دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > قواعد الأصول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1431هـ/2-04-2010م, 04:56 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي خبر الواحد فيما تعم به البلوى

وخبر الواحد فيما تعم به البلوى مقبولٌ , خلافاً لأكثر الحنفية ، وفي الحدود وما يسقط بالشبهة خلافاً للكرخي ، وفيما يخالف القياس ، وحكي عن مالك تقديم القياس ، وقال أبو حنيفة : ليس بحجة إن خالف الأصول أو معناها .

  #2  
قديم 20 ربيع الثاني 1431هـ/4-04-2010م, 10:34 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي تيسير الوصول إلى قواعد الأصول للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان

وخبر الواحد فيما تعم به البلوى مقبول، خلافاً لأكثر الحنفية، وفي الحدود وما يسقط بالشبهة خلافاً للكرخي، وفيما يخالف القياس، وحكي عن مالك تقديم القياس.
قوله: (وخبر الواحد فيما تعم به البلوى مقبول) المراد بخبر الواحد: حديث الآحاد كما تقدم، والذي تعم به البلوى هو: ما يكثر وقوعه بين الناس؛ كأحكام الصلاة والصيام والطهارة، ونحو ذلك، كرفع اليدين في الصلاة، ونقض الوضوء من مس الذكر، وغيرهما.
فهذا يقبل فيه خبر الواحد، وهو مذهب الجمهور؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقبلون خبر الواحد فيما تعم به البلوى، كقبولهم خبر عائشة رضي الله عنها في وجوب الغسل من الجماع بدون إنزال، فإن بعض الصحابة رضي الله عنهم كان يفتي بعد موت النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم بأن الماء من الماء لا غير، فنازعه بعضهم في ذلك، فأرسلوا إلى عائشة رضي الله عنها أبا موسى رضي الله عنه يسألها. فروت لهم عن النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا التقى الختانان ـ وفي رواية: إذا مسَّ الختان الختان ـ وجب الغسل» [(362)]. فرجعوا إلى قولها.
ولأن الراوي عدل جازم بالرواية، وصدقه ممكن، فلا يجوز تكذيبه مع إمكان صدقه.
ولأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد يبلغ الشاهد، ويأمره بتبليغ الغائب.
قوله: (خلافاً لأكثر الحنفية) وهم المتأخرون منهم، حيث قالوا: لا يقبل خبر الواحد في ذلك؛ لأن ما تعم به البلوى تتوفر الدواعي على نقله، فلا يقبل إلا متواتراً.
والصواب الأول، وما استند إليه المانعون مردود، فإن ما تعم به البلوى قد يكثر السؤال والجواب عنه، ولا يكثر النقل، ولذا اختلف في كلمات الأذان مع أنه يسمع في اليوم خمس مرات، ولم ينقل نقلاً عاماً، وكذا مناسك الحج، وصفة الصلاة، ثم إن مذهبهم هذا منقوض، فإنهم أثبتوا وجوب الوتر، والوضوء بالقهقهة داخل الصلاة، بخبر الواحد، واختاروا تثنية الإقامة في الصلاة، وأوجبوا الوضوء بخروج النجاسة من غير السبيلين، كالقيء والرعاف، ونحو ذلك بخبر الواحد، وكل ذلك مما تعم به البلوى[(363)].
وما حكاه المصنف هو قول متأخري الحنفية. ولم يعرف عن متقدميهم إلا ما نقل عن الكرخي من القول بالمنع[(364)]، والظاهر أن الحنفية يقبلون خبر الواحد فيما تعم به البلوى باشتهار أو تلقي الأمة له بالقبول، كما ذكره صاحب «التحرير» وغيره[(365)].
قوله: (وفي الحدود وما يسقط بالشبهة) أي: وخبر الواحد مقبول في إثبات الحدود وما يسقط بالشبهة، كإثبات النفي والجلد على الزاني البكر، بخبر العسيف[(366)]. وذلك لأن الحدود تثبت بغلبة الظن، ولهذا ثبتت بالشهادة، فوجب أن يقبل فيها خبر الواحد، كسائر الأحكام الشرعية.
قوله: (خلافاً للكرخي) أي: إن أبا الحسن الكرخي الذي انتهت إليه رئاسة الحنفية في عصره قال: لا يقبل خبر الآحاد فيما يسقط بالشبهة كالحدود؛ لأن خبر الواحد مظنون غير مقطوع بصحته، فصار ذلك شبهة، فلا يثبت به الحد[(367)].
وهذا قول ضعيف، لأن مؤدى ذلك أن لا تقبل الشهادة في الحدود؛ لأنه غير مقطوع بصحتها، وهذا لا يقول به أحد.
قوله: (وفيما يخالف القياس) أي: خبر الواحد مقدم على القياس، فيقبل ويعمل به ولو خالفه، ونسبه أبو الخطاب إلى عامة الفقهاء[(368)].
وذلك لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على تقديم خبر الواحد على القياس، فلا يستعملونه مع وجود النص، فقد ورد عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عمر رضي الله عنه نَشَدَ الناس: مَنْ سَمِعَ النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم قضى في السِّقْط؟ فقال المغيرة: أنا سمعته قضى فيه بغرةٍ عبدٍ أو أمة، قال: ائت بمن يشهد معك على هذا؟ فقال محمد بن مسلمة: أنا أشهد على النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم بمثل هذا[(369)].
ومِثْلُ تقديمِ خبرِ «صاعٍ من تمر» في المصراة[(370)] على القياس الذي هو ردُّ مثلِ اللبنِ المحلوب من المصراة، لأن القياس ضمان المثلي بمثله، والتمر ليس مثلاً للبن.
قوله: (وحكي عن مالك تقديم القياس) أي: إنه حكي عن مالك رحمه الله تقديم القياس على خبر الواحد، وذلك لاحتمال كذب الراوي وفسقه وخطئه واحتمال النسخ ونحو ذلك مما لا يحتمله القياس.
وهذا الذي ذكره المصنف رحمه الله عن الإمام مالك هو المقرر في أصول الفقه المالكي، وجزم به القرافي في «التنقيح»، ومنهم من حكى عنه القولين، وهو الذي نقله القاضي عياض، وابن رشد[(371)] قال الشنقيطي: (التحقيق خلاف ما ذهب إليه المؤلف والقرافي، والرواية الصحيحة عن مالك رواية المدنيين أن خبر الواحد مقدم على القياس، وقال القاضي عياض: مشهور مذهبه أن الخبر مقدم، قاله المِقَّري، وهو رواية المدنيين، ومسائل مذهبه تدل على ذلك كمسائل المصراة، ومسألة النضح، ومسألة غسل اليدين لمن أحدث في أثناء الوضوء...)[(372)].
وقال أبو حنيفة: ليس بحجة إن خالف الأصول أو معناها
قوله: (وقال أبو حنيفة: ليس بحجة إن خالف الأصول أو معناها) أي: إن خبر الواحد ليس بحجة إن خالف الأصول، وهي: الكتاب والسنة والإجماع، أو خالف معنى الأصول، وهو: القياس؛ لأنه أصل من الأُصول[(373)]، وهذا مقيد بما إذا كان الراوي غير فقيه، فترد روايته إن خالفت القياس، وهذا قول الحنفية[(374)]، فردوا حديث القضاء بالشاهد واليمين؛ لأنه مخالف للقرآن في زعمهم[(375)]، وردوا حديث الرد بالتصرية؛ لأن راويه أبو هريرة رضي الله عنه وهو غير فقيه، ولأنه مخالف للقياس حيث إن الأصول تقتضي أن يكون الضمان بقدر التالف[(376)].
وهذا مسلك ضعيف، فإن خبر الواحد حجة في جميع الأحكام ولو زاد على ما في القرآن، أو كان مبيناً له، أو خالف القياس؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الأخذ بخبر الواحد[(377)] ونصوص الشريعة لا تتناقض، فإن وجد ذلك بحسب الظاهر أُحيل إلى باب «التعارض بين الأدلة»، والله أعلم.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الواحد, خبر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir