دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > علوم الحديث الشريف > الكفاية في علوم الرواية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 جمادى الأولى 1431هـ/5-05-2010م, 02:49 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي ذكر الحجة في إجازة رواية الحديث على المعنى

ذكر الحجة في إجازة رواية الحديث على المعنى

قال أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيبُ البغدادي (ت: 463هـ): (قال كثير من السلف, وأهل التحري في الحديث لا تجوز الرواية على المعنى بل يجب مثل: تأدية اللفظ بعينه: من غير تقديم, ولا تأخير, ولا زيادة, ولا حذف. وقد ذكرنا بعض الروايات عمن ذهب إلى ذلك, ولم يفصلوا بين العالم بمعنى الكلام, وموضوعه, وما ينوب منه مناب بعض, وما لا ينوب منابه, وبين غير العالم بذلك.
- وقد ذكر عن بعض السلف أنه كان يروى الحديث على المعنى إذا علم المعنى, وتحققه, وعرف القائم من اللفظ مقام غيره.
- وقال جمهور الفقهاء يجوز للعالم بمواقع الخطاب, ومعاني الألفاظ رواية الحديث على المعنى, وليس بين أهل العلم خلاف في أن ذلك لا يجوز للجاهل بمعنى الكلام, وموقع الخطاب, والمحتمل منه, وغير المحتمل.
وقال قوم من أهل العلم: الواجب على المحدث أن يروي على اللفظ إذا كان لفظ ينوب مناب معناه غامضا محتملا.
- فأما إذا لم يكن كذلك, بل كان معناه ظاهرا معلوما، وللراوي لفظ ينوب مناب لفظ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غير زائد عليه, ولا ناقص منه, ولا محتمل لأكثر من معنى لفظه صلى الله عليه وسلم جاز للراوي روايته على المعنى, وذلك يجوز نحو أن يبدل قوله: قام بنهض, وقال بتكلم, وجلس بقعد, وعرف بعلم, واستطاع بقدر, وأراد بقصد, وأوجب بفرض, وحظر بحرم, ومثل هذا مما يطول تتبعه.
- وهذا القول هو الذي نختاره مع شرط آخر: وهو أن يكون سامع لفظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عالما بموضوع ذلك اللفظ في اللسان, وبأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يريد به ما هو موضوع له, فإن علم يجوزه به واستعارته له؛ لم يسغ له أن يروي اللفظ مجردا دون ذكره ما عرفه من قصده صلى الله عليه وآله وسلم ضرورة غير مستدل عليه فإنه إن استدل به على أنه قصد به معنى من المعاني جاز عليه الغلط والتقصير في الاستدلال, ووجب نقله له بلفظ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لينظر هو وغيره من العلماء فيه.
1- فأما الدليل على أنه ليس ذلك للجاهل بمواقع الخطاب, وبالمتفق معناه, والمختلف من الألفاظ فهو: أنه لا يؤمن عليه إبدال اللفظ بخلافه, بل هو الغالب من أمره.
2- وأما الدليل على أنه لا يجوز للعالم أيضا رواية المحتمل من اللفظ على المعنى فهو أنه إنما يرويه على معنى يستخرجه يستدل عليه, وقد يتوهم ويغلط, وقد يصيب, ونحن غير مأمورين بتقليده وإن أصاب, فيجب لذلك روايته إياه على اللفظ, ليجتهد العلماء في القول بمعناه. اللهم إلا أن يقول الناقل العدل إني قد علمت ضرورة قصد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمحتمل من كلامه إلى كذا وكذا, وأنه أراد ذلك بعينه دون غيره, فيقبل قوله ويزول حكم الاجتهاد في معنى اللفظ.
3- وأما الدليل على جواز ذلك للعالم بمعناه فهو:-
- ما أخبرني أبو محمد -عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان الصيرفي- قال: أنا أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن الجهم الكاتب, قال: أنا محمد بن جرير الطبري, قال: حدثني سعيد بن عمرو السكوني, قال: ثنا الوليد بن سلمة الفلسطينى, قال: أخبرني يعقوب بن عبد الله بن سليمان بن أكيمة الليثي, عن أبيه, عن جده قال:-
قلنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (بأبينا أنت وأمنا يا رسول الله, إنا لنسمع الحديث فلا نقدر على تأديته كما سمعناه).
قال: ((إذا لم تحلوا حراما, ولا تحرموا حلالا فلا بأس)).
- أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب الفقيه قال: ثنا أبو بكر الإسماعيلي املاء قال: أخبرني إبراهيم بن موسى البزاز, قال: ثنا صالح بن قطن بن عبد الله, قال: ثنا عبد الرحمن بن مساور, حدثنا الوليد بن سلمة, حدثني يعقوب بن إسحاق بن عبد الله بن أكيمة الليثي, عن أبيه, عن جده قال:-
قلنا: (يا رسول الله, إنا نسمع منك الحديث فقدلا نقدر على تأديته كما سمعنا).
قال: ((إذا لم تحرموا حلالا, ولا تحلوا حراما, وأصبتم المعنى؛ فلا بأس)) .
- أخبرني الحسن بن أبي طالب قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن زنجي- أبو القاسم الكاتب- قال: ثنا أحمد بن محمد بن نصير الضبعي, قال: حدثني أحمد بن محمد بن غالب أبو عبد الله, قال: ثنا الحسن بن قزعة, قال: ثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن, عن حبيب بن أبي مرزوق, عن سعيد بن جبير , عن عبد الله بن مسعود قال:
سأل رجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (يا رسول الله, إنك تحدثنا حديثا, لا نقدر أن نسوقه كما نسمعه).
فقال: ((إذا أصاب أحدكم المعنى فليحدث)).
- أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي, وأحمد بن أبي جعفر القطيعي قالا: ثنا الحسن بن القاسم الخلال, قال: ثنا أحمد بن عبد الله الوكيل, قال: ثنا علي بن مسلم الطوسي, قال: ثنا محمد بن يزيد الواسطي, عن أصبغ بن زيد, عن خالد بن كثير, عن خالد بن دريك, عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:-
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدا)).
قيل: يا رسول الله, وهل لها من عينين؟.
قال: ((ألم تسمع إلى قول الله عز وجل: {إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيراً})), فأمسك القوم أن يسألوه. فأنكر ذلك من شأنهم.
وقال: ((مالكم لا تسألوني؟)).
قالوا: يا رسول الله, سمعناك تقول: ((من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدا)),
ونحن لا نحفظ الحديث كما سمعناه, نقدم حرفا, ونؤخر حرفا, ونزيد حرفا, وننقص حرفا.
قال: ((ليس ذلك أردت, إنما قلت من تقول علي ما لم أرد: عيني وشين الإسلام أو شيني وعيب الإسلام)).
- ويدل على ذلك أيضا :-
اتفاق الأمة على أن للعالم بمعنى خبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وللسامع بقوله أن ينقل معنى خبره بغير لفظه وغير اللغة العربية, وأن الواجب على رسله وسفرائه إلى أهل اللغات المختلفة من العجم وغيرهم أن يرووا عنه ما سمعوه, وحملوه مما أخبرهم به, وتعبدهم بفعله على ألسنة رسله, سيما إذا كان السفير يعرف اللغتين فإنه لا يجوز أن يكل ما يرويه إلى ترجمان وهو يعرف الخطاب بذلك اللسان: لأنه لا يأمن الغلط وقصد التحريف على الترجمان؛ فيجب أن يرويه بنفسه, وإذا ثبت ذلك صح أن القصد برواية خبره, وأمره, ونهيه إصابة معناه, وامتثال موجبه دون إيراد نفس لفظه, وصورته, وعلى هذا الوجه لزم العجم, وغيرهم من سائر الأمم: دعوة الرسول إلى دينه والعلم بأحكامه, ويدل على ذلك أنه إنما ينكر الكذب, والتحريف على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وتغيير معنى اللفظ, فإذا سلم راوي الحديث على المعنى من ذلك, كان مخبرا بالمعنى المقصود من اللفظ وصادقا على الرسول صلى الله عليه وسلم, وبمثابة من أخبر عن كلام زيد, وأمره, ونهيه, وألفاظه بما يقوم مقام كلامه, وينوب منابه من غير زيادة ولا نقصان, فلا يعتبر في أن راوي ذلك قد أتى بالمعنى المقصود, وليس بكاذب ولا محرف.
وقد ورد القرآن بمثل ذلك؛ فإن الله تعالى قص من أنباء ما قد سبق قصصا, كرر ذكر بعضها في مواضع بألفاظ مختلفة والمعنى واحد, ونقلها من ألسنتهم إلى اللسان العربي وهو مخالف لها في التقديم والتأخير والزيادة والنقصان ونحو ذلك.
- وقد استدل المنكرون للرواية على المعنى :-
بحصول الاتقاق على أن الشرع قد ورد بأشياء كثيرة قصد فيها الإتيان باللفظ والمعنى جميعا نحو: التكبير والتشهد والأذان والشهادة, وإذا كان كذلك لم ينكر أن يكون المطلوب بالحديث لفظه بعينه ومعناه جميعا.
فيقال لهم: وبأي وجه وجب إلحاق رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلفظه بالأذان والتشهد وغير ذلك مما يجرى مجراهما فلا يجدون متعلقا في ذلك.
ويقال أيضا: لو أخذ علينا في رواية حديثه إيراد لفظه ومعناه لوجب أن يوقف عليه توقيفا: يوجب العلم ويقطع العذر, كالتوقيف لنا على الأذان والتشهد, وفى عدم توقيف يحج مثله دلالة على فساد ما قلتم.
ثم يقال لهم: ما الفصل بينكم وبين من قال لما حصل الاتفاق على إباحة الترجمة في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأوامره ونواهيه والإخبار عن جملة دينه وتفصيله وجب كذلك جواز روايته على المعنى باللفظ العربي الذي هو أقرب إلى لفظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الأعجمي فلا يجدون لذلك مدفعا.
واحتجوا أيضا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((نضر الله امرأ سمع منا حديثا, فأداه كما سمعه)). وبقوله للذي علمه إذا أخذ مضجعه يقول: ((آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذيأرسلت)), في الكلمات المشهورة. فقال الرجل: وبرسولك الذي أرسلت. فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((وبنبيك الذي أرسلت.)), قالوا: لم يسوغ لمن علمه الدعاء مخالفة اللفظ.
فيقال لهم: أما الحديث الأول, فهو حجة عليكم؛ لأنه قد علل فيه, ونبه على ما يقول, بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((فرب مبلغ أوعى من سامع, ورب حامل فقه ليس بفقيه, وإلى من هو أفقه منه)). وكأنه قال: إذا كان المبلغ أوعى من السامع وأفقه, وكان السامع غير فقيه, ولا ممن يعرف المعنى, وجب عليه تأدية اللفظ ليستنبط معناه العالم الفقيه. وإلا فلا وجه لهذا التعليل إن كان حال المُبلِغ والمُبلَغ سواء .
على أن رواة هذا الخبر نفسه قد رووه على المعنى, فقال بعضهم: رحم الله مكان نضر الله, ومن سمع بدل امرأ سمع, وروى مقالتي بدل منا حديثا, وبلغه مكان أداه, وروى فرب مبلغ أفقه من مبلغ مكان فرب مبلغ أوعى من سامع, ورب حامل فقه لا فقه له مكان ليس بفقيه, وألفاظ سوى هذه متغايرة تضمنها هذا الخبر, وقد ذكرنا طرقه على الاستقصاء باختلاف ألفاظها في كتاب أفردناه لها, والظاهر يدل أن هذا الخبر نقل على المعنى؛ فلذلك اختلفت ألفاظه وإن كان معناها واحد, والله أعلم.
وأما رد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الرجل في الحديث الثاني قوله: وبرسولك إلى ((وبنبيك الذي أرسلت))فإن النبي أمدح من الرسول, ولكل واحد من هذين النعتين موضع ألا ترى أن اسم الرسول يقع على الكافة, واسم النبي لا يتناول إلا الأنبياء خاصة, وإنما فضل المرسلون من الأنبياء لأنهم جمعوا النبوة والرسالة معاً, فلما قال: ((وبنبيك الذي أرسلت)) جاء بأمدح النعت وهو النبوة ثم قيده بالرسالة حين قال: ((الذي أرسلت)).
وبيان آخر وهو أن قوله: وبرسولك الذي أرسلت غير مستحسن؛ لأنه يجتزأ بالقول الأول أن هذا رسول فلان عن أن يقول الذي أرسله إذ كان لا يفيد القول الثاني إلا المعنى الأول, وكان قوله:((وبنبيك الذي أرسلت)) يفيد الجمع بين النبوة والرسالة, فلذلك أمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم به ورده اليه والله أعلم.

آخر الجزء السادس
بسم الله الرحمن الرحيم, رب يسر خيراً.
قال أخبرنا أبو بكر -أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي- قال):- [الكفاية في علوم الرواية: ؟؟]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحجب, ذكر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:42 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir