مجلس أداء التطبيق الرابع من تطبيقات مهارات التخريج
بسم الله الرحمن الرحيم
قول مجاهد بن جبر في تفسير قوله تعالى : (تماما على الذي أحسن)، قال : على المؤمنين والمحسنين.
التخريج:
ورد عن مجاهد في تفسير هذه الآية قوله :
- (عن المؤمنين والمحسنين)، رواه ابن جرير عن محمد بن عمرو عن أبي عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عنه.
[هذا الطريق فيه " المؤمنين" فقط، ويكتفى بالراوي عن ابن أبي نجيح وهو هنا عيسى، والمقصود الراوي الذي عليه مدار الخلاف.
فلابن جرير طريقان:
عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: " المؤمنين "
عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : " المؤمنين والمحسنين"
أما إذا لم يكن خلاف في المعنى فيكتفى بمخرج الأثر فقط]
- وذكره السيوطي عن عبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ عنه.
[ورواه عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ كما في الدر المنثور للسيوطي]
وقوله : (على المؤمنين) :
- رواه ابن جرير من طريق عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، والهمذاني من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه.
[أولى من من الهمذاني ابن أبي حاتم، وجاء من نفس الطريق بلفظ " المؤمنين"]
التوجيه:
قال ابن جرير :
هذا القول مبني على توجيه (الذي) إلى معنى الجميع، فيكون تأويل الكلام ومعناه إلى أن الله جل ثناؤه أخبر عن موسى أنه آتاه الكتاب فضيلة على ما آتى المحسنين من عباده، وقد ذُكر عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ (تماما على الذين أحسنوا).
وفي المسألة أقوال أخرى:
1- معنى قوله تعالى : (تماما على الذي أحسن)، موسى، فيما امتحنه الله به في الدنيا من أمره ونهيه.
ذكره الربيع وقتادة،
2- معنى ذلك : ثم آتينا موسى الكتاب تماما على إحسان الله إلى أنبيائه وأياديه عندهم.
ذكره ابن زيد ويحيى بن يعمر.
والتأويل في هذين القولين مبني على أنّ (الذي) جاءت بمعنى (ما).
[قول يحيى بن يعمر مختلف عن قول ابن زيد
قول ابن زيد كما ذكرتِ.
أما قول يحيى بن يعمر أن المعنى " تماما على الدين الذي هو أحسن "؛ فجعل " الذي صفة لموصوف محذوف " الدين " وقرأ " أحسن " بالرفع]
وفي المسألة أقوال أخرى]
الترجيح :
رجح الإمام الطبري قول من قال : معنى (ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن) : أي على الذي أحسن موسى في قيامه بأمرنا ونهينا، لأن هذا المعنى هو الأظهر في الكلام، فقد أخبر الله تعالى أنه أنعم على نبيه موسى عليه السلام لما سلف له من صالح عمل وحسن طاعة، وأن إيتاءه الكتاب منة عظيمة منه سبحانه.
وهذا القول أولى بالصواب من قول مجاهد في توجهه (الذي) بمعنى الجميع إذ لا دليل عليه، وإذا تنوزع في الكلام وانتفى الدليل الأقوى كان الأولى حمل الكلام على ظاهره.
قول محمد بن كعب القرظي: ({منادياً ينادي للإيمان}: المنادي القرآن.
التخريج :
رواه سفيان الثوري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي.
وذكره السيوطي عن عبد بن حميد. وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والخطيب في المتفق والمفترق عن محمد بن كعب القرظي.
[ورواه عبد بن حميد كما في الدر المنثور للسيوطي]
التوجيه :
توجيه هذا القول هو ما ذكره محمد بن كعب القرظي من أن ليس كل الناس لقي وسمع النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي المسألة قول آخر، وهو أن المراد بالمنادي : رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قول ابن جريج وابن زيد.
الترجيح:
رجح ابن جرير الطبري قول محمد بن كعب، وهو أن يكون المنادي القرآن، وبنى ترجيحه لهذا القول بالأدلة التالية:
- ذكر أن كثيرا ممن وصفهم الله في هذه الآيات لم يروا النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمعوا دعاءه إلى الله تعالى ونداءه.
- ساق نظير هذه الآية في القرآن، وهي إخبار الله تعالى عن سماع الجن لكلام الله تعالى يُتلى عليهم قالوا : (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به) الجن 1-2.
- أيّد ذلك قول قتادة في تفسيره لهذه الآيات :
قال أبو جعفر
[في كتاب التفسير معلومٌ من أبو جعفر المقصود، لكن في تطبيقك لن يتضح للقارئ من المقصود إلا إذا حددتِ ذلك] : حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله : (ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان) إلى قوله (وتوفنا مع الأبرار)، سمعوا دعوة من الله فأجابوها فأحسنوا الإجابة فيها، وصبروا عليها. ينبئكم الله عن مؤمن الإنس كيف قال، وعن مؤمن الجن كيف قال، فأما مؤمن الجن فقال (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا)، وأما مؤمن الإنس فقال: (إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا) الآية.
[راجعي التعليق أدناه على الترجيح بين الأقوال]
قول طاووس بن كيسان: (الحفدة الخدم )
التخريج :
رواه ابن جرير عن ابن بشار عن عبد الرحمن عن زمعة عن ابن طاوس عن أبيه.
التوجيه:
هذا القول مبني على اللغة، فالحفدة في كلام العرب جمع حافد، والحافد هو المتخفف في الخدمة والعمل.
أخرج ابن جرير عن أبي حمزة قال: سئل ابن عباس عن قوله تعالى (بنين وحفدة) قال : من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشاعر :
حفد الولائد حولهن وأسلمت
بأكفهنّ أزمة الاجمال.
وقد ذهب إلى مثل هذا القول مجاهد وقتادة وأبو مالك وعكرمة والحسن.
وقال سعيد بن جبير هم الولد وولد الولد.
وقال ابن عباس البنون.
وفي المسألة أقوال أخرى :
- الحفدة بنو امرأة الرجل ليسوا منه، قاله ابن عباس
- وقيل : الرجل يعمل بين يدي الرجل، وهم الأَختان.
الترجيح:
ذهب ابن جرير الطبري إلى أن المراد بالحفدة : المسرعون في خدمة الرجل، المتخففون فيها من الأولاد والحفدة والأزواج من الرجل وغيره، والاَختان الذين هم أزواج بنات الرجل ، واستدل بسياق الآية التي امتن الله تعالى فيها على عباده بما جعل لهم من الأزواج والبنين، فقال تعالى : (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة)، وألحق الخدم والمماليك إذا كانوا يحفدون الرجل فاستحقوا بذلك اسم حفدة مبينا أن ظاهر الآية لم يخصص نوعا واحدا، وأنه يفيد عموم الحفدة.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.