السؤال الأول : بيّن بإيجاز أوجه فضل علم التفسير ؟
⁃أصل فضائل التفسير الجمّة بأنها مُعين على فهم كلام الله جل جلاله ، ومعرفة مُراده .
⁃ومِن فضائله أيضًا بأنه متعلق بأشرف الكلام وأحسنه وأفضله وأحكمه وأجلّه قدرًا وأعظمه بركة ، قال الله تعالى : ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) .
⁃قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : ( من أراد العلمَ فليثوّر القرآن ، فإنَّ فيه علمَ الأوَّلين والآخرين )ولذلك نستنبط من الحديث أن من اشتغل بتفسير القران الكريم فأنه يجد القران الكريم جامعًا لأنواع العلوم النافعة ، ومبيناً لأصولها ومعرّفة بمقاصدها ودالاً على سبيل الهدى فيها ، وأيضًا بأن متعلّمه من اعظم الناس حظًا وأوفرهم نصيبًا .
⁃ومن فضائل علم التفسير بأنه يدل صاحبه على ما يعتصم به من الضلالة ، قال الله تعالى : وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (101) وقال النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع ( وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله )
⁃ومن فضائله أيضًا بأنه من اعظم الأسباب المعينة على صلاح القلب والعمل لمن حسنت نيّته في طلبه ؛ فإنه يبصر به ما بيّنه الله في الكتاب ، ويكثر من تلاوة القران وتدبّره والتفكر فيه ؛ فيتبصر ويتذكر ويخشع وينيب ويعرف علل قلبه ونفسه وكيف يطهرها ويزكيها بما يعرف من هدى القران .
- أن المفسر وارث للنبي عليه الصلاة والسلام في اعظم إرثه ، وهوَ بيان معاني القران الكريم ، فالمفسر مبلِغٌ ومبينٌ ؛ والبلاغ المبين هوَ اخص وظائف الرسل كما قال الله تعالى : فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35) وأيضًا قال الله تعالى : وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18) ، والمفسر الحق وراث لدعوة الرسول عليه الصلاة والتسليم متبع له ، سائر على نهجه ، يدعو بما دعا به الرسول عليه الصلاة والسلام ويذكر بما ذكر به .
- ان المفسر كثير الأشتغال بالقران الكريم بل يكاد ان يكون اكثر وقته في مُصاحبة وتلاوة ودراسة وتدبر آيات الله جل جلاله ، وهذا من أجلِ أنواع مصاحبة القران الكريم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه ) رواه مسلم من حديث أبي أمامه البرهان رضي الله عنه .
- ومن فضائل علم التفسير أنه يدخل صاحبه في زمرة خيرِ هذه الأمة ، كما في صحيح البخاري من حديث سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: « خيركم من تعلم القرآن وعلمه ».
السؤال الثاني : كيف تستفيد من علم التفسير في الدعوة إلى الله تعالى ؟
- قد يكون طالب علم التفسير في بلدٍ يفشو فيه الفواحش والمنكرات وكل الأمور التي فيها معصية لله جل جلاله ؛ فيتعلم من كتاب الله ما يعرف به الهدى ويدعو به من حوله لعلهم بأذن الله يهتدون .
- وأيضًا حاجة الأمة إلى الأهتداء بهدى القرآن في معاملة من يُداخلهم من اصحاب المِلل ؛ قد يُبتلى المسلمون في بلده بطوائف منهم ؛ وفي كتاب الله جل جلاله ما يُرشد المؤمن إلى ما يعرف به ضلال أولئك الضالين ، وما يبصره بسبل دعوتهم إلى الحق ومعاملتهم على الهدى الرباني .
- وأيضًا في المجتمعات النسائية تُبصر المرأة ما لا يبصره كثير من الرِجال من أنواع الفتن والمنكرات التي أُفتتن به العديد من النساء ؛ ولذلك طالبة العلم تتعلم كيف تدعو بالقران بين صفوف النساء وكيف تبيّن الهدى من الضلال ، وتدعو للحق وتعظ من في ايمانها ضِعف و في قلبها مرض .
السؤال الثالث : اشرح سبب تفاوت الناس في فهم القران الكريم ؟
- الناس يتفاوتون في فهم القران الكريم تفاوتًا كبيرًا ؛ فيقرأ الرجلان من أهل العلِم الآية الواحدة ؛ فيظهر لأحداهما من العلم بها وبما تضمنته من المعاني واللطائف البديعة أضعاف ما يظهر لصاحبه ، وهذا امر معروف ومشهور بين أهل العلم ، قال ابن القيم رحمه الله: (والمقصود تفاوت الناس في مراتب الفهم في النصوص، وأن منهم من يفهم من الآيةِ حُكْماً أو حُكْمين، ومنهم من يفهم منها عشرة أحكام أو أكثر من ذلك، ومنهم من يقتصر في الفهم على مجرد اللفظ دون سياقه ودون إيمائه وإشارته وتنبيهه واعتباره، وأخصُّ من هذا وألطفُ ضَمُّه إلى نصٍّ آخر متعلّق به؛ فيفهم من اقترانه به قدراً زائداً على ذلك اللفظ بمفرده، وهذا باب عجيب من فهم القرآن لا يتنبَّه له إلا النادرُ من أهلِ العلمِ؛ فإنَّ الذهن قد لا يشعر بارتباط هذا بهذا وتعلقه به، وهذا كما فهم ابن عباس من قوله: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا (15)}[الأحقاف] مع قوله : {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ (233)}[البقرة] أنَّ المرأة قد تلدُ لستةِ أشهر، وكما فهم الصدّيق من آية الفرائضِ في أوَّل السورةِ وآخرِها أنَّ الكلالةَ مَنْ لا وَلدَ لهُ ولا والد), والمقصودُ أنَّ فهم القرآن يفتحُ لطالب العلم أبواباً من العلم يغفل عنها غيره، بل ربما سمع كلمةً من رجُلٍ فذكَّرته بآية كان يتأمّلها؛ فينفتح له بذلك بابٌ أو أبوابٌ من العلم، وهذه مرتبة عزيزة من مراتب العلماء، كما قال عكرمة مولى ابن عباس: « إني لأخرج إلى السوق ، فأسمع الرجل يتكلم بالكلمة فينفتح لي خمسون باباً من العلم ». رواه ابن سعد في الطبقات من طريق ابن علية عن أيوب عن عكرمة، وهذا إسناد صحيح.