دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير اللغوي > معاني القرآن للزجاج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 شوال 1431هـ/1-10-2010م, 04:50 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي المعاني الواردة في سورة الإنسان

سورة الإنسان
(مكّيّة)
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله عزّ وجلّ: (هل أتى على الإنسان حين من الدّهر لم يكن شيئا مذكورا (1)
المعنى ألم يأت على الإنسان حين من الدّهر، - وقد كان شيئا إلّا أنّه كان ترابا وطينا إلى أن نفخ فيه الروح فلم يكن قبل نفخ الروح فيه شيئا مذكورا، ويجوز أن يكون يعنى به جميع الناس، ويكون المعنى أنهم كانوا نطفا ثم علقا ثم مضغا إلى أن صاروا شيئا مذكورا.
ومعنى (هل أتى) قد أتى على الإنسان، أي ألم يأت على الإنسان حين من الدهر.
وقوله: (إنّا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا (2)
(أمشاج) أخلاط منيّ ودم، ثم ينقل من حال إلى حال.
وواحد الأمشاج [مشيج]، ومعنى نبتليه نختبره يدل عليه: (فجعلناه سميعا بصيرا).
أي جعلناه كذلك لنختبره.
قوله: (إنّا هديناه السّبيل إمّا شاكرا وإمّا كفورا (3)
معناه هديناه الطريق إما لشقوة وإما لسعادة.
[معاني القرآن: 5/257]
وقوله: (إنّا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا (4)
الأجود في العربية ألا يصرف سلاسل، ولكن لما جعلت رأس آية صرفت ليكون آخر الآي على لفظ واحد.
قوله: (إنّ الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا (5)
الأبرار واحدهم برّ.
(يشربون من كأس كان مزاجها كافورا).
يجوز " في اللغة أن يكون طعم الطيب فيها والكافور، وجائز أن يمزج بالكافور فلا يكون في ذلك ضرر لأن أهل الجنة لا يمسهم فيما يأكلون ويشربون ضرر ولا نصب.
والكأس في اللغة الإناء إذا كان فيه الشراب.
فإذا لم يكن فيه الشراب لم يسم كأسا.
قال الشاعر:
صبنت الكأس عنّا أمّ عمرو وكان الكأس مجراها اليمينا
وقوله: (عينا يشرب بها عباد اللّه يفجّرونها تفجيرا (6)
(عينا) جائز أن يكون من صفة الكأس.
والأجود أن يكون المعنى من عين.
قوله: (يفجّرونها تفجيرا).
معناه تجري لهم تلك العين كما يحبّون.
قوله: (يوفون بالنّذر ويخافون يوما كان شرّه مستطيرا (7)
معناه يبلغ أقصى المبالغ فيه.
قوله: (ويطعمون الطّعام على حبّه مسكينا ويتيما وأسيرا (8)
[معاني القرآن: 5/258]
هذه الهاء تعود على الطعام، المعنى يطعمون الطعام أشد ما تكون حاجتهم إليه للمسكين، ووصفهم الله بالأثرة على أنفسهم.
(ويتيما وأسيرا).
الأسير قيل كان في ذلك الوقت من الكفّار، وقد مدح من يطعم الأسير وهو كافر، فكيف بأسارى المسلمين.
وهذا يدل على أن في إطعام أهل الحبوس ثوابا جزيلا، وأهل الحبوس أسراء.
وقوله: (إنّما نطعمكم لوجه اللّه لا نريد منكم جزاء ولا شكورا (9)
المعنى يقولون إنما نطعمكم لوجه اللّه، أي لطلب ثواب اللّه - عزّ وجلّ - وجائر أن يكونوا يطعمون ولا ينطقون هذا القول ولكن معناهم في أطعامهم هذا، فترجم ما في قلوبهم، وكذلك:
(إنّا نخاف من ربّنا يوما عبوسا قمطريرا (10)
العبوس الذي يعبّس الوجوه، وهذا مثل قوله: (ووجوه يومئذ باسرة).
وقمطريرا، يقال يوم قمطرير ويؤم قماطر إذا كان شديدا غليظا، وجاء في التفسير أن قمطريرا معناه تعبس فيجمع ما بين العينين وهذا سائغ في اللغة.
يقال اقمطرت النّاقة إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها ورمت بأنفها.
وقوله (متّكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا (13)
واحدتها أريكة، وجاء في التفسير أنها من الحجال فيها الفرش وفيها الأسرّة.
وفي اللغة أن كل متكأ عليه فهو أريكة.
ونصب (متّكئين) على الحال
المعنى وجزاهم جنّة في حال اتكائهم فيها.
وكذلك: (ودانية عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلا (14)
وجائز أن يكون دانية نعتا للجنة.
المعنى وجزاهم جنة دانية عليهم ظلالها
(وذلّلت قطوفها تذليلا).
[معاني القرآن: 5/259]
هذا كقوله تعالى: (قطوفها دانية).
وقيل كلما أرادوا أن يقطعوا شيئا منها ذلّل لهم، ودنا منهم قعودا كانوا أو مضطجعين أو قياما.
(ويطاف عليهم بآنية من فضّة وأكواب كانت قواريرا (15) قوارير)
قرئت غير مصروفة، وهذا الاختيار عند النحويين البصريين لأنّ كل جمع يأتي بعد ألفه حرفان لا ينصرف.
وقد فسرنا ذلك فيما سلف من الكتاب.
ومن قرأ (قواريرا) فصرف الأول فلأنّه رأس آية، وترك صرف الثاني لأنه ليس بآخر آية، ومن صرف الثاني أتبع اللّفظ اللفظ، لأن العرب ربّما قلبت إعراب الشيء ليتبع اللفظ اللفظ، فيقولون: هذا حجر ضبّ خرب، وإنما الخرب من نعت الحجر، فكيف بما يترك صرفه، وجميع ما يترك صرفه يجوز صرفه في الشعر.
ومعنى (قوارير من فضّة قدّروها تقديرا (16)
أصل القوارير التي في الدنيا من الرمل، فأعلم اللّه أن فضل تلك القوارير أن أصلها من فضة يرى من خارجها ما في داخلها
ومعنى: (قدّروها تقديرا).
أي جعلت بكون الإناء على قدر ما يحتاجون إليه ويريدونه.
وقرئت (قدّروها تقديرا). أي جعلت لهم على قدر إرادتهم.
(ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا (17)
أي يجمع طعم الزنجبيل، والعرب تصف الزنجبيل، وهو مستطاب عندها جدّا
قال الشاعر:
كأنّ القرنفل والزّنجبيل... باتا بفيها وأريا مشورا
فجائز أن يكون طعم الزنجبيل فيها، وجائز أن يكون مزاجها ولا غائلة له كما قلنا في الكافور.
[معاني القرآن: 5/260]
وقوله: (عينا فيها تسمّى سلسبيلا (18)
المعنى يسقون عينا، وسلسبيل اسم العين إلا أنه صرف لأنه رأس آية.
وسلسبيل في اللغة صفة لما كان في غاية السلاسة، فكأنّ العيق - واللّه أعلم - سميت بصفتها.
(ويطوف عليهم ولدان مخلّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا (19)
أي يخدمهم وصفاء مخلّدون، وتأويل (مخلّدون) أي لا يجوز واحد منهم حدّ الوصافة أبدا هو وصيف، والعرب تقول للرجل الذي لا يشيب: هو مخلّد. ويقال مخلّدون مجلّون عليهم الحلي، ويقال لجماعة الحلي الخلدة.
وقوله: (حسبتهم لؤلؤا منثورا).
أي هم في حسن ألوانهم وصفائها كاللؤلؤ المنثور.
قوله: (وإذا رأيت ثمّ رأيت نعيما وملكا كبيرا (20)
جاء في التفسير أنه " ملكا كبيرا " أنهم تسلم عليهم الملائكة.
وجاء أيضا تستأذن عليهم الملائكة، و (ثمّ) يعنى به الجنة، والعامل في (ثمّ) معنى رأيت.
المعنى وإذا رأيت ببصرك (ثمّ).
وقيل المعنى وإذا رأيت ما (ثمّ) رأيت نعيما وهذا غلط لأن ما موصولة بقوله (ثمّ) على هذا التفسير - ولا يجوز إسقاط الموصول وترك الصلة، ولكن " رأيت " يتعدى في المعنى إلى (ثمّ).
وقوله: (عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلّوا أساور من فضّة وسقاهم ربّهم شرابا طهورا (21)
(عاليهم)
بإسكان الياء، وقرئت (عاليهم) - بفتح الياء - وقرئت عليهم - بغير ألف (ثياب سندس). وهذه الثلاثة توافق المصحف وكلها حسن في العربية، وقرئ على وجهين غير هذه الثلاثة.
قرئت (عاليتهم ثياب سندس) - بالرفع والتأنيث - و (عاليتهم) بالنّصب - وهذا الوجهان جيّدان في العربية إلا أنهما يخالفان
[معاني القرآن: 5/261]
المصحف، ولا أرى القراءة بهما، وقرّاء الأمصار ليس يقرأون بهما.
فأما تفسير إسكان (عاليهم) بإسكان الياء، فيكون رفعه بالابتداء، ويكون خبره (ثياب سندس خضر).
ومن نصب فقال: (عاليهم) بفتح الياء، فقال بعض النحويين إنه ينصبه على الظرف، كما تقول فوقهم ثياب، وهذا لا نعرفه في الظروف، ولو كان ظرفا لم يجز إسكان الياء.
ولكن نصبه على الحال من شيئين:
أحدهما من الهاء والميم، المعنى يطوف على الأبرار ولدان مخلّدون عاليا الأبرار ثياب سندس لأنه وقد وصف أحوالهم في الجنّة، فيكون المعنى يطوف عليهم في هذه الحال هؤلاء.
ويجوز أن يكون حالا من الولدان.
المعنى إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا في حال علو الثياب إياهم.
فالنصب على هذا بين.
فأما " عليهم ثياب سندس " فرفع كقولك عليك مال فترفعه بالابتداء، ويكون المعنى وثياب سندس عليهم.
وتفسير نصب عاليتهم ورفعها كتفسير عاليهم.
والسندس الحرير. وقد قرئت خضر وخضر.
فمن قرأ (خضر) فهو أحسن لأنه يكون نعتا للثياب، فلفظ الثياب لفظ الجميع، وخضر لفظها لفظ الجمع.
ومن قرأ خضر فهو من نعت السندس، والسّندس في المعنى راجع إلى الثياب.
وقرئت (وإستبرق) وهو الدّيباج الصّفيق الغليظ الخشن.
وقرئت بالرفع والجر.
فمن رفع فهو عطف على ثياب المعنى عليهم إستبرق.
ومن جر عطف على السندس.
ويكون المعنى: عليهم ثياب من هذين النوعين ثياب سندس وإستبرق. وقرئت (وإستبرق) على وجهين غير هذين الوجهين، كلاهما ضعيف في العربية جدّا، قرئت (وإستبرق) وحلّوا - بنصب (إستبرق) - وهو في موضع الجر ولم يصرف، قرأها ابن محيصن، وزعموا أنه لم يصرفه لأن (وإستبرق) اسم أعجمي، وأصله بالفارسية استبره، فلما حول إلى العربية لم يصرف وهذا غلط لأنه نكرة ألا ترى أن الألف واللام يدخلانه، تقول: السندس والإستبرق.
والوجه الثاني، واستبرق وحلّوا - بطرح الألف - جعل الألف ألف
[معاني القرآن: 5/262]
وصل، وجعله مسمّى بالفعل من البريق، وهذا خطأ لأن الإستبرق معروف معلوم أنه اسم نقل من العجمية إلى العربية كما سمي الديباج وهو منقول من الفارسية.
قوله عزّ وجلّ: (وسقاهم ربّهم شرابا طهورا)
جاء في التفسير أنهم إذا شربوه ضمرت بطونهم ورشحت جلودهم عرقا كرائحة المسك، وقيل إنه طهور ليس برجس كخمر الدنيا.
قوله: (ولا تطع منهم آثما أو كفورا (24)
أو ههنا أوكد من الواو، لأن الواو إذا قلت: لا تطع زيدا وعمرا فأطاع أحدهما كان غير عاص، لأنه أمره ألا يطيع الاثنين.
فإذا قال (ولا تطع منهم آثما أو كفورا)
" أو " قد دلت على أنّ كل واحد منهما أهل لأن يعصى، وكما أنك إذا قلت: لا تخالف الحسن أو ابن سيرين، أو: اتبع الحسن أو ابن سيرين، فقد قلت: هذان أهل أن يتبعا، وكل واحد منهما أهل وقد فسرنا مثل هذا التفسير في غير هذا الحرف في أول سورة البقرة في قوله تعالى: (مثلهم كمثل الّذي استوقد نارا) إلى آخر الآية - وبعد ذلك (أو كصيّب من السّماء) وتأويله مثلهم لأنك إن جعلت مثلهم كمثل الذي استوقد نارا، أو مثلّتهم بالصّيّب أو بهما جميعا فأنت مصيب.
وقوله عزّ وجلّ: (واذكر اسم ربّك بكرة وأصيلا (25)
الأصيل العشى، يقال: قد أصلنا إذا دخلوا في الأصيل، وهو العشي.
قوله: (نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدّلنا أمثالهم تبديلا (28)
(أسرهم) خلقهم جاء في التفسير أيضا مفاصلهم. -
[معاني القرآن: 5/263]
وقوله (وما تشاءون إلّا أن يشاء اللّه إنّ اللّه كان عليما حكيما (30)
أي لستم تشاءون إلا بمشيئة اللّه.
(والظّالمين أعدّ لهم عذابا أليما (31)
نصب (الظالمين) لأن قبله منصوبا.
المعنى يدخل من يشاء في رحمته ويعذب الظّالمين أعدّ لهم عذابا أليما، ويكون (أعدّ لهم) تفسيرا لهذا المضمر.
وقرئت (والظالمون) ولا أرى القراءة بها، من وجهين:
أحدهما خلاف المصحف.
والآخر إن كانت تجوز في العربية على أن يرفع الظالمين بالابتداء.
والذي بعد الظالمين خبر الابتداء، فإن الاختيار عند النحويين البصريين النصب، يقول النحويون أعطيت زيدا وعمرا أعددت له برا.
فيختارون النصب على معنى وبررت عمرا وأبر عمرا أعددت له برا، فلا يختارون للقرآن إلا أجود الوجوه، وهذا مع موافقة المصحف.
[معاني القرآن: 5/264]


التوقيع :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المعاني, الواردة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:06 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir