جمعُ التكسيرِ
أَفْعِلَةٌ أَفْعُلُ ثُمَّ فِعْلَهْ، = ثُمَّتَ أَفْعَالٌ جُمُوعُ قِلَّهْ([1])
جمعُ التكسيرِ هو: ما دلَّ على أكثرِ مِنْ اثنينِ, بتغييرٍ ظاهرٍ كرجُلٍ ورِجَالٍ أو مُقَدَّرٍ كفُلْكٍ للمفردِ والجمعِ, والضمَّةُ التي في المفردِ كضمَّةِ قُفْلٍ، والضمَّةُ التي في الجمعِ كضمَّةِ أُسْدٍ, وهو على قسمينِ: جمعُ قِلَّةٍ, وجمعُ كثرةٍ, فجمعُ القلَّةِ يدلُّ حقيقةً على ثلاثةٍ فما فوقها إلى العشرةِ, وجمعُ الكثرةِ يدلُّ على ما فوقَ العشرةِ إلى غيرِ نهايةٍ([2]), ويُسْتَعْمَلُ كلٌّ منهما في موضعِ الآخرِ مجازا.
وأمثلةُ جمعِ القِلَّةِ: أَفْعِلَةٌ كأَسْلِحَةٍ, وأَفْعُلٌ كَأَفْلُسٍ, وفِعْلَةٌ كفِتْيَةٍ, وأَفْعَالٌ كأَفْرَاس. وما عدا هذه الأربعةَ مِنْ جموعِ التكسيرِ فجموعُ كَثْرَةٍ.
وَبَعْضُ ذِي بِكَثْرَةٍ وَضْعًا يَفِي = كَأَرْجُلٍ وَالعَكْسُ جَاءَ كَالصَّفِي([3])
قد يُسْتَغنى ببعضِ أبنيةِ القِلَّةِ عن بعضِ أبنيةِ الكثرةِ كرَجُلٍ وأَرْجُلٍ وعُنُقٍ وأَعْنَاقٍ، وفُؤَادٍ، وأَفْئِدَةٍ، وقد يُسْتَغنى ببعضِ أبنيةِ الكثرةِ عن بعضِ أبنيةِ القِلَّةِ كرَجُلٍ ورِجَالٍ، وقَلْبٍ وقُلُوبٍ.
لِفَعْلٍ اسْمًا صَحَّ عَيْنًا أَفْعُلُ = وَللربَاعِيِّ اسْمًا أَيْضًا يُجْعَلُ ([4])
إِنْ كَانَ كَالعَنَاقِ والذِّرَاعِ فِي = مَدٍّ وَتَأْنِيثٍ وَعَدَّ الأَحْرُفِ([5])
أَفْعُلُ جمعٌ لكلِّ اسمٍ ثلاثيٍّ عَلَى فَعْلٍ صَحِيحِ العَيْنِ نحو: كَلْبٍ وأَكْلُبٍ، وَظَبْيٍ وأَظْبٍ، وأصلُه أَظْبُيٌ فقُلِبَتِ الضمَّةُ كَسْرَةً؛ لتصحُّ الياءُ فصارَ أَظْبِيٌ فعُوملَ معاملَةَ قاضٍ([6]).
وخرجَ بالاسمِ الصفةُ فلا يجوزُ نحو: ضَخْم وأَضْخُم، وجاءَ عَبْد وأَعْبُد لاستعمالِ هذه الصفةِ استعمالَ الأسماءِ وخرجَ بصحيحِ العينِ المعتلُّ العينِ نحو: ثَوْبٍ وعَيْنٍ وشذَّ عَيْنٌ وأَعْيُنٌ وثَوْبٌ وأثْوُبٌ([7]).
وأَفْعُلُ أيضًا جمعٌ لكلِّ اسمٍ مؤنثٍ رباعيٍّ قَبْلَ آخِرِه مَدَّةٌ كعَنَاقٍ وأَعْنُقٍ ويَمِينٍ وأَيْمُن.
وشذَّ مِنَ المذكَّرِ شِهَابٌ وَأَشْهُبٌ وغُرَابٌ وأَغْرُبٌ.
وَغَيْرُ مَا أَفْعُلُ فِيهِ مُطَّرِدْ = مِنَ الثُّلاَثِي اسْمًا بِأَفْعَالٍ يَرِدْ([8])
وَغَالِبًا أَغْنَاهُمْ فِعْلاَنُ = فِي فِعْلٍ كَقَوْلِهِمْ صِرْدَانُ([9])
قد سبقَ أنَّ أَفْعُلَ جمعٌ لكلِّ اسمٍ ثلاثيٍّ على فَعْلٍ صحيحِ العينِ وذَكَرَ هنا أنَّ مالا يطَّرِدُ فيه مِنَ الثلاثيِّ أَفْعُلُ يُجْمَعُ على أَفْعَالٍ وذلك كَثَوْبٍ وأَثْوَابٍ وجَمَلٍ وأَجْمَالٍ، وعَضُدٍ وأَعْضَادٍ، وحِمْلٍ وأَحْمَالٍ وعِنَبٍ وأَعْنَابٍ، وإِبِلٍ وآبَالٍ وقُفْلٍ وأَقْفَالٍ.
وأما جمعُ فَعْلٍ الصحيحِ العينِ على أَفْعَالٍ فشاذٌّ كفَرْخٍ وأَفْراخٍ([10]).
وأما فُعَلٌ فجاءَ بعضُه على أَفْعَالٍ كرُطَبْ وأَرْطَابٍ، والغالبُ مجيئُه على فِعْلاَنَ كصُرْدٍ وصِرْدَانَ ونُغَرٍ ونِغْرَانٍ([11]).
فِي اسْمٍ مُذَكَّرٍ رُبَاعِيٍّ بِمَدْ = ثَالِثٌ افْعِلَةُ عَنْهُمْ اطَّرَدْ([12])
والزَمْهُ فِي فَعَالٍ اوْ فِعَالِ = مُصَاحِبَيْ تَضْعِيفٍ اوْ إِعْلاَلِ([13])
"أَفْعِلَةٌ " جمعٌ لكلِّ اسمٍ مذكَّرٍ رباعيٍّ ثالثُه مدَّةٌ نحو: قَذَالٍ وأقْذِلَةٍ، ورَغِيفٍ وأَرْغِفَةٍ وعَمُودٍ وأَعْمِدَةٍ.
والْتُزِمَ أَفْعِلَة في جمعِ المضاعفِ أو المعتلِّ اللامِ مِنْ فَعَالٍ أو فِعَال كبَتَاتٍ وأَبِتَّةٍ، وزِمَامٍ وأَزِمَّةٍ، وقَبَاءٍ وأَقْبِيَةٍ وفِنَاءٍ وأَفْنِيَةٍ.
([1])(أفعلة) مبتدأ (أفعل ثم فعلة * ثمت أفعال) معطوفات على المبتدأ بعاطف مقدر في الأول وحده (جموع) خبر المبتدأ وما عطف عليه، وجموع مضاف و(قلة) مضاف إليه.
([2])هذا أحد قولين، والقول الثاني أن جمع الكثرة يدل على الثلاثة إلى ما لا نهاية وعلى هذا يكون جمع القلة وجمع الكثرة متفقين في المبدأ، ولكنهما مختلفان في النهاية ويكون الذي ينوب عن الآخر جمع القلة، إذ ينوب عن جمع الكثرة في الدلالة على أحد عشر فصاعدا أما جمع الكثرة فدلالته حينئذ على الثلاثة إلى العشرة ليست بالنيابة عن جمع القلة، ولكن بالأصالة ودلالته هذه حقيقة لا مجاز.
([3]) و(بعض) مبتدأ، وبعض مضاف و(ذي) مضاف إليه (بكثرة) جار ومجرور متعلق بقوله (يفي) الآتي (وضعا) تمييز، أو حال بتقدير مشتق أو منصوب على نزع الخافض (يفي) فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بعض ذي، والجملة من الفعل المضارع الذي هو يفي وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ (كأرجل) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف (والعكس) مبتدأ (جاء) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى العكس، والجملة من جاء وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ (كالصفي) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كائن كالصفي.
([4])(لفعل) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم (اسما) حال من فعل المجرور باللازم (صح) فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى قوله اسما، والجملة من صح وفاعله المستتر فيه في محل نصب صفة لقوله اسما (عينا) تمييز (أفعل) مبتدأ مؤخر و(للرباعي) جار ومجرور متعلق بقوله (يجعل) الآتي، مقدم عليه وأصله مفعوله الثاني (اسما) حال من الرباعي (أيضا) مفعول مطلق لفعل محذوف (يجعل) فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى أفعل ونائب الفاعل هذا هو المفعول الأول.
([5])(إن) شرطية (كان) فعل ماض ناقص فعل الشرط، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الرباعي في البيت السابق (كالعناق) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان (والذراع) معطوف على العناق (في مد) جار ومجرور متعلق بكان، أو بما تعلق به خبرها، أو بما في الكاف – في قوله كالعناق – من معنى التشبيه، أو بمحذوف حال من الضمير المستتر في كان، وقوله (وتأنيث، وعد الأحرف) معطوفان على (مد).
([6])ومثل ظبي وأظب قولهم: ثدي وأثد، وكذلك ما لامه واو، نحو: دلو وأدل وجرو وأجر وبهو وأبه، وأصل أدل: أدلو، قلبت ضمة اللام كسرة ثم قلبت الواو ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها ثم يعامل معاملة قاض.
([7])قد ورد جمع ثوب على أثواب وهو قياس نظيره من معتل العين، وقد ورد جمعه على ثياب من جموع الكثرة، كما في قول امرئ القيس:
وإن تك قد ساءتك مني خليقة = فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
وقد ورد جمعه على أثوب وهو شاذ ومنه قول معروف بن عبد الرحمن:
لكل دهر قد لبست أثوبا = حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا
أملح لا لذا ولا محببا
وقالوا: دار وأدور، وساق وأسوق، ونار وأنور وقالوا: ناب - وهو المسن من الإبل – وأنيب، وذلك كله شاذ لا يقاس عليه.
وربما همزوا الواو لثقل الضمة على الواو، وبهذا روي قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
فلما فقدت الصوت منهم وأطفئت = مصابيح شبت بالعشاء وأنؤر
([8]) و(غير) مبتدأ وغير مضاف و(ما) اسم موصول: مضاف إليه (أفعل) مبتدأ (فيه) جار ومجرور متعلق بقوله مطرد الآتي (مطرد) خبر المبتدأ الذي هو أفعل والجملة من هذا المبتدأ وخبره لا محل لها صلة الموصول (من الثلاثي) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر في قوله مطرد (اسما) حال من الثلاثي (بأفعال) جار ومجرور متعلق بقوله (يرد) الآتي (يرد) فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى غير الواقع مبتدأ، والجملة من الفعل المضارع الذي هو يرد وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ وهو غير.
([9])(وغالبا) منصوب بنزع الخافض (أغناهم) أغنى: فعل ماض، وهم: مفعول به لأغنى (فعلان) فاعل أغنى (في فعل) جار ومجرور متعلق بأغنى (كقولهم) الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كائن كقولهم وقول مضاف والضمير مضاف إليه (صردان) خبر لمبتدأ محذوف أيضا، أي: هذه صردان والجملة من المبتدأ المحذوف وخبره في محل نصب مقول القول.
([10])ومن ذلك قول الحطيئة من كلمة يستعطف فيها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ = زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة = فاغفر عليك سلام الله يا عمر
ومثل فرخ، وأفراخ: زند وأزناد ونهر وأنهار، وشعر وأشعار، وشخص وأشخاص.
([11])النغر – بضم النون وفتح الغين – البلبل، أو فرخ العصفور، أو طير كالعصفور أحمر المنقار.
([12])(في اسم) جار ومجرور متعلق بقوله (اطرد) الآتي في آخر البيت (مذكر رباعي) صفتان لاسم (بمد) جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لاسم، أو حال منه، ومد مضاف، و(ثالث) مضاف إليه (أفعلة) مبتدأ (عنهم) جار ومجرور متعلق بقوله (اطرد) الآتي (اطرد) فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى أفعلة، والجملة من اطرد وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو قوله (أفعلة).
([13])(والزمه) الزم: فعل أمر، وفيه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت فاعل، والضمير البارز الذي يعود إلى أفعلة في البيت السابق مفعول به (في فعال) جار ومجرور متعلق بالزم (أو فعال) معطوف عليه (مصاحبي) حال من المتعاطفين، ومصاحبي مضاف و(تضعيف) مضاف إليه (أو إعلال) معطوف على (تضعيف).