دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 10:54 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي جمع التكسير: أ: جموع القلة (أفعلة، أفعل، فعلة، أفعال)

جَمعُ التكسيرِ

أَفْعِلَة ٌأَفْعُلُ ثُمَّ فِعْلَةْ = ثُمَّتَ أفعالٌ جُموعُ قِلَّةْ
وبعضُ ذِي بكثرةٍ وَضْعًا يَفِي = كأرْجُلٍ والعكْسُ جاءَ كالصُّفِي
لفعلٍ اسْمًا صَحَّ عينًا أَفْعُلُ = وللرُّباعيِّ اسْمًا أيضًا يُجْعَلُ
إنْ كانَ كَالعَنَاقِ والذِّرَاعِ فِي = مَدٍّ وتأنيثٍ وعَدِّ الأحْرُفِ
وغيرُ ما أَفْعُلُ فيهِ مُطَّرِدْ = من الثُّلاثيِّ اسْمًا بأَفعالٍ يَرِدْ
وغالبًا أَغناهُمُ فِعْلَانُ = في فُعَلٍ كقولِهم صِرْدَانُ
في اسمٍ مُذَكَّرٍ رُباعِيٍّ بِمَدّ = ثالثٍ افْعِلَةُعنهُمُ اطَّرَدْ
والْزَمْهُ في فَعَالٍ اوْ فِعَالِ = مُصَاحِبَيْ تَضعيفٍ اوْ إِعلالِ


  #2  
قديم 26 ذو الحجة 1429هـ/24-12-2008م, 11:28 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


جمعُ التكسيرِ
أَفْعِلَةٌ أَفْعُلُ ثُمَّ فِعْلَهْ، = ثُمَّتَ أَفْعَالٌ جُمُوعُ قِلَّهْ([1])
جمعُ التكسيرِ هو: ما دلَّ على أكثرِ مِنْ اثنينِ, بتغييرٍ ظاهرٍ كرجُلٍ ورِجَالٍ أو مُقَدَّرٍ كفُلْكٍ للمفردِ والجمعِ, والضمَّةُ التي في المفردِ كضمَّةِ قُفْلٍ، والضمَّةُ التي في الجمعِ كضمَّةِ أُسْدٍ, وهو على قسمينِ: جمعُ قِلَّةٍ, وجمعُ كثرةٍ, فجمعُ القلَّةِ يدلُّ حقيقةً على ثلاثةٍ فما فوقها إلى العشرةِ, وجمعُ الكثرةِ يدلُّ على ما فوقَ العشرةِ إلى غيرِ نهايةٍ([2]), ويُسْتَعْمَلُ كلٌّ منهما في موضعِ الآخرِ مجازا.
وأمثلةُ جمعِ القِلَّةِ: أَفْعِلَةٌ كأَسْلِحَةٍ, وأَفْعُلٌ كَأَفْلُسٍ, وفِعْلَةٌ كفِتْيَةٍ, وأَفْعَالٌ كأَفْرَاس. وما عدا هذه الأربعةَ مِنْ جموعِ التكسيرِ فجموعُ كَثْرَةٍ.

وَبَعْضُ ذِي بِكَثْرَةٍ وَضْعًا يَفِي = كَأَرْجُلٍ وَالعَكْسُ جَاءَ كَالصَّفِي([3])
قد يُسْتَغنى ببعضِ أبنيةِ القِلَّةِ عن بعضِ أبنيةِ الكثرةِ كرَجُلٍ وأَرْجُلٍ وعُنُقٍ وأَعْنَاقٍ، وفُؤَادٍ، وأَفْئِدَةٍ، وقد يُسْتَغنى ببعضِ أبنيةِ الكثرةِ عن بعضِ أبنيةِ القِلَّةِ كرَجُلٍ ورِجَالٍ، وقَلْبٍ وقُلُوبٍ.

لِفَعْلٍ اسْمًا صَحَّ عَيْنًا أَفْعُلُ = وَللربَاعِيِّ اسْمًا أَيْضًا يُجْعَلُ ([4])
إِنْ كَانَ كَالعَنَاقِ والذِّرَاعِ فِي = مَدٍّ وَتَأْنِيثٍ وَعَدَّ الأَحْرُفِ([5])
أَفْعُلُ جمعٌ لكلِّ اسمٍ ثلاثيٍّ عَلَى فَعْلٍ صَحِيحِ العَيْنِ نحو: كَلْبٍ وأَكْلُبٍ، وَظَبْيٍ وأَظْبٍ، وأصلُه أَظْبُيٌ فقُلِبَتِ الضمَّةُ كَسْرَةً؛ لتصحُّ الياءُ فصارَ أَظْبِيٌ فعُوملَ معاملَةَ قاضٍ([6]).
وخرجَ بالاسمِ الصفةُ فلا يجوزُ نحو: ضَخْم وأَضْخُم، وجاءَ عَبْد وأَعْبُد لاستعمالِ هذه الصفةِ استعمالَ الأسماءِ وخرجَ بصحيحِ العينِ المعتلُّ العينِ نحو: ثَوْبٍ وعَيْنٍ وشذَّ عَيْنٌ وأَعْيُنٌ وثَوْبٌ وأثْوُبٌ([7]).
وأَفْعُلُ أيضًا جمعٌ لكلِّ اسمٍ مؤنثٍ رباعيٍّ قَبْلَ آخِرِه مَدَّةٌ كعَنَاقٍ وأَعْنُقٍ ويَمِينٍ وأَيْمُن.
وشذَّ مِنَ المذكَّرِ شِهَابٌ وَأَشْهُبٌ وغُرَابٌ وأَغْرُبٌ.

وَغَيْرُ مَا أَفْعُلُ فِيهِ مُطَّرِدْ = مِنَ الثُّلاَثِي اسْمًا بِأَفْعَالٍ يَرِدْ([8])
وَغَالِبًا أَغْنَاهُمْ فِعْلاَنُ = فِي فِعْلٍ كَقَوْلِهِمْ صِرْدَانُ([9])
قد سبقَ أنَّ أَفْعُلَ جمعٌ لكلِّ اسمٍ ثلاثيٍّ على فَعْلٍ صحيحِ العينِ وذَكَرَ هنا أنَّ مالا يطَّرِدُ فيه مِنَ الثلاثيِّ أَفْعُلُ يُجْمَعُ على أَفْعَالٍ وذلك كَثَوْبٍ وأَثْوَابٍ وجَمَلٍ وأَجْمَالٍ، وعَضُدٍ وأَعْضَادٍ، وحِمْلٍ وأَحْمَالٍ وعِنَبٍ وأَعْنَابٍ، وإِبِلٍ وآبَالٍ وقُفْلٍ وأَقْفَالٍ.
وأما جمعُ فَعْلٍ الصحيحِ العينِ على أَفْعَالٍ فشاذٌّ كفَرْخٍ وأَفْراخٍ([10]).
وأما فُعَلٌ فجاءَ بعضُه على أَفْعَالٍ كرُطَبْ وأَرْطَابٍ، والغالبُ مجيئُه على فِعْلاَنَ كصُرْدٍ وصِرْدَانَ ونُغَرٍ ونِغْرَانٍ([11]).

فِي اسْمٍ مُذَكَّرٍ رُبَاعِيٍّ بِمَدْ = ثَالِثٌ افْعِلَةُ عَنْهُمْ اطَّرَدْ([12])
والزَمْهُ فِي فَعَالٍ اوْ فِعَالِ = مُصَاحِبَيْ تَضْعِيفٍ اوْ إِعْلاَلِ([13])
"أَفْعِلَةٌ " جمعٌ لكلِّ اسمٍ مذكَّرٍ رباعيٍّ ثالثُه مدَّةٌ نحو: قَذَالٍ وأقْذِلَةٍ، ورَغِيفٍ وأَرْغِفَةٍ وعَمُودٍ وأَعْمِدَةٍ.
والْتُزِمَ أَفْعِلَة في جمعِ المضاعفِ أو المعتلِّ اللامِ مِنْ فَعَالٍ أو فِعَال كبَتَاتٍ وأَبِتَّةٍ، وزِمَامٍ وأَزِمَّةٍ، وقَبَاءٍ وأَقْبِيَةٍ وفِنَاءٍ وأَفْنِيَةٍ.


([1])(أفعلة) مبتدأ (أفعل ثم فعلة * ثمت أفعال) معطوفات على المبتدأ بعاطف مقدر في الأول وحده (جموع) خبر المبتدأ وما عطف عليه، وجموع مضاف و(قلة) مضاف إليه.

([2])هذا أحد قولين، والقول الثاني أن جمع الكثرة يدل على الثلاثة إلى ما لا نهاية وعلى هذا يكون جمع القلة وجمع الكثرة متفقين في المبدأ، ولكنهما مختلفان في النهاية ويكون الذي ينوب عن الآخر جمع القلة، إذ ينوب عن جمع الكثرة في الدلالة على أحد عشر فصاعدا أما جمع الكثرة فدلالته حينئذ على الثلاثة إلى العشرة ليست بالنيابة عن جمع القلة، ولكن بالأصالة ودلالته هذه حقيقة لا مجاز.

([3]) و(بعض) مبتدأ، وبعض مضاف و(ذي) مضاف إليه (بكثرة) جار ومجرور متعلق بقوله (يفي) الآتي (وضعا) تمييز، أو حال بتقدير مشتق أو منصوب على نزع الخافض (يفي) فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بعض ذي، والجملة من الفعل المضارع الذي هو يفي وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ (كأرجل) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف (والعكس) مبتدأ (جاء) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى العكس، والجملة من جاء وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ (كالصفي) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كائن كالصفي.

([4])(لفعل) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم (اسما) حال من فعل المجرور باللازم (صح) فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قوله اسما، والجملة من صح وفاعله المستتر فيه في محل نصب صفة لقوله اسما (عينا) تمييز (أفعل) مبتدأ مؤخر و(للرباعي) جار ومجرور متعلق بقوله (يجعل) الآتي، مقدم عليه وأصله مفعوله الثاني (اسما) حال من الرباعي (أيضا) مفعول مطلق لفعل محذوف (يجعل) فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى أفعل ونائب الفاعل هذا هو المفعول الأول.

([5])(إن) شرطية (كان) فعل ماض ناقص فعل الشرط، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الرباعي في البيت السابق (كالعناق) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان (والذراع) معطوف على العناق (في مد) جار ومجرور متعلق بكان، أو بما تعلق به خبرها، أو بما في الكاف – في قوله كالعناق – من معنى التشبيه، أو بمحذوف حال من الضمير المستتر في كان، وقوله (وتأنيث، وعد الأحرف) معطوفان على (مد).

([6])ومثل ظبي وأظب قولهم: ثدي وأثد، وكذلك ما لامه واو، نحو: دلو وأدل وجرو وأجر وبهو وأبه، وأصل أدل: أدلو، قلبت ضمة اللام كسرة ثم قلبت الواو ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها ثم يعامل معاملة قاض.

([7])قد ورد جمع ثوب على أثواب وهو قياس نظيره من معتل العين، وقد ورد جمعه على ثياب من جموع الكثرة، كما في قول امرئ القيس:

وإن تك قد ساءتك مني خليقة = فسلي ثيابي من ثيابك تنسل

وقد ورد جمعه على أثوب وهو شاذ ومنه قول معروف بن عبد الرحمن:

لكل دهر قد لبست أثوبا = حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا


أملح لا لذا ولا محببا

وقالوا: دار وأدور، وساق وأسوق، ونار وأنور وقالوا: ناب - وهو المسن من الإبل – وأنيب، وذلك كله شاذ لا يقاس عليه.
وربما همزوا الواو لثقل الضمة على الواو، وبهذا روي قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
فلما فقدت الصوت منهم وأطفئت = مصابيح شبت بالعشاء وأنؤر

([8]) و(غير) مبتدأ وغير مضاف و(ما) اسم موصول: مضاف إليه (أفعل) مبتدأ (فيه) جار ومجرور متعلق بقوله مطرد الآتي (مطرد) خبر المبتدأ الذي هو أفعل والجملة من هذا المبتدأ وخبره لا محل لها صلة الموصول (من الثلاثي) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر في قوله مطرد (اسما) حال من الثلاثي (بأفعال) جار ومجرور متعلق بقوله (يرد) الآتي (يرد) فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى غير الواقع مبتدأ، والجملة من الفعل المضارع الذي هو يرد وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ وهو غير.

([9])(وغالبا) منصوب بنزع الخافض (أغناهم) أغنى: فعل ماض، وهم: مفعول به لأغنى (فعلان) فاعل أغنى (في فعل) جار ومجرور متعلق بأغنى (كقولهم) الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كائن كقولهم وقول مضاف والضمير مضاف إليه (صردان) خبر لمبتدأ محذوف أيضا، أي: هذه صردان والجملة من المبتدأ المحذوف وخبره في محل نصب مقول القول.

([10])ومن ذلك قول الحطيئة من كلمة يستعطف فيها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ = زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة = فاغفر عليك سلام الله يا عمر
ومثل فرخ، وأفراخ: زند وأزناد ونهر وأنهار، وشعر وأشعار، وشخص وأشخاص.

([11])النغر – بضم النون وفتح الغين – البلبل، أو فرخ العصفور، أو طير كالعصفور أحمر المنقار.

([12])(في اسم) جار ومجرور متعلق بقوله (اطرد) الآتي في آخر البيت (مذكر رباعي) صفتان لاسم (بمد) جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لاسم، أو حال منه، ومد مضاف، و(ثالث) مضاف إليه (أفعلة) مبتدأ (عنهم) جار ومجرور متعلق بقوله (اطرد) الآتي (اطرد) فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى أفعلة، والجملة من اطرد وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو قوله (أفعلة).

([13])(والزمه) الزم: فعل أمر، وفيه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت فاعل، والضمير البارز الذي يعود إلى أفعلة في البيت السابق مفعول به (في فعال) جار ومجرور متعلق بالزم (أو فعال) معطوف عليه (مصاحبي) حال من المتعاطفين، ومصاحبي مضاف و(تضعيف) مضاف إليه (أو إعلال) معطوف على (تضعيف).

  #3  
قديم 26 ذو الحجة 1429هـ/24-12-2008م, 11:29 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي أوضح المسالك لجمال الدين ابن هشام الأنصاري (ومعه هدي السالك للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)


هذا بابُ جَمْعِ التكسيرِ
وهو ما تَغَيَّرَتْ فيه صِيغَةُ الواحِدِ؛ إمَّا بزِيَادَةٍ كصِنْوٍ وصِنْوَانٍ، أو بنَقْصٍ كتُخَمَةٍ وتُخَمٍ، أو بتبديلِ شَكْلٍ كَأَسَدٍ وأُسْدٍ، أو بزيادةٍ وتَبْدِيلِ شَكْلٍ كرِجَالٍ، أو بنَقْصٍ وتبديلِ شَكْلٍ كرُسُلٍ، أو بِهِنَّ كغِلْمَانٍ.
وله سَبْعَةٌ وعِشرونَ بِنَاءً، منها أَرْبَعَةٌ موضوعةٌ للعددِ القليلِ، وهو من الثلاثةِ إلى العَشَرَةِ، وهي أَفْعُلٌ كأَكْلُبٍ، وأَفْعَالٌ كأَحْمَالٍ، وأَفْعِلَةٌ كأَحْمِرَةٍ، وفِعْلَةٌ كصِبْيَةٍ، وثلاثةٌ وعِشْرُونَ للعَدَدِ الكثيرِ، وهو ما تَجَاوَزَ العَشَرَةَ، وسيأتي.
وقد يُسْتَغْنَى ببعضِ أَبْنِيَةِ القِلَّةِ عن بناءِ الكثرةِ؛ كأَرْجُلٍ وأَعْنَاقٍ وأَفْئِدَةٍ، وقد يُعْكَسُ؛ كرِجَالٍ وقُلُوبٍ وصِرْدَانٍ، وليسَ منه ما مَثَّلَ به الناظِمُ وابنُه مِن قَوْلِهِم في جمعِ صَفَاةٍ، وهي الصخرةُ المَلْسَاءُ: صُفِيٌّ؛ لقولِهِم: أَصْفَاءٌ، حكاه الجَوْهَرِيُّ وغيرُه.
الأَوَّلُ مِن أَبْنِيَةِ القِلَّةِ: أَفْعُلٌ، بضمِّ العيْنِ، وهو جمعٌ لِنَوْعَيْنِ:
أَحَدُهما: فَعْلٌ اسماً صحيحَ العيْنِ، سَوَاءٌ صَحَّتْ لاَمُهُ أمِ اعْتَلَّتْ بالياءِ أم بالواوِ، نحوُ: كَلْبٍ وظَبْيٍ وجَرْوٍ، بخلافِ نحوِ: ضَخْمٍ؛ فإنَّه صِفَةٌ، وإنما قالُوا: أَعْبُدُ؛ لِغَلَبَةِ الاسْمِيَّةِ، وبخلافِ نحوِ: سَوْطٍ وبَيْتٍ؛ لاعتلالِ العينِ، وشَذَّ قِياساً أَعْيُنٌ، وقِياساً وسماعاً أَثْوُبٌ وأَسْيُفٌ، قالَ:

543- لِكُلِّ دَهْرٍ قَدْ لَبِسْتُ أَثْوُبَا([1])

وقالَ:

544- كَأَنَّهُمْ أَسْيُفٌ بِيضٌ يَمَانِيَةٌ([2])

الثاني: الاسمُ الرُّبَاعِيُّ المُؤَنَّثُ الذي قبلَ آخِرِهِ مَدَّةٌ؛ كعَنَاقٍ وذِرَاعٍ وعُقَابٍ ويَمِينٍ، وشَذَّ في نحوِ: شِهَابٍ وغُرَابٍ مِن المذكَّرِ.
الثاني: أَفْعَالٌ، وهو لاسمٍ ثلاثيٍّ لا يَسْتَحِقُّ أَفْعُلَ؛ إمَّا لأنَّه على فَعْلٍ، ولكنه مُعْتَلُّ العينِ، نحوُ: ثَوْبٍ وسَيْفٍ، أو لأنَّه على غيرِ فَعْلٍ، نحوُ: جَمَلٍ ونَمِرٍ وعَضُدٍ وحِمْلٍ وعِنَبٍ وإِبِلٍ وقُفْلٍ وعُنُقٍ، ولكنَّ الغالِبَ في فُعَلٍ - بضمِّ الأوَّلِ وفتحِ الثاني - أنْ يَجِيءَ على فِعْلاَنِ؛ كصُرَدٍ وجُرَذٍ ونُغَرٍ وخُزَزٍ، وشَذَّ نحوُ: أرطابٍ، كما شَذَّ في فَعْلٍ المفتوحِ الفاءِ الصحيحِ العينِ السَّاكِنِها، نحوُ: أَحْمَالٍ وأَفْرَاخٍ وأَزْنَادٍ، قالَ اللهُ تعالى: {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ}([3])، وقالَ الحُطَيْئَةُ:

545- ماذا تَقُولُ لأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَخٍ([4])

وقالَ آخَرُ:

546- وَزَنْدُكَ أَثْبَتُ أَزْنَادِهَا([5])

الثالِثُ: أَفْعِلَةٌ، وهو لاسمٍ مُذَكَّرٍ رُبَاعِيٍّ بمَدَّةٍ قبلَ الآخِرِ، نحوُ: طَعَامٍ وحِمَارٍ وغُرَابٍ ورَغِيفٍ وعَمُودٍ.
والْتُزِمَ في فَعَالٍ بالفتحِ وفِعَالٍ بالكسرِ مُضَعَّفَيِ اللامِ أو مُعْتَلَّيْهَا، فالأوَّلُ كبَتَاتٍ وزِمَامٍ، والثاني كقَبَاءٍ وإِنَاءٍ.
الرابِعُ: فِعْلَةٌ، بكسرِ أَوَّلِهِ وسكونِ ثانيه، وهو محفوظٌ في نحوِ: وَلَدٍ وفَتًى، ونحوِ: شَيْخٍ وثَوْرٍ، ونحوِ: ثِنًى([6])، ونحوِ: غَزَالٍ، ونحوِ: غُلامٍ، ونحوِ: صَبِيٍّ وخَصِيٍّ، ولعدمِ اطِّرَادِهِ قالَ أبو بَكْرٍ: هو اسمُ جَمْعٍ لا جَمْعٌ.


([1]) 543- نَسَبُوا هذا الشاهِدَ إلى حُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ، ومِنهم مَن يَنْسُبُه إلى معروفِ بنِ عبدِ الرحمنِ، والذي أَنْشَدَهُ المؤلِّفُ ههنا بيتٌ مِن الرَّجَزِ المشطورِ، وبعدَه قولُه:

حَتَّى اكْتَسَى الرأسُ قِنَاعاً أَشْيَبَا = أَمْلَحَ لاَ لَذًّا ولا مُحَبَّبَا

أَكْرَهَ جِلْبَابٍ إِذَا تُجُلْبِبَا

اللغةُ: (قِنَاعاً أَشْيَبَا) أرادَ به الشعَرَ الأبيضَ، (لا لَذًّا)؛ أي: ليسَ لَذِيذاً.
الإعرابُ: (لِكُلِّ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بقولِهِ: لَبِسْتُ، وكلِّ مضافٌ و(دَهْرٍ) مضافٌ إليه، (قد) حرفُ تحقيقٍ، (لَبِسْتُ) فِعْلٌ ماضٍ وفاعلُه، (أَثْوُبَا) مفعولٌ به لِلَبِسَ منصوبٌ بالفتحةِ الظاهرةِ.
الشاهدُ فيه: قولُه: (أَثْوُبَا)؛ فإنَّه جمعُ ثَوْبٍ، وهو اسمٌ ثلاثيٌّ مفتوحُ الأوَّلِ ساكِنُ الثانِي، ولكنَّه مُعْتَلُّ العيْنِ، وقياسُ نظائرِهِ أنْ يُجْمَعَ على أفعالٍ، تقولُ: ثوبٌ وأثوابٌ، ونَوْلٌ وأَنْوَالٌ، وطَوْدٌ وأَطْوَادٌ، وحَوْضٌ وأَحْوَاضٌ، فإنْ كانَ الاسمُ المذكورُ صحيحَ العينِ جُمِعَ على أَفْعُلٍ، نحوُ: فَلْسٍ وأَفْلُسٍ، وكَلْبٍ وأَكْلُبٍ، ورَبْعٍ وأَرْبُعٍ، وقد جَمَعَ الراجِزُ هذا الاسمَ على ما يُجْمَعُ عليه صحيحُ العينِ، لا على ما يُجْمَعُ عليه نظائرُه من المعتَلِّ، وذلك شاذٌّ.

([2]) 544- لم أَقِفْ لهذا الشاهِدِ على نِسْبَةٍ إلى قائلٍ مُعَيَّنٍ، والذي أَنْشَدَهُ المؤلِّفُ صدرُ بيتٍ مِن البَسِيطِ، وعَجُزُهُ قولُه:
*عَضْبٌ مَضَارِبُهَا باقٍ بِهَا الأَثَرُ*

اللغةُ: (أَسْيُفٌ) جَمْعُ سَيْفٍ، وهو مَوْضِعُ الاستشهادِ بالبيتِ، وسَتَعْرِفُ وَجْهَه، (بِيضٌ) جمعُ أَبْيَضَ، وأرادَ به أنه شَدِيدُ البَرِيقِ واللَّمَعَانِ، (يَمَانِيَةٌ) هي المنسوبةُ إلى اليَمَنِ، وهم يَزِيدُونَ في النَّسَبِ إلى اليمنِ أَلِفاً قبلَ النونِ ويَسْتَغْنُون بذلك عن ياءِ النِّسْبَةِ، فيقولونَ: يَمَانٍ، وهم يُرِيدون يَمَنِيًّا، وفي الحديثِ: ((الْعِلْمُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ))، وقالَ الشاعِرُ، وهو عُرْوَةُ بنُ حِزَامٍ:

هَوَايَ أَمَامِي لَيْسَ خَلْفِي مُعَرِّجٌ = وشَوْقُ قَلُوصِي بِالْعَشِيِّ يَمَانِ

(عَضْبٌ)؛ أي: قاطِعٌ، (مَضَارِبُهَا) جمعُ مَضْرِبٍ، وهو مكانُ الضربِ، (الأَثَرُ) فِرِنْدُ السيفِ وجَوْهَرُه.
الإعرابُ: (كأنهم) كأنَّ: حرفُ تَشْبِيهٍ ونَصْبٍ، وضميرُ الغائبينَ اسْمُه، (أَسْيُفٌ) خبرُ كأنَّ، (بِيضٌ) نَعْتٌ لأَسْيُفٌ، (يَمَانِيَةٌ) نعتٌ ثانٍ لأَسْيُفٌ.
الشاهدُ فيه: قولُه: (أَسْيُفٌ)؛ فإنَّه جمعُ سَيْفٍ، وهو اسمٌ ثلاثيٌّ على فَعْلٍ بفتحٍ فسكونٍ معتلُّ العَيْنِ، وقد جَمَعَه على أَفْعُلٍ، وقياسُ نظائرِه أنْ يَجْمَعَه على أفعالٍ، مثلُ بَيْتٍ وأَبْيَاتٍ، ولكنَّه جَمَعَه كما يُجْمَعُ صحيحُ العينِ، وذلك شاذٌّ نَظِيرُ ما ذَكَرْنَاه في الشاهدِ السابقِ.

([3]) سورةُ الطلاقِ، الآيةُ: 4

([4]) 545- هو مِن قَوْلِ الحُطَيْئَةِ يُخَاطِبُ أميرَ المؤمنينَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، وكانَ قد حَبَسَه حينَ هَجَا الزِّبْرِقَانَ بنَ بَدْرٍ، والذي أَنْشَدَهُ المؤلِّفُ صَدْرُ بيتٍ مِن البسيطِ، وعَجُزُهُ قولُه:
*زُغْبِ الحواصِلِ لا ماءٌ ولا شَجَرُ*

اللغةُ: (لأَفْرَاخٍ) الأفراخُ: جمعُ فَرْخٍ – بفتحِ الفاءِ وسكونِ الراءِ – وهو وَلَدُ الطائِرِ، والمرادُ هنا الصِّغارُ مِن أولادِ الشاعِرِ، استعارةٌ، (ذُو مَرَخٍ) بفتحِ الميمِ والراءِ جميعاً وآخِرَه خاءٌ مُعْجَمَةٌ – اسمُ وادٍ كثيرِ الشجَرِ قريبٌ مِن فَدَكَ، واسمٌ لوادٍ آخَرَ باليَمَامَةِ، والمرادُ هنا الثاني، (زُغْبِ الحواصِلِ) الزُّغْبُ: جمعُ أَزْغَبَ، وهو الذي نَبَتَ عليه الزَّغَبُ – بفتحِ الزايِ والغينِ جميعاً – وهو شَعَرٌ أَصْفَرُ يَنْبُتُ على الفَرْخِ ثمَّ يزولُ عنه ويَخْلُفُه الرِّيشُ، والحواصِلُ: جَمْعُ حَوْصَلَةٍ، وهي وِعَاءٌ يكونُ في أسفلِ عُنُقِ الطائرِ، وفيه يَجْتَمِعُ غِذَاءُ الطائِرِ، وهذه العبارةُ كنايةٌ عن صِغَرِ الفَرْخِ وضَعْفِهِ.
الإعرابُ: (ماذا) اسمُ استفهامٍ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ نصبٍ مفعولٌ به لِتَقُولُ، (تقولُ) فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ، وفاعلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه وُجُوباً تَقْدِيرُهُ أنتَ، (لأَفْرَاخٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بتقولُ، (بذي) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بمحذوفٍ صفةٌ لأَفْرَاخٍ، وذي مضافٌ و(مَرَخٍ) مضافٌ إليه، (زُغْبِ) صفةٌ لأَفْرَاخٍ، وهو مضافٌ و(الحواصِلِ) مضافٌ إليه، (لا) نافيةٌ، (ماءٌ) مبتدأٌ والخبرُ محذوفٌ، والتقديرُ: لا ماءٌ لهم، (ولا) الواوُ عاطفةٌ، لا: زائدةٌ لتأكيدِ النفيِ، (شَجَرُ) معطوفٌ على ماءٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (لأَفْرَاخٍ)؛ فإنَّه جَمْعُ فَرْخٍ، وهو اسمٌ ثلاثيٌّ صحيحُ العينِ مفتوحُ الفاءِ ساكنُ العينِ، وقِيَاسُ نُظَرَائِهِ أنْ يُجْمَعَ على أَفْعُلٍ، مثلُ فَلْسٍ وأَفْلُسٍ، ولكنَّه جَمَعَه على أفعالٍ كما يُجْمَعُ مُعْتَلُّ العينِ؛ كأثوابٍ وأبياتٍ، وذلك شاذٌّ عندَ جَمْهَرَةِ العلماءِ.

([5]) 546- هذا الشاهدُ من كلامِ الأَعْشَى مَيْمُونِ بنِ قَيْسِ بنِ مَعْدِ يَكْرِبَ الكِنْدِيِّ، وهو مِن شواهدِ سِيبَوَيْهِ، والذي أَنْشَدَه المؤلِّفُ عَجُزُ بَيْتٍ من المُتَقَارِبِ، وصَدْرُه قولُه:

*وُجِدْتَ – إِذَا اصْطَلَحُوا – خَيْرَهُمْ*

ويُرْوَى في الشاهِدِ:
*وزَنْدُكَ أَثْقَبُ أَزْنَادِهَا*

اللغةُ: (وُجِدْتَ) بالبناءِ للمجهولِ بمعنى أُلْفِيتَ، (اصْطَلَحُوا) افْتَعَلَ من الصُّلْحِ، وهكذا وَرَدَ في كتابِ سِيبَوَيْهِ والعَيْنِيِّ، ووَقَعَ في بعضِ الأُصُولِ: (أَصْلَحُوا) بدونِ طَاءٍ، فإنْ صَحَّتْ هذه الروايةُ فلهذا الفعلِ مفعولٌ محذوفٌ؛ أي: إذا أَصْلَحُوا شَأْنَهُم، (وَزَنْدُكَ) الزَّنْدُ – بفتحِ الزايِ وسكونِ النونِ – العُودُ الذي تُقْتَدَحُ منه النارُ، ولاقتداحِ النارِ عُودانِ: أَحَدُهما أَعْلَى، وهو الذي يُسَمَّى زَنْداً، والآخَرُ أَسْفَلُ، ويُقالُ له: زَنْدَةٌ، بالتاءِ، (أَثْقَبُ)؛ أي: أَكْثَرُ فَضْلاً، وزِيَادَتُه في صِفَاتِ الرُّجُولَةِ على غيرِه.
الإعرابُ: (وُجِدْتَ) وُجِدْ: فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ للمجهولِ، وتاءُ المخاطَبِ نائبُ فاعلِه، وهو مفعولُه الأوَّلُ، (إذا) ظرفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِن الزمانِ، (اصْطَلَحُوا) فِعْلٌ ماضٍ وفاعلُه، والجملةُ في مَحَلِّ جرٍّ بإضافةِ إذا إليها، (خَيْرَهُمْ)، خَيْرَ: مفعولٌ ثانٍ لوُجِدَ، وخيرَ مضافٌ وضميرُ الغائبينَ مضافٌ إليه، (وَزَنْدُكَ) الواوُ عاطفةٌ أو واوُ الحالِ، زَنْدُ: مبتدأٌ، وزَنْدُ مضافٌ وضميرُ المخاطَبِ مضافٌ إليه، (أَثْقَبُ) خبرُ المبتدأِ، وهو مضافٌ وأَزْنَادِ مِن (أَزْنَادِها) مضافٌ إليه، وأَزْنَادِ مضافٌ وضميرُ الغائبةِ مضافٌ إليه.
الشاهِدُ فيه: قولُه: (أَزْنَادِهَا)؛ فإنَّه جَمْعُ زَنْدٍ، وهو اسمٌ ثلاثيٌّ، على زِنَةِ فَعْلٍ بفتحِ الفاءِ وسكونِ العينِ، وهو صحيحُ العيْنِ، وقياسُ نُظَرَائِهِ أنْ يُجْمَعَ على أَفْعُلٍ فيقالُ: أَزْنُدٌ، كما قالُوا: فَلْسٌ وأَفْلُسٌ، لكنَّه جَمَعَه كما يُجْمَعُ مُعْتَلُّ العَيْنِ من هذه الزِّنَةِ، وذلك شاذٌّ عندَ جَمْهَرَةِ النحاةِ كما ذَكَرْنَاه في الشاهِدِ السابِقِ.

([6]) الثِنَى – بكسرٍ ففتحٍ، بزِنَةِ رِضاً – الشيءُ الذي يُعَادُ مَرَّةً بعدَ مَرَّةٍ.


  #4  
قديم 26 ذو الحجة 1429هـ/24-12-2008م, 11:30 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح ألفية ابن مالك للشيخ: علي بن محمد الأشموني


جَمْعُ التَّكْسِيْرِ

جمعُ التَّكْسِيْرِ: هُو الاسْمُ الدَّالُ عَلَى أَكْثَرَ مِنَ اثْنَيْنِ بصورةِ تغييرٍ لصيغةِ واحِدِهِ لَفْظًا أو تَقْدِيْرًا.
وقَسَّمَ المُصنفُ التغييرَ الظاهرَ إلَى سِتَّةِ أَقْسَامٍ: لأَنَّهُ إِمَّا بِزِيَادَةٍ كصِنْوٍ وصِنْوَاِن، أو بِنَقْصٍ كتُخْمَةٍ وتُخَمٍ، أو تَبْدِيْلٍ كَأَسَدٍ وأُسْدٍ، أو بِزِيَادَةٍ وتبديلِ شَكْلٍ كرَجُلٍ ورِجَالٍ، أو بِنَقْصٍ وتبديلِ شكلٍ كقَضِيْبٍ وقُضُبٍ أو بِهِنَّ كَغُلَامٍ وغُلْمَانٍ.
وإِنَّمَا قُلْتُ "بصورةِ تَغْيِيْرٍ"؛ لِأَنَّ صيغةَ الواحِدِ لَا تتغيرُ حقيقةً، لأَنَّ الحركاتِ التِي فِي الجَمْعِ غيرُ الحَرَكَاتِ التِي فِي المُفْرَدِ.
والتغييرُ المُقَدَّرُ فِي نحوِ: فُلْكٍ ودِلَاصٍ وهِجَانٍ وشِمَالٍ للخِلْقَةِ. قِيْلَ: ولَمْ يَرِدْ غيرُ هذِهِ الأَرْبَعَةُ، وذَكَرَ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ) مِنْ ذَلكَ عِفْتَانِ، وهُو القَوِيُّ الجَافِي، فهذِهِ الألفاظُ الخَمْسَةُ عَلَى صِيْغَةٍ واحدةٍ فِي المُفْرَدِ والمجموعِ, ومذهبُ سِيْبَويْهِ أَنَّها جُمُوعُ تكسيرٍ، فَيُقَدَّرُ زَوَالُ حركاتِ المُفْرَدِ وتَبَدُّلُهَا بحركاتٍ مُشْعِرَةٍ بالجَمْعِ، فَفُلْكُ إِذَا كَانَ مُفْردًا كَقُفْلٍ، وإِذَا كَانَ جَمْعًا كَبُدْنٍ، وعِفْتَانِ، إِذَا كانَ مُفْردًا كسِرْحَانٍ، وإِذَا كانَ جَمْعًا كغِلْمَانٍ، وكَذَا بَاقِيْهَا، ودَعَاهُ إِلَى ذلكَ أَنَّهُم ثَنَّوُهَا فقالُوا: فُلْكَانِ ودِلَاصَانِ؛ فَعُلِمَ أَنَّهُم لَمْ يَقْصُدُوا بِهَا مَا قَصَدُوا بنحوِ جُنُبٍ، مِمَّا اشْتَرَكَ فِيْهَا الواحِدُ وغيرُهُ حينَ قالُوا: هَذَا جُنُبٌ، وهَذَانِ جُنُبٌ، وهؤلاءِ جُنُبٌ، فالفارِقُ عِنْدَهُ بَيْنَ مَا يُقَدَّرُ تغييرُهُ وَمَا لَا يُقَدَّرُ تغييرُهُ وجودُ التثنيةِ وعَدَمُهَا، وعَلَى هذَا مَشَى المصنفُ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ) وخالَفَهُ فِي (التَّسْهِيْلِ) فَقَالَ: والأصَحُّ كونُه ُـ يَعْنِي بَابَ فُلْك ٍـ اسْمَ جَمْعٍ مُتْسَغْنِيًا عَنْ تقديرِ التغييرِ.
تنبيهٌ: لا يَرِدُ عَلَى التعريفِ المَذْكُورِ، نحوُ: جَفَنَاتٍ ومُصْطَفَيْنَ؛ فَإِنَّ التغييرَ فِيْهِمَا لا دخلَ لَهُ فِي الدلالةِ عَلَى الجَمْعِيَّةِ، فَإِنَّ تقديرَ عَدَمِهِ لَا يُخِلُّ بالجَمْعِيَّةِ.
واعْلَمْ أَنَّ جَمْعَ التكسيرِ عَلَى نَوْعَيْنِ: جَمْعُ قِلَّةٍ، وجَمْعُ كَثْرَةٍ، فمدلولُ جَمْعِ القِلَّةِ بطريقِ الحقيقةِ ثلاثةٌ إِلَى عَشرةٍ، ومَدْلُولُ جَمْعِ الكَثْرَةِ بطريقِ الحقيقةِ مَا فَوْقَ العَشْرَةِ إِلَى مَا لا نِهَايَةَ لَهُ، ويُسْتَعْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَوْضِعَ الآخَرِ مَجَازًا، كَمَا سَيَأْتِي، وللأولِ أَرْبعةُ أَبْنِيَةٍ، وللثانِي ثلاثةٌ وعِشْرُونَ بِنَاءً، وقَدْ بَدَأَ بالأولِ؛ فَقَالَ:
791- (أَفْعِلَةٌ أَفْعُلُ ثُمَّ فِعْلَهْ = ثْمَّتَ أَفْعَاَلٌ: جُمُوعُ قِلَّهْ).
أيْ: كَأَسْلِحَةٍ وأَفُلُسٍ وفِتْيَةٍ وأَفْرَاسٍ.
تنبيهاتٌ: الأولُ: ذَهَبَ الفَرَّاءُ إِلَى أَنَّ مِنْ جُمُوعِ القِلَّةِ فُعَل، نحوُ: ظُلَم وفِعَل نحوُ: نِعَم وفِعَلَة نحوُ: قِرَدَة، وذَهَبَ بعضُهُم إِلَى أَنَّ مِنْهَا فَعَلَةٍ، نحوُ: بَرَرَةٍ، نقلَهُ ابْنُ الدَّهَّانِ، وذَهَبَ أَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ إِلَى أَنَّ مِنْهَا أَفْعِلَاءَ نحوُ: أَصْدِقَاءَ، نَقَلَهُ عنهُ أَبُو زَكَرِيَّا التَّبْرِيْزِيُّ، والصحيحُ أَنَّ هَذِهِ كُلَّها مِنْ جُمُوعِ الكَثْرَةِ
الثانِي: ذَهَبَ ابْنُ السَّرَّاجِ إلَى أَنَّ فِعْلَة اسْمُ جَمْعٍ، لاَ جمعَ تَكْسِيْرٍ، وشُبْهَتُهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّرِدْ.
الثالثُ: يُشَارِكُ هَذِهِ الأبْنِيَةَ فِي الدلالةِ عَلَى القِلَّةِ جَمْعَا التصحيحِ.
الرابعُ: إِذَا قُرِنَ جمعُ القِلَّةِ بـ "أَلْ" التِي للاستغراقِ أو أُضِيْفَ إِلَى مَا يَدُلُّ علَى الكَثْرَةِ انْصَرَفَ بذلكَ إِلَى الكثرةِ، نحوُ: {إِنَّ المُسْلِمِيْنَ والمُسْلِمَاتِ} وقَدْ جَمَعَ الأَمْرَيْنِ قولُ حَسَّانَ [مِنَ الطَّوِيْلِ]:
1169- لَنَا الجَفَنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَ فِي الضُّحَى = وأَسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دَمَا
792- وبعضُ ذِي بكثرةٍ وَضْعًا يَفِي = كَأَرْجُلٍ، والعَكْسُ جَاءَ كَالصُّفِي
(وبعضُ ذِي بكثرةٍ وَضْعًا يَفِي) أَيْ: بَعْضُ هذِهِ الأَبْنِيَةِ يَأْتِي فِي كلامِ العربِ للكثرةِ (كَأَرْجُلٍ) فِي جَمْعِ رَجُلٍ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوهُ عَلَى مِثَالِ كثرةٍ، ونظيرُهُ عُنُقٌ وأَعْنَاقٌ، وفُؤَادٌ وأَفْئِدَةٌ، (والعكسُ) مِنْ هَذَا وَهُو الاستغناءُ ببناءِ الكَثْرَةِ عَنْ بِنَاءِ القِلَّةِ (جَاءَ) وَضْعًا (كالصُّفِي) جَمْعُ صَفَاةٍ، وهِيَ الصخرةُ المَلْسَاءُ، وكَرَجُلٍ ورِجَالٍ وقَلْبٍ وقُلُوبٍ وصُرَدٍ وصِرْدَانٍ.
تنبيهانِ: الأولُ: كَمَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنِ الآخَرِ وضْعًا كذلكَ يُغْنِي عنهُ أَيْضًا اسْتِعْمَالًا لقرينةٍ مَجَازًا، نحوُ: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}.
الثانِي: لَيْسَ الصُّفِي مِمَّا أَغْنَى فيهِ جَمْعُ الكَثْرَةِ عَنْ جَمْعِ القِلَّةِ لوُرُودِ جمعِ القِلَّةِ، حَكَى الجَوْهَرِيُّ وغيرُهُ صَفَاةً وأَصْفَاءً.
واعْلَمْ أَنَّ اصْطِلَاحَ النحويينَ فِي الجُمُوعِ أَنْ يَذْكُرُوا المُفْرَدَ ثُمَّ يقولونَ: يُجْمَعُ عَلَى كَذَا وكَذَا، وعَكَسَ المصنفُ، واصْطَلَحَ عَلَى أَنْ يُذْكَرَ الجَمْعُ فيقولُ: هَذَا الوزنُ يَطَّرِدُ فِي كَذَا وكَذَا، ولِكُلٍّ وجَهٌ وقَدَ ْشَرَعَ فِي ذلكَ عَلَى طريْقَتِهِ المذكورةِ فَقَالَ:
793- لفِعْلٍ اسْمًا صَحَّ عَيْنًا أَفْعُلُ = وللِرُّبَاعِيِّ اسْمًا أَيْضًا يُجْعَلُ
794- إِنْ كَانَ كالعَنَاقِ والذِّرَاعِ: فِي = مَدٍّ، وتَأْنِيْثٍ، وعَدِّ الأَحْرُفِ.
(لِفِعْلٍ اسْمًا صَحَّ عَيْنًا أَفْعُلُ = وللرُّبَاعِيِّ اسْمًا أَيْضًا يُجْعَلُ)
يَعْنِي أَنَّ أَفْعُلًا أحدُ جموعِ القِلَّةِ يَطَّرِدُ فِي نوعينِ مِنَ المُفرداتِ:
الأولُ: مَا كَانَ عَلَى فَعْلٍ، بشرطينِ: أَنْ يكونَ اسْمًا، وأنْ يكونَ صحيحَ العينِ، فَشَمِلَ نحوَ: فَلْسٌ وكَفٌّ ودَلْوٌ وظَبْيٌ ووَجْهٌ، فتقولُ فِي هذِهِ: أَفْلُسٌ وأَكُفٌ وأَدْلٍ، وأَظْبٍ، وأَوْجُهٌ، واحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ "اسْمًا" مِنَ الصفةِ، نحوُ: ضَخْمٍ، فَلَا يُجْمَعُ عَلَى أَفْعُلٍ، وَأَمَّا "عَبْدٌ" و"أَعْبُدٌ" فَلِغَلَبَةِ الاسميةِ، وبقولِهِ "صَحَّ عَيْنًا" عَنِ مُعْتَلِّ العينِ نحوُ بَابٍ وبَيْتٍ وثَوْبٍ، فَلَا يُجْمَعُ عَلَى أَفْعُلٍ، وشَذَّ قِيَاسًا قَوْلُهُم: "أَعْيُنٌ" وقِيَاسًا وسَمَاعًا قولُهُ [مِنَ الرَّجَزِ]:
1170- لِكُلِّ دهرٍ قَدْ لبِسْتُ أَثْوبًا = رَيَّاطةً واليَمْنَةَ المُعَصَّبَا
حتَّى اكْتَسَى الرَّأْسُ قِنَاعًا أَشْيَبَا
وقولُهُ [مِنَ البَسِيْطِ]:
1171- كَأَنَّهُم أَسْيُفٌ بِيْضٌ يَمَانِيَةٌ = عَضْبٌ مَضَارِبُهَا بَاقٍ بِهَا الأَثَرُ
والثانِي: مَا كَانَ رُباعِيًّا، بأربعةِ شروطٍ: أَنْ يكونَ اسْمًا، وأَنْ يكونَ قَبْلَ آخِرِهِ مدَّةٌ، وأَنْ يكونَ مُؤنثًا، وأَنْ يكونَ بِلَا عَلَامَةٍ، وقَدْ أَشَارَ إِلَى بقيةِ هَذِهِ الشروطِ بِقَولِهِ (إِنْ كَانَ) أَيْ: الاسْمُ الرباعِيُّ (كالعَنَاقِ والذراعِ فِي مَدٍّ وتأنيثٍ وعَدِّ الأحرفِ) فشَمِلَ ذلكَ، نحوُ: عَنَاقٍ وذِرَاعٍ وعِقَابٍ ويمينٍ، فيُقَالُ فيهَا أَعْنُقٌ وأَذْرُعٌ، وأَعْقُبٌ وأَيْمُنٌ، فإِنْ كَانَ الرباعيُّ صفةً، نحوُ: شُجَاعٍ، أو بِلَا مَدَّةٍ، نحوُ: خِنْصَر أو مُذَكَّرًا، نحوُ: حِمَارٍ، أو بعلامةِ التأنيثِ، نحوُ: سَحَابَةٍ، لَمْ يُجْمَعْ عَلى أَفْعُلٍ، ونَدُرَ مِنَ َالمذكرِ طِحَالٌ وأَطْحُلٌ، وغُرَابٌ وأَغْرُبٌ، وعَتَادٌ وأَعْتُدٌ وجِنِيْنٌ وأَجْنُنٌ، وأنْبُوبٌ وأَنْبُبٌ ونحوُهَا.
تنبيهاتٌ: الأولُ: مَا ذكرتُهُ مِنَ الشروطِ وغيرِهَا مأخوذٌ مِنْ كلامِهِ، فَفُهِمَ مِنْ تمثيلِهِ بالعَنَاقِ والذراعِ، أنَّ حركةَ الأولِ لا يُشترطُ أنْ تكونَ فتحةً ولا غيرَهَا، لتمثيلهِ بالمفتوحِ والمكسورِ، وفُهِمَ مِنْ إطلاقِ قولِهِ "فِي مَدٍّ" أَنَّ الألفَ وغيرَها مِنْ أَحرفِ المَدِّ فِي ذلكَ سواءٌ، وفُهِمَ الشرطُ الرابعُ، وهو التَّعَرِّي مِنَ العلامةِ، مِنْ قولِهِ و"عَدِّ الأحرفِ" إِذْ لولا غَرَضُ التنبيهِ عَلَى ذلكَ لَمْ تَكُنْ لهُ فائدةٌ، لأنَّهُ صَرَّحَ أولًا بالرباعيِّ.
الثانِي: مِمَّا حُفِظَ فيه أَفْعُلٌ مِنَ الأسماءِ فَعَلٌ نحوُ: جَبَلٍ وأَجْبُلٍ، وفَعُلٌ نحوُ: ضَبَعٍ وأَضْبُعٍ، وفُعْلٌ نحوُ: قُفْلٍ وأَقْفُلٍ، وفُعُلٍ نحو: قُرُطٍ وأَقْرُطٍ، وفِعَل نحوُ: ضِلَعٍ وأَضْلُعٍ، وفَعَلَةٍ نحوُ: أَكَمَةٍ وآكُمٍ، وفِعْلَةٍ نحوُ: نِعْمَةٍ وأَنْعُمٍ، وفِي فِعْلٍ مُطلقًا، أَيْ: اسْمًا وصفةً نحوُ: ذِئْبٍ وأَذْؤُبٍ، وجِلْفٍ وأَجْلُفٍ، فلا يُقَاسُ عليهَا، ولَمْ يُسْمَعْ فِي فِعِلٍ بكسرِ الفاءِ والعينِ، ولَا فِي فُعَلٍ بضمِّ الفاءِ وفتحِ العينِ إِلَّا قولُهُمْ رُبَعٌ وأَرْبُعٌ.
الثالثُ: ليسَ التأنيثُ مُصَحِّحًا لاطِّرَادِ أَفْعُلٍ فِي فَعَلٍ: نحوُ: قَدَمٍ، خِلافًا لِيُونُسَ، ولا فِي فِعَلٍ: نحوُ: قِدْرٍ، وَلَا فِي فِعَلٍ، نحوُ: ضِلَعٍ، ولا مَا قبلَهُ، نحوُ: قَدَمٍ وضَبُعٍ وغُولٍ وعُنُقٍ خِلَافًا للفَرَّاءِ.
795- وغَيْرُ مَا أَفْعُلُ فيهِ مُطَّرِدْ = مِنَ الثلاثِيِّ اسْمًا بِأَفْعَالٍ يَرِدْ
796- وغالبًا أَغْنَاهُمُ فِعْلَانُ = فِي فُعَلٍ: كقولِهِمْ صِرْدَانُ.
(وغَيْرُ مَا أَفُعلُ فيهِ مُطَّرِدْ = مِنَ الثلاثِيِّ اسْمًا بِأَفْعَالٍ يَرِدْ)
يعْنِي أَنَّ أفْعَالًا يَطَّرِدُ فِي جَمْعِ اسمٍ ثُلاثِيٍّ لمْ يَطَّرِدْ فِيْهِ أَفْعُلٌ، وهُو فَعْلُ الصحيحُ العينِ، فانْدَرَجَ فِي ذلكَ فَعْلُ المعتلُّ، نحوُ: بَابٍ وثَوبٍ وسَيْفٍ، وغَيرُ فِعْلٍ مِنْ أوزانِ الثلاثِيِّ، وهي فِعْلٌ، نحوُ: حِزْبٍ وأَحْزَابٍ وفُعْلٍ نحوُ: صُلْبٍ وأَصْلَابٍ، وفَعَلٌ نحوُ: جَمَلٍ وأَجْمَالٍ، وفَعِلٌ، نحوُ: وعِلٍ وأَوْعَالٍ، وفَعُلٌ، نحوُ: عَضُدٍ وأَعْضَادٍ، وفُعُلٍ نحوُ: عُنُقٍ وأَعْنَاقٍ، وفُعُلٌ، نحوُ: رَطْبٍ وأَرْطَابٍ، وفِعِلٌ نحوُ: إِبِلٍ وآبَالٍ، وفِعَلٌ نحو: ضِلْعٍ وأَضْلَاعٍ، واحْتَرَزَ بقولِهِ "اسْمًا" مِنَ الوصفِ، فَإِنَّهُ لا يُجْمَعُ علَى أَفْعَالٍ إِلَّا مَا شذَّ مِمَّا سيأتِي التنبيهُ عليهِ.
تنبيهاتٌ: الأولُ: جَعَلَ فِي (التَّسْهِيْلِ) "أَفْعَالًا" قَلِيلًا فِي فَعَلٍ المعتلِّ العينِ، نحوُ: بَابٍ ومَالٍ، ونَادرًا فِي فُعَلٍ، نحوُ: رَطْبٍ ورَبْعٍ، ولازمًا فِي فِعِلٍ نحوُ: إِبِلٍ، وغالبًا فِي الباقِي.
الثانِي: لا يُؤْخَذُ مِنْ كلامِهِ هُنَا حُكْمُ جَمْعِ "فَعْلٍ" الصحيحِ العينِ عَلَى "أَفْعَالٍ" وقدْ سُمِعَ منهُ قولُهُ [مِنَ البَسِيْطِ]:
1172- مَاذَا تقولُ لِأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَخٍ = زُغْبُ الحَوَاصِلِ لا مَاءٌ ولا شَجَرُ.
وقولُهُ [مِنَ المُتَقَارَبِ]:
1173- وُجِدْتَ إِذَا أَصْلَحُوا خَيْرَهُمْ = وزَنْدُكَ أَثْقَبُ أَزْنَادِهَا
فَجَمَعَ "فَرْخ" على "أَفْرَاخٍ" وزَنْدَ عَلَى أَزْنَادٍ، ومذهبُ الجمهورِ أَنَّهُ لا يَنْقَاسُ، وعليهِ مَشَي فِي (التَّسْهِيْلِ)، وذَهَبَ الفَرَّاءُ إِلَى أَنَّهُ يَنْقَاسُ فِيْمَا فَاؤُهُ همزةٌ، نحوُ: أَلِفٍ أو واوٍ نحوُ: وَهْمٍ.
وظاهِرُ كلامِهِ فِي (شَرْحِ الكَافِيَةِ) مُوَافَقَتُهُ عَلَى الثَّانِي، فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّ أفعالًا أَكْثَرُ مِنْ أَفْعُلٍ فِي فَعْلٍ الِذي فَاؤُهُ واوٌ كوقْتٍ وأَوْقَاتٍ ووَصْفٍ وأَوْصَافٍ ووَقْفٍ وأَوْقَافٍ ووَكْرٍ وأَوْكَارٍ ووَعْرٍ وأَوْعَارٍ ووَغْدٍ وأَوْغَادٍ، ووَهْمٍ وأَوْهَامٍ، فاسْتثقلُوا ضَمَّ عينِ أَفْعُلٍ بَعْدَ الواوِ فَعَدَلُوا إِلَى أَفْعَالٍ، كَمَا عَدَلُوا إِليهِ فِيْما عيْنُهُ معتلَّةٌ، وكَمَا شذَّ فِي المعتلِّ، أَعْيُنٌ وأَثْوُبٌ، كذلكَ شَذَّ فِيْما فَاؤُهُ واوٌ: أَوْجُهٌ هذَا لفْظُهُ بحروفِهِ ثُمَّ قالَ: إِنَّ المُضَاعَفَ مِنْ فَعْلٍ كالذِي فَاؤُهُ واوٌ فِي أَنَّ أَفْعالًا فِي جَمْعِهِ أَكْثرُ مِنْ أَفْعُلٍ كَعَمٍّ وأَعْمَامٍ وجَدٍّ وأَجْدَادٍ ورَبٍّ وأَرْبَابٍ وبَرٍّ وأبْرَارٍ وشَتٍّ وأَشْتَاتٍ وفَنٍّ وأَفْنَانٍ وفَذٍّ وأَفْذَاذٍ، هَذَا أَيْضًا لفظُهُ.
الثالثُ: مِمَّا حُفِظَ فيهِ "أَفْعَالٌ" فَعِيْلٌ، بمعنَى فَاعِلٍ نحوُ: شَهِيْدٍ وأَشْهَادٍ، وفَاعِلٌ نحوُ: جَاهِلٍ وأَجْهَالٍ، وفَعَالٌ نحوُ: جَبَانٍ وأَجْبَانٍ، وفَعُولٌ نحوُ: عَدُوٍّ وأَعْدَاءٍ وفَعَلَةٌ، نحوُ: هَضَبَةٍ وأَهْضَابٍ، وفِعْلَةٌ, نحوُ: نِضْوَةٍ وأَنْضَاءٍ, وفُعْلَةٌ نحوُ: بُرْكَةٍ وأَبْرَاكٍ, والبُرْكَةُ: طائِرٌ مِنْ طَيرِ الماءِ. وفَعِلَةٌ، نحوُ: نَمِرَةٍ وأَنْمَارٍ، وقالُوا: جِلْفٌ وأَجْلَافٌ وحُرٌّ وأَحْرَارٌ، وقِمَاطٌ وأَقْمَاطٌ، وغُثَاءٌ وأَغْثَاءٌ وأَغْيَدٌ وأَغْيَادٌ، وخَرِيْدَةٌ وأَخْرَادٌ، وَوَادٌ وأَوْدَاءٌ، وذُوطَةٌ، وأَذْوَاطٌ لِضَرْبٍ مِنَ العَنَاكِبِ تَلْسَعُ، وقالُوا أيْضًا: أمواتٌ لجمعِ مَيِّتٍ ومَيْتِةَ،ٍ وكُلُّ ذلكَ شَاذٌّ لا يُقاسُ عليهِ.
(وغَالِبًا أَغْنَاهُمْ فِعْلَانُ = فِي فُعَلٍ، كَقَولِهِمْ صِرْدَانُ)
أيْ أَنَّ الغالبَ فِي فُعَلٍ بضمِّ الفاءِ وفتحِ العينِ أَنْ يُجْمَعَ عَلى فِعْلَانٍ، بكسرِ الفاءِ كقولِهِمْ فِي صِرْدٍ صِرْدَانٍ، وفِي جُرَذٍ جِرْذَانٍ وفِي نُغَرٍ، نِغْرَانٍ، وأَشَارَ بقولِهِ: "غَالبًا" إِلَى مَا شَذَّ مِنْ ذلكَ، نحوُ: رُطَبٍ وأَرْطَابٍ.
تنبيهٌ: نَصَّ فِي غيرِ هَذَا الكتابِ عَلَى أَنَّ فِعْلَانَ مُطَّرِدٌ فِي فُعَلٍ، وكلامُهُ هُنَا غيرُ مُوْفٍ بذلكَ.
797- فِي اسْمٍ مُذَكَّرٍ رُبَاعِيٍّ بِمَدّ = ثَالِثٍ افْعِلَةُ عَنْهُمْ اطَّرَدّ
798- والْزَمْهُ فِي فَعَالٍ، أَوْ فِعَالِ = مُصَاحِبَيْ تَضْعِيٌفٍ او إعْلَالِ
(فِي اسْمٍ مُذَكَّرٍ رُبَاعِيٍّ بِمَدّ = ثَالِثٍ افْعِلَةُ عَنْهُمْ اطَّرَدْ)
"افْعِلَةُ" مبتدأٌ، و"اطَّرَدْ" خبرُهُ، وفِي اسْمٍ وعَنْهُمْ يَتَعَلقانِ بـ"اطَّرَدْ" وبـ "مَدّ" فِي مَوْضِعِ جَرٍّ صفةٌ لاسمٍ، و"ثالثٍ" صفةٌ "لمَدّ".
يعنِي أَنَّ "افْعِلَةُ" يَطَّرِدُ فِي جَمْعِ اسمٍ مُذَكَّرٍ رباعيٍّ بِمَدٍّ قبلَ آخِرِهِ، نحوُ: طَعَامٍ وأَطْعِمَةٍ، ورَغِيْفٍ وأَرْغِفَةٍ، وعَمُودٍ وأَعْمِدَةٍ، واحْتَرَزَ بالاسْمِ مِنَ الصفةِ، وبالمُذَكَّرِ مِنَ المُؤَنَّثِ، وبالرباعيِّ مِنَ الثلاثيِّ وبالمدِّ الثالثِ مِنَ العَارِي عنهُ، فَلا يُجْمَعُ شيءٌ مِنْ ذَلكَ عَلَى أَفْعِلَةٍ إِلَّا مَا شذَّ مِنْ قولِهِمْ شَحِيْحٍ وأَشِحَّةٍ، وهو صِفَةٌ، وعُقَابٍ وأَعْقِبَةٍ، وهو مُؤنثٌ، وقَدَحٍ وأَقْدِحَةٍ وهو ثلاثيٌّ، وجَائِزٍ وأَجْوِزَةٍ، وليْسَ مَدُّهُ ثالثًا، والجَائِزُ، الخَشَبَةُ المُمْتَدَّةُ فِي أَعْلَى السقفِ، ومِمَّا شَذَّ مِنْ ذلكَ مِمَّا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الشروطَ فيحفظْ ولا يُقَاسُ عليهِ قولُهُمْ: نَجْدٌ وأَنْجِدَةٌ، وصُلْبٌ وأَصْلُبَةٌ وبَابٌ وأَبْوُبَةٌ ورَمَضَانٌ وأَرْمِضَةٌ، وعَيِّلٌ وأَعْوِلَةٌ، وجَزَّةٌ وأَجِزَّةٌ ونَضِيْضَةٌ وأَنْضِةٌ، وقِنٌّ وأَقِنَّةٌ، وخَالٌ وأَخْوِلَةٌ، وَقَفًا وأَقْفِيَةٌ، والجِزَّةُ، صوفُ شاةٍ مَجْزُوزَةٍ، والنَّضِيْضَةُ، المَطَرَةُ القليلةُ.
(والْزَمْهُ) أَيْ الجمعَ عَلَى أَفْعِلَهْ (فِي فَعَالٍ) بالفتحِ (أو فِعَالٍ) بالكسرِ (مُصَاحِبَي تَضْعِيْفٍ او إِعْلَالٍ) فالأولُ نحوُ: بَتَاتٍ وأَبِتَّةٍ، وزِمَامٍ وأَزِمَّةٍ، والثانِي: نحوُ: قَبَاءٍ وأَقْيِبَةٍ وإِنَاءٍ وآنِيَةٍ، وشَذَّ مِنَ الأولِ عِنَانٌ وعُنُنٌ وحَجَاجٌ وحُجُجٌ، ومِنَ الثانِي قولُهُم فِي جَمْعِ سَمَاءٍ بمعنَى المَطَرِ سُمَيٌّ، وسُمِعَ أيضًا أسْمِيَةٌ عَلَى القياسِ، وسيأتِي تقييدُ كلامِهِ هَنُا بِمَا ذَكَرْتُهُ فِي قولِهِ: "مَا لَمْ يُضَاعَفْ فِي الأَعَمِّ ذُو الأَلِفْ".

  #5  
قديم 26 ذو الحجة 1429هـ/24-12-2008م, 11:31 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


جَمْعُ التكسيرِ
1- أَوْزَانُ جُمُوعِ القِلَّةِ:
2- الاسْتِغْنَاءُ ببَعْضِ أوزانِ القِلَّةِ عن الكثرةِ والعكْسُ:
792- أَفْعِلَةٌ أَفْعُلُ ثُمَّ فِعْلَهْ = ثُمَّتَ أَفْعَالٌ جُمُوعُ قِلَّةْ
793- وَبَعْضُ ذِي بِكَثْرَةٍ وَضْعاً يَفِي = كَأَرْجُلٍ وَالْعَكْسُ جَاءَ كَالصُّفِي
جَمْعُ التكسيرِ: ما دلَّ على أكثَرَ مِن اثنَيْنِ، وتَغَيَّرَ بناءُ مُفْرَدِهِ عندَ الجمْعِ، إمَّا بزيادةٍ على الْمُفْرَدِ، كَـ(قَلَمٍ) و(أَقْلامٍ)، أوْ بنَقْصٍ عنهُ كـ(رسولٍ) و(رُسُلٍ)، أوْ باختلافٍ في حركاتِهِ، كـ(أَسَدٍ) و(أُسْدٍ).
والتغييرُ قدْ يكونُ ظاهراً كما مُثِّلَ، وقدْ يكونُ مُقَدَّراً كـ(فُلْكٍ) للمفرَدِ والجمْعِ، فالمفْرَدُ كقولِهِ تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} بدليلِ وَصْفِهِ بالمفْرَدِ، والجمْعُ كقولِهِ تعالى: {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ} بدليلِ وَصْفِهِ بالجمْعِ.
وجَمْعُ التكسيرِ نَوْعَانِ:
أ- جَمْعُ قِلَّةٍ: وهوَ ما دَلَّ على ثلاثةٍ إلى عشَرةٍ، ولهُ أربعةُ أَوْزَانٍ:
1- أَفْعِلَةٌ: كأَغْذِيَةٍ، وأَدْوِيَةٍ.
2- أَفْعُلٌ: كأَرْجُلٍ، وأنْفُسٍ.
3- فِعْلَةٌ: كَفِتْيَةٍ، وصِبْيَةٍ.
4- أَفْعَالٌ: كأنهارٍ، وأبطالٍ.
ب- جَمْعُ كَثْرَةٍ: وهوَ ما دَلَّ على ثلاثةٍ إلى غيرِ نهايَةٍ.
وقدْ يُسْتَغْنَى ببَعْضِ أَبنيَةِ القِلَّةِ عنْ بناءِ الكثرةِ وَضْعاً، فتَضَعُ العربُ أحَدَ البناءَيْنِ صالِحاً للقِلَّةِ والكثرةِ، وتَسْتَغْنِي بهِ عنْ وَضْعِ الآخَرِ، كَرِجْلٍ وأَرْجُلٍ، وعُنُقٍ وأَعْنَاقٍ، وفُؤَادٍ وأَفْئِدَةٍ.
وقدْ يُسْتَغْنَى ببعضِ أَبْنِيَةِ الكثرةِ عنْ بعضِ أبنيَةِ القِلَّةِ، كَرَجُلٍ ورِجَالٍ، وقَلْبٍ وقُلُوبٍ.
وهذا معنى قولِهِ: (أَفْعِلَةٌ أَفْعُلُ.. إلخ): أيْ أنَّ هذهِ الأوزانَ الأربعةَ هيَ أوزانُ جُموعِ القِلَّةِ، وقولُهُ: (ثُمَّتَ أَفْعَالٌ)، هيَ (ثُمَّ) العاطفةُ زِيدَتْ في آخِرِها تاءُ التأنيثِ المفتوحةِ.
ثمَّ ذَكَرَ أنَّ بعضَ هذهِ الأوزانِ يَفِي بِجَمْعِ الكثرةِ؛ أيْ: يَأْتِي للكثرةِ ويَدُلُّ عليها، وهذا بالوضْعِ كما تَقَدَّمَ؛ (كَأَرْجُلٍ) في جَمْعِ (رِجْلٍ)؛ فإنَّهُم لم يَجْمَعُوهُ جَمْعَ كثرةٍ، و(العكسُ) وهوَ الاستغناءُ بِبِنَاءِ الكثرةِ عنْ بناءِ القِلَّةِ جاءَ وَضْعاً؛ (كَالصُّفِي) جَمْعِ صَفَاةٍ، وهيَ الصَّخْرَةُ الْمَلساءُ، وأصْلُهُ: صُفُويٌ، على وَزْنِ (فُعُولٍ)، اجتَمَعَت الواوُ والياءُ وسُبِقَتْ إحدَاهُما بالسكونِ فقُلِبَت الواوُ ياءً وأُدْغِمَتْ في الياءِ، وكُسِرَت الفاءُ للمُنَاسَبَةِ، فصارَتْ (صُفِيٌّ) بياءٍ مُشَدَّدَةٍ، ولم يُشَدِّدْها الناظِمُ، لضَرُورةِ الوَزْنِ.
وقدْ ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ وغيرُهُ: صُفَاةٌ، وأَصْفَاءُ، وَصُفِيٌّ. فَيَكُونُ لهُ جَمْعُ قِلَّةٍ وجَمْعُ كَثرةٍ، لَكِن اسْتَغْنَت العرَبُ عنْ بِناءِ القِلَّةِ ببناءِ الكثرةِ.
مُفْرَدَاتُ أَوْزَانِ جُموعِ القلَّةِ:
الوزنُ الأوَّلُ: (أَفْعُلُ):
794- لِفَعْلٍ اسْماً صَحَّ عَيْناً أَفْعُلُ = وَلِلرُّبَاعِيِّ اسْماً أيْضاً يُجْعَلُ
795- إِنْ كَانَ كَالْعَنَاقِ وَالذِّرَاعِ فِي = مَدٍّ وَتأْنِيثٍ وَعَدِّ الأَحْرُفِ
شَرَعَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى في الكلامِ على أوزانِ جموعِ التكسيرِ الْمُطَّرِدَةِ، وهيَ التي تَتَطَلَّبُ مُفْرَداً مُشْتَمِلاً على أوصافٍ مُعَيَّنَةٍ، مَتَى تَحَقَّقَتْ هذهِ الأوصافُ جازَ جَمْعُهُ على هذا الوزنِ دُونَ الرجوعِ إلى مَعَاجِمِ اللغةِ.
وبَدَأَ بأَوْزَانِ جُمُوعِ القِلَّةِ، وهيَ أربعةٌ كما تَقَدَّمَ:
الأوَّلُ: (أَفْعُلٌ) بضَمِّ العَينِ، وهوَ يَطَّرِدُ في نَوْعَيْنِ:
1- فَعْلٌ اسْماً صحيحَ العَيْنِ، سَوَاءٌ كانَ صحيحَ اللامِ؛ نحوُ: نفْسٍ وأَنْفُسٍ، وشَهْرٍ وأَشْهُرٍ، قالَ تعالى: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}، وقالَ تعالى: {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ}. أمْ كانَ مُعْتَلَّ اللامِ، نحوُ: ظَبْيٍ وأَظْبٍ، وأَصْلُهُ: أَظْبُيٌ، فقُلِبَت الضمَّةُ كَسرةً لِتَصِحَّ الياءُ، فصارَ: أَظْبِيٌ، فالْتَقَى ساكنانِ؛ الياءُ والتنوينُ، فحُذِفَت الياءُ كما تُحْذَفُ في المنقوصِ، فصارَ: (أَظْبٍ). قالَ تعالى: {أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا}.
وخَرَجَ بالاسمِ الصفةُ، نحوُ: ضَخْمٍ، فلا يُقَالُ: أَضْخُمٌ، وإنَّما قَالُوا: عَبْدٌ وأَعْبُدٌ، لِغَلَبَةِ الاسميَّةِ. وخَرَجَ بصحيحِ العينِ مُعْتَلُّ العَينِ، نحوُ: سَوْطٍ وبَيْتٍ. وشَذَّ قِياساً لا استعمالاً: عَيْنٌ وأَعْيُنٌ؛ لِكَثْرَتِهِ واستعمالِهِ في القرآنِ الكريمِ، قالَ تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ}، وقالَ تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}. وشَذَّ قياساً واستعمالاً: ثَوْبٌ وَأَثْوُبٌ.
2- النَّوْعُ الثاني مِمَّا يُجْمَعُ على (أَفْعُلٍ): الرُّبَاعِيُّ المؤنَّثُ بلا عَلامةٍ، وقَبْلَ آخِرِهِ مَدَّةٌ، كَعَنَاقٍ وأَعْنُقٍ، وذِرَاعٍ وأَذْرُعٍ.
ونَدَرَ مِن الْمُذَكَّرِ: طِحَالٌ وأَطْحُلٌ، وغُرَابٌ وأَغْرُبٌ.
وهذا معنى قولِهِ: (لِفَعْلٍ اسْماً صَحَّ عَيْناً أَفْعُلُ.. إلخ): أيْ أنَّ (أفْعُلَ) أحَدُ جُموعِ القِلَّةِ يَطَّرِدُ في نَوْعَيْنِ مِن الْمُفْرَدَاتِ؛ الأوَّلُ: ما كانَ على وَزْنِ (فَعْلٍ) بشرْطِ أنْ يكونَ اسْماً صحيحَ العينِ. والثاني: ما كانَ رُبَاعِيًّا بشَرْطِ أنْ يكونَ اسماً وأنْ يكونَ (كَالْعَنَاقِ وَالذِّرَاعِ في مدٍّ وتَأْنِيثٍ وعَدِّ الأَحْرُفِ). ويُؤخَذُ اشتراطُ تَأْنِيثِهِ بلا علامةٍ مِنْ قَوْلِهِ: (وعَدِّ الأحرُفِ)؛ إذْ لَوْلا غرَضُ التنبيهِ على هذا الشرْطِ لم يَكُنْ لهُ فائدةٌ؛ لأنَّهُ صَرَّحَ أوَّلاً بالرُّباعيِّ.
الوزنُ الثاني (أَفْعَالٌ):
796- وَغَيْرُ مَا أَفْعُلُ فِيهِ مُطَّرِدْ = مِنَ الثُّلاثِي اسْماً بِأَفْعَالٍ يَرِدْ
797- وَغَالِباً أَغْنَاهُمُ فِعْلانُ = في فُعَلٍ كَقَولِهِمْ صِرْدَانُ
2- الوزنُ الثاني مِنْ جُموعِ القِلَّةِ (أَفْعَالٌ)، وهوَ يَطَّرِدُ في اسْمٍ ثُلاثِيٍّ لا يَسْتَحِقُّ أنْ يُجْمَعَ على (أَفْعُلٍ)، إمَّا لأنَّهُ على وَزْنِ (فَعْلٍ)، ولكنَّهُ مُعْتَلُّ العَينِ، نحوُ: ثَوْبٍ وأَثْوَابٍ، وسيفٍ وأسيافٍ، وبابٍ وأبوابٍ.
أوْ لأنَّهُ على غيرِ وَزْنِ (فَعْلٍ) مِنْ أوزانِ الثلاثيِّ؛ وهوَ: (فِعْلٌ)؛ كَحِزْبٍ وأحزابٍ، قالَ تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَئْذِنُوا}، وَ(فُعْلٌ)؛ نحوُ: صُلْبٍ وأَصْلابٍ، و(فَعَلٌ): كجَمَلٍ وأَجْمَالٍ.
قالَ تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً}: جَمْعُ (جَدَثٍ) بِفَتْحَتَيْنِ وهوَ القَبْرُ، و(فَعُلٌ): كعَضُدٍ وأعضادٍ، و(فُعُلٌ): كَعُنُقٍ وأعناقٍ.
قالَ تعالى: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً}: جَمْعُ حُقُبٍ بِضَمَّتَيْنِ وهوَ الدهْرُ، و(فُعَلٌ)؛ نحوُ: رُطَبٍ وأَرطابٍ، والغالبُ أنَّ هذا الوزنَ مِن الثلاثيِّ يُجْمَعُ على (فِعْلانَ) بكَسْرِ الفاءِ، كَقَوْلِهم في صُرَدٍ صِرْدَانُ، وفي جُرَذٍ: جِرْذَانُ، وسيأتي إِنْ شاءَ اللَّهُ ذِكْرُ ذلكَ في الكلامِ على الوزنِ الثالثَ عشرَ مِنْ أوزانِ جموعِ الكثرةِ.
وشَذَّ قِياساً في (فَعْلٍ) -المفتوحِ الفاءِ الصحيحِ العَينِ السَّاكِنِهَا- نحوُ: فَرْخٍ وأَفْرَاخٍ، وحَمْلٍ وأَحْمَالٍ. ومنهُ قولُهُ تعالى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}.
وهذا مَعْنَى قولِهِ: (وغَيْرُ ما أَفْعُلُ فيهِ مُطَّرِدْ...): أيْ أنَّ الذي لا يَطَّرِدُ جَمْعُهُ على (أَفْعُلٍ) يُجْمَعُ على وزنِ (أفعالٍ)، مثلُ الْمُفْرَدِ الذي على وَزْنِ (فَعُلٍ) أوْ (فُعُلٍ) أوْ (فُعَلٍ)، والغالبُ أنَّ (فُعَلَ) هذا لا يُجْمَعُ على (أَفْعَالٍ)، وإنَّما يُجْمَعُ على (فِعْلانَ)؛ كَصِرْدَانَ؛ فإنَّ مُفْرَدَهُ (صُرَدٌ) بالصادِ المهمَلَةِ والراءِ: طَائِرٌ ضَخْمُ الرَّأْسِ يَصْطَادُ العصافيرَ.
وهذا الوزنُ - أَعْنِي (فِعْلانَ) - منْ أوزانِ جموعِ الكثرةِ، وإنَّما ذَكَرَهُ هنا لأنَّهُ هوَ الْمُطَّرِدُ في وَزْنِ (فُعَلٍ)، فاسْتَدْرَكَ بهِ على قولِهِ: (وغَيْرُ ما أَفْعُلُ.. إلخ).
الوزنُ الثالثُ: (أَفْعِلَةٌ)
798- في اسْمٍ مُذَكَّرٍ رُبَاعِيٍّ بِمَدّ = ثَالِثٍ افْعِلَةُ عَنْهُمُ اطَّرَدْ
799- وَالْزَمْهُ فِي فَعَالٍ أوْ فِعَالِ = مُصَاحِبَيْ تَضْعِيفٍ أَوْ إِعْلالِ
3- الوزنُ الثالثُ مِنْ أوزانِ جُمُوعِ القِلَّةِ (أَفْعِلَةٌ)، وهوَ مَقِيسٌ في كلِّ اسمٍ مُذَكَّرٍ رُباعيٍّ قَبْلَ آخِرِهِ حَرْفُ مَدٍّ، نحوُ: طَعَامٍ وأَطْعِمَةٍ، ولسانٍ وأَلْسِنَةٍ، وعمودٍ وأَعْمِدَةٍ، ورغيفٍ وأَرْغِفَةٍ، قالَ تعالى: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}.
وهوَ مَقيسٌ أيضاً في كلِّ اسمٍ على وَزْنِ: فَعَالٍ أوْ فِعَالٍ (بفتْحِ الفاءِ أوْ كَسْرِها) مُضَعَّفَيِ اللامِ أوْ مُعْتَلَّيْهَا، والمرادُ بالتضعيفِ هنا: أنْ تكونَ العَينُ واللامُ مِنْ جِنْسٍ واحدٍ؛ فالمضَعَّفُ نحوُ: زِمَامٍ وأَزِمَّةٍ، وبَتَاتٍ وأَبِتَّةٍ، والمُعْتَلُّ نحوُ: قِبَاءٍ وأَقْبِيَةٍ، وكِسَاءٍ وأَكْسِيَةٍ، وفِنَاءٍ وأَفْنِيَةٍ، ورداءٍ وأَرديَةٍ. والهمزةُ في هذهِ الكلماتِ مُنْقَلِبَةٌ عنْ حرْفِ عِلَّةٍ.
وهذا معنى قولِهِ: (في اسمٍ مُذَكَّرٍ رُباعيٍّ.. إلخ): أيْ أنَّ (أَفْعِلَةً) اطَّرَدَ عن العرَبِ في جَمْعِ اسمٍ مُذَكَّرٍ رُباعِيٍّ (بِمَدِّ ثالثٍ): أيْ أنَّ ثالثَهُ حَرْفُ مَدٍّ. ثمَّ ذَكَرَ أنَّ الجمْعَ على (أَفْعِلَةٍ) يَلْزَمُ في كلِّ مُفْرَدٍ على وزنِ (فَعَالٍ) بالفتْحِ (أو فِعَالٍ) بالكسرِ، حالةَ كَوْنِهما (مُصَاحِبَيْ تَضْعِيفٍ): أيْ أنَّ اللامَ مُضَعَّفَةٌ (أوْ إِعْلالِ): أيْ أنَّها مُعْتَلَّةٌ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التكسير, جمع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir