دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1441هـ/29-12-2019م, 09:10 PM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,809
افتراضي مجلس أداء التطبيق الأول من تطبيقات مهارات التخريج

التطبيق الأول من تطبيقات مهارات التخريج


اختر ثلاثة أقوال من الأقوال التالية وخرّجها ووجّهها:


(1) قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}: (النظر إلى وجه ربهم).


(2) قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تفسير التوبة النصوح: (أن تتوب من الذنب ثم لا تعود فيه، أو لا تريد أن تعود).

(3) قول عثمان بن عفان رضي الله عنه في تفسير الباقيات الصالحات: (هي لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده، والله أكبر، والحمد لله، ولا حول ولا قوّة إلا بالله).

(4) قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في يوم الحجّ الأكبر قال: هو يوم عرفة.

(5) قول معاذ بن جبل رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {لا انفصام لها} قال: (لا انقطاع لها دون دخول الجنة).

(6) قول أبيّ بن كعب رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {مثل نوره} قال: (مثل نور من آمن به).

(7) قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (الأمة: الذي يعلم الخير، والقانت: المطيع لله ولرسوله).



تعليمات:
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.

تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________
وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 5 جمادى الأولى 1441هـ/31-12-2019م, 02:39 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

اختر ثلاثة أقوال من الأقوال التالية وخرّجها ووجّهها:

(1) قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}: (النظر إلى وجه ربهم).

تخريج القول:
رواه الطبري عن ابن بشّارٍ، عن عبد الرّحمن، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعدٍ، عن أبي بكرٍ.
ورواه كذلك في موضعين آخرين من طريق سعيد بن نمران، عن أبي بكرٍ.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن خزيمة، وابن المنذر وأبو الشيخ والدارقطني، وابن منده في الرد على الجهمية، وابن مردويه واللالكائي والآجري والبيهقي ذلك القول عن أبي بكر, كما ذكر السيوطي.
وقد ورد ذلك في حديثٍ مرفوعٍ أخرجه مسلمٌ والتّرمذيّ وغيرهما من طريق حمّاد بن سلمة عن ثابتٍ عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى عن صهيبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا دخل أهل الجنّة الجنّة نودوا إنّ لكم عند اللّه وعدًا فيقولون ألم يبيّض وجوهنا ويزحزحنا عن النّار ويدخلنا الجنّة قال فيكشف الحجاب فينظرون إليه فواللّه ما أعطاهم شيئًا هو أحبّ إليهم منه ثمّ قرأ للّذين أحسنوا الحسنى وزيادة. قال التّرمذيّ إنّما أسنده حمّاد بن سلمة ورواه سليمان بن المغيّرة عن ثابتٍ عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى. قال ابن حجر: وكذا قال معمرٌ أخرجه عبد الرّزّاق عنه وحمّاد بن زيدٍ عن ثابتٍ. أخرجه الطّبريّ وأخرجه أيضًا من طريق أبي موسى الأشعريّ نحوه موقوفًا عليه ومن طريق كعب بن عجرة مرفوعًا قال: الزّيادة النّظر إلى وجه الرّبّ. ولكن في إسناده ضعف ومن حديث حذيفة موقوفًا مثله ومن طريق أبي إسحاق عن عامر بن سعدٍ عن أبي بكرٍ الصّدّيق مثله وصله قيس بن الرّبيع وإسرائيل عنه ووقفه سفيان وشعبة وشريكٌ على عامر بن سعدٍ. وجاء في تفسير الزّيادة أقوالٌ أخر منها قول علقمة والحسن إنّ الزّيادة التّضعيف ومنها قول عليٍّ إنّ الزّيادة غرفةٌ من لؤلؤةٍ واحدةٍ لها أربعة أبوابٍ أخرج جميع ذلك الطّبريّ وأخرج عبد بن حميدٍ رواية حذيفة ورواية أبي بكرٍ من طريق إسرائيل أيضًا, كما ذكر ذلك ابن حجر.
وقد روي هذا القول عن حذيفة بن اليمان وابن عبّاسٍ وعبد الرّحمن بن أبي ليلى وعبد الرّحمن بن سابطٍ وعكرمة وعامر بن سعيدٍ والحسن ومجاهدٍ وقتادة وأبي إسحاق والضّحّاك وأبي سنانٍ والسّدّيّ. كما ذكره ابن أبي حاتم.
وهو قول الجمهور كما ذكر الزجاج وابن عطية, ورجح الطبري الجمع بين الأقوال المذكورة في معنى الزيادة لعدم تعارضها.
توجيه القول:
يعود اختيار أبي بكر لهذا القول -والله أعلم- في المقام الأول للمرويات المرفوعة عن رسول الله والموقوف منها كذلك, فما كان مرفوعا يوجب الاتباع, وما كان موقوفا فقد علم أن الصحابة لا يحدثون في الغيبيات إلا بما سمعوه من النبي, مما يقوي هذا القول, ويجعلنا نعي سبب تفوه أبي بكر به, ونميل إلى سماعه من رسول الله أو أحد صحبه.
ثم إنه من حيث الاجتهاد في إنزال المعنى على آيات الجنة والأحاديث الواردة فيها يبين منشأه, فقد لوحظ في كثير من الأحاديث ذكر رؤية وجه الله بعد تنعم أهل الجنة بالجنة, فكأنهم بعد التنعم بالحسنى تفضل الله عليهم بتلك الزيادة, وهي رؤية وجه الله.
كذلك من حيث التوجيه اللغوي فالزيادة تعني الإضافة, ومن المعلوم أن نعمة رؤية وجه الرب تبارك وتعالى هي مما أضيف لنعيم أهل الجنة زيادة في التنعم, ومنة من الكريم.
هذا ومع وضع الاعتبار أن مجيء مفردة "زيادة" نكرة تفتح المجال لكل زيادة نعيم ممكن, ولذا نجد الطبري رجح بأخذ الأقوال جميعا, ولولا كثرة الأحاديث المرفوعة والموقوفة عن النبي في معنى الزيادة لملنا لرأي الطبري, لكن في جلاء النصوص ووضوحها ما يغني عن بقية الأقوال, وقد يسمح لها بالدخول في المقام الثاني.

(2) قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تفسير التوبة النصوح: (أن تتوب من الذنب ثم لا تعود فيه، أو لا تريد أن تعود).
تخريج القول:
أخرجه الطبري في ستة مواضع, والحاكم, والبوصيري, من طريق سماكٍ، عن النّعمان بن بشيرٍ، عن عمر.
وأخرجه عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة وهناد، وابن منيع، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب, كما ذكر السيوطي.
ويقويه ما أخرجه أحمد، وابن مردويه والبيهقي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التوبة من الذنب لا تعود إليه أبدا. وضعفه ابن كثير وقال: الموقوف أصح.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه, والبيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف عن أبي بن كعب قال: سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن التوبة النصوح فقال: هو الندم على الذنب حين يفرط منك فتستغفر الله بندامتك عند الحافر ثم لا تعود إليه أبدا.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال معاذ بن جبل يا رسول الله: ما التوبة النصوح قال: أن يندم العبد على الذنب الذي أصاب فيعتذر إلى الله ثم لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع. ذكره السيوطي.
توجيه القول:
نجد لاختلاف المرويات وتنوع أسانيدها ورواتها عن رسول الله وإن تفاوتت في صحتها وجها قويا يدفع عمر -رضي الله عنه- إلى هذا القول, لاسيما وأنه قول عدد لا بأس به من الصحابة, مما يدلك على أن مستنده كان إما حديثا مرويا بشكل صريح عن رسول الله, أو مفهوم من أحاديثه عليه الصلاة والسلام, فهم كانوا الأقرب إليه, والأفقه بحديثه, فلذا لا يستبعد أن يكون هذا هو هو وجه تفسير عمر للتوبة بذلك.
كما أن "النصوح" بناء مبالغة من النصح إلى توبة نصحت صاحبها وأرشدته, كما ذكر ذلك الزجاج وابن عطية, وقال ابن قتيبة: أي: تنصحون فيها للّه، ولا تدهنون. وقال غلام ثعلب: أي: خالصة. فكل التفاسير اللغوية تفيد المبالغة في التوبة والإخلاص الذي يلزم منه الإرشاد للهداية, وهذا في ظني لا يتحقق إلا بالمعايير الذي ذكرها عمر وغيره من السلف, فهل تكون توبة نصوحا دون ندم أو عزم على عدم العودة؟ كلا, بلا شك.
(5) قول معاذ بن جبل رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {لا انفصام لها} قال: (لا انقطاع لها دون دخول الجنة).
تخريج القول:
رواه ابن أبي حاتم أبي، ثنا سريح بن النّعمان، ثنا ابن الرّمّاح، يعني عمرو بن ميمونٍ، ثنا حميد بن أبي الخزامى, عن معاذ به.
وأخرجه ابن المنذر عنه, كما ذكر السيوطي.
توجيه القول:
ذكر الزجاج في معنى الفصم: يقال فصمت الشيء أفصمه فصما أي قطعته. وقال القاسم بن سلام: وأما الفصم –بالفاء- فهو أن ينصدع الشيء من غير أن يبين. قال ابن عطية: وإذا نفي ذلك فلا بينونة بوجه. فإذا تبين لك المعنى اللغوي اتضح وجاهة هذا القول واتساقه مع سياق الآية التي تندب إلى التمسك بعروة الإسلام, تلك العروة التي صفتها عدم الانكسار والقطع بأي وجه.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12 جمادى الأولى 1441هـ/7-01-2020م, 05:15 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

اختر ثلاثة أقوال من الأقوال التالية وخرّجها ووجّهها:

القول الأول: قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تفسير التوبة النصوح: (أن تتوب من الذنب ثم لا تعود فيه، أو لا تريد أن تعود).
***
قال الله تعالى :{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}

القول الأول: التوبة النصوح ترك الذنب ثم لا يعود إليه..وهو قول عبد الله ابن مسعود و عمر ابن الخطاب و الضحاك والحسن
تخريج قول عمر:
أخرجه يحي بن سلام كما في تفسير ابن أبي زمين وعبد الرزاق و ابن أبي شيبة و هناد في الزهد وابن منيع كما في المطالب العالية وابن جرير والطحاوي في مشكل الآثار الحاكم في المستدرك و اللالكائي في أصول الاعتقاد والبيهقي في كتابه الآداب
من طريق سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عن عمر رضي الله به
التوبة النصوح أنْ يتوب ثم لا يعود إلى الذنب ، كما لا يعود اللبن إلى الضرع ، ورفعهُ معاذ .
و أخرجه الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه كما عند السيوطي
وعن حذيفة : بحسب الرجل من الشر أن يتوب عن الذنب ثم يعود فيه

توجيه القول:
وجه هذا القول ما رواه :
- ما رواه أبو الشيخ في العظمة عن معاذ بن رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ؟ قَالَ: «أَنْ يَنْدَمَ الْمُذْنِبُ عَلَى الذَّنْبِ الَّذِي أَصَابَ فَيَعْتَذِرُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ كَمَا لَا يَعُودُ اللَّبَنُ إِلَى الضَّرْعِ»
ما رواه البيهقي عن... قَالَ زِرٌّ: فَقُلْتُ لِأَبِي: وَمَا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ؟، قَالَ: سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هُوَ النَّدَمُ عَلَى الذَّنْبِ حِينَ يَفْرُطُ مِنْكَ، فَتَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِنَدَامَتِكَ عِنْدَ الْحَافِرِ، ثُمَّ لَا تَعُودُ إِلَيْهِ أَبَدًا

القول الثاني: الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، والإضمار أن لا يعود إليها... وهو قول ابن عباس والحسن البصري والكلبي
-سئل الحسن البصري عن التوبة النصوح ، فقال : ندم بالقلب ، واستغفار باللسان ، وترك بالجوارح ، وإضمار أن لا يعود

توجيه القول:
وجه هذا القول ما أخرجه يحي ابن سلام –كما عند ابن أبي زمين - من طريق عن عبد الله بن معقل قال : " كان أبي عند عبد الله بن مسعود فسمعته يقول لعبد الله : أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الندم توبة ؟ قال : نعم" اهـ

الثالث: : أن النصوح أن يبغض الذنب الذي أحبه ويستغفر منه إذا ذكره ، قاله الحسن .
وهذا القول قريب من الذي قبله ؛إلا أنه أضاف وصفا جديدا وهو بغض الذنب ؛ وفي الأول اكتفي بذكر الندم؛ والندم لا يلزم منه البغض

الرابع: أن التوبة النصوح هي الصادقة الناصحة ، قاله قتادة وابن زيد.
وجه هذا القول ما جاء في تهذيب اللغة: " ...وَقَالَ أَبُو زيد: نَصَحْتُه أَي صَدَقْتُه، وتَوْبَةٌ نَصُوحٌ: صادِقَةٌ.:
-وعن ابن زيد : النصوح: الصادقة ، ويعلم أنها صدق بندامته على خطيئته وحب الرجوع إلى طاعة الله.

الخامس: أن لا يثق بقبولها ويكون على وجل منها .
وفي توجيه هذا القول يقول ابن عطية:.. والدليل على ذلك دعاء كل واحد من المذنبين في قبول التوبة ولو كانت مقطوعاً بها لما كان معنى للدعاء في قبولها ، وظواهر القرآن في ذلك هي كلها بمعنى المشيئة اهـ

السادس : التوبة النصوح تكفر كل سيئة . وهو قول ابن مسعود
عن الشعبي قال : " التائب من الذنب كمن لا ذنب له ."

السابع :أن النصوح هي التي لا يحتاج معها إلى توبة . وقد يعبر عنها بالتوبة المقبولة وهو قول سعيد ابن جبير
- عن أبي الحسن الأشعري أنه قال : التوبة إذا توفرت شروطها قطع على الله بقبولها لأنه تعالى أخبر بذلك .

الثامن:: توبة تنصحون بها أنفسكم .وهو قول سعيد بن المسيّب
عن سري السقطي : لا تصح التوبة النصوح إلاّ بنصحة النفس من المؤمنين ؛ لأن مَن صحت توبته أحب أن يكون النّاس مثله .
وفي توجيه هذا القول قال ابن القيم:" وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: تَوْبَةً نَصُوحًا، تَنْصَحُونَ بِهَا أَنْفُسَكُمْ، جَعَلَهَا بِمَعْنَى نَاصِحَةٍ لِلتَّائِبِ، كَضَرُوبِ الْمَعْدُولِ عَنْ ضَارِبٍ.اهـ
وقال الزمخشري :. ويجوز أن يراد : توبة تنصح الناس ، أي : تدعوهم إلى مثلها لظهور أثرها في صاحبها ، واستعماله الجد والعزيمة في العمل على مقتضياتها اهـ

ثم في تعيين صفات التوبة النصوحة وتحديد شروطها أقوال لأهل العلم
قيل : ولا تقبل ما لم يكن فيها ثلاث : خوف أن لا تُقبل ، ورجاء أن تقبل ، وإدمان الطاعات
عن القرظي : تجمعها أربعة أشياء : الاستغفار باللسان ، والأقلاع بالأبدان ، وإظهار ترك العود بالجَنان ، ومهاجرة سيّئ الخلاّن .
عن سفيان الثوري : علامة التوبة النّصوح أربع : القلّة ، والعلة ، والذلة ، والغربة .
عن فضيل بن عياض : هي أن يكون الذنب نصب عينيه ، ولا يزال كأنّهُ ينظرُ إليه .
وقيل غير ذلك

النقاش:
يمكن جمع شتات الأقوال بالرجوع إلى أصل كلمة "نصوحا"
أولا : نصوح بمعنى منصوح فيها
1- كلمة "نصوحا" بفتح النون صفة التوبة ، ومعناه : توبة بالغة في النصح ؛ قال ابن القيم : وَالنَّصُوحُ عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ الْمَعْدُولِ بِهِ عَنْ فَاعِلٍ قَصْدًا لِلْمُبَالَغَةِ، كَالشَّكُورِ وَالصَّبُورِ قال الزجاج: و " فَعُول " من أسماء الفاعلين التي تستعمل للمبالغة في الوصف . تقول : رجل صبور ، وشكور .اهـ
.وَأَصْلُ مَادَّةِ (ن ص ح) لِخَلَاصِ الشَّيْءِ مِنَ الْغِشِّ وَالشَّوَائِبِ الْغَرِيبَةِ.
فَالنُّصْحُ فِي التَّوْبَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالْمَشُورَةِ تَخْلِيصُهَا مِنْ كُلِّ غِشٍّ وَنَقْصٍ وَفَسَادٍ، وَإِيقَاعُهَا عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ، وَالنُّصْحُ ضِدُّ الْغِشِّ.
وعلى هذا يكون " نصوحا " بمعنى الْمَفْعُولِ، أَيْ قَدْ نَصَحَ فِيهَا التَّائِبُ وَلَمْ يَشُبْهَا بغش . فَهِيَ بِمَعْنَى مَنْصُوحٍ فِيهَا، كَرَكُوبَةٍ وَحَلُوبَةٍ، بِمَعْنَى مَرْكُوبَةٍ وَمَحْلُوبَةٍ.
2- "نصوحا" بمعنى ناصحة للتائب
وقيل "نَصوحا " ...قال ابن القيم : النصوح بمعنى ناصحة للتائب؛ كَضَرُوبِ الْمَعْدُولِ عن ضارب... -فنصوح بمعنى الْفَاعِلِ، أَيْ نَاصِحَةٌ كَخَالِصَةٍ وَصَادِقَةٍ.
وعلى هذا قول سعيد بْنُ الْمُسَيَّبِ: تَوْبَةً نَصُوحًا، تَنْصَحُونَ بِهَا أَنْفُسَكُمْ.اهـ

هذا ما يختص بأصل تصريف كلمة "نصوحا " بفتح النون
أما ما يتعلق بأصل معنى مادة "نصح" فقد ورد فيها معاني

1
- الناصح: الخالص .
ومنهم قولهم ..
عسل ناصح إذا خلص من الشمع.
قال الأصمعيّ: الناصِحُ الخالص من العسل وغيره. وكل شيء خلص فقد نصح.اهـ
وتوبة نصوح توبة خلصت من الغش خلصت مما يفسدها أو ينقصها أو يبطلها ؛ فكانت لله خالصة من الرياء والشرك والتسميع ؛ وكانت خالصة من ترك ذنب أو معصية لم يتب منها.
2-الناصح الصادق
قال ابن الأعرابي :.. ومنه التوبة النصوح، وهى الصادقة.
-والتوبة الصادقة التي صدق صاحبها فيها فاستمر عليها ولم يرجع إلى ذنبه
فيحدث التائب نفسه إِذا تَابَ من ذَلِك الذَّنب ألاَّ يعود إِلَيْهِ أبدا.
وذكر ابن فارس أن أصل مادة "نصح" ترجع إلى أصل واحد وهو
يَدُلُّ عَلَى مُلَاءَمَةٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ وَإِصْلَاحٍ لَهُمَا. أَصْلُ ذَلِكَ النَّاصِحُ: الْخَيَّاطُ. وَالنِّصَاحُ: الْخَيْطُ يُخَاطُ بِهِ
والنصح بالفتح: مصدر قولك نَصَحْتُ الثوب: خِطْتُهُ
وثوبٌ متَنَصَّح، أي مُخَيَّطٌ، بالتوكيد. والناصِح: الخيَّاط. اهـ
ويقال منه توبة نصوح؛ من جهة أن الذنوب والمعاصي أحدثت خرقا في دين المذنب ؛
كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلما مرفوعا "" مَنِ اغْتابَ خَرَقَ، ومنِ استغْفَرَ رَفَأَ".
المذنب فيقوم بإصلاح خرقه بالتوبة هذا على اعتبار أن "نصوحا" مفعول ؛ أو أن التوبة هي التي تصلح الخرق وهذا على اعتبار أن نصوحا فاعلا
قال زمخشري :"وقيل : نصوحاً من نصاحة الثوب ، أي : توبة ترفو خروقك في دينك ، وترمّ خَلّك . اهـ
ويمكن أن يكون المراد منها توبة ينصح بها الناس ؛ فالمذنب بعدما أصلح الخرق الذي كان عليه في دينه سعى لإصلاح غيره وذلك بظهور أثر التوبة عليه في أعماله وجوراحه ولسانه
قال الزمخشري : .ويجوز أن يراد : توبة تنصح الناس ، أي : تدعوهم إلى مثلها لظهور أثرها في صاحبها ، واستعماله الجد والعزيمة في العمل على مقتضياتها .اهـ
وعبارة السلف وإن تباينت في ذكر معنى "توبة نصوحا" إلا أنها كلها يرجع إلى شيء واحد
قال ابن القيم:" .وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ السَّلَفِ عَنْهَا، وَمَرْجِعُهَا إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ... اهـ


***

تخريج القول الثاني:
قول معاذ بن جبل رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {لا انفصام لها} قال: (لا انقطاع لها دون دخول الجنة)

قال الله تعالى :" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا"
في المراد بالتوبة النصوح أقوال :

القول الأول: لا انقطاع لها دون دخول الجنة وهو قول معاذ و السدي والحسن. ومقاتل
وقال الحسن : لا انفصام لها دون أن تهجم بأهلها على الجنة
تخريج قول معاذ:
أخرجه ابن أبي حاتم عمرو بن ميمون ، ثنا حميد بن أبي الخزامي قال : سئل معاذ بن جبل عن قول الله : { فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها } قال : { لا انفصام لها } يعني : لا انقطاع لها _ مرتين _ دون دخول الجنة.
وأخرجه ابن المنذر كما عند السيوطي
توجيه القول:
الْفَصْمُ كَسْرُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ إِبَانَةٍ.. فالعروة الوثقى لا انكسار لها وانقطاع فمن تمسك بها فهو في مأمن من التردي في الضلال و الهوي في نار جهنم لأن الإيمان بالله وعقيدة التوحيد سبيل النجاة وطريق الفوز برضا الله ودخول الجنة ؛ فليزال التوحيد يدافع عن صاحبه حتى يدخله الجنة

القول الثاني: { لاَ انفِصَامَ لَهَا } ؛ أي لا انكسار لها
توجيه القول :
من باب التفسير اللغوي ..حمل اللفظ على معناه اللغوي ..فإن الفصل لغة هو الكسر دون إبانة. كسر مع اتصال ...كما تسكر اليد مع بقائها معلقة
فأصل الفصم : الكسر ، ومنه قول أعشى بني ثعلبة :
ومبسمها عن شَتيِتِ--*** النبات غير أكسَّ ولا متفصّم

قال ذو الرمة يذكر غزالا يشبهه بدُمْلُج فضة :
كأنَّهُ دُمْلُجٌ من فضة نَبَهٌ *** في ملعب من جواري الحيِّ مَفْصُومُ
وإنما جعله مفصوما لتثنيه وانحنائه إذا نام . ولم يقل " مقصوم " بالقاف فيكون بائنا باثنين
فالانفصام: يمنع الاتصال الداخلي.فقوله " لا انفصام لها" يعنى أن العروة الوثقى ظاهرها كباطنها متصل متلاحم يشد بعضه بعضا متلاحم ؛ فلا يخشى أحد استمسك بها من السقوط والتردي
فعقيدة التوحيد لا انكسار فيها ولا خلل ولا نقص وما ذلك إلا لإحكامها و إتقانها وقوتها ومتانتها

القول الثالث : { لاَ انفِصَامَ لَهَا } أي لا انقطاع ؛ وهو قول السدي والزجاج
توجيه القول:
الفصم الكسر بغير إبانة؛ و القَصْم هو الكسر بإبانة ونفيُ الأول يدل على انتفاءِ الثاني بالأولوية.... تفسير للتنبيه على المعنى الأولى
وقيل هما بمعنى
-
قَالَ الْفَرَّاءُ: الِانْفِصَامُ وَالِانْقِصَامُ هُمَا لُغَتَانِ، وَبِالْفَاءِ أَفْصَحُ، .كما عند القرطبي".
وقال الزجاج: يقال فصمت الشيءَ أفْصُمُه فصماً أي قطعته.اهـ
. فهو تفسير ... تعبير بالمترادف

القول الرابع :لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . وهو قول ابن أبي نجيح عن مجاهد ؛ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
توجيه القول:
من استمسك بالعروة الوثقى؛ بعقيدة التوحيد والإيمان بالله وأقام شرع الله وامتثل أمره واجتنب نهيه فهو من مأمن من زوال اسم الإيمان عنه لأنه قد استمسك بما لا انفصام ولا انقطاع له ؛استمسك بالشد الوثيق والحبل المتين؛ فهو ثابت مستقيم على الطريقة المثلى إلا أن يكفر هو فيغير حاله؛ فيترك التمسك بالعروة الوثقى ؛ فمن فعل ذلك لا يأمن على نفسه انقلاب الحال والانتقال من سعة الإسلام إلى ضيق الكفر ؛ فهذا لا يسمى مستمسك بالعروة الوثقى

لطيفة:
استمسك على وزن "استفعل " ؛من معانيه الطلب ؛فالمستمسك بالعروة الوثقى طالب لها قاصد إليها مريد لها ؛ فمادام هو كذلك فقد أمن من تغير حاله وانقلابه من الإيمان إلى الكفر ؛ إلا أن يغير حاله هو فيترك الاستمساك بدين الحق والعقيدة الصحيحة فهذا لا يأمن على نفسه من انقلاب حاله و دخوله الكفر والنفاق بعد الإيمان وهو معنى :لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

نقاش:
لا تعارض بين الأقوال؛ كلها ترجع إلى شيء واحد...حصول الأمن والطمأنينة لمن استمسك بالعروة الوثقى ؛ لأنه قد استمسك بعقد وثيق الشد محكم الفتل قوي ثابت لا يصدعه شيئا فأدنى فصم لا يحدث فيه؛ فما بالك بالقطع فهو عنه بعيد ؛ بعد المشرقين ؛فالعروة الوثقى لا انقطاع لها ولا زوال لها ولا هلاك لها ولا اضمحلال وانحلال . عموم في جميع أنواع النقص والعيب .. " ... "لا انفصام لها " لا نافية للجنس دالة على انتفاء جنس الفصم؛ استغراق في نفي أنواع الفصم ؛ فأدنى فصم وأقل فصم لا يحصل للعروة الوثقى فمن باب أولى ما كان فوقها من القطع والهلاك
فعدد ما شئت من أنواع النقص والعيب فكلها العروة الوثقى سلمت منها؛ فكما أنها سالمة في ذاتها فهي أيضا تُسلم من تمسك بها من السقوط والتردي في هوة وما ذلك إلا لمتانتها و إحكام رباطها
فعقيدة التوحيد والإيمان بالله ونبذ الكفر والشرك؛ والبراءة من الآلهة والأصنام والطواغيت ؛ عقيدة محكمة صحيحة قوية صلبة لا خلل فيها ولا نقص ولا عيب ولا تناقض فيها موافقة للفطرة لا يمكن كسرها ولا انقطاعها
و ومن استمسك بهذه العقيدة فقد عقد لنفسه من الدين عقداً وثيقاً لا تحله شبهة ولا غيرها لأنه استمسك من الدين بأقوى سبب يمنعه من التردي في الضلال والزيغ .فلا يخشى مع اعتصامه خذلانه إياه .في دنياه وآخرته.
آمن في دنياه من شر الشيطان وغوائله وتضليلاته عن طريق الحق وصراطه المستقيم ؛
آمن من فساد دينه ودخول الشبه والبدع عليه أمن من زوال اسم الإيمان عنه .
آمن في أخراه من التردي في نار جهنم فالتوحيد مدافع عنه حتى يدخله الجنة قال ابن جرير :"
وإسلامه عند حاجته إليه في أهوال الآخرة كالتمسك بالوثيق من عرى الأشياء التي لا يخشى انكسار عراها "اهـ
فكما أن عقيدة التوحيد لا انفصام لها كذلك شريعة الإسلام لا انفصام لها ؛ كلها حسنة لا نقص فيها ولا تناقض موافقة للعقل جالبة للمصالح دارئة للمفاسد.
فدين الإسلام في قوته ومتانته وصلابته وتماسكه وكماله أشبه بالعروة القوية من الحديد الصلب الذي لا يقبل الانكسار أو التهشيم لا يمكن كسره ولا انقطاعه
ففيه رد على كل من ادعى وجوه تناقض في الدين الله ؛أو أن شريعة الله غير موافقة للحكمة و مصادمة للعقل؛ أو أنها لا تصلح لكل زمان ومكان؛ أ
و من يزعم أن الشارع يفرق بين المتماثلين..أو غير ذلك..فكل أولئك يقال لهم " وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا"

فائدة:
(وَالِانْفِصَامُ ) مُطَاوِعُ الْفَصْمِ؛ فَصَمْتُهُ فَانْفَصَمَ؛ فمهما حاول العبد أن يفصم عقيدة التوحيد والإيمان بالله أو يفصم الدين الإسلامي عموما فلن يقدر ولن يجد إلى ذلك سبيلا ؛ لصلابتها وقوتها إحكامها ؛ ففيه رد على من يحاول إيجاد الخلل والعيب والنقص وإلقاء الشبه في دين الإسلام عقيدةً وشريعةً ؛ يسعى حثيثا إلى ذلك؛فسيجد الباب مغلق و الطريق مسدود لأن عقيدة السليمة لا تطاوعه و الشريعة الحق لا تطاوعه فيقال له "هيهات هيهات لا جن و لا سحره بقادرين على أن يلحقوا اثره"
قال الزمخشري: وهذا تمثيل للمعلوم بالنظر ، والاستدلال بالمشاهد المحسوس ، حتى يتصوّره السامع كأنه ينظر إليه بعينه ، فيحكم اعتقاده والتيقن به: اهـ


****

تخريجقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في يوم الحجّ الأكبر قال: هو يوم عرفة.

قال الله تعالى :{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ.}

في المراد ب " الحج الأكبر " أقوال:

القول الأول يوم عرفة: وهو قول عمر بن الخطاب وعلى ابن أبي طالب و عبد الله بن الزبير وسعيد بن المسيب في إحدى الروايات وعطاء بن أبي رباح وطاووس و مجاهد في إحدى الروايات
-عن عكرمة عن ابن عباس قال : إن يوم عرفة يوم الحج الأكبر يوم المباهاة ، يباهى الله ملائكته في السماء بأهل الأرض يقول تبارك وتعالى : جاؤوني شعثا غبرا ، آمنوا بي ولم يروني وعزتي لأغفرن لهم ، وهو يوم الحج الأكبر . رواه ابن أبي حاتم
تخريج قول على رضي الله عنه
- ما أخرجه ابن جرير عن أبي الصهباء البكري قال : سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن يوم الحج الأكبر ؟ فقال : يوم عرفة .

توجيه القول:
ما روى عن ابن جريج عن محمد بن قيس بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوم عرفة وقال : " هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ .
-
-"يَوْمَ" منصوب على الظرف والعامل فيه أَذانٌ؛ أي يوم الحج الأكبر ظرف للتأذين ؛ و لما كان التأذين يوم عرفة - لأن عليا رضي الله عنه أذن بتلك الآية يوم عرفة إثر خطبة أبي بكر رضي الله عنه- عُلم أن الحج الكبر يوم عرفة حيث وقع فيه أول الأذان
روى ابن جرير في ذلك أثرا عن علي رضى الله عنه :قال ".. : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه يقيم للناس الحج، وبعثني معه بأربعين آية من براءة، حتى أتى عرفة فخطب الناس يوم عرفة، فلما قضى خطبته التفت إليّ، فقال: قم، يا علي وأدِّ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقمت فقرأت عليهم أربعين آية من "براءة"..."

القول الثاني : يوم النحر...وهو قول على ابن أبي طالب في رواية ؛ وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن أبي أوفى والمغيرة بن شعبه وسعيد بن جبير والشعبي والنخعي وقيس بن عبادة و عبد الله بن شداد و ابراهيم النخعي ومجاهد وعطاء والسدي وهو اختيار ابن جرير و لم يذكر ابن كثير غيره

توجيه القول:
وجهه ما أخرجه الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : « سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الحج الأكبر ؟ فقال «يوم النحر » .

-ما أخرجه ابن جرير ..من طريق
نافع، عن ابن عمر قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع فقال: هذا يوم الحج الأكبر..
-وما رواه أيضا من طريق مرة الهمدانيعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة حمراء مخضرمة،فقال: أتدرون أيَّ يوم يومكم؟ قالوا: يوم النحر! قال: صدقتم، يوم الحج الأكبر
- ويوم الحج الأكبر هو يوم النحر حيث وقع إكمال الأذان، لأن عليا رضى الله عنه رأى أنه لم يعلم الناس بالإسماع بالأذان بالآية يوم عرفة فتتبعهم بالأذان بها يوم النحر ..
" قال علي : "..ثم صدرنا، حتى أتينا مِنًى، فرميت الجمرة ونحرتُ البدنة، ثم حلقت رأسي، وعلمت أن أهل الجمع لم يكونوا حضروا خطبة أبي بكر يوم عرفة، فطفقت أتتبع بها الفساطيط أقرؤها عليهم. ..)
- أن من فاته الوقوف يوم عرفة فإنه يجزيه الوقوف ليلة النحر، بخلاف من فاته يوم النحر فقد فاته الحج ؛فليس يوم عرفة على هذا يوم الحج الأكبر.
عن سعيد بن جبير: ".....أرأيت لو أن رجلا فاته يوم عرفة، أكان يفوته الحج؟ وإذا فاته يوم النحر فاته الحج!." رواه ابن جرير
و انتقد ابن عطية هذا القول بقوله : "ولا حجة في هذا"

القول الثالث: أنه اليوم الثاني : وهو قول سعيد بن المسيب
عن سعيد بن المسيب : الحج الأكبر اليوم الثاني من يوم النحر ، ألم تر أن الإمام يخطب فيه ؟ ...رواه ابن أبي حاتم.

القول الرابع :..أيام الحج كلها و هو قول مجاهد وسفيان و هو ظاهر قول ابن عطيو
وخصه مجاهد في رواية عنه بأيام منى كما عند الطبري وابن عطية
توجيه القول:
-أن التأذين بالآية تتابع أيام الحج ولم يقتصر على يوم النحر قال ابن عطية :" .. وبعث أبو بكر معه من يعينه بالأذان بها كأبي هريرة وغيره، وتتبعوا بها أيضا أسواق العرب كذي المجاز وغيره، فمن هنا يترجح قول سفيان إن يَوْمَ في هذه الآية بمعنى أيام" اهـ
من جهة اللغة
أن العرب تطلق بلفظ "يوم " والمراد منه أيام ....وذكر سيبويه: تقول لرجل: ما شغلك اليوم؟ وأنت تريد في أيامك هذه.
كما يقال يوم صفين ويوم الجمل والمراد به جميع أيامه.
- وكما قال عثمان لعمر حين عرض عليه زواج حفصة: إني قد رأيت ألا
أتزوج يومي هذا.
النقاش:
- رجح ابن جرير رحمه الله القول بأن المراد بالحج الأكبر يوم النحر ؛ وترجيحه قائم على دلالة السنة و أقوال السلف واللغة والنظر
- السنة: ما جاء من أخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عن يوم النحر أنه يوم الحج الأكبر وسبق ذكرها في توجيه هذا القول
- أقوال السلف: تظافر قول السلف على أن المراد بالحج الأكبر يوم النحر
- اللغة : أن اليوم يضاف إلى المعنى الذي يكون فيه ؛ فيقال يوم الفطر لليوم الذي يفطرون فيه؛ ويوم عرف لليوم الذي يقفون فيه في عرفة ؛ ويوم الحج لليوم الذي يحجون فيه.
- النظر: وكان يوم النحر يوم الحج لأنه اليوم الذي يحجون فيه ويقضون فيه مناسكهم ويعملون فيه أعمال الحج ؛ والوقوف بعرفة غير فائت إلى طلوع فجر يوم النحر ؛ وفي صبيحته يعمل أعمال الحج.

قال أبو جعفررحمه الله: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصحة، قولُ من قال: "يوم الحج الأكبر، يوم النحر"، لتظاهر الأخبار عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليًّا نادى بما أرسله به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرسالة إلى المشركين، وتلا عليهم "براءة"، يوم النحر. هذا، مع الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم النحر: أتدرون أيّ يوم هذا؟ هذا يوم الحج الأكبر.
وبعدُ، فإن "اليوم" إنما يضاف إلى المعنى الذي يكون فيه، كقول الناس: "يوم عرفة"، وذلك يوم وقوف الناس بعرفة = و"يوم الأضحى"، وذلك يوم
يضحون فيه = "ويوم الفطر"، وذلك يوم يفطرون فيه. وكذلك "يوم الحج"، يوم يحجون فيه، وإنما يحج الناس ويقضون مناسكهم يوم النحر، لأن في ليلة نهار يوم النحر الوقوفُ بعرفة غير فائت إلى طلوع الفجر، وفي صبيحتها يعمل أعمال الحج...." اهـ

وقد انتقد رحمه الله القول الأول من قال هو يوم عرفة بدليل النظر قال رحمه الله :" فأما يوم عرفة، فإنه وإن كان الوقوف بعرفة، فغير فائت الوقوف به إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، والحج كله يوم النحر."اهـ
وانتقد قول سفيان ومجاهد بدليل اللغة ؛ والأصل :
من جهة اللغة: وأن إطلاق لفظ اليوم والمراد به "الأيام" مخالف للأشهر و الأعرف لكلام العرب في استعمال لفظ يوم" بل المشهور المعروف في كلام العرب أن لفظ يوم يطلق من غروب الشمس إلى مثله من الغد
وأن الأصلحمل كلام الله على المعنى الأشهر الأعرف من كلام العرب دون غيره من المعاني
قال رحمه الله:". وأما ما قال مجاهد: من أن "يوم الحج"، إنما هو أيامه كلها، فإن ذلك وإن كان جائزًا في كلام العرب، فليس بالأشهر الأعرف في كلام العرب من معانيه، بل أغلبُ على معنى "اليوم" عندهم أنه من غروب الشمس إلى مثله من الغد. وإنما محمل تأويل كتاب الله على الأشهر الأعرف من كلام من نزل الكتابُ بلسانه. اهـ

وقال ابن كثير في ترجيح يوم النحر : :..وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك وأظهرها وأكثرها جمعا " اهـ
وأما ابن عطية رحمه الله فالذي يظهر من كلامه أنه رجح قول سفيان ومجاهد ؛ بحجة أن الـتأذين من علي رضي الله عنه كان متواصلا ومستمرا أيام الحج قال رحمه الله : وفي ذلك اليوم بعث معه أبو بكر من يعينه بالأذان بها كأبي هريرة وغيره، وتتبعوا بها أيضا أسواق العرب كذي المجاز وغيره، فمن هنا يترجح قول سفيان إن يَوْمَ في هذه الآية بمعنى أيام.."اهـ



أما في سبب تسميته بيوم الحج الأكبر قولين:
" أحدها : أنها تسمية للتعظيم
وورد فيه أقوال منها وأشهرها
أنه سمي بذلك لأنه كان في سنة اجتمع فيها حج المسلمين والمشركين ، ووافق أيضاً عيد اليهود والنصارى ، قاله الحسن .
الثاني : أنها تسمية للتعريف والتبيين فهو في مقابل الحج الأصغر وفيه قولين:
أحدهما : أن الحج الأكبر القِران ، والأصغر الإفراد ، قاله مجاهد .
الثاني : أن الحج الأكبر هو الحج ، والأصغر هو العمرة ، قاله عطاء والشعبي .



والله أعلم

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 02:15 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التطبيق الأول من تطبيقات مهارات التخريج
(3) قول عثمان بن عفان رضي الله عنه في تفسير الباقيات الصالحات: (هي لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده، والله أكبر، والحمد لله، ولا حول ولا قوّة إلا بالله).


قبل البدأ في تخريج هذا الأثر يحسن الإشارة إلى الأقوال الواردة عن السلف الصالح في تفسير الباقيات الصالحات وهي:
==القول الأول:

هي ذكر الله بالتسبيح والتحميد ونحو ذلك مثل قول لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده، والله أكبر، والحمد لله، ولا حول ولا قوّة إلا بالله
-القائلين به:
قال بهذا القول جماعة منهم عثمان بن عفان، أبو هريرة، ابن عباس في رواية عنه
وقد روى هذا القول عن ثلاثتهم الطبري وذكرهم صاحب النكت والعيون تفسيره، وصاحب زاد المسير في تفسيره وذكر أنه مروي عن مجاهد، وعطاء، وعكرمة، والضّحّاك.
وهذا القول هو قول الجمهور كما ذكر ابن عطية وابن كثير
-توجيه هذا القول:
هذا القول مبني على ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذكر هذه الكلمات وتسميتها بالباقيات الصالحات.

==القول الثاني:
أنها الصلوات الخمس.
-القائلين به:
قاله ابن عباس في أحد أقواله، وسعيد بن جبير
وقد رواهما الطبري وذكرهما صاحب النكت والعيون وصاحب زاد المسير في تفسيريهما.
وذكره ابن عطية في تفسيره عنهم وزاد عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل ولم يسنده

==القول الثالث:
أنها الأعمال الصالحة
-القائلين به:
قاله ابن زيد
ذكره صاحب النكت والعيون.

==القول الرابع:
هي الكلام الطيب.
-القائلين به:
هذا مروي عن ابن عباس أيضاً في أحد أقواله، وقاله عطية العوفي ورواه عن ابن عباس.

==القول الخامس:
كل عمل صالح من قول أو فعل يبقى للآخرة.
-القائلين به:
روي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما
رواه الطبري عن علي ابن أبي طلحة عنه، ويروى عن ابن زيد.
وهذا القول رجحه الطبري لأنه قول عام يدخل فيه كل الأقوال السابقة.
وقال القرطبي بعد ذكره: (وَرَجَّحَهُ الطَّبَرِيُّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لِأَنَّ كُلَّ مَا بَقِيَ ثَوَابُهُ جاز أن يقال له هذا) ا.ه

==والآن بعد ذكر الأقوال نأتي إلى تخريجها وسنكتفي بتخريج القول الأول من طريق عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأما باقي الأقوال فقد اكتفينا بالعزو إلى المصدر فقط ما أمكن، لأنه ليس مطلوب منا إلا تخريج قول عثمان رضي الله عنه
فأما تخريج قول عثمان بن عفان رضي الله عنه:
=فقد رواه أحمد:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا حَيْوَة، عن أبي عقيل، أنه سمع الحرث مولى عثمان بن عفان، يقول:
قيل لعثمان: ما الباقيات الصالحات؟ قال: هنّ لا إله إلا الله، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.
=ورواه الطبري:
من طرق مختلفة عن عبد الله بن يزيد، وأبو زرعة كلاهما عن حيوة
ومن طريق نافع بن يزيد ورشدين بن سعد
كلهم عن أبي عقيل زهرة بن معبد القرشي من بني تيم من رهط أبي بكر الصديق، أنه سمع الحرث مولى عثمان بن عفان، يقول:
قيل لعثمان: ما الباقيات الصالحات؟ قال: هنّ لا إله إلا الله، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.
وفي رواية أبو زرعة زيادة "سبحان الله وبحمده" فزاد "وبحمده"
=ورواه ابن المنذر عنه أيضا كما في الدر المنثور
وذكر هذا القول جماعة من المفسرين في كتبهم كابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن الجوزي وغيرهم.
====================================================================================================
(6) قول أبيّ بن كعب رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {مثل نوره} قال: (مثل نور من آمن به).
ذكر الأقوال الواردة في تفسير قوله تعالى: {مثل نوره}

==القول الأول:
مثل نور المؤمن الذي في قلبه من الإيمان والقرآن
-القائلين به:
هذا القول يروى عن أُبيّ بن كعب، وابن عباس في أحد الروايات عنه، وسعيد بن جبير، والضحاك، والأعمش.
-تخريج هذا القول عن أبي بن كعب:
-هذا القول رواه الطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما كلاهما
عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أُبيّ بن كعب، في قول الله: (مَثَلُ نُورِهِ) قال: ذكر نور المؤمن فقال: مثل نوره، يقول مثل نور المؤمن. قال: وكان أُبيّ يقرؤها: كذلك مثل المؤمن، قال: هو المؤمن قد جعل الإيمان والقرآن في صدره.
-توجيه هذا القول:
هذا القول مبناه على ما جاء عن الصحابي الجليل أبي ين كعب في تفسيرها حيث ذكر أن الله سبحانه وتعالى ذكر نوره فقال "الله نور السماوات والأرض" ثم تكلم بعد ذلك على ما من الله به على عبد المؤمن من النور فقال "مثل نوره" وساق المثل .

==القول الثاني:
أن المراد بالنور هو محمد صلى الله عليه وسلم وأن الهاء في قوله "مثل نوره" عائدة على اسم الله.
-القائلين به
يروى هذا القول الطبري وابن أبي حاتم كلاهما عن كعب الأحبار، وسعيد بن جبير.

==القول الثالث:
أن المراد بالنور هو نور القرآن الذي أنزل على رسوله وعباده.
-القائلين به:
ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس في أحد الروايات عنه، وزيد بن أسلم، وعن الحسن، وعن ابن زيد.

==القول الرابع:
أن المراد بالنور هو نور الله، وقالوا: يعني بالنور: الطاعة.
-القائلين به:
يروى هذا القول عن ابن عباس في رواية عنه.


====================================================================================================
(7) قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (الأمة: الذي يعلم الخير، والقانت: المطيع لله ولرسوله).
ذكر الأقوال الواردة في معنى "الأمة"، و"القانت".

==القول الأول:
أن الأمة: الذي يعلم الخير، والقانت: المطيع لله ولرسوله
=القائلين به:
يروى هذا القول عن ابن مسعود
=تخريج هذا القول:
-هذا القول يرويه الطبري عن مسلم البطين وعن يحيى بن الجزار، كلاهما عن أبي العُبَيدين، أنه جاء إلى عبد الله فقال:
من نسأل إذا لم نسألك؟ فكأنّ ابن مسعود رقّ له، فقال: أخبرني عن الأمَّة، قال: الذي يُعلَّم الناس الخير.
-وراه من طرق عدة عن الشعبي عن مسروق وفروة بن نوفل الأشجعي كلاهما عن ابن مسعود:
إن معاذا كان أُمَّة قانتا لله حنيفا، فقلت في نفسي: غلط أبو عبد الرحمن، إنما قال الله تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ) فقال: تدري ما الأمَّة، وما القانت؟ قلت: الله أعلم، قال: الأمَّة: الذي يعلم الخير، والقانت: المطيع لله ولرسوله، وكذلك كان مُعاذ بن جبل يعلم الخير، وكان مطيعًا لله ولرسوله.
-وأخرجه الحاكم في المستدرك أيضا عن الشعبي بنفس الإسناد، ورواه بنحوه من طريق مسروق وقال صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "
-وذكره عن الشعبي بنفس الإسناد الثعلبي في تفسيره.
=توجيه هذا القول:
هذا القول مبني على ما جاء من تفسير الصحابي ابن مسعود رضي الله عنه، حيث فسر الأمة: بأنه معلم الخير، فالذي يظهر أن معلم الخير هو الوسيلة التي عليها تنشأ الأمة التي يريدها الله سبحانه وتعالى عندما يرسل معلم الخير من الأنبياء أو الصالحين لقوم ما فتثمر دعوتهم وتنشأ أمة تنصر الله فينصرها الله وتكون أمة، وأما القانت فهو الطائع.

==القول الثاني:
قيل في معنى الأمة أنها الحين، والقانت: الطائع.
-توجيه هذا القول:
هذا القول مبناه على معنى الكلمة في موضع آخر من كتاب الله وهو قوله: (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) يعني: بعد حين.
وقد قال الطبري عند ذكر هذا القول إنه من الأشياء المختلف فيها.

==القول الثالث:
قيل في معنى الأمة أنه كان وحده، والقانت: الطائع.
-القائلين به:
روى الطبري هذا القول عن مجاهد، وذكره الثعلبي عنه.
-توجيه هذا القول:
هذا القول مبني على الحال التي كان عليها إبراهيم عليه السلام لما بدأ دعوته إلى عبادة الله وترك عبادة الأوثان.
قال الطبري عند ذكر هذا القول إنه من الأشياء المختلف فيها.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 02:17 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم

وأعتذر عن التأخير لظروف العمل الطارئة .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 شوال 1441هـ/10-06-2020م, 09:10 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عقيلة زيان مشاهدة المشاركة
اختر ثلاثة أقوال من الأقوال التالية وخرّجها ووجّهها:

القول الأول: قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تفسير التوبة النصوح: (أن تتوب من الذنب ثم لا تعود فيه، أو لا تريد أن تعود).
***
قال الله تعالى :{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}

القول الأول: التوبة النصوح ترك الذنب ثم لا يعود إليه..وهو قول عبد الله ابن مسعود و عمر ابن الخطاب و الضحاك والحسن
تخريج قول عمر:
أخرجه يحي بن سلام كما في تفسير ابن أبي زمين وعبد الرزاق و ابن أبي شيبة و هناد في الزهد وابن منيع كما في المطالب العالية وابن جرير والطحاوي في مشكل الآثار الحاكم في المستدرك و اللالكائي في أصول الاعتقاد والبيهقي في كتابه الآداب
من طريق سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عن عمر رضي الله به
التوبة النصوح أنْ يتوب ثم لا يعود إلى الذنب ، كما لا يعود اللبن إلى الضرع ، ورفعهُ معاذ .
و أخرجه الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه كما عند السيوطي
وعن حذيفة : بحسب الرجل من الشر أن يتوب عن الذنب ثم يعود فيه

توجيه القول:
وجه هذا القول ما رواه :
- ما رواه أبو الشيخ في العظمة عن معاذ بن رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ؟ قَالَ: «أَنْ يَنْدَمَ الْمُذْنِبُ عَلَى الذَّنْبِ الَّذِي أَصَابَ فَيَعْتَذِرُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ كَمَا لَا يَعُودُ اللَّبَنُ إِلَى الضَّرْعِ»
ما رواه البيهقي عن... قَالَ زِرٌّ: فَقُلْتُ لِأَبِي: وَمَا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ؟، قَالَ: سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هُوَ النَّدَمُ عَلَى الذَّنْبِ حِينَ يَفْرُطُ مِنْكَ، فَتَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِنَدَامَتِكَ عِنْدَ الْحَافِرِ، ثُمَّ لَا تَعُودُ إِلَيْهِ أَبَدًا

القول الثاني: الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، والإضمار أن لا يعود إليها... وهو قول ابن عباس والحسن البصري والكلبي
-سئل الحسن البصري عن التوبة النصوح ، فقال : ندم بالقلب ، واستغفار باللسان ، وترك بالجوارح ، وإضمار أن لا يعود

توجيه القول:
وجه هذا القول ما أخرجه يحي ابن سلام –كما عند ابن أبي زمين - من طريق عن عبد الله بن معقل قال : " كان أبي عند عبد الله بن مسعود فسمعته يقول لعبد الله : أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الندم توبة ؟ قال : نعم" اهـ

الثالث: : أن النصوح أن يبغض الذنب الذي أحبه ويستغفر منه إذا ذكره ، قاله الحسن .
وهذا القول قريب من الذي قبله ؛إلا أنه أضاف وصفا جديدا وهو بغض الذنب ؛ وفي الأول اكتفي بذكر الندم؛ والندم لا يلزم منه البغض

الرابع: أن التوبة النصوح هي الصادقة الناصحة ، قاله قتادة وابن زيد.
وجه هذا القول ما جاء في تهذيب اللغة: " ...وَقَالَ أَبُو زيد: نَصَحْتُه أَي صَدَقْتُه، وتَوْبَةٌ نَصُوحٌ: صادِقَةٌ.:
-وعن ابن زيد : النصوح: الصادقة ، ويعلم أنها صدق بندامته على خطيئته وحب الرجوع إلى طاعة الله.

الخامس: أن لا يثق بقبولها ويكون على وجل منها .
وفي توجيه هذا القول يقول ابن عطية:.. والدليل على ذلك دعاء كل واحد من المذنبين في قبول التوبة ولو كانت مقطوعاً بها لما كان معنى للدعاء في قبولها ، وظواهر القرآن في ذلك هي كلها بمعنى المشيئة اهـ

السادس : التوبة النصوح تكفر كل سيئة . وهو قول ابن مسعود
عن الشعبي قال : " التائب من الذنب كمن لا ذنب له ."

السابع :أن النصوح هي التي لا يحتاج معها إلى توبة . وقد يعبر عنها بالتوبة المقبولة وهو قول سعيد ابن جبير
- عن أبي الحسن الأشعري أنه قال : التوبة إذا توفرت شروطها قطع على الله بقبولها لأنه تعالى أخبر بذلك .

الثامن:: توبة تنصحون بها أنفسكم .وهو قول سعيد بن المسيّب
عن سري السقطي : لا تصح التوبة النصوح إلاّ بنصحة النفس من المؤمنين ؛ لأن مَن صحت توبته أحب أن يكون النّاس مثله .
وفي توجيه هذا القول قال ابن القيم:" وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: تَوْبَةً نَصُوحًا، تَنْصَحُونَ بِهَا أَنْفُسَكُمْ، جَعَلَهَا بِمَعْنَى نَاصِحَةٍ لِلتَّائِبِ، كَضَرُوبِ الْمَعْدُولِ عَنْ ضَارِبٍ.اهـ
وقال الزمخشري :. ويجوز أن يراد : توبة تنصح الناس ، أي : تدعوهم إلى مثلها لظهور أثرها في صاحبها ، واستعماله الجد والعزيمة في العمل على مقتضياتها اهـ

ثم في تعيين صفات التوبة النصوحة وتحديد شروطها أقوال لأهل العلم
قيل : ولا تقبل ما لم يكن فيها ثلاث : خوف أن لا تُقبل ، ورجاء أن تقبل ، وإدمان الطاعات
عن القرظي : تجمعها أربعة أشياء : الاستغفار باللسان ، والأقلاع بالأبدان ، وإظهار ترك العود بالجَنان ، ومهاجرة سيّئ الخلاّن .
عن سفيان الثوري : علامة التوبة النّصوح أربع : القلّة ، والعلة ، والذلة ، والغربة .
عن فضيل بن عياض : هي أن يكون الذنب نصب عينيه ، ولا يزال كأنّهُ ينظرُ إليه .
وقيل غير ذلك

النقاش:
يمكن جمع شتات الأقوال بالرجوع إلى أصل كلمة "نصوحا"
أولا : نصوح بمعنى منصوح فيها
1- كلمة "نصوحا" بفتح النون صفة التوبة ، ومعناه : توبة بالغة في النصح ؛ قال ابن القيم : وَالنَّصُوحُ عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ الْمَعْدُولِ بِهِ عَنْ فَاعِلٍ قَصْدًا لِلْمُبَالَغَةِ، كَالشَّكُورِ وَالصَّبُورِ قال الزجاج: و " فَعُول " من أسماء الفاعلين التي تستعمل للمبالغة في الوصف . تقول : رجل صبور ، وشكور .اهـ
.وَأَصْلُ مَادَّةِ (ن ص ح) لِخَلَاصِ الشَّيْءِ مِنَ الْغِشِّ وَالشَّوَائِبِ الْغَرِيبَةِ.
فَالنُّصْحُ فِي التَّوْبَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالْمَشُورَةِ تَخْلِيصُهَا مِنْ كُلِّ غِشٍّ وَنَقْصٍ وَفَسَادٍ، وَإِيقَاعُهَا عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ، وَالنُّصْحُ ضِدُّ الْغِشِّ.
وعلى هذا يكون " نصوحا " بمعنى الْمَفْعُولِ، أَيْ قَدْ نَصَحَ فِيهَا التَّائِبُ وَلَمْ يَشُبْهَا بغش . فَهِيَ بِمَعْنَى مَنْصُوحٍ فِيهَا، كَرَكُوبَةٍ وَحَلُوبَةٍ، بِمَعْنَى مَرْكُوبَةٍ وَمَحْلُوبَةٍ.
2- "نصوحا" بمعنى ناصحة للتائب
وقيل "نَصوحا " ...قال ابن القيم : النصوح بمعنى ناصحة للتائب؛ كَضَرُوبِ الْمَعْدُولِ عن ضارب... -فنصوح بمعنى الْفَاعِلِ، أَيْ نَاصِحَةٌ كَخَالِصَةٍ وَصَادِقَةٍ.
وعلى هذا قول سعيد بْنُ الْمُسَيَّبِ: تَوْبَةً نَصُوحًا، تَنْصَحُونَ بِهَا أَنْفُسَكُمْ.اهـ

هذا ما يختص بأصل تصريف كلمة "نصوحا " بفتح النون
أما ما يتعلق بأصل معنى مادة "نصح" فقد ورد فيها معاني

1
- الناصح: الخالص .
ومنهم قولهم ..
عسل ناصح إذا خلص من الشمع.
قال الأصمعيّ: الناصِحُ الخالص من العسل وغيره. وكل شيء خلص فقد نصح.اهـ
وتوبة نصوح توبة خلصت من الغش خلصت مما يفسدها أو ينقصها أو يبطلها ؛ فكانت لله خالصة من الرياء والشرك والتسميع ؛ وكانت خالصة من ترك ذنب أو معصية لم يتب منها.
2-الناصح الصادق
قال ابن الأعرابي :.. ومنه التوبة النصوح، وهى الصادقة.
-والتوبة الصادقة التي صدق صاحبها فيها فاستمر عليها ولم يرجع إلى ذنبه
فيحدث التائب نفسه إِذا تَابَ من ذَلِك الذَّنب ألاَّ يعود إِلَيْهِ أبدا.
وذكر ابن فارس أن أصل مادة "نصح" ترجع إلى أصل واحد وهو
يَدُلُّ عَلَى مُلَاءَمَةٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ وَإِصْلَاحٍ لَهُمَا. أَصْلُ ذَلِكَ النَّاصِحُ: الْخَيَّاطُ. وَالنِّصَاحُ: الْخَيْطُ يُخَاطُ بِهِ
والنصح بالفتح: مصدر قولك نَصَحْتُ الثوب: خِطْتُهُ
وثوبٌ متَنَصَّح، أي مُخَيَّطٌ، بالتوكيد. والناصِح: الخيَّاط. اهـ
ويقال منه توبة نصوح؛ من جهة أن الذنوب والمعاصي أحدثت خرقا في دين المذنب ؛
كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلما مرفوعا "" مَنِ اغْتابَ خَرَقَ، ومنِ استغْفَرَ رَفَأَ".
المذنب فيقوم بإصلاح خرقه بالتوبة هذا على اعتبار أن "نصوحا" مفعول ؛ أو أن التوبة هي التي تصلح الخرق وهذا على اعتبار أن نصوحا فاعلا
قال زمخشري :"وقيل : نصوحاً من نصاحة الثوب ، أي : توبة ترفو خروقك في دينك ، وترمّ خَلّك . اهـ
ويمكن أن يكون المراد منها توبة ينصح بها الناس ؛ فالمذنب بعدما أصلح الخرق الذي كان عليه في دينه سعى لإصلاح غيره وذلك بظهور أثر التوبة عليه في أعماله وجوراحه ولسانه
قال الزمخشري : .ويجوز أن يراد : توبة تنصح الناس ، أي : تدعوهم إلى مثلها لظهور أثرها في صاحبها ، واستعماله الجد والعزيمة في العمل على مقتضياتها .اهـ
وعبارة السلف وإن تباينت في ذكر معنى "توبة نصوحا" إلا أنها كلها يرجع إلى شيء واحد
قال ابن القيم:" .وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ السَّلَفِ عَنْهَا، وَمَرْجِعُهَا إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ... اهـ


***
[بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
أرجو الاعتناء بهذه الملحوظات:
1. عند التخريج انتبهي لاختلاف ألفاظ الروايات، هل هو مجرد خلاف لفظي والمعنى واحد، أو في بعضها زيادات تؤثر في المعنى، حينئذ لا يصح أن نسوق التخريج في مساق واحد دون التنبيه على الطرق التي وردت منها الزيادة
فإن كان الطريق واحد، يذكر الراوي الذي روى عن " مخرج الأثر " ووردت عنده الزيادة، وهذا يفيد المحققون في تصحيح هذه الزيادة أو تضعيفها.
2. في هذا المثال جاء في رأس السؤال زيادة " أو لا تريد أن تعود " وهذه الزيادة جاءت في بعض الطرق عند ابن جرير الطبري
وفي طرق أخرى " ألا يعود إلى الذنب" وفي بعضها " أبدًا "
3. إذا تأملتِ هذه الزيادات وجدتِ أنها تؤثر في المعنى، فقوله " أو لا تريد أن تعود " يفيد أن مجرد العزم على عدم العودة للذنب، يعني أن هذه التوبة توبة نصوح حتى وإن عاد بعد ذلك، وهذه المسألة محل خلاف.
4. توجيه قول عمر رضي الله عنه، أنه من لازم القول، فبعد رجوعكِ لمعنى كلمة " نصوح " في اللغة، فمن لازم كونها صادقة خالصة أن لا يعود إلى الذنب، أو لا يريد أن يعود، وإلا لم يكن صادقًا.
5. في تحريركِ تكرار لعدد من الأقوال مختلفة لفظًا ومتفقة معنى، وهذا يطيل تحريركِ دون داع، لأنه وكما تعلمين، هذا لا يدخل في الخلاف
وإنما الخلاف إما تنوع وتختلف الأقوال في المعنى لكن يمكن الجمع بينها، أو تضاد بألا يمكن الجمع بينها
6. يمكنكِ تلخيص أقوال أهل اللغة بأسلوبك دون النقل عنهم، ليتكون لديكِ ملكة في التعبير، وأنتِ بالفعل لديكِ أسلوب رائع يحسن إظهاره وتنميته]

تخريج القول الثاني:
قول معاذ بن جبل رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {لا انفصام لها} قال: (لا انقطاع لها دون دخول الجنة)


القول الأول: لا انقطاع لها دون دخول الجنة وهو قول معاذ و السدي والحسن. ومقاتل
وقال الحسن : لا انفصام لها دون أن تهجم بأهلها على الجنة
تخريج قول معاذ:
أخرجه ابن أبي حاتم [عن] عمرو بن ميمون ، ثنا حميد بن أبي الخزامي قال : سئل معاذ بن جبل عن قول الله : { فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها } قال : { لا انفصام لها } يعني : لا انقطاع لها _ مرتين _ دون دخول الجنة.
وأخرجه ابن المنذر كما عند السيوطي
توجيه القول:
الْفَصْمُ كَسْرُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ إِبَانَةٍ.. فالعروة الوثقى لا انكسار لها وانقطاع فمن تمسك بها فهو في مأمن من التردي في الضلال و الهوي في نار جهنم لأن الإيمان بالله وعقيدة التوحيد سبيل النجاة وطريق الفوز برضا الله ودخول الجنة ؛ فليزال التوحيد يدافع عن صاحبه حتى يدخله الجنة

القول الثاني: { لاَ انفِصَامَ لَهَا } ؛ أي لا انكسار لها
توجيه القول :
من باب التفسير اللغوي ..حمل اللفظ على معناه اللغوي ..فإن الفصل لغة هو الكسر دون إبانة. كسر مع اتصال ...كما تسكر اليد مع بقائها معلقة
فأصل الفصم : الكسر ، ومنه قول أعشى بني ثعلبة :
ومبسمها عن شَتيِتِ--*** النبات غير أكسَّ ولا متفصّم

قال ذو الرمة يذكر غزالا يشبهه بدُمْلُج فضة :
كأنَّهُ دُمْلُجٌ من فضة نَبَهٌ *** في ملعب من جواري الحيِّ مَفْصُومُ
وإنما جعله مفصوما لتثنيه وانحنائه إذا نام . ولم يقل " مقصوم " بالقاف فيكون بائنا باثنين
فالانفصام: يمنع الاتصال الداخلي.فقوله " لا انفصام لها" يعنى أن العروة الوثقى ظاهرها كباطنها متصل متلاحم يشد بعضه بعضا متلاحم ؛ فلا يخشى أحد استمسك بها من السقوط والتردي
فعقيدة التوحيد لا انكسار فيها ولا خلل ولا نقص وما ذلك إلا لإحكامها و إتقانها وقوتها ومتانتها

القول الثالث : { لاَ انفِصَامَ لَهَا } أي لا انقطاع ؛ وهو قول السدي والزجاج
توجيه القول:
الفصم الكسر بغير إبانة؛ و القَصْم هو الكسر بإبانة ونفيُ الأول يدل على انتفاءِ الثاني بالأولوية.... تفسير للتنبيه على المعنى الأولى
وقيل هما بمعنى
-
قَالَ الْفَرَّاءُ: الِانْفِصَامُ وَالِانْقِصَامُ هُمَا لُغَتَانِ، وَبِالْفَاءِ أَفْصَحُ، .كما عند القرطبي".
وقال الزجاج: يقال فصمت الشيءَ أفْصُمُه فصماً أي قطعته.اهـ
. فهو تفسير ... تعبير بالمترادف

القول الرابع :لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . وهو قول ابن أبي نجيح عن مجاهد ؛ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
توجيه القول:
من استمسك بالعروة الوثقى؛ بعقيدة التوحيد والإيمان بالله وأقام شرع الله وامتثل أمره واجتنب نهيه فهو من مأمن من زوال اسم الإيمان عنه لأنه قد استمسك بما لا انفصام ولا انقطاع له ؛استمسك بالشد الوثيق والحبل المتين؛ فهو ثابت مستقيم على الطريقة المثلى إلا أن يكفر هو فيغير حاله؛ فيترك التمسك بالعروة الوثقى ؛ فمن فعل ذلك لا يأمن على نفسه انقلاب الحال والانتقال من سعة الإسلام إلى ضيق الكفر ؛ فهذا لا يسمى مستمسك بالعروة الوثقى

لطيفة:
استمسك على وزن "استفعل " ؛من معانيه الطلب ؛فالمستمسك بالعروة الوثقى طالب لها قاصد إليها مريد لها ؛ فمادام هو كذلك فقد أمن من تغير حاله وانقلابه من الإيمان إلى الكفر ؛ إلا أن يغير حاله هو فيترك الاستمساك بدين الحق والعقيدة الصحيحة فهذا لا يأمن على نفسه من انقلاب حاله و دخوله الكفر والنفاق بعد الإيمان وهو معنى :لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

نقاش:
لا تعارض بين الأقوال؛ كلها ترجع إلى شيء واحد...حصول الأمن والطمأنينة لمن استمسك بالعروة الوثقى ؛ لأنه قد استمسك بعقد وثيق الشد محكم الفتل قوي ثابت لا يصدعه شيئا فأدنى فصم لا يحدث فيه؛ فما بالك بالقطع فهو عنه بعيد ؛ بعد المشرقين ؛فالعروة الوثقى لا انقطاع لها ولا زوال لها ولا هلاك لها ولا اضمحلال وانحلال . عموم في جميع أنواع النقص والعيب .. " ... "لا انفصام لها " لا نافية للجنس دالة على انتفاء جنس الفصم؛ استغراق في نفي أنواع الفصم ؛ فأدنى فصم وأقل فصم لا يحصل للعروة الوثقى فمن باب أولى ما كان فوقها من القطع والهلاك
فعدد ما شئت من أنواع النقص والعيب فكلها العروة الوثقى سلمت منها؛ فكما أنها سالمة في ذاتها فهي أيضا تُسلم من تمسك بها من السقوط والتردي في هوة وما ذلك إلا لمتانتها و إحكام رباطها
فعقيدة التوحيد والإيمان بالله ونبذ الكفر والشرك؛ والبراءة من الآلهة والأصنام والطواغيت ؛ عقيدة محكمة صحيحة قوية صلبة لا خلل فيها ولا نقص ولا عيب ولا تناقض فيها موافقة للفطرة لا يمكن كسرها ولا انقطاعها
و ومن استمسك بهذه العقيدة فقد عقد لنفسه من الدين عقداً وثيقاً لا تحله شبهة ولا غيرها لأنه استمسك من الدين بأقوى سبب يمنعه من التردي في الضلال والزيغ .فلا يخشى مع اعتصامه خذلانه إياه .في دنياه وآخرته.
آمن في دنياه من شر الشيطان وغوائله وتضليلاته عن طريق الحق وصراطه المستقيم ؛
آمن من فساد دينه ودخول الشبه والبدع عليه أمن من زوال اسم الإيمان عنه .
آمن في أخراه من التردي في نار جهنم فالتوحيد مدافع عنه حتى يدخله الجنة قال ابن جرير :"
وإسلامه عند حاجته إليه في أهوال الآخرة كالتمسك بالوثيق من عرى الأشياء التي لا يخشى انكسار عراها "اهـ
فكما أن عقيدة التوحيد لا انفصام لها كذلك شريعة الإسلام لا انفصام لها ؛ كلها حسنة لا نقص فيها ولا تناقض موافقة للعقل جالبة للمصالح دارئة للمفاسد.
فدين الإسلام في قوته ومتانته وصلابته وتماسكه وكماله أشبه بالعروة القوية من الحديد الصلب الذي لا يقبل الانكسار أو التهشيم لا يمكن كسره ولا انقطاعه
ففيه رد على كل من ادعى وجوه تناقض في الدين الله ؛أو أن شريعة الله غير موافقة للحكمة و مصادمة للعقل؛ أو أنها لا تصلح لكل زمان ومكان؛ أ
و من يزعم أن الشارع يفرق بين المتماثلين..أو غير ذلك..فكل أولئك يقال لهم " وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا"

فائدة:
(وَالِانْفِصَامُ ) مُطَاوِعُ الْفَصْمِ؛ فَصَمْتُهُ فَانْفَصَمَ؛ فمهما حاول العبد أن يفصم عقيدة التوحيد والإيمان بالله أو يفصم الدين الإسلامي عموما فلن يقدر ولن يجد إلى ذلك سبيلا ؛ لصلابتها وقوتها إحكامها ؛ ففيه رد على من يحاول إيجاد الخلل والعيب والنقص وإلقاء الشبه في دين الإسلام عقيدةً وشريعةً ؛ يسعى حثيثا إلى ذلك؛فسيجد الباب مغلق و الطريق مسدود لأن عقيدة السليمة لا تطاوعه و الشريعة الحق لا تطاوعه فيقال له "هيهات هيهات لا جن و لا سحره بقادرين على أن يلحقوا اثره"
قال الزمخشري: وهذا تمثيل للمعلوم بالنظر ، والاستدلال بالمشاهد المحسوس ، حتى يتصوّره السامع كأنه ينظر إليه بعينه ، فيحكم اعتقاده والتيقن به: اهـ

[أحسنتِ، النقاش بارك الله فيك، وأقترح أن تحتفظي به وتزيديه تحبيرًا، ليكون رسالة تفسيرية في هذه الآية]
والأقوال الثلاثة الأولى توجيهها من معنى الكلمة لغة وقد انتفى المعنى الأقل "الكسر دون إبانة " فما فوقه من باب أولى، والرابع من لازم هذا المعنى]


****

تخريجقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في يوم الحجّ الأكبر قال: هو يوم عرفة.

قال الله تعالى :{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ.}

في المراد ب " الحج الأكبر " أقوال:

القول الأول يوم عرفة: وهو قول عمر بن الخطاب و[رواية عن ] على ابن أبي طالب و عبد الله بن الزبير وسعيد بن المسيب في إحدى الروايات وعطاء بن أبي رباح وطاووس و مجاهد في إحدى الروايات
-عن عكرمة عن ابن عباس قال : إن يوم عرفة يوم الحج الأكبر يوم المباهاة ، يباهى الله ملائكته في السماء بأهل الأرض يقول تبارك وتعالى : جاؤوني شعثا غبرا ، آمنوا بي ولم يروني وعزتي لأغفرن لهم ، وهو يوم الحج الأكبر . رواه ابن أبي حاتم
تخريج قول على رضي الله عنه
- ما أخرجه ابن جرير عن أبي الصهباء البكري قال : سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن يوم الحج الأكبر ؟ فقال : يوم عرفة .

توجيه القول:
ما روى عن ابن جريج عن محمد بن قيس بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوم عرفة وقال : " هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ .
-
-"يَوْمَ" منصوب على الظرف والعامل فيه أَذانٌ؛ أي يوم الحج الأكبر ظرف للتأذين ؛ و لما كان التأذين يوم عرفة - لأن عليا رضي الله عنه أذن بتلك الآية يوم عرفة إثر خطبة أبي بكر رضي الله عنه- عُلم أن الحج الكبر يوم عرفة حيث وقع فيه أول الأذان
روى ابن جرير في ذلك أثرا عن علي رضى الله عنه :قال ".. : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه يقيم للناس الحج، وبعثني معه بأربعين آية من براءة، حتى أتى عرفة فخطب الناس يوم عرفة، فلما قضى خطبته التفت إليّ، فقال: قم، يا علي وأدِّ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقمت فقرأت عليهم أربعين آية من "براءة"..."

القول الثاني : يوم النحر...وهو قول على ابن أبي طالب في رواية ؛ وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن أبي أوفى والمغيرة بن شعبه وسعيد بن جبير والشعبي والنخعي وقيس بن عبادة و عبد الله بن شداد و ابراهيم النخعي ومجاهد وعطاء والسدي وهو اختيار ابن جرير و لم يذكر ابن كثير غيره [بل ذكر غيره، من عادة ابن كثير أنه يذكر اختياره في بداية تفسيره للآية ويفسرها بشكل إجمالي ثم يسرد الروايات الواردة في تفسيرها وبقية الأقوال]

توجيه القول:
وجهه ما أخرجه الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : « سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الحج الأكبر ؟ فقال «يوم النحر » .

-ما أخرجه ابن جرير ..من طريق
نافع، عن ابن عمر قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع فقال: هذا يوم الحج الأكبر..
-وما رواه أيضا من طريق مرة الهمدانيعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة حمراء مخضرمة،فقال: أتدرون أيَّ يوم يومكم؟ قالوا: يوم النحر! قال: صدقتم، يوم الحج الأكبر
- ويوم الحج الأكبر هو يوم النحر حيث وقع إكمال الأذان، لأن عليا رضى الله عنه رأى أنه لم يعلم الناس بالإسماع بالأذان بالآية يوم عرفة فتتبعهم بالأذان بها يوم النحر ..
" قال علي : "..ثم صدرنا، حتى أتينا مِنًى، فرميت الجمرة ونحرتُ البدنة، ثم حلقت رأسي، وعلمت أن أهل الجمع لم يكونوا حضروا خطبة أبي بكر يوم عرفة، فطفقت أتتبع بها الفساطيط أقرؤها عليهم. ..)
- أن من فاته الوقوف يوم عرفة فإنه يجزيه الوقوف ليلة النحر، بخلاف من فاته يوم النحر فقد فاته الحج ؛فليس يوم عرفة على هذا يوم الحج الأكبر.
عن سعيد بن جبير: ".....أرأيت لو أن رجلا فاته يوم عرفة، أكان يفوته الحج؟ وإذا فاته يوم النحر فاته الحج!." رواه ابن جرير
و انتقد ابن عطية هذا القول بقوله : "ولا حجة في هذا"

القول الثالث: أنه اليوم الثاني : وهو قول سعيد بن المسيب
عن سعيد بن المسيب : الحج الأكبر اليوم الثاني من يوم النحر ، ألم تر أن الإمام يخطب فيه ؟ ...رواه ابن أبي حاتم.

القول الرابع :..أيام الحج كلها و هو قول مجاهد وسفيان و هو ظاهر قول ابن عطيو
وخصه مجاهد في رواية عنه بأيام منى كما عند الطبري وابن عطية
توجيه القول:
-أن التأذين بالآية تتابع أيام الحج ولم يقتصر على يوم النحر قال ابن عطية :" .. وبعث أبو بكر معه من يعينه بالأذان بها كأبي هريرة وغيره، وتتبعوا بها أيضا أسواق العرب كذي المجاز وغيره، فمن هنا يترجح قول سفيان إن يَوْمَ في هذه الآية بمعنى أيام" اهـ
من جهة اللغة
أن العرب تطلق بلفظ "يوم " والمراد منه أيام ....وذكر سيبويه: تقول لرجل: ما شغلك اليوم؟ وأنت تريد في أيامك هذه.
كما يقال يوم صفين ويوم الجمل والمراد به جميع أيامه.
- وكما قال عثمان لعمر حين عرض عليه زواج حفصة: إني قد رأيت ألا
أتزوج يومي هذا.
النقاش:
- رجح ابن جرير رحمه الله القول بأن المراد بالحج الأكبر يوم النحر ؛ وترجيحه قائم على دلالة السنة و أقوال السلف واللغة والنظر
- السنة: ما جاء من أخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عن يوم النحر أنه يوم الحج الأكبر وسبق ذكرها في توجيه هذا القول
- أقوال السلف: تظافر قول السلف على أن المراد بالحج الأكبر يوم النحر
- اللغة : أن اليوم يضاف إلى المعنى الذي يكون فيه ؛ فيقال يوم الفطر لليوم الذي يفطرون فيه؛ ويوم عرف لليوم الذي يقفون فيه في عرفة ؛ ويوم الحج لليوم الذي يحجون فيه.
- النظر: وكان يوم النحر يوم الحج لأنه اليوم الذي يحجون فيه ويقضون فيه مناسكهم ويعملون فيه أعمال الحج ؛ والوقوف بعرفة غير فائت إلى طلوع فجر يوم النحر ؛ وفي صبيحته يعمل أعمال الحج.

قال أبو جعفررحمه الله: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصحة، قولُ من قال: "يوم الحج الأكبر، يوم النحر"، لتظاهر الأخبار عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليًّا نادى بما أرسله به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرسالة إلى المشركين، وتلا عليهم "براءة"، يوم النحر. هذا، مع الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم النحر: أتدرون أيّ يوم هذا؟ هذا يوم الحج الأكبر.
وبعدُ، فإن "اليوم" إنما يضاف إلى المعنى الذي يكون فيه، كقول الناس: "يوم عرفة"، وذلك يوم وقوف الناس بعرفة = و"يوم الأضحى"، وذلك يوم
يضحون فيه = "ويوم الفطر"، وذلك يوم يفطرون فيه. وكذلك "يوم الحج"، يوم يحجون فيه، وإنما يحج الناس ويقضون مناسكهم يوم النحر، لأن في ليلة نهار يوم النحر الوقوفُ بعرفة غير فائت إلى طلوع الفجر، وفي صبيحتها يعمل أعمال الحج...." اهـ

وقد انتقد رحمه الله القول الأول من قال هو يوم عرفة بدليل النظر قال رحمه الله :" فأما يوم عرفة، فإنه وإن كان الوقوف بعرفة، فغير فائت الوقوف به إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، والحج كله يوم النحر."اهـ
وانتقد قول سفيان ومجاهد بدليل اللغة ؛ والأصل :
من جهة اللغة: وأن إطلاق لفظ اليوم والمراد به "الأيام" مخالف للأشهر و الأعرف لكلام العرب في استعمال لفظ يوم" بل المشهور المعروف في كلام العرب أن لفظ يوم يطلق من غروب الشمس إلى مثله من الغد
وأن الأصلحمل كلام الله على المعنى الأشهر الأعرف من كلام العرب دون غيره من المعاني
قال رحمه الله:". وأما ما قال مجاهد: من أن "يوم الحج"، إنما هو أيامه كلها، فإن ذلك وإن كان جائزًا في كلام العرب، فليس بالأشهر الأعرف في كلام العرب من معانيه، بل أغلبُ على معنى "اليوم" عندهم أنه من غروب الشمس إلى مثله من الغد. وإنما محمل تأويل كتاب الله على الأشهر الأعرف من كلام من نزل الكتابُ بلسانه. اهـ

وقال ابن كثير في ترجيح يوم النحر : :..وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك وأظهرها وأكثرها جمعا " اهـ
وأما ابن عطية رحمه الله فالذي يظهر من كلامه أنه رجح قول سفيان ومجاهد ؛ بحجة أن الـتأذين من علي رضي الله عنه كان متواصلا ومستمرا أيام الحج قال رحمه الله : وفي ذلك اليوم بعث معه أبو بكر من يعينه بالأذان بها كأبي هريرة وغيره، وتتبعوا بها أيضا أسواق العرب كذي المجاز وغيره، فمن هنا يترجح قول سفيان إن يَوْمَ في هذه الآية بمعنى أيام.."اهـ



أما في سبب تسميته بيوم الحج الأكبر قولين:
" أحدها : أنها تسمية للتعظيم
وورد فيه أقوال منها وأشهرها
أنه سمي بذلك لأنه كان في سنة اجتمع فيها حج المسلمين والمشركين ، ووافق أيضاً عيد اليهود والنصارى ، قاله الحسن .
الثاني : أنها تسمية للتعريف والتبيين فهو في مقابل الحج الأصغر وفيه قولين:
أحدهما : أن الحج الأكبر القِران ، والأصغر الإفراد ، قاله مجاهد .
الثاني : أن الحج الأكبر هو الحج ، والأصغر هو العمرة ، قاله عطاء والشعبي .



والله أعلم


أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
أرجو مراجعة التعليقات أعلاه، وإذا قمتِ بالاستدلال على قول بحديث للنبي صلى الله عليه وسلم، فيُرجى البحث في حكمه من حيث الصحة والضعف.
التقويم: أ
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19 شوال 1441هـ/10-06-2020م, 09:56 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علاء عبد الفتاح محمد مشاهدة المشاركة
التطبيق الأول من تطبيقات مهارات التخريج
(3) قول عثمان بن عفان رضي الله عنه في تفسير الباقيات الصالحات: (هي لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده، والله أكبر، والحمد لله، ولا حول ولا قوّة إلا بالله).


قبل البدأ [البدء] في تخريج هذا الأثر يحسن الإشارة إلى الأقوال الواردة عن السلف الصالح في تفسير الباقيات الصالحات وهي:
==القول الأول:

هي ذكر الله بالتسبيح والتحميد ونحو ذلك مثل قول لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده، والله أكبر، والحمد لله، ولا حول ولا قوّة إلا بالله
-القائلين به:
قال بهذا القول جماعة منهم عثمان بن عفان، أبو هريرة، ابن عباس في رواية عنه
وقد روى هذا القول عن ثلاثتهم الطبري وذكرهم صاحب النكت والعيون تفسيره، وصاحب زاد المسير في تفسيره وذكر أنه مروي عن مجاهد، وعطاء، وعكرمة، والضّحّاك.
وهذا القول هو قول الجمهور كما ذكر ابن عطية وابن كثير
-توجيه هذا القول:
هذا القول مبني على ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذكر هذه الكلمات وتسميتها بالباقيات الصالحات.

==القول الثاني:
أنها الصلوات الخمس.
-القائلين به: [القائلون به]
قاله ابن عباس في أحد أقواله، وسعيد بن جبير
وقد رواهما الطبري وذكرهما صاحب النكت والعيون وصاحب زاد المسير في تفسيريهما.
وذكره ابن عطية في تفسيره عنهم وزاد عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل ولم يسنده

==القول الثالث:
أنها الأعمال الصالحة
-القائلين به:
قاله ابن زيد
ذكره صاحب النكت والعيون.

==القول الرابع:
هي الكلام الطيب.
-القائلين به:
هذا مروي عن ابن عباس أيضاً في أحد أقواله، وقاله عطية العوفي ورواه عن ابن عباس.

==القول الخامس:
كل عمل صالح من قول أو فعل يبقى للآخرة.
-القائلين به:
روي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما
رواه الطبري عن علي ابن أبي طلحة عنه، ويروى عن ابن زيد.
وهذا القول رجحه الطبري لأنه قول عام يدخل فيه كل الأقوال السابقة.
وقال القرطبي بعد ذكره: (وَرَجَّحَهُ الطَّبَرِيُّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لِأَنَّ كُلَّ مَا بَقِيَ ثَوَابُهُ جاز أن يقال له هذا) ا.ه

==والآن بعد ذكر الأقوال نأتي إلى تخريجها وسنكتفي بتخريج القول الأول من طريق عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأما باقي الأقوال فقد اكتفينا بالعزو إلى المصدر فقط ما أمكن، لأنه ليس مطلوب منا إلا تخريج قول عثمان رضي الله عنه
فأما تخريج قول عثمان بن عفان رضي الله عنه:
=فقد رواه أحمد:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا حَيْوَة، عن أبي عقيل، أنه سمع الحرث مولى عثمان بن عفان، يقول:
قيل لعثمان: ما الباقيات الصالحات؟ قال: هنّ لا إله إلا الله، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.
=ورواه الطبري:
من طرق مختلفة عن عبد الله بن يزيد، وأبو زرعة كلاهما عن حيوة
ومن طريق نافع بن يزيد ورشدين بن سعد
كلهم عن أبي عقيل زهرة بن معبد القرشي من بني تيم من رهط أبي بكر الصديق، أنه سمع الحرث مولى عثمان بن عفان، يقول:
قيل لعثمان: ما الباقيات الصالحات؟ قال: هنّ لا إله إلا الله، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.
وفي رواية أبو زرعة زيادة "سبحان الله وبحمده" فزاد "وبحمده"
=ورواه ابن المنذر عنه أيضا كما في الدر المنثور
وذكر هذا القول جماعة من المفسرين في كتبهم كابن عطية والقرطبي وابن كثير وابن الجوزي وغيرهم.
====================================================================================================
(6) قول أبيّ بن كعب رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {مثل نوره} قال: (مثل نور من آمن به).
ذكر الأقوال الواردة في تفسير قوله تعالى: {مثل نوره}

==القول الأول:
مثل نور المؤمن الذي في قلبه من الإيمان والقرآن
-القائلين به:
هذا القول يروى عن أُبيّ بن كعب، وابن عباس في أحد الروايات عنه، وسعيد بن جبير، والضحاك، والأعمش.
-تخريج هذا القول عن أبي بن كعب:
-هذا القول رواه الطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما كلاهما
عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أُبيّ بن كعب، في قول الله: (مَثَلُ نُورِهِ) قال: ذكر نور المؤمن فقال: مثل نوره، يقول مثل نور المؤمن. قال: وكان أُبيّ يقرؤها: كذلك مثل المؤمن، قال: هو المؤمن قد جعل الإيمان والقرآن في صدره.
-توجيه هذا القول:
هذا القول مبناه على ما جاء عن الصحابي الجليل أبي ين كعب في تفسيرها حيث ذكر أن الله سبحانه وتعالى ذكر نوره فقال "الله نور السماوات والأرض" ثم تكلم بعد ذلك على ما من الله به على عبد [عبده ] المؤمن من النور فقال "مثل نوره" وساق المثل .

==القول الثاني:
أن المراد بالنور هو محمد صلى الله عليه وسلم وأن الهاء في قوله "مثل نوره" عائدة على اسم الله.
-القائلين به
يروى هذا القول الطبري وابن أبي حاتم كلاهما عن كعب الأحبار، وسعيد بن جبير.

==القول الثالث:
أن المراد بالنور هو نور القرآن الذي أنزل على رسوله وعباده.
-القائلين به:
ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس في أحد الروايات عنه، وزيد بن أسلم، وعن الحسن، وعن ابن زيد.

==القول الرابع:
أن المراد بالنور هو نور الله، وقالوا: يعني بالنور: الطاعة.
-القائلين به:
يروى هذا القول عن ابن عباس في رواية عنه.

[بالنسبة للتخريج: روى هذا الأثر أيضًا أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن.
والمسألة المطلوب دراستها هي مرجع الضمير في قوله تعالى: {مثل نوره}، ولكن حبذا لو درست أولا معنى قوله تعالى: {الله نور السماوات والأرض} لأنه يفيدك في فهم المسألة.
وتوجيه القول - بالإضافة للقراءة المروية عن أبي بن كعب رضي الله عنه- أنه إضافة إلى محل هذا النور، فقلب المؤمن هو محل نور الله وهدايته
وحبذا لو قرأت كلام ابن القيم عن هذه الآية وهو مجموع في التفسير القيم]

====================================================================================================
(7) قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (الأمة: الذي يعلم الخير، والقانت: المطيع لله ولرسوله).
ذكر الأقوال الواردة في معنى "الأمة"، و"القانت".

==القول الأول:
أن الأمة: الذي يعلم الخير، والقانت: المطيع لله ولرسوله
=القائلين به:
يروى هذا القول عن ابن مسعود
=تخريج هذا القول:
-هذا القول يرويه الطبري عن مسلم البطين وعن يحيى بن الجزار، كلاهما عن أبي العُبَيدين، أنه جاء إلى عبد الله فقال:
من نسأل إذا لم نسألك؟ فكأنّ ابن مسعود رقّ له، فقال: أخبرني عن الأمَّة، قال: الذي يُعلَّم الناس الخير.
-وراه من طرق عدة عن الشعبي عن مسروق وفروة بن نوفل الأشجعي كلاهما عن ابن مسعود:
إن معاذا كان أُمَّة قانتا لله حنيفا، فقلت في نفسي: غلط أبو عبد الرحمن، إنما قال الله تعالى (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ) فقال: تدري ما الأمَّة، وما القانت؟ قلت: الله أعلم، قال: الأمَّة: الذي يعلم الخير، والقانت: المطيع لله ولرسوله، وكذلك كان مُعاذ بن جبل يعلم الخير، وكان مطيعًا لله ولرسوله.
-وأخرجه الحاكم في المستدرك أيضا عن الشعبي بنفس الإسناد، ورواه بنحوه من طريق مسروق وقال صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "
-وذكره عن الشعبي بنفس الإسناد الثعلبي في تفسيره.
=توجيه هذا القول:
هذا القول مبني على ما جاء من تفسير الصحابي ابن مسعود رضي الله عنه، حيث فسر الأمة: بأنه معلم الخير، فالذي يظهر أن معلم الخير هو الوسيلة التي عليها تنشأ الأمة التي يريدها الله سبحانه وتعالى عندما يرسل معلم الخير من الأنبياء أو الصالحين لقوم ما فتثمر دعوتهم وتنشأ أمة تنصر الله فينصرها الله وتكون أمة، وأما القانت فهو الطائع.
[توجيه القول يرجع إلى معنى " الأمة " لغة، وما تحتمله هذه الكلمة من معاني؛ فيرجى البحث فيها
وفاتكِ توجيه تفسير القانت بالطائع]
==القول الثاني:
قيل في معنى الأمة أنها الحين، والقانت: الطائع.
-توجيه هذا القول:
هذا القول مبناه على معنى الكلمة في موضع آخر من كتاب الله وهو قوله: (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) يعني: بعد حين.
وقد قال الطبري عند ذكر هذا القول إنه من الأشياء المختلف فيها.
[الطبري أراد الإشارة إلى معاني كلمة الأمة في اللغة وأحال إلى ما سبق من تفسيره]
==القول الثالث:
قيل في معنى الأمة أنه كان وحده، والقانت: الطائع.
-القائلين به:
روى الطبري هذا القول عن مجاهد، وذكره الثعلبي عنه.
-توجيه هذا القول:
هذا القول مبني على الحال التي كان عليها إبراهيم عليه السلام لما بدأ دعوته إلى عبادة الله وترك عبادة الأوثان.
قال الطبري عند ذكر هذا القول إنه من الأشياء المختلف فيها.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك.
ملحوظة عامة: لست بحاجة لنقل الأقوال عن المصادر الناقلة، طالما وُجدت في المصادر المسندة، ولا ينقل عن المصادر الناقلة إلا ما فيه فائدة للتحرير أو الرد على بعض الأقوال.
التقويم: ب
زادك الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 19 شوال 1441هـ/10-06-2020م, 10:16 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورة الأمير مشاهدة المشاركة
اختر ثلاثة أقوال من الأقوال التالية وخرّجها ووجّهها:

(1) قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}: (النظر إلى وجه ربهم).

تخريج القول:
رواه الطبري عن ابن بشّارٍ، عن عبد الرّحمن، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعدٍ، عن أبي بكرٍ.
ورواه كذلك في موضعين آخرين من طريق سعيد بن نمران، عن أبي بكرٍ.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن خزيمة، وابن المنذر وأبو الشيخ والدارقطني، وابن منده في الرد على الجهمية، وابن مردويه واللالكائي والآجري والبيهقي ذلك القول عن أبي بكر, كما ذكر السيوطي. [أكثر هذه المصادر متوفر ومطبوع فلا يصح النقل من الدر المنثور للسيوطي، لأن لديه بعض الأخطاء ولا حرج في ذلك فكلنا نخطئ، لكن الحرج أن ننقل نحن عنه الخطأ وننشره وبإمكاننا التحقق من النسبة.
الدر المنثور للسيوطي لا ينقل عنه أي تخريج إلا ما كان من نسبته لمصادر مفقودة ليست بأيدينا الآن.

ولعلكِ إن تتبعتِ الطرق من مصادرها واطلعتِ على الأسانيد تبين لك الانقطاع في بعضها والاتصال في البعض الآخر]

وقد ورد ذلك في حديثٍ مرفوعٍ أخرجه مسلمٌ والتّرمذيّ وغيرهما من طريق حمّاد بن سلمة عن ثابتٍ عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى عن صهيبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا دخل أهل الجنّة الجنّة نودوا إنّ لكم عند اللّه وعدًا فيقولون ألم يبيّض وجوهنا ويزحزحنا عن النّار ويدخلنا الجنّة قال فيكشف الحجاب فينظرون إليه فواللّه ما أعطاهم شيئًا هو أحبّ إليهم منه ثمّ قرأ للّذين أحسنوا الحسنى وزيادة. قال التّرمذيّ إنّما أسنده حمّاد بن سلمة ورواه سليمان بن المغيّرة عن ثابتٍ عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى. قال ابن حجر: وكذا قال معمرٌ أخرجه عبد الرّزّاق عنه وحمّاد بن زيدٍ عن ثابتٍ. أخرجه الطّبريّ وأخرجه أيضًا من طريق أبي موسى الأشعريّ نحوه موقوفًا عليه ومن طريق كعب بن عجرة مرفوعًا قال: الزّيادة النّظر إلى وجه الرّبّ. ولكن في إسناده ضعف ومن حديث حذيفة موقوفًا مثله ومن طريق أبي إسحاق عن عامر بن سعدٍ عن أبي بكرٍ الصّدّيق مثله وصله قيس بن الرّبيع وإسرائيل عنه ووقفه سفيان وشعبة وشريكٌ على عامر بن سعدٍ. وجاء في تفسير الزّيادة أقوالٌ أخر منها قول علقمة والحسن إنّ الزّيادة التّضعيف ومنها قول عليٍّ إنّ الزّيادة غرفةٌ من لؤلؤةٍ واحدةٍ لها أربعة أبوابٍ أخرج جميع ذلك الطّبريّ وأخرج عبد بن حميدٍ رواية حذيفة ورواية أبي بكرٍ من طريق إسرائيل أيضًا, كما ذكر ذلك ابن حجر.
وقد روي هذا القول عن حذيفة بن اليمان وابن عبّاسٍ وعبد الرّحمن بن أبي ليلى وعبد الرّحمن بن سابطٍ وعكرمة وعامر بن سعيدٍ والحسن ومجاهدٍ وقتادة وأبي إسحاق والضّحّاك وأبي سنانٍ والسّدّيّ. كما ذكره ابن أبي حاتم.
وهو قول الجمهور كما ذكر الزجاج وابن عطية, ورجح الطبري الجمع بين الأقوال المذكورة في معنى الزيادة لعدم تعارضها.
توجيه القول:
يعود اختيار أبي بكر لهذا القول -والله أعلم- في المقام الأول للمرويات المرفوعة عن رسول الله والموقوف منها كذلك, فما كان مرفوعا يوجب الاتباع, وما كان موقوفا فقد علم أن الصحابة لا يحدثون في الغيبيات إلا بما سمعوه من النبي, مما يقوي هذا القول, ويجعلنا نعي سبب تفوه أبي بكر به, ونميل إلى سماعه من رسول الله أو أحد صحبه.
ثم إنه من حيث الاجتهاد في إنزال المعنى على آيات الجنة والأحاديث الواردة فيها يبين منشأه, فقد لوحظ في كثير من الأحاديث ذكر رؤية وجه الله بعد تنعم أهل الجنة بالجنة, فكأنهم بعد التنعم بالحسنى تفضل الله عليهم بتلك الزيادة, وهي رؤية وجه الله.
كذلك من حيث التوجيه اللغوي فالزيادة تعني الإضافة, ومن المعلوم أن نعمة رؤية وجه الرب تبارك وتعالى هي مما أضيف لنعيم أهل الجنة زيادة في التنعم, ومنة من الكريم.
هذا ومع وضع الاعتبار أن مجيء مفردة "زيادة" نكرة تفتح المجال لكل زيادة نعيم ممكن, ولذا نجد الطبري رجح بأخذ الأقوال جميعا, ولولا كثرة الأحاديث المرفوعة والموقوفة عن النبي في معنى الزيادة لملنا لرأي الطبري, لكن في جلاء النصوص ووضوحها ما يغني عن بقية الأقوال, وقد يسمح لها بالدخول في المقام الثاني.

(2) قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تفسير التوبة النصوح: (أن تتوب من الذنب ثم لا تعود فيه، أو لا تريد أن تعود).
تخريج القول:
أخرجه الطبري في ستة مواضع, والحاكم, والبوصيري [أين؟] , من طريق سماكٍ، عن النّعمان بن بشيرٍ، عن عمر.
وأخرجه عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة وهناد، وابن منيع، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب, كما ذكر السيوطي. [نفس الملحوظة]
ويقويه ما أخرجه أحمد، وابن مردويه والبيهقي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التوبة من الذنب لا تعود إليه أبدا. وضعفه ابن كثير وقال: الموقوف أصح.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه, والبيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف عن أبي بن كعب قال: سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن التوبة النصوح فقال: هو الندم على الذنب حين يفرط منك فتستغفر الله بندامتك عند الحافر ثم لا تعود إليه أبدا.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال معاذ بن جبل يا رسول الله: ما التوبة النصوح قال: أن يندم العبد على الذنب الذي أصاب فيعتذر إلى الله ثم لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع. ذكره السيوطي.
توجيه القول:
نجد لاختلاف المرويات وتنوع أسانيدها ورواتها عن رسول الله وإن تفاوتت في صحتها وجها قويا يدفع عمر -رضي الله عنه- إلى هذا القول, لاسيما وأنه قول عدد لا بأس به من الصحابة, مما يدلك على أن مستنده كان إما حديثا مرويا بشكل صريح عن رسول الله, أو مفهوم من أحاديثه عليه الصلاة والسلام, فهم كانوا الأقرب إليه, والأفقه بحديثه, فلذا لا يستبعد أن يكون هذا هو هو وجه تفسير عمر للتوبة بذلك.
كما أن "النصوح" بناء مبالغة من النصح إلى توبة نصحت صاحبها وأرشدته, كما ذكر ذلك الزجاج وابن عطية, وقال ابن قتيبة: أي: تنصحون فيها للّه، ولا تدهنون. وقال غلام ثعلب: أي: خالصة. فكل التفاسير اللغوية تفيد المبالغة في التوبة والإخلاص الذي يلزم منه الإرشاد للهداية, وهذا في ظني لا يتحقق إلا بالمعايير الذي ذكرها عمر وغيره من السلف, فهل تكون توبة نصوحا دون ندم أو عزم على عدم العودة؟ كلا, بلا شك.
[راجعي الملحوظات على الأخت عقيلة أعلاهم.
ومستند الصحابة رضوان الله عليهم في التفسير - كما علمتِ من دورة طرق التفسير -
ما تعلموه من النبي صلى الله عليه وسلم وما شهدوه من مواقع النزول، وما عرفوه كذلك من اللغة، وهم أعلم الناس بها رضوان الله عليهم]
(5) قول معاذ بن جبل رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {لا انفصام لها} قال: (لا انقطاع لها دون دخول الجنة).
تخريج القول:
رواه ابن أبي حاتم أبي، ثنا سريح بن النّعمان، ثنا ابن الرّمّاح، يعني عمرو بن ميمونٍ، ثنا حميد بن أبي الخزامى, عن معاذ به.
وأخرجه ابن المنذر عنه, كما ذكر السيوطي.
توجيه القول:
ذكر الزجاج في معنى الفصم: يقال فصمت الشيء أفصمه فصما أي قطعته. وقال القاسم بن سلام: وأما الفصم –بالفاء- فهو أن ينصدع الشيء من غير أن يبين. قال ابن عطية: وإذا نفي ذلك فلا بينونة بوجه. فإذا تبين لك المعنى اللغوي اتضح وجاهة هذا القول واتساقه مع سياق الآية التي تندب إلى التمسك بعروة الإسلام, تلك العروة التي صفتها عدم الانكسار والقطع بأي وجه.

التقويم: ب
بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:48 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir