دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 جمادى الآخرة 1442هـ/23-01-2021م, 06:37 PM
مريم البلوشي مريم البلوشي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2018
المشاركات: 343
افتراضي

معنى الحفدة في قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}

أولا : جمع أقوال السلف في المسألة :


قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (
اختلف أهل التّأويل في المعني بالحفدة، فقال بعضهم: هم الأختان، أختان الرّجل على بناته.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا أبو معاوية، قال: حدّثنا أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرٍو، عن ابن حبيشٍ، عن عبد اللّه: {بنين وحفدةً} قال: " الأختان "
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، عن عاصمٍ، عن ورقاء، سألت عبد اللّه: " ما تقول في الحفدة؟ هم حشم الرّجل يا أبا عبد الرّحمن؟ قال: " لا، ولكنّهم الأختان "
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن، وحدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قالا جميعًا: حدّثنا سفيان، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حبيشٍ، عن عبد اللّه قال: " الحفدة: الأختان ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان بإسناده عن عبد اللّه، مثله
- حدّثنا ابن بشّارٍ، وأحمد بن الوليد القرشيّ، وابن وكيعٍ، وسوّار بن عبد اللّه العنبريّ، ومحمّد بن خالد بن خداشٍ، والحسن بن خلفٍ الواسطيّ، قالوا: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، قال: " الحفدة: الأختان ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الأختان "
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الأختان "
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الختن "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد اللّه، قال: " الأختان "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " الأختان "
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وحفدةً} قال: " الأصهار "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن ابن مسعودٍ، قال: " الحفدة: الأختان "
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عاصم بن أبي النّجود، عن زرّ بن حبيشٍ، قال: قال لي عبد اللّه بن مسعودٍ: " ما الحفدة يا زرّ؟ قال: قلت: هم حفاد الرّجل من ولده وولد ولده، قال: " لا، هم الأصهار ".
وقال آخرون: هم أعوان الرّجل وخدمه
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن وهب بن حبيبٍ الأسديّ، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ، سئل عن قوله: {بنين وحفدةً} قال: " من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشّاعر:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكفّهنّ أزمّة الأجمال "
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدّام ".
- حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن حازم بن إبراهيم البجليّ، عن سماكٍ، عن عكرمة، قال: قال: " الحفدة: الخدّام "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمران بن عيينة، عن حصينٍ، عن عكرمة، قال: " هم الّذين يعينون الرّجل من ولده وخدمه "
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة: {وحفدةً} قال: " الحفدة: من خدمك من ولدك "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن سلاّم بن سليمٍ، وقيسٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة قال: " هم الخدم ".
- حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا سلاّمٌ أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، مثله
- حدّثني محمّد بن خالدٍ، قال: حدّثني سلم، عن أبي هلالٍ، عن الحسن، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " البنين وبني البنين، من أعانك من أهلٍ وخادمٍ فقد حفدك "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن منصورٍ، عن الحسن، قال: " هم الخدم "
- حدّثني محمّد بن خالدٍ، وابن وكيعٍ، ويعقوب بن إبراهيم، قالوا: حدّثنا إسماعيل ابن عليّة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: " الحفدة: الخدم "
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، وحدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، جميعًا عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {بنين وحفدةً} قال: " ابنه وخادمه "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: {بنين وحفدةً} قال: " أنصارًا، وأعوانًا، وخدّمًا "
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا زمعة، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال: " الحفدة: الخدم ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ، مرّةً أخرى قال: " ابنه وخادمه "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: " {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} مهنةً يمهنونك ويخدمونك من ولدك، كرامةٌ أكرمكم اللّه بها "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: " الحفدة، قال: الأعوان "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن حصينٍ، عن عكرمة، قال: " الّذين يعينونه "
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: من خدمك من ولدك وولد ولدك "
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن التّيميّ، عن أبيه، عن الحسن قال: " الحفدة: الخدم "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو نعيمٍ قال: حدّثنا سفيان، عن حصينٍ، عن عكرمة: {بنين وحفدةً} قال: " ولده الّذين يعينونه ".
وقال آخرون: هم ولد الرّجل وولد ولده
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وحفدةً} قال: " هم الولد، وولد الولد "
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: البنون ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا غندرٌ، عن شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " بنوك حين يحفدونك، ويرفدونك، ويعينونك، ويخدمونك " قال جميل:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكّفّهنّ أزمّة الأجمال "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدم من ولد الرّجل هم ولده، وهم يخدمونه، قال: وليس تكون العبيد من الأزواج، كيف يكون من زوجي عبدٌ؟ إنّما الحفدة: ولد الرّجل وخدمه "
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بنين وحفدةً} يعني: " ولد الرّجل يحفدونه ويخدمونه، وكانت العرب إنّما تخدمهم أولادهم الذّكور ".
وقال آخرون: هم بنو امرأة الرّجل من غيره
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} يقول: " بنو امرأة الرّجل ليسوا منه " وقال: الحفدة: الرّجل يعمل بين يدي الرّجل، يقول: فلانٌ يحفد لنا، ويزعم رجالٌ أنّ الحفدة أختان الرّجل.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّ اللّه تعالى أخبر عباده معرّفهم نعمه عليهم، فيما جعل لهم من الأزواج والبنين، فقال تعالى: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} فأعلمهم أنّه جعل لهم من أزواجهم بنين وحفدةً، والحفدة في كلام العرب: جمع حافدٍ، كما الكذبة: جمع كاذبٍ، والفسقة: جمع فاسقٍ، والحافد في كلامهم: هو المتخفّف في الخدمة والعمل، والحفد: خفّة الرجل العمل، يقال: مرّ البعير يحفد حفدانًا: إذا مرّ يسرع في سيره ومنه، قولهم: " إليك نسعى ونحفد ": أي نسرع إلى العمل بطاعتك، يقال منه: حفد له يحفد حفدًا وحفودًا وحفدانًا، ومنه قول الرّاعي:
كلّفت مجهولها نوقًا يمانيةً = إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وإذ كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنّهم المسرعون في خدمة الرّجل المتخفّفون فيها، وكان اللّه تعالى ذكره أخبرنا أنّ ممّا أنعم به علينا أن جعل لنا حفدةً تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الّذين يصلحون للخدمة منّا ومن غيرنا، وأختاننا الّذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا، وخدمنا من مماليكنا، إذا كانوا يحفدوننا فيستحقّون اسم حفدةً، ولم يكن اللّه تعالى دلّ بظاهر تنزيله ولا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ولا بحجّة عقلٍ، على أنّه عنى بذلك نوعًا من الحفدة دون نوعٍ منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا، لم يكن لنا أن نوجّه ذلك إلى خاصٍّ من الحفدة دون عامٍ، إلاّ ما اجمعت الأمّة عليه أنّه غير داخلٍ فيهم.
وإذا كان ذلك كذلك فلكلّ الأقوال الّتي ذكرنا عمّن ذكرنا وجهٌ في الصّحّة، ومخرجٌ في التّأويل، وإن كان أولى بالصّواب من القول ما اخترنا لما بيّنّا من الدّليل. [جامع البيان: 14/295-304]

قالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبيُّ (ت: 427هـ):
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً يعني أنه خلق من آدم زوجته حوّاء وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً.
ابن عبّاس والنخعي وابن جبير وأبو الأضحى: هم الأصهار أختان الرجل على بناته.
روى شعبة عن عاصم: بن بهدلة قال: سمعت زر بن حبيش وكان رجلا غريبا أدرك الجاهلية قال: كنت أمسك على عبد الله المصحف فأتى على هذه الآية قال: هل تدري ما الحفدة، قلت: هم حشم الرجل.
قال عبد الله: لا، ولكنهم الأختان. وهذه رواية الوالبي عن ابن عبّاس.
وقال عكرمة والحسن والضحاك: هم الخدم.
مجاهد وأبو مالك الأنصاري: هم الأعوان، وهي رواية أبي حمزة عن ابن عبّاس قال:
من أعانك حفدك.
وقال الشاعر:
حفد الولائد حولهن وأسلمت ... بأكفهنّ أزمّة الإجمال
وقال عطاء: هم ولد الرجل يعينونه ويحفدونه ويرفدونه ويخدمونه
وقال قتادة: [مهنة يمتهنونكم] ويخدمونكم من أولادكم.
الكلبي ومقاتل: البنين: الصغار، والحفدة: كبار الأولاد الذين يعينونه على عمله.
مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عبّاس: إنهم ولد الولد.
ابن زيد: هم بنو المرأة من الزوج الأوّل. وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس: هم بنو امرأة الرجل الأوّل.
وقال العتبي: أصل الحفد: مداركة الخطر والإسراع في المشي.
فقيل: لكل من أسرع في الخدمة والعمل: حفدة، واحدهم حافد، ومنه يقال في دعاء الوتر: إليك نسعى ونحفد، أي نسرع إلى العمل بطاعتك.
وأنشد ابن جرير [للراعي] :
كلفت مجهولها نوقا يمانية ... إذا الحداة على أكسائها حفدوا (تفسير الثعلبي الكشف والبيان عن تفسير القرآن , ص 30-31)


قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :
واختلف الناس في قوله: "وحفدة" قال ابن عباس: الحفدة: أولاد البنين، وقال الحسن: هم بنوك وبنو بنيك، وقال ابن مسعود، وأبو الضحى، وإبراهيم، وسعيد بن جبير: الحفدة: الأصهار، وهم قرابة الزوجة، وقال مجاهد: الحفدة: الأنصار والأعوان والخدم، وحكى الزجاج أن الحفدة البنات في قول بعضهم، قال الزهراوي: لأنهن خدم الأبوين، ولأن لفظة "البنين" لا تدل عليهن، ألا ترى أنهن ليس في قول الله تبارك وتعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا}، وإنما الزينة في الذكور، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما- أيضا: الحفدة: أولاد زوجة الرجل من غيره، ولا خلاف أن معنى "الحفد" هو الخدمة والبر والمشي في الطاعة مسرعا، ومنه في القنوت: "وإليك نسعى ونحفد"، والحفدان: خبب فوق المشي، ومنه قول الشاعر وهو جميل بن معمر:
حفد الولائد بينهن وأسلمت ... بأكفهن أزمة الأجمال
[المحرر الوجيز: 5/383]
ومنه قول الآخر:
كلفت مجهولها نوقا يمانية ... إذا الحداة على أكسائها حفدوا
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه الفرق التي ذكرت أقوالها إنما بنت على أن كل أحد جعل له من أزواجه بنين وحفدة، وهذا إنما هو في الغالب وعظم الناس، ويحتمل عندي أن قوله: {من أزواجكم} إنما هو على العموم والاشتراك، أي: من أزواج البشر جعل الله لهم البنين، ومنهم جعل الخدمة، فمن لم يكن له زوجة فقد جعل الله له حفدة وحصل تلك النعمة، وأولئك الحفدة هم من الأزواج، وهكذا تترتب النعمة التي تشمل جميع العالم، وتستقيم لفظة "الحفدة" على مجراها في اللغة، إذ البشر بجملتهم لا يستغني أحد منهم عن حفدة. وقالت فرقة: الحفدة هم البنون.
[المحرر الوجيز: 5/384]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا يستقيم على أن تكون الواو عاطفة صفة لهم، كما لو قال: جعلنا لهم بنين وأعوانا، أي: وهم لهم أعوان، فكأنه قال: وهم حفدة. [المحرر الوجيز: 5/385]

قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي(ت:671هـ):
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَحَفَدَةً" رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:" بَنِينَ وَحَفَدَةً" قَالَ: الْحَفَدَةُ الْخَدَمُ وَالْأَعْوَانُ فِي رَأْيِي. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَحَفَدَةً" قَالَ هُمُ الْأَعْوَانُ، مَنْ أَعَانَكَ فَقَدْ حَفَدَكَ. قِيلَ لَهُ: فَهَلْ تَعْرِفُ العرب ذلك؟ قال نعم وتقول! أو ما سَمِعْتَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
حَفَدَ الْوَلَائِدُ حَوْلَهُنَّ وَأَسْلَمَتْ ... بِأَكُفِّهِنَّ أَزِمَّةَ الْأَجْمَالِ
أَيْ أَسْرَعْنَ الْخِدْمَةَ. وَالْوَلَائِدُ: الْخَدَمُ، الْوَاحِدَةُ وَلِيدَةٌ، قَالَ الْأَعْشَى:
كَلَّفْتُ مَجْهُولَهَا نُوقًا يَمَانِيَةً ... إِذَا الْحُدَاةُ عَلَى أَكْسَائِهَا حَفَدُوا
أَيْ أَسْرَعُوا. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْحَفَدَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْأَعْوَانُ، فَكُلُّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَطَاعَ فِيهِ وَسَارَعَ فَهُوَ حَافِدٌ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ" إِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ"، وَالْحَفَدَانُ السُّرْعَةُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْحَفْدُ الْعَمَلُ وَالْخِدْمَةُ. وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: الْحَفَدَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْخَدَمُ، وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: قِيلَ الْحَفَدَةُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ الْأَخْتَانِ، قَالَهُ ابْنُ مسعود وعلقمة وأبو الضحا وسعيد بن جبير وإبراهيم،
وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَلَوْ أَنَّ نَفْسِي طَاوَعَتْنِي لَأَصْبَحَتْ ... لَهَا حَفَدٌ مَا يُعَدُّ كَثِيرُ
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ عَلَيَّ أَبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لِإِصْهَارِ اللِّئَامِ قَذُورُ
وَرَوَى زِرٌّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: الْحَفَدَةُ الْأَصْهَارُ، وَقَالَهُ إِبْرَاهِيمُ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْخَتَنُ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ، مِثْلُ أَبِيهَا وَأَخِيهَا وَمَا أَشْبَهَهُمَا، وَالْأَصْهَارُ مِنْهَا جَمِيعًا. يُقَالُ: أَصْهَرَ فُلَانٌ إِلَى بَنِي فُلَانٍ وَصَاهَرَ. وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ هُمُ الْأَخْتَانُ، يَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا. يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَبَا الْمَرْأَةِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ أَقْرِبَائِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ تُزَوِّجُونَهُنَّ، فَيَكُونُ لَكُمْ بِسَبَبِهِنَّ أَخْتَانٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الحفدة من نفع الرجال مِنْ وَلَدِهِ، وَأَصْلُهُ مِنْ حَفَدَ يَحْفِدُ (بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ) إِذَا أَسْرَعَ فِي سَيْرِهِ، كَمَا قَالَ كَثِيرٌ:
حَفَدَ الْوَلَائِدُ بَيْنَهُنَّ ...
الْبَيْتَ.
وَيُقَالُ: حَفَدَتْ وَأَحْفَدَتْ، لُغَتَانِ إِذَا خَدَمَتْ. وَيُقَالُ: حَافِدٌ وَحَفَدٌ، مِثْلَ خَادِمٍ وَخَدَمٌ، وَحَافِدٌ وَحَفَدَةٌ مِثْلَ كَافِرٍ وَكَفَرَةٍ. قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَمَنْ جَعَلَ الْحَفَدَةَ الْخَدَمَ جَعَلَهُ مُنْقَطِعًا مِمَّا قَبْلَهُ يَنْوِي بِهِ التَّقْدِيمَ، كَأَنَّهُ قَالَ: جَعَلَ لَكُمْ حَفَدَةً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بنين. قلت: ما قال الْأَزْهَرِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَفَدَةَ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ بَلْ نَصُّهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ:" وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً" فَجَعَلَ الْحَفَدَةَ وَالْبَنِينَ مِنْهُنَّ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي قَوْلِهِ" بَنِينَ وَحَفَدَةً" أَنَّ الْبَنِينَ أَوْلَادُ الرَّجُلِ لِصُلْبِهِ وَالْحَفَدَةَ أَوْلَادُ وَلَدِهِ، وَلَيْسَ فِي قُوَّةِ اللَّفْظِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، وَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَمِنَ الْبَنِينِ حَفَدَةً. وَقَالَ مَعْنَاهُ الْحَسَنُ. الثَّالِثَةُ- إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمَالِكٍ وَعُلَمَاءِ اللُّغَةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الْحَفَدَةَ الْخَدَمُ وَالْأَعْوَانُ، فَقَدْ خَرَجَتْ خِدْمَةُ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ مِنَ الْقُرْآنِ بِأَبْدَعِ بَيَانٍ، قاله ابن العربي. (تفسير القرطبي)


قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة اللّه هم يكفرون (72)}
يذكر تعالى نعمه على عبيده، بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجًا من جنسهم وشكلهم [وزيّهم]، ولو جعل الأزواج من نوعٍ آخر لما حصل ائتلافٌ ومودّةٌ ورحمةٌ، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكورًا وإناثًا، وجعل الإناث أزواجًا للذّكور.
ثمّ ذكر تعالى أنّه جعل من الأزواج البنين والحفدة، وهم أولاد البنين. قاله ابن عبّاسٍ، وعكرمة، والحسن، والضّحّاك، وابن زيدٍ.
قال شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ: {بنين وحفدةً} هم الولد وولد الولد.
وقال سنيد: حدّثنا حجّاجٌ عن أبي بكرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: بنوك حين يحفدونك ويرفدونك ويعينونك ويخدمونك. قال جميلٌ:
حفد الولائد حولهن وأسلمت = بأكفّهن أزمّة الأجمال
وقال مجاهدٌ: {بنين وحفدةً} ابنه وخادمه. وقال في روايةٍ: الحفدة: الأنصار والأعوان والخدّام.
وقال طاوسٌ: الحفدة: الخدم وكذا قال قتادة، وأبو مالكٍ، والحسن البصريّ.
وقال عبد الرّزّاق: أنبأنا معمر، عن الحكم بن أبانٍ، عن عكرمة أنّه قال: الحفدة: من خدمك من ولدك وولد ولدك.
قال الضّحّاك: إنّما كانت العرب يخدمها بنوها.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} يقول: بنو امرأة الرّجل، ليسوا منه. ويقال: الحفدة: الرّجل يعمل بين يدي الرّجل، يقال: فلانٌ يحفد لنا قال: ويزعم رجالٌ أنّ الحفدة أختان الرّجل.
وهذا [القول] الأخير الّذي ذكره ابن عبّاسٍ قاله ابن مسعودٍ، ومسروقٌ، وأبو الضّحى، وإبراهيم النّخعيّ، وسعيد بن جبير، ومجاهدٌ، والقرظي. ورواه عكرمة، عن ابن عبّاسٍ.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: هم الأصهار.
قال ابن جريرٍ: وهذه الأقوال كلّها داخلةٌ في معنى: "الحفد" وهو الخدمة، الّذي منه قوله في القنوت: "وإليك نسعى ونحفد"، ولمّا كانت الخدمة قد تكون من الأولاد والأصهار والخدم فالنّعمة حاصلةٌ بهذا كلّه؛ ولهذا قال: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً}
قلت: فمن جعل {وحفدةً} متعلّقًا بأزواجكم فلا بدّ أن يكون المراد الأولاد، وأولاد الأولاد، والأصها ر؛ لأنّهم أزواج البنات، وأولاد الزّوجة، وكما قال الشّعبيّ والضّحّاك، فإنّهم غالبًا يكونون تحت كنف الرّجل وفي حجره وفي خدمته. وقد يكون هذا هو المراد من قوله [عليه الصّلاة] والسّلام في حديث بصرة بن أكثم: "والولد عبدٌ لك" رواه أبو داود.
وأمّا من جعل الحفدة هم الخدم فعنده أنّه معطوفٌ على قوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} أي: وجعل لكم الأزواج والأولاد. [تفسير القرآن العظيم: 4/ 586-588]


ثانيا: التفاسير اللغوية

المرتبة الاولى

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} ، يعني: النّساء.
والنّساء من الرّجال.
سعيدٌ عن قتادة قال: خلق آدم ثمّ خلق زوجته منه.
قال: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} والحفدة الخدم يعني: ولدًا يخدمونه، وولد ولده في تفسير الحسن.
عمّارٌ عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ عن الحسن، قال: بنوك وبنو بنيك، البنون والحفدة كلّ شيءٍ يحفدونك ويخدمونك.
سعيدٌ عن قتادة قال: مهنّةٌ يمهنونك ويخدمونك من ولدك.
- المعلّى عن عاصم بن بهدلة عن زرّ بن حبيشٍ عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: الحفدة الأختان.
قوله: {ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون} على الاستفهام، أي: قد آمنوا بالباطل، والباطل إبليس.
وقال السّدّيّ: {أفبالباطل يؤمنون} يعني: بعبادة الشّيطان، الشّرك، يصدّقون.
قوله: {وبنعمة اللّه هم يكفرون} هو كقوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمت اللّه كفرًا} وكقوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}،
يقول: تجعلون مكان الشّكر التّكذيب). [تفسير القرآن العظيم: 1/76-75)


قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وحفدةً...}
والحفدة الأختان، وقالوا الأعوان. ولو قيل: الحفد: كان صواباً؛ لأن واحدهم حافد فيكون بمنزلة الغائب والغيب والقاعد والقعد). [معاني القرآن: 2/110]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت اللّه هم يكفرون}
جاء في التفسير أن الله خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم، فهو معنى جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم.
وقوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}.
اختلف الناس في تفسير الحفدة، فقيل الأولاد، وقيل البنات وقيل الأختان، وقيل الأصهار، وقيل الأعوان.
وحقيقة هذا أن اللّه عزّ وجلّ جعل من الأزواج بنين ومن يعاون على ما يحتاج إليه بسرعة وطاعة، يقال حفد يحفد حفدا وحفدا وحفدانا إذا أسرع.
قال الشاعر:

حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفّـــهـــنّ أزمّـــــــــــة الأجــــــمــــــال

معناه أسرعوا في الخدمة). [معاني القرآن: 3/213-212]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
( وقوله جل وعز: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} روى سعيد عن قتادة في قوله: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} قال خلق حواء من ضلع آدم
وقال غيره جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم). [معاني القرآن: 4/87]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
( ثم قال جل وعز: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}
روى سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود قال الحفدة الأختان
وروى سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال الحفدة الأصهار
وروى شعبة عن زر قال سألني ابن مسعود عن الحفدة فقلت هم الأعوان قال هم الأختان وقال علقمه وأبو الضحى الحفدة الأختان وقال إبراهيم الحفدة الأصهار قال أبو جعفر وقد اختلف في الأختان والأصهار
فقال محمد بن الحسن الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه والصهر من كان من قبل المرأة نحو أبيها وعمتها وخالها
وقال ابن الأعرابي ضد هذا في الأختان والأصهار وقال الأصمعي الختن من كان من قبل المرأة مثل أبيها وأخيها وما أشبههما والأصهار منهما جميعا يقال أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر
وقول عبد الله بن مسعود هم الأختان يحتمل المعنيين جميعا يجوز أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبه من أقربائها ويجوز أن يكون أراد وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات وتزوجونهم فيكون لكم بسببهن أختان
وقد قيل في الآية غير هذا قال عكرمة الحفدة ولد الرجل من نفعة منهم وقال الحسن وطاووس ومجاهد الحفدة الخدم
قال أبو جعفر وأصل الحفدة في اللغة الخدمة والعمل يقال حفد يحفد حفدا وحفودا وحفدانا إذا خدم وعمل ومنه وإليك نسعى ونحفد ومنه قول الشاعر:

حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفـــهـــن أزمـــــــــــة الأجــــــمــــــال

وقول من قال هم الخدم حسن على هذا إلا إنه يكون منقطعا مما قبله عند أبي عبيد وينوي به التقديم والتأخير كأنه قال وجعل لكم حفدة أي خدما وجعل لكم من أزواجكم بنين). [معاني القرآن: 4/90-87]


المرتبة الثانية
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {بنين وحفدةً} الحفدة: الخدم والأعوان. ويقال: هم بنون وخدم.
ويقال: الحفدة الأصهار. وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه
يقال في دعاء الوتر: وإليك نسعى ونحفد). [تفسير غريب القرآن: 247-246]

المرتبة الثالثة
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) :
(في حديث عمر رضي الله عنه
في قنوت الفجر قوله: وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.
قوله: نحفد، أصل الحفد الخدمة والعمل، يقال: حفد يحفد حفدا وقال الأخطل:

حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفـــهـــن أزمـــــــــــة الأجــــــمــــــال

أراد خدمهن الولائد وقال الشاعر:

كــلــفـــت مـجـهـولــهــا نـــوقــــا يــمــانــيــةإذا الحداة على أكسائها حفدوا

وقد روي عن مجاهد في قوله عز وعلا: {بنين وحفدة}
أنهم الخدم، وعن عبد الله أنهم الأصهار.
قال: حدثناه ابن مهدي عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله والله أعلم.
وأما المعروف في كلامهم فإن الحفد هو الخدمة، فقوله: نسعى ونحفد، هو من ذاك، يقول: إنا نعبدك ونسعى في طلب رضاك. وفيها لغة أخرى: أحفد إحفادا قال الراعي:

مزايد خرقـاء اليديـن مسيفـةأخب بهن المخلفان وأحفدا

فقد يكون قوله: أحفدا أخدما، وقد يكون أحفدا غيرهما أعملا بعيرهما، فأراد عمر بقوله: وإليك نسعى ونحفد: العمل لله بطاعته). [غريب الحديث: 4/264-266]

المرتبة الرابعة
قال أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري(ت:538هـ):
والحفدة: جمع حافد، وهو الذي يحفد، أى يسرع في الطاعة والخدمة. ومنه قول القانت. وإليك نسعى ونحفد وقال:
حَفَدَ الْوَلَائِدَ بَيْنَهُنَّ وَأُسْلِمَتْ ... بِأَكُفِّهِنَّ أزِمَّةَ الأَجْمَالِ «3»
واختلف فيهم فقيل: هم الأختان على البنات «4» وقيل: أولاد الأولاد. وقيل: أولاد المرأة من الزوج الأوّل. وقيل: المعنى وجعل لكم حفدة، أى خدما يحفدون في مصالحكم ويعينونكم ويجوز أن يراد بالحفدة: البنون أنفسهم، كقوله سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً كأنه قيل: وجعل لكم منهنّ أولاداً هم بنون وهم حافدون، أى جامعون بين الأمرين مِنَ الطَّيِّباتِ يريد بعضها، لأنّ كل الطيبات في الجنة، وما طيبات الدنيا إلا أنموذج منها . (تفسير الزمخشري الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل 2/621)

قال أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي(ت:745هـ):
وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَطْفَ حَفَدَةً عَلَى بَنِينَ يُفِيدُ كَوْنَ الْجَمِيعِ مِنَ الْأَزْوَاجِ، وَأَنَّهُمْ غَيْرُ الْبَنِينَ.
فَقَالَ الْحَسَنُ: هُمْ بَنُو ابْنِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْأَزْهَرِيُّ: الْحَفَدَةُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: الْبَنُونَ صِغَارُ الْأَوْلَادِ، وَالْحَفَدَةُ كِبَارُهُمْ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ:
بِعَكْسِهِ، وَقِيلَ: الْبَنَاتُ لِأَنَّهُنَّ يَخْدِمْنَ فِي الْبُيُوتِ أَتَمَّ خِدْمَةٍ. فَفِي هَذَا الْقَوْلِ خَصَّ الْبَنِينَ بِالذُّكْرَانِ لِأَنَّهُ جَمْعٌ مُذَكَّرٌ كَمَا قَالَ: الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا «1» وَإِنَّمَا الزِّينَةُ فِي الذُّكُورَةِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُمْ أَوْلَادُ الزَّوْجَةِ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ الَّتِي هِيَ فِي عِصْمَتِهِ. وَقِيلَ:
وَحَفَدَةً مَنْصُوبٌ بِجَعَلَ مُضْمَرَةً، وَلَيْسُوا دَاخِلِينَ فِي كَوْنِهِمْ مِنَ الْأَزْوَاجِ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَعَلْقَمَةُ، وَأَبُو الضُّحَى، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْأَصْهَارُ، وَهُمْ قَرَابَةُ الزَّوْجَةِ كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُمُ الْأَنْصَارُ وَالْأَعْوَانُ وَالْخَدَمُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْحَفَدَةُ هُمُ الْبَنُونَ أَيْ: جَامِعُونَ بَيْنَ الْبُنُوَّةِ وَالْخِدْمَةِ، فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الصِّفَاتِ لِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ مَا مَعْنَاهُ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ جَعَلَ لَهُ مِنْ زَوْجِهِ بَنِينَ وَحَفَدَةً، وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْغَالِبِ وعظم النَّاسِ. وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ، إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْعُمُومِ وَالِاشْتِرَاكِ أَيْ:
مِنْ أَزْوَاجِ الْبَشَرِ جَعَلَ اللَّهُ مِنْهُمُ الْبَنِينَ، وَمِنْهُمْ جَعَلَ الْخِدْمَةَ، وَهَكَذَا رَتَّبَتِ الْآيَةُ النِّعْمَةَ الَّتِي تَشْمَلُ الْعَالَمَ. وَيَسْتَقِيمُ لَفْظُ الْحَفَدَةِ عَلَى مَجْرَاهَا فِي اللُّغَةِ، إِذِ الْبَشَرُ بِجُمْلَتِهِمْ لَا يَسْتَغْنِي أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ حَفَدَةٍ انْتَهَى(البحر المحيط:6/564)

قال محمد الطاهر بن عاشور(ت:1393هـ):
وَالْحَفَدَةُ: جَمْعُ حَافِدٍ، مِثْلُ كَمَلَةٍ جَمْعُ كَامِلٍ. وَالْحَافِدُ أَصْلُهُ الْمُسْرِعُ فِي الْخِدْمَةِ.
وَأُطْلِقَ عَلَى ابْنِ الِابْنِ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ أَنْ يَخْدِمَ جَدَّهُ لِضَعْفِ الْجَدِّ بِسَبَبِ الْكِبَرِ، فَأَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى
الْإِنْسَانِ بِحِفْظِ سِلْسِلَةِ نَسَبِهِ بِسَبَبِ ضَبْطِ الْحَلْقَةِ الْأُولَى مِنْهَا، وَهِيَ كَوْنُ أَبْنَائِهِ مِنْ زَوْجِهِ ثُمَّ كَوْنُ أَبْنَاءِ أَبْنَائِهِ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، فَانْضَبَطَتْ سِلْسِلَةُ الْأَنْسَابِ بِهَذَا النِّظَامِ الْمُحْكَمِ الْبَدِيعِ.
وَغَيْرُ الْإِنْسَانِ مِنَ الْحَيَوَانِ لَا يَشْعُرُ بِحَفَدَتِهِ أَصْلًا- لَا يَشْعُرُ بِالْبُنُوَّةِ إِلَّا أُنْثَى الْحَيَوَانِ مُدَّةً قَلِيلَةً قَرِيبَةً مِنَ الْإِرْضَاعِ. وَالْحَفَدَةُ لِلْإِنْسَانِ زِيَادَةٌ فِي مَسَرَّةِ الْعَائِلَةِ، قَالَ تَعَالَى: فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ [سُورَة هود: 71] . وَقَدْ عَمِلَتْ مِنْ الِابْتِدَائِيَّةُ فِي حَفَدَةً بِوَاسِطَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ يَكُونُ مُبَاشَرَةً وَبِوَاسِطَةٍ. [ التحرير والتنوير: 14/ 218 - 219]


المرتبة الخامسة
لم أجد في كتب هذه المرتبة المذكورة في الدرس معنى الحفدة في قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 جمادى الآخرة 1442هـ/26-01-2021م, 12:08 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مريم البلوشي مشاهدة المشاركة
معنى الحفدة في قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}

أولا : جمع أقوال السلف في المسألة :


قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (
اختلف أهل التّأويل في المعني بالحفدة، فقال بعضهم: هم الأختان، أختان الرّجل على بناته.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا أبو معاوية، قال: حدّثنا أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرٍو، عن ابن حبيشٍ، عن عبد اللّه: {بنين وحفدةً} قال: " الأختان "
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، عن عاصمٍ، عن ورقاء، سألت عبد اللّه: " ما تقول في الحفدة؟ هم حشم الرّجل يا أبا عبد الرّحمن؟ قال: " لا، ولكنّهم الأختان "
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن، وحدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قالا جميعًا: حدّثنا سفيان، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حبيشٍ، عن عبد اللّه قال: " الحفدة: الأختان ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان بإسناده عن عبد اللّه، مثله
- حدّثنا ابن بشّارٍ، وأحمد بن الوليد القرشيّ، وابن وكيعٍ، وسوّار بن عبد اللّه العنبريّ، ومحمّد بن خالد بن خداشٍ، والحسن بن خلفٍ الواسطيّ، قالوا: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، قال: " الحفدة: الأختان ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الأختان "
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الأختان "
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الختن "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد اللّه، قال: " الأختان "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " الأختان "
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وحفدةً} قال: " الأصهار "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن ابن مسعودٍ، قال: " الحفدة: الأختان "
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عاصم بن أبي النّجود، عن زرّ بن حبيشٍ، قال: قال لي عبد اللّه بن مسعودٍ: " ما الحفدة يا زرّ؟ قال: قلت: هم حفاد الرّجل من ولده وولد ولده، قال: " لا، هم الأصهار ".
وقال آخرون: هم أعوان الرّجل وخدمه
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن وهب بن حبيبٍ الأسديّ، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ، سئل عن قوله: {بنين وحفدةً} قال: " من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشّاعر:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكفّهنّ أزمّة الأجمال "
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدّام ".
- حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن حازم بن إبراهيم البجليّ، عن سماكٍ، عن عكرمة، قال: قال: " الحفدة: الخدّام "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمران بن عيينة، عن حصينٍ، عن عكرمة، قال: " هم الّذين يعينون الرّجل من ولده وخدمه "
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة: {وحفدةً} قال: " الحفدة: من خدمك من ولدك "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن سلاّم بن سليمٍ، وقيسٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة قال: " هم الخدم ".
- حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا سلاّمٌ أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، مثله
- حدّثني محمّد بن خالدٍ، قال: حدّثني سلم، عن أبي هلالٍ، عن الحسن، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " البنين وبني البنين، من أعانك من أهلٍ وخادمٍ فقد حفدك "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن منصورٍ، عن الحسن، قال: " هم الخدم "
- حدّثني محمّد بن خالدٍ، وابن وكيعٍ، ويعقوب بن إبراهيم، قالوا: حدّثنا إسماعيل ابن عليّة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: " الحفدة: الخدم "
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، وحدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، جميعًا عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {بنين وحفدةً} قال: " ابنه وخادمه "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: {بنين وحفدةً} قال: " أنصارًا، وأعوانًا، وخدّمًا "
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا زمعة، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال: " الحفدة: الخدم ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ، مرّةً أخرى قال: " ابنه وخادمه "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: " {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} مهنةً يمهنونك ويخدمونك من ولدك، كرامةٌ أكرمكم اللّه بها "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: " الحفدة، قال: الأعوان "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن حصينٍ، عن عكرمة، قال: " الّذين يعينونه "
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: من خدمك من ولدك وولد ولدك "
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن التّيميّ، عن أبيه، عن الحسن قال: " الحفدة: الخدم "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو نعيمٍ قال: حدّثنا سفيان، عن حصينٍ، عن عكرمة: {بنين وحفدةً} قال: " ولده الّذين يعينونه ".
وقال آخرون: هم ولد الرّجل وولد ولده
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وحفدةً} قال: " هم الولد، وولد الولد "
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: البنون ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا غندرٌ، عن شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " بنوك حين يحفدونك، ويرفدونك، ويعينونك، ويخدمونك " قال جميل:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكّفّهنّ أزمّة الأجمال "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدم من ولد الرّجل هم ولده، وهم يخدمونه، قال: وليس تكون العبيد من الأزواج، كيف يكون من زوجي عبدٌ؟ إنّما الحفدة: ولد الرّجل وخدمه "
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بنين وحفدةً} يعني: " ولد الرّجل يحفدونه ويخدمونه، وكانت العرب إنّما تخدمهم أولادهم الذّكور ".
وقال آخرون: هم بنو امرأة الرّجل من غيره
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} يقول: " بنو امرأة الرّجل ليسوا منه " وقال: الحفدة: الرّجل يعمل بين يدي الرّجل، يقول: فلانٌ يحفد لنا، ويزعم رجالٌ أنّ الحفدة أختان الرّجل.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّ اللّه تعالى أخبر عباده معرّفهم نعمه عليهم، فيما جعل لهم من الأزواج والبنين، فقال تعالى: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} فأعلمهم أنّه جعل لهم من أزواجهم بنين وحفدةً، والحفدة في كلام العرب: جمع حافدٍ، كما الكذبة: جمع كاذبٍ، والفسقة: جمع فاسقٍ، والحافد في كلامهم: هو المتخفّف في الخدمة والعمل، والحفد: خفّة الرجل العمل، يقال: مرّ البعير يحفد حفدانًا: إذا مرّ يسرع في سيره ومنه، قولهم: " إليك نسعى ونحفد ": أي نسرع إلى العمل بطاعتك، يقال منه: حفد له يحفد حفدًا وحفودًا وحفدانًا، ومنه قول الرّاعي:
كلّفت مجهولها نوقًا يمانيةً = إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وإذ كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنّهم المسرعون في خدمة الرّجل المتخفّفون فيها، وكان اللّه تعالى ذكره أخبرنا أنّ ممّا أنعم به علينا أن جعل لنا حفدةً تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الّذين يصلحون للخدمة منّا ومن غيرنا، وأختاننا الّذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا، وخدمنا من مماليكنا، إذا كانوا يحفدوننا فيستحقّون اسم حفدةً، ولم يكن اللّه تعالى دلّ بظاهر تنزيله ولا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ولا بحجّة عقلٍ، على أنّه عنى بذلك نوعًا من الحفدة دون نوعٍ منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا، لم يكن لنا أن نوجّه ذلك إلى خاصٍّ من الحفدة دون عامٍ، إلاّ ما اجمعت الأمّة عليه أنّه غير داخلٍ فيهم.
وإذا كان ذلك كذلك فلكلّ الأقوال الّتي ذكرنا عمّن ذكرنا وجهٌ في الصّحّة، ومخرجٌ في التّأويل، وإن كان أولى بالصّواب من القول ما اخترنا لما بيّنّا من الدّليل. [جامع البيان: 14/295-304]

قالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبيُّ (ت: 427هـ):
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً يعني أنه خلق من آدم زوجته حوّاء وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً.
ابن عبّاس والنخعي وابن جبير وأبو الأضحى: هم الأصهار أختان الرجل على بناته.
روى شعبة عن عاصم: بن بهدلة قال: سمعت زر بن حبيش وكان رجلا غريبا أدرك الجاهلية قال: كنت أمسك على عبد الله المصحف فأتى على هذه الآية قال: هل تدري ما الحفدة، قلت: هم حشم الرجل.
قال عبد الله: لا، ولكنهم الأختان. وهذه رواية الوالبي عن ابن عبّاس.
وقال عكرمة والحسن والضحاك: هم الخدم.
مجاهد وأبو مالك الأنصاري: هم الأعوان، وهي رواية أبي حمزة عن ابن عبّاس قال:
من أعانك حفدك.
وقال الشاعر:
حفد الولائد حولهن وأسلمت ... بأكفهنّ أزمّة الإجمال
وقال عطاء: هم ولد الرجل يعينونه ويحفدونه ويرفدونه ويخدمونه
وقال قتادة: [مهنة يمتهنونكم] ويخدمونكم من أولادكم.
الكلبي ومقاتل: البنين: الصغار، والحفدة: كبار الأولاد الذين يعينونه على عمله.
مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عبّاس: إنهم ولد الولد.
ابن زيد: هم بنو المرأة من الزوج الأوّل. وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس: هم بنو امرأة الرجل الأوّل.
وقال العتبي: أصل الحفد: مداركة الخطر والإسراع في المشي.
فقيل: لكل من أسرع في الخدمة والعمل: حفدة، واحدهم حافد، ومنه يقال في دعاء الوتر: إليك نسعى ونحفد، أي نسرع إلى العمل بطاعتك.
وأنشد ابن جرير [للراعي] :
كلفت مجهولها نوقا يمانية ... إذا الحداة على أكسائها حفدوا (تفسير الثعلبي الكشف والبيان عن تفسير القرآن , ص 30-31)


قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :
واختلف الناس في قوله: "وحفدة" قال ابن عباس: الحفدة: أولاد البنين، وقال الحسن: هم بنوك وبنو بنيك، وقال ابن مسعود، وأبو الضحى، وإبراهيم، وسعيد بن جبير: الحفدة: الأصهار، وهم قرابة الزوجة، وقال مجاهد: الحفدة: الأنصار والأعوان والخدم، وحكى الزجاج أن الحفدة البنات في قول بعضهم، قال الزهراوي: لأنهن خدم الأبوين، ولأن لفظة "البنين" لا تدل عليهن، ألا ترى أنهن ليس في قول الله تبارك وتعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا}، وإنما الزينة في الذكور، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما- أيضا: الحفدة: أولاد زوجة الرجل من غيره، ولا خلاف أن معنى "الحفد" هو الخدمة والبر والمشي في الطاعة مسرعا، ومنه في القنوت: "وإليك نسعى ونحفد"، والحفدان: خبب فوق المشي، ومنه قول الشاعر وهو جميل بن معمر:
حفد الولائد بينهن وأسلمت ... بأكفهن أزمة الأجمال
[المحرر الوجيز: 5/383]
ومنه قول الآخر:
كلفت مجهولها نوقا يمانية ... إذا الحداة على أكسائها حفدوا
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه الفرق التي ذكرت أقوالها إنما بنت على أن كل أحد جعل له من أزواجه بنين وحفدة، وهذا إنما هو في الغالب وعظم الناس، ويحتمل عندي أن قوله: {من أزواجكم} إنما هو على العموم والاشتراك، أي: من أزواج البشر جعل الله لهم البنين، ومنهم جعل الخدمة، فمن لم يكن له زوجة فقد جعل الله له حفدة وحصل تلك النعمة، وأولئك الحفدة هم من الأزواج، وهكذا تترتب النعمة التي تشمل جميع العالم، وتستقيم لفظة "الحفدة" على مجراها في اللغة، إذ البشر بجملتهم لا يستغني أحد منهم عن حفدة. وقالت فرقة: الحفدة هم البنون.
[المحرر الوجيز: 5/384]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا يستقيم على أن تكون الواو عاطفة صفة لهم، كما لو قال: جعلنا لهم بنين وأعوانا، أي: وهم لهم أعوان، فكأنه قال: وهم حفدة. [المحرر الوجيز: 5/385]

قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي(ت:671هـ):
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَحَفَدَةً" رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:" بَنِينَ وَحَفَدَةً" قَالَ: الْحَفَدَةُ الْخَدَمُ وَالْأَعْوَانُ فِي رَأْيِي. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَحَفَدَةً" قَالَ هُمُ الْأَعْوَانُ، مَنْ أَعَانَكَ فَقَدْ حَفَدَكَ. قِيلَ لَهُ: فَهَلْ تَعْرِفُ العرب ذلك؟ قال نعم وتقول! أو ما سَمِعْتَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
حَفَدَ الْوَلَائِدُ حَوْلَهُنَّ وَأَسْلَمَتْ ... بِأَكُفِّهِنَّ أَزِمَّةَ الْأَجْمَالِ
أَيْ أَسْرَعْنَ الْخِدْمَةَ. وَالْوَلَائِدُ: الْخَدَمُ، الْوَاحِدَةُ وَلِيدَةٌ، قَالَ الْأَعْشَى:
كَلَّفْتُ مَجْهُولَهَا نُوقًا يَمَانِيَةً ... إِذَا الْحُدَاةُ عَلَى أَكْسَائِهَا حَفَدُوا
أَيْ أَسْرَعُوا. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْحَفَدَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْأَعْوَانُ، فَكُلُّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَطَاعَ فِيهِ وَسَارَعَ فَهُوَ حَافِدٌ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ" إِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ"، وَالْحَفَدَانُ السُّرْعَةُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْحَفْدُ الْعَمَلُ وَالْخِدْمَةُ. وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: الْحَفَدَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْخَدَمُ، وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: قِيلَ الْحَفَدَةُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ الْأَخْتَانِ، قَالَهُ ابْنُ مسعود وعلقمة وأبو الضحا وسعيد بن جبير وإبراهيم،
وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَلَوْ أَنَّ نَفْسِي طَاوَعَتْنِي لَأَصْبَحَتْ ... لَهَا حَفَدٌ مَا يُعَدُّ كَثِيرُ
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ عَلَيَّ أَبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لِإِصْهَارِ اللِّئَامِ قَذُورُ
وَرَوَى زِرٌّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: الْحَفَدَةُ الْأَصْهَارُ، وَقَالَهُ إِبْرَاهِيمُ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْخَتَنُ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ، مِثْلُ أَبِيهَا وَأَخِيهَا وَمَا أَشْبَهَهُمَا، وَالْأَصْهَارُ مِنْهَا جَمِيعًا. يُقَالُ: أَصْهَرَ فُلَانٌ إِلَى بَنِي فُلَانٍ وَصَاهَرَ. وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ هُمُ الْأَخْتَانُ، يَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا. يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَبَا الْمَرْأَةِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ أَقْرِبَائِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ تُزَوِّجُونَهُنَّ، فَيَكُونُ لَكُمْ بِسَبَبِهِنَّ أَخْتَانٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الحفدة من نفع الرجال مِنْ وَلَدِهِ، وَأَصْلُهُ مِنْ حَفَدَ يَحْفِدُ (بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ) إِذَا أَسْرَعَ فِي سَيْرِهِ، كَمَا قَالَ كَثِيرٌ:
حَفَدَ الْوَلَائِدُ بَيْنَهُنَّ ...
الْبَيْتَ.
وَيُقَالُ: حَفَدَتْ وَأَحْفَدَتْ، لُغَتَانِ إِذَا خَدَمَتْ. وَيُقَالُ: حَافِدٌ وَحَفَدٌ، مِثْلَ خَادِمٍ وَخَدَمٌ، وَحَافِدٌ وَحَفَدَةٌ مِثْلَ كَافِرٍ وَكَفَرَةٍ. قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَمَنْ جَعَلَ الْحَفَدَةَ الْخَدَمَ جَعَلَهُ مُنْقَطِعًا مِمَّا قَبْلَهُ يَنْوِي بِهِ التَّقْدِيمَ، كَأَنَّهُ قَالَ: جَعَلَ لَكُمْ حَفَدَةً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بنين. قلت: ما قال الْأَزْهَرِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَفَدَةَ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ بَلْ نَصُّهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ:" وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً" فَجَعَلَ الْحَفَدَةَ وَالْبَنِينَ مِنْهُنَّ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي قَوْلِهِ" بَنِينَ وَحَفَدَةً" أَنَّ الْبَنِينَ أَوْلَادُ الرَّجُلِ لِصُلْبِهِ وَالْحَفَدَةَ أَوْلَادُ وَلَدِهِ، وَلَيْسَ فِي قُوَّةِ اللَّفْظِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، وَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَمِنَ الْبَنِينِ حَفَدَةً. وَقَالَ مَعْنَاهُ الْحَسَنُ. الثَّالِثَةُ- إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمَالِكٍ وَعُلَمَاءِ اللُّغَةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الْحَفَدَةَ الْخَدَمُ وَالْأَعْوَانُ، فَقَدْ خَرَجَتْ خِدْمَةُ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ مِنَ الْقُرْآنِ بِأَبْدَعِ بَيَانٍ، قاله ابن العربي. (تفسير القرطبي)


قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة اللّه هم يكفرون (72)}
يذكر تعالى نعمه على عبيده، بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجًا من جنسهم وشكلهم [وزيّهم]، ولو جعل الأزواج من نوعٍ آخر لما حصل ائتلافٌ ومودّةٌ ورحمةٌ، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكورًا وإناثًا، وجعل الإناث أزواجًا للذّكور.
ثمّ ذكر تعالى أنّه جعل من الأزواج البنين والحفدة، وهم أولاد البنين. قاله ابن عبّاسٍ، وعكرمة، والحسن، والضّحّاك، وابن زيدٍ.
قال شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ: {بنين وحفدةً} هم الولد وولد الولد.
وقال سنيد: حدّثنا حجّاجٌ عن أبي بكرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: بنوك حين يحفدونك ويرفدونك ويعينونك ويخدمونك. قال جميلٌ:
حفد الولائد حولهن وأسلمت = بأكفّهن أزمّة الأجمال
وقال مجاهدٌ: {بنين وحفدةً} ابنه وخادمه. وقال في روايةٍ: الحفدة: الأنصار والأعوان والخدّام.
وقال طاوسٌ: الحفدة: الخدم وكذا قال قتادة، وأبو مالكٍ، والحسن البصريّ.
وقال عبد الرّزّاق: أنبأنا معمر، عن الحكم بن أبانٍ، عن عكرمة أنّه قال: الحفدة: من خدمك من ولدك وولد ولدك.
قال الضّحّاك: إنّما كانت العرب يخدمها بنوها.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} يقول: بنو امرأة الرّجل، ليسوا منه. ويقال: الحفدة: الرّجل يعمل بين يدي الرّجل، يقال: فلانٌ يحفد لنا قال: ويزعم رجالٌ أنّ الحفدة أختان الرّجل.
وهذا [القول] الأخير الّذي ذكره ابن عبّاسٍ قاله ابن مسعودٍ، ومسروقٌ، وأبو الضّحى، وإبراهيم النّخعيّ، وسعيد بن جبير، ومجاهدٌ، والقرظي. ورواه عكرمة، عن ابن عبّاسٍ.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: هم الأصهار.
قال ابن جريرٍ: وهذه الأقوال كلّها داخلةٌ في معنى: "الحفد" وهو الخدمة، الّذي منه قوله في القنوت: "وإليك نسعى ونحفد"، ولمّا كانت الخدمة قد تكون من الأولاد والأصهار والخدم فالنّعمة حاصلةٌ بهذا كلّه؛ ولهذا قال: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً}
قلت: فمن جعل {وحفدةً} متعلّقًا بأزواجكم فلا بدّ أن يكون المراد الأولاد، وأولاد الأولاد، والأصها ر؛ لأنّهم أزواج البنات، وأولاد الزّوجة، وكما قال الشّعبيّ والضّحّاك، فإنّهم غالبًا يكونون تحت كنف الرّجل وفي حجره وفي خدمته. وقد يكون هذا هو المراد من قوله [عليه الصّلاة] والسّلام في حديث بصرة بن أكثم: "والولد عبدٌ لك" رواه أبو داود.
وأمّا من جعل الحفدة هم الخدم فعنده أنّه معطوفٌ على قوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} أي: وجعل لكم الأزواج والأولاد. [تفسير القرآن العظيم: 4/ 586-588]


ثانيا: التفاسير اللغوية

المرتبة الاولى

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} ، يعني: النّساء.
والنّساء من الرّجال.
سعيدٌ عن قتادة قال: خلق آدم ثمّ خلق زوجته منه.
قال: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} والحفدة الخدم يعني: ولدًا يخدمونه، وولد ولده في تفسير الحسن.
عمّارٌ عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ عن الحسن، قال: بنوك وبنو بنيك، البنون والحفدة كلّ شيءٍ يحفدونك ويخدمونك.
سعيدٌ عن قتادة قال: مهنّةٌ يمهنونك ويخدمونك من ولدك.
- المعلّى عن عاصم بن بهدلة عن زرّ بن حبيشٍ عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: الحفدة الأختان.
قوله: {ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون} على الاستفهام، أي: قد آمنوا بالباطل، والباطل إبليس.
وقال السّدّيّ: {أفبالباطل يؤمنون} يعني: بعبادة الشّيطان، الشّرك، يصدّقون.
قوله: {وبنعمة اللّه هم يكفرون} هو كقوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمت اللّه كفرًا} وكقوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}،
يقول: تجعلون مكان الشّكر التّكذيب). [تفسير القرآن العظيم: 1/76-75)


قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وحفدةً...}
والحفدة الأختان، وقالوا الأعوان. ولو قيل: الحفد: كان صواباً؛ لأن واحدهم حافد فيكون بمنزلة الغائب والغيب والقاعد والقعد). [معاني القرآن: 2/110]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت اللّه هم يكفرون}
جاء في التفسير أن الله خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم، فهو معنى جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم.
وقوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}.
اختلف الناس في تفسير الحفدة، فقيل الأولاد، وقيل البنات وقيل الأختان، وقيل الأصهار، وقيل الأعوان.
وحقيقة هذا أن اللّه عزّ وجلّ جعل من الأزواج بنين ومن يعاون على ما يحتاج إليه بسرعة وطاعة، يقال حفد يحفد حفدا وحفدا وحفدانا إذا أسرع.
قال الشاعر:

حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفّـــهـــنّ أزمّـــــــــــة الأجــــــمــــــال

معناه أسرعوا في الخدمة). [معاني القرآن: 3/213-212]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
( وقوله جل وعز: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} روى سعيد عن قتادة في قوله: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} قال خلق حواء من ضلع آدم
وقال غيره جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم). [معاني القرآن: 4/87]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
( ثم قال جل وعز: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}
روى سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود قال الحفدة الأختان
وروى سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال الحفدة الأصهار
وروى شعبة عن زر قال سألني ابن مسعود عن الحفدة فقلت هم الأعوان قال هم الأختان وقال علقمه وأبو الضحى الحفدة الأختان وقال إبراهيم الحفدة الأصهار قال أبو جعفر وقد اختلف في الأختان والأصهار
فقال محمد بن الحسن الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه والصهر من كان من قبل المرأة نحو أبيها وعمتها وخالها
وقال ابن الأعرابي ضد هذا في الأختان والأصهار وقال الأصمعي الختن من كان من قبل المرأة مثل أبيها وأخيها وما أشبههما والأصهار منهما جميعا يقال أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر
وقول عبد الله بن مسعود هم الأختان يحتمل المعنيين جميعا يجوز أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبه من أقربائها ويجوز أن يكون أراد وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات وتزوجونهم فيكون لكم بسببهن أختان
وقد قيل في الآية غير هذا قال عكرمة الحفدة ولد الرجل من نفعة منهم وقال الحسن وطاووس ومجاهد الحفدة الخدم
قال أبو جعفر وأصل الحفدة في اللغة الخدمة والعمل يقال حفد يحفد حفدا وحفودا وحفدانا إذا خدم وعمل ومنه وإليك نسعى ونحفد ومنه قول الشاعر:

حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفـــهـــن أزمـــــــــــة الأجــــــمــــــال

وقول من قال هم الخدم حسن على هذا إلا إنه يكون منقطعا مما قبله عند أبي عبيد وينوي به التقديم والتأخير كأنه قال وجعل لكم حفدة أي خدما وجعل لكم من أزواجكم بنين). [معاني القرآن: 4/90-87]


المرتبة الثانية
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {بنين وحفدةً} الحفدة: الخدم والأعوان. ويقال: هم بنون وخدم.
ويقال: الحفدة الأصهار. وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه
يقال في دعاء الوتر: وإليك نسعى ونحفد). [تفسير غريب القرآن: 247-246]

المرتبة الثالثة
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) :
(في حديث عمر رضي الله عنه
في قنوت الفجر قوله: وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.
قوله: نحفد، أصل الحفد الخدمة والعمل، يقال: حفد يحفد حفدا وقال الأخطل:

حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفـــهـــن أزمـــــــــــة الأجــــــمــــــال

أراد خدمهن الولائد وقال الشاعر:

كــلــفـــت مـجـهـولــهــا نـــوقــــا يــمــانــيــةإذا الحداة على أكسائها حفدوا

وقد روي عن مجاهد في قوله عز وعلا: {بنين وحفدة}
أنهم الخدم، وعن عبد الله أنهم الأصهار.
قال: حدثناه ابن مهدي عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله والله أعلم.
وأما المعروف في كلامهم فإن الحفد هو الخدمة، فقوله: نسعى ونحفد، هو من ذاك، يقول: إنا نعبدك ونسعى في طلب رضاك. وفيها لغة أخرى: أحفد إحفادا قال الراعي:

مزايد خرقـاء اليديـن مسيفـةأخب بهن المخلفان وأحفدا

فقد يكون قوله: أحفدا أخدما، وقد يكون أحفدا غيرهما أعملا بعيرهما، فأراد عمر بقوله: وإليك نسعى ونحفد: العمل لله بطاعته). [غريب الحديث: 4/264-266]

المرتبة الرابعة
قال أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري(ت:538هـ):
والحفدة: جمع حافد، وهو الذي يحفد، أى يسرع في الطاعة والخدمة. ومنه قول القانت. وإليك نسعى ونحفد وقال:
حَفَدَ الْوَلَائِدَ بَيْنَهُنَّ وَأُسْلِمَتْ ... بِأَكُفِّهِنَّ أزِمَّةَ الأَجْمَالِ «3»
واختلف فيهم فقيل: هم الأختان على البنات «4» وقيل: أولاد الأولاد. وقيل: أولاد المرأة من الزوج الأوّل. وقيل: المعنى وجعل لكم حفدة، أى خدما يحفدون في مصالحكم ويعينونكم ويجوز أن يراد بالحفدة: البنون أنفسهم، كقوله سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً كأنه قيل: وجعل لكم منهنّ أولاداً هم بنون وهم حافدون، أى جامعون بين الأمرين مِنَ الطَّيِّباتِ يريد بعضها، لأنّ كل الطيبات في الجنة، وما طيبات الدنيا إلا أنموذج منها . (تفسير الزمخشري الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل 2/621)

قال أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي(ت:745هـ):
وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَطْفَ حَفَدَةً عَلَى بَنِينَ يُفِيدُ كَوْنَ الْجَمِيعِ مِنَ الْأَزْوَاجِ، وَأَنَّهُمْ غَيْرُ الْبَنِينَ.
فَقَالَ الْحَسَنُ: هُمْ بَنُو ابْنِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْأَزْهَرِيُّ: الْحَفَدَةُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: الْبَنُونَ صِغَارُ الْأَوْلَادِ، وَالْحَفَدَةُ كِبَارُهُمْ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ:
بِعَكْسِهِ، وَقِيلَ: الْبَنَاتُ لِأَنَّهُنَّ يَخْدِمْنَ فِي الْبُيُوتِ أَتَمَّ خِدْمَةٍ. فَفِي هَذَا الْقَوْلِ خَصَّ الْبَنِينَ بِالذُّكْرَانِ لِأَنَّهُ جَمْعٌ مُذَكَّرٌ كَمَا قَالَ: الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا «1» وَإِنَّمَا الزِّينَةُ فِي الذُّكُورَةِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُمْ أَوْلَادُ الزَّوْجَةِ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ الَّتِي هِيَ فِي عِصْمَتِهِ. وَقِيلَ:
وَحَفَدَةً مَنْصُوبٌ بِجَعَلَ مُضْمَرَةً، وَلَيْسُوا دَاخِلِينَ فِي كَوْنِهِمْ مِنَ الْأَزْوَاجِ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَعَلْقَمَةُ، وَأَبُو الضُّحَى، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْأَصْهَارُ، وَهُمْ قَرَابَةُ الزَّوْجَةِ كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُمُ الْأَنْصَارُ وَالْأَعْوَانُ وَالْخَدَمُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْحَفَدَةُ هُمُ الْبَنُونَ أَيْ: جَامِعُونَ بَيْنَ الْبُنُوَّةِ وَالْخِدْمَةِ، فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الصِّفَاتِ لِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ مَا مَعْنَاهُ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ جَعَلَ لَهُ مِنْ زَوْجِهِ بَنِينَ وَحَفَدَةً، وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْغَالِبِ وعظم النَّاسِ. وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ، إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْعُمُومِ وَالِاشْتِرَاكِ أَيْ:
مِنْ أَزْوَاجِ الْبَشَرِ جَعَلَ اللَّهُ مِنْهُمُ الْبَنِينَ، وَمِنْهُمْ جَعَلَ الْخِدْمَةَ، وَهَكَذَا رَتَّبَتِ الْآيَةُ النِّعْمَةَ الَّتِي تَشْمَلُ الْعَالَمَ. وَيَسْتَقِيمُ لَفْظُ الْحَفَدَةِ عَلَى مَجْرَاهَا فِي اللُّغَةِ، إِذِ الْبَشَرُ بِجُمْلَتِهِمْ لَا يَسْتَغْنِي أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ حَفَدَةٍ انْتَهَى(البحر المحيط:6/564)

قال محمد الطاهر بن عاشور(ت:1393هـ):
وَالْحَفَدَةُ: جَمْعُ حَافِدٍ، مِثْلُ كَمَلَةٍ جَمْعُ كَامِلٍ. وَالْحَافِدُ أَصْلُهُ الْمُسْرِعُ فِي الْخِدْمَةِ.
وَأُطْلِقَ عَلَى ابْنِ الِابْنِ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ أَنْ يَخْدِمَ جَدَّهُ لِضَعْفِ الْجَدِّ بِسَبَبِ الْكِبَرِ، فَأَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى
الْإِنْسَانِ بِحِفْظِ سِلْسِلَةِ نَسَبِهِ بِسَبَبِ ضَبْطِ الْحَلْقَةِ الْأُولَى مِنْهَا، وَهِيَ كَوْنُ أَبْنَائِهِ مِنْ زَوْجِهِ ثُمَّ كَوْنُ أَبْنَاءِ أَبْنَائِهِ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، فَانْضَبَطَتْ سِلْسِلَةُ الْأَنْسَابِ بِهَذَا النِّظَامِ الْمُحْكَمِ الْبَدِيعِ.
وَغَيْرُ الْإِنْسَانِ مِنَ الْحَيَوَانِ لَا يَشْعُرُ بِحَفَدَتِهِ أَصْلًا- لَا يَشْعُرُ بِالْبُنُوَّةِ إِلَّا أُنْثَى الْحَيَوَانِ مُدَّةً قَلِيلَةً قَرِيبَةً مِنَ الْإِرْضَاعِ. وَالْحَفَدَةُ لِلْإِنْسَانِ زِيَادَةٌ فِي مَسَرَّةِ الْعَائِلَةِ، قَالَ تَعَالَى: فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ [سُورَة هود: 71] . وَقَدْ عَمِلَتْ مِنْ الِابْتِدَائِيَّةُ فِي حَفَدَةً بِوَاسِطَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ يَكُونُ مُبَاشَرَةً وَبِوَاسِطَةٍ. [ التحرير والتنوير: 14/ 218 - 219]


المرتبة الخامسة
لم أجد في كتب هذه المرتبة المذكورة في الدرس معنى الحفدة في قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}


بارك الله فيكِ ونفع بكِ، وكتب أجركِ على ما بذلتِ من جهدِ
وأرجو أن تفيدكِ هذه الملحوظات
- المصادر اللغوية نقوم بترتيبها على الترتيب التاريخي كأنها وحدة واحدة ولا نفصل بين المراتب المختلفة
حتى يتبين لكِ نشأة الأقوال.
- المرتبة الثانية في كتب غريب القرآن، فاتكِ أكثرها، وتجدين الكثير منها في موقع الجمهرة
https://jamharah.net/showthread.php?t=21187
فأرجو الاستفادة منه.
- المرتبة الخامسة، تختلف بحسب تصنيف مسألتك، فالمسائل اللغوية كما تعلمين متنوعة، ومسألتكِ خاصة ببحث معنى مفردة، فمجال بحثكِ هو في قواميس اللغة، فأرجو أن تعودي للدرس الخامس لتعيين مراجع البحث
http://www.afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=37379
- أضفت الفيديو الخاص بإنشاء مجال بحث لكتب أهل اللغة من خلال المكتبة الشاملة في المشاركة الأولى، فأرجو الاستفادة منه
واستكمال المصادر التي تنقصكِ قبل تحرير هذه المسألة في التطبيق الثامن بإذن الله
وإذا أضفتِ المصادر وأردتِ إعادة التطبيق هنا، أعيد التصحيح لكِ بإذن الله لرفع الدرجة.
التقويم: ج
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:48 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir