دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثامن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 4 صفر 1441هـ/3-10-2019م, 02:36 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,809
افتراضي المجلس الخامس: مجلس أداء التطبيق الأول لفهرسة المسائل العلمية

التطبيق الأول لفهرسة المسائل العلمية

التطبيق الأول: فهرسة مسائل مقدمة تفسير ابن جرير.

- المقدمة: (هنا)

وفقكم الله وسددكم


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 صفر 1441هـ/5-10-2019م, 11:41 PM
فداء حسين فداء حسين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مستوى الإمتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 955
افتراضي

التطبيق الأول: فهرسة مسائل مقدمة تفسير ابن جرير.

خطبة الكتاب:
غرض الطبري من التأليف:
- استيعاب ما يحتاج الناس إلى معرفته في كل ما يتعلق بتفسير القرآن الكريم, بحيث يكون ما سطره كافيا عن غيره.

طريقته في التفسير:
- عرض الأقوال التي جاءت في تفسير الآيات.
- عرض الأقوال المتفق عليها.
- عرض الأقوال التي لم تصح عنده والرد عليها.
- بيان ما ترجح له .
- عدم التطويل ومحاولة الاختصار بقدر الاستطاعة دون الإخلال بالمحتوى.
- قال الطبري:(وكل ما قلنا في هذا الكتاب "حدثكم" فقد حدثونا به).

العلة من إرسال الرسل وإنزال الكتب:
- أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لتعريف الناس بوحدانية الله-سبحانه- وأن لا معبود بحق إلا هو.
- تعريف الناس بأسماء المعبود وصفاته وعظيم قدرته لكي يعبدوه حق عبادته على بصيرة.
- للتذكير لمن نفعته الذكرى.
- إقامة الحجة, قال تعالى: {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}

فضل النبي عليه الصلاة والسلام:
- ثبت في النصوص تفاضل الرسل عليهم السلام. فقد رفع الله بعضهم فوق بعض درجات:
فمنهم من اختصه بالتكليم والنجوى.
ومنهم من أيده بروح القدس، وخصه بإحياء الموتى، وإبراء أولي العاهة والعمى.
- اختص الله-سبحانه- النبي محمد-عليه الصلاة والسلام- بالدرجات العليا، والمراتب العظمى, فكانت رسالته هي الرسالة الخاتمة, وكانت دعوته تامة, وقد أرسل بها إلى الناس كافة.
- القرآن أعظم ما اختص الله به النبي وأمته.

مكانة القرآن:
- هو وحي الله الوحيد المحفوظ على الأرض, وهو علامة على ما اختص الله به النبي-عليه الصلاة والسلام- من الكرامة, وأنزله دليل على صدق رسالته وعلى وجوب اتباعه.
- أظهر الله به الحق, وفرق به بين المؤمن والكافر والكاذب والمصدق.
- تحدى الله به الإنس والجن فعجزوا على عن أن يأتوا بسورة من مثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.
- أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور , وجعله دليلا إلى طريق الحق وسبيلا للنجاة.
قال تعالى: {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم} .
- هو الحكم بين الناس فيما هم فيه يختلفون.
- هو حبل الله المتين الذي من تمسك به لا يضل أبدا, ويحصل له الفوز في الدنيا والاخرة, وتحصل له العصمة من العدو الأكبر; الشيطان الرجيم.
- كما إن العناية به وتعلمه وتعليمه-بل مجرد تلاوته- في كل ذلك الأجر العظيم النافع لصاحبه في الدارين.

-القول في البيان عن اتفاق معاني آي القرآن، ومعاني منطق من نزل بلسانه من وجه البيان -والدلالة على أن ذلك من الله جل وعز هو الحكمة البالغة- مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به باين القرآن سائر الكلام.
عظم نعمة البيان:
- من أعظم ما أنعم الله به على البشر نعمة البيان الذي به يعبرون عن كمائن صدورهم, بل قد امتن الله -سبحانه- بهذه النعمة عليهم, وجعلها من أوجه التفاضل بينهم, فكان أعلاهم فيها مرتبة أبلغهم فيما أراد به بلاغا، وأبينهم عن نفسه به بيانا.
- ذكرهم-سبحانه- بعظيم هذ المنة بذكر من حُرم منها فقال: {أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين}, فبضدها تتبين الأشياء, فلا يستوي من حباه الله البيان مع من كان أبكما ومستعجم اللسان.

بيان فضل كلام الله على غيره من الكلام:
- قد ثبت وقوع التفاضل والتفاوت بين البشر من جهة البيان, وأعلاهم شأنا ما وصل إلى أعلى منازل البيان درجة، وكان أبين عن مراد قائله، وأقرب إلى فهم السامع.
فإذا عُلم هذا ظهر فضل كلام الله على غيره من كلام البشر, لكونه تجاوز ذلك المقدار، وارتفع عن وسع الثقلين، بل عجزوا أن يأتوا بمثله .
- فأفضل الكلام كلامه سبحانه، وفضل بيانه على بيان جميع خلقه، كفضله على جميع عباده.
- لذلك كان كلامه-سبحانه- آية وحجة للرسل كما كانت باقي الآيات التي أيدهم بها.

التحدي بالقرآن:
تحدى الله بالقرآن زعماء البلاغة والشعر والفصاحة، بل أخبرهم بعجزهم عن الإتيان بسورة من مثله, فأقروا بالعجز، وشهدوا على أنفسهم بالنقص, فكان في عجزهم أبلغ الحجة بأن كلامه ليس بكلام البشر.

الغرض من إنزال القرآن البيان:
أنزل الله القرآن ليبين لعباده ما يجب عليهم معرفته, لذلك خاطبهم بما هو مفهوم لديهم، كذلك أرسل الرسل بلسان أقوامهم, لأن المخاطب والمرسل إليه إن لم يفهم الخطاب وجهل ما أرسل به إليه; استوت حاله قبل مجيء الرسالة إليه وبعدها, وعدّ الخطاب الموجه إليه من قبيل اللغو!
والله جل ذكره منزه عن ذلك، وهذا ما بينه في القرآن في قوله : {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} .

القرآن نزل بلسان عربي مبين:
قال تعالى:{وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} .
ولما كان القرآن قد نزل بلسان محمد-صلى الله عليه وسلم- و لسان محمد -صلى الله عليه وسلم- عربيا، فبين أن القرآن عربي.
وقد قال تعالى: {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}.

احتواء القرآن على أساليب العرب في الكلام:
فإذا كان القرآن نزل بلغة العرب فلا بد أن تكون معانيه موافقة لمعاني كلامهم، وظاهره لظاهر كلامهم، ولا بد أن يكون قد احتوى على أساليب كلام العرب مثل: الإيجاز والاختصار، والاجتزاء بالإخفاء من الإظهار، وغيرها مما لا بد وجود نظيره في كتاب الله.
.
القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم:
هل يوجد في القرآن ما هو ليس بعربي من الكلام:
بعض ما ورد من آثار دل ظاهرها على أن في القرآن ما ليس بلسان العرب:
- قال أبو موسى: {يؤتكم كفلين من رحمته} ، قال: الكفلان: ضعفان من الأجر، بلسان الحبشة.
- قال ابن عباس: {إن ناشئة الليل} قال: بلسان الحبشة إذا قام الرجل من الليل قالوا: نشأ.
- قال أبو ميسرة: {يا جبال أوبي معه} قال: سبحي، بلسان الحبشة ؟

الرد على من قال إن في القرآن ما ليس بعربي:
- الآثار المروية أثبتت أن بعض الألفاظ لها معاني بغير العربية, لكنها لم تنف أن تكون هذه الألفاظ كانت للعرب كلاما قبل نزول القرآن.
فالأمر ليس من قبيل اجتماع النقيضين بحيث يمنع ارتفاعهما معا أو اجتماعهما معا.
- ليس بمستبعد أن تتفق بعض الألفاظ عند أجناس الأمم المختلفة, كلفظ الدرهم والدينار وغير ذلك ما اتفقت فيه الفارسية والعربية باللفظ والمعنى.
- من ادعى بأن هذه الألفاظ أعجمية لا عربية, أو عربية لا أعجمية, أو بعضها عربي وبعضها أعجمي, أو قالتها العرب ثم استعملها العجم أو العكس: فعليه الدليل ولا يوجد دليل يوجب العلم ويقطع الشك وتقوم به حجة على قول واحد من هذه الأقوال .
- اعتقاد أن بعض القرآن فارسي لا عربي، وبعضه نبطي لا عربي, وغيره من اللغات, يعارض ما أخبر الله-تعالى-عن القرآن أنه جعله قرآنا عربيا.
قال الطبري: فالصواب أن يسمى: عربيا أعجميا، أو حبشيا عربيا، إذ كانت الأمتان له مستعملتين

معنى قول من قال: (في القرآن من كل لسان):
قال أبوميسرة: في القرآن من كل لسان.
معناه أن فيه من كل لسان اتفق فيه لفظ العرب ولفظ غيرها من الأمم التي تنطق به.

-القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب:

الآثار في نزول القرآن على سبعة أحرف:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده فيزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).
- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أنزل القرآن على سبعة أحرف، عليم حكيم، غفور رحيم" .
- عن عمر -رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منها)).

النهي عن الاختلاف في القرآن:
- عن عبد الله بن مسعو, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأوا كما علمتم فإنما أهلك من كان قبلكم اختلافهم على أنبيائهم.
- قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، فالمراء في القرآن كفر -ثلاث مرات- فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه)).-
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما تيسر منها)).
- وقال: ((إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن المراء فيه كفر)).

الحكمة من نزول القرآن على أحرف سبعة:
جاءت الآثار مبينة أن علة ذك التخفيف على الأمة والتيسير, لاختلاف لغاتهم وتعددها, ولصعوبة ترك الواحد منهم ما اعتاده لسانه لغيره من اللغات, وبجانب الصعوبة كانت هناك حمية الإنسان للغة قومه.
- مثل ما جاء عن أبي بن كعب، قال: "أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند أضاة بني غفار" فقال: "إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منها حرفا فهو كما قرأ".
- وجاء عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار، قال: فأتاه جبريل فقال: "إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف". قال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك... ثم جاءه الرابعة فقال:"إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا".

المراد بالأحرف السبعة:
تعددت الأقوال في المراد بالأحرف السبعة, وقد ذكر الطبري ثلاثة أقوال:
الأول: إن المراد بأنه نزل بأمر وزجر وترغيب وترهيب وقصص وغيره.
وقد رد الطبري هذا القول لأسباب:
- فلو كان تماريهم تماريا واختلافا فيما دلت عليه تلاواتهم من التحليل والتحريم والوعد والوعيد وغيره، لكان مستحيلا أن يصوبها النبي-صلى الله عليه وسلم-جميعها ويأمر كل قارئ منهم أن يلزم قراءته!
- لو صح ها القول لصح أن الله جل ثناؤه قد أمر بفعل شيء في تلاوة ونهى عنه في تلاوة أخرى.
ثم خير عباده في فعله أو تركه!
وقد قال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}.
- جاء عن بعض السلف بأنه كان يقرأ على حرفين أو ثلاثة, كما جاء عن سعيد بن جبير بأنه كان يقرأ القرآن على حرفين".
وعلى هذا القول يكون من قرأ القرآن على حرفين أو ثلاثة من السلف لم يقرأ من القرآن إلا ما كان من بعض وجوهه دون سائر معانيه! وهذا لا يتصور فيهم لما وصلوا إليه من المنزلة العالية في فهم القرآن.
القول الثاني: إن الأحرف السبعة لغات في القرآن سبع، متفرقة في جميعه، من لغات أحياء من قبائل العرب مختلفة الألسن.
استدلوا بما جاء عن بعض الصحابة والتابعين أنه قال: هو بمنزلة قولك تعال وهلم وأقبل؛ وأن بعضهم قال: هو بمنزلة قراءة عبد الله (إلا زقية)، وهي في قراءتنا {إلا صيحة}
ورده الطبري أيضا واستدل على عدم صحته بأدلة:
- يلزم من ه1ا القول بقاء الأحرف السبعة للآن, وعلى هذا فلم يكن هناك موجبا لاختلافى الصحابة ولا لتوجيه النبي -عليه الصلاة والسلام- لهم بأن يقرأ كل منهم كما علم.
- أما استدلالهم بما جاء عن بعض الصحابة والتابعين ففيه حجة عليهم لأن الذي نزل به القرآن عنده إحدى القراءتين -: إما "صيحة"، وإما "زقية" وإما "تعال" أو "أقبل" أو "هلم" - لا جميع ذلك, هي ألفاظ مختلفة، يجمعها في التأويل معنى واحد.
الثالث: وهو ما رجحه الطبري :
إن المراد بالأحرف السبعة نزول القرآن بسبع لغات، والأمر بقراءته على سبعة ألسن.
وهذه الأحرف لغات سبع، في حرف واحد، وكلمة واحدة، باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، كقول القائل: هلم، وتعال، وأقبل، ونحو ذلك، مما تختلف فيه الألفاظ بضروب من المنطق وتتفق فيه المعاني.

الاختلاف في الأحرف السبعة من باب اختلاف الألفاظ لا اختلاف المعاني وتضادها:
كان اختلاف الصحابة في نفس التلاوة، دون المعاني، لذلك لما احتكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم -استقرأ كل رجل منهم، ثم صوب قراءتهم على اختلافها، ولما ارتاب البعض، قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف)).
ولو كان اختلافهم في المعاني لما جاز للنبي-عليه الصلاة والسلام- أن يصوبها جميعا.
من أدلة ذلك:
ما جاء في الحديث: (كلها شاف كاف، ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب، كقولك: هلم وتعال))

أمثلة لبعض ما قرأ من الأحرف السبعة:
- قرأ أنس هذه الآية: (إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا) فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة، إنما هي: {وأقوم} فقال: أقوم وأصوب وأهيأ، واحد".
- كانت قراءة ابن مسعود لقوله تعالى: {إن كانت إلا صيحة واحدة} : (إن كانت إلا زقية واحدة).

حكم إنكار حرف من الأحرف السبعة:
ثبت بأن الأحرف السبعة جميعها من القرآن, فهي وحي من الله, وهي كلامه سبحانه, فمن كفر بحرف منها فهو مكذب بالقرآن الذي أنزله الله, وقد جاء هذا عن السلف:
- قال عبد الله بن مسعود: من كفر بحرف من القرآن، أو بآية منه، فقد كفر به كله.
- وقال: "من قرأ منكم على حرف فلا يتحولن، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله لأتيته".
- وجاء عن ابن الحبحاب قوله: "كان أبو العالية إذا قرأ عنده رجل لم يقل": "ليس كما تقرأ" وإنما يقول: أما أنا فأقرأ كذا وكذا". قال: "فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي، فقال: أرى صاحبك قد سمع: "أن من كفر بحرف منه فقد كفر به كله".

هل مازالت الأحرف السبعة موجودة:
جمع القرآن:
- لم يجمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
قال الزهري:" قبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جمع، وإنما كان في الكرانيف والعسب والسعف".

الجمع الأول: جمع أبي بكر للقرآن:
- قال صعصعة "أن أبا بكر أول من ورث الكلالة وجمع المصحف".

سبب جمع أبي بكر للقرآن:
بعد واقعة اليمامة واستشهاد الكثير من القراء, ذهب عمر إلى أبي بكر وقال له: (إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمامة تهافتوا تهافت الفراش في النار، وإني أخشى أن لا يشهدوا موطنا إلا فعلوا ذلك حتى يقتلوا - وهم حملة القرآن- فيضيع القرآن وينسى. فلو جمعته وكتبته...).
فكان الجمع الأول خوفا من ذهاب القرآن بذهاب حفظته.
- وكل زيد بن ثابت بتولي هذا الأمر.
- بقيت الصحيفة عند أبي بكر ثم عمر ثم كانت عند حفصة بعد موت أبيها عمر رضي الله عنه.
- لما ماتت حفصة أرسل إلى عبد الله بن عمر في الصحيفة بعزمة، فأعطاهم إياها فغسلت غسلا.

الجمع الثاني: جمع عثمان للقرآن:
سبب الجمع الثاني للقرآن:
كان سببه ما رآه حذيفة بن اليمان في فتح أرمينية من اختلاف الناس على أحرف القرآن, وحصول الفتنة بذلك وتكفير المسلمين بعضهم بعضا.
فأسرع مسافرا إلى عثمان رضي الله عنه وقال له: أدرك الناس!

كتابة المصحف:
تولى زيد بن ثابت أيضا هذا العمل, وجعل معه أبان بن سعيد بن العاص فكان معه ثلاثة من قريش.
كتب بلغة قريش, فكانوا إذا اختلفوا في كلمة كتبوها بلسان قريش كما حصل في اختلافهم في كلمة(التابوت) : قال: زيد فقلت: "التابوه" وقال أبان بن سعيد: "التابوت"، فرفعنا ذلك إلى عثمان فكتب: "التابوت" .
تتبع زيد رضي الله عنه الآيات وجمعها من المهاجرين والأنصار حتى أتم العمل.
أرسل عثمان إلى حفصة يسألها أن تعطيه الصحيفة، وحلف لها ليردنها إليها فأعطته إياها، فعرض المصحف عليها، فلم يختلفا في شيء. فردها إليها، وطابت نفسه، وأمر الناس أن يكتبوا مصاحف.

حرق ما عدا ذلك من المصاحف :
جمع عثمان الناس على مصحف واحد، وخرق ما عدا المصحف الذي جمعهم عليه. وعزم على كل من كان عنده مصحف مخالف المصحف الذي جمعهم عليه، أن يخرقه.
وقد أجمعت الأمة على صحة عمل عثمان رضي الله عنه- وأطاعته فيما امر.

ترك القراءة بالأحرف السبعة:
ترك الناس القراءة بالأحرف الستة بعد عزم عثمان -رضي الله عنه- عليهم في ذلك, طاعة له, حتى درست من الأمة معرفتها، وتعفت آثارها، وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها، من غير جحود منها صحتها وصحة شيء منها،فلا قراءة للمسلمين اليوم إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم عثمان، دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية.

حكم ما فعله عثمان من جمع الناس على حرف واحد:
كان الأمر بقراءة القران على هذه الاحرف من باب الإباحة والرخصة ولم يكن أمر إيجاب وفرض.
وقد كانوا على الاختيار في القراءة بهذه الأحرف، ويدل عليه تركهم نقل باقي الحروف, إذ لو كانت واجبة لما وسع الجميع تركها, ولوجب حفظها على من تقوم به الحجة على الكفاية.

ذكر اللغات السبعة التي نزل بها القرآن:
لا حاجة للأمة لمعرفتها الآن, إذ حتى لو عرفتها لما جازت القراءة بها.

القول في البيان عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة))، وذكر الأخبار المروية بذلك:

ألفاظ الحديث الواردة:
- رواية ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف...).:
- جاء عن أبي قلابة، قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل وقصص ومثل)).
- روي عن أبي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (... فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب من الجنة، كلها شاف كاف)).
- روي عن ابن مسعود من قيله خلاف ذلك كله قوله: إن الله أنزل القرآن على خمسة أحرف...)

معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة)):
مع اختلاف المعاني التي وردت إلا إنها متقاربة: فالوجه والحرف والباب سواء, كما أخبر الله عمن عبده على وجه الشك لا اليقين بأنه عبده على حرف فقال:{ ومن الناس من يعبد الله على حرف}.
فيكون معنى الحديث:
- الحديث في بيان ما خصه الله النبي -عليه الصلاة والسلام-وأمته، من الفضيلة والكرامة التي لم يؤتها أحدا قبل.
فكل كتاب نزل قبل القران فإنما نزل بلسان واحد، وأنزل القرآن بألسن سبعة.
- الأبواب السبعة من الجنة: هي المعاني التي فيها، من الأمر والنهي والترغيب والترهيب والقصص والمثل، التي إذا عمل بها العامل، وانتهى إلى حدودها المنتهي، استوجب به الجنة, لأن العامل بكل وجه من أوجهه السبعة، عامل على باب من أبواب الجنة.

القول في الوجوه التي من قِبَلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن:

أنواع تفسير القرآن:
الأول: تفسير لا يعلمه إلا الله سبحانه: وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسى بن مريم....وغيره.
وقال: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب} .
النوع الثاني: تفسير القرآن بالسنة: قال تعالى :{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}.
الثالث: ما يعلمه كل ذي علم باللسان الذي نزل به القرآن.
الرابع: ما يكون من تأويله ما لا يعذر أحد بجهالته.

- قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.

ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن

هل فسر الرسول عليه الصلاة والسلام-القرآن:
- قالت عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل.

توجيه ما ورد من هذه الأخبار:
- الخبر الذي روي عن عائشة فيه علة في إسناده، فلا يجوز الاحتجاج به.
فهو راويه ممن لا يعرف في أهل الآثار، وهو: جعفر بن محمد الزبيري.
- لو صح هذا الخبر فيقال:
- يكون القصد أنه لم يفسر من القرآن إلا ما لا يدرك علمه إلا ببيانه إما مع جبريل، أو مع من شاء من رسله إليه. وهن لا شك آي ذوات عدد.
- الله قد أمر نبيه ببيان القرآن للناس فقال: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}, ولو لم يبين ولم يفسر لكان تركا لما أمره الله بفعله.
وقد جاءت النصوص بأنه قد بلغ الرسالة كاملة , وقول عبد الله بن مسعود: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن) : فيه دليل على بيان النبي عليه الصلاة والسلام لآي القرآن.

-ذكر بعض الأخبار التي رويت في الحض على العلم بتفسير القرآن، ومن كان يفسره من الصحابة:
طريقة الصحابة في تعلم وحفظ القرآن:
- قال ابن مسعود: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن.
- قال أبو عبد الرحمن: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا: أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا.

بعض المفسرين من الصحابة:
1-عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
قال عبد الله: والذي لا إله غيره، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت؟ وأين نزلت؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته.
قال مسروق: كان عبد الله يقرأ علينا السورة، ثم يحدثنا فيها ويفسرها عامة النهار.

2-ابن عباس رضي الله عنهما:
قال شقيق: استعمل علي ابن عباس على الحج، قال: فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور، فجعل يفسرها.

- ذكر الأخبار عن بعض السلف فيمن كان من قدماء المفسرين محمودا علمه بالتفسير ومن كان منهم مذموما علمه به:

بعض المفسرين من التابعين:
1-مجاهد:
- قال أبو مليكة: رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، فيقول له ابن عباس: "اكتب"، قال: حتى سأله عن التفسير كله.
- قال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها.
- قال سفيان الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.

2-سعيد بن جبير:
- قال عبد الملك بن ميسرة: لم يلق الضحاك ابن عباس، وإنما لقي سعيد بن جبير بالري، فأخذ عنه التفسير.

ما اشترطه السلف للمفسر من شروط :
1-التلقي عن العلماء والأخذ منهم:
قال مشاش: قلت للضحاك: سمعت من ابن عباس شيئا؟ قال: لا.
2-العناية بالقرآن حفظا وقراءة وتدارسا:
قال زكريا: كان الشعبي يمر بأبي صالح باذان، فيأخذ بأذنه فيعركها ويقول: تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن!
3-النهي عن الجرأة في القول بالقرآن دون تثبت:
قال الأعمش: لو أن الذي عند الكلبي عندي ما خرج مني إلا بخفير.
قال صالح بن مسلم: مر الشعبي على السدي وهو يفسر، فقال: لأن يضرب على استك بالطبل، خير لك من مجلسك هذا.
4-المعرفة بسنة النبي عليه الصلاة والسلام, وما جاء من أحاديث فسر فيها آيات القرآن.
5-المعرفة بأقوال السلف حتى لا يأتي بقول يخرج به عن أقوالهم-المعرفة بلسان العرب وأشعارهم.

ذكر بعض الأخبار التي رويت بالنهي عن القول في تأويل القرآن بالرأي:
حكم تفسير القرآن بالرأي:
من قال في القرآن برأيه فقد ارتكب كبيرة من الكبائر وهو آثم بفعله لأنه تكلف ما ليس له به علم, ولو أصاب عين الحقيقة لأن فعله نفسه منهي عنه.
قال تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} [الأعراف: 33].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)).
وقال: ((من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ)).

تورع السلف عن تفسير القرآن بلا علم:
قال أبو بكر الصديق: أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في القرآن ما لا أعلم.

توجيه ما ورد عن السلف من النهي عن تفسير القرآن:
ما جاء من أخبار عن إحجام بعض التابعين عن التأويل، لم يكن إنكارا منه لوجود حكم من الله لعباده في مسألة ما، لكنه أحجم مخافة أن لا يبلغ باجتهاده ما كلف الله العلماء من عباده فيه, وخوفا من عدم إصابة الحق, فتورعوا.

الرد على من أنكر تفسير المفسرين للقرآن مما لم يكن مما استأثر الله بعلمه:
أمر الله-سبحانه- بتدبر معاني آي القرآن و الاعتبار بما فيها من المواعظ والبينات, قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}
يمتنع أن يأمرهم بالاعتبار بما لا يفهمونه, ويأمرهم بتدبر ما يجهلونه, فدل هذا على علمهم بمعاني آيات القرآن التي لم يستأثر الله بعلمها.
قلت: وفي هذا أيضا رد على المفوضة التي ادعت بأن معاني آيات القرآن لا يعلمها إلا الله مطلقا, مع اعترافهم بوجود معان لها.

القول في تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه:
أسماء القرآن ومعانيها:
1-"القرآن"، قال تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين}.
معناه:
- أما أن يكون معناه القراءة، فهو مصدر من قول القائل: قرأت.
عن ابن عباس في قوله: {فإذا قرأناه} يقول: بيناه، {فاتبع قرآنه} يقول: اعمل به.
- أو يكون مصدرا، من قول القائل: قرأت الشيء، إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض.
قال قتادة في قوله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} يقول: حفظه وتأليفه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} يقول: اتبع حلاله، واجتنب حرامه
2-الفرقان: "قال تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا} .
معناه: أصل الفرقان الفرق بين الشيئين والفصل بينهما.
سمي القرآن بذلك لفصله بين المحق والمبطل.
وفرقانه بينهما: بنصره المحق، وتخذيله المبطل، حكما وقضاء.
عن عكرمة: أنه كان يقول: هو النجاة.
ابن عباس يقول: "الفرقان": المخرج.
3-الكتاب:قال تعالى: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما}.
معناه: مصدر من قولك: "كتبت كتابا".
والكتاب: هو خط الكاتب حروف الكتاب المعجم مجموعة ومفترقة. وسمي "كتابا"، وإنما هو مكتوب.
4- "الذكر": قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} .
معناه: يحتمل معنيين: -أنه ذكر من الله جل ذكره، ذكر به عباده، فعرفهم فيه حدوده وفرائضه، وسائر ما أودعه من حكمه.
- أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به وصدق بما فيه.

أسماء السور:
هل أسماء السور توقيفية؟
- قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطول، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل)).
- قال خالد: كانوا يسمون المفصل: العربي. قال خالد: قال بعضهم: ليس في العربي سجدة.

تحزيب الصحابة للقرآن:
السبع الطول: سميت بذلك لطولها على سائر سور القرآن.
المئون: فهي ما كان من سور القرآن عدد آيه مائة آية، أو تزيد أو تنقص منها شيئا يسيرا.
المثاني: فإنها ما ثنى المئين فتلاها، وكان المئون لها أوائل، وكان المثاني لها ثواني.
وقيل: سميت بذلك لتثنية الله جل ذكره فيها الأمثال والخبر والعبر.
المفصل: سميت بذلك لكثرة الفصول التي بين سورها بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".

المراد بالمثاني:
المثاني: فإنها ما ثنى المئين فتلاها، وكان المئون لها أوائل، وكان المثاني لها ثواني.
وقيل: إن المثاني سميت مثاني، لتثنية الله جل ذكره فيها الأمثال والخبر والعبر، وهو قول ابن عباس.
وقال الأكثر في معنى المثاني: القرآن كله مثان.
وقال آخرون: بل المثاني فاتحة الكتاب، لأنها تثنى قراءتها في كل صلاة.
ولم يرجح الطبري بين الأقوال وأرجأ الخوض في المسألة حتى يصل إلى تفسير قوله تعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني}.

معنى السورة:
السورة، بغير همز: المنزلة من منازل الارتفاع. ومن ذلك سور المدينة.
قال نابغة بني ذبيان:
ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب
والسؤرة بالهمز: القطعة التي قد أفضلت من القرآن عما سواها وأبقيت.
فسؤر كل شيء: البقية منه تبقى بعد الذي يؤخذ منه.

معنى الآية:
تحتمل وجهين في كلام العرب:
- على معنى العلامة التي يعرف بها تمام ما قبلها وابتداؤها.
مثل ما جاء في قوله تعالى: {ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك} .
- القصة، كقول كعب بن زهير بن أبي سلمى:
ألا أبلغا هذا المعرض آية = أيقظان قال القول إذ قال أم حلم
يعني بقوله "آية": رسالة مني وخبرا عني.
فيكون معنى الآيات: القصص، قصة تتلو قصة، بفصول ووصول.

القول في تأويل أسماء فاتحة الكتاب:
أسماء فاتحة الكتاب:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني)).
"فاتحة الكتاب": سميت بذلك لأنها يفتتح بكتابتها المصاحف، وبقراءتها في الصلوات.
"أم القرآن": سميت بذلك لتقدمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخر ما سواها خلفها في القراءة والكتابة.
"السبع": سميت بذلك لكونها سبع آيات، لا خلاف بين الجميع من القراء والعلماء في ذلك.
المثاني: لأنها تثنى قراءتها في كل صلاة تطوع ومكتوبة.
قال الحسن عن قوله تعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم}: هي فاتحة الكتاب.
وكان يبدأ قراءتها ب: {الحمد لله رب العالمين}.
وقال: تثنى في كل قراءة.

هل البسملة آية من الفاتحة:
اختلف العلماء في ذلك:
فقال عظم أهل الكوفة: إن البسملة آية منها, وروي ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين.
وقال قراء أهل المدينة وفقهائها: هي سبع آيات لكن ليست البسملة بآية منها, والآية السابعة "أنعمت عليهم".

ولم يذكر الطبري ما رجحه وأحال على كتابه: (اللطيف في أحكام شرائع الإسلام) , ووعد بتتفصيل المسألة في كتابه: (الأكبر في أحكام شرائع الإسلام).

مسألة:
ليس في وجوب اسم "السبع المثاني" لفاتحة الكتاب، ما يدفع صحة وجوب اسم "المثاني" للقرآن كله، ولما ثنى المئين من السور. لأن لكل ذلك وجها ومعنى مفهوما، لا يفسد - بتسمية بعض ذلك بالمثاني - تسمية غيره بها.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 صفر 1441هـ/6-10-2019م, 02:48 AM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

فهرسة مسائل مقدمة تفسير ابن جرير
خطبة الكتاب:
قرئ التفسير عليه في سنة ست وثلاثمائة.
إقامة الله الأدلة على وحدانيته، وإرسال الرسل للدعوة حجة على خلقه.
تفضيل سيدنا محمد بالقرآن، وبيان فضل الاشتغال به وتفسيره.
الإشارة لمجموعة من علوم القرآن التي يحتاج إليها علم التفسير: كالمحكم والمتشابه والعام والخاص والمجمل والمفسر والناسخ والمنسوخ والمشكل.
بيان مقصد الكتاب، وهو استيعاب الكلام على بيان المعاني.
بيان منهجه العام في التفسير كما يلي:
1. الاستيعاب الشامل لمعاني القرآن والمغني عما سواه من خلال جمع الأقوال التفسيرية السابقة عليه واستقصائها.
2. إيراد الاختلاف والاتفاق في التفسير
3. توجيه أقوال المفسرين وبيان عللها
4. الترجيح بين الأقوال المختلفة وبيان صحيحها.
5. الإيجاز والاختصار ما أمكن وعدم الاستطراد.
الإشارة إلى أهمية معرفة علوم العربية في التفسير

نزول القرآن بلسان عربي مبين
نعمة تذليل الألسنة به
وجه التحدي الأول الذي نزل به القرآن: هو ما في هذا القرآن من منطق يوافق منطقهم، وأنه تحداهم أن يأتوا بمثل هذا الكلام الذي هو من منطقهم
الدليل على إذعانهم جميعا: هو عدم وجود معارض انبرى لذلك التحدي، وأما ما نقل من كلام سفيه فلم يؤبه له
عجزهم التام عن الإتيان بمثله
من نعم الله على الإنسان أن أعطاه البيان، وأنزل القرآن على لسان العرب
من نعم الله علينا أننا نستطيع فهم كلامه سبحانه وتعالى ومعرفة ماذا يريد منا: لأن المخاطِب يبين عما في نفسه للمخاطَب، فالمخاطَب إذا كان يعرف هذا الكلام فإنه يستطيع فهمه ويعرف ما فيه من معاني، لكن لو خوطب بكلام لا يفهمه فلا يمكن أن يتصرف فيه.
الدليل النقلي على كون القرآن عربي في قوله تعالى: {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}
قاعدة: أن كل ما في القرآن عربي، لكن ليس كل ما في لغة العرب في القرآن
لا يجوز صرف كلام الله الذي نزل بلغة العرب إلى غيرها: فأي بيان للقرآن بغير لغة العرب فهو دليل على بطلان هذا القول
ذكر بعض الأساليب العربية التي استعملها القرآن

ورود الألفاظ الأعجمية في القرآن، وعلاقتها بالمعاني، والآثار الواردة عن السلف في ذلك
قاعدة إسنادية: نص رحمه الله على أنه ما ذكره بصيغة التحديث فقد أخذه مباشرة
احتج على أن هؤلاء السلف الذين -روي عنهم ما روي- لم ينكر أحد منهم أن تكون هذه الألفاظ عربية
قاعدة: أن هذه الألفاظ التي تسمى أعجمية هي مما اتفقت فيه اللغات
لو قيل إنها عربية ثم انتقلت إلى الأعجمية أو العكس، فلا يمكن أن يؤتى بدليل، وليس عندنا علم يقيني نستطيع أن نجزم به جزما تاما
قاعدة: "إنما يكون الإثبات دليلا على النفي، فيما لا يجوز اجتماعه من المعاني"، بمعنى أن المتضادات لا يمكن اجتماعها
الاستدلال بهذه القاعدة على عدم امتناع أن يكون اللفظ عربيا فارسيا، أو عربيا روميا لأنه يمكن اجتماعها
ذكر اعتراض البعض على فكرة التوافق العربي بالأعجمي بالنسب بأن النسب لا يتعدد، فكذلك الكلمة إذا نسبت إلى لغة فلا تنسب إلى غيرها، رد رحمه الله على ذلك بأنه قياس مع الفارق لأنه يمكن أن يجتمع هذا، وأشار إلى مثال حسي بالمشترك البري البحري أو السهلي الجبلي.
توجيه معنى القول: "في القرآن من كل لسان"، بالإشارة إلى كثرة ما ورد من الألفاظ التي توافقت فيها اللغات
لو صح الاحتجاج بالقول بأن القرآن فارسي أو رومي ...الخ، فلا يعترض عليه بأن فيه ضعف، لأن فيه جانب من الصحة وإن كان قد يعترض عليه.
تقرير أن ليس في القرآن إلا ما هو عربي، خاصة الكلمات التي يذكر أنها أعجمية

بأي لغات العرب نزل القرآن؟
إيراد الآثار التي تبين الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف، وهي التخفيف على الأمة.
رجح رحمه الله أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب، دون جميعها، لأن لغات العرب أكثر من سبع قطعا.
الجمع بين الآثار الواردة في معنى الأحرف السبعة أنها متجه إلى القراءة أما الأوجه السبعة فالمراد بها جهات المعاني.
الاستدلال بالآثار على أن الاختلاف مرتبط بالقراءة وليس المعاني، بأنهم لما احتكموا إلى النبي استقرأهم.
لو كان المراد بالاختلاف وجوه المعاني، فبهذا حصل تضاد في المعاني بين الصحابة، وهذا لا يتصور إطلاقا.
نص الله على عدم وجود الاختلاف في كتابه: مخالف لكون المراد وجوه المعاني
المراد بالأحرف السبعة: اتفاق المعاني، وأمثلة ذلك في اللغة يسمى الترادف كهلم وتعال وأمثالها.
استدل على الترادف بأثر ابن مسعود في الأمر بثبوت كل قارئ على قراءته، وإلزام عثمان بالمصاحف التي أرسلها
مدلول مصطلح الحرف في لغة العرب متنوع، فقد يطلق على حرف الهجاء، وقد يطلق على القصيدة، وقد يطلق على الكلمة، وأن المراد بها في الآثار الواردة هو الكلمة التي يقع بها الترادف.
فسر ابن سيرين الأحرف على أنها "هلم، تعال، أقبل"
ذكر قول ثالث في معنى الأحرف السبعة وهو: سبع لغات متفرقة في القرآن، واعترض عليه ورده، لدلالة الأحاديث على اختلاف الصحابة في سورة في وجه قرائي في آية
ترجيحه للقول الذي ذهب إليه: بأنها لغات مختلفة في كلمة واحدة باتفاق المعاني.
أورد اعتراضا بأننا لا نجد في المصاحف العثمانية كلمة قرئت على سبيل الترادف، وهي موجودة في القراءات التي بين أيدينا، هل نسخت فرفعت؟ وما الدلالة على نسخها؟ أو أن الأمة نسيتها فتكون ضيعت ما أمرت بحفظه؟
بيان مذهبه أن الموجود بين أيدينا هو حرف واحد، وقاس ترك بقية الأحرف الستة بترك الكفارات المخيرة، وهذا مخالف لرأي جمهور العلماء.
قصة أبو بكر مع عمر وزيد في جمع القرآن، واعتراض أبو بكر وزيد على فعل شيء لم يفعله رسول الله.
الإشارة إلى أن جمع أبي بكر اشتمل على الأحرف السبعة.
قصة جمع عثمان الناس على مصحف واحد لمنع الاختلاف بينهم، واستدلاله بها على جمعهم على حرف واحد، وأنها من عزم عثمان، وأن ذلك هو السبب لترك الأحرف الستة فلا سبيل إلى القراءة بها الآن.
اختار أن القراءة بالأحرف السبعة كانت على سبيل الإباحة والرخصة، وأن الأمة ليست ملزمة على سبيل الوجوب والفرض، وفي هذا نظر.
التفريق بين الاختلاف في وجوه القراءات وبين الأحرف السبعة، فهذا شيء وهذا شيء آخر.
الاختلاف في وجوه القراءات مثل الاختلاف في الجر والنصب والتسكين ونقل الحركة.
ذكر أنه لا حاجة لمعرفة اللغات التي نزل بها القرآن، وذلك بناء على رأيه أن الأحرف الستة متروكة.
نقد الآثار المروية في تحديد اللغات التي نزل بها القرآن، فلا يجوز الاحتجاج بنقلها، وذكر إسنادين، الأول فيه الكلبي وهو ضعيف، والثاني فيه قتادة وهو لم يسمع ابن عباس.
تفسيره لمعنى شاف كاف التي وردت في الحديث بما جاء في القرآن

علاقة الأحرف السبعة بتأويل القرآن من جهة تفسيره لها
المراد بالأبواب السبعة: زاجر وآمر وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال.
ذكر الآثار التي فيها أن القرآن أنزل على سبعة أبواب وعلى سبعة ألسن، وأن الكتب السابقة نزلت على حرف واحد وعلى باب واحد، فالتوراة يغلب عليها الأحكام، والزبور يغلب عليه الأمثال، والإنجيل يغلب عليه المواعظ والزواجر والنواهي.
أن الكتب السابقة لكونها نزلت على حرف واحد، فمتى حولت عن هذه اللغة فإنها تعتبر ترجمة.
تفسير الأثر الوارد "وإن لكل حرف منها ظهرا وبطنا"، و"وإن لكل حد من ذلك مطلعا"

كيفية الوصول إلى فهم القرآن
وجوه تفسير القرآن أربعة
النوع الأول: ما يعرف من جهة النبي، وذكر الآيات الدالة على ذلك، وبيان أن ما لا يوصل إلى تأويله إلا من جهة الرسول هو ما ارتبط بأحكام القرآن
وهذا وجه له لا يجوز لأحد القول فيه، إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهين:
الأول: له تأويله بنص منه عليه، أي النص الصريح الواضح أن مراد الله كذا.
الثاني: أو بدلالة قد نصبها، دالة أمته على تأويله.
النوع الثاني: ما لا يعلم تأويله إلا الله، مثل أوقات المغيبات.
النوع الثالث: ما يكون بيانه راجعا إلى لغة العرب ويتعلق باللسان العربي، فيعلمه كل ذي علم باللسان، لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين.
النوع الرابع: ما لا يعذر بجهالته أحد، وأشار إلى أن هذا النوع خارج عن مصادر التأويل السابقة، فيكون وجه زائد.
نقد الإسناد الذي رفع إلى النبي –مع كونه مقاربا لقول ابن عباس- لأنه من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.

النهي عن القول في تأويل القرآن بالرأي المذموم
استدل بحديث جندب: "من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ"، وبالآية {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} على أن القائل في ذلك برأيه - وإن أصاب عين الحق فيه - فمخطئ في فعله، بقيله فيه برأيه، ولأن إصابته ليست إصابة موقن أنه محق، وإنما هو إصابة خارص وظان. والقائل في دين الله بالظن، قائل على الله ما لم يعلم.

الحض على العلم بتفسير القرآن، وإثبات وجود مفسرين من الصحابة
ذكر آثار تدل على أن الصحابة كانوا حريصين على تعلم المعاني وتعليمها، منها:
قول ابن مسعود: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن"، وفيه الحض على تعلم التفسير.
وقول أبي عبد الرحمن: "حدثنا الذين كانوا يقرئوننا: أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا"، وفيه تعلم معنى القرآن والعمل به.
وقول عبد الله: "والذي لا إله غيره، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت؟ وأين نزلت؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته"، وفيه إشارة إلى علمه بالقرآن وتفسيره وفيم نزل وأين نزل.
وقول مسروق: " كان عبد الله يقرأ علينا السورة، ثم يحدثنا فيها ويفسرها عامة النهار"، وقول شقيق، "استعمل علي ابن عباس على الحج، قال: فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور، فجعل يفسرها"، فيهما إشارة أن الصحابة كانوا يفسرون القرآن، ويعقدون مجالس للتفسير.
في قوله تعالى {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} أمر بتدبر القرآن، وهذا يستلزم فهم المعنى لأنه كما قال رحمه الله: "محال أن يقال لمن لا يفهم ما يقال له ولا يعقل تأويله: "اعتبر بما لا فهم لك به ولا معرفة من القيل والبيان والكلام"- إلا على معنى الأمر بأن يفهمه ويفقهه، ثم يتدبره ويعتبر به. فأما قبل ذلك، فمستحيل أمره بتدبره وهو بمعناه جاهل".

بعض الآثار التي اعتمد عليها مانعوا التفسير
وجه رحمه الله قول عائشة: "ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل" – لو صح- إلى أنه يوافق ما ذكره من أن ما بينه النبي مرتبط بالأحكام، كما أنه لا يدل على عدم جواز التفسير، وإنما يدل على أن النبي فسر ما تحتاج الأمة إلى تفسيره، وإلا لبطل قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} إذ كان لم يبين ما تحتاج الأمة إلى بيانه.

الآثار التي نقلت في عدم القول بالتفسير عن السلف
ذكر كثير من الروايات في توقف بعض السلف في تفسير القرآن، ووجهه بأنه من باب الورع والاحتراز في فهم كلام الله، وأنهم توقفوا خشية ألا يصلوا إلى المعنى المطلوب، لا أنه دليل على أنه لا يجوز التفسير.

ذكر بعض من حمد في تفسيره ومن ذم
ترجمان القرآن ابن عباس
كتابة مجاهد للتفسير عن ابن عباس، وسؤاله عن كثير من المسائل.
توثيق سفيان الثوري لمجاهد بقوله: "إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به".
ذكر راوية تفيد على أن الضحاك لم يلق ابن عباس لكن روى عنه من طريق سعيد بن جبير.
ذكر رواية في نقد الشعبي لأبي صالح: "كان الشعبي يمر بأبي صالح باذان، فيأخذ بأذنه فيعركها ويقول: تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن!"
ذكر رواية في نقد الأعمش للكلبي.
ونقل ثلاث روايات عن السدي، الأولى في ذم الشعبي له، والأخريين في مدح النخعي وقتادة له.

أحق المفسرين بإصابة القول في القرآن
أخرج من التفسير الوجه (الذي لا يعلمه إلا الله) بقوله "الذي إلى علم تأويله للعباد السبيل"
المرتبة الأولى: هي المرتبطة بالسنة، فأوضحهم حجة من روى عن النبي.
ما يؤخذ من سنة النبي إما أن يكون مباشرا وإما أن يكون النبي نصب دلالة على المعنى الصحيح.
أخبار النبي الثابتة نوعان:
الأول: النقل المستفيض، وهو الخبر المشهور
الثاني: ما كان دون مرتبة التواتر، وهو خبر العدل الضابط.
المرتبة الثانية: هي المرتبطة باللسان، أي من فسر وكان اعتماده على لغة العرب، كما قال: "إما بالشواهد من أشعارهم السائرة، وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة"، وهذا يستوي فيه جميع المفسرين "كائنا من كان ذلك المتأول والمفسر".
الاشتراط في التفسير باللغة عدم مخالفة أقوال السلف من الصحابة والتابعين.

أسماء القرآن ومعناها
ذكر أربعة أسماء للقرآن: القرآن والفرقان والكتاب والذكر.
في تفسير معنى القرآن، قولان:
الأول: أنه من التلاوة والقراءة، وهو قول ابن عباس.
الثاني: أنه مصدر بمعنى الجمع والضم، وهو قول قتادة، فيكون بمعنى التأليف.
وكلا القولين له وجه صحيح في كلام العرب، مع ترجيح ابن جرير لقول ابن عباس بطريقة القرآن وعادته في استعمال لفظ القراءة بمعنى الاتباع.
وتفسير معنى الفرقان، ذكر له ثلاثة أقوال:
الأول: النجاة، وهو قول عكرمة والسدي.
الثاني: المخرج، وهو قول ابن عباس.
الثالث: التفريق بين الحق والباطل، وهو قول مجاهد.
وجمع بينهم ابن جرير لكونهم متقاربين في المعنى مع اختلاف الألفاظ.
الأصل اللغوي لكلمة الفرقان: الفرق بين الشيئين والفصل بينهما، وسمي به القرآن لفصله بين الحق والباطل وتفريقه بينهما.
معنى الكتاب: مصدر من قولك: كتبت كتابا
وتفسير تسميته بالذكر له قولان:
الأول: ذكر من الله جل ذكره، ذكر به عباده، فعرفهم فيه حدوده وفرائضه، وسائر ما أودعه من حكمه.
والثاني: أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به وصدق بما فيه.

تقسيم سور القرآن :إلى السبع الطوال، والمئين والمثاني والمفصل.
الآثار الواردة في أن الطوال مكان التوراة، والمئون مكان الإنجيل، والمثاني مكان الزبور، وتفضيل القرآن بالمفصل.
تحديد السبع على قول سعيد بن جبير: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس.
سبب تسمية كل جزء بهذا الاسم:
السبع الطوال: لطولها على سائر سور القرآن.
المئون: هي ما كان من سور القرآن عدد آيه مائة آية، أو تزيد عليها شيئا أو تنقص منها شيئا يسيرا.
المثاني: ما ثنى المئين فتلاها، وقيل عن ابن عباس أنها سميت مثاني، لتثنية الله جل ذكره فيها الأمثال والخبر والعبر.
المفصل: لكثرة الفصول التي بين سورها بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".
ذكر بقية الأقوال في المراد من المثاني: قال جماعة: أن القرآن كله مثان، وقال آخرون: أنها فاتحة الكتاب.

معنى السورة من القرآن
فيه قولان:
الأول: بغير همز، وتعني المنزلة من منازل الارتفاع، غير أن السورة من سور المدينة لا تجمع على سور، لكنه قاسها على برة وبسرة.
الثاني: بالهمز، بمعنى القطعة التي قد أفضلت من القرآن عما سواها وأبقيت.
والقولان لهما شواهد من لغة العرب.

معنى الآية في القرآن:
لها وجهان:
الأول: أنها علامة يعرف بها تمام ما قبلها وابتداؤها، كالآية التي تكون دلالة على الشيء يستدل بها عليه.
الثاني: القصة، فيكون معنى الآيات: القصص، قصة تتلو قصة، بفصول ووصول.

أسماء سورة الفاتحة ومعانيها
سميت فاتحة الكتاب: لأنها يفتتح بكتابتها المصاحف، وبقراءتها في الصلوات، فهي فواتح لما يتلوها من سور القرآن في الكتاب والقراءة.
وسميت أم القرآن: لتقدمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخر ما سواها خلفها في القراءة والكتابة.
وسميت السبع المثاني: لكونها سبع آيات، لا خلاف بين الجميع من القراء والعلماء في ذلك، ولأنها تثنى قراءتها في كل صلاة تطوع ومكتوبة كما قال الحسن البصري

المذاهب في تحديد آيات سورة الفاتحة:
القول الأول: أن {بسم الله الرحمن الرحيم} آية منها، وهو قول جمهور أهل الكوفة، ومروي عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين.
القول الثاني: أن البسملة ليست آية منها، لكن السابعة {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}، وهو قول قراء وفقهاء أهل المدينة.

صحة إطلاق المثاني على ثلاثة أوجه لكل منها مفهوم:
الأول: أنها الفاتحة، كما بينا ذلك.
الثاني: أنه القرآن كله، كما في وصف الله للقرآن.
الثالث: ما ثنى المئين من السور.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 صفر 1441هـ/21-10-2019م, 09:55 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة فهرسة مسائل مقدمة ابن جرير الطبري - رحمه الله -


أحسنتما بارك الله فيكما.
على اختلاف في طريقة العرض، والصياغة، إلا أنكما استوعبتما غالب مسائل المقدمة، مع إحسان التحرير لله الحمد.

التقويم:
فداء حسين: أ+
هيثم محمد: أ+

- ملحوظة: جمع ابن جرير في ترجيحه للمراد بالأحرف السبعة بين القول بأنها ألفاظ متفقة المعنى ومتقاربة، والقول بأنها سبع لغات من لغات العرب وقد قال بهذا عدد من العلماء، لكن ابن جرير خالف باشتراط أن تكون الأحرف السبعة في كلمة واحدة، وذكر أيضًا أن الأحرف الستة اندرست، وأن المقروء به بعد الجمع العثماني هو حرف واحد، وأن القراءات الموجودة الآن من هذا الحرف.
قال ابن جرير الطبري:
(( فأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف وجره ونصبه، وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة، فمن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف)) - بمعزل )) وفي هذا قوله أن القراءات الموجودة الآن ليست من الأحرف السبعة وإنما ترجع للحرف الذي جمعهم عثمان بن عفان رضي الله عنه عليه، وهذا القول مخالف للصواب كما تعلمون.
ومن الجيد كتابة تنبيه بين قوسين معكوفين [ ] على القول الصحيح المخالف لما رجحه ابن جرير الطبري، من خلال ما درستموه سابقًا خاصة في دورة جمع القرآن.
زادكما الله توفيقًا وسدادًا.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24 شعبان 1441هـ/17-04-2020م, 02:50 PM
ماهر القسي ماهر القسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 467
افتراضي الطالب ماهر غازي القسي

المسائل التفسيرية في مقدمة تفسير ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى :
فضل دين الله وفضل كتابه

- وضع الله الدلائل لتدل على وحدانيته وعظيم صنعه
- أرسل الرسل مؤيدين بالمعجات الاهرة لتدل البشر إليه سبحانه
- وكان آخر الرسل هو سيدا محمد صلى الله عليه وسلم
- وكان من فضل الله علينا أن تكفل بحفظ آخر كتبه - القرآن الكريم -
- وتحدى الله بالقرآن جميع الخلق عن الإتيان بمثل بيانه وتوافقه وكان ذلك دلالة على أنه وحي من الله تعالى

طريقة المؤلف :
- سيبدأ المؤلف في شرح تأويل القرآن وبيان معانيه
- سيكون الكتاب مستوعباً لكل ما بالناس إليه الحاجة من علمه
- سيبين ما اتفق عليه من الحجة وما اختلف فيه ومرجحاً فيها
- سيبدأ بالبيان عما في آي القرآن من المعاني التي من قبلها يدخل اللبس على بعض الناس
- قاعدة : وكل ما قلنا في هذا الكتاب "حدثكم" فقد حدثونا به.

نعمة البيان
- من أعظم النعم التي منَّ الله على عباده هي نعمة البيان عما في صدورهم وضمائرهم
- وبقدرتهم على البيان يتفاوتون ويتمايزون فببين خطيب مسهب وبين مفحم عن نفسه لا يبين

نزول القرآن بلغة العرب
- وكان القرآن عربياً {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} .
- و كانت العرب على غاية من الفصاحة والبيان وهم رؤوس صناعة الخطب والبلاغة .
- ثم كان كتابه في غاية الفصاحة والبيان وأعلى درجات البلاغة والتبيان .
- فأتى القرآن إلى القوم الذين اشتهروا بالحكمة والبيان فسفه أحلامهم وتحدى بيانهم وتبرأ من دينهم .
- استخدم القرآن نفس الأساليب التي تستخدمها العرب في التعبير عن مرادهم إلا أنهم تميز عنهم بالفصاحة والبلاغة .
- طرق البيان كثيرة ومنها ( الإيجاز , الإطالة , التكرار , والإظهار , الإسرار , والكناية , وغير ذلك كثير ) .
- وقد خاطب الله جل ثناؤه خلقه بما يعرفون ويفهمون وأرسل رسوله بلسانهم ليفهموا عنه {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم}
- وكان رسوله أعلم الخلق به ( فلا يصح أن يكون به مهتديا، من كان بما يهدى إليه جاهلا )

القرآن عربي
- هل يتعارض كون القرآن نزل بلغة العرب مع تضمنه لبعض الكلمات المأخوذة من لغات أخرى ؟
- كقوله تعالى :{يؤتكم كفلين من رحمته} [ الحديد: 28]، قال: الكفلان: ضعفان من الأجر، وقوله : {يا جبال أوبي معه} [سبأ: 10] قال: سبحي، بلسان الحبشة
- وعن سعيد بن جبير قال: قالت قريش: لولا أنزل هذا القرآن أعجميا وعربيا؟ فأنزل الله تعالى ذكره: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} [فصلت: 44] فأنزل الله بعد هذه الآية في القرآن بكل لسان فمنه: {حجارة من سجيل} [هود: 82] قال: فارسية أعربت "سنك وكل".

والرد على هذه الشبهة
- يوجد من الكلمات ما تتفق فيها بعض اللغات ومختلف الألسن وذلك كالدرهم والدينار والدواة والقلم والقرطاس، وغير ذلك مما اتفقت فيه الفارسية والعربية باللفظ والمعنى.
- وإذا كانت الكلمة موجودة في اللغتين معاً فلا يستطيع مدعٍ أن ينسب الكلمة إلى إحدى اللغتين دون الأخرى , ومدعي ذلك يحتاج إلى دليل
- بل الصواب أن يسمى: عربيا أعجميا، أو حبشيا عربيا، إذ كانت الأمتان له مستعملتين
- فكل كلمة استخدمت في أكثر من لغة فحقها أن تنسب إلى اللغتين كليهما
- ومن نسب شيئاً إلى ما نسبه إليه لا يقتضي بالضرورة نفيه عما عداه من المعاني , وإنما يكون الإثبات دليلا على النفي فيما لا يجوز اجتماعه من المعاني، كنسبة القيام إلى شخص لا نستطيع أن ننسب له القعود
- فأما ما جاز اجتماعه فهو خارج من هذا المعنى , فكذلك ما قلنا في الأحرف غير مستحيل أن يكون عربيا بعضها أعجميا .
- فإن ظن جاهل أن اجتماع ذلك في الكلام مستحيل -كما هو مستحيل في أنساب بني آدم- فقد ظن جهلا.
- وذلك أن أنساب بني آدم محصورة على أحد الطرفين دون الآخر، وليس ذلك كذلك في المنطق والبيان، لأن المنطق إنما هو منسوب إلى من كان به معروفا استعماله.
- فلو فرضنا وجود استعمال لكلمة في لغتين كانت الكلمة منسوبة إلى اللغتين على حد سواء مثل أرض بين سهل وجبل لا يتمنع وصفها بأنها سهلية جبلية
- وذلك أنه غير جائز أن يتوهم مؤمن بكتاب الله ، أن يعتقد أن بعض القرآن فارسي لا عربي، بعد ما أخبر الله تعالى ذكره عنه أنه جعله قرآنا عربيا.
- ومن أبى إلا أنه فيه ما ليس بعربي وإنما عربته العرب فنقول له إيت بدليل على كلامك
- فإن اعتل في ذلك بأقوال السلف التي قد ذكرنا بعضها وما أشبهها، ذكرنا له المناقشة العقلية السابقة ( أرض جبلية سهلية )

القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب
- هل نزل القرآن بجميع لغات العرب أم ببعض لغاتها ( لأن العرب مختلفوا الألسن بالبيان متباينو المنطق والكلام ) ؟
- ولما كان القرآن محتملاً لأوجه عدة لاحتوائه على عموم وخصوص فقد وجب الرجوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لتبيين القرآن
وفي الأحرف السبعة أقوال عدة
القول الأول : من أنه نزل بسبعة أوجه من نحو أمر و زجر وترغيب وترهيب وقصص ونحو ذلك
القول الثاني : سبعة لغات من بعض لغات العرب إذ كان معلوما أن لغاتها أكثر من سبعة
- وتخفيفاً على الأمة الإسلامية الجديدة نزل القرآن على سبعة أحرف كلها كاف شاف ونهى عن الجدال في القرآن وورد بذلك عدة أدلة ، وهو القول الراجح
= وعن ابن عباس حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده فيزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).
= لا يوجد تعارض بين القولين فيصح وجود في القرآن أوامر وزواجر وغيرها وأنه على سبع لغات من لغات العرب
= رواية عمر بن الخطاب وابن مسعود وأبي بن كعب أنهم تماروا في القرآن فخالف بعضهم بعضاً في الرواية فأقرهم كلهم ؛ ويستحيل أن يكون اختلافهم في التحليل والتحريم ثم يقرهم النبي صلى الله عليه وسلم كلهم!!
= قال تعالى ذكره: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} وفي نفي الاختلاف يدل على أن الله أنزل كتابه بحكم واحد لا باحكام مختلفة
= وفي تصويب النبي صلى الله عليه وسلم لقراءة الصحابة المختلفة عن بعضها لو كان تصويباً لاختلاف المعاني لكان ذلك إثباتا لما نفى الله تعالى
= مع أن في قيام الحجة بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض في شيء واحد في وقت واحد بحكمين مختلفين، ولا أذن بذلك لأمته - ما يغني عن الإكثار في الدلالة على أن ذلك منفي عن كتاب الله.
= إن الذين تماروا في قراءاتهم لم يكن منكرا عندهم أن الله يأمر في كتابه بماشاء وكيف شاء فما الوجه الذي أوجب له إنكار ما أنكر إن لم يكن اختلافاً في الألفاظ واللغات
= عن عبد الله بن مسعود، قال: "من قرأ القرآن على حرف فلا يتحولن منه إلى غيره". فمؤكد أن ابن مسعود لم يقصد من قرأ ما في القرآن من الأمر والنهي فلا يتحولن إلى قراءة ما فيه من الوعد والوعيد وإنما أراد أن من قرأ بحرفه أي قراءته وكذلك تقول العرب لقراءة رجل حرف فلان
= وكان مجاهدا يقرأ بخمسة أحرف وسعيد بن جبير على حرفين والمغيرة على ثلاثة أحرف , فهل الذي يزعم أن معنى الاحرف السبعة هي الأوجه السبعة كأن يرى بأن سعيد والمغيرة لم يقرأ من القرآن الا بعض الاوجه وهجر سائر القرآن!!!!
= وليس شرطاً أن يوجد حرف في كتاب الله تعالى يُقرأ بسبع لغات ولا يستطيع أحد أن يدعيه , وهذا لا يبطل الآثار التي رويت عن اخلتاف الصجابة في قراءتهم
= فإن قال قائل فأين الأحرف الستة الآن هل نسخت فرفعت أم ضيعت : بل القرآن محفوظ والأحرف فيها التخيير كما هو حال اليمين وكفارتها
= فإن قال: وما العلة التي أوجبت عليها الثبات على حرف واحد دون سائر الأحرف الستة الباقية؟ قلنا السبب الذي أنزل الله السبعة الأحرف هو التخفيف على عباده الذين نزل القرآن بلغتهم فأكثر كان لا يقرأ ولا يكتب وبعد أن انتشرت القرءة والكتابة زال سبب التخفيف فاجتمعوا على حرف قريش لأنه أشهرها
= و قلنا أيضاً " خوف الصحابة من اختلاف الأمة في القرآن كما بين ذلك عمر بن الخطاب لأبي بكر رضي الله عنهما بعد وقعة اليمامة ، حتى شرح الله صدر أبي بكر وجمعوا القرآن في مصحف واحد ثم في عهد عثمان لما اختلفوا في قراءته مرة أخرى فأمر عثمان بنسخ عدة نسخ من المصاحف وتوزيعها على الأمصار وحرق غيرها من المصاحف فعندها اعتمدوا لغة قريش وحرفها فما وافق من الأحرف السبعة لغة قريش أبقوه وما خالفها تركوه , وعند ذلك تركت الأمة القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها سيدنا عثمان في تركها، طاعة منها له، حتى غاب علمها ومحيت آثارها ، فلا سبيل اليوم لأحد إلى القراءة بها، لدثورها وعفو آثارها، وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها، من غير جحود منها صحتها وصحة شيء منها

فإن قال بعضهم كيف تركوا قراءة أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقراءتها؟

=إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة.
= لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم، لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة فرضاً واجباً على كل أحد !!!
= وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين،
= فأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف وجره ونصبه، وتسكين حرف وتحريكه، فليس ذلك من الأحرف السبعة ولا يعد من التماري في القرآن

هل بقي أحد عنده علم عن الأحرف الستة التي محيت ؟
قلنا : فلا حاجة بنا إلى معرفتها، لأنا لو عرفناها لم نقرأ اليوم بها مع الأسباب التي قدمنا ذكرها.

ماهي الأحرف التي كان يقرأ القرآن بها ؟
وقد قيل إن خمسة منها لعجز هوازن، واثنين منها لقريش وخزاعة. ويوجد غير ذلك من الأقوال ، فعن ابن عباس، قال: "نزل القرآن بلسان قريش ولسان خزاعة، وذلك أن الدار واحدة".


الفرق بين القرآن والكتب السابقة في الأحرف :

- فروي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
وكل هذه الأخبار متقاربة ألا ترى أن معنى باب و وجه و حرف كلها معانٍ متقاربة وقد قال الله للذي يعبد الله على وجه من وجوه العبادات حرف ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ) يعني أنهم عبدوه على وجه الشك
- الكتب المنزلة السابقة كانت بلسان واحد فمتى حول إلى لسان غير الذي نزل به كان تفسيراً ، بينما قرآننا بأي حرف قرأته كنت تالياً لكتاب الله لا مترجما ولا مفسراً
- الكتب السابقة كانت على باب واحد فمثلا زبور داوود عليه السلام إنما هو تذكير ومواعظ وكذلك إنجيل عيسى عليه السلام إنما تمجيد ومحامد وتشجيع على التسامح وقرآننا يحتويها جميعها
- الكتب السماوية السابقة يجدون لرضى ربهم مطلباً ينالون به الجنة إلا من الوجه الذي نزل به كتابهم , وخص الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم وأمته بأن أنزل كتابه على سبعة أوجه ينالون بها رضى الله تعالى

معانٍ فريدة في أحرف القرآن
1- ( كلها كافٍ شافٍ )
- فإنه كما قال جل ثناؤه في وصفه القرآن: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} [يونس: 57]، جعله الله للمؤمنين شفاء، يستشفون بمواعظه من الأدواء العارضة لصدورهم من وساوس الشيطان وخطراته، فيكفيهم ويغنيهم عن كل ما عداه من المواعظ ببيان آياته.
2- (( لكل حرف منه حدا )) : لكل وجه من أوجهه السبعة حداً حده الله لا يجوز لأحد أن يتجاوزه
3- ((وإن لكل حرف منها ظهرا وبطنا))، فظهره: الظاهر في التلاوة، وبطنه: ما بطن من تأويله.
4- ((وإن لكل حد من ذلك مطلعا))، لكل حد مقادر من الثواب والعقاب يعاينه صاحب يوم القيامة ويطلع على عليه


البيان عن وجوه مطالب تأويله:
القرآن من جهة التأويل على أنواع

= النوع الأول : لا يتم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك تأويل جميع مافيه من وجوه أمره ونهيه ومبالغ فرائضه وما أشبه ذلك من الأحكام والتي لا يمكن إدراك علمها إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا الوجه لا يجوز لأحد القول فيه .
= النوع الثاني : : مالا يعلم تأويله إلا الله ( كنفخ الصور ونزول عيسى بن مريم وغيرذلك ) فنحو هذه العلوم لا يعرف تأويلها إلا الله لأنه سبحانه لم يطلع أحدا من خلقه
قال الله جل ثناؤه : ( وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب}
= النوع الثالث : ما تعرفه العرب بلسانها وذلك كإقامة إعرابه والمسميات والموصوفات كمعنى كلمة الإفساد وهو ما ينبغي تركه والإصلاح ما يتوجب فعله
= النوع الرابع : وجه لا يعذر أحد بجهالته وهو ما لا يجوز لأحد الجهل به كقول الله تعالى ( قل هو الله أحد ) وقوله ( فاعلم أنه لا إله إلا الله )
- ويوضح هذه الأوجه الأربعة قول ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.
- وأعلم المفسرين بالتفسير أوضحهم حجة فيما فسَّر من أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم إما من جهة النقل أو من جهة نقل العدول الثقات أو من جهة الدلالة المنصوبة على صحته وأوضحهم برهانا أو بالشواهد من الشعر السائر بشرط ألا يخرج ما فسر به عن أقوال السلف من الصحابة والتابعين من علماء الأمة


النهي عن تأويل القرآن بالرأي
- عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)).
- عن ابن عباس أيضاً ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)).
- عن أبي معمر، قال: قال أبو بكر الصديق: أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في القرآن ما لا أعلم!
- وهذه النصوص تأتي على ما لا يدرك علمه إلا بنص بيان الرسول صلى الله عليه وسلم أو بآية الدلالة عليه فغير جايز لأحد القول فيه برأيه
- والذي يقول برأيه وإن أصاب الحق في قوله فهو مخطئ بفعله لأنه لم يأت البيوت من أبوابها
- عن أبي عمران الجوني عن جندب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ)).


ذكر بعض الأخبار التي رويت في الحض على العلم بتفسير القرآن، ومن كان يفسره من الصحابة
- عن ابن مسعود، قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن.
-و عن مسروق، قال: قال عبد الله: والذي لا إله غيره، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت؟ وأين نزلت؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته.
- و عن شقيق، قال: استعمل علي ابن عباس على الحج، قال: فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور، فجعل يفسرها.
- عن سعيد بن جبير، قال: من قرأ القرآن ثم لم يفسره، كان كالأعجمي أو كالأعرابي.
- وقد حث الله عباده على تدبر القرآن الكريم بما فيه من المواعظ والبينات مما لم يحجب عنه تأويله ومعرفته ، إذ قد يستحيل أن يأمره بتدبر مالا يعقله
- ومن هنا جاء وجوب تدبر القرآن وفهم معانيه لأن تطبيق ما فيها واجب على المسلمين وكيف يطبقون ويمتثلون ما لا يفهمون ؟


ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن
= روي عن عائشة، قالت: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل.
- ولوكان تأويل الخبر صحيحاً من أن رسول الله لم يفسر إلا آيات محددة لكان الرسول صلى الله عليه وسلم ترك بيان ماأنزل الله له للناس ولم يبينه لهم
- وفي أمر الله لرسول صلى الله عليه وسلم في البيان وقيام الحجة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ وأدى ما أمره الله به ما يدلنا على أن من توهم الخبر ما هو إلا فهم خاطئ
- وهذا خاص فيما لا يدرك علمه إلا ببيان الرسول صلى الله عله وسلم كتفصيل الحلال والحرام ولا يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بتعليم الله إياه وهن لا شك آي ذوات عدد كما أنه يوجد آيات لا يعلم تأويلها إلا الله
- فأما ما لا بد للعباد من علم تأويله، فقد بين لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم وهذا هو معنى قول الله تعالى {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [النحل: 44].
- علاوة على أنه يوجد في هذا الخبر راوٍ مجهول وهو: جعفر بن محمد الزبيري.
= وروي عبيد الله بن عمر، قال: لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع.
= و عن ابن المسيب: أنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن.
- وأما من أحجم عن الدخول في التأويل فإن من فعل ذلك كان كفعل من أحجم عن الفتيا في النوازل والحوادث مع إقراره بأن الله لم يترك من كتابه آية إلا وقد بينها نبيه ، فما هو إلا إحجام خائف ألا يبلغ باجتهاده ما كلف الله العلماء من عباده فيه وليس على سبيل أن تأويل ذلك محجوب عن الأمة وعلمائها


علماء التفسير وأشهرهم
- عن عبد الله بن مسعود، قال: نعم ترجمان القرآن ابن عباس.
- عن سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.


التشديد بالتفسير
- كان الشعبي يمر بأبي صالح باذان، فيأخذ بأذنه فيعركها ويقول: تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن!
- عن صالح بن مسلم، قال: مر الشعبي على السدي وهو يفسر، فقال: لأن يضرب على استك بالطبل، خير لك من مجلسك هذا.
- عن قتادة، قال: ما بقي أحدا يجري مع الكلبي في التفسير في عنان.


القول في تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه
أسماء كتاب الله

أولاً : "القرآن" : قال تعالى : {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون}
وهو على معنيين
الأول من قرآت : وهو من التلاوة والقراءة ومصدر من قرأت القرآن وعن ابن عباس في تأويل قوله تعالى ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه أي إذا تلي عليك فاتبع ما فيه ) فهذا يدل على أن معنى القرآن عنده بمعنى القراءة الثاني من جمعت : وقال قتادة أنه بمعنى جمعته وضممت بعضه إلى بعض كقولك : ما قرأت هذه الناقة سلى قط , تريد انها لم تحمل وهو بمعنى التأليف
- والقول الراجح هو قول ابن عباس لأن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم باتباع ما أوحى إليه ولم يرخص في ترك شيء من أمره إلى وقت تأليفه القرآن , فكل آية بمجرد نزولها وجب العمل بها سواء كانت مؤلفة أو غير مؤلفة
- فإن قيل كيف سمي قرآنا بمعنى قراءة وهو مقروء ، فإنا نقول كما سمي المكتوب كتاباً


ثانياً "الفرقان": قال تعالى : {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا} وهو من التفريق بين الحق والباطل
- عن عكرمة: أنه كان يقول: هو النجاة.
- ابن عباس يقول: "الفرقان": المخرج.
- وهذه الألفاظ متقاربة من جعل له مخرجا من أمر فصار هذا المخرج نجاة ومن نجي فقد فرق بينه وبين باغيه
- وسمي فرقانا لفصله بحججه وأدلته بين الحق والباطل وفرقانه بينهما بنصر المحق وتخذيل المبطل حكماً وقضاء

ثالثاً : "الكتاب": قال تعالى {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما}
- هو من مصدر كتبت كتاباً والكتاب هو خط الكاتب الأحروف مجموعة و متفرقة
- سمي كتاباً لأنه مكتوب
"الذكر"، فقال تعالى {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
- لأنه ذكَّر من الله تعالى ؛ ذكّر به عباده ونصحهم
- أنه ذِكر وشرف لمن آمن به وصدق بما فيه كما قال تعالى ( وإنه لذكر لك ولقومك )

أسماء سور القرآن
- هي تسمية من رسول الله صلى الله عليه وسلم : فعن واثلة بن الأسقع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطول، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل)).
" والسبع الطول" : البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، في قول سعيد بن جبير.

"المئون: فهي ما كان من سور القرآن عدد آيه مائة آية، أو تزيد عليها شيئا أو تنقص منها شيئا يسيرا.

"المثاني: فإنها ما ثنى المئين فتلاها، وكان المئون لها أوائل، وكان المثاني لها ثواني.
- قال ابن عباس. إن المثاني سميت مثاني، لتثنية الله جل ذكره فيها الأمثال والخبر والعِبر
- عن سعيد بن جبير، أنه كان يقول: إنما سميت مثاني لأنها ثنيت فيها الفرائض والحدود.
- وقد قال جماعة القرآن كله مثان.
- وقال جماعة أخر: بل المثاني فاتحة الكتاب، لأنها تثنى قراءتها في كل صلاة.

"المفصل": فإنما سميت مفصلا
- لكثرة الفصول التي بين سورها بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".

سبب تسمية السورة
والسورة، بغير همز:
- هي المنزلة من منازل الارتفاع. ومن ذلك سور المدينة، سمي بذلك الحائط الذي يحويها، لارتفاعه على ما يحويه.
- كل سورة منها موجودة منفردة بنفسها، انفراد كل غرفة من الغرف وخطبة من الخطب، فجعل جمعها جمع الغرف والخطب، المبني جمعها من واحدها.
- ومنه قول نابغة بني ذبيان: ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب

السورة بالهمز :
هي القطعة التي قد أفضلت من القرآن عما سواها وأبقيت. وذلك أن سؤر كل شيء: البقية منه تبقى بعد الذي يؤخذ منه،

سبب تسمية الآية
لها وجهان
أحدهما: أن تكون سميت آية، لأنها علامة يعرف بها تمام ما قبلها وابتداؤها، كالآية التي تكون دلالة على الشيء يستدل بها عليه،
والآخر : القصة، فيكون معنى الآيات: القصص، قصة تتلو قصة، بفصول ووصول.

أسماء فاتحة الكتاب
- عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني)).

"فاتحة الكتاب"،
- لأنها يفتتح بكتابتها المصاحف، وبقراءتها في الصلوات، فهي فواتح لما يتلوها من سور القرآن في الكتاب والقراءة.

"أم القرآن"
- لتقدمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخر ما سواها خلفها في القراءة والكتابة. وذلك من معناها شبيه بمعنى فاتحة الكتاب.
- وإنما قيل لها -لكونها كذلك- أم القرآن، لتسمية العرب كل جامع أمرا -أو مقدم لأمر إذا كانت له توابع تتبعه، هو لها إمام جامع- "أما".

"السبع"، فإنها سبع آيات، لا خلاف بين الجميع من القراء والعلماء في ذلك.
وإنما اختلفوا في الآي التي صارت بها سبع آيات.
- فقال عظم أهل الكوفة: صارت سبع آيات بـ {بسم الله الرحمن الرحيم} وروي ذلك عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين.
- وقال آخرون: هي سبع آيات، وليس منهن {بسم الله الرحمن الرحيم} ولكن السابعة "أنعمت عليهم". وذلك قول عظم قرأة أهل المدينة ومتفقهيهم.

" السبع المثاني "
- فلأنها تثنى قراءتها في كل صلاة تطوع ومكتوبة.
- لا تعارض تسمية القرآن وتسمية الفاتحة بالمثاني لأن لكل ذلك وجها ومعنى مفهوما، لا يفسد - بتسمية بعض ذلك بالمثاني - تسمية غيره بها.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 شوال 1441هـ/1-06-2020م, 07:17 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماهر القسي مشاهدة المشاركة
المسائل التفسيرية في مقدمة تفسير ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى :
فضل دين الله وفضل كتابه

- وضع الله الدلائل لتدل على وحدانيته وعظيم صنعه
- أرسل الرسل مؤيدين بالمعجات الاهرة لتدل البشر إليه سبحانه
- وكان آخر الرسل هو سيدا محمد صلى الله عليه وسلم
- وكان من فضل الله علينا أن تكفل بحفظ آخر كتبه - القرآن الكريم -
- وتحدى الله بالقرآن جميع الخلق عن الإتيان بمثل بيانه وتوافقه وكان ذلك دلالة على أنه وحي من الله تعالى

طريقة المؤلف :
- سيبدأ المؤلف في شرح تأويل القرآن وبيان معانيه
- سيكون الكتاب مستوعباً لكل ما بالناس إليه الحاجة من علمه
- سيبين ما اتفق عليه من الحجة وما اختلف فيه ومرجحاً فيها
- سيبدأ بالبيان عما في آي القرآن من المعاني التي من قبلها يدخل اللبس على بعض الناس
- قاعدة : وكل ما قلنا في هذا الكتاب "حدثكم" فقد حدثونا به.

نعمة البيان
- من أعظم النعم التي منَّ الله على عباده هي نعمة البيان عما في صدورهم وضمائرهم
- وبقدرتهم على البيان يتفاوتون ويتمايزون فببين خطيب مسهب وبين مفحم عن نفسه لا يبين

نزول القرآن بلغة العرب
- وكان القرآن عربياً {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} .
- و كانت العرب على غاية من الفصاحة والبيان وهم رؤوس صناعة الخطب والبلاغة .
- ثم كان كتابه في غاية الفصاحة والبيان وأعلى درجات البلاغة والتبيان .
- فأتى القرآن إلى القوم الذين اشتهروا بالحكمة والبيان فسفه أحلامهم وتحدى بيانهم وتبرأ من دينهم .
- استخدم القرآن نفس الأساليب التي تستخدمها العرب في التعبير عن مرادهم إلا أنهم تميز عنهم بالفصاحة والبلاغة .
- طرق البيان كثيرة ومنها ( الإيجاز , الإطالة , التكرار , والإظهار , الإسرار , والكناية , وغير ذلك كثير ) .
- وقد خاطب الله جل ثناؤه خلقه بما يعرفون ويفهمون وأرسل رسوله بلسانهم ليفهموا عنه {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم}
- وكان رسوله أعلم الخلق به ( فلا يصح أن يكون به مهتديا، من كان بما يهدى إليه جاهلا )

القرآن عربي
- هل يتعارض كون القرآن نزل بلغة العرب مع تضمنه لبعض الكلمات المأخوذة من لغات أخرى ؟
- كقوله تعالى :{يؤتكم كفلين من رحمته} [ الحديد: 28]، قال: الكفلان: ضعفان من الأجر، وقوله : {يا جبال أوبي معه} [سبأ: 10] قال: سبحي، بلسان الحبشة
- وعن سعيد بن جبير قال: قالت قريش: لولا أنزل هذا القرآن أعجميا وعربيا؟ فأنزل الله تعالى ذكره: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} [فصلت: 44] فأنزل الله بعد هذه الآية في القرآن بكل لسان فمنه: {حجارة من سجيل} [هود: 82] قال: فارسية أعربت "سنك وكل".

والرد على هذه الشبهة
- يوجد من الكلمات ما تتفق فيها بعض اللغات ومختلف الألسن وذلك كالدرهم والدينار والدواة والقلم والقرطاس، وغير ذلك مما اتفقت فيه الفارسية والعربية باللفظ والمعنى.
- وإذا كانت الكلمة موجودة في اللغتين معاً فلا يستطيع مدعٍ أن ينسب الكلمة إلى إحدى اللغتين دون الأخرى , ومدعي ذلك يحتاج إلى دليل
- بل الصواب أن يسمى: عربيا أعجميا، أو حبشيا عربيا، إذ كانت الأمتان له مستعملتين
- فكل كلمة استخدمت في أكثر من لغة فحقها أن تنسب إلى اللغتين كليهما
- ومن نسب شيئاً إلى ما نسبه إليه لا يقتضي بالضرورة نفيه عما عداه من المعاني , وإنما يكون الإثبات دليلا على النفي فيما لا يجوز اجتماعه من المعاني، كنسبة القيام إلى شخص لا نستطيع أن ننسب له القعود
- فأما ما جاز اجتماعه فهو خارج من هذا المعنى , فكذلك ما قلنا في الأحرف غير مستحيل أن يكون عربيا بعضها أعجميا .
- فإن ظن جاهل أن اجتماع ذلك في الكلام مستحيل -كما هو مستحيل في أنساب بني آدم- فقد ظن جهلا.
- وذلك أن أنساب بني آدم محصورة على أحد الطرفين دون الآخر، وليس ذلك كذلك في المنطق والبيان، لأن المنطق إنما هو منسوب إلى من كان به معروفا استعماله.
- فلو فرضنا وجود استعمال لكلمة في لغتين كانت الكلمة منسوبة إلى اللغتين على حد سواء مثل أرض بين سهل وجبل لا يتمنع وصفها بأنها سهلية جبلية
- وذلك أنه غير جائز أن يتوهم مؤمن بكتاب الله ، أن يعتقد أن بعض القرآن فارسي لا عربي، بعد ما أخبر الله تعالى ذكره عنه أنه جعله قرآنا عربيا.
- ومن أبى إلا أنه فيه ما ليس بعربي وإنما عربته العرب فنقول له إيت بدليل على كلامك
- فإن اعتل في ذلك بأقوال السلف التي قد ذكرنا بعضها وما أشبهها، ذكرنا له المناقشة العقلية السابقة ( أرض جبلية سهلية )

القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب
- هل نزل القرآن بجميع لغات العرب أم ببعض لغاتها ( لأن العرب مختلفوا الألسن بالبيان متباينو المنطق والكلام ) ؟
- ولما كان القرآن محتملاً لأوجه عدة لاحتوائه على عموم وخصوص فقد وجب الرجوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لتبيين القرآن
وفي الأحرف السبعة أقوال عدة
القول الأول : من أنه نزل بسبعة أوجه من نحو أمر و زجر وترغيب وترهيب وقصص ونحو ذلك
القول الثاني : سبعة لغات من بعض لغات العرب إذ كان معلوما أن لغاتها أكثر من سبعة
- وتخفيفاً على الأمة الإسلامية الجديدة نزل القرآن على سبعة أحرف كلها كاف شاف ونهى عن الجدال في القرآن وورد بذلك عدة أدلة ، وهو القول الراجح
= وعن ابن عباس حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده فيزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).
= لا يوجد تعارض بين القولين فيصح وجود في القرآن أوامر وزواجر وغيرها وأنه على سبع لغات من لغات العرب [من حيث المعنى، لا من حيث المراد بالأحرف السبعة فالقول الأول لا يصح إن أردنا تحديد المراد بالأحرف السبعة]
= رواية عمر بن الخطاب وابن مسعود وأبي بن كعب أنهم تماروا في القرآن فخالف بعضهم بعضاً في الرواية فأقرهم كلهم ؛ ويستحيل أن يكون اختلافهم في التحليل والتحريم ثم يقرهم النبي صلى الله عليه وسلم كلهم!!
= قال تعالى ذكره: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} وفي نفي الاختلاف يدل على أن الله أنزل كتابه بحكم واحد لا باحكام مختلفة
= وفي تصويب النبي صلى الله عليه وسلم لقراءة الصحابة المختلفة عن بعضها لو كان تصويباً لاختلاف المعاني لكان ذلك إثباتا لما نفى الله تعالى
= مع أن في قيام الحجة بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض في شيء واحد في وقت واحد بحكمين مختلفين، ولا أذن بذلك لأمته - ما يغني عن الإكثار في الدلالة على أن ذلك منفي عن كتاب الله.
= إن الذين تماروا في قراءاتهم لم يكن منكرا عندهم أن الله يأمر في كتابه بماشاء وكيف شاء فما الوجه الذي أوجب له إنكار ما أنكر إن لم يكن اختلافاً في الألفاظ واللغات
= عن عبد الله بن مسعود، قال: "من قرأ القرآن على حرف فلا يتحولن منه إلى غيره". فمؤكد أن ابن مسعود لم يقصد من قرأ ما في القرآن من الأمر والنهي فلا يتحولن إلى قراءة ما فيه من الوعد والوعيد وإنما أراد أن من قرأ بحرفه أي قراءته وكذلك تقول العرب لقراءة رجل حرف فلان
= وكان مجاهدا يقرأ بخمسة أحرف وسعيد بن جبير على حرفين والمغيرة على ثلاثة أحرف , فهل الذي يزعم أن معنى الاحرف السبعة هي الأوجه السبعة كأن يرى بأن سعيد والمغيرة لم يقرأ من القرآن الا بعض الاوجه وهجر سائر القرآن!!!!
= وليس شرطاً أن يوجد حرف في كتاب الله تعالى يُقرأ بسبع لغات ولا يستطيع أحد أن يدعيه , وهذا لا يبطل الآثار التي رويت عن اخلتاف الصجابة في قراءتهم
= فإن قال قائل فأين الأحرف الستة الآن هل نسخت فرفعت أم ضيعت : بل القرآن محفوظ والأحرف فيها التخيير كما هو حال اليمين وكفارتها
= فإن قال: وما العلة التي أوجبت عليها الثبات على حرف واحد دون سائر الأحرف الستة الباقية؟ قلنا السبب الذي أنزل الله السبعة الأحرف هو التخفيف على عباده الذين نزل القرآن بلغتهم فأكثر كان لا يقرأ ولا يكتب وبعد أن انتشرت القرءة والكتابة زال سبب التخفيف فاجتمعوا على حرف قريش لأنه أشهرها
= و قلنا أيضاً " خوف الصحابة من اختلاف الأمة في القرآن كما بين ذلك عمر بن الخطاب لأبي بكر رضي الله عنهما بعد وقعة اليمامة ، حتى شرح الله صدر أبي بكر وجمعوا القرآن في مصحف واحد ثم في عهد عثمان لما اختلفوا في قراءته مرة أخرى فأمر عثمان بنسخ عدة نسخ من المصاحف وتوزيعها على الأمصار وحرق غيرها من المصاحف فعندها اعتمدوا لغة قريش وحرفها فما وافق من الأحرف السبعة لغة قريش أبقوه وما خالفها تركوه , وعند ذلك تركت الأمة القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها سيدنا عثمان في تركها، طاعة منها له، حتى غاب علمها ومحيت آثارها ، فلا سبيل اليوم لأحد إلى القراءة بها، لدثورها وعفو آثارها، وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها، من غير جحود منها صحتها وصحة شيء منها

فإن قال بعضهم كيف تركوا قراءة أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقراءتها؟

=إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة.
= لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم، لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة فرضاً واجباً على كل أحد !!!
= وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين،
= فأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف وجره ونصبه، وتسكين حرف وتحريكه، فليس ذلك من الأحرف السبعة ولا يعد من التماري في القرآن

هل بقي أحد عنده علم عن الأحرف الستة التي محيت ؟
قلنا : فلا حاجة بنا إلى معرفتها، لأنا لو عرفناها لم نقرأ اليوم بها مع الأسباب التي قدمنا ذكرها.

ماهي الأحرف التي كان يقرأ القرآن بها ؟
وقد قيل إن خمسة منها لعجز هوازن، واثنين منها لقريش وخزاعة. ويوجد غير ذلك من الأقوال ، فعن ابن عباس، قال: "نزل القرآن بلسان قريش ولسان خزاعة، وذلك أن الدار واحدة".


الفرق بين القرآن والكتب السابقة في الأحرف :

- فروي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
وكل هذه الأخبار متقاربة ألا ترى أن معنى باب و وجه و حرف كلها معانٍ متقاربة وقد قال الله للذي يعبد الله على وجه من وجوه العبادات حرف ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ) يعني أنهم عبدوه على وجه الشك
- الكتب المنزلة السابقة كانت بلسان واحد فمتى حول إلى لسان غير الذي نزل به كان تفسيراً ، بينما قرآننا بأي حرف قرأته كنت تالياً لكتاب الله لا مترجما ولا مفسراً
- الكتب السابقة كانت على باب واحد فمثلا زبور داوود عليه السلام إنما هو تذكير ومواعظ وكذلك إنجيل عيسى عليه السلام إنما تمجيد ومحامد وتشجيع على التسامح وقرآننا يحتويها جميعها
- الكتب السماوية السابقة يجدون لرضى ربهم مطلباً ينالون به الجنة إلا من الوجه الذي نزل به كتابهم , وخص الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم وأمته بأن أنزل كتابه على سبعة أوجه ينالون بها رضى الله تعالى

معانٍ فريدة في أحرف القرآن
1- ( كلها كافٍ شافٍ )
- فإنه كما قال جل ثناؤه في وصفه القرآن: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} [يونس: 57]، جعله الله للمؤمنين شفاء، يستشفون بمواعظه من الأدواء العارضة لصدورهم من وساوس الشيطان وخطراته، فيكفيهم ويغنيهم عن كل ما عداه من المواعظ ببيان آياته.
2- (( لكل حرف منه حدا )) : لكل وجه من أوجهه السبعة حداً حده الله لا يجوز لأحد أن يتجاوزه
3- ((وإن لكل حرف منها ظهرا وبطنا))، فظهره: الظاهر في التلاوة، وبطنه: ما بطن من تأويله.
4- ((وإن لكل حد من ذلك مطلعا))، لكل حد مقادر من الثواب والعقاب يعاينه صاحب يوم القيامة ويطلع على عليه


البيان عن وجوه مطالب تأويله:
القرآن من جهة التأويل على أنواع

= النوع الأول : لا يتم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك تأويل جميع مافيه من وجوه أمره ونهيه ومبالغ فرائضه وما أشبه ذلك من الأحكام والتي لا يمكن إدراك علمها إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا الوجه لا يجوز لأحد القول فيه .
= النوع الثاني : : مالا يعلم تأويله إلا الله ( كنفخ الصور ونزول عيسى بن مريم وغيرذلك ) فنحو هذه العلوم لا يعرف تأويلها إلا الله لأنه سبحانه لم يطلع أحدا من خلقه
قال الله جل ثناؤه : ( وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب}
= النوع الثالث : ما تعرفه العرب بلسانها وذلك كإقامة إعرابه والمسميات والموصوفات كمعنى كلمة الإفساد وهو ما ينبغي تركه والإصلاح ما يتوجب فعله
= النوع الرابع : وجه لا يعذر أحد بجهالته وهو ما لا يجوز لأحد الجهل به كقول الله تعالى ( قل هو الله أحد ) وقوله ( فاعلم أنه لا إله إلا الله )
- ويوضح هذه الأوجه الأربعة قول ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله.
- وأعلم المفسرين بالتفسير أوضحهم حجة فيما فسَّر من أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم إما من جهة النقل أو من جهة نقل العدول الثقات أو من جهة الدلالة المنصوبة على صحته وأوضحهم برهانا أو بالشواهد من الشعر السائر بشرط ألا يخرج ما فسر به عن أقوال السلف من الصحابة والتابعين من علماء الأمة


النهي عن تأويل القرآن بالرأي
- عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)).
- عن ابن عباس أيضاً ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)).
- عن أبي معمر، قال: قال أبو بكر الصديق: أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت في القرآن ما لا أعلم!
- وهذه النصوص تأتي على ما لا يدرك علمه إلا بنص بيان الرسول صلى الله عليه وسلم أو بآية الدلالة عليه فغير جايز لأحد القول فيه برأيه
- والذي يقول برأيه وإن أصاب الحق في قوله فهو مخطئ بفعله لأنه لم يأت البيوت من أبوابها
- عن أبي عمران الجوني عن جندب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ)).


ذكر بعض الأخبار التي رويت في الحض على العلم بتفسير القرآن، ومن كان يفسره من الصحابة
- عن ابن مسعود، قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن.
-و عن مسروق، قال: قال عبد الله: والذي لا إله غيره، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت؟ وأين نزلت؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله منى تناله المطايا لأتيته.
- و عن شقيق، قال: استعمل علي ابن عباس على الحج، قال: فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ عليهم سورة النور، فجعل يفسرها.
- عن سعيد بن جبير، قال: من قرأ القرآن ثم لم يفسره، كان كالأعجمي أو كالأعرابي.
- وقد حث الله عباده على تدبر القرآن الكريم بما فيه من المواعظ والبينات مما لم يحجب عنه تأويله ومعرفته ، إذ قد يستحيل أن يأمره بتدبر مالا يعقله
- ومن هنا جاء وجوب تدبر القرآن وفهم معانيه لأن تطبيق ما فيها واجب على المسلمين وكيف يطبقون ويمتثلون ما لا يفهمون ؟


ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن
= روي عن عائشة، قالت: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد، علمهن إياه جبريل.
- ولوكان تأويل الخبر صحيحاً من أن رسول الله لم يفسر إلا آيات محددة لكان الرسول صلى الله عليه وسلم ترك بيان ماأنزل الله له للناس ولم يبينه لهم
- وفي أمر الله لرسول صلى الله عليه وسلم في البيان وقيام الحجة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ وأدى ما أمره الله به ما يدلنا على أن من توهم الخبر ما هو إلا فهم خاطئ
- وهذا خاص فيما لا يدرك علمه إلا ببيان الرسول صلى الله عله وسلم كتفصيل الحلال والحرام ولا يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بتعليم الله إياه وهن لا شك آي ذوات عدد كما أنه يوجد آيات لا يعلم تأويلها إلا الله
- فأما ما لا بد للعباد من علم تأويله، فقد بين لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم وهذا هو معنى قول الله تعالى {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [النحل: 44].
- علاوة على أنه يوجد في هذا الخبر راوٍ مجهول وهو: جعفر بن محمد الزبيري.
= وروي عبيد الله بن عمر، قال: لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع.
= و عن ابن المسيب: أنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن.
- وأما من أحجم عن الدخول في التأويل فإن من فعل ذلك كان كفعل من أحجم عن الفتيا في النوازل والحوادث مع إقراره بأن الله لم يترك من كتابه آية إلا وقد بينها نبيه ، فما هو إلا إحجام خائف ألا يبلغ باجتهاده ما كلف الله العلماء من عباده فيه وليس على سبيل أن تأويل ذلك محجوب عن الأمة وعلمائها


علماء التفسير وأشهرهم
- عن عبد الله بن مسعود، قال: نعم ترجمان القرآن ابن عباس.
- عن سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به.


التشديد بالتفسير
- كان الشعبي يمر بأبي صالح باذان، فيأخذ بأذنه فيعركها ويقول: تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن!
- عن صالح بن مسلم، قال: مر الشعبي على السدي وهو يفسر، فقال: لأن يضرب على استك بالطبل، خير لك من مجلسك هذا.
- عن قتادة، قال: ما بقي أحدا يجري مع الكلبي في التفسير في عنان.


القول في تأويل أسماء القرآن وسوره وآيه
أسماء كتاب الله

أولاً : "القرآن" : قال تعالى : {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون}
وهو على معنيين
الأول من قرآت : وهو من التلاوة والقراءة ومصدر من قرأت القرآن وعن ابن عباس في تأويل قوله تعالى ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه أي إذا تلي عليك فاتبع ما فيه ) فهذا يدل على أن معنى القرآن عنده بمعنى القراءة الثاني من جمعت : وقال قتادة أنه بمعنى جمعته وضممت بعضه إلى بعض كقولك : ما قرأت هذه الناقة سلى قط , تريد انها لم تحمل وهو بمعنى التأليف
- والقول الراجح هو قول ابن عباس لأن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم باتباع ما أوحى إليه ولم يرخص في ترك شيء من أمره إلى وقت تأليفه القرآن , فكل آية بمجرد نزولها وجب العمل بها سواء كانت مؤلفة أو غير مؤلفة
- فإن قيل كيف سمي قرآنا بمعنى قراءة وهو مقروء ، فإنا نقول كما سمي المكتوب كتاباً


ثانياً "الفرقان": قال تعالى : {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا} وهو من التفريق بين الحق والباطل
- عن عكرمة: أنه كان يقول: هو النجاة.
- ابن عباس يقول: "الفرقان": المخرج.
- وهذه الألفاظ متقاربة من جعل له مخرجا من أمر فصار هذا المخرج نجاة ومن نجي فقد فرق بينه وبين باغيه
- وسمي فرقانا لفصله بحججه وأدلته بين الحق والباطل وفرقانه بينهما بنصر المحق وتخذيل المبطل حكماً وقضاء

ثالثاً : "الكتاب": قال تعالى {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما}
- هو من مصدر كتبت كتاباً والكتاب هو خط الكاتب الأحروف مجموعة و متفرقة
- سمي كتاباً لأنه مكتوب
"الذكر"، فقال تعالى {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
- لأنه ذكَّر من الله تعالى ؛ ذكّر به عباده ونصحهم
- أنه ذِكر وشرف لمن آمن به وصدق بما فيه كما قال تعالى ( وإنه لذكر لك ولقومك )

أسماء سور القرآن
- هي تسمية من رسول الله صلى الله عليه وسلم : فعن واثلة بن الأسقع: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطول، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل)).
" والسبع الطول" : البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس، في قول سعيد بن جبير.

"المئون: فهي ما كان من سور القرآن عدد آيه مائة آية، أو تزيد عليها شيئا أو تنقص منها شيئا يسيرا.

"المثاني: فإنها ما ثنى المئين فتلاها، وكان المئون لها أوائل، وكان المثاني لها ثواني.
- قال ابن عباس. إن المثاني سميت مثاني، لتثنية الله جل ذكره فيها الأمثال والخبر والعِبر
- عن سعيد بن جبير، أنه كان يقول: إنما سميت مثاني لأنها ثنيت فيها الفرائض والحدود.
- وقد قال جماعة القرآن كله مثان.
- وقال جماعة أخر: بل المثاني فاتحة الكتاب، لأنها تثنى قراءتها في كل صلاة.

"المفصل": فإنما سميت مفصلا
- لكثرة الفصول التي بين سورها بـ "بسم الله الرحمن الرحيم".

سبب تسمية السورة
والسورة، بغير همز:
- هي المنزلة من منازل الارتفاع. ومن ذلك سور المدينة، سمي بذلك الحائط الذي يحويها، لارتفاعه على ما يحويه.
- كل سورة منها موجودة منفردة بنفسها، انفراد كل غرفة من الغرف وخطبة من الخطب، فجعل جمعها جمع الغرف والخطب، المبني جمعها من واحدها.
- ومنه قول نابغة بني ذبيان: ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب

السورة بالهمز :
هي القطعة التي قد أفضلت من القرآن عما سواها وأبقيت. وذلك أن سؤر كل شيء: البقية منه تبقى بعد الذي يؤخذ منه،

سبب تسمية الآية
لها وجهان
أحدهما: أن تكون سميت آية، لأنها علامة يعرف بها تمام ما قبلها وابتداؤها، كالآية التي تكون دلالة على الشيء يستدل بها عليه،
والآخر : القصة، فيكون معنى الآيات: القصص، قصة تتلو قصة، بفصول ووصول.

أسماء فاتحة الكتاب
- عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني)).

"فاتحة الكتاب"،
- لأنها يفتتح بكتابتها المصاحف، وبقراءتها في الصلوات، فهي فواتح لما يتلوها من سور القرآن في الكتاب والقراءة.

"أم القرآن"
- لتقدمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخر ما سواها خلفها في القراءة والكتابة. وذلك من معناها شبيه بمعنى فاتحة الكتاب.
- وإنما قيل لها -لكونها كذلك- أم القرآن، لتسمية العرب كل جامع أمرا -أو مقدم لأمر إذا كانت له توابع تتبعه، هو لها إمام جامع- "أما".

"السبع"، فإنها سبع آيات، لا خلاف بين الجميع من القراء والعلماء في ذلك.
وإنما اختلفوا في الآي التي صارت بها سبع آيات.
- فقال عظم أهل الكوفة: صارت سبع آيات بـ {بسم الله الرحمن الرحيم} وروي ذلك عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين.
- وقال آخرون: هي سبع آيات، وليس منهن {بسم الله الرحمن الرحيم} ولكن السابعة "أنعمت عليهم". وذلك قول عظم قرأة أهل المدينة ومتفقهيهم.

" السبع المثاني "
- فلأنها تثنى قراءتها في كل صلاة تطوع ومكتوبة.
- لا تعارض تسمية القرآن وتسمية الفاتحة بالمثاني لأن لكل ذلك وجها ومعنى مفهوما، لا يفسد - بتسمية بعض ذلك بالمثاني - تسمية غيره بها.


التقويم: أ
أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك، وأرجو مراجعة التعليق على التصحيح السابق في المشاركة رقم 4
زادك الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الخامس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir