دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثالث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ذو الحجة 1442هـ/25-07-2021م, 02:48 AM
دينا المناديلي دينا المناديلي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 231
افتراضي

1. (عامّ لجميع الطلاب)
اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لقصّة أصحاب الجنة، مع الاستدلال لما تقول.
* ينبغي للمؤمن إذا أراد فعل شيء وحَدَّثَ بذلك أن يقول: إن شاء الله، قال تعالى:{وَلاَ يَسْتَثْنُونَ}.

* يحرص المؤمن على أن ينتهي عن الذنوب ويتوب إلى ربه، ولا يستغرب حرمانه الخير بذنب أصابه، قال تعالى: {فطاف عليها طائفٌ من ربّك وهم نائمون (19) فأصبحت كالصّريم}.

* لا بد أن يحذر المسلم من أن يُسرّ سريرة لا ترضي ربه وأن يَعزِمَ على فعل ما لا يُرضي الله، فقد عزم أصحاب الجنة عزما لا يُرضي الله وقد عوقبوا على ذلك،
قال تعالى: {فانطلقوا وهم يتخافتون (23) أن لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكينٌ}وقال تعالى: {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ}.

* ينبغي للعاقل المسلم الفطن أن يُدرك أن الرزق بيد الله وحده وإنّ الناس إنما هم أسباب مسخرون، فلا يظن الإنسان أن الرزق بيده وأنه بيده منعه عن الفقراء والمساكين
وإن كان قد كتب للفقير رزقا على يد الغني، فإنّ الغني لا يستطيع منعه، قال تعالى:{أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ}.

*طالما أنّ الإنسان لم يغرغر ولم تطلع الشمس من مغربها فإنّ باب التوبة مفتوح، والتوبة وظيفة العمر التي ينبغي ألا يغفل عنها العبد أبدا،
فكم من الذنوب اقترفناه ولم نتب، وما زال النّفَسُ يجري، فطوبى لعبدٍ تاب ورجع إلى ربه قبل أن يتوفاهُ ربُّه. قال تعالى:{لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ} .

* الاعتراف بالخطأ والذنب هو بداية الإصلاح، قال تعالى:{ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عسى ربّنا أن يبدلنا خيرًا منها إنّا إلى ربّنا راغبون (32)}،
فلمّا لا يتكبر العبد إذ أذنب، وأتى منكسرا معترفا بذنبه تائبا مُقرّا بعبوديته لله، راجيا عفو ربِّه فليستبشر.

* لا يظنّ العبد أنّه إذا بغى على الضعفاء من الفقراء والمساكين أنّه ناجٍ بفعلته، فإنّ هذا الأمرعظيم، ولو أنّه يرى أنّه قادرٌ على الضعفاء فالله أقدر عليه من قدرته على الفقراء،
والله هو القادر على أن يعاقبه ويؤاخذه بهذا البغي على الذين كان لا بد من أن يُحسن إليهم، قال تعالى: { كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)}.


2.المجموعة الثالثة:
1. فسّر قوله تعالى:
{فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47)}.

لمّا ذكر الله سبحانه وتعالى خضوع المجرمين في الدار الآخرة، هدد تهديدا شديدا من كذّب بالقرآن، فكان التهديد: أن دعني وإياه مني ومنه، أنا أستدرجه وأكفيك أمره ثم آخذه أخذ عزيز مقتدر وهم لا يشعرون،
فيظنون الأمر كرامة ونعمة وهو في الحقيقة إهانة لهم. ويملي لهم رب العالمين ويمدهم بأموال وبنين وبأرزاق ليزدادوا إثما ويمكر بمن عصاه وبمن ظلم وتكبر واستكبر عن عبادته، فلا يفوته شيء.
وأنت يا محمد تدعوهم إلى عبادة الله ولا تطلب أجرا يكون سببا في ثقل استجابتهم لدعوتك؛ بل ترجو الثواب من ربك، وما يحملهم على ذلك إلا الجهل والعناد والكفر، ولم يجدوا من الغيب ما يكتبونه
ويكون عندهم يخبرهم أنهم على حق فيحملهم على تكذيبك وعدم الامتثال لما تقول. وهؤلاء يمكر الله بهم ويذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يعملون. نسأل الله أن لا يجعلنا منهم، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه،
اللهم ارحم ضعفنا وثبتنا إلى يوم أن نلقاك.

2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقلم في قوله تعالى: {ن والقلم وما يسطرون}


ورد في المراد بالقلم في قول الله تعالى:{ ن والقلم وما يسطرون} عدة أقوال:

القول الأول: القلم الّذي أجراه اللّه بالقدر حين كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرضين بخمسين ألف سنةٍ
- روى الطبراني عن ابن عباس مرفوعا قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ أوّل ما خلق اللّه القلم والحوت، قال للقلم: اكتب، قال: ما أكتب، قال: كلّ شيءٍ كائنٍ إلى يوم القيامة". ثمّ قرأ: {ن والقلم وما يسطرون} فالنّون: الحوت. والقلم: القلم، ذكره ابن كثير.
- روى أحمد عن عطاءٍ -هو ابن أبي رباحٍ-حدّثني الوليد بن عبادة بن الصّامت قال: دعاني أبي حين حضره الموت فقال: إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إنّ أوّل ما خلق اللّه القلم، فقال له: اكتب. قال: يا ربّ وما أكتب؟ قال: اكتب القدر [ما كان] وما هو كائنٌ إلى الأبد". قال الترمذي عنه: حسن صحيح غريب، ذكره ابن كثير.
- روى ابن جرير عن معاوية بن قرّة، عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " {ن والقلم وما يسطرون} لوحٌ من نورٍ، وقلمٌ من نورٍ، يجري بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة" ذكره ابن كثير وقال: وهذا مرسلٌ غريبٌ.
- روى ابن جرير عن ابن عبّاسٍ قال: إنّ اللّه خلق النّون -وهي الدّواة-وخلق القلم، فقال: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة من عملٍ معمولٍ، به برٍّ أو فجورٍ، أو رزقٍ مقسومٍ حلالٍ أو حرامٍ. ذكره ابن كثير.
- روى ابن جرير عن ابن عبّاسٍ: أنّه كان يحدّث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: "إنّ أوّل شيءٍ خلقه اللّه القلم فأمره فكتب كلّ شيءٍ". ذكره ابن كثير وقال: غريبٌ من هذا الوجه، ولم يخرّجوه.

القول الثاني: اسم جنس شامل للأقلام التي تكتب بها أنواع العلوم.
- اسمُ جِنْسٍ شاملٌ للأقلامِ التي تُكتبُ بها أنواعُ العلومِ، ويُسْطَرُ بها الْمَنثورُ والمنظومُ، ذكره السعدي، وابن كثير.
- وذلكَ أنَّ القلَمَ وما يَسْطُرُونَ به مِن أنواعِ الكلامِ، مِن آياتِ اللَّهِ العَظيمةِ التي تَستحِقُّ أنْ يُقْسِمَ اللَّهُ بها على بَراءَةِ نَبِيِّهِ محمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ ممَّا نَسَبَه إليه أعداؤُه مِن الجُنونِ، ذكره السعدي.
- أقْسَمَ اللهُ بالقلَمِ لِمَا فيه مِن البيانِ، وهو واقعٌ على كلِّ قَلَمٍ يُكتَبُ به، ذكره الأشقر.
- {والقلم} يعني: الّذي كتب به الذّكر، مروي عن مجاهد، ذكره ابن كثير.

وخلاصة ما ورد في المراد بالقلم في قول الله تعالى:{ ن والقلم وما يسطرون} أن يكون القلم الذي كتبت به الأقدار أو أنه اسنم جنس القلم الذي يُكتب به وإلى هذا مال ابن كثير رحمه الله
وقد قال: وقوله: {والقلم} الظّاهر أنّه جنس القلم الّذي يكتب به كقوله {اقرأ وربّك الأكرم الّذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم}

ب: معنى قوله تعالى: {سنسمه على الخرطوم}.
ورد في معنى قول الله تعالى: {سنسمه على الخرطوم} عدة أقوال:

القول الأول: سمة أهل النار، وهي تسويد الوجه يوم القيامة، وقد عُبّر عن الوجه بالخرطوم.
- سيما على أنفه، مروي عن قتادة وقال به السّدّيّ، ذكره ابن كثير.
- شينٌ لا يفارقه آخر ما عليه، قاله قتادة، ذكره ابن كثير.
- سنبين أمره بيانًا واضحًا، حتّى يعرفوه ولا يخفى عليهم، كما لا تخفى السّمة على الخراطيم ، قاله الطبري، ذكره ابن كثير.
- ثم تَوَعَّدَ تعالى مَن جَرَى منه ما وَصَفَ اللَّهُ، بأنَّ اللَّهَ سيَسِمُه على خُرطومِه في العذابِ، وليُعَذِّبَه عَذاباً ظاهِراً يكونُ عليه سِمَةٌ وعَلاَمَةٌ في أَشَقِّ الأشياءِ عليه, وهو وَجْهُهُ، ذكره السعدي.
- نَجعلُ الوَسْمَ بالسوادِ على أَنْفِه، وذلك أنه يَسْوَدُّ وَجْهُهُ بالنارِ قَبلَ دُخولِ النارِ، فيكونُ له على أَنْفِه عَلامةٌ، ونُلْحِقُ به شَيْنًا لا يُفَارِقُه يُعْرَفُ به، ذكره الأشقر.

وقد استدلّ ابن كثير لهذا القول بالحديث الذي رواه ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
أنّه قال: "إنّ العبد يكتب مؤمنًا أحقابًا ثمّ أحقابًا ثمّ يموت واللّه عليه ساخطٌ. وإنّ العبد يكتب كافرًا أحقابًا ثمّ أحقابًا، ثمّ يموت واللّه عليه راضٍ.
ومن مات همّازًا لمّازًا ملقّبا للناس، كان علامته يوم القيامة أن يسميه اللّه على الخرطوم، من كلا الشّفتين".


القول الثاني: الخطامُ بالسيف في القتال يوم بدر.
- يُقاتل يوم بدر فيخطم بالسيف في القتال، رواه العوفي عن ابن عباس، ذكره ابن كثير.


3. بيّن ما يلي:
أ: معنى خشية الله بالغيب.

خشية الله بالغيب هي خوف العبدِ مقام ربّه في السر حيث لا يراه ولا يعلم حاله إلا الله، ويكون عندها مقبلا على الطاعات مجتنبا المعاصي، وهؤلاء هم السعداء الأبرار الذين يأتمرون بأوامر الله وينكفون
عمّا حّرم الله فلا يقدمون على معاصيه إذا كانوا في تلك الحالة التي لا يطّلع عليها إلا الله، وهذا حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي. وقد استدل ابن كثير
بالحديث الذي ف الصّحيحين: "سبعةٌ يظلّهم اللّه تعالى في ظلّ عرشه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه"، فذكر منهم: "رجلًا دعته امرأةٌ ذات منصبٍ وجمالٍ فقال: إنّي أخاف اللّه، ورجلًا تصدّق بصدقةٍ فأخفاها، حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".
وقيل خشية الله هي الخوف من عذاب الله وإن لم يُرَ هذا العذاب فيؤمن المؤمنون بالله خوفا من عذاب الله، وهذا ما ذكره الأشقر.
وهؤلاء الذين يخشون ربهم لهم الأجر العظيم والثواب الجزيل عند ربهم نسأل اللهَ أن يجعلنا منهم.

ب: لم خصّ التوكل من بين سائر الأعمال وهو داخل في الإيمان، في قوله تعالى: {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا}.
لأنّ الأعمال- وجودها وكمالها- يتوقف على التوكل، فلهذا خصّ الله سبحانه وتعالى التوكل من بين سائر الأعمال، وإلا فهو داخل في الإيمان وهو أيضا من جملة لوازم الإيمان،
ذكره السعدي رحمه الله واستدلّ بقول الله تعالى:{ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} على أنّ التوكل من لوازم الإيمان.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 ذو الحجة 1442هـ/25-07-2021م, 02:50 AM
دينا المناديلي دينا المناديلي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثالث
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 231
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دينا المناديلي مشاهدة المشاركة
1. (عامّ لجميع الطلاب)
اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لقصّة أصحاب الجنة، مع الاستدلال لما تقول.
* ينبغي للمؤمن إذا أراد فعل شيء وحَدَّثَ بذلك أن يقول: إن شاء الله، قال تعالى:{وَلاَ يَسْتَثْنُونَ}.

* يحرص المؤمن على أن ينتهي عن الذنوب ويتوب إلى ربه، ولا يستغرب حرمانه الخير بذنب أصابه، قال تعالى: {فطاف عليها طائفٌ من ربّك وهم نائمون (19) فأصبحت كالصّريم}.

* لا بد أن يحذر المسلم من أن يُسرّ سريرة لا ترضي ربه وأن يَعزِمَ على فعل ما لا يُرضي الله، فقد عزم أصحاب الجنة عزما لا يُرضي الله وقد عوقبوا على ذلك،
قال تعالى: {فانطلقوا وهم يتخافتون (23) أن لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكينٌ}وقال تعالى: {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ}.

* ينبغي للعاقل المسلم الفطن أن يُدرك أن الرزق بيد الله وحده وإنّ الناس إنما هم أسباب مسخرون، فلا يظن الإنسان أن الرزق بيده وأنه بيده منعه عن الفقراء والمساكين
وإن كان قد كتب للفقير رزقا على يد الغني، فإنّ الغني لا يستطيع منعه، قال تعالى:{أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ}.

*طالما أنّ الإنسان لم يغرغر ولم تطلع الشمس من مغربها فإنّ باب التوبة مفتوح، والتوبة وظيفة العمر التي ينبغي ألا يغفل عنها العبد أبدا،
فكم من الذنوب اقترفناه ولم نتب، وما زال النّفَسُ يجري، فطوبى لعبدٍ تاب ورجع إلى ربه قبل أن يتوفاهُ ربُّه. قال تعالى:{لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ} .

* الاعتراف بالخطأ والذنب هو بداية الإصلاح، قال تعالى:{ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عسى ربّنا أن يبدلنا خيرًا منها إنّا إلى ربّنا راغبون (32)}،
فلمّا لا يتكبر العبد إذ أذنب، وأتى منكسرا معترفا بذنبه تائبا مُقرّا بعبوديته لله، راجيا عفو ربِّه فليستبشر.

* لا يظنّ العبد أنّه إذا بغى على الضعفاء من الفقراء والمساكين أنّه ناجٍ بفعلته، فإنّ هذا الأمرعظيم، ولو أنّه يرى أنّه قادرٌ على الضعفاء فالله أقدر عليه من قدرته على الفقراء،
والله هو القادر على أن يعاقبه ويؤاخذه بهذا البغي على الذين كان لا بد من أن يُحسن إليهم، قال تعالى: { كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33)}.


2.المجموعة الثالثة:
1. فسّر قوله تعالى:
{فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47)}.

لمّا ذكر الله سبحانه وتعالى خضوع المجرمين في الدار الآخرة، هدد تهديدا شديدا من كذّب بالقرآن، فكان التهديد: أن دعني وإياه مني ومنه، أنا أستدرجه وأكفيك أمره ثم آخذه أخذ عزيز مقتدر وهم لا يشعرون،
فيظنون الأمر كرامة ونعمة وهو في الحقيقة إهانة لهم. ويملي لهم رب العالمين ويمدهم بأموال وبنين وبأرزاق ليزدادوا إثما ويمكر بمن عصاه وبمن ظلم وتكبر واستكبر عن عبادته، فلا يفوته شيء.
وأنت يا محمد تدعوهم إلى عبادة الله ولا تطلب أجرا يكون سببا في ثقل استجابتهم لدعوتك؛ بل ترجو الثواب من ربك، وما يحملهم على ذلك إلا الجهل والعناد والكفر، ولم يجدوا من الغيب ما يكتبونه
ويكون عندهم يخبرهم أنهم على حق فيحملهم على تكذيبك وعدم الامتثال لما تقول. وهؤلاء يمكر الله بهم ويذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يعملون. نسأل الله أن لا يجعلنا منهم، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه،
اللهم ارحم ضعفنا وثبتنا إلى يوم أن نلقاك.

2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقلم في قوله تعالى: {ن والقلم وما يسطرون}


ورد في المراد بالقلم في قول الله تعالى:{ ن والقلم وما يسطرون} عدة أقوال:

القول الأول: القلم الّذي أجراه اللّه بالقدر حين كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرضين بخمسين ألف سنةٍ
- روى الطبراني عن ابن عباس مرفوعا قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ أوّل ما خلق اللّه القلم والحوت، قال للقلم: اكتب، قال: ما أكتب، قال: كلّ شيءٍ كائنٍ إلى يوم القيامة". ثمّ قرأ: {ن والقلم وما يسطرون} فالنّون: الحوت. والقلم: القلم، ذكره ابن كثير.
- روى أحمد عن عطاءٍ -هو ابن أبي رباحٍ-حدّثني الوليد بن عبادة بن الصّامت قال: دعاني أبي حين حضره الموت فقال: إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إنّ أوّل ما خلق اللّه القلم، فقال له: اكتب. قال: يا ربّ وما أكتب؟ قال: اكتب القدر [ما كان] وما هو كائنٌ إلى الأبد". قال الترمذي عنه: حسن صحيح غريب، ذكره ابن كثير.
- روى ابن جرير عن معاوية بن قرّة، عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " {ن والقلم وما يسطرون} لوحٌ من نورٍ، وقلمٌ من نورٍ، يجري بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة" ذكره ابن كثير وقال: وهذا مرسلٌ غريبٌ.
- روى ابن جرير عن ابن عبّاسٍ قال: إنّ اللّه خلق النّون -وهي الدّواة-وخلق القلم، فقال: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة من عملٍ معمولٍ، به برٍّ أو فجورٍ، أو رزقٍ مقسومٍ حلالٍ أو حرامٍ. ذكره ابن كثير.
- روى ابن جرير عن ابن عبّاسٍ: أنّه كان يحدّث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: "إنّ أوّل شيءٍ خلقه اللّه القلم فأمره فكتب كلّ شيءٍ". ذكره ابن كثير وقال: غريبٌ من هذا الوجه، ولم يخرّجوه.

القول الثاني: اسم جنس شامل للأقلام التي تكتب بها أنواع العلوم.
- اسمُ جِنْسٍ شاملٌ للأقلامِ التي تُكتبُ بها أنواعُ العلومِ، ويُسْطَرُ بها الْمَنثورُ والمنظومُ، ذكره السعدي، وابن كثير.
- وذلكَ أنَّ القلَمَ وما يَسْطُرُونَ به مِن أنواعِ الكلامِ، مِن آياتِ اللَّهِ العَظيمةِ التي تَستحِقُّ أنْ يُقْسِمَ اللَّهُ بها على بَراءَةِ نَبِيِّهِ محمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ ممَّا نَسَبَه إليه أعداؤُه مِن الجُنونِ، ذكره السعدي.
- أقْسَمَ اللهُ بالقلَمِ لِمَا فيه مِن البيانِ، وهو واقعٌ على كلِّ قَلَمٍ يُكتَبُ به، ذكره الأشقر.
- {والقلم} يعني: الّذي كتب به الذّكر، مروي عن مجاهد، ذكره ابن كثير.

وخلاصة ما ورد في المراد بالقلم في قول الله تعالى:{ ن والقلم وما يسطرون} أن يكون القلم الذي كتبت به الأقدار أو أنه اسنم جنس القلم الذي يُكتب به وإلى هذا مال ابن كثير رحمه الله
وقد قال: وقوله: {والقلم} الظّاهر أنّه جنس القلم الّذي يكتب به كقوله {اقرأ وربّك الأكرم الّذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم}

ب: معنى قوله تعالى: {سنسمه على الخرطوم}.
ورد في معنى قول الله تعالى: {سنسمه على الخرطوم} عدة أقوال:

القول الأول: سمة أهل النار، وهي تسويد الوجه يوم القيامة، وقد عُبّر عن الوجه بالخرطوم.
- سيما على أنفه، مروي عن قتادة وقال به السّدّيّ، ذكره ابن كثير.
- شينٌ لا يفارقه آخر ما عليه، قاله قتادة، ذكره ابن كثير.
- سنبين أمره بيانًا واضحًا، حتّى يعرفوه ولا يخفى عليهم، كما لا تخفى السّمة على الخراطيم ، قاله الطبري، ذكره ابن كثير.
- ثم تَوَعَّدَ تعالى مَن جَرَى منه ما وَصَفَ اللَّهُ، بأنَّ اللَّهَ سيَسِمُه على خُرطومِه في العذابِ، وليُعَذِّبَه عَذاباً ظاهِراً يكونُ عليه سِمَةٌ وعَلاَمَةٌ في أَشَقِّ الأشياءِ عليه, وهو وَجْهُهُ، ذكره السعدي.
- نَجعلُ الوَسْمَ بالسوادِ على أَنْفِه، وذلك أنه يَسْوَدُّ وَجْهُهُ بالنارِ قَبلَ دُخولِ النارِ، فيكونُ له على أَنْفِه عَلامةٌ، ونُلْحِقُ به شَيْنًا لا يُفَارِقُه يُعْرَفُ به، ذكره الأشقر.

وقد استدلّ ابن كثير لهذا القول بالحديث الذي رواه ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
أنّه قال: "إنّ العبد يكتب مؤمنًا أحقابًا ثمّ أحقابًا ثمّ يموت واللّه عليه ساخطٌ. وإنّ العبد يكتب كافرًا أحقابًا ثمّ أحقابًا، ثمّ يموت واللّه عليه راضٍ.
ومن مات همّازًا لمّازًا ملقّبا للناس، كان علامته يوم القيامة أن يسميه اللّه على الخرطوم، من كلا الشّفتين".


القول الثاني: الخطامُ بالسيف في القتال يوم بدر.
- يُقاتل يوم بدر فيخطم بالسيف في القتال، رواه العوفي عن ابن عباس، ذكره ابن كثير.


3. بيّن ما يلي:
أ: معنى خشية الله بالغيب.

خشية الله بالغيب هي خوف العبدِ مقام ربّه في السر حيث لا يراه ولا يعلم حاله إلا الله، ويكون عندها مقبلا على الطاعات مجتنبا المعاصي، وهؤلاء هم السعداء الأبرار الذين يأتمرون بأوامر الله وينكفون
عمّا حّرم الله فلا يقدمون على معاصيه إذا كانوا في تلك الحالة التي لا يطّلع عليها إلا الله، وهذا حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي. وقد استدل ابن كثير
بالحديث الذي ف الصّحيحين: "سبعةٌ يظلّهم اللّه تعالى في ظلّ عرشه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه"، فذكر منهم: "رجلًا دعته امرأةٌ ذات منصبٍ وجمالٍ فقال: إنّي أخاف اللّه، ورجلًا تصدّق بصدقةٍ فأخفاها، حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".
وقيل خشية الله هي الخوف من عذاب الله وإن لم يُرَ هذا العذاب فيؤمن المؤمنون بالله خوفا من عذاب الله، وهذا ما ذكره الأشقر.
وهؤلاء الذين يخشون ربهم لهم الأجر العظيم والثواب الجزيل عند ربهم نسأل اللهَ أن يجعلنا منهم.

ب: لم خصّ التوكل من بين سائر الأعمال وهو داخل في الإيمان، في قوله تعالى: {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا}.
لأنّ الأعمال- وجودها وكمالها- يتوقف على التوكل، فلهذا خصّ الله سبحانه وتعالى التوكل من بين سائر الأعمال، وإلا فهو داخل في الإيمان وهو أيضا من جملة لوازم الإيمان،
ذكره السعدي رحمه الله واستدلّ بقول الله تعالى:{ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} على أنّ التوكل من لوازم الإيمان.


أعدته لأني قد أُنسيت الإجابة على السؤال الأول، وقد ذكرتني به إحدى الأخوات جزاها الله خيرا، وجعلته ملونا والله المستعان.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثاني

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir