دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > الرسالة التدمرية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 ذو الحجة 1429هـ/30-11-2008م, 08:50 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي طريقة السلف إثبات ما أثبته الله لنفسه من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل

وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ طَرِيقَةَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، إِثْبَاتُ مَا أَثْبَتَهُ مِنَ الصِّفَاتِ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلاَ تَمْثِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلاَ تَعْطِيلٍ، وَكَذَلِكَ يَنْفُونَ عَنْهُ مَا نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ - مَعَ مَا أَثْبَتَهُ مِنَ الصِّفَاتِ – مِنْ غَيْرِ إِلْحَادٍ، لاَ فِي أَسْمَائِهِ وَلاَ فِي آيَاتِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ ذَمَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ وَآيَاتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَونَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) وَقَالَ تَعَالَى: ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ).
فَطَرِيقَتُهُمْ تَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، مَعَ نَفْيِ مُمَاثَلَةِ الْمَخْلُوقَاتِ، إِثْبَاتًا بِلاَ تَشْبِيهٍ، وَتَنْزِيهًا بِلاَ تَعْطِيلٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، فَفِي قَوْلِهِ: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) رَدٌّ لِلتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ، وَقَوْلِهِ: ( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) رَدٌّ لِلْإِلْحَادِ وَالتَّعْطِيلِ.


  #2  
قديم 16 ذو الحجة 1429هـ/14-12-2008م, 08:51 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التحفة المهدية للشيخ: فالح بن مهدي الدوسري

قولُهُ:
وقد عُلِمَ أَنَّ طَرِيقَةَ سَلَفِ الأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا إثباتُ ما أثْبَتَهُ مِن الصفاتِ مِن غيرِ تَكْيِيفٍ ولا تمثيلٍ، ومن غيرِ تحريفٍ ولا تعطيلٍ، وكذلكَ يَنْفُونَ عنهُ ما نفاهُ عن نفسِهِ، مع إثباتِ ما أثْبَتَهُ مِن الصفاتِ مِن غيرِ إِلْحَادٍ، لا في أسمائِهِ, ولا في آياتِهِ.

الشرحُ:
معناهُ أنَّ السلفَ رَضِيَ اللهُ عنهم ورَحِمَهُم لا يَتَجَاوَزُونَ طريقةَ الكتابِ والسُّنَّةِ، ولا يُخَالِفُونَ ما جاءَ فيهما، بلْ يُؤْمِنُونَ بذلكَ, ويَصِفُونَ اللهَ بما وَصَفَ بهِ نفسَهُ، وبما وَصَفَهُ بهِ رسولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِثْبَاتًا بلا تمثيلٍ، وتَنْزِيهًا بلا تعطيلٍ، على حَدِّ قولِهِ تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شُيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.

والمرادُ بالسلَفِ الصحَابَةُ والتابعونَ وتابِعُوهُم، وكلُّ مَن سَلَكَ طريقَهُم فهو سَلَفِيٌّ نسبةً إليهم، ومعنى السَّلَفِ المتقدِّمونَ بعكسِ الخَلَفِ، فإنَّهُم المُتَأَخِّرُونَ، فمنْ جاءَ بعدَ القرونِ المُفَضَّلَةِ، وسَلَكَ طريقةَ المُبْتَدِعِينَ فهو مِن الخَلَفِ، ومِن هؤلاءِ السلَفِ الإمامُ أحمدُ، ونُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، ومحمدُ بنُ إدريسَ الشَّافِعِيُّ، والإمامُ مالكُ بنُ أَنَسٍ.
وَيُنَاسِبُ أنْ نَذْكُرَ هنا بعضَ ما جاءَ عن هؤلاءِ الأَئِمَّةِ في الصفاتِ.
قالَ نُعَيْمُ بنُ حمَّادٍ شيخُ البخاريِّ رَحِمَهُم اللهُ: (مَن شَبَّهَ اللهَ بِخَلْقِهِ كَفَرَ، وَمَن جَحَدَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بهِ نَفْسَهُ كَفَرَ، وليس فيما وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهَ أو وَصَفَهُ بهِ رسولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْبِيهٌ ولا تَمْثِيلٌ). وقالَ الإمامُ الشافعيُّ – رَحِمَهُ اللهُ -: (للهِ أسماءٌ وصفاتٌ لا يَسَعُ أَحَدَاً جَهْلُهَا، فَمَنْ خَالَفَ بعدَ ثبوتِ الحُجَّةِ عليهِ كَفَر، وأمَّا قبلَ قيامِ الحُجَّةِ فَيُعْذَرُ بالجَهْلِ).

وَقَدْ سَبَقَت الإشارةُ إلى بعضِ ما جاءَ عن الإمامِ أحمدَ في هذا البابِ، أمَّا الإمامُ مالكٌ - رَحِمَهُ اللهُ - فَسَيَأْتِي بعضُ ما جاءَ عنهُ في هذا البابِ في موضعِهِ من هذهِ الرسالَةِ.
والتَّكْيِيفُ: معناهُ تَعْيِينُ كُنْهِ الصفةِ، يُقَالُ: كَيَّفَ الشيءَ, أيْ: جَعَلَ لهُ كَيْفِيَّةً مَعْلُومَةً، وَكَيْفِيَّةُ الشيءِ صفتُهُ وحالُهُ، ومعنى التَّكْيِيفِ اصطلاحاً: تَعْيِينُ كُنْهِ الصفةِ وكَيْفِيَّتِهَا، فَالمُكَيِّفَةُ هم الذينَ يَطْلُبُونَ تَعْيِينَ كُنْهِ صفاتِ البارِي، وهذا مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللهُ بهِ، فلا سبيلَ إلى الوصولِ إليهِ.
والتمثيلُ: هو التَّشْبِيهُ، يُقالُ: مَثَّلَ الشيءَ بالشيءِ, إذا سَوَّاهُ وَشَبَّهَهُ بهِ، وجَعَلَهُ مِثْلَهُ، وعلى مِثَالِهِ، فالشَّبِيهُ والمَثِيلُ والنَّظِيرُ ألْفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ.
ومَعْنَى التحريفِ: تغييرُ ألفاظِ الأسماءِ والصفاتِ أو تغييرُ مَعَانِيهَا، فالتحريفُ لُغَةً: التَّغْيِيرُ وإِمَالَةُ الشيءِ عن وَجْهِهِ، يُقَالُ: انْحَرَفَ عن كَذَا, أي: مَالَ وعَدَلَ.
الأوَّلُ: تحريفُ اللفظِ كقراءةِ بعضِ المُبْتَدِعَةِ قَوْلَ اللهِ سبحانَهُ:{وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً} بِنَصْبِ لَفْظِ الجلالةِ، والثاني: التحريفُ المَعْنَوِيُّ، كقولِهم في قولِهِ سبحانَهُ وتعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى على العَرْشِ} اسْتَوْلَى عليهِ.
والتَّعْطِيلُ لُغَةً: الإِخْلاَءُ، يُقَالُ: جِيْدٌ عَطِلٌ – أي: خَالٍ مِن الزِّينَةِ، ومعناهُ هنا جَحْدُ الصفاتِ، وإنْكَارُ قيامِها بذاتِهِ سبحانَهُ، وَنَفْيُ ما دَلَّتْ عليهِ من صفاتِ الكمالِ.

وقولُهُ: (مِن غيرِ إِلْحَادٍ) أي: مِن غيرِ مَيْلٍ وعُدُولٍ عن الحَقِّ الثابتِ.
والإلحادُ معناهُ لُغَةً: الميلُ والعُدُولُ عن الشيءِ، ومنهُ اللَّحْدُ في القَبْرِ؛ لانحرافِهِ إلى جِهَةِ القِبْلَةِ، واصْطِلاَحًا: العُدُولُ بأسماءِ اللهِ وصفاتِهِ وآياتِهِ عن الحقِّ الثابتِ؛ فإنَّ أَتْبَاعَ رسولِهِ وَوَرَثَتَهُ القائِمِينَ بِسُنَّتِهِ لم يَصِفُوهُ إلاَّ بِمَا وَصَفَ بهِ نفسَهُ، ولم يَجْحَدُوا صفاتِهِ، ولم يُشَبِّهُوهَا بِصِفَاتِ خَلْقِهِ، ولم يَعْدِلُوا بها عما أُنْزِلَتْ لهُ لفظاً ولا معنًى، بلْ أَثْبَتُوا لهُ الأسماءَ والصفاتِ، وَنَفَوْا عنهُ مشابهةَ المخلوقاتِ، فكانَ إثباتُهُم بَرِيئاً مِن التشبيهِ، وتَنْزِيهُهُم خالِيًا من التعطيلِ، لا كَمَنْ شَبَّهَهُ حتى كَأَنَّهُ يَعْبُدُ صَنَماً، أو عَطَّلَهُ حتى كَأَنَّهُ يَعْبُدُ عَدَماً، فإثباتُ أوصافِ الكمالِ ونَفْيُ المُمَاثَلَةِ هي طريقةُ أَتْبَاعِ الرُّسُلِ وَوَرَثَةِ الأنبياءِ.

بخلافِ الذينَ يُلْحِدُونَ في أسماءِ اللهِ وآياتِهِ، ويَتَأَوَّلُونَ نصوصَ الصفاتِ على غيرِ تأويلِهَا، ويَدَّعُونَ فيها صَرْفَ اللفظِ عن الاحتمالِ الراجحِ إلى الاحتمالِ المَرْجُوحِ بغيرِ دليلٍ، سِوَى آرائِهِم الكاسدةِ، وشُبَهِهِم الفاسدةِ، التي ظَنُّوهَا بَيِّنَاتٍ، وإنَّمَا هي في واقعِ الأمْرِ جَهَالاَتٌ وضلالاتٌ، فَتَأْوِيلُهُم لنصوصِ الصفاتِ حقيقتُهُ تحريفُ كلامِ اللهِ وكلامِ رسولِهِ عن مَوَاضِعِهِ، وَكَذِبٌ وافتراءٌ على اللهِ وعلى رسولِهِ؛ فإنَّ التأويلَ الصحيحَ هو الذى يُوَافِقُ ما جاءَ فى الكتابِ والسُّنَّةِ، وما خَالَفَ ذلكَ باطلٌ؛ فإنَّ كُلَّ تَأْوِيلٍ لم يَدُلَّ عليهِ دَلِيلٌ من السياقِ، ولا مَعَهُ قرينةٌ تَقْتَضِيهِ, فهذا لا يَقْصِدُهُ الهادِي المُبِينُ بكلامِهِ، إذاً لو قَصَدَهُ لاَلْحَقَ بهِ قرائنَ تَدُلُّ على المعنى المُخَالِفِ لظاهرِهِ حتى لا يُوقِعَ السامِعَ في اللَّبْسِ والخَطَأِ؛ فإنَّ اللهَ أَنْزَلَ كلامَهُ بَيَانًا وَهُدًى، فإذا أَرَادَ بهِ خِلاَفَ ظَاهِرِهِ, ولم يُلْحِقْ بهِ قرائنَ تَدُلُّ عَلَى المعنى الذي يَتَبَادَرُ غيرُهُ إلى فَهْمِ كُلِّ أَحَدٍ لم يَكُنْ بياناً, ولا هُدًى.
فالتأويلُ إخبارٌ بِمُرَادِ المُتَكَلِّمِ, لا إنشاءٌ، فإذا قِيلَ: معنى اللفظِ كذا وكذا؛ كانَ إخباراً بالذي عني المُتَكَلِّمُ، فإنْ لمْ يَكُن الخَبَرُ مُطَابِقاً كانَ كَذِباً عليهِ.

قولُهُ: ‌‌‌
فإنَّ اللهَ تعالى ذَمَّ الذينَ يُلْحِدُونَ في أسمائِهِ وآياتِهِ، كما قالَ تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وقالَ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لاَ يَخْفَونَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِخَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} الآيةَ.
فَطَرِيقَتُهُمْ تَتَضَمَّنُ إثباتَ الأسماءِ والصفاتِ مع نَفْيِ مُمَاثَلَةِ المخلوقاتِ، إِثْبَاتاً بلا تَشْبِيهٍ، وتَنْزِيهًا بلا تَعْطِيلٍ، كما قالَ تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
ففي قولِهِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رَدٌّ للتشبِيهِ والتمثيلِ، وقولِهِ: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رَدٌّ للإلحادِ والتعطيلِ.

الشرحُ:
يَعْنِي: أَنَّ السَّلَفَ أَثْبَتُوا للهِ أوصافَ الكمالِ, وَنَفَوْا عنهُ مُمَاثَلَةَ المخلوقاتِ، فلمْ يَسْلُكُوا طريقةَ المُبْتَدِعِينَ الذينَ ذَمَّهُم اللهُ على إِلْحَادِهِم وتَحْرِيفِهِم الكَلِمَ عن مواضعِهِ، ووجْهُ الذَّمِّ في الآيةِ الأولى أنَّ اللهَ أَمَرَ بِتَرْكِ المُلْحِدِينَ واجتنابِ طريقَتِهِم. وتَهَدَّدَهُم تعالى بقولِهِ: {سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} بعدَ أنْ أَخْبَرَ بأنَّ لهُ الأسماءَ الحُسْنَى، وهي الكاملةُ العُلْيَا، وفي الآيةِ الثانيةِ أَخْبَرَ أنَّ إلحادَ المُلْحِدِينَ غيرُ خَافٍ عليهِ سبحانَهُ، بلْ هو يَعْلَمُهُ، وهذا تَهْدِيدٌ لَهُمْ أَكَّدَهُ بقولِهِ: {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} فَأَخْبَرَ أَنَّ الآمِنِينَ هم الذينَ لا يُلْحِدُونَ في آياتِهِ، والذينَ يُلْقَوْنَ في النارِ هم المُلْحِدُونَ،ثم تَوَعَّدَهُم بقولِهِ: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُم إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، والعربُ قد تُخْرِجُ الكلامَ بلفظِ الأمْرِ، ومعناهُم فيهِ النَّهْيُ، أو التهديدُ والوعيدُ, كما قالَ تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}، فقدْ خَرَجَ ذلكَ مَخْرَجَ الأمْرِ، والمقصودُ بهِ التهديدُ والوعيدُ والزَّجْرُ.

والشاهدُ من الإلحادِ هنا، هو إلحادُ التشبِيهِ، وإلحادُ التعطيلِ؛ فإنَّ الإلحادَ خمسةُ أقسامٍ:
ثالِثُهَا: تَسْمِيَةُ الأصنامِ بأسماءِ اللهِ، كَتَسْمِيَةِ اللاتِ مِن الإلهِ،والعُزَّى مِن العزيزِ، ونحوِهِ.
ورابِعُهَا: تسمِيَتُهُ سبحانَهُ بِمَا لا يَلِيقُ بجلالِهِ، كتسميةِ النصارَى لهُ أَبًا، وتَسْمِيَةِ الفلاسفةِ لهُ مُوجِباً – أو عِلَّةً فاعِلَةً.
وخامِسُهَا: وَصْفُهُ بما يَتَعَالَى وَيَتَقَدَّسُ عنهُ من النقائصِ، كقولِ أَخْبَثِ اليهودِ: (( إنَّ اللهَ فَقِيرٌ ))، وقولِهِم: (( يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ ))، فَذَمَّ المُلْحِدِينَ بالتشبِيهِ؛ لِتَشْبِيهِهِمْ صِفَاتِ اللهِ بصفاتِ خَلْقِهِ، وذَمَّ المُلْحِدِينَ بالتعطيلِ؛ لِتَعْطِيلِهِم الأسماءَ الحُسْنَى عن معانِيهَا، وَجَحْدِ حَقَائِقِهَا، تعالى اللهُ عن قولِ المُلْحِدِينَ عُلُوًّا كبيراً.

والمقصودُ أنَّ السَّلَفَ أَثْبَتُوا للهِ ما يَجِبُ إثباتُهُ إثباتاً بلا تمثيلٍ، وتَنْزِيهاً بلا تعطيلٍ، على مُقْتَضَى قولِهِ سبحانَهُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، والكافُ في قولِهِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أَصَحُّ الأقوالِ فيها أنَّهَا صِلَةٌ، والحروفُ الزائدةٌ تَأْتِي فِي الأسلوبِ العربيِّ لتقويةِ المعنى وتأكيدِهِ، كَمَا فِي قولِ الشاعرِ:
ليسَ كَمِثْلِ الْفَتَى زُهَيْرٍ = خَلْقٌ يُوَازِيهِ فِي الفَضَائِلِ

وعلى هذا يكونُ المعنى ليسَ مثلَ اللهِ شيءٌ، والقولُ الثاني: أنَّ الكافَ بمعنى مِثْل؛ وعلى هذا يكونُ المعنى ليسَ مِثْلَ مِثْلَ اللهِ شَيْءٌ، وَوَجْهُ كونِهَا رَدًّا على المُشَبِّهَةِ المُمَثِّلَةِ النَّفْيُ الصريحُ بِأَنَّهُ ليسَ مثلَ اللهِ شيءٌ، وَوَجْهُ كونِهَا رَدًّا على أهلِ الإلحادِ والتعطيلِ أنَّ فيها نِسْبَةَ السمعِ والبصرِ إلى اللهِ حقيقةً، وذلكَ يَقْتَضِي اتِّصَافَ الباري بها، وإذا كانَ مُتَّصِفًا بها, وهي على ما يَلِيقُ بهِ فكذلكَ سائِرُ الصفاتِ.


  #3  
قديم 16 ذو الحجة 1429هـ/14-12-2008م, 08:54 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي التوضيحات الأثرية للشيخ: فخر الدين بن الزبير المحسِّي


طَرِيقَةُ السلَفِ في هذا البابِ

قولُه: ( وقدْ عُلِمَ أنَّ طريقةَ سَلَفِ الأمَّةِ وأَئِمَّتِهَا إثباتُ ما أَثْبَتَهُ من الصفاتِ منْ غيرِ تكييفٍ ولا تَمْثِيلٍ، ومنْ غيرِ تحريفٍ ولا تعطيلٍ. وكذلكَ يَنْفُونَ عنهُ ما نَفَاهُ عنْ نفسِه معَ ما أَثْبَتَهُ من الصفاتِ منْ غيرِ إلحادٍ في أسمائِه ولا في آياتِه؛ فإنَّ اللَّهَ ذَمَّ الذينَ يُلْحِدُونَ في أسمائِه وآياتِه، كما قالَ تعالى: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وقالَ تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ) .

التوضيحُ

بَيَّنَ شيخُ الإسلامِ طريقةَ السلَفِ في هذا البابِ. والسلَفُ في اللُّغَةِ: كلُّ مَنْ تَقَدَّمَكَ . وعندَ أهلِ الإسلامِ: أصحابُ القُرونِ الثلاثةِ الفاضلةِ من الصحابةِ والتابعينَ وأتباعِهم، دُونَ مَنْ رُمِيَ ببِدْعَةٍ أوْ شُهِرَ بلقَبٍ غيرِ مَرْضِيٍّ، كجَهْمِيٍّ أوْ رَافِضِيٍّ.
ودليلُ ذلكَ حديثُ عِمرانَ بنِ الْحُصَيْنِ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)).
والنِّسبةُ إلى السلَفِ سَلَفِيٌّ، ويُقْصَدُ بها أحَدُ أَمْرَيْنِ:

1- إمَّا أنَّهُ من القرونِ الثلاثةِ .
2- أوْ أنَّهُ مُتَّبِعٌ لهم في طريقتِهم في الدِّينِ .
كما قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ..))، فالاستمراريَّةُ تَسْتَلْزِمُ متابَعَةَ السابقينَ.

وتَتَلَخَّصُ طريقةُ السلَفِ في هذا البابِ في قولِه:
( إثباتُ ما أَثْبَتَهُ من الصفاتِ منْ غيرِ تكييفٍ ولا تَمْثِيلٍ، ومنْ غيرِ تحريفٍ ولا تَعطيلٍ ).

أوَّلاً: التكييفُ: مأخوذٌ من الكَيْفِ، وهوَ الْهَيْئِةُ، والمقصودُ إثباتُ كيفيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ للصفاتِ، أو السؤالُ عنها بكَيْفَ.
قالَ الإمامُ التِّرْمِذِيُّ في كلامِه على الصِّفاتِ: " قدْ ثَبَتَت الرواياتُ في هذا، ونُؤْمِنُ بهِ ولا نَتَوَهَّمُ، ولا نقولُ كيفَ؟ هكذا رُوِيَ عنْ مالِكٍ وابنِ عُيَيْنَةَ وابنِ الْمُبَارَكِ أنَّهُم قالُوا في هذهِ الأحاديثِ: أَمِرُّوهَا بلا كَيْفٍ، وهذا قَوْلُ أَهْلِ العِلْمِ منْ أَهْلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، وأمَّا الْجَهْمِيَّةُ فأَنْكَرَتْ هذهِ الرواياتِ وقالُوا: هذا تشبيهٌ، وفَسَّرُوهَا على غيرِ ما فَسَّرَ أَهْلُ الْعِلْمِ ... " ا.هـ.

ثانيًا: والتمثيلُ: هوَ التَّسْوِيَةُ والْمُشَابَهَةُ بينَ الخالِقِ والمخلوقِ، وهوَ نوعانِ:
1- تَشبيهُ الخالِقِ بالمخلوقِ، كما فَعَلَتْ فِرَقُ الْمُشَبِّهَةِ، كالهاشِمِيَّةِ والجوالِيقِيَّةِ والجواربيَّةِ وغيرِهم.
2- تَشْبِيهُ المخلوقِ بالخالِقِ، كما فَعَلَت النَّصَارَى في عيسى، وبعضُ طوائفِ المتصَوِّفَةِ في مَشَائِخِهِمْ.
وقدْ وَرَدَت الآياتُ بنَفْيِ الثاني، كقولِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }، وقولِه: { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}، وقولِه: { فَلاَ تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ}، وقولِه:{ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، وقولِه: { فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَفما السِّرُّ في ذلكَ؟

* الجوابُ لأَمْرَيْنِ:

1- لأنَّ هذا هوَ واقعُ الْمُشْرِكِينَ، ففيها إبْطالٌ لشِرْكِهِمْ.
2- لأنَّ نَفْيَ هذا النوعِ مُسْتَلْزَمُ نَفْيٍ لِنَفْيِ الأوَّلِ، فإذا قيلَ: لا يُشْبِهُهُ أحَدٌ، فلازِمُه أنَّهُ لا يُشْبِهُ أحدًا، واللَّهُ أعْلَمُ .

ثالثًا: التحريفُ: من الْحَرْفِ وهوَ الطَّرَفُ، ويُرادُ بهِ التغييرُ والإمالةُ لكلامِ اللَّهِ لفْظًا ومَعْنًى .
فالتحريفُ اللفظيُّ: هوَ التغييرُ بزيادةٍ أوْ نَقْصٍ؛ ليَتَوَافَقَ معَ هواهُ ومَذْهَبِه.
والتحريفُ المعنويُّ: هوَ صَرْفُ اللفظِ عنْ معناهُ الصحيحِ، وهذا هوَ الأكثَرُ وُقُوعًا، كتحريفاتِ سائرِ فِرَقِ الْمُبْتَدِعَةِ . ومنْ ذلكَ تحريفُ الْمُتَكَلِّمِينَ لقولِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، قالوا: بِقُدْرَتِي .
رابعًا: التعطيلُ: مأخوذٌ من الْعَطَلِ، وهوَ الْخُلُوُّ، كما في قولِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ}، أيْ: خَاليةٍ .
وقولِ الشاعِرِ:

وَجِيدٍ كَجِيدِ الرِّيمِ ليسَ بفَاحِشٍ = إذا هيَ نَصَّتْهُ ولا بِمُعَطَّلِ

أيْ: خالٍ من الزِّينَةِ .
وفي الاصْطلاحِ: جَحْدُ ما وَصَفَ اللَّهُ بهِ نفسَه، وإنكارُ قيامِها بذاتِه، وتجريدُه منْ صفاتِ الكَمَالِ .
من خلالِ هذهِ التعريفاتِ نَجِدُ أنَّ هناكَ عَلاقةً بينَ كلٍّ مِمَّا يَلِي:

أوَّلاً: بينَ التكييفِ والتمثيلِ: والصحيحُ فيهما أنَّهما مُتَلاَزِمَانِ، فكلُّ تمثيلٍ تكييفٌ بكيفيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، وكلُّ تكييفٍ لا يَخْرُجُ عن التمثيلِ بالمشاهداتِ. وهذا القولُ مَبْنِيٌّ على أنَّ وظيفةَ العَقْلِ التركيبُ، فمَهْمَا تَصَوَّرَ الإنسانُ كَيْفِيَّةَ شيءٍ فلنْ يَخْرُجَ عن الْمُشَاهَدَاتِ. ومَنْ قالَ: إنَّ العَقْلَ يَخْتَرِعُ أشياءَ مغايِرَةً للشاهِدِ، يَجْعَلُ التكييفَ أَعَمَّ؛ لأنَّهُ يَشْمَلُ التكييفَ بالموجوداتِ وهوَ التمثيلُ، والتكييفَ الْمُغَايِرَ للمَوْجُودَاتِ، فيكونُ أَعَمَّ من التمثيلِ، واللَّهُ أَعْلَمُ.

ثانيًا: بينَ التعطيلِ والتحريفِ: فالتعطيلُ أَعَمُّ من التحريفِ؛ فإنَّهُ نَفْيٌ للمعنى الصحيحِ، فإنْ أَثْبَتَ معنًى باطلاً كانَ تَحْرِيفًا، وإنْ نَفَى الْحَقَّ دونَ إثباتٍ لِمَعْنًى آخَرَ كانَ ذلكَ تفويضًا .

فمَثَلاً:
مَنْ قالَ: إنَّ الاستواءَ لا يُرادُ بهِ العُلُوُّ، بلْ يُرادُ بهِ الاستيلاءُ، كانَ مُعَطِّلاً مُحَرِّفًا . ومَنْ قالَ: لا يُرادُ بهِ الاستواءُ، ولا يُعرَفُ ماذا يُرادُ بهِ، كانَ مُعَطِّلاً مُفَوِّضًا. إذَنْ فَكُلُّ تَحْرِيفٍ تعطيلٌ، وليسَ كلُّ تعطيلٍ تَحْرِيفًا .
* فمِنْ خِلالِ ما سَبَقَ يُمْكِنُ اختصارُ عبارةِ الشيخِ بقولِنا: ( إثباتٌ بلا تَمْثِيلٍ، وتَنزيهٌ بلا تعطيلٍ )، ويكونُ المعنى واحدًا .
ونُوَضِّحُ هذهِ الْمَحَاذِيرَ بالْمُخَطَّطِ التالي:

(يوجد هنا شكل تخطيطي يؤخذ كصورة)

قولُه: ( منْ غير إلحادٍ )، مأخوذٌ من اللَّحْدِ، وهوَ لُغَةً: الْمَيْلُ، ومنهُ سُمِّيَ الشَّقُّ في جانبِ القَبْرِ لَحْدًا، لأنَّهُ مائلٌ عنْ وَسَطِ الْحُفْرَةِ، وسُمِّيَ الْمَلْجَأُ مُلْتَحَدًا؛ لأنَّ الإنسانَ يَمِيلُ إليه، كما في قولِه: { وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} .
واصطلاحًا: الْمَيْلُ عن الْحَقِّ والصِّراطِ الْمُسْتَقِيمِ عِلْمًا وعَمَلاً. وقدْ خَصَّهُ الْمُصَنِّفُونَ في الْمِلَلِ والمذاهِبِ بالْجَحْدِ للخالِقِ، فإذا قالوا: مُلْحِدٌ، أيْ مُنْكِرٌ للخالِقِ. والمعنى اللُّغَوِيُّ أَعَمُّ منْ ذلكَ .
ولماذا ذَكَرَ الشيخُ الإلحادَ بعدَ تلكَ الْمَحَاذِيرِ؟
* الجوابُ: لأنَّ الإلحادَ يَشْمَلُ جميعَ ذلكَ، فكُلُّها مَيْلٌ عن الْحَقِّ إلى الباطِلِ .
* ويكونُ الإلحادُ في الأسماءِ والصِّفاتِ والآياتِ، كالآتي:

أوَّلاً: الإلحادُ في أسماءِ اللَّهِ يكونُ بِعِدَّةِ أشياءَ منها:

1- تَسْمِيَةُ المخلوقِ بها، قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَخْنَعُ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الْأَمْلاَكِ)).
2- تجريدُ الأسماءِ عنْ مَعانِيهَا، كما قَالَت الْمُعْتَزِلَةُ: سَميعٌ بلا سَمْعٍ، وعليمٌ بلا عِلْمٍ.
3- نَفْيُ أسماءِ اللَّهِ، وهوَ سَبيلُ الْجَهْمِيَّةِ، ومنْ هذا قولُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ } .
4- تَسميةُ اللَّهِ بما لمْ يُسَمِّ بهِ نفسَهُ، كتَسميةِ النَّصَارى لهُ بالأبِ، والفلاسِفَةِ بالْعِلَّةِ الفاعِلَةِ.
5- الاشتقاقُ منها، كتَسميةِ الْمُشْرِكِينَ لآلِهَتِهِمْ، فالْعُزَّى من العزيزِ، ومَناةُ من الْمَنَّانِ.

ثانيًا: الإلحادُ في صِفاتِ اللَّهِ: يكونُ بأشياءَ تَقَدَّمَ شيءٌ منها في الأسماءِ، ويُضافُ:

1- تحريفُ المعاني الظاهِرَةِ .
2- تفويضُ المعنى وإبطالُ دَلالَتِه.
3- تكييفُ الصِّفاتِ.
4- إثباتُ صِفاتٍ مُمَاثِلَةٍ في حقائقِها للمخلوقينَ. راجِعْ ما سَبَقَ في التكييفِ والتمثيلِ .

ثالثًا: الإلحادُ في آياتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وآياتُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قِسمانِ:

1- آياتٌ شَرْعِيَّةٌ قُرآنِيَّةٌ .
2- آياتٌ كونيَّةٌ عِيَانِيَّةٌ .

أوَّلاً: الإلحادُ في آياتِ اللَّهِ الشرعيَّةِ القرآنيَّةِ:

1- تكذيبُ وُرُودِها .
2- تحريفُها عنْ معانيها .
3- الاستهزاءُ بها .
4- تفويضُها، أي: ادِّعاءُ أنْ ليسَ لها معنًى .

ثانيًا: الإلحادُ في آياتِ اللَّهِ الكونيَّةِ العِيانيَّةِ:

1- تعطيلُها عنْ خالقِها، كقولِ الدَّهْرِيَّةِ.
2- نَفْيُ الحكمَةِ منْ وجودِها.
3- أو القولُ بأنَّها حادثةٌ بغيرِ مَشِيئَةٍ.

* وقدْ وَرَدَ لفظُ الإلحادِ في ثلاثةِ مواضِعَ من القرآنِ: موضعيْنِ منها في ذَمِّ الأنواعِ السابقةِ، وهما:
1- قولُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
2- قولُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} .
3- أمَّا الْمَوْضِعُ الثالثُ، ففي قولِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} .


خصائصُ طريقةِ السلَفِ
قولُه: ( فطريقتُهمْ تَتَضَمَّنُ إثباتَ الأسماءِ والصِّفاتِ معَ نَفْيِ مُمَاثَلَةِ المخلوقاتِ، إثباتًا بِلاَ تَشبيهٍ، وتَنْزِيهًا بلا تعطيلٍ، كما قالَ تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. ففي قولِه: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }، رَدٌّ للتشبيهِ والتمثيلِ، وقولِه: { وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }، رَدٌّ للإلحادِ والتعطيلِ ) .

التوضيحُ

يُتَابِعُ شيخُ الإسلامِ بيانَ طريقةِ السلَفِ، فيقولُ: إنَّها إِثباتٌ بلا تَمْثِيلٍ، وتنزيهٌ بلا تعطيلٍ، كما جَمَعَ ذلكَ رَبُّنَا الجليلُ في مُحْكَمِ التنزيلِ حيثُ قالَ: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. فالجُملةُ الأُولَى رَدٌّ للتمثيلِ، والثانيةُ رَدٌّ للإلحادِ والتعطيلِ .

- وتَتَمَيَّزُ طريقةُ السلَفِ عنْ غيرِها بخصائصَ كثيرةٍ منها:

1- أنَّها مُسْتَمَدَّةٌ من الكتابِ والسُّنَّةِ .
2- أنَّها مُؤَيَّدَةٌ بالعقْلِ والفِطْرَةِ .
3- أنَّها وَسَطٌ بينَ الإفراطِ والتفريطِ، والتمثيلِ والتعطيلِ.فالْمُشَبِّهَةُ أَفْرَطُوا في الإثباتِ وفَرَّطُوا في التنزيهِ، والْمُعَطِّلَةُ أَفْرَطُوا في التنزيهِ وفَرَّطُوا في الإثباتِ، فكانت طريقةُ السلَفِ لَبَنًا سائغًا بينَ دمِ التشبيهِ وفَرْثِ التعطيلِ.
4- أنَّها أَصَحُّ المذاهبِ، وأَسْلَمُها من التناقُضِ، وأحكَمُها تأصيلاً واستدلالاً.
5- أنَّها خَلَتْ منْ جميعِ المعاني الباطِلَةِ، وهيَ التحريفُ والتعطيلُ والتكييفُ والتمثيلُ والإلحادُ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
السلف, طريقة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir