دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > أصول التفسير البياني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 محرم 1442هـ/19-08-2020م, 06:28 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الدرس السابع عشر: جواب الطلب

الدرس السابع عشر: جواب الطلب

عناصر الدرس:
● تمهيد.
● جواب الأمر.
● جواب النهي.
● جواب الاستفهام.
● جواب التحضيض.
● جواب التمني.
● جواب الترجي.
● جواب النفي.
● اقتران خبر المبتدأ الموصول والموصوف بالفاء.
● الشرط الخفي.
● المعاني البيانية للشرط في القرآن.
● أمثلة على مسائل الطلب في التفسير.

- المثال الأول: قول الله تعالى: { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77)}.
- المثال الثاني: تفسير قول الله تعالى: {قل أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده}.
- المثال الثالث: جواب الطلب في قول الله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً}.
● أمثلة من أقوال المفسرين.
- قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)}.

- قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)}.
- قال الله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)}.
- قول الله تعالى: {وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين}.

● تطبيقات الدرس السابع عشر.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 محرم 1442هـ/19-08-2020م, 07:28 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

تمهيد:
مما يتّصل بالشرط وفيه معناه ما يكون في الكلام من جواب للطلب، كما يقال: قم أكرمْك؛ فهو في معنى إن تقم أكرمْك من جهة ارتباط الفعل بالجزاء.
ويكون الفعل "أكرمْك" مجزوماً لوقوعه في جواب الطلب.
وقد اختلف البلاغيون في الفرق البياني بين قولك: إن تقم أكرمْك، وقولك: قم أكرمك.
- قال ابن القيّم رحمه الله: (أحسن مما ذكروه أن يقال في قوله: "قم أكرمك" فائدتان ومطلوبان:
أحدهما: جَعْلُ القيام سبباً للإكرام ومقتضياً له اقتضاء الأسباب لمسبباتها.
والثاني: كونه مطلوباً للآمر مراداً له، وهذه الفائدة لا يدلُّ عليها الفعل المستقبل فعُدِل عنه إلى لفظ الأمر تحقيقاً له، وهذا واضحٌ جداً)
ا.هـ.

وجواب الطلب على أنواع؛ فمنه جواب الأمر، وجواب النهي، وجواب الاستفهام، وجواب التحضيض، وجواب التمنّي، ويُلحق به جواب الترجّي.
وهذه الأنواع فيها مسائل تتعلق بالتفسير البياني ينبغي للمفسّر أن يكون على بيّنة منها.
وقبل ذلك ينبغي أن يُعلم أن الجمل في اللغة العربية على قسمين:
أحدهما: الجُمل الخبرية، وذكروا في ضابطها أنها الجُمل التي تحتمل الصدق والكذب، وهو ضابط فيه نظر ومناقشة لكنّه يقرّب فهم المراد.
فإذا قلت: قام زيد، أو زيد قائم؛ أو في الدار رجل، فيصحّ أن توصف هذه الجُمل بالصدق أو الكذب.
والقسم الآخر: الجُمَل الإنشائية، وهي التي لا تحتمل الوصف بالصدق والكذب، وهي على قسمين أيضاً:
- جُمل إنشائية طلبية، وهي: الأمر، والنهي، والاستفهام، والتحضيض، والتمني، والنداء.
- وُجمل إنشائية غير طلبية، وهي: القَسَم، والمدح، والذمّ، والتعجّب، وألفاظ العقود والفُسوخ كـبعت واشتريت وزوَّجتُ وقبلت وطلّقت وأقلت.
والترجّي اختلف فيه فمن أهل العلم من جعله من الإنشاء الطلبي، ومنهم من جعله من الإنشاء غير الطلبي.

وحديثنا في هذا الدرس عن جواب الطلب بأنواعه.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 محرم 1442هـ/19-08-2020م, 07:33 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

1: جواب الأمر
الأصل فيه أن يكون مجزوماً كما في قول الله تعالى: {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم}، وقوله تعالى: {أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفرْ لكم من ذنوبكم ويجرْكم من عذاب أليم}، وقوله تعالى: {أرسله معنا غداً يرتعْ ويلعبْ}.
فالجزم يفيد تعلّق الجزاء بامتثال الأمر والاستجابة للطلب.
وقد يقترن جواب الأمر بالفاء كما في قول الله تعالى: {اهبطوا مصراً فإنّ لكم ما سألتم}.

وإذا كان الجواب غير مرادٍ؛ فإنَّ الفعل يرتفع، ورَفْعُه على أحد ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن تقع الجملة الفعلية موقع الحال، كما في قول الله تعالى:{خذ من أموالهم صدقة تطهرُهم وتزكّيهم بها}،أي: مطهّرةً لهم، وكذلك في قوله تعالى:{ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً}، وقوله تعالى:{قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}.
والوجه الثاني: أن تكون الجملة الفعلية نعتاً، ويُرفع الفعل على الابتداء، كما في قول الله تعالى فيما حكاه عن موسى عليه السلام أنه قال:{وأخي هارون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي ردءاً يصدّقُني} على قراءة عاصم وحمزة برفع الفعل {يصدّقُني}،أي: ردْءاً من صفته أنه يصدّقني، وقرأ بقيّة السبعة [يصدّقْني ] بالجزم على جواب الطلب.
وقال تعالى فيما حكاه عن زكريا عليه السلام أنه قال: {فهب لي من لدنك وليّا يرثُني ويرث من آل يعقوب} على قراءة الرفع، وهي قراءة الجمهور، وهو على الصفة أي وليّاً من صفته أنه يرثني، وقرأ أبو عمرو والكسائي [يرثْني ويرثْ] بالجزم جواباً للطلب.
وقال تعالى: {فاجعل بيننا وبينك موعداً لا نخلفه نحن ولا أنت مكاناً سوى}.
قرأ الجمهور {لا نخلفُه} بضمّ الفاء، وقرأ أبو جعفر: [لا نخلفْه] بالجزم على جواب الطلب.
والوجه الثالث: أن يكون الرفع على الاستئناف، كما في قول الله تعالى:[قال نكروا لها عرشها ننظرُ أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون ] على قراءة الرفع [ ننظرُ ] وهي قراءة ذكرها أبو القاسم الهذلي عن أبي حيوة، والرفع فيها محمول على الاستئناف لقطع ارتباط الفعل بالأمر.
وقرأ الجمهور {ننظرْ} على جواب الأمر.

وقد يجتمع في الآية الواحدة جزمُ الفعل على جواب الأمر ورفعه على الاستئناف كما في قول الله تعالى: {قاتلوهم يعذبْهم الله بأيديكم ويخزهم وينصرْكم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين . ويذهبْ غيظ قلوبهم ويتوبُ الله على من يشاء والله عليم حكيم}.
فهذه الأفعال "يعذبْهم" و"يخزِهم" و"ينصرْكم" و"يشفِ" و"يذهبْ" كلها مجزومة لوقوعها في جواب الطلب، وأما "يتوب" فهو فعل مضارع مرفوع بعد واو الاستئناف لقطع التعلق بفعل الأمر {قاتلوهم}.

وفعل الأمر تختلف أسماؤه باختلاف مصدره ومبلغه:
- فإذا كان موجهاً من الأعلى إلى من دونه فهو أمر.
- وإذا كان من الأدنى إلى الأعلى فهو طلب، والدعاء من الطلب.
- وإذا كان إلى مساوٍ فهو التماس على اختيار بعض أهل العلم ومنهم يسمّيه طلباً أيضاً.

وقد يقع الفعل المضارع مجزوماً في جواب أمرين أو أكثر؛ كما في قول الله تعالى: { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} ، وقوله تعالى: {قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}.

ومما يلتحق بجواب الأمر جواب ما يدلّ على الأمر وهو على أنواع:
النوع الأول: اسم فعل الأمر، وهو الاسم أو شبه الجملة التي تدل على معنى الفعل وتعمل عمله، كما في قول الله تعالى: {عليكم أنفسَكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم}
{عليكم} اسم فعل أمر، بمعنى الزموا.
{لا يضرّكم} تحتمل وجهين في الإعراب:
أحدهما: الجزم لوقوعها في جواب اسم الفعل، والأصل "لا يضررْكم"، فأدغمت الراء الأولى في الثانية وحرّكت لالتقاء الساكنين، وتنصرها القراءة المروية عن إبراهيم النخعي والحسن البصري [ لا يضِرْكم ] بكسر الضاد وتخفيفها.
والآخر: الرفع على القطع، وتنصره القراءة المروية عن أبي حيوة، [لا يضيرُكُم ]
قال الفراء: ({لا يضرّكم} رفعٌ، ولو جُزِمَت كان صواباً).
ولا يُنصب الفعل المضارع الواقع في جواب اسم الفعل مطلقاً على الأرجح، وذهب ابن عصفور إلى جواز نصبه إذا كان اسم الفعل مشتقاً من المصدر.
والنوع الثاني: جواب الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر؛ كما في قول الله تعالى: {فليلقه اليمّ بالساحل يأخذْه عدوّ لي وعدوّ له}.
{يأخذْه} فعل مضارع مجزوم لوقوعه في جواب {فليُلْقه}.
والنوع الثالث: جواب الخبر الذي يراد به الأمر، كما قيل في قول الله تعالى: {تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون . يغفرْ لكم ذنوبكم}.
{يغفرْ} مجزوم لوقوعه في جواب {تؤمنون} وهو خبر يراد به الأمر على أحد قولي النحاة.
وذهب سيبويه والمبرد والفراء إلى أنّ {يغفرْ} مجزوم لوقوعه في جواب الاستفهام {هل أدلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم}
ومن نصر القول الأول ذهب إلى أنّ المغفرة لا ترتبط بمجرد الدلالة، وإنما بالإيمان والجهاد.
واشتهر عند النحاة أثر ينسبه بعضهم لعمر بن الخطاب وينسبه بعضهم للحارث بن هشام: (اتقى الله امرؤ وفعل خيرًا يُثَبْ عليه). ولا أعلم له أصلاً عن عمر ولا عن غيره من الصحابة.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 محرم 1442هـ/19-08-2020م, 07:37 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

2: جواب النهي
قد يستدعي النهي جواباً؛ يقع موقع التعليل أو بيان العاقبة؛ كما لوقلت: لا تتبع خطوات الشيطان فتضلّ.
وللفعل الواقع بعد النهي أربعة أحوال:
الحال الأولى: أن يقترن "بالفاء" الدالة على ارتباط الجزاء بالنهي؛ فينتصب الفعل المضارع "بأن" المضمرة وجوباً؛ كما في قول الله تعالى:{ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسَّكم النار}، وقوله تعالى:{ولا تتبعوا السبل فتفرَّقَ بكم عن سبيله}، وقوله تعالى: {فلا تدع مع الله إلها آخر فتكونَ من المعذبين}، وقوله تعالى:{ولا تمسّوها بسوء فيأخذَكم عذاب أليم}، وقوله تعالى:{قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتَكم بعذاب}.

وليس كلّ "فاء" تقع في هذا الموقع تكون لربط الجواب بالنهي؛ فقد تكون "الفاء" عاطفة والفعل بعدها مجزوماً.
وقد ترد في الآية الواحد قراءتان بالنصب على جواب النهي، وبالجزم على العطف كما في قول الله تعالى:{ فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}.
قرأ جمهور القراء بالنصب {فيطمعَ} على جواب النهي، ورُوي عن أبان بن عثمان والأعرج القراءة بكسر "العين"؛ على جزم الفعل معطوفاً على {تخضعن}.
ونقل علم الدين السخاوي عن ابن مجاهد أنها قراءة ابن محيصن المكّي، وأنكرها ابن مجاهد من جهة العربية، والصواب أنها صحيحة فيها.
- قال أبو الفتح ابن جني: (ومن ذلك قراءة الأعرج وأبان بن عثمان [فَيَطْمَعِ الَّذِي] بكسر "العين"، هو معطوف على قول الله تعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ}، أي: فلا يطمعِ الذي في قلبه مرض، فكلاهما منهي عنه، إلا أن النصب أقوى معنى، وأشد إصابة للعذر؛ وذلك أنه إذا نصب كان معناه أنَّ طمعه إنما هو مسبَّبٌ عن خضوعهن بالقول.
فالأصل في ذلك منهي عنه، والمنهي مسبَّبٌ عن فعلهن، وإذا عطفه كان نهيا لهنَّ وله، وليس فيه دليل على أن الطمع راجعٌ في الأصل إليهن، وواقع من أجلهن، وعليه بيت امرئ القيس:

فقلْتُ له صَوِّبْ ولا تُجْهِدَنَّه ... فَيُذْرِكَ من أُخْرَى القطاة فتزلَقِ
فهذا نهي بعد نهي، كالقراءة الشاذة).

وقد ورد في مواضع من القرآن ما تحتمل صورة الفعل فيه بعد "الفاء" أن يكون منصوباً على جواب النهي وأن يكون مجزوماً بالعطف على الفعل المجزوم بـ"لا" الناهية؛ كما في قول الله تعالى:{ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}.
{فتفشلوا} يحتمل أن يكون منصوباً على جواب النهي، وأن يكون مجزوماً بالعطف على {تنازعوا}، و{تذهب} قرأها الجمهور بالنصب، وقُرئت بإسكان "الباء" على الجزم بالعطف، وهي قراءة ذكرها أبو القاسم الهذلي عن الخزاز، وذكرها ابن الجزري عن المطوّعي.
- قال أبو البقاء العكبري: (قوله تعالى:{فتفشلوا} في موضع نصب على جواب النهي، وكذلك:{وتذهب ريحكم}، ويجوز أن يكون {فتفشلوا} جزماً عطفا على النهي، ولذلك قرئ [ويذهبْ ريحكم])ا.هـ.
وكذلك في قول الله تعالى: {ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي}.
- قال أبو البقاء العكبري: ({فيحلَّ}: هو جواب النهي، وقيل: هو معطوف؛ فيكون نهيا أيضا، كقولهم لا تمْدُدْها فتشقَّها)ا.هـ.
ومثله قول الله تعالى: {ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله}.
{يضلَّ} بفتح "اللام" وتشديدها تحتمل النصب والجزم.
وقوله تعالى: {ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}.
- قال أبو زكريا الفراء: (إن شئت جعلت {فتكونا} جوابا نصباً، وإن شئت عطفته على أول الكلام فكان جزماً).
وكذلك قوله تعالى:{ولا ترتدّوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين}، وقوله تعالى:{فلا تميلوا كلّ الميل فتذروها كالمعلّقة}.
إذا نصبت كان النصب بـ"أن" مضمرة وجوباً بعد "الفاء" لوقوع الفعل في جواب النهي، وإذا جزمت فعلى العطف على الفعل المجزوم في أول الجملة بـ"لا" الناهية.
وفي بعض المواضع يكون الأظهر اختيار النصب كما في قول الله تعالى:{ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم}.

وقد يرد الفعل في صورة تحتمل أن يكون منصوباً على جواب النهي ومجزوماً على العطف، ومرفوعاً على القطع كما في قول الله تعالى:{فلا يصدنّك عنها من لا يؤمن بها واتّبع هواه فتردى}، وكذلك قول الله تعالى:{فلا يخرجنّكما من الجنّة فتشقى}.
والنهي عن الشقاء نهي عن تعاطي أسبابه.

والحالة الثانية: أن يقترن الفعل الواقع بعد النهي "بالواو"؛ فيحتمل أن يكون منصوباً على جواب النهي، ويحتمل أن يكون مجزوماً بالعطف على الفعل المجزوم بـ"لا" الناهية؛ كما في قول الله تعالى:{ولا تلبسوا الحقّ بالباطل وتكتموا الحقّ وأنتم تعلمون}.
فعلى النصب يكون المعنى: ولا تلبسوا الحقّ بالباطل فإنكم بذلك تكتمون الحقّ.
وعلى الجزم يكون المعنى: ولا تلبسوا الحقّ بالباطل، ولا تكتموا الحقّ.
وهذا الفعل من الأفعال الخمسة وقد اتفقت فيه صورة النصب وصورة الجزم بحذف النون.
ومثله قول الله تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم}.

والحالة الثالثة: رفع الفعل الواقع بعد النهي؛ كما في قول الله تعالى:{ولا تمنن تستكثر}. قرأ الجمهور برفع "تستكثر" واختلف في توجيه الرفع على أقوال:
القول الأول: الجملة الفعلية في محل نصب حال، أي لا تمنن مستكثراً.
والقول الثاني: الرفع على الصفة، أي ولا تمنن منّة تستكثر بها.
والقول الثالث: ارتفع الفعل على حذف "أن"، والمعنى: "لا تضعف أن تستكثر من الطاعات" كما في قراءة ابن مسعود [ ولا تمنن أن تستكثر ].
و"تمنن" مشترك لفظي يرد لمعانٍ:
أحدها: تمنن أي تعطي، ومنه قوله تعالى:{فإمّا منّا بعد وإما فداء}.
والثاني: من المِنّة بالعطية، وهي ذكرها على جهة الاستعلاء، ومنه قول الله تعالى:{لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى}.
والثالث: تمنن أي تضعف، ومنه قول امرئ القيس:
بسَيرٍ يضجّ العَود منه يمنّه ... أخو الجهد لا يلوي على من تعذرا
يمنّه: أي يُضعفه.
والرابع: تمنُن أي تقطع وتنقص، ومنه قوله تعالى:{فلهم أجر غير ممنون}، أي: غير مقطوع ولا منقوص.
وقال لبيد:
لمعفَّر قَهْد تنَازع شِلْوه ... غُبْس كواسب مَا يُمَنّ طعامُها
أي: لا يُنقص ولا يُقطع.

وعن الأعمش قراءة بالنصب [تستكثرَ] ، وهو نصب بـ"أن" المضمرة.
وعن الحسن البصري قراءة بالجزم [تستكثرْ] وهو جزم في جواب النهي.

والحالة الرابعة: الجزم؛ لإفادة ربط النهي بالجزاء؛ وهو محلّ خلاف بين النحاة، وليس له مثال في القرآن، واستشهد له بعضهم بقول أبي طلحة للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: (( يا نبي الله بأبي أنت وأمي لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم)).
والمحفوظ في الصحيحين لهذا الحديث روايتان:
الأولى: (لا تشرفْ يصيبُك سهم من سهام القوم). وهي رواية البخاري.
والثانية: (لا تشرف، لا يصبْك سهم من سهام القوم). وهي رواية مسلم.

وهذه الحالة تنازع فيها النحاة على قولين مشهورين:
القول الأول: لا يجوز الجزم إلا على صحة تقدير "إن" الشرطية؛ وهو قول سيبويه والمبرّد، وجماعة من النحاة.
وذلك كما في قول القائل: لا تدن من الأسد تسلمْ.
ولو قال: لا تدن من الأسد يأكلك؛ وجب الرفع؛ لأنه لا يصحّ تقدير: إن لا تدن من الأسد يأكلْك.
- قال سيبويه: (تقول: لا تدن منه يكن خيراً لك؛ فإن قلت: لا تدن من الأسد يأكلك فهو قبيح إن جزمت، وليس وَجْهَ كلامِ الناس؛ لأنَّك لا تريد أن تجعل تباعده من الأسد سبباً لأكله.
وإن رفعت فالكلام حسنٌ، كأنك قلت: "لا تدن منه فإنَّه يأكلُك"، وإن أدخلت
الفاء فهو حسنٌ، وذلك قولك: لا تدن منه فيأكلَك)ا.هـ.
- وقال المبرّد: (واعلم أن جواب الأمر والنهي ينجزم بالأمر والنهي؛ كما ينجزم جواب الجزاء بالجزاء؛ وذلك لأن جواب الأمر والنهي يرجع إلى أن يكون جزاءً صحيحاً).
- وقال المبرّد أيضاً: (لو قلت: لا تعص الله يدخلْك الجنة كان جيداً؛ لأنك إنما أضمرت مثل ما أظهرت؛ فكأنك قلت: فإنك إن لا تعصه يدخلك الجنة، واعتبره بالفعل الذي يظهر في معناه؛ ألا ترى أنك لو وضعت فعلاً بغير نهي في موضع لا تعص الله لكان أطع الله.
ولو قلت: لا تعص الله يدخلك النار كان محالاً؛ لأن معناه: أطع الله. وقولك: أطع الله يدخلك النار محال.
وكذلك: لا تدن من الأسد يأكلْك لا يجوز؛ لأنك إذا قلت: لا تدن فإنما تريد: تباعد، ولو قلت: تباعد من الأسد يأكلْك كان محالاً؛ لأن تباعده منه لا يوجب أَكْلَه إيَّاه، ولكن لو رفعت كان جيداً، تريد فإنه مما يأكلك)ا.هـ.
والقول الثاني: جواز الجزم مطلقاً إذا أمن اللبس، وهو قول الكسائي وجماعة من الكوفيين.
قال ابن عقيل: (وأجاز الكسائي ذلك بناء على أنه لا يشترط عنده دخول "إن" على "لا"؛ فجزمه على معنى "إن تدن من الأسد يأكلك").


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 محرم 1442هـ/19-08-2020م, 07:39 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

3: جواب الاستفهام
يُجزم الفعل المضارع الواقع في جواب الاستفهام إذا لم يكن مقروناً "بفاء" السببية ولا "واو" المعية كما في قول الله تعالى:{هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}
{يغفرْ} فعل مضارع مجزوم لوقوعه في جواب الاستفهام على أحد أقوال النحاة وهو قول الفراء والمبرّد وجماعة.
- قال المبرّد في المقتضب: (إنما انجزم جواب الاستفهام لأنه يرجع من الجزاء إلى ما يرجع إليه جواب الأمر والنهي، وذلك قولك: أين بيتك أزرْك؛ لأن المعنى: إن أعرفه أزرك.
وكذلك: هل تأتيني أعطِكَ وأحسنْ إليك؛ لأن المعنى؛ فإنك إن تفعل أفعلْ.

فأما قول الله عز وجل:{يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم}، ثم قال:{تؤمنون بالله ورسوله}، فإن هذا ليس بجواب، ولكنه شرح ما دُعوا إليه، والجواب: {يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم})ا.هـ.

فإن قرن الفعل المضارع الواقع في جواب الاستفهام
"بفاء" السببية أو "واو" المعية نُصب كما في قول الله تعالى:{أفلم يسيروا في الأرض فتكونَ لهم قلوب يعقلون بها}.
{فتكونَ} منصوب في جواب الاستفهام في قراءة الجميع.
- وقوله تعالى:{وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ}.
{ويذرَك} منصوب في جواب الاستفهام لاقترانه
"بواو" المعية.
- وقوله تعالى:{قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا}،{فتخرجوه} منصوب بحذف
"النون" في جواب الاستفهام.
- وقوله تعالى:{يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَل}.
{فيشفعوا}،{نعمل} منصوبان في جواب الاستفهام.
- وقوله تعالى:{قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها}.
{فتهاجروا} منصوب بحذف
"النون" على جواب الاستفهام.

فإذا أريد قطع الفعل عن جواب الاستفهام رُفع أو أُتبعَ.
وقد ورد في القرآن مواضع فيها قراءتان إحداهما بالنصب على جواب الاستفهام والأخرى بالقطع إما بالإتباع وإما بالرفع على الاستئناف، كما في قول الله تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً}.
{فيضاعفَه} قرأ ابن عامر وعاصم بالنصب على جواب الاستفهام.
وقرأ الباقون بالرفع [فيضاعفُه] واختلف في توجيه قراءة الرفع على قولين:
القول الأول: عطفاً على {يُقرض} ، والعطف من الإتباع، أي: من ذا الذي يُقرض اللهَ؟! من ذا الذي يُضاعفُ الله له؟! وهذا استفهام فيه معنى التحضيض وتأكيد ترتب الجزاء على الفعل، كما لو قلت: من يشاركني في تجارتي؟ من يربح الربح الكثير؟
فكأنك جعلت الربح أمراً لازماً للمشاركة التي لا يتطرّق لها الخسران.
والقول الثاني: الرفع على الاستئناف، بمعنى: فإن الله يضاعفه له.

وقد يرد الفعل المضارع في صيغة تحتمل أن يكون منصوباً في جواب الاستفهام، وأن يكون مجزوماً على العطف، كما في قول الله تعالى:{أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم}.
- قال أبو جعفر النحاس: ({فَيَنْظُرُوا} عطف على {يسيروا} في موضع جزم، ويجوز أن يكون في موضع نصب على أنه جواب).

وقد يقع النصب على غير جواب الاستفهام، كما في قول الله تعالى:{قال يا ويلتى أعجزت أن أكونَ مثل هذا الغراب فأواريَ سوءة أخي}.
فانتصاب الفعل هنا بالعطف على {أكون}، أي: أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب، أعجزت أن أواريَ سوءة أخي.
ولو كان النصب على جواب الاستفهام لأفاد عكس المعنى لتعلّق المواراة بالعجز.
- قال أبو البقاء العكبري: ({فأواريَ}: معطوف على {أكون}، وذكر بعضهم أنه يجوز أن ينتصب على جواب الاستفهام، وليس بشيء، إذ ليس المعنى أيكون مني عجز فمواراة؛ ألا ترى أن قولك: أين بيتك فأزورَك، معناه لو عرفت لزرت، وليس المعنى هنا لو عجزت لواريت).

وقد تكون جملة جواب الاستفهام جملة اسمية فتقترن
"بالفاء" وتكون في محلّ نصب، كما في قول الله تعالى:{أعنده علم الغيب فهو يرى}، وقوله تعالى:{ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء}.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 محرم 1442هـ/19-08-2020م, 07:40 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

4: جواب التحضيض
الكلام في جواب التحضيض كالكلام في جواب الاستفهام؛ يُجزم الفعل المضارع الواقع في جواب التحضيض إذا لم يقترن "بفاء" السببية أو "واو" المعية.
وينتصب إذا اقترن بأحدهما كما في قول الله تعالى:{لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبعَ آياتك}، وقوله تعالى:{وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7)}.

وقد اجتمع النصب والجزم في قول الله تعالى:{فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدّقَ وأكن من الصالحين}.
{وأكن} اختلف في قراءتها وإعرابها.
فقرأها جمهور القراء {وأكن} بالجزم، عطفاً على موضع [أصدّق] من غير "الفاء"؛ وجواب التحضيض إذا لم يقترن
"بالفاء" فحقّه الجزم؛ لأنها على معنى: إن أخرّتني أصدّقْ وأكن من الصالحين.
وقرأها أبو عمرو {وأكونَ} بالنصب عطفاً على {فأصدّقَ} المنصوبة في جواب التحضيض لاقترانها
"بالفاء".


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 1 محرم 1442هـ/19-08-2020م, 07:43 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

5: جواب التمنّي
الفعل المضارع الواقع في جواب التمنّي ينصب إذا اقترن "بفاء" السببية أو "واو" المعية كما في قول الله تعالى:{ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)}.
وقوله تعالى:{ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا}.
وقوله تعالى:{فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102)}.
وقوله تعالى:{أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين}.
وقوله تعالى:{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المؤْمِنِينَ}.
{ولا نكذبَ} {ونكونَ}
قرأهما بالنصب: حمزة، وابن عامر في رواية ابن ذكوان، وعاصم في رواية حفص.
وقرأهما بالرفع: ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، والكسائي، وعاصم في رواية أبي بكر.
وفي رواية هشام بن عمار عن ابن عامر [ولا نكذبُ] بالرفع، [ونكونَ] بالنصب.
فالنصب على جواب التمنّي، والرفع على القطع كما تقدّم شرحه في نظائره.
وقد ورد القطع في مواضع في القرآن منها قول الله تعالى:{ودوا لو تدهن فيدهنون}، وقوله تعالى:{ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء}.
{فتكونون} فعل مضارع مرفوع بإثبات النون، وهو مقطوع عن جواب التمني، أي: فإنكم إذا كفرتم كما كفروا فأنتم سواء في حكم الكفر، ودلالة الرفع هنا آكد؛ لأنها في معنى بيان الحكم من الله تعالى، وهو أعم من ارتباط الفعل بالتمنّي؛ فإنهم قد لا يتمنون المساواة، وهي حاصلة بمجرّد تحقق الكفر وارتكاب ناقض من نواقض الإسلام.

وأما قول الله تعالى:{ودوا لو تدهن فيدهنون}.
{فيدهنون} ليست جواب التمني بل هي من صلته، و
الفاء عاطفة لبيان سرعة استجابتهم للمداهنة حرصاً على إفساد دينهم؛ فجملة {تدهن فيدهنون} داخلة في جملة ما يتمنّونه، والجواب محذوف، كما حذف في قول الله تعالى:{وودوا لو تكفرون}.
- قال أبو البقاء العكبري: (إنما أثبت
النون؛ لأنه عطفه على {تدهن}، ولم يجعله جواب التمني، وفي بعض المصاحف بغير "نون" على الجواب).
- وقال أبو جعفر النحاس: ({فيدهنون} معطوف، وليس بجواب ولو كان جواباً حذفت منه
"النون").


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 1 محرم 1442هـ/19-08-2020م, 07:50 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

6: جواب الترجي
جواب الترجي وقع فيه خلاف بين النحاة؛ فذهب نحاة الكوفة إلى جواز إجراء جواب الترجي مجرى جواب التمنّي، وخالفهم نحاة البصرة، وتأولوا ما ورد من ذلك في الشواهد بتأويلات مختلفة.
- قال ابن عقيل: (أجاز الكوفيون قاطبة أن يعاملَ الرجاءُ معاملةَ التمني فينصب جوابه المقرون "بالفاء" كما نصب جواب التمني).
واستدلّ الفراء وبعض نحاة الكوفة بقول الله تعالى:{لعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ} على قراءة من نصب {فأطلعَ} وهو حفص عن عاصم.
وخرّج البصريون قراءة النصب على جواب الأمر في قوله:{ابنِ لي} أو على التوهّم.
- قال ابن هشام في مغني اللبيب في نصب جواب الترجّي بعد "الفاء": (وهذا لا يجيزه بصريٌّ، ويتأولون قراءة حفص إما على أنه جواب للأمر وهو {ابن لي صرحا} أو على العطف على الأسباب على حد قوله:

ولبس عباءة وتقرَّ عيني
أو على معنى ما يقع موقع {أبلغ} وهو "أن أبلغ" على حد قوله: (ولا سابقٍ شيئا)
ثم إنْ ثبت قولُ الفراء: "إن جواب الترجي منصوب كجواب التمني"؛ فهو قليل؛ فكيف تخرَّج عليه القراءة المجمع عليها؟!!)ا.هـ
قوله: (على حدّ قوله: "ولا سابقٍ شيئا" يريد به قول زهير بن أبي سلمى:
بدا ليَ أني لستُ مدركَ ما مضى ... ولا سابقٍ شيئاً إذا كان جائيا
فجرُّ "سابقٍ" على توهّم دخول "الباء" على مدرك، أي: لستُ بمدرك ولا سابقٍ.
وهذا هو التخريج على التوهّم عند بعض النحاة، ومن النحاة من يعبّر عنه بحذف العامل وإبقاء العمل، وهو تعبير أجود من التوهّم؛ لأن القول بالتوهّم لا يُقبل في تفسير كلام الله تعالى.
وقد ذكر أبو البقاء العكبري في "التبيان" أنه أفرد في هذه المسألة كتاباً.
وقرأ جمهور القراء [فأطّلعُ] بالرفع عطفاً على {أبلغُ}.

وقال تعالى:{فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)}.
{فيصبحوا} فعل مضارع منصوب في جواب الترجّي على مذهب الكوفيين، وخرّج البصريون النصب على العطف على {يأتي}.

وقال تعالى:{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)}.
قرأ عاصم:{فتنفَعه} بالنصب على جواب الترجّي في مذهب الكوفيين، وذهب بعض البصريين إلى أنّ النصب لأجل الحمل على معنى التمنّي المفهوم من قوله:{أو يذكّر}، وخرّجه بعضهم على التوهّم.
- قال أبو حيان الأندلسي: (وقد تأوَّلنا ذلك على أن يكون عطفاً على التوهم، لأنَّ خبر "لعل" كثيراً جاء مقروناً "بأن" في النظم كثيراً، وفي النثر قليلاً؛ فمن نصب توهَّم أنَّ الفعل المرفوع الواقع خبراً كان منصوباً "بأنْ"، والعطف على التوهم كثير، وإن كان لا ينقاس، لكن إن وقع شيء وأمكن تخريجه عليه خُرّج)ا.هـ.
- وقال ابن هشام في "مغني اللبيب": (وقيل في قراءة حفص:{لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع} بالنصب إنه عطف على معنى {لعلي أبلغ} وهو "لعلي أن أبلغَ" فإن خبر "لعل" يقترن بأن كثيراً نحو الحديث: "فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض"، ويحتمل أنه عطف على الأسباب على حد:
للبس عباءة وتقرَّ عيني
ومع هذين الاحتمالين فيندفع قول الكوفي: "إنَّ هذه القراءة حجة على جواز النصب في جواب الترجي حملا له على التمني")ا.هـ.
والتخريجان فيهما نظر، وقول الكوفيين في هذه المسألة أقعد وأضبط.
- قال أبو حيان الأندلسي في ارتشاف الضرَب: (وسُمع الجزم بعد الترجي، فدلَّ على ترجيح مذهب الكوفيين في أنه ينصب الفعل بعد "الفاء" جوابًا للترجي).
وقرأ جمهور القراء: [فتنفعُه] عطفاً على {يذكّر}.


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 1 محرم 1442هـ/19-08-2020م, 07:53 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

جواب النفي
جواب النفي يلتحق بجواب الطلب في بعض أحكامه؛ فينتصب الفعل المضارع الواقع في جواب النفي؛ كما في قول الله تعالى:{لا يُقضى عليهم فيموتوا}.
وإذا أريد قطع ارتباط الفعل بالجواب رُفع ، كما في قول الله تعالى:{ولا يُؤذن لهم فيعتذرون}.
فقوله:{فيعتذرون} داخل في جملة النفي وليس جواباً للنفي.
والفرق بينهما أن قوله تعالى:{لا يقضى عليهم فيموتوا} جُعل عدم القضاء عليهم بالموت علّة لعدم موتهم مع شدّة ما يلاقونه من العذاب؛ فلم يمنعهم من الموت إلا أنّه لم يُقض عليهم الموت.
وقوله تعالى:{هذا يوم لا ينطقون . ولا يُؤذن لهم فيعتذرون} ارتفع الفعل على العطف على {يُؤذنُ} المرفوعة، لإفادة نفي الجميع أي لا يُؤذن لهم بالاعتذار، ولا يعتذرون ، فلا عذر لهم ينفعهم يوم الفصل لظهور استحقاقهم للعذاب الأليم بما أجرموا في حياتهم.
وتوسّطت جملة {ولا يُؤذن لهم} وحُذف متعلّق الإذن فصلح للفعلين الذي قبله والذي بعده؛ فهم لا ينطقون من هول الموقف، ولوا أرادوا النطق لا يُؤذن لهم، ولا يعتذرون ولو أرادوا الاعتذار لا يُؤذن لهم ولا ينفعهم.
وهذا أعمّ من جعل نفي الاعتذار متعلّقاً بالإذن.
ولو قيل: لا يُؤذن لهم فيعتذروا؛ لأفاد أن لهم أعذاراً لكن لا يُؤذن لهم بالاعتذار.
وفيه لطيفة أخرى وهي أنّه لو كان لهم نطْقٌ يومئذ لم يكن ذلك النطق إلا الاعتذار؛ فليس لهم حجة يدلون بها، ولا يقدرون على الإنكار، فلم يبق إلا الاعتذار حين لا ينفع الاعتذار؛ فلم يؤذن لهم به، وأيقنوا بعدم نفعه فهم لا يعتذرون.
- قال أبو السعود: ({فيعتذرون}: عطفٌ على يُؤذنُ مُنتظمٌ في سلكِ النفي، أيْ لا يكونُ لهم إذنٌ واعتذارٌ متعقِّبٌ له من غيرِ أن يجعل الاعتذار مسبَّباً عن الإذن كما لو نصب).
- وقال سيبويه: (تقول: "ما تأتيني فتحدِّثَني"، فالنصب على وجهين من المعاني:
أحدهما: ما تأتيني فكيف تحدثني؟ أي: لو أتيتني لحدثتني.
وأما الآخر: فما تأتيني أبداً إلا لم تحدثْني، أي: منك إتيانٌ كثيرٌ ولا حديثَ منك.
وإن شئت أشركت بين الأول والآخر، فدخل الآخرُ فيما دخل فيه الأول فتقول: ما تأتيني فتحدّثُني كأنك قلت: ما تأتيني وما تحدّثُني.
فمثل النصب قوله عز وجل:{لا يقضى عليهم فيموتوا}، ومثل الرفع قوله عز وجل:{هذا يوم لا ينطقون . ولا يؤذن لهم فيعتذرون})ا.هـ.

وقال تعالى:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)}.
- قال أبو جعفر النحاس: ({وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} جواب النفي، وهو عند الخليل منصوب بإضمار "أن").

وقال تعالى:{ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين}.
هذه الآية اجتمع فيها جواب النفي وجواب النهي في اتساق بديع عجيب.
{فتطردَهم} منصوب في جواب النفي في قوله:{ما عليك حسابهم من شيء}.
{فتكونَ} منصوب في جواب النهي في قوله تعالى:{ولا تطرد الذين يدعون ربهم}.

وقال تعالى:{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)}.
{ولا نكذّبَ} منصوب في جواب التمنّي كما تقدّم.
{ونكونَ} يحتمل وجهين في الإعراب:
أحدهما: أن يكون معطوفاً على قوله:{ولا نكذّب} فيكون في صلة جواب التمنّي.
والآخر: أن يكون منصوباً على جواب النفي في قوله:{ولا نكذب بآيات ربنا}.

وقد يكون جواب النفي جملة اسمية فتكون في محلّ نصب كما في قول الله تعالى:{وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71)}.
قوله تعالى: {فهم فيه سواء} في محلّ نصب في جواب النفي.

والخلاصة أن جواب النفي يشبه جواب الطلب في انتصابه بعد "فاء" السببية و "واو" المعية.
ويفارقه في أنّ جواب الطلب يجزم إذا لم يقترن "بالفاء" ولا "الواو"، بخلاف جواب النفي فلا يصحّ جزمه.


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 1 محرم 1442هـ/19-08-2020م, 08:00 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتران خبر المبتدأ بالفاء:
مما يتّصل بالشرط وجواب الطلب اقتران خبر المبتدأ الموصول أو الموصوف "بالفاء" التي تفيد تقوية ربط الخبر بالمبتدأ، وتنزيلهما منزلة الشرط والجزاء أو الطلب وجوابه؛ فيكون المبتدأ مقتضياً للخبر أو سبباً له.
وذلك كما في قول الله تعالى:{الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم}.
فهو في اقتضاء الجزاء في معنى: من ينفق ماله بالليل والنهار سراً وعلانية فله أجره.
لكن أوثر أسلوب المبتدأ والخبر لما في التعريف بالاسم الموصول من لطائف بيانية واكتفي
"بالفاء" للدلالة على اقتضاء المجازاة.
ونحوه قوله تعالى:{إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم}، والتقدير: فهؤلاء بشّرهم.
وقوله تعالى:{والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضلّ أعمالهم}.
وقوله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ}.
وقوله تعالى:{والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين}.
وقوله تعالى:{الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}.
وقوله تعالى:{والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة}.
وقوله تعالى:{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم}
في سورة براءة.
وقوله تعالى:{وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب}.
وقوله تعالى:{وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين}.
وقوله تعالى:{ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك}.
وقوله تعالى:{وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}.
وقوله تعالى:{ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله} على اعتبار "من" اسماً موصولاً.

والآيات التي فيها دخول
"الفاء" على الخبر لربطه بالمبتدأ كثيرة؛ وهي تفيد تأكيد اقتضاء المبتدأ للخبر، وتنزيله منزلة الشرط الذي يستلزم جزاءً.
فإذا قلت: الذي يقوم فله درهم؛ كان بمعنى قولك: من يقم فله درهم.
وهو أدلّ على اقتضاء الجزاء وترتّب الخبر على المبتدأ من قولك: الذي يقوم له درهم، مع جواز الأمرين.


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 22 محرم 1442هـ/9-09-2020م, 03:03 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

الشرط الخفي
مما يتّصل بهذا الباب ما يكون في الكلام من شرط خفيّ، يؤدّي معنى الشرط من غير استعمال لأدواته الظاهرة.
فقد يتأدّى معنى الشرط بأساليب متعددة متنوّعة منها:
1: تخصيص العام، فالتخصيص فيه معنى الشرط الذي يخرج به الخاصّ عن حكم العام.
فإذا قلت: أكرم الطلاب إلا الكسول؛ فهو في معنى قولك: إن لم يكن الطالب كسولاً فأكرمه.
قال الله تعالى: {ولله على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا} فجملة {من استطاع إليه سبيلا} بدل مخصص لعموم المبدل منه؛ فهو في معنى: فمن لم يستطع فليس عليه حجّ.
وكذلك يقال في سائر أنواع المخصصات.
2: تقييد المطلق، كما لو قلت: اذبح كبشاً سميناً؛ فهو في معنى قولك: إن لم تجد كبشاً سميناً فلا تذبح.
وقال الله تعالى: {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69)}
فهذه القيود الثلاثة تفيد معنى الشرط فكأنها في حكم قول: إن لم تكن البقرة صفراء فاقعاً لونها تسرّ الناظرين فإنها لا تجزئ.
3: الاستثناء، والاستثناء قد يكون تخصيصاً للعامّ، وقد يكون تقييداً للمطلق.
4: خبر الموصول القائم مقام جواب الشرط.
قال الله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا (15) واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما (16)}.
- قال ابن عاشور: (وقرن "بالفاء" خبر الموصولين من قوله: {فاستشهدوا} وقوله: {فآذوهما} لأن الموصول أشرب معنى الشرط تنبيها على أن صلة الموصول سبب في الحكم الدال عليه خبره، فصار خبر الموصول مثل جواب الشرط.
ويظهر لي أن ذلك عند ما يكون الخبر جملة، وغير صالحة لمباشرة أدوات الشرط، بحيث لو كانت جزاء للزم اقترانها
"بالفاء".
هكذا وجدنا من استقراء كلامهم، وهذا الأسلوب إنما يقع في الصلة التي تومئ إلى وجه بناء الخبر، لأنها التي تعطي رائحة التسبب في الخبر الوارد بعدها).
5: الحال التي تفيد معنى التقييد، كما في قول الله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد}.
فهذا فيه معنى الشرط فهي في حكم: فإن كنتم عاكفين في المساجد فلا تباشروهن.
6: المفعول المخصَّص.
قال الله تعالى: {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً}
- قال ابن القيّم رحمه الله: (تأمَّلْ ذلك في مثل قوله تعالى: {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً} كيف تجد معنى الشرطيَّة فيه حتى وقع الفعل بعد "من" بلفظ الماضي والمراد به المستقبل، وأنَّ المعنى: "من كان في المهد صبياً فكيف نكلمه؟!!"؛ وهذا هو المعنى الذي حام حوله من قال من المفسرين والمعربين: إنه كان نبياً بمعنى يكون، لكنهم لم يأتوا إليه من بابه، بل ألقوه عُطْلاً من تقديرٍ وتنزيلٍ، وعَزَبَ فَهْمُ غيرهم عن هذا لِلُطْفِه ودقَّته؛ فقالوا: "كان" زائدة، والوجه ما أخبرتُك؛ فخذه عفواً لك غُنْمُه، وعلى سِوَاك غُرْمُه).

والأنواع التي يتحقَّق فيها معنى الشرط من غير تصريحٍ بأدواته أكثرُ من ذلك، والغرض من ذكرها أنها تحمل المعاني البيانية لأسلوب الشرط.


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 22 محرم 1442هـ/9-09-2020م, 03:16 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

أمثلة على مسائل جواب الطلب في التفسير

المثال الأول: قول الله تعالى: { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77)}
في قول الله تعالى: {فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخافُ دركاً ولا تخشى}.
قرأ الجمهور {لا تخافُ} بالرفع، وللعلماء في توجيه الرفع ثلاثة أقوال:
القول الأول: الرفع على الاستئناف؛ وهو قول الفراء والزجاج وابن جرير الطبري، وأحد وجهين ذكرهما سيبويه في كتابه.
فلا يتعلق الأمن من درك العدو بالضرب؛ فموسى عليه السلام في جميع الأحوال آمن لا يخاف ولا يخشى.
والقول الثاني: الرفع على كون الجملة الفعلية في محل نصب حال من الضمير في اضربْ، أي اضرب غير خائف، وهو الوجه الثاني من وجهين ذكرهما سيبويه في كتابه.
ومثّل له سيبويه بقول القائل: ائتني تمشي، أي ائتني ماشياً، فيسوغ رفع الفعل لوقوعه موقع الحال.
والقول الثالث: صفة للطريق على حذف العائد، أي: اضرب لهم طريقاً لا تخاف فيه دركاً، وهو قول الأخفش.
القول الثالث ضعيف، والثاني قاصر، والأول أرجح الأقوال وأقواها وأوفاها معنى.

وقرأ حمزة [ لا تخفْ] بالجزم واختلف في سبب الجزم:
فقيل: بـ"لا" الناهية.
وقيل: الجزم على جواب الطلب.
والأول أرجح.
{ولا تخشى} إما معطوفة على {لا تخاف} المرفوعة، وإما مقطوعة عن العطف كما في قول الله تعالى: {يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون}.
وذهب بعضهم إلى جواز كونها مجزومة مع إشباع حركة الفتحة لتوافق رؤوس الآي، وهو قول ضعيف.
- قال سيبويه: (تقول: ذره يقل ذاك، وذره يقول ذاك؛ فالرفع من وجهين: فأحدهما الابتداء، والآخر على قولك: ذره قائلاً ذاك؛ فتجعل يقول في موضع قائل.
فمثل الجزم قوله عز وجل: {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل} ومثل الرفع قوله تعالى جَدُّه: {ذرهم في خوضهم يلعبون}.
وتقول: ائتني تمشي، أي ائتني ماشياً، وإن شاء جزمه على أنه إن أتاه مشى فيما يستقبل، وإن شاء رفعه على الابتداء.
وقال عز وجل: {فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى}. فالرفع على وجهين: على الابتداء، وعلى قوله: اضربه غير خائفٍ ولا خاشٍ).


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 24 محرم 1442هـ/11-09-2020م, 01:10 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

المثال الثاني: تفسير قول الله تعالى: {قل أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده}.

قال الله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80)}
اختلف في المراد بالعهد على قولين:
القول الأول: العهد من الله بما يقولون بأن النار لن تمسّهم إلا أياماً معدودة، وهذا قول مجاهد وقتادة.
- قال ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: «قوله: {قل أتّخذتم عند اللّه عهدًا} مَوثِقًا من اللّه بذلك أنّه كما تقولون؟». رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
- وقال آدم بن أبي إياس: حدثنا أبو جعفر الرازي، عن قتادة، قال: «قالت اليهود: لن ندخل النّار إلا تحلّة القسم خلال عدد الأيّام الّتي عبدنا فيها العجل. فقال اللّه: أتّخذتم عند اللّه عهدًا بهذا الّذي تقولون؟ ألكم بهذا حجّةٌ وبرهانٌ فلن يخلف اللّه عهده؟ هاتوا حجّتكم وبرهانكم أم تقولون على اللّه ما لا تعلمون؟». رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.

والقول الثاني: العهد هو عهد التوحيد والإيمان الذي من تمسّك به أمن من العذاب، وهذا قول الضحاك، وقد رواه عن ابن عباس.
- قال بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك أنه روى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لمّا قالت اليهود ما قالت، قال اللّه جلّ ثناؤه لمحمّدٍ: {قل أتّخذتم عند اللّه عهدًا} يقول: أدّخرتم عند اللّه عهدًا؟ يقول: أقلتم لا إله إلاّ اللّه لم تشركوا، ولم تكفروا به؟ فإن كنتم قلتموها فارجوا بها، وإن كنتم لم تقولوها فلم تقولون على اللّه ما لا تعلمون؟ يقول: لو كنتم قلتم لا إله إلاّ اللّه، ولم تشركوا به شيئًا، ثمّ متّم على ذلك لكان لكم ذخرًا عندي، ولم أخلف وعدي لكم أنّي أجازيكم بها». رواه ابن جرير، ورواية الضحاك عن ابن عباس منقطعة من جهة الإسناد، لكنّها معتبرة في التفسير.

- وقال سرور بن المغيرة عن عباد بن منصور عن الحسن البصري قال: ({قل أتّخذتم عند اللّه عهدًا} أي: هل عندكم من اللّه من عهدٍ أنّه ليس معذّبكم؟ أم هل أرضيتم اللّه بأعمالكم فعملتم بما افترض عليكم وعهد إليكم فلن يخلف اللّه عهده؟ أم تقولون على اللّه ما لا تعلمون؟). رواه ابن أبي حاتم.
وهذا تفسير حسن من الحسن رحمه الله، وهو جامع للمعنيين.

وجملة {فلن يخلف الله عهده} تحتمل خمسة أوجه من الأعراب يؤدّي كل واحد منها معنى غير الذي يؤدّيه غيره:
الوجه الأول: الجملة معترضة لا محلّ لها من الإعراب، و{أم} متّصلة، وتقدير المعنى على هذا الوجه: أتخذتم عند الله عهداً أم تقولون على الله ما لا تعلمون، واعترضت جملة {فلن يخلف الله عهده} بينهما لرفع توهّم خلاف المراد.
وهذا الوجه اختاره ابن عطية في تفسيره؛ فقال: (قوله: {فلن يخلف الله عهده} اعتراض أثناء الكلام).
- قال أبو حيان الأندلسي: (كأنه يقول: أي هذين واقع؟ أتخاذكم العهد عند الله؟ أم قولكم على الله ما لا تعلمون؟
وأخرج ذلك مخرج المتردد في تعيينه على سبيل التقرير، وإن كان قد علم وقوع أحدهما، وهو قولهم على الله ما لا تعلمون، ونظيره: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} ، وقد علم أيهما على هدى وأيهما هو في ضلال)ا.هـ.

والوجه الثاني: {أم} منقطعة بمعنى "بل" ، وجملة {فلن يخلف الله عهده} في محلّ رفع على الاستئناف، لتقرير أنّ الله تعالى لا يخلف عهده، وللتحضيض على اتخاذ عهد عند الله بالإيمان به وتوحيده؛ فمتى كان العبد على عهد الله فإنّ الله لا يخلف عهده حتى يكون العبد هو الذي ينقض العهد من قبل نفسه.

والوجه الثالث: الجملة في محلّ نصب على جواب الاستفهام، وهو اختيار أبي حيان الأندلسي.
فيكون تقدير المعنى: أتّخذتم عند الله عهداً؟ فإن الله لن يخلف عهده، ويكون الخطاب موجّهاً لمن وُجّه إليهم الاستفهام.

والوجه الرابع: الجملة في محلّ جزم في جواب الطلب بـ{قل} أي: قل لهم أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده.
فيكون الخطاب في قوله {فلن يخلف الله عهده} موجّها لمن وجّه إليه الأمر بـ{قل} وهو النبي صلى الله عليه وسلم أو هو من قبيل خطاب غير المعيّن، ليكون كلّ مبلّغ للقرآن ومؤدٍّ حجّة الله في موضع الخطاب بـ{قل}.

الوجه الخامس: جملة {فلن يخلف الله عهده} جواب لشرط محذوف، والتقدير: إن اتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده.
وهذا القول قال بأصله أبو إسحاق الزجاج ثم قال به الزمخشري في كشافه، واختاره ابن عاشور.
- قال أبو إسحاق الزجاج: (وقوله عزّ وجلّ: {فلن يخلف اللّه عهده} أي: إن كان لكم عهد فلن يخلفه اللّه).
- وقال الزمخشري: ({فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ} متعلق بمحذوف تقديره: إن اتخذتم عند اللَّه عهدا فلن يخلف اللَّه عهده)ا.هـ.
- وقال ابن عاشور: (وقوله: {فلن يخلف الله عهده} "الفاء" فصيحة دالة على شرطٍ مقدَّرٍ وجزائه، وما بعد "الفاء" هو علة الجزاء، والتقدير: فإن كان ذلك؛ فلكم العذر في قولِكم لأنَّ الله لا يخلف عهده)ا.هـ.


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 24 محرم 1442هـ/11-09-2020م, 03:17 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

المثال الثالث: جواب الطلب في قول الله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً}
مسائل "قل لهم يفعلوا" من المسائل التي كثر اختلاف النحاة فيها، ولها أمثلة كثيرة في القرآن الكريم وفي كلام العرب، ووقع في حكاية أقوال النحاة ونسبتها خطأ وتخليط في بعض الكتب، وتلخيصها في أربعة أقوال:
القول الأول: جُزم الفعل {يقيموا} ونظائره، لأنه خبرٌ مؤوَّل بالأمر، فهو على صورة الخبر، لكنَّه وقع موقع الجزاء لدلالته على معنى الأمر، وهذا قول الفراء، واختيار ابن جرير، وردّه ابن هشام في مغني اللبيب.
والقول الثاني: الفعل مجزوم "بلام" محذوفة، والتقدير: قل لعبادي الذين آمنوا: ليقيموا الصلاة.
وهذا قول الكسائي، واختاره أبو الحسن ابن سيده في المخصص، وابن مالك في شرح الكافية، وابن هشام في مغني اللبيب، وردّه الأخفش والمبرّد وغيرهما.
القول الثالث: الفعل مجزوم في جواب {قل} وهو قول سيبويه والأخفش، وردّه المبرّد وابن مالك.
وسبب ردّه أنه على تقدير: "إن تقل لهم يقيموا الصلاة"؛ ومقول القول محذوف، ولا يُعقل أن يكون القول المجمل مقتضياً للجزاء بمجرّده.
والقول الرابع: {يقيموا} مجزوم على جواب أمر محذوف بعد {قل}، والتقدير: قل لعبادي الذين آمنوا: "أقيموا الصلاة" يقيموا الصلاة.
وهذا قول المبرّد، إذ قال في المقتضب: (وأما قوله: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} وما أشبهه، فليس {يقولوا} جواباً لـ{قل}، ولكن المعنى والله أعلم: قل لعبادي: قولوا = يقولوا.
وكذلك {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة} وإنما هو: قل لهم: افعلوا = يفعلوا)ا.هـ.
وهذا القول حكاه أبو جعفر النحاس عن أبي عثمان المازني، واختاره الحريري في "درة الغواص"، وابن الحاجب في أماليه، وابن الناظم في شرح الألفية.
واعترض عليه أبو البقاء العكبري وابن هشام من وجهين:
أحدهما: أن جواب الشرط يجب أن يخالف فعل الشرط في الفعل أو الفاعل أو فيهما، وهذا التقدير على معنى: إن يقيموا يقيموا.
والثاني: أن الأمر على هذا التقدير يقتضي الخطاب "أقيموا"، والجواب خبر عن غائب "يقيموا".
والجادّة أن يقال: أقيموا الصلاة تفلحوا، فيُخالف بين الفعلين ويتوافق الخطاب فيهما.
وهذا الاعتراض مبناه على توهّم تفرّد الأمر المحذوف بالعمل، فلا يصحّ أن يقال: أقيموا الصلاة يقيموا الصلاة، من غير "قل".
ولو كان الأمر كذلك لكان الاعتراض صحيحاً، لكن دخول "قل" قام مقام المخالفة بين الفعلين، وسوّغ الإخبار عن غائب.

والمبرّد ومن قال بقوله من النحاة لم يبنوا التقدير على تفرّد الأمر المحذوف بالعمل من غير "قل"، فيكون التقدير الطلبي: قل لهم أقيموا الصلاة يقيموا الصلاة.
والتقدير الشرطي: إن تقل لهم: "أقيموا الصلاة" يقيموا الصلاة، وهذا تقدير ظاهر الصحة لا فساد فيه.
واعترض ابن مالك على هذا القول والذي قبله باعتراض آخر، وهو أنَّ جَعْلَ الفعل "يقيموا" جواباً للطلب يقتضي حصوله من المخاطبين وعدم تخلّف أحد منهم عنه، وهذا خلاف الواقع؛ فإنَّ الأمر قد يتخلف عن امتثاله متخلّفون.
وأجاب ابنه في شرح الكافية بأنّ حصول الامتثال من أكثرهم يصحّ فيه الإسناد إليهم على الإجمال.
وهذا الجواب وإن كان صحيحاً إلا أنه يقصر عن المعنى البياني الجليل للآية.

والتحقيق أن مسائل "قل لهم يفعلوا" تحتمل أمرين:
أحدهما: طلب تبليغهم الأمر.
والآخر: الإخبار عن استجابتهم وامتثالهم للأمر.
وترجيح أحد الأمرين على الآخر يتوقّف على ما يظهر من قصد المتكلّم إمّا بدلالة السياق، وإمّا بدلالة نظائر خطابه، وإمّا بدلالة أحوال المخاطبين بالأمر.
فإذا قيل: قل لهم يفعلوا؛ وأريد به إبلاغهم الأمر فهي في معنى: قل لهم: ليفعلوا، وقل لهم: افعلوا.
وإذا أريد بها الإخبار عن استجابتهم فهي في معنى: إن تقل لهم افعلوا يفعلوا، ومعنى: مُرْهم يطيعوا.
وتتأكّد إرادة المعنى الثاني في حقّ من تُعرفُ استجابته أو يُثنى عليه بها.
ولذلك لا يصحّ القول بترجيح أحد القولين على الآخر مطلقاً، لاتفاق صورة التركيب وصحة إرادة المعنيين.

فقول الله تعالى: {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة} يحتمل معنيين:
أحدهما: قل لعبادي الذين آمنوا: ليقيموا الصلاة.
والآخر: قل لعبادي الذين آمنوا: "أقيموا الصلاة" يقيموا الصلاة.
وإيثار {يقيموا} في هذا السياق لجمع المعنيين بديع جداً.
والذي يترجّح لي صحّة جمع المعنيين وحمل كلّ معنى على ما هو أولى به.

ففي قول الله تعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} إذا أريد بالعباد مطلق العباد المكلّفين؛ فالأليق هو اختيار معنى الأمر، وتكون الإضافة في قوله تعالى: {عبادي} إضافة ملك.
ويكون هذا المعنى نظير قول الله تعالى: {وقولوا للناس حسناً} لعموم الخطاب، ولما فيه من التصريح بالأمر.
وإذا أريد بالعباد العباد الذين يحبّهم الله ويثني عليهم بعبادتهم إياه وطاعتهم أوامره، فالأولى اختيار معنى الإخبار عن استجابتهم، ويكون التقدير: وقل لعبادي: "قولوا التي هي أحسن" يقولوا التي هي أحسن.
وتكون الإضافة في قوله: {لعبادي} إضافة تشريف.
ويكون هذا المعنى نظير قول الله تعالى: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً}.
فإن قيل: قد تبدر مخالفة من بعض عباد الرحمن في موقف أو مواقف لا يقولون فيها بالتي هي أحسن؛ فكيف تقدّر الاستجابة مع وجود المخالفة؟
قيل: ما يجري على جواب الطلب في آية الإسراء يجري على الخبر في آية الفرقان، فالعبد فيما خالف فيه لم يوافق الطائفة التي أثنى الله عليها، ففازوا بالثناء وتخلف عنهم، وهو بالتوبة والاستغفار يرجى له أن يُلحقه الله بهم.
وهذه الإضافات في {عبادي} و{الذين آمنوا} ونحوها يدخلها التفاضل؛ لتفاضل مراتب العبادة والإيمان، وكلما أريد بالوصف طائفة أخصّ كان لهم من خصوصية العبادة والجزاء عليها ما يقتضي تمييزهم.

وقد تتبعت الآيات التي على مثال "قل لهم يفعلوا" فوجدتها كلها في شأن المؤمنين مع الإيماء لما يحضّ على الامتثال ويرغّب فيه.
- قال الله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ}
وإضافة التشريف تحضّ على الامتثال.
- وقال تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31)}
وإضافة التشريف مع وصف الإيمان يحضان على الامتثال.
- وقال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)}
- وقال تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}
ووصف الإيمان في الآيتين يحضّ على الامتثال.
- وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}
وما في الآية من الإضافات وتقديم من يؤتسى بهنّ يحضّ على الامتثال.
- وقال تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ}
ووصف الإيمان يحضّ على الامتثال.

ولما وُجّه الأمر لغير المؤمنين أُتي بصيغة الأمر؛ فقال تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121)}.
فتحصّل من هذا التقرير أن صيغة: "قل لهم افعلوا" صريحة في الأمر، و"قل لهم يفعلوا" تحتمل الأمر، وتحتمل مع الأمر الإخبار عن استجابتهم، والثناء عليهم بها.

وخلاصة القول أن قول الله تعالى: {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية} قد اشتمل على لطائف بيانية بديعة:
منها: إظهار محبّة الله تعالى لعباده المؤمنين وثنائه عليهم بإيمانهم بعد إضافتهم إلى نفسه المقدّسة إضافة تشريف، فتشرئبّ نفوسهم لمعرفة ما أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لهم؛ فطُوي ذكره، وذكرت استجابتهم التي يحبّها الله ويثيب عليها.
ومنها: إخراج الأمر مخرجاً محبّباً إلى نفوسهم بإقامة استجابتهم دليلاً على معرفة الأمر الذي أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغه.
ومنها: الثناء على المؤمنين باستعدادهم للاستجابة وتلقّيهم الأمر بالمحبة والقبول والمبادرة إلى الامتثال؛ ففيها معنى قول الله تعالى: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44)}.
ومنها: التصوير البديع لسرعة استجابة المؤمنين، فهي استجابة تحمل معنى المبادرة من غير تردد ولا مماراة.

وهذه المعاني والصفات الجليلة يفوز بها من تحقق فيه وصف الإيمان، ونال شرف الإضافة فبادر إلى الاستجابة، ومن تخلّف عنها كان له معنى الأمر مع ما يورثه الشعور بالتخلّف من حسرة وندامة ينبغي أن تدفعاه إلى الإنابة إلى الله واللحاق بالركب.

والله تعالى أعلم.


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 24 محرم 1442هـ/11-09-2020م, 03:19 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

أمثلة من أقوال المفسرين:
قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)}
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكذلك في المحبة والرضا قال الله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} فإن هذا يدل على أنهم إذا اتبعوه أحبهم الله؛ فإنه جزم قوله: " يحببكم الله " فجزمه جواباً للأمر وهو في معنى الشرط فتقديره: "إن تتبعوني يحببكم الله".
ومعلومٌ أنَّ جواب الشرط والأمر إنما يكون بعده لا قبله؛ فمحبة الله لهم إنما تكون بعد اتباعهم للرسول؛ والمنازعون منهم من يقول: ما ثم محبة، بل المراد ثواباً مخلوقاً، ومنهم من يقول: بل ثم محبة قديمة أزلية إما الإرادة، وإما غيرها.
والقرآن يدل على قول السلف وأئمة السنة المخالف للقولين.
وكذلك قوله: {ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه} فإنّه يدل على أنَّ أعمالهم أسخطته؛ فهي سبب لسخطه، وسخطه عليهم بعد الأعمال لا قبلها.
وكذلك قوله: {فلما آسفونا انتقمنا منهم}.
وكذلك قوله: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم} علّق الرضا بشكرهم وجعله مجزوماً جزاءً له، وجزاء الشرط لا يكون إلا بعده.
وكذلك قوله: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} و {يحب المتقين} و {يحب المقسطين} و {يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا} ونحو ذلك فإنه يدل على أنَّ المحبة بسببِ هذه الأعمال، وهي جزاء لها، والجزاء إنما يكون بعد العمل والسبب).

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)}
- قال ابن القيم: (فتأمّل هذه النصائح من الله لعباده، ودلالته على ربوبيته وإلهيته وحده، وأنه يبطل عمل من نازعه في شيء من ربوبيته وإلهيته، لا إله غيره ولا رب سواه، ونبَّه بقوله: {ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذَى} على أن المنَّ والأذى ولو تراخى عن الصدقة وطال زمنه أضرّ بصاحبه، ولم يحصل له مقصود الإنفاق، ولو أتى "بالواو" وقال: "ولا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى" لأوهمت تقييد ذلك بالحال، وإذا كان المنّ والأذى المتراخي مبطلاً لأثر الإنفاق مانعاً من الثواب فالمقارن أولى وأحرى.
وتأمَّل كيف جرَّد الخبر هنا عن
"الفاءِ" فقال: {لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ} وقرنه "بالفاءِ" في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَّةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ} فإن "الفاءَ" الداخلة على خبر المبتدأ الموصول أو الموصوف تفهم معنى الشرط والجزاءِ، وأنَّ الخبر مستحق بما تضمنه المبتدأُ من الصلة أو الصفة، فلما كان هنا يقتضى بيان حصر المستحق للجزاءِ دون غيره جرَّد الخبر عن "الفاءِ"؛ فإنَّ المعنى: إنَّ الذى ينفق ماله لله ولا يمنّ ولا يؤذي هو الذى يستحقّ الأجر المذكور، لا الذى ينفق لغير الله، ولا من يمنّ ويؤذى بنفقته، فليس المقام مقام شرطٍ وجزاءٍ، بل مقام بيان للمستحق من غيره، وفى الآية الأخرى للمستحق دون غيره.
وفى الآية الأخرى ذكر الإنفاق بالليل والنهار سراً وعلانية، فذكر عموم الأوقات وعموم الأحوال، فأتى
"بالفاءِ" في الخبر ليدلَّ على أنَّ الإنفاق في أي وقت وُجِدَ من ليل أو نهار، وعلى أية حالة وجد من سرّ وعلانية؛ فإنه سبب للجزاء على كل حال؛ فليبادر إليه العبد ولا ينتظر به غير وقته وحاله، ولا يؤخر نفقة الليل إذا حضرت إلى النهار، ولا نفقة النهار إلى الليل، ولا ينتظر بنفقة العلانية وقت السرّ، ولا بنفقة السر وقت العلانية، فإنَّ نفقته في أي وقت وعلى أي حال وجدت سبب لأجره وثوابه، فتدبّر هذه الأسرار في القرآن؛ فلعلك لا تظفر بها، ولا تمرّ بك في التفاسير، والمنة والفضل لله وحده لا شريك له)ا.هـ.

قال الله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)}
- قال محمد الأمين الشنقيطي: (وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فهب لي من لدنك} أي: من عندك.
وقوله جل وعلا في هذه الآية الكريمة: {يرثني ويرث من آل يعقوب} قرأه أبو عمرو والكسائي بإسكان
"الثاء" المثلثة من الفعلين، أعني [يرثْني ويرثْ من آل يعقوب] وهما على هذه القراءة مجزومان لأجل جواب الطلب الذي هو {هب لي}.
والمقرر عند علماء العربية أن المضارع المجزوم في جواب الطلب مجزوم بشرط مقدر يدل عليه فعل الطلب، وتقديره في هذه الآية التي نحن بصددها: إن تهب لي من لدنك وليا يرثْني ويرثْ من آل يعقوب.
وقرأ الباقون: {يرثُني ويرثُ من آل يعقوب} برفع الفعلين على أن الجملة نعت لقوله: {وليا} أي: ولياً وارثا لي ووارثاً من آل يعقوب، كما قال في الخلاصة:
ونعتوا بجملة منكراً...... فأعطيت ما أعطيته خبرا
وقراءة الجمهور برفع الفعلين أوضح معنى)ا.هـ.

قول الله تعالى: {وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين}
- قال ابن عاشور: (انتصب فعل {فأصدق} على إضمار "أن" المصدرية إضماراً واجباً في جواب الطلب.
وأما قوله: {وأكن} فقد اختلف فيه القراء؛ فأما الجمهور فقرأوه مجزوماً بسكون آخره على اعتباره جواباً للطلب مباشرة لعدم وجود
"فاء" السببية فيه، واعتبار "الواو" عاطفة جملة على جملة، وليست عاطفة مفرداً على مفرد.
وذلك لقصد تضمين الكلام معنى الشرطِ زيادة على معنى التسبب فيغني الجزم عن فعل شرط.
فتقديره: إن تؤخرني إلى أجل قريب أكن من الصالحين، جمعا بين التسبب المفاد
"بالفاء"، والتعليق الشرطي المفاد بجزم الفعل.
وإذ قد كان الفعل الأول هو المؤثر في الفعلين الواقع أحدهما بعد
"فاء" السببية والآخر بعد "الواو" العاطفة عليه؛ فقد أفاد الكلام التسبب والتعليق في كلا الفعلين، وذلك يرجع إلى محسن الاحتباك؛ فكأنه قيل: لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكون من الصالحين. إن تؤخرني إلى أجل قريب أصدق وأكن من الصالحين.
ومن لطائف هذا الاستعمال أن هذا السائل بعد أن حَبَكَ سؤاله أعقبه بأن الأمر ممكن فقال: إن تؤخرني إلى أجل قريب أصدق وأكن من الصالحين. وهو من بدائع الاستعمال القرآني لقصد الإيجاز وتوفير المعاني.

ووجَّه أبو علي الفارسي والزجاجُ قراءة الجمهور بجعل {وأكن} معطوفاً على محل {فأصدق}.
وقرأه أبو عمرو وحده من بين العشرة: {وأكونَ} بالنصب، والقراءة رواية متواترة، وإن كانت مخالفة لرسم المصاحف المتواترة.
وقيل: إنها يوافقها رسم مصحف أبي بن كعب ومصحف ابن مسعود.
وقرأ بذلك الحسن والأعمش وابن محيصن من القراءات غير المشهورة، ورويت عن مالك بن دينار وابن جبير وأبي رجاء، وتلك أقل شهرة.
واعتذر أبو عمرو عن مخالفة قراءته للمصحف بأن
"الواو" حذفت في الخط اختصاراً، يريد أنهم حذفوا صورة إشباع الضمة وهو "الواو" اعتماداً على نطق القارئ كما تحذف "الألف" اختصاراً بكثرةٍ في المصاحف.
وقال الفراء: (العرب قد تسقط
"الواو" في بعض الهجاء كما أسقطوا "الألف" من "سليمن" وأشباهه).
أي: كما أسقطوا
"الواو" الثانية من داوود وبكثرة يكتبونه داود.
قال الفراء: (ورأيت في مصاحف عبد الله {فقولا} [فقُلا] بغير
"واو").
وكلّ هذا لا حاجة إليه؛ لأنَّ القرآن متلقّى بالتواتر لا بهجاء المصاحف، وإنما المصاحف معينة على حفظه)ا.هـ.


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 27 محرم 1442هـ/14-09-2020م, 10:36 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

تطبيقات الدرس السابع عشر:
اشرح المسائل المتعلقة بجواب الطلب وجواب النفي واقتران خبر المبتدأ بالفاء في الآيات التاليات:
(1) قول الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)}
(2) قول الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)}
(3) قول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)}
(4) قول الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)}
(5) قول الله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)}

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الدرس, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir