دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #12  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 06:03 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

بسم الرحمن الرحيم
فهرسة مقدمة تفسير ابن جرير
خطبة الكتاب
•حمد الله والصلاة والسلام على رسوله .
•فضله على هذه الأمة بتنزيل كتابه المبين ، الذي تحدى به العالمين وحفظه من التبديل والتغيير.
•هذا القرآن أحق ما صرفت إلى علمه العناية ، وبلغت في معرفته الغاية.
•بيان منهجه في هذا الكتاب وهو:
-أن يستوعب في كتابه ،من معاني القرآن، ما الناس بحاجة من علمه ، مما يجمعه من سائر الكتب.
-مبين ما اتفقت الحجة عليه منه ، واختلافها فيما اختلفت فيه منه.
-بيان علل كل مذهب من مذاهبهم.
-بيان الصحيح لديه من تلك الأقوال.
-الإيجاز والإختصار قدر الإمكان، مستمد العون من الله تعالى.
-أن يبدأ أولاً ببيان المعاني التي في القرآن ، التي قد تلتبس على من لم يجد العربية ، والسليقة الطبيعية.
أول هذه المعاني :القول في البيان عن اتفاق معاني آي القرآن، ومعاني منطق من نزل بلسانه من وجه البيان -والدلالة على أن ذلك من الله جل وعز هو الحكمة البالغة- مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به باين القرآن سائر الكلام
-إن أبين البيان بيانه سبحانه، فبه تحدى قوماً في زمن هم فيه رؤساء البلاغة والفصاحة ، وأفضل الكلام كلامه ، ففضل بيانه جل ذكره على بيان جميع خلقه ، كفضله على جميع عباده.
-الرسول صلى الله عليه وسلم ، أرسل بلسان قومه ، وببيان يفهمونه ،فمعاني القرآن موافقه لمعاني كلام العرب، وإن باينه كتاب الله بالفضيلة التي فضل بها سائر الكلام ، فما في لغة العرب من إيجاز واختصار وتكرار ، والخبر الخاص الذي يراد به العام وعن العام المراد به الخاص والتقديم والتأخير...وغيرها من أساليب العربية ، كل ذلك له نظير في القرآن، وشبيها ومثيلاً.
ثانيا:القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم.
-أمثلة على تلك الألفاظ
(كفلين من رحمته): الكفلان ضعفان من الأجر بلسان الحبشة، قاله أبو موسى
(ناشئة الليل) : إذا قام الرجل من الليل قالوا: نشأ. بلسان الحبشة ، قاله ابن عباس
(أوبي معه) سبّحي ، بلسان الحبشة ، قاله أبو ميسرة.
( فرت من قسورة) بالعربية الأسد وبالفارسية شار، وبالنبطية أريا، وبالحبشة قسورة. قاله ابن عباس
• الأقوال في عربية هذه الألفاظ ، وما أشبهها.
1-أنها غير عربية ، حجتهم أن بعض السلف قال :في القرآن من كل لسان .
فقد روي عن سعيد بن جبير ....
وروي عن أبي ميسرة :في القرآن من كل لسان .
2-أنها أعجمية وعربت .
رد ابن جرير على تلك الأقوال
- أن من قال : حرف كذا بلسان الحبشة معناه كذا، وحرف كذا بلسان العجم كذا ، لم يقولوا أن هذه الأحرف وما أشبهها لم تكن للعرب كلاماً ،ولم تكن تعرفها قبل نزول القرآن . وأيضا من قال عربي ، لم ينف أن يكون مستحقاً النسبة الى ماهو من كلامه من سائر أجناس الأمم غيرها.فغير مستحيل أن يكون عربيا بعضها أعجميا ، وحبشياً بعضها عربيا إذا كان موجودا استعمال ذلك في كلتا الأمتين.
- لا يستنكر أن يكون من الكلام ما يتفق فيه ألفاظ جميع أجناس الأمم المختلفة الألسن بمعنى واحد، فكيف بجنسين منها ؟ فقد وجد اتفاق كثير من الألسن المختلفة ، كالدراهم والدينار ، والدواة والقلم والقرطاس ، وغير ذلك ، مما اتفقت فيه الفارسية والعربية باللفظ والمعنى، ولما كان ذلك موجودا في الجنسين ، فليس أحد الجنسين بأولى أن يكون أصل ذلك من عنده من الجنس الآخر.
-وهذا هو معنى من قال: في القرآن من كل لسان، أي أن فيه من كل لسان اتفق فيه لفظ العرب ولفظ غيرها من الأمم التي تنطق به.
-غير جائز أن يتوهم مقر بكتاب الله أن يعتقد أن بعض القرآن فارسي لا عربي وبعضه نبطي لا عربي ....بعد أن أخبر الله أنه جعله قرآنا عربياً .
- من أبى ما سبق قوله وادعى أن في القرآن كلام من أجناس من الأمم سوى العرب ، وقعت للعرب فعربته ، فليأتي بالبرهان والدليل على قوله.
- فإن استدل بأقوال السلف التي ذكر بعضها ، بينا تأويل قولهم كما سبق .
ثم يقال له : أرأيت من قال لأرض سهلية جبلية : هي سهلية ، ولم ينكر أن تكون جبلية ، أوقال: جبلية ولم ينكر ان تكون سهلية ، هل هو ناف عنها أن تكون الصفة الأخرى ؟ فإن قال : نعم كابر عقله، وإن قال : لا ، قيل له: كذلك من قال في سجين : هي فارسية ، وفي القسطاس: هي رومية نظير ذلك ، فلن يقول في أحدهما إلا إلزم في الآخر مثله.
• القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب.
بعد الاستدلال على صحة القول أن جميع القرآن بلسان عربي مبين ، فإن العرب مختلفو الألسن بالبيان، متباينو المنطق والكلام، فبأي ألسن العرب أنزل ؟؟
عن أبي بن كعب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار، قال: فأتاه جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف. قال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك)). قال: ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين. قال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك)). ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف. قال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك)). ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا. اخرجه مسلم
وعن أبي هريرة-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، فالمراء في القرآن كفر -ثلاث مرات- فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه)).
وقصة عمر لما سمع هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على غير الحرف الذي أقرأه رسول صلى الله عليه وسلم فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع صلى الله عليه وسلم قراءة كلاً منهما وقال لكلا منهما ( هكذا أنزلت ) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منها)).
وكذلك ما قاله صلى الله عليه وسلم لعمر لما اختلفت قراءة رجل عنده عن قراءته فاختصما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقال: يا رسول الله، ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال: ((بلى!)) قال: فوقع في صدر عمر شيء، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وجهه، قال: فضرب صدره وقال: ((ابعد شيطانا)) -قالها ثلاثا- ثم قال: ((يا عمر، إن القرآن كله صواب، ما لم تجعل رحمة عذابا أو عذابا رحمة)). وقصة أخرى لعمر قال فيها صلى الله عليه وسلم :( أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف)
وروايات كثيرة بهذا المعنى.فماهي هذه الأحرف السبعة؟
ذكر ابن جرير قولان:
1- قيل : أنه نزل بأمر وزجر وترغيب وترهيب وقصص ومثل ونحو ذلك من الأقوال، قائل ذلك من سلف الأمة وخيار الأئمة.
2- أنه نزل بسبع لغات، وأمر بقراءته على سبعة ألسن. قاله ابن جرير واستدل على قوله بعدة أوجه وهي:
1- أن القائلين بالقول الأول ، لم يقصدون بقولهم هذا تأويل معنى الأحرف السبعة، وإنما أخبروا أنه أنزل على سبعة أحرف ، يعنون سبعة أوجه.
فعن إسماعيل بن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف، من سبعة أبواب من الجنة)).فالأحرف السبعة ،هو ما قلنا من أنه الألسن السبعة. والأبواب السبعة من الجنة: هي المعاني التي فيها، من الأمر والنهي والترغيب والترهيب والقصص والمثل، التي إذا عمل بها العامل، وانتهى إلى حدودها المنتهي، استوجب به الجنة. وليس في قول من قال ذلك من المتقدمين، خلاف لشيء مما قلناه.
2- ومن الدلالة على ذلك أن الروايات الثابتة عن عمر وابن مسعود وأبي وغيرهم أنهم تماروا في القرآن وخالف بعضهم بعض في نفس التلاوة دون المعنى ، والنبي صلى الله عليه وسلم صوب تلاوة كلا منهم على اختلافهم ،فلو كان تماريهم فيما دلت عليه تلاواتهم من التحليل والتحريم ، لاستحال ان يصوبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا، ولأوجب أن يكون الله أمر بشيء في تلاوة ونهى عنه في التلاوة الأخرى ، فكأن التلاوة على التخيير. وفي هذا يكون إثباتاً لما قد نفى الله عن كتابه من الإختلاف ونفياً لما قد أوجب له من الائتلاف .
3- إن الذين تماروا فيما تماروا فيه من قراءتهم لم يكن أحد منهم منكر أن يأمر الله وينهى بماشاء ويعد ويوعد ويضرب الأمثال لعباده، فخاصم على إنكار ذلك عندما سمعه يتلو ،بل كان إسلامهم على التسليم لأمر الله ونهيه ، إذاً لا وجه لأنكارهم ما سمعوا إلا اختلاف الألفاظ واللغات .
4-لقد صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فعن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال جبريل: اقرأ القرآن على حرف. قال ميكائيل: استزده. فقال: على حرفين. حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف، ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب، كقولك: هلم وتعال)).
فهذا الحديث نص على أن اختلاف الأحرف السبعة هو اختلاف ألفاظ مثل:هلم وتعال ، مع اتفاق المعنى.
5-وكذلك صحت الأخبار عن جماعة من السلف والخلف ، كأبن مسعود وأنس رضي الله عنهما ومجاهد ، وسعيد بن جبير وغيرهم
فعن شقيق، قال: قال عبد الله: إني قد سمعت القرأة، فوجدتهم متقاربين فاقرأوا كما علمتم، وإياكم والتنطع، فإنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال.
وعن الأعمش قال:: قرأ أنس هذه الآية: (إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا) فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة، إنما هي: {وأقوم} فقال: أقوم وأصوب وأهيأ، واحد.
عن ليث، عن مجاهد: أنه كان يقرأ القرآن على خمسة أحرف.وعن عنبسة، عن سالم: أن سعيد بن جبير كان يقرأ القرآن على حرفين.
الخلاصة: أن الأحرف السبعة هن لغات سبع في حرف واحد وكلمة واحدة باختلاف الألفاظ مع اتفاق المعاني مثل : هلم وتعال ، وأقبل ..، وهذه الأحرف السبعة لم تنسخ ولم تضيعها الأمة ، ولكن لما احتاج الناس لجمعهم على تلاوة واحدة بسبب اختلافهم في القراءة، وتكفير بعضهم لبعض ، بعد فتح الأمصار ، وتفرق الصحابه فيها وكلا يقرأ ويقرئ الناس بحسب الحرف الذي تعلمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأهل الشام مثلاً يقرءون بقراءة أُبيّ وأهل العراق بقراءة ابن مسعود ،
فلما اجتمعوا في غزوة أرمينية ، اختلف أهل الشام وأهل العراق في تلاوتهم ، فكفر بعضهم بعضا ، فأخبر حذيفة رضي الله عنه ، عثمان بن عفان رضي الله عنه
فطلب عثمان من زيد بن ثابت أن يكتب له مصحفاً، وادخل معه أبان بن سعيد بن العاص ، فجمعهم على مصحف واحد ، بحرف واحد وهو لغة قريش ، وخرق ما عداه من المصاحف.
فاندرست تلك الأحرف ، لأنها نزلت اول ما نزلت ليست فرضا وإنما نزلت تخفيفا على الأمة.
وليست هي التي تكون باختلاف القراء في رفع حرف او جره وتسكين حرف وتحريكه ، مع اتفاق الصورة، لأن اختلاق القرأة فيه لا يوجب المراء به كفر المماري به في قول احد من علماء الأمة.
واختلف بأي ألسن العرب الأحرف السبعة ؟
فقيل : خمسة منها لعجز هوازن واثنين لقريش وخزاعة، روي ذلك ابن عباس لكن في تلك الروايات ممن لا يجوز الاحتجاج بنقله. والله اعلم
وقيل : نزل بلسان الكعبين ( كعب بن عمرو وكعب لؤي) روي عن قتادة عن أبي الأسود الدئلي ، لكن قتادة لم يدرك أبا الأسود.
•معنى قوله صلى الله عليه وسلم :(أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة)
فروي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
وفي حديث أبيّ بن كعب ، قال : قال لي رسول صلى الله عليه وسلم : إن الله أمرني ....فأمرني أن اقرأه على سبعة أحرف ،من سبعة أبواب من الجنة كلها شاف كاف)
معنى (الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد،): والله أعلم أي نزل الكتاب خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام ، كزبور داود فهو تذكير ومواعظ وإنجيل عيسى تمجيد ومحامد وحث على الصفح والإعراض، دون غيرها من الأحكام، وهو الباب الواحد من الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب .
وقوله على حرف واحد أي بلسان واحد ، إذا حول إلى لسان آخر ، كان ذلك ترجمة وتفسيرا له ، لا تلاوة له على ما أنزل له.
أما القرآن (ونزل من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف)أي : أنزله من أوجه سبعة ينالون به رضاه ويدخلون بهاالجنة ، فكل وجه باب من أبواب الجنة الذي نزل منه القرآن ، فكل عامل بوجه من هذه الوجوه فهو عامل على باب من أبواب الجنة وطالبا الفوز بها . فالعمل بما أمر الله باب من أبواب الجنة، وترك ما نهى عنه باب ، تحليل ما أحل الله باب من ابواب الجنة...
وأيضا نزل بسبع لغات من تلاه بحرف منها فهو تاليا له على ما أنزل الله.
وقوله (إن لكل حرف منه حدا) اي لكل وجه من أوجهه السبعة حدا حده الله لا يجوز تجاوزه.
وقوله:( وإن لكل حرف منها ظهرا وبطنا) الظاهر التلاوة وبطنه ما بطن من تأويله.
وقوله:( وإن لكل حد من ذلك مطلعا) أي لكل حد من حدود الله مقدارا من الثواب والجزاء يطلع عليه يوم القيامة.
• وجوه معرفة تأويل القرآن
قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.
الأوجه هي:
-ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأويله بنص منه عليه أو بدلالة قد نصبها دالة على تأويله.
-مالا بعلمه إلا الله كأمور الغيب ، كوقت الساعة والنفخ في الصور وغيرها.
-ومنه ما يعلم تأويله أهل اللسان العربي وذلك بإقامه إعرابه ومعرفة المسميات بأسمائها اللازمة والمشتركه والموصوفات بصفاتها .
-ومنه من لا يعذر أحد بجهله ، ورد حديث في إسناده نظر ،فعن عبد الله بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على أربعة أحرف: حلال وحرام لا يعذر أحد بالجهالة به، وتفسير تفسره العرب، وتفسير تفسره العلماء، ومتشابه لا يعلمه إلا الله، ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب)).
• القول بتأويل القرآن بغير علم
ما كان من تأويل القرآن الذي لا يدرك إلا بنص من رسول صلى الله عليه وسلم ، أو بدلالة منه تدل على المعنى فإنه لا يجوز لأحد القول فيه برأيه ، فإنه وإن أصاب المعنى فقد اخطأ بفعله بقوله برأيه، لأنه قاله على سبيل الظن وليس العالم والقائل في دين الله بالظن قائل على الله مالايعلم وقد حرم الله ذلك قال تعالى :{قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}
وقد وردت في ذلك آثار منها
-عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)).
- عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار.
-عن جندب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ)).
-عن أبي معمر، قال: قال أبو بكر الصديق: أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في القرآن ما لا أعلم!
• الحض على العلم بتفسير القرآن ، ومن كان يفسره من الصحابة.
حث الله سبحانه على تدبر القرآن والإعتبار بآياته وما فيها من الهدى والبينات قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} [ص: 29] وقوله: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون * قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون} وغيرها من الآيات الحاثه على التدبر والتفكر والإتعاظ بواعظها، وهذا يدل على إمكان معرفة تأويلها مالم تكن مما استأثر الله بعلمه من أمور الغيب ، فمحال أن يأمر بالاعتبار بها والتفكر والتدبر بما لا يمكن فهمه ومعرفة بيانه ومعناه ،لذلك كان الصحابة رضي الله عنهم يتدبرون القرآن ويتفهمونه ويفسرونه ، فقد جاءت الآثار بذلك منها:
عن أبي عبد الرحمن، قال: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا: أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا.
عن مسروق، قال: قال عبد الله: والذي لا إله غيره، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت؟ وأين نزلت؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته.
عن شقيق، قال: استعمل علي ابن عباس على الحج، قال: فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور، فجعل يفسرها.
وهذا مما يدل على فساد قول من أنكر تفسير كتاب الله مستدلاً بآثار رويت عنه صلى الله عليه وسلم منها:
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن، إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل عليه السلام.
وما روي عن عبيد بن عمر أنه قال :لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع.
وما روي عن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن آية من القرآن قال: لا نقول في القرآن شيئاً.
وكذلك ما روي عن عبيدة السلماني أنه لما سأل عن معنى آية قال: عليك بالسداد ذهب الذين علموا فيم أنزل القرآن .
وما روي عن جندب بن عبدالله أنه حرج على من سأله عن آية إلا قام عنه . وغيرها من الآثار .
والرد على الآثار :
الحديث الذي روي عنه صلى الله عليه وسلم (أنه ما كان يفسر شيئاً من القرآن إلا آيا بعدد علمهن إياه جبريل.) فهذا الحديث فيه جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام لا يتابع حديثه ولا يعرف في أهل الآثار . فلا يجوز الاحتجاج بهذا الحديث لهذه العلة .
ومع هذا فإن المقصود بأنه لم يفسر إلا أي معدودة ، هذه الآي هي بيان ما أجمل من أوامر الله ونهيه وسائر معاني الشريعة الذي هو مجمل في ظاهر التنزيل ، ومما يحتاج الناس لبيانه ، فكان الله يعلمه بالوحي او بماشاء سبحانه ،فالله سبحانه أمره في محكم كتابه أن يبين للناس ما نزل إليهم :{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}
فكان الصحابة لا يتجاوزون العشر آيات حتى يعلموا معانيها وما فيها من العلم والعمل .
فليس المعنى أنه لم يفسر إلا عدد قليل .أما روي عن السلف من تحفظهم من تفسير القرآن حذرا من إلا يبلغوا إصابه القول فيه ، لا أنه تفسيره محجوب عن علماء الأمة.
•أحق المفسرين بإصابة الحق
- من استمد تأويله وتفسيره مما أوثر عن رسول صلى الله عليه وسلم من أخبار ثابته ، إما من جهه النقل المتواتر المستفيض وإما جهة نقل العدول إن لم يكن مستفيض.
_وإما من جهة الدلالة المنصوبة على صحته.
-وترجم وبين ذلك معناه باللسان العربي إما بالشواهد الشعرية وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة.
- وألا يخالف تفسيره وتأويله أقوال السلف من الصحابة والأئمة والخلف من التابعين وعلماء الأمة.
وممن اشتهر بالتفسير ، ابن عباس ، ومجاهد والضحاك
قال عبدالله :نعم ترجمان القرآن ابن عباس.
وعن أبي مليكة قال: رأيت مجاهد يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه فيقول له ابن عباس: اكتب ، قال: حتى سأله عن التفسير كله.
وقال سفيان الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.
وعن عبد الملك بن ميسرة، قال: لم يلق الضحاك ابن عباس، وإنما لقي سعيد بن جبير بالري، فأخذ عنه التفسير.
وهناك من فسر القرآن ولكن لم يكن أهلا فذم على ذلك،عن زكريا، قال: كان الشعبي يمر بأبي صالح باذان، فيأخذ بأذنه فيعركها ويقول: تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن!
وعن صالح بن مسلم، قال: مر الشعبي على السدي وهو يفسر، فقال: لأن يضرب على استك بالطبل، خير لك من مجلسك هذا.
عن سعيد بن بشير، يقول عن قتادة، قال: ما بقي أحدا يجري مع الكلبي في التفسير في عنان.
• أسماء القرآن ومعانيها
سمى الله تعالى تنزيله الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم أسماء أربعة.
1_ القرآن قال تعالى: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون} وغيرها من الآيات
واختلف المفسرون في تأويله:
- أنه من التلاوة والقراءة ، فيكون مصدر من قول القائل : قرأتُ القرآن، كقول : الخسران من خسرت والغفران من غفر الله لك.وهذا قول ابن عباس
فعن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {فإذا قرأناه} يقول: بيناه، {فاتبع قرآنه} [القيامة: 18] يقول: اعمل به.
ومعنى قول ابن عباس: إذا بيناه بالقراءة فاعمل بما بيناه لك بالقراءة.
-إنه مصدر من قول القائل : قرأتُ الشيء ، إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض.وهذا قول قتادة.
فعن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} يقول: حفظه وتأليفه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} يقول: اتبع حلاله، واجتنب حرامه. فرأى قتادة أن تأويل القرآن التأليف.
ترجيح ابن جرير : كلا القولين صحيح في لغة العرب، ولكن الأولى في معنى الآية {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}قول ابن عباس ، وعلل ذلك بأن الله قد أمر نبيه صلى الله عليه وسلم في غير آية باتباع ما أوحي إليه ، ولم يرخص له في ترك اتباعه حتى وقت تأليفه، لأنه لو كان كذلك ، لم يكن فرضا عليه( قم فأنذر ) لأنه لم يؤلف بعد ، وكذلك غيرها من آي القرآن ، وإن قال هذا قائل خرج من قول أهل الملة.
والصحيح أنه صلى الله عليه وسلم مأمور باتباع كل آية من آي القرآن والعمل بها ، وهذا يوافق قول ابن عباس.
وجاز أن يسمى قرآنا بمعنى القراءة وهو مقروء كما جاز أن يسمى المكتوب كتابا بمعنى كتاب الكاتب.
2- الفرقان
اختلف أهل التفسير في تأويل معناه ، بألفاظ مختلفة ، ولكن في المعاني مؤتلفة.
-النجاة ، قاله عكرمة والسدي، وهو قول جماعة غيرهم.
-المخرج ، قاله ابن عباس ، ومجاهد .
وكان مجاهد يقول في قول الله جل ثناؤه: {يوم الفرقان} [الأنفال: 41] يوم فرق الله فيه بين الحق والباطل.
وهذه التأويلات مع اختلاف الفاظها إلا إنها متقاربة المعنى، وذلك من جعل الله له مخرج من أمر فهذا المخرج نجاة ، وكذلك إذا نجي منه فقد نصر على من بغاه بسوء .
وأصل معنى الفرقان : الفرق بين الشيئين والفصل بينهما، قد يكون بالقضاء أو إظهار حجة ونصر ، وغيرها من المعاني المفرقة بين المحق والمبطل .
لذلك سمي القرآن فرقاناً، لأنه يفصل بحججه وأدلته ، وحدود فرائضه بين المحق والمبطل ، وفرقانه بينهما بنصره المحق وتخذيل المبطل حكما وقضاءا .
3-الكتاب.
مصدر كتبت كتاباً ، كقول: قمت قياماً.
والكتاب خط الكاتب حروف الكتاب المعجم ، مجموعة ومتفرقه.
4- الذكر ، يحتمل معنيين
أحدهما: أنه ذكر من الله جل ذكره، ذكر به عباده، فعرفهم فيه حدوده وفرائضه، وسائر ما أودعه من حكمه. والآخر: أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به وصدق بما فيه، كما قال جل ثناؤه: {وإنه لذكر لك ولقومك} [الزخرف: 44]، يعني به أنه شرف له ولقومه.
• أسماء لسور سماهن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن واثلة بن الأسقع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطول، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل) وفي رواية من طريق أبي قلابة : وأعطيت المثاني مكان الزبور وأعطيت المئين مكان الإنجيل..)
-السبع الطوال
هي:البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، في قول سعيد بن جبير، وروي عن ابن عباس قول يدل على موافقته قول سعيد هذا.
سميت بالسبع الطوال ؛ لطولها على سائر سور القرآن.
-المئون : ما كان من سور القرآن عدد آياته ما ئة آية أو تزيد عليها وتنقص يسيرا.
- المثاني:
1- قيل : هي ما ثنى المئين فتلاها ، فالمئون أوائل والمثاني لها ثواني.
سبب تسميتها مثاني فيه قولان :
-قيل :سميت مثاني لتثنية الله تعالى فيها الأمثال والخبر والعبر ، قاله ابن عباس.
-وقيل: لأنها ثنيت فيها الفرائض والحدود ، روي عن سعيد بن جبير
2- القرآن كله مثان . قاله جماعة يكثر تعدادهم.
3-المثاني فاتحة الكتاب ، لأنها تثنى قراءتها في كل صلاة.
- المفصل
سمي مفصلا لكثرة الفصول التي بين سورها ( بسم الله الرحمن الرحيم)
•السور
تسمى كل سورة من سور القرآن سورةً ، وتجمع سوراً، كخطبة خطب وغرفة غرف.
والسورة بغير همز : هي المنزلة من منازل الارتفاع ومن ذلك سور المدينة ، وهو الحائط الذي يحويهالارتفاعه.
السؤرة: بالهمز ، فقد همز بعضهم السورة من القرآن وتأويلها: القطعة التي أُفضلت من القرآن عما سواها وأُبقيت.
لأن سؤر كل شيء البقية منه التي تبقى بعد الذي يؤخذ منه.
• الآية من القرآن
تحتمل وجهين في كلام العرب:
1- إما أنها سميت آية لأنها علامة يعرف بها تمام ما قبلها وابتداؤها ، كقوله تعالى:(ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك} علامة منك لاجابتك دعاءنا .
2- القصة كما قال الشاعر
ألا أبلغا هذا المعرض آية = أيقظان قال القول إذ قال أم حلم
يعني بقوله "آية": رسالة مني وخبرا عني.
فيكون معنى الآيات: القصص، قصة تتلو قصة، بفصول ووصول.
• تأويل أسماء الفاتحة
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني)).
أسماء فاتحة الكتاب:
1- فاتحة الكتاب
سميت بذلك لأنه يفتتح بكتابتها المصاحف وبقراءتها الصلوات
فهي فاتحة لما يتلوها من السور،
2- أم القرآن
سميت بذلك لتقدمها على سائر سور القرآن في القراءة والكتابة . وغيرها متأخر عنها.
وقيل لها : أم القرآن لأن العرب تسمي كل جامع أمراً إذا كان له توابع تتبعه هو إمام لها ( أماً) فتقول للجلدة التي تجمع الدماغ أم الرأس وكذلك لواء الجيش ورايتهم التي يجتمعون تحتها أماً .
وسميت مكة أم القرى لتقدمها أمام جميعها وقيل: لأن الأرض دحيت منها فصارت لجميعها أماً.
3-السبع المثاني
لان آياتها سبع سميت السبع ولا خلاف بين الجميع من القراء والعلماء في ذلك ولكن اختلفوا في الآي التي صارت بها سبعا على قولين:
-معظم الكوفيون صارت سبع آيات ب( بسم الله الرحمن الرحيم)
- معظم قراء أهل المدينة ومتفقهيهم ، الآية السابعة ( أنعمت عليهم) وليست منها (بسم الله الرحمن الرحيم)
- وصف آيات السبع بالمثاني
فلأنها تثنى في كل صلاة تطوع ومكتوبة ، تأول ذلك الحسن البصري.
عن أبي رجاء، قال سألت الحسن عن قوله: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} [الحجر: 87] قال: هي فاتحة الكتاب. ثم سئل عنها وأنا أسمع فقرأها: {الحمد لله رب العالمين} حتى أتى على آخرها، فقال: تثنى في كل قراءة - أو قال - في كل صلاة. الشك من أبي جعفر.
ووصف آياتها بالمثاني لا يدفع صحة اسم المثاني للقرآن كله ، ولما ثني المئين من السور لأن لكل ذلك وجها ومعنى مفهوما لا يفسد بتسمية بعض ذلك بالمثاني تسمية غيره بها.




رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, التطبيق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir