دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 جمادى الآخرة 1443هـ/30-01-2022م, 01:19 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,809
افتراضي مجلس أداء التطبيق الثاني من تطبيقات مهارات التخريج

التطبيق الثاني من تطبيقات مهارات التخريج


خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1: قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس).


2: قول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قول الله تعالى: {ومهيمنا عليه} قال: (مؤتمناً عليه).

3: قول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في تفسير قول الله {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} قال: «سبيل الخلاء والبول»

4: قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).

5: قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).

تعليمات:
- ننصح بمراجعة دروس المهارات المتقدمة في التفسير خاصة درس تخريج أقوال المفسرين وتوجيه الأقوال.
- ننصح بقراءة رأس السؤال جيدًا، والمطلوب في التطبيقات يختلف من مجلس لآخر.

* المطلوب في هذا المجلس:
.. جميع النقاط مطلوب حلها.

.. تخريج القول الوارد في السؤال.
.. تعيين المسألة/ المسائل المتعلقة بالقول الوارد في السؤال، وتحريرها وذلك بسرد جميع الأقوال الواردة في المسألة، مع عزوها لمن قالها، دون تخريج بقية الأقوال، ثم دراسة الأقوال؛ فإذا كان الخلاف في المسألة خلاف تضاد، يعين القول الراجح ووجه الترجيح وعلة الأقوال الأخرى - ما أمكن-، وإذا كان الخلاف في المسألة خلاف تنوع، يُذكر وجه الجمع بين الأقوال.

.. يُحظر نسخ الأقوال من التفاسير التي تعتني بجمعها مثل تفسير الماوردي، لأنه يعزو الأقوال دون إسناد، ولكن من الممكن الاستفادة منه في معرفة الأقوال الواردة في المسألة قبل البحث في التفاسير الأخرى.


- ننصح بمراجعة تطبيقاتكم على دورة المهارات المتقدمة في التفسير، ومراجعة ملحوظات التصحيح واستدراكها في هذه التطبيقات بإذن الله.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد 12 رجب 1443 هـ، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.




تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.


نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________
وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 رجب 1443هـ/11-02-2022م, 11:55 AM
هنادي الفحماوي هنادي الفحماوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 283
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
حل مجلس التخريج الثاني
1- قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين (هو لا والله وبلى والله ما يتراجع به الناس) :
• نوع المسألة:
تفسيرية لغوية فقهية: المراد بلغو اليمين وهل يلزم عليه كفارة
• سرد الأقوال في المسألة:
1- الدعاء من الحالف على نفسه
أصحاب القول:
زيد بن أسلم وابنه
2- قول الرجل في درج الكلام : لا والله وبلى. الله
أصحاب هذا القول:
عائشة، ابن عباس، مجاهد الشعبي، أبو قلابة، أبو صالح عكرمة.
3- الخطأ غير العمد فيحلف الحالف على يمين يرى أنه كما حلف ثم يتبين له خلاف ذلك:
أصحاب القول :
أبو هريرة، ابن عباس،مجاهد، قتادة، الحسن، إبراهيم النخعي، أبو مالك، زرارة بن أوفى، السدي، الربيع، مكحول
4- اليمين التي يحلف بها صاحبها حال الغضب على غير عقد قلب ولا عزم بل وصلة الكلام:
أصحاب القول :
ابن عباس، طاووس
5- الحلف على فعل المعصية ثم تركها:
أصحاب القول :
سعيد بن جبير، مسروق
6- كل يمين وصل الرجل بها كلامه على غير قصد منه إيجابها على نفسه
أصحاب القول :
عائشة، مجاهد، إبراهيم النخعي
7- اليمين المكفرة:
أصحاب القول :
ابن عباس، الضحاك
8- ما حنث فيه الحالف ناسيا:
أصحاب القول :
إبراهيم النخعي.
• تخريج قول عائشة رضي الله عنها :
• رواه عبد الرزاق والنسائي و واه الطبري من طرق عدة رواه ابن أبي حاتم في تفسيره والبيهقي في سننه عن عروة بن الزبير عن عائشة.
• رواه الطبري عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة.
• رواه الطبري وابن حبان عن إبراهيم الصائغ عن عطاء عن عائشة
• رواه الطبري عن عطاء عن عائشة من طرق أخرى
• أخرجه مالك في الموطأ وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة كما جاء في الدر المنثور للسيوطي.
• تدارس الأقوال:
- هو الساقط من الكلام الذي لا يعتد به وكل كلام كان مذموما.
ويمكن أن نرجع الأقوال إلى نوعين:
• ما لم ينعقد عليه القلب وهو ما يجري على اللسان من غير قصد أو على مجرى التأكيد والتنبيه من غير اعتقاد لليمين ولا إرادة لها.. وهذا مثله ما كان من أمر الرماة الذين تراموا أمام النبي صلى الله عليه وسلم فصار بعضهم يخطئ بعضهم فحلف أحدهم فلما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم قال (أيمان الرماة لغو لا إثم فيها ولا كفارة) ومنها يمين الغضب روى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يمين في غضب) ودعاء الرجل على نفسه لتأكيد كلامه.
• النوع الثاني ما انعقد عليه القلب ولكنه خطأ كالذي يحلف على شيء أنه هكذا وهو خلاف ذلك فلا كفارة فيه.. لان الكفارة على الحنث لا على أصل الحلف وهو لم يحنث. قال الجصاص: ومعلوم أنه لما عطف قوله (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) أن مراده ما عقد قلبه فيه على الكذب والزوار. وكذلك من حنث ناسيا فلا كفارة عليه لأنه لم يتعمد الحنث واليمين المفكرة تسقط وتصير لغوا..
• فيمكن أن نخلص أن الأقوال التي قالوها انقسم فيها أصحابها إلى قسمين على اعتبارين الاعتبار الأول ما لم ينعقد عليه القلب والعزم وهي الأقوال الأول الثاني والرابع والسادس
• والاعتبار الثاني ما لزم منها كفارة او لم يلزم. وهي بقية الأقوال
• وكلا الاعتبارين يعطيان جزءا من معنى اللغو في اليمين فهو من باب خلاف التنوع الذي يمكن الجمع بينها بآنها تتكامل لتعطي معنى اللغو وحكمه.
2- قول ابن عباس في تفسير قول الله تعالى (مهيمنا عليه) مؤتمنا عليه:
• نوع المسألة:
تفسيرية لغوية و بيان معنى مؤتمن
• سرد الأقوال في المسألة :
1- مؤتمنًا:
أصحاب القول:
ابن عباس
2- شاهدًا:
أصحاب القول :
ابن عباس، مجاهد، السدي، قتادة.
3- مصدقًا:
أصحاب القول :
ابن زيد
4- أمينًا:
أصحاب القول :
ابن عباس، الحسن بن أبي الحسن، عكرمة، سعيد، مجاهد، محمد بن كعب، قتادة، عطاء الخراساني
5- حاكمًا:
أصحاب القول :
ابن عباس
6- محمد صلى الله عليه وسلم
أصحاب القول :
مجاهد
• تخريج قول أين عباس:
- رواه سعيد بن منصور ورواه الطبري من عدة طرق ورواه ابن أبي حاتم عن ابن أبي اسحاق عن التميمي عن ابن عباس.
- رواه عبدالله بن وهب عن يحيى بن عاصم بن عمر عن محمد بن طلحة عن التميمي عن ابن عباس.
- رواه عبد بن حميد عن اربد التميمي عن ابن عباس كما جاء عند القسطلاني
- أخرجه الفريابي وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي كما جاء في الدر المنثور السيوطي.
• مدارسة الأقوال:
الأقوال الخمسة الأولى من باب اختلاف التنوع وهي متقاربة المعنى تصف القرآن الكريم وعلاقته بما قبله من الكتب السماوية..
أما القول السادس فهو من باب اختلاف التضاد لانه يصف محمدا رسول الله صلى الله
وسبب هذا الاختلاف هو تحديد المعطوف عليه..
فأما الأقوال التي تعلقت بالقرآن فهي من باب عطف مهيمنا على مصدقا
وأما القول بأن مهيمنا صفة لمحمد صلى الله عليه وسلم فهو من باب عطف مهيمنا على الكاف في إليك..
وقد خطآ الطبري هذا القول وقال أن العرب لا تقوله لأنه لو كان المراد محمد صلى الله عليه وسلم لما وجدت واو العطف.
والعودة إلى الأقوال الأولى وعلاقتها بمعنى المهيمن:
فالمهيمن على الشيء هو المعني بالأمر الشاهد على حقائقه الحافظ لحاصله ولأن يدخل فيه ما ليس منه.
والله جعل القرآن مهيمنا على الكتب السابقة يشهد بما فيها من الحقائق فيحق الحق ويبطل الباطل وهذا هو الشاهد والمصدق ومؤتمن أمين.
فيترجح الأقوال الأولى على قول مجاهد
3- قول عبدالله بن الزبير في تفسير قوله تعالى (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) قال: سبيل الخلاء والبول
• نوع المسألة:
تفسيرية سلوكية
معنى في أنفسكم
• سرد الأقوال في المسألة :
1- سبيل الغائط والبول:
أصحاب القول:
عبدالله بن الزبير، علي، السدي
2- تسوية الله مفاصل الأبدان والجوارح
أصحاب القول :
ابن زيد، قتادة.
• تخريج قول ابن الزبير :
- رواه عبد الرزاق والطبري عن ابن جريج عن محمد بن المرتفع عن ابن الزبير.
- أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن ابن الزبير كما جاء في الدر المنثور للسيوطي.
• مدارسة الأقوال والتوجيه:
الأقوال متفقة في توجيه النظر إلى الإعجاز في خلق الله للإنسان فهي من باب التمثيل للمعنى.
فيحتمل الآية كلا المعنيين.
____4- قول جابر بن عبد الله في المراد بالصراط المستقيم الإسلام:
• تفسيرية لغوية:
بيان المراد بالصراط المستقيم.
• سرد الأقوال في المسألة:
1- القرآن:
أصحاب القول :
علي بن ابي طالب، عبد الله بن مسعود
2- الإسلام:
3- أصحاب القول :
ابن مسعود، جابر بن عبدالله، عبدالله بن العباس، محمد بن الحنفية، عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، نواس بن سمعان.
4- رسول الله وصاحباه أبو بكر وعمر:
5- أصحاب القول :
ابن عباس، أبو العالية، الحسن.
6- الحق:
أصحاب القول :
مجاهد
7- الذي تركنا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم
أصحاب القول :
ابن مسعود.
• تخريج قول جابر بن عبدالله :
- رواه الطبري والنيسابوري عن الحسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله.
- أخرجه وكيع و عبد بن حميد وابن المنذر والمحاملي والحاكم في الدر المنثور للسيوطي.
• مدارسة الأقوال وتوجيهها:
الصراط المستقيم لغة هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه.
وبتأمل الأقوال نجد أنها جميعا متفقة في الإستقامة على الحق وتحقيق النتيجة ذاتها وهو رضى الله ودخول الجنة
وقد جمع ابن عطية تلك الأقوال فقال: يجتمع من هذه الأقوال كلها أن الدعوة إنما هي في أن يكون الداعي على سنن المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في معتقداته وفي التزامه لأحكام شرعه وذلك هو مقتضى القرآن والإسلام وهو حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.
وكذلك بين ابن كثير تلازم تلك الأقوال وعدم اختلافها:
فإن من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم واقتدى بالذين من بعده أبي بكر وعمر فقد اتبع الحق ومن اتبع الحق فقد اتبع الإسلام ومن اتبع الإسلام فقد اتبع القرآن وهو كتاب الله وحبله المتين.
ه- قول أنس بن مالك في تفسير قوله تعالى (كشجرة خبيثة) قال الحنظل
• نوع المسألة :
تفسيرية لغوية.
بيان المراد بالشجرة الخبيثة.
• سرد الأقوال في المسألة :
1- الحنظل:
أصحاب القول :
أنس بن مالك، مجاهد.
2- شجرة لم تخلق على الأرض:
أصحاب القول :
ابن عباس
3- التي تجعل في المسكر:
أصحاب القول
أبو صخر حميد بن زياد الخراط
4- الأكشوث:
أصحاب القول:
قطرب البصري
5- الكوث
أصحاب القول:
الزجاج
6- الثوم:
أصحاب القول
ابن عطية عن قوم
• تخريج قول أنس بن مالك:
- رواه الترمذي رواه الطبري من عدة طرق عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك.
- رواه الترمذي عن قتيبة عن أبي بكر عن شعيب بن الحبحاب عن أبيه عن أنس بن مالك.
- رواه الطبري من عدة طرق عن شعبة عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك.
- رواه الطبري عن أحمد بن منصور عن نعيم بن حماد عن محمد بن ثور عن ابن جريج عن الأعمش عن حبان بن شعبة عن أنس بن مالك.
- أخرجه النسائي والبراز وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم واين مردويه عن ابن أنس كما جاء في الدر المنثور للسيوطي.
• مدارسة الأقوال وتوجيهها:
بين الأقوال اختلاف تضاد لا تجتمع معه..
فقول ابن عباس بأنها شجرة لم تخلق على الأرض لا يتفق مع الأقوال الأخرى التي أعطت آمثالا للشجرة الخبيثة
فبقية الأقوال تتفق فيما بينها على تسمية نوع من الشجر له صفة خبث..
فالقول بأنها الحنظل المعروف لمرارة طعمه من جهة وعدم ثباته من جهة أخرى كما قال عنها أنس : ألم تروا إلى الرياح كيف تصفقها يمينا وشمالا.
وقد روي عن أنس بن مالك عن الرسول صلى الله عليه وسلم (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة هي الحنظلة)
فمن قال أنها الثوم فهو لما جاء عن رسول الله صلى الله قوله (من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربنا في مسجدنا) وخبثها كراهة رائحتها ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحرمها ودليله قوله : يا أيها الناس ليس لي تحريم ما أحل الله لي ولكنها شجرة أكره ريحها.
ومن قال أنها الأكشوث فهذا النبات يتعلق على أغصان غيره من النبات من غير أن يكون له عرق في الأرض كقوله تعالى (ما لها من قرار) وليس له نفع من ظل او ورق او ثمر
كما قال أحد الشعراء
هو الكشوث فلا أصل ولا ورق ولا نسيم ولا ظل ولا ثمر.
ويقال نفس الكلام عن الكوث فهو نبات صغير له اربع او خمس ورقات لا نفع فيه..
أما قول ابن عباس أنها شجرة لم تخلق على الأرض فقد يكون مستبعدا لأن الآمثال إنما تضرب لتقريب الممعنى بشيء محسوس يشبهه في بعض الصفات..
فكل الأمثال للشجرة الخبيثة هي لبيان ان الكافر لا خير فيه ولا أصل له ولا فرع ولا يصعد للكافر عمل ولا يتقبل منه شيء..
فتوجيه الأقوال:
إن صح الأثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم المروي عن أنس بأنها الحنظلة.. فلا يلتفت لغيره من الأقوال
وإن لم يصح فإنه يمكن الجمع بين الأقوال ما عدا قول ابن عباس بأنها من باب التمثيل وخلاف التنوع..
والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 رجب 1443هـ/12-02-2022م, 10:38 AM
رولا بدوي رولا بدوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 341
افتراضي

قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس).
ورد لفظ اللغو في آيتين في القرآن هما:
قال الله تعالى: لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225]
و قال تعالى(لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)سورة المائدة
و لبيان معنى اللغو و الأقوال فيه و الترجيح بينها، نحتاج إلى الجمع بين الآيتين و بيان مسائل تتعلق بذلك:
أولًا: المسائل التفسيرية
1- معنى يؤاخذكم: والمُؤاخَذَةُ: هي التَناوُلُ بِالعُقُوبَةِ.: قاله ابن عطية.
2- المراد بلا يؤاخذكم: لا يلزم من الإيمان الذي وصفه اللغو كفارة في العاجل و لا عقوبة في الآجل.
3- معنى اللغو في اللغة
اللغو في كلام العرب ما أطرح ولم يعقد عليه أمر، ويسمّى ما ليس معتدّا به - وإن كان موجودا - لغوا. قاله الزجاج و استشهد بالبيت:
أو مائة تجعل أولادها=لغوا وعرض المائة الجلم
و"اللغو" من الكلام في كلام العرب، كلّ كلام كان مذمومًا وسَقَطًا لا معنى له مهجورًا، قاله ابن جرير و قال مثله ابن عطية و أضاف أنه سقط الكلام الذي لا حكم له.
4- الحكمة من استخدام لفظ ( اللغو)، يعود ذلك للمعنى اللغوي؛ أنه السقط من الكلام، قال ابن عطية أنه من التشبيه :فما لا حُكْمَ لَهُ مِنَ الأيْمانِ تَشْبِيهًا بِالسَقْطِ مِنَ القَوْلِ، يُقالُ مِنهُ: لَغا يَلْغُو لَغْوًا، ولَغِيَ يَلْغِي لَغْيًا.
5- المراد باللغو في الآية( سيأتي ذكره و تفصيله لاحقًا).
6- ما هي مواطن لغو الإيمان: عن عائشة زوج النبي ﷺ قالت: أيمان اللغو، ما كان في الهزل والمراء والخصومة، والحديث الذي لا يعتمد عليه القلب.

الأقوال في مسألة المراد بلغو الإيمان::
1- هو قَوْلُ الرَّجُلِ: لا واللَّهِ، وبَلى واللَّهِ“.، قاله كلًا من: عائشة رضي الله عنها، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وابْنِ عَبّاسٍ في أحَدِ أقْوالِهِ، والشَّعْبِيِّ، وعِكْرِمَةَ في أحَدِ قَوْلَيْهِ وعَطاءٍ، والقاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وأبِي قِلابَةَ، والضَّحّاكِ في أحَدِ قَوْلَيْهِ وأبِي صالِحٍ، والزُّهْرِيِّ، نَحْوُ ذَلِكَ، ذكر ذلك عنهم ابن أبي حاتم في تفسيره.
2- هو الشَّيْءُ يَحْلِفُ عَلَيْهِ أحَدُكُمْ، لا يُرِيدُ مِنهُ إلّا الصِّدْقَ، فَيَكُونُ عَلى غَيْرِ ما حَلَفَ عَلَيْهِ، هذا القول الثاني لعائشة رضي الله عنها و ورُوِيَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، وابْنِ عَبّاسٍ في أحَدِ قَوْلَيْهِ، وسُلَيْمانَ بْنِ يَسارٍ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٍ في أحَدِ قَوْلَيْهِ والحَسَنِ، وإبْراهِيمَ، وزُرارَةَ بْنِ أوْفى، وأبِي مالِكٍ، وعَطاءٍ الخُراسانِيِّ، وبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وأحَدِ قَوْلَيْ عِكْرِمَةَ، وحَبِيبِ بْنِ أبِي ثابِتٍ، والسُّدِّيِّ، ومَكْحُولٍ، ومُقاتِلٍ، وطاوُوسٍ، وقَتادَةَ، والرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ، ويَحْيى بْنِ سَعِيدٍ، ورَبِيعَةَ، نَحْوُ ذَلِكَ، ذكر ذلك عنهم ابن أبي حاتم في تفسيره.
3- الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلى المَعْصِيَةِ، يَعْنِي: ألّا يُصَلِّيَ، ولا يَصْنَعَ الخَيْر، رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر.
روى ابن جرير في تفسيره علة من قال هذا القول عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله ﷺ قال: من نذر فيما لا يملك فلا نذر له، ومن حلف على معصية لله فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رَحِمٍ فلا يمينَ له"
و أيضًا ما رواه ان جرير عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: من حلف على يمينِ قطيعةِ رحم أو معصية لله، فبِرُّه أن يحنَث بها ويرجع عن يمينه.
4- هو الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلى الشَّيْءِ، ثُمَّ يَنْسى، رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم عَنْ إبْراهِيمَ.
5- هو قَوْلُ الرَّجُلِ: أعْمى اللَّهُ بَصَرِي إنْ لَمْ أفْعَلْ كَذا وكَذا أخْرَجَنِي اللَّهُ مِن مالِي، إنْ لَمْ آتِكَ غَدًا، رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم في تفسيرهما عن زَيْدِ بْنِ أسْلَم.
6- كل يمين وصَل الرجل بها كلامه، على غير قصدٍ منه إيجابَها على نفسه، روى ابن جرير في تفسيره عن عائشة و إبراهيم و مجاهد ما يفيد هذا المعنى.
7- روى ابن جرير في تفسيره عن عائشة زوج النبي ﷺ قالت: أيمان اللغو، ما كان في الهزل والمراء والخصومة، والحديث الذي لا يعتمد عليه القلب.
وعلة من قال هذا القول من الأثر، ما رواه ابن جرير في تفسيره عن الحسن بن أبي الحسن قال: مرَّ رسول الله ﷺ بقوم ينتضلون - يعني: يرمون - ومع النبي ﷺ رجل من أصحابه، فرمى رجل من القوم فقال: أصبت والله، وأخطأت! فقال الذي مع النبي ﷺ: حنث الرجل يا رسول الله! قال: كلا أيمان الرُّماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة.
8- أنْ تُحَرِّمَ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكَ فَذَلِكَ ما لَيْسَ عَلَيْكَ فِيهِ كَفّارَةٌ، رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس، و ذكر أنه روي مثله عن سعيد بن جبير.
9- لَغْوُ اليَمِينِ: أنْ تَحْلِفَ وأنْتَ غَضْبانٌ ،رواه ابن أبي حاتم عنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
قال ابن جرير: وعلة من قال هذه المقالة، ما:- حدثني به أحمد بن منصور المروزي قال، حدثنا عمر بن يونس اليمامي قال، حدثنا سليمان بن أبي سليمان الزهري، عن يحيى بن أبي كثير، عن طاوس، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: لا يمين في غضب"
10- اللغو في الأيمان: ما كانت فيه كفارة.روى ما يفيد هذا المعنى ابن جرير عن ابن عباس و الضحاك.
تخريج قول عائشة رضي الله عنها: في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس).
*هذا القول رواه ابن جرير في تفسيره عن ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سألت عائشة عن لغو اليمين، قالت: هو"لا والله" و"بلى والله"، ما يتراجع به الناس.
*و قد اشتهرت روايات أخرى عن عائشة رضي الله عنها منها بلا زيادة ( ما يتراجع به الناس) و منها ما فيه زيادة أخرى، منها:
ما روي عن عائشة رضي الله (موقوفًا) دون زيادة ( ما يتراجع به الناس)، رواه البخاري في صحيحه (ت: 256هـ) ،الإمام مالك(179) في الموطأ، ابن جرير(311)، و ابن أبي حاتم(327)، أبي داود(275) في صحيحه ،البيهقي في سننه( 458)،و محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) في كتابه (عمدة القاري)، أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) في كتابه إرشاد الساري، من طريق هشام بن عروة.
*و رواه عن عائشة رضي الله ؛ أبو داود في سننه و ابن جرير في تفسيره من طريق عطاء.
*و روي عن عائشة رضي الله عنها بزيادة ( يصل بها كلامه)، رواها ابن جرير عن ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:" لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قالت:"لا والله" و"بلى والله"، يصل بها كلامه.
*و روي عن عائشة رضي الله عنها بزيادة (ليس مما عقَّدتم الأيمان)، رواه ابن جرير عن ابن حميد قال، حدثنا حكام بن سلم، عن عبد الملك، عن عطاء قال: دخلت مع عبيد بن عمير على عائشة فقال لها: يا أم المؤمنين، قوله:" لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"؟ قالت: هو"لا والله"، و"بلى والله"، ليس مما عقَّدتم الأيمان
*وروي سعيد بن منصور في سننه ( 227) و ابن جرير في تفسيره( 311) من طريق عبيد بن عمير، عن عائشة قولها: هو قول الرجل:"لا والله" و"بلى والله"، ما لم يعقد عليه قلبه.
*و روى مثله مسند أبي حنيفة رواية الحصكفي عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] قَالَتْ: هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ، مِمَّا يَصِلُ بِهِ كَلَامَهُ، مِمَّا لَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حَدِيثًا.
*هذه الروايات متقاربة المعنى و الزيادات فيها من البيان لمعنى ( قوله لا و الله و بلى و الله) بتفسير القرآن بالقرآن، أو ببيان حال المقسم.
*و روى ابن جرير في تفسيره، و البيهقي في سننه عن طريق هشام بن عروة أن عائشة زوج النبي ﷺ قالت: أيمان اللغو، ما كان في الهزل والمراء والخصومة، والحديث الذي لا يعتمد عليه القلب.
*رُوي لعائشة رضي الله عنها قولًا آخر: هو الشَّيْءُ يَحْلِفُ عَلَيْهِ أحَدُكُمْ، لا يُرِيدُ مِنهُ إلّا الصِّدْقَ، فَيَكُونُ عَلى غَيْرِ ما حَلَفَ عَلَيْه.
حكاه ابن أبي حاتم في تفسيره و البيهقي في سننه من طريق عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عائِشَةَ، أنَّها كانَتْ تَتَأوَّلُ هَذِهِ الآيَةَ يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ﴾ في أيْمانِكم وتَقُولُ: هو الشَّيْءُ يَحْلِفُ عَلَيْهِ أحَدُكُمْ، لا يُرِيدُ مِنهُ إلّا الصِّدْقَ، فَيَكُونُ عَلى غَيْرِ ما حَلَفَ عَلَيْ.
*و روى ابن أبي حاتم قريب منه: عن عِصامُ بْنُ رَوّادٍ، ثَنا آدَمُ، ثَنا شَبابَةُ، عَنْ جابِرٍ، عَنْ عَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ، عَنْ عائِشَةَ، قالَتْ: هو قَوْلُ: لا واللَّهِ، وبَلى واللَّهِ، وهو يَرى أنَّهُ صادِقٌ، ولا يَكُونُ كَذَلِكَ.
دراسة الأقوال في المراد (باللغو):
بالنظر إلى المعنى اللغوي ل( اللغو)، و معنى كسب في الجزء الثاني للآية (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225]، و قوله تعالى في سورة المائدة (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ[المائدة:89]
يتبين لنا أن الأقوال التي وردت عن السلف في المراد باللغو تعود لذلك، فالمعنى اللغوي ل( اللغو) :هو سقط الكلام الذي لا حكم له، و كلمة كسب تتضمن: إرادة الأمر، و السعي له، فمن أقسم دون إرادة القلب و عزمه، فهذا من اللغو الذي لا تنعقد عليه القلوب، كما يتبين من الآية الثانية.
لذا فهذه الروايات تعود لمعنى واحد هو إرادة القلب و حضوره و تعمده، و الزيادة في الروايات من بيان الأحوال التي يكون عليها المقسم؛ أن الأمر ليس عن قصد( ليس من كسب قلبه)، و لم ينعقد عليه القلب( تفسير القرآن بالقرآن)، قد يكون مما اعتاده لسانه، و قد يكون عن ظنه بصدقه و لا يكون، و من المواطن التي يكون فيها ؛ الهزل و المراء و الخصومة.

القول الثاني: عن ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: ٤٨] قَالَ: مُؤْتَمَنًا عَلَيْهِ
المسائل التفسيرية:
1- القراءات:
- قراءة الجمهور: بالكسر للميم الثانية(مهيمِنا)؛ على وزن اسم الفاعل.
- "وَمُهَيْمِنًا" بفتح الميم الثانية،على وزن اسم المفعول، ذكرها الزجاج و نسبها لبعضهم، و قرأ بها ابن محيصن و مجاهد كما قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي في إتحاف فضلاء البشر، و مكي بن أبي طالب القيسي في الهداية إلى بلوغ النهاية.
و عقب الزجاج على هذه القراءة: وهي عربية ولا أحب القراءة بها، لأن الإجماع في القراءة على كسر الميم في قوله: (المؤمن المهيمن).
2- توجيه القراءات:
القراءة بالكسر: اسم فاعل، و يكون المهيمن هو القرآن .
قال السمين الحلبي في كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون : "وقرأ ابن محيصن ومجاهد: (ومُهَيْمَنا) بفتح الميم الثانية على أنه اسمُ مفعول، بمعنى أنه حوفظ عليه من التبديل والتغيير، والفاعل هو الله - تعالى-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩]، أو الحافظ له في كل بلد، حتى إنه إذا غُيِرت منه الحركةُ تنبَّه لها الناسُ، ورَدُّوا على قارئِها بالصواب، والضمير في {عَلَيْهِ} على هذه القراءة عائد على الكتاب الأول، وعلى القراءةِ المشهورة عائد على الكتاب الثاني.
و قال ابن عطية: قراءة الفتح توجه أن المؤتمن هو محمد صلى الله عليه و سلم.

3- المعنى اللغوي لكلمة ( مهيمن):
أ‌- مهيمن في معنى مؤتمن إلا أن الهاء بدل من الهمزة، والأصل مؤتمنا عليه كما قالوا: هرقت الماء، وأرقت الماء، وكما قالوا: إياك وهياك، وهو على مذهب العربية حسن وموافق لبعض ما جاء في التفسير، لأن معناه مؤتمن، قاله الزجاج، و قاله المبرد.
ب‌- أصله مؤيمن، فقلبت الهمزة هاء لأن الهاء أخف من الهمزة وهو على وزن مسيطر ومبيطر،ذكرهَ النحَّاسُ في كتابه معاني القرآن، و نسبه إلى أبو العباس محمد بن يزيد ، و ذكره العيني في عمدة القارئ، و نسبه للخطابي.
ت‌- أنه أصل بنفسه ليس مبدلاً من شيء وأصل الهيمنة الحفظ والارتقاب، يقال: هيمن فلان على فلان إذا صار رقيبا عليه فهو مهيمن، قاله و اختاره ابن جرير في تفسيره، و ذكره النحاس و نسبه لأبوعبيد، و ذكره العيني في عمدة القارئ.
و من معاني التي يتضمنها المهيمن: الشّهيد والشّاهد، و الحفيظ، قاله كلًأ من مكي القيسي و العييني.
قال مكي القيسي: يقال للرجل إذا حفظ الشيء وشَهِدَه: " قد هَيْمَنَ، يُهَيْمِنُ هَيْمَنَةً "
ث‌- ذكر العيني قولًأ آخر نسبه إلى ابن قتيبة وآخرون: مهيمن مفيعل يعني بالتّصغير من أمين، قلبت همزته هاء.
و ذكر العيني أن ثعلب قد أنكر ذلك و قد وصل به الأمر إلى تكفير قائله، و حجته أن المهيمن اسم من أسماء الله الحسنى، فكيف تكون تصغير؟

4- الأقوال في مسألة( ما هو المقصود بالمهيمن) :
1- القرآن: قاله كلًا من ابن عباس، و قتادة، و سعيد بن جبير، ذكر ذلك عنهم ابن جرير و ابن أبي حاتم في تفسيريهما ، و قاله ابن جريج كما ذكر القسطلاني ، و ذكره العَيْنِيُّ في عمدة القارئ.
قال ابن جرير: {ومهيمنًا عليه} يقول: أنزلنا الكتاب الّذي أنزلناه إليك يا محمّد مصدّقًا للكتب قبله، وشهيدًا عليها أنّها حقٌّ من عند اللّه، أمينًا عليها، حافظًا لها.
2- محمد صلى الله عليه و سلم. روى ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريقِ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، قَوْلَهُ: ﴿ومُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ قالَ: محمد ﷺ، مؤتمنٌ على القرآن.

5- فائدة التنكير و التنوين: عظمة الهيمنة
6- إعراب مهيمنًا:
1- في موضع رفع على النيابة حالا من الكتاب، "المهيمن" عطفٌ على"المصدق"، فلا يكون إلا من صفة ما كان"المصدِّق" صفةً له، ذكره كلًأ من ابن جرير، و مكي القيسي في الهداية إلى بلوغ النهاية، و الدمياطي في إتحاف فضلاء البشر.
2- حالا من كاف إليك ، و نائب الفاعل ضمير مستتر يعود إليه -صلى الله عليه وسلم- والجمهور على كسرها اسم فاعل ) ذكره ابن جرير في تفسيره، و الدمياطي في (إتحاف فضلاء البشر)
و قد ذكره ابن جرير في معرض استنكار قول مجاهد أن المهيمن هو الرسول صلى الله عليه و سلم، و أن هذا القول ينبني عليه هذا الإعراب الذي هو بعيد في العربية، حيث قال : وهذا التأويل بعيد من المفهوم في كلام العرب، بل هو خطأ.
و قد بين مكي القيسي في (الهداية إلى بلوغ النهاية ) أسباب رد مقالة مجاهد:
من أجل الواو التي مع " مهيمن "، لأن الواو توجب عطفه على " مصدق "، و " مصدق " حال من الكتاب الأول، والمعطوف شريك المعطوف عليه، ولو كان حالاً من الكاف التي للنبي صلى الله عليه وسلم في {إِلَيْكَ}، لم يؤت بالواو، فالواو تمنع من ذلك، ولو تأول متأول أن {مُصَدِّقاً} حال من الكاف في {إِلَيْكَ}، {وَمُهَيْمِناً} عطف عليه، لَبَعُد ذلك، من أجل قوله: {لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}، ولم يقل " يديك "الكاف التي هي اسم النبي صلى الله عليه وسلم، فهو المصدق للكتب المتقدمة، والمؤتمن على الكتاب، وهو القرآن.
عقب ابن عطية على ما قاله ابن جرير ، أنه أخطأ و ذلك لأن تفسير ابن جرير مبني على قراءته بالفتح ، مهيمَنًا ؛ على وزن اسم المفعول، حال من الكتاب، و معطوفة على قوله تعالى( مصدقًا) ، و و هذا توجيه أن المؤتمن عليه هو محمد صلى الله عليه و سلم.
و عقب ابن كثير على قول مجاهد أنه صحيح المعنى و لكن في تفسيره للآية فيه نظر، كما أنه من حيث العربية كذلك فيه نظر.

7- مرجع الضمير في عليه:
1- على القول أن المهيمن هو القرآن: فالضمير يعود على كل كتاب قبله، قاله ابْنِ عَبّاسٍ، ورُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٍ في أحَدِ الرِّواياتِ وعِكْرِمَةَ، وعَطِيَّةَ، وعَطاءٍ الخُراسانِيِّ، ومُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وقَتادَةَ، والسُّدِّيِّ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ نَحْوُ ذَلِكَ، ذكر ذلك عنهم ابن أبي حاتم في تفسيره.
2- على القول أن المهيمن هو محمد صلى الله عليه و سلم: فالضمير يعود على القرآن، روى ذلك ابن جرير في تفسيره عَنْ مُجاهِدٍ، و رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن أبِي نَجِيحٍ.

الأٌقوال في مسألة (المعنى المراد من ميهمنًا ):
1- شاهدًا: رواه ابن أبي حاتم و ابن جرير في تفسريهما عن ابن عباس، و رواه ابن جرير في تفسيره عن السدي.
2- مؤتمنًا عليه : رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، و رواه عبد حميد كما في فتح الباري لابن حجربن عباس.
3- الأمين: رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس، و ورُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، والحَسَنِ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وعَطاءٍ الخُراسانِيِّ أنَّهُ الأمِينُ، كما ذكر ابن أبي حاتم.
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) :وقال ابن جريج: القرآن أمين على الكتب المتقدمة فما وافقه منها فحق وما خالفه منها فهو باطل
يعود هذا القول للقول الأول.
4- مصدقًا: رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن الحسن.
5- سَيِّدًا: رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس، و رُوي عن السدي كما ذكر ابن أبي حاتم .

تخريج قول ابن عباس في مسألة ( المعنى المراد من ميهمنًا) أنه مؤتمنًا عليه:
*رواه عبد الله بن وهب بن مسلم المصري(179) في تفسيره، و سعيد بن منصور(227) في سننه ، ابن جرير في تفسيره( 311)، ابن أبي حاتم في تفسيره (327) البيهقي(485) في الأسماء و الصفات من طريق أبي اسحق به.
و رواه عبد بن حميدٍ من طريق أربدة التّميمي عن بن عبّاس في قوله تعالى ومهيمنا عليه قال مؤتمنا عليه، كما في فتح الباري لابن حجر.

دراسة الأقوال في معنى ( ميهمنًا) و الترجيح بينها:
هذه الأقوال جميعًا تقع تحت معنى المهيمن اللغوي، و كل منها لازم الثاني، فأصل الهيمنة: الحفظ و الارتقاب، و إذا هيمن فلان على شيء؛ حفظه و شهد عليه و كان مؤتمنًا عليه.
و يجمع بين الأقوال كما قال ذلك و اختار كلًأ من: النحاس، ابن جرير، ابن عطية، و ابن كثير.
عقب ابن كثير: أن الأقوال متقاربة و اسم المهيمن يتضمنها .
عقب النحاس على الأقوال: هذه الأقوال كلها متقاربة المعاني لأنه إذا كان حافظا للشيء فهو مؤتمن عليه وشاهد.
و فصل ابن عطية في بيان المعنى فقال: ولَفْظَةُ المُهَيْمِنِ أخَصُّ مِن هَذِهِ الألْفاظِ؛ لِأنَّ المُهَيْمِنَ عَلى الشَيْءِ هو المَعْنِيُّ بِأمْرِهِ؛ الشاهِدُ عَلى حَقائِقِهِ؛ الحافِظُ لِحاصِلِهِ؛ فَلا يُدْخِلُ فِيهِ ما لَيْسَ مِنهُ؛ واللهُ - تَبارَكَ وتَعالى- هو المُهَيْمِنُ عَلى مَخْلُوقاتِهِ؛ وعِبادِهِ؛ والوَصِيُّ مُهَيْمِنٌ عَلى مَحْجُورِيهِ؛ وأمْوالِهِمْ؛ والرَئِيسُ مُهَيْمِنٌ عَلى رَعِيَّتِهِ؛ وأحْوالِهِمْ؛ والقُرْآنِ جَعَلَهُ مُهَيْمِنًا عَلى الكُتُبِ؛ يَشْهَدُ بِما فِيها مِنَ الحَقائِقِ؛ وعَلى ما نَسَبَهُ المُحَرِّفُونَ إلَيْها؛ فَيُصَحِّحُ الحَقائِقَ؛ ويُبْطِلُ التَحْرِيفَ؛ وهَذا هو شاهِدٌ ومُصَدِّقٌ ومُؤْتَمَنٌ وأمِينٌ؛ ومُهَيْمِنٌ؛ بِناءَ اسْمِ فاعِلٍ.

قول عبد الله بن الزبير: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} قال: سبيل الخلاء والبول

المسائل التفسيرية:
1- المعنى المراد ب( و في أنفسكم): على قولين: سبيل الخلاء و البول، و القول الثاني بالعموم؛ خلق الإنسان كله و خاصة ما يعينه على عبادة الله و طاعته، سيتم بإذن الله تناول المسألة بالتفصيل فيما يأتي.
2- المعنى اللغوي ل( أنفسكم): ذاتكم، شخصكم، قاله بن عطية و الألوسي
3- الحكمة من تقديم الجار و المجرور(في أنفسكم): و ذلك للإهتمام
4- نوع الاستفهام في( أفلا ): انكاري توبيخي، قاله ابن عطية
5- الحكمة من توجيه النظر للذات: لأن الإنسان أكثر المخلوقات التي فيها العبر، الإنسان؛ جسد به جوارح و حواس؛ قلب ، و ما يتصل به من أعضاء، عقل، و غيره، مما جعله الله للإنسان ليعينه على سعيه في الدنيا، و و روح لا يعلم أمرها إلا الله، و يظهر فيه بديع صنع الله و لطفه.، هذا مفهوم كلام ابن عطية في تفسيره..
6- المراد ب( تبصرون): البصر الذي يتضمن تدبرًا، عبر عنه ابن جرير فقال: أفلا تنظرون في ذلك فتتفكروا فيه، فتعلموا حقيقة وحدانية خالقكم.
7- فائدة التعبير بلفظ (تبصرون): أن اللوم و العتاب على عدم تدبر أمور ظاهرة يبصرونها بأعيونهم، لا تخفى عليهم، و هذا فيه مزيد تقريع لهم.
8- متعلق تبصرون: الدليل على ربكم، و توحيده، مفهوم قول كلًا من ابن جرير و ابن عطية.

الأقوال في مسألة المعنى المراد من ( و في أنفسكم)
1- وفي سبيل الخلاء والبول في أنفسكم عِبرة لكم، ودليل لكم على ربكم، أفلا تبصرون إلى ذلك منكم روى ذلك ابن جرير بألفاظ متقاربة عن عبد الله ابن الزبير.
2- وفي تسوية الله تبارك وتعالى مفاصل أبدانكم وجوارحكم دلالة لكم على أن خلقتم لعبادته. ، روى ذلك ابن جرير عن ابن زيد
و مفهوم ما قاله قَتَادَةُ: مَنْ تَفَكَّرَ فِي خَلْقِ نَفْسِهِ عَرَفَ أَنَّهُ إِنَّمَا خُلِقَ وَلُيِّنَتْ مَفَاصِلُهُ لِلْعِبَادَةِ.ذكر ذلك عنه ابن كثير
3- القول بالعموم: كل ما في جسد الإنسان آيات لأولى الألباب، روى ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾ ، وقرأ قول الله تبارك وتعالى ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ﴾ قال: وفينا آيات كثيرة، هذا السمع والبصر واللسان والقلب، لا يدري أحد ما هو أسود أو أحمر، وهذا الكلام الذي يتلجلج به، وهذا القلب أيّ شيء هو، إنما هو مضغة في جوفه، يجعل الله فيه العقل، أفيدري أحد ما ذاك العقل، وما صفته، وكيف هو.

تخريج قول عبد الله بن الزبير: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} قال: سبيل الخلاء والبول
رواه ابن جرير(311) في تفسيره و البيهقي(458) في كتابه شعب الإيمان و كتابه الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث من طريق ابن جريج عنه.
رواه البيهقي (458) في كتابه شعب الإيمان قال أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا أبو جعفر الرزاز، حدثنا أحمد بن الوليد الفحام، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن عبد الله بن الزبير: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} قال: سبيل الخلاء والبول
*و روي عنه بلفظ ( سبيل الغائط و البول) ؛ رواه سعيد بن منصور (ت ٢٢٧ هـ) في سننه، ابن أبي الدنيا(281) في كتابه (التواضع والخمول) و كتابه( الجوع)، و ابن جرير (311) في تفسيره، وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ كما في لدر المنثور للسيوطي، من طريق ابْنِ الْمُرْتَفِعِ عنه.
*و روى مثله السامري في كتابه (فضيلة الشكر لله على نعمته ) من طريق علي ابن طالب.
و القول الثاني( سبيل الغائط) هو من بيان معنى الخلاء؛ حيث أن الخلاء هو المكان، و يراد ما يفعل به.
الترجيح بين الأقوال في المراد ب( و في أنفسكم) :
االراجح و الله أعلم القول بعموم آيات الله في خلق الإنسان، التي تدل على وحدانيته و عظيم قدرته، حكمته، و أنه المستحق للعبادة وحده، و يدخل فيه تفسيره بسبيل الخلاء و البول و الجوارح التي تعينه على العبادة، و كلاهما جزء من المعنى المراد.
و هو مفهوم ما اختاره كلًأ من ابن جرير و ابن عطية و الزمخشري و السعدي.

قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).
لبيان نوع الشجرة الخبيثة نحتاج لدراسة بعض المسائل التفسيرية الخاصة بالآية:
﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِیثَةࣲ كَشَجَرَةٍ خَبِیثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارࣲ﴾ [إبراهيم ٢٦]
المسائل التفسيرية:
1- المراد بالشجرة: سيتم تناوله فيما بعد.
2- معنى الكلمة : مطلقة على القول و الكلام: قاله ابن عاشور، و استدل بالآية: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ﴾ [إبراهيم: ٢٧]،
3- المشبه: الشِّركَ بالله، قاله ابن جرير و ابن كثير و ابن عاشور الذي فصل فقال: تَعالِيمُ أهْلِ الشِّرْكِ وعَقائِدِهِمْ
4- المشبه به : الكافر و استعير له الشجرة الخبيثة
5- وجه الشبه في الخبث: أن كفر الكافر لا أصل له و ليس عن يقين ثابت، كما شجرة الحنظل، مفهوم كلام ابن عطية و كلام ابن كثير.
روى ابن جرير عن ابن عباس قوله(ن ابن عباس قوله: ﴿ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار﴾ ، ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة كمثل الكافر. يقول: إن الشجرة الخبيثة اجتُثّت من فوق الأرض ما لها من قرَار. يقول: الكافر لا يُقْبَل عمله ولا يصعَدُ إلى الله، فليس له أصل ثابتٌ في الأرض، ولا فرعٌ في السماء. يقول: ليس له عمل صَالحٌ في الدنيا ولا في الآخرة.
و قال ابن عطية: فالخُبْثُ هو أنْ تَكُونَ كالعِضاةِ، أو كَشَجَرَةِ السَمُومِ ونَحْوِها إذا اجْتُثَّتْ، أيِ اقْتُلِعَتْ جُثَّتُها بِنَزْعِ الأُصُولِ، وبَقِيَتْ في غايَةِ الوَهْنِ والضَعْفِ فَتَقْلِبُها أقَلُّ رِيحٍ.، فالكافِرُ يَرى أنَّ بِيَدِهِ شَيْئًا، وهو لا يَسْتَقِرُّ ولا يُغْنِي عنهُ، كَهَذِهِ الشَجَرَةِ الَّتِي يَظُنُّ بِها عَلى بُعْدٍ -أو لِلْجَهْلِ بِها- أنَّها شَيْءٌ نافِعٌ، وهي خَبِيثَةُ الجَنى غَيْرُ باقِيَةٍ..
و عم ابن عاشور في وجه الشبه: أن الأمر تمثيل بالضد بجميع الصفات: اضطراب الاعتقاد، ضيق الصدر،كدر التفكير، الضر المتعاقب، و في ذلك انتفاء لكل منافع الكلمة الطيبة كلمة التوحيد.
6- الحكمة من التشبيه : بيان حال الكافر و تقريب ذلك ، قاله ابن عاشور.
7-فائدة التنكير و التنوين في (شجرة) : التحقير.
8- معنى اجتثت: قَطْعُ الشَّيْءِ كُلِّهِ، مُشْتَقٌّ مِنَ الجُثَّةِ وهي الذّاتُ، قاله ابن عاشور
9- المعنى المراد من جُمْلَةُ ﴿ما لَها مِن قَرارٍ﴾: تَأْكِيدٌ لِمَعْنى الِاجْتِثاثِ؛ لِأنَّ الِاجْتِثاثَ مِنَ انْعِدامِ القَرارِ، قاله ابن عاشور.

الأقوال في مسألة ماهي ( الشجرة خبيثة) المشبه بها:
اختلف أهل التأويل فيها ؛ أيّ شجرة هي؟
1- هي الحنظل: روي موقوفًا و مرفوعًا عن أنس بن مالك: رواه الترمذي و ابن جرير، و الأصبهاني، و قاله مجاهد كما روى عنه ابن جرير.
2- هذه الشجرة لم تُخْلَق على الأرض: روى ابن جرير ذلك عن ابن عباس.
- قال ابن جرير: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال، حدثنا عفان قال، حدثنا أبو كدينة قال، حدثنا قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار﴾ ، قال: هذا مثل ضربه الله، ولم تخلق هذه الشجرةُ على وجه الأرض.)
3- الكوث، ذكره الزجاح.
4- الثوم، ذكره ابن عطية و نسبه إلى فرقة

تخريج قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِنَاعٍ عَلَيْهِ رُطَبٌ، فَقَالَ: {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: ٢٥]، قَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [إبراهيم: ٢٦] قَالَ: «هِيَ الحَنْظَلُ» قَالَ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَبَا العَالِيَةِ، فَقَالَ: صَدَقَ وَأَحْسَنَ.
- رواه عنه مرفوعًا من طريق حماد بن سلمة كلًا من: الترمذي في سننه(279)، النسائي(303) السنن الكبرى، أبو يعلى (307) في مسنده، و ابن حبان البُستي (ت ٣٥٤ هـ) في ( التقاسيم و الأنواع) ، أبِي الشيخ الأصبهاني (ت ٣٦٩هـ) في كتابه (كتاب الأمثال في الحديث النبوي )،ابن المقرئ (381) في كتابه المعجم، الحاكم (405) في مستدركه و قال على شرط مسلم و لم يخرجاه، و رواه ابن مردويه (410) كما في الدر المنثور..
- و رواه ابن جرير في تفسيره موقوفأ بأسانيد مختلفة إلى أنس بن مالك منها:
قال ابن جرير حدثنا الحسن قال، حدثنا عمرو بن الهيثم قال، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك قال: الشَّرْيَان، يعني الحنظل
و قال بن جرير فقال حدثنا أحمد بن منصور قال، حدثنا نعيم بن حماد قال، حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن الأعمش، عن حبان بن شعبة، عن أنس بن مالك في قوله: ﴿كشجرة خبيثة﴾ ، قال: الشَّرْيان. قلت لأنس: ما الشَّريان؟ قال: الحنظل.
- رواه الترمذي موقوفًا إلى أنس بن مالك دون زيادة قول أبو العالية، فقال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الحَبْحَابِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي العَالِيَةِ.
و قد عقب عليه بانه أصح من حديث حماد بن سلمة، لأنه تفرد برفعه.
- رواه أبو نعيم الأصبهاني (430) موقوفًا: في كتابه الطب النبوي فقال: حَدَّثَنا أحمد بن علي الكندي، حَدَّثَنا سعيد بن عبد الله بن عجب، حَدَّثَنا عبيد بن يزيد، حَدَّثَنا نعيم بن حماد، عَن محمد بن ثور، عَن ابن جُرَيج، عَن الأعمش، عَن حسان بن سعيد، عَن أنس بن مالك في قوله {ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة} قال: الشريان قلت لأنس ما الشريان؟ قال: الحنظل

دراسة الاٌقوال في مسألة ما هي الشجرة الخبيثة:
هذه الأقوال تجري على مجرى الأمثال، لشجر له الوصف الذي ذكر في الآية(كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ)، و أقربها ما قيل أنها الحنظل، و جامعها كما ذكر ابن عطية أنها ضعيفة الجذور، سهل الاقتلاع لا تثبت، و هو يشبه ما سبق و اختاره بن جرير، (إذا لم تثبت صحة الحديث المرفوع)، فهي الشجرة بالصفة التي وصفها الله و هذا القول هو مفهوم كلام السعدي.
و قد قال ابن عطية ابن الوصف يعود لنجم و ليس لشجر ، و قال الله عز و جل الشجر تجوزًا كما أخبر الرسول صلى الله عليه و سلم على الثوم و البصل انهما من الشجر.

[]قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).[/color]
المسائل االتفسيرية:
1- المعنى اللغوي للصراط
({الصّراط}: الطريق، المنهاج الواضح، قاله أبو عبيدة المثني(211)، و الزجاج( 311)،و النحاس(338).
و قال النحاس في معاني القرآن: وكتاب الله بمنزلة الطريق الواضح، وكذلك الإسلام، وقال جرير:
أمير المؤمنين على صراط.......إذا اعوج الموارد مستقيم
أمير المؤمنين جمعت دينا.......وحلما فاضلا لذوي الحلوم
و ذكر ابن جرير في تفسيره إجماع الأمة من اهل التأويل على أن "الصراط المستقيم"، هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه.
2- القراءات في الصراط:
واختلف القراء في الصّراط
1- فقرأ ابن كثير وجماعة من العلماء: «السراط» بالسين، وهذا هو أصل اللفظة.قاله ابن عطية.
2- قرأ باقي السبعة غير حمزة بصاد خالصة وهذا بدل السين بالصاد لتناسبها مع الطاء في الاطباق فيحسنان في السمع، وحكاها سيبويه لغة، ذكر ذلك الفارسي، كما قال ذكر ابن عطية.
3- قال أبو علي: روي عن أبي عمرو السين والصاد، والمضارعة بين الصاد والزاي، رواه عنه العريان بن أبي سفيان. وروى الأصمعي عن أبي عمرو أنه قرأها بزاي خالصة، ذكر ذلك عنه ابن عطية.
قال بعض اللغويين: «ما حكاه الأصمعي من هذه القراءة خطأ منه، إنما سمع أبا عمرو يقرأ بالمضارعة فتوهمها زايا، ولم يكن الأصمعي نحويا فيؤمن على هذا».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وحكى هذا الكلام أبو علي عن أبي بكر بن مجاهد. وقرأ حمزة بين الصاد والزاي. وروي أيضا عنه أنه إنما يلتزم ذلك في المعرفة دون النكرة.
قال ابن مجاهد: «وهذه القراءة تكلف حرف بين حرفين، وذلك أصعب على اللسان، وليس بحرف يبنى عليه الكلام ولا هو من حروف المعجم، ولست أدفع أنه من كلام فصحاء العرب، إلا أن الصاد أفصح وأوسع».
4- وقرأ الحسن والضحاك: «اهدنا صراطا مستقيما» دون تعريف وقرأ جعفر بن محمد الصادق: «اهدنا صراط المستقيم» بالإضافة وقرأ ثابت البناني: «بصرنا الصراط».

3- الحكمة من استخدام لفظ الصراط: العرب تستعيره لكل قول أو عمل كان وصفه الاستقامة ، ذكر ذلك ابن جرير
4-المعنى المراد بالصراط المستقيم : سيأتي ذكر المسألة بتفصيلها فيما بعد.
5- الحكمة من وصف الصراط بالمستقيم: قال ابن جرير في تفسيره أن السبب أنه صواب لا خطأ فيه، و ذكر قولا قدمه بلفظ زعم؛ أن السبب استقامته بأهله إلى الجنة، و عقب عليه أنه مخالف لجميع أهل التفسير، و هذا دليل خطئه.
و ذكر ابن عطية قولًأ آخر: أن المستقيم الذي لا عوج فيه ولا انحراف، والمراد أنه استقام على الحق وإلى غاية الفلاح، ودخول الجنة.
6- مناسبة الصراط المستقيم للآية التي بعدها: صراط الذين أنعمت عليهم بدل من الصراط المستقيم، و فيها بيان لأهل الصراط و أصحابه، و أعمالهم، مفهوم كلام المبرد، و ابن جرير.
الأقوال في مسألة المراد من( الصراط المستقيم):
1- كتاب الله : رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن علي ابن ابي طالب مرفوعًا.
2- الإسْلامُ ، رواه ابن جرير عن ابن عباس، و جابر بن عبد الله وعبد الرحمن زيد بن أسلم، رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم عن نواس بن سمعان الأنصاري مرفوعًا.
3- النبي و صاحباه من بعده: رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم عن أبي العالية و الحسن موقوفًا.
وقال الطّبرانيّ: حدّثنا محمّد بن الفضل السّقطيّ، حدّثنا إبراهيم بن مهديٍّ المصّيصي، حدّثنا يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه، قال: «الصّراط المستقيم الّذي تركنا عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم».
4- دِينَكَ الحَقَّ، وهو لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ: رواه ابن أبي حاتم عَنِ الضَّحّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ

تخريج قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).
• رواه المرزوي في كتاب السنة قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَكِيعٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الْإِسْلَامُ.
• رواه عن جابر بن عبد الله بزيادة (وَهُوَ أَوْسَعُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)، كلًا من ؛ ابن جرير (311) في تفسيره، الحاكم (405) في مستدركه ( و صححه)، وَأخرجه وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والمحاملي فِي أَمَالِيهِ من نُسْخَة المُصَنّف كما في الدر المنثور للسيوطي، من طريق عبدالله بن محمد بن عقيل .
• و روى الديلمي في مسنده بزيادة (وطريق الحج، والغزو في سبيل اللَّه) فقال حدثنا عثمان بن طالوت ، حدثنا بشر بن أبي عمرو بن العلاء ، عن أبيه ، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل ، عن جابر رضي اللَّه عنه، عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الصراط المستقيم دين الإسلام، وطريق الحج، والغزو في سبيل اللَّه" كما في كتاب (الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس المسمى «زهر الفردوس» لابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ).و في التحقيق أنه موضوع.
و توجيه الزيادة بأن الصراط المستقيم أوسع ما بين السماء و الأرض، أنه زيادة لبيان وصف الصراط، بأنه لا يضيق بأصحابه.

دراسة الاقوال في المراد بالصراط المستقيم:
كل هذه الأقوال صحيحة ، و متلازمة، لا يصح أحدها دون الآخر، فمن اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم و اقتدى بأبو بكر و عمر، اتبع الحق، و من اتبع الحق اتبع الإسلام، و من اتبع الإسلام اتبع القرآن كتاب الله و حبله المتين و صراطه المستقيم، فكل هذه الأقوال صحيحة، و هو اختيار ابن جرير و ابن كثير .
ولهذا قال الإمام أبو جعفر بن جريرٍ، رحمه اللّه: والّذي هو أولى بتأويل هذه الآية عندي -أعني {اهدنا الصّراط المستقيم}- أن يكون معنيًّا به: وفّقنا للثّبات على ما ارتضيته ووفّقت له من أنعمت عليه من عبادك، من قولٍ وعملٍ، وذلك هو الصّراط المستقيم؛ لأنّ من وفّق لما وفق له من أنعم اللّه عليهم من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين، فقد وفق للإسلام، وتصديق الرّسل، والتّمسّك بالكتاب، والعمل بما أمره اللّه به، والانزجار عمّا زجره عنه، واتّباع منهاج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ومنهاج الخلفاء الأربعة، وكلّ عبدٍ صالحٍ، وكلّ ذلك من الصّراط المستقيم.

هذا و الله أعلم

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 رجب 1443هـ/12-02-2022م, 12:46 PM
إيمان جلال إيمان جلال غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 380
افتراضي

خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1: قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس).

التخريج:
قول عائشة رضي الله عنها المذكور أعلاه:
- رواه بذات اللفظ ابن جرير من طريق ابن حميد عن سلمة عن ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عروة ابن الزبير عنها رضي الله عنها.
- رواه بلفظ "لا والله، وبلى والله" دون زيادة "ما يتراجع به الناس" كلا من: مالك (في الموطأ)، وسعيد بن منصور (في سننه)، والبخاري (في صحيحه) من طريقين، والنسائي (في السنن الكبرى)، وابن جرير من طريقين، وابن أبي حاتم، عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير عنها رضي الله عنها.
كما ذكر السيوطي في الدر المنثور أن وكيعا وعبد بن حميد وابن المنذر رووه عنها رضي الله عنها، ولكني لم أجده بعد البحث في المكتبة الشاملة.
ومن طريق أخرى رواه الشافعي (في الأم)، وأبو داوود (في سننه)، وابن جرير من عدة طرق، وابن حبان في صحيحه، وابن مردويه والبيهقي في سننه، عن عطاء عنها رضي الله عنها.
كما ذكر السيوطي في الدر المنثور أن أبا الشيخ قد رواه من طريق عطاء عنها رضي الله عنها.
- رواه عبد الرزاق وابن جرير بلفظ "هم القوم يتدارءون في الأمر، يقول هذا: لا والله، وبلى والله، وكلا والله، يتدارءون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم" من طريق معمر عن الزهري عن عروة عنها رضي الله عنها.
وكذلك رواه سعيد بن منصور (في سننه) وابن جرير من عدة طرق، والبيهقي (في سننه) بذات المعنى (أي اليمين دون عقد القلب) من طريق عطاء عنها رضي الله عنها.
كما ذكر السيوطي في الدر المنثور أن عبد بن حميد وابن المنذر قد روياه عنها رضي الله عنها.

التوجيه:
هذا القول مبني على معنى "اللغو" لغة: هو – كما ذكره ابن منظور في اللسان -: السَّقَط وَمَا لَا يُعتدّ بِهِ مِنْ كَلَامٍ وَغَيْرِهِ وَلَا يُحصَل مِنْهُ عَلَى فَائِدَةٍ ولا نَفْعٍ.
وهو ذات المعنى الذي ذكرته عائشة رضي الله عنها، والمعنى: هو ما سبق إلى اللسان على وجه العجلة والسرعة دون عقد القلب عليه. وقد قال ابن كثير في تعريفه للغو اليمين: وَهِيَ الَّتِي لَا يَقْصِدُهَا الْحَالِفُ، بَلْ تَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ عَادَةً مِنْ غَيْرِ تَعْقِيدٍ وَلَا تَأْكِيدٍ، وهو ما يقتضيه المعنى اللغوي، لأن ما سبق على اللسان على وجه العجلة حتما لم يعقد القلب عليه.
فيكون تفسير عائشة رضي الله عنها من التفسير بلازم المعنى.

• وجاء عن عائشة رضي الله عنها قولا آخر: أن يحلف أحدكم على أمر لا يريد منه إلا الصدق، فيكون غير ما حلف عليه.
- رواه ابن أبي حاتم والبيهقي من طريقين:
الأول: عن عروة بن الزبير عنها رضي الله عنها.
الثاني: عن عطاء عنها رضي الله عنها.
ومن الملاحظ أن الإمام مالك في الموطأ روى ذات اللفظ "لا والله، وبلى والله" عن عروة عنها رضي الله عنها ولكنه أوله على القول الثاني الذي هو غلبة الظن.

ولتحرير المسألة التفسيرية وهي المراد بلغو اليمين:
فإن المسألة متعلقة بعلوم اللغة وكذلك بالأحكام، فنبحث أولا في المصادر التي بحثنا فيها أعلاه من المصادر الأصلية التي تعنى بالإسناد، كأمثال: تفسير عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وبدواوين السنة: كالبخاري وأبي داوود، والنسائي، ثم بالتفاسير التي تعنى باللغة: كمعاني القرآن للفراء والنحاس والزجاج، ثم الأحكام: كالقرطبي.

تحرير المسألة (ما هو لغو اليمين؟):
وقد ذكر أهل العلم أوجها للغو اليمين على تسعة أقوال، هي:
القول الأول: هو ما يجري على ألسنة الناس من غير قصد اليمين كالهزل والمزاحة وقول: لا والله، وبلى والله. رواه والشافعي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور والبخاري وأبو داوود والنسائي (عن عائشة)، ورواه ابن جرير (عن عائشة وابن عباس والشعبي وعامر وأبي صالح وأبي قلابة وعطاء وعكرمة ومجاهد) ورواه ابن أبي حاتم (عن عائشة، وقال: وروي عن ابن عمر وابن عبّاسٍ في أحد أقواله، والشّعبيّ وعكرمة في أحد قوليه وعطاءٍ والقاسم بن محمّدٍ وعروة بن الزّبير وأبي قلابة والضّحّاك في أحد قوليه وأبي صالحٍ والزّهريّ) ورواه ابن حبان وابن مردويه (عن عائشة وابن عباس والقاسم بن محمد وعطاء والحسن وعكرمة والشعبي) والبيهقي (عن عائشة رضي الله عنها).
وذكره الفراء والزجاج والقرطبي وابن كثير.
وهو الذي لا كفارة عليه فيه ولا إثم لأن القلب لم ينعقد عليه.

القول الثاني: على غلبة الظن، فيحلف الرجل على الشيء يرى أنه كذلك وهو ليس كذلك. رواه مالك (عن عائشة) رواه عبد الرزاق عن مجاهد، ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن عائشة وأبي هريرة وابن عباس (في أحد قوليه) وسليمان بن يسار والحسن ومجاهد وابن أبي نجيح وإبراهيم وأبي مالك وزياد وقتادة وزرارة بن أوفى وعامر والسدي والربيع وابن أبي طلحة وابن أبي جعفر ومعمر وسعيد ومكحول) كما رواه ابن أبي حاتم (عن سعيد بن جبير وعطاء وبكر بن عبد الله وأحد قولي عكرمة، وحبيب بن أبي ثابت ومقاتل وطاوس ويحيى بن سعيد وربيعة) ورواه ابن مردويه (عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والنخعي وسليمان بن يسار).
كما ذكره الفراء والزجاج والقرطبي وابن كثير.
وحكمه أنه لا يؤأخذه الله فيه ولا كفارة ولا مأثم، فالكفارة لمن حلف عليه على علم متيقنا بأن الأمر هو عكس ما حلف عليه.

القول الثالث: المراء والخصومة، وهي كل يمين وصل الرجل بها كلامه على غير قصد منه إيجابها على نفسه، أي يصل الرجل كلامه بالحلف كقوله: والله ليأكلن، والله ليشربن ونحو هذا، ومثله تساوم الرجلين بالشيء، فيقول أحدهما: والله لا أشتريه منك بكذا، ويقول الآخر: والله لا أبيعك بكذا، فلا يتعمدا به اليمين ولا يريدا به حلفا. رواه ابن جرير (عن عائشة وإبراهيم)، وذكره القرطبي وابن كثير.
الأدلة والشواهد:
استدل ابن جرير بحديث لا يثبت وهو:
في قصَّةِ الرُّماةِ وَكانَ أحدُهُم إذا رمَى حَلفَ أنَّهُ أصابَ فيَظهرُ أنَّهُ أخطأَ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ أيمانُ الرُّماةِ لَغوٌ لا كفَّارةَ لَها ولا عُقوبةَ
الراوي : الحسن البصري | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : فتح الباري لابن حجر
الصفحة أو الرقم : 11/556 | خلاصة حكم المحدث : لا يثبت
ليس عليه كفارة.

القول الرابع: في الغضب، على غير عقد قلب ولا عزم ولكن وصلة للكلام. رواه ابن جرير (عن ابن عباس وطاووس) ورواه ابن مردويه (عن ابن عباس)، وذكره القرطبي.
الأدلة والشواهد:
استدل القرطبي بحديث ضعيف رواه ابن حجر عن ابن عباس في فتح الباري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمين في غضب". 573/11
لا كفارة عليه فيها.

القول الخامس: في النسيان، أي هو ما حنث فيه الحالف ناسيا. رواه عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم (عن إبراهيم)، كما ذكره القرطبي عن النخعي.
لا كفارة فيه.

القول السادس: الحلف على ترك الحلال من المأكل والمشرب والملبس. رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه (سعيد بن جبير) وذكره الزجاج وقال عنه أنه بعيد، كما ذكره القرطبي وابن كثير.
الأدلة والشواهد:
قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم".
يلزمه كفارة عن هذا اليمين، قال تعالى: "قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم".

القول السابع: بمعنى الدّعاء من الحالف على نفسه إن لم يفعل كذا وكذا، أو أن يقول أنه كافر أو مشرك إن فعل كذا.
كقول الرجل: أعمى الله بصري، أو أخرجني من مالي، أو لا ردني الله إلى أهلي إن لم آتك غدا، أو أنا يهودي إن فعلت كذا. رواه عبد الله بن وهب، وابن جرير وابن أبي حاتم (عن زيد بن أسلم وابن زيد)، وذكره الزجاج وقال عنه أنه محال أن يكون يمين لغو، ولكنه دعاء، كما ذكره القرطبي.
قال عبد الله بن وهب عليه كفارة، بينما قال ابن جرير: هؤلاء لغاةٌ في أيمانهم لا تلزمهم كفّارةٌ في العاجل، ولا عقوبةٌ في الآجل لإخبار اللّه تعالى ذكره أنّه غير مؤاخذ عباده بما لغوا من أيمانهم، وأنّ الّذي هو مؤاخذهم به ما تعمّدت فيه الإثم قلوبهم.

القول الثامن: هو أن يحلف الرجل على أمر إضرار أن يفعله فلا يفعله ويرى الذي هو خير منه. رواه ابن جرير (عن ابن عباس والضحاك)
عليه كفارة ويأتي الذي هو خير منه.

القول التاسع: في المعصية أي فعل ما نهى الله عنه، وترك ما أمر الله بفعله. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن سعيد بن جبير) وذكره القرطبي.
الأدلة والشواهد:
- مَن حلفَ علَى مَعصيةٍ، فلا يمينَ لَهُ، ومن حلفَ على قَطيعةِ رحمٍ، فلا يمينَ لَهُ
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم : 2191 | خلاصة حكم المحدث : حسن | انظر شرح الحديث رقم 42835
ذكره ابن جرير.
يكفر عن يمينه فلا يأتيه بل يأتي الذي هو خير منه، ولا يؤاخذه الله بإلغائها ولكن تلزمه الكفارة، وقال مسروق والشعبي لا يلزمه الكفارة.

التوجيه:

وقد فنّد القرطبي الأقوال حين قال: (أما يمين النسيان فلا شك في إلغائها لأنها جاءت على خلاف قصد الحالف، فهو لغو محض. ويمين المكره فبمثابتها. أما يمين المعصية فباطل، لأن الحالف على ترك المعصية تنعقد يمينه عبادة، والحالف على فعل المعصية تنعقد يمينه معصية، ويقال له لا تفعل وكفّر، فإن أقدم على الفعل أثم في إقدامه وبرّ في قسمه. وأما من قال: أنه دعاء الإنسان على نفسه إن لم يكن كذا فينزل به كذا، فهو قول لغو في طريق الكفارة، ولكنه منعقد في القصد مكروه، وربما يؤاخذ به).
وقد استدل بحديث لم أجد له تخريجا، ووجدت حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما الذي قال فيه: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكُم، لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
ثم قال: (وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهُ يَمِينُ الْغَضَبِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ حَلِفُ النَّبِيِّ ﷺ غَاضِبًا أَلَّا يَحْمِلَ الْأَشْعَرِيِّينَ وَحَمَلَهُمْ وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ).
والحديث بتمامه هو ما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: أَتَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في نَفَرٍ مِنَ الأشْعَرِيِّينَ، فَوَافَقْتُهُ وهو غَضْبَانُ، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَحَلَفَ أنْ لا يَحْمِلَنَا، ثُمَّ قَالَ: واللَّهِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ، لا أحْلِفُ علَى يَمِينٍ، فأرَى غَيْرَهَا خَيْرًا منها، إلَّا أتَيْتُ الذي هو خَيْرٌ، وتَحَلَّلْتُهَا. [صحيح البخاري (6680)].
وقال ابن عطية: (قَدْ رَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤَاخَذَةَ بِالْإِطْلَاقِ فِي اللَّغْوِ، فَحَقِيقَتُهَا لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ، وَالْمُؤَاخَذَةُ فِي الْأَيْمَانِ هِيَ بِعُقُوبَةِ الْآخِرَةِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ الْمَصْبُورَةِ وَفِيمَا تُرِكَ تَكْفِيرُهُ مِمَّا فِيهِ كَفَّارَةٌ، وَبِعُقُوبَةِ الدُّنْيَا فِي إِلْزَامِ الْكَفَّارَةِ، فلْمُؤَاخَذَةَ قَدْ وَقَعَتْ فِيهَا، وَتَخْصِيصُ الْمُؤَاخَذَةِ بِأَنَّهَا فِي الْآخِرَةِ فَقَطْ تَحَكُّمٌ).
فيكون أرجح الأقوال هو القول الأول والثاني، قال الشيخ علي السايس: "وأظهر الأقوال ما ذهب إليه الأولون -أي جمهور أهل العلم- والحجة فيه: أن الله قسم اليمين إلى قسمين: ما كسبه القلب، واللغو. وما كسب القلب: هو ما قصد إليه. وحيث جعل اللغو مقابله. فيُعلم أنه هو الذي لم يقصد إليه، وذلك هو ما يجري به اللسان من غير قصد إليه".
وقد أكد ذلك محمد رشيد رضا في تفسيره المنار: بأن ابن كثير قد بدأ بسرد الأقوال بالقول الأول مما يظن على أنه قد ترجح عنده.
وعليه: فكل يمين لا تصدر عن كسب القلب ولا تعمّد صاحبها الكذب، فهي يمين لغو.

2: قول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قول الله تعالى: {ومهيمنا عليه} قال: (مؤتمناً عليه).

التخريج:
رواه سعيد بن منصور (في سننه)، وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي "في الأسماء والصفات" من عدة طرق (عن أبي إسحاق عن التميمي [سماه ابن أبي حاتم: بأربد التميمي] عنه رضي الله عنهما).

التوجيه:
قال ابن جرير: أصل الهيمنة هو الحفظ والارتقاب، يقال رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده، قد هيمن فلان عليه فهو يهيمن هيمنة وهو عليه مهيمن. وأن أقوال أهل التأويل اختلفت ولكنها كلها تدور حول هذا الأصل.
فتكون الأمانة من لوازم الحفظ والرقابة.
وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري أن ثعلبا قد أنكر على ابن قتيبة ومن تبعه من الجماعة قولهم أن المعنى قد اشتق من أيمن مؤيمن ولكن همزته قلبت هاء، وقد بالغ في الإنكار حتى نسب قائله إلى الكفر، لأن المهيمن من الأسماء الحسنى، وأسماء الله لا تصغر. وعلق ابن حجر بأن هذا هو الحق، أنه أصل بنفسه ليس مبدلا من شيء، واستدل بقول أبي عبيدة: أنه لم يجيء في كلام العرب على هذا البناء إلا أربعة ألفاظ: مبيطر، ومسيطر، ومهيمن، ومبيقر.

وبتحرير المسألة وهي معنى "مهيمنا":
جاء عن أهل العلم عدة أقوال، يمكن اختصارها إلى ستة أقوال، هي:
القول الأول: شهيدا وشاهدا. رواه عبد الرزاق (عن قتادة) رواه ابن جرير (عن ابن عباس والسدي وقتادة ومجاهد).
وذكره أبو عبيدة، والأخفش البلخي، والزجاج، والنحاس، وغلام ثعلب.
القول الثاني: مؤتمنا أمينا. رواه ابن وهب وسعيد بن منصور والبخاري وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي [في الأسماء والصفات] (عن ابن عباس)، كما رواه ابن جرير (عن قتادة ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة).
وذكره قطرب البصري، وعبد الله بن يحيى بن المبارك، والزجاج، والنحاس، ومكي بن أبي طالب.
القول الثالث: مصدقا. رواه ابن جرير (عن الحسن ومجاهد وابن زيد) ورواه ابن أبي حاتم (عن الحسن).
القول الرابع: سيدا. رواه ابن أبي حاتم (عن ابن عباس والسدي).
القول الخامس: رقيبا. ذكره الزجاج.
القول السادس: حاكما. ذكره ابن كثير (عن ابن عباس).

توجيه الأقوال:
وهذه الأقوال كلها متقاربة المعاني لأنه إذا كان حافظا للشيء فهو مؤتمن عليه وشاهد ورقيب ومصدق وحاكم وسيد عليه.
قال ابن كثير: (وهذا من فضل الله على هذه الأمة أن جعل اللّه هذا الكتاب العظيم، الّذي أنزله آخر الكتب وخاتمها، أشملها وأعظمها وأحكمها حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره؛ فلهذا جعله شاهدًا وأمينًا وحاكمًا عليها كلّها).


3: قول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في تفسير قول الله {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} قال: «سبيل الخلاء والبول»

التخريج:
رواه عبد الرزاق، وابن جرير (من عدة طرق) والبيهقي في الشعب (عن محمد بن المرتفع عنه رضي الله عنهما).
كما ذكر السيوطي في الدر المنثور أن الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، قد رووه عن ابن الزبير، بيد أني بعد البحث في المكتبة الشاملة لم أجده.

التوجيه:
قول ابن الزبير رضي الله عنهما هو من التفسير بالمثال، فليس سبيل البول والغائط وحده من الآيات الدالة على قدرة الله في خلق الإنسان، وإنما كل جزء من أجزاء بدنه تدل على أنه واحد أحد.

وبتحرير مسألة الآيات التي على العبد أن يتبصر ويتفكر فيها في النفس:
جاء عن أهل العلم عدة أقوال في معناها، يمكن اختصارها إلى ستة أقوال، هي:
القول الأول: سبيل الغائط والبول. رواه عبد الرزاق وابن جرير والبيهقي في الشعب (عن ابن الزبير)، ورواه الخرائطي عن (علي بن أبي طالب).
القول الثاني: تأكل وتشرب في مدخل واحد، ويخرج من موضعين. رواه البخاري.
القول الثالث: تسوية الله وتليينه لمفاصل أبدانكم وجوارحكم دلالة لكم على أن خلقتم لعبادته. رواه ابن جرير (عن ابن زيد)، ورواه أبو الشيخ (عن قتادة).
الأدلة والشواهد:
قوله تعالى: "ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون".
ذكره ابن جرير وروى قول ابن زيد: قال: وفينا آياتٌ كثيرةٌ، هذا السّمع والبصر واللّسان والقلب، لا يدري أحدٌ ما هو أسود أو أحمر، وهذا الكلام الّذي يتلجلج به، وهذا القلب أيّ شيءٍ هو، إنّما هو بضعةٌ في جوفه، يجعل اللّه فيه العقل، أفيدري أحدٌ ما ذاك العقل، وما صفته، وكيف هو؟
القول الرابع: الآيات والعبر التي في أنفسكم والتي تدل على وحدانية الصانع، فلا إله سواه يقدر على خلقكم. رواه ابن جرير واختاره لعمومه وشموله، كما رواه أبو الشيخ (عن قتادة).
القول الخامس: فيما يدخل من طعامكم وما يخرج. ذكر السيوطي في الدر المنثور أن ابن حاتم رواه عن السدي.

توجيه الأقوال:
الأقوال المذكورة أعلاه يشملها معنى الآية الكريمة - وهو ذات القول الرابع الذي اختاره ابن جرير لعمومه -، فتكون الأقوال من باب اختلاف التنوع لا التضاد. فعندما دعا الله العباد للتفكر في أنفسهم، كان كل محل في أبدانهم آية من آيات الله تدل من تفكر بها واعتبر على أن خالقها وبارئها ومصورها هو الله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحدا، فيوحده بالعبادة كما وحده بالربوبية.

4: قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).

التخريج:
رواه ابن جرير والحاكم في المستدرك (عن الحسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عنه رضي الله عنهما) مع زيادة "هو أوسع مما بين السماء والأرض".
ورواه وكيع وعبد بن حميد وابن المنذر والمحاملي في أماليه من نسخة المصنف عنه رضي الله عنهما (مع الزيادة) كما ذكر السيوطي في الدر المنثور. [وقد بحثت في المكتبة الشاملة في كتب من ذكرهم السيوطي ولم أجده].

التوجيه:
ذكر ابن جرير: أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه. وإن العرب لتستعير الصراط فتستعمله في كل قول وعمل وصف باستقامة أو باعوجاجه. والإسلام موصوف بذلك كله.
قال تعالى عنه "قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين" [الأنعام]. فالإسلام هو الدين المستقيم الموصل إلى جنات النعيم، من سلكه نجا، ومن حاد عنه ضل وخسر. فيكون قول جابر رضي الله عنهما هو تفسير مطابق ومقارب للمعنى اللغوي.

وتحرير المسألة:
ذكر أهل العلم في المراد بالصراط المستقيم عدة أقوال، يمكن اختصارها إلى خمسة أقوال، هي:
القول الأول: القرآن. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن علي بن أبي طالب) كما رواه ابن جرير والحاكم (عن عبد الله بن مسعود) ورواه ابن جرير (عن ابن عباس)، وذكره ابن عطية وابن كثير.
وذكره النحاس
القول الثاني: الإسلام. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن نواس بن سمعان) ورواه ابن جرير والحاكم (عن جابر بن عبد الله) ورواه ابن جرير (عن ابن مسعود وابن عباس وابن الحنفية وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم) وذكره ابن عطية، وابن كثير.
وكذلك ذكره النحاس، ومكي بن أبي طالب.
القول الثالث: الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم (عن أبي العالية والحسن) كما رواه الحاكم (عن ابن عباس)، وذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الرابع: الحق. رواه ابن أبي حاتم (عن ابن عباس ومجاهد).
القول الخامس: صراط حقيقي يمر فوق النار، يتفاوت الناس في سرعة اجتيازه. رواه سعيد بن منصور (عن ابن مسعود)، وذكره ابن كثير.
وقد خطّأ ابن جرير هذا القول محتجا بإجماع جميع المفسرين من الصحابة والتابعين على أن المعنى مرتبط بقوله تعالى "إياك نعبد وإياك نستعين"، حيث سأل العبد ربه هنا المعونة على عبادته في الدنيا، فجاءت "اهدنا الصراط المستقيم" تدل على الثبات على الهدى فيما بقي من العمر. وقد زعم بعض أهل الغباء أنّه سمّاه مستقيمًا لاستقامته بأهله إلى الجنّة، وهذا مخالف لإجماع أهل التفسير.

توجيه الأقوال:
فجميع الأقوال يشملها- باستثناء القول الأخير الذي خطأه ابن جرير - فيكون التفسير تفسيرا مطابقا أو مقاربا لمعنى الصراط المستقيم. لأن الصراط لغة هو الطريق، وصفه تعالى بالمستقيم: لأنّه صوابٌ لا خطأ فيه.
وقد ذكر ابن جرير أن أولى الأقوال عنده هو ما ارتضاه الله ووفّق له من أنعم عليه من عباده، من قولٍ وعملٍ. وذلك هو الصّراط المستقيم، لأنّ من وفّق لما وفّق له من أنعم اللّه عليه من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصالحين، فقد وفّق للإسلام، وتصديق الرّسل، والتّمسّك بالكتاب، والعمل بما أمره اللّه به، والانزجار عمّا زجره عنه، واتّباع منهاج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ومنهاج أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليٍّ، وكلّ عبدٍ للّه صالحٍ. وكلّ ذلك من الصّراط المستقيم.


5: قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).
التخريج :
روي هذا القول عن أنس رضي الله عنه مرتان: مرفوعا، وموقوفا.
- أما من رواه مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم بذات اللفظ "الحنظل":
رواه الترمذي، وأبو يعلى في مسنده، وابن جرير (عن حماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم).
o ورواه البزار في مسنده عن معاوية بن قرة عنه رضي الله عنه بلفظ "الشريان" وهو الحنظل ذاته (حيث قال معاوية: أحسبه رفعه).

- أما من رواه موقوفا عنه رضي الله عنه بذات اللفظ "الحنظل":
رواه الترمذي، وابن جرير، من عدة طرق عن شعيب بن الحبحاب، عنه رضي الله عنه.
كما رواه ابن جرير عن شعبة عن معاوية بن قرة عنه رضي الله عنه مثله.
ورواه ابن جرير عن شعبة عن أبي إياس عنه رضي الله عنه مثله.
o ورواه البزار في مسنده وابن جرير من عدة طرق (عن شعبة عن معاوية بن قرة عنه رضي الله عنه) بلفظ "الشريان" وهو الحنظل ذاته (حيث قال البزار: ولم يرفعه).
كما رواه ابن جرير عن حبان بن شعبة عنه رضي الله عنه بلفظ "الشريان".
وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور أن النسائي قد رواه مرفوعا عن أنس، وبعد البحث لم أجد لهذا القول أثرا. وكذلك قال بأن ابن مردويه قد رواه عن أنس تارة مرفوعا وتارة موقوفا، وبعد البحث في المكتبة الشاملة لم أجده.
وبالتعليق على المرفوع والموقوف قال ابن جرير: وقد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بتصحيح قول من قال: هي الحنظلة خبرٌ، فإن صحّ فلا قول يجوز أن يقال غيره، وإلاّ فإنّها شجرةٌ بالصّفة الّتي وصفها اللّه بها. ذكر الخبر الّذي ذكرناه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال الترمذي بأن الموقوف هو أصح من المرفوع الذي رفعه حماد بن سلمة، والذي قال عنه أبو يعلى: "المحفوظ في هذا الحديث هو الوقف – كما أشار الترمذي -، وحماد بن سلمة وإن كان شيخ الإسلام، إلا أنه قد تغير قليلا بآخره، وقد خالفه جماعة من الثقات الأثبات في رفعه، كلهم رووه عن شعيب عن أنس به موقوفا نحوه".

التوجيه:
الرواية بالمرفوع هي: حَدَّثَنَا غَسَّانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقِنَاعٍ عَلَيْهِ بُسْرٌ، فَقَالَ: " {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: 25] "، فَقَالَ: " هِيَ النَّخْلَةُ، {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ ‌كَشَجَرَةٍ ‌خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [إبراهيم: 26] "، قَالَ: «هِيَ الْحَنْظَلُ»، قَالَ شُعَيْبٌ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَبَا الْعَالِيَةِ فَقَالَ: كَذَلِكَ كُنَّا نَسْمَعُ.
الآية هي من الأمثال التي في القرآن، حيث شبه تعالى كفر الكافر بالحنظلة، ووجه الشبه: أن الحنظلة – كما وصفها العلماء – هي من الشجر الذي لا قرار لها ولا أصل في الأرض، فجذورها ليست عميقة في الأرض فهي غير ثابتة، وكما وصفها أنس رضي الله عنه - حين حددها بالحنظل – أنها تصفقها الرياح يمينا وشمالا، وهكذا عمل الكافر، لا يقبل منه، ولا يصعد إلى الله، فلا أصل ثابت له في الأرض، ولا فرع في السماء، أي لا عمل صالح له في الدنيا، ولا في الآخرة، وفي هذا الوصف موافقة لوصف الحنظلة، وهو من التفسير بالمثال، وهو ينطبق على الحنظلة.

تحرير المسألة:
ذكر المفسرون عدة أقوال للمراد بشجرة الحنظل، يمكن اختصارها إلى سبعة أقوال، هي:
القول الأول: الحنظل. رواه الترمذي وأبو يعلى في مسنده وابن جرير (عن أنس بن مالك مرفوعا وموقوفا)، ورواه ابن أبي حاتم كما رواه ابن حبان في التقاسيم والأنواع وفي صحيحه (مرفوعا). ذكره ابن عطية وقال: هو الذي عليه أكثر المفسرين.
وذكره مكي بن أبي طالب وابن عطية.
القول الثاني: الشريان. رواه البزار في مسنده (عن أنس بن مالك (قال معاوية أحسبه مرفوعا)، ورواه البزار وابن جرير – بهذا اللفظ – عن أنس موقوفا))، وذكره ابن كثير.
وقد روى ابن جرير عن معاوية بن قرة: أن الشريان هو الحنظل، وبالتالي يعتبر القول الأول والثاني قولا واحدا.
القول الثالث: شجرة لم تخلق على الأرض. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن ابن عباس). وذكره ابن عطية.
القول الرابع: التي تجعل في المسكر. رواه ابن أبي حاتم.
القول الخامس: الأكشوث. ذكره قطرب.
القول السادس: الكوث. ذكره الزجاج.
القول السابع: الثوم. ذكره ابن عطية.
الأدلة والشواهد:
روى عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن أكَلَ مِن هذِه البَقْلَةِ فلا يَقْرَبَنَّ مَساجِدَنا، حتَّى يَذْهَبَ رِيحُها يَعْنِي الثُّومَ).
صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 561 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح.

التوجيه:
بالنظر للأقوال السابقة، نلحظ أن كل قول يعتبر من التفسير بالمثال، فكل شجرة لها الوصف "اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار" ينطبق عليها وصف الشجرة الخبيثة.
وبالرجوع إلى ما ذكره ابن منظور في لسان العرب: "الكَشُوثُ، والأُكْشُوثُ، والكَشُوثَى: كلُّ ذلك نباتٌ مُجْتَثٌّ مقطوعُ الأَصل، وقيل: لا أَصل له، وهو أَصْفَرُ يتعلق بأَطراف الشَّوْكِ وغيره، ويُجْعَلُ في النبيذ سَوادِيَّةٌ، يقولون: كَشُوثاء.
الجوهري: الكَشُوثُ نبتٌ يَتَعلَّقُ بأَغصانِ الشجرِ، من غير أَن يَضْرِبَ بعِرْقٍ في الأَرض؛ قال الشاعر: هو الكَشُوثُ، فلا أَصلٌ، ولا وَرَقٌ،ولا نَسيمٌ، ولا ظِلٌ، ولا ثَمَرُ.
فيكون المعنى: أن الله في الآية شبه كلمة الشرك بكل شجرة وصفها أنها لا أصل لها في الأرض، ولا فرع لها في السماء ولا حمل، فهي بغاية الوهن والضعف، تقلبها أقل ريح، كذلك الكفر الذي لا ثبوت له، فالكافر يظن أنه على شيء، وهو لا يستقر ولا يغني عنه، كما يرى الناظر من بعيد الشجرة فيظنها نافعة ولكنها خبيثة لا فائدة ترجى منها، لا أصل ولا فرع ولا ثمرة.
قال ابن عطية: أن هذه كلها من النجم وليست من الشجر، والله تعالى إنما مثل بالشجرة فلا تسمى هذه شجرة إلا بتجوز، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثوم والبصل: من أكل من هذه الشجرة، وأيضا فإن هذه كلها ضعيفة وإن لم تجتث، اللهم إلا أن نقول: اجتثت بالخلقة.
وقال ابن عباس: هذا مثل ضربه الله ولم يخلق هذه الشجرة على وجه الأرض.
والظاهر عندي أن التشبيه وقع بشجرة غير معينة إذا وجدت فيها هذه الأوصاف. فالخبث هو أن تكون كالعضاه، أو كشجر السموم أو نحوها. إذا اجتثت- أي اقتلعت، حيث جثتها بنزع الأصول وبقيت في غاية الوهاء والضعف- لتقلبها أقل ريح. فالكافر يرى أن بيده شيئا وهو لا يستقر ولا يغني عنه، كهذه الشجرة التي يظن بها على بعد أو للجهل بها أنها شيء نافع وهي خبيثة الجني غير باقية.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 رجب 1443هـ/14-02-2022م, 04:54 AM
سعاد مختار سعاد مختار غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 307
افتراضي

⚪ التطبيق الثاني ⚪


خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:


▪1: قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس)


🔷التخريج
🔹رواه البخاري في صحيحه و مالك في الموطأ وابن أبي حاتم في تفسيره والشافعي والطبري في تفسيره والبغوي في تفسيره ،كلهم من طريق هشام عن عروة عن عائشة رضي الله عنها
🔹وراوه ابن أبي حاتم عن أبيه عن صالح كاتب الليث عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عنها رضي الله عنها
🔹وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره والطبري ، كلاهما من طريق الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها
*🔹وأخرجه الطبري في تفسيره من طريق الزهري عن القاسم عن عائشة ، ومن طريق مالك عن عطاء عنها ، وعن عبد الملك عن عطاء عنها ، وعن ابن أبي ليلى والأشعت عن عطاء عنها ، وعن عبد الملك عن عطاء عنها
ومن طريق أبي نجيح عن عطاء عنها وعن عطاء عن عبيد بن عُمير عنها .
🔹🔹 الحديث مرفوعاً
رواه ابن جرير في تفسيره وأبو دَاوُدَ في السنن ، من طريق إبراهيم الصائغ عن عطاء عن عائشة قالت :
في قوله : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } قال : قالت عائشة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وهو قول الرجل في بيته كلا والله وبلى والله "


🔷 تحرير القول في المسألة :
🔸اللغو : مصدر لغا إذا قال كلاما خطأ ويطلق أيضا على الكلام الساقط الذي لا يعتد به وهو الخطأ ، وماهو في حكم المذموم من القول ،منه قوله تعالى : {وإذا مروا باللغو مروا كراما }
في المراد باللغو أقوال عديدة لأهل العلم
🔸 المراد بالمؤاخذة في الآية
المؤاخذة كفاعلة بمعنى العدّ والمحاسبة ، يقال أخذه بكذا ، اي عدّه عليه ليحاسبه أو يعاقبه ، قاله ابن عاشور
وهنا المراد : وترك العقوبة في الدنيا بالكفارة ، وترك العقوبة عليها في الآخرة أ، كما يعاقب المذنب الآثم ويحاسب .
🔸 تعريف اليمين
اليمين والقسم. والحلف. كلها بمعنى واحد ، وهو توكيد الحكم أو الأمر بذكر اسم الله تعالى أو صفة من صفاته على وجه مخصوص .
🔸في المراد باليمين الاغية( لغو اليمين ) أقوال عديدة لأهل العلم
🔹القول الأول : هو قول الرجل ، لا والله وبلى والله ( روي عن عائشة مرفوعا وموقوفا)
يريد به وصلاً للقول وهو مما يتراجع به الناس ، كما قالت السيدة عائشة في هذا الأثر وفي أثار أخرى عنها :
- كما روى الطبري بسنده عن عائشة رضي الله عنها ، قال :
🔸حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن هشام بن عروة , عن أبيه , عن عائشة : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } قالت : لا والله , وبلى الله , يصل بها كلامه .
🔸حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام بن سلم , عن عبد الملك , عن عطاء قال : دخلت مع عبيد بن عمير على عائشة فقال لها : يا أم المؤمنين قوله : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } قالت : هو لا والله , وبلى والله , ليس مما عقدتم الأيمان
🔸حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري , عن عروة , عن عائشة في قوله : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } قالت : هم القوم يتدارءون في الأمر , فيقول هذا : لا والله , وبلى والله , وكلا والله , يتدارءون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم.
وممن قال بهذا القول ، الشافعي و والشعبي و وابن وكيع و وأبو قلابة وعكرمة ، وغيرهم
🔹القول الثاني
هي التى يحلف بها الحالف وهو يرى أنالأمر كما يرى والأمر على خلاف ما حلف عليه
كما جاء عن .ابن عباس قوله : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } واللغو : أن يحلف الرجل على الشيء يراه . حقا وليس بحق. قاله وسلمان بن يسار والحسن ومجاهد وقتادة وهو أيضا قول ثان لعائشة رضي الله عنها كما روى عنها عروة :
كَانَتْ تَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ -يَعْنِي قوله: ﴿لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ وَتَقُولُ: هُوَ الشَّيْءُ يَحْلِفُ عَلَيْهِ أَحَدُكُمْ، لَا يُرِيدُ مِنْهُ إِلَّا الصِّدْقَ، فَيَكُونُ عَلَى غَيْرِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ
🔹القول الثالث
الأيمان التى يحلف بها صاحبها في حال الغضب على غير عقد قلب ولا عزم ولكن وصلة للكلام
هذا القول مروي عن ابن عباس : ان تحلف وأنت غضبان ، قال به طاووس وحجة من قال به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. : " لا يمين في غضب "
🔹القول الرابع
هو الحلف على فعل مانهى الله عنه وترك ما أمر بفعله
قال سعيد بن جبير :هو الذي يحلف على المعصية فلا يؤخذه الله بإلغائها ( زاد ويكفر عن يمينه )
قال سعيد بن المسيب وعروة ومسروق ، لايمين في معصية ولا كفارة عليها
قال الشعبي : كفارته أن يتوب منها ، وحجة من قال بهذا القول ، حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من نذر فيما لا يملك فلا نذر له , ومن حلف على معصية لله فلا يمين له , ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين لا " .
🔹القول الخامس
ما كان في الهزل والمراء والخصومة والحديث الذي لا يعتمد عليه القلب
وهذا قول ثان للسيدة عائشة في معنى - يمين اللغو - رواه الطبري في تفسيره بسنده من طريق ابن شهاب عن عروة عن عائشة , قالت : أيمان اللغو ما كان في الهزل والمراء والخصومة والحديث الذي لا يعتمد عليه القلب .
🔹القول السادس
ما كان من يمين بمعنى دعاء الحالف على نفسه إن لم يفعل كذا فعليه كذا أو بمعنى الكفر والشرك
قال زيد بن أسلم : مثل قول الرجل اعمى الله بصري ، أو أخرجني من مالي ، أو هو كافر او مشرك إن لم آتيك غدا .
🔹القول السابع
هو قول من قال ان اللغو في اليمين ما كان فيه كفارة - وهذا قول يخالف الأقوال السابقة كما ترى إلا قول سعيد بن جبير فيمن. ترك المعصية بعد الحلف. على أتيانها
روي هذا القول عن ابن عباس والضحاك ، قال ابن عباس : هو حلف الرجل على المضرة أن يأتيها ، فلا يأتيها ويكفر عنها
🔹القول الثامن
هو ما حنث فيه الحالف ناسيا
قال به إبراهيم النخعي ، قال : هو الرجل يحلف على الشيء ثم ينساه


🔷 التوجيه والترجيح
حرّر ابن جرير الطبري في تفسيره بعد سرده للأقوال في المراد بلغو اليمين ، أن كل الأقوال السالفة الذكر داخلة في معنى هجر القول وذميمه وماهو في معنى سبق الكلام من غير تعمد قلب وقصده وأن أيمانهم لا تستلزم كفارة في الدنيا ، ولا معاقبة في الأخرى لأن لفظ * المؤاخذة * ونفيها إلا مع مع اكتسبت القلوب من قصد وعمد ، واضح ، صريح في عدم الحرج والتأثم ، وهذا يرد قول سعيد بن جبير الذي يوجب الكفارة مع عده أن تلك الحالة من لغو اليمين ثم هو يرى الكفارة ، لان هذا يجعل الحالف مؤاخذ بما حلف ، مع عدم العمد والقصد ، والآيةجعلت المؤاخذة للقاصد بقلبه في يمنيه ( اليمين المنعقدة ) ، بأداء الكفارة في الدنيا فهي حسبه من العقوبة والمؤخذاة أو بعقوبة الآخرة إن هو لم يٌكفر عن حنثه
قال ابن عطية ، جاء اللفظ مطلقا في اللغو ، فرفع المؤاخذة بنوعيها في الدنيا والآخرة وهذا معناه ، أنه الأمر لا إثم فيه ولا كفارة
إذن كل الأقوال السابقة داخلة في *معنى *لغو اليمين * ولا تضاد بينها. ، فيكون قول ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها من القول. بالنوع او بالمثال .




▪ 2: قول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قول الله تعالى: {ومهيمنا عليه} قال: (مؤتمناً عليه).


🔷 التخريج
🔸القول الأول : ( القرآن مؤتمن )
مؤتمنا عليه - امين عليه - القرآن أمين على كل كتاب قبله - يحكم على ما كان قبله من الكتب
وأخرجه ابن حاتم في تفسيره وَعَبَد بن حميد وسعيد بن منصور في تفسيره وسفيان الثوري في تفسيره والبيهقي في الأسماء والصفات والطبري في تفسيره. بأسانيد عديدة كلها : من طريق أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس
وأخرجه الطبري في تفسيره والبيهقي في الأسماء والصفات وابن أبي حاتم : من طريق ، معاوية بن صالح عن على بن أبي طلحة عنه
وأخرجه الطبري : ومن طريق ، سفيان وإسرائيل عن أبي إسحاق عنه
ورواه ابن وهب في الجامع : من طريق محمد بن طلحة عن التميمي عنه


روى عبد بن حميد من طريق أربدة. التميمي عن ابن عباس. بمثله ، ذكره في فتح الباري
وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن مردويه وأبو الشيخ ، عن ابن عباس : مهيمنا عليه ، قال : مؤتمنا عليه ، ذكره عنهم السيوطي في الدر المنثور


🔶 تحرير المسألة والتوجيه


القول الأول :
في سبيل الخلاء والبول ، عبرة لكم من أنفسكم ، دالة على بارئكم وخالقكم ( سبحانه ) وهذا قول عبد الله بن الزبير محل ال تخريج والدراسة ، وقال به أيضا والبخاري في صحيحه وذكره السيوطي في الدر المنثور عن على رضي الله عنه والسدي
القول الثاني :
هذه التسوية في أحسن تقويم ، لتقوم كل جارحة منكم بعبادة ربها خضوعا وشكرا ، قاله قتادة
،القول الثالث
خلقكم من تراب وجعل لكم ربكم من أسماع وأبصارهم وأفئدة { ثم أنتم بشر تنتشرون} قاله ابن زيد
القول الرابع
. قول شامل : في أنفسكم ، في نشأتكم من تراب ومن نطفة و وما رُكب فيكم من حواس وجوارح وأكلكم. ومشربكم وما يتمخض عنه من بول وخلاء من مخارج فيكم ، وما يتغشاكم من هرم وشيخوخة بعد فتوة وريعان شباب ، ثم موت فقبور. ونشور ، كما قال مقاتل : اعتبروا بخلقه لكم على بعثه لكم بعد الممات فهو القادر الخالق .
🔸فاعتبروا بكل آيات الله فيكم الظاهرة والباطنة وتقلبكم طورا بعد طور . فاعبدوا هذا الرب الذي خلق فسوى وقدّر فهدى فلا يخلق غيره ولا رب سواه ، فوحدوه مخلصين له الدين .
🔸فيكون قول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ، من التفسير بالمثال ، وهذا التفسير موجود ومعهود في كلام السلف الكرام .


4: قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).


🔷 التخريج
رواه الحاكم في مستدركه وصححه والمروزي في السنة من طريق : عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر .
وأخرج وكيع وَعَبَد بن حميد وابن المنذر والمحاملي في أماليه عن جابر بن عبد الله في قوله
{ اهدنا الصراط المستقيم } قال : هو الإسلام وهو أوسع مما بين السموات والأرض - ذكره السيوطي في الدر المنثور .
🔷التوجيه
قيل في المراد بالصراط المستقيم. ، أقوال منها :
🔹ألأسلام : وهو قول جابر بن عبد الله كما في هذا الأثر وابن عباس وابن مسعود وَعَبَد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وابن الحنفية الذي زاد فيه بقوله ، الذي لا يقبل الله من العباد غيره
🔹القرآن : روي عن على بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا وموقوفا عليه وعن عبد الله بن مسعود
🔹 الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبوبكر وعمر رضي الله عنهما ، عن الحسن وأبو العالية
🔹 الحق : وهو قول مجاهد وهو أشمل ،كما عبر ابن كثير ، لأن الإسلام حق والقرآن حق والنبي عليه الصلاة والسلام حق وهدي أبو بكر وعمر حق
القول الأول : الإسلام وهو قول عبد الله بن جابر ، الذي عبر عنه بأنه أوسع ما بين السموات والأرض ، لأنه انتظم الدين كله وأحكام الشريعة والآداب. والعقائد والمعاملات ،. والخاتمة عليه إما إلى نعيم أو جحيم
ولهذا القول شاهد من السنة من حديث النواس بن سمعان :
، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا وَعَلَى جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا وَلَا تَتَفَرَّجُوا وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ قَالَ وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ وَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدَّاعِي فَوْقَ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ‏.‏ راوه أحمد والنسائي والترمذي
لو عدنا إلى معنى الصراط المستقيم لوجدنا أنه الطريق الواضح الذي لا أعوجاج فيه ولا انحراف ، ولوتتبعنا هذا المعنى سنجد أن الأقوال كلها في مقصوده وغايته ، وهي متلازمة ، فمن كان على هدى القرآن ، أطاع النبي صلى الله عليه وسلم وسار على هدى الصحابة ونهجهم ، فاتبع الإسلام فكان على الحق الذي يسع الدنيا والآخرة .




▪5: قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).


🔷 التخريج
رواية الحديث مرفوعاً
أخرج الترمذي في سَنَنه وآدم بن إياس في تفسيره وأبو يعلى في مسنده وابن حبان في سننه وابن جرير الطبري في تفسيره ووابن المقريء في معجمه والحاكم في مستدركه والنسائي في السنن الكبرى - كلهم من طريق حمّاد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك :
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقِنَاعِ جَزْءٍ فقَالَ: {مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} فقَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [ابراهيم:26] قال هي الحنظلة"
🔹إلا أن الحاكم والنسائي لم يرويا إلا الشق الأول من الحديث :
، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِنَاعٍ مِنْ بُسْرٍ، «فَقَرَأَ» مَثَلُ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ " قَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ»


رواية الحديث موقوفاً
-رواه الطبري في تفسيره والترمذي في سَنَنه والرامهرمزي في أمثال الحديث ، من طريق حمّاد بن زيد عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك
- وأخرجه الطبري في تفسيره بزيادة : حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا مهديّ بن ميمونٍ، عن شعيبٍ قال: قال أنسٌ: {ومثل كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ} الآية، قال: " تلكم الحنظل، ألم تروا إلى الرّياح كيف تصفّقها يمينًا وشمالاً؟ "


- وراوه الترمذي من طريق أبوبكر بن بن شعيب عن أبيه عن أنس
- والبزّار في مسنده وفي مسند ابي الجعد والطبري بأسانيده ، كلهم من طريق : شعبة عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك .
- وأخرجه ابن مردويه من طريق حيّان بن شعبة عن أنس - ذكره السيوطي في الدر المنثور .


🔶 تحرير القول في المسألة
معنى خبيث : رديء - مكروه - كل شيء فاسد وباطل
- المراد بالشجرة الخبيثة :
🔸القول الأول
الحنظل وهو قول أكثرهم : قاله أنس بن مالك مرفوعا وموقوفا. ، ومجاهد وأبو العالية ورواه عن أنس عدد من الرواة
🔸القول الثاني
مثال ضربه الله لشجرة لا وجود لها على الأرض ، وهو قول ابن عباس
🔸القول الثالث
الكافر : قول الربيع بن أنس ،قال: هو الكافر لا عمل له فى الأرض ولا ذكر له في السماء ،
قاله أيضا عطية العوفي وهو قول ثان يُروى عن ابن عباس والضحاك
وقيل هي كلمة الكفر - ذكره القرطبي
🔸القول الرابع
شجرة الثوم يُروى هذا عن ابن عباس
🔸القول الخامس
قيل هي الكمأة أو الطحلبة أو الكشوت - ذكره القرطبي في تفسيره
🔸القول السادس
كل شجر لا يطيب له ثمر - ذكره الزّجّاج


🔶 التوجيه والترجيح
قول أنس رضي الله عنه ، أن الشجرة هي الحنظل ، يناسب وصفها بأنها شجرة خبيثة ، فالحاصل أن الحنضل
ليس فيه ثمر وليس له بركة ولا منفعة ثم هو مر حتى يضرب المثل بطعمه ، وهو زاحف لا جذور له ولا ساق ، كما وصفه أنس بن مالك في رواية أخرى بزيادة : ألم تروا إلى الرياح كيف تصفقها يميناً وشمالا ، لدلالة أنها لا ثبات لها ، مجتثة ، لا فروع لها ولا ساق ولا أوراق. ترفرف عالية ، بل هي منحطة لاصقة بالأرض ، لا جمال ولا ثمار ، كما كفر الكافر ، مقطوع. منبوذ خلاف الفطرة السوية ، مغطى بكفره مندسة به نفسه ، بلا ارتقاء وسمو يليق بأهل الإيمان ، فالمؤمن ضارب الجدور ، أصيل عريق بتوحيده ، تثبته كلمة التوحيد. ، قوة في الجدر وعلو نحو السماء. ،موصول بها ، كالنخلة المعطاءة تؤتى ثمارها. لا تظلم منه شيئا ، خضراء دائمة ، بهية. ، سامقة نافعة ينتفع بكل عضو فيها. ، فهي زاد وغداء. وبهاء ، كما جاء في الحديث الذي رواه أنس بن مالك والنسائي والحاكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم * أنها النخلة * كمثل للمؤمن
لهذا جاء التشبيه بأنها شجرة الثوم وشجرة الكشوت ، وأنها شجرة للتمثيل والتشبيه ، ليذهب الخيال في تصور قبحها و خبثها وانقطاعها عن كل مذهب ، فالكافر صفر اليدين لا عمل له في الأرض يشهد له. ولا ذكر يرقى في السماء ، يبقى له
هل هذا مثال للتشبيه لا يخص شجرة بعينها ؟
ابن عطية يرى هذا ، ويقول ان كل شجرة حملت هذه الأوصاف هي مثال لهذه الشجرة الخبيثة ، في حين أن ابن جرير الطبري يرى أن قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث أنها الحنضل ، لو صحّ فلا يجوز أن يقال غيره
وإلا ، فالمثال. يقع ويتحقق على كل شجرة تحمل وصفها ونعتها ، فيكون قول أنس رضي الله عنه. ، هو من اختلاف التنوع في التفسير ولا تضاد بين الأقوال كلها . وهو من التفسير بالمثال .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 رجب 1443هـ/15-02-2022م, 01:37 AM
سعاد مختار سعاد مختار غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 307
افتراضي

▪️ 3: قول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في تفسير قول الله {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} قال: «سبيل الخلاء والبول»

🔶التخريج
رواه عبد الرزاق في تفسيره والطبري في تفسيره ، والبيهقي في شعب الإيمان ، كلهم من طريق : ابن جريج عن ابن المرتفع عن عبد الله بن الزبير .
وأخرجه البيهقي في كتاب الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد ، من طريق : ابن جريج عن محمد بن المنكدر عنه .
روى الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن الزبير في قوله {وفي أنفسكم أفلا تبصرون }
قال : سبيل الغائط والبول - ذكره السيوطي في الدر المنثور .

🔶 تحرير المسألة والتوجيه

القول الأول :
في سبيل الخلاء والبول ، عبرة لكم من أنفسكم ، دالة على بارئكم وخالقكم ( سبحانه ) وهذا قول عبد الله بن الزبير محل ال تخريج والدراسة ، وقال به أيضا والبخاري في صحيحه وذكره السيوطي في الدر المنثور عن على رضي الله عنه والسدي
القول الثاني :
هذه التسوية في أحسن تقويم ، لتقوم كل جارحة منكم بعبادة ربها خضوعا وشكرا ، قاله قتادة
،القول الثالث
خلقكم من تراب وجعل لكم ربكم من أسماع وأبصارهم وأفئدة { ثم أنتم بشر تنتشرون} قاله ابن زيد
القول الرابع
. قول شامل : في أنفسكم ، في نشأتكم من تراب ومن نطفة و وما رُكب فيكم من حواس وجوارح وأكلكم. ومشربكم وما يتمخض عنه من بول وخلاء من مخارج فيكم ، وما يتغشاكم من هرم وشيخوخة بعد فتوة وريعان شباب ، ثم موت فقبور. ونشور ، كما قال مقاتل : اعتبروا بخلقه لكم على بعثه لكم بعد الممات فهو القادر الخالق .
🔸فاعتبروا بكل آيات الله فيكم الظاهرة والباطنة وتقلبكم طورا بعد طور . فاعبدوا هذا الرب الذي خلق فسوى وقدّر فهدى فلا يخلق غيره ولا رب سواه ، فوحدوه مخلصين له الدين .
🔸فيكون قول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ، من التفسير بالمثال ، وهذا التفسير موجود ومعهود في كلام السلف الكرام .

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 رجب 1443هـ/15-02-2022م, 01:41 AM
سعاد مختار سعاد مختار غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 307
افتراضي

الفضلاء* في التصحيح
ألحقت المسالة الثالثة ، الآن ، سقطت مني سهوا فلم أضع نسخها مع بقية المسأئل

اطلعت على التطبيق ، فلاحظت هذا الآن
أ ابين عذري ، وأكرر اعتذاري
وجزاكم الله تعالى عنا دوما خيرا

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 رجب 1443هـ/17-02-2022م, 06:27 PM
فروخ الأكبروف فروخ الأكبروف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 302
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله.

1: قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس).

- أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ومصنفه والطبري وابن أبي حاتم من طريق الزهري، وابن أبي جاتم من طريق أبي الأسود، كلهم عن عروة عن عائشة.
بلفظ: (هم القوم يتدارؤن في الأمر يقول هذا: لا والله، وبلى والله، وكلا والله يتدارؤن في الأمر لا يعقد عليه قلوبهم) في رواية عبد الرزاق، وبلفظ: (إنما اللغو في المزاحة والهزل، وهو قول الرجل، لا والله، وبلى والله، فذلك لا كفارة فيه، إنما الكفارة فيما عقد عليه قلبه أن يفعله ثم لا يفعله) فيما رواه ابن أبي حاتم من طريق أبي الأسود، و(هو الشيء يحلف عليه أحدكم، لا يريد منه إلا الصدق، فيكون على غير ما حلف عليه) فيما رواه من طريق الزهري.
- وأخرجه مالك في الموطأ، وسعيد بن منصور في سننه من طريق إسماعيل بن زكريا، والبخاري من طريق مالك بن سعير ويحيى القطان، والنسائي في السنن الكبرى من طريق يحيى القطان، وابن الجارود في المنتقى من طريق عيسى بن يونس، والطبري من طريق ابن إسحاق ووكيع وعبدة وأبي معاوية وجرير، وابن أبي حاتم من طريق عبدة بن سليمان كلهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها.
ولفظ (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس) لفظ الطبري فيما رواه من طريق ابن إسحاق. وفي بعضها من دون هذه الزيادة، وهي: (ما يتراجع به الناس)
وفي لفظ البخاري والنسائي وابن الجارود: "أنزلت في قول الرجل: لا والله وبلى والله".
- وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده من طريق إبراهيم النخعي عن الأسود، عن عائشة، ولفظه: (لا والله، وبلى والله، في المرى والغضب).
- أخرجه والطبري من طريق الزهري عن القاسم، عن عائشة.
- وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه والطبري من طريق ابن جريج، وسعيد بن منصور والطبري من طريق عبد الملك، والطبري من طريق ابن أبي نجيح، وابن أبي ليلى، ومالك بن مغول، وعمرو، وأشعث، كلهم عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة رضي الله عنها بألفاظ مختلفة.

وهذا القول هو اختيار الفراء، وأبي عبيدة، والنحاس، وابن حزم، والسمعاني، وابن الجوزي، والشوكاني.
قال الفراء: "وكان القول الأول- وهو قول عَائِشَةَ: إن اللغو ما يجرى فِي الكلام على غير عقد- أشبه بكلام العرب".
وقال النحاس: "وأولى هذه الأقوال قول عائشة..."
وقال ابن حزم في المحلى: "أما قول المرء: لا والله، وأي والله بغير نية، فأمره ظاهر لا إشكال فيه؛ لأنه نص القرآن، كما قالت أم المؤمنين - رضي الله عنها".
قال السمعاني: "والأصح: ما قالت عائشة... لأن الله تعالى يقول: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} وكسب القلب: هو القصد بالقلب إلى اليمين؛ فدل أن يمين اللغو: ما لم يقصد بالقلب".
وقال ابن الجوزي في زاد المسير: "وقول عائشة أصح الجميع".
قال الشوكاني: "والراجح القول الأول لمطابقته للمعنى اللغوي..."، يعني: قول عائشة رضي الله عنها.
ونسبه ابن عبد البر في التمهيد إلى الأكثر، فقال: "والذي عليه أكثر العلماء ما ذكر آخرا وهو قول عائشة..."
وقد نقل القرطبي قول المروزي قال: "لغو اليمين التي اتفق العلماء على أنها لغو هو قول الرجل: "لا والله، وبلى والله"، في حديثه وكلامه غير معتقد لليمين ولا مريدها".
ونقل ابن الملقن في التوضيح قول القاضي إسماعيل: "وأعلى الرواية في ذلك وأمثلها في تأويل الآية إنما جاء على قول الرجل: لا والله، وبلى والله، وهو لا يريد اليمين، فلم يكن عليه يمين؛ لأنه لم ينوها، وقال - عليه السلام -: "إنما الأعمال بالنيات"".
وبهذا يتبين أن اختيار هذا القول مبني على موافقته للغة العرب.
وبين ابن عطية الطريق في المعاملة مع هذا فقال: "وطريقة النظر أن يتأمل لفظة اللغو ولفظة الكسب، ويحكم موقعهما في اللغة..."
فقال ابن فارس في "مقاييس اللغة": (لغو) اللام والغين والحرف المعتل: أصلان صحيحان،
أحدهما: يدل على الشيء لا يعتد به، والآخر على اللهج بالشيء. فالأول اللغو: ما لا يعتد به من أولاد الإبل في الدية. قال العبدي:
أو مائة تجعل أولادها لغوا ... وعرض المائة الجلمد
يقال منه: لغا يلغو لغوا. وذلك في لغو الأيمان. واللغا هو اللغو بعينه. قال الله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} [البقرة: 225]، أي: ما لم تعقدوه بقلوبكم. والفقهاء يقولون: هو قول الرجل لا والله، وبلى والله. وقوم يقولون: هو قول الرجل لسواد مقبلا: والله إن هذا فلان، يظنه إياه، ثم لا يكون كما ظن. قالوا: فيمينه لغو، لأنه لم يتعمد الكذب.
والثاني قولهم: لغي بالأمر، إذا لهج به. ويقال: إن اشتقاق اللغة منه، أي يلهج صاحبها بها. ه
ومنه قول الفرزدق:

ولست بمأخوذ بلغو تقوله ... إذا لم تعمد عاقدات العزائم
وقال الطبري في معنى هذا القول: "معناه: لا يؤاخذكم الله بما سبقتكم به ألسنتكم من الأيمان على عجلة وسرعة، فيوجب عليكم به كفارة إذا لم تقصدوا الحلف واليمين. وذلك كقول القائل:"فعلت هذا والله، أو: أفعله والله، أو: لا أفعله والله"، على سبوق المتكلم بذلك لسانُه، بما وصل به كلامه من اليمين".
هذا من جهة اللغة.
أما من جهة السياق، فقد قال قال ابن الجوزي: "واستدل أرباب هذا القول بقوله تعالى: {ولكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}.
وقال ابن عطية: "...فكسب المرء ما قصده ونواه، واللغو ما لم يتعمده أو ما حقه لهجنته أن يسقط، فيقوى على هذه الطريقة بعض الأقوال المتقدمة ويضعف بعضها، وقد رفع الله عز وجل المؤاخذة بالإطلاق في اللغو، فحقيقته ما لا إثم فيه ولا كفارة، والمؤاخذة في الأيمان هي بعقوبة الآخرة في الغموس المصبورة، وفيما ترك تكفيره مما فيه كفارة، وبعقوبة الدنيا في إلزام الكفارة، فيضعف القول بأنها اليمين المكفرة، لأن المؤاخذة قد وقعت فيها، وتخصيص المؤاخذة بأنها في الآخرة فقط تحكم".
قال ابن كثير: وقوله: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} أي: لا يعاقبكم ولا يلزمكم بما صدر منكم من الأيمان اللاغية، وهي التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه عادة من غير تعقيد ولا تأكيد، كما ثبت في الصحيحين من حديث الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله" فهذا قاله لقوم حديثي عهد بجاهلية، قد أسلموا وألسنتهم قد ألفت ما كانت عليه من الحلف باللات من غير قصد، فأمروا أن يتلفظوا بكلمة الإخلاص، كما تلفظوا بتلك الكلمة من غير قصد، لتكون هذه بهذه؛ ولهذا قال تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم} كما قال في الآية الأخرى في المائدة: {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان} [المائدة:89] .
قال ابن كثير: "وقوله: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: هو أن يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب. قال مجاهد وغيره: وهي كقوله: {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان} الآية [المائدة:89]".
بل يمكننا القول: إن قول عائشة هذا في حكم المرفوع، وذلك لما جاء فيما رواه البخاري والنسائي وابن الجارود: "أنزلت في قول الرجل: لا والله وبلى والله".
وهذه الصيغة- أنزلت في كذا- جعلها البخاري في التفسير المسند، كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في المقدمة.
ويقوي هذا ما رواه أبو داود في سننه والطبري وابن حبان في صحيحه عن حسان بن إبراهيم، عن إبراهيم الصائغ قال: سألت عطاء عن اللغو في اليمين، فقال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هو كلام الرجل: كلا والله، وبلى والله».
فرواه أبو داود وابن حبان من طريق حميد بن مسعدة، والطبربي من طريق محمد بن موسى الحرسي، غير أن أشار ابن داود إلى أنه اختلف على عطاء وعلى إبراهيم في رفعه ووقفه فقال: "روى هذا الحديث داود بن أبي الفرات، عن إبراهيم الصائغ، موقوفا على عائشة، وكذلك رواه الزهري، وعبد الملك بن أبي سليمان، ومالك بن مغول، وكلهم عن عطاء، عن عائشة موقوفا".
قال الدارقطني في "العلل الواردة في الأحاديث النبوية": "والصحيح في جميعه الموقوف".
وعلى كل فالقول مبني على موافقته للغة، ودلالة السياق، وهو في حكم المرفوع عند من جعل قول الصحابي في سبب النزول مسندا.
أما ما يترتب على ذلك من أحكام فيستدل بهذا القول عدم وجوب الكفارة على من حلف بدون قصد. وذلك أن الأيمان تنقسم إلى ما يتعلق به مؤاخذة، وإلى ما لا يتعلق به مؤاخذة في معنى الكفارة. ذكره الكيا الهراسي في الأحكام فقال: "وهذا مذهب الشافعي في الأيمان المستقبلة. وأبو حنيفة يرى تعليق الكفارة بالأيمان المستقبلة كلها، فمعنى قوله تعالى: {لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ}، يعني المؤاخذة في الأيمان على ما مضى. وإثبات المؤاخذة في الأيمان المستقبلة، غير أن الله تعالى قال في موضع آخر: {لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}، فأثبت المؤاخذة بما كسبت قلوبنا، وجعل اللغو يقتضي أن المكتسب بالقلب هو الذي يجرد القصد إليه، والماضي العمومي لا كفارة فيه عندهم، فاليمين عندهم منقسمة إلى الماضي والمستقبل، والمؤاخذة من حيث الاسم ثابتة في الماضي والمستقبل في بعض المواقع، فعلى هذا يقولون: اللغو المذكور في هذه الصورة، أن يحلف على الماضي وهو غير المعقود عليه، ونقيضه المعقود عليه، وهو ما يعزم على فعله، وإنما يعرف عزمه بقوله: لأفعلن ولا أفعل، وفي الماضي لا يتصور عقد العزم على شيء.
واللغو المذكور في سورة البقرة، أن يحلف على الماضي ظانا أنه كذلك، ثم يتبين غلطه، فهذا لا إثم عليه فيه. وضده أن يحلف عامدا، فهو غموس تتعلق المؤاخذة به في الآخرة، فهذا معنى هذه الآية عندهم.
وقال بعض أهل العلم: اللغو أن يحلف على معصية أن يفعلها، فينبغي له ألا يفعلها ولا كفارة فيه، وروي فيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليتركها فإن تركها كفارتها.
ولا شك أن الذي رآه الشافعي أولى، فإن الله تعالى ذكر اللغو في معرض إبراز العذر له، وجعل الكفارة في المعقود، والعقد ربط القلب بشيء وتجديد القصد إليه، فإذا كان كذلك، فينبغي أن يكون من يسقط الكفارة عنه، إنما يسقط تسبب نسيه أن يكون عذرا، تسقط به المؤاخذة في الدنيا والآخرة جميعا، وفي الغموس لا عذر لصاحبه، وإن سقطت الكفارة، فليس لأن الغموس تقتضي التخفيف وترك المؤاخذة، بل تقتضي ضد ذلك".

2: قول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قول الله تعالى: {ومهيمنا عليه} قال: (مؤتمناً عليه).
أخرجه عبد الله بن وهب بن مسلم المصري عن محمد بن طلحة، عن رجل مِنْ بني تميم عن ابن عباس.
وأخرجه سعيد بن منسور من طريق معاوية، وابن جرير الطبري من طريق سفيان الثوري وأبي الأحوص وإسرائيل وعنبسة ومطرف وقيس بن الربيع وزهير وشريك، جميعهم عن أبي إسحاق، عن التميمي، وبعضهم قال: عن رجل من تميم، به مثله.
وأخرجه ابن أبي حاتم وزاد: "واسمه أربد" من طريق سفيان، والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق سفيان وإسماعيل، كلهم عن أبي إسحاق، عن التميمي عن ابن عباس.
وقد بين ابن أبي حاتم من هو التميمي فقال: واسمه أربد.
قال يحيى بن معين في التاريخ: "اسم التميمي أربدة كذا قال إسرائيل". ه
وقال العجلي في تاريخ الثقات: " أربدة التميمي: كوفي تابعي، ثقة". ه
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: "أربدة التميمي، ومنهم من يقول: أربد، بلا هاء، روى عن ابن عباس، روى عنه أبو إسحاق السبيعي، سمعت أبي يقول ذلك".
وذكر ابن حبان في الثقات قال: "أربدة التميمي يروي عن بن عباس، أصله من البصرة من بنى تَمِيم، كان يجالس البَراء روى عنه أبو إسحاق السبيعِي".
وقال المزي في تهذيب الكمال: أربدة، ويُقال: أربد: التميمي البَصْرِيّ، صاحب"التفسير"، كان يجالس ابن عباس. رَوَى عَن: عَبد الله بْن عباس (د) .
رَوَى عَنه: أبو إسحاق السبيعي (د)، ولم يرو عنه غيره".

وهذا القول مبني على أن أصل (مهيمن) هو (مُؤَيْمِنٌ)، من (آمن)، وإنما قلبت الهمزة هاء لقرب مخرجهما.
قال الواحدي في البسيط: "وذلك أن (آمن يؤمن) كان في الأصل: (آمن مؤيمن)، وكذلك يفعل في الأصل: يوفعل، فاستثقلوا هذه الهمزة وحذفوها، كما حذفوا الهمزة الأصلية من: أرى ويرى، فأما المهيمن فإنهم ردوا الهمزة إلى الكلمة، ثم قلبت هاء؛ لأن الهاء أخف من الهمزة؛ لأن للهمزة ضغطة في الحلق ليست للهاء.
فالمهيمن على هذا التأويل بمعنى: المؤمن، وهو المصدق، وهو الأمين، كما قال المفسرون". ه
يعني: هذا تفسير لفظي، وهو مما تعلمه العرب من لغتها على تقسيم ابن عباس -رضي الله عنهما- للتفسير.
فقلب الهمزة هاء من كلام العرب الفصيح.
قال الأخفش في معاني القرآن: "ومن العرب من يقول: "هِيّاك" بالهاء ويجعل الالف من "إيّاك" هاء فيقول "هِيّاك نعبد" كما تقول: "إيهِ" و "هِيهِ" وكما تقول: "هَرَقت" و "أَرَقْتُ". ه
ويؤيد هذا ما قال مكي بن أبي طالب في "الإبانة عن معاني القراءات": قرأ ابن السوار الغنوي: "هياك نعبد وهياك نستعين" بالهاء في موضع الهمزة، وهي لغة قليلة، أكثر ما تقع في الشعر". وذكرها أيضا ابن عطية وقال: "وهي لغة".
ولعل هذا سبب لترجيح بعض العلماء لهذا القول.
كما رجحه ابن قتيبة في غريب القرآن وقال: "...وهذا أعجب إلي...لأن أهل النظر- من أصحاب اللغة- يرون: أن «مهيمنا» اسم مبنى من «آمن» ، كما بني «بطير» ومبيطر و «بيطار» من «بطر» قال الطِّرِمَّاحُ:
كَبَزْغِ الْبَطِيرِ الثَّقْفِ رَهْصَ الْكَوَادِنِ
وقال النابغة:
شَكَّ المُبَيْطِرِ إِذْ يَشْفِي مِنَ الْعَضَدِ
وكأن الأصل، "مُؤَيْمِنٌ"؛ ثم قُلبت الهمزة هاء: لقُرب مَخرجهما؛ كما تُقلب في "أَرَقتُ الماء"، فيقالُ: هَرَقت الماء. وقالوا: ماءٌ مُهَرَاق؛ والأصل: ماءٌ مُراق. وقالوا: "إبْرِيَةٌ وهِبْرِيَةٌ، وأَيْهاتَ وهَيْهَاتَ، وإيَّاكَ وهِيَّاكَ". فأبدلوا من الهمزة هاءَ. وأنشد الأخْفَش:
فَهِيَّاكَ وَالأمْرَ الَّذِي إِنْ تَوَسَّعَتْ ... مَوَارِدُهُ ضَاقَتْ عَلَيْكَ مَصَادِرُهْ ه
واستحسنه الزجاج في تفسيره قائلا: "وقال بعضهم: مُهيمِن في معنى (مؤتمن) إلا أن الهاءَ بدل من الهمزة، والأصْلُ (مؤتمناً عليه)، كما قالوا: هَرَقْتُ الماءَ، وأرقت الماءَ، وكما قالوا: إِياك وهياك، وهذا قول أبي العباس محمد بن يزيد، وهو على مذهب العربية حَسَن ومُوافِق لِبعْضِ ما جاءَ في التفسير، لأن معناه مؤتمن". ه
وصححه الأزهري في "تهذيب اللغة" ونقل قول المبرد في هذا قال: "وقال المبرد: "مهيمن معناه مؤيمن، إلا أن الهاء مبدلة من الهمزة، والأصل مؤيمنا عليه، كما قالوا: هياك وإياك، وهرقت الماء، وأصله أرقت".
قلت: وهذا على قياس العربية صحيح إن شاء الله تعالى مع ما جاء في التفسير أنه بمعنى الأمين. وقيل: بمعنى مؤتمن". ه
واعترض على هذا القول السمين الحلبي في الدر المصون وبين ضعفه من عدة أوجه:
الأول: أن فيه تكلفا لا حاجة إليه.
الثاني: "أنَّ له أبنيةً يمكنُ إلحاقه بها كمُبَيْطِر وإخوانِه". يعني: هو مما يلحق بالرباعي المجرد.
الثالث: أنه ضعيف؛ لأن قائدة الهمزة في «مُأَأْمِن» اسمَ فاعل الحذف، "فلا يُدَّعى فيها أُثْبِتَتْ ثم أُبْدِلَت هاءً".
وقال ابن عطية: "...فحكى النقاش أن ذلك بلغ ثعلبا فقال: "إن ما قال ابن قتيبة رديء، وقال هذا باطل، والوثوب على القرآن شديد وهو ما سمع الحديث من قوي ولا ضعيف وإنما جمع الكتب". ه
وهذا رجحه الطاهر بن عاشور قال: "و(المهيمن) الأظهر أن هاءه أصلية وأن فعله بوزن فيعل كسيطر، ولكن لم يسمع له فعل مجرد، فلم يسمع (همن)". ه
ويمكن الرد على هذا بما قال ابن فارس في مقاييس اللغة: (همن) الهاء والميم والنون ليس بشيء. فأما المهيمن، وهو الشاهد فليس من هذا، إنما هو من باب أمن، والهاء مبدلة من همزة. ه
وبما قال الأزهري في "تهذيب اللغة" بعد ما نقل قول المبرد: "قلت: وهذا على قياس العربية صحيح إن شاء الله تعالى مع ما جاء في التفسير أنه بمعنى الأمين. وقيل: بمعنى مؤتمن". ه
ومثله قال أبو البقاء العكبري في التبيان: "وأصل مهيمن مؤيمن؛ لأنه مشتق من الأمانة؛ لأن المهيمن الشاهد، وليس في الكلام (همن) حتى تكون الهاء أصلا". ه
وعلى كل فلا يتغير المعنى، قال الطبري: وأصل"الهيمنة"، الحفظ والارتقاب. يقال، إذا رَقَب الرجل الشيء وحفظه وشَهِده: "قد هيمن فلان عليه، فهو يُهَيمن هيمنة، وهو عليه مهيمن". وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، إلا أنهم اختلفت عباراتهم عنه".
قال النحاس في معاني القرآن: "وقوله جل وعز {ومهيمنا عليه} قال ابن عباس: أي: مؤتمنا عليه، وقال سعيد بن جبير: القرآن مؤتمن على ما قبله من الكتب، وقال قتادة: أي شاهد. وقال أبو العباس محمد بن يزيد: الاصل مؤيمن عليه، أي: أمين، فأبدل من الهمزة هاء، كما يقال: هرمت الماء وأرمت الماء، وقال أبو عبيد: يقال هيمن على الشئ يهيمن إذا كان له حافظا. وهذه الاقوال كلها متقاربه المعاني؛ لانه إذا كان حافظا للشئ فهو مؤتمن عليه وشاهد". ه
قال السمعاني: "والمعاني متقاربة، ومعنى الكل أن كل كتاب يصدقه القرآن، ويشهد بصدقه، فهو كتاب الله، وما لا فلا". ه
بل هذا القول يشمل كل ما جاء عن السلف من الأقوال ويتضمنها.
قال ابن عطية: ولفظة (المهيمن أخص) من هذه الألفاظ، لأن المهيمن على الشيء هو المعنيّ بأمره، الشاهد على حقائقه، الحافظ لحاصله ولأن يدخل فيه ما ليس منه والله تبارك وتعالى هو المهيمن على مخلوقاته وعباده، والوصي مهيمن على محجوريه وأموالهم، والرئيس مهيمن على رعيته وأحوالهم، والقرآن جعله الله مهيمنا على الكتب يشهد بما فيها من الحقائق وعلى ما نسبه المحرفون إليها فيصحح الحقائق ويبطل التحريف، وهذا هو شاهد ومصدق ومؤتمن وأمين..." ه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (17/43): "فالسلف كلهم متفقون على أن القرآن هو المهيمن المؤتمن الشاهد على ما بين يديه من الكتب، ومعلوم أن المهيمن على الشيء أعلى منه مرتبة". ه
وقال ابن كثير بعد سرده للأقوال الواردة في معنى "المهيمن": "وهذه الأقوال كلها متقاربة المعنى، فإن اسم "المهيمن" يتضمن هذا كله، فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله، جعل الله هذا الكتاب العظيم، الذي أنزله آخر الكتب وخاتمها، أشملها وأعظمها وأحكمها حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره؛ فلهذا جعله شاهدا وأمينا وحاكما عليها كلها. وتكفل تعالى بحفظه بنفسه الكريمة، فقال تعالى:{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر:9]". ه

3: قول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في تفسير قول الله {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} قال: "سبيل الخلاء والبول"
أخرجه عبد الرزاق، والطبري من طريق أبي اسامة، والسفيان، والثعلبي من طريق سفيان، كلهم عن ابن جريج عن محمد بن المرتفع، عن عبد الله بن الزُّبير.
لا شك أن الله تعالى أنزل القرآن لبيان أهم الواجبات، وهو توحيده سبحانه. ومن طرق إثبات التوحيد النظر إلى خلق الله تعالى، وكثيرا ما يدعو الله تعالى عباده إلى النظر في آياته ومخلوقاته ونعمه الدالة على عظمته وقدرته وعلمه وحكمته ورحمته واستحقاقه العبادة دون من سواه والمفضية إلى اليقين. وهذه الآية من هذا القسم المذكور آنفا.
قال الطبري: "والصواب من القول في ذلك أن يقال: معنى ذلك: وفي أنفسكم أيضا أيها الناس آيات وعِبر تدلُّكم على وحدانية صانعكم، وأنه لا إله لكم سواه، إذ كان لا شيء يقدر على أن يخلق مثل خلقه إياكم {أَفَلا تُبْصِرُونَ} يقول: أفلا تنظرون في ذلك فتتفكروا فيه، فتعلموا حقيقة وحدانية خالقكم". ه
وقول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما من قبيل التفسير بالمثال؛ لأن أيات النفس وخلقة الإنسان والعبر أكثر من ذلك في الواقع. ولهذا كثرت اقوال السلف في ذلك، قال الماوردي في قوله تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أنه سبيل الغائط والبول، قاله ابن الزبير ومجاهد.
الثاني: تسوية مفاصل أيديكم وأرجلكم وجوارحكم دليل على أنكم خلقتم لعبادته، قاله قتادة.
الثالث: في خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون، قاله ابن زيد.
الرابع: في حياتكم وموتكم وفيما يدخل ويخرج من طعامكم، قاله السدي.
الخامس: في الكبر بعد الشباب، والضعف بعد القوة، والشيب بعد السواد، قاله الحسن.
وقد يفهم من قول بعض أهل العلم أنه حمل أقوال السلف الواردة في هذه الآية على إرادة التمثيل لا الحصر.
قال السمعاني: "والأولى أن يقال: هو سائر الآيات التي في النفس مما يدل على أن لها خالقا وصانعا". ه
وقال القرطبي بعد ذكر بعض الأقوال: "قلت: كل ما ذكر مراد في الاعتبار". ه
وقال الألوسي: "...وآيات الأنفس أكثر من أن تحصى، وقيل: أريد بذلك اختلاف الألسنة والصور والألوان والطبائع، ورواه عطاء عن ابن عباس، وقيل: سبيل الطعام وسبيل الشراب، والحق أن لا حصر". ه


4: قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).
أخرجه المروزي في السنة من طريق وكيع، والطبري من طريق علي، والحسن، ابنا صالح، جميعا عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله.
وأخرجه الحاكم من طريق أبي نعيم ويحيى بن فضيل، والثعلبي من طريق عقبة بن سليمان، كلهم عن الحسن بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
وفي تفسير الثعلبي: الحسين بن صالح.
وفي رواية الطبري والحاكم والثعلبي: "وهو أوسع ما بين السماء والأرض".
وقد حكى الطبري الإجماع في معنى الصراط المستقيم فقال: "أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعًا على أن "الصراط المستقيم"، هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه. وكذلك ذلك في لغة جميع العرب...ثم تستعيرُ العرب "الصراط" فتستعمله في كل قولٍ وعمل وُصِف باستقامة أو اعوجاج، فتصفُ المستقيمَ باستقامته، والمعوجَّ باعوجاجه".
واستشهد بقول جرير بن عطية الخَطَفي:
أميرُ المؤمنين عَلَى صِرَاطٍ ... إذا اعوَجَّ المَوَارِدُ مُسْتَقيمِ
وقال أيضا: والشواهد على ذلك أكثرُ من أن تُحصى
وبين الطبري وجه العلاقة بين معناه اللغوي والمراد به في الآية حيث قال: "...من وُفّق لما وفق له من أنعم الله عليه من النبيِّين والصديقين والشهداء، فقد وُفّق للإسلام، وتصديقِ الرسلِ، والتمسكِ بالكتاب، والعملِ بما أمر الله به، والانزجار عمّا زَجره عنه، واتّباع منهج النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومنهاج أبي بكر وعمر وعثمان وعلي. وكلِّ عبدٍ لله صالحٍ، وكل ذلك من الصراط المستقيم".
وهذا المعنى قال به النحاس أيضا: "والصراط في اللغة الطريق الواضح وكتاب الله بمنزلة الطريق الواضح وكذلك الإسلام".
وقال الثعلبي: "وإنما كان الصراط المستقيم الإسلام؛ لأن كل دين وطريق غير الإسلام فليس بمستقيم".
قال ابن عطية: وقال جابر: «هو الإسلام» يعني الحنيفية.
وهذا القول لا يخالف غيره مما قيل في المراد بالصراط المستقيم، كما ذكره غير واحد من المفسرين.
قال الطبري: "وقد اختلفتْ تراجمةُ القرآن في المعنيِّ بالصراط المستقيم يشمل معاني جميعهم في ذلك ما اخترنا من التأويل فيه".
وقال الراغب: "وهذا كله إشارة إلى شيء واحد وإن اختلفت العبارات".
وقال ابن كثير: "ثم اختلفت عبارات المفسرين من السلف والخلف في تفسير الصراط، وإن كان يرجع حاصلها إلى شيء واحد، وهو المتابعة لله وللرسول..."
وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية مبنى هذا القول وبأنه التنبيه على وصف، يعني: قيل: الإسلام، باعتبار ما اشتمل عليه المسمى من أوصاف.
قال شيخ الإسلام مبينا أنواع أقوال السلف في التفسير: "...أن يُعبِّر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، تدل على معنى في المسمى...مثال ذلك تفسيرهم للصراط المستقيم، فقال بعضهم: هو القرآن، أي: اتباعه...وقال بعضهم: هو الإسلام...فهذان القولان متفقان؛ لأن دين الإسلام هو اتباع القرآن، ولكن كل منهما نبّه على وصف غير الوصف الآخر، كما أن لفظ الصراط يشعر بوصف ثالث، وكذلك قول من قال: هو السنة والجماعة، وقول من قال: هو طريق العبودية، وقول من قال: هو طاعة الله ورسوله صلي الله عليه وسلم، وأمثال ذلك. فهؤلاء كلهم أشاروا إلى ذات واحدة، لكن وصفها كل منهم بصفة من صفاتها".
وتفسير الصراط بالإسلام هو أعم الأقوال، لأن الصراط، لا شك، يراد به الدين، وقد قال الله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}.

5: قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).
- أخرجه عبد الرزاق في تفسيره من طريق مَعْمَر، والطبري من طريق ابن علية، وإسماعيل بن إبراهيم، وحماد بن سلمة، ومهدي بن ميمون، كلهم عن شُعَيْبِ بن الْحَبْحَاب، عن أنس بن مالك بلفظه.
- وأخرجه أيضا الطبري من طريق محمد بن جعفر، وشبابة، وعمرو بن الهيثم، كلهم عن شعبة، عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك.
- وأخرجه أيضا عن عن الأعمش، عن حبان بن شعبة، عن أنس بن مالك.
- وأخرجه أيضا عن شعبة عن أبي إياس، عن أنس بن مالك.
- وأخرجه الترمذي، وأبو يعلى في مسنده، والطبري، وابن حبان في صحيحه، والحاكم عن حماد بن سلمة، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك مرفوعا.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"
قال الطبري: "وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتصحيح قول من قال: هي الحنظلة، خبَرٌ. فإن صحَّ، فلا قولَ يجوز أن يقال غيرُه، وإلا فإنها شجرة بالصِّفة التي وصفها الله بها".
وقال الترمذي: "حدثنا قتيبة قال: حدثنا أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب، عن أبيه، عن أنس بن مالك، نحوه بمعناه ولم يرفعه...وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة، وروى غير واحد مثل هذا موقوفا، ولا نعلم أحدا رفعه غير حماد بن سلمة ورواه معمر، وحماد بن زيد، وغير واحد ولم يرفعوه، حدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال: حدثنا حماد بن زيد، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس، نحو حديث قتيبة ولم يرفعه".
وقول أنس بن مالك هذا نسبه إلى أكثر المفسرين ابن عطية وابن جزي.
وليس في قول النبي صلى الله عليه وسلم وأنس بن مالك ما يدل على إرادة التخصيص. ولهذا حمل بعض المفسرين الأقوال الواردة في المراد بشجرة خبيثة على التمثيل.
قال ابن عطية: "وهذا عندي على جهة المثال..." وزاد بعد ذلك: "والظاهر عندي أن التشبيه وقع بشجرة غير معينة إذا وجدت فيها هذه الأوصاف. فالخبث هو أن تكون كالعضاه، أو كشجر السموم أو نحوها. إذا اجتثت- أي اقتلعت، حيث جثتها بنزع الأصول وبقيت في غاية الوهاء والضعف- لتقلبها أقل ريح". ه
قال الرازي: "فمنهم من قال: إنها الثوم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم وصف الثوم بأنها شجرة خبيثة، وقيل: إنها الكراث. وقيل: إنها شجرة الحنظل؛ لكثرة ما فيها من المضار وقيل: إنها شجرة الشوك.
واعلم أن هذا التفصيل لا حاجة إليه، فإن الشجرة قد تكون خبيثة بحسب الرائحة وقد تكون بحسب الطعم، وقد تكون بحسب الصورة والمنظر، وقد تكون بحسب اشتمالها على المضار الكثيرة، والشجرة الجامعة لكل هذه الصفات وإن لم تكن موجودة، إلا أنها لما كانت معلومة الصفة كان التشبيه بها نافعا في المطلوب". ه
وقال البيضاوي: "واختلف في الكلمة والشجرة، ففسرت الكلمة الطيبة بكلمة التوحيد ودعوة الإسلام والقرآن، والكلمة الخبيثة بالشرك بالله تعالى والدعاء إلى الكفر وتكذيب الحق، ولعل المراد بهما ما يعم ذلك، فالكلمة الطيبة ما أعرب عن حق أو دعا إلى صلاح، والكلمة الخبيثة ما كان على خلاف ذلك. وفسرت الشجرة الطيبة بالنخلة. وروي ذلك مرفوعاً وبشجرة في الجنة، والخبيثة بالحنظلة والكشوث، ولعل المراد بهما أيضاً ما يعم ذلك". ه
قال النسفي في تفسيره: "هي كل شجرة لا يطيب ثمرها..." ه
ومثله قال أبو المسعود: "قيل: هي كلُّ شجرةٍ لا يطيب ثمرُها كالحنظل والكشوث ونحوهما". ه

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19 رجب 1443هـ/20-02-2022م, 04:02 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هنادي الفحماوي مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
حل مجلس التخريج الثاني
1- قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين (هو لا والله وبلى والله ما يتراجع به الناس) :
• نوع المسألة:
تفسيرية لغوية فقهية: المراد بلغو اليمين وهل يلزم عليه كفارة
• سرد الأقوال في المسألة:
1- الدعاء من الحالف على نفسه
أصحاب القول:
زيد بن أسلم وابنه
2- قول الرجل في درج الكلام : لا والله وبلى. الله
أصحاب هذا القول:
عائشة، ابن عباس، مجاهد الشعبي، أبو قلابة، أبو صالح عكرمة.
3- الخطأ غير العمد فيحلف الحالف على يمين يرى أنه كما حلف ثم يتبين له خلاف ذلك:
أصحاب القول :
أبو هريرة، ابن عباس،مجاهد، قتادة، الحسن، إبراهيم النخعي، أبو مالك، زرارة بن أوفى، السدي، الربيع، مكحول
4- اليمين التي يحلف بها صاحبها حال الغضب على غير عقد قلب ولا عزم بل وصلة الكلام:
أصحاب القول :
ابن عباس، طاووس
5- الحلف على فعل المعصية ثم تركها:
أصحاب القول :
سعيد بن جبير، مسروق
6- كل يمين وصل الرجل بها كلامه على غير قصد منه إيجابها على نفسه
أصحاب القول :
عائشة، مجاهد، إبراهيم النخعي
7- اليمين المكفرة:
أصحاب القول :
ابن عباس، الضحاك
8- ما حنث فيه الحالف ناسيا:
أصحاب القول :
إبراهيم النخعي.
• تخريج قول عائشة رضي الله عنها :
• رواه عبد الرزاق والنسائي و واه الطبري من طرق عدة رواه ابن أبي حاتم في تفسيره والبيهقي في سننه عن عروة بن الزبير عن عائشة.
• رواه الطبري عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة.
• رواه الطبري وابن حبان عن إبراهيم الصائغ عن عطاء عن عائشة
• رواه الطبري عن عطاء عن عائشة من طرق أخرى
• أخرجه مالك في الموطأ وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة كما جاء في الدر المنثور للسيوطي.

[الموطأ مطبوع، يمكنكِ الرجوع إليه.

وراجعي لفظ الرواية في جميع الطرق السابقة، لن تجدي في بعضها زيادة (ما يتراجع به الناس)، أو ما يكون في معناها، وهذه الزيادة تفسر معنى قول عائشة أن المراد باللغو قول (لا والله بلى والله).
لهذا من المهم تمييز الطرق التي جاءت بها هذه الزيادة، راجعي تصحيح التطبيق الأول للإخوة والأخوات تجدين أمثلة أخرى على هذه الجزئية]



• تدارس الأقوال:
- هو الساقط من الكلام الذي لا يعتد به وكل كلام كان مذموما.
ويمكن أن نرجع الأقوال إلى نوعين:
• ما لم ينعقد عليه القلب وهو ما يجري على اللسان من غير قصد أو على مجرى التأكيد والتنبيه من غير اعتقاد لليمين ولا إرادة لها.. وهذا مثله ما كان من أمر الرماة الذين تراموا أمام النبي صلى الله عليه وسلم فصار بعضهم يخطئ بعضهم فحلف أحدهم فلما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم قال (أيمان الرماة لغو لا إثم فيها ولا كفارة) ومنها يمين الغضب روى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يمين في غضب) ودعاء الرجل على نفسه لتأكيد كلامه.
• النوع الثاني ما انعقد عليه القلب ولكنه خطأ كالذي يحلف على شيء أنه هكذا وهو خلاف ذلك فلا كفارة فيه.. لان الكفارة على الحنث لا على أصل الحلف وهو لم يحنث. قال الجصاص: ومعلوم أنه لما عطف قوله (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) أن مراده ما عقد قلبه فيه على الكذب والزوار. وكذلك من حنث ناسيا فلا كفارة عليه لأنه لم يتعمد الحنث واليمين المفكرة تسقط وتصير لغوا..
• فيمكن أن نخلص أن الأقوال التي قالوها انقسم فيها أصحابها إلى قسمين على اعتبارين الاعتبار الأول ما لم ينعقد عليه القلب والعزم وهي الأقوال الأول الثاني والرابع والسادس
• والاعتبار الثاني ما لزم منها كفارة او لم يلزم. وهي بقية الأقوال
• وكلا الاعتبارين يعطيان جزءا من معنى اللغو في اليمين فهو من باب خلاف التنوع الذي يمكن الجمع بينها بآنها تتكامل لتعطي معنى اللغو وحكمه.



[هذه المسألة تفسيرية فقهية كما سبق وأشرتِ في بداية إجابتكِ.

ويختلف ترجيح الأقوال فيها باختلاف المذاهب الفقهية، لاختلافهم في فهم عدة مسائل مرتبطة بتعيين المراد باللغو:

الأول: معنى اللغو لغة.

الثاني: المراد بالمؤاخذة هل هي بلزوم الكفارة أم العقاب في الآخرة.

الثالث: المراد بكسب القلوب أو ما عقدت عليه قلوبهم:
هل هو قصد الحلف، أم انعقاد القلب على الكذب
فلزوم الكفارة يكون مقابلا للغو الذي لا يلزم معه كفارة.

والعقاب في الآخرة على اليمين الغموس يكون مقابلا للغو الذي يسقط بالكفارة.

والخلاف هنا ليس خلاف تنوع فيمكن معه حمل الآية على جميع المعاني في نفس الوقت لكن يمكن القول أنه خلاف معتبر - إذا كان دليل الفقيه معتبرًا -، وبهذا يمكن للفرد العمل بالقول حسب مذهبه الفقهي.
مثلا: اختلاف الفقهاء في المراد بالقرء هل هو الطهر أو الحيض هذا خلاف معتبر، فلكل فريق أدلته المعتبرة، لكن لا يمكن حمل معنى الآية على كلا القولين في نفس الوقت]

2- قول ابن عباس في تفسير قول الله تعالى (مهيمنا عليه) مؤتمنا عليه:
• نوع المسألة:
تفسيرية لغوية و بيان معنى مؤتمن [لعلكِ قصدتِ بيان معنى (مهيمنًا عليه)]
• سرد الأقوال في المسألة :
1- مؤتمنًا:
أصحاب القول:
ابن عباس
2- شاهدًا:
أصحاب القول :
ابن عباس، مجاهد، السدي، قتادة.
3- مصدقًا:
أصحاب القول :
ابن زيد
4- أمينًا:
أصحاب القول :
ابن عباس، الحسن بن أبي الحسن، عكرمة، سعيد، مجاهد، محمد بن كعب، قتادة، عطاء الخراساني
5- حاكمًا:
أصحاب القول :
ابن عباس
6- محمد صلى الله عليه وسلم
أصحاب القول :
مجاهد [المسألة المراد تحريرها كما أشرتِ في بداية إجابتكِ هي بيان معنى " مهيمن"، وأما القول بأنه محمد صلى الله عليه وسلم فهذا يتبع مسألة أخرى وهي المراد بهذا المهيمن هل هو القرآن - وهو الراجح -، أو محمد صلى الله عليه وسلم]
• تخريج قول أين عباس:
- رواه سعيد بن منصور ورواه الطبري من عدة طرق ورواه ابن أبي حاتم عن ابن أبي اسحاق [أبي إسحاق] عن التميمي عن ابن عباس.
- رواه عبدالله بن وهب عن يحيى بن عاصم بن عمر عن محمد بن طلحة عن التميمي عن ابن عباس.
- رواه عبد بن حميد عن اربد التميمي عن ابن عباس كما جاء عند القسطلاني
- أخرجه الفريابي وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي كما جاء في الدر المنثور السيوطي.
• مدارسة الأقوال:
الأقوال الخمسة الأولى من باب اختلاف التنوع وهي متقاربة المعنى تصف القرآن الكريم وعلاقته بما قبله من الكتب السماوية..
أما القول السادس فهو من باب اختلاف التضاد لانه يصف محمدا رسول الله صلى الله
وسبب هذا الاختلاف هو تحديد المعطوف عليه..
فأما الأقوال التي تعلقت بالقرآن فهي من باب عطف مهيمنا على مصدقا
وأما القول بأن مهيمنا صفة لمحمد صلى الله عليه وسلم فهو من باب عطف مهيمنا على الكاف في إليك..
وقد خطآ الطبري هذا القول وقال أن العرب لا تقوله لأنه لو كان المراد محمد صلى الله عليه وسلم لما وجدت واو العطف.
والعودة إلى الأقوال الأولى وعلاقتها بمعنى المهيمن:
فالمهيمن على الشيء هو المعني بالأمر الشاهد على حقائقه الحافظ لحاصله ولأن يدخل فيه ما ليس منه.
والله جعل القرآن مهيمنا على الكتب السابقة يشهد بما فيها من الحقائق فيحق الحق ويبطل الباطل وهذا هو الشاهد والمصدق ومؤتمن أمين.
فيترجح الأقوال الأولى على قول مجاهد [كما سبق فإن قول مجاهد غير داخل في المسألة محل البحث، وقد أحسنتِ بيان توجيه بعض الأقوال فكل منها يبين جزءًا من معنى المهيمن، ويحسن هنا الرجول لمعنى المهيمن لغة وتحرير الخلاف في اشتقاقه وبيان أنه جاء على أصله من (هيمن) والتي تفيد معنى الحفظ والارتقاب]
3- قول عبدالله بن الزبير في تفسير قوله تعالى (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) قال: سبيل الخلاء والبول
• نوع المسألة:
تفسيرية سلوكية
معنى في أنفسكم
• سرد الأقوال في المسألة :
1- سبيل الغائط والبول:
أصحاب القول:
عبدالله بن الزبير، علي، السدي
2- تسوية الله مفاصل الأبدان والجوارح
أصحاب القول :
ابن زيد، قتادة.
• تخريج قول ابن الزبير :
- رواه عبد الرزاق والطبري عن ابن جريج عن محمد بن المرتفع عن ابن الزبير.
- أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن ابن الزبير كما جاء في الدر المنثور للسيوطي.

[التفسير من سنن سعيد بن منصور مطبوع فيرجع إليه وإن لم تجدي فيه لا تنسبي إليه.
وكتب البيهقي مطبوعة]

• مدارسة الأقوال والتوجيه:
الأقوال متفقة في توجيه النظر إلى الإعجاز في خلق الله للإنسان فهي من باب التمثيل للمعنى.
فيحتمل الآية كلا المعنيين.
____4- قول جابر بن عبد الله في المراد بالصراط المستقيم الإسلام:
• تفسيرية لغوية:
بيان المراد بالصراط المستقيم.
• سرد الأقوال في المسألة:
1- القرآن:
أصحاب القول :
علي بن ابي طالب، عبد الله بن مسعود
2- الإسلام:
3- أصحاب القول :
ابن مسعود، جابر بن عبدالله، عبدالله بن العباس، محمد بن الحنفية، عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، نواس بن سمعان.
4- رسول الله وصاحباه أبو بكر وعمر:
5- أصحاب القول :
ابن عباس، أبو العالية، الحسن.
6- الحق:
أصحاب القول :
مجاهد
7- الذي تركنا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم
أصحاب القول :
ابن مسعود.
• تخريج قول جابر بن عبدالله :
- رواه الطبري والنيسابوري[من النيسابوري؟ هذا لقب يشترك فيه أكثر من عالم] عن الحسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله.
- أخرجه وكيع و عبد بن حميد وابن المنذر والمحاملي والحاكم في الدر المنثور للسيوطي. [مستدرك الحاكم مطبوع] [وبعد جمع الطرق تجدين أن مخرج الأثر عبد الله بن محمد بن عقيل]
• مدارسة الأقوال وتوجيهها:
الصراط المستقيم لغة هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه.
وبتأمل الأقوال نجد أنها جميعا متفقة في الإستقامة على الحق وتحقيق النتيجة ذاتها وهو رضى الله ودخول الجنة
وقد جمع ابن عطية تلك الأقوال فقال: يجتمع من هذه الأقوال كلها أن الدعوة إنما هي في أن يكون الداعي على سنن المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في معتقداته وفي التزامه لأحكام شرعه وذلك هو مقتضى القرآن والإسلام وهو حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.
وكذلك بين ابن كثير تلازم تلك الأقوال وعدم اختلافها:
فإن من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم واقتدى بالذين من بعده أبي بكر وعمر فقد اتبع الحق ومن اتبع الحق فقد اتبع الإسلام ومن اتبع الإسلام فقد اتبع القرآن وهو كتاب الله وحبله المتين.
ه- قول أنس بن مالك في تفسير قوله تعالى (كشجرة خبيثة) قال الحنظل
• نوع المسألة :
تفسيرية لغوية. [هي تفسيرية فقط لأنها في تعيين المراد بالشجرة، لا معنى خبثها]
بيان المراد بالشجرة الخبيثة.
• سرد الأقوال في المسألة :
1- الحنظل:
أصحاب القول :
أنس بن مالك، مجاهد.
2- شجرة لم تخلق على الأرض:
أصحاب القول :
ابن عباس
3- التي تجعل في المسكر:
أصحاب القول
أبو صخر حميد بن زياد الخراط
4- الأكشوث:
أصحاب القول:
قطرب البصري
5- الكوث
أصحاب القول:
الزجاج
6- الثوم:
أصحاب القول
ابن عطية عن قوم
• تخريج قول أنس بن مالك:
- رواه الترمذي رواه الطبري من عدة طرق عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك.
- رواه الترمذي عن قتيبة عن أبي بكر عن شعيب بن الحبحاب عن أبيه عن أنس بن مالك. [رواه الترمذي عن قتيبة عن أبي بكر بن شعيب بن الحبحاب عن أبيه عن أنس.
فأبو بكر هو ابن شعيب بن الحبحاب، فمخرج الأثر هو شعيب بن الحبحاب مثل طريق الطبري الأول]

- رواه الطبري من عدة طرق عن شعبة عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك.
- رواه الطبري عن أحمد بن منصور عن نعيم بن حماد عن محمد بن ثور عن ابن جريج عن الأعمش عن حبان بن شعبة عن أنس بن مالك.
- أخرجه النسائي والبراز وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم واين مردويه عن ابن أنس كما جاء في الدر المنثور للسيوطي.
• مدارسة الأقوال وتوجيهها:
بين الأقوال اختلاف تضاد لا تجتمع معه..
فقول ابن عباس بأنها شجرة لم تخلق على الأرض لا يتفق مع الأقوال الأخرى التي أعطت آمثالا للشجرة الخبيثة
فبقية الأقوال تتفق فيما بينها على تسمية نوع من الشجر له صفة خبث..
فالقول بأنها الحنظل المعروف لمرارة طعمه من جهة وعدم ثباته من جهة أخرى كما قال عنها أنس : ألم تروا إلى الرياح كيف تصفقها يمينا وشمالا.
وقد روي عن أنس بن مالك عن الرسول صلى الله عليه وسلم (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة هي الحنظلة)
فمن قال أنها الثوم فهو لما جاء عن رسول الله صلى الله قوله (من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربنا في مسجدنا) وخبثها كراهة رائحتها ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحرمها ودليله قوله : يا أيها الناس ليس لي تحريم ما أحل الله لي ولكنها شجرة أكره ريحها.
ومن قال أنها الأكشوث فهذا النبات يتعلق على أغصان غيره من النبات من غير أن يكون له عرق في الأرض كقوله تعالى (ما لها من قرار) وليس له نفع من ظل او ورق او ثمر
كما قال أحد الشعراء
هو الكشوث فلا أصل ولا ورق ولا نسيم ولا ظل ولا ثمر.
ويقال نفس الكلام عن الكوث فهو نبات صغير له اربع او خمس ورقات لا نفع فيه..
أما قول ابن عباس أنها شجرة لم تخلق على الأرض فقد يكون مستبعدا لأن الآمثال إنما تضرب لتقريب الممعنى بشيء محسوس يشبهه في بعض الصفات..
فكل الأمثال للشجرة الخبيثة هي لبيان ان الكافر لا خير فيه ولا أصل له ولا فرع ولا يصعد للكافر عمل ولا يتقبل منه شيء..
فتوجيه الأقوال:
إن صح الأثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم المروي عن أنس بأنها الحنظلة.. فلا يلتفت لغيره من الأقوال [نقول إذا صح الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيتأكد دخول الحنظل في معنى الآية لكن لا ينفي الأقوال الأخرى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحيانًا يكون تفسيره من باب التفسير بالمثال]
وإن لم يصح فإنه يمكن الجمع بين الأقوال ما عدا قول ابن عباس بأنها من باب التمثيل وخلاف التنوع..
والله أعلم.


أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بك.
الملحوظات على دراسة وتحرير المسائل بإذن الله تقل مع كثرة التدريب، ويهمني هنا التأكيد على بعض الملحوظات المنهجية مثل:
- لا يصح الاعتماد على الدر المنثور للسيوطي في التخريج إلا المصادر المفقودة التي لم تصل إلينا، وأما الكتب المطبوعة فينبغي الرجوع إليها والوقوف على الإسناد، فإذا لم تجدي فيها شيئا فلا تنسبي إليها لاحتمال ورود الخطأ على تخريج السيوطي رحمه الله وأحسن إليه.

- الانتباه لاختلاف ألفاظ الروايات عند التخريج، إذا كان الاختلاف في اللفظ يؤدي إلى اختلاف في المعنى.



التقويم: ب+

زادكِ الله علمًا وهدى ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 19 رجب 1443هـ/20-02-2022م, 09:05 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رولا بدوي مشاهدة المشاركة
قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس).
ورد لفظ اللغو في آيتين في القرآن هما:
قال الله تعالى: لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225]
و قال تعالى(لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَظ°كِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ غ— وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)سورة المائدة
و لبيان معنى اللغو و الأقوال فيه و الترجيح بينها، نحتاج إلى الجمع بين الآيتين و بيان مسائل تتعلق بذلك:
أولًا: المسائل التفسيرية
1- معنى يؤاخذكم: والمُؤاخَذَةُ: هي التَناوُلُ بِالعُقُوبَةِ.: قاله ابن عطية.
2- المراد بلا يؤاخذكم: لا يلزم من الإيمان الذي وصفه اللغو كفارة في العاجل و لا عقوبة في الآجل.
3- معنى اللغو في اللغة
اللغو في كلام العرب ما أطرح ولم يعقد عليه أمر، ويسمّى ما ليس معتدّا به - وإن كان موجودا - لغوا. قاله الزجاج و استشهد بالبيت:
أو مائة تجعل أولادها=لغوا وعرض المائة الجلم
و"اللغو" من الكلام في كلام العرب، كلّ كلام كان مذمومًا وسَقَطًا لا معنى له مهجورًا، قاله ابن جرير و قال مثله ابن عطية و أضاف أنه سقط الكلام الذي لا حكم له.
4- الحكمة من استخدام لفظ ( اللغو)، يعود ذلك للمعنى اللغوي؛ أنه السقط من الكلام، قال ابن عطية أنه من التشبيه :فما لا حُكْمَ لَهُ مِنَ الأيْمانِ تَشْبِيهًا بِالسَقْطِ مِنَ القَوْلِ، يُقالُ مِنهُ: لَغا يَلْغُو لَغْوًا، ولَغِيَ يَلْغِي لَغْيًا.
5- المراد باللغو في الآية( سيأتي ذكره و تفصيله لاحقًا).
6- ما هي مواطن لغو الإيمان: عن عائشة زوج النبي ï·؛ قالت: أيمان اللغو، ما كان في الهزل والمراء والخصومة، والحديث الذي لا يعتمد عليه القلب.

الأقوال في مسألة المراد بلغو الإيمان::
1- هو قَوْلُ الرَّجُلِ: لا واللَّهِ، وبَلى واللَّهِ“.، قاله كلًا من: عائشة رضي الله عنها، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وابْنِ عَبّاسٍ في أحَدِ أقْوالِهِ، والشَّعْبِيِّ، وعِكْرِمَةَ في أحَدِ قَوْلَيْهِ وعَطاءٍ، والقاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وأبِي قِلابَةَ، والضَّحّاكِ في أحَدِ قَوْلَيْهِ وأبِي صالِحٍ، والزُّهْرِيِّ، نَحْوُ ذَلِكَ، ذكر ذلك عنهم ابن أبي حاتم في تفسيره.
2- هو الشَّيْءُ يَحْلِفُ عَلَيْهِ أحَدُكُمْ، لا يُرِيدُ مِنهُ إلّا الصِّدْقَ، فَيَكُونُ عَلى غَيْرِ ما حَلَفَ عَلَيْهِ، هذا القول الثاني لعائشة رضي الله عنها و ورُوِيَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، وابْنِ عَبّاسٍ في أحَدِ قَوْلَيْهِ، وسُلَيْمانَ بْنِ يَسارٍ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٍ في أحَدِ قَوْلَيْهِ والحَسَنِ، وإبْراهِيمَ، وزُرارَةَ بْنِ أوْفى، وأبِي مالِكٍ، وعَطاءٍ الخُراسانِيِّ، وبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وأحَدِ قَوْلَيْ عِكْرِمَةَ، وحَبِيبِ بْنِ أبِي ثابِتٍ، والسُّدِّيِّ، ومَكْحُولٍ، ومُقاتِلٍ، وطاوُوسٍ، وقَتادَةَ، والرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ، ويَحْيى بْنِ سَعِيدٍ، ورَبِيعَةَ، نَحْوُ ذَلِكَ، ذكر ذلك عنهم ابن أبي حاتم في تفسيره.
3- الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلى المَعْصِيَةِ، يَعْنِي: ألّا يُصَلِّيَ، ولا يَصْنَعَ الخَيْر، رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر.
روى ابن جرير في تفسيره علة من قال هذا القول عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله ï·؛ قال: من نذر فيما لا يملك فلا نذر له، ومن حلف على معصية لله فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رَحِمٍ فلا يمينَ له"
و أيضًا ما رواه ان جرير عن عائشة قالت: قال رسول الله ï·؛: من حلف على يمينِ قطيعةِ رحم أو معصية لله، فبِرُّه أن يحنَث بها ويرجع عن يمينه.
4- هو الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلى الشَّيْءِ، ثُمَّ يَنْسى، رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم عَنْ إبْراهِيمَ.
5- هو قَوْلُ الرَّجُلِ: أعْمى اللَّهُ بَصَرِي إنْ لَمْ أفْعَلْ كَذا وكَذا أخْرَجَنِي اللَّهُ مِن مالِي، إنْ لَمْ آتِكَ غَدًا، رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم في تفسيرهما عن زَيْدِ بْنِ أسْلَم.
6- كل يمين وصَل الرجل بها كلامه، على غير قصدٍ منه إيجابَها على نفسه، روى ابن جرير في تفسيره عن عائشة و إبراهيم و مجاهد ما يفيد هذا المعنى.
7- روى ابن جرير في تفسيره عن عائشة زوج النبي ï·؛ قالت: أيمان اللغو، ما كان في الهزل والمراء والخصومة، والحديث الذي لا يعتمد عليه القلب.
وعلة من قال هذا القول من الأثر، ما رواه ابن جرير في تفسيره عن الحسن بن أبي الحسن قال: مرَّ رسول الله ï·؛ بقوم ينتضلون - يعني: يرمون - ومع النبي ï·؛ رجل من أصحابه، فرمى رجل من القوم فقال: أصبت والله، وأخطأت! فقال الذي مع النبي ï·؛: حنث الرجل يا رسول الله! قال: كلا أيمان الرُّماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة.
8- أنْ تُحَرِّمَ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكَ فَذَلِكَ ما لَيْسَ عَلَيْكَ فِيهِ كَفّارَةٌ، رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس، و ذكر أنه روي مثله عن سعيد بن جبير.
9- لَغْوُ اليَمِينِ: أنْ تَحْلِفَ وأنْتَ غَضْبانٌ ،رواه ابن أبي حاتم عنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
قال ابن جرير: وعلة من قال هذه المقالة، ما:- حدثني به أحمد بن منصور المروزي قال، حدثنا عمر بن يونس اليمامي قال، حدثنا سليمان بن أبي سليمان الزهري، عن يحيى بن أبي كثير، عن طاوس، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ï·؛: لا يمين في غضب"
10- اللغو في الأيمان: ما كانت فيه كفارة.روى ما يفيد هذا المعنى ابن جرير عن ابن عباس و الضحاك.
تخريج قول عائشة رضي الله عنها: في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس).
*هذا القول رواه ابن جرير في تفسيره عن ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سألت عائشة عن لغو اليمين، قالت: هو"لا والله" و"بلى والله"، ما يتراجع به الناس.
*و قد اشتهرت روايات أخرى عن عائشة رضي الله عنها منها بلا زيادة ( ما يتراجع به الناس) و منها ما فيه زيادة أخرى، منها:
ما روي عن عائشة رضي الله (موقوفًا) دون زيادة ( ما يتراجع به الناس)، رواه البخاري في صحيحه (ت: 256هـ) ،الإمام مالك(179) في الموطأ، ابن جرير(311)، و ابن أبي حاتم(327)، أبي داود(275) في صحيحه ،البيهقي في سننه( 458)،و محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) في كتابه (عمدة القاري)، أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) في كتابه إرشاد الساري، من طريق هشام بن عروة. [الإسناد الوارد في شروح البخاري هو للبخاري رحمه الله] [من طريق هشام بن عروة عن أبي عن عائشة رضي الله عنها]
*و رواه عن عائشة رضي الله ؛ أبو داود في سننه و ابن جرير في تفسيره من طريق عطاء.[أكملي أصل الإسناد]
*و روي عن عائشة رضي الله عنها بزيادة ( يصل بها كلامه)، رواها ابن جرير عن ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:" لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"، قالت:"لا والله" و"بلى والله"، يصل بها كلامه.
*و روي عن عائشة رضي الله عنها بزيادة (ليس مما عقَّدتم الأيمان)، رواه ابن جرير عن ابن حميد قال، حدثنا حكام بن سلم، عن عبد الملك، عن عطاء قال: دخلت مع عبيد بن عمير على عائشة فقال لها: يا أم المؤمنين، قوله:" لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم"؟ قالت: هو"لا والله"، و"بلى والله"، ليس مما عقَّدتم الأيمان
*وروي سعيد بن منصور في سننه ( 227) و ابن جرير في تفسيره( 311) من طريق عبيد بن عمير، عن عائشة قولها: هو قول الرجل:"لا والله" و"بلى والله"، ما لم يعقد عليه قلبه.
*و روى مثله مسند أبي حنيفة رواية الحصكفي عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: ظ¢ظ¢ظ¥] قَالَتْ: هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ، مِمَّا يَصِلُ بِهِ كَلَامَهُ، مِمَّا لَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حَدِيثًا.
*هذه الروايات متقاربة المعنى و الزيادات فيها من البيان لمعنى ( قوله لا و الله و بلى و الله) بتفسير القرآن بالقرآن، أو ببيان حال المقسم. [الروايات المتقاربة في المعنى ولها نفس الطريق يمكنك سياقها في مساق واحد مع قول، بألفاظ متقاربة في نهاية تخريجك]
*و روى ابن جرير في تفسيره، و البيهقي في سننه عن طريق هشام بن عروة أن عائشة زوج النبي ï·؛ قالت: أيمان اللغو، ما كان في الهزل والمراء والخصومة، والحديث الذي لا يعتمد عليه القلب.
*رُوي لعائشة رضي الله عنها قولًا آخر: هو الشَّيْءُ يَحْلِفُ عَلَيْهِ أحَدُكُمْ، لا يُرِيدُ مِنهُ إلّا الصِّدْقَ، فَيَكُونُ عَلى غَيْرِ ما حَلَفَ عَلَيْه.
حكاه ابن أبي حاتم في تفسيره و البيهقي في سننه من طريق عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عائِشَةَ، أنَّها كانَتْ تَتَأوَّلُ هَذِهِ الآيَةَ يَعْنِي قَوْلَهُ: ï´؟لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِï´¾ في أيْمانِكم وتَقُولُ: هو الشَّيْءُ يَحْلِفُ عَلَيْهِ أحَدُكُمْ، لا يُرِيدُ مِنهُ إلّا الصِّدْقَ، فَيَكُونُ عَلى غَيْرِ ما حَلَفَ عَلَيْ.
*و روى ابن أبي حاتم قريب منه: عن عِصامُ بْنُ رَوّادٍ، ثَنا آدَمُ، ثَنا شَبابَةُ، عَنْ جابِرٍ، عَنْ عَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ، عَنْ عائِشَةَ، قالَتْ: هو قَوْلُ: لا واللَّهِ، وبَلى واللَّهِ، وهو يَرى أنَّهُ صادِقٌ، ولا يَكُونُ كَذَلِكَ.
دراسة الأقوال في المراد (باللغو):
بالنظر إلى المعنى اللغوي ل( اللغو)، و معنى كسب في الجزء الثاني للآية (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ [البقرة:225]، و قوله تعالى في سورة المائدة (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ[المائدة:89]
يتبين لنا أن الأقوال التي وردت عن السلف في المراد باللغو تعود لذلك، فالمعنى اللغوي ل( اللغو) :هو سقط الكلام الذي لا حكم له، و كلمة كسب تتضمن: إرادة الأمر، و السعي له، فمن أقسم دون إرادة القلب و عزمه، فهذا من اللغو الذي لا تنعقد عليه القلوب، كما يتبين من الآية الثانية.
لذا فهذه الروايات تعود لمعنى واحد هو إرادة القلب و حضوره و تعمده، و الزيادة في الروايات من بيان الأحوال التي يكون عليها المقسم؛ أن الأمر ليس عن قصد( ليس من كسب قلبه)، و لم ينعقد عليه القلب( تفسير القرآن بالقرآن)، قد يكون مما اعتاده لسانه، و قد يكون عن ظنه بصدقه و لا يكون، و من المواطن التي يكون فيها ؛ الهزل و المراء و الخصومة.
[هذه الدراسة لقول عائشة رضي الله عنها فقط، والمقدمة التي أوردتيها كانت تصلح كمقدمة للدراسة ومنها تصنفين الأقوال الواردة في مسألة المراد باللغو، ومنها تتطرقين للترجيح بينها]
القول الثاني: عن ابْنِ عَبَّاسٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: ظ¤ظ¨] قَالَ: مُؤْتَمَنًا عَلَيْهِ
المسائل التفسيرية:
1- القراءات:
- قراءة الجمهور: بالكسر للميم الثانية(مهيمِنا)؛ على وزن اسم الفاعل.
- "وَمُهَيْمِنًا" بفتح الميم الثانية،على وزن اسم المفعول، ذكرها الزجاج و نسبها لبعضهم، و قرأ بها ابن محيصن و مجاهد كما قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي في إتحاف فضلاء البشر، و مكي بن أبي طالب القيسي في الهداية إلى بلوغ النهاية.
و عقب الزجاج على هذه القراءة: وهي عربية ولا أحب القراءة بها، لأن الإجماع في القراءة على كسر الميم في قوله: (المؤمن المهيمن).
2- توجيه القراءات:
القراءة بالكسر: اسم فاعل، و يكون المهيمن هو القرآن .
قال السمين الحلبي في كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون : "وقرأ ابن محيصن ومجاهد: (ومُهَيْمَنا) بفتح الميم الثانية على أنه اسمُ مفعول، بمعنى أنه حوفظ عليه من التبديل والتغيير، والفاعل هو الله - تعالى-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ظ©]، أو الحافظ له في كل بلد، حتى إنه إذا غُيِرت منه الحركةُ تنبَّه لها الناسُ، ورَدُّوا على قارئِها بالصواب، والضمير في {عَلَيْهِ} على هذه القراءة عائد على الكتاب الأول، وعلى القراءةِ المشهورة عائد على الكتاب الثاني.
و قال ابن عطية: قراءة الفتح توجه أن المؤتمن هو محمد صلى الله عليه و سلم.

3- المعنى اللغوي لكلمة ( مهيمن):
أ‌- مهيمن في معنى مؤتمن إلا أن الهاء بدل من الهمزة، والأصل مؤتمنا عليه كما قالوا: هرقت الماء، وأرقت الماء، وكما قالوا: إياك وهياك، وهو على مذهب العربية حسن وموافق لبعض ما جاء في التفسير، لأن معناه مؤتمن، قاله الزجاج، و قاله المبرد.
ب‌- أصله مؤيمن، فقلبت الهمزة هاء لأن الهاء أخف من الهمزة وهو على وزن مسيطر ومبيطر،ذكرهَ النحَّاسُ في كتابه معاني القرآن، و نسبه إلى أبو العباس محمد بن يزيد ، و ذكره العيني في عمدة القارئ، و نسبه للخطابي.
[هذا تابع للقول الأول]

ت‌- أنه أصل بنفسه ليس مبدلاً من شيء وأصل الهيمنة الحفظ والارتقاب، يقال: هيمن فلان على فلان إذا صار رقيبا عليه فهو مهيمن، قاله و اختاره ابن جرير في تفسيره، و ذكره النحاس و نسبه لأبوعبيد، و ذكره العيني في عمدة القارئ.
و من معاني التي يتضمنها المهيمن: الشّهيد والشّاهد، و الحفيظ، قاله كلًأ من مكي القيسي و العييني.
قال مكي القيسي: يقال للرجل إذا حفظ الشيء وشَهِدَه: " قد هَيْمَنَ، يُهَيْمِنُ هَيْمَنَةً "
ث‌- ذكر العيني قولًأ آخر نسبه إلى ابن قتيبة وآخرون: مهيمن مفيعل يعني بالتّصغير من أمين، قلبت همزته هاء.
و ذكر العيني أن ثعلب قد أنكر ذلك و قد وصل به الأمر إلى تكفير قائله، و حجته أن المهيمن اسم من أسماء الله الحسنى، فكيف تكون تصغير؟

4- الأقوال في مسألة( ما هو المقصود بالمهيمن) :
1- القرآن: قاله كلًا من ابن عباس، و قتادة، و سعيد بن جبير، ذكر ذلك عنهم ابن جرير و ابن أبي حاتم في تفسيريهما ، و قاله ابن جريج كما ذكر القسطلاني ، و ذكره العَيْنِيُّ في عمدة القارئ.
قال ابن جرير: {ومهيمنًا عليه} يقول: أنزلنا الكتاب الّذي أنزلناه إليك يا محمّد مصدّقًا للكتب قبله، وشهيدًا عليها أنّها حقٌّ من عند اللّه، أمينًا عليها، حافظًا لها.
2- محمد صلى الله عليه و سلم. روى ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريقِ ابْنِ أبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، قَوْلَهُ: ï´؟ومُهَيْمِنًا عَلَيْهِï´¾ قالَ: محمد ï·؛، مؤتمنٌ على القرآن.

5- فائدة التنكير و التنوين: عظمة الهيمنة
6- إعراب مهيمنًا:
1- في موضع رفع على النيابة حالا من الكتاب، "المهيمن" عطفٌ على"المصدق"، فلا يكون إلا من صفة ما كان"المصدِّق" صفةً له، ذكره كلًأ من ابن جرير، و مكي القيسي في الهداية إلى بلوغ النهاية، و الدمياطي في إتحاف فضلاء البشر.
2- حالا من كاف إليك ، و نائب الفاعل ضمير مستتر يعود إليه -صلى الله عليه وسلم- والجمهور على كسرها اسم فاعل ) ذكره ابن جرير في تفسيره، و الدمياطي في (إتحاف فضلاء البشر)
و قد ذكره ابن جرير في معرض استنكار قول مجاهد أن المهيمن هو الرسول صلى الله عليه و سلم، و أن هذا القول ينبني عليه هذا الإعراب الذي هو بعيد في العربية، حيث قال : وهذا التأويل بعيد من المفهوم في كلام العرب، بل هو خطأ.
و قد بين مكي القيسي في (الهداية إلى بلوغ النهاية ) أسباب رد مقالة مجاهد:
من أجل الواو التي مع " مهيمن "، لأن الواو توجب عطفه على " مصدق "، و " مصدق " حال من الكتاب الأول، والمعطوف شريك المعطوف عليه، ولو كان حالاً من الكاف التي للنبي صلى الله عليه وسلم في {إِلَيْكَ}، لم يؤت بالواو، فالواو تمنع من ذلك، ولو تأول متأول أن {مُصَدِّقاً} حال من الكاف في {إِلَيْكَ}، {وَمُهَيْمِناً} عطف عليه، لَبَعُد ذلك، من أجل قوله: {لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}، ولم يقل " يديك "الكاف التي هي اسم النبي صلى الله عليه وسلم، فهو المصدق للكتب المتقدمة، والمؤتمن على الكتاب، وهو القرآن.
عقب ابن عطية على ما قاله ابن جرير ، أنه أخطأ و ذلك لأن تفسير ابن جرير مبني على قراءته بالفتح ، مهيمَنًا ؛ على وزن اسم المفعول، حال من الكتاب، و معطوفة على قوله تعالى( مصدقًا) ، و و هذا توجيه أن المؤتمن عليه هو محمد صلى الله عليه و سلم.
و عقب ابن كثير على قول مجاهد أنه صحيح المعنى و لكن في تفسيره للآية فيه نظر، كما أنه من حيث العربية كذلك فيه نظر.

7- مرجع الضمير في عليه:
1- على القول أن المهيمن هو القرآن: فالضمير يعود على كل كتاب قبله، قاله ابْنِ عَبّاسٍ، ورُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٍ في أحَدِ الرِّواياتِ وعِكْرِمَةَ، وعَطِيَّةَ، وعَطاءٍ الخُراسانِيِّ، ومُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وقَتادَةَ، والسُّدِّيِّ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ نَحْوُ ذَلِكَ، ذكر ذلك عنهم ابن أبي حاتم في تفسيره.
2- على القول أن المهيمن هو محمد صلى الله عليه و سلم: فالضمير يعود على القرآن، روى ذلك ابن جرير في تفسيره عَنْ مُجاهِدٍ، و رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن أبِي نَجِيحٍ.

الأٌقوال في مسألة (المعنى المراد من ميهمنًا ):
1- شاهدًا: رواه ابن أبي حاتم و ابن جرير في تفسريهما عن ابن عباس، و رواه ابن جرير في تفسيره عن السدي.
2- مؤتمنًا عليه : رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، و رواه عبد حميد كما في فتح الباري لابن حجربن عباس.
3- الأمين: رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس، و ورُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، والحَسَنِ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وعَطاءٍ الخُراسانِيِّ أنَّهُ الأمِينُ، كما ذكر ابن أبي حاتم.
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) :وقال ابن جريج: القرآن أمين على الكتب المتقدمة فما وافقه منها فحق وما خالفه منها فهو باطل
يعود هذا القول للقول الأول.
4- مصدقًا: رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن الحسن.
5- سَيِّدًا: رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس، و رُوي عن السدي كما ذكر ابن أبي حاتم .

تخريج قول ابن عباس في مسألة ( المعنى المراد من ميهمنًا) أنه مؤتمنًا عليه:
*رواه عبد الله بن وهب بن مسلم المصري(179) في تفسيره، و سعيد بن منصور(227) في سننه ، ابن جرير في تفسيره( 311)، ابن أبي حاتم في تفسيره (327) البيهقي(485) في الأسماء و الصفات من طريق أبي اسحق به. [أبي إسحاق عن أربدة التميمي عن ابن عباس رضي الله عنهما]
و رواه عبد بن حميدٍ من طريق أربدة التّميمي عن بن عبّاس في قوله تعالى ومهيمنا عليه قال مؤتمنا عليه، كما في فتح الباري لابن حجر.

دراسة الأقوال في معنى ( ميهمنًا) و الترجيح بينها:
هذه الأقوال جميعًا تقع تحت معنى المهيمن اللغوي، و كل منها لازم الثاني، فأصل الهيمنة: الحفظ و الارتقاب، و إذا هيمن فلان على شيء؛ حفظه و شهد عليه و كان مؤتمنًا عليه.
و يجمع بين الأقوال كما قال ذلك و اختار كلًأ من: النحاس، ابن جرير، ابن عطية، و ابن كثير.
عقب ابن كثير: أن الأقوال متقاربة و اسم المهيمن يتضمنها .
عقب النحاس على الأقوال: هذه الأقوال كلها متقاربة المعاني لأنه إذا كان حافظا للشيء فهو مؤتمن عليه وشاهد.
و فصل ابن عطية في بيان المعنى فقال: ولَفْظَةُ المُهَيْمِنِ أخَصُّ مِن هَذِهِ الألْفاظِ؛ لِأنَّ المُهَيْمِنَ عَلى الشَيْءِ هو المَعْنِيُّ بِأمْرِهِ؛ الشاهِدُ عَلى حَقائِقِهِ؛ الحافِظُ لِحاصِلِهِ؛ فَلا يُدْخِلُ فِيهِ ما لَيْسَ مِنهُ؛ واللهُ - تَبارَكَ وتَعالى- هو المُهَيْمِنُ عَلى مَخْلُوقاتِهِ؛ وعِبادِهِ؛ والوَصِيُّ مُهَيْمِنٌ عَلى مَحْجُورِيهِ؛ وأمْوالِهِمْ؛ والرَئِيسُ مُهَيْمِنٌ عَلى رَعِيَّتِهِ؛ وأحْوالِهِمْ؛ والقُرْآنِ جَعَلَهُ مُهَيْمِنًا عَلى الكُتُبِ؛ يَشْهَدُ بِما فِيها مِنَ الحَقائِقِ؛ وعَلى ما نَسَبَهُ المُحَرِّفُونَ إلَيْها؛ فَيُصَحِّحُ الحَقائِقَ؛ ويُبْطِلُ التَحْرِيفَ؛ وهَذا هو شاهِدٌ ومُصَدِّقٌ ومُؤْتَمَنٌ وأمِينٌ؛ ومُهَيْمِنٌ؛ بِناءَ اسْمِ فاعِلٍ.

قول عبد الله بن الزبير: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} قال: سبيل الخلاء والبول

المسائل التفسيرية:
1- المعنى المراد ب( و في أنفسكم): على قولين: سبيل الخلاء و البول، و القول الثاني بالعموم؛ خلق الإنسان كله و خاصة ما يعينه على عبادة الله و طاعته، سيتم بإذن الله تناول المسألة بالتفصيل فيما يأتي.
2- المعنى اللغوي ل( أنفسكم): ذاتكم، شخصكم، قاله بن عطية و الألوسي
3- الحكمة من تقديم الجار و المجرور(في أنفسكم): و ذلك للإهتمام
4- نوع الاستفهام في( أفلا ): انكاري توبيخي، قاله ابن عطية
5- الحكمة من توجيه النظر للذات: لأن الإنسان أكثر المخلوقات التي فيها العبر، الإنسان؛ جسد به جوارح و حواس؛ قلب ، و ما يتصل به من أعضاء، عقل، و غيره، مما جعله الله للإنسان ليعينه على سعيه في الدنيا، و و روح لا يعلم أمرها إلا الله، و يظهر فيه بديع صنع الله و لطفه.، هذا مفهوم كلام ابن عطية في تفسيره..
6- المراد ب( تبصرون): البصر الذي يتضمن تدبرًا، عبر عنه ابن جرير فقال: أفلا تنظرون في ذلك فتتفكروا فيه، فتعلموا حقيقة وحدانية خالقكم.
7- فائدة التعبير بلفظ (تبصرون): أن اللوم و العتاب على عدم تدبر أمور ظاهرة يبصرونها بأعيونهم، لا تخفى عليهم، و هذا فيه مزيد تقريع لهم.
8- متعلق تبصرون: الدليل على ربكم، و توحيده، مفهوم قول كلًا من ابن جرير و ابن عطية.

الأقوال في مسألة المعنى المراد من ( و في أنفسكم)
1- وفي سبيل الخلاء والبول في أنفسكم عِبرة لكم، ودليل لكم على ربكم، أفلا تبصرون إلى ذلك منكم روى ذلك ابن جرير بألفاظ متقاربة عن عبد الله ابن الزبير.
2- وفي تسوية الله تبارك وتعالى مفاصل أبدانكم وجوارحكم دلالة لكم على أن خلقتم لعبادته. ، روى ذلك ابن جرير عن ابن زيد
و مفهوم ما قاله قَتَادَةُ: مَنْ تَفَكَّرَ فِي خَلْقِ نَفْسِهِ عَرَفَ أَنَّهُ إِنَّمَا خُلِقَ وَلُيِّنَتْ مَفَاصِلُهُ لِلْعِبَادَةِ.ذكر ذلك عنه ابن كثير
3- القول بالعموم: كل ما في جسد الإنسان آيات لأولى الألباب، روى ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ï´؟وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَï´¾ ، وقرأ قول الله تبارك وتعالى ï´؟وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَï´¾ قال: وفينا آيات كثيرة، هذا السمع والبصر واللسان والقلب، لا يدري أحد ما هو أسود أو أحمر، وهذا الكلام الذي يتلجلج به، وهذا القلب أيّ شيء هو، إنما هو مضغة في جوفه، يجعل الله فيه العقل، أفيدري أحد ما ذاك العقل، وما صفته، وكيف هو.

تخريج قول عبد الله بن الزبير: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} قال: سبيل الخلاء والبول
رواه ابن جرير(311) في تفسيره و البيهقي(458) في كتابه شعب الإيمان و كتابه الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث من طريق ابن جريج عنه.[ابن جريج عن عبد الله بن المرتفع عن ابن الزبير]
رواه البيهقي (458) في كتابه شعب الإيمان قال أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا أبو جعفر الرزاز، حدثنا أحمد بن الوليد الفحام، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن عبد الله بن الزبير: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} قال: سبيل الخلاء والبول
*و روي عنه بلفظ ( سبيل الغائط و البول) ؛ رواه سعيد بن منصور (ت ظ¢ظ¢ظ§ هـ) في سننه، ابن أبي الدنيا(281) في كتابه (التواضع والخمول) و كتابه( الجوع)، و ابن جرير (311) في تفسيره، وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ كما في لدر المنثور للسيوطي، من طريق ابْنِ الْمُرْتَفِعِ عنه. [هل أورد السيوطي طريق الأثر إلى الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم؟]
*و روى مثله السامري في كتابه (فضيلة الشكر لله على نعمته ) من طريق علي ابن طالب. [عن علي بن أبي طالب، فهو قول لعلي رضي الله عنه]
و القول الثاني( سبيل الغائط) هو من بيان معنى الخلاء؛ حيث أن الخلاء هو المكان، و يراد ما يفعل به.
ïپ¶ الترجيح بين الأقوال في المراد ب( و في أنفسكم) :
االراجح و الله أعلم القول بعموم آيات الله في خلق الإنسان، التي تدل على وحدانيته و عظيم قدرته، حكمته، و أنه المستحق للعبادة وحده، و يدخل فيه تفسيره بسبيل الخلاء و البول و الجوارح التي تعينه على العبادة، و كلاهما جزء من المعنى المراد.
و هو مفهوم ما اختاره كلًأ من ابن جرير و ابن عطية و الزمخشري و السعدي.

قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).
لبيان نوع الشجرة الخبيثة نحتاج لدراسة بعض المسائل التفسيرية الخاصة بالآية:
ï´؟وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِغŒثَةࣲ كَشَجَرَةٍ خَبِغŒثَةٍ ظ±جغ،تُثَّتغ، مِن فَوغ،قِ ظ±لغ،أَرغ،ضِ مَا لَهَا مِن قَرَارࣲ﴾ [إبراهيم ظ¢ظ¦]
ïپ¶ المسائل التفسيرية:
1- المراد بالشجرة: سيتم تناوله فيما بعد.
2- معنى الكلمة : مطلقة على القول و الكلام: قاله ابن عاشور، و استدل بالآية: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِï´¾ [إبراهيم: ظ¢ظ§]،
3- المشبه: الشِّركَ بالله، قاله ابن جرير و ابن كثير و ابن عاشور الذي فصل فقال: تَعالِيمُ أهْلِ الشِّرْكِ وعَقائِدِهِمْ
4- المشبه به : الكافر و استعير له الشجرة الخبيثة
5- وجه الشبه في الخبث: أن كفر الكافر لا أصل له و ليس عن يقين ثابت، كما شجرة الحنظل، مفهوم كلام ابن عطية و كلام ابن كثير.
روى ابن جرير عن ابن عباس قوله(ن ابن عباس قوله: ï´؟ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرارï´¾ ، ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة كمثل الكافر. يقول: إن الشجرة الخبيثة اجتُثّت من فوق الأرض ما لها من قرَار. يقول: الكافر لا يُقْبَل عمله ولا يصعَدُ إلى الله، فليس له أصل ثابتٌ في الأرض، ولا فرعٌ في السماء. يقول: ليس له عمل صَالحٌ في الدنيا ولا في الآخرة.
و قال ابن عطية: فالخُبْثُ هو أنْ تَكُونَ كالعِضاةِ، أو كَشَجَرَةِ السَمُومِ ونَحْوِها إذا اجْتُثَّتْ، أيِ اقْتُلِعَتْ جُثَّتُها بِنَزْعِ الأُصُولِ، وبَقِيَتْ في غايَةِ الوَهْنِ والضَعْفِ فَتَقْلِبُها أقَلُّ رِيحٍ.، فالكافِرُ يَرى أنَّ بِيَدِهِ شَيْئًا، وهو لا يَسْتَقِرُّ ولا يُغْنِي عنهُ، كَهَذِهِ الشَجَرَةِ الَّتِي يَظُنُّ بِها عَلى بُعْدٍ -أو لِلْجَهْلِ بِها- أنَّها شَيْءٌ نافِعٌ، وهي خَبِيثَةُ الجَنى غَيْرُ باقِيَةٍ..
و عم ابن عاشور في وجه الشبه: أن الأمر تمثيل بالضد بجميع الصفات: اضطراب الاعتقاد، ضيق الصدر،كدر التفكير، الضر المتعاقب، و في ذلك انتفاء لكل منافع الكلمة الطيبة كلمة التوحيد.
6- الحكمة من التشبيه : بيان حال الكافر و تقريب ذلك ، قاله ابن عاشور.
7-فائدة التنكير و التنوين في (شجرة) : التحقير.
8- معنى اجتثت: قَطْعُ الشَّيْءِ كُلِّهِ، مُشْتَقٌّ مِنَ الجُثَّةِ وهي الذّاتُ، قاله ابن عاشور
9- المعنى المراد من جُمْلَةُ ï´؟ما لَها مِن قَرارٍï´¾: تَأْكِيدٌ لِمَعْنى الِاجْتِثاثِ؛ لِأنَّ الِاجْتِثاثَ مِنَ انْعِدامِ القَرارِ، قاله ابن عاشور.

الأقوال في مسألة ماهي ( الشجرة خبيثة) المشبه بها:
اختلف أهل التأويل فيها ؛ أيّ شجرة هي؟
1- هي الحنظل: روي موقوفًا و مرفوعًا عن أنس بن مالك: رواه الترمذي و ابن جرير، و الأصبهاني، و قاله مجاهد كما روى عنه ابن جرير.[من الأصبهاني؟ ومرفوعًا معناه أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم]
2- هذه الشجرة لم تُخْلَق على الأرض: روى ابن جرير ذلك عن ابن عباس.
- قال ابن جرير: حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال، حدثنا عفان قال، حدثنا أبو كدينة قال، حدثنا قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس: ï´؟ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرارï´¾ ، قال: هذا مثل ضربه الله، ولم تخلق هذه الشجرةُ على وجه الأرض.)
3- الكوث، ذكره الزجاح.
4- الثوم، ذكره ابن عطية و نسبه إلى فرقة

تخريج قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِنَاعٍ عَلَيْهِ رُطَبٌ، فَقَالَ: {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: ظ¢ظ¥]، قَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [إبراهيم: ظ¢ظ¦] قَالَ: «هِيَ الحَنْظَلُ» قَالَ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَبَا العَالِيَةِ، فَقَالَ: صَدَقَ وَأَحْسَنَ.
- رواه عنه مرفوعًا من طريق حماد بن سلمة [عن ..... ] كلًا من: الترمذي في سننه(279)، النسائي(303) السنن الكبرى، أبو يعلى (307) في مسنده، و ابن حبان البُستي (ت ظ£ظ¥ظ¤ هـ) في ( التقاسيم و الأنواع) ، أبِي الشيخ الأصبهاني (ت ظ£ظ¦ظ©هـ) في كتابه (كتاب الأمثال في الحديث النبوي )،ابن المقرئ (381) في كتابه المعجم، الحاكم (405) في مستدركه و قال على شرط مسلم و لم يخرجاه، و رواه ابن مردويه (410) كما في الدر المنثور..
- و رواه ابن جرير في تفسيره موقوفأ بأسانيد مختلفة إلى أنس بن مالك منها:
قال ابن جرير حدثنا الحسن قال، حدثنا عمرو بن الهيثم قال، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك قال: الشَّرْيَان، يعني الحنظل
و قال بن جرير فقال حدثنا أحمد بن منصور قال، حدثنا نعيم بن حماد قال، حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن الأعمش، عن حبان بن شعبة، عن أنس بن مالك في قوله: ï´؟كشجرة خبيثةï´¾ ، قال: الشَّرْيان. قلت لأنس: ما الشَّريان؟ قال: الحنظل.
[وطريق شعيب بن الحبحاب عن أنس، رواه ابن جرير أيضًا]

- رواه الترمذي موقوفًا إلى أنس بن مالك دون زيادة قول أبو [أبي] العالية، فقال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الحَبْحَابِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، نَحْوَهُ بِمَعْنَاهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي العَالِيَةِ.
و قد عقب عليه بانه أصح من حديث حماد بن سلمة، لأنه تفرد برفعه.
- رواه أبو نعيم الأصبهاني (430) موقوفًا: في كتابه الطب النبوي فقال: حَدَّثَنا أحمد بن علي الكندي، حَدَّثَنا سعيد بن عبد الله بن عجب، حَدَّثَنا عبيد بن يزيد، حَدَّثَنا نعيم بن حماد، عَن محمد بن ثور، عَن ابن جُرَيج، عَن الأعمش، عَن حسان بن سعيد، عَن أنس بن مالك في قوله {ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة} قال: الشريان قلت لأنس ما الشريان؟ قال: الحنظل

دراسة الاٌقوال في مسألة ما هي الشجرة الخبيثة:
هذه الأقوال تجري على مجرى الأمثال، لشجر له الوصف الذي ذكر في الآية(كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ)، و أقربها ما قيل أنها الحنظل، و جامعها كما ذكر ابن عطية أنها ضعيفة الجذور، سهل الاقتلاع لا تثبت، و هو يشبه ما سبق و اختاره بن جرير، (إذا لم تثبت صحة الحديث المرفوع)، فهي الشجرة بالصفة التي وصفها الله و هذا القول هو مفهوم كلام السعدي.
و قد قال ابن عطية ابن الوصف يعود لنجم و ليس لشجر ، و قال الله عز و جل الشجر تجوزًا كما أخبر الرسول صلى الله عليه و سلم على الثوم و البصل انهما من الشجر.

[]قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).[/color]
ïپ¶ المسائل االتفسيرية:
1- المعنى اللغوي للصراط
({الصّراط}: الطريق، المنهاج الواضح، قاله أبو عبيدة المثني(211)، و الزجاج( 311)،و النحاس(338).
و قال النحاس في معاني القرآن: وكتاب الله بمنزلة الطريق الواضح، وكذلك الإسلام، وقال جرير:
أمير المؤمنين على صراط.......إذا اعوج الموارد مستقيم
أمير المؤمنين جمعت دينا.......وحلما فاضلا لذوي الحلوم
و ذكر ابن جرير في تفسيره إجماع الأمة من اهل التأويل على أن "الصراط المستقيم"، هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه.
2- القراءات في الصراط:
واختلف القراء في الصّراط
1- فقرأ ابن كثير وجماعة من العلماء: «السراط» بالسين، وهذا هو أصل اللفظة.قاله ابن عطية.
2- قرأ باقي السبعة غير حمزة بصاد خالصة وهذا بدل السين بالصاد لتناسبها مع الطاء في الاطباق فيحسنان في السمع، وحكاها سيبويه لغة، ذكر ذلك الفارسي، كما قال ذكر ابن عطية.
3- قال أبو علي: روي عن أبي عمرو السين والصاد، والمضارعة بين الصاد والزاي، رواه عنه العريان بن أبي سفيان. وروى الأصمعي عن أبي عمرو أنه قرأها بزاي خالصة، ذكر ذلك عنه ابن عطية.
قال بعض اللغويين: «ما حكاه الأصمعي من هذه القراءة خطأ منه، إنما سمع أبا عمرو يقرأ بالمضارعة فتوهمها زايا، ولم يكن الأصمعي نحويا فيؤمن على هذا».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وحكى هذا الكلام أبو علي عن أبي بكر بن مجاهد. وقرأ حمزة بين الصاد والزاي. وروي أيضا عنه أنه إنما يلتزم ذلك في المعرفة دون النكرة.
قال ابن مجاهد: «وهذه القراءة تكلف حرف بين حرفين، وذلك أصعب على اللسان، وليس بحرف يبنى عليه الكلام ولا هو من حروف المعجم، ولست أدفع أنه من كلام فصحاء العرب، إلا أن الصاد أفصح وأوسع».
4- وقرأ الحسن والضحاك: «اهدنا صراطا مستقيما» دون تعريف وقرأ جعفر بن محمد الصادق: «اهدنا صراط المستقيم» بالإضافة وقرأ ثابت البناني: «بصرنا الصراط».

3- الحكمة من استخدام لفظ الصراط: العرب تستعيره لكل قول أو عمل كان وصفه الاستقامة ، ذكر ذلك ابن جرير
4-المعنى المراد بالصراط المستقيم : سيأتي ذكر المسألة بتفصيلها فيما بعد.
5- الحكمة من وصف الصراط بالمستقيم: قال ابن جرير في تفسيره أن السبب أنه صواب لا خطأ فيه، و ذكر قولا قدمه بلفظ زعم؛ أن السبب استقامته بأهله إلى الجنة، و عقب عليه أنه مخالف لجميع أهل التفسير، و هذا دليل خطئه.
و ذكر ابن عطية قولًأ آخر: أن المستقيم الذي لا عوج فيه ولا انحراف، والمراد أنه استقام على الحق وإلى غاية الفلاح، ودخول الجنة.
6- مناسبة الصراط المستقيم للآية التي بعدها: صراط الذين أنعمت عليهم بدل من الصراط المستقيم، و فيها بيان لأهل الصراط و أصحابه، و أعمالهم، مفهوم كلام المبرد، و ابن جرير.
ïپ¶ الأقوال في مسألة المراد من( الصراط المستقيم):
1- كتاب الله : رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن علي ابن ابي طالب مرفوعًا.
2- الإسْلامُ ، رواه ابن جرير عن ابن عباس، و جابر بن عبد الله وعبد الرحمن زيد بن أسلم، رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم عن نواس بن سمعان الأنصاري مرفوعًا.
3- النبي و صاحباه من بعده: رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم عن أبي العالية و الحسن موقوفًا.
وقال الطّبرانيّ: حدّثنا محمّد بن الفضل السّقطيّ، حدّثنا إبراهيم بن مهديٍّ المصّيصي، حدّثنا يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه، قال: «الصّراط المستقيم الّذي تركنا عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم».
4- دِينَكَ الحَقَّ، وهو لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ: رواه ابن أبي حاتم عَنِ الضَّحّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ

ïپ¶ تخريج قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).
• رواه المرزوي في كتاب السنة قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَكِيعٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الْإِسْلَامُ.
• رواه عن جابر بن عبد الله بزيادة (وَهُوَ أَوْسَعُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)، كلًا من ؛ ابن جرير (311) في تفسيره، الحاكم (405) في مستدركه ( و صححه)، وَأخرجه وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والمحاملي فِي أَمَالِيهِ من نُسْخَة المُصَنّف كما في الدر المنثور للسيوطي، من طريق عبدالله بن محمد بن عقيل .[عنه]
• و روى الديلمي في مسنده بزيادة (وطريق الحج، والغزو في سبيل اللَّه) فقال حدثنا عثمان بن طالوت ، حدثنا بشر بن أبي عمرو بن العلاء ، عن أبيه ، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل ، عن جابر رضي اللَّه عنه، عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الصراط المستقيم دين الإسلام، وطريق الحج، والغزو في سبيل اللَّه" كما في كتاب (الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس المسمى «زهر الفردوس» لابن حجر العسقلاني (ت ظ¨ظ¥ظ¢ هـ).و في التحقيق أنه موضوع.
و توجيه الزيادة بأن الصراط المستقيم أوسع ما بين السماء و الأرض، أنه زيادة لبيان وصف الصراط، بأنه لا يضيق بأصحابه.
[لأن أصل الإسناد هنا واحد، فيكفي عند إيراد الطرق التي فيها زيادة، ذكر الرواي عن مخرج الأثر]
ïپ¶ دراسة الاقوال في المراد بالصراط المستقيم:
كل هذه الأقوال صحيحة ، و متلازمة، لا يصح أحدها دون الآخر، فمن اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم و اقتدى بأبو بكر و عمر، اتبع الحق، و من اتبع الحق اتبع الإسلام، و من اتبع الإسلام اتبع القرآن كتاب الله و حبله المتين وصراطه المستقيم، فكل هذه الأقوال صحيحة، و هو اختيار ابن جرير و ابن كثير .
ولهذا قال الإمام أبو جعفر بن جريرٍ، رحمه اللّه: والّذي هو أولى بتأويل هذه الآية عندي -أعني {اهدنا الصّراط المستقيم}- أن يكون معنيًّا به: وفّقنا للثّبات على ما ارتضيته ووفّقت له من أنعمت عليه من عبادك، من قولٍ وعملٍ، وذلك هو الصّراط المستقيم؛ لأنّ من وفّق لما وفق له من أنعم اللّه عليهم من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين، فقد وفق للإسلام، وتصديق الرّسل، والتّمسّك بالكتاب، والعمل بما أمره اللّه به، والانزجار عمّا زجره عنه، واتّباع منهاج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ومنهاج الخلفاء الأربعة، وكلّ عبدٍ صالحٍ، وكلّ ذلك من الصّراط المستقيم.

هذا و الله أعلم
بارك الله فيكِ ونفع بكِ وشكر لكِ جهدكِ.

# توضيح:

- المسائل المشار إليها في الملاحظات في أول مشاركة، هي المسائل التي يتضمنها قول الصحابي/ التابعي، وليس التي تتضمنها الآية.
مثلا قول أنس بن مالك أن الشجرة الخبيثة هي الحنظل، يتضمن مسألة وهي المراد بالشجرة الخبيثة، إذًا المطلوب تحريره ودراسته (مسألة المراد بالشجرة الخبيثة)

وقد يتضمن القول المطلوب تخريجه أكثر من مسألة.
- منعًا للتشتت يمكنكِ التزام هذا الأنموذج في عرض إجابتك:

* رأس السؤال ( مثلا: قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل))

- تخريج القول:

- الأقوال الواردة في المراد بالشجرة الخبيثة:

القول الأول: .... قال به فلان وفلان، أو روي عن فلان (إن كانت النسبة إليه محتملة للتضعيف).
القول الثاني .... مثله.
وهكذا باقي الأقوال.
- الدراسة:

هنا تضعين كل المسائل المرتبطة بالمسألة المراد بحثها باختصار، وتقتصرين فقط على ما يخدم تحريرك للمسألة والترجيح بين الأقوال أو الجمع بينها.
في بحث التخريج من المستوى سيكون هناك إضافات أخرى بإذن الله بطلب تخريج جميع الأقوال مثلا، لهذا الارتقاء خطوة خطوة في التطبيقات مهم.

# التخريج: لابد أن تذكري أصل الإسناد كاملا
- السيوطي غالبًا لا يذكر الإسناد ولا طريق الأثر، لهذا نؤخره في نهاية التخريج بعد ذكر الطريق.

التقويم: ب+

زادكِ الله علمًا وهدى ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 19 رجب 1443هـ/20-02-2022م, 09:44 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

[quote]

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعاد مختار مشاهدة المشاركة
⚪ التطبيق الثاني ⚪


خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:


▪1: قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس)


🔷التخريج
🔹رواه البخاري في صحيحه و مالك في الموطأ وابن أبي حاتم في تفسيره والشافعي [في ...] والطبري في تفسيره والبغوي في تفسيره ،كلهم من طريق هشام عن عروة عن عائشة رضي الله عنها
🔹وراوه ابن أبي حاتم عن أبيه عن صالح كاتب الليث عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عنها رضي الله عنها
🔹وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره والطبري ، كلاهما من طريق الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها [يمكن جمع هذه الطرق في (من طريق عروة عن عائشة، وتفريقك لها ينبغي أن يكون لفائدة مثل اختلاف ألفاظ الرواية فننص على ذلك]
*🔹وأخرجه الطبري في تفسيره من طريق الزهري عن القاسم عن عائشة ، ومن طريق مالك عن عطاء عنها ، وعن عبد الملك عن عطاء عنها ، وعن ابن أبي ليلى والأشعت عن عطاء عنها ، وعن عبد الملك عن عطاء عنها [هنا أيضًا يجمعها (عطاء عن عائشة رضي الله عنها) وذكر الراوي عن عطاء يكون في حالة اختلاف ألفاظ الرواية، وحينئذ ينبغي بيان نص الرواية من كل طريق]
ومن طريق أبي نجيح عن عطاء عنها وعن عطاء عن عبيد بن عُمير عنها .
🔹🔹 الحديث مرفوعاً
رواه ابن جرير في تفسيره وأبو دَاوُدَ في السنن ، من طريق إبراهيم الصائغ عن عطاء عن عائشة قالت :
في قوله : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } قال : قالت عائشة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وهو قول الرجل في بيته كلا والله وبلى والله "


🔷 تحرير القول في المسألة :
🔸اللغو : مصدر لغا إذا قال كلاما خطأ ويطلق أيضا على الكلام الساقط الذي لا يعتد به وهو الخطأ ، وماهو في حكم المذموم من القول ،منه قوله تعالى : {وإذا مروا باللغو مروا كراما }
في المراد باللغو أقوال عديدة لأهل العلم
🔸 المراد بالمؤاخذة في الآية
المؤاخذة كفاعلة بمعنى العدّ والمحاسبة ، يقال أخذه بكذا ، اي عدّه عليه ليحاسبه أو يعاقبه ، قاله ابن عاشور
وهنا المراد : وترك العقوبة في الدنيا بالكفارة ، وترك العقوبة عليها في الآخرة أ، كما يعاقب المذنب الآثم ويحاسب .
🔸 تعريف اليمين
اليمين والقسم. والحلف. كلها بمعنى واحد ، وهو توكيد الحكم أو الأمر بذكر اسم الله تعالى أو صفة من صفاته على وجه مخصوص .
🔸في المراد باليمين الاغية( لغو اليمين ) أقوال عديدة لأهل العلم
🔹القول الأول : هو قول الرجل ، لا والله وبلى والله ( روي عن عائشة مرفوعا وموقوفا)
يريد به وصلاً للقول وهو مما يتراجع به الناس ، كما قالت السيدة عائشة في هذا الأثر وفي أثار أخرى عنها :
- كما روى الطبري بسنده عن عائشة رضي الله عنها ، قال :
🔸حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن هشام بن عروة , عن أبيه , عن عائشة : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } قالت : لا والله , وبلى الله , يصل بها كلامه .
🔸حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام بن سلم , عن عبد الملك , عن عطاء قال : دخلت مع عبيد بن عمير على عائشة فقال لها : يا أم المؤمنين قوله : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } قالت : هو لا والله , وبلى والله , ليس مما عقدتم الأيمان
🔸حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري , عن عروة , عن عائشة في قوله : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } قالت : هم القوم يتدارءون في الأمر , فيقول هذا : لا والله , وبلى والله , وكلا والله , يتدارءون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم.
وممن قال بهذا القول ، الشافعي و والشعبي و وابن وكيع و وأبو قلابة وعكرمة ، وغيرهم
🔹القول الثاني
هي التى يحلف بها الحالف وهو يرى أنالأمر كما يرى والأمر على خلاف ما حلف عليه
كما جاء عن .ابن عباس قوله : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } واللغو : أن يحلف الرجل على الشيء يراه . حقا وليس بحق. قاله وسلمان بن يسار والحسن ومجاهد وقتادة وهو أيضا قول ثان لعائشة رضي الله عنها كما روى عنها عروة :
كَانَتْ تَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ -يَعْنِي قوله: ﴿لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ وَتَقُولُ: هُوَ الشَّيْءُ يَحْلِفُ عَلَيْهِ أَحَدُكُمْ، لَا يُرِيدُ مِنْهُ إِلَّا الصِّدْقَ، فَيَكُونُ عَلَى غَيْرِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ
🔹القول الثالث
الأيمان التى يحلف بها صاحبها في حال الغضب على غير عقد قلب ولا عزم ولكن وصلة للكلام
هذا القول مروي عن ابن عباس : ان تحلف وأنت غضبان ، قال به طاووس وحجة من قال به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. : " لا يمين في غضب "
🔹القول الرابع
هو الحلف على فعل مانهى الله عنه وترك ما أمر بفعله
قال سعيد بن جبير :هو الذي يحلف على المعصية فلا يؤخذه الله بإلغائها ( زاد ويكفر عن يمينه )
قال سعيد بن المسيب وعروة ومسروق ، لايمين في معصية ولا كفارة عليها
قال الشعبي : كفارته أن يتوب منها ، وحجة من قال بهذا القول ، حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من نذر فيما لا يملك فلا نذر له , ومن حلف على معصية لله فلا يمين له , ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين لا " . [الكفارة على هذا النوع من اليمين محل خلاف بين الفقهاء]
🔹القول الخامس
ما كان في الهزل والمراء والخصومة والحديث الذي لا يعتمد عليه القلب
وهذا قول ثان للسيدة عائشة في معنى - يمين اللغو - رواه الطبري في تفسيره بسنده من طريق ابن شهاب عن عروة عن عائشة , قالت : أيمان اللغو ما كان في الهزل والمراء والخصومة والحديث الذي لا يعتمد عليه القلب .
🔹القول السادس
ما كان من يمين بمعنى دعاء الحالف على نفسه إن لم يفعل كذا فعليه كذا أو بمعنى الكفر والشرك
قال زيد بن أسلم : مثل قول الرجل اعمى الله بصري ، أو أخرجني من مالي ، أو هو كافر او مشرك إن لم آتيك غدا .
🔹القول السابع
هو قول من قال ان اللغو في اليمين ما كان فيه كفارة - وهذا قول يخالف الأقوال السابقة كما ترى إلا قول سعيد بن جبير فيمن. ترك المعصية بعد الحلف. على أتيانها
روي هذا القول عن ابن عباس والضحاك ، قال ابن عباس : هو حلف الرجل على المضرة أن يأتيها ، فلا يأتيها ويكفر عنها
🔹القول الثامن
هو ما حنث فيه الحالف ناسيا
قال به إبراهيم النخعي ، قال : هو الرجل يحلف على الشيء ثم ينساه


🔷 التوجيه والترجيح
حرّر ابن جرير الطبري في تفسيره بعد سرده للأقوال في المراد بلغو اليمين ، أن كل الأقوال السالفة الذكر داخلة في معنى هجر القول وذميمه وماهو في معنى سبق الكلام من غير تعمد قلب وقصده وأن أيمانهم لا تستلزم كفارة في الدنيا ، ولا معاقبة في الأخرى لأن لفظ * المؤاخذة * ونفيها إلا مع مع اكتسبت القلوب من قصد وعمد ، واضح ، صريح في عدم الحرج والتأثم ، وهذا يرد قول سعيد بن جبير الذي يوجب الكفارة مع عده أن تلك الحالة من لغو اليمين ثم هو يرى الكفارة ، لان هذا يجعل الحالف مؤاخذ بما حلف ، مع عدم العمد والقصد ، والآيةجعلت المؤاخذة للقاصد بقلبه في يمنيه ( اليمين المنعقدة ) ، بأداء الكفارة في الدنيا فهي حسبه من العقوبة والمؤخذاة أو بعقوبة الآخرة إن هو لم يٌكفر عن حنثه
قال ابن عطية ، جاء اللفظ مطلقا في اللغو ، فرفع المؤاخذة بنوعيها في الدنيا والآخرة وهذا معناه ، أنه الأمر لا إثم فيه ولا كفارة
إذن كل الأقوال السابقة داخلة في *معنى *لغو اليمين * ولا تضاد بينها. ، فيكون قول ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها من القول. بالنوع او بالمثال .

[هذه المسألة من المسائل التفسيرية الفقهية، ويختلف ترجيح القول فيها بحسب:


الأول: معنى اللغو لغة.
الثاني: المراد بالمؤاخذة هل هي بلزوم الكفارة أم العقاب في الآخرة.
الثالث: المراد بكسب القلوب أو ما عقدت عليه قلوبهم:
هل هو قصد الحلف، أم انعقاد القلب على الكذب
فلزوم الكفارة يكون مقابلا للغو الذي لا يلزم معه كفارة.
والعقاب في الآخرة على اليمين الغموس يكون مقابلا للغو الذي يسقط بالكفارة.

اختار ابن جرير أن اللغو هو ما ليس عليه كفارة في الدنيا ولا عقوبة في الآخرة يعني بذلك اليمين الغموس؛ فاليمين الغموس ليس عليها كفارة في الدنيا لكن عقوبتها في الآخرة.
لكن تفصيل (ما ليس عليه كفارة من الأيمان) يختلف باختلاف المذاهب الفقهية بحسب تعيين المسائل السابقة، لهذا فمن المهم الرجوع لكتب أحكام القرآن -مع معرفة المذهب الفقهي للمصنف - عند تحرير المسائل التفسيرية الفقهية]


▪ 2: قول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قول الله تعالى: {ومهيمنا عليه} قال: (مؤتمناً عليه).


🔷 التخريج
🔸القول الأول : ( القرآن مؤتمن )
مؤتمنا عليه - امين عليه - القرآن أمين على كل كتاب قبله - يحكم على ما كان قبله من الكتب
وأخرجه ابن حاتم في تفسيره وَعَبَد بن حميد وسعيد بن منصور في تفسيره وسفيان الثوري في تفسيره والبيهقي في الأسماء والصفات والطبري في تفسيره. بأسانيد عديدة كلها : من طريق أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس
وأخرجه الطبري في تفسيره والبيهقي في الأسماء والصفات وابن أبي حاتم : من طريق ، معاوية بن صالح عن على بن أبي طلحة عنه
وأخرجه الطبري : ومن طريق ، سفيان وإسرائيل عن أبي إسحاق عنه
ورواه ابن وهب في الجامع : من طريق محمد بن طلحة عن التميمي عنه


روى عبد بن حميد من طريق أربدة. التميمي عن ابن عباس. بمثله ، ذكره في فتح الباري
وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن مردويه وأبو الشيخ ، عن ابن عباس : مهيمنا عليه ، قال : مؤتمنا عليه ، ذكره عنهم السيوطي في الدر المنثور


🔶 تحرير المسألة والتوجيه [أين؟]


القول الأول :
في سبيل الخلاء والبول ، عبرة لكم من أنفسكم ، دالة على بارئكم وخالقكم ( سبحانه ) وهذا قول عبد الله بن الزبير محل ال تخريج والدراسة ، وقال به أيضا والبخاري في صحيحه وذكره السيوطي في الدر المنثور عن على رضي الله عنه والسدي
القول الثاني :
هذه التسوية في أحسن تقويم ، لتقوم كل جارحة منكم بعبادة ربها خضوعا وشكرا ، قاله قتادة
،القول الثالث
خلقكم من تراب وجعل لكم ربكم من أسماع وأبصارهم وأفئدة { ثم أنتم بشر تنتشرون} قاله ابن زيد
القول الرابع
. قول شامل : في أنفسكم ، في نشأتكم من تراب ومن نطفة و وما رُكب فيكم من حواس وجوارح وأكلكم. ومشربكم وما يتمخض عنه من بول وخلاء من مخارج فيكم ، وما يتغشاكم من هرم وشيخوخة بعد فتوة وريعان شباب ، ثم موت فقبور. ونشور ، كما قال مقاتل : اعتبروا بخلقه لكم على بعثه لكم بعد الممات فهو القادر الخالق .
🔸فاعتبروا بكل آيات الله فيكم الظاهرة والباطنة وتقلبكم طورا بعد طور . فاعبدوا هذا الرب الذي خلق فسوى وقدّر فهدى فلا يخلق غيره ولا رب سواه ، فوحدوه مخلصين له الدين .
🔸فيكون قول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ، من التفسير بالمثال ، وهذا التفسير موجود ومعهود في كلام السلف الكرام .


4: قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).


🔷 التخريج
رواه الحاكم في مستدركه وصححه والمروزي في السنة من طريق : عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر .
وأخرج وكيع وَعَبَد بن حميد وابن المنذر والمحاملي في أماليه عن جابر بن عبد الله في قوله
{ اهدنا الصراط المستقيم } قال : هو الإسلام وهو أوسع مما بين السموات والأرض - ذكره السيوطي في الدر المنثور .
🔷التوجيه
قيل في المراد بالصراط المستقيم. ، أقوال منها :
🔹ألأسلام : وهو قول جابر بن عبد الله كما في هذا الأثر وابن عباس وابن مسعود وَعَبَد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وابن الحنفية الذي زاد فيه بقوله ، الذي لا يقبل الله من العباد غيره
🔹القرآن : روي عن على بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا وموقوفا عليه وعن عبد الله بن مسعود
🔹 الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبوبكر وعمر رضي الله عنهما ، عن الحسن وأبو العالية
🔹 الحق : وهو قول مجاهد وهو أشمل ،كما عبر ابن كثير ، لأن الإسلام حق والقرآن حق والنبي عليه الصلاة والسلام حق وهدي أبو بكر وعمر حق
القول الأول : الإسلام وهو قول عبد الله بن جابر ، الذي عبر عنه بأنه أوسع ما بين السموات والأرض ، لأنه انتظم الدين كله وأحكام الشريعة والآداب. والعقائد والمعاملات ،. والخاتمة عليه إما إلى نعيم أو جحيم
ولهذا القول شاهد من السنة من حديث النواس بن سمعان :
، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا وَعَلَى جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا وَلَا تَتَفَرَّجُوا وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ قَالَ وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ وَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدَّاعِي فَوْقَ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ‏.‏ راوه أحمد والنسائي والترمذي
لو عدنا إلى معنى الصراط المستقيم لوجدنا أنه الطريق الواضح الذي لا أعوجاج فيه ولا انحراف ، ولوتتبعنا هذا المعنى سنجد أن الأقوال كلها في مقصوده وغايته ، وهي متلازمة ، فمن كان على هدى القرآن ، أطاع النبي صلى الله عليه وسلم وسار على هدى الصحابة ونهجهم ، فاتبع الإسلام فكان على الحق الذي يسع الدنيا والآخرة .




▪5: قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).


🔷 التخريج
رواية الحديث مرفوعاً
أخرج الترمذي في سَنَنه وآدم بن [أبي] إياس في تفسيره وأبو يعلى في مسنده وابن حبان في سننه وابن جرير الطبري في تفسيره ووابن المقريء في معجمه والحاكم في مستدركه والنسائي في السنن الكبرى - كلهم من طريق حمّاد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك : [مكرر]
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقِنَاعِ جَزْءٍ فقَالَ: {مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} فقَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [ابراهيم:26] قال هي الحنظلة"
🔹إلا أن الحاكم والنسائي لم يرويا إلا الشق الأول من الحديث :
، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِنَاعٍ مِنْ بُسْرٍ، «فَقَرَأَ» مَثَلُ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ " قَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ»


رواية الحديث موقوفاً
-رواه الطبري في تفسيره والترمذي في سَنَنه والرامهرمزي في أمثال الحديث ، من طريق حمّاد بن زيد عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك
- وأخرجه الطبري في تفسيره بزيادة : حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا مهديّ بن ميمونٍ، عن شعيبٍ قال: قال أنسٌ: {ومثل كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ} الآية، قال: " تلكم الحنظل، ألم تروا إلى الرّياح كيف تصفّقها يمينًا وشمالاً؟ " [إذن مخرج الأثر هنا هو شعيب بن الحبحاب، ويمكنكِ ذكر الراوي عن لاختلاف الرواية، فحماد بن سلمة تفرد برفعه، وباقي الرواة عن شعيب رووه موقوفًا على أنس]


- وراوه الترمذي من طريق أبوبكر بن بن شعيب عن أبيه عن أنس
- والبزّار في مسنده وفي مسند ابي الجعد والطبري بأسانيده ، كلهم من طريق : شعبة عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك .
- وأخرجه ابن مردويه من طريق حيّان بن شعبة عن أنس - ذكره السيوطي في الدر المنثور .


🔶 تحرير القول في المسألة
معنى خبيث : رديء - مكروه - كل شيء فاسد وباطل
- المراد بالشجرة الخبيثة :
🔸القول الأول
الحنظل وهو قول أكثرهم : قاله أنس بن مالك مرفوعا وموقوفا. ، ومجاهد وأبو العالية ورواه عن أنس عدد من الرواة
🔸القول الثاني
مثال ضربه الله لشجرة لا وجود لها على الأرض ، وهو قول ابن عباس
🔸القول الثالث
الكافر : قول الربيع بن أنس ،قال: هو الكافر لا عمل له فى الأرض ولا ذكر له في السماء ،
قاله أيضا عطية العوفي وهو قول ثان يُروى عن ابن عباس والضحاك
وقيل هي كلمة الكفر - ذكره القرطبي [هذا هو المشبه في الآية، الكافر أو كلمة الكفر، لكن المسألة محل الدراسة هي المراد بالشجرة (المشبه به)]
🔸القول الرابع
شجرة الثوم يُروى هذا عن ابن عباس
🔸القول الخامس
قيل هي الكمأة أو الطحلبة أو الكشوت - ذكره القرطبي في تفسيره
🔸القول السادس
كل شجر لا يطيب له ثمر - ذكره الزّجّاج


🔶 التوجيه والترجيح
قول أنس رضي الله عنه ، أن الشجرة هي الحنظل ، يناسب وصفها بأنها شجرة خبيثة ، فالحاصل أن الحنضل
ليس فيه ثمر وليس له بركة ولا منفعة ثم هو مر حتى يضرب المثل بطعمه ، وهو زاحف لا جذور له ولا ساق ، كما وصفه أنس بن مالك في رواية أخرى بزيادة : ألم تروا إلى الرياح كيف تصفقها يميناً وشمالا ، لدلالة أنها لا ثبات لها ، مجتثة ، لا فروع لها ولا ساق ولا أوراق. ترفرف عالية ، بل هي منحطة لاصقة بالأرض ، لا جمال ولا ثمار ، كما كفر الكافر ، مقطوع. منبوذ خلاف الفطرة السوية ، مغطى بكفره مندسة به نفسه ، بلا ارتقاء وسمو يليق بأهل الإيمان ، فالمؤمن ضارب الجدور ، أصيل عريق بتوحيده ، تثبته كلمة التوحيد. ، قوة في الجدر وعلو نحو السماء. ،موصول بها ، كالنخلة المعطاءة تؤتى ثمارها. لا تظلم منه شيئا ، خضراء دائمة ، بهية. ، سامقة نافعة ينتفع بكل عضو فيها. ، فهي زاد وغداء. وبهاء ، كما جاء في الحديث الذي رواه أنس بن مالك والنسائي والحاكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم * أنها النخلة * كمثل للمؤمن
لهذا جاء التشبيه بأنها شجرة الثوم وشجرة الكشوت ، وأنها شجرة للتمثيل والتشبيه ، ليذهب الخيال في تصور قبحها و خبثها وانقطاعها عن كل مذهب ، فالكافر صفر اليدين لا عمل له في الأرض يشهد له. ولا ذكر يرقى في السماء ، يبقى له
هل هذا مثال للتشبيه لا يخص شجرة بعينها ؟
ابن عطية يرى هذا ، ويقول ان كل شجرة حملت هذه الأوصاف هي مثال لهذه الشجرة الخبيثة ، في حين أن ابن جرير الطبري يرى أن قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث أنها الحنضل ، لو صحّ فلا يجوز أن يقال غيره
وإلا ، فالمثال. يقع ويتحقق على كل شجرة تحمل وصفها ونعتها ، فيكون قول أنس رضي الله عنه. ، هو من اختلاف التنوع في التفسير ولا تضاد بين الأقوال كلها . وهو من التفسير بالمثال

[وإن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيصح أن يكون تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لها من باب التفسير بالمثال، لكن يتأكد دخول القول بأنها شجرة الحنظل في معنى الآية]




التقويم: ب+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ
راجعت تحريركِ للسؤال الثالث، لكن يبدو أنه سقط منكِ أيضًا بقية إجابتكِ للسؤال الثاني، فيرجى مراجعته من التصحيح على الإخوة والأخوات.
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 21 رجب 1443هـ/22-02-2022م, 11:18 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيمان جلال مشاهدة المشاركة
خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1: قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس).

التخريج:
قول عائشة رضي الله عنها المذكور أعلاه:
- رواه بذات اللفظ ابن جرير من طريق ابن حميد عن سلمة عن ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عروة ابن الزبير عنها رضي الله عنها.
- رواه بلفظ "لا والله، وبلى والله" دون زيادة "ما يتراجع به الناس" كلا من: مالك (في الموطأ)، وسعيد بن منصور (في سننه)، والبخاري (في صحيحه) من طريقين، والنسائي (في السنن الكبرى)، وابن جرير من طريقين، وابن أبي حاتم، عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير عنها رضي الله عنها.
كما ذكر السيوطي في الدر المنثور أن وكيعا وعبد بن حميد وابن المنذر رووه عنها رضي الله عنها، ولكني لم أجده بعد البحث في المكتبة الشاملة.
ومن طريق أخرى رواه الشافعي (في الأم)، وأبو داوود (في سننه)، وابن جرير من عدة طرق، وابن حبان في صحيحه، وابن مردويه والبيهقي في سننه، عن عطاء عنها رضي الله عنها.
كما ذكر السيوطي في الدر المنثور أن أبا الشيخ قد رواه من طريق عطاء عنها رضي الله عنها.
- رواه عبد الرزاق وابن جرير بلفظ "هم القوم يتدارءون في الأمر، يقول هذا: لا والله، وبلى والله، وكلا والله، يتدارءون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم" من طريق معمر عن الزهري عن عروة عنها رضي الله عنها.
وكذلك رواه سعيد بن منصور (في سننه) وابن جرير من عدة طرق، والبيهقي (في سننه) بذات المعنى (أي اليمين دون عقد القلب) من طريق عطاء عنها رضي الله عنها.
كما ذكر السيوطي في الدر المنثور أن عبد بن حميد وابن المنذر قد روياه عنها رضي الله عنها.

التوجيه:
هذا القول مبني على معنى "اللغو" لغة: هو – كما ذكره ابن منظور في اللسان -: السَّقَط وَمَا لَا يُعتدّ بِهِ مِنْ كَلَامٍ وَغَيْرِهِ وَلَا يُحصَل مِنْهُ عَلَى فَائِدَةٍ ولا نَفْعٍ.
وهو ذات المعنى الذي ذكرته عائشة رضي الله عنها، والمعنى: هو ما سبق إلى اللسان على وجه العجلة والسرعة دون عقد القلب عليه. وقد قال ابن كثير في تعريفه للغو اليمين: وَهِيَ الَّتِي لَا يَقْصِدُهَا الْحَالِفُ، بَلْ تَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ عَادَةً مِنْ غَيْرِ تَعْقِيدٍ وَلَا تَأْكِيدٍ، وهو ما يقتضيه المعنى اللغوي، لأن ما سبق على اللسان على وجه العجلة حتما لم يعقد القلب عليه.
فيكون تفسير عائشة رضي الله عنها من التفسير بلازم المعنى.

• وجاء عن عائشة رضي الله عنها قولا آخر: أن يحلف أحدكم على أمر لا يريد منه إلا الصدق، فيكون غير ما حلف عليه.
- رواه ابن أبي حاتم والبيهقي من طريقين:
الأول: عن عروة بن الزبير عنها رضي الله عنها.
الثاني: عن عطاء عنها رضي الله عنها.
ومن الملاحظ أن الإمام مالك في الموطأ روى ذات اللفظ "لا والله، وبلى والله" عن عروة عنها رضي الله عنها ولكنه أوله على القول الثاني الذي هو غلبة الظن.

ولتحرير المسألة التفسيرية وهي المراد بلغو اليمين:
[هذه العبارة تكون في مسودة بحثك أو في مقام التعليم]
فإن المسألة متعلقة بعلوم اللغة وكذلك بالأحكام، فنبحث أولا في المصادر التي بحثنا فيها أعلاه من المصادر الأصلية التي تعنى بالإسناد، كأمثال: تفسير عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وبدواوين السنة: كالبخاري وأبي داوود، والنسائي، ثم بالتفاسير التي تعنى باللغة: كمعاني القرآن للفراء والنحاس والزجاج، ثم الأحكام: كالقرطبي. [مع مراعاة أن كتب الأحكام تختلف حسب مذهب المصنف الفقهي]
تحرير المسألة (ما هو لغو اليمين؟):
وقد ذكر أهل العلم أوجها للغو اليمين على تسعة أقوال، هي:
القول الأول: هو ما يجري على ألسنة الناس من غير قصد اليمين كالهزل والمزاحة وقول: لا والله، وبلى والله. رواه والشافعي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور والبخاري وأبو داوود والنسائي (عن عائشة)، ورواه ابن جرير (عن عائشة وابن عباس والشعبي وعامر وأبي صالح وأبي قلابة وعطاء وعكرمة ومجاهد) ورواه ابن أبي حاتم (عن عائشة، وقال: وروي عن ابن عمر وابن عبّاسٍ في أحد أقواله، والشّعبيّ وعكرمة في أحد قوليه وعطاءٍ والقاسم بن محمّدٍ وعروة بن الزّبير وأبي قلابة والضّحّاك في أحد قوليه وأبي صالحٍ والزّهريّ) ورواه ابن حبان وابن مردويه (عن عائشة وابن عباس والقاسم بن محمد وعطاء والحسن وعكرمة والشعبي) والبيهقي (عن عائشة رضي الله عنها). [عند عزو الأقوال، نقول: :وهو قول فلان وفلان ... - وإذا ورد احتمال للضعف نقول وهو مروي عن فلان -ثم نفصل بتخريج كل قول
مثلا قول عائشة أخرجه ...
قول ابن عباس أخرججه ....
وهكذا
في هذه التطبيقات نكتفي بعزو الأقوال مع تخريج القول المذكور في رأس السؤال، وفي البحث بإذن الله يطلب التخريج كاملا بهذا النحو]

وذكره الفراء والزجاج والقرطبي وابن كثير.
وهو الذي لا كفارة عليه فيه ولا إثم لأن القلب لم ينعقد عليه.

القول الثاني: على غلبة الظن، فيحلف الرجل على الشيء يرى أنه كذلك وهو ليس كذلك. رواه مالك (عن عائشة) رواه عبد الرزاق عن مجاهد، ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن عائشة وأبي هريرة وابن عباس (في أحد قوليه) وسليمان بن يسار والحسن ومجاهد وابن أبي نجيح وإبراهيم وأبي مالك وزياد وقتادة وزرارة بن أوفى وعامر والسدي والربيع وابن أبي طلحة وابن أبي جعفر ومعمر وسعيد ومكحول) كما رواه ابن أبي حاتم (عن سعيد بن جبير وعطاء وبكر بن عبد الله وأحد قولي عكرمة، وحبيب بن أبي ثابت ومقاتل وطاوس ويحيى بن سعيد وربيعة) ورواه ابن مردويه (عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والنخعي وسليمان بن يسار).
كما ذكره الفراء والزجاج والقرطبي وابن كثير.
وحكمه أنه لا يؤأخذه الله فيه ولا كفارة ولا مأثم، فالكفارة لمن حلف عليه على علم متيقنا بأن الأمر هو عكس ما حلف عليه.

القول الثالث: المراء والخصومة، وهي كل يمين وصل الرجل بها كلامه على غير قصد منه إيجابها على نفسه، أي يصل الرجل كلامه بالحلف كقوله: والله ليأكلن، والله ليشربن ونحو هذا، ومثله تساوم الرجلين بالشيء، فيقول أحدهما: والله لا أشتريه منك بكذا، ويقول الآخر: والله لا أبيعك بكذا، فلا يتعمدا به اليمين ولا يريدا به حلفا. رواه ابن جرير (عن عائشة وإبراهيم)، وذكره القرطبي وابن كثير. [ليس المراد بلغو اليمين عين المراء أو الخصومة وإنما يكثر اللغو في هذه المواضع]
الأدلة والشواهد:
استدل ابن جرير بحديث لا يثبت وهو:
في قصَّةِ الرُّماةِ وَكانَ أحدُهُم إذا رمَى حَلفَ أنَّهُ أصابَ فيَظهرُ أنَّهُ أخطأَ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ أيمانُ الرُّماةِ لَغوٌ لا كفَّارةَ لَها ولا عُقوبةَ
الراوي : الحسن البصري | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : فتح الباري لابن حجر
الصفحة أو الرقم : 11/556 | خلاصة حكم المحدث : لا يثبت
ليس عليه كفارة.

القول الرابع: في الغضب، على غير عقد قلب ولا عزم ولكن وصلة للكلام. رواه ابن جرير (عن ابن عباس وطاووس) ورواه ابن مردويه (عن ابن عباس)، وذكره القرطبي.
الأدلة والشواهد:
استدل القرطبي بحديث ضعيف رواه ابن حجر عن ابن عباس في فتح الباري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمين في غضب". 573/11
لا كفارة عليه فيها.

القول الخامس: في النسيان، أي هو ما حنث فيه الحالف ناسيا. رواه عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم (عن إبراهيم)، كما ذكره القرطبي عن النخعي.
لا كفارة فيه.

القول السادس: الحلف على ترك الحلال من المأكل والمشرب والملبس. رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه (سعيد بن جبير) وذكره الزجاج وقال عنه أنه بعيد، كما ذكره القرطبي وابن كثير.
الأدلة والشواهد:
قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم".
يلزمه كفارة عن هذا اليمين، قال تعالى: "قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم".

القول السابع: بمعنى الدّعاء من الحالف على نفسه إن لم يفعل كذا وكذا، أو أن يقول أنه كافر أو مشرك إن فعل كذا.
كقول الرجل: أعمى الله بصري، أو أخرجني من مالي، أو لا ردني الله إلى أهلي إن لم آتك غدا، أو أنا يهودي إن فعلت كذا. رواه عبد الله بن وهب، وابن جرير وابن أبي حاتم (عن زيد بن أسلم وابن زيد)، وذكره الزجاج وقال عنه أنه محال أن يكون يمين لغو، ولكنه دعاء، كما ذكره القرطبي.
قال عبد الله بن وهب عليه كفارة، بينما قال ابن جرير: هؤلاء لغاةٌ في أيمانهم لا تلزمهم كفّارةٌ في العاجل، ولا عقوبةٌ في الآجل لإخبار اللّه تعالى ذكره أنّه غير مؤاخذ عباده بما لغوا من أيمانهم، وأنّ الّذي هو مؤاخذهم به ما تعمّدت فيه الإثم قلوبهم.

القول الثامن: هو أن يحلف الرجل على أمر إضرار أن يفعله فلا يفعله ويرى الذي هو خير منه. رواه ابن جرير (عن ابن عباس والضحاك)
عليه كفارة ويأتي الذي هو خير منه.

القول التاسع: في المعصية أي فعل ما نهى الله عنه، وترك ما أمر الله بفعله. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن سعيد بن جبير) وذكره القرطبي.
الأدلة والشواهد:
- مَن حلفَ علَى مَعصيةٍ، فلا يمينَ لَهُ، ومن حلفَ على قَطيعةِ رحمٍ، فلا يمينَ لَهُ
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم : 2191 | خلاصة حكم المحدث : حسن | انظر شرح الحديث رقم 42835
ذكره ابن جرير.
يكفر عن يمينه فلا يأتيه بل يأتي الذي هو خير منه، ولا يؤاخذه الله بإلغائها ولكن تلزمه الكفارة، وقال مسروق والشعبي لا يلزمه الكفارة.

التوجيه:

وقد فنّد القرطبي الأقوال حين قال: (أما يمين النسيان فلا شك في إلغائها لأنها جاءت على خلاف قصد الحالف، فهو لغو محض. ويمين المكره فبمثابتها. أما يمين المعصية فباطل، لأن الحالف على ترك المعصية تنعقد يمينه عبادة، والحالف على فعل المعصية تنعقد يمينه معصية، ويقال له لا تفعل وكفّر، فإن أقدم على الفعل أثم في إقدامه وبرّ في قسمه. وأما من قال: أنه دعاء الإنسان على نفسه إن لم يكن كذا فينزل به كذا، فهو قول لغو في طريق الكفارة، ولكنه منعقد في القصد مكروه، وربما يؤاخذ به).
وقد استدل بحديث لم أجد له تخريجا، ووجدت حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما الذي قال فيه: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكُم، لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
ثم قال: (وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهُ يَمِينُ الْغَضَبِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ حَلِفُ النَّبِيِّ ﷺ غَاضِبًا أَلَّا يَحْمِلَ الْأَشْعَرِيِّينَ وَحَمَلَهُمْ وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ).
والحديث بتمامه هو ما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: أَتَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في نَفَرٍ مِنَ الأشْعَرِيِّينَ، فَوَافَقْتُهُ وهو غَضْبَانُ، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَحَلَفَ أنْ لا يَحْمِلَنَا، ثُمَّ قَالَ: واللَّهِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ، لا أحْلِفُ علَى يَمِينٍ، فأرَى غَيْرَهَا خَيْرًا منها، إلَّا أتَيْتُ الذي هو خَيْرٌ، وتَحَلَّلْتُهَا. [صحيح البخاري (6680)].
وقال ابن عطية: (قَدْ رَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤَاخَذَةَ بِالْإِطْلَاقِ فِي اللَّغْوِ، فَحَقِيقَتُهَا لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ، وَالْمُؤَاخَذَةُ فِي الْأَيْمَانِ هِيَ بِعُقُوبَةِ الْآخِرَةِ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ الْمَصْبُورَةِ وَفِيمَا تُرِكَ تَكْفِيرُهُ مِمَّا فِيهِ كَفَّارَةٌ، وَبِعُقُوبَةِ الدُّنْيَا فِي إِلْزَامِ الْكَفَّارَةِ، فلْمُؤَاخَذَةَ قَدْ وَقَعَتْ فِيهَا، وَتَخْصِيصُ الْمُؤَاخَذَةِ بِأَنَّهَا فِي الْآخِرَةِ فَقَطْ تَحَكُّمٌ).
فيكون أرجح الأقوال هو القول الأول والثاني، قال الشيخ علي السايس: "وأظهر الأقوال ما ذهب إليه الأولون -أي جمهور أهل العلم- والحجة فيه: أن الله قسم اليمين إلى قسمين: ما كسبه القلب، واللغو. وما كسب القلب: هو ما قصد إليه. وحيث جعل اللغو مقابله. فيُعلم أنه هو الذي لم يقصد إليه، وذلك هو ما يجري به اللسان من غير قصد إليه".
وقد أكد ذلك محمد رشيد رضا في تفسيره المنار: بأن ابن كثير قد بدأ بسرد الأقوال بالقول الأول مما يظن على أنه قد ترجح عنده.
وعليه: فكل يمين لا تصدر عن كسب القلب ولا تعمّد صاحبها الكذب، فهي يمين لغو.


[أحسنتِ، بارك الله فيكِ.

[هذه المسألة تفسيرية فقهية، ويختلف ترجيح الأقوال فيها باختلاف المذاهب الفقهية، لاختلافهم في فهم عدة مسائل مرتبطة بتعيين المراد باللغو:
الأول: معنى اللغو لغة.
الثاني: المراد بالمؤاخذة هل هي بلزوم الكفارة أم العقاب في الآخرة.
الثالث: المراد بكسب القلوب أو ما عقدت عليه قلوبهم:
هل هو قصد الحلف، أم انعقاد القلب على الكذب
فلزوم الكفارة يكون مقابلا للغو الذي لا يلزم معه كفارة.
والعقاب في الآخرة على اليمين الغموس يكون مقابلا للغو الذي يسقط بالكفارة.

وبالاطلاع على كتب أحكام القرآن مع الانتباه لمذهب المصنف الفقهي يمكن معرفة أقوال المذاهب في المسألة]



2: قول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قول الله تعالى: {ومهيمنا عليه} قال: (مؤتمناً عليه).

التخريج:
رواه سعيد بن منصور (في سننه)، وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي "في الأسماء والصفات" من عدة طرق (عن أبي إسحاق عن التميمي [سماه ابن أبي حاتم: بأربد التميمي] عنه رضي الله عنهما).

التوجيه:
قال ابن جرير: أصل الهيمنة هو الحفظ والارتقاب، يقال رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده، قد هيمن فلان عليه فهو يهيمن هيمنة وهو عليه مهيمن. وأن أقوال أهل التأويل اختلفت ولكنها كلها تدور حول هذا الأصل.
فتكون الأمانة من لوازم الحفظ والرقابة.
وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري أن ثعلبا قد أنكر على ابن قتيبة ومن تبعه من الجماعة قولهم أن المعنى قد اشتق من أيمن مؤيمن ولكن همزته قلبت هاء، وقد بالغ في الإنكار حتى نسب قائله إلى الكفر، لأن المهيمن من الأسماء الحسنى، وأسماء الله لا تصغر. وعلق ابن حجر بأن هذا هو الحق، أنه أصل بنفسه ليس مبدلا من شيء، واستدل بقول أبي عبيدة: أنه لم يجيء في كلام العرب على هذا البناء إلا أربعة ألفاظ: مبيطر، ومسيطر، ومهيمن، ومبيقر.

وبتحرير المسألة وهي معنى "مهيمنا":
جاء عن أهل العلم عدة أقوال، يمكن اختصارها إلى ستة أقوال، هي:
القول الأول: شهيدا وشاهدا. رواه عبد الرزاق (عن قتادة) رواه ابن جرير (عن ابن عباس والسدي وقتادة ومجاهد).
وذكره أبو عبيدة، والأخفش البلخي، والزجاج، والنحاس، وغلام ثعلب.
القول الثاني: مؤتمنا أمينا. رواه ابن وهب وسعيد بن منصور والبخاري وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي [في الأسماء والصفات] (عن ابن عباس)، كما رواه ابن جرير (عن قتادة ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة).
وذكره قطرب البصري، وعبد الله بن يحيى بن المبارك، والزجاج، والنحاس، ومكي بن أبي طالب.
القول الثالث: مصدقا. رواه ابن جرير (عن الحسن ومجاهد وابن زيد) ورواه ابن أبي حاتم (عن الحسن).
القول الرابع: سيدا. رواه ابن أبي حاتم (عن ابن عباس والسدي).
القول الخامس: رقيبا. ذكره الزجاج.
القول السادس: حاكما. ذكره ابن كثير (عن ابن عباس).

توجيه الأقوال:
وهذه الأقوال كلها متقاربة المعاني لأنه إذا كان حافظا للشيء فهو مؤتمن عليه وشاهد ورقيب ومصدق وحاكم وسيد عليه.
قال ابن كثير: (وهذا من فضل الله على هذه الأمة أن جعل اللّه هذا الكتاب العظيم، الّذي أنزله آخر الكتب وخاتمها، أشملها وأعظمها وأحكمها حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره؛ فلهذا جعله شاهدًا وأمينًا وحاكمًا عليها كلّها).


3: قول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في تفسير قول الله {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} قال: «سبيل الخلاء والبول»

التخريج:
رواه عبد الرزاق، وابن جرير (من عدة طرق) والبيهقي في الشعب (عن محمد بن المرتفع عنه رضي الله عنهما).
كما ذكر السيوطي في الدر المنثور أن الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، قد رووه عن ابن الزبير، بيد أني بعد البحث في المكتبة الشاملة لم أجده.

التوجيه:
قول ابن الزبير رضي الله عنهما هو من التفسير بالمثال، فليس سبيل البول والغائط وحده من الآيات الدالة على قدرة الله في خلق الإنسان، وإنما كل جزء من أجزاء بدنه تدل على أنه واحد أحد.

وبتحرير مسألة الآيات التي على العبد أن يتبصر ويتفكر فيها في النفس:
جاء عن أهل العلم عدة أقوال في معناها، يمكن اختصارها إلى ستة أقوال، هي:
القول الأول: سبيل الغائط والبول. رواه عبد الرزاق وابن جرير والبيهقي في الشعب (عن ابن الزبير)، ورواه الخرائطي عن (علي بن أبي طالب).
القول الثاني: تأكل وتشرب في مدخل واحد، ويخرج من موضعين. رواه البخاري.
القول الثالث: تسوية الله وتليينه لمفاصل أبدانكم وجوارحكم دلالة لكم على أن خلقتم لعبادته. رواه ابن جرير (عن ابن زيد)، ورواه أبو الشيخ (عن قتادة).
الأدلة والشواهد:
قوله تعالى: "ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون".
ذكره ابن جرير وروى قول ابن زيد: قال: وفينا آياتٌ كثيرةٌ، هذا السّمع والبصر واللّسان والقلب، لا يدري أحدٌ ما هو أسود أو أحمر، وهذا الكلام الّذي يتلجلج به، وهذا القلب أيّ شيءٍ هو، إنّما هو بضعةٌ في جوفه، يجعل اللّه فيه العقل، أفيدري أحدٌ ما ذاك العقل، وما صفته، وكيف هو؟
القول الرابع: الآيات والعبر التي في أنفسكم والتي تدل على وحدانية الصانع، فلا إله سواه يقدر على خلقكم. رواه ابن جرير واختاره لعمومه وشموله، كما رواه أبو الشيخ (عن قتادة).
القول الخامس: فيما يدخل من طعامكم وما يخرج. ذكر السيوطي في الدر المنثور أن ابن حاتم رواه عن السدي.
[أحسنتِ بيان اختلاف الألفاظ بين الأقوال، لكن القول الثاني والخامس يمكن أن يندرجا تحت الأول، مع بيانكِ لاختلاف اللفظ الذي يفيد معنى إضافي]



توجيه الأقوال:
الأقوال المذكورة أعلاه يشملها معنى الآية الكريمة - وهو ذات القول الرابع الذي اختاره ابن جرير لعمومه -، فتكون الأقوال من باب اختلاف التنوع لا التضاد. فعندما دعا الله العباد للتفكر في أنفسهم، كان كل محل في أبدانهم آية من آيات الله تدل من تفكر بها واعتبر على أن خالقها وبارئها ومصورها هو الله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحدا، فيوحده بالعبادة كما وحده بالربوبية.

4: قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).

التخريج:
رواه ابن جرير والحاكم في المستدرك (عن الحسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عنه رضي الله عنهما) مع زيادة "هو أوسع مما بين السماء والأرض".
ورواه وكيع وعبد بن حميد وابن المنذر والمحاملي في أماليه من نسخة المصنف عنه رضي الله عنهما (مع الزيادة) كما ذكر السيوطي في الدر المنثور. [وقد بحثت في المكتبة الشاملة في كتب من ذكرهم السيوطي ولم أجده].
[ورواه المروزي في السنة، ومخرج الأثر هو عبد الله بن محمد بن عقيل]
التوجيه:
ذكر ابن جرير: أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه. وإن العرب لتستعير الصراط فتستعمله في كل قول وعمل وصف باستقامة أو باعوجاجه. والإسلام موصوف بذلك كله.
قال تعالى عنه "قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين" [الأنعام]. فالإسلام هو الدين المستقيم الموصل إلى جنات النعيم، من سلكه نجا، ومن حاد عنه ضل وخسر. فيكون قول جابر رضي الله عنهما هو تفسير مطابق ومقارب للمعنى اللغوي.

وتحرير المسألة:
ذكر أهل العلم في المراد بالصراط المستقيم عدة أقوال، يمكن اختصارها إلى خمسة أقوال، هي:
القول الأول: القرآن. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن علي بن أبي طالب) كما رواه ابن جرير والحاكم (عن عبد الله بن مسعود) ورواه ابن جرير (عن ابن عباس)، وذكره ابن عطية وابن كثير.
وذكره النحاس
القول الثاني: الإسلام. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن نواس بن سمعان) ورواه ابن جرير والحاكم (عن جابر بن عبد الله) ورواه ابن جرير (عن ابن مسعود وابن عباس وابن الحنفية وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم) وذكره ابن عطية، وابن كثير.
وكذلك ذكره النحاس، ومكي بن أبي طالب.
القول الثالث: الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم (عن أبي العالية والحسن) كما رواه الحاكم (عن ابن عباس)، وذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الرابع: الحق. رواه ابن أبي حاتم (عن ابن عباس ومجاهد).
القول الخامس: صراط حقيقي يمر فوق النار، يتفاوت الناس في سرعة اجتيازه. رواه سعيد بن منصور (عن ابن مسعود)، وذكره ابن كثير.
وقد خطّأ ابن جرير هذا القول محتجا بإجماع جميع المفسرين من الصحابة والتابعين على أن المعنى مرتبط بقوله تعالى "إياك نعبد وإياك نستعين"، حيث سأل العبد ربه هنا المعونة على عبادته في الدنيا، فجاءت "اهدنا الصراط المستقيم" تدل على الثبات على الهدى فيما بقي من العمر. وقد زعم بعض أهل الغباء أنّه سمّاه مستقيمًا لاستقامته بأهله إلى الجنّة، وهذا مخالف لإجماع أهل التفسير.

توجيه الأقوال:
فجميع الأقوال يشملها- باستثناء القول الأخير الذي خطأه ابن جرير - فيكون التفسير تفسيرا مطابقا أو مقاربا لمعنى الصراط المستقيم. لأن الصراط لغة هو الطريق، وصفه تعالى بالمستقيم: لأنّه صوابٌ لا خطأ فيه.
وقد ذكر ابن جرير أن أولى الأقوال عنده هو ما ارتضاه الله ووفّق له من أنعم عليه من عباده، من قولٍ وعملٍ. وذلك هو الصّراط المستقيم، لأنّ من وفّق لما وفّق له من أنعم اللّه عليه من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصالحين، فقد وفّق للإسلام، وتصديق الرّسل، والتّمسّك بالكتاب، والعمل بما أمره اللّه به، والانزجار عمّا زجره عنه، واتّباع منهاج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ومنهاج أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليٍّ، وكلّ عبدٍ للّه صالحٍ. وكلّ ذلك من الصّراط المستقيم.


5: قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).
التخريج :
روي هذا القول عن أنس رضي الله عنه مرتان: مرفوعا، وموقوفا.
- أما من رواه مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم بذات اللفظ "الحنظل":
رواه الترمذي، وأبو يعلى في مسنده، وابن جرير (عن حماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم).
O ورواه البزار في مسنده عن معاوية بن قرة عنه رضي الله عنه بلفظ "الشريان" وهو الحنظل ذاته (حيث قال معاوية: أحسبه رفعه).

- أما من رواه موقوفا عنه رضي الله عنه بذات اللفظ "الحنظل":
رواه الترمذي، وابن جرير، من عدة طرق عن شعيب بن الحبحاب، عنه رضي الله عنه.
كما رواه ابن جرير عن شعبة عن معاوية بن قرة عنه رضي الله عنه مثله.
ورواه ابن جرير عن شعبة عن أبي إياس عنه رضي الله عنه مثله.
O ورواه البزار في مسنده وابن جرير من عدة طرق (عن شعبة عن معاوية بن قرة عنه رضي الله عنه) بلفظ "الشريان" وهو الحنظل ذاته (حيث قال البزار: ولم يرفعه).
كما رواه ابن جرير عن حبان بن شعبة عنه رضي الله عنه بلفظ "الشريان".
وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور أن النسائي قد رواه مرفوعا عن أنس، وبعد البحث لم أجد لهذا القول أثرا. وكذلك قال بأن ابن مردويه قد رواه عن أنس تارة مرفوعا وتارة موقوفا، وبعد البحث في المكتبة الشاملة لم أجده.
وبالتعليق على المرفوع والموقوف قال ابن جرير: وقد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بتصحيح قول من قال: هي الحنظلة خبرٌ، فإن صحّ فلا قول يجوز أن يقال غيره، وإلاّ فإنّها شجرةٌ بالصّفة الّتي وصفها اللّه بها. ذكر الخبر الّذي ذكرناه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال الترمذي بأن الموقوف هو أصح من المرفوع الذي رفعه حماد بن سلمة، والذي قال عنه أبو يعلى: "المحفوظ في هذا الحديث هو الوقف – كما أشار الترمذي -، وحماد بن سلمة وإن كان شيخ الإسلام، إلا أنه قد تغير قليلا بآخره، وقد خالفه جماعة من الثقات الأثبات في رفعه، كلهم رووه عن شعيب عن أنس به موقوفا نحوه".

التوجيه:
الرواية بالمرفوع هي: حَدَّثَنَا غَسَّانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقِنَاعٍ عَلَيْهِ بُسْرٌ، فَقَالَ: " {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: 25] "، فَقَالَ: " هِيَ النَّخْلَةُ، {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ ‌كَشَجَرَةٍ ‌خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [إبراهيم: 26] "، قَالَ: «هِيَ الْحَنْظَلُ»، قَالَ شُعَيْبٌ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَبَا الْعَالِيَةِ فَقَالَ: كَذَلِكَ كُنَّا نَسْمَعُ.
الآية هي من الأمثال التي في القرآن، حيث شبه تعالى كفر الكافر بالحنظلة، ووجه الشبه: أن الحنظلة – كما وصفها العلماء – هي من الشجر الذي لا قرار لها ولا أصل في الأرض، فجذورها ليست عميقة في الأرض فهي غير ثابتة، وكما وصفها أنس رضي الله عنه - حين حددها بالحنظل – أنها تصفقها الرياح يمينا وشمالا، وهكذا عمل الكافر، لا يقبل منه، ولا يصعد إلى الله، فلا أصل ثابت له في الأرض، ولا فرع في السماء، أي لا عمل صالح له في الدنيا، ولا في الآخرة، وفي هذا الوصف موافقة لوصف الحنظلة، وهو من التفسير بالمثال، وهو ينطبق على الحنظلة.

تحرير المسألة:
ذكر المفسرون عدة أقوال للمراد بشجرة الحنظل، يمكن اختصارها إلى سبعة أقوال، هي:
القول الأول: الحنظل. رواه الترمذي وأبو يعلى في مسنده وابن جرير (عن أنس بن مالك مرفوعا وموقوفا)، ورواه ابن أبي حاتم كما رواه ابن حبان في التقاسيم والأنواع وفي صحيحه (مرفوعا). ذكره ابن عطية وقال: هو الذي عليه أكثر المفسرين.
وذكره مكي بن أبي طالب وابن عطية.
القول الثاني: الشريان. رواه البزار في مسنده (عن أنس بن مالك (قال معاوية أحسبه مرفوعا)، ورواه البزار وابن جرير – بهذا اللفظ – عن أنس موقوفا))، وذكره ابن كثير.
وقد روى ابن جرير عن معاوية بن قرة: أن الشريان هو الحنظل، وبالتالي يعتبر القول الأول والثاني قولا واحدا.
القول الثالث: شجرة لم تخلق على الأرض. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن ابن عباس). وذكره ابن عطية.
القول الرابع: التي تجعل في المسكر. رواه ابن أبي حاتم.[عن من ؟]
القول الخامس: الأكشوث. ذكره قطرب.
القول السادس: الكوث. ذكره الزجاج.
القول السابع: الثوم. ذكره ابن عطية.
الأدلة والشواهد:
روى عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مَن أكَلَ مِن هذِه البَقْلَةِ فلا يَقْرَبَنَّ مَساجِدَنا، حتَّى يَذْهَبَ رِيحُها يَعْنِي الثُّومَ).
صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 561 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح.

التوجيه:
بالنظر للأقوال السابقة، نلحظ أن كل قول يعتبر من التفسير بالمثال، فكل شجرة لها الوصف "اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار" ينطبق عليها وصف الشجرة الخبيثة.
وبالرجوع إلى ما ذكره ابن منظور في لسان العرب: "الكَشُوثُ، والأُكْشُوثُ، والكَشُوثَى: كلُّ ذلك نباتٌ مُجْتَثٌّ مقطوعُ الأَصل، وقيل: لا أَصل له، وهو أَصْفَرُ يتعلق بأَطراف الشَّوْكِ وغيره، ويُجْعَلُ في النبيذ سَوادِيَّةٌ، يقولون: كَشُوثاء.
الجوهري: الكَشُوثُ نبتٌ يَتَعلَّقُ بأَغصانِ الشجرِ، من غير أَن يَضْرِبَ بعِرْقٍ في الأَرض؛ قال الشاعر: هو الكَشُوثُ، فلا أَصلٌ، ولا وَرَقٌ،ولا نَسيمٌ، ولا ظِلٌ، ولا ثَمَرُ.
فيكون المعنى: أن الله في الآية شبه كلمة الشرك بكل شجرة وصفها أنها لا أصل لها في الأرض، ولا فرع لها في السماء ولا حمل، فهي بغاية الوهن والضعف، تقلبها أقل ريح، كذلك الكفر الذي لا ثبوت له، فالكافر يظن أنه على شيء، وهو لا يستقر ولا يغني عنه، كما يرى الناظر من بعيد الشجرة فيظنها نافعة ولكنها خبيثة لا فائدة ترجى منها، لا أصل ولا فرع ولا ثمرة.
قال ابن عطية: أن هذه كلها من النجم وليست من الشجر، والله تعالى إنما مثل بالشجرة فلا تسمى هذه شجرة إلا بتجوز، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثوم والبصل: من أكل من هذه الشجرة، وأيضا فإن هذه كلها ضعيفة وإن لم تجتث، اللهم إلا أن نقول: اجتثت بالخلقة.
وقال ابن عباس: هذا مثل ضربه الله ولم يخلق هذه الشجرة على وجه الأرض.
والظاهر عندي أن التشبيه وقع بشجرة غير معينة إذا وجدت فيها هذه الأوصاف. فالخبث هو أن تكون كالعضاه، أو كشجر السموم أو نحوها. إذا اجتثت- أي اقتلعت، حيث جثتها بنزع الأصول وبقيت في غاية الوهاء والضعف- لتقلبها أقل ريح. فالكافر يرى أن بيده شيئا وهو لا يستقر ولا يغني عنه، كهذه الشجرة التي يظن بها على بعد أو للجهل بها أنها شيء نافع وهي خبيثة الجني غير باقية.


التقويم: أ

أحسنت بارك الله فيك، زادكِ الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 24 رجب 1443هـ/25-02-2022م, 12:35 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فروخ الأكبروف مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله.

1: قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس).

- أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ومصنفه والطبري وابن أبي حاتم من طريق الزهري، وابن أبي جاتم من طريق أبي الأسود، كلهم عن عروة عن عائشة.
بلفظ: (هم القوم يتدارؤن في الأمر يقول هذا: لا والله، وبلى والله، وكلا والله يتدارؤن في الأمر لا يعقد عليه قلوبهم) في رواية عبد الرزاق، وبلفظ: (إنما اللغو في المزاحة والهزل، وهو قول الرجل، لا والله، وبلى والله، فذلك لا كفارة فيه، إنما الكفارة فيما عقد عليه قلبه أن يفعله ثم لا يفعله) فيما رواه ابن أبي حاتم من طريق أبي الأسود، و(هو الشيء يحلف عليه أحدكم، لا يريد منه إلا الصدق، فيكون على غير ما حلف عليه) فيما رواه من طريق الزهري.
- وأخرجه مالك في الموطأ، وسعيد بن منصور في سننه من طريق إسماعيل بن زكريا، والبخاري من طريق مالك بن سعير ويحيى القطان، والنسائي في السنن الكبرى من طريق يحيى القطان، وابن الجارود في المنتقى من طريق عيسى بن يونس، والطبري من طريق ابن إسحاق ووكيع وعبدة وأبي معاوية وجرير، وابن أبي حاتم من طريق عبدة بن سليمان كلهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها.
ولفظ (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس) لفظ الطبري فيما رواه من طريق ابن إسحاق. وفي بعضها من دون هذه الزيادة، وهي: (ما يتراجع به الناس)
وفي لفظ البخاري والنسائي وابن الجارود: "أنزلت في قول الرجل: لا والله وبلى والله".
- وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده من طريق إبراهيم النخعي عن الأسود، عن عائشة، ولفظه: (لا والله، وبلى والله، في المرى والغضب).
- أخرجه والطبري من طريق الزهري عن القاسم، عن عائشة.
- وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه والطبري من طريق ابن جريج، وسعيد بن منصور والطبري من طريق عبد الملك، والطبري من طريق ابن أبي نجيح، وابن أبي ليلى، ومالك بن مغول، وعمرو، وأشعث، كلهم عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة رضي الله عنها بألفاظ مختلفة.

وهذا القول هو اختيار الفراء، وأبي عبيدة، والنحاس، وابن حزم، والسمعاني، وابن الجوزي، والشوكاني.
قال الفراء: "وكان القول الأول- وهو قول عَائِشَةَ: إن اللغو ما يجرى فِي الكلام على غير عقد- أشبه بكلام العرب".
وقال النحاس: "وأولى هذه الأقوال قول عائشة..."
وقال ابن حزم في المحلى: "أما قول المرء: لا والله، وأي والله بغير نية، فأمره ظاهر لا إشكال فيه؛ لأنه نص القرآن، كما قالت أم المؤمنين - رضي الله عنها".
قال السمعاني: "والأصح: ما قالت عائشة... لأن الله تعالى يقول: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} وكسب القلب: هو القصد بالقلب إلى اليمين؛ فدل أن يمين اللغو: ما لم يقصد بالقلب".
وقال ابن الجوزي في زاد المسير: "وقول عائشة أصح الجميع".
قال الشوكاني: "والراجح القول الأول لمطابقته للمعنى اللغوي..."، يعني: قول عائشة رضي الله عنها.
ونسبه ابن عبد البر في التمهيد إلى الأكثر، فقال: "والذي عليه أكثر العلماء ما ذكر آخرا وهو قول عائشة..."
وقد نقل القرطبي قول المروزي قال: "لغو اليمين التي اتفق العلماء على أنها لغو هو قول الرجل: "لا والله، وبلى والله"، في حديثه وكلامه غير معتقد لليمين ولا مريدها".
ونقل ابن الملقن في التوضيح قول القاضي إسماعيل: "وأعلى الرواية في ذلك وأمثلها في تأويل الآية إنما جاء على قول الرجل: لا والله، وبلى والله، وهو لا يريد اليمين، فلم يكن عليه يمين؛ لأنه لم ينوها، وقال - عليه السلام -: "إنما الأعمال بالنيات"".
وبهذا يتبين أن اختيار هذا القول مبني على موافقته للغة العرب.
وبين ابن عطية الطريق في المعاملة مع هذا فقال: "وطريقة النظر أن يتأمل لفظة اللغو ولفظة الكسب، ويحكم موقعهما في اللغة..."
فقال ابن فارس في "مقاييس اللغة": (لغو) اللام والغين والحرف المعتل: أصلان صحيحان،
أحدهما: يدل على الشيء لا يعتد به، والآخر على اللهج بالشيء. فالأول اللغو: ما لا يعتد به من أولاد الإبل في الدية. قال العبدي:
أو مائة تجعل أولادها لغوا ... وعرض المائة الجلمد
يقال منه: لغا يلغو لغوا. وذلك في لغو الأيمان. واللغا هو اللغو بعينه. قال الله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} [البقرة: 225]، أي: ما لم تعقدوه بقلوبكم. والفقهاء يقولون: هو قول الرجل لا والله، وبلى والله. وقوم يقولون: هو قول الرجل لسواد مقبلا: والله إن هذا فلان، يظنه إياه، ثم لا يكون كما ظن. قالوا: فيمينه لغو، لأنه لم يتعمد الكذب.
والثاني قولهم: لغي بالأمر، إذا لهج به. ويقال: إن اشتقاق اللغة منه، أي يلهج صاحبها بها. ه
ومنه قول الفرزدق:
ولست بمأخوذ بلغو تقوله ... إذا لم تعمد عاقدات العزائم
وقال الطبري في معنى هذا القول: "معناه: لا يؤاخذكم الله بما سبقتكم به ألسنتكم من الأيمان على عجلة وسرعة، فيوجب عليكم به كفارة إذا لم تقصدوا الحلف واليمين. وذلك كقول القائل:"فعلت هذا والله، أو: أفعله والله، أو: لا أفعله والله"، على سبوق المتكلم بذلك لسانُه، بما وصل به كلامه من اليمين".
هذا من جهة اللغة.
أما من جهة السياق، فقد قال قال ابن الجوزي: "واستدل أرباب هذا القول بقوله تعالى: {ولكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}.
وقال ابن عطية: "...فكسب المرء ما قصده ونواه، واللغو ما لم يتعمده أو ما حقه لهجنته أن يسقط، فيقوى على هذه الطريقة بعض الأقوال المتقدمة ويضعف بعضها، وقد رفع الله عز وجل المؤاخذة بالإطلاق في اللغو، فحقيقته ما لا إثم فيه ولا كفارة، والمؤاخذة في الأيمان هي بعقوبة الآخرة في الغموس المصبورة، وفيما ترك تكفيره مما فيه كفارة، وبعقوبة الدنيا في إلزام الكفارة، فيضعف القول بأنها اليمين المكفرة، لأن المؤاخذة قد وقعت فيها، وتخصيص المؤاخذة بأنها في الآخرة فقط تحكم".
قال ابن كثير: وقوله: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} أي: لا يعاقبكم ولا يلزمكم بما صدر منكم من الأيمان اللاغية، وهي التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه عادة من غير تعقيد ولا تأكيد، كما ثبت في الصحيحين من حديث الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله" فهذا قاله لقوم حديثي عهد بجاهلية، قد أسلموا وألسنتهم قد ألفت ما كانت عليه من الحلف باللات من غير قصد، فأمروا أن يتلفظوا بكلمة الإخلاص، كما تلفظوا بتلك الكلمة من غير قصد، لتكون هذه بهذه؛ ولهذا قال تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم} كما قال في الآية الأخرى في المائدة: {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان} [المائدة:89] .
قال ابن كثير: "وقوله: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد: هو أن يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب. قال مجاهد وغيره: وهي كقوله: {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان} الآية [المائدة:89]".
بل يمكننا القول: إن قول عائشة هذا في حكم المرفوع، وذلك لما جاء فيما رواه البخاري والنسائي وابن الجارود: "أنزلت في قول الرجل: لا والله وبلى والله".
وهذه الصيغة- أنزلت في كذا- جعلها البخاري في التفسير المسند، كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في المقدمة.
ويقوي هذا ما رواه أبو داود في سننه والطبري وابن حبان في صحيحه عن حسان بن إبراهيم، عن إبراهيم الصائغ قال: سألت عطاء عن اللغو في اليمين، فقال: قالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هو كلام الرجل: كلا والله، وبلى والله».
فرواه أبو داود وابن حبان من طريق حميد بن مسعدة، والطبربي من طريق محمد بن موسى الحرسي، غير أن أشار ابن داود إلى أنه اختلف على عطاء وعلى إبراهيم في رفعه ووقفه فقال: "روى هذا الحديث داود بن أبي الفرات، عن إبراهيم الصائغ، موقوفا على عائشة، وكذلك رواه الزهري، وعبد الملك بن أبي سليمان، ومالك بن مغول، وكلهم عن عطاء، عن عائشة موقوفا".
قال الدارقطني في "العلل الواردة في الأحاديث النبوية": "والصحيح في جميعه الموقوف".
وعلى كل فالقول مبني على موافقته للغة، ودلالة السياق، وهو في حكم المرفوع عند من جعل قول الصحابي في سبب النزول مسندا.
أما ما يترتب على ذلك من أحكام فيستدل بهذا القول عدم وجوب الكفارة على من حلف بدون قصد. وذلك أن الأيمان تنقسم إلى ما يتعلق به مؤاخذة، وإلى ما لا يتعلق به مؤاخذة في معنى الكفارة. ذكره الكيا الهراسي في الأحكام فقال: "وهذا مذهب الشافعي في الأيمان المستقبلة. وأبو حنيفة يرى تعليق الكفارة بالأيمان المستقبلة كلها، فمعنى قوله تعالى: {لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ}، يعني المؤاخذة في الأيمان على ما مضى. وإثبات المؤاخذة في الأيمان المستقبلة، غير أن الله تعالى قال في موضع آخر: {لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}، فأثبت المؤاخذة بما كسبت قلوبنا، وجعل اللغو يقتضي أن المكتسب بالقلب هو الذي يجرد القصد إليه، والماضي العمومي لا كفارة فيه عندهم، فاليمين عندهم منقسمة إلى الماضي والمستقبل، والمؤاخذة من حيث الاسم ثابتة في الماضي والمستقبل في بعض المواقع، فعلى هذا يقولون: اللغو المذكور في هذه الصورة، أن يحلف على الماضي وهو غير المعقود عليه، ونقيضه المعقود عليه، وهو ما يعزم على فعله، وإنما يعرف عزمه بقوله: لأفعلن ولا أفعل، وفي الماضي لا يتصور عقد العزم على شيء.
واللغو المذكور في سورة البقرة، أن يحلف على الماضي ظانا أنه كذلك، ثم يتبين غلطه، فهذا لا إثم عليه فيه. وضده أن يحلف عامدا، فهو غموس تتعلق المؤاخذة به في الآخرة، فهذا معنى هذه الآية عندهم.
وقال بعض أهل العلم: اللغو أن يحلف على معصية أن يفعلها، فينبغي له ألا يفعلها ولا كفارة فيه، وروي فيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليتركها فإن تركها كفارتها.
ولا شك أن الذي رآه الشافعي أولى، فإن الله تعالى ذكر اللغو في معرض إبراز العذر له، وجعل الكفارة في المعقود، والعقد ربط القلب بشيء وتجديد القصد إليه، فإذا كان كذلك، فينبغي أن يكون من يسقط الكفارة عنه، إنما يسقط تسبب نسيه أن يكون عذرا، تسقط به المؤاخذة في الدنيا والآخرة جميعا، وفي الغموس لا عذر لصاحبه، وإن سقطت الكفارة، فليس لأن الغموس تقتضي التخفيف وترك المؤاخذة، بل تقتضي ضد ذلك".

2: قول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قول الله تعالى: {ومهيمنا عليه} قال: (مؤتمناً عليه).
أخرجه عبد الله بن وهب بن مسلم المصري عن محمد بن طلحة، عن رجل مِنْ بني تميم عن ابن عباس.
وأخرجه سعيد بن منسور من طريق معاوية، وابن جرير الطبري من طريق سفيان الثوري وأبي الأحوص وإسرائيل وعنبسة ومطرف وقيس بن الربيع وزهير وشريك، جميعهم عن أبي إسحاق، عن التميمي، وبعضهم قال: عن رجل من تميم، به مثله.
وأخرجه ابن أبي حاتم وزاد: "واسمه أربد" من طريق سفيان، والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق سفيان وإسماعيل، كلهم عن أبي إسحاق، عن التميمي عن ابن عباس.
[طالما أن لفظ الرواية لم يختلف فيكفي التخريج من مخرج الأثر (من طريق أبي إسحاق عن أربدة التميمي عن ابن عباس رضي الله عنه)
مع بيان ما فيه اختلاف كما فعلت في إسناد ابن وهب؛ أفردته لأنه أبهم الرجل التميمي]

وقد بين ابن أبي حاتم من هو التميمي فقال: واسمه أربد.
قال يحيى بن معين في التاريخ: "اسم التميمي أربدة كذا قال إسرائيل". ه
وقال العجلي في تاريخ الثقات: " أربدة التميمي: كوفي تابعي، ثقة". ه
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: "أربدة التميمي، ومنهم من يقول: أربد، بلا هاء، روى عن ابن عباس، روى عنه أبو إسحاق السبيعي، سمعت أبي يقول ذلك".
وذكر ابن حبان في الثقات قال: "أربدة التميمي يروي عن بن عباس، أصله من البصرة من بنى تَمِيم، كان يجالس البَراء روى عنه أبو إسحاق السبيعِي".
وقال المزي في تهذيب الكمال: أربدة، ويُقال: أربد: التميمي البَصْرِيّ، صاحب"التفسير"، كان يجالس ابن عباس. رَوَى عَن: عَبد الله بْن عباس (د) .
رَوَى عَنه: أبو إسحاق السبيعي (د)، ولم يرو عنه غيره".

وهذا القول مبني على أن أصل (مهيمن) هو (مُؤَيْمِنٌ)، من (آمن)، وإنما قلبت الهمزة هاء لقرب مخرجهما.
قال الواحدي في البسيط: "وذلك أن (آمن يؤمن) كان في الأصل: (آمن مؤيمن)، وكذلك يفعل في الأصل: يوفعل، فاستثقلوا هذه الهمزة وحذفوها، كما حذفوا الهمزة الأصلية من: أرى ويرى، فأما المهيمن فإنهم ردوا الهمزة إلى الكلمة، ثم قلبت هاء؛ لأن الهاء أخف من الهمزة؛ لأن للهمزة ضغطة في الحلق ليست للهاء.
فالمهيمن على هذا التأويل بمعنى: المؤمن، وهو المصدق، وهو الأمين، كما قال المفسرون". ه
يعني: هذا تفسير لفظي، وهو مما تعلمه العرب من لغتها على تقسيم ابن عباس -رضي الله عنهما- للتفسير.
فقلب الهمزة هاء من كلام العرب الفصيح.
قال الأخفش في معاني القرآن: "ومن العرب من يقول: "هِيّاك" بالهاء ويجعل الالف من "إيّاك" هاء فيقول "هِيّاك نعبد" كما تقول: "إيهِ" و "هِيهِ" وكما تقول: "هَرَقت" و "أَرَقْتُ". ه
ويؤيد هذا ما قال مكي بن أبي طالب في "الإبانة عن معاني القراءات": قرأ ابن السوار الغنوي: "هياك نعبد وهياك نستعين" بالهاء في موضع الهمزة، وهي لغة قليلة، أكثر ما تقع في الشعر". وذكرها أيضا ابن عطية وقال: "وهي لغة".
ولعل هذا سبب لترجيح بعض العلماء لهذا القول.
كما رجحه ابن قتيبة في غريب القرآن وقال: "...وهذا أعجب إلي...لأن أهل النظر- من أصحاب اللغة- يرون: أن «مهيمنا» اسم مبنى من «آمن» ، كما بني «بطير» ومبيطر و «بيطار» من «بطر» قال الطِّرِمَّاحُ:
كَبَزْغِ الْبَطِيرِ الثَّقْفِ رَهْصَ الْكَوَادِنِ
وقال النابغة:
شَكَّ المُبَيْطِرِ إِذْ يَشْفِي مِنَ الْعَضَدِ
وكأن الأصل، "مُؤَيْمِنٌ"؛ ثم قُلبت الهمزة هاء: لقُرب مَخرجهما؛ كما تُقلب في "أَرَقتُ الماء"، فيقالُ: هَرَقت الماء. وقالوا: ماءٌ مُهَرَاق؛ والأصل: ماءٌ مُراق. وقالوا: "إبْرِيَةٌ وهِبْرِيَةٌ، وأَيْهاتَ وهَيْهَاتَ، وإيَّاكَ وهِيَّاكَ". فأبدلوا من الهمزة هاءَ. وأنشد الأخْفَش:
فَهِيَّاكَ وَالأمْرَ الَّذِي إِنْ تَوَسَّعَتْ ... مَوَارِدُهُ ضَاقَتْ عَلَيْكَ مَصَادِرُهْ ه
واستحسنه الزجاج في تفسيره قائلا: "وقال بعضهم: مُهيمِن في معنى (مؤتمن) إلا أن الهاءَ بدل من الهمزة، والأصْلُ (مؤتمناً عليه)، كما قالوا: هَرَقْتُ الماءَ، وأرقت الماءَ، وكما قالوا: إِياك وهياك، وهذا قول أبي العباس محمد بن يزيد، وهو على مذهب العربية حَسَن ومُوافِق لِبعْضِ ما جاءَ في التفسير، لأن معناه مؤتمن". ه
وصححه الأزهري في "تهذيب اللغة" ونقل قول المبرد في هذا قال: "وقال المبرد: "مهيمن معناه مؤيمن، إلا أن الهاء مبدلة من الهمزة، والأصل مؤيمنا عليه، كما قالوا: هياك وإياك، وهرقت الماء، وأصله أرقت".
قلت: وهذا على قياس العربية صحيح إن شاء الله تعالى مع ما جاء في التفسير أنه بمعنى الأمين. وقيل: بمعنى مؤتمن". ه
واعترض على هذا القول السمين الحلبي في الدر المصون وبين ضعفه من عدة أوجه:
الأول: أن فيه تكلفا لا حاجة إليه.
الثاني: "أنَّ له أبنيةً يمكنُ إلحاقه بها كمُبَيْطِر وإخوانِه". يعني: هو مما يلحق بالرباعي المجرد.
الثالث: أنه ضعيف؛ لأن قائدة الهمزة في «مُأَأْمِن» اسمَ فاعل الحذف، "فلا يُدَّعى فيها أُثْبِتَتْ ثم أُبْدِلَت هاءً".
وقال ابن عطية: "...فحكى النقاش أن ذلك بلغ ثعلبا فقال: "إن ما قال ابن قتيبة رديء، وقال هذا باطل، والوثوب على القرآن شديد وهو ما سمع الحديث من قوي ولا ضعيف وإنما جمع الكتب". ه
وهذا رجحه الطاهر بن عاشور قال: "و(المهيمن) الأظهر أن هاءه أصلية وأن فعله بوزن فيعل كسيطر، ولكن لم يسمع له فعل مجرد، فلم يسمع (همن)". ه
ويمكن الرد على هذا بما قال ابن فارس في مقاييس اللغة: (همن) الهاء والميم والنون ليس بشيء. فأما المهيمن، وهو الشاهد فليس من هذا، إنما هو من باب أمن، والهاء مبدلة من همزة. ه [وعلى قول من قالوا أنه على أصله فهو من هيمن]
وبما قال الأزهري في "تهذيب اللغة" بعد ما نقل قول المبرد: "قلت: وهذا على قياس العربية صحيح إن شاء الله تعالى مع ما جاء في التفسير أنه بمعنى الأمين. وقيل: بمعنى مؤتمن". ه
ومثله قال أبو البقاء العكبري في التبيان: "وأصل مهيمن مؤيمن؛ لأنه مشتق من الأمانة؛ لأن المهيمن الشاهد، وليس في الكلام (همن) حتى تكون الهاء أصلا". ه
وعلى كل فلا يتغير المعنى، قال الطبري: وأصل"الهيمنة"، الحفظ والارتقاب. يقال، إذا رَقَب الرجل الشيء وحفظه وشَهِده: "قد هيمن فلان عليه، فهو يُهَيمن هيمنة، وهو عليه مهيمن". وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، إلا أنهم اختلفت عباراتهم عنه".
قال النحاس في معاني القرآن: "وقوله جل وعز {ومهيمنا عليه} قال ابن عباس: أي: مؤتمنا عليه، وقال سعيد بن جبير: القرآن مؤتمن على ما قبله من الكتب، وقال قتادة: أي شاهد. وقال أبو العباس محمد بن يزيد: الاصل مؤيمن عليه، أي: أمين، فأبدل من الهمزة هاء، كما يقال: هرمت الماء وأرمت الماء، وقال أبو عبيد: يقال هيمن على الشئ يهيمن إذا كان له حافظا. وهذه الاقوال كلها متقاربه المعاني؛ لانه إذا كان حافظا للشئ فهو مؤتمن عليه وشاهد". ه
قال السمعاني: "والمعاني متقاربة، ومعنى الكل أن كل كتاب يصدقه القرآن، ويشهد بصدقه، فهو كتاب الله، وما لا فلا". ه
بل هذا القول يشمل كل ما جاء عن السلف من الأقوال ويتضمنها.
قال ابن عطية: ولفظة (المهيمن أخص) من هذه الألفاظ، لأن المهيمن على الشيء هو المعنيّ بأمره، الشاهد على حقائقه، الحافظ لحاصله ولأن يدخل فيه ما ليس منه والله تبارك وتعالى هو المهيمن على مخلوقاته وعباده، والوصي مهيمن على محجوريه وأموالهم، والرئيس مهيمن على رعيته وأحوالهم، والقرآن جعله الله مهيمنا على الكتب يشهد بما فيها من الحقائق وعلى ما نسبه المحرفون إليها فيصحح الحقائق ويبطل التحريف، وهذا هو شاهد ومصدق ومؤتمن وأمين..." ه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (17/43): "فالسلف كلهم متفقون على أن القرآن هو المهيمن المؤتمن الشاهد على ما بين يديه من الكتب، ومعلوم أن المهيمن على الشيء أعلى منه مرتبة". ه
وقال ابن كثير بعد سرده للأقوال الواردة في معنى "المهيمن": "وهذه الأقوال كلها متقاربة المعنى، فإن اسم "المهيمن" يتضمن هذا كله، فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله، جعل الله هذا الكتاب العظيم، الذي أنزله آخر الكتب وخاتمها، أشملها وأعظمها وأحكمها حيث جمع فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره؛ فلهذا جعله شاهدا وأمينا وحاكما عليها كلها. وتكفل تعالى بحفظه بنفسه الكريمة، فقال تعالى:{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر:9]". ه

3: قول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في تفسير قول الله {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} قال: "سبيل الخلاء والبول"
أخرجه عبد الرزاق، والطبري من طريق أبي اسامة، والسفيان، والثعلبي من طريق سفيان، كلهم عن ابن جريج عن محمد بن المرتفع، عن عبد الله بن الزُّبير. [نفس الملحوظة السابقة]
لا شك أن الله تعالى أنزل القرآن لبيان أهم الواجبات، وهو توحيده سبحانه. ومن طرق إثبات التوحيد النظر إلى خلق الله تعالى، وكثيرا ما يدعو الله تعالى عباده إلى النظر في آياته ومخلوقاته ونعمه الدالة على عظمته وقدرته وعلمه وحكمته ورحمته واستحقاقه العبادة دون من سواه والمفضية إلى اليقين. وهذه الآية من هذا القسم المذكور آنفا.
قال الطبري: "والصواب من القول في ذلك أن يقال: معنى ذلك: وفي أنفسكم أيضا أيها الناس آيات وعِبر تدلُّكم على وحدانية صانعكم، وأنه لا إله لكم سواه، إذ كان لا شيء يقدر على أن يخلق مثل خلقه إياكم {أَفَلا تُبْصِرُونَ} يقول: أفلا تنظرون في ذلك فتتفكروا فيه، فتعلموا حقيقة وحدانية خالقكم". ه
وقول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما من قبيل التفسير بالمثال؛ لأن أيات النفس وخلقة الإنسان والعبر أكثر من ذلك في الواقع. ولهذا كثرت اقوال السلف في ذلك، قال الماوردي في قوله تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أنه سبيل الغائط والبول، قاله ابن الزبير ومجاهد.
الثاني: تسوية مفاصل أيديكم وأرجلكم وجوارحكم دليل على أنكم خلقتم لعبادته، قاله قتادة.
الثالث: في خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون، قاله ابن زيد.
الرابع: في حياتكم وموتكم وفيما يدخل ويخرج من طعامكم، قاله السدي.
الخامس: في الكبر بعد الشباب، والضعف بعد القوة، والشيب بعد السواد، قاله الحسن.
وقد يفهم من قول بعض أهل العلم أنه حمل أقوال السلف الواردة في هذه الآية على إرادة التمثيل لا الحصر.
قال السمعاني: "والأولى أن يقال: هو سائر الآيات التي في النفس مما يدل على أن لها خالقا وصانعا". ه
وقال القرطبي بعد ذكر بعض الأقوال: "قلت: كل ما ذكر مراد في الاعتبار". ه
وقال الألوسي: "...وآيات الأنفس أكثر من أن تحصى، وقيل: أريد بذلك اختلاف الألسنة والصور والألوان والطبائع، ورواه عطاء عن ابن عباس، وقيل: سبيل الطعام وسبيل الشراب، والحق أن لا حصر". ه


4: قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).
أخرجه المروزي في السنة من طريق وكيع، والطبري من طريق علي، والحسن، ابنا صالح، جميعا عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله.
وأخرجه الحاكم من طريق أبي نعيم ويحيى بن فضيل، والثعلبي من طريق عقبة بن سليمان، كلهم عن الحسن بن صالح، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.



قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
وفي تفسير الثعلبي: الحسين بن صالح.
وفي رواية الطبري والحاكم والثعلبي: "وهو أوسع ما بين السماء والأرض".
وقد حكى الطبري الإجماع في معنى الصراط المستقيم فقال: "أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعًا على أن "الصراط المستقيم"، هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه. وكذلك ذلك في لغة جميع العرب...ثم تستعيرُ العرب "الصراط" فتستعمله في كل قولٍ وعمل وُصِف باستقامة أو اعوجاج، فتصفُ المستقيمَ باستقامته، والمعوجَّ باعوجاجه".
واستشهد بقول جرير بن عطية الخَطَفي:
أميرُ المؤمنين عَلَى صِرَاطٍ ... إذا اعوَجَّ المَوَارِدُ مُسْتَقيمِ
وقال أيضا: والشواهد على ذلك أكثرُ من أن تُحصى
وبين الطبري وجه العلاقة بين معناه اللغوي والمراد به في الآية حيث قال: "...من وُفّق لما وفق له من أنعم الله عليه من النبيِّين والصديقين والشهداء، فقد وُفّق للإسلام، وتصديقِ الرسلِ، والتمسكِ بالكتاب، والعملِ بما أمر الله به، والانزجار عمّا زَجره عنه، واتّباع منهج النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومنهاج أبي بكر وعمر وعثمان وعلي. وكلِّ عبدٍ لله صالحٍ، وكل ذلك من الصراط المستقيم".
وهذا المعنى قال به النحاس أيضا: "والصراط في اللغة الطريق الواضح وكتاب الله بمنزلة الطريق الواضح وكذلك الإسلام".
وقال الثعلبي: "وإنما كان الصراط المستقيم الإسلام؛ لأن كل دين وطريق غير الإسلام فليس بمستقيم".
قال ابن عطية: وقال جابر: «هو الإسلام» يعني الحنيفية.
وهذا القول لا يخالف غيره مما قيل في المراد بالصراط المستقيم، كما ذكره غير واحد من المفسرين.
قال الطبري: "وقد اختلفتْ تراجمةُ القرآن في المعنيِّ بالصراط المستقيم يشمل معاني جميعهم في ذلك ما اخترنا من التأويل فيه".
وقال الراغب: "وهذا كله إشارة إلى شيء واحد وإن اختلفت العبارات".
وقال ابن كثير: "ثم اختلفت عبارات المفسرين من السلف والخلف في تفسير الصراط، وإن كان يرجع حاصلها إلى شيء واحد، وهو المتابعة لله وللرسول..."
وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية مبنى هذا القول وبأنه التنبيه على وصف، يعني: قيل: الإسلام، باعتبار ما اشتمل عليه المسمى من أوصاف.
قال شيخ الإسلام مبينا أنواع أقوال السلف في التفسير: "...أن يُعبِّر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، تدل على معنى في المسمى...مثال ذلك تفسيرهم للصراط المستقيم، فقال بعضهم: هو القرآن، أي: اتباعه...وقال بعضهم: هو الإسلام...فهذان القولان متفقان؛ لأن دين الإسلام هو اتباع القرآن، ولكن كل منهما نبّه على وصف غير الوصف الآخر، كما أن لفظ الصراط يشعر بوصف ثالث، وكذلك قول من قال: هو السنة والجماعة، وقول من قال: هو طريق العبودية، وقول من قال: هو طاعة الله ورسوله صلي الله عليه وسلم، وأمثال ذلك. فهؤلاء كلهم أشاروا إلى ذات واحدة، لكن وصفها كل منهم بصفة من صفاتها".
وتفسير الصراط بالإسلام هو أعم الأقوال، لأن الصراط، لا شك، يراد به الدين، وقد قال الله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}.

5: قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).
- أخرجه عبد الرزاق في تفسيره من طريق مَعْمَر، والطبري من طريق ابن علية، وإسماعيل بن إبراهيم، وحماد بن سلمة، ومهدي بن ميمون، كلهم عن شُعَيْبِ بن الْحَبْحَاب، عن أنس بن مالك بلفظه.
- وأخرجه أيضا الطبري من طريق محمد بن جعفر، وشبابة، وعمرو بن الهيثم، كلهم عن شعبة، عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك.
- وأخرجه أيضا عن عن الأعمش، عن حبان بن شعبة، عن أنس بن مالك.
- وأخرجه أيضا عن شعبة عن أبي إياس، عن أنس بن مالك.
- وأخرجه الترمذي، وأبو يعلى في مسنده، والطبري، وابن حبان في صحيحه، والحاكم عن حماد بن سلمة، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك مرفوعا.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"
قال الطبري: "وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتصحيح قول من قال: هي الحنظلة، خبَرٌ. فإن صحَّ، فلا قولَ يجوز أن يقال غيرُه، وإلا فإنها شجرة بالصِّفة التي وصفها الله بها".
وقال الترمذي: "حدثنا قتيبة قال: حدثنا أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب، عن أبيه، عن أنس بن مالك، نحوه بمعناه ولم يرفعه...وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة، وروى غير واحد مثل هذا موقوفا، ولا نعلم أحدا رفعه غير حماد بن سلمة ورواه معمر، وحماد بن زيد، وغير واحد ولم يرفعوه، حدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال: حدثنا حماد بن زيد، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس، نحو حديث قتيبة ولم يرفعه".
وقول أنس بن مالك هذا نسبه إلى أكثر المفسرين ابن عطية وابن جزي.
وليس في قول النبي صلى الله عليه وسلم وأنس بن مالك ما يدل على إرادة التخصيص. ولهذا حمل بعض المفسرين الأقوال الواردة في المراد بشجرة خبيثة على التمثيل.
قال ابن عطية: "وهذا عندي على جهة المثال..." وزاد بعد ذلك: "والظاهر عندي أن التشبيه وقع بشجرة غير معينة إذا وجدت فيها هذه الأوصاف. فالخبث هو أن تكون كالعضاه، أو كشجر السموم أو نحوها. إذا اجتثت- أي اقتلعت، حيث جثتها بنزع الأصول وبقيت في غاية الوهاء والضعف- لتقلبها أقل ريح". ه
قال الرازي: "فمنهم من قال: إنها الثوم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم وصف الثوم بأنها شجرة خبيثة، وقيل: إنها الكراث. وقيل: إنها شجرة الحنظل؛ لكثرة ما فيها من المضار وقيل: إنها شجرة الشوك.
واعلم أن هذا التفصيل لا حاجة إليه، فإن الشجرة قد تكون خبيثة بحسب الرائحة وقد تكون بحسب الطعم، وقد تكون بحسب الصورة والمنظر، وقد تكون بحسب اشتمالها على المضار الكثيرة، والشجرة الجامعة لكل هذه الصفات وإن لم تكن موجودة، إلا أنها لما كانت معلومة الصفة كان التشبيه بها نافعا في المطلوب". ه
وقال البيضاوي: "واختلف في الكلمة والشجرة، ففسرت الكلمة الطيبة بكلمة التوحيد ودعوة الإسلام والقرآن، والكلمة الخبيثة بالشرك بالله تعالى والدعاء إلى الكفر وتكذيب الحق، ولعل المراد بهما ما يعم ذلك، فالكلمة الطيبة ما أعرب عن حق أو دعا إلى صلاح، والكلمة الخبيثة ما كان على خلاف ذلك. وفسرت الشجرة الطيبة بالنخلة. وروي ذلك مرفوعاً وبشجرة في الجنة، والخبيثة بالحنظلة والكشوث، ولعل المراد بهما أيضاً ما يعم ذلك". ه
قال النسفي في تفسيره: "هي كل شجرة لا يطيب ثمرها..." ه
ومثله قال أبو المسعود: "قيل: هي كلُّ شجرةٍ لا يطيب ثمرُها كالحنظل والكشوث ونحوهما". ه



أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك.

- من تنظيم الإجابة بيان الأقوال الواردة في المسألة أولا قبل التفصيل في دراستها، وذلك حتى تتضح

القول الأول ..... قاله فلان

القول الثاني:

القول الثالث:

وهكذا ...
ثم توجيه ودراسة الأقوال، وفي هذه التطبيقات نطلب فقط تخريج القول الوارد في السؤال، سرد بقية الأقوال في المسألة مع عزوها دون تخريجها، ودراسة الأقوال مع بيان الراجح أو وجه الجمع بين الأقوال.
وفي البحث سيطلب منكم بإذن الله تخريج وتوجيه جميع الأقوال فيمكن حينئذ بيان هذا بعد كل قول مباشرة.
- بالنسبة للتخريج، يكتفى بالتخريج من مخرج الأثر (الذي تدور عليه الأسانيد) ما لم يكن هناك فائدة من ذكر الرواة عنه، فإذا لم يكن هناك زيادة في الإسناد أو المتن، فيكتفى بالتخريج من مخرج الأثر.
- مثلا السؤال الخامس

روي القول بأن الشجرة الخبيثة هي الحنظلة من طريق شعيب بن الحبحاب عن أنس رضي الله عنه موقوفا عليه، ومرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
هنا يحسن بيان تلاميذ شعيب الذين رووه موقوفا، والذين رووه مرفوعا

ليتبين لنا بجمع الطرق تفرد حماد بن سلمة بروايته مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.


التقويم: أ

زادكم الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:02 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir