التطبيق الأول: فهرسة مسائل مقدمة تفسير ابن جرير.
خطبة الكتاب:
غرض الطبري من التأليف:
- استيعاب ما يحتاج الناس إلى معرفته في كل ما يتعلق بتفسير القرآن الكريم, بحيث يكون ما سطره كافيا عن غيره.
طريقته في التفسير:
- عرض الأقوال التي جاءت في تفسير الآيات.
- عرض الأقوال المتفق عليها.
- عرض الأقوال التي لم تصح عنده والرد عليها.
- بيان ما ترجح له .
- عدم التطويل ومحاولة الاختصار بقدر الاستطاعة دون الإخلال بالمحتوى.
- قال الطبري:(وكل ما قلنا في هذا الكتاب "حدثكم" فقد حدثونا به).
العلة من إرسال الرسل وإنزال الكتب:
- أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لتعريف الناس بوحدانية الله-سبحانه- وأن لا معبود بحق إلا هو.
- تعريف الناس بأسماء المعبود وصفاته وعظيم قدرته لكي يعبدوه حق عبادته على بصيرة.
- للتذكير لمن نفعته الذكرى.
- إقامة الحجة, قال تعالى: {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}
فضل النبي عليه الصلاة والسلام:
- ثبت في النصوص تفاضل الرسل عليهم السلام. فقد رفع الله بعضهم فوق بعض درجات:
فمنهم من اختصه بالتكليم والنجوى.
ومنهم من أيده بروح القدس، وخصه بإحياء الموتى، وإبراء أولي العاهة والعمى.
- اختص الله-سبحانه- النبي محمد-عليه الصلاة والسلام- بالدرجات العليا، والمراتب العظمى, فكانت رسالته هي الرسالة الخاتمة, وكانت دعوته تامة, وقد أرسل بها إلى الناس كافة.
- القرآن أعظم ما اختص الله به النبي وأمته.
مكانة القرآن:
- هو وحي الله الوحيد المحفوظ على الأرض, وهو علامة على ما اختص الله به النبي-عليه الصلاة والسلام- من الكرامة, وأنزله دليل على صدق رسالته وعلى وجوب اتباعه.
- أظهر الله به الحق, وفرق به بين المؤمن والكافر والكاذب والمصدق.
- تحدى الله به الإنس والجن فعجزوا على عن أن يأتوا بسورة من مثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.
- أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور , وجعله دليلا إلى طريق الحق وسبيلا للنجاة.
قال تعالى: {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم} .
- هو الحكم بين الناس فيما هم فيه يختلفون.
- هو حبل الله المتين الذي من تمسك به لا يضل أبدا, ويحصل له الفوز في الدنيا والاخرة, وتحصل له العصمة من العدو الأكبر; الشيطان الرجيم.
- كما إن العناية به وتعلمه وتعليمه-بل مجرد تلاوته- في كل ذلك الأجر العظيم النافع لصاحبه في الدارين.
-القول في البيان عن اتفاق معاني آي القرآن، ومعاني منطق من نزل بلسانه من وجه البيان -والدلالة على أن ذلك من الله جل وعز هو الحكمة البالغة- مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به باين القرآن سائر الكلام.
عظم نعمة البيان:
- من أعظم ما أنعم الله به على البشر نعمة البيان الذي به يعبرون عن كمائن صدورهم, بل قد امتن الله -سبحانه- بهذه النعمة عليهم, وجعلها من أوجه التفاضل بينهم, فكان أعلاهم فيها مرتبة أبلغهم فيما أراد به بلاغا، وأبينهم عن نفسه به بيانا.
- ذكرهم-سبحانه- بعظيم هذ المنة بذكر من حُرم منها فقال: {أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين}, فبضدها تتبين الأشياء, فلا يستوي من حباه الله البيان مع من كان أبكما ومستعجم اللسان.
بيان فضل كلام الله على غيره من الكلام:
- قد ثبت وقوع التفاضل والتفاوت بين البشر من جهة البيان, وأعلاهم شأنا ما وصل إلى أعلى منازل البيان درجة، وكان أبين عن مراد قائله، وأقرب إلى فهم السامع.
فإذا عُلم هذا ظهر فضل كلام الله على غيره من كلام البشر, لكونه تجاوز ذلك المقدار، وارتفع عن وسع الثقلين، بل عجزوا أن يأتوا بمثله .
- فأفضل الكلام كلامه سبحانه، وفضل بيانه على بيان جميع خلقه، كفضله على جميع عباده.
- لذلك كان كلامه-سبحانه- آية وحجة للرسل كما كانت باقي الآيات التي أيدهم بها.
التحدي بالقرآن:
تحدى الله بالقرآن زعماء البلاغة والشعر والفصاحة، بل أخبرهم بعجزهم عن الإتيان بسورة من مثله, فأقروا بالعجز، وشهدوا على أنفسهم بالنقص, فكان في عجزهم أبلغ الحجة بأن كلامه ليس بكلام البشر.
الغرض من إنزال القرآن البيان:
أنزل الله القرآن ليبين لعباده ما يجب عليهم معرفته, لذلك خاطبهم بما هو مفهوم لديهم، كذلك أرسل الرسل بلسان أقوامهم, لأن المخاطب والمرسل إليه إن لم يفهم الخطاب وجهل ما أرسل به إليه; استوت حاله قبل مجيء الرسالة إليه وبعدها, وعدّ الخطاب الموجه إليه من قبيل اللغو!
والله جل ذكره منزه عن ذلك، وهذا ما بينه في القرآن في قوله : {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} .
القرآن نزل بلسان عربي مبين:
قال تعالى:{وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} .
ولما كان القرآن قد نزل بلسان محمد-صلى الله عليه وسلم- و لسان محمد -صلى الله عليه وسلم- عربيا، فبين أن القرآن عربي.
وقد قال تعالى: {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}.
احتواء القرآن على أساليب العرب في الكلام:
فإذا كان القرآن نزل بلغة العرب فلا بد أن تكون معانيه موافقة لمعاني كلامهم، وظاهره لظاهر كلامهم، ولا بد أن يكون قد احتوى على أساليب كلام العرب مثل: الإيجاز والاختصار، والاجتزاء بالإخفاء من الإظهار، وغيرها مما لا بد وجود نظيره في كتاب الله.
.
القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم:
هل يوجد في القرآن ما هو ليس بعربي من الكلام:
بعض ما ورد من آثار دل ظاهرها على أن في القرآن ما ليس بلسان العرب:
- قال أبو موسى: {يؤتكم كفلين من رحمته} ، قال: الكفلان: ضعفان من الأجر، بلسان الحبشة.
- قال ابن عباس: {إن ناشئة الليل} قال: بلسان الحبشة إذا قام الرجل من الليل قالوا: نشأ.
- قال أبو ميسرة: {يا جبال أوبي معه} قال: سبحي، بلسان الحبشة ؟
الرد على من قال إن في القرآن ما ليس بعربي:
- الآثار المروية أثبتت أن بعض الألفاظ لها معاني بغير العربية, لكنها لم تنف أن تكون هذه الألفاظ كانت للعرب كلاما قبل نزول القرآن.
فالأمر ليس من قبيل اجتماع النقيضين بحيث يمنع ارتفاعهما معا أو اجتماعهما معا.
- ليس بمستبعد أن تتفق بعض الألفاظ عند أجناس الأمم المختلفة, كلفظ الدرهم والدينار وغير ذلك ما اتفقت فيه الفارسية والعربية باللفظ والمعنى.
- من ادعى بأن هذه الألفاظ أعجمية لا عربية, أو عربية لا أعجمية, أو بعضها عربي وبعضها أعجمي, أو قالتها العرب ثم استعملها العجم أو العكس: فعليه الدليل ولا يوجد دليل يوجب العلم ويقطع الشك وتقوم به حجة على قول واحد من هذه الأقوال .
- اعتقاد أن بعض القرآن فارسي لا عربي، وبعضه نبطي لا عربي, وغيره من اللغات, يعارض ما أخبر الله-تعالى-عن القرآن أنه جعله قرآنا عربيا.
قال الطبري: فالصواب أن يسمى: عربيا أعجميا، أو حبشيا عربيا، إذ كانت الأمتان له مستعملتين
معنى قول من قال: (في القرآن من كل لسان):
قال أبوميسرة: في القرآن من كل لسان.
معناه أن فيه من كل لسان اتفق فيه لفظ العرب ولفظ غيرها من الأمم التي تنطق به.
-القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب:
الآثار في نزول القرآن على سبعة أحرف:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده فيزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).
- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أنزل القرآن على سبعة أحرف، عليم حكيم، غفور رحيم" .
- عن عمر -رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منها)).
النهي عن الاختلاف في القرآن:
- عن عبد الله بن مسعو, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأوا كما علمتم فإنما أهلك من كان قبلكم اختلافهم على أنبيائهم.
- قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، فالمراء في القرآن كفر -ثلاث مرات- فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه)).-
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منها)).
- وقال: ((إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن المراء فيه كفر)).
الحكمة من نزول القرآن على أحرف سبعة:
جاءت الآثار مبينة أن علة ذك التخفيف على الأمة والتيسير, لاختلاف لغاتهم وتعددها, ولصعوبة ترك الواحد منهم ما اعتاده لسانه لغيره من اللغات, وبجانب الصعوبة كانت هناك حمية الإنسان للغة قومه.
- مثل ما جاء عن أبي بن كعب، قال: "أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند أضاة بني غفار" فقال: "إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منها حرفا فهو كما قرأ".
- وجاء عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار، قال: فأتاه جبريل فقال: "إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف". قال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك... ثم جاءه الرابعة فقال:"إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا".
المراد بالأحرف السبعة:
تعددت الأقوال في المراد بالأحرف السبعة, وقد ذكر الطبري ثلاثة أقوال:
الأول: إن المراد بأنه نزل بأمر وزجر وترغيب وترهيب وقصص وغيره.
وقد رد الطبري هذا القول لأسباب:
- فلو كان تماريهم تماريا واختلافا فيما دلت عليه تلاواتهم من التحليل والتحريم والوعد والوعيد وغيره، لكان مستحيلا أن يصوبها النبي-صلى الله عليه وسلم-جميعها ويأمر كل قارئ منهم أن يلزم قراءته!
- لو صح ها القول لصح أن الله جل ثناؤه قد أمر بفعل شيء في تلاوة ونهى عنه في تلاوة أخرى.
ثم خير عباده في فعله أو تركه!
وقد قال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}.
- جاء عن بعض السلف بأنه كان يقرأ على حرفين أو ثلاثة, كما جاء عن سعيد بن جبير بأنه كان يقرأ القرآن على حرفين".
وعلى هذا القول يكون من قرأ القرآن على حرفين أو ثلاثة من السلف لم يقرأ من القرآن إلا ما كان من بعض وجوهه دون سائر معانيه! وهذا لا يتصور فيهم لما وصلوا إليه من المنزلة العالية في فهم القرآن.
القول الثاني: إن الأحرف السبعة لغات في القرآن سبع، متفرقة في جميعه، من لغات أحياء من قبائل العرب مختلفة الألسن.
استدلوا بما جاء عن بعض الصحابة والتابعين أنه قال: هو بمنزلة قولك تعال وهلم وأقبل؛ وأن بعضهم قال: هو بمنزلة قراءة عبد الله (إلا زقية)، وهي في قراءتنا {إلا صيحة}
ورده الطبري أيضا واستدل على عدم صحته بأدلة:
- يلزم من ه1ا القول بقاء الأحرف السبعة للآن, وعلى هذا فلم يكن هناك موجبا لاختلافى الصحابة ولا لتوجيه النبي -عليه الصلاة والسلام- لهم بأن يقرأ كل منهم كما علم.
- أما استدلالهم بما جاء عن بعض الصحابة والتابعين ففيه حجة عليهم لأن الذي نزل به القرآن عنده إحدى القراءتين -: إما "صيحة"، وإما "زقية" وإما "تعال" أو "أقبل" أو "هلم" - لا جميع ذلك, هي ألفاظ مختلفة، يجمعها في التأويل معنى واحد.
الثالث: وهو ما رجحه الطبري :
إن المراد بالأحرف السبعة نزول القرآن بسبع لغات، والأمر بقراءته على سبعة ألسن.
وهذه الأحرف لغات سبع، في حرف واحد، وكلمة واحدة، باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، كقول القائل: هلم، وتعال، وأقبل، ونحو ذلك، مما تختلف فيه الألفاظ بضروب من المنطق وتتفق فيه المعاني.
الاختلاف في الأحرف السبعة من باب اختلاف الألفاظ لا اختلاف المعاني وتضادها:
كان اختلاف الصحابة في نفس التلاوة، دون المعاني، لذلك لما احتكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم -استقرأ كل رجل منهم، ثم صوب قراءتهم على اختلافها، ولما ارتاب البعض، قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف)).
ولو كان اختلافهم في المعاني لما جاز للنبي-عليه الصلاة والسلام- أن يصوبها جميعا.
من أدلة ذلك:
ما جاء في الحديث: (كلها شاف كاف، ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب، كقولك: هلم وتعال))
أمثلة لبعض ما قرأ من الأحرف السبعة:
- قرأ أنس هذه الآية: (إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا) فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة، إنما هي: {وأقوم} فقال: أقوم وأصوب وأهيأ، واحد".
- كانت قراءة ابن مسعود لقوله تعالى: {إن كانت إلا صيحة واحدة} : (إن كانت إلا زقية واحدة).
حكم إنكار حرف من الأحرف السبعة:
ثبت بأن الأحرف السبعة جميعها من القرآن, فهي وحي من الله, وهي كلامه سبحانه, فمن كفر بحرف منها فهو مكذب بالقرآن الذي أنزله الله, وقد جاء هذا عن السلف:
- قال عبد الله بن مسعود: من كفر بحرف من القرآن، أو بآية منه، فقد كفر به كله.
- وقال: "من قرأ منكم على حرف فلا يتحولن، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله لأتيته".
- وجاء عن ابن الحبحاب قوله: "كان أبو العالية إذا قرأ عنده رجل لم يقل": "ليس كما تقرأ" وإنما يقول: أما أنا فأقرأ كذا وكذا". قال: "فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي، فقال: أرى صاحبك قد سمع: "أن من كفر بحرف منه فقد كفر به كله".
هل مازالت الأحرف السبعة موجودة:
جمع القرآن:
- لم يجمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
قال الزهري:" قبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جمع، وإنما كان في الكرانيف والعسب والسعف".
الجمع الأول: جمع أبي بكر للقرآن:
- قال صعصعة "أن أبا بكر أول من ورث الكلالة وجمع المصحف".
سبب جمع أبي بكر للقرآن:
بعد واقعة اليمامة واستشهاد الكثير من القراء, ذهب عمر إلى أبي بكر وقال له: (إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمامة تهافتوا تهافت الفراش في النار، وإني أخشى أن لا يشهدوا موطنا إلا فعلوا ذلك حتى يقتلوا - وهم حملة القرآن- فيضيع القرآن وينسى. فلو جمعته وكتبته...).
فكان الجمع الأول خوفا من ذهاب القرآن بذهاب حفظته.
- وكل زيد بن ثابت بتولي هذا الأمر.
- بقيت الصحيفة عند أبي بكر ثم عمر ثم كانت عند حفصة بعد موت أبيها عمر رضي الله عنه.
- لما ماتت حفصة أرسل إلى عبد الله بن عمر في الصحيفة بعزمة، فأعطاهم إياها فغسلت غسلا.
الجمع الثاني: جمع عثمان للقرآن:
سبب الجمع الثاني للقرآن:
كان سببه ما رآه حذيفة بن اليمان في فتح أرمينية من اختلاف الناس على أحرف القرآن, وحصول الفتنة بذلك وتكفير المسلمين بعضهم بعضا.
فأسرع مسافرا إلى عثمان رضي الله عنه وقال له: أدرك الناس!
كتابة المصحف:
تولى زيد بن ثابت أيضا هذا العمل, وجعل معه أبان بن سعيد بن العاص فكان معه ثلاثة من قريش.
كتب بلغة قريش, فكانوا إذا اختلفوا في كلمة كتبوها بلسان قريش كما حصل في اختلافهم في كلمة(التابوت) : قال: زيد فقلت: "التابوه" وقال أبان بن سعيد: "التابوت"، فرفعنا ذلك إلى عثمان فكتب: "التابوت" .
تتبع زيد رضي الله عنه الآيات وجمعها من المهاجرين والأنصار حتى أتم العمل.
أرسل عثمان إلى حفصة يسألها أن تعطيه الصحيفة، وحلف لها ليردنها إليها فأعطته إياها، فعرض المصحف عليها، فلم يختلفا في شيء. فردها إليها، وطابت نفسه، وأمر الناس أن يكتبوا مصاحف.
حرق ما عدا ذلك من المصاحف :
جمع عثمان الناس على مصحف واحد، وخرق ما عدا المصحف الذي جمعهم عليه. وعزم على كل من كان عنده مصحف مخالف المصحف الذي جمعهم عليه، أن يخرقه.
وقد أجمعت الأمة على صحة عمل عثمان رضي الله عنه- وأطاعته فيما امر.
ترك القراءة بالأحرف السبعة:
ترك الناس القراءة بالأحرف الستة بعد عزم عثمان -رضي الله عنه- عليهم في ذلك, طاعة له, حتى درست من الأمة معرفتها، وتعفت آثارها، وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها، من غير جحود منها صحتها وصحة شيء منها،فلا قراءة للمسلمين اليوم إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم عثمان، دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية.
حكم ما فعله عثمان من جمع الناس على حرف واحد:
كان الأمر بقراءة القران على هذه الاحرف من باب الإباحة والرخصة ولم يكن أمر إيجاب وفرض.
وقد كانوا على الاختيار في القراءة بهذه الأحرف، ويدل عليه تركهم نقل باقي الحروف, إذ لو كانت واجبة لما وسع الجميع تركها, ولوجب حفظها على من تقوم به الحجة على الكفاية.
ذكر اللغات السبعة التي نزل بها القرآن:
لا حاجة للأمة لمعرفتها الآن, إذ حتى لو عرفتها لما جازت القراءة بها.
القول في البيان عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة))، وذكر الأخبار المروية بذلك:
ألفاظ الحديث الواردة:
- رواية ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف...).:
- جاء عن أبي قلابة، قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل وقصص ومثل)).
- روي عن أبي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (... فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب من الجنة، كلها شاف كاف)).
- روي عن ابن مسعود من قيله خلاف ذلك كله قوله: إن الله أنزل القرآن على خمسة أحرف...)
معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة)):
مع اختلاف المعاني التي وردت إلا إنها متقاربة: فالوجه والحرف والباب سواء, كما أخبر الله عمن عبده على وجه الشك لا اليقين بأنه عبده على حرف فقال:{ ومن الناس من يعبد الله على حرف}.
فيكون معنى الحديث:
- الحديث في بيان ما خصه الله النبي -عليه الصلاة والسلام-وأمته، من الفضيلة والكرامة التي لم يؤتها أحدا قبل.
فكل كتاب نزل قبل القران فإنما نزل بلسان واحد، وأنزل القرآن بألسن سبعة.
- الأبواب السبعة من الجنة: هي المعاني التي فيها، من الأمر والنهي والترغيب والترهيب والقصص والمثل، التي إذا عمل بها العامل، وانتهى إلى حدودها المنتهي، استوجب به الجنة, لأن العامل بكل وجه من أوجهه السبعة، عامل على باب من أبواب الجنة.
القول في الوجوه التي من قِبَلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن:
أنواع تفسير القرآن:
الأول: تفسير لا يعلمه إلا الله سبحانه: وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسى بن مريم....وغيره.
وقال: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب} .
النوع الثاني: تفسير القرآن بالسنة: قال تعالى :{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}.
الثالث: ما يعلمه كل ذي علم باللسان الذي نزل به القرآن.
الرابع: ما يكون من تأويله ما لا يعذر أحد بجهالته.
- قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.
ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن
هل فسر الرسول عليه الصلاة والسلام-القرآن:
- قالت عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل.
توجيه ما ورد من هذه الأخبار:
- الخبر الذي روي عن عائشة فيه علة في إسناده، فلا يجوز الاحتجاج به.
فهو راويه ممن لا يعرف في أهل الآثار، وهو: جعفر بن محمد الزبيري.
- لو صح هذا الخبر فيقال:
- يكون القصد أنه لم يفسر من القرآن إلا ما لا يدرك علمه إلا ببيانه إما مع جبريل، أو مع من شاء من رسله إليه. وهن لا شك آي ذوات عدد.
- الله قد أمر نبيه ببيان القرآن للناس فقال: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}, ولو لم يبين ولم يفسر لكان تركا لما أمره الله بفعله.
وقد جاءت النصوص بأنه قد بلغ الرسالة كاملة , وقول عبد الله بن مسعود: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن) : فيه دليل على بيان النبي عليه الصلاة والسلام لآي القرآن.
-ذكر بعض الأخبار التي رويت في الحض على العلم بتفسير القرآن، ومن كان يفسره من الصحابة:
طريقة الصحابة في تعلم وحفظ القرآن:
- قال ابن مسعود: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن.
- قال أبو عبد الرحمن: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا: أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا.
بعض المفسرين من الصحابة:
1-عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
قال عبد الله: والذي لا إله غيره، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت؟ وأين نزلت؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته.
قال مسروق: كان عبد الله يقرأ علينا السورة، ثم يحدثنا فيها ويفسرها عامة النهار.
2-ابن عباس رضي الله عنهما:
قال شقيق: استعمل علي ابن عباس على الحج، قال: فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور، فجعل يفسرها.
- ذكر الأخبار عن بعض السلف فيمن كان من قدماء المفسرين محمودا علمه بالتفسير ومن كان منهم مذموما علمه به:
بعض المفسرين من التابعين:
1-مجاهد:
- قال أبو مليكة: رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، فيقول له ابن عباس: "اكتب"، قال: حتى سأله عن التفسير كله.
- قال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها.
- قال سفيان الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.
2-سعيد بن جبير:
- قال عبد الملك بن ميسرة: لم يلق الضحاك ابن عباس، وإنما لقي سعيد بن جبير بالري، فأخذ عنه التفسير.
ما اشترطه السلف للمفسر من شروط :
1-التلقي عن العلماء والأخذ منهم:
قال مشاش: قلت للضحاك: سمعت من ابن عباس شيئا؟ قال: لا.
2-العناية بالقرآن حفظا وقراءة وتدارسا:
قال زكريا: كان الشعبي يمر بأبي صالح باذان، فيأخذ بأذنه فيعركها ويقول: تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن!
3-النهي عن الجرأة في القول بالقرآن دون تثبت:
قال الأعمش: لو أن الذي عند الكلبي عندي ما خرج مني إلا بخفير.
قال صالح بن مسلم: مر الشعبي على السدي وهو يفسر، فقال: لأن يضرب على استك بالطبل، خير لك من مجلسك هذا.
4-المعرفة بسنة النبي عليه الصلاة والسلام, وما جاء من أحاديث فسر فيها آيات القرآن.
5-المعرفة بأقوال السلف حتى لا يأتي بقول يخرج به عن أقوالهم-المعرفة بلسان العرب وأشعارهم.
ذكر بعض الأخبار التي رويت بالنهي عن القول في تأويل القرآن بالرأي:
حكم تفسير القرآن بالرأي:
من قال في القرآن برأيه فقد ارتكب كبيرة من الكبائر وهو آثم بفعله لأنه تكلف ما ليس له به علم, ولو أصاب عين الحقيقة لأن فعله نفسه منهي عنه.
قال تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} [الأعراف: 33].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)).
وقال: ((من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ)).
تورع السلف عن تفسير القرآن بلا علم:
قال أبو بكر الصديق: أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في القرآن ما لا أعلم.
توجيه ما ورد عن السلف من النهي عن تفسير القرآن:
ما جاء من أخبار عن إحجام بعض التابعين عن التأويل، لم يكن إنكارا منه لوجود حكم من الله لعباده في مسألة ما، لكنه أحجم مخافة أن لا يبلغ باجتهاده ما كلف الله العلماء من عباده فيه, وخوفا من عدم إصابة الحق, فتورعوا.
الرد على من أنكر تفسير المفسرين للقرآن مما لم يكن مما استأثر الله بعلمه:
أمر الله-سبحانه- بتدبر معاني آي القرآن و الاعتبار بما فيها من المواعظ والبينات, قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}
يمتنع أن يأمرهم بالاعتبار بما لا يفهمونه, ويأمرهم بتدبر ما يجهلونه, فدل هذا على علمهم بمعاني آيات القرآن التي لم يستأثر الله بعلمها.
قلت: وفي هذا أيضا رد على المفوضة التي ادعت بأن معاني آيات القرآن لا يعلمها إلا الله مطلقا, مع اعترافهم بوجود معان لها.
القول في تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه:
أسماء القرآن ومعانيها:
1-"القرآن"، قال تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين}.
معناه:
- أما أن يكون معناه القراءة، فهو مصدر من قول القائل: قرأت.
عن ابن عباس في قوله: {فإذا قرأناه} يقول: بيناه، {فاتبع قرآنه} يقول: اعمل به.
- أو يكون مصدرا، من قول القائل: قرأت الشيء، إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض.
قال قتادة في قوله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} يقول: حفظه وتأليفه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} يقول: اتبع حلاله، واجتنب حرامه
2-الفرقان: "قال تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا} .
معناه: أصل الفرقان الفرق بين الشيئين والفصل بينهما.
سمي القرآن بذلك لفصله بين المحق والمبطل.
وفرقانه بينهما: بنصره المحق، وتخذيله المبطل، حكما وقضاء.
عن عكرمة: أنه كان يقول: هو النجاة.
ابن عباس يقول: "الفرقان": المخرج.
3-الكتاب:قال تعالى: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما}.
معناه: مصدر من قولك: "كتبت كتابا".
والكتاب: هو خط الكاتب حروف الكتاب المعجم مجموعة ومفترقة. وسمي "كتابا"، وإنما هو مكتوب.
4- "الذكر": قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} .
معناه: يحتمل معنيين: -أنه ذكر من الله جل ذكره، ذكر به عباده، فعرفهم فيه حدوده وفرائضه، وسائر ما أودعه من حكمه.
- أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به وصدق بما فيه.
أسماء السور:
هل أسماء السور توقيفية؟
- قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطول، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل)).
- قال خالد: كانوا يسمون المفصل: العربي. قال خالد: قال بعضهم: ليس في العربي سجدة.
تحزيب الصحابة للقرآن:
السبع الطول: سميت بذلك لطولها على سائر سور القرآن.
المئون: فهي ما كان من سور القرآن عدد آيه مائة آية، أو تزيد أو تنقص منها شيئا يسيرا.
المثاني: فإنها ما ثنى المئين فتلاها، وكان المئون لها أوائل، وكان المثاني لها ثواني.
وقيل: سميت بذلك لتثنية الله جل ذكره فيها الأمثال والخبر والعبر.
المفصل: سميت بذلك لكثرة الفصول التي بين سورها بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".
المراد بالمثاني:
المثاني: فإنها ما ثنى المئين فتلاها، وكان المئون لها أوائل، وكان المثاني لها ثواني.
وقيل: إن المثاني سميت مثاني، لتثنية الله جل ذكره فيها الأمثال والخبر والعبر، وهو قول ابن عباس.
وقال الأكثر في معنى المثاني: القرآن كله مثان.
وقال آخرون: بل المثاني فاتحة الكتاب، لأنها تثنى قراءتها في كل صلاة.
ولم يرجح الطبري بين الأقوال وأرجأ الخوض في المسألة حتى يصل إلى تفسير قوله تعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني}.
معنى السورة:
السورة، بغير همز: المنزلة من منازل الارتفاع. ومن ذلك سور المدينة.
قال نابغة بني ذبيان:
ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب
والسؤرة بالهمز: القطعة التي قد أفضلت من القرآن عما سواها وأبقيت.
فسؤر كل شيء: البقية منه تبقى بعد الذي يؤخذ منه.
معنى الآية:
تحتمل وجهين في كلام العرب:
- على معنى العلامة التي يعرف بها تمام ما قبلها وابتداؤها.
مثل ما جاء في قوله تعالى: {ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك} .
- القصة، كقول كعب بن زهير بن أبي سلمى:
ألا أبلغا هذا المعرض آية = أيقظان قال القول إذ قال أم حلم
يعني بقوله "آية": رسالة مني وخبرا عني.
فيكون معنى الآيات: القصص، قصة تتلو قصة، بفصول ووصول.
القول في تأويل أسماء فاتحة الكتاب:
أسماء فاتحة الكتاب:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني)).
"فاتحة الكتاب": سميت بذلك لأنها يفتتح بكتابتها المصاحف، وبقراءتها في الصلوات.
"أم القرآن": سميت بذلك لتقدمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخر ما سواها خلفها في القراءة والكتابة.
"السبع": سميت بذلك لكونها سبع آيات، لا خلاف بين الجميع من القراء والعلماء في ذلك.
المثاني: لأنها تثنى قراءتها في كل صلاة تطوع ومكتوبة.
قال الحسن عن قوله تعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم}: هي فاتحة الكتاب.
وكان يبدأ قراءتها ب: {الحمد لله رب العالمين}.
وقال: تثنى في كل قراءة.
هل البسملة آية من الفاتحة:
اختلف العلماء في ذلك:
فقال عظم أهل الكوفة: إن البسملة آية منها, وروي ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين.
وقال قراء أهل المدينة وفقهائها: هي سبع آيات لكن ليست البسملة بآية منها, والآية السابعة "أنعمت عليهم".
ولم يذكر الطبري ما رجحه وأحال على كتابه: (اللطيف في أحكام شرائع الإسلام) , ووعد بتتفصيل المسألة في كتابه: (الأكبر في أحكام شرائع الإسلام).
مسألة:
ليس في وجوب اسم "السبع المثاني" لفاتحة الكتاب، ما يدفع صحة وجوب اسم "المثاني" للقرآن كله، ولما ثنى المئين من السور. لأن لكل ذلك وجها ومعنى مفهوما، لا يفسد - بتسمية بعض ذلك بالمثاني - تسمية غيره بها.