اشتراك مع الأخت بدرية في تكملة هذه الآية :
(وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)}
الوقف :
الوقف في قوله ( غير مضار ):
القراءة الأولى : «غير مضار وصية» بالإضافة، وهي قراءة ابن عباس والحسن .
وقراءة ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/884-890)عن عكرمة عن ابن عباس .
ووجه وصلها : قال أبو الفتح: أي غير مضار من جهة الوصية، أو عند الوصية، كما قال طرفة:
بَضَّةُ المتجرَّد، أي: بضة عند تجردها.
ولكن هذا القول ضعف مكي بن أبي طالب من جهة اللغة ، فقال : (لحن في ذلك لأن اسم الفاعل لا يضاف إلى المصدر) .
القراءة الثانية : بالوقف ، وهو قول الأشموني وذكر ابن كثير هذه القراءة . .
حكمه وقف حسن ، ويكون الذي بعده نصب بفعل مضمر ، بمعنى : يوصيكم الله وصية .
الراجح : ذكر ابن كثير قول ابن جريج في أن الصواب هو الموقوف .
القراءات :
القراءة في قوله ( يورث ) :
القراءة الأولى : بفتح الراء ، وهي قراءة الجمهور وذكره الزجاج وابن عطية .
القراءة الثانية : بكسر الراء والتشديد ، وهي قراءة الأعمش وأبو الرجاء، وذكره الزجاج وابن عطية .
القراءة في قوله (وله أخ أو أخت) :
القراءة الأولى : وله أخ أو أخت فلأمه ، وهذه القراءة الصحيحة المعتمدة.
القراءة الثانية : وله أخ أو أخت لأمه ، وهي قراءة سعد بن أبي وقاص ، ذكره ابن عطية وابن كثير .
وقراءة سعد بن أبي وقاص أخرجه سعيد بن منصور ( 3/1178) والدارمي في سننه ( 4/1945)وأخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار(9/113)والسنن الكبرى (6/366)عن يعلى بن عطاء عن القاسم بن ربيعة عن سعد بن أبي وقاص .
وهذه قراءة شاذة قيلت على وجه التفسير وليست قراءة قرآنية .
المسائل التفسيرية :
سبب نزول آية الكلالة :
نزلت في قصة جابر بن عبد الله حين مرض وسأل عن كيف يقضي ماله ، وهذا من حديث الذي أخرجه البخاري ( 1/22)و مسلم ( 3/1234 )و ابن ماجة في سننه (4/30)والإمام أحمد في مسنده وابن أبي داود في سننه ( 3/119) والترمذي في سننه (4/417)والنسائي في السنن الكبرى ( 1/87)والبيهقي في السنن الكبرى (6/367) وصححه الألباني ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَرِضْتُ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ وَهُمَا مَاشِيَانِ، وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ، فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ، كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي؟ «حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ فِي آخِرِ النِّسَاءِ» : {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] الْآيَةَ. وَ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] الْآيَةَ "
دلالة تنكير( رجل ) :
يدل على الاستغراق والشمول .( علم المعاني ، وليد قصاب).
الكلالة في اللغة :
في اللغة من تكلل النسب : أي أحاط ، ومنه اكليل الرأس ،كما ذكر ذلك الزجاج وابن عطية وابن كثير .
وذكر ابن عطية وجه هذا فقال : أي أحاط، لأن الرجل إذا لم يترك والدا ولا ولدا فقد انقطع طرفاه، وبقي أن يرثه من يتكلله نسبه، أي يحيط به من نواحيه كالإكليل، وكالنبات إذا أحاط بالشيء، ومنه: روض مكلل بالزهر، والإكليل منزل القمر يحيط به فيه كواكب.
المراد بالكلالة :
اختلفوا فيه على أقوال
القول الأول :الميت ، وهو قول ابن عباس وعمر وقتادة والزهري و أبي اسحاق وأبي عبيدة وسعيد بن جبير وغيرهم .
وقول ابن عباس أخرجه سعيد بن منصور في تفسيره (3/1178-1188) ابن جرير في تفسيره (6/474-482) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/884-890 ) وابن المنذر في تفسيره ( 3/788) عن طاووس عن ابن عباس ، وأخرجه ابن جرير من طرق أخرى عن الحسن بن محمد وعلي بن أبي طلحة وعبد السلولي وسليم بن عبد والحكم عن عباس .
وقول عمر وأبي بكر أخرجه سعيد بن منصور ( 3/1185)وابن جرير في تفسيره (6/474-482) وابن المنذر ( 3/592) والبيهقي في معرفة السنن والآثار (9/113)عن الشعبي عن أبي بكر وعمر .
وقول قتادة والزهري وأبي اسحاق أخرجه ابن جرير (6/474-482) عن معمرٌعن قتادة والزّهريّ وأبي إسحاق.
ومعمر ضعيف ، قال يحيى بن معين : معمر عن قتادة ضعيف.
وقول أبي عبيدة اخرجه ابن المنذر في تفسيره ( 2/595) عن الأثرم عن أبي عبيدة .
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن المنذر في تفسيره ( 3/788) عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير .
وعطاء بن دينار ضعيف ، فقد قيل أنه لم يسمع من سعيد بن جبير ( ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ).
وعلى هذا القول يكون كلالة منصوبة على الحال .
وهذا القول مبني على قراءة الفتح .
القول الثاني : الورثة ، أحياء وأموات ،وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/474-482)عن ابن وهب عن ابن زيد .
وابن زيد ضعيف ،قال النسائي: ضعيف مدني، وقال ابن حزم ضعيف، ومرة قال ساقط ضعيف, وقال الذهبي: ضعفه أحمد والدارقطني.
وعلى هذا القول يكون منصوب على الحال من ضمير ويورث ولكن على حذف مضاف .( البرهان في علوم القرآن ).
وهذا القول مبني على قراءة الكسر .
وحجة هذا القول هو حديث جابر بن عبد الله المذكور في سبب النزول .
القول الثالث: المال ، وهو قول عطاء ذكره ابن عطية و( ضميل بن شميل)ذكره الثعلبي.
وعلى هذا القول يكون كلالة مَفْعُولٌ ثَانٍ ليورث كَمَا تَقُولُ وَرَّثْتُ زَيْدًا مَالًا وَقِيلَ تَمْيِيزٌ وليس بشيء.( البرهان في علوم القرآن).
وقول عطاء وضميل بن شميل لم أجده .
وهذا القول مبني على قراءة الكسر .
الراجح : أن القول الثالث ضعفه ابن عطية؛ لأن الاشتقاق في معنى الكلالة يفسد تسمية المال بها ، وضعف ذلك أيضا الثعلبي لعدم موافقتها كلام العرب سماعا ولا قياسا .
أما القول الأول والثاني صحيح ، لكن رجح ابن عطية وابن جرير والنحاس القول الأول ، لأن الأب والابن هما عمودا النسب، وسائر القرابة يكللون ، ولصحة الأثر عن جابر بن عبد الله .
موضع ( أو) :
حرف عطف ، عطف على الرجل ، ذكره ابن عطية .
الأخت باللغة :
أصل الأخت : الإخوة ،ذكره ابن عطية .
وقال ابن عطية : أصل أختٌ: أخوة، كما أصل بنت: بنية، فضم أول أخت إذ المحذوف منها واو، وكسر أول بنت إذ المحذوف ياء، وهذا الحذف والتعليل على غير قياس.
المراد بالإخوة :
الإخوة لأم ، وهو ما أجمع عليه العلماء ، وذكره ابن عطية .
العلة في اعتبار الإخوة هنا إخوة لأم :
لأن حكمهم منصوص في هذه الآية على صفة، وحكم سائر الإخوة مخالف له، ذكره ابن عطية .
أوجه مخالفة الإخوة من الأم بقية الورثة:
ذكر ابن كثير أربعة أوجه لذلك :
الأول :أنّهم يرثون مع من أدلوا به وهي الأمّ.
الثاني : أنّ ذكرهم وأنثاهم سواءٌ.
الثالث : أنّهم لا يرثون إلّا إذا كان ميّتهم يورث كلالةً، فلا يرثون مع أبٍ، ولا جدٍّ، ولا ولدٍ، ولا ولد ابنٍ.
الرابع : أنّهم لا يزادون على الثّلث، وإن كثر ذكورهم وإناثهم.
مرجع الضمير الهاء في قوله ( له ) :
الضمير يرجع على الرجل ، ذكره ابن عطية .
العلة في رجوع الضمير( له ) على الرجل دون المرأة :
لأن المعنى واحد ، والحكم قد ضبطه العطف الأول ، ذكره ابن عطية .
الغرض من الفاء في قوله ( فلكل ) :
حرف عطف رابطة ، ذكره النحاس .
الغرض من الفاء في قوله ( فإن كانوا ) :
استئنافية ، ذكره النحاس .
شروط الوصية :
- العدل في الوصية ، ذكره ابن كثير .
-بعد قضاء الدين ، لدلالة الآية .
-عدم الجور والحيف وحرمان أحد منهم أو النقصان في حق أحد أو الزيادة فيه ، ذكره ابن كثير .
شروط تقسيم الورث من الآية:
أولا : اعطاء ما أوصى به وسدداد الدين
ثانيا : اعطاء بقية الورثة .
وذكر الماوردي حق تقديم الوصية والدين على حق ورثته .
المراد بشركاء :
أي الذكر والأنثى في هذه النازلة متساويين ، ذكره ابن عطية .
المراد بالمضار :
الحيف والجور ، ذكره ابن كثير.
عامل ( غير مضار ):
صح فيها قولان :
الأول : العامل " يوصيكم "، وذكره ابن عطية .
الثاني : يصح أن يعمل فيها مضار والمعنى أن يقع الضرر بها أو بسببها فأوقع عليها تجوزا، ذكره ابن عطية .
حكم الضرار في الوصية :
من الكبائر ، وهو قول ابن عباس ، ذكره ابن عطية وابن كثير .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره(6/485-488) ابن أبي حاتم في تفسيره (3/884-890)من طرق عكرمة عن ابن عباس بألفاظ متقاربة وبزيادة بعض الألفاظ في بعض الروايات .
أحوال عدم المضار والمضار في الوصية :
-الموصي لا يعد فعله مضارّة ما دام في الثلث، فإن ضارّ الورثة في ثلثه مضى ذلك، وهو قول المشهور من مذهب ابن مالك والقاسم ، وذكره ابن عطية .
- إن المضارة ترد وإن كانت في الثلث، إذا علمت بإقرار أو قرينة، وهو الذي عليه المذهب الذي ذكره ابن عطية .
أوجه الضرار في الوصية :
أوجه كثيرة للمضار في الوصية وذكر منها ابن عطية :
- يقر بحق ليس عليه.
- ويوصي بأكثر من ثلثه، أو لوارثه، أو بالثلث فرارا عن وارث محتاج.
دلالة إضافة الوصية لله :
للدلالة على أن منع المضار في الوصية من الله ، وهذا خلاصة ما ذكره الزجاج .
الغرض من الواو في ختام الآية ( والله عليم حليم ) :
استئنافية، ذكره النحاس .
معنى عليم :
أي : عليم ما دبر من هذه الفرائض، ذكر ذلك الزجاج .
حليم :
حليم عمّن عصاه بأن أخرّه وقبل توبته، ذكر ذلك الزجاج .
مناسبة ختم الآية باسم الله (عليم حليم ):
لأنه عليم ما دبر من هذه الفرائض، حليم عمّن عصاه بأن أخرّه وقبل توبته، وهذا حاصل ماذكره الزجاج .
وذكر ابن عاشور أن هذا ابطال لكثير من أحكام الجاهلية .
مسائل لغوية :
نوع ( إن ) :
شرطية ، ذكره النحاس .
نوع كان :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :تامة ، وذكره النحاس والسمين الحلبي وغيرهم .
القول الثاني : ناقصة ، وذكره النحاس والسمين الحلبي وغيرهم .
الراجح : كلا القولين جائز كما ذكر ذلك ابن عطية .
اختلفوا في اعراب كلالة :
القول الأول : نصب خبر كان ، وهو قول الأخفش ، وذكره ابن عطية .
وفي هذه الحالة لا يكون الموروث كلالةً، وإنّما الوارث الكلالة.
القول الثاني : نصب على الحال ، ذكره ابن عطية .
وهذا على أن كلالة هو الميت .
القول الثالث: نصب نعت لمصدر محذوف ، ذكره ابن عطية
القول الرابع : نصب على المفعول الثاني ، وذكره ابن عطية .
وهذا القول على قول إن كلالة هو المال .
الراجح : ضعف ابن عطية القول الرابع ، ورجح ابن عطية القول الثاني ، على اعتبار أن الكلالة هو الميت ، لأن الأب والابن هما عمودا النسب، وسائر القرابة يكللون، فيكون
اعراب وصية :
فيه قولان :
القول الأول : نصب على المصدر في موضع الحال ،ذكره ابن عطية .
القول الثاني : نصب على الخروج من قوله: فلكلّ واحدٍ منهما السّدس أو من قوله فهم شركاء في الثّلث ، ذكره ابن عطية.
موضع ( غير) في الإعراب :
منصوب على الحال ، والمعنى يوصي بها غير مضار، ذكره الزجاج.
مسائل فقهية :
حكم الإقرار للوارث :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :لا يصح ، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالكٍ، وأحمد بن حنبلٍ، والقول القديم للشّافعيّ، رحمهم اللّه، وهو اختيار عبد الله البخاري في صحيحه ذكره ابن كثير .
وهذا القول مبني على أنه مظنة التهمة ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إنّ اللّه قد أعطى كلّ ذي حق حقّه، فلا وصيّة لوارثٍ »
القول الثاني : يصح الإقرار ، وهو مذهب طاوسٍ، وعطاءٍ، والحسن، وعمر بن عبد العزيز.
وحجة هذا القول بأنّ رافع بن خديجٍ أوصى ألّا تكشف الفزارية عمّا أغلق عليه بابها.
الراجح : رجح ابن كثير جواز القول الأول إن كان الإقرار صحيحا ، وذكر حرمة القول الثاني إن كان ذلك حيلة وزيادة بعض الورثة ونقصان الآخر .
مسألة ( ماتت امرأة وتركت زوجا وأما وإخوة أشقاء) :
فللزوج النصف، وللأم السدس وما بقي فللإخوة، فإن كانوا لأم فقط، فلهم الثلث ، وذكر ذلك ابن عطية .
مسألة :( إن تركت الميتة زوجا وأما وأخوين لأم وإخوة لأب وأم):
فيه قولان :
القول الأول: قال قوم: فيها للإخوة للأم الثلث، ولا شيء للإخوة الأشقاء،وهي المسألة الحمارية ، ذكره ابن عطية .
القول الثاني : وقال قوم: الأم واحدة وهب أباهم كان حمارا، وأشركوا بينهم في الثلث، وتسمى المشتركة ، وذكره ابن عطية .
الراجح :
قال ابن عطية : ولا تستقيم هذه المسألة ان لو كان الميت رجلا، لأنه يبقى للأشقاء، ومتى بقي لهم شيء فليس لهم إلا ما بقي، والثلث للإخوة للأم »
المراد الحمارية :
لأن الأشقاء عندما لم يبق لهم شيء ، وهو خلاصة ما ذكره ابن عطية .
المراد بالمشتركة :
تسمى بالمشتركة لاشتراك الشقيق مع الإخوة لأم في فرضهم، وهي خلاصة ماذكره ابن عطية .
الفرق بين الحمارية والمشتركة :
ذكر الزجاج أن الحمارية تسمى المشتركة .
وذكر ابن عطية اختلاف معنى كل منهما ، فالحمارية عندما لا يكون للإخوة الأشقاء شيء ، وأما المشتركة عندما أشركوا بينهم في الثلث .