: هي سبعة أوجه من أسماء الله تعالى. قالهالقاضي ابن الطيب. وعلق عليه بقوله إذا ثبتت هذه الرواية حمل على أن هذا كان مطلقا ثم نسخفلا يجوز للناس أن يبدلوا اسما لله في موضع بغيره مما يوافق معناه أويخالفه.
وقيل : زعم قوم أن معنىالحديث أنه نزل على سبع لغات مختلفات قاله القاضي أبو بكر بن الطيب. وقال هذا باطل والدليل : أن لغة عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وهشامبن حكيم وابن مسعود واحدة وقراءتهم مختلفة .
وقيل : إنالقرآن منزل على سبعة أحرف من اللغات والإعراب وتغيير الأسماء والصور وإن ذلك مفترقفي كتاب الله ليس بموجود في حرف واحد وسورة واحدة يقطع على اجتماع ذلكفيها.وهذا ترجيح القاضي أبوبكر.
وقيل : أنزل على سبع لغات لسبع قبائل فيعبر عن المعنى فيه مرةبعبارة قريش ومرة بعبارة هذيل ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح. واختلفوا في تسميتها ذكره ابن عطية .
ففطر مثلا معناها عند غير قريش ابتدأ خلق الشيء فلم فلم يفهمها ابنعباس حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها قال ابن عباس: ففهمتحينئذ موقع قول تعالى: {فاطر السماوات والأرض} [فاطر: 1، الزمر 46].
حكم القراءة الأحرف السبعة
أباح الله تعالى لنبيه هذه الحروف السبعة فتلقاها من جبريل عليه السلام حين كان يعارضه فكان يقريء الصحابة بهذه الأحرف تارة بهذه وتارة بهذه وكان الصحابة يقرأون بما أخذوا عنه صلى الله عليه وسلم ولم يبدلوا منها شيئا.
والحكمة من تعدد الأحرف هو التوسيع على أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
وتقدم أن عثمان هو من جمع الناس على أشهر القراءات وأفصحها خشية من أن يفتن الناس بهذا الاختلاف ويتفرقوا وكان ذلك لما أشار حذيفة عليه لما رأى من اختلاف الناس .
ثم اختلف الناس في قراءة بعض الألفاظ التي وافقت الرسم العثماني واختلفت في النطق وبذلك نشأت القراءات المعروفة الآن .

جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره.
جمع القرآن
القران في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان محفوظافي صدور الرجال وكتب بعضه في صحائف متفرقة .
ثملما استحر القتل بالقراء يوم اليمامة أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق رضيالله عنهما بجمع القرآن خوفا من ذهابه بموت الحفاظ فكلفوا زيدا بن وجمعه دون ترتيب لسوره واحتفظ بالصحف أبو بكر ثم عمر بنالخطاب ثم حفصة
وبقيت صحف أخرى عن الصحابة كمصحف ابن مسعود وما كتب عن الصحابة بالشام ومصحف أبي وغير ذلكوكان في تلك الصحف اختلاف على الأحرف السبعة
ولما رأى حذيفة اختلاف الناس وانشار الفتن بينهم بسبب هذا الاختلاف أشار على عثمان بجمع المصحف على حرف واحد معتمدا على الصحف التي عند حفصة وأمر زيد بن ثابت بجمعه ومعه ثلاثة منقريش سعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير ، فجمعه ورتب زيد ومن معه سوره بالاجتهاد وبالإبقاء على ما ورد في ترتيب من النبي صلى الله عليه وسلم كالسبعالطول والحواميم والمفصل.
ثم نسخ عثمان منه نسخاووجه بها إلى الآفاق وأمر بما سواها من المصاحف أن تحرق أو تخرق وتروى بالحاء غيرمنقوطة وتروى بالخاء على معنى ثم تدفن، ورواية الحاء غير منقوطةأحسن.
شكل المصحف ونقطه : أمر به عبد الملك بن مروانفتجرد لذلك الحجاج بواسط وزاد تحزيبه .كما ألف بواسط كتاب في القراءات جمع فيه ما روي مناختلاف الناس فيما وافق الخط ثم ألف ابن مجاهدكتابه في القراءات.
وقيل : أن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي أسنده الزبيدي فيكتاب الطبقات إلى المبرد
وقيل : أن ابنسيرين كان له مصحف نقطه له يحيى بن يعمر.
وقيل أن أبو الفرج أن زياد بن أبي سفيان أمر أبا الأسودبنقط المصاحف.
وقيل : أن نصر بن عاصم أول من نقط المصاحف ذكره الجاحظ في كتابالأمصار
وأما تعشيره : فروي أن المأمون العباسي أمر بذلك وقيل :الحجاج .


هل في القرآن ألفاظ أعجمية:
اختلفوا في ذلك : فقيل : إن فيكتاب الله تعالى من كل لغة قاله أبو عبيدة وغيره.
وقيل : ليس فيه لفظة أعجمية بل كله عربي. وما ورد من أمثلة فهي مما اتفقت فيه اللغات وذلك مثل قول تعالى: {إن ناشئة الليل} [المزمل: 6] ذهب إليه الطبري وغيره .واستبعده ابن عطية .
والذي رجحه ابن عطية أن القرآن نزل بلسانعربي مبين وليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب وأما ما ورد من الأمثلة فهي مما استعملته العرب حتى جرت مجرى العربي الصريح وإن كان أصله أعجميا إلا أنهم استعملوه لمخالطتهم العجم.
إعجاز القرآن
اختلف الناس في إعجاز القرآن :
فقيل: إن التحديوقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات وإن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وفيه وقععجزها
وقيل: بما فيكتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة.
وقيل : بفصاحته وحسن أسلوبه وصحة معانيه وأن كل لفظة وردت لم يكن ثمة أفصح وأكثر إحاطة منها بالمعنى المراد وهو الذي عليه الجمهور كما نقل ابن عطية رحمه الله .
فلم يستطع أحد من البشر أن يأتي بمثله أو آية منه أو بعض آية منه

الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب اللهتعالى
قد يرد استعمال بعض الألفاظ في التفسير فيها إسناد أفعال إلى الله لم يثبت إسنادها الشرع كقولهم خاطب الله بهذه الآيةالمؤمنين أو شرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون
ورجح ابن عطية رحمه الله أن استعمال مثل هذه الألفاظ لا يجوز إن كان بقصد ثبوت الصفة لله وإن كان يريد أن الآية حكت أو اللفظ فلا بأس لأنه العرب استعملت هذه الطريقة في كلامها كما اعتذر ابن عطية إن ورد في كتابه مثل هذه الألفاظ عن غير قصد.

أسماء القرآن ومعانيها ومعنى السورة والآية
أسماء القرآن : القرآن والكتاب والفرقان و الذكر
فالقرآن: من التلاوة، وقيل من التأليف روي عن قتادة.
وأما الكتاب فمن الجمع ومنه قيل كتيبة لاجتماعها .
وأما الفرقان فهو الذي يفرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر .
وأما الذكر فقيل سمي به لما فيه من التذكير وقيل : لما فيه من ذكر الأمم الماضيةوالأنبياء وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائرالعلماء به


ومعنى السورة في كلام العرب : البقية من الشيء والقطعة منه التيهي سؤر وسؤرة من أسأر إذا أبقى وهذا على لغة من يهمز.
وأما من لا يهمز فمنهم منيراها من المعنى السابق ومنهم مين يقول القطعة من البناء لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة .
قال أبو عبيدة: إنما اختلفا في هذا فكأن سور القرآن هيقطعة بعد قطعة حتى كمل منها القرآن.
وتقال : للرتبة الرفيعة من المجد والملك سورة .

ومعنى الآية : العلامة ومنه قول الأسير الموصي إلى قومه باللغز: (بآية ما أكلت معكمحيسا).
وسميت بذلك :"لأن الجملة التامة منالقرآن علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى بها سميت آية"
وقيل: سميت آية لما كانت جملة وجماعة كلام كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا .
وقيل: لأنها علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها لذلك سميت آية

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 رمضان 1439هـ/18-05-2018م, 06:43 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تابع تقويم مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية

حنان علي محمود: أ

- أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- ما أوردتيه تحت فضل القرآن، تحت مسألة " أفضل شفيع " ، لا يتضح من قال هذه القول.
- في الأحرف السبعة : قول: " هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في الحلال والحرام " هذا تعليق عام على ما قبله وليس قولا مستقلا، أن الأحرف المختلفة للكلمة الواحدة لا تؤدي إلى اختلاف في الحكم من حيث الحلال والحرام
- القول السابع والثامن هما قول واحد، مع الانتقال لمسألة أخرى وهي الخلاف في تحديد اللغات السبع.
- عند التلخيص، لا يلزمكِ ترتيب المصنف، وإنما يمكنكِ نقل مسألة من عنصر لآخر إن دعت الحاجة، كنقل الكلام عن جمع عثمان رضي الله عنه من الأحرف السبعة إلى عنصر جمع القرآن.
- يُقدم ترتيب الآيات على ترتيب السور.
- ترتيب السور في المصحف:
اختار ابن عطية القول بأنه اجتهادي، لكن مع التزام بعض الآثار الواردة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أثناء الترتيب؛ فكان يحسن أن تؤخري القول :
" و ظاهر الآثار أنّ السبع الطّول و الحواميم و المفصّل كان مرتّبًا في زمن النبي صلّى الله عليه و سلّم , و كان في السُّور ما لم يرتّب "
يعد ذكر ترتيب السور.
فالأقوال ثلاثة في هذه المسألة:
- أنه توقيفي ، أنه اجتهادي، ومنهم من توسط فقال هو اجتهادي لكن مع التزام ما كان في السنة فالتزموا بعض الترتيب في الأحاديث وفي فع النبي صلى الله عليه وسلم، والأخير ما رجحه ابن عطية.
- باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى
تلخيصكِ لهذا الباب يحتاج لمزيد توضيح بذكر أمثلة لهذه الألفاظ ، مثل " حكى الله تعالى ... "
مع بيان موقف ابن عطية بأنه أجاز ذلك - مع اعتذاره عنه- على سبيل الإيجاز لا على سبيل نسبة الصفة إلى الله تعالى، وذكره بعض الشواهد على ذلك من كلام العرب كما أوردتِ، وبيانه أن بعض الأصوليين منع ذلك.
- خُصمت نصف درجة للتأخير.


ندى علي: أ

أحسنتِ، بارك الله فيكِ.
- ورد في فضل القرآن بعض الآثار التي تحث على العمل به وتذم من يهذه كهذ الشعر دون العمل به فكان الأولى إفرادها بعنصر لأهميتها.
- في الأحرف السبعة : قول: " هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في الحلال والحرام " هذا تعليق عام على ما قبله وليس قولا مستقلا، أن الأحرف المختلفة للكلمة الواحدة لا تؤدي إلى اختلاف في الحكم من حيث الحلال والحرام
- القول بأنها سبع لغات من لغات العرب فرقتيه في أكثر من قول وهو قول واحد أورده ابن عطية لكن ذكر مناقشته لهذا القول بين رأيه ورأي أبي بكر الباقلاني ثم انتقل إلى مسألة الخلاف في تحديد هذه اللغات.
- يفرق بين عنصر جمع القرآن، وعنصر ترتيب الآيات والسور.
- مع توضيح مراحل جمع القرآن في نقاط وأسباب كل مرحلة.
- ما استبعده ابن عطية في مسألة الألفاظ الأعجمية في القرآن هو اتفاق اللغات على لفظ معين، ولكن يرى أن أحدها أصل والآخر فرع، لا أنه يستبعد أن القرآن كله عربي مبين؛ فالخلاف بينه وبين الطبري هو في أصل هذه الألفاظ؛ الطبري يرى باتفاق اللغات، وابن عطية يرى أن أصلها أعجمي لكن العرب استعملتها وعربتها ونزل القرآن والعرب ينطقون بها فكانت عربية باستعمالهم لها.
- الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى
يُراجع التعليق على الأخت حنان للتوضيح.
- خُصمت نصف درجة للتأخير.

وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, العاشر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir