دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > الأدب > بانت سعاد

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 20 محرم 1430هـ/16-01-2009م, 07:29 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي ( تابع ) شرح جمال الدين محمد بن هشام الأنصاري

54- بِيضٌ سَوابِغُ قد شُكَّتْ لها حَلَقٌ = كأنه حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ
بِيضٌ سَوابِغُ: صِفتانِ لسَرابيلَ، ومَعْنَى "بِيضٌ": مَجْلُوَّةٌ صافيةٌ، ومعنى سَوابغُ: طِوالٌ تَامَّةٌ، ومُفرَدُهما: أَبيضُ وسَابِغٌ؛ لأنَّ السِّربالَ مُذَكَّرٌ، " وفاعلٌ " يُجْمَعُ على " فَواعِلَ " في مَسائلَ: منها أن يكونَ صِفةً لِمَا لا يَعْقِلُ كقولِه:
لنا قَمَرَاها والنجومُ الطوالِعُ .
وأَصْلُ الشكِّ: إدخالٌ في الشيءِ، ومنه قولُ عَنترةَ:
فشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الطويلِ ثِيابَهُ .
والمرادُ به هنا: إدخالُ بعضِ الْحَلَقِ في بعضٍ، وإنما يكونُ ذلك في الدُّروعِ الْمُضَاعَفَةِ، ويُرْوَى: سُكَّتْ بالسينِ الْمُهْمَلَةِ، أي: ضُيِّقَتْ، يعني: أن حَلَقَ الدُّروعِ قد ضُويِقَ بينَها، والسكَكُ: الضِّيقُ، ومنه أُذُنٌ سَكَّاءُ، وهي الضَّيِّقَةُ، مِن قولِهم: اسْتَكَّت الأُذُنُ: إذا اسْتَدَّتْ، وقيلَ: إنما الأُذُنُ السَّكَّاءُ التي لا يَبينُ لها نُتوءٌ كأُذُنِ الطيرِ، والجملةُ الفِعليَّةُ صِفةٌ ثالثةٌ لسَرابيلَ، والاسمِيَّةُ صِفةٌ لِحَلَقٍ.
والْحَلَقُ بفَتحتينِ: جَمْعُ حَلْقَةٍ بالإسكانِ، على غيرِ قِياسٍ، هذا هو الصحيحُ، وخالَفَ الأصمعيُّ في الْجَمْعِ، فقالَ: حِلَقٌ بكَسْرِ الحاءِ، كبَذْرَةٍ وبِذَرٍ، قَصْعَةٍ وقِصَعٍ، خالَفَ أبو عمرٍو في الْمُفْرَدِ، فقالَ: حَلَقَةٌ بالفَتْحِ، وقال أبو عمرٍو الشيبانيُّ: ليس في الكلامِ حَلَقَةٌ بالتحريكِ إلا جَمْعُ حالِقٍ.
والقَفعاءُ بقَافٍ بعدَها فاءٌ بعدَها عينٌ مُهْمَلَةٌ: شجَرٌ يَنْبَسِطُ على وَجْهِ الأرضِ يُشَبَّهُ به حَلَقُ الدُّروعِ.
والْمَجدولُ: الْمُحْكَمُ الصَّنْعَةِ، وفيه تَقديمُ الوَصْفِ بالجملةِ على الوَصْفِ الْمُفْرَدِ، وهو جائزٌ فَصيحٌ، ومنه قولُه تعالى: { فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } هذا هو الصحيحُ.
قال:

55- لا يَفْرَحُونَ إذا نَالَتْ رِمَاحُهُمُ = قَومًا وليسوا مَجازيعًا إذا نِيلُوا
يقولُ: إذا ظَفِرُوا بعَدُوِّهِم، لم يَظْهَرْ عليهم الفَرَحُ، وإذا ظَهَرَ عليهم العَدُوُّ لم يَحْصُلْ لهم الْجَزَعُ، يَصِفُهُم بالشجاعةِ، وكِبَرِ الْهِمَّةِ، وشِدَّةِ الصَّبْرِ، وقِلَّةِ الْمُبَالاةِ بالْخُطوبِ.
والْمَجازِيعُ: جَمْعُ مِجزاعٍ، وهو الكثيرُ الْجَزَعِ، وصَرَفَه للضرورةِ قالَ:

56- يَمشونَ مَشْيَ الْجِمالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهُمْ = ضَرْبٌ إذا عَرَّدَ السُّودُ التنابيلُ
يَصِفُهُم بامتدادِ القامَةِ، وعِظَمِ الْخَلْقِ، وبَياضِ البَشَرةِ، والرِّفْقِ في الْمَشْيِ، وذلك دَليلٌ على الوَقارِ والسُّؤْدَدِ.
والزُّهْرُ: جَمْعُ أَزْهَرَ، وهو الأَبْيَضُ يعني: أنهم سَاداتٌ لا عَبيدٌ، وعَرَبٌ لا أَعرابٌ.
ومَشْيٌ مَصدَرٌ مُبَيِّنٌ للنَّوْعِ، وهو في الأَصْلِ نائِبٌ عن صِفةِ مَصْدَرٍ محذوفٍ، أي: مَشْيًا مِثْلَ مَشْيِ الْجِمالِ.
ويَعْصِمُ: يَمنَعُ، ومنه قولُه تعالى: { سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ } والجملةُ حالٌ، والمعنى: يَحْمِيهِم عن أعدائِهم، ويَكُفُّهُم عنهم ضَرْبٌ.
وعَرَّدَ مُهمَلةُ الأحرُفِ، أي: فَرَّ وأَعْرَضَ، قالَ التِّبريزيُّ: ومَن رَوَى " غَرَّدَ " يعني بالْغَيْنِ الْمُعجمَةِ، أَرادَ: طُرُبٌ . انتهى . ولا مَعْنَى لهذه الروايةِ.
والسُّودُ: جَمْعُ أَسودَ, والتنابيلُ: القِصارُ، والْمُفْرَدُ: تِنبالٌ، والتاءُ فيه زَائدةٌ، وهو أَحَدُ ما جاءَ في الأسماءِ على " تِفعالٍ " بالكَسْرِ، كالتِّمساحِ، والأكثَرُ تِمْسَحٌ بالقَصْرِ، والتِّبراكِ والتِّعشارِ لِمَوْضِعَيْنِ، والتِّلقاءِ والتِّقصارِ للقِلادةِ الشَّبيهةِ بالْمِخْنَقَةِ، ويُقالُ: تِقصارُه أيضًا، وجَمْعُها تَقاصيرُ، وإذا كان التفعالُ مَصْدَرًا، فهو بفَتْحِ الأَوَّلِ لا غَيرُ، كالتَّحوالِ والتَّطرافِ، إلا كَلمتينِ: التِّبيانَ والتِّلقاءَ، قالَ اللهُ تعالى: { تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ } ويَقولُ: تِلقاءَ , أي: لِقاءَ، وأمَّا قولُه تعالى: { تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ } فهو مِن بابِ الأسماءِ، وانتصابُه على الظَّرْفِيَّةِ، وقد خُطِّئَ مَن يُنْشِدُ قولَه طَرْفَةَ بنِ العَبدِ ( البحر الطويل )
وما زالَ تِشرَابِي الخمورَ ولَذَّتِي = وبَيْعِي وإنفاقِي طَريقِي ومَتْلَدِي
قالَ رَحِمَه اللهُ تعالى:
57- لا يَقَعُ الطعْنُ إلا في نُحورِهِمُ = وما لهم عن حِياضِ الموتِ تَهليلُ
وَصَفَهم بأنهم لا يَنْهَزِمُون، فيَقَعُ الطعنُ في ظُهورِهم، بل يُقْدِمونَ على أعدائِهم، فيَقَعُ الطعْنُ في نُحورِهم، رُوِيَ أنه لَمَّا أَنْشَدَ هذا البيتَ، نَظَرَ عليه الصلاةُ والسلامُ إلى مَن كانَ بِحَضْرَتِه مِن قُريشٍ كأنه يُومِئُ إليهم أن اسْمَعُوا. ومِثلُ هذا البيتِ قولُ الْحُصَيْنِ بنِ الْحُمامِ : ( البحر الطويل )
تَأَخَّرْتُ أَسْتَبْقِي الحياةَ فلم أَجِدْ = لنفسي حياةً مِثلَ أن أَتَقَدَّمَا
فلَسْنَا على الأعقابِ تَدْمَى كُلُومُنَا = ولكن على أقدامِنا يَقْطُرُ الدِّمَا
نُفَلِّقُ هامًا مِن رِجالٍ أَعِزَّةٍ = علينا وهم كانوا أَعَقَّ وأَظْلَمَا
ويُرْوَى تَقْطُرُ بالْمُثَنَّاةِ مِن فوقُ.
ويُرْوَى: تَقْطُرُ بالْمُثَنَّاةِ مِن فوقُ , فالدَّمُ إمَّا مَفعولٌ به؛ لأنَّه يُقالُ: قَطَرَ الدمُ وقَطَرَ به، والمعنى: تَقْطُرُ الكُلومُ الدَّمَ، "وما" تَمييزٌ على أنَّ الأَلِفَ واللامَ زائدةٌ كقولِه: ( البحر الطويل )

رأيتُك لَمَّا أن عَرَفْتَ وُجوهَنا = صَدَدْتَ وطِبْتَ النفْسَ يا قَيْسُ عن عَمْرِو
ويُرْوَى بالْمُثَنَّاةِ مِن أَسْفَلَ، فالدِّماءُ فاعلٌ اسْتَعْمَلَه مَقصورًا، وهو الأَصْلُ فيه، وعليه قِيلَ في التَّثْنِيَةِ، دَمَيَانِ، قالَ: ( البحر الوافر )
فلو أنَّا على حَجَرٍ ذُبِحْنَا = جَرَى الدَّمَيَانِ بالخبَرِ اليَقينِ
ولكنَّ الاستعمالَ الكثيرَ بِحَذْفِ لامِه في الإفرادِ والتَّثنيةِ.
تَهليلٌ: مَصْدَرُ هَلَّلَ عن الشيءِ: إذا تَأَخَّرَ عنه، يَقولُ: لا يَتَأَخَّرُونَ عن حِياضِ الموتِ إذا تَأَخَّرَ غيرُهم عنها ونَكَصَ، "وعن": مُتَعَلِّقَةٌ بالتهليلِ إن كان مَصْدَرًا، وقد مَضَى القولُ في ذلك غيرَ مَرَّةٍ.
وهذا آخِرُ ما لَخَّصْتُه في شَرْحِ هذه القَصيدةِ الْمُبارَكَةِ، وقد تَطَفَّلْتُ بشرْحِها على كَرَمِ الممدوحِ بها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبه أَسْتَشْفِعُ إلى رَبِّي أن يُصْلِحَ قَلْبِي ، ويَغفِرَ ذَنْبِي ، ويُنْجِحَ قَصْدِي، ويُوَفِّرَ مِن إحسانِه جَدِّي وأن يَغفِرَ زَلَّتِي، ويُصْلِحَ لي في ذُرِّيَّتِي، وأن يَفْعَلَ ذلك بجَميعِ أهلي وأَحِبَّائِي بِمَنِّه وكَرَمِه، آمينَ، والحمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ ، وصَلَّى اللهُ على سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِه وصَحبِه وسَلَّمَ تَسليمًا كثيرًا دائمًا إلى يومِ الدِّينِ.
آمينَ .
تَمَّتْ بِحَمْدِ اللهِ .

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
البردة, شرح

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir