السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدرس الثاني:
تفسير سورة القيامة [ من الآية (7) إلى الآية (19) ]
أهم المسائل الواردة في الآيات:
تفسير قوله تعالى: (فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) )
1. القراءات في برق: ك
2. مقصد الآيات: ك س
3. معنى برق: ك س ش
4. سبب بروق البصر: ك س ش
5. الدلالة على عظمة وهول يوم القيامة: ك س ش
تفسير قوله تعالى: (وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) )
1. معنى خسف القمر: ك س ش
2. الفرق بين خسوفه في الدنيا وفي الآخرة: ش
تفسير قوله تعالى: (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) )
1. المراد بجمع الشمس والقمر: ك س ش
2. الحكمة من جمع الشمس والقمر: س
3. نتيجة جمع الشمس والقمر: ش
تفسير قوله تعالى: (يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) )
1. المراد ب"يومئذ": ك
2. معنى المفر: ك س
3. متعلق الفرار: ش
4. الغرض من الاستفهام "أين المفر": ك
تفسير قوله تعالى: (كَلَّا لَا وَزَرَ (11) )
1. معنى "كلا": ك س ش
2. معنى "لا وزر": ك س ش
تفسير قوله تعالى: (إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) )
1. مقصد الآية: س
2. معنى المستقر: ك س ش
تفسير قوله تعالى: (يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) )
1. مقصد الآية: كس
2. معنى ينبأ: ك
3. المراد ب"بما قدم وأخر": ك س
تفسير قوله تعالى: (بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) )
1. المراد ب "على نفسه بصيرة": كسش
تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) )
1. مقصد الآية: كس ش
2. معنى "ولو ألقى معاذيره": كسش
تفسير قوله تعالى: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) )
1. سبب نزول الآية: كس ش
2. مقصد الآية: كسش
3. مرجع الضمير الهاء في "به": ك س ش
4. سبب عجلة الرسول في مبادرة ومسابقة جبريل حين تلقيه الوحي: س ش
5. الدلالة على حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على الوحي والخوف من تفلته: س ش
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) )
1. مقصد الآية: ك س
2. المراد بالجمع: ك س ش
3. محل الجمع: ك س ش
4. معنى قرآنه: ك س ش
5. دلالة تقديم الجار والمجرور على الاختصاص.
تفسير قوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) )
1. المراد ب" قرأناه": كسش
2. المراد ب"اتبع": ك سش
تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) )
1. مقصد الآية: س
2. المراد ب "بيانه": ك س ش
3. بيان أحد آداب أخذ العلم: س
4. الدلالة على امتثال الرسول صلى الله عليه وسلم لأمر ربه عز وجل: س ش
5.الدلالة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كما بَيَّنَ للأُمَّةِ ألفاظَ الوَحْيِ؛ فإنَّه قدْ بَيَّنَ لهم مَعانِيَهُ: س
تلخيص أقوال المفسرين في الآيات:
تفسير قوله تعالى: (فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) )
1- القراءات في {برق}:
ورد في هذه الآية قراءتان ذكرهما ابن كثير:
{برق} بكسر الرّاء، قراءة أبو عمرو بن العلاء
{برق} بفتح الراء، قرأه آخرون
وذكر أن معناهما متقارب
2- مقصد الآيات:
ذكر أحوال يوم القيامة: أنّ الأبصار تنبهر يوم القيامة وتخشع وتحار وتذلّ فتشخص فلا تطرف؛ من شدّة الأهوال، ومن عظم ما تشاهده يوم القيامة من الأمور، ذكره ابن كثير وشبهه بقوله تعالى {لا يرتدّ إليهم طرفهم} وذكره السعدي وشبهه بقوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}
3- معنى "برق البصر":
- حار، وهو قول أبي عمرو بن العلاء وأورده ابن كثير وقال وهذا شبيه بقوله تعالى: {لا يرتدّ إليهم طرفهم}
- وانبهر وخشع وذل، وهو قول ابن كثير
- تشخص فلا يطرف، كما قالَ تعالى: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}،وهو قول السعدي
- وفزع وبهت وتحير، وهو قول الأشقر
والأقوال متقاربة وحاصلها: هو أن البصر ينبهر ويخشع ويذل يفزع ويبهت ويتحير فيشخص فلا يطرف، وهو حاصل ما ذكر ابن كثير والسعدي والأشقر
4- سبب "بروق البصر":
القول الأول: من شدة الرعب، ومن شدة هول وعظم ما تشاهده يوم القيامة من الأمور عند البعث، ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
القول الثاني: من شدة شخوصه للموت، ذكره الأشقر
والقولين ظاهرهما التعارض، وليس هناك ما يعارض أن يكون كل منهما مراد في الآية؛ فالموت يعقبه البعث.
5- الدلالة على عظمة وهول يوم القيامة:
تحار الأبصار وتخشع وتذل مِن الْهَوْلِ العظيمِ، فتشَخَص فلا تَطْرِفُ؛ من شدّة الرّعب، فلا يستقر لهم طرف، ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
تفسير قوله تعالى: (وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) )
1- معنى خسف القمر:
ذهاب ضوءه كله، ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
2- الفرق بين خسوفه في الدنيا وفي الآخرة:
أنه لا يعود كما كان يعود في الدنيا إذا خسف، ذكره الأشقر
تفسير قوله تعالى: (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) )
1- المراد بجمع الشمس والقمر:
القول الأول: تكويرهما، وهو قول مجاهد وابن زيد الذي قرأ {إذا الشّمس كوّرت وإذا النّجوم انكدرت} عند تفسير هذه الآية، ذكره ابن كثير
القول الثاني: اجتماعهما، وهو قول ابن كثير واستدل بقراءة ابن مسعود: "وجمع بين الشّمس والقمر"، وكذا ذكر السعدي والأشقر
القول الثالث: ذهاب ضَوْءُهما جَميعاً، وهو قول الأشقر
والأقوال متقاربة وحاصلها: أنه بعد خسف القمر وذهاب نوره، يجتمع مع الشمس فيكورا ويذهب ضوءهما جميعاً.
2- الحكمة من جمع الشمس والقمر:
ليَرَى العبادُ أنَّ الشمس والقمر عَبدانِ مُسَخَّرانِ لله، ولِيَرَى مَن عَبَدَهما أنَّهم كانوا كاذِبِينَ، وهو قول السعدي.
3- نتيجة جمع الشمس والقمر:
أنه لا يكون تعاقب ليل ولا نهار، وهو قول الأشقر
تفسير قوله تعالى: (يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) )
1- المراد ب"يومئذ":
يوم القيامة حين يعاين ابن آدم أهوالها، ذكره ابن كثير
2- معنى المفر:
الملجأ والموئل والفرار ذكره ابن كثير والسعدي
3- متعلق الفرار:
مِن اللهِ سُبحانَه ومِن حسابِه وعذابِه، ذكره الأشقر
4- الغرض من الاستفهام "أين المفر":
إرادة الفرار وتمنيه، ذكره ابن كثير
تفسير قوله تعالى: (كَلَّا لَا وَزَرَ (11) )
1- معنى "كلا":
نفي الفرار الذي تمنوه وأرادوه، وهو حاصل قول ابن كثير والسعدي والأشقر.
2- معنى "لا وزر":
القول الأول: لا نجاة، وهو قول ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وسعيد بن جبير، وغير واحدٍ من السّلف فيما ذكر ابن كثير وقال هذه كقوله: {ما لكم من ملجإٍ يومئذٍ وما لكم من نكيرٍ}لذلك ناسبت ما جاء بعدها في قوله {إلى ربك يومئذ المستقر}
القول الثاني: لاَ مَلْجَأَ لأَحَدٍ دُونَ اللَّهِ، فليسَ في إمكانِ أحَدٍ أنْ يَسْتَتِرَ أو يَهْرُبَ عن ذلك الْمَوضِعِ، ذكره السعدي
القول الثالث: لا عاصم من جَبلَ أو حِصْنَ ولا مَلجأَ مِن اللهِ، ذكره الأشقر
والأقوال متقاربة وحاصلها: نفي النجاة والاعتصام والالتجاء لأحد دون الله؛ لا جبل ولا حصن ولا ملجأ، فليسَ في إمكانِ أحَدٍ أنْ يَسْتَتِرَ أو يَهْرُبَ عن ذلك الْمَوضِعِ.
تفسير قوله تعالى: (إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) )
1- مقصد الآية:
ليسَ في إمكانِ أحَدٍ أنْ يَسْتَتِرَ أو يَهْرُبَ عن ذلك الْمَوضِعِ، بل لا بُدَّ مِن إيقافِه لِيُجْزَى بعملِه، لذلك قال بعدها: {يُنَبَّأُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ}، ذكره السعدي
2- معنى المستقر:
المرجع والمصير والمنتهى في ذلك الموضع، ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
تفسير قوله تعالى: (يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) )
1- مقصد الآية:
أن الإنسان يُخْبَرُ بجميع عمله، كما قال تعالى: {ووجدوا ما عملوا حاضرًا ولا يظلم ربّك أحدًا}وهو خبر لا ينكره؛ لذلك قال بعدها: {بل الإنسان على نفسه بصيرةٌ ولو ألقى معاذيره}وهو حاصل قول ابن كثير والسعدي
2- معنى "ينبأ":
يخبر، وهو قول ابن كثير
3- المراد ب"بما قدم وأخر":
جميع أعماله قديمها وحديثها، أوّلها وآخرها، صغيرها وكبيرها، ذكره ابن كثير
جَميعِ عمَلِه الحسَنِ والسيِّئِ، في أوَّلِ وقتِه وآخِرِه، ذكره السعدي
والأقوال متقاربة وحاصلها: عموم ما عمل في دنياه؛ ويتضمن جميع عمله قديمها وحديثها، أوّلها وآخرها، صغيرها وكبيرها، حسنها وسيئها
تفسير قوله تعالى: (بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) )
1- المراد ب "على نفسه بصيرة":
القول الأول: شهيدٌ على نفسه، عالمٌ بما فعله، قاله قتادة، فيما ذكر ابن كثير كما قال تعالى: {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا}
القول الثاني: يشهد عليه سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه، وهو قول ابن عباس، وكذا ذكر السعدي والأشقر
القول الثالث: يَعرفُ حقيقةَ ما هو عليه مِن إيمانٍ أو كُفْرٍ، وطاعةٍ أو مَعصيةٍ، واستقامَةٍ أو اعوجاجٍ، ذكره الأشقر
القول الرابع: بصيرًا بعيوب النّاس وذنوبهم غافلًا عن ذنوبه، ووهو قول قتادة في رواية أخرى عنه واستدل بأنه كان قال: إنّ في الإنجيل مكتوبًا: "يا ابن آدم، تبصر القذاة في عين أخيك، وتترك الجذل في عينك لا تبصره" أورده عنه ابن كثير
والأقوال مردها إلى ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن ذلك في الدنيا: فيكون بصيرًا بعيوب النّاس وذنوبهم غافلًا عن ذنوبه، ووهو قول قتادة في رواية أخرى عنه واستدل بأنه كان قال: إنّ في الإنجيل مكتوبًا: "يا ابن آدم، تبصر القذاة في عين أخيك، وتترك الجذل في عينك لا تبصره" أورده عنه ابن كثير
القول الثاني: أن ذلك في الدنيا والآخرة: فهو يَعرفُ حقيقةَ ما هو عليه مِن إيمانٍ أو كُفْرٍ، وطاعةٍ أو مَعصيةٍ، واستقامَةٍ أو اعوجاجٍ، ذكره الأشقر
القول الثالث: أن ذلك في الآخرة:
حيث يشهد عليه سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه، فهو شهيد على نفسه محاسباً لها عالم بما فعل، وهو قول ابن عباس وقتادة فيما ذكر ابن كثير و استدل بقوله تعالى: {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا} وكذا ذكر السعدي والأشقر
والأقوال في ظاهرها التعارض، إلا أنه يمكن حمل المعنى عليهما جميعاً
تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) )
1- مقصد الآية:
أن العبدُ وإنْ أَنْكَرَ، أوِ اعْتَذَرَ عمَّا عَمِلَه وجادل بحجج باطلة، فإنكارُه واعتذارُه لا يُفِيدَانِه شيئاً؛ لأنَّه يَشْهَدُ عليهِ سَمْعُه وبَصَرُه وجميعُ جَوارحِه بما كانَ يَعْمَلُ، فهي تكذب عذره وهو بصير على نفسه، ولأنَّ اسْتِعْتَابَه قدْ ذهَبَ وقتُه وزالَ نفْعُه، كما في قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لاَ يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ}وهو حاصل قول ابن كثير والسعدي والأشقر.
2- معنى "ولو ألقى معاذيره":
1- ولو اعتذر وأنكر، ذكره ابن كثير
2- ولو جادل، قاله مجاهد فيما ذكر ابن كثير
3- ولو اعتذر يومئذٍ بباطلٍ لا يقبل منه، قاله قتادة فيما ذكر ابن كثير
4- ولو ألقى حجته، قاله السدي وابن زيدٍ، والحسن البصريّ، وغيرهم، وهو اختيار ابن جريرٍ.
5- الاعتذار، مروي عن ابن عباس واستدل بقوله تعالى: {لا ينفع الظّالمين معذرتهم}وقوله: {وألقوا إلى اللّه يومئذٍ السّلم} وقوله {فألقوا السّلم ما كنّا نعمل من سوءٍ} وقولهم {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين}
6- ولو ألقى ثيابه، مروي عن ابن عباس
7- ولو أرخى ستوره، وأهل اليمن يسمّون السّتر: المعذار، قاله الضحاك
وبجمع الأقوال نجد أن الأقوال الخمسة الأولى متقاربة، والسادس والسابع متقاربان:
القول الأول: ولو اعتذر وأنكر وجادل وألقى حجته الباطلة، وهو حاصل أقوال مجاهد وقتادة والسدي وابن زيدٍ، والحسن البصريّ، وغيرهم، وهو اختيار ابن جريرٍ، وهو مروي عن ابن عباس واستدل بقوله تعالى: {لا ينفع الظّالمين معذرتهم}وقوله: {وألقوا إلى اللّه يومئذٍ السّلم} وقوله {فألقوا السّلم ما كنّا نعمل من سوءٍ} وقولهم {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين}وهو ما أورده ابن كثير و كثير ورجحه، وقال هيكقوله: {ثمّ لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا واللّه ربّنا ما كنّا مشركين} وكقوله {يوم يبعثهم اللّه جميعًا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنّهم على شيءٍ ألا إنّهم هم الكاذبون}، وهو ما ذكره السعدي والأشقر
القول الثاني: أرخى ثيابه وستوره، وهو رواية أخرى عن ابن عباس، وقاله الضحاك واستدل بأن أهل اليمن يسمون الستر المعذار، فيما ذكر ابن كثير
تفسير قوله تعالى: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) )
1- سبب نزول الآية:
- كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ ولِسانَه بالقرآنِ إذا أُنْزِلَ عليه قبلَ فَراغِ جِبريلَ مِن قِراءةِ الوحْيِ، حِرْصاً على أنْ يَحفظَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فنَزلتْ هذه الآيةُ، ذكره الأشقر.
- وروى الإمام أحمد عن ابن عبّاسٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعالج من التّنزيل شدّةً، فكان يحرّك شفتيه، وكان ابن عبّاسٍ يحرّك شفتيّه كما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحرّك شفتيه. فأنزل اللّه عزّ وجلّ {لا تحرّك به لسانك لتعجل به إنّ علينا جمعه وقرآنه}، وقد رواه البخاريّ ومسلمٌ، من غير وجهٍ، وروى مثله ابن أبي حاتم عن ابن عباس وهكذا قال الشّعبيّ، والحسن البصريّ، وقتادة، ومجاهدٌ، والضّحّاك، وغير واحدٍ، ذكره ابن كثير وهي صيغة صريحة، وذكر السعدي مثله بصيغة غير صريحة.
2- مقصد الآية:
تعليمٌ من اللّه عزّ وجلّ لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم في كيفيّة تلقّيه الوحي من الملك، بألا يبادر إلى أخذه ويسابق الملك في قراءته، فأمره اللّه عزّ وجلّ أن يستمع له، وتكفّل له أن يجمعه في صدره، وأن ييسّره لأدائه على الوجه الّذي ألقاه إليه، وأن يبيّنه له ويفسّره ويوضّحه. فالحالة الأولى جمعه في صدره، والثّانية تلاوته، والثّالثة تفسيره وإيضاح معناه، لذلك قال: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} وذلك كقوله: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل ربّ زدني علمًا}ذكره ابن كثير، وكذا ذكر السعدي والأشقر.
3- مرجع الضمير الهاء في "به":
القرآن المنزل بالوحي، وهو قول ابن كثير والسعدي والأشقر.
4- سبب عجلة الرسول في مبادرة ومسابقة جبريل حين تلقيه الوحي:
حرصاً ومَخافةَ أنْ يَتَفَلَّتَ منك وينساه، رواه ابن جرير عن ابن عباس فيما ذكر ابن كثير وكذا ذكر السعدي والأشقر.
5- الدلالة على حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على الوحي والخوف من تفلته:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشَرَعُ ويبادر في تِلاوة الوحي الذي يلقيه جبريل عليه، مِن الحِرْصِ قبلَ أنْ يَفْرُغَ، ويتلوهُ معَ تِلاوةِ جِبْريلَ إيَّاهُ، مخافة أن يتفلت منه، وهو ما ذكره السعدي والأشقر.
تفسير قوله تعالى: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) )
1- مقصد الآية:
تكفل الله تعالى وضَمِن لرسوله صلى الله عليه وسلم؛ أنَّه لا بُدَّ أنْ يَحْفَظَه ويَقْرَأَهُ ويَجْمَعَه في صَدْرِه، فالحِرْصُ الذي في خاطِرِه، إِنَّما الداعي له حَذَرُ الفَواتِ والنِّسيانِ، فإذا ضَمِنَه اللَّهُ له، فلا مُوجِبَ لذلك، وهو ما ذكره ابن كثير والسعدي.
2- المراد بالجمع:
حفظه حتى لا يذهب منه شيء، وهو قول ابن عباس ذكره ابن كثير وكذا ذكر السعدي والأشقر
3- محل الجمع:
في صدر الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو قول ابن كثير والسعدي والأشقر
4- معنى قرآنه:
إثباتَ قِراءتِه في لسانِكَ على الوجهِ القويم فلا تنساه، وهو حاصل قول ابن عباس الذي ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
5- دلالة تقديم الجار والمجرور على الاختصاص: أن الله تكفل بحفظ القرآن في صدر رسوله صلى الله عليه وسلم.
تفسير قوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) )
1- المراد ب" قرأناه":
تلاه عليك الملك عن اللّه عزّ وجلّ وأتم قراءته، ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
2- المراد ب"اتبع":
فاستمع له وأنصت، ثمّ اقرأه كما أقرأك، ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) )
1- مقصد الآية:
وَعَدَ الله نبيه بحِفْظِ لفْظِه وحفْظِ مَعانِيهِ، وهذا أَعْلَى ما يكونُ؛ لأنه حفظ من الله, وهو ما ذكره السعدي
2- المراد ب "بيانه":
1- نبيّنه لك ونوضّحه، ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا، ذكره ابن كثير
2- تبيين حلاله وحرامه، قاله ابن عبّاسٍ وعطيّة العوفيّ وقتادة، أورده ابن كثير
3- بيانَ مَعانِيهِ وحفظها، ذكره السعدي
4- تفسيرَ ما فيه مِن الحلالِ والحرامِ وبيانَ ما أشْكَلَ منه، ذكره الأشقر
والأقوال متقاربة وحاصلها: تفسير وتبيين حلاله وحرامه وبيان ما أشكل منه ونلهمك معانيه على ما أردنا وشرعنا ونحفظها.
3- بيان بعض آداب أخذ العلم:
أنْ لا يُبادِرَ المُتعَلِّمُ المُعَلِّمَ قبلَ أنْ يَفْرُغَ مِن المسألةِ التي شَرَعَ فيها، ثم يسَأَلَه عمَّا أَشْكَلَ عليهِ.
وكذلكَ إذا كانَ في أوَّلِ الكلامِ ما يُوجِبُ الردَّ أو الاستحسانَ أنْ لا يُبادِرَ بِرَدِّه أو قَبُولِه، حتى يَفْرُغَ مِن ذلك الكلامِ؛ ليَتبَيَّنَ ما فيه مِن حَقٍّ أو باطِلٍ، ولِيَفْهَمَه فَهْماً يَتمَكَّنُ به مِن الكلامِ عليه، وهو ما ذكره السعدي
4- الدلالة على امتثال الرسول صلى الله عليه وسلم لأمر ربه عز وجل:
كانَ النبي صلى الله عليه وسلم إذا تَلاَ عليهِ جِبْريلُ القرآنَ بعدَ هذا أَنْصَتَ له، فإذا فَرَغَ قَرَأَ، كما وعده الله، ذكره السعدي والأشقر.
5- الدلالة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كما بَيَّنَ للأُمَّةِ ألفاظَ الوَحْيِ؛ فإنَّه قدْ بَيَّنَ لهم مَعانِيَهُ، وهو ما ذكره السعدي.